إستقصاء الإعتبار الجزء ٧

إستقصاء الإعتبار12%

إستقصاء الإعتبار مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف: مكتبة القرآن الكريم
ISBN: 964-319-179-6
الصفحات: 463

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 463 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 59710 / تحميل: 5928
الحجم الحجم الحجم
إستقصاء الإعتبار

إستقصاء الإعتبار الجزء ٧

مؤلف:
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-١٧٩-٦
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

ونمنع كون الكفّارة عقوبةً ، وينتقض قياسه بوجوب الكفّارة في السفر القصير مع وقوع الخلاف فيه.

مسألة ٧٤ : يستحب الترائي للهلال ليلة الثلاثين من شعبان ورمضان‌ ، وتطلّبه ؛ ليحتاطوا بذلك لصيامهم ، ويسلموا من الاختلاف.

وقد روى العامّة أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : ( أحصوا هلال شعبان لرمضان )(١) .

ومن طريق الخاصة : ما روي عن الباقرعليه‌السلام ، قال : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : مَن ألحق في شهر رمضان يوماً من غيره متعمّداً ، فليس يؤمن بالله ولا بي »(٢) .

ولأنّ الصوم واجب في أول رمضان ، وكذا الإِفطار في العيد ، فيجب التوصّل إلى معرفة وقتهما ؛ لأنّ ما لا يتمّ الواجب إلّا به فهو واجب.

مسألة ٧٥ : يستحب لرائي الهلال الدعاء‌ ؛ لأنّه انتقال من زمان الى آخر ، فاستحبّ فيه الدعاء بطلب الخير فيه.

روى العامّة أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان يقول إذا رأى الهلال : ( الله أكبر ، اللّهم أهلّه علينا بالأمن والإِيمان ، والسلامة والإِسلام ، والتوفيق لما تحبّ وترضى ، ربّي وربّك الله )(٣) .

ومن طريق الخاصة : قول الباقرعليه‌السلام : « إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان إذا أهلّ شهر رمضان ، استقبل القبلة ، ورفع يديه ، وقال : اللّهم أهلّه علينا بالأمن والإِيمان ، والسلامة والإِسلام ، والعافية المجلّلة(٤) ،

____________________

(١) سنن الدار قطني ٢ : ١٦٢ - ١٦٣ / ٢٨ ، سنن الترمذي ٣ : ٧١ / ٦٨٧.

(٢) التهذيب ٤ : ١٦١ / ٤٥٤.

(٣) سنن الدارمي ٢ : ٣ - ٤ ، كنز العمّال ٨ : ٥٩٥ / ٢٤٣٠٩ نقلاً عن تأريخ ابن عساكر ، المعجم الكبير للطبراني ١٢ : ٣٥٦ / ١٣٣٣٠ ، وأوردها ابنا قدامة في المغني ٣ : ١٠ ، والشرح الكبير ٣ : ٥ ، وقالا : رواه الأثرم.

(٤) جلّل الشي‌ءُ ، أي : عمّ. لسان العرب ١١ : ١١٨ « جلل ».

١٢١

والرزق الواسع ، ودفع الأسقام ، اللّهم ارزقنا صيامه وقيامه وتلاوة القرآن فيه ، اللّهم سلّمه لنا ، وتسلّمه منّا ، وسلّمنا فيه »(١) .

وكان أمير المؤمنينعليه‌السلام ، إذا اُهلّ هلال رمضان أقبل الى القبلة ، وقال : « اللّهم أهلّه علينا بالأمن والإِيمان ، والسلامة والإِسلام ، والعافية المجلّلة ، اللّهم ارزقنا صيامه وقيامه وتلاوة القرآن فيه ، اللّهم تقبّله لنا ، وتسلّمه منّا ، وسلّمنا فيه »(٢) .

وكانعليه‌السلام أيضاً يقول : « إذا رأيت الهلال ، فلا تبرح وقُل : اللّهم إنّي أسألك خير هذا الشهر وفتحه ونوره ونصره وبركته وطهوره ورزقه ، أسألك خير ما فيه وخير ما بعده ، وأعوذ بك من شرّ ما فيه وشرّ ما بعده ، اللّهم أدخله علينا بالأمن والإِيمان ، والسلامة والإِسلام ، والبركة والتقوى ، والتوفيق لما تحبّ وترضى »(٣) .

وكان من قول أمير المؤمنينعليه‌السلام أيضاً عند رؤية الهلال : « أيّها الخلق المطيع ، الدائب(٤) السريع ، المتردّد في فلك التدوير(٥) ، المتصرّف في منازل التقدير ، آمنت بمن نوّر بك الظُلَم ، وأضاء بك البهم ، وجعلك آيةً من آيات سلطانه ، وامتهنك(٦) بالزيادة والنقصان والطلوع والاُفول ، والإِنارة والكسوف ، في كلّ ذلك أنت له مطيع ، والى إرادته سريع ، سبحانه ما أحسن‌

____________________

(١) الكافي ٤ : ٧٠ - ٧١ / ١ ، التهذيب ٤ : ١٩٦ - ١٩٧ / ٥٦٢.

(٢) الكافي ٤ : ٧٣ - ٧٤ / ٤ ، التهذيب ٤ : ١٩٧ / ٥٦٣.

(٣) الكافي ٤ : ٧٦ / ٩ ، الفقيه ٢ : ٦٢ / ٢٦٨ ، التهذيب : ١٩٧ / ٥٦٤.

(٤) الدأب : الجدّ في العمل. مجمع البحرين ٢ : ٥٤.

(٥) في المصدر : التدبير.

(٦) في النسخ الخطية : وامتحنك ؛ بدل وامتهنك. وامتهنه ، أي : استعمله للمهنة. والمهنة : الخدمة. لسان العرب ١٣ : ٤٢٤ و ٤٢٥.

١٢٢

ما دبّر ، وأتقن ما صنع في ملكه ، وجعلك الله [ هلال ](١) شهر حادث لأمر حادث ، جعلك الله هلال أمن وأمان ، وسلامة وإسلام ، هلال أمن(٢) من العاهات ، وسلامة من السيّئات ، اللّهم اجعلنا أهدى مَن طلع عليه ، وأزكى مَن نظر اليه ، وصلّ على محمد وآله ، وافعل بي كذا وكذا يا أرحم الراحمين »(٣) .

مسألة ٧٦ : إذا رأى الهلالَ أهلُ بلد ، ولم يره أهل بلد آخر‌ ، فإن تقاربت البُلدان كبغداد والكوفة ، كان حكمهما واحداً : يجب الصوم عليهما معاً ، وكذا الإِفطار ، وإن تباعدتا كبغداد وخراسان والحجاز والعراق ، فلكلّ بلد حكم نفسه ، قاله الشيخ(٤) ، وهو المعتمد ، وبه قال أبو حنيفة ، وهو قول بعض الشافعية ، ومذهب القاسم وسالم وإسحاق(٥) ؛ لما رواه كُرَيب أنّ اُمّ الفضل بنت الحارث بَعَثَته إلى معاوية بالشام ، قال : قدمت الشام فقضيت بها حاجتي واستهلّ عليّ رمضان ، فرأينا الهلال ليلة الجمعة ؛ ثم قدمت المدينة في آخر الشهر ، فسألني عبد الله بن عباس وذكر الهلال ، فقال : متى رأيتم الهلال؟ فقلت : ليلة الجمعة ، فقال : أنت رأيته؟ قلت : نعم ورآه الناس وصاموا وصام معاوية ؛ فقال : لكنّا رأيناه ليلة السبت ، فلا نزال نصوم حتى نكمل العدّة أو نراه ؛ فقلت : أوَ لا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ قال : لا ، هكذا أمرنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٦) .

____________________

(١) ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.

(٢) في النسخ الخطية : أمنه.

(٣) الفقيه ٢ : ٦٣ / ٢٧٠.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ٢٦٨.

(٥) فتح العزيز ٦ : ٢٧١ - ٢٧٢ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٦٨ ، المجموع ٦ : ٢٧٣ و ٢٧٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٨٠ ، المغني ٣ : ١٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٧.

(٦) صحيح مسلم ٢ : ٧٦٥ / ١٠٨٧ ، سنن الترمذي ٣ : ٧٦ - ٧٧ / ٦٩٣ ، سنن أبي داود ٢ : ٢٩٩ - ٣٠٠ / ٢٣٣٢ ، سنن النسائي ٤ : ١٣١ ، سنن الدار قطني ٢ : ١٧١ / ٢١ ، =

١٢٣

ولأنّ البُلدان المتباعدة تختلف في الرؤية باختلاف المطالع والأرض كرة ، فجاز أن يرى الهلال في بلد ولا يظهر في آخر ؛ لأنّ حَدَبَة(١) الأرض مانعة من رؤيته ، وقد رصد ذلك أهل المعرفة ، وشُوهد بالعيان خفاء بعض الكواكب القريبة لـمَن جدّ في السير نحو المشرق وبالعكس.

وقال بعض الشافعية : حكم البلاد كلّها واحد ، متى رئي الهلال في بلد وحكم بأنّه أول الشهر ، كان ذلك الحكم ماضياً في جميع أقطار الأرض ، سواء تباعدت البلاد أو تقاربت ، اختلفت مطالعها أو لا - وبه قال أحمد بن حنبل والليث بن سعد(٢) ، وبعض علمائنا - لأنّه يوم من شهر رمضان في بعض البلاد للرؤية ، وفي الباقي بالشهادة ، فيجب صومه ؛ لقوله تعالى( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) (٣) .

وقولهعليه‌السلام : ( فرض الله صوم شهر رمضان )(٤) وقد ثبت أنّ هذا اليوم منه.

ولأنّ الدَّين يحلّ به ، ويقع به النذر المعلّق عليه.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « فإن شهد أهل بلد آخر فاقضه »(٥) .

وقالعليه‌السلام ، في مَن صام تسعة وعشرين ، قال : « إن كانت له بيّنة عادلة على أهل مصر أنّهم صاموا ثلاثين على رؤية ، قضى يوماً »(٦) .

ولأنّ الأرض مسطّحة ، فإذا رئي في بعض البلاد عرفنا أنّ المانع في‌

____________________

= سنن البيهقي ٤ : ٢٥١.

(١) الحَدَبَة : ما أشرف من الأرض وغلظ وارتفع. لسان العرب ١ : ٣٠١.

(٢) فتح العزيز ٦ : ٢٧٢ ، المجموع ٦ : ٢٧٣ و ٢٧٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٨١ ، المغني ٣ : ١٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٧.

(٣) البقرة : ١٨٥.

(٤) صحيح البخاري ٣ : ٣١ ، سنن النسائي ٤ : ١٢١ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٠١ نقلاً بالمعنى.

(٥) التهذيب ٤ : ١٥٧ - ١٥٨ / ٤٣٩ ، الاستبصار ٢ : ٦٤ / ٢٠٦.

(٦) التهذيب ٤ : ١٥٨ / ٤٤٣.

١٢٤

غيره شي‌ء عارض ؛ لأنّ الهلال ليس بمحل الرؤية.

ونمنع كونه يوماً من رمضان في حق الجميع ؛ فإنه المتنازع ، ولا نسلّم التعبّد بمثل هذه الشهادة ؛ فإنّه أول المسألة.

وقول الصادقعليه‌السلام محمول على البلد المقارب لبلد الرؤية ؛ جمعاً بين الأدلّة.

