تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب الجزء ٤

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب0%

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 506

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي
تصنيف: الصفحات: 506
المشاهدات: 11289
تحميل: 2539


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 506 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 11289 / تحميل: 2539
الحجم الحجم الحجم
تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب الجزء 4

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

سورة المائدة (مدنيّة)

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

في كتاب ثواب الأعمال(١) ، بإسناده إلى أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال: من قرأ سورة المائدة في كلّ خميس، لم يلبس إيمانه بظلم ولم يشرك به أبدا.

وفي مجمع البيان(٢) ، أبيّ بن كعب، عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ: قال من قرأ سورة المائدة، أعطي من الأجر بعدد كلّ يهوديّ ونصرانيّ يتنفّس في دار الدّنيا عشر حسنات، ومحي عنه عشر سيّئات، ورفع له عشر درجات.

وروى العيّاشي(٣) ، بإسناده عن عيسى بن عبد الله، عن أبيه، عن جدّه، عن عليٍّ ـ عليه السّلام ـ قال: كان القرآن ينسخ بعضه بعضا. وإنّما يؤخذ من أمر رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ بآخره. وكان من آخر ما نزل عليه سورة المائدة نسخت ما قبلها ولم ينسخها شيء. ولقد نزلت عليه وهو على بغلة شهباء، وثقل عليها الوحي حتّى وقفت وتدلّى بطنها حتّى رأيت سرتّها تكاد تمسّ الأرض، وأغمي على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ حتّى وضع يده على ذؤابة شيبة بن وهب الجمحيّ، ثمّ رفع ذلك عن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقرأ علينا سورة المائدة، فعمل رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وعملنا.

__________________

(١) ثواب الأعمال / ١٣١.

(٢) مجمع البيان ٢ / ١٥٠.

(٣) تفسير العياشي ١ / ٢٨٨، ح ٢.

٢١

[وبإسناده عن أبي حمزة الثّمالي(١) قال: سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول: نزلت المائدة كملا ونزل معها سبعون ألف ملك(٢) .](٣) .

وفي تهذيب الأحكام(٤) : الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن العلا، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما ـ عليهما السّلام ـ عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ أنّه قال في حديث طويل: سبق الكتاب الخفّين، إنّما نزلت(٥) المائدة قبل أن يقبض بشهرين(٦) .

( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) : الوفاء بالعقد، هو القيام بمقتضاه.

وكذلك الإيفاء. والعقد، العهد الموثق. قال الحطيئة(٧) :

قوم إذا عقدوا عقدا لجارهم

شدّوا العناج وشدّوا فوقه الكربا

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(٨) ، عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ: أي: بالعهود.

وأصله، الجمع بين الشّيئين بحيث يعسر الانفصال. والمراد بالعقود هاهنا، كلّ ما عقد الله على عباده وألزمهم إيّاه من الإيمان به وبملائكته وكتبه ورسله وأوصياء رسله وتحليل حلاله وتحريم حرامه والإتيان بفرائضه ورعاية حدوده وأوامره ونواهيه، وكلّ ما يعقده المؤمنون على أنفسهم لله وفيما بينهم من عقود الأمانات والمعاملات الغير المحظورة.

ويحتمل أن يعمّ بحيث يشمل السّنن، إن حمل الأمر على المشترك بين الوجوب والنّدب.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(٩) [: عن سماعة ،](١٠) عن إسماعيل بن زياد الكوفي(١١) ،

__________________

(١) لم نعثر عليه في تفسير العيّاشي. ولكن رواه مجمع البيان ٢ / ١٥٠ نقلا عن تفسير العيّاشي مع حديثين آخرين.

(٢) هكذا في المصدر. وفي النسخ: سبعون ألف ألف

(٣) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٤) تهذيب الأحكام ١ / ٣٦١ ذيل حديث ١٠٩١، إلّا أنّ سنده في المصدر: «الحسين بن سعيد، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة عن أبي جعفر. ـ عليه السّلام ـ ثم عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ.» والسند المذكور في المتن هو سند الحديث رقم ١٠٩٠ من نفس الموضع في المصدر.

(٥) المصدر: أنزلت.

(٦) المصدر: بشهرين أو ثلاثة.

(٧) أنوار التنزيل ١ / ٢٦٠.

(٨) تفسير القمّي ١ / ١٦٠.

(٩) بل تفسير العيّاشي ١ / ٢٨٩، ح ٤.

(١٠) من المصدر.

(١١) المصدر: «إسماعيل بن أبي زياد السكونيّ» ويمكن أن يكون كلّ منهما صحيح. ر. تنقيح المقال ١ / ١٢٧ ـ ١٢٩، رقم ٧٩٧ وص ١٣٤، رقم ٨١٠. والله العالم.

٢٢

عن جعفر بن محمّد، عن أبيه ـ عليهما السّلام ـ، [عن عليّ ـ عليه السّلام ـ](١) قال: ليس في القرآن( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) إلّا وفي التّوراة «يا أيّها المساكين».

وفيه(٢) بطريق آخر، عن عليّ بن الحسين ـ عليهما السّلام ـ مثله.

وفيه(٣) : حدّثني الحسين بن محمّد بن عامر، عن المعلّى بن محمّد البصريّ، عن ابن أبي عمير، عن أبي جعفر الثّاني ـ صلوات الله عليه ـ [( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) قال :](٤) إنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ عقد عليهم لعليّ ـ صلوات الله عليه ـ بالخلافة في عشرة مواطن، ثمّ أنزل الله( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) الّتي عقدت عليكم لأمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ.

( أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ ) : تفصيل للعقود.

و «البهيمة» فعلية، مشترك مع الإبهام ؛ بمعنى: الاشتباه في المادّة. وهو كلّ حيّ لا يميّز.

وقيل(٥) : كلّ ذات أربع. وإضافتها إلى الأنعام للبيان، كقولك: ثوب خزّ.

