إستقصاء الإعتبار الجزء ٤

إستقصاء الإعتبار0%

إستقصاء الإعتبار مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف: متون حديثية
ISBN: 964-319-176-1
الصفحات: 532

إستقصاء الإعتبار

مؤلف: الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف:

ISBN: 964-319-176-1
الصفحات: 532
المشاهدات: 33578
تحميل: 3170


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 532 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 33578 / تحميل: 3170
الحجم الحجم الحجم
إستقصاء الإعتبار

إستقصاء الإعتبار الجزء 4

مؤلف:
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
ISBN: 964-319-176-1
العربية

أمّا(١) قوله : إنّ النهي يدل على الفساد ، وقوله بعد ما نقلناه عنه من أنّ الظن لا يصلح علّة لتوجه(٢) الأمر : وإلاّ لما بقي فرق بين دخول الوقت قبل الفراغ وبعده ، فله وجه لو استند القائل بالظن إلى أنّ العلّة هي الظن ، أمّا لو استند إلى غيره فيمكن أن يدّعى خروج الصورة المذكورة وهي ما إذا وقعت الصلاة خارج الوقت بتمامها بالإجماع ، وقد نقل عن الشيخ الاستدلال بما رواه إسماعيل بن رباح(٣) ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « إذا صلّيت وأنت ترى أنّك في وقت ولم يدخل الوقت فدخل الوقت وأنت في الصلاة فقد أجزأت عنك »(٤) .

وأجاب العلاّمة عنها بضعف السند(٥) ، وغير خفيّ دلالة الاستدلال على تقدير(٦) تمامه على الاكتفاء بالظن في الدخول في العبادة ، فقوله : إنّ الظن لا يصلح(٧) . إنّما يتمّ مع ورود الدليل ، فكان الأولى أن يذكر في الدليل ضعف الاعتماد على الظن.

( ومن العجب )(٨) أنّه نقل عن الشيخ أيضاً الاستدلال بأنّه مأمور بالدخول في الصلاة عند الظن ، إذ مع الاشتباه لا يصح التكليف بالعلم ، لاستحالة تكليف ما لا يطاق ، فيتحقّق الإجزاء. وأجاب بأنّ الإجزاء انّما‌

__________________

(١) ليست في « رض ».

(٢) في « د » و « رض » : لتوجيه.

(٣) في « د » : رياح.

(٤) كما في المعتبر ٢ : ٦٣ ، والمختلف ٢ : ٦٩ ، والرواية في : التهذيب ٢ : ٣٥ / ١١٠ ، الوسائل ٤ : ٢٠٦ أبواب المواقيت ب ٢٥ ح ١.

(٥) المختلف ٢ : ٦٩.

(٦) في « د » : بتقدير.

(٧) المختلف ٢ : ٦٨.

(٨) بدل ما بين القوسين في « رض » : والعجب.

١٨١

يتحقق مع استمرار سببه وهو الظن ، فإذا ظهر كذبه انتفى ويبقى في عهدة الأمر ، كما لو فرغ من العبادة قبل الدخول(١) .

وأنت خبير بأنّ في الجواب اعترافاً بصحّة الدخول في العبادة بالظن ، مع أنّه قدّم كون الظن لا يصلح لتوجه(٢) الأمر ، ولو أراد الظن في صورة تعذّر العلم كما يقتضيه دليل الشيخ فالجواب غير مسلّم بعد الموافقة على توجه(٣) الأمر ، ودعوى أنّ تبيّن الكذب يوجب الإعادة تتوقف على الدليل ؛ إذ الأمر يقتضي الإجزاء ، إلاّ أن يقال : إن الأمر مقيّد بالظن ومع انتفائه ينتفي الأمر فلا يجزي الفعل ، وفيه بحث ، إلاّ أنّه قابل للتوجيه.

غير أنّ الاعتراض على العلاّمة لا يندفع ؛ لأنه(٤) موافق على الظن في الجملة ، فكان عليه تحقيق الفرق ، وبيان وجه البطلان غير ما ذكره ، ولا يذهب عليك أنّ احتجاج الشيخ مخصوص من جهة الاعتبار ، والرواية عامّة في الاكتفاء بالظن ، فهو لا يخلو من اضطراب.

واحتجاج بعض المتأخّرين للاكتفاء بالظن في الوقت بما دلّ على أنّ المؤذّنين أُمناء ، وبما دل على اعتبار عدالة المؤذّن(٥) ، مدخول باحتمال أن يكون الوجه في ذلك بالنسبة إلى المضطرّ.

نعم في بعض الأخبار المعتبرة ما يدل على تقليد المخالفين في الوقت ؛ لعلمهم به(٦) ، وحينئذ لا يخلو من دلالة على الاكتفاء بالظن ، وقد‌

__________________

(١) المختلف ٢ : ٦٩ بتفاوت يسير.

(٢) في « رض » : لتوجيه.

(٣) في « رض » : توجيه.

(٤) ليست في « رض ».

(٥) كالأردبيلي في مجمع الفائدة ٢ : ٥٢ ، وانظر المنتهى ١ : ٢١٣.

(٦) الفقيه ١ : ١٨٩ / ٨٩٩ ، التهذيب ٢ : ٢٨٤ / ١١٣٦ ، الوسائل ٥ : ٣٧٨ أبواب الأذان والإقامة ب ٣ ح ١.

١٨٢

ذكرت ذلك في موضع آخر.

