مفاهيم القرآن الجزء ١

مفاهيم القرآن8%

مفاهيم القرآن مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
تصنيف: مفاهيم القرآن
ISBN: 964-357-249-8
الصفحات: 672

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 672 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 149749 / تحميل: 5728
الحجم الحجم الحجم
مفاهيم القرآن

مفاهيم القرآن الجزء ١

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
ISBN: ٩٦٤-٣٥٧-٢٤٩-٨
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

وذكره في الحاوي في الضعاف(1) ، وليس في محلّه.

وفيمشكا : ابن محمّد أبو محمّد المتكلّم الحاذق ، عنه أبو أيّوب الخزّاز ، وأبو بصير(2) .

509 ـ ثعلبة بن عمرو :

أبو عمرة الأنصاري ، ل(3) .

وفيهب : بدريّ ، عنه ابنه عبد الرحمن(4) . ثمّ في الكنى : صحابي ، قتل مع عليّعليه‌السلام (5) .

ويأتي في الحصين بن المنذر مدحه ، وفي الكنى أيضا(6) .

أقول : لم يذكره في الحاوي(7) ولا في الوجيزة ، وهو عجيب سيّما من الثاني.

510 ـ ثعلبة بن ميمون :

مولى بني أسد ، ثمّ مولى بني سلامة منهم ، أبو إسحاق النحوي ، كان وجها في أصحابنا ، وكان قارئا فقيها نحويّا لغويّا راوية ، وكان حسن العمل كثير العبادة والزهد ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسنعليهما‌السلام ،جش (8) .

صه إلاّ قوله : منهم أبو إسحاق النحوي ، وزاد(9) : وكان فاضلا متقدّما‌

__________________

(1) حاوي الأقوال : 235 / 1280.

(2) هداية المحدّثين : 28.

(3) رجال الشيخ : 12 / 13 ، وفيه : أبو عميرة.

(4) الكاشف 1 : 118 / 717.

(5) الكاشف 3 : 319 / 303.

(6) يأتي ذلك نقلا عن الكشّي : 7 / 14 ، 8 / 17 ، 11 / 24.

(7) بل ذكره في حاوي الأقوال : 369 / 2185 في باب الكنى بعنوان : أبو عمرة الأنصاري.

(8) رجال النجاشي : 117 / 302.

(9) في نسخة « ش » : وزاد صه.

٢٠١

معدودا في العلماء والفقهاء(1) الأجلّة في هذه العصابة ، سمعه هارون الرشيد يدعو في الوتر فأعجبه(2) .

ثمّ زادجش : له كتاب ، عنه به عبد الله بن المزخرف الحجّال.

وفيكش : حمدويه ، عن محمّد بن عيسى : أنّ ثعلبة بن ميمون مولى محمّد بن قيس الأنصاري ، وهو ثقة خيّر فاضل مقدّم معلوم معدود في العلماء والفقهاء الأجلّة(3) من هذه العصابة(4) ، انتهى.

واعلم أنّه يقال له : أبو إسحاق الفقيه كما في جميل(5) ، وأبو إسحاق النحوي كما فيجش .

وفيتعق : في الوجيزة : ثقة(6) .

قلت : هو من أعاظم الثقات والزهّاد والعبّاد والفقهاء والعلماء الأمجاد.

وربما يتأمّل في وثاقته لعدم ذكرها بلفظها ـ وما فيكش الظاهر أنّه من محمّد بن عيسى ـ وهذا التأمّل في غاية الركاكة.

ولعمري إنّجش لم يكن يدري بأنّه سيجي‌ء من يقنع بمجرّد ثقة بل بمجرّد رجحانه ، ولا يكفيه جميع ما ذكر ، على أنّ محمّد بن عيسى من الثقات الأجلّة كما ستعرف ، مع أنّ ذكركش ذلك ليس مجرّد حكاية ، بل هو في مقام الاعتماد والاعتداد. ومرّ في الفوائد ماله دخل(7) .

__________________

(1) في المصدر : الفضلاء ، القضاة ( خ ل ).

(2) الخلاصة : 30 / 1.

(3) كذا ورد في هامش المصدر عن نسخة ، وفي المتن : والفقهاء والأجلّة.

(4) رجال الكشّي : 412 / 776 ، وقوله : معدود ، لم ترد فيه.

(5) راجع رجال الكشّي : 375 / 705 في تسمية الفقهاء من أصحاب أبي عبد اللهعليه‌السلام .

(6) الوجيزة : 172 / 317.

(7) تعليقة الوحيد البهبهاني : 76.

٢٠٢

واحتمل بعض أن يكون : وهو ثقة. إلى آخره ، من كلامكش ، قال : وهو خلاف الظاهر.

أقول : واحتمل في الحاوي كونه من كلام حمدويه(1) .

ولا يخفى أنّ المتأمّل في وثاقته متأمّل في وثاقة محمّد ، كما يظهر من كلامه ، وعليه فلا كلام معه.

وأمّا سائر الأوصاف السابقة عنجش فلا تفيد أكثر من الحسن ، والوثاقة مأخوذ فيها مضافا إلى العدالة الضبط. نعم على القول بوثاقة محمّد ـ كما هو الصحيح ـ لا مجال للتوقّف في وثاقته إن قلنا بكون التعديل من باب الإخبار أو الظنون الاجتهادية.

وقد ذكره في الحاوي ـ مع ما عرف من طريقته ـ في الثقات.

وفيمشكا : ابن ميمون الثقة ، عنه أبو محمّد عبد الله بن محمّد المزخرف الحجّال ، وابن أبي عمير ، ومحمّد بن إسماعيل بن بزيع ، وعليّ ابن الحكم.

وهو عن زرارة ، وأبي بكر الحضرمي ، والصادق والكاظمعليهما‌السلام (2) .

511 ـ ثوير بن أبي فاختة :

واسم أبي فاختة : سعيد بن علاقة. روىكش عن محمّد بن قولويه ، عن محمّد بن عباد بن بشير ، عن ثوير ، قال : أشفقت على أبي جعفرعليه‌السلام من مسائل هيّأها له عمرو بن ذر وابن قيس الماصر والصلت بن بهرام.

__________________

(1) حاوي الأقوال : 38 / 116.

(2) هداية المحدّثين : 28.

٢٠٣

وهذا لا يقتضي مدحا ولا قدحا ، فنحن في روايته من المتوقّفين ،صه (1) .

وقالشه : دلالة الخبر على القدح أظهر ، لأنّه يدلّ على عدم علمه بحقيقة الإمامعليه‌السلام على ما ينبغي(2) .

وفيجش : ابن أبي فاختة ، أبو جهم الكوفي ، واسم أبي فاختة سعيد ابن علاقة ، يروي عن أبيه ، وكان مولى أم هاني بنت أبي طالب.

قال ابن نوح : حدّثني جدّي ، عن بكر بن أحمد ، عن محمّد بن عبد الله البزّاز ، عن محمود بن غيلان ، عن شبابة بن سوّار ، قال : قلت ليونس ابن أبي إسحاق : مالك لا تروي عن ثوير؟ فإنّ إسرائيل يروي عنه. قال : ما أصنع به ، كان رافضيّا(3) .

وفيقر : ابن أبي فاختة سعيد بن جهمان مولى أم هاني(4) .

وزادق بعد جهمان : الهاشمي(5) .

وزادين علىق : تابعي(6) .

وفيقب : ابن أبي فاختة ـ بمعجمة مكسورة ومثنّاة ـ سعيد بن علاقة ـ بكسر المهملة ـ الكوفي ، أبو الجهم ، ضعيف ، رمي بالرفض ، من الرابعة(7) .

__________________

(1) الخلاصة : 30 / 2.

(2) تعليقة الشهيد الثاني على الخلاصة : 18.

(3) رجال النجاشي : 118 / 303.

(4) رجال الشيخ : 111 / 5.

(5) رجال الشيخ : 161 / 10 ، وفيه بعد أم هاني : كوفي.

(6) رجال الشيخ : 85 / 5 ، والصواب ـ كما في رجال الميرزا ـ بدلق : قر.

(7) تقريب التهذيب 1 : 121 / 54.

٢٠٤

وفيكش : محمّد بن قولويه القمّي ، قال : حدّثني محمّد بن عباد بن بشير(1) ، عن ثوير بن أبي فاختة ، قال : خرجت حاجّا ، فصحبني عمرو(2) بن ذر القاضي وابن قيس الماصر والصلت بن بهرام ، فكانوا إذا نزلوا منزلا قالوا : انظر الآن فقد حرّرنا أربعة آلاف مسألة نسأل أبا جعفرعليه‌السلام عنها(3) عن ثلاثين كلّ يوم ، وقد قلّدناك ذلك.

