إستقصاء الإعتبار الجزء ٧

إستقصاء الإعتبار12%

إستقصاء الإعتبار مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف: مكتبة القرآن الكريم
ISBN: 964-319-179-6
الصفحات: 463

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 463 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 59689 / تحميل: 5926
الحجم الحجم الحجم
إستقصاء الإعتبار

إستقصاء الإعتبار الجزء ٧

مؤلف:
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-١٧٩-٦
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

كافية لوجوب قبول حديث الولاية المخرج في المسند، ووافية بالردّ على من طعن فيه

وقال ابن الجوزي في ( كتاب الموضوعات ): « فمتى رأيت حديثاً خارجاً عن دواوين الإِسلام: كالموطأ، ومسند أحمد، والصحيحين، وسنن أبي داود، والترمذي، ونحوها، فانظر فيه، فإن كان له نظير في الصحاح والحسان فرتّب أمره، وإن ارتبت به فرأيته يباين الأصول فتأمّل رجال إسناده واعتبر أحوالهم من كتابنا المسمّى بالضعفاء والمتروكين، فإنّك تعرف وجه القدح فيه »(١). .

وفي هذه العبارة عدّ المسند من دواوين الإسلام، وذكره في عداد الموطأ والصحيحين وغيرها من الكتب غير المحتاج إلى نظر والتأمّل في أسانيد أخبارها

اعتماد أبناء روزبهان وتيمية وحجر على ابن الجوزي

فهذا حكم ابن الجوزي في كتابه الموضوعات ولكم اعتمد أمثال أبناء تيميّة وروزبهان وحجر على أحكام ابن الجوزي في كتابه المذكور، خاصّةً في باب فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام وأهل البيت وكذلك صاحب الصواقع و ( الدهلوي ) وأتباعهما ولنذكر نبذة من موارد اعتماد القوم على آراء ابن الجوزي:

قال أبو المؤيد الخوارزمي في أوائل كتابه ( جامع مسانيد أبي حنيفة ): « والدليل على ما ذكرنا أن التعديل متى ترجّح على الجرح يجعل الجرح كأن لم يكن، وقد ذكر ذلك إمام أئمة التحقيق ابن الجوزي في كتاب التحقيق في أحاديث التعليق ».

__________________

(١). الموضوعات ١ / ٩٩.

١٠١

وقال ابن الوزير الصنعاني - في الاُمور الدالة على عدم جواز تكفير أحمد بسبب الإِعتقاد بالتشبيه -: « ومنها - إنّه قد ثبت بالتواتر أنّ الحافظ ابن الجوزي من أئمّة الحنابلة وليس في ذلك نزاع، ولا شك أن تصانيفه في المواعظ وتواليفه في الرقائق مدرس فضلائهم وتحفة علمائهم، فبها يتواعظون ويخطبون، وعليها في جميع أحوالهم يعتمدون، وقد ذكر ابن الجوزي في كتبه هذه ما يقتضي نزاهتهم عن هذه العقيدة، وأنا أورد من كلامه في ذلك »(١). .

وقال ابن حجر المكي - بعد حديث أنا مدينة العلم -: « وقد اضطرب الناس في هذا الحديث، فجماعة منهم ابن الجوزي والنووي وناهيك بهما معرفةً بالحديث وطرقه »(٢). .

وقال ( الدهلوي ) في جواب حديث أنا مدينة العلم: « وذكره ابن الجوزي في الموضوعات».

وقال ابن روزبهان - في بحث حديث النور -: « ذكر ابن الجوزي هذا الحديث بمعناه في كتاب الموضوعات »(٣). .

وقال ابن تيمية في حديث: « أنت أخي ووصيي »: « قال أبو الفرج ابن الجوزي في كتاب الموضوعات »(٤). .

ثناء ابن خلكان على ابن الجوزي

وأثنى ابن خلكان على ابن الجوزي وبالغ في إطرائه حيث ترجمه، وهذه خلاصتها:

__________________

(١). الروض الباسم في الذبّ عن سنّة أبي القاسم.

(٢). الصواعق المحرقة: ١٨٩.

(٣). إبطال الباطل - مخطوط.

(٤). منهاج السنّة ٤ / ٩٥.

١٠٢

« أبو الفرج عبد الرحمن بن أبي الحسن علي الفقيه الحنبلي، الواعظ الملقب جمال الدين، الحافظ، كان علّامة عصره، وإمام وقته في الحديث وصناعة الوعظ، صنف في فنون عديدة منها فكتبه أكثر من أن تعد، وكتب بخطّه شيئاً كثيراً وكانت له في مجالس الوعظ أجوبة نادرة وتوفي ليلة الجمعة ثاني عشر شهر رمضان سنة ٥٩٧ ببغداد، ودفن بباب حرب »(١). .

ثناء الذهبي على ابن الجوزي

وكذلك الذهبي حيث قال:

« ابن الجوزي، الإِمام العلّامة الحافظ، عالم العراق وواعظ الآفاق المفسّر صاحب التصانيف السائرة في فنون العلم حدّث عنه: ابنه الصاحب محيي الدين، وسبطه الواعظ شمس الدين يوسف بن قزغلي، والحافظ عبد الغني، وابن الدبيثي، وابن النجار، وابن خليل والتقي البلداني، وابن عبد الدائم، والنجيب عبد اللطيف، وخلق سواهم وما علمت أحداً من العلماء صنّف ما صنف هذا الرجل حصل له من الحظوة في الوعظ ما لم يحصل لأحدٍ قط »(٢). .

ثناء السيوطي على ابن الجوزي

والسيوطي أيضاً أثنى عليه كذلك، قال:

__________________

(١). وفيات الأعيان ٣ / ١٤٠.

(٢). تذكرة الحفّاظ ٤ / ١٣٤٢.

١٠٣

« ابن الجوزي، الإِمام العلّامة الحافظ، عالم العراق وواعظ الآفاق، جمال الدين أبو الفرج صاحب التصانيف السائرة في فنون العلم وما علمت أحداً من العلماء صنّف ما صنّف، وحصل له من الحظوة في الوعظ ما لم يحصل لأحدٍ قط. قيل: إنّه حضره في بعض المجالس مائة ألف، وحضره ملوك ووزراء وخلفاء، وقال: كتبت بإصبعي ألف مجلّد، وتاب على يدي مائة ألف، وأسلم على يدي عشرون ألفاً »(١). .

كلام ابن الوزير في مدح المسند

وقال محمّد بن إبراهيم الصّنعاني المعروف بابن الوزير - بعد ذكر عبارة ابن دحية حول استشهاد الإِمام الحسين بن عليعليهما‌السلام -: « وفيما ذكره ابن دحية اُوضح دليل على براءة المحدّثين وأهل السنّة فيما افتراه عليهم المعترض من نسبتهم إلى التشيع ليزيد وتصويب قتله الحسين. كيف؟ وهذه رواياتهم مفصحة بضد ذلك كما بيّناه، في مسند أحمد، وصحيح البخاري، وجامع الترمذي، وأمثالها.

وهذه الكتب هي مفزعهم وإلى ما فيها مرجعهم، وهي التي يخضعون لنصوصها ويقصرون التعظيم عليها بخصوصها »(٢). .

وعليه، فمسند أحمد مفزع المحدّثين وإليه مرجعهم وهم خاضعون لنصوصه والأحاديث المروية فيه فويل ( للدهلوي ) المقلّد ( للكابلي ) التابع ( لابن تيمية ) هؤلاء الذين أبطلوا حديث الولاية المخرّج في ( المسند ) و ( جامع الترمذي ) وأمثالهما فإنّهم خرجوا عن طريقة المحدّثين،

__________________

(١). طبقات الحفّاظ: ٤٨٠.

(٢). الروض الباسم في الذبّ عن سنّة أبي القاسم.

١٠٤

وشقّوا عصا المجمعين، وخالفوا سنّة رسول ربّ العالمين.

كلام أبي مهدي المغربي في مدح المسند

وقال أبو مهدي عيسى بن محمّد المغربي - وهو أحد المشايخ السبعة الذين يفتخر شاه ولي الله الدهلوي باتّصال أسناده إليهم - في مدح كتاب ( المسند ) ما نصّه:

« وألّف مسنده، وهو أصل من اُصول هذه الاُمة، جمع فيه ما لم يتّفق لغيره وله التصانيف الفائقة، فمنها المسند، وهو ثلاثون ألفاً وبزيادة ابنه عبد الله أربعون ألف حديث وقال فيه - وقد جمع أولاده وقرأه عليهم -: هذا الكتاب قد جمعته وانتقيته من أكثر من سبعمائة ألف وخمسين ألفاً، فما اختلف فيه المسلمون من حديث رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - فارجعوا إليه، فإنْ وجدتموه فيه وإلّا ليس بحجة »(١). .

كلام عبد الحق الدهلوي في مدح المسند

وقال الشيخ عبد الحقّ الدّهلوي في وصف المسند:

« ومسند الإِمام أحمد معروف بين الناس، جمع فيه أكثر من ثلاثين ألف حديث، وكان كتابه في زمانه أعلى وأرفع وأجمع الكتب »(٢). .

