إستقصاء الإعتبار الجزء ٤

إستقصاء الإعتبار11%

إستقصاء الإعتبار مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف: متون حديثية
ISBN: 964-319-176-1
الصفحات: 532

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 532 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 41105 / تحميل: 5864
الحجم الحجم الحجم
إستقصاء الإعتبار

إستقصاء الإعتبار الجزء ٤

مؤلف:
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-١٧٦-١
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

والثاني : فيه محمد بن إسحاق بن عمّار ، وقد قال النجاشي : إنّه ثقة عين(١) . إلاّ أنّ العلاّمة نقل عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه أنّه قال : إنّه واقفي(٢) . والشيخ ذكره مهملاً في رجال الرضاعليه‌السلام من كتابه ، [ و(٣) ] في الفهرست(٤) .

المتن :

في الأول : ظاهر الدلالة على أنّ المقصورات ليس بعدها شي‌ء ، وهذا يتناول الوتيرة ، بل نقل عن ابن إدريس أنّه ادّعى الإجماع على سقوطها في السفر(٥) ، ويؤيّد هذا الخبر أخبار أُخر بمضمونه.

وينقل عن الشيخ في النهاية أنّه قال بجواز فعلها(٦) ، والصدوق روى عن الفضل بن شاذان عن الرضاعليه‌السلام قال : « إنّما صارت العشاء مقصورة وليس تترك ركعتاها لأنّها زيادة في الخمسين تطوّعاً ليتمّ بها بدل كل ركعة من الفريضة ركعتين من التطوّع »(٧) .

وقوّى(٨) الشهيد هذا القول على ما يحكى عنه قائلاً : إنّ هذا الخبر خاصّ ومعلّل ، وما تقدّم خال منهما ، إلاّ أن ينعقد الإجماع على خلافه(٩) انتهى.

__________________

(١) رجال النجاشي : ٣٦١ / ٩٦٨.

(٢) خلاصة العلامة : ١٥٨ / ١٢٣.

(٣) ما بين المعقوفين ليس في النسخ ، أضفناه لاستقامة العبارة.

(٤) رجال الطوسي : و ٣٨٨ / ٢٣ ، والفهرست : ١٤٩ / ٦٣١ و ١٥٣ / ٦٦٧.

(٥) السرائر ١ : ١٩٤.

(٦) النهاية : ٥٧.

(٧) الفقيه ١ : ٢٩٠ / ١٣٢٠ ، الوسائل ٤ : ٩٥ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ٢٩ ح ٣ بتفاوت يسير.

(٨) في « رض » : وبه قوّى.

(٩) الذكرى : ١١٣.

٢١

ولا يخفى أنّ طريق الخبر وإن كان فيه عبد الواحد بن عبدوس ، وعلي بن محمد بن قتيبة ، وهما غير موثّقين إلاّ أنّ رواية الصدوق لها مزية ظاهرة كما كرّرنا القول فيه ، على أنّ شيخنا أيّده الله في كتاب الرجال ذكر أنّ علي بن محمد بن قتيبة معتمد(١) ، وذكر أنّ الشيخ في الفهرست ذكر طريقاً إلى الفضل عن محمد بن علي بن الحسين(٢) . فيكون للصدوق طريق آخر معتبر ، وإن كان في هذا نوع كلام ذكرناه في محلّه.

مضافاً إلى أنّ في طريق الفهرست : علي بن محمد القتيبي ، والاعتماد عليه محلّ تأمّل ؛ لأنّ الذي في النجاشي(٣) أنّ الكشي اعتمد عليه ، ومثل هذا غير خفيّ الحال ، إلاّ أنّ فيه تأييداً لرواية الصدوق.

ولا يخفى أنّ الأخبار الدالّة على أنّه ليس قبل المقصورة ولا بعدها شي‌ء ظاهرة في نفي الراتبة ، وقد أسلفنا(٤) أنّ في بعض الأخبار ما يدل على أنّها ليست من الراتبة ، وظاهر خبر الفضل قد يعطي ذلك أيضاً ؛ لأنّ قوله : « زيادة في الخمسين تطوعاً » لا يثمر فائدة إلاّ بهذا المعنى ، ولولاه لكانت(٥) النوافل كلّها باقية في السفر إلاّ بتوجيه لا يخلو من إشكال ، لكن بعد دعوى الإجماع يشكل الحال ، وإن كان في الحقيقة مثل هذا الإجماع محل كلام بعد ذكر الصدوق الرواية(٦) وقول الشيخ في النهاية(٧) .

__________________

(١) منهج المقال : ٢٣٨.

(٢) الفهرست : ١٢٤ / ٥٥٢.

(٣) رجال النجاشي : ٢٥٩ / ٦٧٨.

(٤) في ص ١٠٦٣.

(٥) في « رض » : كانت.

(٦) المتقدمة في ص ١٠٦٩.

(٧) النهاية : ٥٧ ، وقد تقدم في ص ١٠٦٩.

٢٢

وأمّا الثاني : فذكر الشيخ له في هذا المقام كأنّه بسبب أنّ الخبر الأوّل دلّ على أنّ المغرب ثلاث ، ومفاد الثاني عدم القضاء مع عدم فعلها ثلاثاً ، وأنت خبير بأنّ الخبر الثاني مفاده عدم القضاء ، والقضاء عند المحققين إنّما هو بأمر جديد ، فلو فرض أنّ فعل المغرب على الوجه المذكور باطل لا مانع من عدم وجوب القضاء إلاّ ما ذكره الشيخ من الإجماع ، وعلى هذا فكان الأولى أن يذكر في قضاء الصلوات ، والأمر سهل.

وفي فوائد شيخنا أيّده الله على الكتاب ما هذا لفظه : ربما احتمل أن يكون السؤال بعد أن توفّت على هذا الاعتقاد ولم يظهر لها في حياتها غير ذلك ، أو أنّها كانت على مذهب مخالف الحق فلا يقبل القضاء منها ومع الإيمان يسقط. انتهى فليتأملّ.

قوله :

باب نوافل الصلاة في السفر بالنهار.

أخبرني الشيخرحمه‌الله عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب وعلي ابن الحكم جميعاً ، عن أبي يحيى الخيّاط(١) قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن صلاة النافلة بالنهار في السفر ، فقال : « يا بنيّ لو صلحت(٢) النافلة في السفر تمّت الفريضة ».

وبهذا الاسناد عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن أشيم ، عن صفوان بن يحيى قال : سألت الرضاعليه‌السلام عن التطوّع بالنهار‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٢٢١ / ٧٨٠ : الحناط.

(٢) الإستبصار ١ : ٢٢١ / ٧٨٠ في « د » : صليت ، وفي نسخة : لو صلّى.

٢٣

وأنا في السفر ، قال : « لا ، ولكن تقضي صلاة الليل بالنهار وأنت ( في السفر )(١) » فقلت : جعلت فداك صلاة النهار التي أُصلّيها في الحضر أقضيها بالنهار في السفر؟ فقال : « أمّا أنا فلا أقضيها ».

وأمّا ما رواه الحسين بن سعيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن معاوية بن عمّار قال ، قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : أقضي صلاة النهار بالليل في السفر ( قال : « نعم » فقال له )(٢) إسماعيل بن جابر : أقضي صلاة النهار بالليل في السفر؟ فقال : « لا » فقال : إنّك قلت نعم ، فقال : « إنّ ذلك يطيق وأنت لا تطيق ».

وما رواه الحسن بن محبوب ، عن حنّان بن سدير ، عن سدير قال : قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « كان أبي يقضي في السفر نوافل النهار بالليل ولا يتم صلاة فريضة ».

فالوجه في هذين الخبرين أحد شيئين ، أحدهما : أن يكون محمولاً على رفع الحرج لمن يصلّي بالليل ما فاته بالنهار ، وإن لم يكن ذلك مستحبّاً ، يدل على ذلك :

ما رواه الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن الحسين بن عثمان ، عن ابن مسكان ، عن عمر بن حنظلة قال ، قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : جعلت فداك إنّي سألتك عن قضاء صلاة النهار بالليل في السفر ، فقلت : لا تقضيها ، وسألك أصحابنا ، فقلت : اقضوا ، فقال لي : « أفأقول لهم : لا تصلّوا ، وإني أكره أن أقول لهم لا تصلّوا ، والله ما ذاك عليهم ».

__________________

(١) في « د » : بالسفر.

(٢) في الاستبصار ١ : ٢٢١ / ٧٨٢ بدل ما بين القوسين : فقال له : نعم قال

٢٤

والوجه الآخر أن يكون الخبران توجّها إلى من فاتته صلاة النوافل في الحضر بأن يكون قد دخل عليه وقتها قبل أن يخرج ولم يصلّها فكان عليه قضاؤها فيما بعد ، يدل على ذلك :

ما رواه أحمد بن الحسن بن علي بن فضال ، عن عمرو(١) بن سعيد ، عن مصدّق بن صدقة ، عن عمّار بن موسى ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سئل عن الرجل إذا زالت الشمس وهو في منزله ثم يخرج في سفر قال : « يبدأ بالزوال فيصلّيها ثم يصلّي الاولى بتقصير ركعتين ، لأنّه خرج من منزله قبل أن تحضر الاولى » وسئل فإن خرج بعد ما حضرت الاولى ، قال : « يصلّي الأُولى أربع ركعات ، ثم يصلّي بعد النوافل ثمان ركعات ، لأنّه خرج من منزله بعد ما حضرت الأُولى ، فإذا حضرت العصر صلّى العصر بتقصير وهي ركعتان ، لأنّه خرج في السفر قبل أن يحضر العصر ».

السند‌ :

في الأول : فيه أبو يحيى الخيّاط وهو مذكور في النجاشي(٢) والفهرست مهملاً(٣) ، وفي الفهرست أنّ الراوي عنه الحسن بن محبوب(٤) .

والثاني : فيه علي بن أشيم وهو علي بن أحمد بن أشيم ، وقد قال‌

__________________

(١) في « رض » : عمر.

