مفاهيم القرآن الجزء ١

مفاهيم القرآن2%

مفاهيم القرآن مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
تصنيف: مفاهيم القرآن
ISBN: 964-357-249-8
الصفحات: 672

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 672 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 149969 / تحميل: 5731
الحجم الحجم الحجم
مفاهيم القرآن

مفاهيم القرآن الجزء ١

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
ISBN: ٩٦٤-٣٥٧-٢٤٩-٨
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

« غناءه » سبحانه في العلم، بما وراء ذاته، عن غيره، فيعلم بذاته كل الأشياء دون حاجة إلى الغير، وهذا بخلاف القول بالزيادة ـ كما عليه الأشاعرة ـ فإنّه يستلزم ذلك افتقاره سبحانه في علمه بالأشياء وخلقه إياها، إلى أُمور خارجة عن ذاته، فهو يعلم بالعلم الذي هو سوى ذاته، ويخلق بالقدرة التي هي خارجة عن حقيقته، وهكذا سائر الصفات من السمع والبصر، والواجب سبحانه منزّه عن احتياجه إلى غير ذاته فهو غني في ذاته وفعله عمن سواه.

نعم الأشاعرة وإن كانت قائلة بأزلية الصفات مع زيادتها ولكن ذلك لا يدفع الفقر والاحتياج عن ساحته، لأنّ الملازمة غير العينية فكونه سبحانه مع صفاته متلازمين منذ الأزل غير كونه نفس هذه الصفات وعينها.

والحاصل إنّ كون الصفات عندهم غير الذات عين القول باحتياجه في العلم والإيجاد إلى غيره.

إذ نتيجة قولهم بفصل الذات عن الصفات هي أنّه يستعين في تحصيل العلم بذاته، بعلم منفصل كما يعني أيضاً أن يستعين في إيجاد شيء بقدرة خارجة عن ذاته على أنّ دلائل « عينية الصفات للذات » وبالعكس لا تقتصر على هذا الدليل الذي ذكرناه فقط، ولكننا نكتفي بذلك.

تعدّد الصفات وبساطة الذات كيف ؟

لقد قادتنا البراهين السابقة إلى « بساطة الذات الإلهية » وخلوّها عن أي نوع من أنواع التركيب العقلي والخارجي، وهنا ينطرح سؤال هو: كيف يتناسب تعدّد الصفات مع بساطة الذات ؟ أليس يستلزم تعدد الصفات تركّب الذات الإلهية من صفات متعدّدة، وهذا ما يخالف بساطتها ؟

٣٢١

إنّ السؤال إنّما يتوجه إذا كان كل واحد من هذه الصفات يكوّن جزءاً خاصاً ويحتل موضعاً معيناً من ذاته سبحانه، فحينئذ يمكن القول بأنّه يستلزم التركيب في ذاته سبحانه.

ولكن إذا قلنا بأنّ كل واحد من هذه الصفات يكوّن تمام الذات، برّمتها وبأسرها فلا يبقى حينئذ أي مجال لتصوّر التركيب في شأنه تعالى، إذ ماذا يمنع من أن يكون شيء على درجة من الكمال بحيث يكون ذاته علماً كلها، وقدرة كلها وحياة كلها، دون أن تظهر أية كثرة في ذاته، نعم لو كانت هناك كثرة فإنّما هي في عالم الاعتبار والذهن دون الواقع الخارجي إذ يكون في هذه الصورة مصداق العلم في الله نفس مصداق القدرة ويكون كلاهما نفس مصداق الذات بلا مغايرة ولا تعدّد.

ولتقريب هذا المعنى الدقيق نشير إلى مثال له في عالم الممكنات.

ولنأخذ مثلاً الإنسان، فكل وجوده مخلوق لله، بينما هو أيضاً بكلّه معلوم له سبحانه دون أن يكون معنى ذلك أنّ جزءاً من ذات الإنسان معلوم لله والجزء الآخر مخلوق له سبحانه، بل كلّه معلوم لله في عين كونه مخلوقاً كله له وليست جهة المعلومية في الخارج غير جهة المخلوقية.

وللمزيد من التوضيح لاحظ النور، فإنّ الإضاءة والحرارة من خواص النور، ولكن ليست الكاشفية والإضاءة مرتبطة بناحية خاصة من وجوده، بل الإضاءة والكاشفية خاصية تمامه دون تبعض، كما أنّ الحرارة هي أيضاً خاصية تمامه دون أن يستلزم ذلك أي تعدد في ذات النور وحقيقته.

