تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب الجزء ٢

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب16%

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 493

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 493 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 183309 / تحميل: 5545
الحجم الحجم الحجم
تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب الجزء ٢

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

ثم ذكر أن معه ماء قبل أن يخرج الوقت قال عليه أن يتوضأ ويعيد الصلاة قال وسألته عن تيمم الحائض والجنب سواء إذا لم يجدا ماء قال نعم.

(باب)

(الرجل يكون معه الماء القليل في السفر ويخاف العطش)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن ابن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل أصابته جنابة في السفر وليس معه ماء إلا قليل وخاف إن هو اغتسل أن يعطش قال إن خاف عطشا فلا يهريق منه قطرة وليتيمم بالصعيد فإن الصعيد أحب إلي.

_________________________________________

أبي بصير ، وهي مع ضعف سندها بعثمان ، واشتراك أبي بصير ، وجهالة المسؤول ، إنما يدل على الإعادة إذا نسي الماء في رحله ، وتيمم وصلى ثم ذكر في الوقت ، وهو خلاف محل النزاع.

قولهعليه‌السلام : « قال نعم » قال في المدارك : اعلم أن الظاهر من كلام الأصحاب تساوي الأغسال في كيفية التيمم ، وهو الظاهر من كلام المفيد في المقنعة ، فإنه لم يذكر التيمم بدلا من الوضوء ، واستدل له الشيخ (ره) بخبر أبي بصير وعمار ، قال في الذكرى : وخرج بعض الأصحاب وجوب تيممين على غير الجنب بناء على وجوب الوضوء هناك ، ولا بأس به والخبران غير مانعين منه لجواز التسوية في الكيفية لا الكمية ، وما ذكره أحوط ، وإن كان الأظهر الاكتفاء بالتيمم الواحد.

باب الرجل يكون معه الماء القليل في السفر ويخاف العطش

الحديث الأول : حسن.

وقولهعليه‌السلام : « أحب إلى » يشعر بجواز الغسل أيضا حينئذ والمشهور عدمه.

١٨١

٢ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن حماد بن عثمان ، عن ابن أبي يعفور قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يجنب ومعه من الماء قدر ما يكفيه لشربه أيتيمم أو يتوضأ قال التيمم أفضل ألا ترى أنه إنما جعل عليه نصف الطهور.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن حمران وجميل قالا قلنا لأبي عبد اللهعليه‌السلام إمام قوم أصابته جنابة في السفر وليس معه ماء يكفيه للغسل أيتوضأ بعضهم ويصلي بهم قال لا ولكن يتيمم ويصلي بهم فإن الله عز وجل قد جعل التراب طهورا.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة قال إن كانت الأرض مبتلة وليس فيها تراب ولا ماء فانظر أجف موضع تجده فتيمم من غباره أو شيء

_________________________________________

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

قولهعليه‌السلام : « نصف الطهور » أي جعل عليه مسح نصف أعضاء الوضوء تخفيفا ، والأمر بالوضوء مع احتياجه إلى الماء ينافي التخفيف.

الحديث الثالث : حسن.

والمشهور بين الأصحاب كراهة إمامة التيمم بالمتوضين ، بل قال في المنتهى : إنه لا يعرف فيه خلافا إلا ما حكي عن محمد بن الحسن الشيباني من المنع من ذلك ، ولو لا ما يتخيل من انعقاد الإجماع على هذا الحكم لأمكن القول بجواز الإمامة على هذا الوجه من غير كراهة.

الحديث الرابع : حسن مقطوع.

وقال الوالد العلامةقدس‌سره : رواه في التهذيب في الصحيح ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن رفاعة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وفي الموثق كالصحيح عن عبد الله ، عن ابن أبي بكير ، عن زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام في معناه ، والظاهر أن عبد الله نقل في كتابه فتوى لا رواية.

١٨٢

مغبر وإن كان في حال لا تجد إلا الطين فلا بأس أن تتيمم به.

(باب)

(الرجل يصيبه الجنابة فلا يجد إلا الثلج أو الماء الجامد)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد جميعا ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : سألته عن

_________________________________________

وقال في الحبل المتين : يستفاد منه عدم جواز التيمم بالأرض الرطبة مع وجود التراب ، وأنها متقدمة على الطين ، وأنه يجب تحري الأجف منها عند الاضطرار إلى التيمم بها ، وربما يستنبط ـ من تعليقهعليه‌السلام الأمر بالتيمم بها على فقد الماء والتراب ـ تسويغ التيمم بالحجر الرطب إلا مع فقد التراب ، لشمول اسم الأرض للحجر ، ولو قلنا بعدم شموله له ففي الحديث دلالة على تقديم التراب على الحجر الجاف كما هو مذهب الشيخين في النهاية ، والمقنعة ، ومختار ابن إدريس ، وابن حمزة ، وسلار لأن الأرض الرطبة لما كانت مقدمة عليه كما يقتضيه اقتصارهعليه‌السلام على قوله ليس فيها ماء ولا تراب دون أن يقول ولا حجر فالتراب مقدم عليه بطريق أولى.

باب الرجل تصيبه الجنابة فلا يجد إلا الثلج أو الماء الجامد

الحديث الأول : صحيح.

قولهعليه‌السلام : « يتيمم » استدل به سلار على التيمم بالثلج ولا يخفى أن الظاهر التيمم بالتراب كما فهمه الشيخ وعلى تقدير عدم ظهوره لا يمكن الاستدلال به ، ثم [ إنه ] ذهب الشيخ في النهاية إلى تقدم الثلج على التراب كما يظهر من بعض الأخبار ، ويمكن القول بالتفصيل بأنه إن حصل الجريان فالثلج مقدم وإلا فالتراب ، وقال في المختلف : لو لم يجد إلا الثلج وتعذر عليه كسره وإسخانه قال الشيخان وضع يديه عليه باعتماد حتى تتنديا ثم يتوضأ بتلك الرطوبة بأن يمسح يده على وجهه بالنداوة ، وكذا بقية أعضائه ، وكذا في الغسل ، فإن خشي من ذلك آخر الصلاة

١٨٣

رجل أجنب في السفر ولم يجد إلا الثلج أو ماء جامدا فقال هو بمنزلة الضرورة يتيمم ولا أرى أن يعود إلى هذه الأرض التي توبق دينه.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه رفعه قال قال إن أجنب فعليه أن يغتسل على ما كان عليه وإن احتلم تيمم.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن جعفر بن بشير عمن رواه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن رجل أصابته الجنابة في ليلة باردة يخاف على نفسه

_________________________________________

حتى يتمكن من الطهارة المائية أو الترابية. وقال المرتضى : إذا لم يجد إلا الثلج ضرب بيديه ويتيمم بنداوته ، وكذا قال سلار ومنع ابن إدريس من التيمم به والوضوء والغسل منه وحكم بتأخير الصلاة إلى أن يجد الماء أو التراب ، والوجه ما قاله الشيخان.

قولهعليه‌السلام « ولا أرى أن يعود » فيه دلالة على أن من صلى بتيمم فصلاته لا تخلو من نقص وإن كانت مبرئة للذمة وأنه يجب عليه إزالة هذا النقص عن صلاته المستقبلة بالخروج عن محل الاضطرار.

الحديث الثاني : مرفوع.

وقال في المدارك : من عدم الماء مطلقا أو تعذر عليه استعماله يجوز له الجماع لعدم وجوب الطهارة المائية عليه ، ولو كان معه ما يكفيه للوضوء فكذلك قبل دخول الوقت ، أما بعده فجزم العلامة في المنتهى بتحريمه لأنه يفوت الواجب وهو الصلاة بالمائية ، وفيه نظر ، وقال : إطلاق النص وكلام أكثر الأصحاب يقتضي أنه لا فرق في تيمم المريض بين متعمد الجنابة وغيره ، ويؤيده أن الجنابة على هذا التقدير غير محرم إجماعا كما نقله في المعتبر فلا يترتب على فاعله عقوبة وارتكاب التغرير بالنفس عقوبة.

وقال الشيخان : إن أجنب نفسه مختارا لم يجز له التيمم ، وإن خاف التلف أو الزيادة في المرض ، واستدل عليه في الخلاف بصحيحة عبد الله بن سليمان وصحيحة

١٨٤

التلف إن اغتسل قال يتيمم ويصلي فإذا أمن البرد اغتسل وأعاد الصلاة.

(باب)

(التيمم بالطين)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا كنت في حال لا تقدر إلا على الطين فتيمم

_________________________________________

محمد بن مسلم ، وأجاب عنهما في المعتبر بعدم الصراحة في الدلالة لأن العنت المشقة وليس كل مشقة تلفا ولأن قولهعليه‌السلام « على ما كان » ليس حجة في محل النزاع وإن دل بإطلاقه فدفع الضرر المظنون واجب عقلا لا يرتفع بإطلاق الرواية ولا يخص بها عموم نفي الحرج وهو جيد.

الحديث الثالث : مرسل.

وقال الشيخرحمه‌الله : من تعمد الجنابة وخشي على نفسه من استعمال الماء يتيمم ويصلي ثم يعيد ، واحتج بخبر جعفر بن بشير ، وعبد الله بن سنان ، وقال في المدارك : هما لا يدلان على ما اعتبره من القيد ، والأجود حملهما على الاستحباب لأن مثل هذا المجاز أولى من التخصيص وإن كان القول بالوجوب لا يخلو من رجحان.

باب التيمم بالطين

الحديث الأول : صحيح ، وآخره مرسل.

وقال في المدارك : ومع فقد الغبار يتيمم بالوحل ، والمستند في ذلك بعد الإجماع روايتا أبي بصير ورفاعة ولو أمكن تجفيف الوحل بحيث يصير ترابا والتيمم به وجب ذلك ، وقدم على الغبار قطعا ، واختلف الأصحاب في كيفية التيمم بالوحل ، فقال الشيخان : إنه يضع يديه على الأرض ثم يفركهما ويتيمم به وهو خيرة المعتبر ، وقال آخرون : يضع يديه على الوحل ويتربص فإذا يبس تيمم به

١٨٥

به فإن الله أولى بالعذر إذا لم يكن معك ثوب جاف أو لبد تقدر أن تنفضه وتتيمم به وفي رواية أخرى صعيد طيب وماء طهور.

(باب)

(الكسير والمجدور ومن به الجراحات وتصيبهم الجنابة)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن الرجل يكون به القرح والجراحة يجنب قال لا بأس بأن لا يغتسل ويتيمم.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن

_________________________________________

واستوجهه في التذكرة إن لم يخف فوت الوقت وهو بعيد ، وقال : إذا فقد التراب وما في معناه ، وجب التيمم بغبار الثوب ، أو عرف الدابة ، أو لبد السرج ، أو غير ذلك مما فيه غبار ، قال في المعتبر : وهو مذهب علمائنا ، وأكثر العامة ، وإنما يجوز التيمم بالغبار مع فقد التراب كما نص عليه الشيخ وأكثر الأصحاب ، وربما ظهر من عبارة المرتضى في الجمل جواز التيمم به مع وجود التراب أيضا ، وهو بعيد لأنه لا يسمى صعيدا ، بل يمكن المناقشة في جواز التيمم به مع إمكان التيمم بالطين ، إلا أن الأصحاب قاطعون بتقديم الغبار على الوحل وظاهر هم الاتفاق عليه.

قولهعليه‌السلام « صعيد طيب » قال الفاضل التستريرحمه‌الله : كان المعنى أن الطين مركب من الصعيد الطيب ومن الماء ، فلا يدل على أن الطين صعيد بقول مطلق ، ويحتمل أن يكون المراد أن الله تعالى أمر بالصعيد وبالماء ، والصعيد هنا حاصل فيستفاد منه أن الطين صعيد.

