مفاهيم القرآن الجزء ١

مفاهيم القرآن8%

مفاهيم القرآن مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
تصنيف: مفاهيم القرآن
ISBN: 964-357-249-8
الصفحات: 672

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 672 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 149949 / تحميل: 5731
الحجم الحجم الحجم
مفاهيم القرآن

مفاهيم القرآن الجزء ١

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
ISBN: ٩٦٤-٣٥٧-٢٤٩-٨
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

تلك هي أُصول البراهين وأُمهات الأدلّة المتعارفة(١) التي يستدل بها لإثبات وجود الله سبحانه في مقدور كل فرد من أفراد البشر أن يستفيد منها حسب مذاقه وحسب إدراكه فيهتدي إلى الله ويتوصل إلى معرفته تعالى.

ولذلك يقول القرآن الكريم:( وَلِكُلّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا ) (٢) .

ويعني بذلك أنّ لكل فرد أن يستدل على وجود الله بشيء من هذه البراهين والأدلة فهي أدلة توصل إلى معرفة الله، والإذعان بوجوده لا محالة.

غير أنّ أكثر هذه الأدلة شهرة وشمولاً وأقربها إلى الأذهان هو برهان النظم فهو برهان يلتفت إليه كل أحد مهما بلغت معلوماته من الضيق والضآلة ومهما هبط مستواه الفكري، لأنّ هذا البرهان قائم على إثبات الصانع عن طريق المشاهدات والاستنباطات والمقدمات البسيطة التي يدركها ويلمسها كل إنسان حتى العادي.

ولكن هناك طائفة أُخرى من الأدلة العقلية تفوق مستوى الفهم العام وهي تحتاج ـ لعمقها ـ إلى إمعان ومزيد تعمّق وتدبّر بل وإلى إرشاد « معلم إلهي » متخصّص في هذا العلم، متضلّع في هذا الفن من المعارف وليس ذلك إلّا لدقة مسالكها، وعمق محتوياتها.

ومن هذه الأدلة ما يلي :

٩. برهان الصدِّيقين

وهو أحد البراهين ذات الدلالة القوية على « وجود الله » سبحانه.

__________________

(١) والتي يندرج تحت كل واحد منها آلاف بل آلاف الآلاف من الأدلّة.

(٢) البقرة: ١٤٨.

١٢١

ويتلخص هذا البرهان في: أنّ للإنسان أن يتوصل إلى معرفة الله من مطالعة الوجود نفسه بمعنى أنّه لا يحتاج ـ هنا ـ لإثبات الصانع إلّا إلى مطالعة نفس الوجود لا غير.

ولهذا البرهان أصل قرآني وجذور في كتاب الله الكريم.

وربما يكون قوله تعالى:( أَوَ لَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) (١) إشارة إلى هذا الدليل(٢) .

كما ورد في أدعية أئمّة أهل البيت: ما يشير إلى هذا البرهان من قريب أو بعيد :

فقد ورد في الدعاء المعروف بدعاء « الصباح » وهو الدعاء القيّم الذي علّمه الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام لتلميذه « كميل » قوله :

« يا من دل على ذاته بذاته، وتنزّه عن مجانسة مخلوقاته »(٣) .

وقد تعرض ابن سينا، الفيلسوف الإسلامي إلى هذا البرهان في كتابه « الإشارات »(٤) .

كما تبعه في ذلك المحقّق نصير الدين الطوسي في كتابه المعروف ب‍ « تجريد الاعتقاد » الذي شرحه تلميذه العلاّمة الحلي رحمهما الله(٥) .

__________________

(١) فصلت: ٥٣.

(٢) وهناك آيات أُخرى ربّما حملوها على هذا البرهان وسيوافيك بيانها في موضعه.

(٣) راجع كتب الأدعية.

(٤) الإشارات: ٣ / ١٨ ـ ٢٨.

(٥) التجريد: ١٧٢، وقد قرر هذا البرهان المرحوم صدر المتألّهين بشكل آخر في كتابه « الأسفار » فليراجعه من أراد أن يقف على تقريره.

١٢٢

وحيث إنّ لهذا البرهان أصلاً قرآنياً ـ كما أسلفنا ـ لذلك سنذكره مفصلاً في محله من هذه البحوث.

١٠. براهين أُخرى

مثل: برهان الوجوب.

برهان الترتب.

برهان الأسد والأخصر.

وهي براهين خارجة عن إطار الهدف الذي من أجله عقدنا هذه البحوث وكتبنا هذه الدراسة، إذ غاية ما نرمي إليه في هذه البحوث هو ذكر البراهين ذات « الأصل القرآني » أي ذكر ما له جذور في كتاب الله من هذه البراهين، لأنّ هدفنا ـ كما يتضح من عنوان هذه الدراسة ـ هو استجلاء « معالم التوحيد في القرآن الكريم »(١) .

__________________

(١) وقد تحدث المرحوم صدر المتألّهين حول برهان « الوجوب » وبرهان « الأسد والأخصر » في كتاب الأسفار: ٢ / ١٦٥ ـ ١٦٦.

١٢٣

التوحيد الاستدلالي

في القرآن الكريم

ذكرنا فيما مضى أنّ هناك طريقين لإثبات وجود الله تعالى :

طريق الاستدلال، وطريق الفطرة.

وها نحن نستعرض في هذا الفصل « الأدلّة » العقلية والعلمية الواردة في القرآن لإثبات وجود الله سبحانه ولن نتقيّد بتطبيق هذه الأدلّة القرآنية على البراهين التسعة التي ذكرناها نعم لو حصل أن انطبق دليل قرآني على واحد من تلك البراهين التسعة أشرنا إلى ذلك، وعمدنا إلى توضيحه قدر المستطاع والإمكان.

* * *

بعث رسول الإسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله في بيئة كانت تسودها الوثنية، وكان الناس إلّا الشاذ منهم وثنيين يعبدون الأصنام ويعكفون على الأوثان رغم اعتقادهم بالله ظناً بأنّ هذه الأصنام والصور المعبودة مقربة عند الله، وشفعاء بينه وبين البشر.

ولأجل هذا تركز اهتمام القرآن على تنزيهه سبحانه عن « الشريك » في العبادة لا على إثبات وجوده، لأنّ وجوده تعالى كان أمراً مسلّماً ومفروغاً عنه في ذلك المجتمع.

١٢٤

وفيما يلي نذكر الآيات التي تبيَّن اعتقاد وثنيي عصر الرسالة حول الله وكيف أنّهم كانوا يعتقدون بوجوده :

( وَلَئِنَ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمٰوَاتِ والأرض لَيَقُولُنَّ الله ) (١) .

( وَلَئِنَ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمٰوَاتِ والأرض لَيَقُولُنَّ الله ) (٢) .

( وَلَئِنَ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمٰوَاتِ والأرض لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ العَزِيزُ الْعَلِيمُ ) (٣) .

( وَلَئِنَ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ الله فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ ) (٤) .

( وَلَئِنَ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمٰوَاتِ والأرض وَسَخَّرَ الشَّمْسَ والقمر لَيَقُولُنَّ الله فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ ) (٥) .

( وَلَئِنَ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءَ فَأَحْيَا بِهِ الأرض مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ الله ) (٦) .

إنّ ملاحظة مفادات هذه الآيات تفيد ـ بوضوح لا يقبل جدلاً ـ بأنّ المجتمع الجاهلي المعاصر لعصر الوحي ونزول الرسالة لم يكن معتقداً بوجود الله فحسب بل كان معتقداً ـ فوق ذلك ـ بأنّه الخالق الوحيد لهذا الكون والمدبّر الحقيقي لأُموره وشؤونه، بمعنى أنّهم كانوا موحِّدين في الخالقية والربوبية ـ كما هو

__________________

(١) لقمان: ٢٥.

(٢) الزمر: ٣٨.

(٣) الزخرف: ٩.

(٤) الزخرف: ٨٧.

(٥) العنكبوت: ٦١.

(٦) العنكبوت: ٦٣.

١٢٥

المصطلح ـ. ولذلك فإنّ أوّل موضوع طرحه الرسول الأكرم على قومه هو الدعوة إلى « توحيد الله » في العبادة لا الاعتقاد بوجوده.

على أنّ مراجعة معتقدات المشركين والوثنيين في عصر الوحي وقبله، والتي سوف نوردها في الفصل التاسع: « التوحيد في العبادة » أفضل شاهد ودليل على ما قلناه من أنّ انحراف المشركين كان في مسألة « الوحدانية » في العبادة لا في أصل وجود الله.

فهناك ـ في الفصل التاسع ـ سوف نذكر كيف أنّ غالبية وثنيي العرب ما كانوا يعتقدون بأنّ الأصنام خالقة السماوات والأرض، ولا أنّها مدبّرة للكون إلى جانب الله، بل كانوا يعتقدون بأنّها مقربة عند الله، وشفعاء لديه وكانوا يظنون بأنّ عبادتهم لها ستقربهم إلى الله تعالى، وتوجب الزلفى لديه(١) .

