مفاهيم القرآن الجزء ٥

مفاهيم القرآن0%

مفاهيم القرآن مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
تصنيف: مفاهيم القرآن
ISBN: 964-6243-75-4
الصفحات: 539

مفاهيم القرآن

مؤلف: الشيخ جعفر السبحاني
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
تصنيف:

ISBN: 964-6243-75-4
الصفحات: 539
المشاهدات: 159688
تحميل: 3198


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 539 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 159688 / تحميل: 3198
الحجم الحجم الحجم
مفاهيم القرآن

مفاهيم القرآن الجزء 5

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
ISBN: 964-6243-75-4
العربية

ويذب عن دين الله، ويدعو إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة والحجة البالغة ـ إلى أن قال: ـ مضطلع بالأمر، عالم بالسياسة، مستحق للرئاسة، مفترض الطاعة، قائم بأمر الله، ناصح لعباد الله »(١) .

فهذه العقود الدرّية تعرب عن مفهوم الإمامة لدى أئمّة أهل البيت، وهو مطابق لما استفدناه من الآية الكريمة.

هذه هي النظريات الأربع المذكورة حول ملاك إمامة الخليل الواردة في آية الابتلاء، وبقيت هنا نظرية خامسة اختارها العلّامة الطباطبائي نتبرّك في خاتمة المطاف بذكرها وتحليلها، وإنّما أخّرنا ذكرها، لأنّ للنظرية الرابعة تأثيراً خاصاً في فهمها وتوضيحها وما يتوجه إليها من الإشكال، وإليك بيانها.

الملاك الخامس: تسيير النفوس إلى الكمال بهداية تكوينية

ويتضح ببيان أُمور :

الأوّل: انّ تفسير الإمامة بالنبوة والخلافة، أو الوصاية، أو الرئاسة في أُمور الدين والدنيا، وكونه مطاعاً حدث من تكرّر الاستعمال بمرور الزمان كما ابتليت به سائر الألفاظ الواقعة في القرآن، فإنّ النبوة معناها تحمّل النبأ من جانب الله، والرسالة معناها تحمّل التبليغ، والإطاعة من لوازم النبوّة والرسالة [ فكيف تفسّر الإمامة بالإطاعة ] والخلافة نحو من النيابة، وكذلك الوصاية والرئاسة نحو من الطاعة للموصي والرئيس، وهو كون الإنسان مصدراً للحكم في المجتمع، وكل هذه المعاني غير معنى الإمامة، إذ لا معنى لأن يقال لنبي من الأنبياء مفترض الطاعة إنّي جاعلك للناس نبياً، أو مطاعاً فيما تبلغه، أو رئيساً تأمر وتنهى في

__________________

(١) تحف العقول: ٤٣٦ ـ ٤٤١.

٤٠١

الدين أو وصياً أو خليفة في الأرض تقضي بين الناس في مراجعاتهم بحكم الله.

وبعبارة أُخرى: لا يصحّ أن يقال لنبي من لوازم نبوته كونه مطاعاً بعد نبوته إنّي جاعلك مطاعاً في الناس بعد ما جعلتك كذلك. ولا يصحّ أن يقال له ما يؤول إليه معناه وان اختلف معه في العبارة، فهذه المواهب ـ أمثال الإمامة الإلهية ـ ليست مقصورة على مجرد المفاهيم اللفظية بل تصحبها المعارف الحقيقية.

الثاني: إنّا نجد في كلامه تعالى أنّه كلّما تعرّض لمعنى الإمامة تعرّض معها للهداية تعرضاً تفسيرياً، قال تعالى:( وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلاًّ جَعَلْنَا صَالِحِينَ *وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا ) (١) ، وقال سبحانه:( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ ( أي بني إسرائيل )أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ) (٢) ، فوصفها بالهداية وصف تعريف ثم قيّدها بالأمر، فبيّن إنّ الإمامة ليست مطلق الهداية، بل الهداية الّتي تقع بأمرالله والتعرّف على أنّ الإمام هو الهادي « بأمر الله » هو المهم في فهم معنى الإمامة.

الثالث: انّه سبحانه بيّن سبب هبته الإمامة بقوله:( لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ) فبيّن أنّ الملاك في ذلك هو صبرهم في جنب الله وكونهم قبل ذلك موقنين: وقال سبحانه في حق إبراهيم:( وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ المُوقِنِينَ ) (٣) ، فإراءة الملكوت لإبراهيم كانت مقدّمة لإفاضة اليقين عليه، وقد علمت أنّ كونهم موقنين أحد أسباب إمامتهم.