باب الكسير والمجدور ومن به الجراحات وتصيبهم الجنابة

الحديث الأول : صحيح.

الحديث الثاني : حسن.

١٨٦

أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال يتيمم المجدور والكسير بالتراب إذا أصابته الجنابة.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن أحمد رفعه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن مجدور أصابته جنابة قال إن كان أجنب هو فليغتسل وإن كان احتلم فليتيمم.

٤ ـ أحمد بن محمد ، عن بكر بن صالح وابن فضال ، عن عبد الله بن إبراهيم الغفاري ، عن جعفر بن إبراهيم الجعفري ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ذكر له أن رجلا أصابته جنابة على جرح كان به فأمر بالغسل فاغتسل فكز فمات فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قتلوه قتلهم الله إنما كان دواء العي السؤال.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن سكين وغيره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قيل له إن فلانا أصابته جنابة وهو مجدور فغسلوه

_________________________________________

الحديث الثالث : مرفوع.

الحديث الرابع : مجهول.

قولهعليه‌السلام « فكز » كذا في أكثر النسخ وفي بعضها فكن قال في الصحاح الكن السترة ، وقال الكز بالضم داء تأخذ من شدة البرد ، وقد كز الرجل فهو مكزوز إذا تقبض من البرد.

قولهعليه‌السلام « دواء العي » في الصحاح عي إذا لم يهتد لوجه ، يحتمل أن يكون صفة مشبهة من عي إذا عجز ولم يهتد إلى العلم بالشيء وأن يكون مصدرا ، وقال في شرح المصابيح : العي بكسر العين وتشديد الياء التحير في الكلام ، والمراد به هنا الجهل ، يعني لم لم تسألوا إذا لم تعلموا شيئا فإن الجهل داء شديد وشفاؤه السؤال والتعلم من العلماء ، وكل جاهل لم يستح عن التعلم وتعلم يجد شفاء.

الحديث الخامس : حسن ، وفي بعض النسخ ابن سكين وهو ثقة ، وفي بعضها ابن مسكين وهو مجهول ، ولا يضر ذلك لأنه بمنزلة مرسل ابن أبي عمير ، ولو كان فاعل قال في قوله ـ قال وروى ـ ابن أبي عمير كما هو ظاهر لكان حسنا

١٨٧

فمات فقال قتلوه ألا سألوا ألا يمموه إن شفاء العي السؤال.

قال وروي ذلك في الكسير والمبطون يتيمم ولا يغتسل.

(باب النوادر)

١ ـ علي بن محمد بن عبد الله ، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر ، عن الحسن بن علي الوشاء قال دخلت على الرضاعليه‌السلام وبين يديه إبريق يريد أن يتهيأ منه للصلاة فدنوت منه لأصب عليه فأبى ذلك وقال مه يا حسن فقلت له لم تنهاني أن أصب على يدك تكره أن أوجر قال تؤجر أنت وأوزر أنا فقلت له وكيف ذلك فقال أما سمعت الله عز وجل يقول «فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ »

_________________________________________

أيضا ولعله في الكسير محمول على عدم إمكان الجبيرة ، ويحتمل التخيير أيضا أو تخصيص الجبيرة بالوضوء والأوسط أظهر.

باب النوادر

الحديث الأول : ضعيف.

قولهعليه‌السلام « تؤجر أنت » يحتمل أن يكون استفهاما ، وقولهعليه‌السلام « وأوزر أنا » جملة حالية وعلى ظاهره يدل على أن الجاهل يثاب على فعل يراه حسنا ويمكن حمله على الكراهة ولا يكون المعاونة على المكروه مكروها ، أو يكون مكروها من جهة ومندوبا من جهة ، وقال الشيخ البهائيرحمه‌الله : استدل العلامة في المنتهى وغيره بهذه الرواية على كراهة الاستعانة والظاهر أن المراد الصب على نفس العضو ، وهو التولية المحرمة كما يرشد إليه قوله « على يدك » ولم يقل في يدك ، وكما يدل عليه قولهعليه‌السلام « وأوزر أنا » إذ لا وزر في المكروه ، فالاستدلال بها على كراهة الاستعانة محل تأمل. وقال : الباء في بعبادة ربه ظرفية ، والتفسير المشهور لهذه الآية ، ولا يجعل أحدا شريكا مع ربه في المعبودية فلعل كلا المعنيين مراد فإن الإمامعليه‌السلام لم ينف ذلك التفسير هذا ولا يخفى أن

١٨٨

«عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً » وها أنا ذا أتوضأ للصلاة وهي العبادة فأكره أن يشركني فيها أحد.

٢ ـ علي بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن جعفر بن محمد الأشعري ، عن القداح ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله افتتاح الصلاة الوضوء وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن صالح بن السندي ، عن جعفر بن بشير ، عن صباح الحذاء ، عن أبي أسامة قال كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام فسأله رجل من المغيرية عن شيء من السنن فقال ما من شيء يحتاج إليه أحد من ولد آدم إلا وقد جرت فيه من الله ومن رسوله سنة عرفها من عرفها وأنكرها من أنكرها فقال رجل فما السنة في دخول الخلاء قال تذكر الله وتتعوذ بالله من الشيطان الرجيم وإذا فرغت قلت الحمد لله على ما أخرج مني من الأذى في يسر وعافية قال الرجل فالإنسان يكون على تلك

_________________________________________

الضمير في قولهعليه‌السلام « وهي العبادة » وقوله « إن يشركني فيها » راجعين إلى الصلاة والغرض منع الشركة في الوضوء : فكأنه لعدم تحققها بدونه ، أو بدله كالجزء منها ، ولا يبعد أن يجعل الباء في الآية للسببية ، وكذا « في » في قولهعليه‌السلام فيها ، وحينئذ لا يحتاج إلى تكلف جعل الوضوء كالجزء من الصلاة فتدبر.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

وكان فيه دلالة على استحباب عدم الفاصلة كثيرا بين الوضوء والصلاة ، والظاهر أن الغرض بيان الاشتراط.

الحديث الثالث : مجهول.

قولهعليه‌السلام : « من المعتزلة » وفي بعض النسخ ـ المغيرية ـ وهو أظهر ، قال في الملل والنحل : المغيرية أصحاب المغيرة بن سعيد العجلي ادعى أن الإمام بعد محمد بن علي بن الحسين ، محمد بن عبد الله بن الحسن ، وكان المغيرة مولى لعبد الله بن خالد

١٨٩

الحال ولا يصبر حتى ينظر إلى ما يخرج منه قال إنه ليس في الأرض آدمي إلا ومعه ملكان موكلان به فإذا كان على تلك الحال ثنيا برقبته ثم قالا يا ابن آدم انظر إلى ما كنت تكدح له في الدنيا إلى ما هو صائر.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن سلمة بن الخطاب ، عن إبراهيم بن محمد الثقفي ، عن علي بن المعلى ، عن إبراهيم بن محمد بن حمران ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من توضأ فتمندل كانت له حسنة وإن توضأ ولم يتمندل حتى يجف وضوؤه كانت له ثلاثون حسنة.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عمرو بن عثمان ، عن جراح الحذاء ، عن سماعة بن مهران قال قال أبو الحسن موسىعليه‌السلام من توضأ للمغرب كان وضوؤه ذلك كفارة لما مضى من ذنوبه في نهاره ما خلا الكبائر ومن توضأ لصلاة الصبح كان وضوؤه ذلك كفارة لما مضى من ذنوبه في ليلته إلا الكبائر.

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن قاسم الخزاز ، عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال بينا أمير المؤمنينعليه‌السلام قاعد ومعه ابنه محمد إذ قال :

_________________________________________

القصري وفي القاموس كدح في العمل كمنع سعى وعمل لنفسه خيرا أو شرا.

الحديث الرابع : ضعيف.

الحديث الخامس : مجهول.

والظاهر يومه مكان ليلته وكأنه من النساخ ، أو الرواة بقرينة أنه نقل هذا الخبر عن سماعة بعد ذلك بزيادة ، وهنا في أكثر النسخ يومه ، وفي ثواب الأعمال في نهاره إلا الكبائر ، ومن توضأ للصبح كان وضوءه ذلك كفارة لما مضى من ذنوبه في ليلته إلا الكبائر ، وعلى ما في أكثر نسخ المتن يحتمل أن يكون المراد الليلة السابقة ، أو يكون الظرف متعلقا بالكفارة فيكون المراد جميع الذنوب والله يعلم.

الحديث السادس : ضعيف.

قولهعليه‌السلام : « بينا أمير المؤمنينعليه‌السلام » أصل ـ بينا ـ بين فأشبعت الفتحة وقفا فصارت ألفا ، يقال بينا وبينما ، ثم أجرى الوصل مجرى الوقف وأبقيت الألف المشبعة وصلا مثلها وقفا ، وهما ظرفا زمان بمعنى المفاجأة ، ويضافان إلى جملة

١٩٠

_________________________________________

من فعل وفاعل ومبتدأ وخبر ويحتاجان إلى جواب يتم به المعنى ، والأفصح في جوابهما أن لا يكون فيه إذ وإذا ، وقد جاء في الجواب كثيرا تقول بينا زيد جالس دخل عليه عمرو وإذ دخل عليه وإذا دخل عليه ، على ما ذكره الجوهري و ـ بينا ـ هنا مضاف إلى جملة ما بعده وهي ـ أمير المؤمنينعليه‌السلام جالس ـ وأقحم جزئي الجملة الظرف المتعلق بالخبر وقدم عليه توسعا ، أما كلمة « ذات » فقد قال الشيخ الرضيرضي‌الله‌عنه في شرح الكافية : وأما ذا وذات وما تصرف منهما إذا أضيف إلى المقصود بالنسبة فتأويلها قريب من التنزيل المذكور ، إذ معنى ـ جئت ذا صباح ـ أي وقتا صاحب هذا الاسم ، فذا من الأسماء الستة وهو صفة موصوف محذوف وكذا جئته ذات يوم أي مدة صاحبة هذا الاسم ، واختصاص ذا بالبعض وذات بالبعض الأخر يحتاج إلى سماع ، وأما ذا صبوح وذا غبوق فليس من هذا الباب ، لأن الصبوح والغبوق ليسا زمانين ، بل ما يشرب فيهما فالمعنى جئت زمانا صاحب هذا الشراب فلم يضف المسمى إلى اسمه. وقيل : إن ذا وذات في أمثال هذه المقامات مقحمة بلا ضرورة داعية إليها بحيث يفيدان معنى غير حاصل قبل زيادتهما مثل ـ كاد ـ في قوله تعالى «وَما كادُوا يَفْعَلُونَ » والاسم في بسم الله على بعض الأقوال ، وظرف المكان المتأخر أعني مع متعلق بجالس أيضا.