ويدل على وجود مثل هذا الاعتقاد لدى من كان يعبد الأصنام آيات هي :

( وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ الله مَا لا يَضُرُّهُمْ ولاَ يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ الله ) (٢) .

( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إلّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَىٰ الله زُلْفَىٰ ) (٣) .

( أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ الله شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئَاً وَلاَ يَعْقِلُونَ ) (٤) .

__________________

(١) نعم لا يمكن القول بأنّ كل وثنيي العرب أو كافة وثنيي العالم على مثل هذا الاعتقاد، بل هناك من يعتقد بتعدد « واجب الوجود » كالمثلثة، أو تعدد « الخالق » تعدداً حقيقياً كالثنويين، أو من يعتقد بتعدد « المدبّر » وسيوافيك بيان مفصل عن مقالاتهم وعقائدهم في الفصل التاسع.

(٢) يونس: ١٨.

(٣) الزمر: ٣.

(٤) الزمر: ٤٣.

١٢٦

( وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىٰ كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّة وَتَرَكْتُم مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُم تَزْعُمُونَ ) (١) .

ولكن رغم كل هذا لا يمكن لأحد أن يدّعي عدم وجود ملحدين ـ بتاتاً ـ في عصر الرسالة، أو يدّعي أنّ القرآن الكريم لم يتحدّث أبداً حول أصل وجود الله، بل على خلاف هذا النظر فإنّ بعض الآيات القرآنية تكشف عن وجود ملحدين في عصر الرسالة، كما أنّ هناك مجموعة من البراهين العلميّة في القرآن الكريم قد وردت ـ في الحقيقة ـ لإثبات وجود الله.

وسنذكر الآيات الدالة على كلا الأمرين.

ونذكر أوّلاً الآية التي تذكر عقيدة جماعة من الماديين الذين كانوا يعاصرون عهد الوحي، حول الإنسان وما سواه من الظواهر الكونية مبدأ ومآلا، حيث يقولون ـ حسبما يحدثنا القرآن ـ :

( وَقَالُوا مَا هِيَ إلّا حَيَاتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إلّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْم إِنْ هُمْ إلّا يَظُنُّونَ ) (٢) .

ومن الطبيعي أنّ هذا المنطق أعني: زعم هؤلاء بأنّ سبب هلاك البشر هو مرور الزمن لم يكن إلّا بسبب عدم اعتقادهم بوجود « خالق » اسمه الله، هو الذي يميت كما خلق.

فهم كانوا يعتقدون بأنّ الحياة والموت ما هما إلّا أثرين من آثار المادة. أي

__________________

(١) الأنعام: ٩٤.

(٢) الجاثية: ٢٤.

١٢٧

من الآثار الفيزياوية والكيمياوية للمادة ـ حسب المصطلح الحديث ـ.

فحينما تشيخ المادة وتهرم بسبب مرور الزمن فتأخذ طريقها ـ في المآل ـ إلى البلى وتؤول إلى دنيا العدم، فذلك هو الموت.

إذا تبيّن هذا نقول: هل من المعقول أن يطرح القرآن هذه النظرية الإلحادية عن لسان أتباعها في عصر الرسالة ثم لا يعمد إلى نقدها والرد عليها، ولا يقيم ضدها ما يرفع الشك ويزيل الشبهة ؟!!

لقد كان الأُستاذ العلاّمة الطباطبائي ـ صاحب تفسير الميزان ـ يصر في محاضراته العلميّة على أنّ القرآن الكريم لم يتعرض مطلقاً لإثبات أصل وجود الله، ولم يقم عليه أي دليل أبداً، وذلك إمّا لبداهة وجود الله وفطريته، أو لأنّ ذات الله أسمى من أن يحتاج إثباتها إلى دليل.

ولكنّنا نتصور أنّه قد وردت في الكتاب العزيز براهين لإثبات وجود الله تعالى، وسوف نورد هذه البراهين في هذه الدراسة بنحو من الأنحاء بإذن الله.

١٢٨

التوحيد الاستدلالي: البرهان الأوّل

برهان الفقر والإمكان

( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الفُقَرَاءُ إِلَىٰ الله والله هُوَ الغَنِيُّ الحَمِيدُ *إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْق جَدِيدٍ *وَمَا ذَلِكَ عَلَىٰ الله بِعَزِيزٍ ) (١) .(٢)

قبل الورود في توضيح الآيات التي وردت لإثبات وجوده سبحانه نأت بنكتة وهي: أنّه قد سبق منا ـ آنفاً ـ أنّ البراهين الواردة في القرآن حسب النوع تناهز عشرة براهين أو أكثر، ولسنا مدّعين أنّ هذه الآيات صريحة في تلك البراهين أو منطبقة عليها انطباقاً تاماً حسب العناوين التي نأتي بها في أوّل البحث، وإنّما هدفنا هو طرح الأدلّة التي تعرّض لها القرآن واستدلّ بها لإثبات الصانع، سواء كانت هذه الأدلّة الواردة في القرآن منطبقة مع الأدلّة والبراهين السالفة الذكر أم لا.

__________________

(١) فاطر: ١٥ ـ ١٧.

(٢) يصف القرآن الكريم ( الله تعالى ) في الآية الأُولى من الآيات الثلاث بأنّه الغني الحميد، وقد جاء في الآيتين التاليتين دليل ذلك :

١. أمّا أنّ الله غني، فلأنّه يمكنه أن يعدمنا لنعلم أنّه لا يحتاج إلينا، وأنّه لو شاء لأتى بخلق جديد، وهذا مفاد ( الآية ١٦ ).

٢. وأمّا أنّه تعالى حميد، فلأنّه قادر على ذلك وهذا هو مفاد ( الآية ١٧ ).

١٢٩

وصفوة القول: إنّ ما نبغيه هنا هو التتلمذ على القرآن واتّخاذه إماماً ومعلماً لنا في هذا المجال لا ما يقوله الحكماء والفلاسفة والعلماء نعم لو طابق شيء من كلامهم مع ما ذهب إليه القرآن واستدل به أشرنا إليه، وقلنا انّ هذا الاستدلال يشير إلى دليل النظم أو الإمكان أو

وفي كل ذلك نستعين الله على فهم مراد كتابه ومفاهيمه، وهو ولي التوفيق.

لا ريب أنّ « فقر » الشيء دليل قاطع على احتياجه إلى « غني قوي » يزيل حاجته، ويمسح عن وجهه غبار الاحتياج والافتقار، فما لم تمتد يد من الخارج إلى ذلك الشيء لم يرتفع فقره، ولم يندحر احتياجه.

تلك حقيقة لا يمكن أن يجادل أو يشك في أمرها أحد.

من هنا لا بد أن يكون لهذا الكون ـ بأسره ـ من أفاض عليه الوجود.

فالظواهر الكونية من الذرة إلى المجرة مقرونة ب‍ « الفقر الذاتي » فجميعها مسبوقة بالعدم، ولهذا فهي تحتاج في تحقّقها ووجودها إلى « غني » يطرد عنها غبار العدم، ويلبسها حلّة الوجود.

افترض ـ للمثال ـ أيّة ظاهرة شئت تجد أنّها قبل أن ترتدي حلّة الوجود كانت تختفي خلف حجاب العدم وتنغمس في ظلماته، ثم استطاعت ـ في ظل قدرة فعّالة ـ أن تمزّق حجب العدم، وتشق طريقها إلى عالم الوجود.

ومن المعلوم أنّه لو لم يكن ثمّت غني باسم « العلة » لما قدر لهذه الظاهرة المعدوم ـ أصلاً ـ أن تدخل إلى ساحة الوجود، ذلك لأنّ نسبة أي شيء ممكن يتصوّره الذهن، إلى الوجود والعدم سواء، بمعنى أنّه كما لا يترجح وجوده ذاتياً كذلك لا يترجح عدمه ذاتياً أيضاً.

١٣٠

ويسمّى هذا التساوي في منطق العلماء ب‍ « الإمكان ».

ولكي ندرك بنحو أحسن معنى هذا التساوي، ومعنى الإمكان المذكور لابد أن نشير إلى مثال مقنع في هذا المقام.

إنّ للفلاسفة في تصوير « الإمكان » بياناً نشير إليه فيما يأتي :

فهم يقولون :

لنفترض دائرة، ولنضع ما نتصوّره في ذهننا من الأشياء في وسط هذه الدائرة تماماً.

ولنجعل على طرف من الدائرة: الوجود، ونجعل في مقابله العدم.

ثمّ يقولون :

إنّ الشيء الممكن هو كهذا « الشيء المتصور الموضوع في وسط الدائرة » لا يقتضي بذاته أي واحد من الحالتين لا الوجود ولا العدم. بل هو بالنسبة إليهما سواء بمعنى أنّ الوجود أو العدم لا ينبع من ذات ذلك الشيء وإلاّ لكان ذلك الشيء « ممتنع الوجود » ان اقتضى العدم ذاتياً، أو « واجب الوجود » ان اقتضى الوجود ذاتياً.

