إستقصاء الإعتبار الجزء ٦

إستقصاء الإعتبار0%

إستقصاء الإعتبار مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف: متون حديثية
ISBN: 964-319-178-8
الصفحات: 430

إستقصاء الإعتبار

مؤلف: الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف:

ISBN: 964-319-178-8
الصفحات: 430
المشاهدات: 35988
تحميل: 3003


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 430 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 35988 / تحميل: 3003
الحجم الحجم الحجم
إستقصاء الإعتبار

إستقصاء الإعتبار الجزء 6

مؤلف:
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
ISBN: 964-319-178-8
العربية

ونقصانه(١) ، فإن كان القول المحكي هنا غيره ، فاستدلال جدّيقدس‌سره لخروجه عن النص ، فيه : أنّه لا يوجب البطلان.

وذكره التردّد بين المحذورين ، إن أراد به ما يشمل الشك بين السجود ، فالمحذوران غير ظاهرين إلاّ بإرادة زيادة السجدة ونقصانها ، فإن كان القائل بالبطلان وجّهه بذلك كان في غاية البعد ، وإن أرادقدس‌سره بيان احتمال زيادة الركن ونقصانه ومخالفة المنصوص لما إذا كان الشك بين السجدتين ، ففيه : أنّ الكلام لا يدل عليه ، بل على خلافه ، وفي الظن عدم القائل بهذا.

فإن قلت : إذا خرج عن النص فالصحة من أين؟

قلت : يمكن ادعاء أصالة الصحة ، واحتمال الزيادة والنقيصة لا يقتضي(٢) البطلان ، ولو لا تصريحه بالركن أمكن صرف كلامه إلى ما قلناه بتقدير القول به كما هو ظاهر.

الثالث : ما ذكره الشهيد في دليل الصحة ، فيه : أنّ الخبر المتضمن لما قاله غير صحيح ، ومعارضه خبر صحيح دال على أنّ قولهمعليهم‌السلام : « لا يعيد الصلاة فقيه » خاص بالثلاث والأربع ، وقول جدّيقدس‌سره : يحتال فيها. هو أيضاً من تتمة الخبر الضعيف ، فعدم التعرض للصحيح غريب منه.

وعلى تقدير العمل بالخبر فنفي الإعادة إذا توقف على الاحتيال فمرجعه إلى الاستدلال لا إلى الخبر ، فدعوى الصحة بمجرد الخبر لا وجه لها ، نعم على تقدير عدم زيادة يحتال فيها ربما يتخيل أنّ ظاهر النص أنّ الذي يعيد صلاته لا يكون فقيهاً ، بل يكون جاهلاً ، فيدل على عدم جواز‌

__________________

(١) حكاه عنه في المدارك ٤ : ٢٧٧ ، وهو في التذكرة ٣ : ٣٤٧.

(٢) في « فض » : لا يقضي ، وفي « رض » : لا ينبغي ، والأنسب ما أثبتناه.

٢٤١

الإعادة ، لكن فيه مع هذا احتمال أظهر منه يوافق تتمته من قوله : يحتال فيها ، إلى آخره. فإذا انضمت إليه الزيادة استغنى عن ذكر الاحتمال ، وبالجملة فوقوع مثل هذا الاستدلال من هذين الجليلين قدّس الله سرّهما في غاية الغرابة ، وقد ذكرت بعض القول في حواشي الروضة.

إذا تقرّر هذا فاعلم أنّه يختلج في الخاطر أنّه يستفاد من قوله : « فتشهّد وسلم » بعد ذكر الشك في الزيادة والنقيصة مع الشك في الأربع والخمس ، أنّ الشك لو وقع بعد التشهد لا يوجب السجود ، فليُتأمّل(١) . وفي المقام أبحاث أُخر ، والمهم ما ذكرناه.

وأمّا الثاني : فعدم سلامة سنده من الكلام يوجب عدم التعرض له ، إلاّ أنّ الصدوق رواه(٢) فله مزية ، وقد تضمّن كما ترى نفي التكبير عن غير الإمام ، والمحقق في الشرائع ذكر استحباب التكبير مطلقاً(٣) . والخبر بتقدير ضعفه والعمل في المستحب بمثله ينبغي اتّباعه ، وقد تضمن التكبير بعد الرفع أيضاً ولم يُذكر.

وأمّا التشهد والتسليم فادعى في المنتهى الإجماع على وجوبهما فيما نقل(٤) ، وفي المختلف ما يخالف ذلك(٥) ، وعمل الصدوق بظاهر الخبر يقتضي نفي التشهد والتسليم ، إلاّ أنّه ذكر رواية الحلبي(٦) المتضمنة للتشهد‌

__________________

(١) في « م » زيادة : أمّا ما عساه يقال : إنّ الصحّة مع الهدم قبل الركوع هل فيها سجود السهو للزيادة المحتملة ، والصحّة بعد الركوع وبين السجود ، مع إطلاق بعض الأخبار بالبناء على الأكثر في الشك؟ والجواب عنه يغني عنه ما مضى.

(٢) الفقيه ١ : ٢٢٦ / ٩٩٦ ، الوسائل ٨ : ٢٣٥ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٢٠ ح ٣.

(٣) الشرائع ١ : ١١٩.

(٤) حكاه عنه في المدارك ٤ : ٢٨٣ ، وهو في المنتهى ١ : ٤١٨.

(٥) المختلف ٢ : ٤٢٨.

