إستقصاء الإعتبار الجزء ٣

إستقصاء الإعتبار0%

إستقصاء الإعتبار مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف: متون حديثية
ISBN: 964-319-175-3
الصفحات: 483

إستقصاء الإعتبار

مؤلف: الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف:

ISBN: 964-319-175-3
الصفحات: 483
المشاهدات: 31799
تحميل: 2795


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 483 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 31799 / تحميل: 2795
الحجم الحجم الحجم
إستقصاء الإعتبار

إستقصاء الإعتبار الجزء 3

مؤلف:
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
ISBN: 964-319-175-3
العربية

من محاسنها التي أمر الله بستره.

لكن قوله : « ولا يمسّ » إمّا أنّ يكون منقطعاً عن قوله : « ولا يكشف » ويراد حينئذٍ أنّ ما يغسّل لا يمسّ بل يصبّ عليه الماء. وإمّا أنّ يراد لا يمسّ ولا يكشف ما ذكر ، ويراد بلا يمس لا يغسّل ، ويحتمل أنّ يراد بالمسّ : الأعم من ذلك ، ويحتمل إرادة المباشرة بخرقة ونحوها.

ثم إنّ ما أمر الله بستره قد يظن أنّ من جملته الوجه ، والوارد في تفسير قوله تعالى( إِلاّ ما ظَهَرَ مِنْها ) (١) بأنّه الوجه والكفّان(٢) ربما يؤيّد هذا ، إلاّ أنّه لا يخلو من إجمال.

وما تضمّنه من غَسل بطن الكفّين والوجه يدل على أنّ التيمم بجميع الوجه ، فيؤيّد ما سبق(٣) في التيمم من بعض الأخبار ، والحمل على الاستحباب.

ثم لو صحّ هذا الخبر فهو مشكل كما لا يخفى ، وسيأتي هذا الخبر في الباب مرّة أُخرى(٤) ، وفيه : « ثم يغسّل ظهر كفّيها » بعد قوله : « ثم يغسّل وجهها ».

والثاني : ظاهر الدلالة على عدم جواز النظر إلى الشعر ولا إلى شي‌ء منها ؛ وقد تقدّم فيه الكلام.

ثم دلالته على مخالفة الأوّل غير خفية ، ولعلّ وجه الجمع أنّ المراد في هذا الخبر عدم التغسيل والتكفين فلا ينافي غَسل مواضع التيمم ، أو‌

__________________

(١) النور : ٣١.

(٢) أورده الشيخ في التبيان ٧ : ٤٢٩.

(٣) راجع ص ٨٢٩.

(٤) في ص ٩٩٤.

٣٨١

يحمل السابق على الاستحباب ، ولا وجه لعدم تعرض الشيخ لبيان هذا هنا.

والثالث كالثاني ، وفيه دلالة من قوله : « ولا يغسّلنه » على ما احتملناه.

والرابع كذلك. والخامس نحوه.

إذا عرفت هذا ، فاعلم أنّ ظاهر بعض الأخبار المذكورة سقوط التيمم أيضاً ؛ ونقل عن الشيخ في النهاية والخلاف والمبسوط(١) التصريح بسقوط التيمم. وفي المعتبر جزم به المحقق على ما نقل معلّلاً بأنّ مانع الغسل مانع التيمم وإنّ كان الاطّلاع مع التيمم أقلّ لكن النظر محرَّم قليله وكثيره(٢) . انتهى.

وسيأتي خبر يتضمن التيمم إلاّ أنّه لا يصلح للإثبات عند من لا يعمل بالخبر ، كما ستسمع القول فيه إنشاء الله تعالى ، وإنّما ذكرناه هنا إجمالاً لأنّ ظاهر الأخبار نفيه وإنّ أمكن إبداء احتمال إلاّ أنّه قليل الفائدة بعد ما نقلناه.

قوله :

فأما ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أبي الجوزاء المنبِّه بن عبد الله ، عن الحسين بن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي ، عن أبيه ، عن آبائه (٣) عليهم‌السلام قال : إذا مات الرجل في السفر مع النساء ليس فيهن امرأته ولا ذو محرم من نسائه ، قال : « يؤزرنه إلى الركبتين ويصببن عليه الماء صبّاً ، ولا ينظرن إلى عورته ولا يلمسنه بأيديهن ( ولا يطهرنه ) (٤) وإذا كان معه نساء ذوات محرم يؤزرنه ويصببن عليه‌

__________________

(١) النهاية : ٤٢ ، ٤٣ ، الخلاف ١ : ٦٩٨ ، المبسوط ١ : ١٧٥.

(٢) المعتبر ١ : ٣٢٥.

(٣) في الاستبصار ١ : ٢٠١ / ٧١١ زيادة : عن علي.

(٤) في الاستبصار ١ : ٢٠٢ ، والتهذيب ١ : ٤٤٢ : ويطهرنه.

٣٨٢

الماء صباً ، ويمسسن جسده ولا يمسسن فرجه ».