ولأجل ذلك فإنّ كل الظواهر التي كانت معدومة ـ ذات يوم ـ ثم لبست حلة الوجود في يوم آخر ما هي ـ في الحقيقة ـ إلّا سلسلة من « المفاهيم المجردة عن الوجود أو العدم » كالنقطة الموجودة في وسط الدائرة بين كفتي الوجود والعدم التي نسبتها إلى كل من الحالتين سواء ولو حدث أن خرجت هذه « المفاهيم المجردة » عن وسط الدائرة ومالت إلى إحدى الحالتين الوجود أو العدم فإنّ ذلك الخروج لم يتحقّق بالضرورة إلّا بسبب « علة » ساقت تلكم الظاهرة إلى الحالة التي

١٣١

تلبست بها.

إنّ « العلة الموجدة » هي التي جرّت الظاهرة المذكورة إلى ناحية الوجود.

كما أنّ « علة العدم » هي التي جرّتها إلى ناحية العدم.

بناء على هذا فإنّ الوجود أو العدم لم يكن ولن يكون عيناً ولا جزءاً أصيلاً في ذات الشيء المجرد عن علة الوجود أو العدم، بل جاذبية العامل الخارجي هي التي ساقت ذلكم الشيء إلى إحدى الناحيتين

فإن كان هناك موجد غني، جرّ الظاهرة قهراً إلى ناحية الوجود.

وأمّا لو واجهت الظاهرة فقدان علة الوجود انجذبت قهراً إلى جانب العدم.

على أنّ هناك فرقاً بين مسألة « وجود » الظاهرة و « عدم وجودها ».

فلظهور ظاهرة ما ووجودها لابد من حضور علة موجدة ضمن ظروف وشروط خاصة لتعطي الوجود لتلك الظاهرة.

بينما لا يحتاج فقدان الظاهرة إلى أي نوع من الفعل والانفعال، بل يكفي لفقدان أية ظاهرة فقدان علتها فقط.

إنّ الظواهر الحاضرة فعلاً، والتي كانت قبل هذا معدومة، ومختبئة خلف حجب العدم قروناً متمادية، لم يكن فقدانها ـ في تلك الأزمنة ـ لأجل أنّها كانت ترفض الوجود ذاتياً إذ لو كان كذلك لامتنع وجودها بالمرة وإلى الأبد، بل إنّ فقدانها في تلك الأوقات إنّما هو لفقدان مقتضي وجودها، ومجرد فقدان هذا المقتضي كان كافياً لأن تنجذب الظواهر الكونية المذكورة بسببه إلى ناحية العدم وأن لا تتجلّى على مسرح الوجود.

١٣٢

ثمّ إنّ قولنا: بأنّ الظواهر تنجذب إلى ناحية « الوجود » على أثر وجود عللها لا يعني أنّ هذه الظواهر بعد وجودها بسبب العلة تتخلص نهائياً من صفة « الفقر الذاتي » ومن خصلة « الإمكان الذاتي » فتنقلب إلى موجودات غنية، لا تحتاج إلى علة.

لا نقول ذلك، لأنّه لا يمكن أن ينقلب ما هو « فقير بالذات » إلى « غني بالذات »(١) إنّما المقصود هو أنّ الظاهرة تلبس حلة الوجود مع كونها متصفة بالفقر والإمكان الذاتيين دون أن تفقد هذه الصفة حتى بعد ارتدائها حلة الوجود.

ولأجل هذا « الإمكان والفقر الذاتيين » يكون الاحتياج إلى العلة احتياجاً أبدياً وحالة دائمية لا تفارق طبيعة الأشياء، بحيث لو انقطع الارتباط بين « العلة والمعلول » لحظة واحدة لم يبق للظاهرة أي وجود بل عادت خبراً بعد أثر كما يقول المثل السائر.

ولتوضيح هذه الحقيقة نشير إلى مثالين :

١. لنتصور قصراً فخماً غارقاً في أضواء المصابيح المتعدّدة المتنوعة.

فعند ما يرى الشخص السطحي التفكير هذا المشهد يظن أنّ هذا النور نابع من القصر نفسه أي انّ طبيعة المصابيح مضيئة بنفسها. بينما لو تفحص هذا جيداً لرأى أنّ هذا النور وهذه الأضواء تتعلّق ب‍ « مولد الكهرباء » بحيث لو انقطع الارتباط بين المصابيح والمولد الكهربائي لحظة واحدة لغرق القصر بأسره في

__________________

(١) نعم غاية ما يحصل أنّ الظاهرة بعد انضمام العلّة إليها تصبح غنية بالعرض ـ حسب المصطلح الفلسفي ـ وهو يجتمع مع « الفقر الذاتي » ولا يناقضه ولا يعارضه.

١٣٣

الظلام، ولهذا فلابد أن يستمر المولد الكهربائي في إمداد القصر بالطاقة والتيار الكهربائي حتى يبقى ذلك القصر مضاء سابحاً في الأنوار.

٢. لنتصوّر أرضاً مملحة تحت أشعة الشمس، ونحن نريد أن تبقى رطبة ففي هذه الصورة لابد أن تتوالى قطرات الماء عليها فتسقط القطرة ثم تليها القطرة الثانية قبل أن تجف الأُولى وهكذا حتى نحافظ على رطوبتها ونحول دون جفافها إذ في غير هذه الصورة تجف الأرض تحت أشعة الشمس.

هذان مثالان يوضحان لنا أنّ « الفقير ذاتياً » لابد من ارتباطه بعلة وجوده على الدوام وبصورة مستمرة ليحافظ على وجوده وذلك لأنّه ليس من طبيعته: الوجود، وما ليس الوجود من طبيعته افتقر إلى علة موجدة واستمر افتقاره هذا ما دام « الفقر الذاتي » إلى الوجود ملازماً له، وحاكماً فيه.

من البيان السابق نستنتج الأُمور التالية :

أوّلاً: أنّ احتياج الظواهر إلى العلة هو مقتضى ذاتي لتلك الظواهر، وأمر ملازم لها، بحيث لا ينفك هذا الاحتياج عنها لا في حال تلبسها بالعدم، ولا في حال اتصافها بالوجود.

ثانياً: أنّ حالة الشيء المحتاج الممكن لن تتغيّر ولن تتبدّل ما لم يساعده « الغني » في ذلك.

ثالثاً: أنّ جميع البشر، وجميع الظواهر الكونية فقيرة ومحتاجة ـ بطبيعتها ـ وأنّها كانت تبقى محكومة بالعدم ما لم يتوفر علتها ولو كان الوجود عيناً أو جزءاً من ذاتها وطبيعتها لما عدمت ولا لحظة واحدة. ولو أنّ غنياً بذاته غير مفتقر في وجوده إلى غيره، لم يمد إليها يد العون ولم يفض عليها الوجود لبقيت خلف حجب

١٣٤

العدم إلى الأبد.

وحيث إنّ الفقر والاحتياج من لوازم ذوات تلك الأشياء ـ لأجل ذلك ـ يجب أن تبقى محكومة بالفقر في كل الحالات، حتى بعد وجودها.

بناء على ذلك، ومن ملاحظة حالة الموجودات الكونية، وملاحظة فقرها واحتياجها الذاتي وكونها غير قادرة على تغيير حالتها ووضعها وانتقالها من عالم العدم إلى صفحة الوجود دون الاعتماد على ركن أصيل غني.

أقول: من ملاحظة كل هذه الأُمور يمكن الاستدلال على وجود خالق غني أصيل هو الذي منح الوجود لهذه الأشياء، وهو بالتالي واهب الكون والمكان والوجود والزمان لجميع الممكنات كما ويمكن ـ بهذا الدليل ـ إثبات احتياج الممكنات ـ بجملتها ـ إليه في كل الأزمنة واللحظات وفي جميع الأحوال والأوقات، ابتداء من أول عمرها إلى آخره، احتياجاً لازماً لا ينقطع، وافتقاراً دائماً لا يزول ولا يرتفع.

هذا هو ما صرح به القرآن الكريم في نداء يشمل جميع أبناء البشر إذ قال:( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الفُقَرَاءُ إِلَىٰ اللهِ واللهُ هُوَ الغَنِيُّ الْحَمِيدُ ) (١) .

ففي هذه الآية ركز القرآن الكريم على موضوع « الفقر الذاتي » في الإنسان واحتياجه إلى « العلة الموجدة » أي الله تعالى، إذ قال:( أَنتُمُ الفُقَرَاءُ إِلىٰ اللهِ ) وصرح بأنّ الموجود الوحيد الذي يمكنه رفع هذا الاحتياج والفقر الإنساني هو الله تعالى شأنه.

فهو الوحيد الذي يقدر على مساعدة البشر، وليس سواه بقادر على ذلك

__________________

(١) فاطر: ١٥.

١٣٥

لاتصاف ما سواه بصفة الإمكان.

وقد بيَّنت الآية هذه الحقيقة بقولها:( إِلىٰالله والله هُو [ أي وحده ]الغَنِيُّ ) .