وقيل(٦) : معناه: البهيمة من الأنعام. وهي الأزواج الثّمانية، وألحق بها الظّباء وبقر الوحش ونحوهما ممّا يماثل الأنعام في الاجترار وعدم الأنياب. وإضافتها إلى الأنعام لملابسة الشّبه.

وأمّا ما رواه في الكافي(٧) : عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أحدهما ـ عليهما السّلام ـ عن هذه الآية. فقال: الجنين في بطن أمّه إذا أشعر وأوبر، فذكاته ذكاة أمّه، فذلك الّذي عنى الله ـ عزّ وجلّ ـ.

__________________

(١) من المصدر.

(٢) نفس المصدر والموضع، ح ٨.

(٣) تفسير القمي ١ / ١٦٠.

(٤) من المصدر.

(٥) أنوار التنزيل ١ / ٢٦٠.

(٦) نفس المصدر والموضع.

(٧) الكافي ٦ / ٢٣٤، ح ١.

٢٣

وفي من لا يحضره الفقيه(١) : عن عمر بن أذينة، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما ـ عليهما السّلام ـ مثله، إلّا قوله: «فذلك» إلى آخره.

وفي تفسير العيّاشي(٢) : عن زرارة عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال: هي الأجنّة الّتي في بطون الأنعام(٣) ، وقد كان أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ يأمر ببيع الأجنّة فمحمول على أنّه أحد معانيها. أو على أنّه تحديد لأوّل تسميتها بالبهيمة. أو على أنّه بيان لحلّها، فلا ينافي تعميمها مع أنّه نصّ في حلّ الأمّ.

ويؤيّده ما رواه العيّاشي(٤) : عن وهب بن وهب، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه أنّ عليّا ـ عليه السلام ـ سئل عن أكل لحم الفيل والدّبّ والقرد.

فقال: ليس هذا من بهيمة الأنعام الّتي تؤكل.

وأمّا ما رواه «عن المفضّل(٥) قال: سألت الصّادق ـ عليه السّلام ـ عن هذه الآية.

قال: البهيمة، الوليّ. والأنعام، المؤمنون.»

فهو تأويل، والأوّل تفسير.

والبهيمة حينئذ من البهيم ؛ بمعنى: الخالص الّذي لم يشبه غيره.

( إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ ) : تحريمه في حرمة عليكم، الميتة وغيره. أو إلّا محرّم ما يتلى عليكم.

( غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ ) : حال من الضّمير في «لكم».

وقيل(٦) : من واو «أوفوا» وهو ضعيف.

وقيل(٧) : استثناء. وفيه تعسّف.

و «الصّيد» يحتمل المصدر، والمفعول.

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ٣ / ٢٠٩، ح ٩٦٦.

(٢) تفسير العياشي ١ / ٢٨٩، ح ١٠.

(٣) ر: الأمّهات.

(٤) نفس المصدر ١ / ٢٩٠، ح ١٢.

(٥) نفس المصدر والموضع، ح ١٣.

(٦) أنوار التنزيل ١ / ٢٦٠.

(٧) نفس المصدر والموضع.

٢٤

( وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ) : حال عمّا استكنّ في «محلّي». و «الحرم»، جمع حرام. وهو المحرّم.

( إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ ) (١): من تحليل وتحريم.

( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ ) ؛ أي لا تتهاونوا بحدودها الّتي حدّها للعباد، وجعلها شعائر الدّين وعلامته، من أعمال الحجّ وغيره.

وقيل(١) : فرائضه. وقيل: دينه. وقيل: مناسك الحجّ. جمع شعيرة. وهي إسم ما أشعر ؛ أي: جعل شعارا.

( وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ ) : بالقتال فيه. أو بالنّسيء.

في مجمع البيان(٢) : قال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ: نزلت هذه الآية في رجل من بني ربيعة، يقال له: الحطم.

وقال السّديّ(٣) : أقبل الحطم بن هند البكريّ حتّى أتى النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ وحده، وخلّف خيله خارج المدينة، فقال: إلى ما تدعو؟ وقد كان النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ قال لأصحابه: يدخل عليكم اليوم رجل من ربيعة، يتكلّم بلسان شيطان. فلمّا أجابه النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ قال: أنظرني لعلّي أسلم ولي من أشاوره. فخرج من عنده. فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ: لقد دخل بوجه كافر وخرج بعقب غادر. فمرّ بسرح من سروح المدينة، فساقه وانطلق به وهو يرتجز، ثمّ أقبل من عام قابل حاجّا قد قلّد هديا، فأراد رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أن يبعث إليه فنزلت.

وفيه(٤) : واختلف في هذا. فقيل: هو منسوخ بقوله(٥) :( فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ) .

والمرويّ عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ: أنّه لم ينسخ من هذه السّورة شيء ولا من هذه الآية. لأنّه لا يجوز أن يبتدأ المشركون في الأشهر الحرم بالقتال إلّا إذا قاتلوا.

__________________

(١) نفس المصدر والموضع.

(٢) مجمع البيان ٢ / ١٥٣.

(٣) نفس المصدر والموضع.

(٤) نفس المصدر ٢ / ١٥٥.

(٥) التوبة / ٥.

٢٥

( وَلَا الْهَدْيَ ) : ما أهدي إلى الكعبة. جمع، هدية. كجدي، جمع جدية السّرج.

( وَلَا الْقَلائِدَ ) : أي ذوات القلائد من الهدي. وعطفها على الهدي للاختصاص، فإنّه أشرف الهدي. أو القلائد أنفسها. والنّهي عن إحلالها، مبالغة في النّهي عن التّعرّض للهدي. ونظيره:( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَ ) . و «القلائد» جمع، قلادة.

وهي ما قلّد به الهدي، من نعل وغيره، ليعلم أنّه هدي فلا يتعرّض له.

