إستقصاء الإعتبار الجزء ٢

إستقصاء الإعتبار0%

إستقصاء الإعتبار مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف: متون حديثية
ISBN: 964-319-174-5
الصفحات: 469

إستقصاء الإعتبار

مؤلف: الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف:

ISBN: 964-319-174-5
الصفحات: 469
المشاهدات: 43387
تحميل: 3019


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 469 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 43387 / تحميل: 3019
الحجم الحجم الحجم
إستقصاء الإعتبار

إستقصاء الإعتبار الجزء 2

مؤلف:
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
ISBN: 964-319-174-5
العربية

والثالث : لا يخفى حسنه.

والرابع والخامس : لا ارتياب في صحتهما على ما قدّمناه.

المتن :

في الأولين ما قاله الشيخ لا يخلو من وجه ، غير أنّ ما ذكره من اعتبار الجريان يريد به ولو بمعاون ، كما ذكره المتأخرين(١) ، وقد قدّمنا فيه القول ، وإن أمكن المناقشة في قول الشيخ : إنّه لو لم يجر لم يسمّ غاسلاً.

وما استدل بهرحمه‌الله من الخبرين لا يخلو من تأمّل ، أمّا الأوّل : فلأنّ دلالته من حيث المفهوم ، وبتقدير تماميته ظاهر ، ومنطوق الثاني خلافه ، إلاّ أن يقال : إنّ الثاني مجمل والأوّل مبيّن ، فيحمل عليه. وفيه ما فيه ، وأما الثاني : فغير خفيّ دلالته على خلاف مطلوب الشيخ.

وبالجملة : فيما قدمناه كفاية بالنسبة إلى ما هو المقصود هنا ، نعم ينبغي أن يعلم أنّ الشيخرحمه‌الله أجمل المقام ، فإنّ الأخبار الأوّلة الدالة على الصاع للغسل لا ريب أنّها للاستحباب ، وهذه الأخبار منها ما هو دالّ على إجزاء ما يبلّ الجسد ، وهذا لا ريب أنّه لا يعارض الاستحباب ، وما دل منها على اعتبار الجريان ، ( ينبغي أن يذكر في مقام المعارضة لما دل على إجزاء مثل الدهن ، ثم يحمل على الجريان )(٢) ولو بمعاون ، أو بيّن أنّ الدهن مبالغة ، والحال في كلام الشيخ ما ترى.

ثم إنّ الأخبار المذكورة فيها إطلاق وفيها تقييد بالنسبة إلى الغسل ، لكنّ الأصحاب لم يذكروا الفرق بين الأغسال على ما رأيت.

__________________

(١) منهم الشهيد في المسالك ١ : ٤١ ، وصاحب المدارك ١ : ٢٩١.

(٢) ما بين القوسين ساقط من « رض ».

٢٦١

قال :

باب وجوب الترتيب في غسل الجنابة‌

أخبرني الشيخرحمه‌الله عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن أحمد بن محمد ، قال : سألت أبا الحسن(١) عليه‌السلام عن غسل الجنابة فقال : « تغسل يدك اليمنى من المرفق إلى أصابعك ، وتبول إن قدرت على البول ، ثم تدخل يدك في الإناء ، ثم اغسل ما أصابك منه ، ثم أفض على رأسك وجسدك ، ولا وضوء فيه ».

وبهذا الاسناد ، عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان وفضالة ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهماعليهما‌السلام ، قال : سألته عن غسل الجنابة فقال : « تبدأ بكفيك ، ثم تغسل فرجك ، ثم تصبّ على رأسك ثلاثاً ، ثم تصبّ على سائر جسدك مرّتين ، فما يجري(٢) عليه الماء فقد طهر ».

أخبرني الحسين بن عبيد الله ، عن أحمد بن محمد بن يحيى ، عن أبيه ، عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن علي بن إسماعيل ، عن حماد ( بن عيسى )(٣) ، عن حريز ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « من اغتسل من جنابة ولم يغسل رأسه ، ثم بدا له أن يغسل رأسه لم يجد بدّاً من إعادة الغسل ».

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ١٢٣ / ٤١٩ زيادة : الرضا.

(٢) في الاستبصار ١ : ١٢٣ / ٤٢٠ : جرى.

(٣) ليس في « رض ».

٢٦٢

السند‌

في الأوّل والثاني : لا ارتياب فيه ، وأحمد بن محمد في الأوّل الراوي عنه الحسين هو ابن أبي نصر.

والثالث : فيه علي بن إسماعيل وقد كرّرنا القول في شأنه(١) .

المتن :

في الأخبار الثلاثة لا يدل على الترتيب المذكور في كلام المتأخّرين ، من الترتيب بين الجانبين أيضا(٢) ، وفي فوائد شيخنا أيّده الله على الكتاب : بل مقتضى صحيحتي أحمد بن محمد ومحمد بن مسلم ، عدم وجوب ذلك ، فإنّه لو كان واجباً لذكر في جواب السؤال ، وفي معناهما روايات ، منها : صحيحة زرارة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وصحيحة يعقوب ابن يقطين ، عن أبي الحسنعليه‌السلام ، وهو ظاهر اختيار الصدوقين وابن الجنيد ، تمسكاً بمقتضى الأخبار الصحيحة المطابقة لمقتضى الأصل وظاهر القرآن.