أمّا الاكتفاء بالعدلين على وجه الشهادة فقد اعتمد عليه بعض الأصحاب ؛ لأنّهما حجّة شرعيّة(١) . وفيه كلام أشرنا إليه فيما تقدّم من أنّ كون الشاهدين حجّة شرعيّة موقوف على الدليل من إجماع ونحوه ، وتحقق الإجماع هنا محلّ بحث.

أمّا اكتفاء البعض بالأمارات الدالّة على دخول الوقت كالديكة والصنعة(٢) ، فمحل كلام ، إلاّ أنّ الشيخ روى في التهذيب في زيادات الصلاة عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ( عن أبي عبد الله الفراء )(٣) عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : قال(٤) له رجل من أصحابنا : ربما اشتبه الوقت علينا(٥) في يوم الغيم؟ فقال : « تعرف هذه الطيور التي عندكم بالعراق يقال لها الديكة؟ » قلت : نعم ، قال : « إذا ارتفعت أصواتها وتجاوبت فقد زالت الشمس » وقال : « فصلّه »(٦) .

وهذا الحديث ليس فيه اشتباه يقدح في حسنه إلاّ من جهة أبي عبد الله الفرّاء ، وفي الظن أنّه سليم الفرّاء ؛ لأنّ ابن أبي عمير روى عنه في الرجال ، غير أنّه لم يذكر كنيته بأبي عبد الله(٧) . وجهالة الرجل السائل‌

__________________

(١) كالأردبيلي في مجمع الفائدة ٢ : ٥٢.

(٢) منهم الكركي في جامع المقاصد ٢ : ٢٩ ، والشهيد الثاني في روض الجنان : ١٨٦.

(٣) ما بين القوسين ليس في « رض ».

(٤) في « د » : قلت.

(٥) في « رض » : عليه.

(٦) التهذيب ٢ : ٢٥٥ / ١٠١٠ ، الوسائل ٤ : ١٧١ أبواب المواقيت ب ١٤ ح ٥.

(٧) كما في رجال النجاشي : ١٩٣ / ٥١٦ ، وخلاصة العلاّمة : ٨٤ / ٢ ، وفي الفهرست : ١٨٧ : أبو عبد الله الفرّاء روى عنه ابن أبي عمير.

١٨٣

لا يضرّ ؛ لأنّ الظاهر من الرواية سماع الفرّاء ذلك منه ، على أنّ الصدوق رواها في الفقيه(١) ومزيتها ظاهرة كما كرّرنا القول فيه(٢) .

وسيأتي حديث عن ابن بكير عن أبيه أنّه صلّى في يوم غيم فانجلت الشمس فرآه صلّى حين زال النهار ، فقال له الإمامعليه‌السلام : « لا تعد »(٣) وفيه دلالة على جواز الصلاة مع الظن ، إلاّ أن يحمل على ما سنذكره من زوال النهار لا زوال الشمس ، على معنى مضيّ وقت الفضيلة ، وإن كان الظاهر غير هذا ، وسيأتي تفصيل القول إن شاء الله فيه.

ويمكن الاكتفاء بالواحد العدل إذا أخبر ، لا لكونه شهادة ليحتاج(٤) إثبات الاكتفاء فيها بالواحد إلى دليل ولم يعلم ، والاكتفاء به في موارد خاصّة لا يفيد التعميم ، بل لدخوله في مفهوم آية( إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ ) (٥) .

وما ذكره بعض فضلاء المتأخّرينرحمه‌الله من احتمال الاكتفاء به وإن كان غير عدل لأنّه معتبر في الجملة(٦) . لا أعلم وجهه إلاّ من جهة الاكتفاء به في الشرع في مثل إخبار الزوج للمرأة في أحكام الحيض عن المفتي ، ومترجم القاضي ، ونحو ذلك ، ولا يخفى أنّه من الإجماع ، لا من حيث إفادته الظنّ ، ولو سلّم أنّه من جهة الظن فهو خاصّ.

وكذلك حصول الظن للمجتهد من الأخبار ، فإنّ ظنّ المجتهد موقوف على الإجماع إلاّ أن يثبت الاكتفاء بالظنّ.

__________________

(١) الفقيه ١ : ١٤٣ / ٦٦٨.

(٢) في ص ٤٨ ، ٧٤٥ ، ١٠٧٠.

(٣) الاستبصار ١ : ٢٥٢ / ٩٠٣.

(٤) في « د » : فيحتاج.

(٥) الحجرات : ٦.

(٦) الأردبيلي في مجمع الفائدة ٢ : ٥٣.

١٨٤

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الخبر الذي رواه الشيخ عن إسماعيل بن رباح(١) قد ذكر في التهذيب عن محمد بن علي بن محبوب ، عن يعقوب ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن إسماعيل بن رباح(٢) (٣) . وليس في الطريق من يتوقّف فيه إلاّ إسماعيل بن رباح(٤) ، فإنّ الشيخرحمه‌الله ذكر في رجال الصادقعليه‌السلام من كتابه إسماعيل بن رباح(٥) مهملاً(٦) .

ومن العجب قول العلاّمة في المختلف بعد ذكر الرواية : إنّ في طريقها إسماعيل بن رباح(٧) ولا يحضرني الآن حاله ، فإن كان ثقة فهي صحيحة ويتعيّن العمل بمضمونها ، وإلاّ فلا(٨) . ولا يخفى عليك أنّ الإفتاء بالإعادة منه في المسألة مع تضمّن الرواية عدمها وعدم الفحص عن رجالها غير لائق ، وهو أعلم بالحال.

