إستقصاء الإعتبار الجزء ١

إستقصاء الإعتبار0%

إستقصاء الإعتبار مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف: متون حديثية
ISBN: 964-319-173-7
الصفحات: 501

إستقصاء الإعتبار

مؤلف: الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف:

ISBN: 964-319-173-7
الصفحات: 501
المشاهدات: 41132
تحميل: 2949


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 501 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 41132 / تحميل: 2949
الحجم الحجم الحجم
إستقصاء الإعتبار

إستقصاء الإعتبار الجزء 1

مؤلف:
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
ISBN: 964-319-173-7
العربية

الكلام خلافه.

الثاني : المنقول عن الصدوق أبي جعفر موافقته لشيخه ابن الوليد في الاستثناء ، وقد صرّح في الفقيه في باب الجمعة في خبر رواه حريز عن زرارة : بأنّه لا يعمل به لتفرّد حريز عن زرارة في روايته(١) ، وقوله في محمد ابن عيسى : لا أروي ما يختص بروايته ـ(٢) موجب لنوع تخصيص بمحمد ابن عيسى ، والجمع بين الأمرين غير واضح ، وقد قدمنا أنّ في الفقيه ما يقتضي خلاف هذا أيضاً ، وأجبنا عنه في الجملة(٣) ، وفي المقام يمكن التوجيه بتكلّف.

الثالث : الذي يقتضيه كلام الشيخ في الفهرست(٤) أنّ ابن بابويه استثناه من رجال نوادر الحكمة ، وكتاب نوادر الحكمة لمحمد بن أحمد بن يحيى ، واللازم منه استثناؤه من رواية محمد بن أحمد بن يحيى عنه كما هو مذكور في ترجمة محمد بن أحمد بن يحيى وحينئذ لا دخل لروايته عن يونس إلاّ من حيث قول ابن بابويه : ولا أروي ما يختص بروايته ؛ بناءً على أنّه عامّ لا يختص برواية محمد بن أحمد بن يحيى ، والحال أنّ الشيخ في هذا الكتاب في باب أنّه لا يجوز العقد على امرأة عقد عليها الأب قال ـ بعد خبر رواه محمد بن عيسى عن يونس ـ : وهو ضعيف قد استثناه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين من جملة الرجال الذين روى عنهم ( صاحب نوادر الحكمة(٥) .

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٦٦ / ١٢١٧.

(٢) حكاه عنه الشيخ في الفهرست : ١٤١.

(٣) راجع ص ٤٩ ٥٠.

(٤) الفهرست : ١٤٠ / ٦٠١‌

(٥) الاستبصار ٣ : ١٥٥ / ٥٦٨.

٨١

وهذا الكلام صريح في أنّ ابن بابويه استثناه من الرجال الذين يروي عنهم )(١) محمد بن أحمد بن يحيى ، لا أنّه لا يروي عنه مطلقاً.

إلاّ أن يقال : إنّه لمّا استثناه فهم منه عدم الرواية عنه مطلقاً.

وفيه نظر واضح ؛ لجواز اختصاص المورد ، وما نقله عنه من قوله : لا أروي ما يختص به غير صريح في العموم ، لجواز خصوص المورد أيضاً.

الرابع : مقتضى كلام النجاشي أنّ ابن بابويه نقل عن ابن الوليد أنّه لا يعتمد على ما يرويه محمد بن عيسى من كتب يونس وحديثه(٢) ، وكلام الشيخ كما ترى في الفهرست(٣) ، وهذا الكتاب(٤) خلاف ذلك ، فينبغي تأمّل ما ذكرناه فإنّه موجب لذلك.

وإذا عرفت هذا فاعلم أنّه سيأتي إن شاء الله الكلام في رواية محمد بن أحمد بن يحيى ، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي ، ويذكر ما في كلام أبي العباس هناك(٥) ، وهو مؤيّد لما قلناه هنا.

ومن عجيب ما اتفق ممّا يناسب هذا المقام أنّ الشيخ ذكر الأخبار الواردة في أنّ شهر رمضان يلحقه ما يلحق غيره من الشهور في النقصان ، وقال بعد ذكر الروايات الدالة على أنّه لا ينقص : إنّ أصلها واحد(٦) ، والحال أنّ الصدوق ذكر ضدّ ذلك وبالغ فيه غاية المبالغة(٧) ، كما ذكرناه مفصّلاً في‌

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في « فض ».

(٢) رجال النجاشي : ٣٣٣ / ٨٩٦.

(٣) الفهرست : ١٤٠ / ٦٠١.

(٤) راجع : ص ٨٠.

(٥) يأتي في ٢ : ٩٨.

(٦) الاستبصار ٢ : ٦٩ ، التهذيب ٤ : ١٧٢.

(٧) الفقيه ٢ : ١١١.

٨٢

معاهد التنبيه على نكت من لا يحضره الفقيه.