(٢) رجال النجاشي : ٤٥٦ / ١٢٣٦ وفيه : أبو يحيى الحناط.

(٣) الفهرست : ١٨٩ / ٨٤٥ وفيه : أبو يحيى الحناط.

(٤) الفهرست : ١٨٩ / ٨٤٥.

٢٥

الشيخ في رجال الرضاعليه‌السلام من كتابه : إنّه مجهول(١) . والعلاّمة ذكر ذلك ، وزاد أن أشيم بفتح الهمزة وسكون الشين المعجمة وفتح الياء المثناة تحت(٢) . وابن داود ضبطه بغير هذا(٣) ، والأمر سهل.

والثالث : لا ارتياب فيه.

والرابع : فيه حنان ، وقد تقدّم(٤) عن قريب ، وسدير فيه كلام ، والمرجع إلى عدم ثبوت ما يعتدّ به في شأنه.

والخامس : فيه عمر بن حنظلة ولم نعلم من حاله ما يفيد توثيقاً ولا مدحاً يعتدّ به ، وما قاله جدّيقدس‌سره في الدراية : من أنّ الأصحاب لم ينصّوا عليه بتوثيق ولا مدح وأنّه عرف توثيقه(٥) . هو أعلم بمأخذه ، وقد رأينا له في أوائل الخلاصة أنّ وجه توثيق عمر بن حنظلة قولهعليه‌السلام في حديث في المواقيت : « إنّه يعني عمر بن حنظلة لا يكذب علينا » وهذا الحديث ضعيف ، وعلى تقدير الصحة فالتوثيق أمر آخر.

ووجدت له في الروضة حاشية على عمر بن حنظلة حاصلها : أنّ التوثيق من الخبر ، ثم ضرب على ذلك وجعل عوضها لفظ : من محلّ آخر. والظاهر من هذا أنّ الخبر ليس هو المأخذ ، وذلك غير بعيد ؛ لأنّ هذا أمر لا يختلج في بال آحاد الناس فكيف مثله ، وما كتبه في الخلاصة كأنه في أول الأمر.

والسادس : فيه أنّ الطريق إلى أحمد بن الحسن غير مذكور في‌

__________________

(١) رجال الطوسي : ٣٨٢ / ٢٦.

(٢) خلاصة العلامة : ٢٣٢ / ٥.

(٣) رجال ابن داود : ٢٥٩ / ٣٢٩.

(٤) في ص ١٠٦٢.

(٥) الدراية : ٤٤.

٢٦

المشيخة ، وأحمد ومن معه قد تكرّر القول فيهم.

المتن :

في الأول : ظاهر في نفي النوافل المرتّبة في السفر نهاراً.

والثاني : كذلك ، وما تضمّنه من جواز قضاء صلاة الليل محتمل لأن يراد به صلاة الليل المعلومة ، واحتمال ما يتناول نافلة المغرب ممكن على بُعدٍ ، وربما يقرب احتمال صلاة الليل لما فات حضراً أيضاً.

أمّا قوله : صلاة النهار ، إلى آخره. فهو محتمل احتمالاً ظاهراً لأنّ يراد قضاء ما فاته حضراً من نوافل النهار ، ويحتمل على بُعدٍ أن يراد بالقضاء الفعل ويراد بالتي يصلّيها في الحضر النوافل الراتبة.

والجواب على الأوّل يفيد عدم فعلهعليه‌السلام للقضاء ، وهو إمّا للمرجوحيّة كما يستفاد من جوهر اللفظ ، وإمّا للمنع مطلقا فلا يكون مشروعاً ، وفيه ما لا يخفى ، وربما يؤيّد الاحتمال الثاني ما في الخبر الأوّل من ظاهر السؤال ، ولا يخفى عليك الحال.

وأمّا الثالث : فربما كان فيه دلالة على مشروعية قضاء صلاة النهار ليلاً في السفر ، ولو حمل على قضاء صلاة النهار الفائتة في الحضر كان خلاف الظاهر.

والرابع : فيه تأييد لما قلناه في الثالث ، وما قاله الشيخ : من رفع الحرج وإن لم يكن مستحباً. لا يخلو من غرابة ؛ فإنّ العبادة كيف تكون غير مستحبّة ولا واجبة.

وما قاله شيخناقدس‌سره في فوائد الكتاب : من أنّه كان الأولى أن يقول : وإن لم يتأكّد استحبابه. لا يخلو من وجه ، إلاّ أنّ ظاهر خبر سُدير الاستمرار‌

٢٧

من الإمامعليه‌السلام على القضاء ، فلو لم يكن مؤكّداً ما وقع ذلك إلاّ بنوع من التوجيه مكلف(١) .

وما ذكره الشيخ من الخبر الدال على مدّعاه فيه دلالة على أن العبادة سائغة بقصد القضاء ، وإذا ساغت كانت مستحبة ، لكن قولهعليه‌السلام : « والله ما ذاك عليهم » مجمل المرام(٢) ، والظاهر منه ما ذاك عليهم بموظّف ، وذلك ينافي الاستحباب ، ولو حمل على أنّ ما ذاك عليهم بموظّف مؤكّداً لكان الجواب منهعليه‌السلام بهذا النحو ، وليس كذلك.

وأمّا الوجه الآخر فهو من الغرابة بمكان ؛ لأنّ الكلام في قضاء نوافل النهار بالليل ؛ وأين هذا من مدلول الخبر؟ كما يعلم بأيسر نظر.

وفي كلام بعض المتأخّرين ما يعطي احتمال كون ترك النافلة في السفر رخصة لا عزيمة(٣) . ولا يخلو من وجه ، وربما حمل على التقيّة ما دلّ على الفعل ، وقد ذكرنا في حاشية التهذيب كلاماً على ما وجّه به الشيخ الأخبار هناك ، فمن أراده وقف عليه.

قوله :

باب مقدار المسافة التي يجب فيها التقصير.

أخبرني الحسين بن عبيد الله ، عن أحمد بن محمد بن يحيى ( عن أبيه ) (٤) عن محمد بن علي بن محبوب ، عن أحمد بن محمد ، عن‌

__________________

(١) ليست في « رض » ، وفي « فض » : متكلّف.

(٢) في « رض » : الأمر.

(٣) مجمع الفائدة والبرهان ٢ : ٨.

(٤) ما بين القوسين ليس في « رض ».

٢٨

الحسين ، عن الحسن ، عن زرعة ، عن سماعة قال : سألته عن المسافر في كم يقصّر الصلاة؟ فقال : « في مسيرة يوم ، وذلك بريدان ، وهما ثمانية فراسخ ، ومن سافر قصّر الصلاة وأفطر إلاّ أن يكون رجلاً مشيّعاً لسلطان جائر ، أو خرج إلى صيد ، أو إلى قرية له ( يكون مسيره )(١) يوم يبيت إلى أهله لا يقصّر ولا يفطر »(٢) .

وأخبرني الشيخرحمه‌الله عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن الصفّار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن عبد الله بن يحيى الكاهلي قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول في التقصير في الصلاة قال : « بريد في بريد أربع وعشرون ميلا ».

أخبرني أحمد بن عبدون ، عن علي بن محمد بن الزبير ، عن علي بن الحسن بن فضال ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن صفوان بن يحيى ، عن عيص بن القاسم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « في التقصير حدّه أربعة وعشرون ميلاً ».

الحسين بن سعيد ، عن النضر ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي بصير قال ، قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : في كم يقصر الرجل؟ قال : « في بياض يوم (٣) وبريدين ».

السند‌ :

في الأول : موثّق على ما قدّمناه(٤) ، والحسين هو ابن سعيد والحسن‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٢٢٢ / ٧٨٦ : تكون مسيرة.

(٢) في « د » : يفطره.

(٣) ليست في « د ».

(٤) راجع ص ١٢٤ و ٧٨.

٢٩

أخوه ، لأنّ الحسين يروي عن زرعة بواسطة أخيه.

والثاني : فيه عبد الله بن يحيى الكاهلي وقد قدّمنا أيضاً القول فيه(١) ، وأن(٢) النجاشي قال : إنّه(٣) كان وجهاً عند أبي الحسنعليه‌السلام (٤) ، والرجال الباقون معروفو الحال أيضاً بما أسلفناه.

والثالث : كذلك.

والرابع : فيه أبو بصير.

المتن :

في الأول : يدل على أنّ التقصير في مسيرة يوم وذلك بريدان ، وهو يقتضي بظاهره أن يكون مسيرة اليوم يشترط فيه البريدان ، والذي عليه الأصحاب الذين رأينا كلامهم اعتبار أحد الأمرين ، والرواية الأخيرة(٥) صريحة فيه ، وكذلك(٦) في صحيحتي أبي أيوب وابن يقطين ، ويمكن أن يحمل قوله : « وذلك بريدان » على ما يوافق ما ذكرناه ، بأن تكون الإشارة إلى أنّ التقصير في مسيرة يوم هو التقصير في البريدين ، بمعنى أنّهما واحد في سبب وجوب التقصير.

وما ذكره بعض الأصحاب من أنّ المسافة لو اعتبرت بهما واختلفا فهل يعتبر التقدير ( بأحدهما ، أو تقدّم المسير لأنّه أضبط؟ قد يظن من‌

__________________

(١) راجع ص ٨٢٠.

(٢) ليست في « رض ».

(٣) ليست في « د ».

(٤) رجال النجاشي : ٢٢١ / ٥٨٠.

(٥) في « رض » : الأُخرى.

(٦) في « رض » زيادة : ما يأتي.

٣٠

هذه الرواية لو صلحت للاعتماد نوع دلالة على ترجيح التقدير )(١) على السير ، كما ينقل عن الشهيدرحمه‌الله في الذكرى أنّ كلامه يلوح منه ترجيح التقدير(٢) ، وربما وجّه ما احتمله بأنّ التقدير تحقيق لا تقريب ، لكن لا يخفى أنّ الرواية بظاهرها تفيد لزوم اعتبار التقدير.