بقي شي‌ء وهو أنّ الصدوق روى في الفقيه بطريقه الصحيح عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام أنّه قال : « لا تعاد الصلاة إلاّ من خمسة : الطهور والوقت والقبلة » الحديث(٩) . وظاهره أنّ الإخلال بالوقت يوجب الإعادة ، وهو يتناول ما نحن فيه ، فعلى تقدير الاكتفاء بالظنّ في الدخول لو تبيّن عدم الدخول في الوقت يمكن أن يضمّ هذا الخبر إلى ما قدّمناه من(١٠)

__________________

(١ و ٢) في « د » : رياح.

(٣) التهذيب ٢ : ٣٥ / ١١٠ ، الوسائل ٤ : ٢٠٦ أبواب المواقيت ب ٢٥ ح ١.

(٤) في « د » : رياح.

(٥) في « د » : رياح.

(٦) رجال الطوسي : ١٥٤ / ٢٤٥.

(٧) في « د » : رياح.

(٨) المختلف ٢ : ٦٩.

(٩) الفقيه ١ : ٢٢٥ / ٩٩١ ، الوسائل ٤ : ٣١٢ أبواب القبلة ب ٩ ح ١ وج ٦ : ٣١٣ أبواب الركوع ب ١٠ ح ٥.

(١٠) في « فض » زيادة : مشروط.

١٨٥

التوجيه ، وربما يستفاد من الرواية المذكورة(١) حكم الناسي والجاهل ، والله أعلم.

وإذا تمهّد(٢) هذا فالرواية الثانية غير خفيّة الدلالة على أنّ المراد غير وقت الفضيلة ، وما قاله الشيخ غير تامّ أمّا أوّلاً : فلمخالفة الظاهر. وأمّا ثانياً : فلأنّ القضاء لا وجه لاختصاصه بالسفر ، فيصير ذكره كاللغو ، وعلى تقدير قول الشيخ بوقت الاختيار والاضطرار يحمل التأخير عن وقت الاختيار ( إلى غيره بالنسبة إلى الحاضر.

وقول شيخنا المحقق أيّده الله في فوائد الكتاب : ربما احتمل الحمل على غير وقت الفضيلة والاختيار )(٣) لأنّ السفر بمنزلة العذر. لا يخلو من شي‌ء ؛ لأنّ العذر لا يوافق مدلول الرواية على الإطلاق ، إذ الظاهر منها اختصاص المسافر بالحكم ، لا لكون العذر علّة ، إلاّ أن يقال : إنّ عذر السفر علّة ، لا مطلق العذر الذي من جملته السفر ، كما يقوله الشيخ في الوقتين(٤) لكل صلاة.

قوله :

باب أنّ لكل صلاة وقتين.

أخبرني الشيخ رحمه‌الله عن أبي القاسم جعفر بن محمد ، عن محمد ابن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس‌

__________________

(١) ليست في « د ».

(٢) في « رض » : عرفت.

(٣) ما بين القوسين ليس في « رض ».

(٤) في « د » و « رض » زيادة : لا.

١٨٦

ابن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : « لكل صلاة وقتان ، وأول(١) الوقت أفضله ، وليس لأحدٍ أن يجعل آخر الوقتين وقتاً إلاّ في علّة من غير عذر »(٢) .

محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن معاوية بن عمّار ، أو(٣) ابن وهب قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « لكل صلاة وقتان وأول الوقت أفضله » (٤) .

السند‌ :

في الأول : فيه محمد بن عيسى عن يونس ، وقد قدّمنا فيه(٥) القول من أنّ ابن بابويه نقل عن ابن الوليد فيما حكاه النجاشي عنه أنّه قال : ما تفرّد به محمد بن عيسى من كتب يونس وحديثه لا يعتمد عليه(٦) ، والشيخ ضعّفه(٧) ، وكأنّه لهذا الوجه ، وفيه كلام ، لا(٨) لما ذكره البعض(٩) ( من احتمال )(١٠) كون الردّ للإرسال ، لا لضعف محمد بن عيسى ، فإنّ الإرسال‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٢٤٤ / ٨٧٠ : فأول.

(٢) في الاستبصار ١ : ٢٤٤ / ٨٧٠ : في عذر من غير علة.

(٣) في « فض » : و.

(٤) في الاستبصار ١ : ٢٤٤ / ٨٧١ : أفضلهما.

(٥) ليست في « رض ».

(٦) راجع ص ٥٤.

(٧) الفهرست : ١٤٠ / ٦٠١.

(٨) ليست في « رض ».

(٩) كابن داود في رجاله : ٢٧٥ / ٤٧٤.

(١٠) بدل ما بين القوسين في « رض » : لاحتمال.

١٨٧

في مثله يوجب القدح ، لأنّه نوع تدليس ، إلاّ أن يقال : بجواز الرواية بالإجازة من دون التصريح بلفظ « إجازةً » كما هو مذهب البعض(١) ، وفيه : أنّ الاستثناء لا وجه له ، بل الظاهر من الرد ( ما يكون )(٢) وجهه غير الإرسال ، إلاّ أنّ استفادة الضعف من الردّ محلّ تأمّلٍ.