(٦) الفقيه ١ : ٢٣٠ / ١١٩ ، الوسائل ٨ : ٢٢٥ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١٤ ح ٤.

٢٤٢

الخفيف ، وربما قيل : إنّ الخفيف الخالي من الزائد عن الواجب.

وقد يدل نفي التسبيح على مرجوحية فعله إن قيل بإجزاء مطلق الذكر فيه ، وتعين النوع الخاص من الدعاء في بعض الأخبار محتمل لأن يكون على وجه الأكملية.

أمّا كون السجود مثل سجود الصلاة فمذكور في كلام بعض(١) ، وادعي أنّه هو المتبادر من السجود عند إطلاقه ، وفي بعض الأخبار ما يدل على نوع مغايرة لسجود الصلاة كما رواه الشيخ في الزيادات ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أُذينة ، عن الفضيل بن يسار ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، في الرجل يصلّي الركعتين من المكتوبة ثم ينسى فيقوم قبل أنْ يجلس ـ إلى أنْ قال ـ : « فإذا سلّم نقر ثنتين وهو جالس »(٢) وغير خفي أنّ الطمأنينة مع النقر بعيدة الحصول ، إلاّ بتقدير عدم وجوب ( الذكر ، إلاّ أنْ يقال : إنّ النقر يتحقق معه مسمى الذكر. وفي كلام بعض الأصحاب وجوب )(٣) النية(٤) ، والظاهر من المنقول عن المنتهى دعوى الإجماع على ذلك ، مع ضميمة غيره من السجود على الأعضاء والتشهد والتسليم(٥) ، وكلامه في المختلف أشرنا إليه ، لكنه حكم بوجوب النية(٦) ( وفي الروضة : والنية مقارنة لوضع الجبهة على ما يصح السجود‌

__________________

(١) كما في مجمع الفائدة ٣ : ١٦١.

(٢) التهذيب ٢ : ٣٤٥ / ١٤٣١ ، الوسائل ٦ : ٤٠٥ أبواب التشهد ب ٩ ح ١. وفيه : سجد سجدتين بدل ( نقر ثنتين ).

(٣) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٤) كما في مجمع الفائدة ٣ : ١٦٢.

(٥) حكاه عنه في مجمع الفائدة ٣ : ١٦٢.

(٦) المختلف ٢ : ٤٢٨.

٢٤٣

عليه ، أو بعد الوضع ، على الأقوى(١) . وهو أعلم بالوجه ؛ إذ ربما يظن أنّ النية بعد الوضع لا يخلو من إشكال ، فإنّ حقيقة السجود وضع الجبهة ، أمّا استمرار الوضع فالتحقق به محل كلام ، فليتأمّل )(٢) وظاهر المحقّق في الشرائع التردد في الذكر ، وفي تعين اللفظ على تقدير الوجوب(٣) .

وذكر بعض الأصحاب : إنّ الظاهر الوجوب قبل الكلام ، لدلالة بعض الأخبار ، ولو لم يفعل فعل بعد ذلك ؛ لدلالة خبر عمّار(٤) ، وقد مضى نقله من التهذيب(٥) . وللبحث في الوجوب بالنسبة إلى بعض الفروع مجال ، والله تعالى أعلم بحقيقة الحال.

__________________

(١) الروضة البهية ١ : ٣٢٨.

(٢) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٣) الشرائع ١ : ١١٩.

(٤) كالأردبيلي في مجمع الفائدة ٣ : ١٦٢.

(٥) في « فض » زيادة : وفي الروضة والنية.

٢٤٤

قوله :

أبواب ما يجوز الصلاة فيه

وما لا يجوز من اللباس والمكان

باب الصلاة في جلود الثعالب والأرانب‌

أخبرني الشيخقدس‌سره عن أحمد بن محمّد ، عن أبيه ، عن الحسين ابن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن حمّاد ، عن حريز ، عن محمّد بن مسلم ، قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن جلود الثعالب أيصلّى فيها؟.

فقال : « ما أحب أنْ أُصلّي فيها ».

عنه ، عن محمّد بن إبراهيم قال : كتبت إليه أسأله عن الصلاة في جلود الأرانب ، فكتب : « مكروهة ».

أحمد بن محمد ، عن جعفر بن محمّد عن(١) ابن أبي زيد قال : سئل الرضاعليه‌السلام عن جلود الثعالب الذكية ، فقال : « لا تصلّ فيها ».

محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن محمّد بن عبد الجبار ، عن علي ابن مهزيار ، عن رجل سأل الماضي(٢) عليه‌السلام عن الصلاة في جلود الثعالب؟ فنهى عن الصلاة فيها وفي الثوب الذي يليه ، فلم يدر أيّ الثوبين الذي يلصق بالوبر أو الذي يلصق بالجلد؟ فوقّع بخطه‌ :

__________________

(١) ليس في « م » و « رض ».

(٢) في الاستبصار ١ : ٣٨١ / ١٤٤٦ : الرضا.

٢٤٥

« الثوب الذي يلصق بالجلد ».

وذكر أبو الحسن أنّه سأله عن هذه المسألة فقال : « لا تصلّ في الذي فوقه ولا في الذي تحته ».

فأمّا ما رواه الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : سألته عن الصلاة في جلود الثعالب؟ فقال : « إذا كانت ذكية فلا بأس ».