نعم في حسنة زرارة ، قال : قلت : كيف يغتسل الرجل(٣) الجنب؟ فقال : « إن لم يكن أصاب كفّه شي‌ء(٤) غمسها في الماء ، ثم بدأ بفرجه‌

__________________

(١) في ص ١٦٧ ، ١٦٩ ، ٢٢٤ ٢٢٥.

(٢) المحقق في المعتبر ١ : ١٨٢ ، والعلاّمة في المنتهى ١ : ٨٣ ، والشهيد الأوّل في الدروس ١ : ٩٦.

(٣) ليست في « رض » و « د ».

(٤) في التهذيب ١ : ١٣٣ / ٣٦٨ : مَنيّ.

٢٦٣

فأنقاه بثلاث غرف ، ثم صبّ على رأسه ثلاث أكفّ ، ثم صبّ على منكبه الأيمن مرّتين ، وعلى منكبه الأيسر مرّتين ، فما جرى عليه الماء فقد أجزأه »(١) وقوله : « ثم صبّ على منكبه الأيمن » يشعر بتقديمه ، لكن لا يعارض بمثله الأخبار المتقدمة ، وأين هذا من الترتيب المشهور ، والرجحان المطلق ممّا لا نزاع فيه ، فيمكن الجمع بالاستحباب والأولوّية. انتهى كلامه أيّده الله.

وما قاله متوجه ، غير أنّ ما ذكره : من أنّ الترتيب لو كان واجباً لذكر في جواب السؤال. يشكل ، بأنّ هذا بعينه وارد في صحيح أحمد بن محمد ، فإنّ قوله « ثم أفض على رأسك وجسدك » لا يفيد الترتيب بين الرأس والبدن ، والحال أنّه لا قائل به ، ولو سلّم إرادته من حيث إنّ الظاهر من قوله : « ثم أفض على رأسك » البدأة به ، أشكل في صحيح زرارة الذي ذكره ، فإنّ فيه بعد ذكر المضمضة والاستنشاق « ثم تغسل جسدك من لدن قرنك إلى قدميك » فما هو الجواب عن هذا فهو الجواب عن الجانب الآخر.

فإن قيل : الجواب عمّا ذكرت هو الإجماع مع الأخبار.

قلت : الإجماع مدعى أيضاً من الجانب الآخر ، وخلاف معلوم النسب لا يضر بالحال ، ودلالة خبر زرارة الذي نقل أيضاً مساعد.

فإن قيل : ناقل الإجماع على الترتيب المشهور هو الشيخ ، والإجماع المنقول بخبر الواحد محل كلام.

قلنا : لا ارتياب عند الأصحاب في قبول الإجماع المنقول بخبر الواحد.

__________________

(١) الكافي ٣ : ٤٣ / ٣ ، التهذيب ١ : ١٣٣ / ٣٦٨ ، الوسائل ٢ : ٢٢٩ أبواب الجنابة ب ٢٦ ح ٢.

٢٦٤

وهذا الكلام إنّما أوردناه لبيان حقيقة الحال ودفع ما عساه يقال ، والحق في المقام : أنّ نقل الإجماع بخبر الواحد لا يخرج عن كونه خبراً ، بل هو قريب من المرسل ، غاية الأمر أنّا لو سلّمنا أنّه مسند فهو حجّة كحجّية(١) الخبر ، فدليل العمل بخبر الواحد دليله ، وإن أمكن الفرق بأنّ العادة قاضية بامتناع تحقيق(٢) الإجماع في زمن مدعية ، إلاّ أنّ إنكار ذلك إذا وقع من العدل مشكل(٣) .

ثم إنّ الإجماع المنقول إذا رجع إلى الخبر كان مع المعارض حكمه حكم الخبر في الترجيح بالضبط ونحوه ، ولا ريب أنّ ناقل الإجماع إذا علم منه مخالفة نفسه أشكل الحكم بضبطه ، إلاّ أن يقال : إنّ مخالفة نفسه قرينة على إرادته غير معنى الإجماع منه ، وفيه : أنّ هذا يضر بالحال أيضا ، لأنه نوع من التدليس ، كيف ومن لم يطلع على خلاف(٤) نفسه ينسى على [ الظاهر ](٥) نقل الإجماع ، ووجوب التتبّع ليصير من قبيل العام المخصوص لا وجه له ، إلاّ أن يقال : إنّه إذا علم الخلاف يبين إرادة غير المعنى الحقيقي ، وبدونه فلا ، وأنت خبير بما في هذا من التكلف ، وعدم المناسبة لصون الأحكام الشرعية عن التخليط.

وإذا عرفت هذا كلّه فاعلم أنّ الحال إذا رجع إلى التعارض والترجيح ، فالإحالة على الفكر في حقائق الأُمور أولى.

