إستقصاء الإعتبار الجزء ٧

إستقصاء الإعتبار16%

إستقصاء الإعتبار مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف: مكتبة القرآن الكريم
ISBN: 964-319-179-6
الصفحات: 463

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 463 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 59716 / تحميل: 5930
الحجم الحجم الحجم
إستقصاء الإعتبار

إستقصاء الإعتبار الجزء ٧

مؤلف:
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-١٧٩-٦
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

ثم اجتمع في تلك الصورة وفيها هيئة نبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال له الله تعالى: أنت المختار وعندك مستودع الأنوار، وأنت المصطفى المنتخب الرضا المنتجب المرتضى، من أجلك أضع البطحاء وأرفع السماء وأجري الماء وأجعل الثواب والعقاب والجنة والنار، وأنصب أهل بيتك علماً للهداية وأودع أسرارهم في سري بحيث لا يشكل عليهم دقيق ولا يغيب عنهم خفي، وأجعلهم حجتي على بريتي والمنبهين على قدري والمطلعين على أسرار خزائني.

ثم أخذ الحق سبحانه عليهم الشهادة بالربوبية والاقرار بالوحدانية في مكنون علمه، ونصب العوالم وموج الماء وأثار الزبد وأهاج الدخان، فطفى عرشه على الماء، ثم أنشأ الملائكة من أنوار أبدعها وأنواع اخترعها، ثم خلق الأرض وما فيها.

ثم قرن بتوحيده نبوة نبيّه محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصفيّه، وشهدت السماوات والأرض والملائكة والعرش والكرسي والشمس والقمر والنجوم وما في الأرض له بالنوبة، فلمّا خلق آدم أبان للملائكة فضله وأراهم ما خصه به من سابق العلم وجعله محراباً وقبلة لهم وسجدوا له، ثم بيّن لآدم حقيقة ذلك النور ومكنون ذلك السر، فلما حانت أيامه أودعه شيئاً، ولم يزل ينقل من الأصلاب الفاخرة إلى الأرحام الطاهرة إلى أن وصل عبد المطلب ثم إلى عبد الله ثم إلى نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فدعا الناس ظاهراً وباطناً وندبهم سراً وعلانية، واستدعى الفهوم إلى القيام بحقوق ذلك السر المودع في الذر قبل النسل، فمن وافقه قبس من لمحات ذلك النور واهتدى إلى السر وانتهى إلى العهد المودع، ومن غمرته الغفلة وشغلته المحنة فاستحق البعد.

ثم لم يزل ذلك النور ينتقل فينا ويتشعشع في غرائزنا، فنحن أنوار السماوات والأرض وسفن النجاة، وفينا مكنون العلم وإلينا مصير الأمور وبمهديّنا تقطع الحجج خاتمة الأئمة ومنقذ الأمة ومنتهى النور، فليهن من استمسك بعروتنا وحشر

٢٠١

على محبتنا »(١) .

الرابع: كلام لعلي بن الحسين عليه‌السلام

وقال سيدنا الامام علي بن الحسين زين العابدينعليه‌السلام : « نحن الفلك الجارية في اللجج الغامرة، يأمن من ركبها ويغرق من تركها » رواه البلخي بقوله: « أخرج الحافظ الجعابي أن الامام زين العابدينرضي‌الله‌عنه قال: نحن الفلك الجارية في اللجج الغامرة، يأمن من ركبها ويغرق من تركها، وإن الله تبارك وتعالى أخذ ميثاق من يحبّنا وهم في أصلاب آبائهم، فلا يقدرون على ترك ولا يتنا، لأن الله عز وجل جعل جبلتهم على ذلك »(٢) .

الخامس: القصيدة المنسوبة الى ابن العاص

وقال عمرو بن العاص في مدح أمير المؤمنينعليه‌السلام :

« هو النبأ العظيم وفلك نوح

وباب الله وانقطع الخطاب »

في قصيدة نسبها إليه جماعة من علماء أهل السنة، منهم: أبو محمد الحسن ابن أحمد بن يعقوب الهمداني اليمني في كتاب ( الإِكليل ) وجمال الدين المحدّث الشيرازي في ( تحفة الأحباء في مناقب آل العباء ).

قال أبو محمد الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداني اليمني: « روى أن معاوية بن أبي سفيان قال يوماً لجلسائه: من قال في علي على ما فيه فله البدرة؟ فقال كل منهم كلاماً غير موافق من شتم أمير المؤمنين إلّا عمرو بن العاص، فإنه قال أبياتاً اعتقدها وخالفها بفعاله:

___________________

(١). تذكرة خواص الامة ١٢٨.

(٢). ينابيع المودة ٢٣.

٢٠٢

بآل محمد عرف الصواب

وفي أبياتهم نزل الكتاب

وهم حجج الإِله على البرايا

بهم وبجدّهم لا يستراب

ولا سيّما أبي حسن علي

له في المجد مرتبة تهاب

إذا طلبت صوارمهم(١) نفوساً

فليس بها(٢) سوى نعم جواب

طعام حسامه مهج الأعادي

وفيض دم الرقاب لها شراب

وضربته كبيعته بخم

معاقدها من الناس الرقاب

إذا لم تبرء من أعداء علي

فما لك في محبته ثواب

هو البكّاء في المحراب ليلاً

هو الضحّاك إنْ آن الضرّاب

هو النبأ العظيم وفلك نوح

وباب الله وانقطع الجواب(٣)

فأعطاه معاوية البدر وحرم الآخرين »(٤) .

السادس: كلام للحسن البصري (٥) .

وقال الحسن البصري في كتاب له إلى سيدنا الامام الحسن السبطعليه‌السلام « فإنكم معاشر بني هاشم كالفلك الجارية في بحر لجي، ومصابيح الدجى وأعلام الهدى، والأئمة القادة الذين من تبعهم نجا، كسفينة نوح المشحونة التي يؤول إليها المؤمنون وينجو فيها المتمسكون ».

___________________

(١). كذا والظاهر: صوارمه.

(٢). كذا والظاهر: لها.

(٣). كذا والظاهر: الخطاب.

(٤). هذا الاستشهاد مبني على نسبة من ذكرنا القصيدة إلى عمرو بن العاص. ومن القوم من نسبها إلى الناشئ الصغير المتوفى سنة ٣٦٥ وهي ٣٢ بيت، قال صاحب الغدير: وهو الأصح.

(٥).. الحسن البصري هو: الحسن بن يسار أبو سعيد. من كبار التابعين وإمام أهل البصرة وحبر الامة في زمنه، وأحد العلماء الفقهاء النساك عند أهل السنة. توفي سنة ١١٠ وله ترجمة في جميع كتب الرجال كتهذيب التهذيب وتقريب التهذيب وميزان الاعتدال. وقد أثنى عليه الحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء ٢ / ١٣١.

٢٠٣

رواه أبو الحسن الغزنوي في ( كشف المحجوب لأرباب القلوب ٦١ ) وعنه الشهاب الدولت آبادي في ( هداية السعداء ) وعبد الرحمن الجشتي في ( مرآة الأسرار ) ورواه محمد محبوب في ( تفسير شاهي ) بتفسير قوله تعالى:( قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ ) عن كتاب ( جواهر العلوم ).

٢٠٤

دلالة حديث السفينة

٢٠٥

٢٠٦

ويدلّ حديث السفينة على إمامة أهل البيتعليهم‌السلام : من وجوه:

١ - وجوب اتّباعهم

إن هذا الحديث يدلّ على وجوب اتباع أهل البيتعليهم‌السلام على الإِطلاق، ولا يجب اتباع أحد كذلك - بعد الله ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - إلّا الإمام كما دريت فيما سبق في وجوه دلالة حديث الثقلين على المطلوب.

ويشهد لدلالته على وجوب ابتاعهم مطلقاً كلمات عدة من علماء أهل السنة منهم العجيلي الشافعي، وقد تقدّم ذكر بعض تلك الكلمات.

٢ - إتباعهم يوجب النجاة

إن هذا الحديث يدل على أن اتباع أهل البيتعليهم‌السلام يوجب النجاة والخلاص، ومن المعلوم أن كونهم كذلك دليل العصمة، وهي تستلزم الامامة والخلافة.