[في تفسير عليّ بن إبراهيم(١) قال: يقلّدها النّعل الّذي قد صلّى فيه.](٢) .

( وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ ) : عطف على «القلائد». و «لا» زائدة للتّأكيد ؛ أي: قاصدين زيارته، يبتغون فضلا من ربّهم ورضوانا أن يثيبهم ويرضى عنهم.

والجملة في موضع الحال من المستكنّ في «آمّين» وليست صفة له. لأنّه عامل. والمختار أنّ إسم الفاعل الموصوف لا يعمل. وفائدته استنكار تعرّض من هذا شأنه، والتّنبيه على المانع له.

( يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْواناً ) :

قيل(٣) : معناه: يبتغون من الله رزقا بالتّجارة، ورضوانا بزعمهم. إذ قد روي: أنّ الآية نزلت عام القضيّة في حجّاج اليمامة لـمّا همّ المسلمون أن يتعرّضوا لهم، بسبب أنّه كان فيهم الحطيم بن شريح بن ضبيعة، وكان قد استاق سرح المدينة(٤) .

وقرئ: «تبتغون» على خطاب المؤمنين(٥) .

( وَإِذا حَلَلْتُمْ ) : من الإحرام.

( فَاصْطادُوا ) : إذن في الاصطياد بعد زوال الإحرام للقرينة، ولا يلزم منه دلالة الأمر الآتي بعد الحظر على الإباحة مطلقا. والقرينة هنا، ما سبق في الآية من أنّ المانع عنه الإحرام.

__________________

(١) تفسير القمي ١ / ١٦١.

(٢) ما بين المعقوفتين ليس في أ

(٣) أنوار التنزيل ١ / ٢٦١.

(٤) الرواية توجد أيضا في الدر المنثور ٣ / ٧.

(٥) أنوار التنزيل ١ / ٢٦١.

٢٦

وقرئ، بكسر الفاء، على إلقاء حركة همزة الوصل عليها.

[وقرئ :](١) وأحللتم(٢) .

( وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ ) : لا يحملنّكم. أو لا يكسبنّكم.

( شَنَآنُ قَوْمٍ ) : شدّة بغضهم وعداوتهم. وهو مصدر، أضيف إلى الفاعل، أو المفعول.

وقرأ ابن كثير وإسماعيل: عن نافع، وابن عيّاش: عن عاصم، بسكون النّون.

وهو أيضا مصدر، كليان. أو نعت ؛ بمعنى: بغيض قوم. وفعلان في النّعت أكثر(٣) .

( أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ) : لأن صدّوكم عام الحديبية.

وقرأ ابن كثير وأبو عمرو، بكسر الهمزة، على أنّه شرط معترض أغنى عن جوابه( لا يَجْرِمَنَّكُمْ ) (٤) .

( أَنْ تَعْتَدُوا ) : بالانتقام. ثاني مفعولي «لا يجرمنّكم» فإنّه يتعدّى إلى واحد وإلى اثنين، ككسب.

ومن قرأ: «يجرمنّكم» بضمّ الياء، جعله منقولا من المتعدّي إلى مفعول بالهمزة، إلى مفعولين(٥) .

( وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى ) : على العفو والإغضاء، ومتابعة الأمر ومجانبة الهوى.

( وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ ) : للتّشفّي والانتقام.

( وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ ) (٢): فانتقامه أشدّ.

( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ ) : بيان ما يتلى عليكم.

و «الميتة» ما فارقه الرّوح، من غير تذكية.

( وَالدَّمُ ) ؛ أي: المسفوح. لقوله ـ تعالى ـ:( أَوْ دَماً مَسْفُوحاً ) .

__________________

(١) من المصدر.

(٢) نفس المصدر والموضع.

(٣) نفس المصدر والموضع.

(٤) نفس المصدر والموضع.

(٥) نفس المصدر والموضع.

٢٧

قيل(١) : وكان أهل الجاهليّة يصبّونه في الأمعاء، ويشوونها.

( وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ ) : وإن ذكّي. وإنّما خصّ بالذّكر دون الكلب وغيرهم، لاعتيادهم أكله دون غيره.

( وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ ) ؛ أي: رفع الصّوت لغير الله به. كقولهم: باسم الّلات والعزّى، عند ذبحه.

( وَالْمُنْخَنِقَةُ ) : الّتي ماتت بالخنق.

( وَالْمَوْقُوذَةُ ) : المضروبة بنحو خشب أو حجر حتّى تموت. من وقذته، إذا ضربته.

( وَالْمُتَرَدِّيَةُ ) : الّتي تردّت من علو، أو في بئر، فماتت.

( وَالنَّطِيحَةُ ) : الّتي نطحتها أخرى، فماتت. والتّاء فيها، للنّقل.

( وَما أَكَلَ السَّبُعُ ) ؛ أي: وما أكل منها السّبع حتّى مات.

( إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ ) :

إلّا ما أدركتم ذكاته، وفيه حياة مستقرّة من ذلك. كذا في مجمع البيان(٢) عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ.

وفي تفسير العيّاشي(٣) : عن الرّضا ـ عليه السّلام ـ: المتردّية والنّطيحة وما أكل السّبع إذا أدركت ذكاته، فكله.

وفي الكافي(٤) : عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ في كتاب عليّ ـ عليه السّلام ـ: إذا طرفت العين أو ركضت الرّجل أو تحرك الذّنب، فكل منه فقد أدركت ذكاته.

وقيل(٥) : الاستثناء مخصوص بما أكل السّبع.

وفي الخبر الآتي إيماء إليه: «والذّكاة» في الشّرع، قطع الأعضاء الأربعة: المريء وهو مجرى الطّعام والشّراب ؛ والحلقوم وهو مجرى النّفس ؛ والودجان وهما عرفان محيطان بالحلقوم. بالحديد أو بمحدّد عند عدمه.