قال ثوير : فغمّني ذلك. حتّى إذا دخلت(4) المدينة افترقنا ، فنزلت أنا على أبي جعفرعليه‌السلام ، فقلت له : جعلت فداك إنّ ابن ذر وابن قيس الماصر والصلت صحبوني ، وكنت أسمعهم يقولون : قد حرّرنا أربعة آلاف مسألة نسأل أبا جعفرعليه‌السلام عنها ، فغمّني ذلك!

فقال أبو جعفرعليه‌السلام : ما يغمّك من ذلك ، إذ جاءوا فأذن لهم. الحديث(5) .

وفيتعق : قيل : ويقال : ثور ، والظاهر أنّه يذكر مكبّرا ومصغّرا ، كما يأتي في الحسين بن ثور(6) .

وقولشه : دلالة الخبر. إلى آخره ، لا تأمّل في كونه من مشاهير الشيعة ، يظهر بملاحظة ما ذكر وغيره ، وحكاية الإشفاق لا تضرّ بالنسبة إلى‌

__________________

(1) في المصدر : محمّد بن قولويه القمّي ، قال : حدّثني محمّد بن بندار القمّي ، عن أحمد بن محمّد البرقي ، عن أبيه محمّد بن خالد ، عن أحمد بن النضر الجعفي ، عن عباد بن بشير. إلى آخره ، وسيشير إليه المصنّف في آخر الترجمة.

(2) في المصدر : عمر.

(3) في المصدر : منها.

(4) في المصدر : دخلنا.

(5) رجال الكشي : 219 / 394.

(6) تعليقة الوحيد البهبهاني : 114.

٢٠٥

شيعة ذلك الزمان ، وفي جهم بن أبي الجهم(1) ما له ربط(2) .

أقول : عن كتاب ميزان الاعتدال : ثوير بن أبي فاختة من الروافض(3) .

وفي الوجيزة : فيه مدح وذمّ(4) ، فتأمّل.

ثمّ إنّ الإشفاق لا يستلزم ظنّه عجزهعليه‌السلام ليكون غير عارف بحقيقة الإمامعليه‌السلام ، بل لعلّه لإشفاقه عليهعليه‌السلام أن يتأذى لخبثهم ورداءة لسانهم ، أو لعدم تمكّنهعليه‌السلام من إظهار الحقّ تقيّة منهم ؛ فلا يتوجّه إليه ذمّ أصلا.

هذا ، ولا يخفى ما في سند الرواية من السقط فيصه ورجال الميرزا(5) وسبقهماطس (6) ، لأنّ ثوير ينقر ق فكيف يروي عنه محمّد بن قولويه بواسطة واحدة.

والذي في نسختي من الاختيار ونقله في المجمع عنكش هكذا : محمّد بن قولويه ، عن محمّد بن بندار القميّ ، عن أحمد بن محمّد البرقي ، عن أبيه محمّد بن خالد ، عن أحمد بن النضر الجعفي ، عن عبّاد‌

__________________

(1) قال في التعليقة : 89 في ترجمته : ذكر في ترجمة سعيد بن أبي الجهم أنّ آل أبي الجهم بيت كبير في الكوفة. ولعلّ أبا الجهم هذا هو ثوير بن أبي فاختة ، وجهم هذا هو والد هارون بن الجهم الثقة ، فيكون : جهم ابن ثوير بن أبي فاختة. فعلى هذا يظهر جلالة ثوير وأبيه سعيد. إلى آخره.

(2) تعليقة الوحيد البهبهاني : 76.

(3) ميزان الاعتدال 1 : 375 / 1408.

(4) الوجيزة : 172 / 322.

(5) منهج المقال : 76.

(6) التحرير الطاووسي : 104 / 71.

٢٠٦

ابن بشير ، عن ثوير بن أبي فاختة. إلى آخره(1) .

512 ـ ثوير بن عمرو :

ابن عبد الله المرهبي(2) الهمداني ، أسند عنه ،ق (3) .

__________________

(1) رجال الكشّي : 219 / 394 ، مجمع الرجال : 1 / 302 ، وفيه بدل النضر : النصر.

(2) في نسخة « م » : الرهبي.

(3) رجال الشيخ : 161 / 11 ، وفيه بعد الهمداني زيادة : الكوفي.

٢٠٧
٢٠٨

باب الجيم‌

513 ـ جابر بن شمير :

الأسدي ، كوفي ، أبو العلاء ، أسند عنه ،ق (1) .

514 ـ جابر بن عبد الله :

الأنصاري ، ن(2) ، سين(3) .

وزاد ين قبل الأنصاري : ابن حرام ، وبعده : صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (4) . ونحوهقر (5) .

وفيي : المدني ، العربي ، الخزرجي(6) .

وفيل : شهد بدرا وثماني عشرة غزوة مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مات سنة ثمان وسبعين(7) .

وفيقب : ابن حرام ، بمهملة وراء(8) .

وفيصه : أوردكش في مدحه روايات كثيرة من غير أن يورد ما يخالفها ، وقد ذكرناها في الكتاب الكبير.

قال الفضل بن شاذان : إنّه من السابقين الّذين رجعوا إلى أمير‌

__________________

(1) رجال الشيخ : 163 / 34.

(2) رجال الشيخ : 66 / 1.

(3) رجال الشيخ : 72 / 1.

(4) رجال الشيخ : 85 / 1 ، وفيه : ابن عمرو بن حزام.

(5) رجال الشيخ : 111 / 1.

(6) رجال الشيخ : 37 / 3.

(7) رجال الشيخ : 12 / 2.

(8) تقريب التهذيب 1 : 122 / 9.

٢٠٩

المؤمنينعليه‌السلام .

وقال ابن عقدة : أنّه منقطع إلى أهل البيتعليهم‌السلام .

وروي مدحه عن محمّد بن مفضل ، عن محمّد بن سنان ، عن حريز ، عن الصادقعليه‌السلام (1) ، انتهى.

وفيكش حديث السابقين(2) .

وفيه أيضا : حمدويه وإبراهيم ابنا نصير ، عن أيّوب بن نوح ، عن صفوان بن يحيى ، عن عاصم بن حميد ، عن معاوية بن عمّار ، عن أبي الزبير المكّي ، قال : سألت جابر بن عبد الله فقلت : أخبرني أيّ رجل كان عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ؟ فرفع حاجبيه(3) عن عينيه ـ وقد كان سقط على عينيه ـ فقال : ذلك(4) خير البشر ، أما والله إن(5) كنّا لنعرف المنافقين على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ببغضهم إيّاه(6) .

محمّد بن مسعود ، عن عليّ بن محمّد ، عن أحمد بن يحيى(7) ، عن محمّد المنقري(8) ، عن عليّ بن الحكم ، عن فضيل بن عثمان(9) ، عن أبي‌

__________________

(1) الخلاصة : 34 / 1.

(2) رجال الكشّي : 38 / 78 نقل عن الفضل بن شاذان أنّه قال : إنّ من السابقين الّذين رجعوا إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام : أبو الهيتم بن التيهان ، وأبو أيّوب ، وخزيمة بن ثابت ، وجابر ابن عبد الله.

(3) في نسخة « م » : حاجبه.

(4) في المصدر : ذاك.

(5) في المصدر : إنّا ( خ‌

(6) رجال الكشّي : 40 / 86.

(7) في المصدر : عن محمّد بن أحمد بن يحيى.

(8) في المصدر : عن محمّد بن السفري.

(9) في المصدر : عن فضل بن عثمان.

٢١٠

الزبير المكّي ، قال : رأيت جابرا يتوكّأ على عصاه وهو يدور سكك(1) المدينة ومجالسهم ويقول : عليّ خير البشر من أبى فقد كفر ، معاشر الأنصار أدّبوا أولادكم على حبّ علي ، فمن أبى فلينظر في شأن أمّه(2) .

أبو محمّد جعفر بن معروف ، عن الحسن بن عليّ بن النعمان ، عن أبيه ، عن عاصم الحنّاط ، عن محمّد بن مسلم ، قال : قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام : إنّ لأبي مناقب ما هي(3) لآبائي ، إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لجابر بن عبد الله الأنصاري : إنّك تدرك محمّد بن علي ، فأقرئه منّي السلام.

فأتى جابر منزل عليّ بن الحسينعليه‌السلام ، فطلب محمّد بن عليّعليه‌السلام ، فقال(4) : هو في الكتّاب ، أرسل لك إليه؟ قال(5) : لا ، ولكنّي أذهب إليه.

فذهب في طلبه ، فقال للمعلّم : أين محمّد بن علي؟ قال : هو في تلك الرفقة ، أرسل لك إليه؟ قال : لا ، ولكنّي أذهب إليه.

فجاءه والتزمه(6) وقبّل رأسه وقال : إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أرسلني إليك برسالة ، أن أقرئك السلام.

قال : عليه وعليك السلام.

ثمّ قال له جابر : بأبي أنت وأمّي اضمن لي أنت الشفاعة يوم القيامة.