ونمنع تسطيح الأرض ، بل المشهور : كرؤيتها.

فروع :

أ - اختلفت الشافعية في الضابط لتباعد البلدين ، فبعضهم اعتبر مسافة القصر(١) .

وقال بعضهم : الاعتبار بمسافة يظهر في مثلها تفاوت في المناظر ، فقد يوجد التفاوت مع قصور المسافة عن مسافة القصر ؛ للارتفاع والانخفاض ، وقد لا يوجد مع مجاوزتها لها ؛ وهذا لا قائل به(٢) .

وبعضهم اعتبر ما قلناه وضبطوا التباعد : بأن يكون بحيث تختلف المطالع ، كالحجاز والعراق ، والتقارب : بأن لا تختلف ، كبغداد والكوفة(٣) .

ومنهم مَن اعتبر اتّحاد الإِقليم واختلافه(٤) .

ب - لو شرع في الصوم في بلد ثم سافر الى بلد بعيد لم يُرَ الهلال فيه في يومه الأول ، فإن قلنا : لكلّ بلدة حكمها ، فهل يلزمه أن يصوم معهم أم(٥) يفطر؟ وجهان : أحدهما : أنّه يصوم معهم - وهو قول بعض الشافعية(٦) - لأنّه بالانتقال الى بلدهم أخذ حكمهم ، وصار من جملتهم.

والثاني : أنّه يفطر ؛ لأنّه التزم حكم البلدة الاُولى ، فيستمرّ عليه ، وشبّه‌

____________________

(١ - ٤ ) فتح العزيز ٦ : ٢٧٣ - ٢٧٥ ، والمجموع ٦ : ٢٧٣.

(٥) في « ط » والطبعة الحجرية : « أو » بدل « أم ».

(٦) فتح العزيز ٦ : ٢٧٧.

١٢٥

ذلك بمن اكترى دابة لزمه الكراء بنقد البلد المنتقل عنه.

وإن عمّمنا الحكم سائر(١) البلاد ، فعلى أهل البلدة المنتقل اليها موافقته إن ثبت عندهم حال البلدة المنتقل عنها إمّا بقوله ؛ لعدالته ، أو بطريق آخر ، وعليهم قضاء اليوم الأول.

ج - لو سافر من البلدة التي يُرى(٢) فيها الهلال ليلة الجمعة الى التي يُرى(٣) فيها الهلال ليلة السبت ، ورؤي هلال شوّال ليلة السبت ، فعليهم التعييد معه وإن لم يصوموا إلّا ثمانية وعشرين يوماً ، ويقضون يوماً.

وعلى قياس الوجه الأول لا يلتفتون الى قوله : رأيت الهلال ، وإن قُبِل في الهلال قولُ عدل.

وعلى عكسه لو سافر من حيث لم يُرَ فيه الهلالُ الى حيث رؤي ، فيعيّدوا التاسع والعشرين من صومه ، فإن(٤) عمّمنا الحكم ، وقلنا : حكمه حكم البلد المنتقل اليه ، عيَّد معهم ، وقضى يوماً ، وإن لم نعمّم الحكم وقلنا : إنّه بحكم البلد المنتقل عنه ، فليس له أن يفطر.

د - لو رؤي الهلال في بلد ، فأصبح الشخص معيِّداً ، وسارت به السفينة ، وانتهى الى بلدة على حدّ البُعد ، فصادف أهلها صائمين ، احتمل أن يلزمه إمساك بقية اليوم حيث قلنا : إنّ كلّ بلدة لها حكمها ، وعدمه ؛ لأنّه لم يرد فيه أثر ، ويجزئه اليوم الواحد ، وإيجاب إمساك بعضه بعيد.

ولو انعكس الحال ، فأصبح الرجل صائماً ، وسارت به السفينة الى حيث عيّدوا ، فإن عمّمنا الحكم أو قلنا : إنّ حكمه حكم البلدة المنتقل اليها ، أفطر ، وإلّا فلا.

وإذا أفطر ، قضى يوماً ؛ لأنّه لم يَصُم إلّا ثمانية وعشرين يوماً.

____________________

(١) « سائر » منصوب بنزع الخافض.

(٢ و ٣ ) الأنسب في الموضعين : رؤي.

(٤) في النسخ الخطية والطبعة الحجرية : « وإن » بدل « فإن » وما أثبتناه يقتضيه السياق.

١٢٦

مسألة ٧٧ : إذا رؤي الهلال يوم الثلاثين ، فهو للمستقبلة(١) ‌، سواء رؤي قبل الزوال أو بعده ، فإن كان هلالَ رمضان ، لم يلزمهم صيام ذلك اليوم ، وإن كان هلالَ شوّال ، لم يَجُز لهم الإِفطار إلّا بعد غروب الشمس ، عند علمائنا أجمع - وبه قال مالك والشافعي وأبو حنيفة(٢) - لما رواه العامة عن أبي وائل منصور بن سلمة(٣) ، قال : جاءنا كتاب عمر ونحن بخانقين : أنّ الأهلّة بعضها أكبر من بعض ، فإذا رأيتم الهلال في أول النهار ، فلا تفطروا(٤) حتى تُمسُوا ، إلّا أن يشهد رجلان مسلمان أنّهما أهلّاه بالأمس عشيّة.

ومن طريق الخاصة : ما روى محمد بن عيسى ، قال : كتبت اليهعليه‌السلام : جعلت فداك ربما غُمّ(٥) علينا هلال شهر رمضان ، فيُرى من الغد الهلال قبل الزوال ، وربما رأيناه بعد الزوال فترى أن نفطر قبل الزوال إذا رأيناه ، أم لا؟ وكيف تأمر في ذلك؟ فكتبعليه‌السلام : « تمّم الى الليل ، فإنّه إن كان تامّاً رؤي قبل الزوال »(٦) .

____________________

(١) أي : للّيلة المستقبلة.

(٢) الكافي في فقه أهل المدينة : ١٢٠ ، المنتفى للباجي ٢ : ٣٩ ، المجموع ٦ : ٢٧٢ ، فتح العزيز ٦ : ٢٨٦ ، حلية العلماء ٣ : ١٨٠ ، بدائع الصنائع ٢ : ٨٢ ، المغني ٣ : ١٠٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٧.

(٣) هكذا في النسخ الخطية والطبعة الحجرية ، وفي المصادر الحديثية : سفيان عن منصور عن أبي وائل.

واسم أبي وائل : شقيق بن سلمة ؛ لا منصور بن سلمة.

ونقل الرافعي في فتح العزيز ٦ : ٢٨٧ هذه الرواية عن سفيان بن سلمة ، ونقلها ابنا قدامة في المغني ٣ : ١٠٨ ، والشرح الكبير ٣ : ٧ ، عن أبي وائل فقط.

اُنظر : سنن الدار قطني ٢ : ١٦٩ / ١٠ ، وسنن البيهقي ٤ : ٢١٣ ، واُسد الغابة ٣ : ٣ ، وتهذيب التهذيب ٤ : ٣١٧.

(٤) في النسخ الخطية : « فلا تفطرُنّ » بدل « فلا تفطروا ».

(٥) غُمّ الهلال على الناس : إذا ستره عنهم غَيمٌ أو غيره فلم يُر. الصحاح ٥ : ١٩٩٨.

(٦) التهذيب ٤ : ١٧٧ / ٤٩٠ ، الاستبصار ٢ : ٧٣ / ٢٢١.

١٢٧

وقال الباقرعليه‌السلام : « قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : إذا رأيتم الهلال فأفطروا ، أو يشهد عليه عدل من المسلمين ، فإن لم تروا الهلال إلّا من وسط النهار أو آخره ، فأتمّوا الصيام الى الليل ، فإنّ غُمّ عليكم ، فعدّوا ثلاثين ثم أفطروا »(١) .

وقال الثوري : إن رؤي قبل الزوال ، فهو للّيلة الماضية ، وإن رؤي بعده ، فهو للمستقبلة(٢) . وبه قال أبو يوسف(٣) .

وقال أحمد : إن كان في أول شهر رمضان ، وكان قبل الزوال ، فهو للماضية ، وإن كان في هلال شوّال ، فروايتان : إحداهما : أنّها كذلك ، والثانية : لمستقبلة ، لقولهعليه‌السلام : ( صُوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ) وقد رأوه ، فيجب الصوم والفطر.

ولأنّ ما قبل الزوال أقرب الى الماضية(٤) .

والمراد في الخبر : إذا رأوه عشية ؛ بدليل ما لو رؤي بعد الزوال.

وعلى الرواية التي لأحمد : أنّه عن الماضية في أول رمضان ، يلزمه قضاء ذلك اليوم ، وإمساك بقيته احتياطاً للعبادة(٥) .

وهو غلط ؛ لأنّ ما كان للّيلة المـُقبلة في آخره فهو لها في أوله ، كما لو رؤي بعد العصر.

____________________

(١) الفقيه ٢ : ٧٧ / ٣٣٧ ، التهذيب ٤ : ١٥٨ / ٤٤٠ و ١٧٧ / ٤٩١ ، الاستبصار ٢ : ٦٤ / ٢٠٧ و ٧٣ / ٢٢٢.

(٢ و ٣ ) المغني ٣ : ١٠٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٧ ، المجموع ٦ : ٢٧٢ - ٢٧٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٨٠ ، فتح العزيز ٦ : ٢٨٦ - ٢٨٧ ، بداية المجتهد ١ : ٢٨٥ ، شرح فتح القدير ٢ : ٢٤٣.

(٣) المغني ٣ : ١٠٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٧ ، المجموع ٦ : ٢٧٢ - ٢٧٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٨٠ ، فتح العزيز ٦ : ٢٨٦ - ٢٨٧ ، بداية المجتهد ١ : ٢٨٥ ، شرح فتح القدير ٢ : ٢٤٣.

(٤) المغني ٣ : ١٠٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٧ ، فتح العزيز ٦ : ٢٨٧ ، حلية العلماء ٣ : ١٨٠ ، وتقدّمت الإِشارة الى مصادر الحديث في الهامش (٥) من ص ١١٨.

(٥) المغني ٣ : ١٠٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٧.

١٢٨

النظر الثاني:

في الإِخبار‌

مسألة ٧٨ : لو لم يُر الهلال إمّا لعدم تطلّبه أو لعدم الحاسة أو لِغُمٍّ وشبهه أو لغير ذلك من الأسباب ، اعتبر بالشهادة‌ بإجماع علماء الأمصار.

على أنّ للشهادة اعتباراً في رؤية الهلال ، وأنّها علامة على الشهر ، وإنّما الخلاف وقع في عدد الشهود.

والمشهور عند علمائنا : أنّه لا يقبل في رؤية الهلال في رمضان وغيره إلّا شهادة رجلين عدلين سواء الصحو والغيم ، وسواء كانا من نفس البلد أو خارجه - وبه قال مالك والليث والأوزاعي وإسحاق والشافعي في أحد القولين ، وأحمد في إحدى الروايتين(١) - لما رواه العامة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال : ( صُوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ، فإن غمّ عليكم فعدّوا ثلاثين ، فإن شهد ذوا عدل ، فصوموا وأفطروا وانسكوا )(٢) .

وقالعليه‌السلام : ( صُوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ، فإن غمّ عليكم فأكملوا شعبان ثلاثين يوماً إلّا أن يشهد شاهدان )(٣) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام : « إنّ علياًعليه‌السلام قال : لا تقبل شهادة النساء في رؤية الهلال إلّا شهادة رجلين عدلين »(٤) .