والمقصود هنا بيان أنّ الصدوق إذا لم يعمل بالخبر المجرّد عن القرائن ، فكيف يدّعي الشيخ أنّ الأخبار الدالة على مطلوبه ليس لها قرائن توجب العمل ، ولو احتمل عمل الصدوق من دون القرائن ، ينافي ما يصرّح به في الفقيه ، كما قدمناه عنه(١) ، وإنّ وافقه بعض ما قدّمناه ، إلاّ أنّه لا بدّ من الجواب عن الموافق كما علمت ؛ لحصول ما يقرب من العلم بعمل المتقدمين بما ذكر.

واحتمال أنّ يقال : بجواز حصول القرائن للصدوق دون الشيخ ، هو غاية ما يمكن من الجواب ، إلاّ أنّه تكلف ، وعلى كل حال فالمقام في حيّز الإشكال.

وقد يتوجه ما قدّمناه من الاحتمال بالنسبة إلى المتأخّرين فيحتمل العمل بما يرويه محمد بن عيسى عن يونس لأنّهما ثقتان ، والاتصال ظاهراً موجود ، فيصدق عليه تعريف الصحيح لو جمع صفاته من غير هذا الوجه.

والاستثناء المذكور في كلام من ذكر لا يقتضي الضعف ؛ لجواز كون الوجه فيه مختصا بالمتقدّمين الموقوف [ عملهم ](٢) على اقتران الخبر بالقرائن ، غاية الأمر أنّ فيه السؤال السابق : من أنّه لا وجه لاختصاص محمد بن عيسى عن يونس بهذا.

ويمكن أنّ يقال : إنّ الاستثناء إذا خفي وجهه بحيث احتمل عدم ضعف كل من الرجلين لا يقدح في الصحة المعتبرة عند المتأخّرين.

وما عساه يقال : إنّ مرجع الصحة إلى توثيق الرواة من المتقدّمين ،

__________________

(١) راجع ص ٤٩ ٥٠.

(٢) في النسخ : عليهم ، والظاهر ما أثبتناه.

٨٣

وإذا صرّحوا بالاستثناء يعلم عدم التوثيق في هذه المادّة ، وإنّ وثّق الرجل من جهة أُخرى ، كما يقول أصحاب الرجال : ثقة في الحديث ، فإنّه يقتضي اختصاص التوثيق بالحديث ، وهكذا يقال في محمد بن عيسى عن يونس.

يمكن الجواب عنه : بالفرق بين التصريح بالتوثيق الخاص وبين الإجمال الواقع في محمد بن عيسى ؛ وفي البين كلام بالنسبة إلى الفرق ، إلاّ أنّه قابل للتسديد ، والله تعالى أعلم بالحال.

وأمّا ياسين الضرير فهو مذكور في الرجال مهملا(١) .

وأبو بصير قد تقدّم القول فيه إجمالا من الاشتراك إذا روى عن غير معيّن من الأئمّةعليهم‌السلام بين ثلاثة(٢) ، وفي المقام اشتراكه بين الإمامي الثقة والموثق مع نوع قدح فيه ، وقد عدّ من الموثق في مثل هذه الرواية ، والذي يقتضيه الخبر الآتي من الشيخ في الكتاب : القدح في عقيدته على وجه يقتضي التوقّف في كون خبره موثقا ، وسنبيّنه إنّ شاء الله تعالى(٣) .

المتن :

فيه دلالة على مطلق التغيّر الشامل للأوصاف الثلاثة ، لكن قد علمت حال سنده ، وهكذا القول في دلالته على نجاسة أبوال الدوابّ ، ولا أدري الوجه في عدم تعرض الشيخ لحمل الحديث على أنّ الماء ليس بقليل إلاّ ما تقدّم منه(٤) .

__________________

(١) انظر رجال النجاشي : ٤٥٣ / ١٢٢٧ ، والفهرست : ١٨٣.

(٢) راجع ص ٧٢.

(٣) يأتي في ص ١٢٥.

(٤) راجع ص ٦٩.

٨٤

وربّما كان في قوله : « وإن لم تغيّره أبوالها فتوضّأ منه » دون الشرب إشارة إلى عدم جواز الشرب ، لاشتمال الماء على فضلة لا يجوز شربها. وفيه نوع تأمّل ، إلاّ أنّ البحث مع ضعف الخبر قليل الفائدة.

أمّا قوله : « في الماء وأشباهه » فيحتمل الضمير في أشباهه العود إلى الدم ، ويراد بأشباهه سائر النجاسات ؛ ويحتمل أشباه الماء ، ولا يخفى ما فيه ؛ ويحتمل أشباه الدم من النجاسات ذوات الألوان ، هذا.

ولا ريب أنّ تغيّر الماء وإن كان في ظاهره إطلاق ، إلاّ أنّ المراد تغيّره بالنجاسات ، وقد أزال الارتيابعليه‌السلام بقوله « وإن لم تغيّره أبوالها ».

قوله :

وبهذا الإسناد عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن العباس بن معروف ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني ، عن أبي خالد القماط أنّه سمع أبا عبد الله عليه‌السلام يقول في الماء يمرّ به الرجل وهو نقيع فيه الميتة والجيفة ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : « إن كان (١) قد تغيّر ريحه أو طعمه فلا تشرب ولا تتوضّأ منه ، وإن لم يتغيّر ريحه وطعمه فأشرب وتوضّأ منه (٢) ».

