إستقصاء الإعتبار الجزء ٧

إستقصاء الإعتبار0%

إستقصاء الإعتبار مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف: مكتبة القرآن الكريم
ISBN: 964-319-179-6
الصفحات: 463

إستقصاء الإعتبار

مؤلف: الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف:

ISBN: 964-319-179-6
الصفحات: 463
المشاهدات: 49113
تحميل: 3206


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 463 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 49113 / تحميل: 3206
الحجم الحجم الحجم
إستقصاء الإعتبار

إستقصاء الإعتبار الجزء 7

مؤلف:
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
ISBN: 964-319-179-6
العربية

والثامن : فيه نوح بن شعيب ، وفيه كلام قدّمناه مفصّلاً(١) ، والحاصل أنّ حاله لا يزيد عن الإهمال.

والتاسع : كما ترى يروي فيه علي بن الحسين ، عن أحمد بن الحسن ، ولا ريب أنّه غير تامّ ؛ إذ علي بن الحسين لم يلق أحمد بن الحسن ، والنسخ التي وقفت عليها متفقة على ما نقلته ، والظاهر أنّه علي بن الحسن أخو أحمد كما في التهذيب في الزيادات(٢) . وفي الرجال : إنّ علياً يروي عن أخيه أحمد(٣) . وبالجملة : فوصفه بالموثق على تقدير علي بن الحسن موقوف على سلامة طريقه إليه في المشيخة ، وفيه ابن عبدون وابن الزبير.

والعاشر : ضمير « عنه » في الظاهر يرجع لعلي بن الحسين ، وقد يظن تمامية روايته عن محمّد بن الوليد على أنّه الخزّاز ؛ إذ الراوي عنه في الرجال سعد والصفّار(٤) ، وعلي بن الحسين ( يروي عن سعد ، إلاّ أنّ الممارسة تدفعه ؛ لأنّ رواية علي بن الحسين )(٥) عن سعد لا تقتضي روايته عن محمّد بن الوليد ، وحينئذٍ يترجح كون الصواب علي بن الحسن ، ( لأنّه في مرتبة سعد )(٦) . وفي التهذيب صرّح بأنّ الراوي عن محمّد بن الوليد علي بن الحسن(٧) .

__________________

(١) راجع ج ١ ص ٢٦٧ ، ج ٢ ص ١٥٠ ١٥١.

(٢) التهذيب ٣ : ٣٣٤ / ١٠٤٥.

(٣) رجال النجاشي : ٨٠ / ١٩٤ ، الفهرست : ٢٤ / ٦٢.

(٤) النجاشي : ٣٤٥ / ٩٣١ ، الفهرست : ١٤٨ / ٦٢٥.

(٥) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٦) ما بين القوسين ليس في « فض ».

(٧) التهذيب ٣ : ٣٣٤ / ١٠٤٦.

٤٤١

وممّا يؤيد كون محمّد بن الوليد هو الخزاز أنّ الشيخ في التهذيب كما سمعت روى الاولى عن سعد(١) ، وهو يروي عن محمّد بن الوليد الخزّاز ، وعلى ما هو الظن من أنّ علي بن الحسين هنا سهو ، وإنّما هو علي بن الحسن ، ( فاتحاد مرتبة علي بن الحسن )(٢) وسعد يقرّب كون محمّد بن الوليد الخزّاز ، مضافاً إلى اشتراك الخزّاز مع أحمد ومن معه في الفطحية على ما في الكشّي(٣) .

وفي الرجال : محمّد بن الوليد الصيرفي شباب ضعيف ذكره العلاّمة(٤) (٥) غير مصرّح بمرتبته ، إلاّ أنّ في الكافي في باب ما عند الأئمّةعليهم‌السلام من سلاح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : عن علي بن محمّد ، عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن الوليد شباب الصيرفي ، عن أبان بن عثمان(٦) . وهذا يقتضي بعد مرتبته في الجملة ، إلاّ أنّ احتماله في حيّز الإمكان ، وقد يبعد احتماله ؛ لعدم شهرته في الروايات ، وفيه ما فيه.

أمّا غير الرجلين فمن أصحاب الصادقعليه‌السلام في كتاب الشيخ(٧) . وبالجملة : فالمقصود بيان حقيقة الحال وإنْ كانت الثمرة منتفية.

المتن :

في الأخبار الثلاثة الأُول : ظاهر الدلالة على الصلاة بعد الدفن ، إلاّ‌

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٢٠٠ / ٤٦٦.