__________________

(١). مقاليد الأسانيد - ترجمة أحمد بن حنبل

(٢). رجال المشكاة - ترجمة أحمد بن حنبل

١٠٥

كلام ولي الله الدهلوي في مدح المسند

وقال عبد الرحيم الدهلوي والد ( الدهلوي ): « الطبقة الثانية: كتب لم تبلغ مبلغ الموطأ والصحيحين ولكنها تتلوها، كان مصنّفوها معروفين بالوثوق والعدالة والحفظ والتبحّر في فنون الحديث، لم يرضوا في كتبهم هذه بالتساهل فيما اشترطوا على أنفسهم، فتلقاها من بعدهم بالقبول واعتنى بها المحدّثون والفقهاء طبقة بعد طبقةً، واشتهرت فيما بين الناس وتعلّق بها القوم شرحا لغريبها وفحصا عن رجالها واستنباطا لفقهها، وعلى تلك الأحاديث بناء عامّة العلوم، كسنن أبي داود وجامع الترمذي ومجتبى النسائي. وهذه الكتب مع الطبقة الاُولى اعتنى بأحاديثها رزين في تجريد الصّحاح، وابن الأثير في جامع الأصول.

وكاد مسند أحمد يكون من جملة هذه الطبقة، فإن الإِمام أحمد جعله أصلاً يعرف به الصحيح والسقيم. قال: ما ليس فيه فلا تقبلوه »(١). .

كلام ( الدهلوي ) في مدح المسند

و ( الدهلوي ) نفسه مدح المسند كذلك، ونقل حكاية جمع أحمد أولاده وقراءته عليهم المسند وما قال لهم في وصفه(٢). .

__________________

(١). حجّة الله البالغة - طبقات كتب الحديث.

(٢). بستان المحدّثين - ترجمة أحمد

١٠٦

(٤)

رواية الترمذي

وأخرج الترمذي حديث الولاية في صحيحه قائلاً:

« حدّثنا قتيبة بن سعيد، نا جعفر بن سليمان الضبعي، عن يزيد الرشك، عن مطرف بن عبد الله، عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - جيشاً، واستعمل عليهم علي بن أبي طالب، فمضى في السرية، فأصاب جاريةً، فأنكروا عليه، وتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - فقالوا: إذا لقينا رسول الله أخبرناه بما صنع علي، وكان المسلمون إذا رجعوا من سفرٍ بدأوا برسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - فسلّموا عليه ثم انصرفوا إلى رحالهم، فلما قدمت السرية سلّموا على النبيّ، فقام أحد الأربعة فقال:

يا رسول الله، ألم تر إلى علي بن أبي طالب صنع كذا وكذا، فأعرض عنه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

ثم قام الثاني، فقال مثل مقالته، فأعرض عنه رسول الله.

ثم قام إليه الثالث فقال مثل مقالته، فأعرض عنه رسول الله.

ثم قام الرابع فقال مثل ما قالوا: فأقبل إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم - والغضب يعرف في وجهه - فقال:

ما تريدون من علي! ما تريدون من علي! ما تريدون من علي! إن علياً منّي وأنا منه وهو ولي كلّ مؤمنٍ من بعدي.

هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلّا من حديث جعفر بن سليمان »(١). .

__________________

(١). صحيح الترمذي ٥ / ٦٣٢.

١٠٧

وثاقة رجال الإِسناد

ورجال هذا السند كلّهم ثقات بلا كلام:

١ - الترمذي

أما الترمذي نفسه، فغني عن التعريف، وإنْ شئت الوقوف على طرفٍ من كلماتهم في مدحه والثناء عليه وتوثيقه والإِستناد إليه، فراجع الكتب الرجاليّة وغيرها، مثل:

١ - سير أعلام النبلاء ١٣ / ٢٧٠.

٢ - تذكرة الحفّاظ ٢ / ٦٣٣.

٣ - الوافي بالوفيات ٤ / ٢٩٤.

٤ - تهذيب التهذيب ٩ / ٣٨٧.

٥ - البداية والنهاية ١١ / ٦٦.

٦ - العبر ٢ / ٦٢.

٧ - النجوم الزاهرة ٣ / ٨٨.

٨ - طبقات الحفّاظ: ٢٧٨.

٩ - وفيات الأعيان ٤ / ٢٧٨.

١٠ - شذرات الذهب ٢ / ١٧٤.

١١ - مرآة الجنان ٢ / ١٩٣.

١٢ - الكامل في التاريخ ٧ / ١٥٢.

١٣ - المختصر في أخبار البشر ٢ / ٥٩.

١٤ - اللباب في الأنساب ١ / ١٧٤.

١٠٨

٢ - قتيبة بن سعيد

وأما قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف، فهو محدّث جليل القدر، روى عنه الشيخان وغيرهما:

السمعاني: « قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف بن عبد الله البغلاني، المحدّث المشهور في الشرق والغرب، له رحلة إلى: العراق، والحجاز، والشام، وديار مصر، وعمّر العمر الطويل حتى كتب عنه البطون، ورحل إليه أئمة الدنيا من الأمصار.

سمع مالك بن أنس، والليث، وأقرانهما.

روى عنه الأئمّة الخمسة: البخاري، ومسلم، وأبو داود، وأبو عيسى، وأبو عبد الرحمن، ومن لا يحصى كثرة »(١). .

الذهبي: « قال أبو بكر الأثرم: وسمعته - يعني أحمد بن حنبل - ذكر قتيبة فأثنى عليه وقال: هو آخر من سمع من ابن لهيعة. وقال أحمد بن أبي خيثمة عن يحيى بن معين، وأبو حاتم، والنسائي: ثقة. زاد النسائي: صدوق. وقال أبو داود: قدم قتيبة بغداد سنة ١٦ فجاء، أحمد ويحيى، وقال ابن خراش: صدوق وقال عبد الله بن محمّد بن سيّار الفرهاني: قتيبة صدوق ليس أحد من الكبار إلّا وقد حمل عنه بالعراق »(٢). .

٣ - جعفر بن سليمان

٤ - يزيد الرشك

__________________

(١). الأنساب - البغلاني ٢ / ٢٥٧.

(٢). تذهيب تهذيب الكمال - مخطوط

١٠٩

٥ - مطرف بن عبد الله

وهؤلاء عرفتهم سابقاً فلا نكرّر

(٥)

رواية النسائي

ورواه أبو عبد الرحمن النسائي بإسناده قائلاً:

« ثنا قتيبة بن سعيد قال: ثنا جعفر - يعني ابن سليمان - عن يزيد الرشك، عن مطرف بن عبد الله، عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جيشاً واستعمل عليهم علي بن أبي طالب ».

« ثنا واصل بن عبد الأعلى، عن ابن فضيل، عن الأجلح، عن عبد الله ابن بريدة عن أبيه قال: بعثنا رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - إلى اليمن مع خالد ابن الوليد وبعث علياً على آخر، وقال: إن التقيتما فعليّ على الناس، وإن تفرّقتما فكل واحدٍ منكما على جنده، فلقينا بني زبيد من أهل اليمن، وظفر المسلمون على المشركين، فقاتلنا المقاتلة وسبينا الذرية، فاصطفى علي جارية لنفسه من السبي، فكتب بذلك خالد بن الوليد إلى النبيّ - صلّى الله عليه وسلّم - وأمرني أن أنال منه. قال: فدفعت الكتاب إليه ونلت من علي، فتغيّر وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فقلت: هذا مكان العائذ، بعثتني مع رجلٍ وألزمتني بطاعته فبلّغت ما اُرسلت به. فقال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - لي:

لا تقعنَّ يا بريدة في علي، فإنّ عليّاً منّي وأنا منه وهو وليّكم بعدي »(١). .

وثاقة رجال السند

هذا، وقد روى النسائي في هذا الحديث بطريقين، أوّلهما هو عين سند

__________________

(١). خصائص علي بن أبي طالب: ٧٥.

١١٠

الترمذي المتقدّم الذي عرفت وثاقة رجاله فلا حاجة إلى الإِعادة.

ترجمة النسائي

والنسائي نفسه، وإنْ كان غنياً عن التّعريف، لإِجماع القوم على توثيقه والثناء عليه وعلى كتبه وعلومه حتى أنّ الدار قطني قدّمه على جميع محدّثي زمانه كما في ( تذكرة الحفّاظ )، وقال الذهبي ووالد السبكي: بأنّه أحفظ من مسلم بن الحجاج كما في ( مقاليد الأسانيد ) ولكن لا بأس بإيراد بعض الكلمات في حقّه عن كتاب تذكرة الحفّاظ للذهبي باختصار:

« النسائي، الحافظ الإِمام، شيخ الإِسلام، أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب برع في هذا الشأن وتفرّد بالمعرفة والإِتقان وعلوّ الإِسناد قال حافظ خراسان أبو علي النيسابوري: ثنا الإمام في الحديث بلا مدافعة أبو عبد الرحمن النسائي. قال أحمد بن نصر أبو طالب الحافظ: من يصبر على ما يصبر عليه النسائي؟ قال الدارقطني: أبو عبد الرحمن مقدّم على كلّ من يذكر بهذا العلم من أهل عصره. وقال محمّد بن المظفر الحافظ: سمعت مشايخنا بمصر يصفون اجتهاد النسائي في العبادة بالليل والنهار قال الدار قطني: كان أبو بكر الشافعي كثير الحديث ولم يحدّث عن غير النسائي وقال: رضيت به حجة بيني وبين الله وكانت وفاته في شعبان سنة ٣٠٣. وكان أفقه مشايخ مصر في عصره وأعلمهم بالحديث والرجال. قال أبو سعيد بن يونس في تاريخه: كان النسائي إماماً حافظاً ثبتاً »(١). .

وإنْ شئت المزيد فراجع:

وفيات الأعيان ١ / ٧٧.

__________________

(١). تذكرة الحفّاظ ٢ / ٦٩٨.

١١١

الوافي بالوفيات ٦ / ٤١٦.

مرآة الجنان ٢ / ٢٤٠.

طبقات الشّافعية للسبكي ٣ / ١٤.

طبقات الحفّاظ: ٣٠٣.