الرابع: انّ « الأمر » الّذي يكون الإمام به هادياً ليس بمعنى الإذن، بل المراد

__________________

(١) الأنبياء: ٧٢ ـ ٧٣.

(٢) السجدة: ٢٤.

(٣) الأنعام: ٧٥.

٤٠٢

هو الأمر التكويني الّذي بيّنت حقيقته في قوله:( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ *فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ ) (١) .

وقال سبحانه:( وَمَا أَمْرُنَا إلّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ ) (٢) ، والمراد بكلمة( كُن ) ليس هو التلفّظ بل وجود الشيء المعين بلا تدرج وتغيير كما هو اللائق بأفعاله سبحانه كما أنّه مع التغير والانطباق على قوانين الحركة والزمان هو الخلق.

إذا عرفت ذلك، نقول: إنّ شأن النبي والرسول هو إراءة الطريق وشأن الإمام هو الإيصال إلى المطلوب، لأنّ الإنسان الكامل الّذي يهدي بأمر ملكوتي(٣) ( لا بأمر لفظي ) يصاحب ذلك الأمر، فالإمامة نحو ولاية للناس في أعمالهم، وهدايتها، إيصالها إيّاهم إلى المطلوب بأمر الله(٤) .

وقد أوضحه أيضاً في كتابه « الشيعة في الإسلام » بقوله :

كما أنّ الإمام قائد ومسيّر وزعيم للأُمّة بالنسبة للظاهر من الأعمال، كذلك هو قائد وزعيم بالنسبة للباطن من الأعمال أيضاً، فهو المسيّر والقائد للإنسانية من الناحية المعنوية نحو خالق الكون وموجده.

إنّ كل عمل من الأعمال الحسنة والسيئة تولّد في الإنسان واقعية، والحياة الأُخروية ترتبط بهذه الواقعيات ارتباطاً وثيقاً. والإنسان يتصف بحياة باطنية غير الحياة الظهرية الّتي يعيشها والّتي تنبع من أعماله، وترتبط حياته الأُخروية بهذه الأعمال والأفعال الّتي يمارسها في حياته هنا، قال سبحانه:( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا

__________________

(١) يس: ٨٢ ـ ٨٣.

(٢) القمر: ٥٠.

(٣) يريد بالأمر الملكوتي: الأمر التكويني الّذي تعلّقه بشيء نفس تحقّقه وتكوّنه، وأين هو من الأمر اللفظي أو الذهني اللّذين ينفكان عن المراد والمأمور به ويتوقفان على مقدمات ومعدّات.

(٤) الميزان: ١ / ٢٧٤ ـ ٢٧٦ بتلخيص.

٤٠٣

مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ) (١) .

إنّ القرآن يدل على أنّ هناك حياة أسمى وروحاً أرفع من هذه الحياة للصالحين والمؤمنين، ويؤكد على أنّ نتائج الأعمال الباطنية تلازم الإنسان دوماً ولكن الإنسان ربما لا يشعر بأنّ الأعمال الحسنة أو السيئة تكوّن في الإنسان حياة أُخروية وواقعية باطنية وسعادة وشقاء، ومع ذلك كلّه هي مؤثرة، والإنسان في حياته يشبه الطفل حيث يملي عليه مربّيه بألفاظ الأمر والنهي، فهما كافلان لتكوين حياة سعيدة له، هو يأتمر أمره ولا يشعر بما يترتّب على طاعة أمره ونهيه من النتائج، لكنّه كلّما تقدّم في العمر استطاع أن يدرك ما قاله مربّيه، فينال بذلك الحياة السعيدة، وما ذلك إلّا بما اتصف به من ملكات، وإذا ما رفض وعصى معلمه الّذي كان يسعى له بالصلاح، تجد حياته مليئة بالمآسي والآلام.

الإنسان يشبه المريض الّذي دأب على تطبيق أوامر الطبيب في الدواء والغذاء أو رياضة خاصة، فهو لم يبال بشيء إلّا ما أملاه عليه طبيبه، فعندئذ يجد الراحة والصحة ويتحسن بتحسن صحته.

فإذن الإنسان الّذي يصبح قائداً للأُمّة بأمر من الله، فهو قائد للحياة الظاهرية والمعنوية، وما يتعلّق بها من أعمال تسير مع سيره ونهجه.

فالإمام فضلاً عن الإرشاد والهداية الظاهرية، يختص بنوع من الهداية المعنوية، فهو بواسطة الحقيقة والنور الباطني الّذي يتصف به يستطيع أن يؤثر في القلوب المهيّأة وأن يتصرف بها كيف ما شاء ويسيّرها نحو مراتب الكمال والغاية المتوخاة(٢) .