على أنّ القرآن الكريم لا يعتبر الإنسان محتاجاً وفقيراً إلى الله قبل الخلق فحسب، بل هو محكوم لهذا الفقر والحاجة حتى بعد أن يرتدي حلّة الوجود

وهذا هو ما تفيده جملة:( أَنتُمُ الفُقَرَاءُ إِلىٰ الله )

فهي كما نلاحظ لم يؤخذ فيها « قيد الزمان الماضي » فلم يقل مثلاً: كنتم الفقراء إلى الله، بل بإطلاقها وعدم تقيدها بالزمان تشمل الماضي والحاضر والمستقبل، وهذا يعني بكل وضوح أنّ الإنسان محتاج إلى الله سبحانه، وجوداً وبقاءً.

وينقل الحكماء والفلاسفة المسلمون في هذا الصدد حديثاً عن الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول فيه :

« الفقر سواد الوجه في الدارين »(١) .

ويقال: إنّ مراد النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله من هذه العبارة هو: الإشارة إلى أنّ حاجة الإنسان إلى الله أمر ملازم له في الدنيا والآخرة.

وقد ركز القرآن الكريم في مواضع متعددة على صفة « الغنى » في الذات الإلهية بحيث يمكن اعتبار ذلك إشارة ضمنية أو صريحة إلى هذا البرهان، نعني: برهان الفقر والإمكان.

وإليك فيما يلي بعض الآيات التي وصف الله فيها بالغنى :

__________________

(١) تجد نصَّ هذا الحديث في الكتب الفلسفية والعرفانية وسفينة البحار: ٢ / ٣٧٨.

١٣٦

( وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَىٰ وَأَقْنَىٰ ) (١) .

وهذا هو موسى الكليمعليه‌السلام يعتبر نفسه محتاجاً إلى ما وهبه له ربّه وما أنزل وينزل عليه ـ ومن ذلك وجوده ـ إذ يقول:( رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ) (٢) .

وقد وصف الله ذاته في تسعة عشر موضعاً(٣) آخر بأنّه الغني إذ يقول ـ على غرار ما مر في الآية المبحوثة هنا ـ:( واللهُ الغَنْيُّ وَأَنْتُمُ الفُقَرَاءُ ) (٤) .

فقر الأشياء وبرهان الإمكان

إنّ هذه الآية، أعني قوله تعالى:( وَاللهُ الغَنْيُّ وَأَنْتُمُ الفُقَرَاءُ ) ، يمكن أن

__________________

(١) النجم: ٤٨.

(٢) القصص: ٢٤.

(٣) نشير فيما يلي إلى هذه المواضع بذكر السورة والآية :

البقرة: ٢٦٣ و ٢٦٧.

آل عمران: ٩٧.

الأنعام: ١٣٣.

يونس: ٦٨.

إبراهيم: ٨.

الحج: ٦٤.

النمل: ٤٠.

النساء: ١٣١.

العنكبوت: ٦.

لقمان: ١٢ و ٢٦.

فاطر: ١٥.

الزمر: ٧.

محمّد: ٣٨.

الحديد: ٢٤.

الممتحنة: ٦.

التغابن: ٦.

(٤) محمّد: ٣٨.

١٣٧

تكون ناظرة إلى « برهان الإمكان »(١) ، لأنّ التركيز في هذه الآية واقع ـ كما نرى ـ على مسألة « الفقر والاحتياج » الكائنين في أبناء البشر والملازمين للكيان الإنساني حتى بعد وجوده، ملازمة الظل للشاخص.

إنّ الفقر والاحتياج عين الإمكان أو ملازم له، لأنّ الممكن يفقد ـ بطبيعته ـ الوجود، والعدم، إذا قيس ب‍ « واجب الوجود » و « ممتنع الوجود »، ولذا فالممكن في حد ذاته مفتقر في اتصافه بإحدى الحالتين ( أعني: الوجود والعدم ) إلى العلة التي توجده، أو تعدمه.

فعندما نقول: الإنسان ممكن الوجود فكأنّنا نقول: الإنسان فاقد ـ في مقام التصور ـ للوجود ومحتاج للتلبّس بالوجود والاتصاف به إلى « غني » يأتي به ويهب له الوجود.

لهذا يمكن القول بأنّ أساس الاستدلال في هذه الآية هو: « برهان الإمكان ».

__________________

(١) المقصود من الإمكان في هذا الفصل هو: الإمكان الماهوي الذي هو صفة الماهية والمفاهيم الذهنية، وليس الإمكان الوجودي الذي له معنى آخر وأجماله هو: « تعلّق الموجودات بالله القائم بنفسه ».

والحاصل أنّ الإمكان قد يقع صفة للماهية ومعناه حينئذ تساوي « الماهية » بالنسبة إلى الوجود والعدم.

وقد يقع صفة لنفس « الوجود » ولا يصح حينئذ تفسيره بتساوي الوجود والعدم بالنسبة إليه، إذ لا معنى لتساوي الوجود بالنسبة إلى الوجود، لأنّ ثبوت الشيء لنفسه ضروري، بل معناه عندئذ قيامه بالواجب القيوم واحتياجه إليه: ( حدوثاً وبقاءً ).

١٣٨

التوحيد الاستدلالي: البرهان الثاني

الأُفول والغروب

يدلّ على وجود مسخّر

( وَكَذَلِكَ نُرِيَ إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمٰوَاتِ والأرضِ وَلِيَكُونَ مِنَ المُوقِنِينَ *فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَىٰ كَوْكَباً قالَ هٰذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ *فَلَمَّا رَأَىٰ القَمَرَ بَازِغاً قَالَ هٰذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ القَوْمِ الضَّالِّينَ *فَلَمَّا رَأى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هٰذَا رَبّي هٰذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ *إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمٰوَاتِ والأرضِ حَنِيفاً وَمَا أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ *وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللهِ وَقَدْ هَدَاني وَلا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إلّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ *وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ باللهِ مَا لَمْ يُنَزِّل بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً فَأَيُّ الفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ *الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمْ الأمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ *وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَىٰ قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ) (١) .

__________________

(١) الأنعام: ٧٥ ـ ٨٣.

١٣٩

قبل أن نبيّن هدف هذه الآيات لابد من الإشارة إلى عدّة نقاط تساعد على فهم مفاد هذه الآيات :

١. « الملكوت » و « الملك » تهدفان إلى معنى واحد غير انّه أُضيف إلى الأوّل « الواو والتاء » لأجل المبالغة والتوكيد على غرار « جبروت » و « طاغوت » الذي يرجع أصلهما إلى جبر وطغيان.

وحيث إنّ معنى الملك هو المالكية والحاكمية لذلك فمن الطبيعي أن يكون معنى الملكوت هو ذلك المعنى نفسه مع المبالغة والتأكيد.

وسوف نوضح عند شرح استدلال إبراهيمعليه‌السلام كيف أبطل الخليل: حكومة الكواكب والشمس والقمر ومشاركتها في تدبير نظام الكون والحياة الإنسانية. وبالتالي أعلن عن اعتقاده بأنّه ليس للكون سوى « مدبّر » واقعي واحد تجري أُمور العالم تحت إرادته خاصّة.

٢. استفاد بعض المفسّرين من العبارات التالية: « رأى كوكباً، فلما رأى القمر » وما يماثلهما أنّ إبراهيمعليه‌السلام قال هذه العبارات عندما وقع نظره ـ لأوّل مرّة ـ على تلك الكواكب إذ أنّه لم يكن قد رآها قبل ذلك.

وتؤيد بعض الروايات هذا الرأي حيث تقول: إنّ أُم إبراهيمعليه‌السلام أخفته منذ بدء طفولته في الغار، خوفاً عليه من بطش طاغية زمانه « نمرود »، وكان هذا أول خروجه من الغار، والتحاقه بمجتمعه، وقومه، وأوّل خطوة له في مطالعة ما حوله والتحقيق فيما يراه.

غير أنّ هاهنا احتمالاً آخر هو أنّ إبراهيمعليه‌السلام كان قد رأى الشمس والقمر والكواكب من قبل، ولكنَّه لم ينظر إليها بنظرة الباحث المدقّق، وكان هذا أوّل

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

له كتب: منها كتاب كشف التمويه والغمة(١) ، كتاب التسليم على أمير المؤمنين (ع) بامرة المؤمنين(٢) ، كتاب تذكير العاقل وتنبيه الغافل في فضل العلم، كتاب عدد الائمةعليهم‌السلام وماشد على المصنفين من ذلك، كتاب البيان في حيوة الرحمان، كتاب النوادر في الفقه، كتاب مناسك الحج، كتاب مختصر مناسك الحج، كتاب يوم الغدير، كتاب الرد على الغلاة والمفوضة، كتاب سجدة الشكر، كتاب مواطن امير المؤمنينعليه‌السلام ، كتاب في فضل بغداد، كتاب في قول أمير المؤمنين (ع): ألا أخبركم بخير هذه الامة. أجازنا جميعها، وجميع رواياته عن شيوخه(٣) .