علي بن الحسين ، عن أحمد بن إدريس ، عن محمّد بن سالم ، عن أحمد بن النضر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام في الرجل مات ومعه نسوة وليس معهن رجل قال : « يصببن الماء من خلف الثوب ، ويلففنه في أكفانه من تحت الستر ، ويصلّين عليه صفّاً ، ويدخلنه قبره » والمرأة تموت مع الرجال ليس معهم امرأة قال : « يصبّون الماء من خلف الثوب ، ويلفّونها في أكفانها ، ويصلّون ويدفنون ».

فلا تنافي بين هذين الخبرين والأخبار التي قدمناها ؛ لأنّا نحملهما على ضرب من الاستحباب دون الوجوب ، وإنّما منعنا من أنّ تغسل المرأة الرجل إذا باشرت جسمه ، فأمّا إذا كانت تصبّ الماء عليه فليس به بأس ، وفيه فضل.

السند :

في الأوّل : المنبِّه بالنون قبل الباء الموحّدة ، وقد قدّمنا ما فيه مفصلاً(١) .

والحسين بن علوان عامي.

وعمرو بن خالد هو الواسطي ، لأنّه روى عن زيد كما ذكره النجاشي(٢) . والكشي قال : إنّه من رجال العامة في جملة آخرين على ما نقله شيخنا أيّده الله في الرجال(٣) . وفي رجال الشيخ عمر بغير واو ،

__________________

(١) راجع ص : ٩٠٨.

(٢) رجال النجاشي : ٥٢ / ١١٦ و ٢٨٨ / ٧٧١.

(٣) منهج المقال : ٢٤٧.

٣٨٣

ولعلّه ، سقط من الناسخ ؛ وقال : إنّه بتري(١) .

والثاني : فيه أنّ طريقه إلى علي بن الحسين غير مذكور في المشيخة ، لكن الجواب عن هذا ممكن بأنّه صرّح في الفهرست : بأنّ جميع رواياته أخبره بها المفيد والحسين بن عبيد الله ، عن محمّد بن علي بن الحسين عن أبيه(٢) .

نعم فيه محمّد بن سالم وهو مشترك(٣) .

وأحمد بن النضر ثقة في النجاشي(٤) .

وعمرو بن شمر ضعيف(٥) .

وجابر هو ابن يزيد الجعفي ؛ لأنّ عمرو بن شمر الراوي عنه. وذكر النجاشي في ترجمته : أنّه روى عنه جماعة غمز فيهم وضعّفوا ، منهم عمرو ابن شمر ، ولم يوثقه ، بل قال : إنّه كان في نفسه مختلطاً(٦) .

والعلاّمة في الخلاصة نقل كلام النجاشي ، وحكى عن ابن الغضائري أنّه قال : جابر بن يزيد الجعفي الكوفي ثقة في نفسه ، ولكن جُلّ من روى عنه ضعيف ، فممّن أكثر عنه من الضعفاء عمرو بن شمر ، إلى أنّ قال ابن الغضائري : وأرى الترك لما روى هؤلاء عنه ، والوقف في الباقي إلاّ ما خرج شاهداً ـ ثم قال العلاّمة ـ : والأقوى عندي التوقف فيما يرويه هؤلاء عنه ، كما قال الشيخ ابن الغضائري(٧) . انتهى.

__________________

(١) الفهرست : ١١٥ / ٤٩٩.

(٢) الفهرست : ٩٣ / ٣٨٢.

(٣) هداية المحدثين : ٢٣٨.

(٤) رجال النجاشي : ٩٨ / ٢٤٤.

(٥) رجال النجاشي : ٢٨٧ / ٧٦٥.

(٦) رجال النجاشي : ١٢٨ / ٣٣٢.

(٧) خلاصة العلاّمة : ٣٥ / ٢.

٣٨٤

ولا يخفى عليك أنّ ما قاله ابن الغضائري ترك ما روى هؤلاء عنه ، والتوقف في الباقي لا التوقف فيما روى هؤلاء ، ثم التوقف لا وجه له إلاّ أن يريد بالتوقف الردّ ، فإنّه يستعمل بهذا المعنى ، والأمر كما ترى.

المتن :

في الأوّل : ظاهر في أنّ النساء الأجانب يغسّلن الميت مع فعل ما ذكر ، وكذلك إذا كان معه محارم لكن يمسسن جسده. أمّا قوله : « ولا يطهرنه » فهو في بعض النسخ(١) ، وفي بعض النسخ « ويطهرنه » بغير لا(٢) .

(والثاني : كما ترى لا يخلو من إجمال )(٣) ؛ لأنّ الثوب الذي يصبّ الماء من خلفه محتمل لأنّ يراد المئزر المذكور في الخبر الأوّل ، ويحتمل إرادة الثوب الكامل. وقوله : « ويلففنه في أكفانه من تحت الستر » يحتمل أن يراد بالستر ما يستر جميع البدن بحيث لا يشاهدنه.