__________________

(١) في « رض » : لحجيّة.

(٢) في « رض » : تحقق.

(٣) في « رض » و « فض » زيادة : وعدم الموافق على هذا إلاّ من قلّ غير أن الضرورة غير داعية إلى نفيه لانتفاء الثمرة ، كما ستعلمه.

(٤) في « فض » : خلافه.

(٥) في النسخ : ظاهر ، والأنسب ما أثبتناه.

٢٦٥

ثم إنّ الأخبار المعتبرة لا ينكر إفادتها ما قاله شيخنا أيّده الله ـ(١) وكذلك(٢) كان الوالدقدس‌سره يقول. وشيخناقدس‌سره صرّح به في فوائد الكتاب ، إلاّ أنّ القول بأنّه لو وجب الترتيب بين الجانبين لذكر في جواب السؤال ، مع الإجمال الواقع في بعضها لا يخلو من إشكال ، وقد قدّمنا ما يصلح للجواب عن ذلك في مواضع.

والحاصل : أنّ كل مطلق ومقيد لا يخرج عن هذا ، ولو لا التسديد الذي قدمناه ما صح حمل مطلق على مقيد.

وما تضمنه الخبر الأوّل من قوله : « تغسل يدك » ودلالة الثاني على غَسل الكفّين قد قدّمنا القول فيه ، كما ذكرنا حكم البول المذكور في الأول.

وما تضمنه الخبر الثاني من الصب على الرأس ثلاثاً يحتمل أن يراد به الغسل ثلاثاً ، ويحتمل الصب ثلاثا والغَسل مرّة ، ودلالة الخبر الثالث على وجوب تقديم الرأس ظاهرة.

اللغة :

قال ابن الأثير : إفاضة الماء على الشي‌ء إفراغه عليه ، يقال : فاض الماء إذا جرى ، وفاض الدمع إذا سال. وقال ابن الأثير في أحكام الأحكام : الأصل في « سائر » أن يستعمل بمعنى البقية ، وقالوا : هو مأخوذ من السور ، قال الشنفري :

إذا احتملوا رأسي وفي الرأس أكثري

وغودر عند الملتقى ثم سائري(٣)

__________________

(١) المتقدم في ص : ٢٥٩ ٢٦٤.

(٢) في « فض » : ولذلك.

(٣) الأغاني ٢١ : ١٨٢ وفيه : إذا احتملت.

٢٦٦

أي بقيّتي ، وقد ذكر في أوهام الخواص أنّ جعلها بمعنى جميع من ذلك ، وفي الصحاح ما يفيد جوازه(١) .

قال :

فأمّا ما رواه الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، قال : كان أبو عبد اللهعليه‌السلام فيما بين مكة والمدينة ، معه أُمّ إسماعيل فأصاب من جارية له فأمرها فغسلت جسدها وتركت رأسها قال لها : « إذا أردت أن تركبي فاغسلي رأسك » ففعلت ذلك فعلمت بذلك أُمّ إسماعيل فحلقت رأسها ، فلمّا كان من قابل انتهى أبو عبد اللهعليه‌السلام إلى ذلك الموضع(٢) فقالت له أُمّ إسماعيل : أيّ موضع هذا؟ فقال لها : « الموضع الذي أحبط الله فيه حجّك عام أوّل ».

فهذا الخبر يوشك أن يكون قد وهم الراوي فيه ، ولم يضبطه فاشتبه عليه الأمر ، لأنّه لا يمتنع أن يكون سمع أن يقول لها [ أبو عبد اللهعليه‌السلام ](٣) : اغسلي رأسك فإذا أردت الركوب فاغسلي جسدك ، فرواه بالعكس من ذلك ، والذي يدل على ذلك : أنّ راوي هذا الخبر وهو هشام بن سالم روى هذا الخبر بعينه على ما قلناه :

روى ذلك الحسين بن سعيد ، عن النضر ، عن هشام بن سالم ، عن محمد بن مسلم ، قال : دخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام فسطاطه وهو يكلم امرأة فأبطأت عليه ، فقال : « ادنه ، هذه أُمّ إسماعيل جاءت وأنا‌

__________________

(١) الصحاح ٢ : ٦٩٢ ( سير ).

(٢) في الاستبصار ١ : ١٢٤ / ٤٢٢ : المكان.

(٣) ما بين المعقوفين أثبتناه من الإستبصار ١ : ١٢٤ / ٤٢٢.

٢٦٧

أزعم أن هذا المكان الذي أحبط الله فيه حجّها عام أول ، كنت أردت الإحرام ، فقلت : ضعوا لي الماء في الخباء فذهبت الجارية بالماء فوضعته فاستخففتها فأصبت منها ، فقلت : اغسلي رأسك وامسحيه مسحاً شديداً لا تعلم به مولاتك فإذا أردت الإحرام فاغسلي جسدك ولا تغسلي رأسك فتستريب مولاتك ، فدخلت فسطاط مولاتها فدنت (١) تتناول شيئاً فمسّت مولاتها رأسها فإذاً لزوجة الماء فحلقت رأسها وضربتها ، فقلت لها (٢) المكان الذي أحبط الله فيه حجّك ».