٣٢٢

إلى هنا تبيّنت لنا حسب التحليل العقلي مسائل ثلاث هي :

١. ذات الله منزّهة عن التركيب الخارجي.

٢. ذات الله منزّهة عن التركيب الذهني.

٣. صفات الله عين ذاته.

وقد ذكرنا ـ في معرض بيان هذه الحقائق وشرحها ـ أنّ الأمر لو كان على غير ما أثبتناه للزم أن يفتقر الله تعالى إلى سواه.

فالواجب الوجود غني عن غيره، لا يفتقر إلى شيء سبحانه، وسنذكر فيما يلي ما ورد من الآيات في هذا المجال.

١. هو الغني المطلق

إنّ القرآن يصف الله سبحانه في سبعة عشر مورداً بالغني وعدم الافتقار والاحتياج، فقال :

( واللهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ ) (١) .

( فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ ) (٢) .

( أنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ) (٣) .

( واللهُ هُوَ الغَنيُّ الحَمِيدُ ) (٤) .

( سُبْحَانَهُ هُوَ الغَنِيُّ ) (٥) .

__________________

(١) البقرة: ٢٦٣.

(٢) آل عمران: ٩٧.

(٣) البقرة: ٢٦٧.

(٤) فاطر: ١٥.

(٥) يونس: ٦٨.

٣٢٣

( فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ) (١) .

وفي سورة فاطر وصف القرآن الكريم جميع الناس بالفقر إلى الله كما وصف الله وحده بالغني دون غيره، إذ قال :

( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الفُقَرَاءُ إِلَىٰ اللهِ واللهُ هُوَ الغَنِيُّ الحَمِيدُ ) (٢) .

وليس لغناه سبحانه معنى إلّا عدم احتياجه في ذاته ووجوده، وفي علمه، وقدرته إلى من سواه، والاحتياج في هذه المراحل من أشد أنواع الاحتياج، وقد أسلفنا أنّ تركب الذات من الأجزاء الخارجية والعقلية يستلزم ـ بالبداهة ـ الاحتياج إلى الأجزاء.

كما أنّ عدم عينية الصفات للذات الإلهية دليل على احتياجه تعالى إلى العلم والقدرة الخارجين عن ذاته، وحيث إنّ الله هو الغني غير المفتقر يلزم أن يكون منزّهاً عن هذه التصوّرات.

فكونه سبحانه غنياً على الإطلاق يثبت المسائل الثلاث: تنزّهه عن التركيب العقلي، والخارجي، وعينية صفاته لذاته.

٢. هو الله الأحد

يقول اللغويون :

الأحد أصله وحد.

وحيث إنّ هذه اللفظة ذات معنى خاص، لذلك لا يوصف بها غير الله تعالى(٣) .

__________________

(١) النمل: ٤٠.

(٢) فاطر: ١٥.

(٣) راجع مفردات الراغب: ١٢.

٣٢٤

ولو جعلت هذه اللفظة ( أعني: الأحد ) في سياق النفي أُطلقت على غير الله مثل أن تقول: ما جاءني من أحد. وأمّا لو جُعلت في سياق الإثبات فتستعمل على نحو الإضافة فقط مثل قولهم: أحدهم، أحد عشر.

وأمّا في غير صورة الإضافة فتطلق على الله فحسب، مثل قوله:( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) بمعنى أنّه لا يوصف بها حينئذ، إلّا الله سبحانه.

يقول الأزهري، اللغوي المعروف :

« إنّ « أحد » صفة من صفات الله استأثر بها فلا يشركه فيها شيء من الكائنات، ويأتي في كلام العرب بمعنى الأوّل كيوم الأحد »(١) .

وأمّا المفسرون الإسلاميون فيذكرون لفظة الأحد في قوله تعالى:( هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) طائفة من التفاسير منها :

« الأحد: هو الذي لا يتجزأ ولا ينقسم في ذاته، ولا في صفاته »(٢) .

ويقول الجزائري في كتاب « فروق اللغات » في الفرق بين الواحد والأحد :

« إنّ الواحد: الفرد الذي لم يزل وحده، ولم يكن معه آخر ; والأحد: الفرد الذي لا يتجزأ ولا يقبل الانقسام »(٣) .