وغيرها من كتب التاريخ والرجال

اعتبار كتاب الخصائص

وكتاب ( خصائص أمير المؤمنينعليه‌السلام ) للنسائي من أنفس الكتب وأجلّها وأشهرها ألّفه النسائي لمـّا دخل دمشق ووجد المنحرف بها عن أمير المؤمنينعليه‌السلام كثيراً

وقد اعتمد علماء أهل السنّة على هذا الكتاب ونقلوا عنه، كما أنّ غير واحدٍ منهم ذكروه في بحوثهم مستشهدين به على ولاء أهل السنّة لأهل البيتعليهم‌السلام كما أنّا قد بيّنا في بعض المجلّدات السّابقة - وعلى ضوء كلمات القوم - أن ( خصائص أمير المؤمنين ) للحافظ النسائي إنّما هو قطعة من ( سننه ) الكبير، فتكون الأحاديث الواردة فيه من أحد ( الصحّاح الستّة ) عندهم.

١١٢

(٦)

رواية الحسن بن سفيان النسوي

ورواه الحسن بن سفيان النسوي البالوزي، كما جاء في كتاب الوصابي اليمني حيث روى:

« عن عمران بن حصين -رضي‌الله‌عنه - قال: سمعت رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - يقول: إنّ علياً منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي.

أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده، والحسن بن سفيان في فوائده، وأبو نعيم في فضائل الصحابة »(١). .

ترجمة الحسن بن سفيان

والحسن بن سفيان من أكابر المحدّثين الثقات كما يظهر من ترجمته:

١ - السمعاني: « البالوزي - بفتح الباء الموحّدة بعدها الألف واللّام والواو وفي آخرها الزاء - هذه النسبة إلى بالوز، وهي قرية من قرى نسا على ثلاث أو أربع فراسخ منها.

خرجت إليها لزيارة قبر أبي العباس الحسن بن سفيان بن عامر بن عبد العزيز بن النعمان بن عطاء الشيباني البالوزي النسوي من قرية بالوز.

كان محدّث خراسان في عصره، وكان مقدّماً في الفقه والعلم والأدب، وله الرحلة إلى: العراق، والشام، ومصر، والكوفة وصنّف: المسند

__________________

(١). أسنى المطالب في مناقب علي بن أبي طالب - مخطوط.

١١٣

الكبير، والجامع، والمعجم. وهو الرّاوية بخراسان لمصنفات الأئمة وكانت إليه الرحلة بخراسان من أقطار الأرض. سمع منه: أبو حاتم محمّد بن حبان البستي، وأبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي، وأبو أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني الحافظ، وإمام الأئمة أبو بكر محمّد بن إسحاق بن خزيمة ومات في سنة ٣٠٣ وقبره بقرية بالوز مشهور يزار، زرته »(١). .

٢ - الذهبي: « الحسن بن سفيان بن عامر، الحافظ الإِمام، شيخ خراسان قال الحاكم: كان محدّث خراسان في عصره، متقدّماً في التثبّت والكثرة والفهم والفقه والأدب. وقال ابن حبان: كان الحسن ممّن رحل وصنّف وحدّث على تيقّظ، مع صحة الديانة والصلابة في السنّة. وقال أبو بكر أحمد ابن الرازي الحافظ: ليس للحسن في الدنيا نظير »(٢). .

وكذلك ترجم له السبكي وابن قاضي شهبة في ( طبقاتهما ) والسيوطي في ( طبقات الحفّاظ ) حيث ذكروا كلمة الحاكم وغيره في مدحه، ووصفوه بالحفظ والأمامة والتثبّت، وكذلك تجد ترجمته في غيرها من الكتب.

(٧)

رواية أبي يعلى الموصلي

ورواه أبو يعلى أحمد بن علي الموصلي حيث قال:

« حدّثنا عبيد الله، ثنا جعفر بن سليمان، نا يزيد الرشك، عن مطرف بن عبد الله، عن عمران بن حصين، قال: بعث رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم -

__________________

(١). الأنساب - البالوزي ٢ / ٥٨.

(٢). تذكرة الحفاظ ٢ / ٧٠٣.

١١٤

سرية، واستعمل عليهم علي بن أبي طالب، قال: فمضى على السرية. قال عمران: وكان المسلمون إذا قدموا من سفرٍ أو من غزوةٍ أتوا رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قبل أنْ يأتوا منازلهم، فأخبروه بمسيرهم. قال: فأصاب علي جاريةً، فتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - إذا قدموا على رسول الله ليخبروا به. قال: فقدمت السرية على رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - فأخبروه بمسيرهم، فقام أحد الأربعة فقال:

يا رسول الله، أصاب علي جاريةً. فأعرض عنه.

ثم قام الثاني فقال: يا رسول الله صنع علي كذا وكذا. فأعرض عنه.

قال: ثم قام الثالث فقال: يا رسول الله، صنع علي كذا وكذا. فأعرض عنه.

ثم قام الرابع فقال: يا رسول الله صنع علي كذا وكذا.

قال: فأقبل رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - مغضباً والغضب يعرف في وجهه فقال: ما تريدون من علي؟ علي منّي فأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي »(١). .

وثاقة رجال الإسناد

ولا يخفى وثاقة رجال هذا السند:

١ - عبيد الله القواريري

أمّا عبيد الله، فهو عبيد الله بن عمر القواريري:

__________________

(١). مسند أبي يعلى ١ / ٢٩٣ رقم ٣٥٥.

١١٥

السمعاني: « كان ثقةً صدوقاً، مكثراً من الحديث روى عنه: أبو قدامة السرخسي، ومحمّد بن إسحاق الصنعاني، وأبو داود السجستاني، وأبو زرعة وأبو حاتم الرازيان، وأحمد بن أبي خيثمة، وأبو القاسم البغوي، وأبو يعلى الموصلي، وغيرهم.

وكان أحمد بن سيّار المروزي يقول: لم أر في جميع من رأيت مثل مسدّد بالبصرة، والقواريري ببغداد، وصدقة بمرو. وثّقه يحيى بن معين وغيره. وقال أبو علي جزرة الحافظ: القواريري. أثبت من الزهراني وأشهر وأعلم بحديث البصرة، وما رأيت أحدا أعلم بحديث البصرة منه.

وتوفي في ذي الحجة سنة ٢٣٥ »(١). .

الذهبي: « خ م د س - عبيد الله بن عمر القواريري، أبو سعيد البصري الحافظ. حدّث بمائة ألف حديث. سمع: حماد بن زيد، وأبا عوانة، وخلقا. وعنه: خ م د، والفريابي، والبغوي، وخلق. وكان يذكر مع مسدّد والزهراني. مات في ذي الحجة ٢٣٥ »(٢). .

ابن حجر: « وعنه: البخاري ومسلم وأبو داود قال ابن معين والعجلي والنسائي: ثقة. وقال صالح جزرة: ثقة صدوق قال: وهو أثبت من الزهراني وأشهر وأعلم بحديث البصرة. قال ابن سعد: ثقة كثير الحديث. وقال أبو حاتم: صدوق وذكره ابن حبان في الثقات. وقال مسلمة بن قاسم: ثقة. وفي الزهرة: روى عنه البخاري خمسة، ومسلم أربعين »(٣). .

٢ - جعفر بن سليمان

٣ - يزيد الرشك

__________________

(١). الأنساب - القواريري

(٢). الكاشف ٢ / ٢٠٣ وانظر العبر ودول الإسلام حوادث سنة ٢٣٥.

(٣). تهذيب التهذيب ٧ / ٣٦ وانظر تقريب التهذيب أيضاً ١ / ٥٣٧.

١١٦

٤ - المطرف بن عبد الله

وهؤلاء عرفت وثاقتهم وشيئاً من مناقبهم فيما سبق.

ترجمة أبي يعلى

ولنذكر طرفاً من كلماتهم في الثناء على أبي يعلى الموصلي:

١ - ابن حبّان: « أحمد بن علي بن المثنى بن يحيى بن عيسى بن هلال التميمي أبو يعلى، من أهل الموصل، من المتقنين في الروايات والمواظبين على رعاية الدين وأسباب الطاعات. مات سنة ٣٠٧ »(١). .

٢ - الذهبي: « أبو يعلى الموصلي، الحافظ الثقة، محدّث الجزيرة قال يزيد بن محمّد الأزدي: كان أبو يعلى من أهل الصّدق والأمانة والدين والعلم ووثقه ابن حبان ووصفه بالإِتقان والدين ثم قال: وبينه وبين النبيّ ثلاثة أنفس. وقال الحاكم: كنت أرى أبا علي الحافظ معجبا بأبي يعلى وإتقانه وحفظه لحديثه حتى كان لا يخفى عليه منه إلّا اليسير. قال الحاكم: هو ثقة مأمون »(٢). .

٣ - الذهبي أيضاً: « كان ثقة صالحاً متقناً يحفظ حديثه. توفي وله ٩٧ سنة »(٣). .

٤ - الصفدي: « الحافظ صاحب المسند، سمع جماعةً كباراً، وله تصانيف في الزهد وغيره. غلّقت له الأسواق يوم جنازته. وكانت وفاته سنة ٣٠٧ وكنيته أبو يعلى »(٤). .

__________________

(١). الثقات ٨ / ٥٥.

(٢). تذكرة الحفّاظ ٢ / ٧٠٧.

(٣). العبر حوادث ٣٠٧.

(٤). الوافي بالوفيات ٧ / ٢٤١.