وما ذكره الشيخ في وجه الجمع لا يخلو من تأمّل :

أمّا أولاً : فلإجمال المنافي لبيان الجمع ؛ لأنّ قوله : نحملهما على ضرب من الاستحباب. إنّ أراد به أنّ التغسيل مستحب على الوجه الذي تضمنته الروايتان ، ففيه : أنّ إحداهما تضمنت الغسل مع المئزر ، وما تقدم من الأخبار تضمنت بعضها النهي عن الغسل ، ولا أقلّ من الحمل على الكراهة ، فكيف يكون مستحبّاً على الإطلاق إذا لم يباشر الجسم كل من‌

__________________

(١) في « فض » زيادة : ويمكن أنّ يقرأ بالظاء المعجمة والمهملة ، أمّا المعجمة فيراد بعدم الإظهار عدم كشف المئزر ، وأمّا بالمهملة فيراد لا يلمسنه بأيديهن ، ولا يطهّرنه بالأيدي بل بالصبّ. وهي في « د » مشطوبة.

(٢) في « فض » زيادة : وفيها الاحتمالان. وفي « د » مشطوبة.

(٣) ما بين القوسين ساقط من « رض ».

٣٨٥

الرجل والمرأة ، ولو حمل النهي على التحريم مع المباشرة ، وحمل الاستحباب هنا مع عدمها ، ففيه : أنّ بعض ما تقدّم دلّ على عدم كشف شي‌ء ممّا أمر الله بستره ، فلا بدّ من حمل هذين الخبرين على كون الغسل مع الساتر ، لكن الخبر الأوّل منهما يدل على الاكتفاء بالمئزر ، فالاستحباب على الإطلاق لا وجه له.

وأمّا ثانياً : فلأنّ حصر المانع في المباشرة غير ظاهر الوجه بعد ما ذكرناه ، ولو أراد بالمباشرة ما يتناول النظر فالخبران لا يدلان على ذلك ، بل الأوّل يدل على خلافه ، وبالجملة فالمقام غير محرّر ، لكن من يتوقف عمله على الصحيح في راحة من تكلّف التوجيه.

وأمّا ثالثاً : فلأنّ الظاهر من قوله الآتي أنّ يكون أوّل الكلام في المرأة إذا غسّلت الرجل ، والرواية الثانية تضمّنت الرجل والمرأة ، ومقتضى حمل الروايتين على الاستحباب فيهما ، وقد عرفت الحال.

والظاهر أنّ مراده بالكلام الأخير بيان زيادة حكم للمرأة ، كما ينبّه عليه قوله : أيضاً ، فيتأكد ما ذكرناه من الإجمال.

قوله :

وأمّا المرأة ، فقد روي أيضاً أنّه يجوز للرجال أنّ يغسّلوا منها ما كان يجوز لهم النظر إليه من محاسنها الوجه واليدين ، يدل على ذلك :

ما رواه الحسين بن سعيد ، عن علي بن النعمان ، عن داود بن فرقد ، قال : مضى صاحب لنا يسأل أبا عبد اللهعليه‌السلام عن المرأة تموت مع رجال ليس فيهم ذو محرم ، هل يغسّلونها وعليها ثيابها؟ فقال : « إذن يدخل ذلك عليهم ، ولكن يغسلون كفّيها ».

٣٨٦

أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن عبد الرحمن بن سالم ، عن المفضّل بن عمر ، قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : جعلت فداك ، ما تقول في المرأة تكون في السفر مع الرجال ، ليس فيهم ذو محرم لها ولا معهم امرأة ، فتموت المرأة ، فما يصنع بها؟ قال : « يغسل منها ما أوجب الله عليه التيمم ، ولا يمسّ ولا يكشف لها شي‌ء من محاسنها التي أمر الله بسترها » فقلت له كيف يصنع بها؟ قال : « يغسل بطن كفّيها ، ثم يغسل وجهها ، ثم يغسل ظهر كفّيها ».

سعد بن عبد الله ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن أسلم الجبلي ، عن عبد الرحمن بن سالم ، وعلي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن المرأة(١) ماتت في سفر ، وليس معها نساء ولا ذو محرم ، قال : « يغسل منها موضع الوضوء ، ويصلّى عليها وتُدفن ».

علي بن الحسين ، عن محمّد بن أحمد بن علي ، عن عبد الله بن الصلت ، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : سئل عن المرأة تموت وليس معها محرم ، قال : « يغسل كفّيها ».

والوجه في هذه الأخبار : أنّ نحملها على ضرب من الاستحباب ، والأصل ما قدمناه من أنّها تدفن ولا تغسل على حالٍ.

__________________

(١) في التهذيب ١ : ٤٤٣ / ١٤٣٠ والاستبصار ١ : ٢٠٣ / ٧١٥ : امرأة.

٣٨٧

السند :

في الأوّل : قدمنا القول فيه عن قريب ، وكذا الثاني.