__________________

(١) نفس المصدر والموضع.

(٢) مجمع البيان ٢ / ١٥٧ ـ ١٥٨.

(٣) تفسير العياشي ١ / ٢٩٢، ح ١٧.

(٤) الكافي ٦ / ٢٣٢، ح ٣.

(٥) أنوار التنزيل ١ / ٢٦٢.

٢٨

( وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ ) :

«النّصب» واحد الأنصاب. وهي أحجار كانت منصوبة حول بيوت النّيران، ويعدّون ذلك قربة وما يعبدونه لأصنامهم.

و «على» ؛ بمعنى: الّلام. أو على أصلها ؛ بتقدير: وما ذبح مسمّى على الأصنام.

وقيل(١) : هو جمع. والواحد، نصاب.

( وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ) : وهو استقسام الجزور بالأقداح على الأنصباء المعلومة. وواحد الأزلام، زلم. كحمل.

في عيون الأخبار(٢) : عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر ـ عليهما السّلام ـ أنّه قال في تفسيرها(٣) [قال :](٤) ، الميتة والدّم ولحم الخنزير معروف.

( وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ ) ؛ يعني: ما ذبح للأصنام. وأمّا المنخنقة، فإنّ المجوس كانوا لا يأكلون الذّبائح ولا يأكلون(٥) الميتة، وكانوا يخنقون البقر والغنم، فإذا انخنقت(٦) وماتت أكلوها.

[والموقوذة، كانوا يشدّون أرجلها ويضربونها حتّى تموت، فإذا ماتت أكلوها.](٧) .

والمتردّية، كانوا يشدّون عينها ويلقونها من السّطح، فإذا ماتت أكلوها.

والنّطيحة، كانوا يناطحون بالكباش، فإذا مات(٨) أحدها أكلوه(٩) .

__________________

(١) نفس المصدر والموضع.

(٢) بل في الخصال / ٤٥١ ـ ٤٥٢، ح ٥٧. ولا يوجد هكذا حديث في العيون.

(٣) المصدر: «قوله ـ عزّ وجلّ ـ:( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ ) (الآية)» بدل «تفسيرها».

(٤) من المصدر.

(٥) المصدر وأ: يأكلون.

(٦) المصدر: اختنقت.

(٧) ما بين المعقوفتين ليس في المصدر.

(٨) المصدر وأ: ماتت.

(٩) المصدر وأ: أكلوها.

٢٩

( وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ ) فكانوا يأكلون ما قتله(١) الذّئب والأسد، فحرّم الله ـ عزّ وجلّ ـ ذلك.

( وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ ) كانوا يذبحون لبيوت النّيران، وقريش كانوا يعبدون الشّجر والصّخر فيذبحون لهما.

( وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ، ذلِكُمْ فِسْقٌ ) قال: كانوا يعمدون إلى الجزور فيجزّئونه عشرة أجزاء، ثمّ يجتمعون عليه فيخرجون السّهام ويدفعونها(٢) إلى رجل، وهي(٣) عشرة، سبعة لها أنصباء وثلاثة لا أنصباء لها. فالّتي لها أنصباء الفذّ(٤) والتّوأم والمسبل والنّافس والحلس والرّقيب والمعلى. فالفذّ(٥) له سهم، والتوأم له سهمان، والمسبل له ثلاثة أسهم، والنّافس له أربعة أسهم، والحلس له خمسة أسهم، والرّقيب له ستّة أسهم، والمعلى له سبعة أسهم. والّتي لا أنصباء لها، فالسّفيح والمنيح والوغد. وثمن الجزور على من لا يخرج(٦) له من الأنصباء شيء، وهو القمار، فحرّمه الله ـ تعالى ـ.

وفي تفسير علي بن إبراهيم(٧) مثله.

وفي من لا يحضره الفقيه والتّهذيب(٨) عن الجواد ـ عليه السّلام ـ ما يقرب منه، إلّا قال:( وَالْمَوْقُوذَةُ ) الّتي مرضت وقذّها المرض حتّى لم يكن بها حركة.

قال: وكانوا في الجاهليّة يشترون بعيرا فيما بين عشرة أنفس ويستقسمون عليه بالأقداح ـ ثمّ ذكر أسماءها السّبعة والثّلاثة كما ذكر ـ قال: فكانوا يجيلون السّهام بين عشرة، فمن خرج باسمه سهم من الّتي لا أنصباء لها الزم ثلث ثمن البعير، فلا يزالون كذلك حتّى تقع السّهام الثّلاثة الّتي لا أنصباء لها إلى ثلاثة منهم فيلزمونهم ثمن البعير، ثمّ ينحرونه ويأكل السّبعة الّذين لم ينقدوا في ثمنه شيئا ولم يطعموا منه الثّلاثة الّذين

__________________

(١) المصدر: يقتله. أ: يأكله.

(٢) هكذا في المصدر. وفي النسخ: فيدفعونها.

(٣) المصدر: السهام.

(٤) هكذا في المصدر. وفي النسخ: فالقذ.

(٥) المصدر: والفذ. أ: فالقذ.

(٦) هكذا في المصدر. وفي النسخ: لم يخرج.

(٧) تفسير القمي ١ / ١٦١.

(٨) من لا يحضره الفقيه ٣ / ٢١٦، ح ١٠٠٧ وتهذيب الأحكام ٩ / ٨٣، ح ٣٥٤.

٣٠

أنقدوا(١) [ثمنه](٢) شيئا. فمّا جاء الإسلام حرّم الله ـ تعالى ذكره ـ ذلك فيما حرّم، فقال ـ عزّ وجلّ ـ:( وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ) .

( ذلِكُمْ فِسْقٌ ) ؛ يعني: حرام.

ومعنى تجزئته عشرة أجزاء: اشتراؤه فيما بين عشرة أنفس. كما ذكر في حديث الجواد ـ عليه السّلام ـ(٣) لا تجزئة لحمه.