محمّد بن علي بن محبوب ، عن محمّد بن الحسين ، عن صفوان ، عن جميل ، عن الحسن بن شهاب قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن جلود الثعالب إذا كانت ذكيّة أيُصلّى فيها؟ قال : « نعم ».

عنه ، عن علي بن السندي ، عن صفوان بن يحيى ، عن عبد الرحمن(١) بن الحجاج قال : سألته عن اللحاف من الثعالب أو الخوارزمية(٢) أيُصلّى فيها أم لا؟ قال : « إذا كان ذكيا فلا بأس به ».

فالوجه في هذه الأخبار أن نحملها على ضرب من التقية دون حال الاختيار ؛ لأنّ ذلك مذهب جميع العامة ، ويؤكد ما قدّمناه :

ما رواه أحمد بن محمّد ، عن الوليد بن أبان قال : قلت للرضاعليه‌السلام أُصلي في الفَنَك (٣) والسنجاب (٤) ؟ قال : « نعم » فقلت : يُصلى في‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٣٨٢ / ١٤٤٩ : عبد الله.

(٢) خوارزم : هي جرجانية وهو اسمها الأصلي. والخوارزمية منسوب إلى خوارزم. مجمع البحرين ٦ : ٥٦ ( خرزم ).

(٣) الفنك : دويبة برية غير مأكول اللحم يؤخذ منها الفرو. ويقال أن فروها أطيب من جميع أنواع الفراء. مجمع البحرين ٥ : ٢٨٥ ( فنك ).

(٤) السنجاب : حيوان على حد اليربوع أكبر من الفأرة شعره في غاية النعومة ، يتخذ من جلده الفراء يلبسه المتنعمون ، مجمع البحرين ٢ : ٨٤ ( سنجب ).

٢٤٦

الثعالب إذا كانت ذكيّة؟ قال : « لا تصلّ فيها ».

علي بن مهزيار قال : كتب إليه إبراهيم بن عقبة : عندنا جوارب وتكك تعمل من وبر الأرانب ، فهل تجوز الصلاة فيها من غير ضرورة ولا تقية؟ فكتبعليه‌السلام : « لا تجوز الصلاة فيها ».

محمّد بن علي بن محبوب ، عن محمّد بن عيسى ، عن علي بن مهزيار ، عن احمد بن إسحاق الأبهري قال : كتبت إليه : جعلت فداك عندنا جوارب وتكك تعمل من وبر الأرانب ، فهل تجوز الصلاة في وبر الأرانب من غير ضرورة ولا تقية؟ فكتبعليه‌السلام : « لا تجوز الصلاة فيها ».

محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن محمّد بن عبد الجبار قال : كتبت إلى أبي محمّدعليه‌السلام أسأله : هل يُصلّى في قلنسوة عليها وبر ما لا يؤكل لحمه ، أو تكة حرير محض ، أو تكة من وبر الأرانب؟ فكتب : « لا تحل الصلاة في الحرير المحض ، وإذا (١) كان الوبر ذكيا حلّت الصلاة فيه إن شاء الله ».

السند‌ :

في الأوّل : واضح مما تكرر القول فيه(٢) .

والثاني : ضمير « عنه » الواقع فيه لا يخلو من اشتباه هنا ، نظراً إلى اشتباه محمّد بن إبراهيم ، حيث إنّ في الرجال من يحتمل الاسم غير‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٣٨٣ / ١٤٥٣ : فإن كان.

(٢) في ص ٢٦ ، ٢٧ ، ٣٨ ، ٤٩ ، ٧٦ ، ١٧٨٨.

٢٤٧

واحد(١) ، لكن في التهذيب ما يدل على رجوعه للحسين بن سعيد ؛ لأنّه ذكر الحسين بن سعيد في حديث ، ثم قال : وعنه ، عن حماد ، إلى أنْ قال : وعنه ، عن محمّد بن إبراهيم(٢) . ثم إنّ محمّد بن إبراهيم لا يبعد أن يكون هو الهمداني المذكور في الكشي بما لا يزيد عن الإهمال(٣) .

والثالث : فيه كما ترى جعفر بن محمّد بن أبي زيد ، وليس في الرجال من هو بهذه النسبة ، وفي نسخة : عن ابن أبي زيد(٤) ، والظاهر أنّه الصواب.

وجعفر بن محمّد هو يحتمل ابن عون الأسدي المقول في حقه : إنّه وجه ، على ما في الخلاصة(٥) ؛ لأنّ الراوي عنه أحمد بن محمّد بن عيسى فيها أيضاً ، ويحتمل جعفر بن محمّد بن يونس الأحول الثقة في الخلاصة(٦) ؛ وكتاب الشيخ في رجال الجوادعليه‌السلام (٧) ؛ لأنّ النجاشي قال : روى عنه أحمد بن محمّد بن عيسى(٨) . واحتمال غيرهما قائم.

وأمّا ابن أبي زيد ففي الرجال داود بن أبي زيد(٩) فيما أعلمه الآن ، لكن كأنّه ليس في هذه المرتبة ، وهو ثقة ، وقد يمكن توجيه القرب ، إلاّ أنّ احتمال غيره في حيّز الإمكان ، فلا يفيد تكلّف القول إلاّ ضياع الزمان.

__________________

(١) انظر هداية المحدثين : ٢٢٤.

(٢) التهذيب ٢ : ٢٠٥ / ٨٠٢ ، ٨٠٣.

(٣) رجال الكشي ٢ : ٨٦٦ / ١١٣١.