والمذكور في كلام من ذكرناه أنّه لو اعتبرت المسافة بهما واختلف ، وحينئذ فالخبر في جهة أُخرى كما لا يخفى.

ثم إنّ مسير اليوم قيل : إنّ المراد به يوم الصوم(٣) ، كما يدل عليه الخبر الرابع وخبر أبي أيوب الآتي ، حيث قالعليه‌السلام فيهما : « بياض يوم »(٤) واعتبر المحقق(٥) والعلاّمة(٦) مسير الإبل السير العام ، وربما كان الوجه فيه أنّه الغالب فيحمل عليه الإطلاق.

وفي رواية للكاهلي معدودة من الحسن عن الصادقعليه‌السلام قال : « كان أبي يقول : لم يوضع التقصير على البغلة السفواء والدابّة الناجية وإنّما وضع على سير القطار »(٧) وفي الصحاح : بغلة سفواء بالسين المهملة : سريعة(٨) ، والناجية : الناقة السريعة(٩) .

وفي رواية لعبد الرحمن بن الحجاج قلت له : في كم أدنى ما يقصر‌

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في « رض ».

(٢) حكاه عنه في المدارك ٤ : ٤٣٢ ، وهو في الذكرى : ٢٥٧.

(٣) قال به صاحب المدارك ٤ : ٤٣٠.

(٤) الاستبصار ١ : ٢٢٥ / ٨٠٢.

(٥) المعتبر ٢ : ٤٦٧.

(٦) التذكرة ٤ : ٣٧١.

(٧) الفقيه ١ : ٢٧٩ / ١٢٦٩ ، الوسائل ٨ : ٤٥٢ أبواب صلاة المسافر ب ١ ح ٣.

(٨) الصحاح ٦ : ٢٣٧٨ ( سفى ).

(٩) الصحاح ٦ : ٢٥٠١ ( نجا ).

٣١

فيه الصلاة؟ فقال : « جرت السنة ببياض(١) يوم » فقلت له : إنّ بياض اليوم يختلف فيسير الرجل خمسة عشر فرسخاً في يوم ويسير الآخر أربعة فراسخ خمسة فراسخ في يوم ، فقال : « أمّا إنّه ليس إلى ذلك ينظر ، أما رأيت سير هذه الأثقال من مكة والمدينة؟ » ثم أومأ بيده إلى أربعة وعشرين ميلاً تكون ثمانية فراسخ(٢) .

وهذه الرواية كما ترى لها دلالة على نحو المبحوث عنها ، والتوجيه فيها لو صحّت ممكن.

وقد اعتبر جدّيقدس‌سره اعتدال الوقت والمكان والسير(٣) ، والنصوص المعتبرة مطلقة بالنسبة إلى المكان ، نعم ربما كان في رواية ابن الحجاج نوع إيماء.

وما تضمنه الرواية المبحوث عنها من قولهعليه‌السلام : « ومن سافر قصّر الصلاة وأفطر » لا بدّ من تخصيصه بالنسبة إلى الصوم إذا خرج بعد الزوال ، على القول به ، بل وعلى قول آخر أيضاً كما يأتي تفصيله إن شاء الله تعالى في الصوم.

وما ذكر فيه من تشييع السلطان الجائر ظاهره الإطلاق ، فيشمل من اضطر إلى ذلك وغيره ، إلاّ أنّ في بعض الأخبار في الفقيه عن عمّار بن مروان وهو صحيح عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : سمعته يقول : « من سافر قصّر وأفطر ، إلاّ أن يكون رجلاً سفره إلى صيد ، أو في معصية الله ، أو‌

__________________

(١) في النسخ : بياض ، وما أثبتناه من التهذيب ٤ : ٢٢٢ / ٦٤٩.

(٢) التهذيب ٤ : ٢٢٢ / ٦٤٩ بتفاوت ، الوسائل ٨ : ٤٥٥ أبواب صلاة المسافر ب ١ ح ١٥.

(٣) الروضة البهية ١ : ٣٦٩.

٣٢

رسولاً لمن يعصي الله » الحديث(١) . ولعل من يعمل بالموثق يقيّد الخبر المبحوث عنه بهذا الخبر.

وما تضمنه من إطلاق السفر إلى الصيد ( سيأتي الكلام فيه في بابه إن شاء الله ، غير أنّا نذكر هنا ما لا بدّ منه فنقول : إنّ الخبر مقيّد بغير الصيد للقوت على ما رأيناه ، من غير فرق بين الواجب وغيره عند الأصحاب )(٢) له وللعيال.

أمّا لو كان للتجارة ففيه خلاف ، والمنقول عن السيّد المرتضى إلحاقه بالصيد للقوت للإباحة(٣) . بل قيل : إنّه قد يكون راجحاً(٤) . وينقل عن الشيخ القول بأنّه يقصر صومه ويتم صلاته(٥) ، وتبعه(٦) على ذلك بعض(٧) .

وفي المعتبر : نحن نطالبه بدلالة الفرق ، ونقول : إن كان مباحاً قصّر فيهما ، وإن لم يكن أتمّ فيهما(٨) .

واختار شيخناقدس‌سره قول المرتضى بمساواة الصوم للصلاة(٩) ، واستدل بالإباحة وبصحيح معاوية بن وهب عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « إذا قصّرت‌

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٩٢ / ٤٠٩ ، الوسائل ٨ : ٤٧٦ أبواب صلاة المسافر ب ٨ ح ٣.

(٢) ما بين القوسين في « رض » هكذا : له ولعياله مقيّد بغير الصيد للقوت على ما رأيناه من غير فرق بين الوجوب وغيره سيأتي الكلام فيه في بابه إن شاء الله ، غير أنا نذكر هنا ما لا بد منه فنقول : إن الخبر عند الأصحاب.

(٣) حكاه عنه في إيضاح الفوائد ١ : ١٦٣ ، والمدارك ٤ : ٤٤٨.

(٤) كما في مدارك الأحكام ٤ : ٤٤٨.

(٥) المبسوط ١ : ١٣٦ ، والنهاية : ١٢٢.

(٦) ليست في « د ».

(٧) كابن إدريس في السرائر ١ : ٣٢٧.

(٨) المعتبر ٢ : ٤٧١.

(٩) مدارك الاحكام ٤ : ٤٤٨.

٣٣

أفطرت ، وإذا أفطرت قصّرت »(١) .

وفي نظري القاصر إمكان أن يقال : إنّ الإباحة محلّ تأمّل ؛ لأنّ صحيح عمّار بن مروان المتقدّم تضمن جعل الصيد قسيماً للمعصية ، والظاهر من ذلك أنّ الصيد وإن كان مباحاً لا تقصير فيه ، وحينئذ كون الإباحة تقتضي التقصير إن كان بالإجماع أمكن تقييد الخبر ، لكن الخلاف في صيد التجارة موجود ، إلاّ أن يقال : إنّ القائل بعدم القصر مطلقاً غير موجود ، بل الشيخ قائل بالتفصيل.

وقد ذكر العلاّمة في المختلف استدلال الشيخ على التفصيل بأخبار(٢) لا تفيد ما قاله الشيخ إلاّ بتكلّف مستغنى عنه بضعف الأخبار عند من لا يعمل بالموثّق.

وما تضمّنه الخبر من قوله : « أو إلى قرية له » إلى آخره. يراد به أنّ القرية لو كان إذا سافر إليها رجع ليلته إلى أهله لا يقصّر ولا يفطر على ما هو الظاهر من العبارة ، وحينئذ لا يبعد دلالتها على أنّ مريد الرجوع من الأربعة فراسخ لا يتعيّن عليه التقصير ، كما قاله البعض(٣) ، بل دلالتها على أنّ من رجع كذلك.

والظاهر من قوله : « يبيت إلى أهله » رجوعه قبل الليل ، لكن لا يخفى أنّ تقييدها بغير الثمانية فراسخ لا بدّ منه ، وغير بعيد اختصاصها بمسير اليوم ذهاباً وإياباً من غير نظر إلى المقدار سواء(٤) كان ثمانية أو أربعة ، وحينئذ‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٨٠ / ١٢٧٠ ، التهذيب ٣ : ٢٢٠ / ٥٥١.

(٢) المختلف ٢ : ٥٢٤.

(٣) المختلف ٢ : ٥٢٦.

(٤) في « رض » : وسواء.

٣٤

فيها دلالة على أنّ بياض اليوم يعتبر ذهاباً فقط ، فليتأمّل.

وأمّا الثاني : فظاهر في أنّ المسافة أربعة وعشرون ميلاً ، فيكون الفرسخ ثلاثة أميال. وكذلك الثالث.

وقد ذكر شيخناقدس‌سره اتفاق العلماء على أنّ الفرسخ ثلاثة أميال ، وأمّا الميل فلم نقف في الأخبار على تقديره ، سوى ما رواه الصدوق مرسلاً عن الصادقعليه‌السلام أنّه ألف وخمسمائة ذراع(١) ، وهو متروك بين المعروفين من الأصحاب ، بل ادّعى عليه الإجماع ، وذكر من رأينا كلامه من الأصحاب أنّ الميل أربعة آلاف ذراع ، والذراع أربعة وعشرون إصبعا(٢) .

وفي المنتهى أنّه المشهور(٣) ، وروى أنّه ثلاثة آلاف وخمسمائة ، والرواية في الكافي(٤) على ما ذكره بعض المتأخّرين(٥) ، وسيأتي كلام أهل اللغة(٦) .

وقدّر بعض الأصحاب الإصبع بسبع شعيرات عرضا(٧) وقيل : ستّ(٨) . والشعير من أوسطه ، وقدّرت بسبع شعرات من شعر البِرذَوْن(٩) . وقال جدّيقدس‌سره : إنّ الشعيرات يعتبر متلاصقات بالسطح الأكبر(١٠) .

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٨٦ / ١٣٠٣ ، الوسائل ٨ : ٤٦١ أبواب صلاة المسافر ب ٢ ح ١٦.

(٢) مدارك الاحكام ٤ : ٤٢٩ ، بتفاوت.

(٣) المنتهى ١ : ٣٩٠.