__________________

(1) في المصدر : في سكك.

(2) رجال الكشّي : 44 / 93.

(3) في المصدر : ما هنّ.

(4) في المصدر : فقال له عليّعليه‌السلام .

(5) في نسخة « ش » : فقال.

(6) في المصدر : فالتزمه.

٢١١

قال : قد فعلت ذلك يا جابر(1) .

وفيه أحاديث أخر في مدحه.

وفيتعق : في آخر الباب الأوّل منصه عن قي : أنّه من الأصفياء(2) .

ولا يخفى أنّه من الجلالة بمكان لا يحتاج إلى التوثيق.

ووثّقه خالي(3) .

وقيل : لا يبعد استفادة توثيقه من وجوه كثيرة(4) .

أقول : الظاهر أنّه الفاضل عبد النبي الجزائري ، فإنّه مع ما عرفت من طريقته ذكره في الثقات وقال : حاله في الانقطاع إلى أهل البيتعليهم‌السلام والجلالة أشهر من أن يذكر ، ولا يبعد استفادة توثيقه من وجوه كثيرة(5) ، انتهى.

وفيطس نحو ما فيصه إلاّ النقل عن ابن عقدة(6) .

ويأتي في أبيه(7) وفي وردان مدحه(8) .

515 ـ جابر المكفوف :

الكوفي ،ق (9) .

__________________

(1) رجال الكشّي : 42 / 89.

(2) الخلاصة : 192 ، رجال البرقي : 3.

(3) الوجيزة : 173 / 324.

(4) تعليقة الوحيد البهبهاني : 77.

(5) حاوي الأقوال : 43 / 140.

(6) التحرير الطاووسي : 116 / 83.

(7) وفيه نقلا عن رجال الكشّي : 41 / 87 عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : كان عبد الله أبو جابر ابن عبد الله من السبعين ومن الاثني عشر ، وجابر من السبعين وليس من الاثني عشر.

(8) في رجال الكشّي : 123 / 194 عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : ارتدّ الناس بعد قتل الحسينعليه‌السلام إلاّ ثلاثة : أبو خالد الكابلي ويحيى بن أم الطويل وجبير بن مطعم.

وعن حمزة بن محمّد الطيّار مثله وزاد فيه : جابر بن عبد الله الأنصاري.

(9) رجال الشيخ : 163 / 32.

٢١٢

وفيصه : روىكش عن محمّد بن مسعود ، عن عليّ بن الحسن(1) ، عن العبّاس ، عن جابر المكفوف : أنّ الصادقعليه‌السلام وصله بثلاثين دينارا وعرض بمدحه.

وروى ابن عقدة عن عليّ بن الحسن ، عن عبّاس بن عامر ، عن جابر المكفوف ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : دخلت عليهعليه‌السلام فقال : أما يصلونك؟ فقلت : ربما فعلوا. فوصلني بثلاثين دينارا ، ثمّ قال : يا جابر ، كم من عد إن غاب لم يفقدوه وإن شهد لم يعرفوه ، في أطمار(2) ، لو أقسم على الله لأبرّ قسمه(3) ، انتهى.

وفيكش : محمّد بن مسعود ، قال : حدّثني عليّ بن الحسن. إلى آخر ما نقله عن ابن عقدة(4) .

أقول : الروايتان واحدة إلاّ أنّ الذي فيكش بدل ابن عقدة : محمّد ابن مسعود ، والثانية بلفظها والأولى بمعناها ، كما فيطس أيضا(5) .

هذا ، وفي الوجيزة : ممدوح(6) .

516 ـ جابر بن يزيد :

روىكش فيه مدحا وبعض الذم ، والطريقان ضعيفان ، ذكرناهما في الكتاب الكبير.

وقال السيّد عليّ بن أحمد العقيقي العلوي : روى أبي ، عن عمّار بن‌

__________________

(1) في نسخة « ش » : عن محمّد عن علي بن الحسن.

(2) أطمار جمع طمر بالكسر ، وهو الثوب الخلق ، تاج العروس : 3 / 360.

(3) الخلاصة : 35 / 3.

(4) رجال الكشّي : 335 / 613.

(5) التحرير الطاووسي : 115 / 82.

(6) الوجيزة : 173 / 325.

٢١٣

أبان(1) ، عن الحسين بن أبي العلاء : أنّ الصادقعليه‌السلام ترحّم عليه وقال : إنّه كان يصدق علينا.

وقال ابن عقدة : روى محمّد بن أحمد(2) بن البرّاء الصائغ ، عن أحمد ابن الفضل ، عن(3) حنّان بن سدير ، عن زياد بن أبي الحلال : أنّ الصادقعليه‌السلام ترحّم على جابر وقال : إنّه كان(4) يصدق علينا ، ولعن المغيرة وقال : إنّه كان يكذب علينا.

وقالغض : جابر بن يزيد الجعفي الكوفي ثقة في نفسه ولكن جلّ من روى عنه ضعيف فممّن أكثر عنه من الضعفاء عمرو بن شمر الجعفي ، ومفضّل بن صالح السكوني(5) ، ومنخل بن جميل الأسدي. وأرى الترك لما روى هؤلاء عنه والوقف في الباقي إلاّ ما خرج شاهدا.

وقالجش : جابر بن يزيد الجعفي لقي أبا جعفر وأبا عبد اللهعليهما‌السلام ، ومات في أيّامه سنة ثمان وعشرين ومائة ، روى عنه جماعة غمز فيهم وضعّفوا ، منهم : عمرو(6) بن شمر ، ومفضّل بن صالح ، ومنخل بن جميل ، ويوسف بن يعقوب ، وكان في نفسه مختلطا.

وكان شيخنا أبو عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان ينشدنا أشعارا كثيرة في معناه تدلّ على الاختلاط ، ليس هذا موضعا لذكرها.

والأقوى عندي الوقف(7) فيما يرويه هؤلاء عنه كما قاله الشيخ ابن‌

__________________

(1) في المصدر : روي عن أبي عمّار بن أبان.

(2) في المصدر : أحمد بن محمّد.

(3) في المصدر : ابن.

(4) كان ، لم ترد في نسخة « ش ».

(5) في المصدر : والسكوني.

(6) في نسخة « م » : عمر.

(7) في المصدر : التوقّف.

٢١٤

الغضائري ،صه (1) .

وفيجش : ابن يزيد أبو عبد الله وقيل : أبو محمّد الجعفي ، عربيّ قديم. نسبه(2) : بني(3) الحارث بن عبد يغوث بن كعب بن الحارث بن معاوية بن وائل بن مرار بن(4) جعفي. لقي أبا جعفر وأبا عبد اللهعليهما‌السلام . إلى آخره(5) .

وزاد بعد لذكرها : وقلّ ما يورد عنه شي‌ء في الحلال والحرام.

له كتب ، منها التفسير ، الربيع بن زكريّا الورّاق ، عن عبد الله بن محمّد ، عنه به.

وهذا عبد الله بن محمّد يقال له : الجعفي ، ضعيف.

ثمّ ذكر له عدّة من الكتب وجملة من الطرق(6) .

وفيست : له أصل ، ابن أبي جيد ، عن ابن الوليد ، عن الصفّار ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن المفضّل ابن صالح ، عنه.

ورواه حميد ، عن إبراهيم بن سليمان ، عنه.

وله كتاب التفسير ، عمّار(7) بن مروان ، عن منخل بن جميل ، عنه به(8) .

__________________

(1) الخلاصة : 35 / 2.

(2) في نسخة « ش » : نسبته.

(3) في المصدر : ابن.

(4) ابن ، لم ترد في نسخة « م ».

(5) إلى آخره ، لم ترد في نسخة « ش ».

(6) رجال النجاشي : 128 / 332.

(7) كذا ورد في فهرست طبعة مشهد : 73 / 139 والمصادر التي تنقل عنه ، والموجود في طبعه النجف : 45 / 157 : عثمان.

(8) الفهرست : 45 / 157.

٢١٥

وفيقر : ابن يزيد بن حارث بن عبد يغوث الجعفي ، توفّي سنة ثمان وعشرين ومائة على ما ذكر ابن حنبل ، وقال يحيى بن معين : مات سنة اثنين وثلاثين(1) .

وفيق : تابعي ؛ أسند عنه ، روى عنهما(2) .

وفيهب : عنه شعبة والسفيانان ، من أكبر علماء الشيعة ، وثّقه شعبة فشذّ وتركه الحفّاظ(3) .

وفيقب : ضعيف ، رافضي ، من الخامسة ، مات سنة سبع وعشرين ومائة ، وقيل : سنة اثنين وثلاثين(4) .