____________________

(١) بداية المجتهد ١ : ٢٨٦ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١١٩ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٨٦ ، فتح العزيز ٦ : ٢٥٠ ، المجموع ٦ : ٢٧٧ و ٢٨٢ ، المغني ٣ : ٩٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٨.

(٢) أورده بتفاوت يسير ابنا قدامة في المغني ٣ : ٩٧ ، والشرح الكبير ٣ : ٨ ، وراجع : سنن الدارقطني ٢ : ١٦٧ - ٣ ، وسنن النسائي ٤ : ١٣٣.

(٣) أورده الرافعي في فتح العزيز ٦ : ٢٥٠ ، وبتفاوت في سنن النسائي ٤ : ١٣٣.

(٤) التهذيب ٤ : ١٨٠ / ٤٩٨.

١٢٩

ولأنّها عبادة فاعتبر عددها بأعمّ الشهادات وقوعاً ؛ اعتباراً بالأعمّ الأغلب.

وقال سلّار من علمائنا : يقبل في أول رمضان شهادة الواحد العدل ، ولا يقبل في غيره إلّا شهادة عدلين(١) - وهو أحد قولي الشافعي ، والرواية الثانية عن أحمد ، وقول ابن المبارك(٢) - لما رواه العامة عن ابن عباس ، قال : جاء أعرابي الى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : رأيت الهلال ؛ قال : ( أتشهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله؟ ) قال : نعم ؛ قال : ( يا بلال أذّن في الناس فليصوموا )(٣) .

ومن طريق الخاصة : ما رواه محمد بن قيس عن الباقرعليه‌السلام ، قال : « قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : إذا رأيتم الهلال فأفطروا ، أو شهد عليه عدل من المسلمين »(٤) .

ولأنّ الاحتياط للعبادة يقتضي قبول الواحد.

ولأنّه خبر عن وقت الفريضة فيما طريقه المشاهدة ، فقبل من واحد كالخبر بدخول وقت الصلاة.

ولأنّه خبر ديني يشترك فيه المخبِر والمخبَر ، فقبل من واحدٍ عدلٍ كالرواية.

ورواية ابن عباس حكاية حال لا عموم لها ، فيحتمل أنّه شهد عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله شاهد آخر.

____________________

(١) المراسم : ٢٣٣.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٦ ، المجموع ٦ : ٢٨٢ ، فتح العزيز ٦ : ٢٥٠ ، حلية العلماء ٣ : ١٨٠ ، بداية المجتهد ١ : ٢٨٦ ، المغني ٣ : ٩٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٨.

(٣) سنن أبي داود ٢ : ٣٠٢ / ٢٣٤٠ ، سنن الترمذي ٣ : ٧٤ / ٦٩١ ، سنن النسائي ٤ : ١٣٢ ، سنن الدارمي ٢ : ٥ ، المستدرك - للحاكم - ١ : ٤٢٤ ، سنن البيهقي ٤ : ٢١١.

(٤) الفقيه ٢ : ٧٧ / ٣٣٧ ، التهذيب ٤ : ١٥٨ / ٤٤٠ و ١٧٧ / ٤٩١ ، الاستبصار ٢ : ٦٤ / ٢٠٧ و ٧٣ / ٢٢٢.

١٣٠

ويحتمل أن يكون قد حصل بشهادة الأعرابي ظنّ ، فأمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بالصوم غداً ؛ ليتحفّظوا من الفطر ، فربما شهد بعد ذلك في النهار(١) شاهد آخر ، فيثبت أنّه من رمضان ، فلا ينبغي المبادرة فيه بالإِفطار.

وقول أمير المؤمنينعليه‌السلام ، نقول بموجبه ، ولا يدلّ على مطلوبهم ؛ لأنّ لفظة « العدل » يصح إطلاقها على الواحد فما زاد ؛ لأنّه مصدر يصدق على القليل والكثير ، تقول : رجل عدل. ورجلان عدل. ورجال عدل. ونمنع قبول خبر الواحد في دخول وقت الصلاة. والرواية قُبِل فيها الواحد ، للإِجماع ؛ فإنّه يشترط في الشهادة ما لا يشترط في الرواية ؛ لعظم خطرها.

وللشيخ -رحمه‌الله تعالى - قولان :

قال في المبسوط : إن كان في السماء علّة وشهد عدلان من البلد أو خارجه برؤيته ، وجب الصوم ، وإن لم يكن هناك علّة لم يقبل إلّا شهادة القسامة خمسين رجلاً من البلد أو خارجه(٢) .

وقال في النهاية : إن كان في السماء علة ولم يَرَه جميعُ أهل البلد ورآه خمسون نفساً ، وجب الصوم ، ولا يجب الصوم إذا رآه واحد أو اثنان ، بل يلزم فرضه لمن رآه حسب ، وليس على غيره شي‌ء.

ومتى كان في السماء علّة ولم يُرَ في البلد الهلالُ ورآه خارج البلد شاهدان عدلان ، وجب أيضاً الصوم ، وإن لم يكن في السماء علّة وطلب فلم يُرَ ، لم يجب الصوم إلّا أن يشهد خمسون نفساً من خارج البلد أنّهم رأوه(٣) ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « لا تجوز الشهادة في الهلال دون خمسين رجلاً عدد القسامة ، وإنّما تجوز شهادة رجلين إذا كانا من خارج‌

____________________

(١) في « ط » : في آخر النهار.

(٢) راجع : المبسوط للطوسي ١ : ٢٦٧.

(٣) النهاية : ١٥٠.

١٣١

المصر ، وكان بالمصر علّة ، فأخبرا أنّهما رأياه ، وأخبرا عن قوم صاموا للرؤية »(١) .

وسأل إبراهيم بن عثمان الخزاز ، الصادقعليه‌السلام : قلت له : كم يجزئ في رؤية الهلال؟ فقال : « إنّ شهر رمضان فريضة من فرائض الله ، فلا تؤدّوا بالتظنّي ، وليس رؤية الهلال أن تقوم عدّة فيقول واحد : رأيته ؛ ويقول الآخرون : لم نره ؛ إذا رآه واحد رآه مائة ، وإذا رآه مائة رآه ألف ، ولا يجزئ في رؤية الهلال إذا لم يكن في السماء علّة أقلّ من شهادة خمسين ، وإذا كانت في السماء علّة قُبلت شهادة رجلين يدخلان ويخرجان من مصر »(٢) .

ولأنّه مع انتفاء العلّة يبعد اختصاص الواحد والاثنين بالرؤية مع اشتراكهم في صحة الحاسّة ، فلم يكن قولهما مؤثّراً.

ونمنع صحة سند الخبرين. وقول الخمسين قد لا يفيد إلّا الظنّ ، وهو ثابت في العدلين.

وقال أبو حنيفة : لا يقبل في الصحو إلّا الاستفاضة ، وفي الغيم في هلال شهر رمضان يقبل واحد ، وفي غيره لا يقبل إلّا اثنان ؛ لأنّه لا يجوز أن يَنظُرَ الى مطلع الهلال مع صحة الحاسّة وارتفاع الموانع جماعةُ ، فيختص واحد برؤيته(٣) .

ونحن نقول بموجبه من أنّه لا تقبل شهادة الواحد ، ولا تشترط الزيادة على الاثنين ؛ لجواز الاختلاف في الرؤية ؛ لبُعد المرئي ولطافته ، وقوة الحاسّة وضعفها ، والتفطّن للرؤية وعدمه ، واختلاف مواضع نظرهم ، وكدورة الهواء وصَفوه.

____________________

(١) التهذيب ٤ : ١٥٩ / ٤٤٨ و ٣١٧ / ٩٦٣ ، الاستبصار ٢ : ٧٤ / ٢٢٧.

(٢) التهذيب ٤ : ١٦٠ / ٤٥١.

(٣) بدائع الصنائع ٢ : ٨٠ - ٨١ ، المغني ٣ : ٩٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٨ ، المجموع ٦ : ٢٨٢ ، فتح العزيز ٦ : ٢٥٨ ، حلية العلماء ٣ : ١٨٢.

١٣٢

ولأنّه ينتقض : بما لو حَكَمَ برؤيته حاكمٌ بشهادة الواحد أو الاثنين ، فإنّه يجوز ، ولو امتنع - كما قالوه - لم ينفذ فيه حكم الحاكم.

مسألة ٧٩ : لا تقبل شهادة النساء في ذلك‌ ، لقول عليعليه‌السلام : « لا تقبل شهادة النساء في رؤية الهلال »(١) .

وقال الشافعي : إن قلنا : لا بدّ من اثنين ، فلا مدخل لشهادة النساء فيه. ولا عبرة بقول العبد. ولا بدّ من لفظ الشهادة. وتختص بمجلس القضاء ؛ لأنّها شهادة حسّية لا ارتباط لها بالدعاوي.

وإن قبلنا قول الواحد ، فهل هو على طريق الشهادة أم على طريق الرواية؟ وجهان ، أصحّهما عنده : الأول ، إلّا أنّ العدد سُومح به ، والبيّنات مختلفة المراتب.

والثاني : أنّه رواية ؛ لأنّ الشهادة ما يكون الشاهد فيها بريئاً ، وهذا خبر عمّا يستوي فيه المـُخبر وغير المـُخبر ، فأشبه رواية الخبر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فعلى الأول لا يقبل قول المرأة والعبد ، وعلى الثاني يقبل.

وهل يشترط لفظ الشهادة؟ وجهان عنده(٢) .

وقال أبو حنيفة : يقبل إخبار المرأة الواحدة ؛ لأنّه خبر ديني ، فأشبه الخبر عن القبلة ، والرواية ، وهو قياس قول أحمد(٣) .

ولا تقبل شهادة الصبي المميّز الموثوق به.

وقال الجويني : فيه وجهان مبنيّان على قبول رواية الصبيان(٤) .

وقال بعض الشافعية : إذا أخبره موثوق به عن رؤية الهلال ، لزم اتّباع قوله وإن لم يذكر عند الحاكم(٥) .

____________________

(١) التهذيب ٤ : ١٨٠ / ٤٩٨.

(٢) فتح العزيز ٦ : ٢٥٣ - ٢٥٥ ، والمجموع ٦ : ٢٧٧.

(٣) بدائع الصنائع ٢ : ٨١ ، المغني ٣ : ٩٨ ، الشرح الكبير ٣ : ١٠.

(٤) فتح العزيز ٦ : ٢٥٥.

(٥) فتح العزيز ٦ : ٢٥٥ - ٢٥٦ ، المجموع ٦ : ٢٧٧.

١٣٣

وقالت طائفة : يجب الصوم بذلك إذا اعتقد أنّ المخبر صادق(١) .

ولا خلاف أنّه لا يقبل في هلال شوّال إلّا عدلان ، إلّا أبا ثور ، فإنّه قال : تقبل شهادة الواحد فيه(٢) .

وهو غلط ؛ لما تقدّم(٣) من الأحاديث.

احتجّ : بأنّه خبر يستوي فيه المـُخبِر والمـُخبَر ، فأشبه أخبار الديانات ، ولأنّه إخبار عن خروج وقت العبادة ، فيقبل فيه قول الواحد كالإِخبار عن دخول وقتها(٤) .

ونمنع كونه خبراً ، ولهذا لا يقبل فيه : فلان عن فلان(٥) .