(٤) الاستبصار ١ : ٣٨١ / ١٤٤٥ : عن ابن أبي زيد.

(٥) الخلاصة : ٣٣ / ٢٥.

(٦) الخلاصة : ٣١ / ٣.

(٧) رجال الطوسي : ٣٩٩ / ١.

(٨) رجال النجاشي : ١٢٠ / ٣٠٧.

(٩) الفهرست : ٦٨ / ٢٧٣.

٢٤٨

والرابع : في ظاهر الحال قد يرتاب فيه بالإرسال ، وربما يقال : إنّه لا ارتياب فيه ؛ لأنّ جهالة السائل يدفع ضررها جزم ابن مهزيار بالتوقيع في قوله : فوقّع بخطه. لكن لا يخفى أنّ في المتن نوع شي‌ء ؛ لأنّ الرجل السائل في ظاهر الكلام أنّه ليس بمكاتبة ، والجواب منهعليه‌السلام بقوله : فنهى. يدل على ذلك أيضاً ، ثم قول : فلم يدر ، والجواب : فوقّع(١) . فيه عدم الموافقة بحسب الظاهر ، ولا يبعد أن يكون في الرواية اختصار ، وحاصل الأمر أنّ السائل أخبر بالنهي عن الصلاة فيما ذكر لعلي بن مهزيار ، فلمّا أخبره لم يعلم ابن مهزيار ما المراد ، فكتب إلى الإمامعليه‌السلام ، وجاءه الجواب ، أو أنّهعليه‌السلام علم بعدم فهم المراد ، فأجاب من دون السؤال.

وما تضمنه من قوله : وذكر أبو الحسن. يراد بأبي الحسن علي بن مهزيار في الظاهر ؛ لأنّها كنيته. وفائدة هذا الكلام بعد ما قرّرناه غير واضحة ؛ إذ هو في قوة إعادة السؤال بعد الجواب ، إلاّ بتقدير أن يقال : إنّ الجواب الأوّل تضمن النهي عما يلصق بالجلد ، وفي الثاني عما يلصق بالأمرين ، واستبعاد السؤال بعد جوابهعليه‌السلام أوّلاً ، يمكن تقريبه ، إلاّ أنّه متكلف.

وربما يقال : إنّ ( القائل : لم أدر )(٢) محمّد بن عبد الجبّار ، فيكون الجواب أوّلاً له ، ثم حكى محمّد بن عبد الجبّار ، عن علي بن مهزيار أنّه سأل أيضاً عن ذلك ، فأجابهعليه‌السلام بما ذكره. والفائدة في ذكر هذا كلّه من محمّد بن عبد الجبّار أنّ الجواب فيه نوع تغاير ، نظراً إلى تضمن توقيعه أحد الأمرين ، وجواب علي بن مهزيار الشمول للأمرين.

ولا يخفى أنّ هذا لا يضر بالحال كما سنذكره في المتن ، وإنّما‌

__________________

(١) في « رض » : توقّع.

(٢) كذا في النسخ والأولى : قائل لم يدر.

٢٤٩

تعرضنا هنا لما ذكرناه لاحتمال الحديث نوع إرسال من جهة الرجل السائل ، بأن يكون هو المخبر عن النهي ، ولا يبعد ذلك ، ليكون إخباره لمحمد هو السبب للتوقيع ، من جهة عدم دراية محمّد ، وإن كان في حال سماع محمّد النهي يجوز أن يخطر في باله ما ذكره ، فيأتي الجواب مبيّناً لمراده ، إلاّ أنّ الأوّل أبلغ في إظهار المغيبات.

لكن لا يخفى أنّ الإرسال الأوّل غير مضر بعد إخبار محمّد بالجواب الثاني ، غاية الأمر أنّ في البين احتمال أنْ يكون القائل : لم يدر ، الرجل ، وهو المخبر عن التوقيع ، وفيه بُعد ظاهر ، وبتقديره فأخبار محمّد ، عن أبي الحسن علي بن مهزيار كافٍ ، إلاّ أنْ يقال : إنّ المخبر عن أبي الحسن يجوز أن يكون الشيخرحمه‌الله وفيه : أنّ طريقه إلى علي بن مهزيار لا ارتياب فيه ، فليتأمّل.

والخامس : واضح الصحة بعد ما قدّمناه(١) مراراً.

والسادس : فيه الحسن بن شهاب ، وهو مهمل في الرجال(٢) .

والسابع : فيه علي بن السندي ، وقد ذكرنا حاله(٣) بما يغني عن الإعادة ، غير أنّ في رواية علي بن السندي ، عن صفوان بن يحيى نوع قرينة على ما قدمناه(٤) ، من أنّ علي بن السندي يقال له علي بن إسماعيل ، لأنّ في مشيخة الفقيه : علي بن إسماعيل ، عن صفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن عمار(٥) ، وذكرنا سابقاً(٦) ما يدفع الإنكار هنا على ما قلناه ، من‌

__________________

(١) في ص ٤٩ ، ٧٢ ، ١٦٧٠.

(٢) رجال الطوسي : ١٦٧ / ٢٧.

(٣) تقدّم في ص ٢٥٧.

(٤) في ص ٢٥٧.

(٥) مشيخة الفقيه ( الفقيه ٤ ) : ٥.

(٦) في ص ٢٥٧.