واعلم أنّ قولصه : التوقّف فيما يرويه هؤلاء ، مشعر بقبول ما يرويه عنه الثقات ، ولعلّه الصواب ، فإنّ(5) تلك الإشعار إن كان ممّا(6) قيلت فيه فلعلّه لسخافة ما نقله عنه هؤلاء الضعفاء ، وإن نقلت عنه أو مضمونها فلعلّ ذلك أيضا من فعل هؤلاء ؛ على أنّ قائلها غير معلوم. وكأنّ مستند نسبة الاختلاط ليس إلاّ هذا ، والله العالم.

وفيكش : حمدويه وإبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن عليّ بن الحكم ، عن زياد بن أبي الحلال ، قال : اختلف أصحابنا في أحاديث جابر الجعفي ، فقلت : أنا(7) أسأل أبا عبد اللهعليه‌السلام . فلمّا دخلت ابتدأني وقال : رحم الله جابر الجعفي كان يصدق علينا ، لعن الله المغيرة بن سعيد‌

__________________

(1) رجال الشيخ : 111 / 6.

(2) رجال الشيخ : 163 / 30.

(3) الكاشف 1 : 122 / 748.

(4) تقريب التهذيب 1 : 123 / 17.

(5) في نسخة « ش » : لأنّ.

(6) في نسخة « ش » : فيما.

(7) في المصدر : لهم.

٢١٦

كان يكذب علينا(1) .

جبرئيل بن أحمد ، حدّثني محمّد بن عيسى ، عن عبد الله بن جبلّة الكناني ، عن ذريح المحاربي ، قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن جابر الجعفي وما روى ، فلم يجبني ـ وأظنّه قال : سألته بجمع فلم يجبني ـ فسألته الثانية ، فقال لي : يا ذريح ، دع ذكر جابر ، فإنّ السفلة إذا سمعوا بأحاديثه شيّعوا(2) ـ أو قال : أذاعوا ـ(3) .

وروي عن سفيان الثوري أنّه قال : جابر الجعفي صدوق في الحديث إلاّ أنّه كان يتشيّع(4) . وحكي عنه أنّه قال : ما رأيت أورع بالحديث من جابر(5) .

وفيتعق : قولجش : روى عنه جماعة غمز فيهم وضعّفوا ، الظاهر أنّه يشير إلى غمزغض وتضعيفه(6) ولم يسندهما إلى نفسه ، ويشير إليه أنّه لم يطعن في بعضهم في ترجمته.

وقوله : قال(7) شيخنا أبو عبد الله ، الظاهر من عبارته في الردّ على الصدوق الآتية في زياد بن المنذر وثاقته(8) .

وقال جدّي : الظاهر أنّه كان من أصحاب أسرارهماعليهما‌السلام ، وكان يذكر بعض المعجزات التي لا تدركها عقول الضعفاء ، فنسبوا إليه ما‌

__________________

(1) رجال الكشّي : 191 / 336.

(2) في المصدر : شنّعوا.

(3) رجال الكشّي : 193 / 340.

(4) في نسخة « م » : تشيّع.

(5) رجال الكشّي : 195 / 346.

(6) وتضعيفه ، لم ترد في نسخة « م ».

(7) في التعليقة : وكان.

(8) الرسالة العددية ـ ضمن مصنفات الشيخ المفيد ـ : 9 / 35.

٢١٧

نسبوا ، سيّما الغلاة والعامّة.

وروى مسلم في أوّل كتابه ذموما كثيرة في جابر(1) ، والكلّ يرجع إلى الرفض وإلى القول بالرجعة(2) .

ووثّقه خالي(3) .

وغض مع إكثاره في الطعن في الأجلّة قال فيه : ثقة في نفسه(4) . وهذا ينادي بكمال وثاقته.

وقولصه : كما قال الشيخ ابن الغضائري ، فيه شي‌ء إلاّ أنّ الأمر فيه سهل.

وببالي أنّ الكفعمي عدّه من البوّابين لهمعليهم‌السلام (5) .

وقوله : اختلف أصحابنا في أحاديث جابر ، نقله في بصائر الدرجات عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن الحكم ، عن زياد بن أبي الحلال ، قال : اختلف الناس في جابر بن يزيد وأحاديثه وأعاجيبه. إلى آخره(6) .

وهذا يدلّ على أنّ منشأ الاختلاف نقل الأعاجيب عنهمعليهم‌السلام (7) .

ويأتي في خالد بن نجيح ونصر بن الصباح ما له ربط.

أقول : ذكره في الحاوي في الضعاف ، قال(8) : لقدحجش فيه ،

__________________

(1) صحيح مسلم : 1 / 20.

(2) روضة المتقين : 14 / 76.

(3) الوجيزة : 173 / 326.

(4) راجع الخلاصة : 35 / 2.

(5) مصباح الكفعمي : 2 / 218.

(6) بصائر الدرجات : 479 / 4 ، باختلاف كثير ، ولم نجد عين النصّ فيه.

(7) تعليقة الوحيد البهبهاني : 77.

(8) في نسخة « ش » : وقال.

٢١٨

وتوثيقغض لا يصلح لمعارضته(1) .

قلت : كلامجش ليس صريحا في ضعفه ، وعلى فرضه فالترجيح للتوثيق لترحّم الإمامعليه‌السلام عليه بل تزكيته ، وعدم مقاومتها لقدحجش طريف ، والسند كما ترى صحيح ، مضافا إلى الحديث الآخر الصريح في جلالته أيضا والسند أيضا معتبر.

ويأتي في يونس بن عبد الرحمن : أنّ علم الأئمّةعليهم‌السلام انتهى إلى أربعة أحدهم جابر(2) .

وفي حاشية المجمع من المصنّف عن ميزان الاعتدال : جابر بن يزيد(3) الجعفي الكوفي أحد علماء الشيعة ، ورع في الحديث ما رأيت أورع منه ، صدوق. وذكر ذمّه كثيرا في التشيّع(4) .

والذي نقله في مجالس المؤمنين عن الميزان هكذا : جابر بن يزيد الجعفي أحد علماء الشيعة. وعن ابن مهدي : أنّه كان ورعا في الحديث ما رأيت أورع منه. قال الشعبي : صدوق. وعدّه يحيى بن أبي بكر من أوثق الناس. وقال : وكيع : ثقة. وروى عبد الحاكم(5) عن الشافعي : أنّ سفيان الثوري كان يقول للشعبي : إن قلت في جابر قلت فيك(6) ، انتهى. أي : إن طعنت فيه طعنت فيك.

وأمّا الاستناد إلى الأشعار فعجيب من مثلجش ، كانت منه أو فيه.

__________________

(1) حاوي الأقوال : 241 / 1324.

(2) رجال الكشّي : 485 / 917.

(3) في المصدر زيادة : ابن الحارث.

(4) مجمع الرجال : 2 / 7 ، والذي فيه : وذكر ذمّه أيضا كثيرا.

(5) في الميزان والمجالس : الحكم.

(6) مجالس المؤمنين : 1 / 306.

٢١٩

وما مرّ عنتعق : من أنّ قولصه فيه شي‌ء ، هو : أنّ الذي حكم بهغض ترك ما يرويه هؤلاء والوقف في الباقي ، لا الوقف فيما يرويه هؤلاء كما أورده الفاضل عبد النبي الجزائري أيضا وكذا المحقّق الشيخ محمّد على العلاّمةرحمه‌الله .

والجواب : أنّ المراد من الوقف الترك ، كما اعترف به الأخير.

والمراد بالمماثلة في خصوص هذا المقدار لا غير ، وإليه الإشارة في قوله دام فضله : إلاّ أنّ الأمر سهل.

وفيمشكا : ابن يزيد الجعفي ، عنه عمرو بن شمر ، وعبد الرحمن بن كثير ، وحريز ، وأبو جميلة المفضّل بن صالح ، والسكوني(1) ، وعبد الله بن محمّد ، والمنخل بن جميل الأسدي ، ويوسف بن يعقوب ، وإبراهيم بن سليمان(2) .

517 ـ الجارود بن المنذر :

أبو المنذر الكندي ، النخّاس ، الكوفي ، روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، ثقة ثقة ،صه (3) .

وزادجش : له كتاب ، عليّ بن الحسن بن رباط ، عنه به(4) .

وفيست : ابن المنذر له كتاب ، ابن أبي جيد ، عن ابن الوليد ، عن الصفّار ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن صفوان بن يحيى ، عنه(5) .

__________________

(1) في المصدر : وأبو جميلة المفضّل بن صالح السكوني.

(2) هداية المحدّثين : 28.

(3) الخلاصة : 37 / 6. وفيها : الكندي ، أبو المنذر ، النخّاس ، كوفي.

(4) رجال النجاشي : 130 / 334.

(5) الفهرست : 45 / 158.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

( وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ ) (١) .

( وَلَهُ مَنْ فِي السَّمٰوَاتِ والأرض وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ *يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتَرُونَ ) (٢) .