هذا غاية توضيح لهذه النظرية حرّرناها بشكل يقف على مرادها كل من له أدنى إلمام بالعلوم العقلية.

__________________

(١) النحل: ٩٧.

(٢) الشيعة في الإسلام: ١٦٣ ـ ١٦٦.

٤٠٤

تحليل هذه النظرية

لا شك أنّ النفوس القوية تستطيع أن تؤثر في القلوب المهيّأة وتسيّرها نحو الكمال، لكن البحث في تفسير الإمام الوارد في الآية الكريمة بالمتصرف في القلوب والهادي لها تكويناً ومسيرها نحو الكمال، فانّه لا شاهد لذلك التفسير.

أمّا أوّلاً: فانّ قوله:( يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا ) في مقام الثناء عليهم بأنّهم لا يصدرون في أمرهم ونهيهم إلّا عن إذنه تعالى، فلأجل ذلك صاروا هداة واقعيين، فمنطقهم صواب، وفعلهم وتقريرهم حجة وكل ما يمت إليهم هداية، وأين ذلك من كون الجملة في مقام بيان حقيقة الإمامة وانّها عبارة عن القدرة التكوينية الّتي يستطيع بها الإنسان الكامل أن يؤثر في النفوس المهيّأة لسوقها نحو الكمال.

ويظهر ما ذكرنا من رواية طلحة بن زيد عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام حيث قال: « إنّ الأئمّة في كتاب الله عزّوجل إمامان: قال الله تبارك وتعالى:( وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا ) (١) لا بأمر الناس يقدّمون أمر الله قبل أمرهم وحكم الله قبل حكمهم، قال:( وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ) (٢) يقدّمون أمرهم قبل أمر الله وحكمهم قبل حكم الله، ويأخذون بأهوائهم خلاف ما في كتاب الله عزّ وجل »(٣) .

ويقول العلّامة المجلسيرحمه‌الله حول الرواية: أي ليست هدايتهم للناس وإمامتهم بنصب الناس وأمرهم، بل هم منصوبون لذلك من قبل الله

__________________

(١) الأنبياء: ٧٣.

(٢) القصص: ٤١.

(٣) الكافي: ١ / ٢١٦.

٤٠٥

تعالى ومأمورون بأمره(١) .

وثانياً: أنّ تفسير الإمامة بالقيادة العامة للأُمّة هو كون المتلبس بها أُسوة في القول والعمل، ليس من المعاني المبتذلة كيف ويقول الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام : والإمامة نظاماً للأُمّة(٢) .

وثالثاً: ما أفاده من أنّه لا معنى أن يقال لنبي مفترض الطاعة « إنّي جاعلك للناس إماماً أو مطاعاً » غير تام، لما أوقفناك عليه من أنّ النبي بما هو نبي ليس له شأن إلّا التنبّؤ، كما أنّ الرسول ليس له شأن إلّا إبلاغ الرسالات، وأمّا كونه مطاعاً بالنسبة إلى الأوامر الّتي تصدر منه لأجل مصالح الأُمّة، فهو ليس من شؤون الرسالة، وانّما يكون من شؤون مقام آخر يتلبس به بعدهما ويحول إليه بعد الاختبار والابتلاء.

وقد أوقفناك على أنّ مثل النبي والرسول فيما يبلغ من أمر الرسالة مثل المفتي والمستنبط للأحكام من الكتاب والسنّة ليس له أمر ولا نهي ولا طاعة ولا معصية، بل له حق الإبلاغ والإعلام لا الأمر والبعث والزجر والمنع، كل ذلك يستوجب أن يكون له مقام آخر يناسب تلك الأُمور، وهو مقام الإمامة والقيادة والرئاسة وما أشبهها.

ففي المجال الأوّل يكون المطاع حقيقة هو الله، ولو نسبت الطاعة إلى الرسول فبالعناية، وبهذا يفسّر قوله:( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إلّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللهِ ) (٣) ، وإلاّ فالرسول بما هو رسول ومبلّغ وواسطة بين الخالق والمخلوق لا أمر

__________________

(١) مرآة العقول: ١ / ١٦٥، الطبعة القديمة الحجرية، وفي أواخر الجزء الثاني من الطبعة الحديثة.

(٢) نهج البلاغة: قسم الحكم، الرقم ٢٥٢.

(٣) النساء: ٦٤.

٤٠٦

له حتى يطاع ولا نهي له حتى يعصى، فمن أطاعه فقد أطاع الله، ومن عصاه فإنّما عصى الله، ونسبة الإطاعة إليه في الآية المباركة بضرب من العناية، والمقصود من إطاعته سماع قوله، وتطبيق العمل على كلامه نظير ما يقول الصديق للصديق « أطعت قولك »، والمقصود جعل العمل مطابقاً لكلامه.