واختلف في إذا الفجائية هذه هل هي ظرف مكان أو ظرف زمان فذهب المبرد إلى الأول ، والزجاج إلى الثاني ، وبعض إلى أنها حرف بمعنى المفاجأة ، أو حرف زائد وعلى القول بأنها ظرف مكان ، قال ابن جني عاملها الفعل الذي بعدها لأنها غير مضافة إليه وعامل ـ بينا وبينما ـ محذوف يفسره الفعل المذكور فمعنى الفقرة المذكورة في الحديث قال أمير المؤمنينعليه‌السلام بين أوقات جلوسه يوما من الأيام مع محمد بن الحنفية وكان ذلك القول في مكان جلوسه ، وقال شلوبين : إذ مضافة إلى الجملة فلا يعمل فيها الفعل ولا في بينا وبينما لأن المضاف إليه

١٩١

يا محمد ائتني بإناء من ماء فأتاه به فصبه بيده اليمنى على يده اليسرى ثم قال :

_________________________________________

لا يعمل في المضاف ولا فيما قبله وإنما عاملهما محذوف يدل عليه الكلام ، وإذ بدل منهما ويرجع الحاصل إلى ما ذكرنا على قول ابن جني ، وقيل : العامل ما يلي بين بناء على أنها مكفوفة عن الإضافة إليه كما يعمل تألى اسم الشرط فيه ، والحاصل حينئذ أمير المؤمنينعليه‌السلام جالس مع محمد بين أوقات يوم من الأيام في مكان ، قوله « يا محمد إلى آخره » وقيل بين خبر لمبتدء محذوف والمصدر المسبوك من الجملة الواقعة بعد إذ مبتدأ والمال حينئذ أن بين أوقات جلوسهعليه‌السلام مع ابنه قوله يا محمد إلى آخره ـ ثم حذف المبتدأ مدلولا عليه بقوله ـ يا محمد إلى آخره ـ وعلى قول الزجاج وهو كون إذا ظرف زمان يكون مبتدأ مخرجا عن الظرفية خبره ـ بينا وبينما ـ فالمعنى حينئذ ، وقت قول أمير المؤمنينعليه‌السلام حاصل بين أوقات جلوسه يوما من الأيام مع محمد بن الحنفية.

قولهعليه‌السلام : « آتني » يدل على أن طلب إحضار الماء ليس من الاستعانة المكروهة.

قولهعليه‌السلام « فصبه » في التهذيب وغيره فأكفاه ، وقال الجوهري كفأت الإناء كبيته وقلبته فهو مكفوء وزعم ابن الأعرابي أن أكفاءه لغة فصيحة الضبط.

قولهعليه‌السلام « بيده اليمنى » كذا في أكثر نسخ الفقيه والتهذيب أيضا ، وفي بعض نسخ التهذيب وغيره بيده اليسرى على يده اليمنى وعلى كلتا النسختين الأكفاء إما للاستنجاء أو لغسل اليد قبل إدخالها الإناء ، والأول أظهر ويؤيده استحباب الاستنجاء باليسرى على نسخة الأصل ، وعلى الأخرى يمكن أن يقال : الظاهر أن الاستنجاء باليسرى إنما يتحقق بأن تباشر اليسرى العورة وأما الصب فلا بد أن يكون باليمنى في استنجاء الغائط وأما استنجاء البول فإن لم تباشر اليد العورة فلا يبعد كون الأفضل الصب باليسار ، وإن باشرتها فالظاهر أن الصب باليمين أولى.

١٩٢

الحمد لله الذي جعل الماء طهورا ولم يجعله نجسا ثم استنجى فقال : اللهم حصن فرجي وأعفه واستر عورتي وحرمها على النار ثم استنشق فقال : اللهم لا تحرم علي ريح الجنة واجعلني ممن يشم ريحها وطيبها وريحانها ثم تمضمض

_________________________________________

قولهعليه‌السلام « الحمد لله » في الفقيه وغيره ـ بسم الله الحمد لله ـ أي أستعين ، أو أتبرك باسمه تعالى وأحمده.

قوله « طهورا » أي مطهرا كما يناسب المقام ، ولأن التأسيس أولى من التأكي د « ولم يجعله نجسا » أي متأثرا من النجاسة ، أو بمعناه فإنه لو كان نجسا لم يمكن استعماله في إزالة النجاسة ، ولعل كلمة « ثم » في الموضع منسلخة عن معنى التراخي كما قيل في قوله تعالى «ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ »(١) والمراد بتحصين الفرج ستره وصونه عن الحرام وعطف ـ الإعفاف ـ عليه تفسيري أو الإعفاف عن الشبهات والمكروهات ، وقال الشيخ البهائي (ره) عطف العورة من قبيل عطف العام على الخاص فإن العورة كل ما يستحيي ، والأولى أن يقال : عطف الستر من قبيل عطف الخاص على العام فلا تغفل و « حرمها » أي العورة بالمعنى الأخص أو الفرج وفي بعض الروايات حرمهما باعتبار لفظي الفرج والعورة وإن اتحد معناهما أو يقرأ عورتي بتشديد الياء.

قولهعليه‌السلام « ثم استنشق » أقول : الرواية في سائر الكتب بتقديم المضمضة على الاستنشاق كما هو المشهور فيهما ، وفي الكتاب بالعكس ، ولعله من النساخ والمشهور استحباب تقديم المضمضة ، وذهب الشيخ في المبسوط إلى عدم جواز تأخير المضمضة عن الاستنشاق ، وقال في الذكرى : هذا مع قطع النظر عن اعتقاد شرعية التغيير أما معه فلا شك في تحريم الاعتقاد لا عن شبهة ، وأما الفعل فالظاهر لا انتهى ، والاستنشاق اجتذاب الماء بالأنف ، وأما الاستنتار فلعله مستحب آخر ولا يبعد كونه

__________________

(١) المؤمنون : ١٤.

١٩٣

فقال اللهم أنطق لساني بذكرك واجعلني ممن ترضى عنه ثم غسل وجهه فقال : اللهم بيض وجهي يوم تسود فيه الوجوه ولا تسود وجهي يوم تبيض فيه

_________________________________________

داخلا في الاستنشاق عرفا ويشم بفتح الشين من باب علم ، ويظهر من الفيروزآبادي أنه يجوز الضم فيكون من باب نصر والريح الرائحة وفي الفقيه وغيره ريحها وروحها وطيبها. وقال الجوهري : الروح نسيم الريح ويقال : أيضا يوم روح أي طيب وروح وريحان أي رحمة ورزق وأول الدعاء استعاذة من أن يكون من أهل النار فإنهم لا يشمون ريح الجنة حقيقة ولا مجازا والمضمضة تحريك الماء في الفم كما ذكره الجوهري والدعاء في الفقيه وأكثر كتب الدعاء والحديث هكذا ( اللهم لقني حجتي يوم ألقاك وأطلق لساني بذكرك ) وفي بعضها ـ بذكراك ـ والتلقين التفهيم وهو سؤال منه تعالى أن يلهمهم يوم لقائه ما يصير سببا لفكاك رقابهم من النار كما قال تعالى «يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها »(١) وقرأ بتخفيف النون من التلقي كما قال تعالى «وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً »(٢) والأول أظهر.

« ويوم اللقاء » إما يوم القيامة والحساب ، أو يوم الدفن والسؤال ، أو يوم الموت أو الأعم ، وإنطاق اللسان عبارة عن توفيق الذكر مطلقا ، وبياض الوجه وسواده إما كنايتان عن بهجة السرور والفرح وكابة الخوف والخجلة ، أو المراد بهما حقيقة السواد والبياض ، وفسر بالوجهين قوله تعالى «يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ »(٣) ويمكن أن يقرأ قولهعليه‌السلام « تبيض وتسود » على المضارع الغائب من باب الأفعال ، فالوجوه مرفوعة فيهما بالفاعلية وأن يقرأ بصيغة المخاطب من باب التفعيل مخاطبا إليه تعالى فالوجوه منصوبة فيهما على المفعولية كما ذكره الشهيد الثاني

__________________

(١) النحل : ١١١.

(٢) الإنسان : ١١.

(٣) آل عمران : ١٠٦.

١٩٤

الوجوه ثم غسل يمينه فقال : اللهم أعطني كتابي بيميني والخلد بيساري ثم غسل شماله فقال : اللهم لا تعطني كتابي بشمالي ولا تجعلها مغلولة إلى عنقي وأعوذ بك من مقطعات النيران ثم مسح رأسه فقال : اللهم غشني برحمتك

_________________________________________

رفع الله درجته ، والأول هو المضبوط في كتب الدعاء المسموع عن المشايخ الأجلاء ثم الظاهر أن التكرير للإلحاح في الطلب والتأكيد فيه ، وهو مطلوب في الدعاء فإنه تعالى يحب الملحين في الدعاء ، ويمكن أن تكون الثانية تأسيسا على التنزل فإن ابيضاض الوجوه تنور فيها زائدا على الحالة الطبيعة ، فكأنه يقول : إن لم تنورها فأبقها على الحالة الطبيعية ولا تسودها « والكتاب » كتاب الحسنات وإعطائه باليمين علامة الفلاح يوم القيامة كما قال تعالى «فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً »(١) .

قولهعليه‌السلام « والخلد بيساري » في سائر الكتب والخلد في الجنان يحتمل وجوها :

الأول : أن المراد بالخلد الكتاب المشتمل على توقيع كونه مخلدا في الجنان على حذف المضاف ، وباليسار اليد اليسرى ، والباء صلة لأعطني ، كما روي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه قال : يعطى كتاب أعمال العباد بإيمانهم وبراءة الخلد في الجنان بشمائلهم ، وهو أظهر الوجوه.

الثاني : أن المراد باليسار اليسر خلاف العسر كما قال تعالى «فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى » فالمراد هنا طلب الخلود في الجنة من غير أن يتقدمه عذاب النار وأهوال يوم القيامة وسهولة الأعمال الموجبة له.

الثالث : أن يراد باليسار مقابل الإعسار أي اليسار بالطاعات ، أي أعطني الخلد في الجنان بكثرة طاعاتي فالباء للسببية فيكون في الكلام إيهام التناسب و

__________________

(١) الإنشقاق : ٩.

١٩٥

وبركاتك وعفوك ثم مسح على رجليه فقال : اللهم ثبت قدمي على الصراط يوم تزل فيه الأقدام واجعل سعيي فيما يرضيك عني ثم التفت إلى محمد فقال :

_________________________________________

وهو الجمع بين المعنيين المتناسبين بلفظين لهما معنيان متناسبان ، كما قيل في قوله تعالى «الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ »(١) فإن المراد بالنجم ما ينجم من الأرض أي ما يظهر ولا ساق له كالبقول ، وبالشجر ما له ساق فالنجم. بهذا المعنى وإن لم يكن مناسبا للشمس والقمر لكنه بمعنى الكواكب يناسبها وهذا الوجه مع لطفه لا يخلو من بعد.

الرابع : أن الباء للسببية أي أعطني الخلد بسبب غسل يساري وعلى هذا فالباء في قوله ـ بيميني أيضا للسببية ، ولا يخفى بعده لا سيما في اليمين لأن إعطاء الكتاب مطلقا ضروري ، وإنما المطلوب الإعطاء باليمين الذي هو علامة الفائزين أقول في سائر الكتب بعد قوله بيساري وحاسبني حسابا يسيرا.

وقال الشهيد الثاني قدس الله روحه : لم يطلب دخول الجنة بغير حساب لمقامه واعترافا بتقصيره عن الوصول إلى هذا القدر من القرب لأنه مقام الأصفياء ، بل طلب سهولة الحساب تفضلا من الله تعالى وعفوا عن المناقشة بما يستحقه وتحرير الحساب بما هو أهله ، وفيه مع ذلك اعتراف بحقية الحساب مضافا إلى الاعتراف بأخذ الكتاب وذلك بعض أحوال يوم الحساب.

و قولهعليه‌السلام « اللهم لا تعطني كتابي بشمالي » إشارة إلى قوله سبحانه «وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ ». «فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً وَيَصْلى سَعِيراً »(٢) وقوله « ولا من وراء ظهري » كما في غير نسخ الكتاب « ولا تجعلها مغلولة إلى عنقي » إلى ما روي من أن المجرمين يعطى كتابهم من وراء ظهورهم بشمائلهم حالكونها مغلولة إلى أعناقهم.

قولهعليه‌السلام « من مقطعات النيران » قال الجزري : المقطع من الثياب كل

__________________

(١) الرحمن : ٦.

(٢) الإنشقاق : ١٠.