السند :

في الخبرين لا ارتياب فيه.

المتن :

ما قاله الشيخ فيه لا يخلو من وجه ، وإن بَعَّدَه احتمال أن يكون الرواية الأُولى مشافهة والثانية بواسطة ، فلا تدل على مطلوب الشيخ ، مضافاً إلى أنّ التخالف غير محصور فيما قاله الشيخ كما يظهر من ملاحظة الروايتين.

ثم إنّ ( مثل هؤلاء الرواة الإثبات )(٣) يستبعد منهم عدم الضبط ، والله تعالى أعلم بالحال.

ولا يخفى أنّ دلالة الخبرين على إبطال الحج على وجه المبالغة(٤) لنقصان الثواب.

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ١٢٤ / ٤٢٣ : فذهبت.

(٢) في الاستبصار ١ : ١٢٤ / ٤٢٣ زيادة : هذا.

(٣) في « فض » هكذا : مثلها ولا الرواية الإتيان ، وفي « رض » : مثل هذه الرواة.

(٤) في « فض » ما يمكن أن يقرء : المتابعة.

٢٦٨

وأنت خبير بأنّه يستفاد من خبر هشام عدم وجوب الموالاة في الغسل كما هو المشهور بين الأصحاب ، بل قيل : إنّه متفق عليه(١) ، واستدل على عدم الوجوب بصدق الامتثال بدونها ، وبصحيح إبراهيم ابن عمر اليماني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « إن عليّاًعليه‌السلام لم ير بأساً أن يغسل الجنب رأسه غدوة وسائر جسده عند الصلاة »(٢) .

ولا يذهب عليك أنّ ظاهر الحديث المستدل به مع هذه الرواية عدم صحة غَسل بعض الرأس مع أنّ إطلاق عدم وجوب الموالاة يقتضي الصحة ، مضافا إلى إطلاق الأمر الذي قالوه ، ولم أر من ذكر ذلك من الأصحاب.

أمّا ما قد يقال : من أنّ بعض الاستدلال في الوضوء يتناول الغسل. فجوابه الخروج بالدليل ، فليتأملّ.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ خبر محمد بن مسلم وغيره من الأخبار الدالة على تقديم الرأس لا يخلو من إجمال في حقيقة الرأس ، فيحتمل أن يراد به منابت الشعر خاصة ، ويحتمل إرادة المنابت مع الرقبة. وذكر شيخناقدس‌سره : أنّ صحيح يعقوب بن يقطين يدل على أنّ الرأس المنابت خاصة(٣) ، والرواية لم يحضرني الآن سندها ، لكن متنها : « ثم يصب الماء على رأسه وعلى وجهه وعلى جسده كله » وكان وجه استفادة ما قاله من ذكر الوجه بعد الرأس ، ولا يخفى عليك الحال بسبب بقاء نوع إجمال.

__________________

(١) قال به الشيخ البهائي في الحبل المتين : ٤١.

(٢) الكافي ٣ : ٤٤ / ٨ ، التهذيب ١ : ١٣٤ / ٣٧٢ ، الوسائل ٢ : ٢٣٨ أبواب الجنابة ب ٢٩ ح ٣.

(٣) مدارك الأحكام ١ : ٢٩٤.

٢٦٩

وفي حسنة زرارة : « ثم صبّ على رأسه ثلاث أكفّ ، ثم صبّ على منكبه الأيمن »(١) وظاهرها يقتضي دخول الرقبة والوجه في الرأس. وصرح جديقدس‌سره في الروضة بأنّ الرأس والرقبة عضو واحد(٢) . ولا يبعد استفادة ذلك من الروايات ، ويكون ذكر الوجه بينهما في صحيح يعقوب تنصيصاً(٣) عليه لا لكونه خارجا عن الرأس ، ومع ذلك فالحكم لا يخلو من إشكال.

ورواية هشام لا صراحة فيها بكون الرأس هو المنابت كما لا يخفى.

وثمرة ما ذكرنا في الرأس تظهر في الموالاة التي أشرنا إليها سابقاً ، فلا ينبغي الغفلة عن جميع ذلك ، فإني لم أره محرّراً في كلام المتأخّرين ، والله أعلم بالحال.

اللغة :

قال في النهاية : الفُسطاط بالضم والكسر المدينة ، وقال الزمخشري : هو ضرب من الأبنية في السفر(٤) . وفي القاموس من جملة معانيه : السرادق من الأبنية(٥) . وقيل : إنّ المراد به بيت من الشعر(٦) .

والخباء بكسر الخاء المعجمة : خيمة من وبر أو صوف ولا يكون من شَعر وهو على عمودين أو ثلاثة ، وما فوق ذلك فهو بيت ، كذا نقل عن الصحاح(٧) .