وبذلك يعلم أنّ ما ورد من الآيات من الأمر بإطاعة الرسول في جنب أُولي الأمر ليس المراد من الرسول فيها الرسول بما هو رسول، بل بما له من مقام الإطاعة فيكون الرسول عنواناً مشيراً إلى قيادته وإمامته، قال سبحانه:( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ ) (١) .

( وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا ) (٢) .

والحاصل: انّ للرسول إطاعتين.

إحداهما: ضرب من العناية، كما هو شأن كل واسطة بين الآمر والمأمور، ولا تعدّ هذه طاعة حقيقية، وعلى هذا المعنى تنزّل عدة من الآيات الواردة فيها طاعة الرسول.

وثانيتهما: إطاعة حقيقية عندما خلع عليه سبحانه ثوب الإمامة ولباس القيادة، فيكون مطاعاً واقعاً، وعلى كلا المعنيين يمكن تنزيل قوله سبحانه:( مَن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ ) .(٣)

وعلى الجملة فما أفادهقدس‌سره فله حق عظيم علينا وعلى الأُمّة الإسلامية ـ كلام غير تام، والله العالم.

__________________

(١) النساء: ٥٩.

(٢) الأنفال: ٤٦.

(٣) النساء: ٨٠.

٤٠٧

وعلى كل تقدير فبين ما أفاده في « الميزان » وما بيّنه في الموضع الآخر فرق واضح، لأنّهقدس‌سره في الأوّل لا يسلّم كون القيادة الظاهرية من شؤون الإمام بل يفسّر الإمام بالمتصرّف في القلوب، الهادي على نحو الإيصال إلى المطلوب ; ولكنّه يسلم في كتاب « الشيعة في الاسلام » كونها أحد شؤونه كما هو لائح من عبائره، ولعله أمتن ; وقد عرفت فيما سبق أنّ الوقوف على مفاد الآية يتوقف على البحث عن نقاط سبع، وقد فرغنا من البحث عن أربع منها، وبقي الكلام في نقاط ثلاث، وإليك بيان الخامسة منها.

٥. الإمامة عهد من الله

العهد في الأصل هو الاحتفاظ بالشيء، وإليه ترجع سائر المعاني الّتي استعملت فيها تلك اللفظة، فيقال للوصية: العهد. لأنّه ينبغي الاحتفاظ بها كما يطلق على ما يكتب للولاة من الوصية، لأنّه ممّا ينبغي الاحتفاظ به، والعهد: الكتاب الّذي يستوثق به في البيعات(١) .

وعلى ذلك فكل شيء غال قيم ينبغي الاحتفاظ به فهو العهد، والله سبحانه ينسب الإمامة إلى نفسه ويقول:( عَهْدِي ) ، ويريد بذلك إنّه شيء غال وهدية ثمينة من الله سبحانه يجب الاحتفاظ بها من جانب الأُمّة، وبما أنّ الشيء الثمين لا يودع إلّا عند من كان أميناً واضعاً كل شيء في مكانه، قال سبحانه:( لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) ، فالإمامة ميثاق الله سبحانه بين الأُمّة يجب الاحتفاظ بها عن طريق امتثال ما يفترض من الأوامر والنواهي وعدم إضاعتها.

ويظهر ذلك ـ أي انّ الإمامة عهد الله سبحانه ـ انّ الإمامة نوع من

__________________

(١) معجم مقاييس اللغة: ٤ / ١٦٨.

٤٠٨

الحكومة، وليس لأحد حق الحكم على أحد إلّا بإذنه سبحانه، فالحاكم الواقعي المشروع حكمه، النافذ أمره ونهيه، من استند في ولايته إلى الله سبحانه وتعالى.

٦. ما هو المقصود من الظالمين ؟

الظلم في اللغة: هو وضع الشيء في غير موضعه، قال ابن فارس بعد ذكره لهذه الجملة: ألا تراهم يقولون من أشبه أباه فما ظلم، أي: ما وضع الشبه غير موضعه، وبه قال غيره من اللغويين.

قال ابن منظور: الظلم وضع الشيء في غير موضعه، ومن أمثال العرب: من أشبه أباه فما ظلم. قال الأصمعي: أي ما وضع الشبه في غير موضعه. وفي المثل: من استرعى الذئب فقد ظلم. وفي حديث ابن زمل: لزموا الطريق فلم يظلموه، أي: لم يعدلوا عنه، يقال: أخذ في طريق فما ظلم يميناً ولا شمالاً. وأصل الظلم: الجور، ومجاوزة الحد. والظلم: الميل عن القصد، والعرب تقول: الزم هذا الصوب ولا تظلم عنه، أي لا تجز عنه. قال سبحانه:( إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) ، وذلك لأنّه جعل النعمة لغير ربها.