(٤) الكافي ٣ : ٤٣٢ / ٣.

(٥) مجمع الفائدة ٣ : ٣٦٦.

(٦) في ص ١٠٨٠.

(٧) كالأردبيلي في مجمع الفائدة ٣ : ٣٦٦.

(٨) نقله في الذكرى ص ٢٥٩ ومجمع الفائدة ٣ : ٢٦٦ وروض الجنان ٣٨٣.

(٩) قال به الأردبيلي في مجمع الفائدة ٣ : ٣٦٦.

(١٠) روض الجنان : ٣٨٣.

٣٥

وما تضمّنه الخبر الرابع قد قدّمنا الكلام فيه(١) بما يغني عن الإعادة.

اللغة‌ :

قال في الصحاح : الميل منتهى مدّ البصر من الأرض(٢) .

وفي القاموس : الميل قدر مدّ البصر ، ومنار ( يُبنى للمسافر )(٣) ، ومسافة من الأرض متراخية بلا حدٍّ ، أو مائة ألف إصبع إلاّ أربعة آلاف إصبع(٤) . وفي القاموس : البريد : الرسول ، وفرسخان ، و(٥) واثنى عشر ميلا(٦) . وفي المعتبر استدل على مقدار الميل بأنّ المسافة تعتبر بمسير اليوم ، وهو مناسب لذلك ، وكذا الوضع اللغوي وهو مدّ البصر من الأرض(٧) . وفي الشرائع يظهر منه التوقف لأنّه قال : والميل أربعة آلاف ذراع بذراع اليد الذي طوله أربعة(٨) وعشرون إصبعاً تعويلاً على المشهور بين الناس ، أو مدّ البصر من الأرض(٩) . والله تعالى أعلم بالأُمور.

قوله :

فأمّا ما رواه علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن‌

__________________

(١) راجع ص ١٠٧٦.

(٢) الصحاح ٥ : ١٨٢٣ ( ميل ).

(٣) بدل ما بين القوسين في النسخ : ينبئ المسافر ، وما أثبتناه من المصدر.

(٤) القاموس المحيط ٤ : ٥٤ ( مال ).

(٥) في القاموس : أو.

(٦) القاموس المحيط ١ : ٢٨٧ ( البرد ).

(٧) المعتبر ٢ : ٤٦٥.

(٨) في الشرائع : أربع.

(٩) الشرائع ١ : ١٣٢.

٣٦

جميل ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : « التقصير في بريد ، والبريد أربعة فراسخ ».

وعنه ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي(١) أيوب قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : أدنى ما يقصّر فيه المسافر؟ فقال : « بريد ».

فلا تنافي بين هذين الخبرين والخبرين الأوّلين ؛ لأنّ الوجه فيهما أنّ المسافر إذا أراد الرجوع من يومه وجب عليه التقصير في أربعة فراسخ.

والذي يدل على ذلك :

ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة عن معاوية بن وهب قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : أدنى ما يقصّر فيه الصلاة؟ فقال : « بريد ذاهباً وبريد جائياً ».

على أنّ الذي أقوله في ذلك : إنّه يجب التقصير إذا كانت المسافة ثمانية فراسخ ، وإذا كان أربعة كان بالخيار في ذلك إن شاء أتمّ وإن شاء قصّر.

والذي يدل على ذلك ـ أعني جواز التقصير في أربعة فراسخ ـ : ما رواه أحمد بن محمد ، عن ( محمد بن أبي عمير ، عن عبد الله ابن بكير قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن القادسية أخرج إليها أُتِمّ أم أُقصّر؟ )(٢) قال : « وكم هي؟ » قلت : هي التي رأيت ، قال : « قصّر ».

سعد ، عن أحمد ، عن الحسين ، عن فضالة ، عن حمّاد بن عثمان ، عن أبي أُسامة زيد الشحّام قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٢٢٣ / ٧٩١ لا يوجد : أبي.

(٢) ما بين القوسين ساقط من « رض ».

٣٧

« يقصّر الرجل الصلاة في مسيرة اثني عشر ميلاً ».

عنه ، عن أبي جعفر ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن معاوية ابن عمّار قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام في كم أُقصّر الصلاة؟ فقال : « في بريد ، ألا ترى أهل مكّة إذا خرجوا إلى عرفات كان عليهم التقصير ».

عنه ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن جعفر بن بشير ، عن حمّاد بن عثمان ، عن محمّد بن النعمان ، عن إسماعيل بن الفضل قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن التقصير؟ فقال : « في أربعة فراسخ ».

عنه ، عن محمد بن الحسين ، عن معاوية بن حكيم ، عن أبي مالك الحضرمي ، عن أبي الجارود قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام في كم التقصير؟ قال : « في بريد ».

وعنه ، عن محمد بن الحسين ، عن معاوية بن حكيم ، عن سليمان بن محمد الخثعمي ، عن إسحاق بن عمّار قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : في كم التقصير؟ قال : « في بريد ، ويحهم كأنّهم لم يحجّوا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقصّروا ».

عنه ، عن أبي جعفر ، عن الحسن بن علي بن يقطين ، عن أخيه الحسين ، عن أبيه علي بن يقطين قال : سألت أبا الحسن(١) عليه‌السلام عن الرجل يخرج في سفره (٢) وهو مسيرة يوم قال : « يجب عليه التقصير إذا كان مسيرة يوم وإن كان يدور في عمله ».

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٢٢٥ / ٧٩٩ يوجد : الأول.

(٢) في الاستبصار ١ : ٢٢٥ / ٧٩٩ : السفر.

٣٨

السند‌

في الأول : حسن. وكذا الثاني. والثالث صحيح.

والرابع : فيه ابن بكير وقد قدّمنا القول فيه(١) بأنّه فطحي على قول الشيخ(٢) .

والخامس : صحيح ، والحسين فيه ابن سعيد.

والسادس : موثّق بالحسن بن علي بن فضال ، وإن كان فيه ما فيه كما يعلم من ملاحظة الرجال(٣) .

والسابع : فيه محمد بن النعمان ولا يبعد أن يكون الأحول مؤمن الطاق الثقة ، إلاّ أنّ غيره في حيّز الإمكان ، إمّا إسماعيل ابن الفضل فهو ابن يعقوب الثقة الجليل.

والثامن : فيه معاوية بن حكيم وقد تقدّم القول فيه(٤) بأنه فطحي على قول الكشي(٥) ، وأبو مالك الحضرمي اسمه الضحّاك ثقة في النجاشي(٦) .

والتاسع : فيه مع معاوية بن حكيم سليمان بن محمّد الخثعمي ، وهو مجهول الحال غير مذكور فيما وجدت من كتب الرجال.

__________________

(١) راجع ص ٨٩.

(٢) الفهرست : ١٠٦ / ٤٥٢.

(٣) راجع رجال الكشي ٢ : ٨٠١ / ٩٩٣ ، ورجال النجاشي : ٣٤ / ٧٢ ، والفهرست : ٤٧ / ١٥٣.

(٤) راجع ص ١٠٨.

(٥) رجال الكشي ٢ : ٦٣٥ / ٦٣٩.

(٦) رجال النجاشي : ٢٠٥.

٣٩

المتن :

في الأول : ظاهر في تعيّن القصر في بريد. والثاني : دال على أنّ أدنى ما يقصّر فيه المسافر بريد ، وقول الشيخ : إنّه لا تنافي بينهما وبين الخبرين. كان الأولى فيه أن يقول : وبين الأخبار. وحمل الشيخ على إرادة الرجوع محلّ تأمّل ، وقد تبعه عليه جماعة من المتأخّرين(١) ، ووجه التأمّل أنّ ما استدل به على الجمع غير واضح الدلالة ؛ إذ ليس في خبر معاوية ما يدل على أنّ إرادة الرجوع يوجب التقصير ، ولا على أنّ الرجوع في اليوم ، بل ربما يستفاد منها أنّه لو رجع بالفعل تحقّقت الثمانية.

وما اعتبره الشيخ من نيّة الرجوع في غاية الإشكال بتقدير أن يتفق عدم الرجوع مع نيّته ، أو الرجوع مع عدم نيّته ، أو حصول النية ابتداءً وعدمها في الأثناء ، أو نحو ذلك ، فإذا لم يتم الدليل على هذا يشكل الحكم في جميع الأفراد ، على أنّ رواية معاوية محتملة لإرادة أنّ البريد ذهاباً يوجب التقصير ، وكذلك البريد جائياً ؛ لأنّ السؤال عن الأدنى ، فلو اعتبر الذهاب والإياب بَعُدَ عن الأدنى إلاّ بتوجيه أنّ الثمانية ذهاباً أعلى ، وفيه أنّ المساواة تحصل أيضاً ، ولعلّ التوجيه ممكن في الأدنى بغير ما ذكر.

وفي التهذيب استدل أيضاً بخبر لمحمّد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : سألته عن التقصير ، قال : « في بريد » قلت : بريد ، قال : « إنّه إذا ذهب بريداً ورجع بريداً شغل يومه »(٢) .

__________________

(١) منهم المحقق في المعتبر ٢ : ٤٦٧ ، والعلامة في المنتهى ١ : ٣٩٠ ، والشهيد الأول في البيان : ٢٥٩.

(٢) التهذيب ٤ : ٢٢٤ / ٦٥٨ ، الوسائل ٨ : ٤٥٩ أبواب صلاة المسافر ب ٢ ح ٩.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

عذافر ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ليس التعزية إلا عند القبر ثم ينصرفون لا يحدث في الميت حدث فيسمعون الصوت

أي الصبر ، يقال ( عزيته ) أي صبرته والمراد بها طلب التسلي عن المصاب والتصبر عن الحزن والانكسار بإسناد الأمر إلى الله ، ونسبته إلى عدله وحكمته وذكر ما وعد الله على الصبر مع الدعاء للميت والمصاب لتسليته عن مصيبته ، وهي مستحبة إجماعا ولا كراهة فيها بعد الدفن عندنا انتهى.