وقد نصّ على دلالة الحديث على ذلك جماعة في بيان وجه تشبيههم بالسفينة:

قال الواحدي: « أنظر كيف دعا الخلق إلى النسب إلى ولائهم والسير تحت لوائهم بضرب مثله بسفينة نوحعليه‌السلام ، جعل ما في الآخرة من مخاوف

٢٠٧

الأخطار وأهوال النار كالبحر الذي لج براكبه، فيورده مشارع المنية ويفيض عليه سجال البلية، وجعل أهل بيته عليهو عليهم ‌السلام مسبب الخلاص من مخاوفه والنجاة من متالفه، وكما لا يعبر البحر الهياج عند تلاطم الامواج إلّا بالسفينة، كذلك لا يأمن نفخ الجحيم ولا يفوز بدار النعيم إلّا من تولى أهل بيت الرسول صلوات الله عليه وعليهم، وتخلى لهم وده ونصيحته وأكد في موالاتهم عقيدته، فإن الذين تخلّفوا عن تلك السفينة آلوا شر مآل وخرجوا من الدنيا إلى أنكال وجحيم ذات أغلال، وكما ضرب مثلهم بسفينة نوح قرنهم بكتاب الله تعالى فجعلهم ثاني الكتاب وشفع التنزيل »(١) .

وقال السمهودي في تنبيهات الذكر الخامس: « ثانيها قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح في قومه، الحديث، ووجهه أن النجاة ثبتت لأهل السفينة من قوم نوحعليه‌السلام ، وقد سبق في الذكر قبله في حثّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على التمسك بالثقلين كتاب الله وعترته قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، و قوله في بعض الطرق: نبأني اللطيف الخبير ، فأثبت لهم بذلك النجاة وجعلهم وصلة اليها، فتم التمسك المذكور، ومحصله الحث على التعلّق بحبلهم وحبهم وإعظامهم شكراً لنعمة مشرفهم صلّى الله عليه وعليهم، والأخذ بهدي علمائهم ومحاسن أخلاقهم وشيمهم، فمن أخذ بذلك نجا من ظلمات المخالفة وأدى شكر النعمة الوافرة، ومن تخلّف عنه غرق في بحار الكفران وتيار الطغيان فاستوجب النيران »(٢) .

وقال ابن حجر: « ووجه تشبيههم بالسفينة فيما مر: إن من أحبهم وعظمهم شكراً لنعمة مشرفهمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأخذ بهدي علمائهم نجا من ظلمة المخالفات، ومن تخلّف عن ذلك غرق في بحر كفر النعم وهلك في مفاوز ( تيّار -

___________________

(١). تفسير الواحدي - مخطوط.

(٢). جواهر العقدين - مخطوط.

٢٠٨

ظ ) الطغيان »(١) .

٣ - دلالته على أفضليّتهم

إن هذا الحديث يدل على أفضلية أهل البيتعليهم‌السلام من سائر الناس مطلقاً، إذ لو كان أحد أفضل منهم - أو في مرتبتهم من الفضل - لأمر الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالاقتداء به دونهم، وإلّا لزم أنْ يكون قد غش أمته، وحاشا لله من ذلك

وقد صرّح بدلالة الحديث على ذلك جماعة من أعيان علماء السنة كما تقدم.

٤ - دلالته على وجوب محبتهم

إن هذا الحديث يدل على وجوب محبة أهل البيتعليهم‌السلام على الإِطلاق، ووجوبها كذلك دليل على وجوب عصمتهم وأفضليتهم والانقياد لهم، كما بحث عن ذلك بالتفصيل في مجلد آية المودة. وكل ذلك يستلزم الإِمامة.

٥ - دلالته على عصمتهم

إن هذا الحديث يدل على أن محبة أهل البيتعليهم‌السلام توجب النجاة. وهذا المعنى يستلزم عصمتهم، إذ لو كان منهم ما يوجب سخط الباري تعالى لما جازت محبتهم ومتابعتهم فضلاً عن وجوبها وكونها سبباً للنجاة - وهذا واضح.

وإذا ثبتت عصمتهمعليهم‌السلام لم يبق ريب في إمامتهم

٦ - من تخلّف عنهم ضلّ

إن هذا الحديث يدل على هلاك وضلال المتخلّفين عن أهل البيت عليهم

___________________

(١). الصواعق المحرقة: ٩١.

٢٠٩

السلام، وتخلّف الخلفاء عنهم من الوضوح بمكان، كما أثبته علماؤنا الأعيان في كتب هذا الشأن، فبطل بهذا خلافتهم عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وثبتت خلافة سيدنا أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٧ - هم الميزان المعرفة المؤمن والكافر

إن هذا الحديث يدل على أن من اتّبعهم كان من المفلحين الناجين، ومن خالفهم وتركهم كان من الكافرين الخاسرين، فبهم وباتّباعهم يعرف المؤمن من الكافر، وهذا المعنى أيضاً يقتضي الامامة والرئاسة العامة، لأنه من شوؤن العصمة المستلزمة للامامة كما تقدم.

٨ - دلالته على لزوم الامام في كلّ عصر

إن هذا الحديث يدل على لزوم وجود إمام معصوم من أهل البيتعليهم‌السلام في كل زمان إلى يوم القيامة، ليتسنى للأمة في جميع الأدوار ركوب تلك السفينة والنجاة بها من الهلاك، فهو إذاً يدل على صحة مذهب أهل الحق وبطلان المذاهب الأخرى، كما لا يخفى.

٩ - الجمع بين حديثي الثقلين والسفينة

لقد جاء حديث السفينة بعد حديث الثقلين في سياق طويل بحيث لا يبقى ريب لمن لاحظه في دلالته على مطلوب أهل الحق وذلك ما رواه أبو عبد الله محمد بن مسلم بن أبي الفوارس الرازي في صدر كتابه ( الأربعين في فضائل أمير المؤمنين ) حيث قال: « وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إني تارك فيكم كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فهما خليفتان بعدي، أحدهما أكبر من الآخر سبب موصول من السماء إلى الأرض، فإن استمسكتم بهما لن تضلوا، فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض يوم القيامة، فلا تسبقوا أهل بيتي بالقول فتهلكوا ولا تقصّروا عنهم

٢١٠

فتذهبوا، فإن مثلهم فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك، ومثلهم فيكم كمثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له، ألا وإن أهل بيتي أمان لأمتي فإذا ذهب أهل بيتي جاء أمّتي ما يوعدون، ألا وإنّ الله عصمهم من الضلالة وطهّرهم من الفواحش واصطفاهم على العالمين، ألا وإنّ الله أوجب محبّتهم وأمر بمودتهم، ألا وإنّهم الشهداء على العباد في الدنيا ويوم المعاد، ألا وإنّهم أهل الولاية الدالّون على طرق الهداية، ألا وإنّ الله فرض لهم الطاعة على الفرق والجماعة، فمن تمسك بهم سلك ومن حاد عنهم هلك. ألا وإن العترة الهادية الطيبين دعاة الدين وأئمة المتقين وسادة المسلمين، وقادة المؤمنين وأمناء العالمين على البرية أجمعين، الذين فرّقوا بين الشك واليقين وجاءوا بالحق المبين »(١) .

١٠ - الحديث في سياق آخر

لقد ورد هذا الحديث في سياقٍ يدل دلالة واضحة على أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يريد بذلك النص على الأئمة الاثني عشرعليهم‌السلام من بعده.

وقد جاء ذلك في حديث رواه أبو منصور شهردار بن شيرويه الديلمي: « عن أبي سعيد الخدري، قال: صلّى بنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الصلاة الاُولى ثم أقبل بوجهه الكريم علينا فقال: يا معاشر أصحابي إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح وباب حطة في بني إسرائيل، فتمسكوا بأهل بيتي بعدي الأئمة الراشدين من ذريتي، فإنكم لن تضلوا أبداً، فقيل: يا رسول الله كم الأئمة بعدك؟ قال: اثنا عشر من أهل بيتي - أو قال - من عترتي »(٢) .

فإنه يدل على إمامة أهل البيتعليهم‌السلام من جهات:

١ - تشبيههصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أهل البيت بسفينة نوح.

___________________

(١). الأربعين لابن أبي الفوارس - مخطوط.

(٢). مسند الفردوس.

٢١١

٢ - تشبيههم بباب حطة.

٣ - أمرهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الأصحاب بالتمسك بهم.

٤ - وصفهم بالأئمة الراشدين.

٥ - ذكر أنهم لن يضلوا إن تمسكوا بهم.