١٩٦

يا محمد من توضأ بمثل ما توضأت وقال مثل ما قلت خلق الله له من كل قطرة ملكا يقدسه ويسبحه ويكبره ويهلله ويكتب له ثواب ذلك

_________________________________________

ما يفصل ويخاط من قميص وغيره ، انتهى. وهذا إشارة إلى قوله تعالى «قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ »(١) فإما أن تكون جبة وقميصا حقيقة من النار ، مثل الرصاص والحديد ، أو تكون كناية عن لصدوق النار بهم كالجبة والقميص ، ولعل السر في كون ثياب النار مقطعات أو التشبيه بها كونها أكثر اشتمالا على البدن من غيرها ، فالعذاب بها أشد ، وفي بعض نسخ الحديث والدعاء مفظعات بالفاء والظاء المعجمة جمع مفظعة بكسر الظاء من فظع الأمر بالضم فظاعة فهو فظيع أي شديد شنيع ، وهو تصحيف ، والأول موافق للاية الكريمة حيث يقول «فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ ».

و « التغشية » التغطية و « البركة » النماء والزيادة. وقال في النهاية : في قولهم ـ وبارك على محمد وآل محمد ـ أي أثبت لهم وأدم ما أعطيته من التشريف والكرامة ، وهو من برك البعير إذا ناخ في موضع فلزمه ، وتطلق البركة أيضا على الزيادة ، والأصل الأول ، انتهى. ولعل الرحمة بالنعم الأخروية أخص ، كما أن البركة بالدنيوية أنسب ، كما يفهم من موارد استعمالهما ، ويحتمل التعميم فيهما ، وقال الوالدقدس‌سره : يمكن أن تكون الرحمة عبارة عن نعيم الجنة وما يوصل إليها ، والبركات عن نعيم الدنيا الظاهرة والباطنة من التوفيقات للأعمال الصالحة والعفو عن الخلاص من غضب الله وما يؤدي إليه.

قولهعليه‌السلام « من كل قطرة » أي بسببها أو من عملها ، بناء على تجسم الأعمال ، والتسبيح والتقديس مترادفان بمعنى التنزيه ، ويمكن تخصيص التقديس بالذات والتسبيح بالصفات والتكبير بالأفعال وقولهعليه‌السلام « إلى يوم القيمة » إما متعلق بيكتب أو بخلق ، أو بهما وبالأفعال الأربعة على التنازع.

__________________

(١) الحجّ : ١٩.

١٩٧

٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن محمد بن قيس قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول وهو يحدث الناس بمكة صلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الفجر ثم جلس مع أصحابه حتى طلعت الشمس فجعل يقوم الرجل بعد الرجل حتى لم يبق معه إلا رجلان أنصاري وثقفي فقال لهما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد علمت أن لكما حاجة وتريدان أن تسألا عنها فإن شئتما أخبرتكما بحاجتكما قبل أن تسألاني وإن شئتما فاسألا عنها قالا بل تخبرنا قبل أن نسألك عنها فإن ذلك أجلى للعمى وأبعد من الارتياب وأثبت للإيمان فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أما أنت يا أخا ثقيف فإنك جئت أن تسألني عن وضوئك وصلاتك ما لك في ذلك من الخير أما وضوؤك فإنك إذا وضعت يدك في إنائك ثم قلت بسم الله تناثرت منها ما اكتسبت من الذنوب فإذا غسلت وجهك تناثرت الذنوب التي اكتسبتها عيناك بنظرهما وفوك فإذا غسلت ذراعيك تناثرت الذنوب عن يمينك وشمالك فإذا مسحت رأسك وقدميك تناثرت الذنوب التي مشيت إليها على قدميك فهذا لك في وضوئك.

٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الوضوء شطر الإيمان.

٩ ـ أبو علي الأشعري ، عن بعض أصحابنا ، عن إسماعيل بن مهران ، عن صباح

_________________________________________

الحديث السابع : صحيح على الظاهر ، وإن قيل باشتراك محمد بن قيس.

الحديث الثامن : ضعيف على المشهور.

ويحتمل أن يكون المراد بالشطر الجزء والنصف وعلى التقديرين يمكن أن يراد بالإيمان الصلاة كما قال تعالى «وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ »(١) أي صلاتكم أو الإيمان المشتمل على العبادات لأنه أحد إطلاقاته. في الأخبار.

الحديث التاسع : مرسل ، وظاهره الأعم من التجديد.

__________________

(١) البقرة : ١٤٣.

١٩٨

الحذاء ، عن سماعة قال كنت عند أبي الحسنعليه‌السلام فصلى الظهر والعصر بين يدي وجلست عنده حتى حضرت المغرب فدعا بوضوء فتوضأ للصلاة ثم قال لي توضأ فقلت جعلت فداك أنا على وضوئي فقال وإن كنت على وضوء إن من توضأ للمغرب كان وضوؤه ذلك كفارة لما مضى من ذنوبه في يومه إلا الكبائر ومن توضأ للصبح كان وضوؤه ذلك كفارة لما مضى من ذنوبه في ليلته إلا الكبائر.

١٠ ـ محمد بن يحيى وأحمد بن إدريس ، عن أحمد بن إسحاق ، عن سعدان ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الطهر على الطهر عشر حسنات.

١١ ـ محمد بن الحسن وغيره ، عن سهل بن زياد بإسناده ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا فرغ أحدكم من وضوئه فليأخذ كفا من ماء فليمسح به قفاه يكون ذلك فكاك رقبته من النار.

١٢ ـ علي بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال قلت له الرجل يغتسل بماء الورد ويتوضأ به للصلاة قال :

_________________________________________

الحديث العاشر : مرسل.

ويشمل الوضوء بعد الغسل بل الغسل بعد الغسل أيضا ، ولم أر التصريح بهما في كلامهم.

الحديث الحادي عشر : ضعيف على المشهور.

والظاهر أنه محمول على التقية ، ويحتمل أن يكون الثواب على هذا الفعل للتقية.

الحديث الثاني عشر : ضعيف على المشهور.

والمشهور بين الأصحاب عدم جواز التوضؤ والاغتسال بالمضاف مطلقا وخالف فيه ابن بابويه فجوز رفع الحدث بماء الورد ، ولم يعتبر المحقق خلافه حيث ادعى الإجماع على عدم حصول الرفع به لمعلومية نسبه ، أو لانعقاد الإجماع بعده ، والمعتمد المشهور ، احتج ابن بابويه بهذه الرواية ، وقال في المدارك : وهو ضعيف لاشتمال

١٩٩

لا بأس بذلك.

١٣ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن عبد الوهاب ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن هشام بن سالم ، عن إسماعيل الجعفي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عمن مس عظم الميت قال إذا كان سنة فليس به بأس.

١٤ ـ محمد بن يحيى رفعه ، عن أبي حمزة قال قال أبو جعفرعليه‌السلام إذا كان الرجل نائما في المسجد الحرام أو مسجد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله فاحتلم فأصابته جنابة فليتيمم ولا يمر في المسجد إلا متيمما حتى يخرج منه ثم يغتسل وكذلك الحائض إذا أصابها الحيض تفعل كذلك ولا بأس أن يمرا في سائر المساجد ولا يجلسان فيها.

_________________________________________

سنده على سهل بن زياد ، ومحمد بن عيسى عن يونس ، وقد نقل الصدوق عن شيخه ابن الوليد أنه لا يعتمد على حديث محمد بن عيسى ، عن يونس ، وحكم الشيخ في كتاب الأخبار بشذوذ هذه الرواية وأن العصابة أجمعت على ترك العمل بظاهرها ، ثم أجاب عنها باحتمال أن يكون المراد بالوضوء التحسين والتنظيف ، أو أن يكون المراد بماء الورد الماء الذي وقع فيه الورد دون أن يكون معتصرا منه ، وما هذا شأنه فهو بالإعراض عنه حقيق ، ونقل المحقق في المعتبر اتفاق الناس جميعا على أنه لا يجوز الوضوء بغير ماء الورد من المائعات.

الحديث الثالث عشر : مجهول.

قولهعليه‌السلام « إذا جاز سنة » كأنه لذهاب الدسومة التي تكون في العظم ، والمراد بالعظم عظم الميتة من الحيوانات ، أو الميت الذي لم يغسل ، ويحتمل أن يكون السؤال باعتبار غسل المس.

الحديث الرابع عشر : مرفوع.

قولهعليه‌السلام « فاحتلم » أي رأى في النوم ما يوجب الاحتلام.

قولهعليه‌السلام « فليتيمم » قال في المدارك : هذا مذهب أكثر علمائنا ، ومستنده

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(١) : حدّثني أبي، عن النّضر بن سويد، عن يحيى الحلبيّ، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام: أنّ بني إسرائيل بعد موسى عملوا بالمعاصي(٢) وغيّروا دين الله وعتوا عن أمر ربّهم. وكان فيهم نبيّ يأمرهم وينهاهم. فلم يطيعوه. وروى أنّه إرميا النّبيّ فسلّط الله عليهم جالوت. وهو من القبط.

فاذلّهم. وقتل رجالهم. وأخرجهم من ديارهم وأموالهم. واستعبد نساءهم. ففزعوا إلى نبيّهم. وقالوا: سل أن الله(٣) يبعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله.

وكانت النّبوّة في بني إسرائيل في بيت، والملك والسّلطان في بيت آخر. لم يجمع الله لهم (النّبوّة والملك) في بيت واحد. فمن ذلك قالوا:( ابْعَثْ لَنا [مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ ) . فقال لهم نبيّهم:( هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلَّا تُقاتِلُوا. قالُوا: وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَأَبْنائِنا ) .

وكان كما قال الله ـ تبارك وتعالى:( فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ) ].(٤) فقال( لَهُمْ نَبِيُّهُمْ: إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً ) . فغضبوا من ذلك.

و( قالُوا: أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا. وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ. وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ ) .

وكانت النّبوّة في ولد لاوي والملك في ولد يوسف. وكان طالوت من ولد بنيامين(٥) أخي(٦) يوسف لأمّه. لم يكن من بيت النّبوّة ولا من بيت المملكة.

فقال لهم نبيّهم:( إِنَّ اللهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ ) . وكان أعظمهم جسما. وكان شجاعا قويّا. وكان أعلمهم. إلّا أنّه كان فقيرا. فعابوه بالفقر. فقالوا:( لَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ ) .

فقال لهم نبيّهم:( إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ ) . وكان التّابوت الذي أنزل(٧) على موسى ،

__________________

(١) تفسير القمي ١ / ٨١ ـ ٨٢.

(٢) المصدر: المعاصي.

(٣) المصدر: سل الله. (ظ)

(٤) ما بين المعقوفتين ليس في المصدر.

(٥) النسخ والمصدر: ابن يامين.

(٦) النسخ: أخو.

(٧) المصدر: أنزل الله.

٣٨١

فوضعته فيه أمّه، فألقته(١) في اليمّ. فكان في بني إسرائيل [معظّما].(٢) يتبرّكون به. فلمّا حضر موسى الوفاة وضع فيه الألواح ودرعه(٣) وما كان عنده من آيات النّبوّة. وأودعه يوشع، وصيّه. فلم يزل التّابوت بينهم استخفّوا(٤) . وكان الصّبيان يلعبون به في الطّرقات. فلم يزل بنو إسرائيل في عزّ وشرف ما دام التّابوت عندهم. فلمّا عملوا بالمعاصي واستخفّوا بالتّابوت، رفعه الله عنهم.

فلمّا سألوا النّبيّ بعث الله طالوت إليهم ملكا يقاتل(٥) معهم، ردّ الله عليهم التّابوت، كما قال الله:( إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ. فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ ) قال: البقيّة ذرّيّة الأنبياء قوله فيه سكينة من ربّكم. فإنّ التّابوت كان يوضع بين يدي العدوّ وبين المسلمين، فيخرج منه ريح طيّبة، لها وجه كوجه الإنسان.