(٢) ما بين القوسين ليس في « فض ».

(٣) رجال الكشي ٢ : ٨٣٥ / ١٠٦٢.

(٤) خلاصة العلاّمة : ٢٥٧ / ٦٢ ؛ وفيه : سيار ، بدل : شباب.

(٥) في « فض » زيادة : وهو.

(٦) الكافي ١ : ٢٣٦ / ٩.

(٧) رجال الطوسي : ٢٤٧ / ٣٨٨ ، ٣٣٥ / ٤٤ ، ٣٢٠ / ٦٥٠ ، ٢٥٠ / ٤٣٦.

٤٤٢

أنّ الأوّل يدلّ على جواز الصلاة لمن صلّى على الميت قبل الدفن وبعده ، ومن لم يصلّ أصلاً ، سواء صلّى غيره عليه أم لا ، من حيث الإطلاق.

والثاني : خاص بمن فاتته الصلاة ، ومتناول لمن صلّي عليه ومن لم يصلِّ عليه ، وتقييد الأوّل به ممكن.

والثالث : كالثاني ، إلاّ أنّ الفرق بينهما حاصل ، من حيث إنّ الثاني بمقتضى مفهوم الشرط يفيد وجود البأس إذا لم تفت الصلاة ، ومع المنافاة يحتاج إلى تقييد المطلق كما قرّر في الأُصول ؛ وأمّا الثالث : فلا يفيد منافاةً ، بل ذكر أحد أفراد المطلق ، ومثل هذا كثيراً ما يغفل عنه ، وقد نبّهنا عليه في الكتاب غير مرّة ، كما بيّنّا أنّ منافاة المقيّد إنّما تتمّ بتقدير حجيّة مفهوم الوصف ، فليتأمّل.

وأمّا الرابع : فالذي يظهر أنّه لا ينافي ما تقدم إلاّ من جهة إطلاق الصلاة فيه ، وتبادر غير صلاة الجنازة من الصلاة كأنّه معلوم ، بل تبادر اليومية ربما يدّعى ، فالعجب من الشيخ حيث ذكر الخبر وتكلّف توجيهه بغير ما ذكرناه.

والخامس : فيما يظن أنّه غير منافٍ إلاّ من جهة إطلاق أوّل الأخبار الشامل لمن صلّي عليه ، وهذا يدلّ على أنّ من صلّي عليه لا يصلّى عليه بعد الدفن ، غاية الأمر احتمال ظهور كونه مقلوباً ربما يوجب بطلان الصلاة ، وربما لا يوجب البطلان والإعادة قبل الدفن على الاستحباب ، وتصريح بعض الأصحاب بوجوب جعل رأس الميت إلى يمين المصلّي(١) إنْ كان للإجماع أمكن القول به إنْ ثبت ، وإنْ كان للرواية المذكورة مع‌

__________________

(١) كالعلاّمة في المنتهى ١ : ٤٥٧ وإرشاد الأذهان ١ : ٢٦٢ ، والأردبيلي في مجمع الفائدة ٢ : ٤٣٩.

٤٤٣

التأسّي أمكن المناقشة في الرواية والتأسّي. وعلى تقدير تمامية الدلالة يجوز الاكتفاء بالصلاة إذا دفن وإنْ كان مقلوباً ، أو يخصّ جواز الصلاة على القبر بغير هذا النوع.

والسادس : له ظهور في المنافاة.

وما ذكره الشيخ في الوجه الأوّل لم يذكر دليله ، ومجرّد الجمع لا يقتضي ما ذكره ، وقد أشار إلى هذا العلاّمة في المختلف قائلاً : إنّه لم يقف على مستند(١) . ثم إنّ الوجه المذكور لا يخفى عدم تماميته في خبر عمّار بعد ما قدّمناه.

وأمّا الوجه الثاني ، ففيه : أنّ بعض الأخبار تضمّن الفوات ، والدعاء لا يختصّ بذلك ، كما أنّ نفي الجواز كذلك ، والخبر المستدلّ به لا يدفع ما قلناه ، ولا يعيّن مراد الشيخ ، وخبر محمّد بن مسلم يزيد الإشكال الذي أشرنا إليه من الفوات ، ويمكن حمله على وجهٍ يوافق غيره بالتخيير.