فروع :

أ - لا تقبل شهادة الفاسق ؛ لقوله تعالى( إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ) (٦) .

ولا بدّ من اعتبار العدالة الباطنة التي يرجع فيها إلى الخُبرة الباطنة وأقوال المزكّين - وهو أحد قولي الشافعية(٧) - لأنّ الشرط انتفاء الفسق ، وإنّما يعرف بالاتّصاف بالضدّ.

ب - لو صاموا بشهادة الواحد عند من اعتبرها فلم يُرَ الهلال بعد الثلاثين ، فالوجه : الإِفطار - وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أحد القولين(٨) -

____________________

(١) فتح العزيز ٦ : ٢٥٦ ، المجموع ٦ : ٢٧٧.

(٢) المغني ٣ : ٩٨ ، الشرح الكبير ٣ : ١٠ ، حلية العلماء ٣ : ١٨٢ ، المجموع ٦ : ٢٨١ ، فتح العزيز ٦ : ٢٦٨.

(٣) تقدّم في المسألة ٧٨.

(٤) المغني ٣ : ٩٨ ، الشرح الكبير ٣ : ١٠ ، فتح العزيز ٦ : ٢٦٨ - ٢٦٩.

(٥) أي قول المخبر : أخبرني فلان عن فلان أنّه رأى الهلال.

(٦) الحجرات : ٦.

(٧) فتح العزيز ٦ : ٢٥٧ ، المجموع ٦ : ٢٧٧.

(٨) المغني ٣ : ٩٩ ، الشرح الكبير ٣ : ١٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٨٦ - ١٨٧ ، المجموع ٦ : ٢٧٨ ، فتح العزيز ٦ : ٢٥٨ - ٢٥٩ ، حلية العلماء ٣ : ١٨٢.

١٣٤

لأنّ الصوم ثبت شرعاً بشهادة الواحد ، فيثبت الإِفطار باستكمال العدّة ، ولا يكون إفطاراً بالشهادة ، كما أنّ النسب لا يثبت بشهادة النساء ، وتثبت بهن الولادة ، فيثبت النسب بالفراش على وجه التبع للولادة.

والثاني للشافعي : لا يفطرون - وبه قال محمد بن الحسن(١) - لأنّه يكون فطراً بشهادة واحد(٢) .

وقد تقدّم جوابه من جواز إثبات الشي‌ء ضمناً بما لا يثبت به أصلاً.

وما موضع القولين؟ للشافعية طريقان : أحدهما : مع الصحو ، ولو كانت السماء مغيّمة ، وجب الإِفطار. والثاني : أنّ الصحو والغيم واحد(٣) .

ج - لو صاموا بشهادة عدلين ورؤي الهلال بعد ثلاثين ، فلا بحث ، وإن لم يُرَ الهلالُ فإن كانت السماء متغيّمة ، أفطر ، وكذا إن كانت مصحيةً عند عامة العلماء(٤) ؛ لأنّ العدلين لو شهدا ابتداءً على هلال شوّال ، لقبلنا شهادتهما ، وأفطرنا ، فلأن نفطر على ما أثبتناه بقولهما أوّلاً أولى.

وقال مالك : لا يفطرون ؛ لأنّا إنّما نتّبع قولهما بناءً على الظنّ(٥) . وقد بيّنا خلافه.

وعلى هذا القول لو شهد اثنان على هلال شوّال ثم لم يُرَ الهلالُ والسماء مصحية بعد ثلاثين ، قضينا صوم أول يوم أفطرنا فيه ؛ لظهور أنّه من رمضان ، لكن لا كفّارة للشبهة.

د - إذا قلنا بقبول الواحد ففي قبول العبد إشكال يأتي.

وقال بعض الشافعية القائلين بقبوله : إنّا لا نوقع به العتق والطلاق‌

____________________

(١) حلية العلماء ٣ : ١٨٢.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٦ ، المجموع ٦ : ٢٧٨ ، فتح العزيز ٦ : ٢٥٩ ، حلية العلماء ٣ : ١٨٢.

(٣) فتح العزيز ٦ : ٢٦١ ، المجموع ٦ : ٢٧٩.

(٤ و ٥ ) فتح العزيز ٦ : ٢٦٢ و ٢٦٩.

١٣٥

المعلّقين بهلال رمضان ، ولا نحكم بحلول الدين المؤجّل به(١) .

ه- لا يثبت الهلال بالشهادة على الشهادة عند علمائنا ؛ لأصالة البراءة ، واختصاص ورود القبول بالأموال وحقوق الآدميين.

وللشافعية طريقان : أحدهما : أنّه على قولين في أنّ حدود الله تعالى هل تثبت بالشهادة على الشهادة؟

وأصحّهما عندهم : القطع بثبوته كالزكاة وإتلاف بواري المسجد والخلاف في الحدود المبنية على الدفع والدرء.

وعلى هذا ، فعدد الفروع مبني على القول في الاُصول ، إن اعتبرنا العدد في الاُصول فحكم الفروع ها هنا حكمهم في سائر الشهادات ، ولا مدخل فيه لشهادة النساء والعبيد.

وإن لم نعتبر العدد ، فإن قلنا : إنّ طريقه طريق الرواية ، فوجهان : أحدهما : الاكتفاء بواحد ، كرواية الإِخبار. والثاني : لا بدّ من اثنين ، وهو الأصحّ عندهم ، لأنّه ليس بخبر من كلّ وجه ، لأنّه لا يكفي أن يقول : أخبرني فلان عن فلان أنّه رأى الهلال.

وعلى هذا ، فهل يشترط إخبار حُرّين ذكرين ، أم يكفي امرأتان وعبدان؟ وجهان(٢) .

وإن قلنا : إنّ طريقه طريق الشهادة ، فهل يكفي واحد أم لا بدّ من اثنين؟ وجهان عندهم(٣) .

و - لو رأى اثنان هلال شوّال ، ولم يشهدا عند الحاكم ، جاز لمن سمع شهادتهما الإِفطار‌ مع(٤) معرفته بعدالتهما ، وكذا يصوم لو شهدا برمضان ؛ لقوله‌

____________________

(١) فتح العزيز ٦ : ٢٦٩ ، والمجموع ٦ : ٢٨١.

(٢) فتح العزيز ٦ : ٢٦٣ - ٢٦٥ ، والمجموع ٦ : ٢٧٧ - ٢٧٨.

(٣) فتح العزيز ٦ : ٢٦٥ ، المجموع ٦ : ٢٧٨.

(٤) في الطبعة الحجرية بدل مع : بعد.

١٣٦

عليه‌السلام : ( إذا شهد اثنان فصوموا وأفطروا )(١) .

ولو شهدا ، فردّ الحاكم شهادتهما ؛ لعدم معرفته بهما ، جاز الإِفطار أيضاً في شوّال والصوم في رمضان.

ويجوز لكلٍّ منهما أن يفطر عندنا ، وبه قال أحمد بشرط أن يعرف عدالة صاحبه(٢) ، وليس شيئاً.

ز - إنّما يقبل في الهلال عدلان ، ولا تقبل شهادة مجهول الحال ولا مستور الظاهر.

مسألة ٨٠ : لو رؤي الهلال في البلد رؤية شائعة ، واشتهر وذاع بين الناس الهلال ، وجب الصيام إجماعاً ؛ لأنّه نوع تواتر يفيد العلم.

ولو لم يحصل العلم ، بل حصل ظنّ غالب بالرؤية ، فالأقوى : التعويل عليه كالشاهدين ، فإنّ الظنّ الحاصل بشهادتهما حاصل مع الشياع.

النظر الثالث :

في الحساب‌

مسألة ٨١ : إذا غُمّ هلال رمضان ولم يره أحد‌ ، أُكملت عدّة شعبان ثلاثين يوماً ، ثم صاموا وجوباً من رمضان ، سواء كانت السماء متغيّمةً أو صاحيةً ، عند علمائنا ؛ لما رواه العامة عن عائشة ، قالت : كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يتحفّظ من هلال شعبان ما لا يتحفّظ من غيره ، ثم يصوم رمضان لرؤيته ، فإن غُمّ عليه عدّ ثلاثين يوماً ثم صام(٣) .

____________________

(١) أورده ابنا قدامة في المغني ٣ : ١٠٠ ، والشرح الكبير ٣ : ١٢.

(٢) المغني ٣ : ١٠١ ، الشرح الكبير ٣ : ١٢.

(٣) سنن الدار قطني ٢ : ١٥٦ - ١٥٧ / ٤ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٠٦ ، المستدرك - للحاكم - ١ : ٤٢٣ ، ومسند أحمد ٦ : ١٤٩.

١٣٧

ومن طريق الخاصة : قول أمير المؤمنينعليه‌السلام : « فإن غُمّ عليكم ، فعدّوا ثلاثين ليلة ثم أفطروا»(١) .

مسألة ٨٢ : ولا يجوز التعويل على الجدول ، ولا على كلام المنجّمين‌ ؛ لأنّ أصل الجدول مأخوذ من الحساب النجومي في ضبط سير القمر واجتماعه بالشمس ، ولا يجوز المصير إلى كلام المنجّم ولا الاجتهاد فيه - وهو قول أكثر العامة(٢) - لما تقدّم من الروايات ، ولو كان قول المنجّم طريقاً ودليلاً على الهلال ، لوجب أن يبيّنهعليه‌السلام للناس ؛ لأنّهم في محلّ الحاجة اليه ، ولم يَجُز لهعليه‌السلام حصر الدلالة في الرؤية والشهادة.

وحكي عن قوم من العامة أنّهم قالوا : يجتهد في ذلك ، ويرجع الى المنجّمين(٣) . وهو باطل ؛ لما(٤) تقدّم.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « ليس على أهل القبلة إلّا الرؤية ، ليس على المسلمين إلّا الرؤية »(٥) .

والأحاديث متواترة على أنّ الطريق أمّا الرؤية أو مضيّ ثلاثين ، وقد شدّد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في النهي عن سماع كلام المنجّم ، فقالعليه‌السلام : ( من صدّق كاهناً أو منجّماً فهو كافر بما اُنزل على محمد )(٦) .

احتجّوا : بقوله تعالى :( وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) (٧) .

____________________

(١) الفقيه ٢ : ٧٧ / ٣٣٧ ، والتهذيب ٤ : ١٥٨ / ٤٤٠.

(٢) راجع : المجموع ٦ : ٢٨٠ ، وفتح العزيز ٦ : ٢٦٦.

(٣) كما في حلية العلماء ٣ : ١٧٨.

(٤) في « ط ، ن » : بما.

(٥) الكافي ٤ : ٧٧ / ٥ ، الفقيه ٢ : ٧٧ / ٣٣٥ ، التهذيب ، : ١٥٨ / ٤٤٢ ، الاستبصار ٢ : ٦٤ / ٢٠٩.

(٦) أورده المحقق في المعتبر : ٣١١ ، وبتفاوت في المستدرك - للحاكم - ١ : ٨ ، ومسند أحمد ٢ : ٤٢٩.

(٧) النحل : ١٦.

١٣٨

ولأنّ النبيعليه‌السلام قال : ( فإن غُمّ عليكم فَاقدروا له )(١) والتقدير إنّما هو معرفة التسيير والمنازل ، ولذلك رجعنا الى الكواكب والمنازل في القبلة والأوقات ، وهي اُمور شرعية رتّب الشارع عليها أحكاماً كثيرة.