والفذّ، بالفاء والذّال المعجمة المشدّدة. والتّوأم، بالتّاء المثنّاة الفوقانيّة والهمزة.

والمسبل، كمحسن، بالسّين المهملة والباء الموحّدة. والنّافس، بالنّون والفاء والسّين المهملة. والحلس، بكسر الحاء وسكون الّلام والسّين المهملة، وقد يحرّك. والرّقيب، بالرّاء والقاف، على وزن فعيل. والمعلى بضمّ الميم وسكون العين وفتح الّلام.

والسّفيح، بالسّين المهملة والفاء والحاء المهملة، على وزن فعيل. كالمنيح(٤) ، بالنّون والحاء المهملة. والوغد، بالواو والغين المعجمة والدّال المهملة.

وقيل(٥) : معنى الاستقسام بالأزلام: طلب معرفة ما قسّم لهم بالأقداح، يعني: السهام. وذلك أنّهم إذا قصدوا فعلا، ضربوا ثلاثة أقدام مكتوب على أحدها: أمرني ربّي. وعلى الآخر: نهاني عنه. وعلى الثّالث: غفل. فإن خرج الأمر مضوا على ذلك، وإن خرج النّاهي تجنّبوا عنه، وإن خرج الغفل أجالوها ثانيا(٦) .

وفي بعض الأخبار إيماء إلى ذلك، كما يأتي في أواخر السّورة. ويمكن التّوفيق بالتّعميم.

( الْيَوْمَ ) ، أي: الآن. ولم يرد به يوما معيّنا، وإنّما أراد الحاضر وما يتّصل به من الأزمنة الآتية.

وقيل(٧) : أراد يوم نزولها. وقد نزلت بعد عصر يوم الجمعة، عرفة حجّة الوداع.

__________________

(١) هكذا في الفقيه: وفي أ: «نقدوا». وفي سائر النسخ والتهذيب: وفروا.

(٢) من كلا المصدرين.

(٣) مرّ آنفا عن الفقيه والتهذيب.

(٤) كذا في النسخ والظاهر أنّه: والمنيح.

(٥) أنوار التنزيل ١ / ٢٦٢.

(٦) أنظر مجمع البيان ٢ / ١٥٨.

(٧) أنوار التنزيل ١ / ٢٦٢.

٣١

( يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ ) : انقطع طمعهم من دينكم، أن تتركوه وترجعوا منه إلى الشّرك.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(١) قال: ذلك لـمّا نزلت: ولاية أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ.

وفي تفسير العيّاشي(٢) : عن عمرو بن شمر، عن جابر قال: قال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ في هذه الآية: يوم يقوم القائم ـ عليه السّلام ـ ييأس بنو أميّة. فهم الّذين كفروا يئسوا من آل محمّد ـ عليهم السّلام ـ.

( فَلا تَخْشَوْهُمْ ) : أن يظهروا على دين الإسلام، ويردّوكم عن دينكم.

( وَاخْشَوْنِ ) : إنْ خالفتم أمري، أن تحلّ بكم عقوبتي.

( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ) : في مجمع البيان(٣) ، عنهما ـ عليهما السّلام ـ: إنّما نزل بعد أن نصّب النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ عليّا ـ عليه السّلام ـ علما للأنام يوم غدير خمّ عند منصرفه عن حجّة الوداع. قالا: وهي آخر فريضة أنزلها الله ـ تعالى ـ ثمّ لم ينزل بعدها فريضة.

وفي أصول الكافي(٤) : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة والفضيل بن يسار وبكير بن أعين ومحمّد بن مسلم وبريد بن معاوية قالوا جميعا: قال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ: فكانت الفريضة تنزل بعد الفريضة الأخرى، وكانت الولاية آخر الفرائض، فأنزل الله ـ عزّ وجلّ ـ:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ) قال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ: يقول الله ـ عزّ وجلّ ـ: لا أنزل عليكم بعد هذه الفريضة، قد أكملت لكم الفرائض.

محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد(٥) ومحمّد بن الحسين جميعا، عن محمّد بن

__________________

(١) تفسير القمي ١ / ١٦٢.

(٢) تفسير العياشي ١ / ٢٩٢، ح ١٩.

(٣) مجمع البيان ٢ / ١٥٩.

(٤) الكافي ١ / ٢٨٩، ح ٤.

(٥) نفس المصدر ١ / ٢٩٠، ح ٦.

٣٢

إسماعيل بن بزيع، عن منصور بن يونس، عن أبي الجارود قال: سمعت أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ يقول: فرض الله ـ عزّ وجلّ ـ إلى قوله: ثمّ نزلت الآية، وإنّما أتاه ذلك في يوم الجمعة بعرفة، أنزل الله ـ عزّ وجلّ ـ:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ) .

وكان كمال الدّين بولاية عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ.

فقال عند ذلك رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ: أمّتي حديثو عهد بالجاهليّة.

ومتى أخبرتهم بهذا في ابن عمّي يقول قائل ويقول قائل؟ فقلت في نفسي من غير أن ينطق به لساني. فأتتني عزيمة من الله ـ عزّ وجلّ ـ بتلة أوعدني إن لم أبلّغ أن يعذّبني.

فنزلت:( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ ) فأخذ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ بيد عليّ ـ عليه السّلام ـ فقال: يا أيّها النّاس، إنّه لم يكن نبيّ من الأنبياء ممّن كان قبلي إلّا وقد عمّره الله ثمّ دعاه فأجابه، فأوشك أن أدعى فأجيب. وأنا مسؤول وأنتم مسؤولون، فما ذا أنتم قائلون؟ فقالوا: نشهد أنّك قد بلّغت ونصحت وأدّيت ما عليك.

فجزاك الله أفضل جزاء المرسلين.