٢٥٠

حيث إنّه لا مانع من رواية علي بن إسماعيل وعلي بن السندي ، عن صفوان ، فلا دلالة على الاتحاد ، والذي قدمناه ليس ببعيد أنّه يفيد الاتحاد بنوع تقريب تحتاج إعادته إلى تطويل ، والاحتياج إلى هذه الفائدة اندفاع ما تخيل أنّ علي بن إسماعيل هو علي بن السري أو السدي ، ونحو ذلك.

والثامن : فيه الوليد بن أبان ، وهو مذكور مهملاً في رجال الرضاعليه‌السلام من كتاب الشيخ(١) .

والتاسع : واضح الصحة ، وعدم توثيق إبراهيم ومدحه لا يضر بالحال ؛ لأنّ الظاهر من علي بن مهزيار جزمه بالجواب كما لا يخفى.

والعاشر : فيه أحمد بن إسحاق الأبهري ، ولم أقف عليه في الرجال ، وفي التهذيب(٢) كما هنا ، وقد يحتمل التصحيف بالأشعري ، إلاّ أنّه بعيد.

والحادي عشر : واضح.

المتن :

في الأوّل : يدل على عدم محبتهعليه‌السلام أن يُصلّي في جلود الثعالب ، وهو أعمّ من التحريم والكراهة إنْ لم يكن له ظهور في الكراهة.

والثاني : في معنى الأوّل ؛ إذ المكروه يستعمل في غير المحبوب ، كما يستعمل في المكروه شرعاً ، وفي المحرّم ، والظاهر أنّ الشيخ فهم التحريم من المكروه ، وإلاّ فلا وجه لعدم ذكره ( في المعارض ، وللشيخرحمه‌الله نوع اضطراب في مثل هذا اللفظ ، فتارةً يحكم بأنّه صريح في الكراهة )(٣)

__________________

(١) رجال الطوسي : ٣٩٤ / ١.

(٢) التهذيب ٢ : ٢٠٦ / ٨٠٥.

(٣) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

٢٥١

الأُصولية حتى يجعله مفسِّراً لمراده إذا جمع بين الأخبار ، وتارة يذكره كما هنا في مقام المنع ، ولعلّ مراده هنا التحريم بقرينة غيره ، وفيه ما لا يخفى.

والثالث : ظاهر في النهي ، لكن لا مانع من حمله على الكراهة ، لدلالة ما قبله ، إلاّ أن يقال : إنّ النهي حقيقة ( في التحريم ، وما قبله ليس نصّاً في الكراهة المخالفة للتحريم ، بل يستعمل في التحريم وغيره ، فيبقى(١) النهي على حقيقته )(٢) . وفيه : أنّ ما سيأتي من الأخبار يؤيّد العدول عن النهي حقيقة.

والرابع : لا مانع من حمله على الكراهة ، للمعارض ، لكن الشيخرحمه‌الله كأنّه نظر إلى ما ذكرناه.

وما تضمنه الجواب فيه من التخصيص بما يلصق بالجلد ، قد يدل بظاهره على أنّ النهي ليس متوجهاً إلى الثوب الملاصق للوبر ، مع أنّ الجواب الآخر )(٣) يقتضي النهي عنه أيضاً ، فبتقدير الحمل على التحريم ربما يقال من جانب الشيخ : إنّ السائل لمّا سأل عن الجلد كان الجواب بعدم الصلاة فيه وما يتصل من الثياب ، لاحتمال انفصال جزء منه ، وإنْ كان الوبر حكمه حكم الجلد ، إلاّ أنّه لم يسأل عنه ، ولو فُرض أنّ الجلد يعمّ الوبر ، أمكن أنْ يكون الجواب مطابقاً أيضاً ، لأنّ ما فوقه يحتمل توجه النهي عنه ، بسبب بعد خلّوه عن الشعر وإنْ كان قليلاً ، فيستفاد ما تحته بطريق أولى ، وقد ينظر في هذا بأنّ المقام لا يوافقه ، ولعل الأولى أنْ يقال : إنّ سؤال الرجل كان عن نفس الجلد ، والذي لم يدرِ أتاه الجواب على مراد‌

__________________

(١) في « رض » : فينبغي.

(٢) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٣) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

٢٥٢

السائل.

وأمّا أبو الحسن فسؤاله عن الجلد والوبر محتمل ؛ إذ لم يبيّن السؤال ما هو ، وقوله : عن هذه المسألة ، يحتمل إرادة الجلود مع الوبر ، وارتباطها بالأُولى لتعلقٍ ما. وأنت خبير بأنّ التكلف لا محيد عنه ، بخلاف ما إذا قلنا بالكراهة ، فإنّه يجوز اختلافها شدة وعدمها ، ففي كل جواب على حسب المقتضي.

وأمّا [ الخامس (١) ] : فهو ظاهر الدلالة على جواز الصلاة في جلود الثعالب إذا كانت ذكيّة ، وكذلك [ السادس والسابع(٢) ] ، وفي التهذيب الجرز(٣) منه(٤) .

هذا والحمل على التقية لا يخلو من وجه بالنسبة إلى الشيخ ، لكن لا يخفى أنّ مفاد كلام الشيخ حمل الجواز في الأخبار على حال يكون فيها تقية ، ولو حمل الحكم بالجواز فيها من الأمامعليه‌السلام تقيةً ، أمكن أيضاً(٥) .