والثالث : فيه محمّد بن أسلم الجبلي ، وقد ذكره النجاشي مهملاً(١) . ونقل عن ابن الغضائري أنّه قال : إنّه يقال : كان غالياً فاسد الحديث(٢) . أمّا الشيخ فقد اتفق أنّه ذكر في رجال الباقرعليه‌السلام : محمّد بن أسلم الجبلي(٣) ، وفي رجال من لم يرو عن الأئمّةعليهم‌السلام : محمد بن أسلم الجبلي روى عنه محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب(٤) . وفي الفهرست ذكره مهملاً ، وأنّ الراوي عنه محمّد بن الحسين(٥) . وفي رجال الرضاعليه‌السلام من كتابه ذكره أيضاً(٦) . ولا يخلو من غرابة ، لكن من الشيخ مثل هذا غير عزيز الوجود.

واحتمل شيخنا أيّده الله في كتاب الرجال : أنّ يكون اشتبه على الشيخ الحال ، فظنّ أنّ أبا جعفر الذي هو من رجاله الأوّل فعدّه من أصحابه ، وإنما هو من أصحاب الثانيعليه‌السلام (٧) . ولا يخلو من وجه. أمّا عدّه فيمن لم يروِ فغير واضح الوجه.

وأمّا عبد الرحمن بن سالم فقد تقدم(٨) . وعلي ابن أبي حمزة وأبو‌

__________________

(١) رجال النجاشي : ٣٦٨ / ٩٩٩.

(٢) نقله عنه في منهج المقال : ٢٨٣.

(٣) رجال الطوسي : ١٣٦ / ٣٢.

(٤) رجال الطوسي : ٥١٠ / ١٠٣.

(٥) الفهرست : ١٣٠ / ٥٧٦.

(٦) رجال الطوسي : ٣٨٧ / ١٤.

(٧) منهج المقال : ٢٨٣.

(٨) في ص ٩٨٣.

٣٨٨

بصير غير خفيّ الحال.

والرابع كذلك ؛ لتقدم الذكر عن قريب في المحتاج إلى البيان ، وغيره مضى أيضاً.

المتن :

لا يخفى دلالة الأوّل على الاختصاص بغَسل الكفّين ، وكأنّ الشيخ أراد بقولهأوّلاً : الوجه واليدين. أحدهما ، أو أنّه ضمّ غَسل الوجه إلى ما تضمّنته هذه الرواية ، وفيه ما فيه.

ثمّ قولهعليه‌السلام : « إذن يدخل عليهم » لا يبعد أن يراد منه أنّ هذا الفعل يحصل بسببه أمر خَطِر من حيث احتمال النظر إلى ما لا يحلّ ، أو أنّ أهلها يكرهون ذلك ، ويحتمل ( أن يكون المراد )(١) أنّ مثل هذا يصير ويتفق.

وأمّا الثاني : فقد تقدم فيه القول ، وأشرنا إلى ما فيه من الزيادة عن السابق منه(٢) ، ولعلّ الوجه في غَسل باطن الكفّين أوّلاً : أنّه محل الضرب على التراب ، وغسلِ الظَّهر : لأنّه محل المسح في التيمم. ثم إنّ تقييد الخبر الأوّل بهذا قد سمعتَ احتماله ، والتخيير ممكن.

والثالث : كما ترى دالّ على غَسل موضع الوضوء ، وهو مغاير للأوّلين ، وحمل المطلق عليه في غاية البُعد ، وكذلك كلام الشيخ.

والرابع كالأوّل. وما قاله الشيخ من الحمل على الاستحباب ، له وجه ، بالنظر إلى أنّ اختلاف الأخبار في الكيفيّة دليل على عدم اللزوم ، لا من حيث معارضة الأخبار السابقة ؛ لأنّ ما تضمّنته الأخبار السابقة دلّ على‌

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في « د » : أن يراد.

(٢) راجع ص : ٣٨٠.

٣٨٩

النهي عن التغسيل في البعض ، والبعض دالّ على أنّه يدفن بالثياب ، وكلّ من الأمرين لا ينافي ما دلّت عليه هذه الأخبار ، إلاّ من حيث دلالة ما تقدّم على أنّ الواجب ما ذكر فيها ، وأنت خبير بأنّ حمل المطلق على المقيّد لا مانع منه ، ولعلّ الشيخ ناظر إلى ما قلناه من أمارة الاستحباب في اختلاف مدلول هذه الأخبار.

قوله :

ويزيد ذلك بياناً :

ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن علي ، عن أبي جميلة ، عن زيد الشحّام ، قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن امرأة ماتت وهي في موضع ليس معهم امرأة غيرها ، قال : « إنّ لم يكن فيهم لها زوج ولا ذو رحم(١) دفنوها بثيابها ولا يغسلونها ، وإنّ كان معهم زوجها أو ذو رحم لها فليغسلها من غير أنّ ينظر إلى عورتها » قال : وسألته عن رجل مات في السفر مع النساء(٢) ليس معهن رجل ، فقال : « إنّ لم يكن له(٣) فيهنّ امرأة فليدفن بثيابه ولا يغسل ، وإنّ كان له فيهن امرأة فليغسل في قميص ، من غير أنّ ينظر إلى عورته ».