فقال: أللّهمّ اشهد ـ ثلاث مرّات ـ ثمّ قال: يا معشر المسلمين، هذا وليّكم من بعدي. فليبلّغ الشّاهد منكم الغائب.

وفي روضة الكافي(١) ، خطبة لأمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ وهي خطبة الوسيلة، يقول فيها ـ عليه السّلام ـ بعد أن ذكر النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ وقوله ـ صلّى الله عليه وآله ـ حين تكلّمت طائفة، فقالوا: نحن موالي رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فخرج رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ إلى حجّة الوداع، ثمّ صار إلى غدير خمّ فأمر. فأصلح له شبه المنبر. ثمّ علاه وأخذ بعضدي حتّى رئي(٢) بياض إبطيه، رافعا صوته قائلا في محفله: من كنت مولاه فعليّ مولاه. أللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه. وكانت على ولايتي ولاية الله وعلى عداوتي عداوة الله. وأنزل الله ـ عزّ وجلّ ـ في ذلك اليوم( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ) . فكانت ولايتي كمال

__________________

(١) نفس المصدر ٨ / ٢٧، ح ٤.

(٢) هكذا في المصدر. وفي النسخ: رأى.

٣٣

الدّين ورضا الرّب ـ جلّ ذكره ـ.

وفي كتاب علل الشّرائع(١) ، بإسناده إلى إسحاق بن إسماعيل النّيسابوري: أنّ العالم كتب إليه، يعني: الحسن بن عليّ ـ عليهما السّلام ـ: إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ بمنّه ورحمته لـمّا فرض عليكم الفرائض، لم يفرض ذلك عليكم لحاجة منه إليه، بل رحمة منه إليكم لا إله إلّا هو، ليميز الخبيث من الطّيّب، وليبتلي ما في صدوركم، وليمحص ما في قلوبكم، ولتتسابقوا(٢) إلى رحمته، ولتتفاضل(٣) منازلكم في جنّته. ففرض عليكم الحجّ والعمرة وإقام الصّلاة وإيتاء الزّكاة والصّوم والولاية، وجعل لكم بابا لتفتحوا به أبواب الفرائض ومفتاحا إلى سبيله. ولو لا محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ والأوصياء من ولده كنتم(٤) حيارى كالبهائم، لا تعرفون فرضا من الفرائض. وهل تدخل قرية إلّا من بابها؟

فلمّا منّ الله عليكم بإقامة الأولياء بعد نبيّكم ـ صلّى الله عليه وآله ـ قال الله ـ عزّ وجلّ ـ:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ) .

والحديث طويل، أخذت منه موضع الحاجة.

[وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(٥) : حدّثني أبي، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال: آخر فريضة أنزلها(٦) الله ـ تعالى ـ الولاية، ثمّ لم ينزل بعدها فريضة، ثمّ أنزل:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) بكراع الغميم(٧) . فأقامها رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ بالجحفة(٨) . فلم ينزل بعدها فريضة.

وفي أمالي الصّدوق ـ رحمه الله ـ(٩) بإسناده إلى الصّادق جعفر بن محمّد ـ عليهما السّلام ـ، عن أبيه، عن آبائه ـ عليهم السّلام ـ قال: قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ: يوم غدير خمّ أفضل أعياد أمّتي، وهو اليوم الّذي أمرني الله ـ تعالى ذكره ـ فيه بنصب

__________________

(١) علل الشرائع ١ / ٢٤٩، ح ٦.

(٢) ر: لتسابقوا.

(٣) روأ: لتفاضل.

(٤) من المصدر وأ.

(٥) تفسير القمي ١ / ١٦٢.

(٦) هكذا في المصدر. وفي النسخ: أنزل.

(٧) المصدر: «الغنم» وأشار إلى أنّه في خ. ل.: الغميم.

(٨) هكذا في المصدر. وفي النسخ: بالحجة.

(٩) أمالي الصدوق / ١٠٩، صدر حديث ٨.

٣٤

أخي عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ علما لأمّتي يهتدون به من بعدي، وهو اليوم الّذي أكمل الله فيه الدّين وأتمّ على أمّتي فيه النّعمة ورضي لهم الإسلام دينا.

والحديث طويل، أخذت منه موضع الحاجة.

وبإسناده إلى الحسن بن عليّ ـ عليهما السّلام(١) ـ، عن النّبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ حديث طويل، يقول فيه ـ عليه السّلام ـ: وحب أهل بيتي وذرّيّتي استكمال الدّين، وتلا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ هذه الآية:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ) إلى آخر الآية.

وفي تهذيب الأحكام(٢) ، في الدّعاء بعد صلاة الغدير المسند إلى الصّادق: شهادة الإخلاص(٣) لك بالوحدانيّة بأنّك أنت الله الّذي لا إله إلّا أنت، وأنّ محمّدا عبدك ورسولك، وعليّا أمير المؤمنين، وأنّ الإقرار بولايته تمام توحيدك والإخلاص بوحدانيّتك وكمال دينك وتمام نعمتك وفضلك على جميع خلقك وبريّتك. فإنّك قلت وقولك الحقّ:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ) . أللّهمّ فلك الحمد على ما مننت به علينا من الإخلاص لك بوحدانيّتك، إذ هديتنا لموالاة وليّك الهادي من بعد نبيّك النّبيّ المنذر، ورضيت لنا الإسلام دينا بموالاته.

وفي عيون الأخبار(٤) ، بإسناده إلى الرّضا ـ عليه السّلام ـ حديث طويل، وفيه يقول ـ عليه السّلام ـ: وأنزل في حجّة الوداع وهي في آخر عمره ـ صلّى الله عليه وآله ـ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ) وأمر(٥) الإمامة من تمام الدّين.

وفي كتاب الخصال(٦) : عن يزداد بن إبراهيم، عمّن حدّثه من أصحابنا، عن أبي

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٣ / ١٤٥، ضمن حديث ٣١٧.