١١٧

وكذلك تجد ترجمته في المصادر الاُخرى، وقد وصفوه جميعاً: بالحافظ الثبت الثقة محدّث الجزيرة صاحب المسند

(٨)

رواية ابن جرير الطبري وتصحيحه

رواه محمد بن جرير الطبري في ( تهذيب الآثار ). فقد ذكر المتّقي ما نصه:

« عن عمران بن حصين: بعث رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - سرية واستعمل عليها علياً، فغنموا، فصنع علي شيئاً أنكروه. وفي لفظ: فأخذ علي من الغنيمة جاريةً، فتعاقد أربعة من الجيش إذا قدموا على رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - أن يعلموه، وكانوا إذا قدموا من سفرٍ بدءوا برسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - فسلّموا عليه ونظروا إليه، ثم ينصرفون إلى رحالهم. فلمـّا قدمت السرية سلّموا على رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - فقام أحد الأربعة فقال:

يا رسول الله، ألم تر أن علياً قد أخذ من الغنيمة جارية؟ فأعرض عنه.

ثم قام الثاني فقال مثل ذلك. فأعرض عنه.

ثم قام الثالث فقال مثل ذلك. فأعرض عنه.

ثم قام الرابع. فأقبل إليه رسول الله يعرف الغضب في وجهه فقال: ما تريدون من علي! علي منّي وأنا من علي وعلي وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي.

ش. وابن جرير وصحّحه »(١). .

__________________

(١). كنز العمال ١٣ / ١٤٢ رقم ٣٦٤٤٤.

١١٨

ترجمة الطبري

ولابن جرير الطبري في كتب القوم تراجم مفصّلة، نلخص بعضها فيما يلي:

١ - ياقوت الحموي: « قال أبو محمّد عبد العزيز بن محمّد الطبري: كان أبو جعفر من الفضل والعلم والذكاء والحفظ على ما لا يجهله أحد عرفه، لجمعه من علوم الإِسلام ما لم نعلمه اجتمع لأحدٍ من هذه الاُمة، ولا ظهر من كتب المصنّفين وانتشر من كتب المؤلّفين ما انتشر له.

وكان راجحاً في علوم القرآن، والقراءات، وعلم التاريخ من الرسل والخلفاء والملوك، واختلاف الفقهاء، مع الرواية لذلك على ما في كتابه:

البسيط، والتهذيب، وأحكام القراءات، من غير تعويل على المناولات والإجازات ولا على ما قيل في الأقوال، بل يذكر ذلك بالأسانيد المشهورة.

وقد بان فضله في علم اللغة والنحو على ما ذكره في كتاب التفسير وكتاب التهذيب مخبراً عن حاله فيه.

وقد كان له قدم في علم الجدل، يدل على ذلك مناقضاته في كتبه على المعارضين لمعاني ما أتى به.

وكان فيه من الزهد والورع والخشوع والأمانة، وتصفية الأعمال وصدق النية وحقائق الأفعال ما دل عليه كتابه في آداب النفوس ».

« كان أبو جعفر يذهب في جلّ مذاهبه إلى ما عليه الجماعة من السلف وطريق أهل العلم المتمسكين بالسّنن، شديداً على مخالفيهم، ماضياً على منهاجهم، لا تأخذه في ذلك ولا في شيء لومة لائم ».

« كان أبو جعفر يذهب في الإِمامة إلى إمامة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وما عليه أصحاب الحديث في التفضيل، وكان يكفّر من خالفه في كلّ مذهب

١١٩

إذا كانت أدلّة العقول تدفع كالقول في القدر، وقول من كفّر أصحاب رسول الله من الروافض والخوارج، ولا يقبل أخبارهم ولا شهاداتهم، وذكر ذلك في كتابه في الشهادات، وفي الرسالة، وفي أول ذيل المذيّل »(١). .

٢ - السمعاني: « وكان أحد أئمة العلماء، يحكم بقوله ويرجع إلى رأيه، لمعرفته وفضله. وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحدُ من أهل عصره، وكان حافظاً لكتاب الله، عارفاً بالقراءات، بصيرا بالمعاني، فقيها في أحكام القرآن، عالما بالسّنن وطرقها وصحيحها وسقيمها وناسخها ومنسوخها، عارفا بأقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم من المخالفين في الأحكام ومسائل الحلال والحرام، عارفاً بأيّام الناس وأخبارهم قال أبو بكر محمّد بن إسحاق بن خزيمة: ما أعلم على أديم الأرض أعلم من محمّد بن جرير وتوفي سنة ٣١٠ »(٢). .

٣ - النووي: « هو الإِمام البارع في أنواع العلوم، وهو في طبقة الترمذي والنسائي. قال الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد: إستوطن الطبري بغداد فأقام بها حتى توفي، وكان أحد الأئمة والعلماء، يحكم بقوله ويرجع إلى رأيه »(٣). .

٤ - الذهبي: « الإِمام العلم الفرد الحافظ أبو جعفر الطبري، أحد الأعلام وصاحب التصانيف قال أبو بكر الخطيب: كان ابن جرير أحد الأئمة وقال أبو حامد الإسفرائيني: لو سافر رجل إلى الصّين في تحصيل تفسير ابن جرير لم يكن كثيراً قال الفرغاني: بثّ مذهب الشافعي ببغداد سنتين واقتدى به، ثمّ اتّسع علمه وأدّاه اجتهاده إلى ما اختاره في كتبه. وقد عرض عليه القضاء فأبى. قال محمّد بن علي بن سهل الإِمام: سمعت ابن جرير قال: من

__________________

(١). معجم الأدباء ٥ / ٢٥٤ - ٢٦٨.

(٢). الأنساب - الطّبري ٨ / ٢٠٥ - ٢٠٧.

(٣). تهذيب الأسماء واللّغات ١ / ٧٨.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

آخر ، لكن هذا الشرط وهو حضور الإمام ، أو نائبه مقطوع به في كلام الأصحاب ، وظاهرهم أنّه موضع وفاق ، واستدلّ عليه في المنتهى بهذه الروايات ؛ وقد عرفت أنّها قاصرة الدلالة على المطلوب ، مع أنّ اللازم من ذلك اعتبار حضورهعليه‌السلام ، وهم لا يقولون به ، وبالجملة : فوجوب هذه الصلاة ثابت بالأخبار ، كصحيحة جميل وغيرها ، وكونه مقيّداً بحضور الإمام أو نائبه يتوقف على دليلٍ ( صالحٍ للتقييد ، وهو منتفٍ ، إلاّ أنّ الأصحاب قاطعون بذلك واتّباعهم من غير دليل )(١) مشكل ، إلاّ أنْ يكون الحكم إجماعياً بحيث يعلم دخول قول المعصومعليه‌السلام في أقوال المجمعين ، وذلك ممّا يقطع هنا بعدمه ، انتهى كلامهقدس‌سره .

ولقائلٍ أنْ يقول : إنّ ما ذكره من إطلاق بعض الأخبار مسلّم ، وهو خبر جميل الصحيح السابق في أوّل الباب(٢) . أمّا ما دلّ على الإمام ففيه ما قدّمناه(٣) .

وقولهقدس‌سره : إنّ الإجماع لا بدّ فيه من العلم بقول المعصوم ، إنْ أراد به ما يعمّ الإجماع المنقول بخبر الواحد ففيه نظر واضح ؛ لأنّ الإجماع المنقول عنده حجّة ، غاية الأمر أنّه من قبيل الخبر ، أو دليل الخبر دليله ، وقد قدّمنا أنّه لا يبعد أنْ يكون الإجماع من مثل العلاّمة والمحقق من قبيل الخبر المرسل ، إذ من المعلوم تعذّر اطلاعهما على الإجماع. نعم ربما يقبل خبرهما ، لحصول العلم الشرعي عندهما من المدّعى بغير واسطة ، أو بواسطة ، وعدم التصريح بالمنقول عنه لا يضر بالحال ، لعدم الاتفاق على‌

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٢) راجع ص ٢٤٥.

(٣) في ص ٢٤٧.

٢٦١

منعه ، وحينئذٍ يرجع إلى الخبر عمّن يعتقد صحّة قوله ، فعلى تقدير القبول إذا تعارض مع بعض الأخبار المعتبرة الدالّة على أنّ صلاة العيدين فريضة يمكن أنْ يقال بتقديم ما دلّ على الإطلاق ؛ لسلامة سنده ، ويمكن أنْ يقيّد إطلاقه.

وربما يقال : إنّ في خبر جميل ذكر الكسوف مع العيدين قرينة على الإطلاق ، والأخبار المتضمنة للإمام معرّفاً أو منكَّراً لا تخرج عن الإجمال ، أو احتمال مراعاة أهل الخلاف في الجملة ممكن.

وما قاله جدّيقدس‌سره في شرح الإرشاد : من أنّه لا مدخل للفقيه حال الغيبة في ظاهر الأصحاب وإنْ كان [ ما(١) ] في الجمعة من الدليل قد يتمشّى هنا ، إلاّ أنّه يحتاج إلى القائل ، ولعلّ السرّ في عدم وجوبها حال الغيبة مطلقاً بخلاف الجمعة أنّ الوجوب الثابت في الجمعة إنّما هو التخييري ، أمّا العيني فهو منتفٍ بالإجماع ، والتخييري في العيدين غير متصور ؛ إذ ليس معها فرد آخر ، فلو وجبت لوجبت عيناً ، وهو خلاف الإجماع(٢) .

محلّ تأمّل ،أمّا أولاً : فما ذكره من تمشّي الدليل إنْ أراد به أنّ الفقيه منصوب من قبل الإمامعليه‌السلام عموماً فكان كالنائب ؛ ففيه : أنّ دليل كونه منصوباً الإجماع ، وهو منتفٍ في موضع النزاع. واحتمال الاستدلال بمقبول عمر بن حنظلة ، فيه ، أنّ مقبوليته غير معلومة على الإطلاق ليستدل به في موضع الخلاف. ولا أدري الآن معنى كونه مقبولاً ، فإنْ أُريد الصحّة أشكل بعدم معلومية الاتفاق ، وإنْ أُريد العمل بمضمونه أشكل بمحلّ الخلاف ، كما نحن فيه وغيره ، ولو تمّ ذلك أمكن المناقشة ( في دلالته )(٣) ، لتضمّنه‌

__________________

(١) ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر لاستقامة المتن.