٦ - كون الأئمة من بعده اثني عشر من أهل بيته.

١١ - الحديث في سياقٍ ثالث

لقد جاء هذا الحديث ضمن كلام للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، خاطب به علياًعليه‌السلام بأسلوب بديع وسياق رفيع لا يرتاب في كونه نصاً في الامامة إلا مكابر عنيد جاء ذلك في ( ينابيع المودة ) وهذا لفظه: « أخرجه الحمويني عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا على أنا مدينة الحكمة وأنت بابها ولن تؤتى المدينة إلّا من قبل الباب، وكذب من زعم أنه يحبني ويبغضك، لأنك مني وأنا منك لحمك من لحمي ودمك من دمي، وروحك من روحي وسريرتك من سريرتي، وعلانيتك من علانيتي، وأنت إمام أمتي ووصيي، سعد من أطاعك وشقي من عصاك وربح من تولاك وخسر من عاداك، فاز من لزمك وهلك من فارقك، ومثلك ومثل الأئمة من ولدك مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق، ومثلكم مثل النجوم كلما غاب نجم طلع نجم إلى يوم القيامة »(١) .

١٢ - معنى الحديث في كلام الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

لقد جاء معنى هذا الحديث ضمن حديث يدل بوجوه عديدة على امامة أهل البيتعليهم‌السلام ، بحيث لو تأمله عاقل لم يخالجه أي شك في دلالته على

___________________

(١). ينابيع المودة ١٣٠.

٢١٢

مطلوب أهل الحق، و قد روى ذلك الحديث الهمداني في ( مودة القربى ) والبلخي القندوزي: « عن علي قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أحبّ أن يركب سفينة النجاة ويستمسك بالعروة الوثقى ويعتصم بحبل الله المتين فيوال علياً بعدي وليعاد عدوّه وليأتمّ بالأئمة الهداة من ولده، فإنهم خلفائي وأوصيائي وحجج الله على خلقه بعدي وسادة [ سادات ] أمتي وقادة [ قادات ] الأتقياء إلى الجنة، حزبهم حزبي وحزبي حزب الله، وحزب أعدائهم حزب الشيطان »(١) .

١٣ - الحديث مع حديث الأشباح

لقد جاء هذا الحديث في حديث الأشباح الخمسة بنهج يدل بوضوح على إمامة أهل البيتعليهم‌السلام .

وهو ما رواه صدر الدين الحموئي بسنده: « عن أبي هريرة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال: لما خلق الله تعالى أبا البشر ونفخ فيه من روحه، التفت آدم يمنة العرش فإذا نور خمسة أشباح سجّداً وركّعاً، قال آدم: يا رب هل خلقت أحداً من طين قبلي؟ قال: لا يا آدم. قال: فمن هؤلاء الخمسة الذين أراهم في هيئتي وصورتي؟ قال: هؤلاء خمسة من ولدك، لولاهم ما خلقتك ولولاهم ما خلقت الجنة ولا النار ولا العرش ولا الكرسي ولا السماء ولا الأرض ولا الملائكة ولا الانس ولا الجن، هؤلاء الخمسة شققت لهم خمسة أسماء من أسمائي فأنا المحمود وهذا محمد، وأنا العالي وهذا علي، وأنا الفاطر وهذه فاطمة، وأنا الإِحسان وهذا الحسن، وأنا المحسن وهذا الحسين، آليت بعزتي أنه لا يأتيني أحد بمثقال حبّة من خردل من بغض أحدهم الّا أدخلته ناري ولا أبالي. يا آدم هؤلاء صفوتي من خلقي بهم أنجيهم وأهلكهم، فإذا كان لك إلى حاجة فبهؤلاء توسّل.

فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : نحن سفينة النجاة من تعلّق بها نجا ومن

___________________

(١). ينابيع المودة ص ٢٥٨.

٢١٣

حاد عنها هلك، فمن كان له إلى الله حاجة فليسأل بنا أهل البيت »(١) .

١٤ - الحديث مع حديث باب حطة

لقد جمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين حديث السفينة - في طرق عديدة من طرقه - وحديث باب حطة وقد ثبت دلالة حديث باب حطة على وجوب اتباع أهل البيتعليهم‌السلام مطلقاً، وعلى عصمتهم وطهارتهم من الرجس، وعلى كفر المعرضين عنهم والمخالفين لهم

فهكذا حديث السفينة يفيد ذلك كله، وبكلّ منهما يتم مطلوب أهل الحق.

١٥ - في كلام امير المؤمنين عليه‌السلام

لقد جمع أمير المؤمنينعليه‌السلام بين حديث السفينة وباب حطة قائلاً - فيما رواه السيوطي كما تقدّم - « إنما مثلنا في هذه الأمة كسفينة نوح وكباب حطة في بني إسرائيل » أي: إن الانقياد لهم والانقطاع إليهم سبب لنجاة الأمة كما نجا من ركب سفينة نوح ومن دخل باب حطة وهذا المقام لا يكون إلّا للامامعليه‌السلام .

١٦ - الحديث مع حديث الثقلين في كلامه عليه‌السلام

لقد جمع أمير المؤمنينعليه‌السلام في خطبة له - رواها اليعقوبي كما تقدّم - بين حديث السفينة وحديث الثقلين فأشار فيها إلى واقعة الغدير أيضاً وهذا يفيد أن حديث السفينة من براهين إمامتهعليه‌السلام مثلهما.

___________________

(١). فرائد السمطين ١ / ٣٦.

٢١٤

١٧ - إهتمام أبي ذر بحديث السفينة

لقد اهتم سيدنا أبوذر رضوان الله عليه بشأن حديث السفينة، وهذا الاهتمام البالغ يكشف عن اعتقاده بدلالة هذا الحديث على إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وهذا هو الذي يرغم آناف الأعداء اللئام، ويرفع رؤوس الأولياء الكرام.

١٨ - الحديث مع حديث باب حطة في روايته

إنه رضوان الله تعالى عليه قرن - في رواية الطبراني وغيره - بين حديث السفينة وحديث باب حطة وهو يدل على المطلوب كما سبق.

١٩ - كلام أبي ذر رضي‌الله‌عنه

لقد علم من رواية ابن الصباغ المالكي وغيره: أن أباذر صعد على عتبة باب الكعبة ثم ذكر حديث السفينة، وأنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: إجعلوا أهل بيتي فيكم مكان الرأس من الجسد ومكان العينين من الرأس

وهذا دليل واضح على عصمة أهل البيتعليهم‌السلام وإمامتهم وخلافتهم عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٢٠ - جمعه بينه وبين حديثي الثقلين وباب حطة

لقد جمع أبوذررضي‌الله‌عنه - فيما رواه البلخي القندوزي - بين هذا الحديث وحديثي باب حطة والثقلين وهو أيضاً دليل على المطلوب.

٢١٥

٢١٦

دحض مناقشات الدهلوي

في دلالة حديث السفينة

٢١٧

٢١٨

وبعد، فلنأت على كلمات الدهلوي حول دلالة حديث السفينة، لنبيّن فساد مزاعمه وبطلان دعاويه في المقام، فنقول وبالله التوفيق:

قوله:

وكذلك حديث: مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق. فإنه لا يدل إلّا على الفلاح والهداية الحاصلين من حبّهم والناشئين من اتباعهم، وأن التخلّف عن حبّهم موجب للهلاك.

إعتراف الدهلوي بحصول الفلاح بحب أهل البيت

أقول:

إذا كان ( الدهلوي ) يعترف بذلك، فلم لا يعترف بإمامة أهل البيتعليهم‌السلام ؟ فلقد علمت أنّ إيجاب موالاتهم ومحبّتهم يستلزم خلافتهم وإمامتهم، على أنّه سيأتي اعترافه بأن الامام هو من أوجب اتّباعه النجاة في الآخرة.

قوله:

وهذا المعنى - بفضل الله تعالى - يختص به أهل السنة من بين الفرق الاسلامية كلّها.