فإذا كان الظلم بمعنى مجاوزة الحد الّذي عيّنه العرف أو الشرع، فالمعصية كبيرها وصغيرها ظلم، لأنّ مقترفهما يتجاوز عن الحد الّذي رسمه الشارع، والظلم له مراتب والمجموع يشترك في كونه تجاوزاً عن الحد ووضعاً للشيء في غير موضعه.

ولـمّا خلع سبحانه ثوب الإمامة على خليله ونصبه إماماً للناس ودعا إبراهيم أن يجعل من ذريته إماماً، فأُجيب بأنّ الإمامة وثيقة إلهية قيمة لا تنال الظالمين، لأنّ الإمام هو المطاع بين الناس، المتصرف في النفوس والأموال، والقائد للمجتمع إلى السعادة، فيجب أن يكون على الصراط السوي حتى يكون أمره ونهيه وتصرّفه

٤٠٩

وقيادته نابعة عنه، والظالم هو المتجاوز عن الحد، المتمايل عن الصراط إلى اليمين والشمال(١) ، الواضع للشيء في غيرموضعه لا يصلح لهذا المنصب وحدوده.

إنّ الظالم الناكث لعهد الله، والناقض لدساتيره وحدوده على شفا جرف هار لا يؤتمن عليه، ولا تلقى إليه مقاليد الخلافة، ولا مفاتيح القيادة، لأنّه على مقربة من الخيانة والتعدّي، وعلى استعداد لأن يقع أداة للجائرين، فكيف يصح في منطق العقل أن يكون إماماً مطاعاً، نافذاً قوله، مشروعاً تصرفه، إلى غير ذلك من شؤون الإمامة ؟

٧. دلالة الآية على عصمة الإمام

إنّ بعض المناصب والمقامات تعيّن شروطها بنفسها، فمدير المستشفى، له شروط تختلف عن شروط قائد الجيش، وهكذا غيرهما.

فالإمامة الّتي لا تنفك عن التصرّف في النفوس والأموال، وبها يناط حفظ القوانين، يجب أن يكون القائم بها إنساناً مثالياً مالكاً لنفسه، وغرائزه، حتى لا يتجاوز في حكمه عن الحد، وفي قضائه عن الحق.

والمستفاد من الآية انّ الظلم بشتى ألوانه مانع من النيل لمقام الإمامة، لأنّ كلمة « الظالمين » بحكم كونها محلاّة باللام تفيد الاستغراق في الأفراد، فإذا كان الظالمون بعامة أفرادهم ممنوعين من الارتقاء إلى هذا المقام، يكون الظلم بكل ألوانه وصوره مانعاً عن الرقي والنيل لهذا المنصب الإلهي، فالاستغراق في جانب الأفراد يستلزم الاستغراق في جانب الظلم وأقسامه وتكون النتيجة مانعية كل فرد

__________________

(١) ونعم ما قال الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام : « اليمين والشمال مضلّة، والطريق الوسطى هي الجادة ». ( نهج البلاغة: قسم الخطب، الرقم ١٥.

٤١٠

منه عن الارتقاء إلى منصب الإمامة.

وبالجملة: فالآية تستغرق جميع الظالمين، وتسلب الصلاحية عن كل فرد منهم، وبالنتيجة تفيد بأنّ الظلم بأي شكل كان مانع عن الارتقاء إلى الإمامة. فالاستغراق في ناحية الأفراد يلازم الاستغراق في أقسام الظلم.

فتكون النتيجة: انّ من صدق عليه انّه ظالم ولو في فترة من عمره يكون ممنوعاً من نيل هذا المقام الرفيع.

سؤال وجواب

أمّا السؤال، فهو: انّ الآية انّما تشمل من كان مقيماً على الظلم، فأمّا التائب عنه فلا يتعلّق به الحكم، لأنّ الحكم إذا كان معلّقاً على صفة وزالت الصفة زال الحكم، وصفة الظلم صفة ذم، فإنّما تلحقه ما دام مقيماً عليه، فإذا زال عنه زالت الصفة عنه، كذلك يزول عنه الحكم الّذي علّق به من نفي نيل العهد في قوله تعالى:( لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) ألا ترى أنّ قوله تعالى:( وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ) إنّما هو نهي عن الركون إليهم ما أقاموا على الظلم، وكذلك قوله تعالى:( مَا عَلَى المُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ ) إنّما هو ما أقاموا على الإحسان، فقوله تعالى:( لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) لم ينف به العهد عن من تاب عن ظلمه، لأنّه في هذه الحالة لا يسمّى ظالماً كما لا يسمّى من تاب من الكفر كافراً ومن تاب من الفسق فاسقاً، وانّما يقال كان كافراً وكان فاسقاً، وكان ظالماً، والله تعالى لم يقل لم ينل عهدي من كان ظالماً، وانّما نفى ذلك عن من كان موسوماً بسمة الظالم والاسم لازم له باق عليه(١) .