وأمّا من يلتفت إلى تصحيح الأحاديث ، فربما ينظر إلى أنّ الصحيح من الأوّل الدال على التحريم هو الأوّل وخبر ابن مهزيار على تقدير التوجيه السابق ؛ والأخبار الدالة على عدم التحريم ( وإن كان الصحيح منها هو الأوّل أيضاً فقط ، لكن سيأتي في الباب الآتي(٦) خبران صحيحا السند ، يدلان‌

__________________

(١) في النسخ : الرابع ، والصحيح ما أثبتناه.

(٢) في النسخ : الخامس والسادس ، والصحيح ما أثبتناه.

(٣) الجِرز بالكسر والراء المهملة والزاي المعجمة : لباس من لباس النساء من الوبر قاله الجوهري ويقال هو الفرو الغليظ. مجمع البحرين ٤ : ٩ ( جرز ).

(٤) التهذيب ٢ : ٣٦٧ / ١٥٢٨.

(٥) في « رض » و « م » زيادة : هذا.

(٦) في ص ١٩٤٢.

٢٥٣

على عدم التحريم )(١) كما ذكره شيخناقدس‌سره في فوائد الكتاب قائلاً : إنّ المحقق في المعتبر ( بعد أن أوردهما يعني الخبرين الآتيين قال : وطريق هذين الخبرين أقوى من تلك الطرق ، ولو عمل بهما عامل )(٢) جاز(٣) ، انتهى. وعلى هذا فالرجحان لأخبار العدم ، أمّا الالتفات في الترجيح إلى ما في سند الأوّل من أخبار المنع من جهة ابن أبان وابن الوليد ، فهو مردود عند جماعة من المتأخّرين(٤) .

نعم ربما يقال : إنّ مفاد الأوّل نفي [ ترجيحه(٥) ]عليه‌السلام ، وهو غير صريح في التحريم ، فلا يقاوم غيره ، لكن المنقول عن المنتهى أنّ فيه ترجيح عدم الجواز في الثعالب والأرانب بالشهرة وكثرة الأخبار والاحتياط(٦) ، وما ذكره من الاحتياط لا يصلح لإثبات التحريم ، وأمّا كثرة الروايات والشهرة ففيها نوع كلام ، لكن الاحتياط في المقام مطلوب ، وسيأتي(٧) بقية القول في الخبرين الواردين في الفنك وغيرهما ، مما يدل على المنع في الثعالب. ولا يخفى أن الخبر الأوّل تضمن الثعالب فقط ، وأمّا الأرانب فما تضمنها غير سليم هنا ، لكن سيأتي(٨) فيما أشرنا إليه ما يشملها.

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٢) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٣) المعتبر ٢ : ٨٧.

(٤) نقد الرجال : ٢٩ / ١٣٠ و ١٠٣ / ٣١.

(٥) في « رض » : توجيهه ، وفي « فض » و « م » : توجيه والظاهر ما أثبتناه ، أو : تحبيبه ، على احتمال.

(٦) حكاه عنه في مجمع الفائدة ٢ : ١٠٠ ، وهو في المنتهى ١ : ٢٢٧.

(٧) في ص ١٩٤٢.

(٨) في ص ١٩٤٥.

٢٥٤

وما قد يقال : إنّ الخبر الأوّل والأخير من الأخبار الدالة على المنع مطلقة ، وما دل على الجواز مقيد بالتذكية ، فيحمل المطلق على غير المذكى ، فيه تأمّل ، لكنه قابل للتوجيه.

[ والثامن(١) ] كما ترى لا يحتاج في توجيهه على وجهٍ لا ينافي غيره إلى إعادة ما قدمناه ، وما تضمنه من الجواز في الفنك يأتي(٢) بيانه في بابه إن شاء الله.

[ والتاسع(٣) ] مع صحته واضح الدلالة على عدم جواز الصلاة في وبر الأرانب المنسوج.

[ والعاشر(٤) ] كذلك ، ويندفع بالأوّل عند من يعتبر الصحة قول من جوز الصلاة في التكة من الوبر ، لكونها مما لا تتم الصلاة فيها منفردة ، وهو منقول عن الشيخ في النهاية(٥) وعن المحقق الميل إلى ذلك والتعدية لكل ما لا يتم الصلاة فيه منفرداً(٦) ، وعن الشهيد في الذكرى : أنّ الأشبه المنع ، وأنّ الاستثناء إنّما يثبت في النجاسة ، وهي مانع عرضي(٧) .

وهذا كلّه حكاه بعض محققي المعاصرين سلّمه الله بعد ذكر الخبر [ الحادي عشر(٨) ] الدال بظاهره على أنّ التكة من وبر الأرانب يصلّى فيها إذا‌

__________________

(١) في النسخ : والخامس ، والصحيح ما أثبتناه.

(٢) في ص ١٩٤٢.

(٣) في النسخ : والسادس ، والصحيح ما أثبتناه.

(٤) في النسخ : والسابع ، والصحيح ما أثبتناه.

(٥) حكاه عنه في المعتبر ٢ : ٨٢ ، وهو في النهاية : ٩٨.

(٦) المعتبر ٢ : ٨٣.

(٧) الذكرى : ١٤٤.

(٨) في النسخ : الثامن ، والصحيح ما أثبتناه.