٢١٩

أقول:

إن من المعلوم لدى كلّ عاقب بصير أنه ليس لأهل السنة من ولاء أهل البيتعليهم‌السلام واتباعهم نصيب أصلاً، فضلاً عن أن يكون خاصاً بهم، كيف وهم يوالون بل يقتدون بمن ظلمهم وحاربهم وسبّهم وسمّهم وأبغضهم وانحرف عنهم! هذا من جهة، ومن جهة أُخرى فإنهم ينفون فضلهم وينكرون عصمتهم ويخطّؤونهم في الأقوال والأفعال ولا يعتبرون بإجماعهم كما لا يخفى على من راجع كتبهم الكلامية والأصولية!! وهل هذا الذي زعمه ( الدهلوي ) إلّا مباهتة تتحير منها الأحلام والأذهان؟

قوله:

لأنهم متمسكون بحبل وداد أهل البيت جميعهم حسب ما يريد القرآن:( أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ) وموقفهم من ذلك كموقفهم من الأنبياء:( لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ ) فلا يؤمنون ببعضهم ويعادون غيرهم.

هل أهل السنة متمسكون بأهل البيت؟

أقول: هذه دعوى باطلة لا يسندها أي دليل، ولعمري أنه يتذكر المرء منها قوله عز وجل:( إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ ) (١) .

وقوله تعالى:( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ يُخادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ ) (٢) .

___________________

(١). سورة المنافقون - ١.

(٢). سورة البقرة - ٩.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

ثم إنّ مسعدة بن صدقة )(١) قال الشيخ في رجال الباقرعليه‌السلام : إنّه عامي(٢) . والكشي فيه أنّه بتري(٣) . فليتأمّل.

[والخامس (٤) ] : فيه محمّد بن عيسى الأشعري المعبّر عنه بأبيه ، وقد قدّمنا القول فيه(٥) كغيره.

المتن :

في الأخبار كلّها لا يخلو من إجمال ، أمّا الأوّل : فما تضمّنه : من أنّ الأرض كلّها مسجد ؛ إنْ أُريد به أنّ الصلاة في كلّ أرض كالصلاة في المسجد إلاّ ما ذكر ، ففيه ما لا يخفى ؛ وإنْ أُريد بالمسجد موضع السجود كما قيل(٦) في قولهعليه‌السلام : « جعلت لي الأرض مسجداً »(٧) أي موضع سجود ، فلا يختصّ به موضع دون موضع ، ففيه : أنّه وإنْ أمكن لا يوافق مقصود الشيخ فيما يظهر ، إلاّ أنْ يريد ما ذكرناه ، والعنوان مبهم ، وقد صرّح بعض أهل اللغة بأنّ موضع السجود يقال له مسجد بالكسر(٨) .

ثم إنّ ظاهر النص حيث استثنى الحمّام والمقبرة أنّ المراد بالمسجد فيه المكان ، فيحتمل أنْ يراد بالمسجد المكان لا موضع السجود ،

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط عن « رض ».

(٢) رجال الطوسي : ١٣٧ / ٤٠.

(٣) رجال الكشي ٢ : ٦٨٧ / ٧٣٣.

(٤) في النسخ : الرابع ، والصحيح ما أثبتناه.

(٥) راجع ص ٢٣٤.

(٦) ليست في « رض ».

(٧) الفقيه ١ : ١٥٥ / ٧٢٤. الوسائل ٣ : ٣٥٠ أبواب التيمم ب ٧ ح ٢.

(٨) انظر المصباح المنير : ٢٦٦.

٢٤١

إلاّ أنْ يقال : إنّ موضع السجود لا يدلّ على ما ينافي الاستثناء.

والثاني : كما ترى مجمل أيضاً ، بل فيه زيادة إجمال ، ولعلّ احتمال موضع السجود فيه أظهر ، ويراد به ما قاله الشيخ.

أمّا الثالث : المستدلّ به ، فاستفادة انقطاع الريح منه محلّ تأمّل ، نعم الرابع يدلّ على ذلك.

اللغة‌ :

قال في القاموس : المسجد معروف ويفتح جيمه ، والمَفْعَل من باب نصر بفتح العين اسماً كان أو مصدراً ، إلاّ أحرفاً ، كمسجد ومطلع ومشرق ومسقط ومفرق ومسكن ومنسك إلى أنْ قال ـ : ألزموها كسر العين ، والفتح جائز ، وما كان من باب جلس فالموضع بالكسر والمصدر بالفتح(١) . وقال : المِحَشّ : مجتمع العذرة ؛ والحشُّ مثلّثة المخرج ، لأنّهم كانوا يقضون حوائجهم في البساتين(٢) .

قوله :

باب كراهية أنْ يبصق في المسجد.

أحمد بن محمّد ، ( عن محمّد ) (٣) بن يحيى ، عن غياث بن إبراهيم ، عن جعفر ، عن أبيه : « إنّ علياً عليه‌السلام قال : البصاق (٤) في‌

__________________

(١) القاموس المحيط ١ : ٣١٠.

(٢) القاموس المحيط ٢ : ٢٧٩ ، بتفاوت يسير.

(٣) ما بين القوسين ليس في « رض » و « م ».

(٤) في الاستبصار ١ : ٤٤٢ / ١٧٠٤ : البزاق.

٢٤٢

المسجد خطيئة وكفّارته دفنه ».

محمّد بن علي بن محبوب ، عن محمّد بن الحسين ، عن موسى ابن يسار ، عن علي بن جعفر السكوني ، عن إسماعيل بن مسلم الشعيري ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه : ، قال : « من وقّر بنخامته المسجد لقي الله يوم القيامة ضاحكاً قد اعطي كتابه بيمينه ».

عنه ، عن أبي إسحاق النهاوندي ، عن البرقي ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : « من تنخّم(١) في المسجد ثم ردّها في جوفه لم تمرّ بداء في جوفه إلاّ أبرأته ».

الحسين بن سعيد ، عن محمّد بن مهران ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : قلت له : الرجل يكون في المسجد في الصلاة فيريد أنْ يبصق ، فقال : « عن يساره ، وإنْ كان في غير صلاة فلا يبزق حذاء القبلة ، ويبزق عن يمينه وشماله »(٢) .

فأمّا ما رواه علي بن مهزيار قال : رأيت أبا جعفر الثانيعليه‌السلام تفل في المسجد الحرام فيما بين الركن اليماني والحجر الأسود ولم يدفنه.

سعد ، عن أبي جعفر(٣) ، عن العبّاس بن معروف ، عن صفوان ، عن القاسم بن محمّد ، عن سليمان مولى طربال ، عن عبيد بن زرارة قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : كان أبو جعفرعليه‌السلام يصلّي في المسجد فيبصق أمامه وعن يمينه وعن شماله وخلفه وعلى الحصى ولا يغطّيه.

فالوجه في هذه الأخبار الجواز ورفع الحظر وإنْ كان الفضل فيما تقدّم من الأخبار.

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٤٤٢ / ١٧٠٦ : تنخّع.

(٢) في « رض » : أو شماله.

(٣) في الاستبصار ١ : ٤٤٣ / ١٧٠٩ : عن جعفر.

٢٤٣

السند :‌

في الأوّل : معروف مما تكرّر وتقدّم عن قريب(١) .

والثاني : فيه موسى بن يسار ، وهو مجهول الحال ، إذ لم أقف عليه في الرجال ، وعلي بن جعفر السكوني كذلك. وإسماعيل بن مسلم هو ابن أبي زياد المكرر ذكره(٢) .

والثالث : فيه أبو إسحاق النهاوندي ، واسمه إبراهيم بن إسحاق ، ضعيف الحديث على ما في النجاشي(٣) . والبرقي ومن معه معلومو الحال بما مضى من المقال(٤) .

والرابع : فيه محمّد بن مهران ، وهو مجهول الحال ؛ لعدم الوقوف عليه في الرجال.

والخامس : صحيح ؛ لأنّ الطريق إلى علي بن مهزيار في المشيخة لا ارتياب فيه(٥) .

والسادس : تقدّم القول في رجاله عن قريب(٦) .

المتن :

في الأوّل : ظاهر في إطلاق الخطيئة على المكروه ؛ إذ المعروف الكراهة.

__________________

(١) راجع ج ٥ ص ٢٧٠ ، ج ٦ ص ٣٠٦.

(٢) راجع ج ١ ص ١٨٨ ، ج ٢ ص ١٠٩ ، ٣٩٧ ، ج ٣ ص ١٤٠ ، ٤٢٠ ، ج ٤ ص ٩٦.

(٣) رجال النجاشي : ١٩ / ٢١.

(٤) راجع ج ١ ص ٩٣ ، ج ٢ ص ٣٣٤.

(٥) مشيخة الاستبصار ( الاستبصار ٤ ) : ٣٣٨.