وقال : في النهاية التعزية مستحبة قبل الدفن وبعده بلا خلاف بين العلماء في ذلك إلا الثوري فإنه قال : لا يستحب التعزية بعد الدفن.

وقال في التذكرة : قال : الشيخ التعزية بعد الدفن أفضل وهو جيد.

وقال : المحقق في المعتبر : التعزية مستحبة وأقلها أن يراه صاحب التعزية وباستحبابها قال : أهل العلم مطلقا ، خلافا للثوري فإنه كرهها بعد الدفن ثم قال فأما رواية إسحاق بن عمار فليس بمناف لما ذكرنا لاحتمال أنه يريد عند القبر. بعد الدفن أو قبله. وقال : الشيخ بعد الدفن أفضل وهو حق انتهى.

وقال في المنتهى : قال الشيخ في المبسوط يكره الجلوس للتعزية يومين أو ثلاثة وخالف فيه ابن إدريس وهو الحق انتهى ، ولنرجع إلى بيان ما يستفاد من الخبر بعد ما نبهناك على ما ذهب إليه الأصحاب.

فاعلم : أن الظاهر منقوله عليه‌السلام : « ليس التعزية إلا عند القبر » عند انحصار التعزية فيما يقع عند القبر بعد الدفن كما هو الظاهر أو مطلقا كما نقلنا عن المحقق ، ولعله على ما ذكره الشيخ في المبسوط ، لكن فيه أنه لا يدل إلا على عدم استحباب التعزية بعد ذلك لا كراهتها ، مع أن مقتضى الجمع بين الأخبار انحصار السنة المؤكدة في ذلك.

وقوله عليه‌السلام : « ثم ينصرفون » يدل على كراهة المقام عند القبر بعد الدفن

١٢١

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال التعزية لأهل المصيبة بعد ما يدفن.

٣ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن الحجال ، عن إسحاق بن عمار قال ليس التعزية إلا عند القبر ثم ينصرفون لا يحدث في الميت حدث فيسمعون الصوت.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال التعزية الواجبة بعد الدفن.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن القاسم بن محمد ، عن

إلا بقدر التعزية.

وقوله عليه‌السلام : « فيسمعون الصوت » يدل على إمكان سماع ما يحدث في القبر ولا استبعاد في ذلك وإن كان نادرا لمخالفته للحكمة غالبا.

الحديث الثاني : حسن.

قوله عليه‌السلام : « بعد ما يدفن » حمل على أن المراد أن تأخيرها عنه أفضل من تقديمها عليه كما قال به الشيخ والفاضلان ، فإن تعريف المبتدأ باللام يدل على الحصر ، فالمراد حصر التعزية الكاملة والسنة الأكيدة منها فيه.

الحديث الثالث : موثق. وهو الخبر الأول مع اختلاف في السند إلى إسحاق.

الحديث الرابع : مرسل.

قوله عليه‌السلام : « التعزية الواجبة » حمل على تأكد الاستحباب وهو مؤيد لما ذكرنا من الجمع والحمل.

الحديث الخامس : ضعيف. إن كان القاسم الجوهري أو كان مسئولا وإلا فمجهول.

١٢٢

الحسين بن عثمان قال لما مات إسماعيل بن أبي عبد اللهعليه‌السلام خرج أبو عبد اللهعليه‌السلام فتقدم السرير بلا حذاء ولا رداء.

قوله عليه‌السلام : « بلا حذاء ولا رداء » يدل على استحباب كون صاحب التعزية كذلك مطلقا أو في خصوص جنازة الابن وأيد الأولى بأنه وضع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله رداءه في جنازة سعد ، ويدل على خصوص وضع الرداء ما سيأتي من الأخبار ، وقد ورد النهي عنه في رواية السكوني عن الصادق عن آبائهعليهم‌السلام قال : قال رسول الله :صلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاثة ما أدري أيهم أعظم جرما؟ الذي يمشي مع الجنازة بغير رداء ، والذي يقول قفوا ، والذي يقول : استغفروا له غفر الله لكم؟

قال في الذكرى : بعد إيراد هذه الرواية ومنه يعلم كراهية مشي غير صاحب الجنازة بغير رداء ، ويظهر من ابن حمزة تحريمه ، أما صاحب الجنازة فخلعه ليتميز عن غيره ، لخبر ابن أبي عمير وخبر أبي بصير ذكره الجعفي وابن حمزة والفاضلان وذكر ابن الجنيد أيضا التميز بطرح بعض زيه بإرسال طرف العمامة أو أخذ مئزر من فوقها على الأب والأخ ، ولا يجوز على غيرهما وابن حمزة منع هنا مع تجويزه الامتياز ، فكأنه خص التميز في غير الأب والأخ بهذا النوع من الامتياز ، وأنكر ابن إدريس الامتياز بهذين لعدم الدليل عليهما وزعم أنه من خصوصيات الشيخ ، ورده الفاضلان بأحاديث الامتياز ، ولعله إنما أنكر هذا النوع من الامتياز ، والظاهر أن الأخبار لا تتناوله ، ثم لم نقف على دليل الشيخ عليه ولا على اختصاص الأب والأخ.

وقال : أبو الصلاح يتحفى ويحل أزراره في جنازة أبيه وجده لأبيه خاصة ويرده ما تقدم انتهى.

وقال : العلامة في المختلف قال أبو الصلاح : يستحب للرجل أن يتحفى ويحل أزراره في جنازة أبيه وجده لأبيه دون من عداهم ، فإن قصد بالاستثناء التحريم منعناه عملا بالأصل ، وإن قصد انتفاء الاستحباب منعناه أيضا لأن المقتضي

١٢٣

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ينبغي لصاحب المصيبة أن يضع رداءه حتى يعلم الناس أنه صاحب المصيبة.

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن رفاعة النخاس ، عن رجل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال عزى أبو عبد اللهعليه‌السلام رجلا بابن له فقال :

للاستحباب هناك ليس إلا تميزه عن غيره وهو متحقق هنا ، ويؤيده رواية الحسين ابن عثمان انتهى.

أقول : إذا سمعت ما تلونا عليك فاعلم : أن الظاهر من الأخبار استحباب وضع الرداء لصاحب الجنازة أي الجماعة الذين يعدون من أصحاب تلك المصيبة لعموم الأخبار وكراهة ذلك أو حرمته لغيرهم ، وإثبات الحرمة مشكل ، وكذا إثبات مرجوحية سائر أنواع الامتياز ، والقول باستحبابها أيضا لا يخلو من إشكال. وإن كان التعليل الوارد في بعض الأخبار يشهد بذلك كما لا يخفى ، وأما التحفي فظاهر هذا الخبر ، استحبابه إما في مطلق المصيبة أو في مصيبة الابن ، والأولى الاقتصار على الابن وإن كان العموم لا يخلو من قوة والله يعلم.

الحديث السادس : حسن.

قوله عليه‌السلام : « ينبغي » ظاهره استحباب وضع الرداء لصاحب المصيبة ، والظاهر الرجوع في ذلك إلى العرف كما ذكرناه ولا يبعد أن يكون المراد بالرداء الثوب المتعارف الذي يلبسه الناس فوق الثياب ليكون وضعه علة للامتياز ، ومن هذا التعليل فهموا غير ذلك من أنواع الامتياز خصوصا في الأزمنة التي لا يصلح وضع الرداء للامتياز والله يعلم.

الحديث السابع : مرسل.

قوله عليه‌السلام : « رجلا بابن له » أي بسبب فقد ابنه.

١٢٤

الله خير لابنك منك وثواب الله خير لك من ابنك فلما بلغه جزعه بعد عاد إليه فقال له قد مات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فما لك به أسوة فقال إنه كان مرهقا فقال إن أمامه ثلاث خصال شهادة أن لا إله إلا الله ورحمة الله وشفاعة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

قوله عليه‌السلام : « الله خير لابنك منك » لما كان الغالب أن الحزن على الأولاد يكون لتوهم أمرين باطلين. أحدهما : أنه على تقدير وجود الولد يصل نفع الوالد إليه ، أو أن هذه النشأة خير له من النشأة الأخرى ، والحياة خير له من الممات فأزالعليه‌السلام وهمه : بأن الله تعالى ورحمته خير لابنك منك ومما تتصور من نفع توصله إليه على تقدير الحياة ، والموت مع رحمة الله خير من الحياة.

وثانيهما : توقع النفع منه مع حياته أو الاستئناس به فأزالعليه‌السلام ذلك الوهم أيضا بأن ما عوضك الله من الثواب على فقده خير لك من كل نفع تتوهمه أو تقدره في حياته.

قوله عليه‌السلام : « فعاد إليه » يفهم منه استحباب تكرار التعزية مع بقاء الجزع.

قوله عليه‌السلام . « فما لك به أسوة ».

قال : في القاموس : « الأسوة » ويضم القدوة وما يأتسي به الحزين ، والجمع إسى ويضم وأساه تأسيه فتأسى عزاه فتعزى.

وقال في النهاية : الأسوة بكسر الهمزة وضمها القدوة. أقول : يحتمل هذا الكلام : وجهين.

الأول : أن يكون المراد بالأسوة القدوة : والمعنى أنك تتأسى به ويلزمك التأسي به في الموت فلأي شيء تجزع مع أنك بعد الموت تجتمع مع ابنك ، والغرض أنه لو كان لأحد بقاء في الدنيا كان ذلك لأشرف الخلائق ، فإذا لم يبق هو في الدنيا فكيف تطمع أنت في البقاء ، ويحتمل أن يكون الغرض أنه ينبغي لك مع علمك بالموت أن تصلح أحوال نفسك ولا تحزن على فقد غيرك كما ورد في

١٢٥

فلن تفوته واحدة منهن إن شاء الله.

٨ ـ الحسين بن محمد ، عن أحمد بن إسحاق ، عن سعدان بن مسلم ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ينبغي لصاحب المصيبة أن لا يلبس رداء وأن يكون في قميص

خبر آخر أنهم قالوا : لصاحب مصيبة غفلت عن المصيبة الكبرى وجزعت للمصيبة الصغرى.