وأمّا الوجه الثالث : فله وجه. والخبر المستدلّ به أوّلاً لا يأتي على جميع الأخبار ، وحمله على رجحان الترك ممكن ، والخبر الثاني كذلك ، فليتأمّل.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ المنقول في المسألة من الأقوال غير ما ذكره الشيخ عن سلاّر الصلاة إلى ثلاثة أيّام ، وعن ابن الجنيد ما لم تتغير الصورة ، وعن ابن بابويه عدم التقدير بوقت(٢) .

وفي المختلف استقرب العلاّمة الصلاة على القبر إنْ لم يصلّ على الميت أصلاً ودفن بغير صلاة ، وإلاّ فلا ، واستدلّ على الحكم الأوّل بخبر‌

__________________

(١) المختلف ٢ : ٣١٤.

(٢) حكاه عن الثلاثة في المختلف ٢ : ٣١٣ ، وهو في المراسم : ٨٠.

٤٤٤

السكوني المتضمن لقول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا تَدَعُوا أحداً من أمّتي بلا صلاة »(١) ووجّه الاستدلال بأنّه عام للمدفون وغيره. واستدلّ على عدم كون الدفن مانعاً بخبر هشام بن سالم الأوّل والخبر الثاني ، وعلى الحكم الثاني بالخبر المرسل وهو السادس ، ( وبخبر محمّد بن مسلم أو زرارة(٢) واصفاً له بالحسن(٣) . ولا يخفى عليك الحال في هذا الاستدلال )(٤) .

وينقل عن المحقّق في المعتبر الجزم بعدم وجوب الصلاة بعد الدفن مطلقاً ، وأنّه قال : ولا أمنع الجواز(٥) ، واستدلّ على عدم الوجوب بأنّ المدفون خرج بدفنه عن أهل الدنيا فساوى من فني في قبره. وعلى الجواز بالأخبار الواردة بالإذن في الصلاة على القبر ، كصحيحة هشام.

وأنت خبير بما يتوجه على استدلاله الأوّل ، وأمّا الثاني فوجاهته ظاهرة.

والعجب من شيخناقدس‌سره أنّه اختار عدم وجوب الصلاة بعد الدفن مطلقاً ، ثم قال : لكن لا يبعد اختصاص الجواز بيوم الدفن(٦) . ووجه التعجّب أنّ الخبر الصحيح عنده لا معارض له يصلح لذلك ، فالمنع مطلقاً والاختصاص بيوم الدفن غير واضح الدليل ، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

__________________

(١) تقدّم في ص ٣٦٧.

(٢) أي الخبر الثامن من المبحوث عنها.

(٣) المختلف ٢ : ٣١٤.

(٤) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٥) حكاه عنه في المدارك ٤ : ١٨٨ ، وهو في المعتبر ٢ : ٣٥٨.

(٦) المدارك ٤ : ١٨٨.

٤٤٥

قوله :

باب الصلاة على الجنازة مرّتين‌

علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « كبّر أمير المؤمنينعليه‌السلام على سهل ابن حنيف وكان بدرياً خمس تكبيرات ، ثم مشى ساعةً ، ثم وضعه وكبّر عليه خمسةً أُخرى ، فصنع مثل ذلك حتى كبّر عليه خمساً وعشرين تكبيرة ».

علي بن الحسين ، عن أحمد بن إدريس ، عن محمّد بن سالم ، عن أحمد بن النضر ، عن عمرو بن شمر ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام (١) ، قال : قلت : أرأيت إنْ فاتتني تكبيرة أو أكثر؟ قال : « تقضي ما فاتك » قلت : استقبل القبلة؟ قال : « بلى وأنت تتبع الجنازة ، فإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خرج على جنازة امرأةٍ من بني النجّار فصلّى عليها فوجد الحَفَرة لم يمكنوا فوضعوا الجنازة فلم يجي‌ء قوم إلاّ قال لهمعليه‌السلام : صلّوا عليها ».

فأمّا ما رواه علي بن الحسين(٢) ، عن سعد ( بن عبد الله ) (٣) ، عن الحسن بن موسى الخشّاب ، عن غياث بن كلوب بن فَيْهَس البجلي ، عن إسحاق بن عمّار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صلّى على جنازة ، فلمّا فرغ جاء قوم فقالوا : فاتتنا الصلاة عليها ،

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٤٨٤ / ١٨٧٧ : عن أبي جعفرعليه‌السلام .

(٢) في « م » : الحسن.

(٣) ما بين القوسين ليس في الاستبصار ١ : ٤٨٤ / ١٨٧٨.