السند‌

إبراهيم بن عمر اليماني ، ذكر النجاشي : أنّه شيخ من أصحابنا ثقة ، روى عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام ، ذكر ذلك أبو العباس وغيره(٣) .

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٩ / ١٠ : إن كان الماء.

(٢) ليست في الاستبصار ١ : ٩ / ١٠.

(٣) رجال النجاشي : ٢٠ / ٢٦.

٨٥

والعلاّمة في الخلاصة نقل عن ابن الغضائري أنّه قال : إنّه ضعيف جدّاً ، ثم قال العلاّمة : والأرجح عندي قبول روايته ، وإنّ حصل بعض الشك بالطعن فيه(١) .

واعترضه جدّيقدس‌سره بأنّ في تعديله نظرا :

أمّا أوّلاً : فلتعارض الجرح والتعديل ، والأوّل مرجَّح.

وأمّا ثانياً : فلأنّ النجاشي نقل توثيقه ( وما معه )(٢) عن أبي العباس وغيره ، وأبو العباس هذا إمّا أحمد بن عقدة ، وهو زيدي المذهب ، أو ابن نوح ، ومع الاشتباه لا يفيد(٣) . انتهى ملخّصا.

وفيه نظر ، أمّا أوّلاً : فلأن كون التوثيق من النجاشي مجرّد النقل غير معلوم ، بل الظاهر خلافه ؛ وأنّ النقل لروايته عن أبي عبد الله وأبي جعفرعليهما‌السلام ، لأنّه أقرب.

وأمّا ثانياً : فلأنّه بتقدير الاحتمال ، فالظاهر من أبي العباس هو ابن نوح عند الإطلاق ، وإذا ثبت التوثيق من النجاشي ، لا عبرة بقول ابن الغضائري ، لأنّه غير معلوم الحال.

( فإن (٤) قلت : ابن الغضائري هو أحمد ، أو الحسين؟.

قلت : الظاهر أنّه أحمد ؛ لأنّ العلاّمة ذكر في ترجمة إسماعيل بن مهران ما هذا لفظه : وقال الشيخ أبو الحسين أحمد بن الحسين بن عبيد الله(٥) . والشيخ قال في خطبة الفهرست ما معناه : أنّ جماعة الأصحاب‌

__________________

(١) خلاصة العلاّمة : ٦.

(٢) ما بين القوسين ليس في « فض » و « د ».

(٣) حواشي الشهيد على الخلاصة ( المخطوطة ) : ١.

(٤) من هنا إلى قوله : وإذا عرفت هذا ، في ص ٨٧ ساقط من « فض » و « د ».

(٥) خلاصة العلاّمة : ٨.

٨٦

لم يتعرض [ أحد ](١) منهم لاستيفاء الرجال ، إلاّ ما قصده أبو الحسين أحمد بن الحسين بن عبيد الله ، فإنّ له كتابين : أحدهما ذكر فيه المصنفات ، والآخر ذكر فيه الأُصول(٢) .

وابن طاوس(٣) قال في كتابه الجامع للرجال من كتب الأصحاب ما صورته : ومن كتاب أبي الحسين بن عبيد الله الغضائري(٤) .

وفي الخلاصة أيضاً في ترجمة عمرو بن ثابت : أنّه ضعيف جدّاً قاله ابن الغضائري. وقال في كتابه الآخر : عمرو بن أبي المقدام ، إلى آخره(٥) .

وهذا يؤيّد ما قاله الشيخ : من أنّ لابن الغضائري كتابين.

ويزيد الحال وضوحاً أنّ الحسين بن عبيد الله لم يذكر النجاشي أنّ له كتاباً في الرجال(٦) .

وذكر العلاّمة في ترجمة أحمد بن الخضيب : أنّ ابن الغضائري قال‌

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) الفهرست : ١.

(٣) هو السيد جمال الدين أحمد بن موسى بن طاوس الحسني ( الحسيني ) الحلّي ، المتوفى ٦٧٣ ه‍ ، مؤلف : البشرى ، والملاذ ، وغيرهما ، أخو السيد رضي الدين علي ابن موسى بن طاوس ، المتوفى ٦٦٤ ه‍ ، صاحب الإقبال ، وجمال الأسبوع ، وغيرهما.

واسم كتابه : حلّ الإشكال في معرفة الرجال ، كانت نسخته موجودة حتى عصر العلاّمة المجلسي رحمه‌الله ، استخرج منها الشيخ حسن صاحب المعالم كتابه التحرير الطاووسي. انظر رجال ابن داود : ٤٥ / ١٤٠ ، الكنى والألقاب ١ : ٣٢٩ ، الذريعة إلى تصانيف الشيعة ٣ : ٣٨٥ ، ٧ : ٦٤.

(٤) المنقول من المصدر هكذا : وكتاب أبي الحسين أحمد بن الحسين بن عبيد الله الغضائري انظر التحرير الطاووسي : ٥ ، والذريعة إلى تصانيف الشيعة ٣ : ٣٨٦ ، ٧ : ٦٥.