ويقول العلاّمة الطباطبائي ـ دام ظله ـ في تفسيره في هذا المجال :

« والأحد وصف مأخوذ من الوحدة كالواحد، غير أنّ الأحد إنّما يطلق على

__________________

(١) تفسير سورة الإخلاص للشيخ حبيب الله الكاشاني: ٣١.

(٢) مجمع البيان: ٥ / ٥٦٤.

(٣) فروق اللغات: ٣٨.

٣٢٥

ما لا يقبل الكثرة لا خارجاً ولا ذهناً، ولذلك لا يقبل العد ولا يدخل في العدد بخلاف الواحد، فإنّ كل واحد له ثانياً وثالثاً أمّا خارجاً وأمّا ذهناً بتوهم أو بفرض العقل فيصير بانضمامه كثيراً، وأمّا الأحد فكل ما فرض له ثانياً كان هو هو لم يزد عليه شيء »(١) .

وهذه الحقيقة نكتشفها بوضوح من التحقيق في موارد استعمال هاتين اللفظتين: الأحد والواحد في سياق النفي.

فإذا قال قائل: ما جاءني من القوم أحد، كان مفهوم الجملة نفي مجيء مطلق الأفراد، لا نفي مجيء فرد واحد أو فردين، أو ثلاثة.

وبتعير أوضح، فإنّ مفهوم هذه الجملة هو نفي الجنس لا نفي الواحد.

ولكن إذا قال: ما جاءني واحد، فهم من هذه الجملة نفي مجيء شخص واحد في مقابل نفي مجيء فردين أو ثلاث.

وحيث إنّ للفظة « أحد » مثل هذه الخصوصية لذلك عدّت صفة منحصرة في الله سبحانه ولم يجز أن يوصف بها غيره، ولذلك يقول أحد أئمّة أهلالبيت: :

« كل مسمّى بالوحدة غيره قليل »(٢) .

ويؤيد ما قاله أهل اللغة والمفسّرون مجيء جملة( وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ ) بعد وصف الله تعالى نفسه ب‍ ( الأحد ) في سورة الإخلاص ونحن نعلم أن مفاد

__________________

(١) تفسير الميزان: ٢٠ / ٣٨٧.

(٢) سيوافيك عن قريب أنّه يمكن استنتاج المسألة الثالثة، أعني: عينية الصفات مع الذات من هذه الآية فارتقب أيضاً.

٣٢٦

هذه الجملة أي قوله:( وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ ) ، هو نفي النظير والمثيل له سبحانه في الذات والفعل، فلا ذات كذاته ولا خالق أو لا مدبر مثله، فإذا كان معنى هذه الجملة هو ما عرفناه وذكرناه فليس من المستحسن أن نفسر جملة( هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) بنفس المعنى أيضاً، إذ أنّ ذلك يستلزم تكرار مضمون واحد في سورة واحدة وعلى فاصلة قصيرة لهذا يجب القول بأنّ الجملة الأُولى تفيد نفي أي نوع من أنواع التركيب والتجزئة، والجملة الثانية تفيد نفي الشبيه والنظير له سبحانه.

وبملاحظة هذا التفسير تستفاد مسألتان(١) من المسائل الثلاث المطروحة في مطلع هذا القسم من هذه الآية، لأنّ وحدة الذات تستلزم ـ بالضرورة ـ نفي أي نوع من أنواع التركيب الخارجي والذهني عن الله.

وأمّا المسألة الثالثة وهي « عينية الصفات الإلهية للذات » فطريق إثباتها هو « صفة الغنى المطلق » التي أثبتها القرآن الكريم لله سبحانه في مواضع عديدة.

كما أنّ وصف الله في سورة الإخلاص بالصمد يثبت هذه العينية والاتحاد أيضاً بناء على أنّ أحد معاني الصمد هو « المقصود لكل محتاج ».

فإذا كان الله مقصود كلِّ محتاج ولم يكن أيُّ مقصود سواه، استلزم ذلك أن تكون « الصفات عين الذات » وإلاّ لاحتاج في العلم بالأشياء، أو إيجاد شيء، إلى علم خارج، وقدرة خارجة عن ذاته، وفي هذه الصورة لا يكون الله متصفاً بالغنى المطلق ولن يكون حينئذ مقصود كلِّ محتاج.

بل يكون هناك مقصود آخر، يتوجّه إليه حتى الله سبحانه.