سعد بن عبد الله ، عن أبي الجوزاء ، عن الحسين بن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي ، عن آبائه ، عن عليعليه‌السلام ، قال‌

__________________

(١) في التهذيب ١ : ٤٤٣ / ١٤٣٢ والاستبصار ١ : ٢٠٣ / ٧١٧ زيادة : لها.

(٢) في الاستبصار ١ : ٢٠٣ / ٧١٧ : نساء.

(٣) ليست في « د ».

٣٩٠

« أتى رسولَ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نفرٌ ، فقالوا : إنّ امرأة توفّيت معنا ، وليس معها ذو محرم ، فقال : كيف صنعتم بها؟ فقالوا : صببنا عليها الماء (١) صبّاً ، فقال : أمّا وجدتم ( من أهل الكتاب من ) (٢) تغسلها؟ فقالوا : لا ، فقال : أفلا تمّمتُموها ».

السند :

في الأوّل : فيه أبو جميلة المفضل بن صالح ، وقد كرّرنا القول فيه(٣) . وأمّا الحسن بن علي : فهو ابن فضال ؛ لأنّه الراوي عنه في الفهرست(٤) .

والثاني : تقدم ذكر رجاله.

المتن :

لا يخفى صراحته في الأوّل على جواز تغسيل الزوج والرحم من غير النظر إلى العورة على الإطلاق ، فهو مناف لتفصيل الشيخ ، إلاّ أن نحمله على المقيّد.

وأمّا دلالته على دفن الميت بغير غُسل من دون وجود المذكورين فظاهرة ، لكن لا يزيد استحباب ما ذكر بياناً ، إلاّ من حيث عدم التعرض لغَسل اليدين والوجه ، وقد قدّمنا(٥) أنّ هذا لا ينافي حمل المطلق على‌

__________________

(١) في « رض » : صببنا الماء عليها.

(٢) في التهذيب ١ : ٤٤٤ / ١٤٣٣ والاستبصار ١ : ٢٠٣ / ٧١٨ بدل ما بين القوسين : امرأة من أهل الكتاب.

(٣) راجع ص ٥٥١.

(٤) الفهرست : ٤٧ / ١٥٣.

(٥) في ص ٩٩٦.

٣٩١

المقيد ، ولو أراد الشيخ بزيادة البيان على نفي التغسيل فالأخبار السابقة مثلها بسبب النهي عن التغسيل.

وما تضمّنه آخر الرواية من قوله : « إنّ لم يكن له فيهن امرأة » محتمل لأنّ يكون المرأة زوجة ، أو ذات محرم.

والتغسيل في القميص محتمل لأنّ يحمل عليه مطلق صدرها في قوله : « من غير أنّ ينظر إلى عورتها » ويحتمل إبقاء الصدر على حاله وجواز التغسيل مع ستر العورة.

وبالجملة : فالخبر من مؤيّدات جواز التغسيل من الزوج والمرأة من غير شرط الضرورة ؛ لأنّ المفروض فيه وجود المماثلة.

وأمّا الثاني : فدلالته على مطلوب الشيخ غير ظاهرة ، بل على ضد مطلوبه أظهر ؛ لأنّ مفاده التيمم ، والشيخ لم يذكره. ولا يبعد أنّ يكون الشيخ فهم من التيمم غَسل موضع التيمم ، ولو لا هذا لم يكن للرواية مناسبة.

وما تضمنته من تغسيل امرأة من أهل الكتاب قد ذكره بعض الأصحاب(١) ، والمحقق في المعتبر توقف فيه(٢) ، وهو في محلّه ، مع أنه في الشرائع تابع البعض(٣) .

والشيخ في التهذيب روى عن عمّار بن موسى ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال ، قلت : فإن مات رجل مسلم ، وليس معه رجل مسلم ، ولا امرأة مسلمة من ذوي قرابته ، ومعه رجال نصارى ، ونساء مسلمات ليس بينه وبينهن‌

__________________

(١) منهم المفيد في المقنعة : ٨٦ ، والشيخ في المبسوط ١ : ١٧٦ ، والعلاّمة في المنتهى ١ : ٣٧.

(٢) المعتبر ١ : ٣٢٦.

(٣) شرائع الإسلام ١ : ٣٧.

٣٩٢

قرابة ؛ قال : « يغتسل النصارى ثم يغسّلونه فقد اضطرّ » وعن المرأة المسلمة تموت وليس معها امرأة مسلمة ولا رجل مسلم من ذوي قرابتها ، ومعها نصرانية ورجال مسلمون ، قال : « تغتسل النصرانية ثم تغسّلها »(١) .

ولا يخفى عليك الحال في إثبات الحكم بمثل هاتين الروايتين.

وينقل عن بعض الأصحاب : أنّه علّل عدم صحة تغسيل الكافر والكافرة بافتقار الغُسل إلى النية ، والكافر لا تقع منه القربة(٢) .