والجواب : الاهتداء بالنجم معرفة الطرق ومسالك البلاد وتعريف الأوقات ، ونقول أيضاً بموجبه ؛ فإنّ رؤية الهلال تهدي الى معرفة أول الشهر ، أمّا قول المنجّم فلا.

وأمّا الحديث : ( فَاقدروا له ثلاثين )(٢) والمراد : أن يحسب شعبان ثلاثين عند قوم ، وتسعة وعشرين عند آخرين.

وأمّا القبلة والوقت فالطريق هو المشاهدة.

وللشافعية وجهان في مَن عرف منازل القمر هل يلزمه الصوم به؟

وأصحّهما عندهم : المنع. والثاني : أنّه يجوز له أن يعمل بحساب نفسه(٣) .

ولو عرفه بالنجوم ، لم يَجُز أن يصوم به عندهم(٤) قولاً واحداً.

مسألة ٨٣ : لا اعتبار بالعدد خلافاً لقوم من الحشوية‌ ذهبوا الى أنّه معتبر ، وأنّ شهور السنة قسمان : تام وناقص ، فرمضان لا ينقص أبداً ، وشعبان لا يتمّ أبداً ؛ لأحاديث منسوبة إلى أهل البيتعليهم‌السلام (٥) ، أصلها حذيفة بن منصور عن الصادقعليه‌السلام ، تارة بواسطة معاذ بن كثير ، واُخرى بغير واسطة ، واُخرى لم يسندها الى إمام : أنّ الصادقعليه‌السلام سأله معاذ : أنّ الناس يقولون : إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، صام تسعة‌

____________________

(١) صحيح البخاري ٣ : ٣٤ ، صحيح مسلم ٢ : ٧٥٩ - ٧٦٠ / ٦ - ٩ ، سنن النسائي ٤ : ١٣٤ ، سنن الدارمي ٢ : ٣ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٠٤ و ٢٠٥ ، سنن الدار قطني ٢ : ١٦١ / ٢٢.

(٢) صحيح مسلم ٢ : ٧٥٩ / ٤ ، سنن النسائي ٤ : ١٣٣.

(٣ و ٤ ) المجموع ٦ : ٢٨٠ ، فتح العزيز ٦ : ٢٦٦ - ٢٦٧.

(٥) كما في المعتبر : ٣١١.

١٣٩

وعشرين يوماً أكثر ممّا صام ثلاثين ، فقال : « كذبوا ، ما صام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، الى أن قبض أقلّ من ثلاثين يوماً ، ولا نقص شهر رمضان منذ خلق الله السماوات والأرض من ثلاثين يوماً وليلة »(١) .

قال الشيخ : هذا الخبر لا يعوّل عليه.

أمّا أولاً : فلأنّه لم يوجد في شي‌ء من الاُصول المصنّفة ، وإنّما هو موجود في الشواذّ من الأخبار.

وأيضاً ، كتاب حذيفة بن منصور عري عن هذا الحديث ، والكتاب مشهور ، ولو كان الحديث صحيحاً عنده ، لضمنه كتابه.

وأيضاً ، فإنّه مختلف الألفاظ ، مضطرب المعاني ؛ لأنّه تارة يرويه عن الصادقعليه‌السلام ، وتارة يفتي من قِبَل نفسه ، ولا يسنده الى أحد ، وروايته عن الإِمام تارة بواسطة ، واُخرى بغير واسطة ، وهذا دليل اضطرابه وضعفه ، فلا يعارض به المتواتر من الأخبار والقرآن العزيز وعمل جميع المسلمين ، مع أنّه معارض بأحاديث كثيرة مشهورة(٢) :

قال الصادقعليه‌السلام : « شهر رمضان يصيبه ما يصيب الشهور من الزيادة والنقصان ، فإن تغيّمت السماء يوماً ، فأتمّوا العدة ».

وقالعليه‌السلام في شهر رمضان : « هو شهر من الشهور يصيبه ما يصيب الشهور من النقصان»(٣) .

وقال الباقرعليه‌السلام : « حدّثني أبيعليه‌السلام أنّ علياًعليه‌السلام قال : صُمنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تسعة وعشرين يوماً ، وأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لمـّا ثقل في مرضه : أيّها الناس إنّ السنة اثنا عشر شهراً ، منها أربعة حُرُم ، ثم قال بيده فذاك رجب مفرد ، وذو القعدة وذو الحجّة‌

____________________

(١) التهذيب ٤ : ١٦٧ / ٤٧٧ ، الاستبصار ٢ : ٦٥ / ٢١١.

(٢) التهذيب ٤ : ١٦٩.

(٣) التهذيب ٤ : ١٦٠ / ٤٥٢.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

العبادة ، وهو المتابعة.

قلت : قد تقدّم منّا إلزام هذا القائل بأنّ المتابعة جزء الصلاة جماعة(١) ، فلا بُدّ من التعلّق في الجمع بغير هذا الوجه ، ولزوم اجتماع صحّة الجماعة والإثم لا مفرّ منه ، ومحذور اجتماع إرادة الشارع وعدم الإرادة واقع على تقدير عدم البطلان وبقاء الجماعة ، أمّا على تقدير بطلان الجماعة ( وصيرورتها فرادى فالتغاير حاصل.

وغاية ما يظنّ من الجواب أنْ يقال : إنّ الصلاة جماعةً )(٢) مختلفة الأحوال ، فعلى(٣) تقدير المتابعة في جميع الأفعال(٤) هي صحيحة ، وعلى تقدير الرفع قبل الإمام تبطل الجماعة السابقة على الرفع ، لقطع المتابعة ، وصحّة الصلاة جماعةً بعد هذا لإنشاء المتابعة اللاحقة ، حيث إن قصد الجماعة موجود مع الرفع ، فكأنّ الرافع مستأنف للجماعة بعد قطعها وإنْ لم يكن قصده الاستئناف.

وبهذا التوجيه قد يدفع الأصل الذي أيّدنا به الخبر ، فيرتفع الاعتماد على الأصل ، ويرجع إلى الخبر مع الشهرة ، لكن لا بدّ من ملاحظة التوجية للحكم بصحّة الصلاة جماعةً مع الإثم.

ويبقى الكلام في حمل الشيخ الخبر الثاني على الساهي ، وترجيحه على ما ذكرناه بشهرة وجوب الاستمرار له وجه ، غير أنّ كلام الشيخ لا يخلو من غرابة ؛ فإنّ الرفع ليس بركن ، وزيادة الركن وغيره عمداً توجب‌

__________________

(١) ص ٢١٥.

(٢) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٣) في « م » : فعليه.

(٤) في « فض » : الأحوال.

٢٢١

البطلان ، فقوله : لا يجوز أن يعود إلى الركوع وإنّما يعود الساهي ، خفي الوجه ، ولو أراد أنّ الساهي لو رفع ثم عاد ساهياً ، فالخبر الأوّل مقتضاه أنّه يعود بعد علمه كما هو واضح.

ولا يبعد أن يكون مراده أنّ تحقق زيادة الركوع لا يتمّ إلاّ إذا رفع عمداً ، أمّا إذا رفع ساهياً فلا ؛ وكأنّ الوجه فيه تخيّل أنّ ركوع المأموم يتمّ برفعه رأسه مع رأس الإمام سواء ، فإذا تعمّد الرفع تحققت المغايرة ، وإذا سها ثم عاد فكأنّه لا رفع ، فلم تتحقّق الزيادة ؛ ولا يخفى ما فيه ، لكن في الظنّ أنّه قريب إلى مراد الشيخ ، وإن قلّت الفائدة ، هذا(١) .

وقد سمعت سابقاً أنّ وجوب العود مشهور(٢) ، واستدلّ عليه بعض المتأخّرين بصحيحة علي بن يقطين السابقة ، وبالراوية الاولى المبحوث عنهما(٣) ، ووجه الاستدلال ما قاله الشيخ في التهذيب من الحمل على الناسي(٤) جمعاً بين رواية غياث وبين ما ذكر ، وهنا كما ترى ذكر الساهي ( بوجهٍ غير ظاهر )(٥) ، والظاهر اتحاد المآل.

ونوقش ( في هذا )(٦) الاستدلال بأنّ الروايات غير متكافئة ، ولا دلالة فيها على الجمع ، ولا في غيرها أيضاً.

ولا يخفى وجاهة المناقشة ، لكن على تقدير اختصاص العمل بالصحيح يمكن أن يقال : إنّ خبر علي بن يقطين دال على إعادة الركوع ،

__________________

(١) في « م » و « رض » : هنا.

(٢) في ص ٢١٤.

(٣) المدارك ٤ : ٣٢٨.

(٤) التهذيب ٣ : ٤٧ / ١٦٤.

(٥) ما بين القوسين ساقط هنا عن « م » وموجود بعد قوله : على الناسي.

(٦) ما بين القوسين ليس في « م ».

٢٢٢

وعدم الاستفصال فيه يفيد عموم الجواب ، فإذا خرج العامد بالإجماع إنّ تمّ بقي ما عداه على حكم الرجوع.

وفي الظن أنّ في خبر علي بن يقطين دلالة على وجوب المتابعة في الجملة ، فكان ذكره في الاستدلال أولى ، ولم أجد من ذكره.

أمّا ما دلّ على الرفع من السجود وهو خبر الفضيل فقد عرفت حال سنده ، واحتمال عدم الرجوع مع العمد والرجوع مع النسيان فيه لا وجه له ؛ إذ المعارض وهو رواية غياث مختلف المورد ، فذكره في الاستدلال للناسي مع خبر علي بن يقطين وخبر سهل الأوّل ، ثم ذكره حمل الشيخ للأخبار على الناسي جمعاً بينها وبين رواية غياث لا أرى(١) له وجهاً ؛ وقد نقل شيخناقدس‌سره ما ذكرناه عن الشيخ ومن تأخّر عنه(٢) ، والحال ما سمعت.

وعلى تقدير عدم الالتفات إلى رواية غياث لاختصاصها بما يغاير خبر الفضيل يحتمل الفرق بين السجدة والركوع ، ومع الفرق يحتمل عدم جواز البقاء في السجدة ، لاعتبار الرواية برواية الصدوق والشهرة.

أمّا الرواية التي نقلناها عن التهذيب برواية الحسن بن علي بن فضّال(٣) فقد استدلّ بها شيخناقدس‌سره على رجوع من هوى إلى الركوع قبل الإمام ، قائلاً : إنّها لا تقصر عن الصحيح(٤) . ولي فيه كلام ذكرته مفصّلاً في حواشي الروضة ، والحاصل أنّ غاية ما تدلّ عليه حكم من ظنّ أنّ الإمام‌

__________________

(١) في « م » : لا أعرف.

(٢) المدارك ٤ : ٣٢٩.

(٣) راجع ص : ٢١١ و ٢١٣.

(٤) المدارك ٤ : ٣٣٠.

٢٢٣

ركع ، وهذا غير الناسي ، وبتقدير تمامه فمضمونه عود الشخص للركوع ثانياً من غير سؤال عن الحكم وعلم به ، فهو من قبيل الجاهل لو رجع ، وأين الدلالة من الخبر على وجوب رجوع الناسي ، بل والجاهل؟ فليتأمّل.

قوله :

باب من يصلّي(١) خلف من يقتدى به العصر

قبل أن يصلّي الظهر.

أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن سليم الفرّاء قال : سألته عن الرجل يكون مؤذّن قوم وإمامهم فيكون في طريق مكّة وغير ذلك فيصلّي بهم العصر في وقتها فيدخل الرجل الذي لا يعرف فيرى أنّها الاولى ، أفتجزئه أنّها العصر؟ قال : « لا ».

فأمّا ما رواه الحسين بن سعيد ، عن حمّاد بن عثمان قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل يؤمّ بقوم فيصلّي العصر وهي لهم الظهر؟ قال : « أجزأت عنه وأجزأت عنهم »(٢) .

فلا ينافي الخبر الأوّل ؛ لأنّ الوجه فيه أن نحمله على من لا يقتدي بصلاة الإمام وينوي لنفسه الظهر ، فإنّ صلاته جائزة وإن كان للإمام العصر ، ( والخبر الأوّل يتناول من يقتدي بصلاته ويعقدها بها ، فإذا كانت صلاة الإمام العصر )(٣) ولم ينو الذي صلّى خلفه لنفسه الظهر بطلت صلاة العصر (٤) ، لأنّه لم يصلّ بعد الظهر ، ولا تصحّ صلاة‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٤٣٩ : صلّى.

(٢) بدل ما بين القوسين في الاستبصار ١ : ٤٣٩ / ١٦٩١ : أجزأت عنهم وأجزأت عنه.

(٣) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٤) في الاستبصار ١ : ٤٣٩ / ١٦٩١ زيادة : له.

٢٢٤

العصر لمن لم يصلّ الظهر ( إذا لم يتضيّق وقته ) (١) على ما بيّناه.

السند :‌

في الأوّل : مضى القول في رجاله(٢) ، إلاّ سُلَيم الفرّاء ، وهو ثقة في النجاشي(٣) ، وفي الإيضاح : سُليم بضمّ السين والياء بعد اللاّم(٤) .

والثاني : واضح بعد ما تكرّر القول في رجاله(٥) .

المتن :

في الأوّل : ظاهر في أنّ السؤال عمّن صلّى مع من يصلّي العصر ظانّاً أنّها الظهر ، وقوله : أفتجزئه أنّها العصر؟ ربما كان ظاهراً في أنّ المراد أتجزئه مع كونها العصر؟ والجواب حينئذٍ يتضمّن عدم الإجزاء ، لعلة(٦) ظنّه أنها الظهر ، فيكون البطلان بسبب الظن ، أمّا صلاة الرجل فيمكن أن تكون الظهر أو العصر والعنوان للباب كما ترى لصلاة العصر قبل أن يصلّي الظهر ، وهو شامل لمن صلّى ظانّاً أنّها الظهر ، ولمن علم أو ظنّ أنّها العصر.

والثاني : تضمّن أنّ صلاة العصر خلف من يصلّي الظهر تجزئ ، فلا مخالفة للخبر الأوّل ، لعدم حصول الظنّ السابق.

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في الاستبصار ١ : ٤٣٩ / ١٦٩١ : إلاّ إذا تضيّق وقتها.

(٢) راجع ج ١ ص ١٧٥ ، ١٩٦ ، ٢٣٥ ، ٣٢٣ ، ج ٣ ص ١٥٧.

(٣) رجال النجاشي : ١٩٣ / ٥١٦.

(٤) إيضاح الاشتباه ١٩٩.

(٥) راجع ج ١ ص ٦٩ ، ج ٣ ص ٦٤.

(٦) ساقط عن « فض » و « م » وفي « رض » : ولعله ، والظاهر ما أثبتناه.

٢٢٥

ولو حمل الخبر الأوّل على أنّ المراد أتجزئه صلاته على أن تكون العصر ، وحينئذٍ يكون البطلان من جهة عدم فعل الظهر قبل العصر ، أمكن ، فيوافق العنوان ، لأنّه متضمن لصلاة العصر قبل الظهر ، إلاّ أنّ الرجل المصلّي ( لم يُعلم كونه يصلّي الظهر أو العصر ، إلاّ أن يدّعى أنّ قوله : أنّها الاولى ، يشعر بأنّه يصلّي )(١) الاولى ، وحينئذٍ يجوز أن يكون السؤال عن إجزاء صلاته عصراً ، نظراً إلى أنّ صلاة الإمام عصراً وإن لم يكن صلّى الظهر. نظراً إلى أنّ صلاة الإمام العصر.

والجواب بعدم الإجزاء يحتمل أنّ العلّة فيه عدم تقدّم الظهر ، فيصير موافقاً للعنوان ، إلاّ أنّ فيه عدم انحصار المعنى فيما ذكر ؛ لجواز أن يراد في السؤال أنّ اعتقاد الاولى مع كونها خلافه يفيد الصّحة أم لا؟ سواء كانت صلاة الرجل ظهراً أو عصراً ، فقول شيخناقدس‌سره ( في فوائد الكتاب )(٢) إنّ الروايتين ليس فيهما دلالة على أنّ المأموم يصلّي العصر قبل الظهر فعنوان الباب غير جيد ؛ محلّ تأمّل ، نعم لو قال : إنّ الرواية الأُولى غير صريحة كان متوجهاً.

أمّا ما قالهقدس‌سره في الفوائد أيضاً : إنّه لا منافاة بين الخبرين ، لا لما ذكره الشيخ ، بل لأنّ مقتضى الثاني جواز الائتمام في صلاة الظهر بمن يصلّي العصر ، ومقتضى الاولى أنّ من ائتمّ في الصلاة الأُولى وهي الظهر بمن يصلّي العصر لا تجزئه على أنّها العصر ، والأمر كذلك ، فإنّها إنما تجزئه عن الأُولى التي نواها ، كما تضمنته الرواية الأُخرى.

ففيه تأمّل أيضاً ؛ لأنّ عدم الإجزاء في الرواية يتناول عدم الإجزاء.

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط عن « فض ».

(٢) ما بين القوسين ليس في « فض ».

٢٢٦

عن الاولى لمن صلّى الأُولى ، لأنّ قوله : أفتجزئه ، أنها محتملة لإرادة الإجزاء مع كونها العصر ورأى أنّها الظهر ، فإذا وقع الجواب بعدم الإجزاء ( احتمل عدم الإجزاء )(١) عن الأُولى ، إلاّ أنّ يقال : إنّ الظاهر لا تجزئه على أنّها العصر ؛ وفيه : أنّ هذا لو تمّ لدل على العنوان ، وهو صلاة العصر قبل الظهر ، وإجزاؤها عن الاولى لا ينافي عدم إجزائها عن العصر ، لعدم فعل الظهر.

فإن قلت : إذا نوى فعل الظهر خلف إمام يصلّي العصر ظانّاً أنّها الظهر ، فقد تعارض قصد الصلاة خلف الإمام صلاة مطلقة وصلاة مقيّدة في اعتقاده بأنّها الظهر ، فلِم لا يرجّح جانب البطلان ، لأنّ الصلاة المقيّدة باعتقاده غير حاصلة ، فلا يصح الائتمام ، واللازم منه بطلان صلاته من غير نظر إلى الرواية ، لأنّ فيها احتمالين.

قلت : لما ذكرت وجه ، إلاّ أنّ بطلان الصلاة بمثل هذا الاعتقاد محلّ كلام.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ ما ذكره الشيخ في الخبر الثاني من أنّه محمول على من لا يقتدي به ، يدلّ على أنّ من يقتدي به لا يصحّ أن يصلّي الظهر خلفه إذا كان يصلّي العصر ، وهذا غير معلوم القائل به ، بل في صلاة العصر خلف من يصلّي الظهر قول للصدوق منقول(٢) ، وعلى تقدير عدم القائل فلو ترك الشيخ قيد من لا يقتدي به كان أولى ، وقوله في الخبر [ الأوّل(٣) ] : أنه يتناول ، إلى آخره يدلّ على ما وجّهنا به كلامه ، نعم فيه ما سبق من عدم التعيّن.

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط عن « رض ».

(٢) الفقيه ١ : ٢٦٠ / ١١٨٣.

(٣) في النسخ : الثاني ، والصحيح ما أثبتناه.

٢٢٧

قوله :

باب أنّ(١) الإمام إذا سلّم ينبغي له أن لا يبرح

من مكانه حتى يتمّ من خلفه ما فاته من صلاته.

أحمد بن محمّد ، عن علي بن الحكم ، عن إسماعيل بن عبد الخالق قال : سمعته يقول : « لا ينبغي للإمام أن يقوم إذا صلّى حتى يقضي كلّ من صلّى(٢) خلفه ما فاته من الصلاة ».

فأمّا ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن الحسن ، عن عمرو ابن سعيد ، عن مصدّق بن صدقة ، عن عمّار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : سألته عن رجلٍ سها خلف إمام بعد ما افتتح بالصلاة(٣) ولم يقل شيئاً ولم يكبّر ولم يسبّح ولم يتشهّد حتى يسلّم؟ فقال : « جازت صلاته ، وليس عليه إذا سها خلف الإمام سجدتا السهو ، لأنّ الإمام ضامن لصلاة من خلفه ».

فالوجه في هذا الخبر أحد شيئين ، أحدهما : أنّه يضمن القراءة لا غير ، يدلّ على ذلك :

ما رواه الحسين بن سعيد ، عن الحسن(٤) ، عن زرعة ، عن سماعة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، أنّه سأله رجل عن القراءة خلف الإمام؟ فقال : « لا ، إنّ الإمام ضامن للقراءة ، وليس يضمن الإمام‌

__________________

(١) ليست في الاستبصار ١ : ٤٣٩.

(٢) في الاستبصار ١ : ٤٣٩ / ١٦٩٢ لا يوجد : صلّى.

(٣) في الاستبصار ١ : ٤٣٩ / ١٦٩٣ : الصلاة.

(٤) في الاستبصار ١ : ٤٤٠ / ١٦٩٤ لا يوجد : عن الحسن.

٢٢٨

صلاة الذين خلفه ، إنّما يضمن القراءة ».

والوجه الثاني أن يكون المراد بنفي الضمان إتمام الصلاة ، لأنّه ( لا يأمن من الحدث )(١) ، يدلّ على ذلك :

ما رواه جميل ، عن زرارة ، عن أحدهماعليهما‌السلام ، قال سألته عن رجلٍ صلّى بقومٍ ركعتين ثم أخبرهم أنّه ليس على وضوء؟ فقال : « يتمّ القوم صلاتهم ، فإنّه ليس على الإمام ضمان ».

السند :‌

في الأوّل : صحيح على ما مضى(٢) .

والثاني : موثق ، وأحمد بن الحسن هو ابن فضّال ، وعمّار ابن موسى الساباطي.

والثالث : موثق أيضاً ، والحسن أخو الحسين.

والرابع : فيه أنّ الطريق إلى جميل غير مذكور في المشيخة ، لكن الصدوق سيأتي(٣) أنّه رواه عن جميل ، فهو صحيح.

المتن :

في الأوّل : ظاهر في أنّه ينبغي للإمام أن لا يبرح من مكانه حتى يقضي المأموم ما فاته من الصلاة ، والظاهر من القضاء الإتيان بالفعل على‌

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في « رض » و « م » : لا يأمن الحديث ، وفي « فض » : لا يؤمن الحدث ، وما أثبتناه من الاستبصار ١ : ٤٤٠ / ١٦٩٤.

(٢) تقدّم في ، ج ٦ ص ٣٨٦.

(٣) في ص : ٢٢٤٢.