( الَّذِينَ يَحْمِلُونَ العَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ ) (٣) .

( فَإِنْ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لا يَسْئَمُونَ ) (٤) .

( وَتَرَىٰ المَلاَئِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ العَرْشِ يُسَبّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ) (٥) .

٣. وربما ذكر القرآن ـ بعد الاخبار عن عموم التسبيح ـ تسبيح الطير إذ يقول:( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمٰوَاتِ والأرضِ وَالطَّيْرُ صَافَّات كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاَتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ) (٦) .

إنّ الإمعان في هذه الآية يفيد أنّ القرآن الكريم ينسب « العلم والوعي » إلى الفريق المسبِّح، ويصرّح بأنّ كل واحد من هذه الموجودات يعلم تسبيح نفسه بمعنى أنّ ما يقع منها من تسبيح يقع عن وعي وشعور بذلك، إذ يقول :

( كُلٌّ ( أي كل واحد من الموجودات العاقلة والطير )قَدْ عَلِمَ صَلاَتَهُ

__________________

(١) الرعد: ١٣.

(٢) الأنبياء: ١٩ ـ ٢٠.

(٣) غافر: ٧.

(٤) فصلت: ٣٨.

(٥) الزمر: ٧٥.

(٦) النور: ٤١.

٢٤١

وَتَسْبِيحَهُ ) .

وقد ورد تسبيح الطير في آيات أُخرى، وهي :

( وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ (١) ) (٢) .

( إِنَّا سَخَّرْنَا الجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإشْرَاقِ *وَالطَيْرَ محْشُورَةً كُلٌّ ( من الجبال والطير )لَهُ أَوَّابٌ ) (٣) .

٤. وفي آيات أُخرى صرح القرآن الكريم بتسبيح الجبال في أوقات خاصة معينة، إذ يقول :

( إِنَّا سَخَّرْنَا الجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإِشْرَاقِ ) (٤) .

وقد جاء تسبيح الجبال في آيات غير هذه الآية أيضاً، وهي :

( وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الجِبَالَ يُسَبِّحْنَ ) (٥) .

( وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ ) (٦) .

٥. وتحدث القرآن عن تسبيح الرعد، فقال :

( وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ ) (٧) .

__________________

(١) عطف على محل الجبال، أي ودعونا الطير لتسبّح معه.

(٢) سبأ: ١٠.

(٣) ص: ١٨ و ١٩.

(٤) ص: ١٨.

(٥) الأنبياء: ٧٩.

(٦) سبأ: ١٠.

(٧) الرعد: ١٣.

٢٤٢

والآن يجب أن نعرف ماذا يعني التسبيح ؟

التسبيح لغة يعني التنزيه عن النقائص والمعايب.

فعندما ينزّه شخص أحداً عن النقائص والمعايب يقال: سبحه، وقدسه.

إذن فينطوي التسبيح على معنى التقديس والتنزيه، وأي تفسير للتسبيح لا يكون حاكياً عن تنزيه الله، وتقديسه من النقائص والعيوب لا يمكن أن يكون تفسيراً صحيحاً ومقبولاً.

آراء المفسّرين في تسبيح الكائنات

إنّ بعض المفسّرين ـ وإن قال بأنّ المراد من لفظة ( ما ) في قوله تعالى:( مَا فِي السَّمٰوَاتِ ) هو الموجودات العاقلة المدركة الشاعرة كالإنسان والملائكة التي تقدّس الباري، وتنزّهه بكامل شعورها وإدراكها ووعيها ـ ولكن كثيراً من المفسّرين لم يرتضوا هذا الرأي وقالوا: بأنّ المقصود من ( ما ) هو مطلق الموجودات ( عاقلة وغير عاقلة، مدركة وغير مدركة ) وظاهر الآية يؤيد هذا الرأي، إذ أنّ لفظة ( ما ) تستعمل عادة في مطلق الموجودات على عكس ( من ) التي تطلق ـ في الأغلب ـ على أصحاب العقل والإدراك.

أضف إلى ذلك أنّ الآية الدالة على سجود الموجودات غير العاقلة لا تختص بالآيات التي وردت فيها لفظة ( ما )، بل كان هناك لفيف من الآيات ذكر فيها تسبيح الطير والجبال والرعد.

وعلى ذلك فالتوجيه المزبور لو صح لتم في القسم الأوّل من الآيات لا في القسم الثاني.

٢٤٣

وقد ذكر فريق من المفسّرين توجيهات مختلفة للتسبيح، ولكن أكثرها وإن كانت صحيحة غير أنّها لا ترتبط بالمعنى الحقيقي للتسبيح، وسوف نشير فيما يلي إلى جملة من هذه الآراء.

النظرية الأُولى(١)

قال أصحاب هذه النظرية: إنّ المراد من التسبيح هو « التسبيح التكويني » بمعنى أنّ وجود كل موجود حادث يشهد ـ بحدوثه ـ أنّ له صانعاً خالقاً حتى أنّ وجود المادي الملحد المنكر لله بلسانه، هو أيضاً، يشهد بوجود الخالق الصانع.

بيد أنّ هذا الرأي ـ رغم صحته واستقامته في حد نفسه ـ لا يمكن أن يكون تفسيراً صحيحاً ومقبولاً للتسبيح، لما قلناه من انطواء التسبيح على معنى ( التنزيه ) والتقديس من العيوب والنقائص، ولا ربط لدلالة الموجودات على وجود خالق لها بمسألة « التنزيه » و « التقديس » عن العيب والنقص والشريك.

النظرية الثانية

وتقول هذه النظرية: إنّ المقصود من التسبيح هو « الخضوع التكويني » الذي يبديه كل واحد من الموجودات الكونية تجاه مشيئة الله وأمره، إذ نحن نلمس بالوجدان كيف يخضع كل الوجود بلا استثناء أمام الإرادة الإلهية، سواء أكان في تقبل الوجود، أم في اتّباع السنن الطبيعية التي قررها وأرساها الله في عالم الكون.

__________________

(١) هذه النظرية إجمال ما سيوافيك في النظرية الثالثة، ولعل مراد من فسر التسبيح بما في هذه النظرية، هو ما سيأتي في ثالثتها من أنّ العالم كما يدل على وجود خالقه يدل على صفاته من توحيده وعلمه و وعلى ذلك تتحد النظريتان.

٢٤٤

فهذه الطاعة المطلقة أزاء تلك الإرادة الإلهية العليا، وهذا الانصياع لتلكم السنن الإلهية هو « تسبيح الموجودات » ليس غير.

ثم يستدل أصحاب هذا الرأي على تسليم جميع الموجودات تجاه الإرادة الإلهية النافذة بآيات، مثل قوله تعالى :

( ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَىٰ السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ) (١) .

وبناء على هذه النظرية فإنّ جميع الآيات التي نسب فيها « السجود » والخضوع إلى كل ما في السماوات والأرض، يمكن أن تكون مؤيدة للرأي المذكور.

ولكنّنا نتصور أنّ هذا الرأي غير صحيح هو أيضاً، ذلك لأنّ مسألة « خضوع » الوجود بأسره وبكل أجزائه، وتسليمه للسنن والقوانين الإلهية لا يرتبط بمسألة تنزيه الله، وتقديسه تعالى من العيب والنقص والشرك، وينبغي أن لا نخلط بين هذين الموضوعين، وإن كان كل منهما صحيحاً وصائباً في حد ذاته.

النظرية الثالثة

ذهب كثير من المفسّرين إلى تفسير تسبيح عموم الموجودات على النحو الآتي، إذ قالوا :

إنّّ النظام العجيب المستخدم في تكوين كل واحد من هذه الموجودات والدقة المتناهية في هذا النظام دليل على « قدرة » عليا و « حكمة » و « علم » مطلقين لصانعها وخالقها.

__________________

(١) فصلت: ١١.

٢٤٥

فالكيان المعقّد والعجيب لكل واحد من هذه الموجودات، والمليء بالأسرار كما يشهد بصدق وجلاء على صانع لها، كذلك يشهد ـ بلسان التكوين ـ على خالق واحد، عالم وقدير وحكيم، وعلى الجملة على « علم » ذلك الصانع و « حكمته » و « قدرته » وخلوّه عن أي نوع من الجهل والعجز والعي، بل يكفي في التسبيح دلالتها على صفاته الكمالية فقط، الملازم لدفع الصفات السلبية ولا يجب أن يكون بصورة سلب النقائص ابتداء.

ففي مجال تنزيه الله عن « الشريك » مثلاً، تأتي شهادة هذه الموجودات على النحو الآتي :

إنّ النظام الواحد الذي يسود في الذرة والمجرّة على السواء يشهد بأنّ الكون بأسره وجد بإرادة خالق وصنع صانع واحد دون أن تكون لأي خالق آخر مشاركة في هذا الخلق والصنع، وأنّ وحدة النظام دليل على وحدة المنظم وعدم الشريك له سبحانه.