فإن قلت : إنّ الشيخ في الفهرست قد ذكر استثناء ابن بابويه له من نوادر الحكمة ، وظاهر(٣) هذا أنّ مراده ما قاله ابن بابويه عن ابن الوليد من ردّ ما يتفرّد به ، فتكون الرواية هنا غير متفردة وإلاّ لما ذكرها الشيخ ، وحينئذ لا مانع من قبولها(٤) .

قلت : قد قدّمنا ما في كلام الشيخ(٥) ، وعلى تقديره لا ندري وجه التأييد الموجب للقبول ، ليكون الحكم بالصحة منا(٦) على وجه شرعي ، وإن أمكن إجراء التوجيه السابق منّا في هذا الخبر لقبول توثيق الشيخ(٧) ونحوه مع أنّه اجتهاد ، أمّا ما قاله الشيخ في الفهرست : من أنّ محمد بن عيسى كان يذهب مذهب الغلو(٨) . فهو محكي بلفظ « قيل » والقائل غير معلوم ، وقد روى الشيخ في التهذيب الرواية بهذا السند(٩) ، وفي متنه مغايرة يأتي بيانها.

__________________

(١) كالشهيد الثاني في الدراية : ٩٤.

(٢) في « رض » : أن يكون.

(٣) في « د » : فظاهر.

(٤) الفهرست : ١٤٠ / ٦٠١.

(٥) راجع ص ٥٤ ٥٩.

(٦) في « رض » : هنا.

(٧) كذا في النسخ ، والظاهر انه خطأ والصواب النجاشي.

(٨) الفهرست : ١٤١.

(٩) التهذيب ٢ : ٣٩ / ١٢٤ ، الوسائل ٤ : ١٢٢ أبواب المواقيت ب ٣ ح ١٣.

١٨٨

وقد وصف بعض محقّقي المعاصرين سلّمه الله الرواية بالصحة(١) ، ولا أدري الوجه إلاّ ما قدّمته ، أو أنّها من غير كتابي الشيخ.

والثاني : ليس فيه ارتياب ، غير أنّ العلاّمة في الخلاصة قال في ترجمة معاوية بن عمّار : روى معاوية عن أبي عبد الله وأبي الحسن موسىعليهما‌السلام ومات سنة خمس وسبعين ومائة ، قال الكشي : إنّه كان يبيع السابري وعاش مائة وخمساً وسبعين سنة(٢) . انتهى. ولا يبعد أن يكون ما حكاه عن الكشي من الأغلاط الواقعة فيه ، وإنّما هو مات سنة خمس وسبعين ومائة كما قاله العلاّمة ، وقبله النجاشي(٣) .

ويؤيّد ما قلناه : أنّه لم يسمع مثل هذا العمر لمن تأخّر عن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ولو كان لنقلت أحواله ؛ إذ هو حينئذ موجود من زمن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى زمن موسىعليه‌السلام .

وما نقله في الخلاصة عن العقيقي أنّه قال : إنّ معاوية بن عمّار كان ضعيف العقل مأموناً في حديثه(٤) . لا اعتبار به.

المتن :

في الأول : تضمن قولهعليه‌السلام : « إلاّ في علّة من غير عذر » وفي التهذيب : « إلاّ في عذر من غير علّة »(٥) والذي يظهر لي من هذه العبارة الموجودة هنا احتمال أن يكون قوله : « من غير عذر » كالبدل من قوله : « إلاّ‌

__________________

(١) البهائي في الحبل المتين : ١٣٤.

(٢) الخلاصة : ١٦٦ / ١.

(٣) رجال النجاشي : ٤١١ / ١٠٩٦.

(٤) الخلاصة : ١٦٦ / ١.

(٥) التهذيب ٢ : ٤٠.

١٨٩

من علّة » فكأنّه قال : أن يجعل آخر الوقتين وقتاً من غير عذر ، والفائدة التنبيه على أنّ العلّة يتبادر منها المرض ، فأُريد إزاحة الاحتمال بإرادة غير العذر الأعم من المرض.

وأمّا عبارة التهذيب فالظاهر منها أنّ التأخير في العلّة التي هي المرض ونحوه غير العذر ، وحينئذ ربما يتأيّد احتمال أن يراد بما هنا هذا(١) المعنى بتقدير وجود الرواية بكلا العبارتين ، وإن كان الوهم في التعبير من النقل أشكل التعيين.

وقد نقل العلاّمة والمحقّق في المختلف والمعتبر(٢) الرواية في احتجاج الشيخ للقول بأنّ الوقتين في الخبر ونحوه للمختار والمعذور ، بعد أنّ نقل ذلك عن الشيخين وابن أبي عقيل وأبي الصلاح وابن البراج في المختلف ، وحكى متن الرواية بصورة ما في هذا الكتاب. وغير خفيّ أنّ دلالتها على مدّعى الشيخ بالمتن المخصوص لا يخلو من خفاءٍ ؛ إذ المنقول عن الشيخ في المبسوط أنّه فسّر العذر بالسفر والمطر والمرض وشغل يضرّ تركه بدينه أو دنياه(٣) ، والرواية كما ترى ظاهرة في خلاف هذا.

والعجب من العلاّمة أنّه أجاب عن الاحتجاج بالرواية بالقول بالموجب ، فإنّا قد بيّنا أنّ لكل صلاة وقتين ، لكن الأوّل وقت الفضيلة ، وحديثكم يدل على ما قلناه ؛ لقولهعليه‌السلام : « وأول الوقت أفضله » فإنّ « افعل »(٤) يقتضي المشاركة ( في المعنى )(٥) .