٢٥٥

كان الوبر ذكيا ، وحكى عن الشهيدرحمه‌الله أنّه أجاب عن الخبر وهو [ الحادي عشر(١) ] أوّلاً : بضعف المكاتبة. و ( ثانياً : )(٢) بوروده في قلنسوة عليها وبر فلا يلزم جواز الصلاة في المتخذ من الوبر ، وقد اعترض على الشهيد من حكينا عنه بتصريح الحديث بأنّ التكة من وبر الأرانب(٣) ، والأمر كذلك ، وقد أوردنا هذا في معاهد التنبيه وغيره على شيخناقدس‌سره حيث ذكر نحو ما قاله الشهيد(٤) .

ونزيد في المقام كلاماً وهو : أنّ الخبر [ العاشر(٥) ] قد دل على عدم الجواز ، والخبر [ الحادي عشر(٦) ] لو أريد فيه الجواز في التكة المعمولة من الوبر حصلت المنافاة ، فعدم التفات الشيخ إلى ذلك غريب كعدم التفات الشهيدرحمه‌الله في كلامه إليه ، بل إلى [ الحادي عشر(٧) ].

وربّما يقال في دفع المنافاة : أنّ [ الحادي عشر(٨) ] يحمل على الشعرات التي على القلنسوة ، والعاشر على المنسوج ، أو يحمل العاشر على الكراهة [ والحادي عشر(٩) ] على الجواز.

ولعل الثاني له ظهور ، من حيث إنّ الشعرات وقعت مع غيرها ، وهي التكة المنسوجة من الوبر ، فالتخصيص بعيد مع اتحاد الجواب ، وإن دُفع هذا بوقوع نظيره في مواضع أمكن أن يوجّه الظهور : بأنّ اشتراط التذكية في جواز‌

__________________

(١) في النسخ : الثامن ، والصحيح ما أثبتناه.

(٢) ما بين القوسين أضفناه من المصدر.

(٣) انظر الحبل المتين : ١٨٣.

(٤) الذكرى : ١٤٤.

(٥) في النسخ : السابع والصواب ما أثبتناه.

(٦) في النسخ : الثامن والصواب ما أثبتناه.

(٧) في النسخ : الثامن والصواب ما أثبتناه.

(٨) في النسخ : الثامن والصواب ما أثبتناه.

(٩) في النسخ : الثامن والصواب ما أثبتناه.

٢٥٦

الشعرات الملقاة على القلنسوة دون المعمولة من الوبر ، بحيث لا تجوز الصلاة فيها وإن كان الوبر مذكى ، بعيد ، لأنّ العلة عدم الصلاة في القلنسوة منفردة.

وقد يقال بجواز اختصاص الشيخ بما لا يشاركه غيره ، وفيه : أنّ ما دل على الصلاة في شعر الإنسان يدل على أنّ الذكاة لا تعتبر في غير المنسوج ، لكن لا يخفى عدم ورود هذا بعد ملاحظة ما ذكرناه في معاهد التنبيه في الحديث المتضمن لشعر الإنسان ، من أنّ الخبر المنقول في الفقيه ظاهر في شعر الإنسان نفسه(١) ، وإنّما الشيخ نقله ، والراوي واحد ، لكن المتن فيه تغيير يظن منه شمول شعر الإنسان لمن يصلّي به وغيره ، وإذا تحقق الاختصاص فلا مشاركة لما نحن فيه ، بل وعلى تقدير ثبوت شعر مطلق الإنسان لا مشاركة.

والحقّ أنّ الخبرين متعارضان ، أعني [ الحادي عشر والعاشر ](٢) والجمع بالكراهة ظهوره من جهة احتياج اعتبار المنسوج وعدمه إلى زيادة بعدٍ عن ظاهر الجواب والسؤال في [ الحادي عشر(٣) ].

وإذا عرفت هذا كلّه ظهر لك ما في إجمال الشيخ في المقام ، فتأكيد الأخبار لمطلوبه محل كلام.

وفي التهذيب بعد ذكر حديث جميل وهو الخامس قال : يحتمل أن يكون لا بأس به إذا كان على مثل القلنسوة وما أشبهها ممّا لا تتم الصلاة بها ، قال : والذي يكشف عما ذكرناه : ما رواه محمّد بن أحمد بن يحيى ، وذكر [ الحادي عشر(٤) ] ، ثم احتمل التقية ، واحتمل أيضاً أن تكون « في » ‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ١٧٢ / ٨١٢ ، الوسائل ٣ : ٢٧٧ أبواب لباس المصلي ب ١٨ ح ١.

(٢) في النسخ : الثامن والسابع ، والصحيح ما أثبتناه.

(٣) في النسخ : الثامن ، والصواب ما أثبتناه.

(٤) في النسخ : الثامن ، والصواب ما أثبتناه.

٢٥٧

بمعنى « على » فكأنّهعليه‌السلام قال : لا بأس بالوقوف عليه(١) ، انتهى.

وفي كلام بعض محققي المعاصرين سلّمه الله أنّ هذا يقتضي تعدية الحكم إلى كل ما لا تتم الصلاة فيه من التكة وغيرها من الأرانب والثعالب(٢) ، انتهى. وأنت إذا تأمّلت عبارة الشيخ إلى آخرها يظهر لك حقيقة الحال.

ثم ما تضمنه الخبر المبحوث عنه وهو [ الحادي عشر(٣) ] من قوله : عليها وبر ما لا يؤكل لحمه ، وقولهعليه‌السلام في الجواب : « إذا كان الوبر ذكيا » إلى آخره. فيه شمول بحسب الظاهر في السؤال للطاهر ونجس العين ، والجواب : يحتمل أن يراد بالذكاة فيه : الطهارة ، لاستعمالها في ذلك ، كما في قولهعليه‌السلام ( « كل يابس ذكي » وقراءتها بالزاء تصحيف ، والوجه في اشتراط الطهارة لإخراج نجس )(٤) العين.