إلى هنا أثبتنا، عن طريق الآيات القرآنية « بساطة الذات الإلهية » ووحدتها

__________________

(١) الميزان: ٢٠ / ٣٨٧.

٣٢٧

وكذا عينية الصفات للذات، ولتكميل هذا المبحث يتعيّن علينا الآن أن نستعرض ما ورد عن أئمّة أهل البيت: حول هذا المطلب.

والجدير بالذكر أنّ الأحاديث والأخبار الواردة في هذا الشأن أكثر من أن تحصى، ومن أن يمكن الإتيان بها في هذا الموضع، إلّا أنّنا سنكتفي بذكر نماذج منها، فقد قال الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام :

« وأمّا الوجهان اللّذان يثبتان فيه [ أي في الله من التوحيد ] فقول القائل :

١. هو واحد ليس له في الأشياء شبه.

٢. أنّه عزّ وجلّ أحدي المعنى، يعني به أنّه لا ينقسم في وجود [ خارجي ] ولا عقل ولا وهم »(١) .

والعبارة الأخيرة تثبت بوضوح بساطة الذات الإلهية ونفي أيّ شكل من أشكال التركيب الخارجي والذهني(٢) في شأنها.

كما وصفه الإمام الصادقعليه‌السلام بالبساطة، ضمن كلام طويل، إذ قال :

« وصانع الأشياء غير موصوف بحد مسمّى »(٣) .

وهذا الحديث يمكن أن يكون ناظراً إلى نفي « الحد والماهية » عن الله تعالى، كما يمكن أن يكون المراد منه هو نفي المحدودية عنه تعالى، أو يكون مسوقاً لبيان كليهما.

__________________

(١) توحيد الصدوق: ٨٣ ـ ٨٤.

(٢) كالتركب من الوجود والماهية.

(٣) توحيد الصدوق: ١٩٢.

٣٢٨

ويقول الإمام الثامن عليّ بن موسى الرضاعليه‌السلام في هذا الصدد :

« بتجهيره الجواهر عرف أنّ لا جوهر له »(١) .

من هذه الأحاديث يمكن استنباط كلا المسألتين المذكورتين بوضوح، وأعني بهما :

١. نفي الأجزاء الخارجية ( والتركيب الخارجي ).

٢. نفي الأجزاء العقلية ( والتركيب العقلي ).

أمّا المسألة الثالثة، وهي عينية الصفات للذات، فنشير إلى بعض الأحاديث الناظرة إليها فيما يأتي :

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام :

« وكمال الإخلاص له، نفي الصفات [ الزائدة ] عنه لشهادة كلِّ صفة أنّها غير الموصوف، وشهادة كلِّ موصوف أنّه غير الصفة.

فمن وصف الله [ أي وصف زائد على ذاته ] فقد قرنه [ أي قرن ذاته بشيء غير الذات ] ومن قرنه فقد ثنّاه، ومن ثنّاه فقد جزّأه، ومن جزّأه فقد جهله »(٢) .

وفي هذا الكلام العلوي تصريح بعينية الصفات للذات المقدسة، بل في هذا الكلام إشارة إلى برهان آخر، وهو أنّ القول باتّحاد صفاته مع ذاته يوجب تنزيهه تعالى عن التركيب والتجزئة، ونفي الاحتياج والافتقار عن ساحته.

وأمّا إذا قلنا بغيريَّتها مع الذات فذلك يستلزم التركيب وبالم آل: الثنويّة ،

__________________

(١) توحيد الصدوق: ٣٧.

(٢) نهج البلاغة: الخطبة الأُولى.

٣٢٩

والتركيب آية الاحتياج، والله الغني المطلق لا يحتاج إلى من سواه.

وعلى هذا الأساس يكون قوله تعالى:( هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) التي تدل على بساطة الذات دليلاً أيضاً على عينيّة الصفات للذات، إذ على فرض زيادتها على الذات يحصل هنا وجود مركب من العارض والمعروض فيكون مصداق لفظة الجلالة هو المركب منهما، مع أنّ المفروض بساطة ذاته.

هذا مضافاً إلى أنّ الاعتقاد بزيادة الصفات ـ حسب ما ذهب إليه الأشاعرة ـ يستلزم أن يكون هناك « قدماء ثمانية » ما عدا الله القديم، في حين أنّ الآيات القرآنية التي تدل على وحدانية القديم الأزلي تنفي هذه النظرية أيضاً، وقد أشرنا إليه سابقاً.