وما في هذا الخبر من أنّ ذلك النّبيّ إرميا، ينافي ما نقل

في مجمع البيان(٦) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ أنّه اسمويل. ويمكن الجمع بأنّهما واحد. والاختلاف من النّقلة، أو من اختلاف التّسمية، بأن عبّر عنه باسمين عند أهل زمانه. وقوله في آخر الخبر «البقيّة ذرّيّة الأنبياء» معناه أنّ البقيّة ممّا تركه ذرّيّة الأنبياء

، كما يشرح في خبر آخر سيجيء.

( وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ ) :

الصّندوق، فعلوت من التّوب. فإنّه لا يزال يرجع إليه ما يخرج منه، وفي تفسير العيّاشيّ(٧) : عن العبّاس بن هلال، قال: سأل عليّ بن أسباط أبا الحسن الرّضا ـ عليه السّلام ـ فقال: أي شيء التّابوت الّذي كان في بني إسرائيل؟

قال: كان فيه ألواح موسى التي تكسّرت والطست الّتي تغسل فيها قلوب الأنبياء.

وفي كتاب معاني الأخبار(٨) : حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصّفّار، عن إبراهيم بن هاشم، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس بن عبد الرّحمن، عن أبي الحسن ـ عليه السّلام قال: سألته(٩) ما كان تابوت موسى؟ وكم كان سعته؟

__________________

(١) المصدر: وألقته. (ظ)

(٢) يوجد في المصدر.

(٣) ليس في المصدر.

(٤) المصدر: حتّى استخفّوا به.

(٥) المصدر: بعث الله طالوت عليهم يقاتل.

(٦) مجمع البيان ١ / ٣٥٠.

(٧) تفسير العياشي ١ / ١٣٣، ح ٤٤٢.

(٨) معاني الأخبار / ٢٨٤ ـ ٢٨٥، ح ٢. (٩) المصدر: قال: سألته فقلت: جعلت فداك.

٣٨٢

قال: ثلاثة(١) أذرع في ذراعين.

قلت: ما كان فيه؟

قال: عصى موسى والسّكينة.

قلت: وما السّكينة؟

قال: روح الله يتكلم. كانوا إذا اختلفوا في شيء كلّمهم وأخبرهم ببيان ما يريدون.

ولا ينافيه ما يأتي في الخبر(٢) من أنّه ريح كذا، لاحتمال أن يكون الرّيح والرّوح واحدا.

وفي أصول الكافي(٣) : عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن معاوية بن وهب، عن سعيد السّمّان قال: سمعت عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه يقول: إنّما مثل السّلاح فينا، مثل التّابوت في بني إسرائيل. كانت بنو إسرائيل أيّ أهل بيت وجد التّابوت على بابهم أوتوا النّبوّة. فمن صار إليه السّلاح منّا أوتي الإمامة.

وبهذا المعنى من الأخبار، كثيرة(٤) .

( فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ ) :

قيل(٥) : أي في إيتاء التّابوت، أو في التّابوت ما تسكنون إليه. وهو التّوراة. وكان موسى إذا قاتل، قدّمه، فتسكن نفوس بني إسرائيل ولا يفرّون.

وقيل(٦) : صورة كانت فيه من زبرجد أو ياقوت. لها رأس وذنب كرأس الهرّة.

وذنبها وجناحان فتئن. فيزفّ التّابوت نحو العدوّ. وهم يتبعونه. فإذا استقرّ ثبتوا وسكنوا ونزل النّصر.

قال في مجمع البيان(٧) : روى ذلك في أخبارنا.

وقيل(٨) : صور الأنبياء من آدم إلى محمّد ـ صلّى الله عليه وآله.

وقيل(٩) : «التّابوت»: القلب. والسّكينة ما فيه من العلم والإخلاص. وإتيانه

__________________

(١) المصدر: ثلاث.

(٢) ر. تفسير القمي ١ / ٨٢. وسيأتى ـ إن شاء الله.

(٣) الكافي ١ / ٢٣٨، ح ١.

(٤) ر. نفس المصدر والموضع.

(٥ و ٦) أنوار التنزيل ١ / ١٣٠.

(٧) مجمع البيان ١ / ٣٥٣.

(٨ و ٩) أنوار التنزيل ١ / ١٣٠.

٣٨٣

تصيير قلبه مقرّ العلم والوقار، بعد أن لم يكن.

والصّحيح ما ذكر في الخبر السّالف، من أنّه ريح طيّبة تخرج من التّابوت له وجه كوجه الإنسان.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(١) : حدّثني أبي، عن الحسن بن خالد، عن الرّضا ـ عليه السّلام ـ أنّه قال: السّكينة ريح من الجنّة. لها وجه كوجه الإنسان.

( وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ ) ، أي: ذرّيّة الأنبياء. وهما موسى وهارون والآل لتفخيم مفخّم، أو أنبياء بني إسرائيل لأنّهم أبناء عمّهما.

في تفسير العيّاشي(٢) : عن حريز، عن رجل، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قول الله:( يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ ) ، فقال: رضاض الألواح. فيها العلم والحكمة. العلم جاء من السّماء. فكتب في الألواح. وجعل في التّابوت.

( تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ ) :

قيل(٣) : رفعه الله بعد موسى، فنزلت به الملائكة وهم ينظرون.

وقيل(٤) : كان مع أنبيائهم، يستفتحون به حتّى أفسدوا. فغلبهم الكفّار عليه. وكان في أرض جالوت إلى أن ملّك الله طالوت. فأصابهم ببلاء حتّى هلكت خمس مدائن.

فتشاءموا بالتّابوت. فوضعوه على ثورين. فساقهما الملائكة إلى طالوت.

وفي كتاب المناقب(٥) ، لابن شهر آشوب: وفي حديث جابر بن يزيد الجعفيّ: أنّه لـمّا شكت الشّيعة إلى زين العابدين ـ عليه السّلام ـ ممّا يلقونه من بني أميّة. دعا الباقر ـ عليه السّلام. وأمر أن يأخذ الخيط الّذي نزل به جبرئيل إلى النّبيّ ـ عليه السّلام.

ويحركه تحريكا خفيفا(٦) .

قال: فمضى إلى المسجد، فصلّى فيه ركعتين. ثمّ وضع خدّه على الثّرى(٧) . وتكلّم بكلمات. ثمّ رفع رأسه. فأخرج من كمّه خيطا رقيقا(٨) يفوح منه رائحة المسك. وأعطاني

__________________

(١) تفسير القمي ١ / ٨٢.

(٢) تفسير العياشي ١ / ١٣٣، ح ٤٤٠.

(٣ و ٤) الكشاف ١ / ٢٩٣+ أنوار التنزيل ١ / ١٣٠.

(٥) المناقب ٤ / ١٨٣.

(٦) ليس في المصدر.

(٧) المصدر: التراب.

(٨) المصدر: دقيقا.

٣٨٤

طرفا منه. فمشيت رويدا.

فقال: قف، يا جابر! فحرّك الخيط تحريكا ليّنا خفيفا.

ثمّ قال: اخرج! فانظر ما حال النّاس؟

فخرجت من المسجد. فإذا صياح وصراخ وولولة من كلّ ناحية. وإذا زلزلة شديدة وهدّة ورجفة قد أخربت عامّة دور المدينة وهلك تحتها أكثر من ثلاثين ألف إنسان ـ إلى قوله ـ سألته عن الخيط.

قال: هذا من البقيّة.

قلت: وما البقيّة؟ يا ابن رسول الله! قال: يا جابر «بقيّة ممّا ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة» ويضعه جبرئيل الدنيا(١) .

( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) (٢٤٨) :

يحتمل أن يكون من تمام كلام النّبيّ، وأن يكون ابتداء خطاب من الله تعالى.

( فَلَمَّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ ) : [انفصل بهم عن بلده لقتال العمالقة. وأصله فصل نفسه عنه. ولكن لـمّا كثر حذف مفعوله صار كاللازم.

قيل(٢) : إنّه قال لهم: «لا يخرج معي إلّا الشّابّ النّشيط الفارغ.» فاجتمع إليه ممّن اختاره ثمانون ألفا.

والأظهر أنّه اجتمع إليه ستّون ألفا وثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا. لما سيأتي من أنّ من شرب ستّون ألفا، ومن لم يشرب ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا. وكان الوقت قيظا.

فسلكوا مفازة. وسألوا أن يجري الله لهم نهرا.

( قالَ ) ، أي: نبيّهم.

( إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ ) : يعاملكم معاملة المختبر بما اقترحتموه.

( فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي ) : فليس من أشياعي، أو بمتّحد معي.

( وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي ) ، أي: من لم يذقه من طعم الشيء إذا أذاقه(٣) ، مأكولا أو مشروبا.

__________________

(١) هكذا في المصدر والنسخ. والظاهر: لدينا.

(٢) الكشاف ١ / ٢٩٤+ أنوار التنزيل ١ / ١٣٠.

(٣) كذا في النسخ. ولعله: ذاقه.

٣٨٥

( إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ ) :

استثناء من قوله «فشرب.» وقدّم عليه الجملة الثّانية، للعناية بها.

والمعنى: الرّخصة في القليل، دون الكثير.

وقرئ بفتح الغين.

( فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ ) ، أي: فكرعوا فيه إذا الأصل في الشّرب منه أن لا يكون بوسط، أو أفرطوا في الشّرب إلّا قليلا منهم.

وقرئ بالرّفع، حملا على المعنى، أي: لم يطيعوه.

وروى أنّ الّذين شربوا منه كانوا ستّين ألفا(١) .

وروى عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام(٢) ـ أنّه قال: القليل الّذي لم يشربوا ولم يغترفوا، ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا.

( فَلَمَّا جاوَزَهُ ) ، أي: طالوت النّهر إلى جنود جالوت،( هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ ) ، أي: القليل الّذين لم يخالفوه،( قالُوا ) ، أي: الّذين شربوا منه،( لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ ) لكثرتهم وقوّتهم. هذا اعتذار منهم في التّخلّف وتحذير للقليل.

( قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللهِ ) ، أي: الخلّص منهم الّذين تيقّنوا لقاء الله وثوابه بالموت. وسمّاه ظنّا لشبه اليقين بالموت بالظّنّ والشّكّ، كما ورد في الخبر: أنّه ما من يقين لا شكّ فيه أشبه بشكّ لا يقين فيه من الموت.

وهم القليل الّذين لم يشربوا.

( كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ ) : بتيسيره وتوفيقه.

و «كم»، يحتمل الخبر والاستفهام.

و «من»، مبنيّة، أو مزيدة.

و «الفئة»: الفرقة من النّاس، من فأوت رأسه، أي: شققته، أو من فاء إذا رجع فوزنها فعة، أو فلة. ولا ينافي إطلاق الفئة هنا على أقلّ من عشرة آلاف، ما رواه العيّاشيّ(٣)

__________________

(١) تفسير القمي ١ / ٨٣.

(٢) نفس المصدر ونفس الموضع.

(٣) تفسير العياشي ١ / ١٣٤، ح ٤٤٤.

٣٨٦

«عن حمّاد بن عثمان قال: قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام: لا يخرج القائم ـ عليه السّلام ـ في أقلّ من الفئة. ولا تكون الفئة أقلّ من عشرة آلاف.» من وجهين :

الأوّل: أنّ الإطلاق على الأقلّ هنا للفئة الموصوفة بالقلّة، لا الفئة المطلق. وفي الخبر، مطلقة.

والثّاني: أنّ المراد بالفئة في الخبر المعهودة المذكورة سابقا، بأنّها يكون مع القائم ـ عليه السّلام ـ لا مطلق الفئة.

( وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ) (٢٤٩): بالنّصر والإثابة.

( وَلَمَّا بَرَزُوا لِجالُوتَ وَجُنُودِهِ ) ، أي: ظهروا لهم، ودنوا منهم،( قالُوا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ ) (٢٥٠): سألوا ـ أوّلا ـ إفراغ الصّبر في قلوبهم. وهو الّذي ملاك الأمر. وثانيا: ثبات القدم في مداحض الحرب المسبّب عنه.

وثالثا: النّصر على العدوّ المترتّب عليهما.

( فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللهِ ) : فكسروهم بنصره، أو مصاحبين لنصره إيّاهم إجابة لدعائهم.

روى في تفسير عليّ بن إبراهيم(١) ، عن الرّضا ـ عليه السّلام: لـمّا تأذّى بنو إسرائيل من جالوت، أوحى الله إلى نبيّهم: أنّ جالوت يقتله من يستوي عليه درع موسى ـ عليه السّلام. وهو رجل من ولد لاوي بن يعقوب ـ عليه السّلام ـ اسمه داود بن أسى.

وكان أسى راعيا. وكان له عشر بنين، أصغرهم داود. فلمّا بعث طالوت إلى بني إسرائيل وجمعهم لحرب جالوت، بعث إلى أسى أن احضر ولدك فلمّا حضروا دعا واحدا واحدا من ولده فألبسه درع موسى ـ عليه السّلام ـ فمنهم من طالت عليه ومنهم من قصرت عنه.

فقال لأسى: هل خلّفت من ولدك أحدا؟

قال: نعم. أصغرهم. تركته في الغنم راعيا(٢) .

فبعث إليه [ابنه].(٣) فجاء به فلمّا دعي أقبل ومعه مقلاع. فناداه(٤) ثلاث صخرات في طريقه. فقالت(٥) : «خذنا.» فأخذها في مخلاته. وكان شديد البطش، قويّا في

__________________

(١) تفسير القمي ١ / ٨٢.

(٢) المصدر: يرعاها.

(٣) يوجد في المصدر.

(٤) المصدر: قال: فنادته. (ظ)

(٥) المصدر: فقالت: يا داود.

٣٨٧

بدنه، شجاعا، فلمّا جاء إلى طالوت ألبسه درع موسى. فاستوت عليه. ففصل طالوت بالجنود حتّى برزوا لجالوت وجنوده. فجاء داود(١) ووقف بحذاء جالوت. وكان جالوت على الفيل وعلى رأسه التّاج وفي جبهته ياقوتة يلمع نورها(٢) وجنوده من بين يديه. فأخذ داود من تلك الأحجار حجرا. فرمى به ميمنة جالوت فمر في الهواء. ووقع عليهم. فانهزموا. وأخذ حجرا آخر. فرمى به في ميسرة جالوت. فوقع عليهم. فانهزموا. ورمى جالوت بحجر. فصكّ الياقوتة في جبهته. ووصلت إلى دماغه. ووقع إلى الأرض ميّتا. وهو(٣) قوله:( فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللهِ وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ وَآتاهُ اللهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ ) .

( وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ ) بالوجه الّذى روي.

( وَآتاهُ اللهُ الْمُلْكَ ) ، أي ملك: بني إسرائيل.

قيل(٤) : ولم يجتمعوا قبل داود على ملك.

( وَالْحِكْمَةَ ) : النّبوّة. وأنزل عليه الزّبور.

( وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ ) : وعلمه صنعة الحديد وليّنه له.

في كتاب الخصال(٥) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال: إنّ الله تبارك وتعالى لم يبعث أنبياء ملوكا(٦) إلّا أربعة بعد نوح: ذا القرنين(٧) واسمه عياش، وداود وسليمان ويوسف ـ عليهم السّلام. فأمّا عياش فملك ما بين المشرق والمغرب. وأمّا داود فملك ما بين الشّامات إلى بلاد إصطخر. وكذلك كان ملك سليمان. وأمّا يوسف فملك مصر وبراريها(٨) ولم يتجاوزها إلى غيرها.

وعن أبي الحسن الأوّل ـ عليه السّلام(٩) ـ قال: قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله: إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ اختار من كلّ شيء أربعة. اختار من الأنبياء للسّيف، إبراهيم وداود وموسى وأنا.

وفي كتاب كمال الدّين وتمام النّعمة(١٠) ، بإسناده إلى جعفر بن محمّد، عن أبيه ،

__________________

(١) المصدر: حتّى.

(٢) المصدر: نوره.

(٣) المصدر: فهو.

(٤) أنوار التنزيل ١ / ١٣١.

(٥) الخصال ١ / ٢٤٨.

(٦) المصدر: الأنبياء ملوكا في الأرض.

(٧) المصدر: ذو القرنين.

(٨) كذا في المصدر وفي النسخ. ولعله: بواديها.

(٩) نفس المصدر ١ / ٢٢٥، ح ٥٨.

(١٠) كمال الدين وتمام النعمة ٢ / ٥٢٤، ح ٣.

٣٨٨

عن جدّه، عن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ قال: عاش داود ـ عليه السّلام ـ مائة سنة. منها أربعين سنة في ملكه.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(١) : قال: وكان بين موسى وبين داود، خمسمائة سنة، وبين داود وعيسى ألف سنة وخمسمائة سنة.

( وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ ) :

وقرأ نافع هنا وفي الحجّ دفاع الله.

( النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ ) (٢٥١): قيل(٢) : أي: لولا أنّه تعالى يدفع بعض النّاس ببعض وينصر المسلمين على الكفّار، لغلبوا وأفسدوا في الأرض، أو فسدت الأرض بشؤمتهم.

وفي أصول الكافي(٣) : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عليّ بن سعيد(٤) ، عن عبد الله بن القسم، عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: انّ الله ليدفع بمن يصلّي من شيعتنا عمّن لا يصلّي من شيعتنا. ولو اجتمعوا(٥) على ترك الصلاة لهلكوا. وإنّ الله ليدفع بمن يزكّي من شيعتنا عمّن لا يزكّي. ولو اجتمعوا(٦) على ترك الزّكاة لهلكوا. وانّ الله ليدفع بمن يحجّ من شيعتنا عمّن لا يحجّ. ولو اجتمعوا(٧) على ترك الحجّ لهلكوا. وهو قول الله ـ عزّ وجلّ:( وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ ) . فو الله ما نزلت إلّا فيكم. ولا عنى بها غيركم.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(٨) : حدّثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن جميل قال: قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام: إنّ الله ليدفع ـ وذكر مثله إلّا قوله: فو الله ما أنزلت (الخ.)

وفي مجمع البيان(٩) :( وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ ) (الآية) فيه ثلاثة أقوال. الثّاني: أنّ معناه يدفع الله بالبرّ عن الفاجر الهلاك ـ عن عليّ ـ عليه السّلام. وقريب منه ما روى

__________________

(١) تفسير القمي ١ / ١٦٥.

(٢) أنوار التنزيل ١ / ١٣١.

(٣) الكافي ٢ / ٤٥١، ح ١.

(٤) «على بن سعيد» ليس في ر. وفي المصدر: عليّ بن معبد.

(٥ و ٦ و ٧) المصدر: أجمعوا. (ظ)

(٨) تفسير القمي ١ / ٨٣.

(٩) مجمع البيان ١ / ٣٥٧.

٣٨٩

عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله أنّه قال: لولا عباد ركّع وصبيان رضّع وبهائم رتّع، لصبّ عليهم العذاب صبّا.

وروى جابر بن عبد الله(١) ، قال: قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله: إنّ الله يصلح بصلاح الرّجل السلم ولده وولد ولده وأهل دويرته. ودويرات حوله لا يزالون في حفظ الله ما دام فيهم.

( تِلْكَ ) إشارة إلى ما قصّ من القصص السّالفة.

( آياتُ اللهِ ) : دلائله على قدرته وإرسالك رسولا.

( نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِ ) : بالوجه المطابق الّذي لا يشكّ فيه أهل الكتاب وأرباب التّواريخ.

( وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ) (٢٥٢) لما أخبرت بها من غير تعرّف واستماع.

( تِلْكَ الرُّسُلُ ) ، أي: الجماعة المذكورة قصصهم، أو المعلومة لك أيّها النّبيّ، أو جماعة الرّسل.

و «اللّام»، للاستغراق.

( فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ ) بأن خصّصناه بما ليس لغيره.

( مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ ) :

قيل(٢) : هو موسى.

وقيل(٣) : موسى ليلة الخيرة في الطّور، ومحمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ ليلة المعراج.

وقرئ: كلّم الله وكالم الله. (بنصب لفظ الجلالة.)( وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ ) ، يعني: محمّدا ـ صلّى الله عليه وآله.

( دَرَجاتٍ ) [بأن فضّله على غيره. قيل(٤) : وهو محمّد ـ صلّى الله عليه وآله. فإنّه فضّل](٥) بأن فضّله على غيره من وجوه متعدّدة: فإنّه خصّ بالدّعوة العامّة والحجج المتكاثرة والمعجزات المستمرّة والفضائل العمليّة والعمليّة الفائتة للحصر.

وفي عيون الأخبار(٦) ، بإسناده إلى عليّ بن موسى، عن أبيه، عن آبائه، عن عليّ بن أبي طالب ـ عليهم السّلام ـ قال: قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله: ما خلق الله خلقا

__________________

(١) نفس المصدر نفس الموضع.

(٢ و ٣ و ٤) أنوار التنزيل ١ / ١٣٢.

(٥) يوجد في أ، فقط.

(٦) عيون أخبار الرضا ١ / ٢٠٤.

٣٩٠

أفضل منّي. ولا أكرم عليه منّي.

قال عليّ ـ عليه السّلام: فقلت: يا رسول الله! أفأنت أفضل أم جبرئيل؟

فقال ـ عليه السّلام: إنّ الله(١) تعالى فضّل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقرّبين.

وفضّلني على جميع النّبيّين والمرسلين. والفضل بعدي لك يا عليّ وللائمّة من بعدك. وإنّ الملائكة لخدّامنا وخدّام محبّينا.

والحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.

وقيل(٢) : إبراهيم خصّصه بالخلّة الّتي هي أعلى المراتب.

وقيل(٣) : إدريس لقوله تعالى(٤) :( وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا ) وقيل(٥) : أولو العزم من الرّسل.

والإبهام في جميع تلك الاحتمالات، للتّفخيم. ويحتمل الحمل على الكلّ. والإبهام لعدم التّعيين. يدلّ عليه ما رواه العيّاشيّ في تفسيره(٦) ، عن أبي عمرو الزّبيريّ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام. قال: بالزّيادة بالإيمان يفضّل(٧) المؤمنون بالدّرجات عند الله.

قلت: وإنّ للإيمان درجات ومنازل يتفاضل بها المؤمنون عند الله؟

فقال: نعم.

قلت: صف لي ذلك ـ رحمك الله ـ حتّى أفهمه.

فقال: ما فضّل الله أولياءه(٨) بعضهم على بعض. فقال:( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ. مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ. وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ ) . (إلى آخر الآية.) وقال(٩) :( وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ ) . وقال(١٠) :( انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ ) . وقال(١١) :( هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ ) . فهذا ذكر الله درجات الإيمان ومنازله عند الله.

[وفي أصول الكافي(١٢) : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم

__________________

(١) المصدر: يا عليّ إنّ الله.

(٢ و ٣) أنوار التنزيل ١ / ١٣٢.

(٤) مريم / ٥٧.

(٥) أنوار التنزيل ١ / ١٣٢.

(٦) تفسير العياشي ١ / ١٣٥، ح ٤٤٧.