قال شيخناقدس‌سره : والحقّ أنّه متى ثبتت نجاسة الذمّي ، أو توقف الغُسل على النية تعيّن المصير إلى ما قاله في المعتبر ، ولو نوزع فيهما أمكن إثبات هذا الحكم بالعمومات(٣) . انتهى.

ولا يخفى عليك أنّ العمومات الدالة على تغسيل من ذكر بعيدة الحصول ، والله أعلم بالحقائق.

قوله :

فأما ما رواه علي بن الحسين ، عن محمّد بن أحمد بن علي ، عن عبد الله بن الصلت ، عن ابن بنت إلياس ، عن عبد الله بن سنان ، قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : « المرأة إذا ماتت مع الرجال فلم يجدوا امرأة تغسّلها ، غسّلها بعض الرجال من وراء الثياب ، ويستحب أنّ يلفّ على يديه خرقة ».

فهذا الخبر يحتمل وجهين‌ :

__________________

(١) التهذيب ١ : ٣٤٠ / ٩٩٧ ، الوسائل ٢ : ٥١٥ أبواب غسل الميت ب ١٩ ح ١.

(٢) كالمحقق في المعتبر ١ : ٣٢٦ ، والأردبيلي في مجمع الفائدة ١ : ١٨٠.

(٣) مدارك الاحكام ٢ : ٦٥.

٣٩٣

أحدهما : أنّ يكون ذلك الرجل زوجها ، فإنّه يجوز له(١) أنّ يغسّلها على ما قدّمناه من وراء الثياب ، أو واحد من ذوي أرحامها. ويؤكّد ذلك :

ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل مات ، وليس عنده إلاّ نساء ، قال : « تغسّله امرأة ذات محرم منه ، وتصبّ النساء عليه الماء ، ولا يخلع ثوبه ؛ وإنّ كانت امرأة ماتت مع رجال ، وليس معها امرأة ولا محرم لها ، فلتُدفن كما هي في ثيابها ، وإن(٢) كان معها ذو محرم لها غسّلها من فوق ثيابها ».

والوجه الثاني : أنّ يكون ذلك محمولاً(٣) على أنّهم يغسّلونها بصبّ الماء عليها ، كما ذكرناه في غسلهن للرجل ، لأنّ ذلك قد روي ، وإنّ كان كل ذلك محمولاً على الاستحباب ، والأصل ما قدّمناه من وجوب دفنهما(٤) من غير غُسل.

وروى ما ذكرناه محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن الحسن بن علي بن خُرّزاد ، عن الحسن بن راشد ، عن علي بن إسماعيل ، عن أبي سعيد ، قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : « إذا ماتت المرأة مع قوم ليس لها فيهم محرم ، يصبّون الماء عليها صباً » ورجل مات مع نسوة ليس فيهنّ له محرم ، فقال أبو حنيفة : يصببن الماء عليه صباً ، فقال‌

__________________

(١) ليست في النسخ ، أثبتناها من الاستبصار ١ : ٢٠٤ / ٧١٩.

(٢) في الاستبصار ١ : ٢٠٤ / ٧٢٠ : فإن.

(٣) في « رض » زيادة : على الاستحباب.

(٤) في « رض » : دفنها.

٣٩٤

أبو عبد اللهعليه‌السلام : « بل يحلّ لهن أنّ يمسسن منه ما كان يحلّ لهن أنّ ينظرن إليه منه وهو حيّ ، فإذا بلغن الموضع الذي لا يحلّ لهن النظر إليه ولا مسّه وهو حيّ صببن الماء عليه صبّاً ».

فما تضمن هذا الخبر من جواز غُسل المرأة للرجل المواضع التي كان يحلّ لها النظر إليها وهو حي محمول على الاستحباب ، والأصل ما ذكرناه.

السند :

في الأوّل : قد قدّمنا بيانه. وابن بنت إلياس هو الحسن بن علي الوشّاء ، لكن قد يتأمّل في روايته عن عبد الله بن سنان ، من حيث إن عبد الله من رجال الصادقعليه‌السلام . وقيل : إنّه روى عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام (١) . وقال النجاشي : إنّه لم يثبت(٢) . والوشّاء من رجال الرضاعليه‌السلام والهادي على ما ذكره الشيخ في رجالهعليه‌السلام (٣) . ولا يخفى أنّ مقتضى الرواية عن ابن سنان إدراك الوشّاء لخمسة من الأئمةعليهم‌السلام أو أربعة ، ولم ينقل ذلك ، ولعلّ عدم رواية ابن سنان عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام لا يدل على عدم إدراكه له ، فليتأمّل.

والثاني : فيه عثمان بن عيسى.

والثالث : فيه الحسن بن علي بن خُرّزاد وهو مهمل في النجاشي(٤) ،

__________________

(١) كما حكاه في رجال النجاشي : ٢١٤ / ٥٥٨.

(٢) رجال النجاشي : ٢١٤ / ٥٥٨.