__________________

(١) في « د » : هو.

(٢) المختلف ٢ : ٣٢ ، والمعتبر ٢ : ٣٤ ، ٤٦.

(٣) المبسوط ١ : ٧٢.

(٤) في « رض » : فعل ، وفي « فض » و « د » : أفضل فعل. وما أثبتناه من المصدر ، وفي نسخة منه : أفضل.

(٥) ما بين القوسين ليس في « رض ».

١٩٠

لا يقال : قولهعليه‌السلام : « وليس لأحد أن يجعل آخر الوقتين وقتاً إلاّ في علّة من غير عذر » يقتضي المنع من جعل آخر الوقت وقتاً لغير عذر. لأنّا نقول : لا نسلّم أنّه يدل على المنع ، بل على نفي الجواز الذي لا كراهية فيه جمعاً بين الأدلّة(١) . انتهى.

وفي نظري القاصر بعد ظهور وجه التعجّب(٢) من حيث عدم التعرّض(٣) لما في الخبر أنّ الجواب من جهة قوله : إنّ أفعل التفضيل يقتضي المشاركة. لا يخلو من تأمّل ، لا لما ذكره بعض محقّقي المعاصرين سلّمه الله من أنّ اقتضاء اسم التفضيل المشاركة إنّما يقتضي كون الوقت الثاني وقتاً مفضولاً ، ويجوز أن تكون الصلاة في آخر الوقت لعذر أنقص فضلاً من الواقعة في أوّله(٤) . فإنّ هذا الكلام وإن كان لا يخلو من وجه ، إلاّ أنّه يمكن أن يقال عليه إنّ تفضيل أول الوقت للمختار على المضطرّ على الإطلاق لا يوافق الحكمة ، فإنّ من يتعذّر عليه فعل الصلاة في الأول لمرضٍ لا يمكن معه الفعل كيف يليق أن يقال : إنّ فعل الصحيح في الأولّ أكثر ثواباً ، والحال أنّه لا مشاركة في الأول للمريض ، والمشاركة في مجرّد الفضل من حيث إنّ الصلاة إذا صحّت لا تخلو من الفضل مسلّم ، إلاّ أنّ مقام التفضيل يقتضي نوع قدرة كما لا يخفى.

بل لأنّ الخبر يحتمل أن يراد فيه بكون أول الوقت أفضل بالنسبة إلى ثانية في الوقت الأوّل للمختار على تقدير القول به ، والوقت الأول من‌

__________________

(١) المختلف ٢ : ٣٢ بتفاوت يسير.

(٢) في « فض » : العجب.

(٣) في « رض » : التعريض.

(٤) البهائي في الحبل المتين : ١٣٥ بتفاوت يسير.

١٩١

الثاني للمعذور أفضل من ثانيه ، ويكون قوله : « وليس لأحد » إلى آخره ، بياناً للوقتين ( بالنسبة إلى المختار والمعذور. ويحتمل أن يكون المراد آخر الوقتين من كل من الوقتين ، بأنّ يراد بالأوّل أول الوقت )(١) وثانيه ما بعده ، فتكون الفضيلة في الأول والعذر في الثاني من الأول لعدم الفضيلة ، لكن الاحتمال الأول له وجه وجيه ، وبهذا يندفع قول العلاّمة بمشاركة الأفضليّة على الإطلاق.

فإن قلت : قد ورد في التيمّم حديث يقتضي أنّ من تيمّم في أرض لا ماء فيها لا يعود إلى الأرض التي توبق دينه(٢) ، مع أنّ التيمّم إذا صحّ كان فيه الثواب فكيف توبق الدين؟ وهل هذا إلاّ دليل على تحقّق الفضل مع الكراهة؟.

قلت : قد ذكر هذا بعض محقّقي المعاصرين سلّمه الله مؤيّداً لما قاله من احتمال المشاركة في الفضل وإن كان مفضولاً(٣) ، إلاّ أنّه ربما يقال : إنّ مفاد الخبر الذي نحن فيه مغاير لذاك(٤) ، لأنّ ذاك في مقام إمكان التحرّز ، وهذا الخبر مورده عام يتناول ما لا يمكن التحرّز فيه ، نعم يمكن أن يقال في دفع منافاة الحكمة(٥) : بأنّ ما دلّ على أفضليّة الصلاة مثلاً في الأماكن الشريفة متناول لمن لم يمكنه الوصول إليها ، إلاّ أن يقال : إنّ الأفضليّة فيها بالنسبة إلى الشخص ، على معنى أنّ من يتوصّل إليها صلاته‌

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في « رض ».

(٢) الكافي ٣ : ٦٧ / ١ ، التهذيب ١ : ١٩١ / ٥٥٣ ، الوسائل ٣ : ٣٥٥ أبواب التيمم ب ٩ ح ٩.

(٣) حبل المتين : ١٣٥.

(٤) في « فض » و « رض » : لذلك.

(٥) في « فض » و « رض » : الحكم.

١٩٢

فيها أفضل من صلاته في غيرها ، وفيه أنّه خلاف الظاهر من إطلاق التفضيل ، وبالجملة منافاة الحكمة(١) محلّ كلام ، فتأمّل.