٢٢٩

معنى فعل ما سبقه الإمام به ، ولو أُريد به القضاء حقيقةً ربما(١) يتناول كلّ ما فات إلاّ ما خرج بالدليل كالقراءة والأذكار في الركوع والسجود ، وحينئذٍ يدلّ على قضاء التشهد وقضاء أبعاضه حتى الصلاة على النبي وآلهعليهم‌السلام بتقدير الوجوب ، إلاّ أنّ تبادر ما ذكرناه ربما يدّعى.

وعلى تقدير إرادة القضاء على وجه يعمّ الأوّل بنوع من التجوّز يحتمل أن يناقش في دلالته على وجوب قضاء كلّ ما فات ؛ لأنّ مفاد الرواية استحباب عدم الانتقال ( من الإمام )(٢) حتى يقضي ما فاته المأموم ، أمّا لزوم قضاء كلّ ما فاته فأمر آخر.

وربما يدّعى أنّ « ما » تحتمل الموصولية فتعمّ ، أو غيرها فلا تعمّ ، لكن الظاهر من السياق العموم.

وعلى تقدير ما قلناه من الدلالة على الاستحباب المذكور يصير قضاء ما فات موقوفاً على الدليل ، وفي الظنّ أنّ عدم تعرّض من رأينا كلامه من الأصحاب للاستدلال على قضاء بعض الأجزاء بالخبر لما ذكرناه.

وأمّا الثاني : فمنافاته للأوّل لعلّ الوجه فيها دلالته على عدم قضاء ما فاته خلف الإمام ممّا ذكر وانتفاء سجدتي السهو عن المأموم ، وأنت خبير بعد ما قلناه في الخبر الأوّل بانتفاء المنافاة.

مضافاً إلى أنّ احتمال المنافاة يمكن دفعه : بأنّ مفاد هذا الخبر صحّة الصلاة مع نسيان القراءة والتسبيح والتكبير والتشهد ، والخبر الأوّل يدلّ على قضاء ما فاته ، فيدلّ على أنّ الصلاة صحيحة ، وإنّما يقضي ما فاته على تقدير القضاء الحقيقي ، وعلى تقدير الإتمام فلا إشكال ، وحينئذٍ إذا دلّ‌

__________________

(١) في « فض » : بما.

(٢) ما بين القوسين ليس في « رض ».

٢٣٠

الخبر الأوّل على قضاء كلّ ما فات فيخص ما ذكر في الرواية ، غاية الأمر أنّ التكبير فيها إن أُريد به تكبيرة الإحرام فإشكاله ظاهر ، بل يخص بغيرها ، وأمّا التشهد فقضاؤه مضى القول فيه(١) ، فتخصيصه ممكن.

ولو حمل الخبر على أنّ الضمان للسهو بمعنى عدم لزوم سجدتي السهو للمأموم على تقدير سهوه ، بل إنّما يجب عليه قضاء ما فاته ممّا يجب قضاؤه من دون سجدتي السهو في موجبهما فلا منافاة للخبر الأوّل من هذه الجهة ، ولا يبعد ادّعاء ظهور ضمان الإمام في هذا ، لكن الشيخ كما ترى خصّ الخبر بضمان القراءة للخبر الثالث ، وغير خفي أنّ مفاده حصر الضمان في القراءة ، والخبر الثاني كالصريح في نفي سجدتي السهو ، معلّلاً بأنّ الإمام ضامن ، فلا بدّ أن يتناول الضمان نفي سجدتي السهو ، والخبر الثالث يحمل حصره على الإضافي ، على معنى أنّه إنّما يضمن قراءة المأموم لا غيرها من الركوع والسجود والأذكار ، أمّا إذا سها عن بعض ما يجب قضاؤه فلا يضمن ، وعلى هذا فالوجه الأوّل غير تام.

وأمّا الوجه الثاني : فلا يكاد يظهر له معنى يليق في مقام جواب السؤال عمّن نسي ما ذكر في الخبر الموجّه ، نعم لو وقع في خبر : إنّ الإمام ضامن لصلاة من خلفه. أمكن أن يقال في معناه الوجه الأوّل في الجملة ؛ وأمّا الثاني فمعناه خفي كمطابقته ؛ إذ ظاهر الكلام أنّ الإمام ينبغي إتمام صلاته ، لأنّه لا يأمن الحدث ، ولا يذهب عليك بعده عن المعنى ، إلاّ بتقدير أن يراد أنّ الإمام لا يلزمه فعل ما أخلّ به المأموم بعد الصلاة ، أو في الأثناء ، أو الصبر إلى أن يأتي المأموم بما فاته على سبيل اللزوم ، بل إنّما‌

__________________

(١) راجع ج ٦ ص ١٠٦.

٢٣١

عليه الإتمام فقط ، والتعبير بأنّه لا يأمن الحدث غير واضح المرام.

والخبر المستدل به عليه وهو الرابع يدلّ على أنّ الإمام بعد إخباره بالحدث انتفى ضمانه لصلاتهم ، بل عليهم إتمامها ، وحينئذٍ يحتمل أن يكون مراد الشيخ أنّ الحدث إذا أوجب عدم الضمان بمعنى سقوطه وإتمام المأموم صلاته كما في الخبر ، فالخبر الدالّ على نفي الضمان نحمله على النفي إذا حصل الحدث ، فكأنّه قال : ليس على الإمام ضمان في جميع الصلاة ، إذ لا يأمن الحدث ، ( فقول الشيخ : المراد بنفي الضمان إتمام الصلاة ، يريد به أنّه ليس عليه إتمام الصلاة لجواز الحدث ، فعبّر بنفي الضمان عن عدم لزوم الإتمام ، والخبر المستدلّ به أفاد سقوط الضمان بعد الحدث )(١) ، فعُلم أنّ الإمام لا يضمن مطلقاً إتمام الصلاة ، وهذا وإن كان لا يخلو من تكلّف إلاّ أنّ فيه توجيهاً لكلام الشيخ في الجملة.

ويبقى عليه أنّ الوجه الثاني ينبغي أن يرجع إلى الخبر الأوّل من المنافي ، والحال أنّ الخبر تضمّن ضمان الإمام لا نفيه ، والمتضمّن للنفي الخبر المستدلّ به على الوجه الأوّل ، فالخلل لا يظهر ( لي إصلاحه ، ولا يبعد )(٢) أن يكون في البين سهو قلم ، وإن لم يكن فالتسديد في غاية التكلّف.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الصدوق في الفقيه ذكر رواية عمّار الساباطي(٣) ، ثم نقل روايةً عن محمّد بن سهل ، عن الرضاعليه‌السلام أنّه قال‌ :

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٢) بدل ما بين القوسين في « م » : لا صراحة ولا.

(٣) الفقيه ١ : ٢٦٤ / ١٢٠٤ ، الوسائل ٨ : ٢٥٠ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٢٤ ح ٥.

٢٣٢

« الإمام يحمل أوهام من خلفه ، إلاّ تكبيرة الافتتاح »(١) ثم قال : والذي رواه أبو بصير عن الصادقعليه‌السلام حين قال له : أيضمن الإمام الصلاة؟ فقال « لا ، ليس بضامن »(٢) ليس بخلاف خبر عمّار وخبر الرضاعليه‌السلام ؛ لأنّ الإمام ضامن لصلاة من خلفه متى سها عن شي‌ءٍ منها غير تكبيرة الافتتاح ، وليس بضامن لما يتركه المأموم متعمداً ، ووجه آخر ، وهو : أنّه ليس على الإمام ضمان لإتمام الصلاة بالقوم ، فربما حدث به حدث قبل أن يتمّها ، أو يذكر أنّه على غير طهر ، وتصديق ذلك ما رواه جميل(٣) ، وذكر الرواية الأخيرة.

ولا يخفى أنّ الشيخ أراد ما ذكره الصدوق لكن التشويش حصل من نقل الأخبار في الكتاب ، بخلاف أخبار الصدوق ، واستدلال الشيخ برواية جميل قرينة على أنّ الشيخ أخذه من الفقيه ، والطريق إلى جميل تقدّم صحته(٤) ، وما ذكره الصدوق : من أنّ الإمام ضامن متى سها ؛ لا يخلو من إجمال ، ولعلّ المراد أنّه ضامن سجود السهو لا مطلق ما يوجبه ، مع احتمال لغير هذا.

وأمّا استثناء تكبيرة الإحرام فالمراد به على الظاهر إذا سها عنها المأموم لا يضمنها الإمام ، لا عدم ضمان سجود السهو ، ليدلّ على أنّ السهو عنها يوجبه ولا يضمنه الإمام ، لكن هذا يقتضي المغايرة بين الاستثناء والمستثنى منه ، فلا بدّ من الحمل على موجب السجود ، والحال لا يخفى.

وقد ذكر شيخناقدس‌سره أنّ المأموم يجب عليه سجود السهو مع الإمام إذا‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٦٤ / ١٢٠٥ ، الوسائل ٦ : ١٥ أبواب تكبيرة الإحرام ب ٢ ح ١٢.

(٢) الفقيه ١ : ٢٦٤ / ١٢٠٦ ، الوسائل ٨ : ٣٥٣ أبواب صلاة الجماعة ب ٣٠ ح ٢.

(٣) الفقيه ١ : ٢٦٤ / ١٢٠٧ ، الوسائل ٨ : ٣٧١ أبواب صلاة الجماعة ب ٣٦ ح ٢.

(٤) في ٢٢٨.

٢٣٣

اشتركا في السهو ، ولو انفرد أحدهما بالسبب اختصّ به الوجوب ، أمّا وجوب السجود عليهما فظاهر ، لاشتراكهما في الموجب ، وأمّا وجوب السجود على المنفرد فلأصالة عدم تعلّق الوجوب بمن لم يعرض له السبب ، وفي المسألة قولان آخران ، أحدهما : أنّه لا سجود على المأموم مطلقاً وإن عرض له السبب ، ذهب إليه الشيخ في الخلاف ، وادّعى عليه الإجماع ، واستدلّ عليه بما رواه عن عمّار الساباطي وذكر الرواية السابقة ثم أجابقدس‌سره بالطعن في السند(١) . وغير خفي أنّ رواية الصدوق لها توجب المزيّة.

بقي شي‌ء ، وهو أنّ شيخناقدس‌سره في فوائد الكتاب قال : لا يخفى ما في هذا الباب من التشويش مع أنّ الخبر الثاني غير منافٍ للأوّل بوجه(٢) ، فلا وجه لإيراده في مقابله ، انتهى. وقد عرفت وجه المنافاة ، فتأمّل.

قوله :

باب صلاة الجماعة في السفينة.

أحمد بن محمّد ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، قال حدّثني عنبسة ، عن إبراهيم بن ميمون (٣) أنّه سأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن الصلاة في جماعة في سفينة (٤) ؟ فقال « لا بأس ».

__________________

(١) المدارك ٤ : ٢٨٠ بتفاوت يسير.

(٢) ليست في « رض ».

(٣) في التهذيب ٣ : ٢٩٧ / ٩٠٢ : حدَّثني عيينة عن إبراهيم. ، وفي الاستبصار ١ : ٤٤٠ / ١٦٩٦ : حدّثني عتبة عن إبراهيم. ، وفي الوسائل ٥ : ٤٧٥ أبواب صلاة الجماعة ب ٧٣ ح ١ : عن عيينة ( عنبسة ) عن إبراهيم.

(٤) في الإستبصار ١ : ٤٤٠ / ١٦٩٦ : في السفينة.