وكذا إنّ سيادة نظام موحد على مجموع أجزاء الكون كما تفيد أنّ ثمة « منظماً واحداً » يحكم هذا العالم، كذلك تكشف الأسرار الدقيقة، والتقدير المتقن عن « علم » صانعها و « حكمته » و « قدرته » الملازم لتنزّهه عن الجهل واللعب والعجز(١) ، وقد مر أنّه يكفي في التسبيح دلالة الشيء على كمال المؤثر الملازم

__________________

(١) هذا مضافاً إلى أنّ هذه النظرية تفصيل لما أجمل في النظرية الأُولى، فإنّ القائل بالنظرية الأُولى أجمل القول واكتفى بالقول بأنّ كل موجود حادث يدل على وجود محدثه، لكن القائل بالنظرية الثالثة بسط الكلام وأفاد بأنّ وجود كل حادث كما يدل بحدوثه على وجود محدثه، كذلك يدل بصفاته ( أعني: النظام السائد فيه ) على صفات موجده من العلم والقدرة والحكمة، وخلوّه عن العجز والجهل والعبث.

ولأجل هذا قلنا إنّ النظرية الثالثة تفصيل لما جاء في الأُولى.

٢٤٦

لدفع العيب عنه ولا يلزم أن يدل على تنزيهه من الجهل مطابقة.

ولنا على هذا الرأي الذي اعتمد عليه كثير من المفسّرين ملاحظات من عدة جهات :

١. إذا كان هذا هو مقصوده سبحانه من تسبيح عموم الموجودات، فهو ممّا يدركه ويفقهه جميع الناس أو أكثرهم، ولا معنى لأن يقول القرآن في سورة الإسراء الآية ٤٤:( وَلَكِن لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ) .

وقد اضطر البعض إلى إصلاح هذه النظرية بتفسير جملة( لا تَفْقَهُونَ ) بأنّها بمعنى عدم الانتباه والالتفات، وإنّ أكثر الناس غير منتبهين إلى تسبيح الموجودات، أمّا لانغماسهم في المادية، أو لأجل كون دلالة الموجودات على « تنزيه » الله عظيمة جداً بحيث لا يمكن للبشر أن يقف على مداها.

ولكن لا يخفى انّ هذا التوجيه خلاف ظاهر الآية، ولو صح ما فسروا به جملة( لا تَفْقَهُونَ ) للزم أن يقول « ولكنكم إذا لاحظتم تفقهون » أو ما يناسب ذلك مع ما نعرف من الدقة في التعبير القرآني، لا أن يسلب عنهم العلم والفهم بتاتاً.

هب أنّ أكثر الناس غير واقفين على دقة الخلقة وأسرارها والروابط السائدة على المخلوقات غير أنّ ذلك لا يصحح سلب العلم عن الناس عامة، جاهلهم وعالمهم، ولا سيما في هذا العصر الذي ظهرت فيه البواطن والأسرار واكتشفت الحقائق.

٢. إذا كان تسبيح الموجودات بالمعنى المذكور في هذه النظرية، ( أي أنّنا يمكن أن ندرك من التدبّر في خلقة الأشياء نزاهة خالقها وصانعها من الجهل

٢٤٧

والعجز ) فلماذا وصف القرآن بعض الحيوانات كالطير بإدراكها لتسبيحها وتنزيهها لربها وكونها تعلم بحقيقة تسبيحها إذ قال :

( كُلّ ( أي كل من في السماوات والأرض والطير )قَد عَلِمَ صَلاَتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ) (١) .

وبتعبير أوضح: لماذا نسب القرآن الكريم « العلم » إلى الطير بشكل صريح في حين أنّ مقتضى هذه النظرية هو أنّها لا تعلم بتسبيح نفسها، ولا تشعر ولا تدرك ذلك، بل نحن فقط نشعر ونعلم بتسبيحها التكويني من التدبّر في خلقتها ودقة صنعتها دون أن تشعر هي نفسها بذلك.

اللّهم إلّا أن يخصص العلم ـ بحكم ظاهر الآية ـ بالموجودات العاقلة للفظة( مَن فِي السَّمٰوَاتِ وَالأَرْضِ ) وخصوص الطير.

٣. إذا كان المقصود من تسبيح الكائنات هو ما جاء في هذه النظرية لما كان لهذا التسبيح وقت خاص، وزمان معين.

بل هو ( أي التسبيح بلسان التكوين ) حقيقة ملازمة للكائنات في كل وقت وآن، بحيث يدركها البشر أنّى تدبّر في خلقتها، وأنّى تفكّر في تكوينها، وتمعّن في صنعها، في حين أنّ القرآن الكريم يحدّد زمن « تسبيح الجبال » بأوقات خاصة من طرفي النهار بكرة وأصيلاً، إذ يقول في سورة ( ص الآية ١٨ ) :

( يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإِشْرَاقِ ) (٢) .

__________________

(١) النور: ١٤.

(٢) إلّا أن يكون « العشي والإشراق » كنايتين عن مداومة التسبيح طول الليل والنهار، وعند ذلك لا يصلح هذا الوجه للاستدلال.

٢٤٨

نعم يمكن أن يقال: إنّ تحديد تسبيحها بالعشي والإشراق، لأجل أنّ تسبيح داود كان محدّداً بهذين الوقتين وكانت الجبال يسبحنّ معه، ولأجل تلك التبعية صار تسبيح الجبال محدّداً بها.

ولكن ذلك لا يضر بالمقصود، إذ هو حاك عن سريان شعور مرموز إليها بحيث تدرك تسبيح ولي الله سبحانه في أوقات خاصة فتنطلق تسبح معه كما هو صريح الآية.

واحتمال أنّ تسبيح الجبال كتكلّم شجرة موسى، وأنّ التسبيح إذا صدر من عباد الله الصالحين، تتجاوب معه الجبال بصورة خارقة كتكلم الشجرة بأمره، ولأجل ذلك صح اسناد التسبيح إلى الجبال، احتمال لا يمكن الركون إليه في تفسير الآية إلّا بشاهد من نفسها أو خارجها والظاهر هو المتبع ما لم يذدنا عنه البرهان.

على أساس هذه الملاحظات ـ بالرغم من صحة نظرية التسبيح التكويني في كل موجود في حد ذاتها ـ لا يمكن حمل « آيات التسبيح الكوني » عليها والقول بأنّها ناظرة إلى هذا المعنى.

النظرية الرابعة

وهذه النظرية هي للفيلسوف الإسلامي الجليل المرحوم « صدر المتألّهين » صاحب الآراء الجليلة في الإلهيات، وما وراء الطبيعة، وأحد كبار المؤسّسين

٢٤٩

لأُصول الفلسفة الإسلامية، المحقّقين النادرين(١) .

يقول هذا الفيلسوف الإسلامي ما توضيحه :

إنّ الكون بجميع أجزائه يسبح لله ويحمده ويثني عليه تعالى عن شعور وإدراك.

فلكل موجود من هذه الموجودات نصيب من الشعور والإدراك بقدر ما يملك من الوجود من نصيب.

وعلى هذا الشعور تسبّح الموجودات كلّها، خالقها، وبارئها، وربها سبحانه وتنزّهه عن كل نقص وعيب.

ثم يقول :

إنّ العلم والشعور والإدراك كل ذلك متحقّق في جميع مراتب الوجود، ابتداء من « واجب الوجود » إلى النباتات والجمادات، وأنّ لكل موجود يتحلّى بالوجود سهماً من الصفات العامة كالعلم والشعور والحياة و و ولا يخلو موجود من ذلك أبداً، غاية ما في الأمر أنّ هذه الصفات قد تخفى علينا ـ بعض الأحيان ـ لضعفها وضآلتها.

على أنّ موجودات الكون كلّما ابتعدت عن المادة والمادية، واقتربت إلى التجرد، أو صارت مجردة بالفعل ازدادات فيها هذه الصفات قوة وشدة ووضوحاً

__________________

(١) ولد عام ٩٧٩ ه‍ في شيراز من بلاد إيران، وتوفّي عام ١٠٥٠ ه‍ في طريق الحج في البصرة.

لقد أنشأ المرحوم السيد حسين البروجردي في تاريخ وفاته قوله ـ كما في كتابه نخبة المقال ـ :

ثم ابن إبراهيم صدر الأجل

في سفر الحج « مريضاً » ارتحل

قدوة أهل العلم والصفاء

يروي عن الداماد والبهائي

٢٥٠

بينما كلما ازدادت اقتراباً من المادة والمادية، وتعمقت فيها، ضعفت فيها هذه الصفات، وضؤلت حتى تكاد تغيب فيها بالمرة، كأنّها تغدو خلوة من العلم والشعور والإدراك ولكنّها ليست كذلك ( أي أنّها ليست خلوة من العلم والشعور والإدراك ) ـ كما نتوهم ـ إنّما بلغ فيها ذلك من الضعف، والضآلة بحيث لا يمكن إدراكها بسهولة وسرعة(١) .