٤٤٦

( فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الجنازة لا يصلّى عليها مرّتين ، ادعوا له وقولوا خيراً ».

فالوجه في هذه الرواية ضرب من الكراهية ، ويجوز أنْ يكون قولهعليه‌السلام : « إنّ الجنازة لا يصلّى عليها )(١) مرّتين » وجوباً وإنْ جاز أن يصلّى عليها مرّتين ندباً واستحباباً ، وإنّما الواجب دفعة واحدة وما زاد فإنّه مستحب مندوب إليه.

فأمّا ما رواه محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن وهب بن وهب ، عن جعفر ، عن أبيهعليهما‌السلام : « إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله صلّى على جنازة ، ( فلمّا فرغ جاء ناس فقالوا : يا رسول الله لم ندرك الصلاة عليها ، فقال : لا يصلّى على جنازةٍ )(٢) مرّتين ، ولكن ادعوا له ».

فالوجه في هذه الرواية أيضاً ما قدّمناه في الخبر الأوّل سواء.

السند :‌

في الأوّل : حسن.

والثاني : تقدّم القول في رجاله عن قريب في باب عدد التكبيرات وغيره ممّا بعد.

والثالث : مضى القول فيه أيضاً(٣) ، والحاصل أنّ غياث بن كلوب مهمل ، لكن في النجاشي(٤) والفهرست(٥) أنّ الحسن بن موسى الخشّاب‌

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٢) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٣) راجع ج ١ ص ١٨٢ ، ٢٧٩ ، ج ٢ ص ٢٣٧ ، ج ٣ ص ٧٦ ، ٣٥٢.

(٤) رجال النجاشي : ٣٠٥ / ٨٣٤.

(٥) الفهرست : ١٢٣ / ٥٥٠.

٤٤٧

يروي عنه ، وفي رجال من لم يرو عن الأئمّةعليهم‌السلام أنّ الصفّار يروي عنه(١) . ولا يخفى عدم بعد مرتبة الحسن عن الصفّار ؛ لأنّ الصفّار مذكور في رجال العسكريعليه‌السلام من كتاب الشيخ(٢) كالحسن(٣) ، غاية الأمر أنّ الصفّار يروي عن الحسن في الرجال(٤) ، ولا بعد في روايته عنه ( وعمّن يروي الحسن عنه ، )(٥) واحتمال المغايرة ينفيه أنّ في رجال من لم يرو : غياث بن كلوب بن فيهس البجلي ، وفي الرواية المبحوث عنها بعينه ، واحتمال المشاركة في الوصف مع المغايرة في غاية البعد ، فليتأمّل.

أمّا الرابع : ففيه وهب بن وهب ، وهو أبو البختري ، وقد مضى أنّه كان قاضياً عاميّاً(٦) .

المتن :

في الأوّل : واضح الدلالة ، إلاّ أنّ في التهذيب روى عن عقبة ، عن جعفر ، قال : سُئل جعفرعليه‌السلام عن التكبير على الجنائز ، وساق الحديث على ما مضى ذكره في باب عدد التكبيرات ، إلى أنْ قال : « أما بلغكم أنّ رجلاً صلّى عليه عليعليه‌السلام » إلى أنْ قال : ثم قال : « إنّه عقبي بدري أُحدي ، وكان من النقباء الذين اختارهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من الاثني عشر ، وكانت له خمس مناقب فصلّى عليه لكلّ منقبةٍ صلاة »(٧) .

__________________

(١) رجال الطوسي : ٤٨٩ / ٣.

(٢) رجال الطوسي : ٤٣٦ / ١٦.

(٣) رجال الطوسي : ٤٣٠ / ٥.

(٤) الفهرست : ٤٩ / ١٦٠.

(٥) ما بين القوسين ليس في « م ».

(٦) راجع ج ١ ص ٣٢٣ ، ج ٣ ص ١٨٦.

(٧) التهذيب ٣ : ٣١٨ / ٩٨٥ ، الوسائل ٣ : ٨٦ أبواب صلاة الجنازة ب ٦ ح ١٨.

٤٤٨

وهذا الحديث كما ترى ينبئ عن كون الخبر المبحوث عنه فيه نوع اختصاص ، والأمر سهل ؛ غير أنّ في البين احتمال اختصاص سهل بما ذكر من المناقب ، فلا يدلّ على جواز تكرار الصلاة مطلقاً ، وقد ذكر هذا العلاّمة في المختلف قائلاً : إنّ حديث سهل مختصّ بذلك الشخص إظهاراً لفضله ، كما خصّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عمّه بسبعين تكبيرة(١) ، انتهى.