(٢) نفس المصدر / ١٦١، ضمن حديث.

(٣) المصدر: بالإخلاص.

(٤) عيون أخبار الرضا ـ عليه السّلام ـ ١ / ٢١٦، ضمن حديث ١.

(٥) هكذا في المصدر. وفي النسخ: فأمر.

(٦) الخصال / ٤١٥، ذيل حديث ٤، وأوّله في ص ٤١٤.

٣٥

عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن عليٍّ ـ عليه السّلام ـ حديث طويل، يقول فيه في آخره: وإنّ بولايتي أكمل(١) لهذه الأمّة دينهم وأتمّ عليهم النّعمة(٢) ورضي إسلامهم، إذ يقول يوم الولاية لمحمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ: أخبرهم يا محمّد(٣) ، أكملت لهم اليوم دينهم وأتممت عليهم نعمتي ورضيت لهم الإسلام دينا(٤) . كلّ ذلك من منّ الله به(٥) عليّ، فله الحمد.

وفي تفسير فرات بن إبراهيم الكوفي(٦) قال: حدّثني الحسين بن سعيد معنعنا، عن جعفر ـ عليه السّلام ـ:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ) قال: بعليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ.

وفي شرح الآيات الباهرة(٧) : وروى أبو نعيم: عن رجاله، عن أبي سعيد الخدريّ أنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ دعا النّاس إلى عليّ يوم غدير خمّ، وأمر بقلع ما تحت الشّجر من الشّوك، وقام فدعا [عليّا ـ](٨) عليه السّلام ـ فأخذ بضبعيه حتّى نظر [النّاس](٩) إلى إبطيه وقال: من كنت مولاه فعليٌّ مولاه، أللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله. ثمّ لم يفترقا حتّى أنزل الله ـ عزّ وجلّ ـ:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ) (فقام) النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقال: الله أكبر على إكمال الدّين وإتمام النّعمة، ورضا الرّبّ برسالتي وبولاية عليّ من بعدي.](١٠) .

( فَمَنِ اضْطُرَّ ) : متّصل بذكر المحرّمات، وما بينهما اعتراض، والمعنى: فمن اضطرّ إلى تناول شيء من هذه المحرّمات.

( فِي مَخْمَصَةٍ ) : مجاعة.

__________________

(١) المصدر: أكمل الله.

(٢) المصدر: النعم.

(٣) المصدر: «يا محمّد أخبرهم أنّي» بدل «أخبرهم يا محمّد».

(٤) المصدر: «رضيت لهم الإسلام دينا وأتممت عليهم نعمتي» بدل( أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ) .

(٥) ليس في المصدر.

(٦) تفسير فرات / ٣٧.

(٧) تأويل الآيات الباهرة، مخطوط، ص ٥٣.

(٨ و ٩) من المصدر.

(١٠) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

٣٦

( غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ ) : غير مائل للإثم.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(١) : عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ: غير متعمّد لإثم (انتهى) وذلك بأن يأكلها تلذّذا. أو مجاوزا حدّ الرّخصة. وهذا كقوله:( غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ ) وقد مرّ تفسيرهما في سورة البقرة.

( فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) (٣): لا يؤاخذه بأكله.

( يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ ) : لما تضمّن السّؤال معنى القول أوقع على الجملة.

وقد سبق الكلام في «ما ذا». وإنّما قال: «لهم» ولم يقل: «لنا» على الحكاية، لأنّ «يسألونك» بلفظ الغيبة. وكلا الوجهين شائع في أمثاله. والمسئول. ما احلّ لهم من المطاعم لـمّا تلا ما حرّم عليهم منها.

( قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ ) : ما لم تستخبثه الطّبائع السّليمة، ولم تتنفّر عنه.

وفيه دلالة على حرمة مستخبثات الطّبائع السّليمة بالمفهوم، ودلالة صريحة على أنّ ما لم ينصّ الشّرع على حرمته ولم تستخبثه الطّبائع حلال، لا يحتاج في تناوله إلى نصّ عليه بخصوصه، والمحتاج إلى النّصّ إنّما هو المحرّم.

( وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ ) : عطف على «الطّيّبات» إن جعلت «ما» موصولة، على تقدير: وصيد ما علّمتم. وجملة شرطيّة إن جعلت شرطا، وجوابها «فكلوا». و «الجوارح» كواسب الصّيد على أهلها، من السّباع ذوات الأربع والطّير.

( مُكَلِّبِينَ ) : معلّمين إيّاه الصّيد. و «المكلّب» مؤدّب الكلب، ومغريها بالصّيد. مشتقّ، من الكلب. وانتصابه على الحال من «علّمتم». وفائدتها، المبالغة في التّعليم.

وفي الكافي(٢) : حدّثنا أبو محمّد هارون بن موسى التّلعكبريّ قال: حدّثنا أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكلينيّ قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم، عن أبين ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى جميعا، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه قال: في كتاب عليّ ـ عليه السّلام ـ في قول الله

__________________

(١) تفسير القمي ١ / ١٦٢.

(٢) الكافي ٦ / ٢٠٢، ح ١.

٣٧

ـ عزّ وجلّ ـ:( وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ ) قال: هي الكلاب.

وفي من لا يحضره الفقيه(١) : وروي عن موسى بن بكير، عن زرارة، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه قال في صيد الكلب: إن أرسله صاحبه وسمّى فليأكل كلّ ما أمسك عليه وإن قتل، وإن أكل فكل ما بقي. وإن كان غير معلّم فعلّمه ساعته حين يرسله فليأكل منه، فإنّه معلّم. فأمّا ما خلا الكلاب ممّا تصيده الفهود والصّقور وأشباهه فلا تأكل من صيده إلّا ما أدركت ذكاته، لأنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ قال:( مُكَلِّبِينَ ) فما خلا الكلاب، فليس صيده بالّذي يؤكل إلّا أن تدرك ذكاته.