(٥) خلاصة العلاّمة : ٢٤١ / ١٠.

(٦) رجال النجاشي : ٦٩ / ١٦٦.

٨٧

حدثني أبي أنّ في مذهبه ارتفاعا(١) .

والحسين لم يعهد له أب [ لأنّ يفيد(٢) ] في أمثال هذه المقامات ، وعلى هذا فحكم جدّيقدس‌سره بأنّه الحسين ، لا يخفى ما فيه.

ثم إنّ أحمد لم نقف على ما يقتضي توثيقه ، نعم يستفاد من العلاّمة الاعتماد على قوله في ترجمة صباح بن قيس ، قال في القسم الثاني : إنّه أبو محمد ، كوفي زيدي ، قاله ابن الغضائري ، وقال : حديثه في حديث أصحابنا ضعيف ، وقال النجاشي : إنّه ثقة(٣) .

والظاهر من ذكره في القسم الثاني الاعتماد على قول ابن الغضائري ، فمن اعتمد على توثيق العلاّمة يلزمه توثيق المذكور ، فالعجب من جماعة من مشايخنا حيث توقّفوا في أحمد ، مع الاعتماد على ما ذكرناه من توثيق العلاّمة للرجال.

وإذا عرفت هذا )(٤) فقول جدّيقدس‌سره إنّ الجرح مقدم(٥) ، لا يخفى دفعه ، وتحقيق الحال في الرجال ، وإنّما هذا على سبيل الإجمال.

نعم قد يتوجه على توثيق النجاشي : أنّه إذا رجع إلى أبي العباس أحمد بن نوح ، ففيه نوع كلام ، كما يعرف من ملاحظة ترجمته ، إلاّ أنّ الجواب سهل ، وسيأتي إنّ شاء الله تعالى ذكر ما لا بدّ منه في محلّ آخر(٦) .

وأمّا أبو خالد القماط ، فالذي صرّح به النجاشي : أنّ اسمه يزيد‌

__________________

(١) خلاصة العلاّمة : ٢٠٤.

(٢) في « رض » : ان بعيد ، والظاهر ما أثبتناه.

(٣) خلاصة العلاّمة : ٢٣٠.

(٤) من قوله : فإنّ قلت ، في ص ٨٥ إلى هنا ساقط من « فض » و « د ».

(٥) الدراية : ٧٣.

(٦) يأتي في ص ٢٢٢ ٢٢٣.

٨٨

ووثّقه(١) ؛ والشيخ قال في كتاب الرجال : خالد بن يزيد يكنّى أبا خالد القماط(٢) ؛ وأظنّه وهماً.

وفي الكشي نوع اضطراب ، وقد يأتي في بعض أسانيد الكشي : أبو خالد صالح القماط(٣) ، والقرائن تخصّص المراد.

المتن :

لا يخفى إطلاقه ، لكنه يقيد بالكثير البالغ كرّاً ، كما تضمنته الأخبار الدالة على ذلك ، وذكر الميتة والجيفة يحتمل المرادفة ، ويحتمل المغايرة معنىً ، والجيفة أعم ، وقد تقدم التنبيه على دلالة الحديث على الوصفين فقط وجوابه(٤) .

قولهرحمه‌الله :

فأمّا ما رواه الحسين بن سعيد ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال : كتبت إلى من يسأله عن الغدير يجتمع فيه ماء السماء ويستقى فيه من بئر يستنجي فيه الإنسان من بول أو غائط ، أو يغتسل فيه الجنب ، ما حدّه الذي لا يجوز؟ فكتب : « لا يتوضّأ من مثل هذا إلاّ من ضرورة إليه ».

فهذا الخبر محمول على ضرب من الكراهية ، لأنّه لو لم يكن كذلك لكان لا يخلو ماء الغدير أنّ يكون أقل من الكرّ ، فإنّ كان كذلك‌

__________________

(١) رجال النجاشي : ٤٥٢ / ١٢٢٣.

(٢) رجال الطوسي : ١٨٩ / ٧١.

(٣) رجال الكشي ٢ : ٦٨٧ / ٧٣١.

(٤) راجع ص ٧٣ ٧٤.

٨٩

فإنّه ينجس ، ولا يجوز استعماله على حال ، ويكون الفرض التيمم ؛ أو يكون المراد أكثر من الكرّ فإنّه لا يحمل نجاسة ، ولا يختص حال الاضطرار ، والوجه في هذه الرواية الكراهية ؛ لأنّ مع وجود المياه المتيقّن طهارتها لا ينبغي استعمال هذه المياه ، وإنّما تستعمل عند فقد الماء على كل حال.

السند‌

قد تقدّم الطريق إلى الحسين بن سعيد(١) ، والإضمار قد قدّمنا الوجه في عدم قدحه بالصحة(٢) .

وما اشتهر بين المتأخّرين من أنّ المكاتبة لا يخلو من شي‌ء(٣) محلّ كلام.