__________________

(١) أحكام القرآن ( لأبي بكر أحمد بن علي الرازي الجصّاص، المتوفّى عام ٣٧٠ ه‍ ): ١ / ٧٢ بتلخيص.

٤١١

الجواب

انّ ما أفاده الجصاص من أنّ الحكم يدور مدار وجود الموضوع ليس ضابطاً كلياً يعتمد عليه في كل الموارد، وما استشهد به من المثالين لا يكون مبدأ لانتزاع القاعدة الكلية المزعومة ; بل الأحكام على قسمين: قسم يدور مدار وجود الموضوع، فينتفي بانتفائه، وقسم يكفي فيه اتصاف الموضوع بالوصف والعنوان آناً ما ولحظة خاصة، وإنْ انتفى بعد الاتصاف، وإليك توضيح كلا القسمين :

أمّا القسم الأوّل: مثل قولنا الخمر حرام، أو في سائمة الغنم زكاة، فالمائع ما دام يصدق عليه عنوان الخمر يحرم شربه، فإذا انقلب إلى الخل يرتفع عنه الحكم، والغنم ما دامت سائمة تتعلّق بها الزكاة، فإذا زال العنوان وعادت معلوفة يرتفع عنها الحكم، وله في العرف والشريعة أمثلة لا تعد ولا تحصى.

وأمّا القسم الثاني: أعني ما يكفي في بقاء الحكم اتصاف الموضوع بالعنوان ولو مرة واحدة أو لحظة سريعة عابرة، فهو كالزاني والسارق، فالإنسان إذا تلبّس بالزنا أو السرقة، يكون محكوماً بالحد وإن زال عنه العنوان، بل وإن تاب وأناب بعد ثبوت الحكم في حقه، ومثله عنوان المستطيع، فمن استطاع الحج يجب عليه وإن زالت عنه الاستطاعة وقصر في أداء الحج.

ومثل هذه الأمثلة، عنوان « أُمّهات نسائكم » فمن اتصفت بكونها أُمّاً لزوجة ولو لحظة تحرم على الزوج وإن زالت علقة الزوجية، وعلى هذا الضوء يكون قوله تعالى:( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا ) (١) ، وقوله سبحانه:( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ) (٢) ، وقوله سبحانه:( وَللهِ عَلَى

__________________

(١) المائدة: ٣٨.

(٢) النور: ٢.

٤١٢

النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) (١) ، وقوله سبحانه:( وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ ) (٢) ، شاملاً لكل من تلبس بالسرقة والزنا والاستطاعة والأُمومة للزوجة، سواء بقوا على العنوان أم زال عنهم، وعلى هذا القياس يجب تقسيم الموضوعات المتصفة بالعناوين إلى قسمين لا جعلهما قسماً واحداً كما صنع الجصّاص.

نعم، المهم في المقام إثبات انّ الموضوع في الآية من قبيل القسم الثاني لا القسم الأوّل، فما لم يثبت كونه منه لا يفيد تقسيم العنوان إلى قسمين.

وبعبارة أُخرى: اللازم إثبات أنّ المتلبّس بالظلم ولو آناً ما، ولو فترة يسيرة من عمره لا يصلح للإمامة في كل عمره وإن تاب من الذنب، ويمكن إثبات ذلك من طريقين :

الأوّل: طريق العقل

إنّ الهدف الأسمى من تنصيب أمثال الخليلعليه‌السلام للإمامة تحقيق الشريعة الإلهية في المجتمع وتحقيقها بين الناس، فإذا كان القائد رجلاً مثالياً نقي الثوب، مشرق الصحيفة، ناصع السلوك، يكون لأمره ونهيه نفوذ في القلوب، ولا تكون قيادته محل طعن من قبل المجتمع، بل يستقبله الشعب بوجوه ملؤها الإجلال والإكبار، لأنّه عاش بين ظهرانيهم ولم يروا منه عصياناً ولا زلة، بل كان قائماً على الصراط السوي غير مائل عنه، وعند ذلك يتحقّق الهدف الأسمى من تنصيب الشخصيات المعينة للإمامة.