(٦) في ص ٢٣٨ ٢٣٩.

٢٤٤

والثاني : واضح.

والثالث : فيه دلالة على جواز ابتلاع النخامة إذا خرجت إلى فضاء الفم لو صحّ الخبر ، لكن الأصل يساعده.

والرابع (١) لا يبعد أنْ يكون المراد باليسار فيه جهة يساره من غير التفات ، لكن قد يُستبعد هذا ، ولعلّ الخبر لو صحّ يمكن استثناء الالتفات يسيراً منه في هذه الحال ، ويؤيده النهي فيه عن البزاق حذاء القبلة لغير المصلّي.

ثم إنّ البزاق لا يخفى تحقّقه بإخراج الفضلة بشي‌ء ، فالاحتياج إلى اليسار كأنّه لو اتّفق رميها من الفم. وقد يشكل باستلزام خروج نحو اللفظين. ويمكن الجواب عنه بما تقدّم في باب الكلام في الصلاة ، والخبر كما ترى.

أمّا الخبران الآخران فما قاله الشيخ فيهما له وجه ، غير أنّ بيان الجواز فيما هو معروف مستبعد ، كما أشرنا إليه في الكتاب. والخبر الأخير لا يدلّ على أنّ ما فعلهعليه‌السلام في حال الصلاة كما لا يخفى.

اللغة‌ :

قال في القاموس : البزاق كغراب معروف(٢) . وقال : التوقير التبجيل(٣) . وقال : [ والنخامة بالضم النخاعة ، ونخم كفرح نخماً ويحرّك ، وتنخّم : دفع بشي‌ءٍ من صدره أو أنفه(٤) (٥) ].

__________________

(١) في « فض » زيادة : الظاهر.

(٢) القاموس المحيط ٣ : ٢٢٠.

(٣) القاموس المحيط ٢ : ١٦١.

(٤) القاموس المحيط ٤ : ١٨١.

(٥) بدل ما بين المعقوفين في النسخ : نخم ينخم نخماً ونخيماً تنحنح. والصحيح ما أثبتناه من المصدر.

٢٤٥

قوله :

أبواب الصلاة في العيدين‌

باب أنّ صلاة العيدين فريضة.

محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن محمّد بن عبد الحميد ، عن أبي جميلة ، عن أبي أُسامة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : سألته عن التكبير في العيدين؟ قال : « سبع وخمس » وقال : « صلاة العيدين فريضة »(١).

الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « صلاة العيدين فريضة ، وصلاة الكسوف فريضة »(٢) .

فأمّا ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أبي جعفر ، عن علي بن حديد وعبد الرحمن بن أبي نجران ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة قال : قال أبو جعفرعليه‌السلام : « صلاة العيدين مع الإمام سنّة ، وليس قبلها ولا بعدها صلاة ذلك اليوم إلى الزوال ».

فالوجه في هذه الرواية أن نحمل قوله : إنّها سنّة مع الإمام. أنّ فرضها علم من جهة السنّة دون أنْ يكون ذلك غير واجب ، وقد استوفينا ذلك في كتابنا الكبير ( ونفرد باباً )(٣) أنّه لا تجب إلاّ عند حضور الإمام.

__________________

(١) في التهذيب ٣ : ١٢٧ / ٢٦٩ زيادة : وصلاة الكسوف فريضة.

(٢) في التهذيب ٣ : ١٢٧ / ٢٧٠ لا يوجد : وصلاة الكسوف فريضة.

(٣) بدل ما بين القوسين في النسخ : وتفردها ، وما أثبتناه من الاستبصار ١ : ٤٤٤.

٢٤٦

السند :‌

في الأوّل : فيه أبو جميلة ، وهو المفضّل بن صالح ، وقد ضعّفه العلاّمة في الخلاصة(١) ، والشيخ في الكتابين لا يزيد كلامه في شأنه على الإهمال(٢) . أمّا محمّد بن عبد الحميد فقد تكرّر القول فيه(٣) كأبي جميلة أيضاً(٤) ، والإعادة فيه لأمرٍ ما. والطريق إلى محمّد بن أحمد بن يحيى تكرّر أيضاً(٥) .

والثاني : واضح الصحّة بعد ما قدّمناه في الطريق إلى الحسين بن سعيد(٦) . وجميل هو ابن درّاج ، صرّح به في الفقيه ، وطريقه إليه صحيح(٧) ، وستأتي الزيادة في متنه ، إمّا من كلام الصدوق أو جميل.

والثالث : واضح ايضاً بعد ما أسلفناه في حريز(٨) ، وقدّمنا(٩) أيضاً أنّ الوالدقدس‌سره كان يقول : إنّ مثل هذا السند حيث وقع فيه علي بن حديد وعبد الرحمن شاهد على أنّ ما يقع في بعض الأسانيد من رواية علي بن حديد عن عبد الرحمن سهو من قلم الشيخ ، وللبحث فيه مجال.

__________________

(١) خلاصة العلاّمة : ٢٥٨ / ٢.

(٢) رجال الطوسي : ٣١٥ / ٥٦٥ ، الفهرست : ١٧٠.

(٣) راجع ج ١ ص ٢٠٠ ، ج ٣ ص ١٠٣ ، ٢٦٥.

(٤) راجع ج ٢ ص ٢٢٤ ، ٣٠٦ ، ٣٦٣ ، ج ٣ ص ٢٦٦ ، ج ٤ ص ٣٩٢.

(٥) راجع ج ١ ص ٩٩ ج ٣ ص ٣٠٧ ، ج ٥ ص ١٧٥.

(٦) راجع ج ١ ص ٦٩ ، ٤١٤ ، ج ٣ ص ٢٤.

(٧) الفقيه ١ : ٣٢٠ / ١٤٥٧ ، خلاصة العلاّمة : ٢٧٧.

(٨) راجع ج ١ ص ٥٦ ، ج ٤ ص ١٨٧ ١٩٠.

(٩) راجع ج ٣ ص ٣٢٦.

٢٤٧

المتن :

في الأوّل : دالّ على أنّ تكبيرات العيدين سبع وخمس ، وستسمع القول في المعارض إن شاء الله ، أمّا دلالته على أنّ صلاة العيدين فريضة [ فظاهرة(١) ] كالثاني ، وزاد الصدوق في متن الثاني : يعني أنّهما من صغار الفرائض ، وصغار الفرائض سنن ، لرواية حريز عن زرارة ، وذكر الرواية الثالثة ، وقال بعدها : ووجوب العيد إنّما هو مع إمامٍ عادل(٢) .

وهذه الزيادة تنبئ عن كونها ( من كلام الصدوق تجرّد رواية الشيخ عنها ، أمّا الزيادة في الثاني فيحتمل كونها )(٣) من الصدوق أيضاً ؛ لعين ما ذكرناه في الثالث ، إذ لو كانت من جميل لذكرها الشيخ ، لكن جزم الصدوق بأنّ الإمامعليه‌السلام عنى ما ذكره قد ينظر فيه : بأنّ المعلومية محلّ تأمّل ، لاحتمال خبر حريز التقية ، لتصريح بعضهم بأنّها سنّة مؤكدة(٤) ، وذكر الإمام لا يدلّ على أنّه المعصوم ، لجواز إرادة إمام الجماعة ؛ وربما يدفع بأنّ تعريف الإمام يقتضي الإمام المعصوم. ويشكل بوجود الإمام تنكراً(٥) في كثير من الأخبار ، ولا بعد أنْ يدّعى أنّ التنكير لا ينافي إرادة المعصوم كما سنذكره إنْ شاء الله.

أمّا التقية فموقوفة على العلم بالاتفاق على كونها سنّة ، أو الاتّقاء لمن يقول بذلك.

__________________

(١) في النسخ : وظاهره ، والصحيح ما أثبتناه.

(٢) الفقيه ١ : ٣٢٠.

(٣) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٤) مغني المحتاج ١ : ٣١٠.

(٥) في « فض » و « م » : منكر.

٢٤٨

ثمّ ما ذكره الصدوق حينئذٍ قد ذكرنا في معاهد التنبيه احتمال إرادته من الصغار : الواجبات بالسنّة ، وكأنّ الوجه في ذلك الإضافة إلى ما ثبت بالقرآن.