أمّا ما يتوهم من أنّ المكتوب معه غير معلوم فدفعه أنّ ظاهر الجواب بقوله : فكتب ، الجزم من محمد بن إسماعيل بذلك.

وما قد يقال ؛ إنّ الجزم ربّما يكون بسبب اعتماده على الرسول ولا يجدي نفعاً لغيره ؛ ففيه : أنّ الظاهر الجزم بكون الكتابة من الإمامعليه‌السلام فهي كسماع لفظهعليه‌السلام ، وقد يختلج شك في المقام ، إلاّ أنّ أمره سهل.

المتن :

لا يخلو من إجمال ، فإنّ ضمير « يستنجي فيه » يحتمل أن يعود إلى‌

__________________

(١) راجع : ص ٦٩.

(٢) راجع : ص ٧٢.

(٣) انظر المعتبر ١ : ٥٦ ، والذكرى ١ : ٨٨.

٩٠

الغدير ، ويحتمل العود إلى البئر ( بنوع من التوجيه ، إمّا على أنّ البئر ليس بمؤنّث حقيقي ، وسيأتي في البئر ما يؤيّده(١) ، أو بإرادة الماء )(٢) وكأنّ الشيخ رجّح الأوّل كما يظهر من توجيهه ، وربما يوجه الثاني بأنّ مورد السؤال حينئذ يكون عن الماء الذي يستقى من البئر مع اتصافه بما ذكر ، ووجه التنزّه عن ماء الغدير لأنّ فيه ماء البئر الواقع فيه ما ذكر ، ولو عاد إلى الغدير أشكل الحال باغتسال الجنب ، فإنّ اغتساله لا يؤثّر في الغدير إلاّ إذا كان بدنه نجسا ، وبدون ذلك لا يؤثّر إلاّ بتقدير كونه ماءً مستعملاً ، والإشكالات في الماء المستعمل أشد.

أمّا لو رجع إلى البئر ، فالأخبار فيه موجودة بما يقرب معها التنزّه عن الماء.

لكن لا يخفى أنّه يبعّد هذا الوجه أنّ السؤال ليس عن ماء البئر بل عن الغدير ، وذكر السقاية من البئر بالعارض ، إلاّ أنّ باب الاحتمال واسع.

وما قاله الشيخ من الحمل على الكراهة قد لا يوافقه ظاهر السؤال ؛ فإنّ مفاده طلب الحدّ الذي لا يجوز.

ولعلّ الجواب أنّ العبارة لا تنافي الكراهة.

نعم قد يشكل ما قاله الشيخ من أنّ الماء لو كان أقلّ من الكرّ فإنّه ينجس بأنّ الاستنجاء من البول والغائط لا ينجّس الماء ، واغتسال الجنب لا يقتضي نجاسة الماء إلاّ إذا كان بدنه نجسا.

ويجوز حمل الحديث على عدم نجاسة البدن ، غاية الأمر أنّ يصير الماء مستعملا ، والمنع من المستعمل محلّ كلام ، فلو فرض أنّ ماء الغدير‌

__________________

(١) يأتي في ص ٢٤٣.

(٢) ما بين القوسين ليس في « فض » و « د ».

٩١

أقلّ من كرّ لا يلزم التنجيس مطلقاً ، ولعلّ سبب الكراهة نفرة النفس واحتمال النجاسة.

أمّا قول الشيخ : أو يكون المراد أكثر من الكرّ ؛ فلا حاجة إلى ذكر الأكثر ، وعلى تقدير كونه كرّاً إذا لم يتغيّر يشكل كراهة الاستعمال ، مع وجود المياه المتيقن طهارتها ؛ لأنّه حكم بمجرد الاحتمال في الرواية ، فليتأمّل.

قوله رحمه‌الله :

٢ ـ باب كمّيّة الكرّ‌

أخبرني الحسين بن عبيد الله ، عن أحمد بن محمد بن يحيى ، عن أبيه ، عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن أيوب بن نوح ، عن صفوان ، عن إسماعيل بن جابر قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الماء الذي لا ينجّسه شي‌ء ، قال : « ذراعان عمقه ، في ذراع وشبر سعته ».

السند‌

هنا كما ترى ، وفي التهذيب رواه عن الشيخ ، عن أحمد بن محمد بن الحسن ، عن أبيه ، عن محمد بن يحيى ، عن أيوب بن نوح(١) . ولا ضير في ذلك ( إلاّ من حيث اشتمال السند على محمد بن يحيى )(٢) (٣) .

__________________

(١) التهذيب ١ : ٤١ / ١١٤. وفيه : عن محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد بن يحيى.

(٢) ما بين القوسين ليس في « فض » و « د ».

(٣) في « د » زيادة : وما قاله في الفهرست من أنّ طريقه الى محمد بن [ أحمد بن ]

٩٢

أمّا ما ذكره شيخناقدس‌سره في فوائده على الكتاب : من أنّه في طريق الرواية أحمد بن محمد بن يحيى العطار ، ولم ينصّ الأصحاب على توثيقه ، ولكن لا يبعد قبول روايته ، وقد روى هذه الرواية في التهذيب عن أحمد ابن محمد بن الحسن ، عن أبيه ، عن محمد بن يحيى ، إلى آخر الاسناد ، وهو صحيح.