____________________

(١) ذكر ابن حجر كتبه، وعمد إلى ترك ذكر بعضها مع انه حكى عن الشيخ في الفهرست وفي رجاله وعن النجاشي ما تقدم ونشير إلى ذلك وفيما ذكره اختلاف يسير كما تقف عليه بالنظر فيما ذكراه.

(٢) لم يذكره ابن حجر، وكذا كتابه في عدد الائمة (ع) وغيره مما لايخفى.

(٣) وتقدم اجازته للشيخ بجميع رواياته وأيضا سماعه عنه كتبه. وروى النجاشي عنه عن جماعة شيوخه كتب جماعة من مصنفي أصحابنا وراياتهم وكان عليه وقرائة بعضها وسماع بعض آخر منه.كما ان الشيخ روى في فهرسته بل في مواضع من رجاله كتب جماعة ورواياتهم عنه، وكذا في مشيخة التهذيبين وساير كتبه كالغيبة والامالي حسب ما أخرجناهم من كتبهما.ونحن نشير إلى مشايخهرحمه‌الله فيها منبها على موضع روايته عنه إذا إنفرد أحد العلمين (قدهما) بالرواية عنه عنهم وهم جماعة:(١) ابراهيم بن محمدبن معروف المزارى(٢) أحمد بن ابراهيم ابن أبي رافع الانصاري (النجاشي في ترجمته)(٣) أحمد بن ابن ابراهيم بن أبي رافع ابوعبدالله الصيمري(٤) احمد بن جعفر بن سفيان البزوفري(٥) احمد بن محمد بن سليمان ابوغالب الزراري(٦) أحمد بن محمد بن عمار ابوعلي الكوفي(٧) أحمد بن محمد بن عياش الجوهري (الفهرست في ترجمته) وفي الغيبة ١٨١ و ١٨٣: عن جماعة عنه والحسين داخل في جماعة مشايخه عنه.(٨) أحمد بن محمد ابن أحمد بن محمد بن يحيى العطار القمي(١٠) أحمد بن محمد بن نوح ابوالعباس السيرافي (الفهرست في ترجمته لكن في الغيبة ٢٢٧ عن جماعة عنه. والحسين داخل فيهم)(١١) أحمد بن محمد بن الحسن ابن الوليد القمي (مشيخة التهذيبين في طرقه إلى الحسن بن محبوب، والحسين بن سعيد، ومحمد بن الحسن الصفار)(١٢) أحمد بن محمد أبوعبدالله الصفواني (الغيبة ٢٤٢)(١٣) احمد بن عبدالله بن جلين أبوبكر الدوري الوراق (الفهرست ترجمته وترجمة جماعة)(١٤) اسماعيل بن يحيى بن أحمد العبسي (النجاشي في ترجمة موسى ابن ابراهيم المروزي)(١٥) جعفر بن محمد بن قولويه(١٦) الحسن ابن حمزة بن علي بن عبيد الله العلوي (الفهرست في تراجم جماعة)(١٧) الحسن بن محمد بن حمزة المرعشي الطبري الحسيني.(١٨) الحسن بن محمد بن يحيى العلوي (الفهرست والنجاشي في اسماعيل بن علي المخزومي)(١٩) الحسين بن احمد بن موسى (النجاشي في محمد بن عبيد الله الحضيني الحسيني العلوي).(٢٠) الحسين بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (النجاشي كما تقدم في ترجمته وفي الغيبة ١٩٦ و ٢٤٣ و ٢٤٧ عن جماعة عنه. والحسين بن عبيد الله داخل فيهم).(٢١) الحسين بن علي بن سفيان البزوفري(٢٢) سهل بن احمد ابن عبدالله الديباجي(٢٣) الشريف ابوالقاسم علي بن محمد بن علي ابن القاسم العلوي العباسي، سمع منه في سنة خمس وثلاثين وثلثمائة في منزله بباب الشعير (أمالي ابن الطوسي ج ٢ / ٢٦٣ إلى ص ٢٧٠)(٢٤) علي بن محمد القلانسي (النجاشي في ترجمة حمزة بن القاسم، وربعي بن عبدالله، واسماعيل بن مهران، وجماعة).=

٢٨١

____________________

=(٢٥) عمر بن محمد بن سالم المعروف بابن الجعابي (الفهرست ترجمته)(٢٦) محمد بن أحمد بن داود ابوالحسن القمي(٢٧) محمد ابن أحمد الصفواني (ره) (الغيبة ١٨٨ و ١٩٢ وروى في ص ٢٣٨ عن جماعة عنه. والحسين بن عبيد الله داخل فيهم).(٢٨) محمد بن الحسين البزوفري (المشيخة في طرقه إلى أحمد بن محمدبن عيسى وجماعة(٢٩) محمد بن عبدالله ابوالفضل الشيباني (الفهرست في تراجم جماعة، والمشيختين في طرقه إلى جماعة)(٣٠) محمد بن علي بن الحسين بن بابويه الصدوق (ره) (الفهرست في تراجم جماعة، وفي رجاله ٤٩٥ في ترجمة الصدوق (ره) وفي امالي ابن الطوسي ج ٢ / ٣٥ إلى ص ٥٨ وروى في الغيبة كثيرا عن جماعة عن الصدوق (ره) وهو داخل في الجماعة). (٣١) محمد بن محمد بن الحسين بن هارون الكندي (الفهرست في ترجمة أحمدبن صبيح الاسدي)(٣٢) محمد بن عمر بن يحيى العلوي الحسيني (الفهرست في ابان بن عثمان).(٣٣) محمد بن محمد بن الحسين بن هارون (النجاشي في محمد ابن معروف الخزاز الهلالي)(٣٤) محمد بن علي بن فضل بن تمام أبوالحسين الدهقان (النجاشي في تراجم جماعة كثيرة).(٣٥) محمد بن رجعان (امالي ابن الطوسي ج ٢ / ٣٠٣ إلى ص ٣٠٨)(٣٦) محمد بن سفيان أبوجعفر البزوفري (مشيخة التهذيبين في طرقه إلى أحمد بن إدريس، ومحمد بن أحمد بن يحيى الاشعري وأحمد بن محمد بن عيسى، والغيبة ١١٠ و ٢٠٣، و ٢٠٩، و ٢٦١، و ٢٦٥).(٣٧) محمد بن وهبان الديبلي (النجاشي في أحمد بن إبراهيم ابن المعلى العمي)(٣٨) نصر بن عامر بن وهب أبوالحسن السنجاري (النجاشي روى عنه عنه جمع كتبه وقال قال: قرأت عليه أكثرها، وأجازني الباقي).(٣٩) هارون بن موسى التلعكبري (مشيخة التهذيبين في طرقه إلى جماعة منهم الكليني، وفي الفهرست في ترجمة الكلينى، وإبراهيم ابن اسحاق الاحمري، واحمد بن علي الخضيب الايادي، وفي أمالي ابن الطوسي ج ١ / ٣٠٧ إلى ص ٣٢٦ وج ٢ / ٥٨ / ٢٥٦ إلى ص ٢٦٣ و ٣٠٨ إلى ص ٣١٤ وفي الغيبة روى عن جماعة عن التلعكبري في روايات كثيرة منها في(٢١١). والحسين بن عبيد الله داخل فيهم).

(٤٠) محمد بن وهبان أبوعبدالله الازدي (أمالي ابن الطوسي ج ٢ / ٢٩٣)(٤١) محمد بن وهبان ابوعبدالله الهنائي البصري (الامالي ج ٢ / ٢٧١ إلى ص ٢٨٣) ولعله يتحد مع سابقه فلا حظ. وقد أدرك الحسين بن عبيد الله الغضائريرحمه‌الله عبيد الله بن أبي زيد أبا طالب الانباري شيخ أصحابنا في عصره المتوفى(٣٥٦) لما قدم بغداد كما يأتي في ترجمته وقوله: قال الحسين بن عبيد الله: قدم أبوطالب بغداد واجتهدت أن يمكنني أصحابنا من لقائه فأسمع منه فلم يفعلوا ذلك. وقال الشيخ في الفهرست في ترجمة أحمد بن محمد بن عمار أبي علي الكوفي(٢٩): قال الحسين بن عبيد الله: توفي أبوعلي أحمد بن محمد بن عمار سند ٣٤٦.وفي ترجمة أحمد بن محمد أبي غالب الزراري(٣٢) بعد ذكر كتبه: قال الحسين بن عبيد الله: قرأت سائره عليه عدة دفعات ومات (رض) في سنة ٣٦٨. (*)

٢٨٢

٢٨٣

٢٨٤

وماترحمه‌الله في نصف صفر سنة إحدى عشر وأربعمائة(١) .

____________________

(١) كما تقدم عن الشيخ في رجاله وعن ابن حجر في لسان الميزان. (*)

٢٨٥

١٦٥ - الحسين بن علي بن الحسين بن محمد ابن يوسف الوزير أبوالقاسم المغربي

من ولد بلاس بن بهرام جور (معرب كور) وأمه فاطمة بنت أبي عبدالله بن محمد بن ابراهيم بن جعفر النعماني شيخنا صاحب كتاب الغيبة(١) .