(٣) رجال الطوسي : ٣٧١ / ٥ و ٤١٢ / ٢.

(٤) رجال النجاشي : ٤٤ / ٨٧.

٣٩٥

وفي رجال الهاديعليه‌السلام من كتاب الشيخ(١) . وذكره في من لم يرو عن الأئمةعليهم‌السلام أيضاً ، وقال : إنّه من أهل كش ؛ وفي الجميع مذكور بلفظ الحسن بن خرزاد(٢) . والعلاّمة قال : إنّ خرزاذ بالخاء المعجمة المضمومة ، والراء المشددة ، والزاي والذال المعجمة بعد الألف كثير الحديث. وقيل : إنّه غلا في آخر عمره(٣) .

وأمّا الحسن بن راشد : ففيه اشتراك(٤) ، إلاّ أنّ الذي حققه شيخنا أيّده الله في كتاب الرجال : أنّ الراوي عن الصادق والكاظمعليهما‌السلام ضعيف ، وعن الجواد والهادي(٥) ثقة(٦) . ولا يبعد أنّ يكون هنا من رجال الهاديعليه‌السلام ، حيث روى عنه الحسن بن خرزاد ، وهو من رجال الهاديعليه‌السلام ؛ إلاّ أنّ باب الاحتمال واسع.

وعلي بن إسماعيل يقال لجماعة(٧) ، غير أنّه لا يبعد كونه الميثمي ، والفائدة معدومة في تعيّنه ؛ لعدم توثيقه ومدحه. ويحتمل ابن عامر ، لكنّ الأوّل من أصحاب الرضاعليه‌السلام ، والثاني من أصحاب الكاظمعليه‌السلام ؛ والمرتبة قريبة في الرجلين من الحسن بن راشد ، لكن في الميثمي أقرب بتقدير ما قدّمناه في الحسن بن راشد.

وأمّا أبو سعيد الراوي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام فغير معلوم الحال.

__________________

(١) رجال الطوسي : ٤١٣ / ٢٠.

(٢) رجال الطوسي : ٤٦٣ / ١٠.

(٣) خلاصة العلاّمة : ٢١٤ / ١١.

(٤) انظر هداية المحدثين : ١٨٨.

(٥) ليست في « رض ».

(٦) منهج المقال : ٩٨.

(٧) انظر هداية المحدثين : ٢١١.

٣٩٦

المتن :

في الأوّل : ما ذكره الشيخ فيه أوّلاً واضح البُعد ، والوجه الثاني غير تام ؛ لصراحته في استحباب لفّ الخرقة على اليدين ، وذلك لا وجه له مع الصب ، إلاّ أنّ يقال : إنّ الخرقة لِمَسّ اليدين والوجه ، وفيه ما فيه.

والثاني : لا يخلو من ركاكة في التأدية غير خفية ، وكذلك فيه نوع إجمال ، ودلالته على مطلوب الشيخ بعيدة ، كما أنّ إطلاقه الحمل على الاستحباب غير واضح المراد.

وعلى تقدير العمل بالأخبار كلّها لا مانع من الحمل على جواز التغسيل بالصبّ ، وبدونه مع الخرقة وإنّ كان ما تقدم من غَسل الكفّين أو موضع التيمم أو الوضوء أفضل ؛ والله تعالى أعلم بحقائق الأُمور.

قوله :

باب كيفية غسل الميت

أخبرني الشيخ رحمه‌الله عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن إبراهيم الخزّاز ، عن عثمان النوّاء ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إنّي اغسّل الموتى ، قال : « وتحسن؟ » (١) قال : قلت : إنّي أغسّل! قال : « إذا غسلت الميت فارفق به ، ولا تعصره ، ولا تقربنّ شيئاً من مسامعه الكافور (٢) ».

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٢٠٥ / ٧٢٢ : أو تحسن.

(٢) في الاستبصار ١ : ٢٠٥ / ٧٢٢ : بكافور.

٣٩٧

الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن حمران بن أعين ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « إذا غسّلتم الميت منكم فارفقوا به ، ولا تعصروه ، ولا تغمزوا له مفصلاً ، ولا تقربوا أُذنيه شيئاً من الكافور ، ثم خذوا عِمامته فانشروها مثنية على رأسه ، واطرح طرفها (١) من خلفه ، وابرز جبهته » قلت : فالحنوط كيف أصنع به؟ قال : « يوضع في منخره وموضع سجوده ومفاصله » قلت : فالكفن؟ فقال : « يؤخذ خرقة فيشدّ بها سفليه ، ويضم فخذيه بها ليضمّ ما هناك ؛ وما يصنع من القطن أفضل ؛ ثم يكفن بقميص ولفافة وبرد يجمع فيه الكفن ».