وبهذا المعنى أخبار كثيرة. والأخبار الّتي وردت بخلاف ذلك محمولة على التّقيّة، يدلّ على ذلك ما رواه في الكافي(٢) : عن أبي عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعا، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن الحلبيّ قال: قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ: كان أبي ـ عليه السّلام ـ يفتي وكان يتّقي ونحن نخاف في صيد البزاة والصّقور، فأمّا الآن فإنّا لا نخاف ولا يحلّ صيدها إلّا أن تدرك ذكاتها، فإنّه في كتاب عليّ ـ عليه السّلام ـ إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ قال:( وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ ) في الكلاب.

( تُعَلِّمُونَهُنَ ) : حال ثانية. أو استئناف.

( مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ ) : من طرق التّأديب، فإنّ العلم إلهام من الله أو مكتسب بالعقل الّذي هو منحة منه. أو ممّا علّمكم الله أن تعلّموه، باتّباعه الصّيد بإرسال صاحبه وينزجر بزجره وينصرف بدعائه. وبمسك عليه الصّيد ولا يأكل [منه.](٣) .

( فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ ) :

قيل(٤) : هو ما لم تأكل منه.

والظّاهر، أنّه ما احتسبه عليكم وإن أكل بعضه. كما دلّ عليه الخبر السّابق.

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ٣ / ٢٠١، ح ٩١١.

(٢) الكافي ٦ / ٢٠٧، ح ١.

(٣) من أنوار التنزيل ١ / ٢٦٣.

(٤) نفس المصدر والموضع.

٣٨

وأمّا ما رواه في تهذيب الأحكام(١) : «عن الحسين بن سعيد عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران قال: سألته عمّا أمسك الكلب المعلّم للصّيد وهو قول الله ـ تعالى ـ:( وَما عَلَّمْتُمْ ) (الآية).

قال: لا بأس أن تأكلوا ممّا أمسك الكلب ممّا لم يأكل الكلب منه، فإذا أكل الكلب منه قبل أن تدركه فلا تأكل منه»

فمحمول على التّقيّة، لأنّه موافق لمذاهب أكثر العامّة.

يدلّ على ذلك ما رواه في الكافي(٢) : عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن جميل بن درّاج قال: حدّثني حكم بن حكيم الصّيرفي(٣) قال: قلت لأبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ: ما تقول في الكلب يصيد الصّيد فيقتله؟

قال: لا بأس بأكله.

قال: قلت: فإنّهم يقولون: إنّه إذا قتله وأكل منه، فإنّما أمسك على نفسه فلا تأكله.

فقال: كل، أو ليس قد جامعوكم على أنّ قتله ذكاته؟

قال: قلت: بلى.

قال: فما يقولون في شاة ذبحها رجل، أذكّاها؟

قال: قلت: نعم.

قال: فإنّ السّبع جاء بعد ما ذكّاها فأكل منها بعضها، أتؤكل(٤) البقيّة؟

قلت: نعم. قال: فإذا أجابوك إلى هذا، فقل لهم: كيف تقولون: إذا ذكّى ذلك فأكل منها لم يأكلوا وإذا ذكّى(٥) هذا وأكل أكلتم؟

( وَاذْكُرُوا إسم اللهِ عَلَيْهِ ) : الضّمير «لما علّمتم»، والمعنى: سمّوا عليه عند

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٩ / ٢٧، ح ١١٠.

(٢) الكافي ٦ / ٢٠٣، ح ٦.

(٣) هكذا في المصدر. وفي النسخ: «حكيم بن حكيم الصيرفي». وهي خطأ. ر. تنقيح المقال ١ / ٣٥٧، رقم ٣٢٢١.

(٤) المصدر: أيؤكل.

(٥) المصدر: ذكّاها.

٣٩

إرساله.

في الكافي(١) : محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النّضر بن سويد، عن القسم بن سليمان قال: سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن كلب أفلت ولم يرسله صاحبه فصاد وأدركه صاحبه وقد قتله، أيأكل منه؟

فقال: لا. وقال ـ عليه السّلام ـ: إذا صاد وسمّى فليأكل، وإذا صاد ولم يسمّ فلا يأكل، وهذا ممّا علّمتم من الجوارح مكلّبين.

( وَاتَّقُوا اللهَ ) : في محرّماته.

( إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ ) (٤): فيؤاخذكم بما جلّ ودقّ.

( الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ ) :

في تفسير عليّ بن إبراهيم(٢) قال: عنى بطعامهم هاهنا: الحبوب والفاكهة غير الذّبائح الّتي يذبحونها، فإنّهم لا يذكرون إسم الله خالصا على ذبائحهم. ثمّ [قال :](٣) والله ما استحلّوا ذبائحكم فكيف تستحلّون ذبائحهم.

وفي الكافي(٤) : أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن محمّد بن إسماعيل، عن عليّ بن النّعمان، عن ابن مسكان، عن قتيبة الأعشى قال: سأل رجل أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ وأنا عنده، فقال: الغنم يرسل فيها اليهوديّ والنّصرانيّ فتعرض فيها العارضة فتذبح، أنأكل ذبيحته؟

فقال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ: لا تدخل ثمنها مالك، ولا تأكلها فإنّما هو الاسم، ولا يؤمن عليها إلّا مسلم.

فقال الرّجل: قال الله ـ تعالى ـ:( الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ ) . فقال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ: كان أبي ـ صلوات الله عليه ـ يقول: إنّما هو الحبوب وأشباهها.

__________________

(١) نفس المصدر ٦ / ٢٠٦، ح ١٦.

(٢) تفسير القمي ١ / ١٦٣.

(٣) من المصدر.

(٤) الكافي ٦ / ٢٤٠، ح ١٠.

٤٠