(٧) المصدر: تتفاضل.

(٨) المصدر: به أولياءه.

(٩) البقرة / ٢٥٣. (١٠) الإسراء / ٢١. (١١) آل عمران / ١٦٣.

(١٢) الكافي ٢ / ٤١، ح ١.

٣٩١

بن يزيد قال: حدّثنا أبو عمرو الزّبيريّ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ وذكر حديثا طويلا. وفيه يقول ـ عليه السّلام: ثمّ ذكر ما فضّل الله ـ عزّ وجلّ ـ به أولياءه بعضهم على بعض. فقال ـ عزّ وجلّ:( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ. مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ. وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ ) فوق بعض درجات. (إلى آخر الآية.)](١)

( وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ ) : المعجزات. أفرده لإفراط اليهود والنّصارى في تحقيره وتعظيمه. وجعل معجزاته مخصوصة بالذّكر. لأنّها آيات واضحة، أو معجزات عظيمة. لم يستجمعها غيره.

( وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ) :

في أصول الكافي(٢) : عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه رفعه، عن محمّد بن داود الغنويّ، عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ في حديث طويل. يقول فيه ـ عليه السّلام: فأمّا ما ذكر من أمر السّابقين، فإنّهم أنبياء مرسلون وغير مرسلين. جعل الله فيهم خمسة أرواح: روح القدس وروح الإيمان وروح القوّة وروح الشّهوة وروح البدن. فبروح القدس بعثوا أنبياء مرسلين وغير مرسلين. وبها علّموا الأشياء. وبروح الإيمان عبدوا الله ولم يشركوا به شيئا. وبروح القوّة جاهدوا(٣) عدوّهم وعالجوا معاشهم. وبروح الشّهوة أصابوا لذيذ الطّعام ونكحوا الحلال(٤) من شباب النّساء.

وبروح البدن دبّوا ودرجوا. فهؤلاء مغفور مصفوح عن ذنوبهم.

ثمّ قال: قال الله ـ عزّ وجلّ:( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ. وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ. وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ) .

ثمّ قال في جماعتهم(٥) :( وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ) . يقول: أكرمهم ففضّلهم على من سواهم.

فهؤلاء مغفور لهم. مصفوح عن ذنوبهم.

( وَلَوْ شاءَ اللهُ ) إلزام النّاس على طريقة واحدة، مشيئة حتم،( مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ ) : من بعد الرّسل،( مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ ) : المعجزات.

__________________

(١) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٢) الكافي ٢ / ٢٨١ ـ ٢٨٢، ح ١٦.

(٣) أ: جاهدوهم.

(٤) أ: النكاح.

(٥) المجادلة / ٢٢.

٣٩٢

( وَلكِنِ اخْتَلَفُوا ) . لأنّه لم يجبرهم على الاهتداء للابتلاء.

( فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ ) بتوفيقه.

( وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ ) لإعراضه عنه بخذلانه.

( وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا ) : التّكرار للتّوكيد.

( وَلكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ ) (٢٥٣): فيوفّق من يشاء فضلا ويخذل من يشاء عدلا.

وفي هذه الآية دلالة على أنّ المختلفين بعد الرّسل، بين مؤمن وكافر، لا ثالث لهما.

وفي كتاب الاحتجاج(١) ، للطّبرسي ـ رحمه الله: وعن الأصبع بن نباتة قال: كنت واقفا مع أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ يوم الجمل. فجاء رجل حتّى توقّف بين يديه. فقال: يا أمير المؤمنين! كبّر القوم وكبّرنا. وهلّل القوم وهلّلنا. وصلّى القوم وصلّينا. فعلام(٢) نقاتلهم؟

فقال أمير المؤمنين ـ عليه السّلام: على ما أنزل الله ـ عزّ وجلّ ـ في كتابه.

فقال: يا امير المؤمنين! ليس كلّ ما أنزل الله في كتابه أعلمه فعلّمنيه؟

فقال عليّ ـ عليه السّلام: لـمّا(٣) أنزل الله في سورة البقرة.

فقال: يا أمير المؤمنين! ليس كلّ ما أنزل الله في سورة البقرة أعلمه فعلّمنيه؟

فقال عليّ ـ عليه السّلام: هذه الآية:( تِلْكَ الرُّسُلُ ) . ـ وقرأ الى( يَفْعَلُ ما يُرِيدُ ) ـ فنحن الّذين آمنا. وهم الّذين كفروا.

فقال الرّجل: كفر القوم وربّ الكعبة! ثمّ حمل، فقاتل حتّى قتل ـ رحمه الله.

وفي أمالي شيخ الطّائفة(٤) ، شبهه مع تغيير غير مغيّر للمعنى.

وفي آخره بعد قوله: ومنهم من كفر. فلمّا وقع الاختلاف كنّا نحن أولى بالله ـ عزّ وجلّ ـ وبالنّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ وبالكتاب وبالحقّ. فنحن الّذين آمنوا. وهم الّذين كفروا. وشاء الله قتالهم بمشيئته وإرادته.

وفي روضة الكافي(٥) : ابن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه قال: قلت لأبي جعفر ـ عليه السّلام: انّ العامّة يزعمون أن بيعة أبي بكر حيث اجتمع النّاس كانت

__________________

(١) الاحتجاج ١ / ٢٤٨.

(٢) المصدر: فعلى ما.

(٣) المصدر: ما.

(٤) أمالي الشيخ ١ / ٢٠٠.

(٥) الكافي ٨ / ٢٧٠، ح ٣٩٨.

٣٩٣

رضا لله ـ عزّ ذكره. وما كان الله ليفتن أمّة محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ من بعده.

فقال أبو جعفر ـ عليه السّلام: او ما يقرءون كتاب الله؟ أو ليس الله يقول(١) :( وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ. أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ. وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ ) ؟

قال: قلت: إنّهم يفسّرون على وجه آخر.

قال: أو ليس من أخبر الله ـ عزّ وجلّ ـ عن الّذين من قبلهم من الأمم، أنّهم قد اختلفوا من بعد ما جاءتهم البيّنات، [حيث قال:( وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ. وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ. وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ، مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ ]. ) (٢) ( وَلكِنِ اخْتَلَفُوا. فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ. وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ. وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا. وَلكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ ) ؟ في هذا يستدلّ به على أنّ أصحاب محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ قد اختلفوا من بعده. فمنهم من آمن. ومنهم من كفر.

( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ ) : ما أوجب عليكم إنفاقه،( مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ ) : وهو يوم القيامة الّذي لا بيع فيه، فيحصل ما ينفق بالبيع، أو يفتدى النّفس ويخلص من العذاب، بإعطاء شيء وشرائها، ولا خلّة حتّى يستغنى بالأخلّاء، ولا شفاعة إلا لمن رضى له قولا حتّى يتّكل على الشّفعاء.

( وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) (٢٥٤): يريد التّاركون للزكاة الّذين ظلموا أنفسهم، أو(٣) وضعوا المال في غير موضعه وصرفوه على غير وجهه. فوضع الكافرون موضعه تغليظا وتهديدا، كقوله: «( وَمَنْ كَفَرَ ) ، مكان من لم يحجّ، وإيذانا بأن ترك الزّكاة من صفات الكفّار لقوله:( وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ ) .

وفي من لا يحضره الفقيه(٤) : وفي رواية أبي بصير، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه قال: من منع قيراطا من الزكاة فليس بمؤمن ولا مسلم. وهو قوله ـ عزّ وجلّ(٥) .( حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ ) .

واعلم! أنّ الأخبار في فضل آية الكرسيّ كثيرة. فمنها ما مرّ في صدر الكتاب. ومنها

__________________

(١) آل عمران / ١٤٤.

(٢) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٣) ر: و. (ظ)

(٤) من لا يحضره الفقيه ٢ / ٧، ح ٢١.

(٥) المؤمنون / ٩٩.

٣٩٤

ما رواه في الخرايج والجرائح(١) ، عن عبد الله بن يحيى الكاهليّ قال: قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام: إذا لقيت السّبع ما ذا تقول؟

قلت: لا أدري.

قال: إذا لقيته فاقرأ في وجهه آية الكرسيّ وقل: «عزمت عليك بعزيمة الله وعزيمة رسوله وعزيمة سليمان بن داود وعزيمة عليّ أمير المؤمنين والأئمّة من بعده.» فإنّه ينصرف عنك.

قال عبد الله: فقدمت الكوفة. فخرجت مع ابن عمّ لي إلى قرية. فإذا سبع قد اعترض لنا في الطّريق. فقرأت في وجهه آية الكرسيّ وقلت: عزمت عليك بعزيمة الله (إلى آخرها) إلّا تنحّيت عن طريقنا. ولم تؤذنا. فإنّا لا نؤذيك.

ومنها ما رواه في الكافي(٢) ، عن عليّ بن إبراهيم [عن محمّد بن عيسى](٣) وعدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله وسهل بن زياد، جميعا، عن محمّد بن عيسى، عن أبي محمّد الأنصاريّ، عن أبان بن عثمان، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: شكا إليه رجل عبث أهل الأرض بأهل بيته وبعياله. فقال: كم سقف بيتك؟

قال(٤) : عشرة أذرع.

فقال اذرع ثمانية أذرع ثمّ اكتب آية الكرسيّ فيما بين الثمانية إلى العشرة كما تدور. فإنّ كلّ بيت سمكه أكثر من ثمانية أذرع، فهو محتضر تحضره الجنّ، يكون فيه مسكنه(٥)

وعن عليّ بن إبراهيم،(٦) عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، وأحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، جميعا، عن يونس، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال في سمك البيت: إذا رفع ثمانية أذرع، كان مسكونا. فإذا زاد على ثمان فليكتب على رأس (الثّمانية)(٧) آية الكرسيّ.

وبإسناده(٨) إلى محمّد بن إسماعيل، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: إذا كان

__________________

(١) بحار الأنوار ٤٧ / ٩٥، ح ١٠٨، نقلا عن الخرايج والجرائح.

(٢) الكافي ٦ / ٥٢٩، ح ٣.

(٣) ليس في أو في المصدر.

(٤) المصدر: فقال. (ظ)

(٥) كذا في المصدر. وفي النسخ: تكون فيه تسكنه.

(٦) نفس المصدر نفس الموضع، ح ٤.

(٧) المصدر: الثمان.

(٨) نفس المصدر ٦ / ٦٢٩، ح ٧.

٣٩٥

البيت فوق ثمانية أذرع، فاكتب في أعلاه آية الكرسيّ.

ومنها ما رواه في من لا يحضره الفقيه(١) ، في وصيّة النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ لعليّ ـ عليه السّلام: يا عليّ! ومن كان في بطنه ماء أصفر فليكتب على بطنه آية الكرسيّ ويشربه. فإنّه يبرأ بإذن الله ـ عزّ وجلّ.

ومنها ما رواه في كتاب الخصال(٢) ، عن عتبة بن عمير الليثي، عن أبي ذرّ ـ ره ـ قال: دخلت على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وهو في المسجد جالس وحده (إلى أن قال) قلت له: فأي آية أنزلها الله عليك أعظم؟

قال: آية الكرسيّ. ثمّ قال: يا أبا ذرّ! ما السّموات السّبع في الكرسيّ إلّا كحلقة ملقاة في أرض فلاة.

وفيه(٣) ، فيما علّم أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ أصحابه: وإذا اشتكى أحدكم عينه فليقرأ آية الكرسيّ. وليضمر في نفسه أنّها تبرء. فإنّه يعافى ـ إن شاء الله تعالى.

ومنها ما رواه في أصول الكافي(٤) ، عن محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن جعفر، عن السّيّاريّ، عن محمّد بن بكر، عن أبي الجارود، عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ أنّه قام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين! إنّ في بطني ماء أصفر. فهل من شفاء؟

فقال: نعم بلا درهم ولا دينار. ولكن اكتب على بطنك آية الكرسيّ.