وأمّا اذاكان في فترة من عمره مقترفاً للمعاصي، مجترحاً للسيئات، فهو

__________________

(١) آل عمران: ٩٧.

(٢) النساء: ٢٣.

٤١٣

غرض لسهام الناقدين، ومن البعيد أن ينفذ قوله وتقبل قيادته بسهولة، بل يقع مورداً للاعتراض بأنّه كان بالأمس يقترف الذنوب ويعمل المعاصي، ويتبنّى الباطل وأصبح اليوم آمراً بالحق ومميتاً للباطل ! وعند ذلك لا يتحقق الهدف الّذي لأجله خلعت عليه الإمامة.

وهذا التحليل العقلي يحكم بلزوم نقاوة الإمام عن كل زلة ومعصية وانّ الإنابة لو كانت ناجحة في حياته الفردية لاتكون ناجحة في حياته الاجتماعية ولا يقع أمره ونهيه موقع القبول ولا يقدر أن يأخذ بمجامع القلوب.

الثاني طريق النقل

وهو تحليل الآية: ببيان انّ الناس بالنسبة إلى الظلم على أربعة أقسام :

١. من كان في طيلة عمره ظالماً.

٢. من كان طاهراً ونقياً في جميع عمره.

٣. من كان ظالماً في بداية عمره وتائباً في آخره.

٤. من كان طاهراً في بداية عمره وظالماً في آخره.

عند ذلك يجب أن نقف على أنّ إبراهيمعليه‌السلام الّذي سأل الإمامة لبعض ذريته، أراد أي قسم منها ؟ حاشا إبراهيمعليه‌السلام أن يسأل الإمامة للقسم الأوّل والرابع من ذريته، لوضوح انّ الغارق في الظلم من بداية عمره إلى آخره أو الموصوف به أيام تصدّيه للإمامة لايصلح لأن يؤتمن عليها، فبقي القسمان الآخران، أعني: الثاني والثالث، وقد نص سبحانه على أنّه: لا ينال عهده الظالم، والظالم في هذه العبارة لا ينطبق إلّا على القسم الثالث، أعني: من كان ظالماً في

٤١٤

بداية عمره وصار تائباً حين التصدّي، فإذا خرج هذا القسم بقي القسم الثاني، وهو من كان نقي الصحيفة طيلة عمره، لم ير منه لا قبل التصدّي ولا بعده انحراف عن الحق، ومجاوزة للصراط السوي.

وحصيلة البحث: انّ الإمام هو الإنسان المثالي المطاع قوله، المقتدى بفعله، والمنصوب من الله سبحانه، لأجل تحقيق الأهداف الإلهية في المجتمع ولا يختلف كلامه وتقريره عنها قيد شعرة، حتّى يحقّق الهدف الّذي نصب لأجله وبما أنّ الآية الكريمة تنفي صلاحية الظالم لنيل هذا المقام، وهي على وجه الاستغراق، فالظالم بجميع أصنافه لا يصلح لهذا المقام وإن تاب وطهر، لما عرفت من الوجهين من أنّ المقام من قبيل القسم الثاني الّذي يكفي في ثبوت الحكم دائماً تلبس الموضوع بالعنوان آناً ما.

سؤال وجواب

أمّا السؤال فحاصله: انّ غاية ما يستفاد من الآية لزوم كون الإمام نقي الصحيفة عادلاً غير ظالم، وأمّا كونه معصوماً قد أُفيضت عليه ملكة العصمة فلا يستفاد من الآية ؟

وإن شئت قلت: إنّ نفي صلاحية الظالم للتصدّي للإمامة لا يثبت إلّا صلاحية تصدّي العادل، وهو أعم من المعصوم الّذي نحن بصدد إثباته ؟

الجواب :

إنّ العدالة المطلقة الّتي يؤكد عليها القرآن ـ وهي كون الرجل نقياً عن كل ذنب، صغير وكبير طيلة عمره، من أوان بلوغه إلى لقاء ربّه ـ تلازم العصمة ولا تنفك عنها، إذ من المستحيل عادة أن يثبت الإنسان على الحق ولا يتجاوز عنه ولا

٤١٥

تصدر منه كبيرة ولا صغيرة إلى أن يلاقي ربّه، ومع ذلك يكون فاقداً للعصمة وملكة المصونية.

إنّ الإنسان القائم على الصراط السوي في جميع لحظات عمره غير مائل عن الحق فكراً وعملاً، لا ينفك عن كونه يمتلك ملكة العصمة الحامية من الزلل.