ويحتمل ( أن يراد بالذكاة )(٥) : المقررة.

فالأول : يمكن ادعاء عدم صحته ؛ لأنّ طاهر العين لا تصح الصلاة فيه إذا كان من ميتة ، مع أنّه طاهر ، لعدم الخلاف المحقق في ذلك ، نعم في الظن نوع إطلاق في بعض الأخبار.

وأمّا الثاني : فالذكاة حينئذٍ فيما يقبلها لا ارتياب في الحكم معها ، أمّا ما لا يقبلها فلا يبعد عدم جواز الصلاة فيه ، لظاهر النص.

وقد يشكل بأنّ الذكي يقال للطاهر فلا مانع من إرادته في الخبر ، فإذا‌

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٢٠٦ / ٨٠٩.

(٢) البهائي في الحبل المتين : ١٨٣.

(٣) في النسخ : الثامن ، والصواب ما أثبتناه.

(٤) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٥) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

٢٥٨

خرج ما ميتته نجسة بالإجماع بقي الباقي ، وفيه : أنّ اشتراك الذكاة كافٍ في المنع ، إلاّ أن يقال : إنّ الاشتراك ينافي الاستدلال من أصله في الحكمين ، فلا بدّ من الاعتماد على الظهور.

وما عساه يقال : إنّ المنسوج من وبر الأرانب هو المسئول عنه ، والجواب حينئذٍ يفيد أنّ المنسوج من وبر الأرانب ( إذا كان الوبر ذكيا جاز ، فلا يعم الخبر جميع الوبر. يمكن الجواب عنه : بأنّ الوبر المذكور أوّلاً عام فيتم )(١) المطلوب ، وفيه : أنّ ( الوبر الأوّل لما كان على القلنسوة فلا ينفع عمومه في المنسوج ، ومن هنا يظهر أنّ )(٢) إطلاق جواب بعض محققي المعاصرين سلّمه الله عن كلام الشهيدرحمه‌الله (٣) غير تام.

وقد ذكرت في حاشية التهذيب ما يدل على عدم جواز الصلاة فيما لا يتم فيه منفرداً ، بل وعلى عدم جوازها مع حمله إذا كان غير طاهر ، بسبب عدم الذكاة ، وهو ما رواه علي(٤) بن جعفر في الصحيح ، وحاصله السؤال عن الصلاة مع فأرة المسك ، والجواب أنّه لا بأس إذا كان ذكيا(٥) ، وغير ذلك من الأخبار المؤيدة(٦) .

وما قاله شيخناقدس‌سره (٧) وبعض محققي المعاصرين ـ سلّمه الله ـ(٨) من‌

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٢) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٣) تقدّم في ص ١٩٣٨.

(٤) في التهذيب ٢ : ٣٦٢ : عبد الله.

(٥) التهذيب ٢ : ٣٦٢ / ١٥٠٠ ، الوسائل ٤ : ٤٣٣ أبواب لباس المصلي ب ٤١ ح ٢.

(٦) الوسائل ٤ : ٤٣٣ أبواب لباس المصلي ب ٤١.

(٧) مدارك الاحكام ٢ : ٢٧٥.

(٨) حبل المتين : ١٠١.

٢٥٩

احتمال الحديث لإرادة الطهارة من النجاسة العارضة ، قد ذكرنا فيه أنّه لا يخلو من غرابة ؛ لأنّ المنع مع النجاسة العارضة يقتضي ذلك مع الأصلية بطريق أولى عند الموجهين. ( وعلى تقدير عدم التسليم فاشتراط عدم النجاسة العارضية(١) كأنّه لا قائل به.

وأمّا ما تضمنه الخبر )(٢) من عدم حل الصلاة في الحرير المحض فسيأتي(٣) القول فيه في بابه ان شاء الله.

قوله :

باب الصلاة في الفنك والسمّور(٤) والسنجاب

محمّد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن بكير قال : سأل زرارة أبا عبد الله عليه‌السلام عن الصلاة في الفنك والثعالب والسنجاب وغيره من الوبر؟ فأخرج كتاباً زعم أنّه إملاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّ الصلاة في وبر كل شي‌ء حرام أكله فالصلاة في وبره وشعره وجلده وبوله وروثه وكل شي‌ء منه فاسد لا تقبل تلك الصلاة حتى يصلّى في غيره مما أحلّ الله أكله ، ثم قال : يا زرارة هذا من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فاحفظ ذلك يا زرارة ، فإن كان مما يؤكل لحمه فالصلاة في وبره وبوله وشعره وروثه وألبانه وكل شي‌ء منه جائزة إذا علمت أنّه ذكي قد ذكّاه الذبح ، وإن كان غير ذلك ممّا قد نهيت عن‌

__________________

(١) ليس في « فض » و « م ».

(٢) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٣) في ص ١٩٥٤.

(٤) السمور : بالفتح كتنور دابة معروفة يتخذ من جلدها فراء مثمنة تكون ببلاد الترك تشبه النمر ومنه أسود لامِع وأشقر. مجمع البحرين ٣ : ٣٣٦ ( سمر ).

٢٦٠