ففيه نظر واضح ؛ لأنّ أحمد بن محمد بن الحسن مشارك لأحمد بن محمد بن يحيى في عدم التوثيق ، بل أحمد بن محمد بن يحيى مذكور في رجال الشيخ(١) دون أحمد بن محمد بن الحسن ، وإنّ كان الذكر لا يفيد توثيقا إلاّ أنّه له فائدة ما.

والعلاّمة قد صحّح طريق الشيخ إلى الحسين بن سعيد(٢) ، وأحمد بن محمد بن يحيى فيه ، لكن قد سمعت القول في ذلك(٣) : ( هذا.

وفي نسخة مقابلة بنسخة الأصل بالطريق السابق عن محمد بن أحمد ابن يحيى ، عن محمد بن يحيى ؛ ومحمد بن يحيى هذا هو الضعيف على ما قاله الشيخ في رواية محمد بن أحمد بن يحيى عنه ، والحكم بالصحة على الإطلاق واضح الإشكال ، ولا يبعد أنّ يكون ما هنا فيه تصحيف ، والأصل أحمد بن محمد بن عيسى مع نوع تبديل ، إلاّ أنّ الاعتماد على ما يوجب الجزم بالصحة غير حاصل.

__________________

يحيى في رواية جميع كتبه ورواياته ليس فيه الطريق التي في التهذيب ربما يظنّ منه الوهم في طريق التهذيب ، إلاّ أنّ باب الاحتمال واسع.

(١) رجال الطوسي : ٤٤٩ / ٦٠.

(٢) خلاصة العلاّمة : ٢٧٦.

(٣) راجع ص ٣٩.

٩٣

وبالجملة فالأمر في الاستناد بالنسبة إلى الكتابين غريب ، فتأمّل )(١) .

المتن :

لا يخلو من إجمال من جهة الذراع والشبر في السعة ، لاحتمال أن يراد بالسعة ما يعم الطول والعرض ، أو يراد أحدهما كما في غيره من الأخبار وترك الآخر ، ويفارق غيره من الأخبار ، إذ ( مساواة )(٢) المقدار المذكور قد يدل على أنّ غير المذكور مثله ، بخلاف هذه الرواية فإنّ المقادير مختلفة ، ولم يعلم أنّ أحد البُعدين كالعمق في الذراعين ، أو كالبُعد الآخر في الذراع والشبر.

وشيخناقدس‌سره في المدارك جزم بأنّ معنى الحديث اعتبار الذراع والشبر في كل من البعدين(٣) ، ومراده أنّ كلاًّ من عرضه وطوله ثلاثة ، فيكون المجموع ستة وثلاثون شبراً ، إذ الذراع والنصف ثلاثة.

وفي المعتبر يظهر منه الميل إلى العمل بالرواية(٤) ، والإجمال فيها يوجب نوع إشكال ، مضافا إلى عدم الموافقة للأقوال المنقولة في المسألة كما سيأتي ذكره إنّ شاء الله(٥) .

قوله رحمه‌الله :

وبهذا الإسناد عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن أحمد بن‌

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط من « فض » و « د ».

(٢) ما بين القوسين ليس في « رض ».

(٣) مدارك الأحكام ١ : ٥١.

(٤) المعتبر ١ : ٤٦.

(٥) انظر ص ١٠١ ١٠٢.

٩٤

محمد ، عن البرقي ، عن عبد الله بن سنان ، عن إسماعيل بن جابر قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الماء الذي لا ينجّسه شي‌ء ، ( قال : « كرّ » قلت : وما الكرّ ) (١) ؟ قال : « ثلاثة أشبار في ثلاثة أشبار ».

السند‌

المشار إليه هو الحسين بن عبيد الله ، عن أحمد بن محمد بن يحيى ، عن أبيه ، وقد عرفت الحال فيه(٢) .

وأحمد بن محمد هو ابن عيسى ، والبرقي محمد بن خالد ، وقد نصّ الشيخ على توثيقه في كتاب الرجال(٣) ، لكن قال النجاشي : إنّه كان ضعيفاً في الحديث(٤) ، وكان الوالد(٥) قدس‌سره وشيخنا(٦) قدس‌سره يقولان : إنّ هذا لا يقدح فيه نفسه ، لأنّ المراد كونه يروي عن الضعفاء.

ولي في هذا نظر ؛ لأنّ الرواية عن الضعفاء لا يختص بمحمد بن خالد ، وحينئذ لا بدّ لتخصيصه من وجه ، كما لا يخفى.

أمّا ما قاله العلاّمة ـ نقلاً عن ابن الغضائري ـ : من أنّ محمد بن خالد يروي عن الضعفاء كثيراً ويعتمد المراسيل(٧) ؛ فلا أرى وجهاً لذكر اعتماده على المراسيل ، ( لأنّ )(٨) هذه مسألة اجتهادية لا تقدح في حال الرجال.