__________________

(١) المتقدمة في ص ٢٣٩.

(٢) الروضة البهية ١ : ٩٤.

(٣) في « فض » : بنفسها.

(٤) النهاية لابن الأثير ٣ : ٤٤٥.

(٥) القاموس المحيط ٢ : ٣٩١.

(٦) الصحاح ٣ : / ١١٥٠.

(٧) نقله عنه في الحبل المتين : ٤١ ، وهو في الصحاح ٦ : ٢٣٢٥.

٢٧٠

والهاء في قوله : « ادنه » هاء السكت. وأبطأت أي توقّفت ولم أسرع. وقوله : « فاستخففتها » قيل : المراد به وجدتها خفيفة على طبعي(١) .

بقي شي‌ء وهو أنّ قولهعليه‌السلام : « لا تعلم به مولاتك » يجوز نصبه بأن مقدّرة أي لئلاّ تعلم ، والضمير المجرور يعود إلى الغسل ، ويمكن أن يكون مرفوعا بأن يكون جملة « لا تعلم » نعتاً للمسح والمجرور عائد إليه ، والفعل في قوله : « فتستريب مولاتك » منصوب بفاء السببية بعد النهي ، كما ذكر في الحبل المتين(٢) ، فليتأملّ.

قال :

فأمّا ما رواه محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : « إذا ارتمس الجنب في الماء ارتماسة واحدة أجزأه ذلك من غسله ».

فلا ينافي ما قدمناه من وجوب الترتيب ، لأنّ المرتمس يترتب حكماً وإن لم يترتب فعلاً ، لأنّه إذا خرج من الماء حكم له أوّلاً بطهارة رأسه ثم جانبه الأيمن ثم جانبه الأيسر فيكون على هذا التقدير مرتّبا ، ويجوز أن يكون عند الارتماس يسقط مراعاة الترتيب كما يسقط عند غسل الجنابة فرض الوضوء.

فأمّا ما رواه محمد بن علي بن محبوب ، عن أحمد بن محمد ، عن موسى بن القاسم ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى بن‌

__________________

(١) الحبل المتين : ٤١.

(٢) الحبل المتين : ٤١.

٢٧١

جعفرعليهما‌السلام قال : سألته عن الرجل يجنب هل يجزيه من غسل الجنابة أن يقوم في المطر حتى يغسل رأسه وجسده وهو يقدر على ما سوى ذلك؟ قال : « إن كان يغسله اغتساله بالماء أجزأه ذلك ».

فهذا الخبر أيضاً يحتمل أن يكون إنّما أجاز له إذا غسل هو الأعضاء عند نزول المطر عليه على ما يجب ترتيبها ، ويحتمل أن يكون القول فيه ما قلناه في الخبر الأوّل من أنّه مترتّب حكماً لا فعلاً ، أو يكون هذا حكم يخصّه دون من يريد الغسل بوضع الماء على جسده.

السند‌

في الأوّل حسن ، وفي الثاني صحيح.

المتن :

في الأوّل : ظاهر في أن الارتماس يقوم مقام الترتيب ، وما ذكره الشيخ من أنّه إذا خرج من الماء إلى آخره ، غير واضح الوجه ، بل الوجه الثاني هو الظاهر من الرواية ، وقد تقدم في باب المضمضة(١) عن التهذيب خبراً صحيحاً عن زرارة ، وفيه : « ولو أنّ رجلاً جنباً ارتمس في الماء ارتماسة واحدة أجزأه ذلك وإن لم يدلك جسده »(٢) .

وهو ربما يدل على إجزاء الارتماس عن الترتيب ، واحتمال أن يراد الإجزاء فيه بالنسبة إلى عدم دلك الجسد وإن أمكن ، إلاّ أنّا بيّنا سابقاً‌

__________________

(١) راجع : ص ٢١١.

(٢) التهذيب ١ : ١٤٨ / ٤٢٢ ، الوسائل ٢ : ٢٣٠ أبواب الجنابة ب ٢٦ ح ٥.

٢٧٢

احتمالا لا ينافي إبقاءه على الإطلاق من وجه آخر(١) .

وفي فوائد شيخناقدس‌سره على الكتاب ما هذا لفظه : أقول : إنّ الذي دلت عليه الرواية الصحيحة السند المعتبرة فيمن لا يحضره الفقيه أنّ الغسل يتحقق بالارتماسة الواحدة ، وأمّا أنّ غسل الارتماس يترتب في نفسه بالمعنى الذي ذكره الشيخ في هذا الكتاب ، أو أنّ المغتسِل يعتقد الترتيب كما ذكره بعض آخر فليس في الأدلّة الشرعية ما يدل عليه ، فإثباته مجازفة. انتهى.

وأشارقدس‌سره برواية الفقيه إلى ما رواه عن الحلبي(٢) ، وطريقه إليه صحيح على ما بيّناه في حاشيته ، وما ذكرهقدس‌سره عن البعض : من اعتقاد الترتيب ، فقد حكي عن الشيخ في المبسوط أنّه نقل عن بعض الأصحاب أنّ غسل الارتماس يترتب حكماً(٣) .