وقد يقال : إنّ التعليل بإظهار الفضيلة على الإطلاق محلّ كلام ؛ لما نقلناه من خبر التهذيب ، ولعلّ الخبر المتضمن للصلاة على حمزة(٢) يدلّ على مطلق الفضيلة.

وفي المختلف نقل في المسألة أنّ المشهور كراهة تكرار الصلاة على الميت ، وقال ابن أبي عقيل : لا بأس بالصلاة على من صلّي عليه مرّة ، فقد صلّى أمير المؤمنينعليه‌السلام على سهل بن حنيف خمس مرّات. وقال ابن إدريس : ( تكره جماعةً ، وتجوز فرادى. وقال الشيخ في الخلاف : من صلّى خلف جنازة )(٣) يكره له أنْ يصلّي عليها ثانياً. وهو يشعر باختصاص الكراهة بالمصلّي المتّحد(٤) ، انتهى.

ولا يخفى أنّ الخبر المبحوث عنه خاص بالجماعة ، لكن الشيخ في التهذيب روى عن أبي بصير أنّ علياًعليه‌السلام كبّر على سهل بن حنيف خمساً وعشرين ( تكبيرة ، قال : « كبّر خمساً خمساً ، كلّما أدركه الناس قالوا : يا أمير المؤمنين لم ندرك الصلاة على سهل ، فيضعه » الحديث(٥) . وهو‌

__________________

(١) المختلف ٢ : ٣١٠.

(٢) الكافي ٣ : ٢١١ / ٢ ، التهذيب ١ : ٣٣١ / ٩٧٠ ، الوسائل ٢ : ٥٠٩ أبواب غسل الميت ب ١٤ ح ٨.

(٣) ما بين القوسين ليس في « م ».

(٤) المختلف ٢ : ٣٠٩ ، وهو في السرائر ١ : ٣٦٠ ، وفي الخلاف ١ : ٧٢٦.

(٥) التهذيب ٣ : ١٩٧ / ٤٥٥ ، الوسائل ٣ : ٨١ أبواب صلاة الجنازة ب ٦ ح ٥.

٤٤٩

يدلّ على نوع اختصاص أيضاً مع الجماعة.

وأمّا الثاني : فذكره في مقام تكرار الصلاة لدلالة عجزه على ذلك ، وفيه دلالة على رجحان الصلاة ثانياً وما زاد جماعةً وفرادى.

وما تضمّنه من قوله : « بلى وأنت تتبع الجنازة » يدلّ على الاستقبال مع المشي في الصلاة لأجل إتمامها ، وقد قدّمنا القول في هذا(١) ، والعجب من عدم ذكر الشيخ هذا الخبر هناك.

والثالث : كما ترى في ظاهره المنافاة ، وحمل الشيخ الأوّل له وجه ، إلاّ أنّ فعل أمير المؤمنينعليه‌السلام المكروه مستبعد.

ويمكن أنْ يوجّه نفي الكراهة في فعلهعليه‌السلام نظراً إلى حصول المناقب لسهل ، وفعل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مع حمزة لنحو ذلك ، وحينئذٍ فإطلاق الكراهة من الشيخ محلّ تأمّل مع عمله بالأخبار ، أمّا الحمل على بيان الجواز فقد قدّمنا القول فيه غير مرّة.

وأمّا الوجه الثاني من الحمل فمن البعد بمكان ؛ لأنّ الأمر بالدعاء ظاهر في نفي أصل الصلاة ، ولو كان المنفي الوجوب لأتىعليه‌السلام بما يدلّ على التخيير.

والرابع : كالثالث.

ولا يخفى أنّ ظاهر النفي في الخبرين يتناول ما بعد الدفن ، فيؤيّدان بعض الأخبار السابقة ، إلاّ أنْ يحمل النفي على حال عدم الدفن ، لأنّه مورد الروايتين ؛ وفيه تأمّل ، إلاّ أنّ الأمر سهل.

__________________

(١) في ص ٤٣٢.