الثاني : أن يكون المراد بالأسوة ما يتأسى به الحزين أي ينبغي أن يحصل لك به وبسبب مصيبته وتذكرها تأسي وتعز عن كل مصيبة لأنه من أعظم المصائب ، وتذكر المصائب العظيمة يهون صغارها لما سيأتي عن أبي جعفرعليه‌السلام أنه قال : إن أصبت بمصيبة في نفسك أو في مالك أو في ولدك فاذكر مصابك برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فإن الخلائق لم يصابوا بمثله قط ، وقيل المراد أنك من أهل التأسي برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومن أمته فينبغي أن يكون مصيبتك بفقده أعظم وما ذكرنا أظهر.

قوله عليه‌السلام : « إنه كان مرهقا » بالتشديد على صيغة المفعول.

قال في النهاية : الرهق السفه وغشيان المحارم وفيه فلان مرهق : أي متهم بسوء وسفه ، ويروي مرهق أي ذو رهق.

وقال في القاموس : « الرهق » محركة السفه والنوك والخفة وركوب الشر والظلم وغشيان المحارم « والمرهق » كمكرم من أدرك وكمعظم الموصوف بالرهق ومن يظن به السوء.

أقول : المراد « إن حزني » ليس بسبب فقده بل بسبب أنه كان يغشى المحارم وأخاف أن يكون معاقبا معذبا فعزاهعليه‌السلام بذكر وسائل النجاة وأسباب الرجاء.

الحديث الثامن : مجهول. بسعدان ، ويمكن أن يعد حسنا لأنهم ذكروا في سعدان أن له أصلا ويكون كتابه من الأصول مدح له.

قوله عليه‌السلام : « وأن يكون في قميص حتى يعرف فيه » إيماء إلى أن المراد

١٢٦

حتى يعرف.

٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم قال رأيت موسىعليه‌السلام يعزي قبل الدفن وبعده.

١٠ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن مهران قال كتب أبو جعفر الثانيعليه‌السلام إلى رجل ذكرت مصيبتك بعلي ابنك وذكرت أنه كان أحب ولدك إليك وكذلك الله عز وجل إنما يأخذ من الوالد وغيره أزكى ما عند أهله

بالرداء الثوب الأعلى الذي يلبسه أصناف الناس غالبا ليصير نزعه سببا للامتياز ، والكلام في الاستدلال بالتعليل على سائر أفراد الامتياز ما مر.

الحديث التاسع : حسن. كالصحيح بل لا يقصر عن الصحيح.

قوله عليه‌السلام : « قبل الدفن وبعده » أي يجمعهما في كل جنازة أو كان يفعل تارة هكذا وتارة هكذا ، ويدل على جواز التعزية قبل الدفن واستحبابه على التقديرين وعلى حصول التعزية بها قبل الدفن خاصة على الثاني فيدل على ما ذكرنا من التأويل في الأخبار السابقة.

الحديث العاشر : ضعيف. والظاهر أن مهزيار مكان ابن مهران كما سيجيء في آخر الكتاب هذا المضمون وفيه علي بن مهزيار ، لكن سيأتي رواية سهل عن علي بن مهران في باب غسل الأطفال.

قوله عليه‌السلام : « ذكرت » يدل على أنه شكا فيما كتب إليهعليه‌السلام فقد ابنه.

قوله عليه‌السلام : « أزكى » أي أطهر وأحسن ما عند أهله أي أهل هذا المأخوذ.

قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله :« وأحسن عزاك مقصورا أو ممدودا » أي صبرك. في القاموس العزي الصبر أو حسنه كالتعزوة ، عزي كرضى عزاء فهو عز وعزاه تعزية.

قوله عليه‌السلام : « وربط على قلبك » أي ألقى الله على قلبك صبرا. قال في

١٢٧

ليعظم به أجر المصاب بالمصيبة فأعظم الله أجرك وأحسن عزاك وربط على قلبك إنه قدير وعجل الله عليك بالخلف وأرجو أن يكون الله قد فعل إن شاء الله تعالى.

(باب)

(ثواب من عزى حزينا ً)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، عن آبائهعليهم‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من عزى حزينا كسي في الموقف حلة يحبر بها.

القاموس : ربط جأشه رباطة اشتد قلبه والله على قلبه. ألهمه الصبر وقواه انتهى.

أقول. منه قوله تعالى «وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ »(١) .

قوله عليه‌السلام : « وأرجو أن يكون الله قد فعل » بشارة له بأنهعليه‌السلام قد دعا له بالخلف واستجيب دعاؤه.

باب ثواب من عزى حزيناً

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « حلة يحبر بها » قال في القاموس : الحلة بالضم إزار ورداء بردا وغيره ولا يكون حلة الا من ثوبين أو ثوب له بطانة.

وقال : فيه الحبر بالكسر الأثر أو أثر النعمة والحسن وبالفتح السرور كالحبور والحبرة والحبر محركة وأحبره سره والنعمة كالحبرة وقال : تحبير الخط والشعر وغيرهما تحسينه.

وقال في النهاية : الحبر بالكسر وقد يفتح الجمال والهيئة الحسنة يقال حبرت الشيء تحبيرا إذا حسنته.

أقول : قد ظهر أنه يمكن أن يقرأ على المجهول مشددا أي يحسن ويزين

__________________

(١) سورة الكهف : ١٤.

١٢٨

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن وهب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من عزى مصابا كان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجر المصاب شيئا.

(باب)

(المرأة تموت وفي بطنها صبي يتحرك )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في المرأة تموت ويتحرك الولد في بطنها أيشق بطنها ويخرج الولد؟

بها ، ومخففا أي يسر بها ، وروي في الذكرى : يحبى بها من الحبوة والعطاء ثم قال وروي تحبر بها أي يسر بها.

الحديث الثاني : ضعيف. وروى العامة مثله عن عبد الله بن مسعود عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

باب المرأة تموت وفي بطنها ولد يتحرك

الحديث الأول : حسن.

قوله عليه‌السلام « نعم ويخاط بطنها » المشهور بين الأصحاب أنه يجب الشق حينئذ وإخراج الولد توصلا إلى بقاء الحي ، قالوا : ولا عبرة بكونه مما يعيش عادة كما ذكره المحقق وغيره تمسكا بإطلاق الروايات.

وقال بعض المتأخرين : لو علم موته حال القطع انتهى وجوبه ، وإطلاق الروايات تقتضي عدم الفرق في الجانب بين الأيمن والأيسر ، بل لا يعلم خصوص شق الجانب أيضا ، وقيده الشيخان في المقنعة والنهاية وابن بابويه بالجانب الأيسر ، وأما خياطة المحل بعد القطع فقد نص عليه المفيد في المقنعة والشيخ في المبسوط وأتباعهما كما ورد في هذه الرواية وإن خلا عنه غيرها ، وردها المحقق في المعتبر بالقطع وبأنه لا ضرورة إلى ذلك فإن المصير إلى البلاء : ولا يخفى أن القطع لا

١٢٩

قال فقال نعم ويخاط بطنها :

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن وهب بن وهب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام إذا ماتت المرأة وفي بطنها ولد يتحرك فيتخوف عليه فشق بطنها وأخرج الولد.

وقال في المرأة يموت ولدها في بطنها فيتخوف عليها قال لا بأس أن يدخل

يضر لأن مراسيل ابن أبي عمير في حكم المسانيد وضعف التعليل ظاهر.

الحديث الثاني : ضعيف. والظاهر أنه سقط عن أبيه بعد ابن خالد كما يشهد به ما مر آنفا في الباب السابق.

قوله عليه‌السلام : « ولد يتحرك » ظاهره أن مناط الوجوب الحركة ، ويمكن أن يكون المناط العلم بالحياة ، وعبر بها عنها لأنها لا يعلم غالبا إلا بها لكن العلم بغير ذلك نادر.

قوله عليه‌السلام : « لا بأس » لا خلاف بين الأصحاب في وجوب التقطيع والإخراج مع الخوف على الأم ونقل فيه الشيخ في الخلاف الإجماع واستدل بهذه الرواية.

قال في المعتبر :( وهب هذا ) عامي لا يعمل بما يتفرد به ، والوجه أنه إن مكن التوصل إلى إسقاطه صحيحا بشيء من العلاجات. وإلا توصل إلى إخراجه بالأرفق ويتولى ذلك النساء فإن تعذر النساء فالرجال المحارم فإن تعذر جاز أن يتولاه غيرهم دفعا عن نفس الحي.

أقول : ضعفه منجبر بعمل الأصحاب على ما هو دأبهم وما ذكره من التفصيل لا يأبى عنه الخبر واعلم أن ظاهرقوله عليه‌السلام لا بأس : الجواز ويمكن أن يكون هذا النوع من التعبير لرفع توهم الحذر عن مباشرة الرجل ذلك على كل حال كما في قوله تعالى «فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما »(١) وقوله تعالى «فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا »(٢) ويحتمل أن يكون المراد عدم البأس مع عدم رفق النساء وإن

__________________

(١) سورة البقرة ، ١٥٨.

(٢) سورة النساء : ١٠١.

١٣٠

الرجل يده فيقطعه ويخرجه إذا لم ترفق به النساء.

(باب)

(غسل الأطفال والصبيان والصلاة عليهم )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن موسى ، عن زرارة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال السقط إذا تم له أربعة أشهر غسل.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي وزرارة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه سئل عن الصلاة على الصبي متى يصلى

أمكنهن الإخراج بغير رفق فلا ينافي الوجوب مع عدمهن أو عدم قدرتهن أصلا والله يعلم.

باب غسل الأطفال والصبيان والصلاة عليهم

الحديث الأول : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « السقط » إلخ ظاهر الأصحاب الاتفاق على وجوب تغسيل السقط إذا تمت له أربعة أشهر كما يدل عليه هذا الخبر.