السند :

في الأوّل : ليس فيه خفاء بعد ما أسلفناه ، غير أنّ عثمان النوّاء مذكور مهملاً في رجال الصادقعليه‌السلام من كتاب الشيخ(٢) وإبراهيم الخزّاز هو أبو أيوب الخزّاز ؛ وقد اختلف في أبيه ، فقيل : عيسى(٣) ؛ وقيل : عثمان(٤) . وفي الفهرست : إنّ الراوي عنه ابن أبي عمير وصفوان(٥) .

والثاني : فيه حمران بن أعين ، وقد عدّه الشيخ من المحمودين في كتاب الغيبة(٦) ؛ وفيه كلام.

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٢٠٥ / ٧٢٣ : طرفيها.

(٢) رجال الطوسي : ٢٥٩ / ٥٩٥.

(٣) كما في رجال النجاشي : ٢٠ / ٢٥.

(٤) كما في رجال النجاشي : ٢٠ / ٢٥ ، ورجال ابن داود : ٣٢ / ٢٧.

(٥) الفهرست : ٨ / ١٣.

(٦) كتاب الغيبة : ٢٠٩.

٣٩٨

المتن :

كما ترى في الأوّل : يدل النهي فيه على أنّه لا يقربنّ شيئاً من مسامعه الكافور ، وقد صرّح جماعة من المتأخرين : بأنّ ذلك مكروه(١) .

والثاني : يدل على ذلك أيضاً.

وفي رواية يونس : « ولا تجعل في منخريه ولا في بصره ومسامعه ولا وجهه قطناً ولا كافوراً »(٢) .

وفي خبر لعبد الرحمن بن أبي عبد الله(٣) معدود من الصحيح ، قال : قال : « لا تجعل في مسامع الميت حنوطاً »(٤) .

وردّ شيخناقدس‌سره الروايات بالضعف والقطع(٥) . وقد ينظر في القطع بأنّ مثل عبد الرحمن بن أبي عبد الله لا تتصور روايته عن غير المعصوم ، وقد اعترف بهقدس‌سره في مواضع.

وفي عبارة الصدوق في الفقيه : ويجعل الكافور على بصره وأنفه وفي مسامعه(٦) .

ويدلُّ على ذلك : رواية عبد الله بن سنان الصحيحة ، قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : كيف يصنع بالحنوط؟ قال : « يصنع في فمه ومسامعه وآثار‌

__________________

(١) كالمحقق في المعتبر ١ : ٢٩٠.

(٢) التهذيب ١ : ٣٠٦ / ٨٨٨ ، الوسائل ٣ : ٣٢ أبواب التكفين ب ١٤ ح ٣.

(٣) في « د » و « رض » زيادة : بن سليمان.

(٤) التهذيب ١ : ٣٠٨ / ٨٩٣ ، الوسائل ٣ : ٣٧ أبواب التكفين ب ١٦ ح ٤.

(٥) مدارك الأحكام ٢ : ١١٥.

(٦) الفقيه ١ : ٩١.

٣٩٩

السجود من وجهه ويديه »(١) وروى سماعة نحو ذلك(٢) .

ونقل عن المحقق في المعتبر : أنّه حمل الروايات الأوّل على الكراهة ، وهاتين على الجواز(٣) . ولا يخفى بُعده ، لأنّ الأمر إمّا للوجوب أو للاستحباب ؛ وربما يحتمل الحمل على التقية فيما دل على الجواز ؛ لتصريح بعض أهل الخلاف بذلك(٤) .

والعجب من العلاّمة في المختلف ، حيث إنّه نقل عن الشيخ : القول بالكراهة ، وأنّه احتج بما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد الله ؛ ثم قال : وقول ابن بابويه لا بأس به عندي(٥) . مع أنّه لم يتعرض لوجه الجمع ، ولا يبعد أنّ يكون رواية عبد الرحمن مردودة عنده بالقطع ، وقد عرفت ما فيه ؛ على أنّهرحمه‌الله يكتفي في إثبات الكراهة بالضعيف ، ولعل المعارض اقتضى نفي الكراهة ، ( هذا.

وما )(٦) تضمّنه أوّل الخبر الأوّل من قوله « وتحسن » استفهام ، بحذف الأداة ، وهو سائغ(٧) .

وقوله : إنّي اغسّل ، يريد به في الظاهر أنّي اغسّل على حسب الإمكان ، كما هو متعارف في المحاورات.

أمّا ما تضمنه من قوله : « فارفق به ولا تعصره » فهو محتمل لأنّ يراد‌

__________________

(١) التهذيب ١ : ٣٠٧ / ٨٩١ ، الوسائل ٣ : ٣٧ أبواب التكفين ب ١٦ ح ٣.

(٢) التهذيب ١ : ٤٣٥ / ١٣٩٩ ، الوسائل ٣ : ٣٥ أبواب التكفين ب ١٥ ح ٢.

(٣) المعتبر ١ : ٢٩١.

(٤) كالشافعي في الأُم ١ : ٢٦٥.

(٥) المختلف ١ : ٢٤٧ ٢٤٨.

(٦) بدل ما بين القوسين في « رض » : هنا ، وأمّا ما.

(٧) في « فض » : شائع.

٤٠٠