وإذا عرفت هذا فاعلم أنّ الخبر الثاني كالأول بالنسبة إلى المعنى الذي احتملناه ، لكن جماعة من المتأخّرين قالوا : بأنّ الأوّل للفضيلة والثاني للإجزاء(٢) ، واختاره الوالدقدس‌سره (٣) وشيخناقدس‌سره (٤) لظاهر الخبرين وغيرهما ، مضافاً إلى بعض الاعتبارات مثل إطلاق الآية(٥) الدالّة على الامتداد للمعذور والمختار ، وفي خبر معتبر أنّ أوّل الوقتين أفضلهما ، واحتمال ما ذكرناه سابقاً فيه بعيد ، بل الظاهر منه أنّ الأوّل من الوقتين أفضل من الثاني لا من ثانيه.

وقد روى الشيخ فيما يأتي عن الحسين بن سعيد ، عن النضر وفضالة ، عن ابن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « لكل صلاة وقتان وأول الوقتين أفضلهما ، ووقت صلاة الفجر حين ينشقّ الفجر إلى أن يتجلّل الصبح السماء ، ولا ينبغي تأخير ذلك عمداً لأنّه(٦) وقت من شغل أو نسي أو سها أو نام ، ووقت المغرب حين تجبّ الشمس إلى أن تشتبك النجوم ، وليس لأحدٍ أن يجعل آخر الوقتين وقتاً إلاّ من عذر أو علّة »(٧) وهذا نحو ما قدّمناه من الخبر المعتبر في الدلالة.

__________________

(١) في « رض » : الحكم.

(٢) منهم المحقق في المعتبر ٢ : ٢٦ ، والعلاّمة في المختلف ٢ : ٣١.

(٣) منتقى الجمان ١ : ٤١١.

(٤) مدارك الأحكام ٣ : ٣٢.

(٥) الإسراء : ٧٨.

(٦) في المصدر : ولكنه.

(٧) الاستبصار ١ : ٢٧٦ / ١٠٠٣.

١٩٣

وفي نظري القاصر أنّه أوضح في الاحتجاج للشيخ من الخبر المبحوث عنه ؛ لأنّ الظاهر من آخره العود إلى الوقتين الأوّلين في الخبر ، ومن ثمّ ذكرته هنا ، وسيأتي إن شاء الله بقيّة القول فيه في محلّه ، والله تعالى أعلم بالحقائق.

قوله :

فأمّا ما رواه محمد بن عليّ بن محبوب ، عن محمد بن الحسين ، عن جعفر بن بشير ، عن أديم بن الحرّ قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : « إنّ جبرئيل أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالصلوات كلّها فجعل لكلّ صلاةٍ وقتين إلاّ المغرب ، فإنّه جعل لها وقتاً واحداً ».

عليّ بن مهزيار ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز ، عن زيد الشحّام قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن وقت المغرب فقال : « إنّ جبرئيلعليه‌السلام أتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لكلّ صلاةٍ بوقتين غير صلاة المغرب فإنّ وقتها واحد ، ووقتها وجوبها ».

فلا تنافي بين هذين الخبرين والخبرين الأوّلين ؛ لأنّ الوجه في الجمع بينهما أنّ وقت المغرب مضيَّق ليس بين أوّله وآخره من السعة مثل ما بين أوّل الوقت وآخره في سائر الصلوات على ما نبيّنه فيما بعد إن شاء الله ، ولم يرد أنّ لها وقتاً واحداً لا يجوز أن يتقدّم ولا يتأخّر(١) ، وليس لأحدٍ أن يقول في الجمع بين هذه الأخبار بأن يخص (٢) صلاة‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٢٤٥ / ٨٧٣ ولا أن يتأخر.

(٢) في « د » : تختص ، وفي « فض » : يختص ، وفي « رض » : تخصيص ، وما أثبتناه من الإستبصار ١ : ٢٤٥ / ٨٧٣.

١٩٤

المغرب من بين سائر الصلوات ويقول : إنّ لكلّ صلاةٍ وقتين إلاّ المغرب ؛ لأنّ هاهنا أخباراً مفصّلة أوردناها في كتابنا الكبير تتضمّن ذكر صلاة المغرب وأنّ لها وقتين أوّلاً وآخراً ، وربما ذكرنا منها شيئاً فيما بعد إن عرض ما يقتضي ذلك ، وإذا كان الأمر على ذلك لم يمكن هذا الوجه. ولم يسغ غير ما قلناه .

السند‌ :

في الأوّل : ليس فيه ارتياب ، نعم اتفق في الخلاصة أنّ العلاّمة قال في ترجمة أُديم بن الحُرّ : إنّه صاحبُ أبي عبد اللهعليه‌السلام يروي نيفاً وأربعين حديثاً عنهعليه‌السلام كوفيٌ ثقة(١) . والنجاشي قال : إنّه كوفي ثقة له أصل(٢) . ولم ينقل ما ذكره العلاّمة مع أنّه كثير التتبع له(٣) . وفي الكشي قال نصر بن الصباح : أبو الحرّ اسمه أُديم وهو حذّاء صاحب أبي عبد اللهعليه‌السلام يروي نيفاً وأربعين حديثاً عن أبي عبد اللهعليه‌السلام (٤) انتهى. ونصر بن الصباح ضعيف ، فالاعتماد على ما نقل لا وجه له ، ولعلّ العلاّمة نقل ذلك من غير الكشي.

والثاني : فيه حريز ، ولم نر من مشايخنا التوقف فيه وقد قدّمت فيه قولاً مجملاً(٥) غير أنّا نذكر هنا ما لا بدّ منه مفصّلاً ليكون زيادة فائدة :

والحاصل أنّ النجاشي ذكره من غير توثيق وقال : قيل : روى عن‌

__________________

(١) خلاصة العلاّمة : ٢٤ / ١٠.