قال في المعتبر لا يغسل السقط إلا إذا استكمل شهورا أربعة وهو مذهب علمائنا ، ثم استدل عليه بهذا الخبر وخبر سماعة الاتي وقال : لا مطعن على الروايتين بانقطاع سند الأولى وضعف سماعة عن سند الثانية لأنه لا معارض لهما مع قبول الأصحاب لهما ، وأما الصلاة عليه فلا وهو اتفاق علمائنا ، ثم قال : ولو كان السقط أقل من أربعة أشهر لم يغسل ولم يكفن ولم يصل عليه بل يلف في خرقة ويدفن ، ذكر ذلك الشيخان وهو مذهب العلماء.

الحديث الثاني : حسن.

قوله عليه‌السلام : « إذا عقل الصلاة » اعلم أن الأصحاب اختلفوا في حكم الصلاة على الطفل فذهب الأكثر ومنهم الشيخ والمرتضى وابن إدريس إلى أنه يشترط في

١٣١

عليه قال إذا عقل الصلاة قلت متى تجب الصلاة عليه فقال إذا كان ابن ست سنين والصيام إذا أطاقه.

٣ ـ علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن زرارة قال رأيت ابنا لأبي عبد اللهعليه‌السلام في حياة أبي جعفرعليه‌السلام يقال له : عبد الله فطيم قد درج

وجوب الصلاة عليه بلوغ الحد الذي يمرن فيه على الصلاة وهو ست سنين.

وقال : المفيد في المقنعة لا يصل على الصبي حتى يعقل الصلاة وقال ابن الجنيد : يجب على المستهل. وقال ابن أبي عقيل : لا تجب الصلاة على الصبي حتى تبلغ.

أقول : في هذا الخبر إجمال واقتصر المفيد (ره) على القول به بذكر لفظه ولم يبين المراد ويحتمل أن يكون الراوي علم أن عقل الصلاة حد التمرين ومراده بالوجوب هنا مطلق الثبوت ، أو وجوب التمرين على الولي فالمعنى أنه متى يعقل الصلاة بحيث يؤمر بها تمرينا.

فقال : إذا كان ابن ست سنين ، ويؤيده ما رواه محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهماعليهما‌السلام في الصبي متى يصلي فقال : إذا عقل الصلاة قلت : متى يعقل الصلاة ويجب عليه قال : لست سنين ولو لم يكن مراد السائل ذلك يظهر من أخبار أخر أن هذا هو حد عقل الصلاة كما هو الغالب في الأطفال أيضا وسيأتي حكم تمرين الصلاة والصيام في أبوابها إن شاء الله.

الحديث الثالث : حسن.

قوله عليه‌السلام : « قد درج » أي كان ابتداء مشيه قال : في القاموس درج دروجا ودرجانا مشى.

قوله عليه‌السلام : « ذاك شر لك » أي كونك مولى لي شرف لك وفخر فإنكار ذلك شر لك والملعون كأنه غضب من ذلك.

قوله عليه‌السلام : « في جنازة الغلام » وفي التهذيب في جنان الغلام وما هنا هو

١٣٢

فقلت له يا غلام من ذا الذي إلى جنبك لمولى لهم فقال هذا مولاي فقال له المولى يمازحه لست لك بمولى فقال ذلك شر لك فطعن في جنازة الغلام

الظاهر ، وهو كناية عن الموت.

قال في النهاية : في حديث عليعليه‌السلام والله لود معاوية أنه ما بقي من بني هاشم إلا طعن في نيطه ، يقال : طعن في نيطه أي في جنازته ومن ابتدأ في شيء أو دخله فقد طعن فيه ويروي طعن على ما لم يسم فاعله ، « والنيط نياط القلب » وهو علاقته ، وقال : في خبر ، تقول العرب إذا أخبرت عن موت إنسان رمى في جنازته لأن الجنازة تصير مرميا فيها ، والمراد بالرمي الحمل والوضع انتهى ، ويحتمل أن يكون الطعن بمعناه المعروف والجنازة كناية عن الشخص وبعض المعاصرين قرأ احتار بالحاء المهملة والتاء المثناة من فوق والراء المهملة.

قال في القاموس : الحتار من كل شيء كفافه وما استدار به وحلقة الدبر أو ما بينه وبين القبل ، أو الخط بين الخصيتين ، وريق الجفن وشيء في أقصى فم البعير انتهى.

قال : بعض أفاضل المعاصرين أظن الجميع تحريفا من النساخ وأنه طعن في حياته الغلام أي في حياة أبي جعفرعليه‌السلام أي أصابه الطاعون في حياته وعلى تقدير جنان وحتارا أيضا يكون المعنى إصابة الطاعون في ذلك المكان ، وأما كون طعن مبنيا للفاعل وعود ضميره إلى المولى أو مبنيا للمفعول ونائب فاعله المولى ففي غاية البعد لفظا ومعنى وتركيبا فإن استعمال الطعن المتعارف بمثل الرمح ونحوه في معنى الوكز ونحوه غير معروف ، ولو سلم فالمعهود المتعارف أن يقال طعنه في جنانه وحمله على الطعن بالرمح ونحوه لا يليق والمقام والذوق لا يقبلان كون المولى ضربه ضربة في ذلك المكان فمات منها أو طعنة بالرمح كذلك انتهى ولا يخفى غرابته.

١٣٣

فمات فأخرج في سفط إلى البقيع فخرج أبو جعفرعليه‌السلام وعليه جبة خز صفراء وعمامة خز صفراء ومطرف خز أصفر فانطلق يمشي إلى البقيع وهو معتمد علي والناس يعزونه على ابن ابنه فلما انتهى إلى البقيع تقدم أبو جعفرعليه‌السلام فصلى عليه وكبر عليه أربعا ثم أمر به فدفن ثم أخذ بيدي فتنحى بي ثم قال إنه لم يكن يصلى على الأطفال إنما كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يأمر بهم فيدفنون

قوله عليه‌السلام : « في سقط » وهو معرب معروف.

قوله عليه‌السلام : « ومطرف خز » قال في القاموس : المطرف كمكرم رداء من خز مربع ذو أعلام.

وقال الجوهري : المطرف والمطرف واحد المطارف وهي أردية من خز مربعة لها أعلام. أقول : يدل الخبر على استحباب التزين ولبس الثياب الصفر.

قوله عليه‌السلام : « فكبر عليه أربعا » محمول على التقية كما مر.

قوله عليه‌السلام : « إنه لم يكن يصلي » على البناء للمجهول أي في زمن النبي وأمير المؤمنين ( صلى الله عليهما ).

قوله عليه‌السلام : « فيدفنون من وراء » في التهذيب والاستبصار من وراء وراء مكررا.

قال في النهاية في حديث الشفاعة : يقول : إبراهيم إني كنت خليلا من وراء وراء هكذا يقال مبينا على الفتح أي من خلف حجاب ، ومنه حديث معقل أنه حدث ابن زياد بحديث فقال : شيء سمعته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أو من وراء وراء ، أي ممن جاء خلفه وبعده ، ويقال : لولد الولد وراء انتهى.

أقول : الظاهر أنه على التقديرين ، كناية إما عن عدم الإحضار في محضر الجماعة للصلاة ، أو عدم إحضار الناس في إعلامهم للصلاة ، ويحتمل بعيدا أن يكون من وراء وراء بيانا للضمير في يدفنون أي كان يأمر في أولاد أولاده بذلك ، أو

١٣٤

من وراء ولا يصلي عليهم وإنما صليت عليه من أجل أهل المدينة كراهية أن يقولوا لا يصلون على أطفالهم.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن خالد والحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى بن عمران ، عن ابن مسكان ، عن زرارة قال مات ابن لأبي جعفرعليه‌السلام فأخبر بموته فأمر به فغسل وكفن ومشى معه وصلى عليه وطرحت خمرة فقام عليها ثم قام على قبره حتى فرغ منه ثم انصرف وانصرفت

يكون المراد أنه كان يفعل ذلك بعد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبعد الأزمنة المتصلة بعصرهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيكون الغرض بيان استمرار هذا الحكم من زمان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الأعصار بعده ليظهر كون فعلهم على خلافه بدعة ، غاية الظهور كل ذلك خطر بالبال والأول عندي أظهر والله يعلم.

قوله عليه‌السلام : « كراهية أن يقولوا ».

أقول : المشهور بين الأصحاب استحباب الصلاة على من لم يبلغ ست سنين إذا ولد حيا والظاهر من هذا الخبر وكثير من الأخبار وسيأتي بعضها وعدم استحبابها قبل الست ، ويظهر منها إن ما ورد من الأمر بالصلاة قبل ذلك محمول على التقية.

فإن قيل : ظاهر هذا الخبر عدم شرعية الصلاة على غير البالغ مطلقا ولم يقل به أحد.

قلت مقتضى الجمع بين الأخبار الحمل على ما قبل الست بأن يكون اللام للعهد ، أي مثل هذه الأطفال مع أنه يمكن أن يقال إطلاق الطفل على غير البالغ مطلقا غير معلوم في اللغة والعرف القديم كما لا يخفى على من راجع كلام اللغويين واستعمالات القدماء. وبالجملة الأحوط بالنظر إلى الأخبار ترك الصلاة عليهم قبل ذلك والله يعلم.

الحديث الرابع : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « خمرة » قال في القاموس : الخمرة حصيرة صغيرة من

١٣٥

معه حتى إني لأمشي معه فقال أما إنه لم يكن يصلى على مثل هذا وكان ابن ثلاث سنين كان عليعليه‌السلام يأمر به فيدفن ولا يصلى عليه ولكن الناس صنعوا شيئا فنحن نصنع مثله قال قلت فمتى تجب الصلاة عليه فقال إذا عقل الصلاة وكان ابن ست سنين قال قلت فما تقول في الولدان فقال سئل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عنهم فقال الله أعلم بما كانوا عاملين.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن إسماعيل ، عن عثمان بن عيسى ، عن زرعة ، عن سماعة ، عن أبي الحسن الأولعليه‌السلام قال سألته عن السقط إذا

السعف.