(٢) روض الجنان : ٢٩٩.

(٣) ما بين القوسين ليس في « رض ».

٢٦٢

نصّ الصادقعليه‌السلام على نصب من تضمّنه ، فيكون كالوكيل ، فيُعزل بموت الإمامعليه‌السلام ، وحينئذٍ لا يتمّ في زمن الغيبة.

وإنْ نوقش في هذا بأنّ أحكامهمعليهم‌السلام لا تتغير ؛ أمكن الجواب : بأنّ هذا في الأحكام الشرعية لا ريب فيه ، بخلاف المنصوب ، والخلاف فيه مذكور في باب القضاء.

وبالجملة : فقولهقدس‌سره : إنّه يتمشّى ، محل بحث.

وأمّا ثانياً : فلأنّ الوجوب التخييري في الجمعة لا يوافقه كلامه في الرسالة ، إلاّ أنْ يكون رجع عنه.

وأمّا ثالثاً : فلأنّ الإجماع في العيدين لا ينبغي الغفلة عن معارضته بما أشرنا إليه ، فليتأمّل.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الخلاف قد وقع في صلاة العيدين مع عدم حضور الإمامعليه‌السلام ، ففي المختلف نقل عن المفيد أنّه قال : هذه الصلاة فرض على من لزمته الجمعة على شرط حضور الإمام ، سنّة على الانفراد مع عدم حضور الإمام ، ثم قال يعني المفيد ـ : ومن فاتته صلاة العيد جماعةً صلاّها وحده كما يصلّي في الجماعة ندباً مستحباً.

وقال الشيخ في المبسوط : متى تأخّر عن الحضور ( لعارض ، صلاّها في المنزل منفرداً )(١) سنّةً وفضيلةً ، ثم قال يعني الشيخ ـ : ومن لا تجب عليه صلاة العيد من المسافر والعبد وغيرهما يجوز لهما إقامتها منفردين سنّةً.

وقال المرتضى في المسائل الناصرية : وهما سنّة ، تصلّى على الانفراد عند فقد الإمام واختلال بعض الشرائط.

وقال أبو الصلاح : فإنْ اختلّ شرط من شرائط العيد سقط فرض(٢)

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في « رض » : صلاّها منفرداً.

(٢) ليست في النسخ ، أضفناها من المصدر.

٢٦٣

الصلاة ، وقبح الجمع فيها مع الاختلال ، وكان كلّ مكلّفٍ مندوباً إلى هذه الصلاة في منزله ، والإصحار بها أفضل.

قال القطب الراوندي : من أصحابنا من ينكر الجماعة في صلاة العيد سنّة بلا خطبتين.

وقال ابن إدريس : معنى قول أصحابنا : على الانفراد ، ليس المراد بذلك أنْ يصلّي كلّ واحد منهم منفرداً ، بل الجماعة أيضاً عند انفرادها من دون الشرائط مستحبة مسنونة ، قال : ويشتبه على بعض المتفقهة هذا الموضع ، بأنْ يقول على الانفراد أراد مستحبة إذا صلّى كلّ واحد وحده ، لأنّها مع انتفاء الشرائط نافلة ، ولا جماعة في النافلة ؛ وهو قلّة تأمّل ، بل مقصودهم ما ذكرناه من انفرادها عن الشرائط(١) .

قال العلاّمة : وتأويل ابن إدريس بعيد ، مع أنّه روى النهي(٢) عمّار بن موسى ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : قلت له : هل يؤمّ الرجل بأهله في صلاة العيدين في السطح أو بيت؟ قال : « لا يؤمّ بهن ولا يخرجن(٣) »(٤) ولو كانت الجماعة مستحبة لاستُحبّت هنا ؛ إذ المستحب في حق الرجل مستحب في حق المرأة ، إلاّ ما خرج بالدليل ، إلاّ أنّ قول أصحابنا في زماننا الجمع فيها ، قال القطب الراوندي : جمهور الإمامية يصلّون هاتين الصلاتين‌

__________________

(١) المختلف ٢ : ٢٧٤ ، وهو في المقنعة : ١٩٤ و ٢٠٠ ، وفي المبسوط ١ : ١٦٩ و ١٧١ ، وفي المسائل الناصرية ( الجوامع الفقهية ) : ٢٣٩ ، وفي الكافي في الفقه : ١٥٤ ، وفي السرائر ١ : ٣١٥.

(٢) في « رض » زيادة : عن.

(٣) في « فض » : لا يؤمّ بهم ولا يخرجن ، وفي « رض » : لا يؤم بهم ولا يخرجهن ، وفي « م » : لا يؤمهم ولا يخرجن ، وما أثبتناه موافق للتهذيب والمختلف والوسائل.

(٤) التهذيب ٣ : ٢٨٩ / ٨٧٢ ، الوسائل ٧ : ٤٧١ أبواب صلاة العيد ب ٢٨ ح ٢.

٢٦٤

جماعةً وعملهم حجّة ، انتهى(١) .

وإنّما نقلناه بطوله لأنّ بعض محقّقي المتأخّرين نقل عن ظاهر المنتهى عدم النزاع في الجماعة ، حيث ما نقل إلاّ خلاف بعض العامّة في جوازها فرادى إلى أن قال ـ : إنّ الشهرة وأدلّة الجماعة مطلقاً والترغيب فيها [ خصوصاً في مثل العيد ] مع عدم النصّ والإجماع الواقع على عدم جوازها في النافلة ، وظاهر الأخبار يدلّ عليها ، ويؤيده ظاهر المنتهى من عدم النزاع ، وإن نقل المحقق الثاني يعني الشيخ عليرحمه‌الله في حاشية الشرائع الخلاف في جواز الجماعة(٢) . انتهى.

ولا يذهب عليك أنّ ما نقله المحقق الثاني قد حكاه العلاّمة نفسه في المختلف كما سمعت ، لكن قول العلاّمة أخيراً : ( إنّ قول أصحابنا في زماننا ،(٣) يشعر بالإجماع المتأخر ، وفيه : أنّ احتمال إرادة المعروفين من الأصحاب )(٤) لا جميع العلماء في زمانه ، لتعذّر الاطّلاع ، بل امتناعه ؛ وقول القطب الراوندي كذلك. وإذا لم يتحقق الإجماع فالأخبار قد دلّ معتبرها على صلاة الإنسان وحده ، والحمل على أنّ الوحدة يراد بها الانفراد عن الشرائط كما قاله ابن إدريس من البعد بمكان.

وقد قدّمنا أنّ الصدوق روى خبر عبد الله بن سنان ، عن جعفر بن ( بشير ، عن عبد الله بن سنان ، وطريقه إليه لا ارتياب فيه(٥) ، وهو ظاهر في‌

__________________

(١) المختلف ٢ : ٢٧٥.

(٢) انظر مجمع الفائدة والبرهان ٢ : ٣٩٧ ، وما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.

(٣) في « رض » زيادة : قد.

(٤) ما بين القوسين ساقط عن « فض ».

(٥) راجع ص ٢٥٥.

٢٦٥

صلاة الإنسان )(١) وحده إذا لم يشهد جماعة من الناس ، وقد أوضحنا الكلام في هذا في كتاب معاهد التنبيه على نكت من لا يحضره الفقيه.

والحاصل أنّ خبر زرارة الصحيح الدالّ على أنّ من لم يصلّ مع الإمام في جماعة فلا صلاة له ، ربما يقتضي حمل حديث : « من لم يشهد جماعة من الناس » على صلاة الفرض ، وفيه : بتقدير عدم انحصار الإمام في إمام الأصل جواز حمل الأحاديث الدالّة على أنّه لا صلاة إلاّ مع الإمام على الصلاة الكاملة ، سواء كانت فرضاً أو نفلاً ، فالفرض مع اجتماع الشرائط ، والنفل مع عدمها ، ولا يشكل بثبوت الصلاة منفرداً ؛ لإمكان الجواب بأنّ الكمال مع الجماعة أزيد.

نعم ربّما يدّعى أنّ نفي الصلاة المفروضة إلاّ مع الإمام أوضح ، وحينئذٍ تدلّ الأخبار على أن الصلاة المفروضة لا تكون إلاّ مع إمام أو الإمام ، وأمّا النفل فلا ، فينفى الدلالة على جواز الجماعة مع عدم اجتماع الشرائط ، فيتّضح(٢) القول بتعيّن الانفراد.

وقد يحمل خبر : « من لم يصلّ مع الإمام فلا صلاة له » على أنّه مع وجود الإمام وصلاته متمكناً إذا لم يحضرها الإنسان مختاراً فلا صلاة له منفرداً وجماعةً ، إلاّ أنّ القائل بهذا غير معلوم كما سبق(٣) .

أمّا ما قاله شيخناقدس‌سره في المدارك من أنّ المستفاد من النصوص المستفيضة أنّها إنّما تصلّى على الانفراد(٤) ؛ ففيه تأمّل يظهر ممّا قرّرناه ـ

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٢) في « فض » : ويتضح. ، وفي « م » : ويتعيّن.

(٣) في ص ٢٥٨.

(٤) المدارك ٤ : ٩٩.

٢٦٦

غير خفي ، وبُعد وصول الأخبار إلى حدّ الاستفاضة.

وكذلك ما ذكرهقدس‌سره من أنّ المستفاد من النصوص المستفيضة أنّها تصلّى على الانفراد مع تعذّر الجماعة ، أو عدم اجتماع العدد(١) ؛ محلّ تأمّل ، والوجه فيه يعلم من الكتاب المشار إليه ، والله تعالى أعلم بالحقائق.