قال في الذكرى : وما قاله الشيخ يحتمل أمرين : أحدهما : وهو الذي عقله عنه الفاضل إنّه يعتقد الترتيب حال الارتماس ، ويظهر ذلك من المعتبر حيث قال : وقال بعض الأصحاب يرتب حكما. فذكره بصيغة الفعل المتعدي وفيه ضمير يعود إلى المغتسِل.

الثاني : أنّ الغسل بالارتماس في حكم الغسل المرتب بغير الارتماس ، وتظهر الفائدة لو وجد لمعة مغفلة فإنّه يأتي بها وبما بعدها(٤) . انتهى.

ولا يخفى عليك حال الكلام من جميع جهاته ، فإنّه مجرد كلام من‌

__________________

(١) راجع : ص ٢١٢.

(٢) الفقيه ١ : ٤٨ / ١٩١.

(٣) حكاه عنه في المدارك ١ : ٢٩٦ ، وهو في المبسوط ١ : ٢٩.

(٤) ذكرى الشيعة ٢ : ٢٢٣ ٢٢٤.

٢٧٣

غير التفات إلى تحقيق أصله ، وهم أعلم بما قالوه.

ثم إنّ الخبر الثاني قد نقل عن الشيخ في المبسوط أنّه ألحق فيه بالارتماس الوقوف تحت المجرى والمطر الغزيرين(١) ، واحتج بهذا الخبر. وفي المختلف حكى عن ابن إدريس أنّه قال : يسقط الترتيب مع الارتماس لا مع الوقوف تحت المطر والمجرى(٢) .

وفي مدارك شيخناقدس‌سره أنّ حديث علي بن جعفر قاصر عن إفادة ما ادعاه الشيخ(٣) .

وبعض محققي المتأخّرين سلّمه الله وجّه استدلال الشيخ بالرواية بأن قولهعليه‌السلام : « إن كان يغسله اغتساله بالماء أجزأه ذلك » مطلق ، فإذا كان الاغتسال على نوعين ، غسل ترتيب وغسل ارتماس ، فالحديث يدل على أن أيّ هذين النوعين حصل بالوقوف تحت المطر أجزأ ، فدليل الشيخ غير قاصر(٤) .

وقد ذكرت في حاشية الفقيه وحاشية المختلف كلاماً طويلاً في المقام ، والذي يقال هنا : إن وجه القصور هو أن معاد الأخبار إجزاء الارتماس عن الترتيب ، والارتماس ليس له حقيقة شرعية ولا لغوية يرجع إليها ، بل المرجع إلى العرف ، فالحديث بمجرّده لا يستفاد منه العموم إلاّ مع تحقق النوعين في مدلوله ، والعرف لا يساعد عليه كما لا يخفى على من راجع وجدانه.

__________________

(١) نقله عنه في مدارك الأحكام ١ : ٢٩٧ ، وهو المبسوط ١ : ٢٩.

(٢) المختلف ١ : ١٧٤ ، وهو في السرائر ١ : ١٣٥.

(٣) مدارك الأحكام ١ : ٢٩٧.

(٤) الشيخ البهائي في الحبل المتين : ٤١.

٢٧٤

وما وقع للعلاّمة في الحديث غريب كما يعلمه من وقف على كلامنا وكلامه ، ولو لا خوف الخروج عما نحن بصدده لذكرناه.

ولا يخفى عليك ما في قول الشيخ بعد ذكر خبر علي بن جعفر ، فإنّ مقتضى قوله أوّلاً : إنّه إنّما أجاز له إذا غسل هو الأعضاء على ما يجب ترتيبها. أن يكون قولهعليه‌السلام في الرواية : « إن كان يغسله » إلى آخره ، يراد به أنّ ماء المطر إذا فعل به الغاسل كما يفعل بغير ماء المطر أجزأه ، وهذا لا يخلو من إجمال ، لأنه إمّا أن يراد القصد إلى الترتيب أو القصد مع المباشرة بدلك الجسد ، والمتقدم من الشيخ أن المرتمس بمجرد خروج العضو يحصل له الترتيب لا بغيره من القصد ، إلا أن يقال : إنّ ذلك في الارتماس لا في الترتيب. وفيه أنّه جعل الارتماس مرتباً حكماً ، فلا بد من المغايرة ، وتحقّقها بأيّ نوع في حيّز الإجمال ، بل ظاهر الأوّل الحصر في نوع.

ثم قول الشيخ ثانياً : ويحتمل أن يكون القول فيه ما قلناه في الخبر الأوّل إلى آخره ، إن أراد به ما ذكره من أنّه إذا خرج من الماء لم(١) يختلف الحكم الأوّل والثاني إلاّ بأن يقال : إن الثاني ليس بارتماس. والظاهر خلافه ، وقولهعليه‌السلام حينئذ : « إن كان يغسله اغتساله » يبقى على إجماله.