أمّا ما قد يقال : من أنّ المعلوم عدم الثبوت من القرآن في العيدين فيتحقق إرادة الواجب من السنّة. فيمكن أنْ يجاب عنه : بجواز العلم من القرآن ، لكن الأئمّةعليهم‌السلام وأهل البيت أدرى بما فيه.

وأمّا احتمال الدخول في الصلاة المأمور بها على الإطلاق فالحكم به(١) مشكل.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ ما تضمّنه الخبر الثالث من كون صلاة العيد ليس قبلها ولا بعدها صلاة ربما يصلح مستنداً لما ينقل عن أبي الصلاح(٢) ، وابن البرّاج(٣) ، وابن حمزة(٤) ، من أنّه(٥) لا يجوز التنفل قبل العيد وبعدها ، وما ينقل عن أبي الصلاح أنّه لا يجوز التطوع ولا القضاء قبلها ولا بعدها(٦) .

وقد نقل العلاّمة في المختلف أنّ المشهور كراهة التنفل قبل وبعد ، واستدلّ بأصالة الإباحة. ثم نقل الاحتجاج بصحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام الآتي في باب من يصلّي وحده ، وأجاب بأنّه لا يدلّ على التحريم(٧) .

__________________

(١) في « رض » : فيه.

(٢) الكافي في الفقه : ١٥٥.

(٣) المهذب ١ : ١٢٣.

(٤) الوسيلة : ١١١.

(٥) في « م » و « رض » : فإنّه.

(٦) الكافي في الفقه : ١٥٥.

(٧) المختلف ٢ : ٢٧٨.

٢٤٩

وهذا الجواب لا يخلو من نظر ؛ لأنّ ظاهر النفي التحريم ، بل لا يبعد أنْ يكون أبلغ من النهي كما لا يخفى ، والخبر المبحوث عنه كذلك.

أمّا قول أبي الصلاح الثاني فقد قال العلاّمة : إنّ عبارته رديئة ؛ لأنّها(١) توهم المنع من قضاء الفرائض ، إذ قضاء النوافل داخل تحت التطوع ، فإنْ قصد بالتطوع ابتداء النوافل ، وبالقضاء ما يختص بقضاء النوافل ، فهو حق في الكراهة ، وإن قصد المنع من قضاء الفرائض فليس كذلك ، وتصير المسألة خلافية ، لنا عموم الأمر بالقضاء ، وقولهعليه‌السلام : « من فاتته صلاة فريضة فوقتها حين يذكرها »(٢) فإنْ احتجّ بما رواه زرارة في الحسن عن الباقرعليه‌السلام : « وليس قبلها ولا بعدها صلاة » أجبنا : بأنّ المراد بذلك النوافل جمعاً بين الأدلة ، وما أظنّه يريد سوى ما قصدناه(٣) ، انتهى.

وفي نظري القاصر : أنّ الكلام محلّ تأمّل ؛ لأنّ ما دلّ على القضاء إذا كان مطلقاً لا مانع من تقييده ، كما قُيّد بأوقات الفرائض على ما سبق.

وما عساه يقال : إنّ الإطلاق من الجهتين ، فكما يجوز تقييد إطلاق ( القضاء بغير الوقت الذي قبل صلاة العيد وبعدها إلى الزوال ، كذلك يقيّد إطلاق )(٤) المنع من الصلاة قبل وبعد بغير قضاء الفرائض ، فترجيح الأوّل لا بُدّ له من مرجّح ليقال : إنّ الخبر يدلّ على قول أبي الصلاح.

يمكن الجواب عنه : بأنّ الكلام على ترجيح ما ذكره العلاّمة من أنّ‌

__________________

(١) في « رض » و « م » : لأنّه.

(٢) في المصدر : من فاتته صلاة فريضة فليقضها ( فليصلّها ) حين يذكرها ، ولم نعثر على كلا النّصّين في المصادر ، نعم في المعتبر ٢ : ٤٠٦ : من فاتته صلاة فوقتها حين يذكرها.

(٣) المختلف ٢ : ٢٨٠.

(٤) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

٢٥٠

المراد النوافل ، ولو رجعنا إلى ما ذكر يمكن أنْ يقال : ( إنّ الإطلاق من كلّ من الجانبين ، والتقييد ممكن ، فيتعارضان ، ولا سبيل إلى الترجيح ، إلاّ بأنْ يقال : )(١) إنّ إطلاق قضاء الفرائض مقيّد قطعاً ، وإطلاق خبر صلاتي العيد غير مقيّد ، والمقيّد لا يقاوم غير المقيّد ؛ وفيه نوع تأمّل يرجع حاصله إلى أنّ المطلق ( إذا قُيّد لا يخرج عن الإطلاق فيما عدا محل القيد كالعام ، إلاّ أنْ يقال : إنّه وإنْ رجع إلاّ أنّه لا يساوي المطلق )(٢) الباقي على حقيقته.

وقد يقال : إنّ خبر العيدين مقيّد بغير مسجد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كما ذكروه ، إلاّ أنّ في البين توقفاً ؛ لعدم العلم بصحّة الخبر الوارد بذلك ، كما يعرف من مراجعته ، نعم هو مؤيد بالشهرة ، وفي ذلك بحث.

أمّا ما قد يقال : إنّ خبر العيدين محتمل لأنْ يراد بنفي الصلاة قبلهما وبعدهما على وجه التوظيف ، كما في الصلاة اليومية. فيمكن دفعه : بأنّ ظهور هذا محلّ تأمّل.

وإذا تمهّد هذا فاعلم أنّ ما ذكره الشيخ من أنّ فرض العيدين ثبت بالسنّة ، قد مضى القول فيه(٣) . وقوله : إنّ العيدين تفرّدا بعدم الوجوب إلاّ عند حضور الإمام على ما ذكره في الكتاب الكبير ؛ هو المشهور بين الأصحاب فيما قيل(٤) ، بل في المنتهى ادّعى اتفاق الأصحاب على اشتراط السلطان العادل أو من نصبه(٥) ، واحتجّ بما سيأتي من خبر زرارة(٦) ،

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في « م » : مضطرب عبارةً ومعنى.

(٢) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٣) في ص ٢٤٩.

(٤) انظر مجمع الفائدة ٢ : ٣٩٧.

(٥) المنتهى ١ : ٣١٧.

(٦) في ص ٢٥٢.

٢٥١

وستسمع إنشاء الله القول فيه(١) ، وأمّا الإجماع فقد قدّمنا(٢) أنّه من قبيل الخبر المرسل ، وحينئذ يحتاج إلى الترجيح مع التعارض ، وتحقيقه يتمّ بذكر الأخبار.

وأمّا قول الصدوق : ووجوب العيد إنّما هو مع إمام عادل(٣) ، فظاهره ما هو المشهور ، واحتمال غيره بعيد كما لا يخفى.

قوله :

باب أنّه(٤) لا تجب صلاة العيدين إلاّ مع الإمام.

محمّد بن يعقوب ، عن الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن الوشّاء ، عن حمّاد بن عثمان ، عن معمر بن يحيى ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : « لا صلاة يوم الفطر والأضحى إلاّ مع إمام(٥) ».

الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أُذينة ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : « من لم يصلّ مع الإمام في جماعةٍ ( يوم العيد )(٦) فلا صلاة له ولا قضاء عليه ».

عنه ، عن صفوان ، عن العلاء ، عن محمّد بن مسلم ، عن أحدهماعليهما‌السلام ، قال : سألته عن الصلاة يوم الفطر والأضحى؟ قال‌

__________________

(١) في ص ٢٥٨.

(٢) في ص ١٣٥.

(٣) الفقيه ١ : ٣٢٠.

(٤) في الاستبصار ١ : ٤٤٤ لا توجد : أنه.

(٥) في الاستبصار ١ : ٤٤٤ / ١٧١٣ : الإمام.

(٦) ما بين القوسين ليس في النسخ ، أثبتناه من الاستبصار ١ : ٤٤٤ / ١٧١٤ ، والتهذيب ٣ : ١٢٨ / ٢٧٣.

٢٥٢

« ليس صلاة إلاّ مع إمام ».

فأمّا ما رواه علي بن حاتم ، عن الحسن بن علي ، عن أبيه ، عن فضالة ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « من لم يشهد جماعة الناس في العيدين فليغتسل وليتطيب ( بما وجد )(١) ، وليصلّ(٢) وحده كما يصلّي في الجماعة ».