ويبقى الكلام في السابع والثامن ، وكلام الشيخ فيهما واضح.

اللغة‌ :

قال في القاموس : الجبّان والجبّانة مشدّدتين ـ : المقبرة والصحراء والمنبت الكريم و(٢) الأرض المستوية في ارتفاع(٣) .

قوله :

باب من يصلّي(٤) وحده كم يصلي؟

الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « صلاة العيد ركعتان بلا أذان ولا إقامة ،(٥) ليس قبلهما ولا بعدهما شي‌ء ».

محمّد بن يعقوب ، عن علي ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن معاوية بن عمّار قال : سألته عن صلاة العيدين ، فقال : « ركعتان ليس قبلهما ولا بعدهما شي‌ء ».

__________________

(١) المدارك ٤ : ٩٩.

(٢) في المصدر : أو.

(٣) القاموس المحيط ٤ : ٢١٠.

(٤) في الاستبصار ١ : ٤٤٦ : صلّى.

(٥) في الاستبصار ١ : ٤٤٦ / ١٧٢٢ زيادة : و.

٢٦٧

سعد ، عن موسى بن الحسن ، عن معاوية بن حكيم ، عن عبد الله ابن المغيرة قال : حدّثني بعض أصحابنا قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن صلاة الفطر والأضحى ، قال : « صلّهما ركعتين في جماعة وغير جماعة ، وكبّر سبعاً وخمساً ».

فأمّا ما رواه أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن أبي البختري ، عن جعفر عن أبيه عن علي : قال : « من فاتته(١) العيد فليصلّ أربعاً ».

فالوجه في الرواية التخيير ، لأنّ من صلّى وحده كان مخيّراً بين أن يصلى ركعتين على ترتيب صلاة العيدين وبين أن يصلي أربعاً كيف ما شاء ؛ وإنْ كان الفضل في صلاة الركعتين على ترتيب صلاة العيد.

السند :‌

في الأوّل : ليس فيه ارتياب بعد ملاحظة ما كرّرنا القول فيه(٢) .

والثاني : علي فيه لا يبعد أنْ يكون ابن إبراهيم ، لرواية علي بن إبراهيم عن محمّد بن عيسى بكثرة في الكافي(٣) . لكن الشيخ في التهذيب رواه عن علي بن محمّد(٤) ، فيكون علاّن الثقة. والذي وجدته في الكافي علي عن محمّد بن عيسى(٥) . ولعلّ الأمر سهل. ومحمّد بن عيسى عن‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٤٤٦ / ١٧٢٥ ، والتهذيب ٣ : ١٣٥ / ٢٩٥ زيادة : صلاة.

(٢) في ص ٤٩ ، ١٥٤ ، ٢٨٩.

(٣) الكافي ٣ : ١٦ / ١ ، ١٧ / ٥ ، ١٩ / ١٧ ، ٢١ / ١ ، ٢٤ / ١ و ٣.

(٤) التهذيب ٣ : ١٢٩ / ٢٧٨.

(٥) الكافي ٣ : ٤٦٠ الصلاة ب ٩٣ ح ٣.

٢٦٨

يونس مضى القول فيه(١) ممّا حاصله : احتمال ضعف محمّد بن عيسى إذا روى عن يونس ، على اصطلاح المتقدّمين من احتياج الخبر إلى زيادة القرائن ، وهو لا ينافي توثيق النجاشي(٢) .

والثالث : فيه موسى بن الحسن ، وقد قدمنا مكرراً حاله كمعاوية بن حكيم(٣) ، والفائدة في إعادة البيان بعد الإرسال منتفية. واحتمال المعنى الذي فهمه البعض من الإجماع على تصحيح ما يصح عن عبد الله بن المغيرة(٤) يتوقف على ثبوت توثيق معاوية بن حكيم من دون القدح بكونه فطحياً ، والذي يقول بالمعنى المشار إليه يحكم بالجمع بين كونه ثقة وفطحياً ، لعدم منافاة توثيق النجاشي(٥) له مع عدم ذكر الفطحية ، لما ذكره الكشي : من أنّه فطحي(٦) .

وقد قدّمنا(٧) في مثل هذا أنّ من المستبعد اطلاع النجاشي على كونه فطحياً مع عدم ذكره ؛ إذ ليس من شأنه عدم ذكر مخالفة المذهب في الرجال ، كما أنّ اطلاع الكشي على ما لم يطلع عليه النجاشي أشدّ بُعداً ، والعمدة عند القائلين بالجمع هو جواز اطلاع الجارح على ما لم يطلع عليه المعدِّل فيقدّم(٨) عليه مع التعارض ، وما نحن فيه واضح المنافاة لما ذكروه ، فليتأمّل.

__________________

(١) راجع ج ١ : ٧٦ وج ٤ : ٨ ، ١٨٧.

(٢) رجال النجاشي : ٣٣٣ / ٨٩٦.

(٣) راجع ج ١ : ١٥٢ ، ٣١٥ ، ٣٧٦ ، وج ٢ : ٧٢ وج ٣ : ١٨٧ وج ٥ : ٢٤٩.

(٤) رجال الكشي ٢ : ٨٣٠ / ١٠٥٠.

(٥) رجال النجاشي : ٤١٢ / ١٠٩٨.

(٦) رجال الكشي ٢ : ٨٣٥ / ١٠٦٢.

(٧) راجع ج ١ : ١١٠ وج ٤ : ٩٣ وج ٦ : ٣٧٢.

(٨) في « رض » و « م » : في تقديمه.

٢٦٩

والرابع : أحمد بن أبي عبد الله فيه البرقي ؛ وأبوه معلوم حينئذٍ والقول في حقيقة حالهما تكرر(١) . ثمّ إنّ الطريق إلى أحمد في المشيخة واضح الصحّة(٢) .

وأمّا أبو البختري فهو وهب بن وهب ، وقد قال الشيخ : إنّه ضعيف(٣) . والنجاشي : إنّه كذّاب(٤) . لكن لا يخفى أنّ الشيخ وغيره من المتقدمين لا يلتفتون إلى الراوي بل إلى مأخذ الرواية من الأُصول والكتب المعتمدة والقرائن الدالة على الصحة ، والعجب من شيخناقدس‌سره في فوائد الكتاب ، حيث قال : إنّ الرواية ضعيفة جدّاً ، فإنّ راويها وهو أبو البختري كان كذّاباً قاضياً عاميا ، فالعجب من تعلّق الشيخ بروايته في إثبات هذا الحكم.

المتن :

في الأخبار الثلاثة الأُول ظاهر الدلالة ، وما تضمنه من نفي الصلاة قبل وبعد في الأوّلين قد قدّمنا فيه القول(٥) ، والثالث يدل على جواز فعل العيدين جماعة وعلى الانفراد ، وأنّ التكبير سبعاً وخمساً ، غاية الأمر أنّ الإجمال واقع فيه من جهة التكبير ، وستسمع القول في ذلك إن شاء الله.

وما تضمنه [ الأوّل(٦) ] من نفي الأذان والإقامة ظاهر في نفي المشروعية فيختص العموم أو يقيّد الإطلاق ؛ وغير بعيد إرادة الأذان‌

__________________

(١) راجع ج ١ ص ٤٧ ، ٩٣ ، ج ٢ ص ٤٠١.

(٢) مشيخة الاستبصار ( الاستبصار ٤ ) : ٣١٤.

(٣) الفهرست : ١٧٣ ، ٧٦٧.

(٤) رجال النجاشي : ٤٣٠ / ١١٥٥.

(٥) في ص ٢٤٨ ٢٥٠.

(٦) ما بين المعقوفين في النسخ : الثاني ، والصواب ما أثبتناه.

٢٧٠

والإقامة المعلومين في اليومية ، فلا ينافي ما روي أنّه ينادي : « الصلاة » ثلاث مرّات.

ويؤيد هذا أنّ الشيخ روى في التهذيب في الزيادات عن إسماعيل بن جابر ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : قلت له : أرأيت صلاة العيدين هل فيهما أذان وإقامة؟ قال : « ليس فيهما أذان ولا إقامة ، ولكن ينادى : الصلاة ، ثلاث مرّات. وليس فيهما منبر ، المنبر لا يحوّل من موضعه ، ولكن يصنع للإمام شي‌ء شبه المنبر من طين ، فيقوم عليه فيخطب الناس ثم ينزل »(١) .

ووجه التأييد ظاهر ، غير أنّه يمكن أنْ يقال : إنّ ظاهر قوله : « وليس فيهما منبر » يدل بمعونة عدم معلومية تحريم المنبر على ( أنّ تحريم الأذان والإقامة غير معلومٍ. ولعلّ جواب هذا سهل. نعم ربما يقال : إنّ الشيخ قد )(٢) روى في التهذيب أيضاً عن محمّد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن زرارة قال : قال أبو جعفرعليه‌السلام : « ليس في يوم الفطر والأضحى أذان ولا إقامة ، أذانهما طلوع الشمس ، إذا طلعت خرجوا » الحديث(٣) .

وهو يدل على أنّ ما تضمنه الخبر المبحوث عنه وغيره من نفي الأذان والإقامة يمكن أن يراد به على تقدير إرادة نفي أذان اليومية وإقامتها أنّ ما تضمنه الخبر الآخر من قوله : « الصلاة ثلاثاً » ليس بأذان ، بل إمّا أنْ يكون إقامة ، وحينئذٍ الأذان طلوع الشمس كما في الخبر المذكور ؛ أو‌

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٢٩٠ / ٨٧٣ ، الوسائل ٧ : ٤٢٨ أبواب صلاة العيد ب ٧ ح ١.