وتغسلها. وتشربها. وتجعلها ذخيرة في بطنك. فتبرأ بإذن الله ـ عزّ وجلّ.

ففعل الرّجل. فبرئ بإذن الله ـ عزّ وجلّ.

ومنها ما رواه في كتاب ثواب الأعمال(٥) ، بإسناده عن رجل سمع أبا الحسن الرّضا ـ عليه السّلام ـ يقول: من قرأ آية الكرسيّ عند منامه، لم يخف الفالج ـ إن شاء الله. ومن قرأها بعد كلّ صلاة لم يضرّه ذو حمّة.

ومنها ما رواه في عيون الأخبار(٦) ، في باب ما جاء عن الرّضا ـ عليه السّلام ـ من الأخبار المجموعة، بإسناده عن عليّ ـ عليه السّلام. قال: قال النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله :

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ٤ / ٢٦٩.

(٢) الخصال ٢ / ٥٢٤، ح ١٣.

(٣) نفس المصدر ٢ / ٦١٦، ح ١٠.

(٤) الكافي ٢ / ٦٢٥، ح ٢١.

(٥) ثواب الأعمال / ١٣١، ح ١.

(٦) عيون أخبار الرضا ٢ / ٦٥، ح ٢٨٩.

٣٩٦

من قرأ آية الكرسيّ مائة مرّة، كان كمن عبد الله طول حياته.

[وفي مجمع البيان(١) : روى جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه، عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ قال: لـمّا أراد الله ـ عزّ وجلّ ـ أن ينزل «فاتحة الكتاب» و «آية الكرسيّ» و «شهد الله» و( قُلِ ألْلَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ ) (إلى قوله)( بِغَيْرِ حِسابٍ ) ، تعلّقن بالعرش. وليس بينهنّ وبين الله حجاب. وقلن: يا ربّ! تهبطنا دار الذّنوب(٢) وإلى من يعصينّك. ونحن معلّقات بالطّهور وبالقدس.

فقال: وعزّتي وجلالي! ما من عبد قرأ كنّ في دبر كلّ صلاة(٣) إلّا أسكنته حضيرة القدس، على ما كان فيه، وإلّا نظرت إليه بعيني المكنونة في كلّ يوم سبعين نظرة، وإلّا قضيت له في كلّ يوم سبعين حاجة أدناه المغفرة، وإلّا أعذته من كلّ عدوّ ونصرته عليه ولا يمنعه دخول الجنّة إلّا أن يموت. وقد مرّ في أوّل الفاتحة](٤)

( اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ ) : مبتدا وخبر. وللنّحاة خلاف في أنّه هل يضمر للأخير مثل في الوجود، أو يصحّ، أو يوجد؟ وإلّا صحّ أنّ إلّا هو خبره.

والمعنى: أنّ الله انتفى مستحقّ للعبادة غيره بحسب الإمكان والوجود، يعني: لا يمكن ولا يوجد مستحقّ للعبادة غيره.

( الْحَيُ ) :

قيل(٥) : الحيّ الّذي له صفة يقتضي الحسّ والحركة الإراديّة ويقتضي صحّة العلم والقدرة. والمراد به في صفة الله تعالى أنّه غير مرتبط الوجود بغيره، بطريق المعلوليّة، مع كونه قديرا عالما.

وفي كتاب التّوحيد(٦) ، بإسناده إلى أبي بصير، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في حديث طويل يذكر فيه صفة الرّبّ ـ عزّ وجلّ ـ وفيه يقول: لم يزل حيّا بلا حياة. [كان حيّا بلا حياة حادثة.

وبإسناده(٧) إلى عبد الأعلى، عن العبد الصّالح، يعني: موسى بن جعفر

__________________

(١) مجمع البيان ١ / ٤٢٦.

(٢) المصدر: إلى دار الذنوب.

(٣) كلّ صلاة مكتوبة.

(٤) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٥) ر. تفسير صدر المتألهين ٤ / ٧٩ ـ ٨٠.

(٦) التوحيد / ١٧٣، ح ٢.

(٧) نفس المصدر / ١٣٨، ح ١٣.

٣٩٧

ـ عليه السّلام ـ حديث طويل. وفيه: كان حيّا بلا كيف ولا أين. حيّا بلا حياة حادثة.

بل حيّ لنفسه.

وبإسناده(١) إلى جابر الجعفيّ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال: سمعته يقول: إنّه نور لا ظلمة فيه، وعلم لا جهل فيه، وحياة لا موت فيه].(٢)

( الْقَيُّومُ ) : الدّائم القيام بتدبير الخلق وحفظه. فيعول من قام الأمر، إذا حفظه.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(٣) . حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله قال: حدّثنا محمّد بن إسماعيل، عن عليّ بن العبّاس، عن جعفر بن محمّد، عن الحسين بن أسد، عن يعقوب بن جعفر قال سمعت موسى بن جعفر ـ عليهم السّلام ـ يقول: إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ أنزل على عبده محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ أنّه لا إله إلّا هو الحيّ القيّوم. ويسمّى بهذه الأسماء الرّحمن الرّحيم العزيز الجبّار العليّ العظيم. فتاهت هنا لك عقولهم. واستخفّت أحلامهم. فضربوا له الأمثال. وجعلوا له أندادا. وشبّهوه بالأمثال. ومثّلوه أشباها. وجعلوه يزول ويحول. فتاهوا في بحر عميق لا يدرون ما غوره، ولا يدركون بكيفيّته بعده.

( لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ ) :

«السّنة»: فتور يتقدّم النّوم.

و «النّوم»: حال يعرض للحيوان من استرخاء أعصاب الدّماغ، من رطوبات الأبخرة المتصاعدة، بحيث تقف الحواسّ الظّاهرة عن الإحساس، رأسا. وهنا إشكال مشهور. وهو تقديم السّنة عليه. وقياس المبالغة عكسه. وأجيب بأنّه قدّمه على ترتيب الوجود، وبأنّه على القياس. وهو التّرقّي من الأدنى إلى الأعلى. [لأنّ عدم الأخذ من النّوم، أعلى لقوّته من عدم أخذ السّنة الضعيفة. ففي ترتيبهما التّرقّي من الأدنى إلى الأعلى.

وفي أصول الكافي(٤) : أبو عبد الله الأشعريّ، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن حمّاد بن عثمان قال: جلس أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ متورّكا رجله اليمنى على فخذه اليسرى. فقال له رجل: جعلت فداك! هذه جلسة مكروهة.

فقال: لا. إنّما هو شيء قالته اليهود: لـمّا أن فرغ الله ـ عزّ وجلّ ـ من خلق السّماوات والأرض واستوى على العرش، جلس هذه الجلسة، ليستريح. فأنزل الله عزّ

__________________

(١) نفس المصدر والموضع.

(٢) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٣) تفسير القمي ٢ / ٣٦١.

(٤) الكافي ٢ / ٦٦١، ح ٥.

٣٩٨

وجلّ:( اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ. لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ ) .

وبقي أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ متورّكا كما هو].(١)

والجملة تأكيد لما قبله. ولذلك ترك العاطف. فإنّ عدم أخذ السّنة والنّوم يؤكّد كونه قيّوما. وكذا في قوله:( لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ) . لأنّه تقرير لقيّوميّته واحتجاج على تفرّده في الإلهيّة. وما فيهما أعمّ من أن يكون داخلا في حقيقتهما، أو خارجا عنهما، متمكّنا فيهما.

( مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ) : «من»، استفهاميّة. مبتدأ. و «ذا» موصول خبره. والموصول صفته. والاستفهام على سبيل الإنكار. وهو بيان لكبرياء شأنه، أي: لا أحد يساويه، أو يداينه. يستقلّ بدفع ما يريد شفاعة فضلا عن أن يقاومه(٢) عنادا.

ومن يشفع، يشفع بإذنه. وله مكانه عنده.

وفي محاسن البرقيّ(٣) ، بإسناده، قال: قلت لأبي عبد الله ـ عليه السّلام: قوله( مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ ) . [أي من هم؟](٤) قال: نحن أولئك الشّافعون.

[وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(٥) : وأمّا آية الكرسيّ، فإنّه حدّثني أبي، عن الحسن بن خالد أنّه قرأ أبو الحسن الرّضا ـ عليه السّلام ـ الم( اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ ) ، أي: نعاس له ما في السّموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثّرى. عالم الغيب والشّهادة. هو الرّحمن الرّحيم.( مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ) .

وفي روضة الكافي(٦) : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه(٧) ، عن أحمد بن محمّد بن خالد(٨) ، عن محمّد بن سنان، عن أبي جرير القميّ، وهو محمّد بن عبيد الله، وفي نسخة: عبد الله، عن أبي الحسن ـ عليه السّلام:( لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ) وما بينهما وما تحت الثّرى.

عالم الغيب والشّهادة(٩) . هو الرّحمن الرّحيم.( مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ) .(١٠) ]

__________________

(١) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٢) هكذا في أ. وفي الأصل ور: يعاوقه.

(٣) المحاسن / ١٤٠، ح ١٧٤.

(٤) يوجد في المصدر.

(٥) تفسير القمي ١ / ٨٤.(٦) الكافي ٨ / ٢٩، ح ٤٣٨.

(٧) ليس في المصدر. (٨) المصدر: أحمد بن محمد عن محمد بن خالد.

(٩) ليس في المصدر. (١٠) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

٣٩٩

( يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ ) : ما قبلهم وما بعدهم، أو بالعكس. لأنّك مستقبل المستقبل ومستدبر الماضي، أو أمور الدّنيا وأمور الآخرة، أو عكسه، أو ما يحسّونه وما يعقلونه، أو ما يدركونه وما لا يدركونه.

والضّمير لما في السّموات والأرض. لأنّ فيهم العقلاء، أو لما دلّ عليه.

«من ذا» من الملائكة والأنبياء والأئمّة.

( وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ ) : من معلوماته،( إِلَّا بِما شاءَ ) : أن يعلموا.

( وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ) :

«الكرسيّ» في الأصل، اسم لما يقعد عليه. ولا يفضل عن مقعد القاعد. وكأنّه منسوب إلى الكرس. وهو الملبد. مجاز عن علمه تعالى.

في كتاب التّوحيد(١) ، قال: حدّثنا أبي ـ رحمه الله ـ قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، عن القسم بن محمّد، عن سليمان بن داود(٢) ، عن حفص بن غياث قال: سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ:( وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ) .

قال: علمه.

حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ـ رحمه الله(٣) ـ قال: حدّثنا محمّد بن الحسن(٤) قال: حدّثنا يعقوب بن يزيد، عن حمّاد بن عيسى، عن ربعي، عن فضيل بن يسار قال: سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ:( وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ) ، فقال: يا فضيل! السّموات والأرض وكلّ شيء في الكرسيّ.

وفي الكافي(٥) ، مثله، سواء.

وكذا «العرش» مجاز عن علم له تعالى أعلى من الأوّل، كما رواه في كتاب التّوحيد(٦) ، بإسناده إلى حنان بن سدير، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في حديث طويل يقول فيه: ثمّ العرش في الوصل منفرد(٧) من الكرسيّ. لأنّهما بابان من أكبر أبواب الغيوب.

__________________

(١) التوحيد / ٣٢٧، ح ١.

(٢) المصدر: سليمان بن داود المنقريّ.

(٣) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٣.

(٤) المصدر: محمد بن الحسن الصفّار.

(٥) الكافي ١ / ١٣٢، ح ٥ ـ ٣.

(٦) التوحيد / ٣٢١، ح ١.

(٧) المصدر: متفرّد.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493