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في « فض » و « د ».

(٢) راجع : ص ٦٣ و ٩١.

(٣) رجال الطوسي : ٣٨٦ / ٤.

(٤) رجال النجاشي : ٣٣٥ / ٨٩٨.

(٥) معالم الفقه : ٩.

(٦) مدارك الأحكام ١ : ٥٠.

(٧) خلاصة العلاّمة : ١٣٩ / ١٤.

(٨) بدل ما بين القوسين في « د » : كما قدمناه من أنّ.

٩٥

واحتمال أنّ يراد باعتماده على المراسيل أنّه يرسل أو يروى مرسلاً معتقداً صحته ، فهو يرجع إلى التدليس ، على أنّ هذا الاحتمال يوجب الخلل في نقل أصحابنا عنه : أنّه كان يعمل بالمراسيل في مسائل الأُصول ، إذ الظاهر من كلامهم أنّه اجتهد في هذا.

وبالجملة فللكلام مجال واسع في شأن الرجل ، لا سيّما والنجاشي لم يذكر توثيقه ، أمّا كلام ابن الغضائري فلا يعتد به ؛ لعدم العلم بحاله.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الشيخ روى هذه الرواية في التهذيب بطريقين : أحدهما كما في هذا الكتاب(١) ، والآخر عن محمد بن خالد ، عن محمد بن سنان ، عن إسماعيل بن جابر(٢) . والكليني رواها عن البرقي ، عن ابن سنان(٣) ، من غير تعيين ، وهذا يوجب عدم الوثوق بصحة الرواية ، كما نبّه عليه الوالد ، وشيخنا(٤) ٠ بل جزما بأنّ الراوي محمد بن سنان ، وأنّ عبد الله سهو ؛ وفي هذا نوع تأمّل.

وبما قررناه يعلم أنّ ظنّ ردّ الرواية من جهة أُخرى ، فيه ما فيه ، فليتأمّل.

المتن :

قد استدل به الصدوق وجماعة القميّين على ما قيل(٥) : من اكتفائهم ببلوغ الكرّ سبعة وعشرين شبراً ، ووجّهوا ترك البُعد الثالث في الرواية‌

__________________

(١) التهذيب ١ : ٤١ / ١١٥.

(٢) التهذيب ١ : ٣٧ / ١٠١ ، الوسائل ١ : ١١٨ أبواب الماء المطلق ب ٩ ح ٧.

(٣) الكافي ٣ : ٣ / ٧.

(٤) منتقى الجمان ١ : ٥١ ، مدارك الأحكام ١ : ٥٠.

(٥) المختلف ١ : ٢١.

٩٦

للاعتماد على العلم بالبعدين الآخرين ، قال الوالدقدس‌سره : وهو تكلّف ظاهر(١) .

وفيه : أنّ هذا متعارف في المحاورات.

وفي المعتبر : إنّ كان معوّل الصدوق على هذا فهي ناقصة عن اعتباره(٢) ، ولا يخفى عليك الحال بعد ما ذكرناه.

قوله رحمه‌الله :

وأخبرني الشيخ ; عن أبي القاسم جعفر بن محمد ، عن محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الكرّ من الماء كم يكون قدره؟ قال : « إذا كان الماء ثلاثة أشبار ونصف في مثله ، ثلاثة أشبار ونصف في عمقه في الأرض فذلك الكرّ من الماء ».

السند‌

فيه عثمان بن عيسى وقد تقدم فيه القول ، وكذلك أبو بصير(٣) .

وما ذكره شيخناقدس‌سره من أنّ رواية ابن مسكان عن أبي بصير يعيّن كونه ليث المرادي ؛ لا يخلو من تأمّل ، لما قاله الوالدقدس‌سره من أنّه اطّلع على رواية فيها ابن مسكان عن أبي بصير يحيى بن القاسم ، وأظنّ أنّي‌

__________________

(١) معالم الفقه : ٩.

(٢) المعتبر ١ : ٤٦.

(٣) راجع ص ٥٠ ، ٥١.

٩٧

وقفت على ذلك أيضا.

وفي المدارك قال بعد ذكر رواية أبي بصير : إنها مستند القول بالثلاثة ونصف ، وهي ضعيفة السند بأحمد بن محمد بن يحيى(١) ، وهذا بناءً منه على النقل من التهذيب ، فإنّه رواها فيه عن محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن يحيى(٢) ؛ والوهم من الشيخ في هذا اللفظ ، أو من الكاتب ، وإنما هو أحمد بن محمد ، ولفظ « بن يحيى » سهو ، أو أنّه في الأصل « بن عيسى » فصحف عيسى بيحيى ، وكثيرا ما ترى هذا في التهذيب والاستبصار ، ولا ريب في الوهم ؛ فالحكم من شيخناقدس‌سره بجهالة أحمد بن محمد بن يحيى لا وجه له ، ولو راجع الاستبصار زال الشك.

المتن :

هو دليل المشهور بين المتأخّرين من القول بأنّ الكرّ ما كانت أبعاده الثلاثة كل واحد ثلاثة أشبار ونصف.