(٢) ما بين القوسين ساقط عن « فض ».

(٣) التهذيب ٣ : ١٢٩ / ٢٧٦ ، الوسائل ٧ : ٤٢٩ أبواب صلاة العيد ب ٧ ج ٥.

٢٧١

يقال : إنّ النداء أذان ، فيكون حين الطلوع للإخبار به.

وفي الذكرى : إنّ هذا النداء ليعلم الناس بالخروج إلى المصلّى(١) . وكأنّه فهم هذا ممّا ذكرناه ، ويشكل بدلالة الخبر على انحصار الأذان في طلوع الشمس. وينقل عن أبي الصلاح أنّ محل النداء بالصلاة بعد القيام إلى الصلاة(٢) ؛ ولا يبعد ذلك إلاّ أنّ في البين توقفاً ، ولم أر من حرّر المقام.

فإنْ قلت : رواية إسماعيل غير صحيحة ؛ لأنّ الشيخ في التهذيب لم يذكر طريقه إلى إسماعيل بن جابر ، وفي الفهرست لم يذكر إلاّ الطريق إلى كتابه(٣) ، فلا يفيد لعدم العلم بكونها من الكتاب ؛ وإسماعيل بن جابر فيه كلام.

قلت : قد ذكر الرواية الصدوق عن إسماعيل بن جابر(٤) ؛ وطريقه إليه وإن كان فيه ابن المتوكل ومحمّد بن عيسى إلاّ أنّ إيداعها الفقيه يوجب المزية كما كرّرنا القول فيه(٥) ، على أنّ محمّد بن عيسى قدّمنا احتمال قبول روايته(٦) ، وابن المتوكل معتبر عند مشايخنا(٧) ؛ والعلاّمة حكم بصحة طريق اشتمل عليه(٨) .

__________________

(١) الذكرى ٤ : ١٧٢.

(٢) الكافي في الفقه : ١٥٣.

(٣) الفهرست : ١٥ / ٤٩.

(٤) الفقيه ١ : ٣٢٢ / ١٤٧٣.

(٥) في ص ١٢١١.

(٦) تقدم في ص ٩٠.

(٧) خلاصة العلاّمة : ١٤٩ / ٥٨ ، رجال ابن داود : ١٨٥ ، وانظر فلاح السائل : ١٥٨.

(٨) وهو طريق الصدوق إلى الحسن بن محبوب وثعلبة بن ميمون ، الخلاصة : ٢٧٨ ، ٢٨١.

٢٧٢

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ ما تضمنه الخبر الرابع من الصلاة أربعاً قد نقل في المختلف الاحتجاج به بعد أن حكى عن ابن الجنيد أنّه قال : تصلّى العيد مع الشرائط ركعتين ومع اختلالها أربعاً ؛ وبه قال علي بن بابويه. وقال الشيخ في التهذيب : من فاتته الصلاة يوم العيد لا يجب عليه القضاء ، ويجوز له أنْ يصلّي إنْ شاء ركعتين وإن شاء أربعاً من غير أنْ يقصد بها القضاء(١) .

ثم إنّ العلاّمة اختار المشهور من استحباب صلاتها ركعتين كما يصلّي مع الشرائط ، واحتج بالأخبار المبحوث عنها ، ثم قال : احتج بما رواه أبو البختري ، وذكر الحديث.

والظاهر منه أنّ الاحتجاج للشيخ في التهذيب ، والذي وجدته فيه ما ذكره من كلامه ، ورواية أبي البختري ذكرها في جملة روايات(٢) .

وقد أجاب العلاّمة عن الرواية بالضعف ، وغير خفي عدم مطابقتها لقول الشيخ في التهذيب ، والظاهر عود الاحتجاج لابن الجنيد ؛ لأنّه ذكر مع الرواية ما يناسب المشهور عنه من العمل بالقياس ، وبالجملة فهو دليل في غاية الغرابة ، بل لا ينبغي أن يذكر في كتب الاستدلال ، ومن ثَمّ [ لم ننقله(٣) ] هذا ؛ وما ذكره الشيخ هنا من التخيير لم ينقله العلاّمة في المختلف ، وهو غريب ؛ فإنّه ينقل في الكتاب أقوال الشيخ في الاستبصار.

وعلى كل حال ينبغي أن يعلم أنّ الصدوق في آخر أبواب الصوم ذكر خبراً يقتضي فعل صلاة العيد بعده إذا ثبت الهلال يوم العيد بعد الزوال.

__________________

(١) المختلف ٢ : ٢٧٧.

(٢) التهذيب ٣ : ١٣٥.

(٣) في النسخ : لم ينقله ، والظاهر ما أثبتناه.

٢٧٣

وقد أوضحت الحال فيه في معاهد التنبيه ، فمن أراده وقف عليه.

قوله :

باب سقوط صلاة العيدين عن المسافر.

أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن سنان ، عن حمّاد ( بن عثمان وخلف بن حمّاد )(١) ، عن ربعي بن عبد الله والفضيل بن يسار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « ليس في السفر جمعة ولا فطر ولا أضحى ».

فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد ، عن سعد بن سعد الأشعري ، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام ، قال : سألته عن المسافر إلى مكة وغيرها ، هل عليه صلاة العيدين الفطر والأضحى؟ قال : « نعم(٢) ».

فالوجه في هذا الخبر ضرب من الاستحباب دون الفرض والإيجاب.

السند :

في الأوّل : قد تقدّم الكلام فيه عن قريب ، حيث نقلنا رواية غير هذه عن التهذيب بهذا الإسناد ؛ وبينا احتمال عطف خلف بن حماد على محمّد بن سنان فتكون صحيحة ، وعلى حمّاد فلا تكون صحيحة ، وذكرنا حكم العلاّمة بصحتها في المنتهى(٣) .

والثاني : لا ريب فيه.

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط عن « فض » و « م ».

(٢) في الاستبصار ١ : ٤٤٧ / ١٧٢٧ ، والتهذيب ٣ : ٢٨٨ / ٨٦٧ زيادة : إلاّ بمنى يوم النحر.

(٣) راجع ص ٢١١ ٢١٣.

٢٧٤

المتن :

في الأوّل : على تقدير العمل به أفاد مشاركة الجمعة للعيدين ؛ وإطلاق نفي الجمعة عن المسافر لا يخلو من تقييد عند جماعة من الأصحاب(١) ، بل قد نقل الإجماع على أنّ المسافر لو فعل الجمعة جاز وأجزأته عن الظهر(٢) ، لكن في الإجماع تأمّل ؛ لعدم معلومية الناقل ، ووجود أخبار معتبرة دالة على السقوط عنه(٣) .

والثاني : ظاهر الدلالة على جواز العيدين في السفر ، والشيخ كما ترى حملها على الاستحباب ، فإنْ كان مراده أنّ اجتماع الشرائط من حضور الإمامعليه‌السلام كما هو مذهب الشيخ(٤) وغيره(٥) وباقي الشروط غير الإقامة يقتضي استحباب العيدين ، فهو موقوف على دليل اشتراط الإقامة في وجوب العيدين ، والذي وقفت عليه ما نقل عن المنتهى من دعوى الإجماع ، حيث قال : إنّما يجب العيدان بشرائط الجمعة بلا خلاف بين أصحابنا إلاّ الخطبة ، لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله صلاّها مع الشرائط(٦) وقال : « صلّوا كما رأيتموني أُصلّي ». وقال : الذكورة والعقل والحرّية والحضر شروط فيها ولا نعرف فيه خلافاً(٧) . ولا يخفى عليك الحال.

__________________

(١) الخلاف ١ : ٦١٠ ، السرائر ١ : ٢٩٣ ، المعتبر ٢ : ٢٩٢.

(٢) الذكرى ٤ : ١١٧ ، انظر المدارك ٤ : ٥٣.

(٣) الوسائل ٧ : ٢٩٥ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ١.

(٤) التهذيب ٣ : ١٣٥.

(٥) المختلف ٢ : ٢٧٥.

(٦) في المصدر : شرائط الجمعة.

(٧) المنتهى ١ : ٣٤٢.

٢٧٥

وإنْ كان مراد الشيخ أنّ الصلاة في السفر مستحبة مع عدم حضور الإمامعليه‌السلام فكان ينبغي بيانه ، ولعلّ اعتماد الشيخ على المعلومية اقتضى الإطلاق ، وقد تقدم في خبر جميل الصحيح أنّ صلاة العيدين فريضة ، والتقييد موقوف على الثبوت ، فليتأمّل.

وينبغي أنْ يعلم أنّ الصدوق روى خبر سعد وزاد فيه : « إلاّ بمنى يوم النحر »(١) ولا أدري الوجه في ترك الشيخ ذلك(٢) .

قوله :

باب عدد التكبيرات في صلاة العيد.

الحسين بن سعيد ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي الصباح قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن التكبير في العيدين ، قال « اثنتا عشرة تكبيرة ، سبع في الأُولى وخمس في الأخيرة ».

عنه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن التكبير في العيدين ، قال : « سبع وخمس ».

فأمّا ما رواه محمّد بن علي بن محبوب ، عن محمّد بن الحسين(٣) ، عن يزيد بن إسحاق شعر ، عن هارون بن حمزة الغنوي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن التكبير (٤) في الفطر والأضحى ،

__________________

(١) الفقيه ١ : ٣٢٣ / ١٤٨١.

(٢) الزيادة موجودة في التهذيب والاستبصار كما قدّمناه في ص ٢٧٣.

(٣) في الاستبصار ١ : ٤٤٧ / ١٧٣٠ : الحسن.