عنه ، عن الحسن ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن الحلبي قال : سُئل أبو عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل لا يخرج يوم الفطر والأضحى ، أعليه صلاة وحده؟(٣) فقال : « نعم ».

عنه ، عن محمّد بن جعفر قال : حدّثني(٤) عبد الله بن محمّد ومحمّد بن الوليد ، عن يونس بن يعقوب ، عن منصور(٥) ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « مرض أبي يوم الأضحى فصلّى في بيته ركعتين ثم ضحّى ».

فالوجه في هذه الأخبار(٦) أنْ نحملها على ضربٍ من الاستحباب ؛ لأنّ هذه الصلاة مع الإمام فرض ، وعلى الانفراد سنّة مؤكدة ، والذي يدلّ على ذلك :

ما رواه الحسين بن سعيد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ،

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في النسخ : في العيدين ، وما أثبتناه من التهذيب ٣ : ١٣٦ / ٢٩٧ ، والاستبصار ١ : ٤٤٤ / ١٧١٦.

(٢) في الاستبصار ١ : ٤٤٤ / ١٧١٦ : ويصلّي.

(٣) في الاستبصار ١ : ٤٤٤ / ١٧١٧ زيادة : قال.

(٤) في الاستبصار ١ : ٤٤٤ / ١٧١٨ : حدّثنا.

(٥) في الاستبصار ١ : ٤٤٥ / ١٧١٨ زيادة : ابن حازم.

(٦) في النسخ : الرواية ، والصحيح ما أثبتناه من الاستبصار ١ : ٤٤٥ / ١٧١٨.

٢٥٣

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « لا صلاة في العيدين إلاّ مع إمام ، وإنْ صلّيت وحدك فلا بأس ».

فأمّا ما رواه محمّد بن علي بن محبوب ، عن محمّد بن خالد ، عن سيف بن عميرة ، عن إسحاق بن عمّار ، قال حدّثني أبو قيس ، عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، قال : « إنما الصلاة يوم العيد على من خرج إلى الجبّانة(١) ، ومن لم يخرج فليس عليه صلاة ».

فلا ينافي ما قدّمناه ؛ لأنّ معنى قوله : « فليس عليه صلاة » فرضاً كما يكون مع الخروج إلى الجبّانة ، وكذلك :

ما رواه محمّد بن علي بن محبوب ، عن محمّد بن الحسين ، عن يزيد بن إسحاق شعر ، عن هارون بن حمزة الغنوي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « الخروج يوم الفطر ويوم الأضحى إلى الجبّانة حسن لمن استطاع الخروج إليها » فقلت(٢) : إنْ كان مريضاً لا يستطيع أنْ يخرج ، أيصلّي في بيته؟ قال : « لا ».

فالوجه فيه أيضاً ما قلناه ، أنه ليس عليه ذلك فرضاً واجباً ، وإنّما هو(٣) على جهة الفضل (٤) والاستحباب.

السند :‌

في الأوّل : فيه معلّى بن محمّد ، وفي النجاشي : إنّه مضطرب‌

__________________

(١) الجبان والجبّانة : الصحراء ، وتسمّى بهما المقابر ؛ لأنها تكون في الصحراء. انظر النهاية لابن الأثير ١ : ٢٣٦.

(٢) في الاستبصار ١ : ٤٤٥ / ١٨٢١ زيادة : أرأيت.

(٣) في الاستبصار ١ : ٤٤٦ زيادة : عليه.

(٤) في الاستبصار ١ : ٤٤٦ : الندب.

٢٥٤

الحديث والمذهب(١) . والوشّاء هو الحسن بن علي بن بنت الياس ، وقد تقدّم ما قد يستفاد منه المدح(٢) ، وما اتفق فيه في حديث الخمس ( من التهذيب احتمال القدح تقدّم(٣) احتمال دفعه )(٤) ، وبقية الرجال معلومو الحال ، سوى أنّ معمر بن يحيى فيه اشتراك بين مهمل وثقة(٥) ، ولا يبعد قرب الثقة مع الإطلاق ، لكن الفائدة منتفية هنا ، وهو بفتح الميم وسكون العين وتخفيف الميم في الإيضاح(٦) .

والثاني : واضح الصحّة(٧) على ما تقدم في عمر بن أُذينة(٨) ، لأنّ الراوي عنه في الرجال ابن أبي عمير(٩) ، والشيخ وثّقه(١٠) ، والنجاشي ذكر فيه ما يقتضي المدح(١١) ، وتوهّم التغاير من النجاشي حيث قال : عمر بن محمّد بن عبد الرحمن بن أُذينة ، يدفعه ما قاله في السند من لفظ عمر بن أُذينة.

والثالث : كذلك.

والرابع : فيه علي بن حاتم ، وقد قال النجاشي : إنّه ثقة في نفسه ،

__________________

(١) رجال النجاشي : ٤١٨ / ١١١٧.

(٢) راجع ج ١ ص ١٥٠.

(٣) راجع ج ١ ص ١٥٠ ، وهو في التهذيب ٤ : ١٥٠.

(٤) بدل ما بين القوسين في « فض » : تقدم احتمال من احتمال القدح دفعه ، وفي « م » : تقدم احتمال القدح من التهذيب دفعه.

(٥) هداية المحدثين : ٢٦١.

(٦) إيضاح الاشتباه : ٣٠٣.

(٧) ليست في « فض ».

(٨) راجع ج ١ ص ٢٧٣.

(٩) انظر رجال النجاشي : ٢٨٣ / ٧٥٢.

(١٠) رجال الطوسي : ٣٥٣ / ٨.

(١١) رجال النجاشي : ٢٨٣ / ٧٥٢.

٢٥٥

لكنه أكثر الرواية عن الضعفاء(١) . وذكرنا في أول الكتاب بيان حقيقة الحال في مثل هذا ، والطريق إليه في المشيخة فيه جهالة(٢) . والحسن بن علي الراوي عنه علي بن حاتم محتمل لابن عبد الله بن المغيرة ، ولغيره ، وقد يظن قرب احتمال ابن المغيرة ، وقد رواها الصدوق ، عن جعفر بن بشير ، عن عبد الله بن سنان(٣) ، فلا ارتياب في السند.

[ والخامس : كالرابع.

والسادس (٤) ] : فيه مع ما تقدّم في الطريق إلى علي بن حاتم محمّد ابن جعفر ، وهو محتمل لابن بطّة ؛ لما يظهر من ممارسة الرجال ، إلاّ أنّ غيره في حيّز الإمكان ، وفي التهذيب عن عمر بن جعفر ، في نسخة معتبرة(٥) ، وهو مجهول الحال ؛ إذ ليس في كتب الرجال على ما وقفت عليه.

ثمّ إنّ هنا كما ترى عبد الله بن محمّد ومحمّد بن الوليد ، وفي التهذيب : عبد الله بن محمّد ، عن محمّد بن الوليد ؛ ومحمّد بن الوليد هو الخزّاز ، لروايته عن يونس بن يعقوب ، وقد وثّقه النجاشي(٦) ، وقال الكشي : إنّه فطحي(٧) ، وأنت خبير بالحال بعد ما كرّرنا القول فيه(٨) . أمّا‌

__________________

(١) رجال النجاشي : ٢٦٣ / ٦٨٨.

(٢) الاستبصار ٤ : ٣٣٥.

(٣) الفقيه ١ : ٣٢٠ / ١٤٦٣.

(٤) بدل ما بين المعقوفين في النسخ : والرابع كالثالث. والخامس ، والصحيح ما أثبتناه.

(٥) التهذيب ٣ : ١٣٦ / ٣٠٠.

(٦) رجال النجاشي : ٣٤٥ / ٩٣١.

(٧) رجال الكشي ٢ : ٨٣٥ / ١٠٦٢.

(٨) ج ١ ص ١٠٨ ١١١ ، ترجمة سماعة ، ج ٤ ص ٨٩ ، ترجمة داود بن الحصين ، ج ٦ ص ٣٦٩ ، ترجمة منصور بن يونس.

٢٥٦

عبد الله فمشترك(١) . ويونس بن يعقوب مضى القول فيه مفصّلاً(٢) . ومنصور هو ابن حازم ، صرّح به في الفقيه(٣) ، والطريق إليه فيه(٤) مشتمل على محمّد بن علي ماجيلويه وهو معتبر على ما مضى(٥) ، وفيه محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن أحمد ولا يبعد كونه الأشعري ، عن محمّد ابن عبد الحميد(٦) ، وقد تقدّم(٧) .