قال الإمام الصادقعليه‌السلام لأبي بصير في هذا الصدد :

« لم يزل الله جل وعزّ ربنا والعلم ذاته ولا معلوم، والسمع ذاته ولا مسموع، والبصر ذاته ولا مبصر، والقدرة ذاته ولا مقدور »(١) .

والإمام يشير إلى قسم خاص من علمه سبحانه وهو وجود العلم بلا وجود معلوم، ووجود السمع بلا وجود مسموع، وشرح هذا القسم من العلم يطلب من الكتب الكلامية والفلسفية.

وللفيلسوف الجليل صدر المتألّهين في هذا المقام بيان لا يسع هذا المجال لإيراده(٢) .

__________________

(١) التوحيد للصدوق: ١٣٩.

(٢) الأسفار الأربعة: ٦ / ٢٦٣ ـ ٢٧٠.

٣٣٠

الفصل السابع

الله والتوحيد في الأفعال

١. التوحيد في الخالقية

٣٣١

الله والتوحيد في الخالقية

١. عقيدة المعتزلة في العلل والأسباب.

٢. نقد هذه العقيدة.

٣. مذهب الإمام الأشعري في العلل الطبيعية.

٤. نقد هذا المذهب.

٥. مذهب أئمة أهل البيت: « الأمر بين الأمرين ».

٦. التوحيد في الخالقية من شعب التوحيد الافعالي.

٧. ما معنى الخالقية ؟

٨. لماذا يؤكد القرآن على التوحيد في الخالقية ؟

٩. ما معنى خالقية المسيح ؟

١٠. التوحيد في الخالقية يؤكد الاختيار.

١١. كيف تعلّقت الإرادة الأزلية بصدور الفعل عن الفاعل.

١٢. تحليل عن الشرور.

١٣. خلاصة القول في الشرور.

١٤. جواب آخر حول الشرور.

١٥. الشر أمر نسبي.

٣٣٢

التوحيد في الخالقية

تشهد النظرة العلميّة والفلسفية بقيام النظام الكوني على أساس سلسلة الأسباب والمسببات وارتباط كل ظاهرة من الظواهر الطبيعية بعلّة وسبب مادي، فهذا النظام ـ بمجموعه ـ نظام ممكن، محتاج ـ في ذاته، وفعله ـ إلى واجب غني بالذات، وحيث إنّ الإمكان والافتقار لازم « ذات » الممكن وماهيته، والفقر والاحتياج لا ينقطع ولا ينفك عنه، فالنظام الذي يتألف من سلسلة « العلل والمعلولات » يكون قائماً ـ في وجوده وبقائه وفي تأثيره وفعله ـ بالله تعالى دون أن يتمتع بأي « استقلال » ذاتي واستغناء عنه حدوثاً وبقاء ذاتاً وفعلاً.

وبعبارة أُخرى إنّ الظواهر الكونية كما أنّها « غير مستقلة في ذاتها » وأصل وجودها كذلك هي غير مستقلة ـ في مقام عليتها وتأثيرها ـ بمعنى أنّها لا تؤثر أو لا يمكنها التأثير إلّا بإرادة الله، وحوله وقوته سبحانه، ويستنتج من ذلك أنّه كما لا شريك له سبحانه في الفاعلية والعلية، ليس هناك في الواقع إلّا « فاعل مستقل واحد » لا غير، وإلاّ علة واحدة قائمة بنفسها لا بسواها، وذلك هو « الله » عز وجل.

وأمّا الأسباب والعلل الأُخرى فهي تستمد « وجودها » و « فاعليتها » أيضاً من الله، وتقوم به، ولذلك فإنّ شعار المؤمن الموحد يكون دائماً هو: « لا حول ولا قوة إلّا بالله ».

٣٣٣

عقيدة المعتزلة

ذهب المعتزلة إلى أنّ كل ممكن مؤثر، يحتاج في ذاته إليه سبحانه لا في فعله، فوجوده فقط قائم به تعالى، دون إيجاده، وإنّ فعل الممكن يرتبط بنفسه لا بموجده.

فقد فوض تأثير الفاعل ـ في نظر هذه الطائفة ـ إلى نفس « الأسباب والعلل » بحيث لم تعد هذه الأسباب بحاجة إلى الله في « تأثيرها وفاعليتها » بل هي تأتي بكل ذلك على وجه الأصالة والاستقلال دون فرق في هذه الناحية بين الإنسان وغيره.