____________________

(١) يأتي في ترجمة هارون بن عبدالعزيز ابي علي الاراجني الكاتب رقم(١١٨٥) قوله: وكان حسن التخصيص بمذهبنا، وهو جد أبي الحسين علي بن الحسين المغربي الكاتب والد الوزير أبي القاسم.

وفي ترجمة محمد بن ابراهيم بن جعفر النعماني رقم(١٠٤٥) قوله: كان الوزير أبوالقاسم الحسين بن علي بن الحسين بن الحسين بن علي ابن محمد بن يوسف المغربي ابن بنته فاطمة بنت أبي عبدالله محمد بن ابراهيم النعمانيرحمهم‌الله . وقال ابن خلكان: وأما هو فأمه بنت محمد بن ابراهيم بن جعفر النعماني. ذكره في (أدب الخواص). وذكره إبن خلكان في الوفيات ج ١ / ٤٢٨ بنسبه وزاد بعد يوسف: ابن بحر بن بهرام بن المرزبان بن ماهان بن بادان بن ساسان بن الحرون بن بلاش بن جاماس بن فيروز بن يزدجرد بن بهرام جور المعروف بالوزير المغربي وذكر نحوه الحموي في المعجم ج ١٠ / ٧٩. ولقب وهو وساير أهله بالمغربي بأحد أجداده: أبوالحسين علي ابن محمد.كانت له ولاية في الجانب الغربي ببغداد وكان يقال: له المغربي. كذا ذكره ابن خلكان. وقال وجدت في بعض المجاميع ما صورته: وجد بخط والد الوزير المغربي على ظهر " مختصر اصلاح المنطق " الذي اختصره ولده الوزير ما مثاله: ولد سمله الله تعالى، وبلغه مبالغ الصالحين في أول وقت طلوع الفجر من ليلة صباحها يوم الاحد الثالث عشر من ذي الحجة سنة سبعين وثلثمائة، واستظهر القرآن العزيز، وعدة من الكتب المجردة في النحو واللغة، ونحو خمسة عشر الف بيت من مختار الشعر القديم ونظم الشعر، وتصرف في النثر، وبلغ من الخط إلى ما يقصر عنه نظرائه ومن حساب المولد، والجبر، والمقابلة إلى ما يستقل بدونه الكاتب، وذلك كله قبل استكماله أربع عشرة سنة، واختصر هذا الكاتب، فتناهى في اختصاره وأوفي على جميع فوائده حتى لم يفته شئ من ألفاظه وغير من أبوابه ما أوجب التدبير تغييره للحاجة إلى الاختصار وجمع كل نوع إلى ما يليق به، ثم ذكرت له نظمه بعد اختصاره، فابتدأ به وعمل منه عدة أوراق في ليلة، وكان جميع ذلك قبل استكماله سبع عشرة سنة، وأرغب إلى الله سبحانه في بقائه ودوام سلامته. أه‍ كلام والده. وذكره نحوه ملخصا في معجم الادباء. وابن حجر في لسان الميزان ج ٢ / ٣٠١ وقال ابن حجر: وكان كثير الازراء بالفضلاء يسأل النحوي عن الفقه، والفقيه عن التفسير، والمفسر عن العروض وأمثال ذلك، وكان ينسب إلى الدهاء وخبث الباطن مع ما فيه من التشيع إلى آخر كلامه. (*)

٢٨٦

٢٨٧

له كتب: منها كتاب خصائص علم القرآن(١) ، كتاب إختصار إصلاح المنطق(٢) ، كتاب إختصار غريب المصنف، رسالة في القاضي والحاكم، كتاب الالحاق بالاشتقاق، إختيار شعر أبي تمام، اختيار شعر البختري، إختيار شعر المتنبي والطعن عليه(٣) .

____________________

(١)وفي لسان الميزان: وله تفسير (إلى أن قال:) وإنه أملى عدة مجالس في تفسير القرآن والاحتجاج في التنزيل بكثير من الاحاديث المسموعة له.وفى المعالم(١٣٨) أبوالقاسم المغربي بالوزير له كتاب المصابيح في تفسير القرآن.

(٢) وفي لسان الميزان: اختصر (كتاب اصلاح المنطق) إختصارا جيدا وشرع في نظمه، كل ذلك قبل أن يستكمل سبع عشرة سنة.

(٣) وفي لسان الميزان: ذكر له كتبا أخر منها: كتاب أدب الخواص والايناس في النوادر في النسب، ديوان نظم كثير المحاسن، رسالة فيها أسئلة من عدة فنون. وقال: دالة على تبحره في العلوم. وفي وفيات الاعيان: هو صاحب الديوان: الشعر، والنثر، وله (مختص إصلاح المنطق)، وكتاب " الايناس " وهو مع صغر حجمه كثير الفائدة، ويدل على كثرة اطلاعه، وكتاب " أدب الخواص "، وكتاب " المأثور، في ملح الخدور " وغير ذلك. وكان لابي العلاء أحمد بن عبدالله المعري المتوفي(٤٤٩) إليه رسائل. قال أبوالحسن الباخرزي المتوفي سنة ٤٦٧ في دمية القصر ج ١ / ١٧٦ / ٣١ عند ذكر إبي القاسم الوزير المغربي: قرأت في رسائل أبي العلاء المعري اليه ما نبهني عليه، وعرفني درجته في البلاغة إوختصاصه من صناعة النظم والنثر بحسن الصياغة، وكان يلقب بالكمال ذي الجلالتين ولم يقع إلي من شعره إلا ماأنشدنيه الاديب يعقوب بن احمد النيسابوري قال الخ.ولما توفي الشريف الرضي الموسويرحمه‌الله أرثاه الوزير المغربي بقصيدة منها:

أذكرتنا يابن النبي محمد

يوما طوى عني اباك محمدا

ولقد عرفت الدهر قبلك ساليا إلا عليك فما أطاق تجلدا

ما زال نصل الدهر يأكل غمده

حتى رأيت في حشاه مغمدا

ذكره محمد بن شاكر الشافعي في عيون التواريخ في وقايع سنة(٤٠٦). (*)

٢٨٨

توفيرحمه‌الله يوم النصف من شهر رمضان سنة ثمان عشرة وأربعمائة(١) .

____________________

(١) قال ابن خلكان: توفي في ثالث عشر شهر رمضان سنة ثماني عشرة وأربعمائة، وقيل ثمان وعشرين والاول أصح، وكانت وفاته بميافارقين، وحمل إلى الكوفة بوصية منه، وله في ذلك حديث يطول شرحه، ودفن بها في تربة مجاورة لمشهد الامام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وأوصى أن يكتب على قبره (من الخفيف).

كنت في سفرة الغواية والجمل

مقيما فحان مني قدوم

تبت من كل مأثم فعسى يمحي

بهذا الحديث ذاك القديم

بعد خمس واربعين، لقد ما

طلت، إلا أن العزيم كريم

وذكره ياقوت الحموي في معجمه نحوه.(*)

٢٨٩

١٦٦ - الحسين بن محمد بن جعفر الخالع

أبوعبدالله الشاعر الاديب، له كتاب صنعة الشعر، كتاب المدارات، كتاب أمثال العامة(١) .

____________________

(١) قال السيوطي في بغية الواعاة(٢٣٥): الحسين بن محمد ابن جعفر بن محمد بن الحسين الرافقي النحوي يالمعروف بالخالع. قال الصفدي: كان من كبار النجاة، أخذ عن الفارسي، والسيرافي ويقال: انه من ذرية معاوية، فكان من الشعراء. صنف الامثال، تخيلات العرب، شرح شعر أبي تمام، صناعة الشعر، الاودية والجبال والرمال، وغير ذلك كان موجودا في عشر الثمانين وثلاثمائة قلت: حدث عنه الخطيب انتهى. وذكره نحوه في معجم الادباء ج ١٠ / ١٥٥ لكن ذكر وفاته سنة(٣٦٨).وذكره ابن النديم(٢٤٦) في الشعراء المحدثين بعد الثلثمائة قال: الخالع أبوعبدالله محمد بن الحسين (الحسين بن محمد ظ)، لقى سيف الدولة وله من الكتب. وذكره الخطيب في تاريخه ج ٨ / ١٠٥ قائلا: الحسين بن محمد ابن جعفر بن الحسن بن محمد بن عبدالباقي، أبوعبدالله الشاعر المعروف بالخالع.رافقي الاصل سكن الجانب الشرقي من بغداد وحدث عن احمد بن الفضل بن خزيمة.إلى أن قال: كتبت عنه. إلى أن قال: مات الخالع في يوم الاثنين العاشر من شعبان سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة، وكان يذكر انه ولد في يوم السبت مستهل جمادي الاولى سنة ثلاث وثلاثين وثلثمائة. (*)