(٤) في الاستبصار ١ : ٤٤٧ / ١٧٣٠ زيادة : في العيدين ، قال : « سبع وخمس ». عنه ، عن هارون بن حمزة الغنوي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : سألته عن التكبير.

٢٧٦

فقال : « خمس وأربع ، ولا(١) يضرك إذا انصرفت على وتر ».

وما رواه الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أُذينة ، عن زرارة : أنّ عبد الملك بن أعين سأل أبا جعفرعليه‌السلام عن الصلاة في العيدين ، فقال : « الصلاة فيهما سواء ، يكبّر الإمام تكبيرة الصلاة تاماً كما يصنع في الفريضة ، ثم يزيد في الركعة الأُولى ثلاث تكبيرات وفي الأخيرة(٢) ثلاثاً سوى تكبيرة الصلاة والركوع والسجود ؛ وإنْ شاء ثلاثاً وخمساً ، وإنْ شاء خمساً وسبعاً بعد أنْ يلحق ذلك إلى وتر ».

فالوجه في هاتين الروايتين التقية ؛ لأنّهما موافقتان لمذاهب كثير من العامة ولسنا نعمل به ، وإجماع الطائفة المحقة على ما قدّمناه

السند :

في الأوّل : فيه محمّد بن الفضيل وهو مشترك(٣) ، والصدوق في الفقيه رواه عن محمّد بن الفضيل(٤) ولم يذكر الطريق إليه ، لكن قد كرّرنا القول في رواياته(٥) .

والثاني : لا ريب فيه ؛ وجميل هو ابن دراج ؛ لرواية ابن أبي عمير عنه في الفهرست(٦) . وفي التهذيب عن ابن أبي عمير وفضالة عن جميل(٧) ، والأمر سهل.

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٤٤٧ / ١٧٣١ ، والتهذيب ٣ : ٢٨٦ / ٨٥٤ : فلا.

(٢) في الإستبصار ١ : ٤٤٧ / ١٧٣٢ ، والتهذيب ٣ : ١٣٤ / ٢٩٦ : الأُخرى.

(٣) هداية المحدثين : ٢٤٩.

(٤) الفقيه ١ : ٣٢٤ / ١٤٨٥.

(٥) راجع ص ٦٦٩.

(٦) الفهرست : ٤٤ / ١٤٣.

(٧) التهذيب ٣ : ١٢٧ / ٢٧٠.

٢٧٧

والثالث : محمّد بن الحسين فيه ابن أبي الخطاب ، ورجاله تقدم القول فيهم عن قريب وبعيد(١) ، ( والحاصل أنّ يزيد بن إسحاق لا أعلم توثيقه إلاّ من جدّيقدس‌سره في شرح البداية(٢) ، وكأنّه من تصحيح العلاّمة بعض الطريق إلى هارون بن حمزة(٣) )(٤) .

والرابع : لا ارتياب في رجاله إنْ كان زرارة سمع الإمامعليه‌السلام ، كما هو الظاهر من قوله : فقال ، إلى آخره. ويحتمل أنْ يكون الراوي عبد الملك لقول الإمامعليه‌السلام ؛ ولا يخفى بُعده عن الظاهر ، وعبد الملك فيه كلام يعرف ممّا قدّمناه.

المتن :

لا بُدّ قبل الكلام فيه من مقدمة ، وهي أنّ العلاّمة في المختلف قال : لا خلاف في عدد التكبير الزائد ، وأنّه تسع تكبيرات خمس في الأُولى وأربع في الثانية ؛ لكن الخلاف في وضعه ، فالشيخ على أنّه في الأُولى بعد القراءة يكبّر خمس تكبيرات ، ويقنت خمس مرّات عقيب كل تكبيرة قنتة ، ثم يكبّر تكبير الركوع ويركع ؛ وفي الثانية بعد القراءة يكبّر أربع تكبيرات ، يقنت عقيب كل تكبيرة ، ثم يكبّر الخامسة للركوع ؛ وذهب إليه ابن أبي عقيل وابن الجنيد وابن حمزة وابن إدريس. وقال المفيد : يكبّر في الأُولى سبع تكبيرات مع تكبيرة الافتتاح والركوع ، ويقنت خمس مرّات ؛ فإذا نهض إلى الثانية كبّر وقرأ ، ثم كبّر أربع تكبيرات يركع في الرابعة ،

__________________

(١) راجع ج ١ ص ١٨٢ ١٨٣ ، ج ٢ ص ٢٣٧.

(٢) الدراية : ١٣١.

(٣) خلاصة العلاّمة : ٢٧٩.

(٤) ما بين القوسين أثبتناه من « م ».

٢٧٨

ويقنت ثلاث مرّات ؛ وهو اختيار المرتضى وابن بابويه وأبي الصلاح وابن البرّاج وسلاّر(١) . هذا كلامه.

ونقل بعض محقّقي المتأخّرينرحمه‌الله عن المنتهى أنّ فيه نقلاً عن ابن بابويه وابن أبي عقيل : أنّ التكبيرات الزائدة سبع. وعن المفيد : أنّ في الثانية ثلاثاً(٢) .

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الخبرين الأوّلين ظاهران في أنّ التكبير سبع وخمس ، والأوّل صريح في أنّ السبع في الأُولى والخمس في الأخيرة ، غير أنّ موضع كل غير مفصَّل.

والثالث : كما ترى يدل صدره على الخمس والأربع ؛ وهذا لا ينافي مدلول الأوّلين بجواز إرادة التكبير الزائد ، وهو خمس في الأُولى وأربع في الثانية على ما يقتضيه بعض الأخبار ، لكن قوله : « ولا يضرك إذا انصرفت على وتر » فيه منافاة لما سبق ، من حيث تناوله للأقل من خمسة وأربعة والأكثر.

والرابع : ظاهر المنافاة للأوّلين ، ومفصِّل لإطلاق الثالث.

وما ذكره الشيخ من إجماع الطائفة على ما قدّمه لا يخلو من إجمال ؛ إذ يحتمل أنْ يراد به إجماع الطائفة على أنّ التكبيرات اثنا عشر ؛ والخلاف السابق عن المنتهى ينافيه ، ويوافقه كلام المختلف. ويحتمل أنْ يراد الإجماع على نفي ما تضمنه الخبران ؛ إذ الخلاف السابق لا يتناوله الخبران ؛ لكن العبارة يساعد على الاحتمال الأوّل ، فيحتاج تطبيق ما ذكره في المنتهى‌

__________________

(١) المختلف ٢ : ٢٦٨ ، وهو في النهاية : ١٣٥ ، والمبسوط ١ : ١٧٠ ، وفي الوسيلة : ١١١ ، وفي السرائر ١ : ٣١٦ ، ٣١٧ ، وفي المقنعة : ١٩٤ ، ١٩٥ ، وفي جمل العلم والعمل ( رسائل المرتضى ٣ ) : ٤٥ ، وفي الفقيه ١ : ٣٢٤ ، المقنع : ٤٦ ، وفي الكافي في الفقه : ١٥٣ ، ١٥٤ ، وفي المهذب ١ : ١٢٢ ، وفي المراسم : ٧٨.

(٢) الأردبيلي في مجمع الفائدة ٢ : ٤٠٢ ، وهو في المنتهي ١ : ٣٤٠.

٢٧٩

إلى مراجعة ما نقله عن المذكورين ، ولم يحضرني الآن كلامهم.

وفي التهذيب ذكر الخبر الثاني في مقام الاستدلال على أنّ التكبيرات الزائدة مستحبة ، لأنّه قال بعد عبارة لا أدري أنّها منه أو من المفيد : ومن أخل بالتكبيرات السبع لم يكن مأثوماً ، إلاّ أنّه يكون تاركاً سنّةً ومهمِلاً فضيلةً ، يدل على ذلك ما رواه الحسين بن سعيد إلى آخر الرواية ثم قال : ألا ترى أنّه جوّز الاقتصار على الثلاث تكبيرات وعلى الخمس تكبيرات ، وهذا يدل على أنّ الإخلال بها لا يضر بالصلاة(١) . وكلامه هنا غير خفي أنّه ينافي ما ذكره في التهذيب إلاّ بوجه متكلف.

ومن العجب أنّ العلاّمة في المختلف نقل عن الشيخ في التهذيب أنّه قال : من أخلّ بالتكبيرات السبع(٢) إلى آخر ما ذكره الشيخ ثم نقل احتجاجه بالرواية ، ثم أجاب بأنّ زيادة الثلاث لا تنافي زيادة الأكثر(٣) .

وغير خفي أنّه إنْ أراد بما ذكره أنّ ما دلّ على الزيادة لا ينافي الخبر المذكور ، ففيه : أنّ الخبر مصرِّح بالتخيير بين الثلاث وما زاد ، وما دلّ على السبع والخمس يدل على التعين(٤) فالمنافاة حاصلة.

وإنْ أراد أنّ الرواية لا تدلّ على أنّ التكبير الزائد مستحب مطلقاً ، بل على أنّ ما فوق الثلاث مستحب ، وكلام الشيخ يدلّ على أنّ مطلق التكبير الزائد مستحب ، والرواية لا تدلّ على مطلوبه. ففيه : أنّ العلاّمة اختار وجوب التسع ؛ لأنّ أوّل الكلام يقتضيه ، حيث قال بعد ما سمعته من عبارة التهذيب ، ثم نقل كلام غيره ـ : وأختاره(٥) . والجواب لا يطابق مدّعاه‌

__________________

(١) التهذيب ٣ : ١٣٤.

(٢) في « فض » و « رض » : التسع.

(٣) المختلف ٢ : ٢٦٩.

(٤) في « رض » : التعيين.

(٥) المختلف ٢ : ٢٦٩ ، وفيه. وهو الأقرب.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463