ثم إنّ صاحب هذه النظرية أثبتها عن طريق الأدلة والبراهين الفلسفية، والمكاشفات النفسانية.

على أنّه خطا خطوة أكبر، إذ قال: انّ ما يقوله القرآن بأنّ البشر لا يفقه تسبيح الموجودات، ناظر إلى أغلب الناس، لأنّ أغلبهم لا يفقهون هذا التسبيح، ولا يمنع ذلك من أن يفقهه بعض العارفين الذين ارتبطت أرواحهم بحقائق الموجودات، فلمسوا تسبيح الكائنات عامة، بعين القلب، واطّلعوا على تقديسها لله سبحانه، وانقيادها لمشيئته، وخضوعها له.

أجل أنّ القلوب الخالية من الوساوس الشيطانية، الطاهرة من العلائق المادية التي صارت محلاً للنور الإلهي ومحطّاً للفيوض الربانية، ومهبطاً للبركات المعنوية قادرة على « مشاهدة » هذه الحقائق العليا، مشاهدة وجدانية، وإدراكها إدراكاً قلبياً لا يتطرق إليه شك، وماذا يمنع من ذلك يا ترى ؟

* * *

وبعد أن وصل البحث إلى هذه النقطة يلزم أن نحاول الوصول إلى هذه الحقيقة القرآنية، بالتدبّر في آياتها التي تنسب الشعور والعلم إلى عموم

__________________

(١) راجع الأسفار: ١ / ١٨ و ٦ / ١٣٩ ـ ١٤٠، الطبعة الجديدة.

٢٥١

الموجودات، لأنّ القرآن إذا نسب « التسبيح والحمد » إلى عمومها، فهو في نفس الوقت يصف كل ذرات العالم بأنّها شاعرة، ومدركة، وسامعة.

فإذا وضعنا هاتين الطائفتين من الآيات إلى جانب بعض، ثبتت لنا صحة النظرية التي ذهب إليها « صدر المتألّهين ».

وإليك ـ فيما يأتي ـ الآيات الدالة على سريان الشعور، والعلم في عامة الموجودات بدءاً من الذرة وانتهاء بالمجرة، مع ما يمكن استنباطه واستفادته من هذه الآيات.

سريان الشعور في عموم الموجودات

ويمكن إثبات هذا الادّعاء عن طريقين :

أوّلاً: عن طريق الآيات التي تشهد على وجود الشعور، وسريانه في جميع موجودات هذا العالم، أحيائها، وغير أحيائها.

ثانياً: عن طريق البراهين والدلائل العقلية التي تثبت وجود الشعور في كل ذرات الكون.

وإليك الطريق الأوّل: ويتألف من آيات متعددة هي :

١. يشهد القرآن ـ بصراحة ووضوح ـ على أنّ النمل تتمتع بشعور خاص، لأنّها عندما مر على واديها سليمان وجنوده راحت نملة تخاطب بني نوعها وتحثّها على الدخول في بيوتها لئلاّ يسحقها سليمان وجنوده، كما يحدثنا القرآن إذ يقول :

( يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ ) (١) .

__________________

(١) النمل: ١٨.

٢٥٢

وكان هذا النداء التطميني ( أو التحذيري ) من تلك النملة، نداء حقيقياً، واقعياً، ولا يمكن أن نحمله على معنى مجازي، وندعي بأنّ ما قالته النملة كان بلسان « الحال »، وذلك لأنّ سليمان تبسّم على أثر سماعه ذلك النداء، ودعا ربّه أن يوفقه للشكر على ما وهبه وأنعم عليه وعلى والديه، إذ يقول القرآن :

( فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِنْ قَوْلِهَا (١) وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ ) (٢) .

٢. انّ في القرآن قصة عن الهدهد تكشف عن شعور خاص لدى هذا الطائر، بحيث يمكن للهدهد أن يميز بواسطته: الموحد عن المشرك وبحيث كان سليمان يبعثه في إنجاز مهام معينة تحتاج إلى الشعور وتتطلب العلم والفهم.

وإليك هذه القصة بلسان القرآن نفسه :

( وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَالِيَ لا أَرَىٰ الهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الغَائِبِينَ *لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَان مُبِين *فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيد فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَم تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ *إِنِّي وَجَدْتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيء وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ *وَجَدْتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ * إلّايَسْجُدُوا لله الَّذِي يُخْرِجُ الخَبْءَ فِي السَّمٰوَاتِ والأرض وَيَعْلَمُ مَا تُخُفْونَ وَمَا تُعْلِنُونَ *اللهُ لا إِلَهَ إلّا هُوَ رَبُّ العَرْشِ العَظِيم *قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ

__________________

(١) إنّ في لفظة « قولها » دلالة على أنّ نداءها لم يكن بلسان الحال، بل كان بالكلام والقول الذي ينطلق من شعور وأدراك.

(٢) النمل: ١٩.

٢٥٣

مِنَ الكَاذِبِينَ *اذْهَب بِكِتَابِي هَذا فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرجِعُونَ ) (١) .

ألا يدل فعل هذا الطائر ـ العجيب ـ الذي يدرك كل الأُمور الدقيقة، ويخبر عنها بدقة وأمانة، ويمتثل لأُوامر سيده سليمان على أحسن وجه.

أقول: ألا يدل كل هذا على أنّ هذا الطائر يتمتع بشعور خاص وإدراك مخصوص هو الذي أهّله لتحمّل تلك المسؤولية الكبيرة الدقيقة ؟

٣. يعد القرآن من مفاخر سليمان: علمه بمنطق الطير، وهذا يكشف عن وجود منطق خاص للطير كاشف عن شعوره بما يقول، إذ قال :

( وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ ) (٢) .

كما أنّ القرآن يخبرنا بأنّ سليمان ألّف جيشاً ضخماً من الإنسان والجن والطير، وكانت جميعها تحت أمره، ورهن إرادته، وإشارته :

( وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الجِنِّ وَالإِنْسِ وَالطَّيْرِ ) (٣) .

وهكذا يستفاد من مجموع هذه الآيات أنّ الطيور والنمل تتمتع بنوع خاص من الوعي والشعور، وأنّه لو أُتيح للإنسان أن يحكم على الكون كله، لاستطاع أن يتحدث معها ويعرف حديثها، وأن يستفيد منها في إرساء النظام التوحيدي وتقوية دعائمه، وتحطيم مظاهر الشرك والوثنية وتقويض قواعدها، كما استفاد سليمان من الهدهد ذلك الأمر، والظاهر أنّه لا خصوصية للمورد.

__________________

(١) النمل: ١٩ ـ ٢٨.

(٢) النمل: ١٦.

(٣) النمل: ١٧.

٢٥٤

سريان الشعور في الجمادات

تحدّثت الآيات القرآنية عن هذه الحقيقة بنحو ما، وراحت تنسب أفعالاً إلى ( الجمادات ) تقترن بالشعور وتثبت الإدراك لها.

فالقرآن الكريم يرى أنّ سقوط بعض الصخور من نقطة ما إنّما هو نتيجة خوفها من الله وخشيتها منه تعالى إذ يقول :

( وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ الله ) (١) .

نعم ربما يحتمل أنّ المراد من قوله تعالى :( وإِنَّ مِنها ( مِنَ الحْجَارَةِ )لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ ) هو التعبير عن شدّة قسوة قلوب اليهود، بشهادة أنّ من الحجارة ما تتفجّر منه الأنهار، دون قلوبهم، وانّ من الحجارة ما يهبط من خشية الله دونها، وعند ذاك لا تصلح الآية للاستدلال على سريان الشعور في الموجودات عامّة.

غير انّ هذا الاحتمال لا يضر بما ذهبنا إليه، فإنّ التعبير عن شدّة قسوة قلوبهم يجتمع مع دلالة الآية على سريان الشعور في عامّة الموجودات، فإنّ الآية أثبتت للحجارة صفتين: التفجّر، والهبوط من خشية الله.

فكما أنّ التفجّر أمر حقيقي لها، فكذلك الهبوط من خشية الله أمر حقيقي لها، ومع ذلك تدلّ على شدّة قسوة قلوبهم.

وفي آية أُخرى يخبر القرآن الكريم عن قضية عرض الأمانة على السماوات والأرض والجبال، وامتناع هذه الأشياء عن حملها خشية وإشفاقاً فيقول :

( إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَىٰ السَّمٰوَاتِ والأرض وَالجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا

__________________

(١) البقرة: ٧٤.

٢٥٥

وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنْسَانُ ) (١) .