نعم: العدالة غير المطلقة لا تلازم العصمة، ولأجل ذلك ربّما يقترف العادل بعض المعاصي وإن كان يتوب بسرعة، لكنّها ليست عدالة مطلقة، بل عدالة خاصة لا تنافي صدور المعصية، وأمّا العدالة المطلقة في جميع سني العمر، والالتزام بالحق قولاً وفعلاً، عقيدة وعملاً، بلا انحراف، فهي عبارة أُخرى عن العصمة، ولا تتحقق إلّا بالموهبة الإلهية المفاضة من الله سبحانه على عباده المخلصين.

وإن أبيت إلّا عن أعمّية ما تهدف إليه الآية وانّ المستفاد منها العدالة المطلقة لا العصمة المفاضة من الله سبحانه، فنقول: إنّ الشيعة الإمامية تكتفي بذلك في نفي خلافة من تصدّى للخلافة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بحجة أنّهم لم يكونوا ذوي عدالة مطلقة، كيف وقد عبدوا الصنم والوثن في فترات من عمرهم ؟!

فإذا ثبت عدم صلاحيتهم تعيّنت إمامة العترة الطاهرة، لأنّ الأُمّة في مسألة الإمامة ذات قولين، فذهبت طائفة إلى إمامة الخلفاء، وذهبت طائفة أُخرى إلى إمامة علي وأهل بيتهعليهم‌السلام ، فإذا نفيت صلاحية الفرقة الأُولى تعيّنت خلافة الطائفة الثانية، لأنّ إمامة غير هاتين الطائفتين لم يذهب إليها أحد.

وبالجملة: اتفقت الأُمّة الإسلامية على قولين في مسألة الإمامة. فذهب أهل السنّة إلى خلافة الخلفاء الأربعة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ تبدّلت الخلافة بعد الخليفة الرابع إلى الملوكية وخرجت عن صبغة الخلافة الإسلامية، وقد كان أكثر هؤلاء الخلفاء الأربعة غير مجتنبين عن الشرك وعبادة الوثن في أوّليات حياتهم ،

٤١٦

وإن صاروا ببركة الإسلام موحّدين تاركين الخط الجاهلي.

وذهب الشيعة بعامة فرقهم إلى خلافة علي وبعده الحسن والحسين إلى آخر أئمّة الهدى، فهؤلاء كانوا طاهرين عن الشرك منذ نعومة أظفارهم إلى لقاء ربّهم، وليس بين الأُمّة قول بإمامة غير هاتين الطائفتين.

هذان هما القولان اللّذان أشرنا إليهما، ومن جانب آخر انّ الآية تدلّ على شرطية طهارة الإمام على وجه الإطلاق عن كل ظلم في جميع أدوار الحياة، وهذا لا ينطبق إلّا على الطائفة الثانية، لأنّ كثيراً من أفراد الطائفة الأُولى كانوا غير مجتنبين عن الظلم في بداية حياتهم وذلك ممّا لم يختلف فيه اثنان.

٤١٧
٤١٨

٣

١. إطاعة السلطان بين الوجوب والحرمة.

٢. عدالة الصحابة بين العاطفة والبرهان.

٤١٩

في هذا الفصل

١. إطاعة السلطان العادل من صميم الدين وبيان دلائله.

٢. إطاعة السلطان الجائر ورأي أهل السنّة فيها.

٣. حكم الخروج عليه وجوباً وحرمة.

٤. الأحاديث الّتي استدلت الحنابلة بها على وجوب إطاعة الحاكم الجائر وحرمة الخروج عليه.

٥. عرض تلك الأحاديث على كتاب الله أوّلاً، والسنّة الصحيحة ثانياً، وأحاديث العترة الطاهرة ثالثاً، وسيرة السلف رابعاً.

٦. محاولة الأُستاذ « أبو زهرة » لتصحيح نظرية إمام الحنابلة في هذا المورد، وبيان ضعفها.

٧. الصراع الدائم بين العقيدة والوجدان في نظائر المقام.

٨. من هو الصحابي وتعاريفه المختلفة والغاية السياسية بها ؟

٩. نظرية عدالة الصحابة كلهم، وتقييم تلك النظرية.

١٠. الصحبة ليست بمادة كيمياوية تقلب المصاحب إلى إنسان مثالي.

١١. الذكر الحكيم وأصناف الصحابة المختلفة.

١٢. الصحابة في السنّة النبوية.

١٣. الصحابة والتاريخ المتواتر.

١٤. آراء الصحابة بعضهم حول بعض.

١٥. النظرية الوسطى في الصحابة، نظرية الشيعة المنعكسة في دعاء الإمام السجاد.

١٦. كلام أبي المعالي الجويني، ونقد بعض الزيدية له.

١٧. النسبة المفتعلة إلى الشيعة الإمامية وإبطالها.

٤٢٠