(٢) رجال النجاشي : ١٠٦ / ٢٦٧.

(٣) كذا في النسخ ، ولعل المراد أنّ العلاّمة مع كثرة اتّباعه للنجاشي ذكر ما لم يذكره النجاشي.

(٤) رجال الكشي ٢ : ٦٣٦ / ٦٤٥.

(٥) راجع ص ٣٨.

١٩٥

أبي عبد اللهعليه‌السلام . وقال يونس : لم يسمع من أبي عبد الله إلاّ حديثين. وقيل : روى عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام . ولم يثبت ذاك ، وكان ممّن شهر السيف في قتال الخوارج بسجستان في حياة أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وروى : أنّه جفاه وحجبه عنه(١) . انتهى.

والشيخ في الفهرست قال : ابن عبد الله السجستاني ثقة(٢) .

وفي الخلاصة قال العلاّمة بعد نقل كلام النجاشي : وهذا لا يقتضي الطعن ؛ لعدم العلم بتعديل الراوي للجفاء ، وروى الكشي أنّ أبا عبد اللهعليه‌السلام حجبه عنه ، وفي طريقه محمّد بن عيسى وفيه قول ، مع أنّ الحجب لا يستلزم الجرح ؛ لعدم العلم بالسرّ فيه(٣) . انتهى.

والرواية التي حكاها عن الكشي رواها عن حمدويه ومحمّد قالا : حدّثنا محمد بن عيسى ، عن صفوان ، عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال : سأل أبو العباس فضل البقباق لحريز الإذن على أبي عبد اللهعليه‌السلام فلم يأذن له ، فعاوده فلم يأذن له فقال : أيّ شي‌ء للرجل أنّ يبلغ في عقوبة غلامه؟ قال : قال : « على قدر ذنوبه » قال : والله لقد عاقبت حريزاً بأعظم ممّا صنع قال : « ويحك إنّي فعلت ذلك أنّ حريزاً جرّد السيف ، ثمّ قال : « أمّا والله لو كان حذيفة بن منصور لما عاودني فيه بعد أنّ قلت : [ لا(٤) ] انتهى(٥) .

والطعن بمحمد بن عيسى غير ظاهر الوجه بعد ما قدّمنا فيه(٦) ،

__________________

(١) رجال النجاشي : ١٤٤ / ٣٧٥.

(٢) الفهرست : ٦٢ / ٢٣٩.

(٣) خلاصة العلاّمة : ٦٣ / ٤.

(٤) ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.

(٥) رجال الكشي ٢ : ٦٢٧ / ٦١٥.

(٦) راجع ص ٥٣.

١٩٦

والعجب أنّ العلاّمة في الخلاصة قال في ترجمة محمّد بن عيسى : والأقوى عندي قبول روايته(١) . ثمّ يتوقف هنا فيه.

وعبد الرحمن بن الحجّاج الراوي فيه نوع كلام أيضاً تقدّم(٢) ، فإن كان مجرّد القول يقتضي الطعن في الرواية ، فلا وجه للاقتصار على محمد ابن عيسى.

أمّا ما ذكره العلاّمة من أنّ الحجب لا يستلزم الجرح. فله وجه لو كان النجاشي وثّقه ، وأمّا توثيق الشيخ(٣) ففيه نوع تأمّل ، من جهة تثبّت النجاشي في هذه الموارد.

وربما يمكن أن يقال : إنّ الخبر وإن كان ظاهراً في القدح بسبب الذنب المصرّح به ، بل ربما قدح في أبي العباس أيضا لجرأته على الإمامعليه‌السلام ، إلاّ أنّ التوجيه في الرجلين ممكن ، أمّا في حريز فلاحتمال أن يكون الحجب تقيّةً عليه ، وإن كان ما فعله(٤) سائغاً في نفسه ، كما ورد في شأن زرارة ، وعدم إعلام الإمامعليه‌السلام بذلك لمصلحة هو أعلم بها. وأمّا من جهة أبي العباس فلاحتمال كون الإدلال أوجب ما قاله.

وقولهعليه‌السلام : « لو كان حذيفة » إلى آخره. قد وجّهه شيخنا أيّده الله في فوائد الرجال بوجه حسن يعلمه من راجعة.

أمّا ما نقله النجاشي عن يونس : من أنّ حريزاً لم يسمع من أبي عبد اللهعليه‌السلام إلاّ حديثين(٥) . فهو غريب ؛ لأنّ روايته عنه في كتب الحديث‌

__________________

(١) الخلاصة : ١٤٢.

(٢) في ص ٦٤٥ و ٧٣٣.

(٣) راجع ص ١٢٠٢.

(٤) في « فض » زيادة : من شهر السيف ، وهي في « د » مشطوبة.

(٥) رجال النجاشي : ١٤٤ / ٣٧٥.

١٩٧

أكثر من ذلك ، فقد روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام (١) عدم نجاسة الماء إلاّ بالتغيّر(٢) ، وروى في عقاب تارك الصلاة(٣) ، وفي أبواب الحج روى أيضاً بكثرة(٤) ، والظاهر أنّ الأصل في حكاية النجاشي ما رواه الكشّي ، عن محمد بن مسعود ، عن محمد بن نصير ، قال : حدّثني محمّد بن قيس ، عن يونس قال : لم يسمع حريز بن عبد الله عن أبي عبد اللهعليه‌السلام إلاّ حديثاً أو حديثين(٥) . والحال ما ترى.