وقول الشيخ ثالثا : أو يكون هذا حكم يخصه. لا أعلم وجه مغايرته للسابق بعد التأمّل بقدر الإمكان ، على أن في قولهعليه‌السلام : « إن كان يغسله » احتمالات بالنسبة إلى الضمير ( والفاعل ، وبسبب )(٢) ذلك فالقصور في الاستدلال به للارتماس لا يكاد ينكره من أنعم نظره في حقيقة الحال ،

__________________

(١) ليست في « رض ».

(٢) ما بين القوسين في « رض » : والفاعل سبب.

٢٧٥

ولم يسلك في تحقيق هذه المطالب مسلك الإجمال ، وعلى الله سبحانه في أُمورنا كلّها الاتّكال.

قال :

باب سقوط فرض الوضوء عند الغسل من الجنابة‌

أخبرني الشيخ رحمه‌الله عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن يعقوب بن شعيب ، عن حريز ، أو عمّن رواه ، عن محمد بن مسلم قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : إنّ أهل الكوفة يروون عن علي عليه‌السلام أنّه كان يأمر بالوضوء قبل الغسل من الجنابة قال : « كذبوا على عليٍّ عليه‌السلام ما وجدوا ذلك في كتاب علي عليه‌السلام ، قال الله تعالى ( وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا ) (١) ».

عنه ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن عبد الحميد بن عواض ، عن محمد ابن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : « الغسل يجزئ عن الوضوء ، وأيّ وضوء أطهر من الغسل ».

عنه ، عن أبي القاسم جعفر بن محمد ، عن محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمد(٢) بن أبي عمير ، عن رجل عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « كل غسل قبله وضوء إلاّ غسل الجنابة ».

__________________

(١) المائدة : ٦.

(٢) في الاستبصار ١ : ١٢٦ / ٤٢٨ لا يوجد : محمّد.

٢٧٦

السند‌

في الأوّل : فيه الإرسال ، والظاهر أنّ قوله : أو عمّن رواه. ترديد من يعقوب في أنّ الراوي عن محمد بن مسلم حريز أو غيره ، ويحتمل غير ذلك ، لكنه في غاية البعد.

والثاني : ليس فيه ارتياب على ما قدّمناه ، وعبد الحميد ثقة ، وقد ضبط ابن داود : غواض بالغين والضاد المعجمتين(١) .

والثالث : ليس فيه إلاّ الإرسال ، وكونه من ابن أبي عمير كرّرنا فيه الكلام(٢) (٣) .

المتن :

في الأوّل : ظاهر في نفي الوضوء مع غسل الجنابة مطلقا وإن كان أوله يفيد نفي الوضوء قبله ، إلاّ أنّ قولهعليه‌السلام : « قال الله تعالى( وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا ) » يقتضي أنّ مفاد الآية الاكتفاء بالغسل عن الوضوء.

واحتمال أن يقال : إنّ الخبر يدل على نفي الوجوب قبل ، أو قبل وبعد للآية لا على نفي أصل المشروعية ، ستسمع القول في دفعه(٤) .

وما تضمنه الخبر من قوله : « ما وجدوا » إلى آخره ، لا يخلو من شي‌ء ، والأمر سهل بعد ضعف الخبر.

__________________

(١) رجال ابن داود : ١٢٧ / ٩٤٠.

(٢) في « رض » : القول.

(٣) راجع ج ١ ص ٩٩ ١٠١.

(٤) في ص ٢٦٠.

٢٧٧

والثاني : ظاهر الدلالة على نفي الوضوء مع الغسل ، والمتبادر من الغسل فيه غسل الجنابة ، لشيوع ثبوت الوضوء معه بين المخالفين ونفيه عند غيرهم.

والوالدقدس‌سره قرّب ذلك بأنّ التعريف فيه ليس للعموم ، إذ هو من المفرد المحلّى ، وإنّما يأتي العموم في مثله نظراً إلى أنّ غيره من المعاني ينافي الحكمة ، إذ العهد إلى معلوم غير ظاهر ، وغير المعلوم لا يليق بالحكمة ، فلم يبق إلاّ الاستغراق(١) ؛ أمّا في ما نحن فيه فالمعلومية حاصلة كما ذكرناه.

وشيخناقدس‌سره وجّه العموم بما ذكرناه ، وأيّده بالتعليل الموجود في الخبر قال : إذ لا خصوصية لغسل الجنابة بهذا الوصف(٢) . ولا يخفى عليك الحال.

وأمّا الخبر الثالث : فهو ظاهر في نفي الوضوء قبل غسل الجنابة.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الحديث السابق في أوّل باب وجوب الترتيب عن أحمد بن محمد ، يؤيّد ما دل على عدم الوضوء مع غسل الجنابة ، قالعليه‌السلام : « ولا وضوء فيه »(٣) .

وروى الشيخ في التهذيب عن الشيخ ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن يعقوب ابن يقطين ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال : سألته عن غسل الجنابة فيه وضوء أم لا فيما نزل به جبرئيلعليه‌السلام ؟ فقال : « الجنب. » وساق الحديث إلى أن قال : « ولا وضوء فيه »(٤) .