وقد وقع الاضطراب في أنّ المتروك من الأبعاد في الرواية ما هو؟ فالذي ظنّه جدّيقدس‌سره أنّ المتروك فيه العمق(٣) .

واعترض عليه بأنّه يستلزم أنّ يكون قوله في عمقه كلاما منقطعا ، بل الأولى حينئذ أنّ يكون المتروك هو العرض(٤) . ولا يخلو من وجاهة.

واحتمال أنّ يكون الثلاثة مذكورة : بأن يعاد الضمير في قوله : في‌

__________________

(١) مدارك الأحكام ١ : ٤٩.

(٢) التهذيب ١ : ٤٢ / ١١٦.

(٣) روض الجنان : ١٤٠.

(٤) الحبل المتين : ١٠٨.

٩٨

مثله ، إلى ما دلّ عليه قولهعليه‌السلام : « ثلاثة أشبار ونصف » أي في مثل ذلك المقدار لا في مثل الماء ، إذ لا محصّل له ، وكذا الضمير في قولهعليه‌السلام : « في عمقه » أي في عمق ذلك المقدار من الأرض.

له وجه أيضاً ، لولا إمكان أنّ يقال : إنّ ثلاثة مجرورة على البدليّة من مثله ، إمّا على أنّ لفظة « في عمقه » صفة ، أو هي حال ، وعلى التقادير لا يفيد ذكر العرض المطلوب إثباته ، اللهُمَّ إلاّ أنّ يكون حالا بتقدير شي‌ء يتم به المطلوب ، أي حال كون مثلها في عمقه ، لا نفسها ، فإنّه لا يوافق المراد إلاّ بتكلّف ، فليتأمّل.

فإنّ قلت : ما وجه الجرّ في « ونصف » في الرواية ، مع أنّه ينبغي النصب ، لعدم صحة المجاورة مع العطف؟

قلت : هكذا في النسخ التي رأيتُها ، والأمر كما ذكرت ، وفي التهذيب « ونصفا »(١) وهو الصواب ، إلاّ أنّ فيه : في مثله ثلاثة أشبار ونصف في نسخة ، ونصفاً في أُخرى ، وكذلك في بعض نسخ الإستبصار(٢) ، والوجه في ذلك يعرف ممّا قدّمناه.

فإنّ قلت : على ما في التهذيب وبعض النسخ للكتاب من نصب نصف الأخيرة ، يجوز أنّ تكون معطوفة بحذف حرف العطف ، وقد جوّزوا ذلك.

قلت : لما ذكرت وجه ، إلاّ أنّ في الظنّ أنّ جواز ذلك في عطف الجمل لا المفردات ، كقولهم : كيف أصبحت كيف أمسيت؟ ، ويفهم من بعض جواز ذلك في المفردات على ضعف ، ولعلّه إذا صحّ في الجملة كفى‌

__________________

(١) التهذيب ١ : ٤٢ / ١١٦.

(٢) الاستبصار ١ : ١٠ / ١٤.

٩٩

في ثبوت الاحتمال ، إلاّ إذا كان الحديث منقولا بالمعنى ، وفي البين كلام.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الوالدقدس‌سره أراد تأييد الرواية لتصلح للاحتجاج ، بأنّ الأخبار الدالة على اشتراط الكريّة اقتضت كونها شرطا لعدم انفعال الماء بالملاقاة ، فما لم يدل دليل شرعي على حصول الشرط يجب الحكم بالانفعال ، وقد انتفى على الأقل من مضمون الرواية ، والأكثر المنقول عن ابن الجنيد : من اعتبار المائة شبر(١) ؛ لم يثبت ، فتعيّن هذا المقدار(٢) .

وقد تكلمت في ذلك في مواضع بما حاصله : أنّ العمدة عندهقدس‌سره في نجاسة القليل مفهوم الشرط في الخبر الدال على أنّ الماء إذا كان قدر كرٍّ لم ينجّسه شي‌ء ، وحينئذ يقال عليه : كما ذكره من أنّ الحكم بالتنجيس موقوف على انتفاء الكرّيّة ، وفيما دون القدر المدلول عليه في الخبر المبحوث عنه لم يعلم الشرط ، فكيف يحكم بالتنجيس؟.

اللهُمَّ إلاّ أنّ يقال : بالفرق بين شرط التنجيس وشرط الطهارة ، ففي الأول الشرط عدم العلم بالكرّيّة ، وشرط الطهارة العلم بالكرّيّة ، وفي المقام بحث طويل ليس هذا محلّه.

ولا يخفى عليك أنّ الأخبار السابقة المتضمنة لأنّ الكرّ نحو الحبّ وأكثر من راوية مؤيدة لقول القميّين ، وأمّا قول ابن الجنيد فسيأتي الكلام فيه إنّ شاء الله.

قولهرحمه‌الله :

فأما ما رواه محمد بن أحمد بن يحيى ، عن يعقوب بن يزيد ،

__________________

(١) نقله عنه في المختلف ١ : ٢١.

(٢) معالم الدين : ٩ ، ١٠.

١٠٠