أقول : لعلهم طرحوا ليجلس عليها فلم يجلس ، وظاهر هذا الخبر استحباب القيام حتى يدفن ، ولعله محمول على التقية كما أن الصلاة أيضا كانت لها.

قوله عليه‌السلام : « متى تجب عليه الصلاة » يحتمل صلاة الجنازة وصلاة التمرينقوله عليه‌السلام : « الله علم بما كانوا عاملين » أقول سيأتي شرح هذا الكلام وتفصيل القول فيه في باب الأطفال إن شاء الله تعالى.

الحديث الخامس : موثق. إن اعتبرنا توثيق نصر بن الصباح لعلي بن إسماعيل كما حكم الشهيد الثاني بصحة خبره ، وحسن موثق إن لم نعتبره.

قوله عليه‌السلام : « إذا استوى خلقه » استدل بهذا الخبر على ما عليه الفتوى كما ذكرنا ، ولا يخفى أن الحكم فيه وقع معلقا على استواء الخلقة لا على بلوغ الأربعة إلا أن يدعى التلازم بين الأمرين وإثباته مشكل.

ثم اعلم أن ظاهر بعض الأصحاب أنه يلف في خرقة ويدفن بعد الغسل.

وأوجب الشهيد (ره) ومن تأخر عنه تكفينه بالقطع الثلاث ، وتحنيطه أيضا ، والظاهر من الخبر وجوب التكفين على ما هو المعهود لأنه المتبادر من الكفن عند الإطلاق والأحوط التحنيط أيضا لعموم الأخبار.

١٣٦

استوى خلقه يجب عليه الغسل واللحد والكفن فقال كل ذلك يجب عليه.

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن علي بن مهران ، عن محمد بن الفضيل قال كتبت إلى أبي جعفرعليه‌السلام أسأله عن السقط كيف يصنع به فكتب

قوله عليه‌السلام : « واللحد » قال الجوهري : اللحد بالتسكين الشق في جانب القبر ، واللحد بالضم لغة : فيه تقول ألحدت القبر لحدا وألحدت أيضا فهو ملحد ، أقول : يمكن أن يكون هنا اسما مصدرا وظاهره وجوب اللحد للميت ، والمشهور بينهم استحبابه بل لا خلاف بينهم في ذلك.

قال في التذكرة : ويستحب أن يجعل له لحد ومعناه أنه إذا بلغ الحافر أرض القبر حفر في حائطه مما يلي القبلة مكانا يوضع فيه الميت ، وهو أفضل من الشق ومعناه أن يحفر في قعر القبر شقا شبه النهر يضع الميت فيه ويسقف عليه بشيء ذهب إليه علماؤنا وبه قال : الشافعي وأكثر أهل العلم.

وقال أبو حنيفة : الشق أفضل لكل حال ، ثم قال : يستحب أن يكون اللحد واسعا بقدر ما يتمكن فيه الجالس من الجلوس انتهى.

أقول : يمكن حمل الخبر على الاستحباب المؤكد مع أن الوجوب في عرف الأخبار أعم من المعنى المصطلح والأولى عدم الترك.

الحديث السادس : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « يدفن بدمه » الظاهر أن المراد أنه لا يغسل بل يدفن ملطخا بالدم ، وقيل المراد أنه يدفن معه ما فضل من الدم عن المرأة عند الولادة ولا يخفى بعده.

وحمل القوم هذا الخبر على ما إذا لم يتم له أربعة أشهر كما مر وقالوا يلف في خرقة ويدفن ، واستدلوا على حكم هذا النوع من السقط بهذا الخبر مع أنه خال عن ذكر اللف وبعضهم عبروا عن هذا النوع بمن لم يلجه الروح.

وقال : الشهيد الثاني (ره) المراد به من نقص سنه عن أربعة أشهر وقد صرح

١٣٧

عليه‌السلام إلي أن السقط يدفن بدمه في موضعه.

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عمرو بن سعيد ، عن علي بن عبد الله قال سمعت أبا الحسن موسىعليه‌السلام يقول إنه لما قبض إبراهيم بن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جرت فيه ثلاث سنن أما واحدة فإنه لما مات انكسفت الشمس فقال الناس انكسفت الشمس لفقد ابن رسول الله فصعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال يا أيها الناس إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يجريان بأمره مطيعان له لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فإن انكسفتا أو واحدة منهما فصلوا ثم

في المعتبر أن مدار وجوب الغسل وعدمه على بلوغ أربعة أشهر وعدمه كما نقلنا عنه سابقا وهو الأظهر كما عرفت من الأخبار.

قوله عليه‌السلام : « في موضعه » لعل المراد أنه لا يلزم نقله إلى المقابر لأن ذلك حكم من ولجته الروح ومات ، بل يدفن في الدار التي وقع فيها السقط لا خصوص موضع السقط والله يعلم.

الحديث السابع : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « آيتان من آيات الله » أي علامتان من علاماته تدلان على وجوب القادر الحكيم وقدرته وعلمه.

قوله عليه‌السلام : « مطيعان » وفي بعض النسخ مطيعان له وهو المراد.

قوله عليه‌السلام : « لا ينكسفان لموت أحد » أي بمحض الموت ، بل إذا كان ذلك بسبب فعل الأمة واستحقوا العذاب والتخويف يمكن أن ينكسفا لذلك ، فلا ينافي ما روي في الأخبار من انكسافهما لشهادة الحسين ( صلوات الله عليه ) ولعنة الله على قاتله فإنها كانت بفعل الأمة الملعونة ، واستحقوا بذلك التخويف والعذاب بخلاف فوت إبراهيمعليه‌السلام فإنه لم يكن بفعل الأمة.

قوله عليه‌السلام : « يا علي قم فجهز ابني » لعل تقديم صلاة الكسوف هنا لتضييق

١٣٨

نزل عن المنبر فصلى بالناس صلاة الكسوف فلما سلم قال يا علي قم فجهز ابني فقام عليعليه‌السلام فغسل إبراهيم وحنطه وكفنه ثم خرج به ومضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى انتهى به إلى قبره فقال الناس إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نسي أن يصلي على إبراهيم لما دخله من الجزع عليه فانتصب قائما ثم قال يا أيها الناس أتاني جبرئيلعليه‌السلام بما قلتم زعمتم أني نسيت أن أصلي على ابني لما دخلني من الجزع ألا وإنه ليس كما ظننتم ولكن اللطيف الخبير فرض عليكم خمس صلوات وجعل لموتاكم من كل صلاة تكبيرة وأمرني أن لا أصلي إلا على من صلى ثم قال يا علي انزل فألحد ابني فنزل فألحد إبراهيم في لحده فقال الناس إنه لا ينبغي لأحد أن ينزل في قبر

وقته ، وتوسعة وقت التجهيز على ما هو المشهور بين الأصحاب في مثله.

قال في القاموس : جهاز الميت والعروس والمسافر : « بالكسر والفتح » وما يحتاجون إليه وقد جهزه تجهيزا.

قوله عليه‌السلام : « زعمتم » أي قلتم ويطلق غالبا على القول الباطل أو الذي يشك فيه.

قال في القاموس : الزعم مثلثة ، القول الحق والباطل والكذب وأكثر ما يقال فيما يشك فيه انتهى.

قوله عليه‌السلام : « من كل صلاة » يدل على وجوب التكبيرات الخمس مع التعليل كما مر.

قوله عليه‌السلام : « إلا على من صلى » أي لزم تمرينه بالصلاة كما سيأتي تفسيره ويدل على عدم مشروعية الصلاة على من يبلغ الست بتوسط الأخبار الأخرى.

قوله عليه‌السلام : « فألحد ابني » بفتح الحاء أو بكسره من باب الأفعال في القاموس لحد القبر كمنع ، والحدة عمل له لحدا : والميت دفنه.

أقول : يدل على شرعية اللحد وعمومه للأطفال أيضا ، ويدل على عدم كراهة

١٣٩

ولده إذ لم يفعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يا أيها الناس إنه ليس عليكم بحرام أن تنزلوا في قبور أولادكم ولكني لست آمن إذا حل أحدكم الكفن عن ولده أن يلعب به الشيطان فيدخله عند ذلك من الجزع ما يحبط أجره ثم انصرفصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٨ ـ علي ، عن علي بن شيرة ، عن محمد بن سليمان ، عن حسين الحرشوش ، عن هشام بن سالم قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إن الناس يكلمونا ويردون علينا قولنا إنه لا يصلى على الطفل لأنه لم يصل فيقولون لا يصلى إلا على من صلى فنقول نعم فيقولون أرأيتم لو أن رجلا نصرانيا أو يهوديا أسلم ثم مات من ساعته فما الجواب فيه فقال قولوا لهم أرأيت لو أن هذا الذي أسلم الساعة ثم افترى على إنسان ما كان يجب عليه في فريته فإنهم سيقولون يجب عليه الحد فإذا قالوا هذا قيل لهم فلو أن هذا الصبي الذي لم يصل افترى على إنسان هل

نزول مطلق ذي الرحم كما ذكره الأكثر ، وقد مر الكلام فيه ولم أر من الأصحاب من تعرض لهذا الخبر ، ويدل على كراهة نزول الوالد في قبر الولد وعدم حرمته ويدل على مطلوبية حل عقد الكفن وعلى أن الجزع الشديد يحبط الأجر وعلى الإحباط في الجملة.

الحديث الثامن : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « على من وجبت عليه الصلاة » أي لزم تمرينه ويلزم عليه بسبب التمرين ، وحاصل الجواب أن مناط وجوب الصلاة كون الميت بحيث تلزمه الصلاة ولا مدخل للفعل في ذلك ، وهذا الخبر يدل على أن ما ورد من الصلاة على الطفل الذي لم يبلغ الست محمول على التقية. وأن الصلاة عليه غير مطلوب فإنه الظاهر من قوله لا يصلي.

ويمكن أن يأول بأن المراد : عدم وجوب الصلاة عليه قبل ذلك ، بأن يكون المخالف الذي عورض في ذلك قائلا بالوجوب ، ويؤيده قوله وإنما يجب أن

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532