٢٩٠

مذهبه: لم يصرح الماتن (ره) بمذهبه إلا ان ذكره في مصنفي أصحابنا الامامية مع عدم تعرضه لمذهبه على ما هو طريقته يشير إلى كونه من الشيعة الامامية نعم لم أقف على من عده منهم ولا على ما يشير إلى ذلك. وأما ما في مجمع الرجال من ذكر كتاب (الزيارات) بدل ما في نسخة المتن (كتاب المدارات)، فلو ثبت فلا يدل على تشيعه فلا حظ. وقد ترجمه العامة في كتبهم في الرجال والتراجم وفي النجاة والشعراء والادباء ولم أقف عاجلا على رميهم اياه بالتشيع والظاهر انه عامي. نعم ضعفوه بانه كذاب كما في ميزان الاعتدال ج ١ / ٥٤٧، وفي لسان الميزان ج ٢ / ٣١٠ وعولا في ذلك على الخطيب فيما رواه وسمعه عن محمد بن احمد المصري الصواف قال: لم اكتب ببغداد عمن أطلق عليه الكذب من المشايخ غير أربعة أحدهم ابوعبدالله الخالع: وذكره الخطيب في تاريخه ج ٨ / ١٠٦ في ترجمته. قلت: ومن العجيب انهم أطلقوا تضعيفه بأنه كذاب واعتمدوا في ذلك على محمد بن احمد أبي الفتح الصواف المصري المتوفى(٤٤٠) الذي ضعفوه في ترجمته، بانه متهم، وكان يشتري من الوراقين الكتب التي لم يكن سمعها ويستمع فيها لنفسه. ذكره الذهبي في ميزان الاعتدال ج ٣ / ٤٦٣، والخطيب في تاريخ بغداد ج ١ / ٣٥٤. هذا آخر باب الحسن والحسين ويأتي بعده

٢٩١

تذييل باب الحسن والحسين

الحسن بن ابي الحسين احمد ابومحمد الناصر الصغير هو جد الادنى للسيدين الشريفين الرضي والمرتضى علم الهدىرضي‌الله‌عنه ما وقد مدحه الشريف المرتضى في ديباجة كتابه في شرح (الناصريات) عند ذكر نسبه قائلا: أما ابومحمد الحسن الملقب بالناصر بن ابي الحسين احمد الذي شاهدته وكاثرته، وكانت وفاته ببغداد في سنة ثمان وستين وثلثمائة، فانه كان خيرا، فاضلا، دينا، نقي السريرة، جميل النية، حسن الاخلاق، كريم النفس، وكان معظما مبجلا مقدما في أيام معز الدولة، وغيرها، لجلالة نسبه، ومحله في نفسه، ولانه كان ابن خالة بختيار عز الدولة، فان ابا الحسين احمد والده تزوج بحجر (حجير خ ل) بنت سهلان كساء الديلمي، وهي خالة بختيار، وأخت زوجة معز الدولة، ولوالدته هذه بيت كبير في الديلم، وشرف معروف. وولى أبومحمد الناصر جدي الادنى النقابة على العلويين بمدينة السلام عند اعتزال والديرحمه‌الله لها سنة اثنى وستين وثلثمائة. وقال في عمدة الطالب(٣١٠) في عقب ابي الحسين احمد بن الناصر مالفظه: أبومحمد الحسن الناصر الصغير النقيب ببغداد، وأبو الحسن محمد، فمن ولد الناصر ابوالقاسم ناصر الملقب (بريقا) بن الحسين بن احمد بن الحسن الناصر الصغير المذكور، ومنهم فاطمة بنت

٢٩٢

الناصر الصغير المذكور وهي ام الرضيين ابني ابي أحمد النقيب الموسوي. قلت: تقدم تمام نسبه في الحسن بن علي الناصر. الحسن بن أحمد أبوالقاسم وكيل الناحية المقدسة روى الصدوق (ره) في الاكمال(٤٥٩) عن ابيه (رض) عن سعد بن عبدالله قال حدثني أبوالقاسم ابن ابي حليس قال: كنت أزور الحسينعليه‌السلام في النصف من شعبان، فلما كان سنة من السنين وردت العسكر قبل شعبان وهممت أن لا أزور في شعبان فلما دخل شعبان قلت: لا أدع زيارة كنت أزورها، فخرجت زائرا، وكنت اذا أردت العسكر أعلمتهم برقعة أو برسالة، فلما كان في هذه الدفعة قلت لابي القاسم الحسن بن احمد الوكيل: لا تعلمهم بقدومي فاني اريد ان اجعلها زورة خالصة قال: فجائني ابوالقاسم وهو يبتسم وقال: بعث الي بهذين الدينارين وقيل لي: ادفعهما إلى الحليسي وقل له: من كان في حاجة الله عزوجل كان الله في حاجته الحديث بطوله. قلت وفيه امور تدل على عنايته (ع) للحليسي، والحليسي غير مذكور بشي في الرجال. الحسن بن أحمد الكوفي هو الذي صلى على علي بن جندب الكوفي سنة ثمان وستين ومأتين. ذكره الشيخ في رجاله(٤٧٩) فيمن لم يرو عنهم (ع) في علي بن جندب.

٢٩٣

الحسن بن أيوب بن نوح

كان من اصحاب ابي محمد العسكري (ع)، ومن جماعة الشيعة الذين وفق لهم التشرف بزيارة امامنا الحجة عجل الله فرجه الشريف في أيام أبيه ابي محمد العسكريعليهما‌السلام وسمعوا منه النص على امامة ولده (ع) وخلافته من بعده ذكرناه في طبقات اصحابهما في حديث طويل، وهو غير الحسن بن أيوب المتقدم ص ١٠١ / ١١٢

الحسن بن حبيش الاسدي الكوفي

ذكره الشيخ في اصحاب الباقر (ع)(١١٢) قائلا: الحسن بن حبيش الاسدي روى عنه ابراهيم بن عبدالحميد الكوفي. وفي أصحاب الصادق (ع)(١٦٧): الحسن بن حبيش الاسدي الكوفي.وقال أيضا(١٦٦): الحسن بن حبيش الكوفي. وعن نسخة بدله: الحسن بن خنيس الكوفي. (بالخاء المعجمة والسين المهملة) وفي جامع الرواة حكى الثاني عن نسخة قديمة صحيحة. وفي مجمع الرجال ضبطه كذلك. وقال ابن داود(١٠٦) الحسن بن خنيس بالخاء المعجمة والنون المفتوحة والسين المهملة. ق (حج، كش) ثقة، وهو غير الحسن بن حبش (بالحاء المهملة والباء المفردة) ذاك روى عن قر، ق. وقال البرقي في أصحاب الباقرعليه‌السلام (١٢): الحسن بن أبي حبيش.

٢٩٤

وقال الكشي(٢٥٤): محمد بن مسعود قال حدثني حمدويه قال حدثني الحسن بن موسى عن جعفر بن محمد الخثعمي عن ابراهيم ابن عبد الحيمد الصنعاني عن أبي أسامة زيد الشحام قال: كنت عند أبي عبدالله (ع) إذ مر الحسن بن حبيش، فقال أبوعبدالله (ع)، أتحب هذا؟ هذا من أصحاب أبي (ع).وبهذا الاسناد عن إبراهيم عن رجل عن أبي عبدالله وأبي الحسنعليهما‌السلام قال: ينبغي للرجل أن يحفظ أصحاب أبيه فان بره بهم بره بوالديه. وقال العلامة في الخلاصة(٤١) بعد الحديث الاول: روى السيد على بن احمد العقيقي العلوي عن ابيه عن ابراهيم بن هاشم عن ابن ابي عمير عن ابراهيم بن عبدالحميد عن ابي عبداللهعليه‌السلام مثل ماروى الكشي. قلت: الحديثان قاصران سندا أما بطريق الكشي، فبالخثعمي المجهول مع قصور الثاني سندا أيضا بالارسال وأما بطريق العقيقي فضعيف بالعقيقي المطعون، ودلالة لعدم دلالة كونه من اصحاب ابي جعفر (ع) على وثاقته مع عدم ذكر الحسن بالخصوص في الثاني. ثم انه لايبعد اتحاد الجميع وكونه من اصحاب الصادقين (ع) بقرينة رواية ابراهيم بن عبدالحميد عنه، فروى في الكافي ج ١ / ١٧٢ باب تحليل الميت عن علي بن ابراهيم عن ابيه، ومحمد بن اسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا عن ابن ابي عمير عن ابراهيم بن عبدالحميد عن الحسن بن خنيس قال قلت لابي عبدالله (ع) ان لعبد الرحمان بن سيابة دينا الحديث، ورواه الصدوق في باب الدين والقرض من الفقيه ٣٦١ / ٣١ باسناده عن ابراهيم بن عبدالحميد عن الحسن بن الخنيس

٢٩٥

قال قلت لابي عبدالله (ع) الحديث.واما ما في التهذيب ج ٦ / ١٩٥ / ٤٢٦: وعنه (محمد بن علي بن محبوب) عن يعقوب بن يزيد عن ابن ابي عمير عن ابراهيم بن عبدالحميد قال قلت لابي عبدالله الحديث، فالظاهر بقرينة الكافي، والفقيه: سقوط (عن الحسن بن خنيس) من نسخ الكتاب. ولم أقف على رواية للحسن ابن خنيس غير ما تقدم.