وقد دفع هذه الفرقة إلى اختيار مثل هذه العقيدة، تصور تنزيه الله عمّا يفعله العباد من الآثام والقبائح كالظلم والقتل والزنا.

فلو كانت « سببية » هذه الأفعال مستندة إلى الإرادة الإلهية، لاستلزم ذلك أن يكون عقاب العصاة ـ حينئذ ـ مخالفاً للعدل الإلهي، واستلزم نسبة القبيح إليه سبحانه.

فهم بغية الحفاظ على العدل الإلهي وتنزيهه سبحانه سلكوا هذا المسلك على خلاف البراهين العلميّة والفلسفية، وعلى خلاف الآيات والأحاديث الإسلامية، واعتبروا العلل « عللاً مفوضة » فوضت إليها السببية والتأثير، بحيث تؤثر دون الاستناد إلى القدرة الإلهية، أي بالاستقلال والأصالة.

وفي الحقيقة، جعلوا مكان « الفاعل المستقل الواحد » ملايين الفاعلين المستقلين، وبذلك اتخذوا لله ـ بدل شريك واحد ـ شركاء كثيرين له في الفعل

٣٣٤

والتأثير، فسقطوا بذلك في ورطة « الشرك الخفي »(١) بظن المحافظة على العدل الإلهي.

نقد هذا الاعتقاد

ونحن قبل أن نتحدث حول الآيات المرتبطة ب‍ « التوحيد في الخالقية » الذي هو في الحقيقة بحث في « التوحيد الأفعالي » سنذكر باختصار ما يرد على هذه النظرية من نقد وأشكال، فنقول :

١. هل يصح أن يستند الموجود الممكن في وجوده وذاته إلى الله، ولكن يكون مستقلاً عنه في تأثيره في حين أنّ الارتباط من حيث الذات يستلزم الارتباط من حيث الفعل والتأثير، لزوماً وحتماً.

وبعبارة أُخرى: إذا كان وجود هذه الموجودات وذاتها مرتبطة بالله، فإنّ فعلها وتأثيرها يكون أيضاً مرتبطاً به تعالى، فكيف يقول هؤلاء باستقلال هذه الموجودات في فعلها وتأثيرها مع اعترافهم بارتباطها بالله سبحانه في ذاتها، الملازم لارتباطها قهراً به في الفعل والتأثير في حين لو كان الفاعل مستقلاً في فعله لوجب أن يكون أيضاً مستقلاً في ذاته وأصل وجوده، والاعتقاد باستقلال الأشياء في « أصل وجودها وذاتها » موجب للاعتقاد بوجوب وجودها ـ لا محالة ـ ومعلوم أنّ مثل هذا الاعتقاد مناف ل‍ « التوحيد الذاتي ».

٢. من الجدير ـ جداً ـ التعمّق في الآية التالية :

__________________

(١) انّ اعتقاد المعتزلة باستقلال العلل والأسباب في الفاعلية هو نوع من الشرك الخفي الذي لا يدركه إلّا العلماء والمحققون دون عامة الناس، ولهذا لا يكون هذا الاعتقاد سبباً للخروج من الإسلام.

٣٣٥

( وَقُلِ الحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً ) (١) .

فإنّ قوله سبحانه:( وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ ) أوضح دليل على عدم استقلال أي فاعل في فعله، إذ لا شك أنّ أثر الفاعل عاقلاً كان أو غيره جزء من الملك، فلو كان الفاعل مستقلاً في فعله، لكان بعض الكون وهو ذوات العلل والأشياء ملكاً لله سبحانه والبعض الآخر يكون ملكاً لغيره تعالى، أعني: العلل والأسباب، فإنّ المالكية متفرعة على الخالقية فلو كانت الآثار خارجة عن إطار خالقية الله لخرجت عن إطار مالكيته.

إنّ القرآن الكريم يخبر عن مجموعة من المدبرات إلى جانب الله حيث يقول :

( فَالمُدَبِّرَاتِ أَمْراً ) (٢) .

فمن ترى تكون تلك المدبّرات ؟

المراد من تلك المدبّرات أمّا العلل الطبيعية أو الملائكة التي تدبّر الكون.