ثم إنّ الشيخ في التهذيب اتفق له هنا ما يقتضي التعجب ، فإنّه روى أوّلاً عن علي بن حاتم ، كما هنا ، وبعد الرواية قال : وروى محمّد بن علي ابن محبوب ، عن أحمد بن محمّد ، وذكر رواية ، ثم قال : وعنه ، عن الحسن ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، وذكر الرواية ، ثم قال : وعنه عن عمر ابن جعفر ، إلى أنْ قال : وعنه ، عن أحمد بن محمّد بن موسى ، إلى آخره(٨) وهنا كما ترى ، فليتأمّل.

[والسابع (٩) ] : فيه عثمان بن عيسى وقد تقدّم القول فيه(١٠) ، لكنه في الفقيه مروي عن سماعة(١١) ، وطريقه حينئذٍ موثق.

__________________

(١) هداية المحدّثين : ٩٩.

(٢) راجع ج ١ ص ٢٠١ ، ٣٤٢ ، ج ٢ ص ٢٩٤ ، ج ٣ ص ٤١٩.

(٣) الفقيه ١ : ٣٢٠ / ١٤٦٢.

(٤) ليست في « رض » و « م ».

(٥) في ص : ١٣٧٦ و ١٣٨١.

(٦) مشيخة الفقيه ( الفقيه ٤ ) : ٢٢.

(٧) راجع ج ١ ص ٢٠٠ ، ج ٣ ص ١٠٣ ، ٢٦٥.

(٨) التهذيب ٣ : ١٣٦.

(٩) في النسخ : الرابع ، والصحيح ما أثبتناه.

(١٠) راجع ج ١ ص ٧٠ ٧٢.

(١١) الفقيه ١ : ٣٢٠ / ١٤٥٩.

٢٥٧

[والثامن (١) ] : فيه محمّد بن خالد ، وهو الطيالسي ؛ لرواية محمّد بن علي بن محبوب لكتابة في الفهرست(٢) ، وروايته عن سيف في الرجال أيضاً(٣) ، وحاله لا يزيد على الإهمال. وسيف وإسحاق تكرّر القول فيهما(٤) . أمّا أبو قيس ففي رجال الصادقعليه‌السلام من كتاب الشيخ مهملاً(٥) .

[والتاسع (٦) ] : ليس فيه التوقف إلاّ من جهة يزيد بن إسحاق ، فإنّي لم أجد توثيقه في الرجال ، نعم وثّقه جدّيقدس‌سره في شرح البداية(٧) ، ولا أعلم مأخذه ، إلاّ من تصحيح العلاّمة طريق الصدوق إلى هارون بن حمزة(٨) ، وهو فيه ، وتقدم منّا كلام في مثل هذا(٩) .

المتن :

في الأول : أيّد به شيخناقدس‌سره عدم إفادة الأخبار إرادة إمام الوقتعليه‌السلام ، نظراً إلى التنكير(١٠) ، وقد يناقِش في هذا معتبر إمام الأصلعليه‌السلام بأنّ التنكير يجوز أنْ يكون وجهه التقية ؛ إذ التعريف موجب للارتياب ، على أنّ التعريف قد وجد في معتبر الأخبار المذكورة ، فترجيح الاستشهاد بخبر‌

__________________

(١) في النسخ : والخامس ، والصحيح ما أثبتناه.

(٢) الفهرست : ١٤٩ / ٦٣٤.

(٣) رجال النجاشي : ١٨٩ / ٥٠٤.

(٤) راجع ج ١ ص ٢٤١ ، ٢٤٩ ، ج ٣ ص ١٠٤ ، ٢٠٣.

(٥) رجال الطوسي : ٣٤٠ / ٣٤.

(٦) في النسخ : والسادس ، والصحيح ما أثبتناه.

(٧) الدراية : ١٣١.

(٨) خلاصة العلاّمة : ٢٧٩.

(٩) راجع ج ١ ص ١٨٢ ١٨٣ ، ج ٢ ص ٢٣٧.

(١٠) المدارك ٤ : ٩٤.

٢٥٨

التنكير مع احتماله ما قلناه محلّ كلام ، ( نعم )(١) قد تكرر في الأخبار التنكير ، والقول واحد.

والثاني : يدلّ بظاهره على أنّ من لم يصلّ مع الإمام في جماعة لا صلاة له. وغير خفي أنّ التعريف لو دلّ على إمام الوقت لأفاد اشتراطه وانتفاء الصلاة بدونه مطلقاً ، لكن المنقول في كلام المتأخّرين استحباب فعلها بدون ظهوره(٢) ، وبعض الأخبار تدلّ على ذلك في الجملة كما سنذكره.

ولو حمل على الأعمّ أفاد اشتراط الجماعة في صلاة العيد وجوباً واستحباباً ، لكن تعيّن الجماعة لا أعلم القائل به ، وظاهر بعض الأخبار ينفيه(٣) .

ولو حمل الخبر على حال حضورهعليه‌السلام لأنّ الكلام منهعليه‌السلام ( يدل على ذلك فهو موقوف على ثبوت إرادة الإمام المعصومعليه‌السلام )(٤) ، وأنّ من لم يصلّ معه لا يشرع له الصلاة ؛ والقائل كأنه منتفٍ ، غير أنّ معتبر الإمام المعصومعليه‌السلام قد يُشكل عليه الحال في مثل هذه الأخبار ، فإنّ مثلهمعليهم‌السلام كيف يقع منه هذا ، والحال أنّهم كانوا يدفعون عن أنفسهم محض التهمة.

وفي الظن أنّ هذا الوجه أولى في دفع الاستدلال بتعريف الإمام إنْ لم يثبت الإجماع ، إلاّ أنْ يقال : كلامهمعليهم‌السلام كان مع من يؤمن نقله ، كزرارة ، وغير خفي أنّ هذا ربما يستلزم ما قدّمناه من الاحتمال ، لولا عدم‌

__________________

(١) في « رض » و « م » : و.

(٢) المعتبر ٢ : ٣٠٩ ، المختلف ٢ : ٢٧٥ ، المدارك ٤ : ٩٨.

(٣) الوسائل ٧ : ٤٢٤ أبواب صلاة العيد ب ٣.

(٤) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

٢٥٩

القائل فيما نعلم.

والثالث : ( كالأوّل في التنكير ، والكلام الكلام.

والرابع : لا يخفى احتمال جماعة الناس فيه أهل الخلاف )(١) كاحتمال الصلاة جماعةً على الإطلاق ، وعلى الأوّل يحتمل أنْ يراد بالوحدة انفراده عن جماعتهم ، فلا ينافي صلاة الجماعة أيضاً ، إلاّ أنّ قوله : « كما يصلّي في الجماعة » قد ينافيه ، إلاّ أنْ يقال : إنّ المراد كون صلاته بالانفراد عن جماعة الناس مثل صلاتهم صورة من الخطبة وغيرها ؛ وفيه نوع بعد. أمّا على الثاني فأراد بالانفراد ظاهره ، ويراد بالتشبيه في كيفية الصلاة.

والخامس : مثله ، ولفظ « عليه » ربما يعطي اللزوم ، لكن دفعه سهل.

والسادس : واضح الدلالة من جهة ، مجملها من اخرى ، فالاستدلال به على فعل العيد على الانفراد استحباباً للتأسي ممكن ، لولا احتمال صلاته جماعةً بأهلهعليهم‌السلام ، أو(٢) أصحابه. وأمّا من جهة الكيفية فالإجمال واضح.

وما ذكره الشيخ بعد هذه الأخبار لا يخلو من غرابة بالنسبة إلى السادس كما لا يخفى.

وفي فوائد شيخناقدس‌سره على الكتاب أنّه ليس ( في شي‌ء )(٣) من الأخبار التي أوردها الشيخ دلالة على اعتبار حضور إمام الوقتعليه‌السلام ، وإنّما المستفاد منها(٤) ( وجود إمامٍ يؤمّ القوم ، كما يستفاد )(٥) من تنكير الإمام ، ووجود لفظ الجماعة في بعضها ، ومقابلة ذلك بصلاة(٦) المنفرد في بعضٍ‌

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٢) في « رض » : و.

(٣) ما بين القوسين ليس في « رض ».

(٤) ليست في « فض » و « رض ».

(٥) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٦) في « رض » : لصلاة.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463