٢٣٤

محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن محمّد بن أحمد العلوي ، عن العمركي البوفكي(١) ، عن علي بن جعفر ، عن موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، قال : سألته عن قوم صلّوا جماعة في سفينة أين يقوم الإمام ، وإن كان معهم نساء كيف يصنعون ، أقياماً يصلّون أم جلوساً؟ قال : « يصلّون قياماً ، فإن لم يقدروا على القيام صلّوا جلوساً ويقوم الإمام أمامهم والنساء خلفهم ، وإن ماجت السفينة قعدن النساء وصلّى الرجال ، ولا بأس أن تكون النساء بحيالهم ».

فأما ما رواه سهل بن زياد ، عن أبي هاشم الجعفري قال : كنت مع أبي الحسنعليه‌السلام في السفينة في دجلة فحضرت الصلاة ، فقلت : جُعلت فداك نصلّي في جماعة؟ فقال : « لا تصلّ في بطن وادٍ جماعة ».

فالوجه في هذا الخبر ضربٌ من الكراهية ، أو حال الضرورة التي لا يتمكن فيها من الصلاة جماعة.

السند :‌

في الأوّل : أحمد بن محمّد فيه ابن عيسى ، وأبوه مضى القول فيه مكرّراً(٢) ؛ كعبد الله بن المغيرة(٣) . وعنبسة مشترك(٤) . وإبراهيم بن ميمون مجهول الحال.

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٤٤٠ / ١٦٩٧ : عن العمركي النوفلي ، وفي « م » : عن العمركي ، عن النوفلي.

(٢) ج ١ ص ١٩٦ ، ٢٥٣ ، ٣٣١ ، ج ٢ ص ٥٦ ، ٢٣١ ، ج ٤ ص ١٠٦.

(٣) ج ١ ص ٥٩ ، ج ٤ ص ١٠٧ ، ٣٩٢.

(٤) انظر هداية المحدّثين : ١٢٥.

٢٣٥

والثاني : فيه محمّد بن أحمد العلوي ، وهو مذكور في رجال من لم يرو عن الأئمّةعليهم‌السلام من كتاب الشيخ من غير توثيق ولا مدح(١) ، وغيره معلوم الحال.

والثالث : فيه سهل بن زياد ، والطريق إليه مذكور في المشيخة(٢) ، لكن لا يفيد. وأبو هاشم من أجلاّء الطائفة وثقاتهم.

المتن :

في الأول : ظاهر الدلالة.

والثاني : لا يخلو من إجمال ؛ لأنّ قوله : « وإن ماجت » إلى آخره. يحتمل أنْ يراد بقعود النساء عدم صلاتهن قعوداً ، ( ويحتمل صلاتهن قعوداً )(٣) ، ولعلّ الوجه الأوّل له قرب ؛ لأنّ الخبر تضمّن كما ترى الصلاة قياماً مع الإمكان وجلوساً مع عدمه ، وهو شامل للنساء والرجال.

وقوله : « ويقوم الإمام » يحتمل أنْ يراد به قيام الصلاة وإنْ كانت من جلوس ، ويحتمل أنْ يكون لبيان الصلاة مع إمكان القيام ، وحينئذٍ فذكر موج السفينة يحتمل أنْ يكون لبيان حال أوّل الصلاة مع حصول الموج ، وعلى كل حال فصلاة النساء بعيدة عن الظاهر بعد قوله : « وصلّى الرجال » بل ينبغي : وقام الرجال.

وقوله : « ولا بأس أن تكون النساء بحيالهم » محتمل لأنْ يراد به أنّ جلوسهن من غير صلاة بحيال الرجال لا يضرّ ، ويحتمل لأنْ يراد حال‌

__________________

(١) رجال الطوسي : ٥٠٦ / ٨٣.

(٢) الإستبصار ٤ : ٣١٦.

(٣) ما بين القوسين ساقط عن « فض ».

٢٣٦

الصلاة ، وعلى تقدير المنع يكون من جهة الضرورة ما ذكر ، وقد يرجِّح احتمال قعودهن في حال الصلاة بعض ألفاظ الخبر.

ثم إنّ إطلاق الخبرين قد يقيَّد بما يأتي في باب الصلاة في السفينة إنشاء الله(١) .

وأمّا الثالث : فما ذكره الشيخ فيه من الكراهة له وجه ، أمّا الضرورة فبعيدة.

ثم إنّ الوادي محتمل لأنْ يكون السؤال حال كون السفينة في وادٍ ممّا تجري فيه دجلة ، ويحتمل على بُعدٍ أنْ يراد به السفينة ، لأنّها شبيهة بالوادي ، وكراهة الصلاة في الوادي حينئذٍ تتناول مثل السفينة ، أمّا تخصيص الجماعة فكأنّه للسؤال عنها ، ويحتمل الاختصاص ، ويحتمل أن يراد بالوادي ما بين طرفي الشط.

وإذا عرفت هذا فاعلم أنّ شيخناقدس‌سره في المدارك وصف روايةً لعلي ابن جعفر في هذا الباب بالصحّة(٢) ، ومتنها موافق لما رأيته في زيادات الصلاة من التهذيب(٣) ، إلاّ أنّ في الطريق محمّد بن أحمد العلوي ، وكأنّه اعتمد على عدّ طريقه صحيحاً ، ولعل الوجه تصحيح العلاّمة بعض الطرق المشتملة عليه.

ثم إنّ متن الرواية : قال سألته عن قومٍ صلّوا جماعةً في سفينة ، أين يقوم الإمام ، وإنْ كان معهم نساء كيف يصنعون؟ إلى أنْ قال : « وإنْ ضاقت السفينة » إلى آخره. ولا يبعد أنْ يكون ما هنا تصحيفاً وعلى ما في التهذيب‌

__________________

(١) انظر ص : ٣٠٨.

(٢) المدارك ٤ : ٣٨٠.

(٣) التهذيب ٣ : ٢٩٦ / ٩٠٠.

٢٣٧

يعيّن المعنى السابق.

وروى الشيخ في التهذيب الرواية عن محمّد بن علي بن محبوب ، عن محمّد بن أحمد العلوي(١) ، وهنا كما ترى عن محمّد بن أحمد بن يحيى ، والأمر سهل.

ثم إنّ في التهذيب رواية صحيحة(٢) عن محمّد بن علي بن محبوب ، عن العبّاس ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن يعقوب بن شعيب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « لا بأس بالصلاة جماعة في السفينة »(٣) .

وبالجملة فالحكم لم نقف على خلافٍ فيه.

قوله :

باب بئر الغائط يُتخذ مسجداً.

محمّد بن علي بن محبوب ( عن العبّاس )(٤) ، عن صفوان ، عن القاسم بن محمّد ، عن سليمان مولى طربال ، عن عبيد بن زرارة قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : « الأرض كلّها مسجد ، إلاّ بئر غائط ، أو مقبرة ، أو حمّام ».

فأمّا ما رواه محمّد بن علي بن محبوب ، عن محمّد بن الحسين ، عن الحسن بن علي بن فضّال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن محمّد بن مضارب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « لا بأس بأنْ يُجعل على العذرة‌

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٢٩٦ / ٨٩٨.

(٢) ليست في « رض ».

(٣) التهذيب ٣ : ٢٩٦ / ٨٩٩ ، الوسائل ٨ : ٤٢٨ أبواب صلاة الجماعة ب ٧٣ ح ٢.

(٤) ما بين القوسين ليس في « رض ».

٢٣٨

مسجداً ».

فلا ينافي الخبر الأوّل ؛ لأنّ الوجه في الجمع بينهما أنّه إنّما يجوز أنْ يُجعل مسجداً إذا طُمّ بالتراب وانقطعت رائحته ، يدلّ على ذلك :

ما رواه سهل بن زياد ، عن ابن أبي نصر ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي الجارود قال : سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن المكان يكون حشّا ثم ينظّف ويجعل مسجداً؟ قال : « يطرح عليه من التراب حتى يواريه فهو أطهر ».

سعد ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة الربعي ، عن جعفر بن محمّدعليه‌السلام ، قال : سُئل أيصلح مكان الحشّ أنْ يُتخذ مسجداً؟ فقال : « إذا القي عليه ( من التراب )(١) ما يواري ذلك ويقطع(٢) ريحه فلا بأس ، وذلك لأنّ التراب يطهّره ، وبه مضت السنّة ».

سعد ، عن أبي جعفر ، عن أبيه ( عن عبد الله بن المغيرة )(٣) عن عبد الله بن سنان ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن المكان يكون حشّا زماناً فينظف ويُتخذ مسجداً؟ فقال : « ألقِ عليه من التراب حتى يتوارى ، فإنّ ذلك يطهّره إن شاء الله ».

السند :‌

في الأوّل : فيه القاسم بن محمّد وهو مشترك(٤) . وسليمان مولى‌

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في « رض ».

(٢) في الاستبصار ١ : ٤٤١ / ١٧٠٢ : أو يقطع.

(٣) ما بين القوسين ليس في الاستبصار ١ : ٤٤٢ / ١٧٠٣.

(٤) رجال الطوسي : ٤٩٠ / ٥ و ٧.

٢٣٩

طربال مهمل في الرجال(١) ، لكن في الرواية عنه محمّد بن القاسم ، عن عبّاد بن يعقوب ، فقد يظن الاشتباه ، ودفعه غير خفي.

والثاني : فيه محمّد بن مضارب ، وهو مهمل في رجال الشيخ(٢) ، وباقي رجاله لا يخفى حالهم بعد ما قدّمناه(٣) .

والثالث : فيه سهل بن زياد ، وأبو الجارود زياد بن المنذر وهو زيدي على ما قاله الشيخ في الفهرست.(٤)

والرابع : فيه هارون بن مسلم ، وهو ثقة في النجاشي(٥) ، وكان له مذهب في الجبر والتشبيه ، وقد قدّمنا أنّ معنى هذا الكلام غير ظاهر(٦) .

وأمّا مسعدة بن صدقة الربعي فالذي وقفت عليه في الفهرست ما هذه صورته : مسعدة بن صدقة له كتاب. مسعدة بن زياد له كتاب. مسعدة بن اليسع له كتاب. مسعدة بن الفرج الربعي له كتاب ، أخبرنا بذلك إلى أنْ قال ـ : عن هارون بن مسلم عنهم(٧) . ولا يخفى أنّ الربعي ليس وصفاً لابن صدقة في الفهرست.

وفي النجاشي : ( مسعدة بن صدقة العبدي إلى أنْ قال ـ : حدّثنا هارون بن مسلم عنه(٨) .

__________________

(١) رجال النجاشي : ١٨٥ / ٤٨٩.

(٢) رجال الطوسي : ٣٠٠ / ٣٢٢.

(٣) راجع ج ١ ص ٣٧٩ ، ج ٤ ص ٣٨ ، ١٢٤ ، ١٦٧ ، ٢٩١ ، ٣٦١ ، ج ٥ ص ١٢٤.

(٤) الفهرست : ٧٢.

(٥) رجال النجاشي : ٤٣٨.

(٦) راجع ج ١ ص ٣٣٥ ، ج ٣ ص ٤٣٥.

(٧) الفهرست : ١٦٧ / ٧٣٢ ، ٧٣٣ ، ٧٣٤ ، ٧٣٥.

(٨) رجال النجاشي : ٤١٥ / ١١٠٨.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463