فإذا كانت هذه الأشياء تدبّر شؤون العالم على وجه الاستقلال دون أن تكون أفعالها مستندة إلى إرادة الله ومشيئته، فهل يصح قوله تعالى :

( وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ ) .

فأي شريك أعلى وأبين من هذه الشركاء المشتغلة بتدبير العالم دون الاعتماد على الله ودون الرجوع إليه فرضاً.

٣. لقد أشار أحد أئمّة أهل البيت في الرد على عقيدة المعتزلة إلى نكتة

__________________

(١) الإسراء: ١١١.

(٢) النازعات: ٤.

٣٣٦

خاصة وهي :

« انّ القدرية أرادوا أن يصفوا الله عز وجل بعدله فأخرجوه من قدرته وسلطانه »(١) .

فلقد كشف الإمام موسى بن جعفرعليه‌السلام النقاب، منذ بداية نشوء مذهب الاعتزال(٢) عن الدوافع الأوّلية لمثل هذا الاعتقاد، وأعلن منذئذ عن فساده، وعلة بطلانه، لأنّه يحدّد قدرة الله.

ولو أمعنوا النظر في كيفية صدور الفعل عن الإنسان، وكيفية فاعليته، مع المحافظة على أصل « التوحيد الافعالي »، لثبت لهم أنّ كل فعل صادر من الإنسان مع أنّه فعل الله هو فعل الإنسان نفسه، ومع أنّه ( أي الفعل البشري ) قائم بالله تعالى هو صادر من العبد نفسه أيضاً، غاية ما في الباب أنّ فاعليته تعالى بالقيومية وفاعلية البشر فاعلية مباشرية.

يقول الإمام موسى بن جعفرعليه‌السلام في كتاب له إلى أحد أصحابه :

« قال الله: يابن آدم بمشيئتي كنت، أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء، وبقوتي أديت إليَّ فرائضي، وبنعمتي قويت على معصيتي، جعلتك سميعاً، بصيراً، قوياً »(٣) .

__________________

(١) بحار الأنوار: ٥ / ٥٤.

(٢) نعم أنّ أصحاب الاعتزال قد أخذوا الأصلين الرئيسيين ( التوحيد والعدل ) عن خطب أمير المؤمنين عن طريق محمد بن الحنفية وابنه أبي هاشم غير أنّهم لابتعادهم عن سائر أئمّة أهل البيت لم يوفقوا إلى تفسير هذين الأصلين على النحو اللائق بهما إلى أن وجد فيهم أقوام لهجوا بأنّ الله غير قادر على أفعال الإنسان إيجاداً واعداماً وهؤلاء هم القدرية الحقيقية.

(٣) بحار الأنوار: ٥ / ٥٧.

٣٣٧

فالحديث رغم أنّه يصف الإنسان بأنّه هو الذي يريد لنفسه ما يريد، وبإرادته يؤدي فرائضه ويرتكب جرائمه إلّا أنّه في نفس الوقت يقول: بأنّه يفعل ما يفعل بأنعام الله وأقداره.

نعم اختارت المعتزلة ما اختارت من استقلال العبد في فعله بدافع المحافظة على « العدل الإلهي » متوهّمين بأنّ القول بوجود فاعل مستقل واحد في العالم يستلزم أن يكون عقاب العصاة على أفعالهم على خلاف العدل، ولكنّهم غفلوا عن أنّ عقاب العصاة على آثامهم إنّما يكون مخالفاً له إذا أنكرنا حرية الإنسان في الاستفادة من المواهب الإلهية، واعتبرناه مجبوراً مقهوراً في أفعاله وأنكرنا وساطة العلل والأسباب وفاعليتها وعلّيتها.

وأمّا إذا قلنا بمشاركة العلل والأسباب في وقوع الفعل بحيث لا يتحقق الفعل إلّا عن هذا الطريق، أعني: وجود العبد وإرادته واختياره فلا يكون لذلك التوهم أي مجال، والقول بمشاركة العبد في فعله على النحو الذي ذكرنا لا ينافي « التوحيد الافعالي » إذ لا يعني منه إنكار علية العلل والأسباب الطبيعية وغير الطبيعية وإلغاء دورها وتأثرها، بل يعني مع احترام علية العلل وسببية الأسباب أنّه ليس ثمت سبب مستقل ومؤثر بالذات إلّا الله، وانّه تعالى المؤثر الوحيد الذي يؤثر بالأصالة والاستقلال دون غيره، وبهذا الطريق وحده يمكن الاجتناب عن أي نوع من ألوان الشرك في الذات والفعل(١) .