الحسن بن الحسين الانباري

التهذيب ج ٦ / ٣٣٥ عن محمد بن يعقوب عن (الكافي ج ١ / ٣٥٩) علي بن ابراهيم عن أبيه عن علي بن الحكم عن الحسن بن الحسين الانباري عن أبي الحسن الرضا (ع) قال: كتبت إليه أربعة عشر سنة استأذنه في عمل السلطان فلما كان في آخر كتاب كتبته اليه أذكر: إنني أخاف على خيط عنقي وان السلطان يقول: رافضي ولسنا نشك في انك تركت عمل السلطان للترفض، فكتب إلى ابوالحسن (ع) انك اذا وليت عملت في عملك بما أمر به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم تصير أعوانك وكتابك من أهل ملتك، وإذا صار إليك شئ واسيت به فقراء المؤمنين حتى تكون واحدا منهم كان ذا بذا، وإلا فلا. الحسن بن الحسين الذي روى عنه ابراهيم بن سليمان النهمي ذكره الشيخ في الفهرست(٥١) بعد الحسن بن علي الكلبي ورواياته بقوله: والحسن بن الحسين، له روايات رويناهما بالاسناد

٢٩٦

الاول (أخبرنا به أحمد بن عبدون عن الانباري) عن حميد عن ابراهيم ابن سليمان عنهما. قلت: طريقه موثق بحميد الواقفي الثقة هذا بناء‌ا على وثاقة ابن عبدون وساير مشايخ النجاشي. ثم إنه لم يتميز الحسن بن الحسين إلا برواية ابراهيم بن سليمان النهمي عنه، وهو ثقة في الحديث كما تقدم في ترجمته ج ١ / ٢٧١، ويمكن اتحاد الحسن بن الحسين هذا مع الحسن بن الحسين الانباري المتقدم.

فلاحظ. الحسن بن الحسين ابوالفضل العلوي ذكره الشيخ بلا كنيته في أصحاب الرضا (ع)(٣٧٤) وفي أصحاب الهاديعليه‌السلام (٤١٤). ولعله الذي اشتكى عن احمد ابن حماد المروزي عند أبي الحسن الهادي (ع). ذكره الكشي في ترجمته(٣٤٧). ودخل على أبي محمد العسكريعليه‌السلام فهنأه بولادة الامام الحجة أرواحنا فداه. رواه الشيخ في الغيبة(١٣٨) قال: أخبرنا جماعة عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري عن أحمد بن علي الرازي قال حدثني محمد ابن علي عن حنظلة بن زكريا الثقة قال حدثني عبدالله بن العباس العلوي وما رأيت أصدق لهجة منه وكان خالفنا في أشياء كثيرة قال حدثني أبوالفضل الحسين بن الحسن العلوي قال: دخلت على أبي محمد (ع) بسر من رأى، فهنأته بسيدنا صاحب الزمان (ع) لما ولد. ورواه أيضا(١٥١) عن شيخه ابن أبي جيد القمي عن ابن الوليد

٢٩٧

عن عبدالله بن العباس بن عبدالله بن الحسن بن علي بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب (ع) عن أبي الفضل الحسين بن الحسن بن الحسين بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) قال الحديث.رواه الصدوق (ره) في الاكمال(٤٤٠) عن ابن الوليد عن ابن الوليد عن محمد بن الحسن الكرخي قال حدثنا عبدالله بن العباس العلوي الحديث. قلت: قد اختلفت الروايات وكلام الاصحاب في الضبط تارة (الحسن) وأخرى (الحسين). الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن ابيطالب (ع) المدني المعروف بالحسن بالمثلث ذكره الشيخ في اصحاب الباقر (ع)(١١٢) وقال: المدني، تابعي عن جابر بن عبدالله وهو اخو عبدالله بن الحسن وابراهيم لامهما وأبيهما أمهم فاطمة بنت الحسين بن علي بن ابيطالب (ع) توفى قبل وفاة أخيه عبدالله. وفي اصحاب الصادق (ع) ايضا(١٦٥) وقال: تابعي روى عن جابر بن عبدالله مات سنة خمس وأربعين ومائة بالهاشمية، وهو ابن ثمان وستين سنة. قلت: أن صح ما ذكره الشيخ وغيره في تاريخ وفاته ومدة عمره فلا تصح روايته عن جابر المتوفى(٧٨) كما ذكرها الشيخ وغيره فان ولادة الحسن على هذا سنة(٧٧). قال البخاري في سر السلسلة(١٤): وابوعلي الحسن بن الحسن ابن الحسن بن علي بن ابيطالب (ع) امه فاطمة بنت الحسين بن علي بن

٢٩٨

ابيطالب (ع). مات سنة خمس واربعين ببغداد في حبس المنصور. قلت: أي خمس واربعين بعد المائة. وذكره في عمدة الطالب مع عقبه(١٨٢). وقال ابوالفرج في مقاتل الطالبيين(١٢٦) بعد ذكره وذكر امه: وكان متألها، فاضلا، ورعا، يذهب في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى مذهب الزيدية، ثم روى روايات تدل على انه كان لا يدهن ولا يكتحل ولا يلبس ثوبا لينا، ولا يأكل طيبا مادام أخيه عبدالله بالحبس ثم قال: وتوفى الحسن بن الحسن في محبسه بالهاشمية في ذي القعدة سنة خمس وأربعين ومائة وهو ابن ثمان وستين سنة. قلت: واشار ابوالفرج إلى وفاته في حبس الهاشمية في ابراهيم أخيه(١٢٧) وفى على أخيه(١٢٩) وهناك روايات في توصيف محبسهم وظلمته وانه لايعرف اوقات الصلوات الا بأجزاء يقرؤها علي بن الحسن ابن الحسن بن الحسن. وفى رواية: حبسهم ابوجعفر في محبس ستين ليلة ما يدرون بالليل ولا بالنهار ولا يعرفون وقت الصلاة الا بتسبيح علي بن الحسن. وقد قيدوا بالحديد والاغلال وضيق عليهم حتى نحفت ابدانهم وضعفت ففي رواية سليمان بن داود بن الحسن والحسن ابن جعفر قالا: لما حبسناكان معنا علي بن الحسن وكانت حلق أقيادنا قد إتسعت فكنا اذا أردنا صلاة أو نوما جعلناها عنا فاذا خفنا دخول الحراس أعدناها الحديث. وذكره الخطيب في تاريخه ج ٧ / ٢٩٣ بترجمة وأرخ وفاته بالهاشمية كما تقدم. قلت: قد أوردنا ما ورد في احوال الحسن بن الحسن بن الحسن وفى محبسه في كتابنا في اخبار الرواة. قال الكشي في ترجمة سليمان بن خالد(٢٣٠): حمدويه قال

٢٩٩

حدثنا محمد بن عيسى قال حدثني يونس عن ابن مسكان عن سليمان ابن خالد قال: لقيت الحسن بن الحسن فقال أما لنا حق أما لنا حرمة اذا اخترتم منا رجلا واحدا، كفاكم؟ فلم يكن عندي جواب، فلقيت أبا عبداللهعليه‌السلام فأخبرته بما كان من قوله لي، فقال لي ألقه، فقل له: أتيناكم، فقلنا: هل عندكم ما ليس عند غيركم، فقلتم: لا، فصدقناكم وكنتم أهل ذلك، وأتينا بني عمكم، فقلنا: هل عندكم ما ليس عند الناس، فقالوا: نعم. فصدقناهم وكانوا أهل ذلك، قال فلقيته، فقلت له ما قال لي، فقال لي الحسن: فان عندنا ما ليس عند الناس، فلم يكن عندي شئ، فأتيت أبا عبداللهعليه‌السلام فأخبرته، فقال لي: ألقه وقل: ان الله عزوجل يقول في كتابه " أتوني بكتاب من قبل هذا أو اثارة من علم ان كنتم صادقين " فأقعدوا حتى نسألكم. قال فلقيته، فحاججته بذلك، فقال لي أفما عندكم شئ الا تعيبونا ان كان فلان يفزع وشغلنا فذاك الذي يذهب بحقنا. محمد بن الحسن الصفار في بصائر الدرجات(١٥٦) باب(١٤) حدثنا يعقوب بن يزيد ومحمد بن الحسين عن محمد بن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن علي بن سعد قال: كنت قاعدا عند أبي عبداللهعليه‌السلام وعنده أناس من أصحابنا فقال له معلى بن خنيس: جعلت فداك ألقيت من الحسن بن الحسن ثم قال له الطيار: جعلت فداك بينا أنا أمشي في بعض السكك اذ لقيت محمد بن عبدالله بن الحسن على حمار حوله أناس من الزيدية الحديث. قلت: بالتأمل في الحديثين يظهر إن المراد بالحسن بن الحسن هو الحسن بن الحسن بن الحسن أخو عبدالله وعم محمد ويتضح بما رواه الصفار في هذا الباب وهو أن الائمة (ع) أعطوا الجفر والجامعة

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672