__________________

(١) منتقى الجمان ١ : ١٨٤.

(٢) مدارك الأحكام ١ : ٣٦٠.

(٣) راجع ص ٢٣٨.

(٤) التهذيب ١ : ١٤٢ / ٤٠٢ ، الوسائل ٢ : ٢٤٦ أبواب الجنابة ب ٣٤ ح ١.

٢٧٨

وروى أيضاً عن حكم بن حكيم المعدود في الصحيح ما يؤيّد ذلك(١) ، وبالجملة فالأمر في ذلك يكاد أن يلحق بالضروريات.

وينبغي أن يعلم أنّ العلاّمة في المختلف نقل رواية عدّها في الحسن ، عن حماد بن عثمان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : « في كل غسل وضوء إلاّ الجنابة »(٢) .

والذي وقفت عليه في الأُصول الجامعة للحديث ما رواه الشيخ هنا ، وفي التهذيب عن ابن أبي عمير عن رجل إلى آخر الرواية السابقة(٣) .

وفي التهذيب روى عن محمد بن الحسن الصفار ، عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، أو غيره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « في كل غسل وضوء إلاّ الجنابة »(٤) .

ورواية العلاّمة لم أقف عليها ، وشيخناقدس‌سره حكم بأنّ الرواية واحدة ، وأنّه لا وجه لعدّ العلاّمةرحمه‌الله روايتين(٥) .

وأنت خبير بأنّ الاتحاد محل كلام لاختلاف المتن ، وما أشار إليه من ذكر العلاّمة روايتين ، أراد به أنّه في المختلف ذكر رواية ابن أبي عمير المرسلة قبل الرواية الحسنة(٦) .

وقد اتفق للمحقق أنّه أجاب عن رواية حماد أو غيره في المعتبر على ما نقله شيخناقدس‌سره بأنّها غير صريحة في وجوب الوضوء مع غير غسل‌

__________________

(١) التهذيب ١ : ١٣٩ / ٣٩٢ ، الوسائل ٢ : ٢٤٧ أبواب الجنابة ب ٣٤ ح ٤.

(٢) المختلف ١ : ١٧٨ ، الوسائل ٢ : ٢٤٨ أبواب الجنابة ب ٣٥ ح ٢.

(٣) التهذيب ١ : ١٣٩ / ٣٩١ ، الوسائل ٢ : ٢٤٨ أبواب الجنابة ب ٣٥ ح ١.

(٤) التهذيب ١ : ١٤٣ / ٤٠٣ ، الوسائل ٢ : ٢٤٨ أبواب الجنابة ب ٣٥ ح ٢.

(٥) مدارك الأحكام ١ : ٣٥٨.

(٦) المختلف ١ : ١٧٨.

٢٧٩

الجنابة(١) . وصورة كلام المحقق هذه : لا يقال رواية ابن أبي عمير ، عن حماد أو غيره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام « في كل غسل وضوء إلاّ غسل الجنابة » يدل على الوجوب ، لأنا نقول : لا يلزم من كون الوضوء في الغسل أن يكون واجباً ، بل من الجائز أن يكون غسل الجنابة لا يجوز فعل الوضوء فيه ، وغيره يجوز ، ولا يلزم من الجواز الوجوب(٢) .

قال شيخناقدس‌سره بعد نقل ذلك : وتبعه على ذلك العلاّمة في المختلف ، وجدّي في روض الجنان(٣) . وقد اكتفىقدس‌سره بهذا الجواب ، بعد أن ذكر أنّ الرواية مرسلة ، وإن كان المرسِل لها ابن أبي عمير.

وفي نظري القاصر أنّ المقام غير محرّر لهما(٤) ، لأنّ إنكار ظهور دلالة رواية ابن أبي عمير عن حماد أو غيره على الوجوب لا وجه له ، ومجرد الاحتمال لو أثّر في الاستدلال لم يتمّ دليل أصلاً ، بل المؤثِّر من الاحتمالات ما ينافي الظهور ، ولو نظرنا إلى المعارض الدال على عدم الوجوب في غير غسل الجنابة كان الدخل من جهة أُخرى.

والظاهر من المحقق أنّ اعتقاده اتحاد رواية ابن أبي عمير عن رجل ، مع روايته عن حماد أو غيره ، ليكون الدّخل في متن الرواية الدال على أنّ كل غسل قبله وضوء ، ووجه الدخل حينئذ أنّ قولهعليه‌السلام : « كل غسل قبله وضوء » مع دلالة بعض الأدلة على عدم وجوب التقديم كما ظنه بعض ، يدل على أنّ مفاد الحديث غير صريح في وجوب الوضوء ، بل يجوز أن‌

__________________

(١) مدارك الأحكام ١ : ٣٥٩.

(٢) المعتبر ١ : ٢٦٧.

(٣) مدارك الأحكام ١ : ٣٥٩.

(٤) ليست في « رض » و « د ».

٢٨٠