المتن :

في الخبرين ما ذكره الشيخ ، فيه(٦) لا يخلو من وجه ، وقد ذكر شيخنا المحقّق أيّده الله في فوائد الكتاب أنّ محصّل كلام الشيخ حينئذ أنّه ليس بين أوّل وقت الفضيلة وآخره من المغرب من السعة مثل ما بين أوّل وقت الفضيلة وآخره من غيرها ، وهو كذلك كما سيأتي. انتهى.

ولا يخفى أنّ الأولى بيان الوقتين للمختار والمعذور ، لأنّه مذهب الشيخ.

ثمّ إنّ دلالة الروايتين على الوقت الواحد للمغرب وإن كان ظاهره على إرادة غير ما وجّهه الشيخ ، إلاّ أنّ باب التأويل يقتضي الدخول في خلاف الظاهر ، وللوالدقدس‌سره توجيه في المنتقى(٧) لكن لم يحضرني الآن عبارته ،

__________________

(١) في « فض » زيادة : في.

(٢) التهذيب ١ : ٢١٦ / ٦٢٥ ، الاستبصار ١ : ١٢ / ١٩.

(٣) الكافي ٣ : ٢٦٩ / ٧.

(٤) التهذيب ٥ : ٤٣ / ١٢٨.

(٥) رجال الكشي ٢ : ٦٨٠ / ٧١٦.

(٦) ليست في « رض ».

(٧) منتقى الجمان ١ : ٤١٠.

١٩٨

والمحصّل(١) احتمال أن يراد بالوقتين والوقت لمجي‌ء جبرئيل إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لما يأتي في بعض الأخبار أنّ جبرئيلعليه‌السلام أتى في أوّل وقت الظهر ثمّ أتى في الثاني ، وهكذا في العصر ، بخلاف المغرب فإنّه أتى في وقت واحد بالوقتين(٢) . وهذا التوجيه وإن قرّبه ذاك الخبر ، إلاّ أنّ سياق هذين الخبرين يأباه.

وربما يقال : إنّ المراد بالوقتين في هاتين الروايتين غير(٣) الوقتين المذكورين في غيرهما ، بل يراد بالوقتين في كلّ من الوقتين السابقين في الأخبار على ما بيّناه سابقاً ، والمعنى حينئذٍ أنّ كلاّ من الوقتين إمّا للفضيلة والإجزاء ، أو للمختار والمضطر له وقتان أوّل وثانٍ إلاّ المغرب ، فإنّ وقتها الأوّل لا أفضليّة لأوّله على ثانيه ، على معنى : أنّ وقت الفضيلة أو الاختيار ، الوجوب.

فإنّ قلت : لا ريب على تقدير الوقتين للمغرب ( في الامتداد )(٤) عن الوجوب ، فالثاني بالنسبة إلى الوجوب إن ساوى الأوّل لم يتحقق أنّ وقت الوجوب هو وقت الفضيلة والمختار فقط ، وإن لم يساوه تحقّقت المشاركة لغيرها من الصلوات.

قلت : لعلّ المراد في المغرب أنّ التحديد الواقع في الظهر من القدم ، والقدمين ، والسبحة ليس في المغرب ، وهكذا العصر ، والعشاء ، والصبح كما سيأتي في الأخبار(٥) ، وعلى هذا ففعل المغرب بعد أوّل وقت الوجوب لا يوصف بنحو ما يوصف غيرها بعد مضي المقادير ، وهذان الخبران حينئذ ربما يؤيّدان ما سبق منّا من بيان المعنى في قولهمعليهم‌السلام : وأوّل‌

__________________

(١) في « رض » : والحاصل.

(٢) راجع ص : ١٢٦٨.

(٣) في « د » : عين.

(٤) بدل ما بين القوسين في « فض » : من امتداد.

(٥) يأتي في ص ١٢١٧.

١٩٩

الوقت أفضله ، فليتأمّل.

أمّا ما أشار إليه الشيخ من الأخبار فسيأتي(١) إن شاء الله ، ونذكر ما لا بدّ منه فيها هذا ، والموجود في النسخة(٢) التي نقلت منها ما ترى من قوله : لأنّ الوجه في الجمع بينهما ، بإثبات الميم ، والظاهر حذفه ، لكن التوجيه ممكن على بعدٍ.

قوله :

باب أوّل وقت الظهر والعصر.

أخبرني أحمد بن عبدون ، عن أبي طالب الأنباري ، عن حميد ابن زياد ، عن الحسن بن محمّد بن سماعة قال : حدّثني محمّد بن أبي حمزة ، عن معاوية بن عمّار ، عن الصباح بن سيّابة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « إذا زالت الشمس دخل وقت الصلاتين ».

عنه ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن سفيان بن السمط ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « إذا زالت الشمس دخل وقت الصلاتين ».

عنه ، عن محمّد بن زياد ، عن منصور بن يونس ، عن العبد الصالحعليه‌السلام قال : سمعته يقول : « إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين ».

عنه ، عن محمّد بن أبي حمزة ، عن ابن مسكان ، عن مالك الجهني قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن وقت الظهر ، فقال : « إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين ».

__________________

(١) يأتي في ص ٢١٥.

(٢) في « رض » : النسخ.

٢٠٠