وبعبارة أُخرى: انّ الله قد أعطى القدرة والنعمة لعبده، ولكن جعله حراً في كيفية الاستفادة منهما، فهو بإرادته واختياره يصرف كل نعمة في أي مورد شاء ،

__________________

(١) للسيد الرضي في المقام كلام فراجع حقائق التأويل: ٢٠٩ ـ ٢١٠.

٣٣٨

وعندئذ يكون هو المسؤول عن أعماله وأفعاله، وعلى هذا الأساس فالفعل مستند إلى الله سبحانه باعتبار أنّه أقدر عبده على الفعل وأنعم عليه، كما أنّه مستند إلى عبده لكونه باختياره صرف القدرة والنعمة في أي مورد شاء، وهذا هو مذهب الأمر بين الأمرين الذي تواترت عليه الأخبار عن أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام .

مذهب الإمام الأشعري

إنّ هناك مذهباً آخر يعد مقابلاً للمذهب الماضي وهو المنسوب إلى الإمام الأشعري، فهو لا يعترف إلّا بمؤثر واحد وهو الله سبحانه وينكر علّية أي موجود سواه، بل يقول جرت إرادة الله على خلق الحرارة بعد النار وخلق النور بعد الشمس وهذا هو ما أسموه بالعادة الإلهية.

فالعادة الإلهية جرت ـ حسب تلك النظرية ـ على ظهور الأثر عقيب وجود المؤثر، دون مشاركة أو سببية للمؤثر في حصول ذلك الأثر مطلقاً.

ولكن هذه النظرية مرفوضة لمخالفتها الصريحة للبراهين العلميّة والفلسفية ولصريح الآيات القرآنية حول تأثير العلل والأسباب الطبيعية في عالم الكون، ونحن نرجئ بيان بطلان هذا الرأي من الناحية العلميّة والفلسفية(١) إلى موضع آخر، وإنّما نكتفي هنا ببيان بطلانه من وجهة نظر القرآن.

__________________

(١) نعم هذه النظرية تقارب ما نقل من الفيلسوف الإنجليزي المعروف: هيوم، حيث إنّه أنكر مطلق العلية ولم يعترف حتى بعلّة واحدة، وعلّل ذلك بأنّ التجربة لا تثبت إلّا التوالي والتقارن بين النار وحرارتها والشمس وضوئها، وهما غير العلّية أي نشوء شيء من شيء.

ولكنّه لما حصر أسباب المعرفة بالتجربة والاختبار عجز عن إثبات قانون العلية الذي تبتني عليه المعارف البشرية، ولو رجع إلى البراهين الفلسفية التي أقامها الفلاسفة على أنّ كل ظاهرة ممكنة تحتاج إلى سبب يخرجها من نقطة الاستواء لظهر له الحق بأجلى مظاهره.

٣٣٩

ففي هذه الآيات يصرح القرآن ـ بوضوح كامل ـ بعلية وتأثير العلل الطبيعية نفسها.

وإليك هذه الآيات :

( وَفِي الأرضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَاب وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَان يُسْقَىٰ بِمَاء وَاحِد وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَىٰ بَعْض فِي الأكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيات لِقَوْم يَعْقِلُونَ ) (١) .

وجملة( يُسْقَىٰ بِمَاءٍ وَاحِدٍ ) كاشفة عن دور الماء وأثره في إنبات النباتات ونمو الأشجار، ومع ذلك يفضل بعض الثمار على بعض.

وأوضح دليل على ذلك قوله تعالى في الآيتين التاليتين :

( وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ ) (٢) .

( أَوَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ المَاءَ إِلَىٰ الأرض الجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلاَ يُبْصِرُونَ ) (٣) .

ففي هاتين الآيتين يصرح الكتاب العزيز ـ بجلاء ـ بتأثير الماء في الزرع، إذ أنّ « الباء » تفيد السببية ـ كما نعلم ـ.

( أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرىَ الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَد فَيُصِيبُ بِهِ مِنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأبْصَارِ ) (٤) .

__________________

(١) الرعد: ٤.

(٢) البقرة: ٢٢.

(٣) السجدة: ٢٧.

(٤) النور: ٤٣.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672