غير أنّ طائفة من المفسّرين فسّروا هذه الآية ونظائرها بالمعاني المجازية، وبأنّ كل هذا الذي يخبر عنه القرآن تم بلسان الحال، بمعنى أنّها أبين وأشفقن عن تحمّل الأمانة المعروضة عليها، بلسان حالها، لا بلسان مقالها الكاشف عن الشعور في حين أنّ هذا التفسير والحمل ضرب من اتخاذ المواقف قبل البحث والدرس وهو أمر لا مبرر له، إذ لا دليل على حمل مثل هذه الآيات على غير ظاهرها، وتأويل هذه الحقيقة ـ التي يتحدّث عنها القرآن بصراحة ـ بمعان مجازية، ومحامل لم يقم عليها دليل.

على أنّ عدم توصل العلم إلى هذه الحقيقة، أعني: وجود الشعور عند عامّة الموجودات لا يكون دليلاً ـ أبداً ـ على عدم وجود هذا الشعور عند هذه الكائنات، لأنّ وظيفة العلم إنّما هي الإثبات فقط، وليس للعلم حق « النفي » والسلب، والإنكار.

إنّ العلم لم يبلغ تلك المرحلة من المعرفة، والإحاطة بحقائق الكون، إحاطة يمكنه معها أن ينكر ما لا يعرف وجوده أو عدمه(٢) .

وفي موضع آخر يقول القرآن في هذا الصدد :

__________________

(١) الأحزاب: ٧٢.

(٢) وهذه إحدى الفروق بين العلم والفلسفة فإنّ للثانية حق النفي والإثبات وليس للأوّل ذلك الحق، لأنّ الوسائل التي يتوسل بها العلم للتحقيق أقصر من أن يتوسل بها إلى الإحاطة بجميع الموجودات، وهذا بخلاف الفلسفة فإنّها تجعل صفحة الوجود مسرحاً لنقاشها ونفيها، وإثباتها وللبحث عن الفرق الكامل بين العلم والفلسفة موضع آخر.

٢٥٦

( لَوْ أَنْزَلْنَا هٰذَا القُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعَاً مُتَصَدِّعَاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ ) (١) .

ولا ريب أنّنا لو تجرّدنا عن آرائنا الشخصية حول الآيات القرآنية، لوجب علينا أن نقول: إنّ هذه الجبال لابدّ أنّها تنطوي على قابلية الخشوع والتصدّع لكي يصح أن يتوجه إليها الخطاب الإلهي القرآني.

إذ ليس من المعقول أن ينسب القرآن الكريم ـ وليس من شأنه المبالغة الكاذبة ـ هذا النوع من الحالة ( أي حالة الخشوع ) إلى ما لا يكون قابلاً لها.

وربّما يحتمل أنّ الآية كناية عن عظمة القرآن وجلالة قدره، بدليل انّه لو أنزله الله على جبل لخشع وتصدّع، ولا يستلزم هذا إثبات قابلية الشعور في الجبال.

غير انّ الإجابة على هذا الاحتمال واضحة جداً، فإنّ هذا التفسير مبني على ما سلّم به القائل مسبقاً من أنّه لا شعور في الجبال، ولذلك عاد ففسر الآية على ما بنى عليه.

ولو تخلّى عن هذه الفكرة ـ كما قلناه آنفاً ـ ودرس الآية بدون فكرة سابقة لوقف على أنّ الآية مع دلالتها على عظمة القرآن تدل أيضاً على وجود شعور في الجبال، وقابلية للخضوع والخشوع الحقيقيين لديها.

وليست دلالة الآية على عظمة القرآن مانعة عن دلالتها على الأمر الثاني.

ويستفاد وجود مثل هذا الشعور والوعي في الجبال من بعض الآيات الأُخرى عندما تقول :

( وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الجِبَالُ ) (٢) .

__________________

(١) الحشر: ٢١.

(٢) إبراهيم: ٤٦.

٢٥٧

وكقوله تعالى :

( تَكَادُ السَّمٰوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأرْضُ وَتَخِرُّ الجِبَالُ هَدّاً ) (١) .

فإذا لم تكن في « الجبال » تلك القابلية وذلك الوعي لما يدور خارجها لما صحت هذه التوصيفات والنسب، ولوجب حينئذ أن نفترض لهذه الآيات « معاني مجازية » من قبيل المبالغة، والتمثيل تماماً كما ذهب إليها بعض المفسّرين حيث ارتكبوا حملها على التجوز والتمثيل.

نعم يمكن أن تكون الآية وسابقتها ناظرتين إلى أمر آخر وهو: أنّ عظم مكرهم بلغ إلى حد يمكن أن تنقلع به الجبال وتنشق السماء والأرض، والإزالة والانشقاق أثر المكر لا أن تزول وتنشق بتأثر ناشئ عن إدراك وشعور لديها.

فمكرهم أو قولهم بأنّ الله اتخذ ولداً قد بلغ من التأثير السيّء إلى حد الآلة الهدامة.

على أنّ الآيات المرتبطة بيوم القيامة تكشف النقاب عن وجود هذا الوعي والشعور ـ فضلاً عن إمكانه ـ حيث إنّها تخبرنا عن تكلّم الأيدي والأرجل والجلود وشهادتها على الإنسان في ذلك اليوم الرهيب بأمر الله، فإذا بها تشهد على العصاة بكل ما فعلوا من أفاعيل، وآثام، بدقة متناهية.

وإليك هذه الآيات :

( يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) (٢) .

( اليَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا

__________________

(١) مريم: ٩٠.

(٢) النور: ٢٤.

٢٥٨

يَكْسِبُونَ ) (١) .

( وَيَومَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ الله إِلَىٰ النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ *حَتَّىٰ إَذَا مَا جَاءُوها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ *وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا الله الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْء وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّة وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) (٢) .

نعم الآية واردة في شهادة الجلود يوم القيامة وألاستدلال بها على إمكانية وجود الشعور في جلود الإنسان هنا في الدنيا يحتاج إلى لطافة ذوق فإنّ النشأة الأُخروية ليست مباينة للنشأة الدنيوية.

ثم إنّ القرآن يشهد ـ بصراحة تامة ـ في آيات أُخرى بأنّ الأرض تتحدث بأمر الله وتخبر عما وقع على ظهرها إذ يقول :

( يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ ( أي الأرض )أخْبَارَها *بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا ) (٣) .

كما أنّ القرآن الكريم يخبرنا عن طاعة « السماوات والأرض » الكاشفة عن وجود مثل هذا الوعي فيها إذ يقول :

( ثُمَّ اسْتَوى إِلَىٰ السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ) (٤) (٥) .

__________________

(١) يس: ٦٥.

(٢) فصلت: ١٩ ـ ٢١.

(٣) الزلزلة: ٤ ـ ٥.

(٤) فصلت: ١١.

(٥) والخطاب إلى السماء والأرض باعتبار أنّ الخطاب توجّه إليهما بعد إيجاد مادتهما الأُولى بشهاد قوله سبحانه:( وَهِيَ دُخَانٌ ) فلا يمكن قياس تلك الآية بالآيات التي ورد فيها لفظ كن، فإنّ الخطاب هناك تكويني لغرض الإيجاد، دون المقام.

٢٥٩

هذه الآيات ونظائرها تفيد ـ حسب نظر من يتخلّى عن آرائه الشخصية عند فهم مقاصد القرآن ـ سريان الشعور والفهم في جميع أجزاء هذا العالم، وذراته.

أمّا كيف وماذا تكون حقيقة هذا الشعور والفهم والوعي، وما هو مستواها وحجمها فذلك ما ليس بواضح ولا معلوم لنا، بيد أنّ هذا الجهل لا يمكن أن يكون سبباً للإنكار فما أكثرها من حقائق في هذا الوجود لا يعرفها البشر المحدود الرؤية والتفكير.

ومما يجدر بالذكر أنّ الأدعية الإسلامية قد أشارت إلى هذا الموضوع، نذكر من باب المثال بعض النماذج :

« تسبّح لك الدواب في مراعيها والسباع في فلواتها، والطير في وكورها، وتسبح لك البحار بأمواجها والحيتان في مياهها »(١) .

كما أنّنا نقرأ في « الصحيفة السجادية » نظير هذا حيث يخاطب الإمام السجاد « الهلال » عند رؤيته، إذ يقولعليه‌السلام :

« أيّها الخلق المطيع الدائب السريع المتردّد في منازل التقدير، المتصرّف في فلك التدبير »(٢) .

بعد ملاحظة هذه الآيات والروايات الكاشفة عن سريان الشعور والفهم في كل الموجودات يتعيّن علينا أن نختار نظرية المرحوم صدر المتألّهين التي فسر فيها التسبيح المذكور في مورد الكائنات عامة، بالتسبيح « الحقيقي الواقعي » بمعنى أنّ

__________________

(١) راجع كتب الأدعية.

(٢) الصحيفة السجادية: الدعاء: ٤٣.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672