٤٥٠

قوله :

باب الصلاة على جنازةٍ معها امرأة‌

علي بن الحسن(١) ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران وسندي بن محمّد ومحمّد بن الوليد جميعاً ، عن عاصم بن حميد ، عن يزيد بن خليفة قال : كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام فسأله رجل من القميين(٢) فقال : يا أبا عبد الله أتصلّي النساء على الجنائز؟ قال : فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان فيما هدر دم المغيرة بن أبي العاص » وحدّث حديثاً طويلاً ، وأنّ زينب بنت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله توفيت ، وأنّ فاطمة ( سلام الله عليها ) خرجت في نساءها فصلّت على أختها.

عنه ، عن العبّاس بن عامر ، عن أبي المعزى ، عن سماعة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنّه قال : « ليس ينبغي للمرأة الشابّة تخرج إلى جنازةٍ تصلّي عليها ، إلاّ أنْ تكون امرأة قد دخلت في السن ».

فأمّا ما رواه علي بن الحسن بن فضّال ، عن محمّد بن علي ، عن محمّد بن يحيى ، عن غياث بن إبراهيم ، عن أبي عبد الله ، عن أبيهعليهما‌السلام قال(٣) : « لا صلاة على جنازةٍ معها امرأة ».

فالوجه في هذه الرواية ضرب من الكراهية دون الحظر.

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٤٨٥ / ١٨٨٠ : الحسين.

(٢) وهو عيسى بن عبد الله ، على ما في الكافي ٣ : ٢٥١ / ٨.

(٣) في الاستبصار ١ : ٤٨٦ / ١٨٨١ زيادة : قال.

٤٥١

السند :‌

في الأوّل : علي بن الحسن فيه ابن فضّال على الظاهر(١) ، لتصريحه به في التهذيب في سندٍ غير هذا(٢) ، إلاّ أنّ روايته عن عبد الرحمن بن أبي نجران مستبعدة ؛ لأنّ ابن أبي نجران من أصحاب الرضاعليه‌السلام والجوادعليه‌السلام ، وعلي بن الحسن من أصحاب الهادي والعسكريعليهما‌السلام ، إلاّ أنّ التوجيه ممكن.

وأمّا سندي بن محمّد فهو ثقة ، والراوي عنه الصفّار وأحمد بن أبي عبد الله في الرجال(٣) ، فالمرتبة واضحة. وفي الرجال : إنّ الراوي عن ابن أبي نجران محمّد بن خالد(٤) ، وهو يؤيد البعد السابق. ومحمّد بن الوليد قد مضى أنّه الخزّاز على الظاهر مع احتمال غيره(٥) . وأمّا عاصم بن حميد فهو ثقة ، كما أنّ يزيد بن خليفة واقفي.

والثاني : فيه قرينة على أنّ علي بن الحسن هو ابن فضّال ؛ لأنّ الراوي عن العبّاس في النجاشي سعد(٦) ، وهو في مرتبة علي بن الحسن. وما في رجال من لم يرو عن الأئمّةعليهم‌السلام والفهرست من أنّ الراوي عنه أيّوب بن نوح(٧) فقد يظن بعده ، لكن التوجيه في حيّز الإمكان.

والثالث : محمّد بن علي فيه مشترك(٨) ، واحتمال ابن محبوب قد‌

__________________

(١) في « رض » زيادة : للشيخ.

(٢) كما في التهذيب ٣ : ٣٢٦ / ١٠١٩ ، و ٤ : ٢٩٣ / ٨٩١.

(٣) الفهرست : ٨١ / ٣٣١.

(٤) رجال النجاشي : ٢٣٥ / ٦٢٢ ؛ إلاّ أنّه فيه : عبد الله بن محمّد بن خالد.

(٥) في ص ٤٤٠.

(٦) رجال النجاشي : ٢٨١ / ٧٤٤.

(٧) رجال الطوسي : ٤٨٧ / ٦٥ ، الفهرست : ١١٨ / ٥١٧.

(٨) هداية المحدثين : ٢٤٤.

٤٥٢

يقرّبه الإطلاق ، وفيه ما فيه. وأمّا محمّد بن يحيى وغياث فقد تكرّر القول فيهما(١) .

المتن :

في الأوّل : لا يخلو من إجمال ، ولفظ « فيما » الظاهر أنّه زائد ؛ إذ(٢) ليس في التهذيب(٣) ، وعلى كلّ حال المقصود من الخبر غير خفي.

والثاني : ربما دلّ على كراهية خروج الشابّة من قوله : « ليس ينبغي ».

والثالث : حمل الشيخ له متوجه.

قوله :

باب من أحقّ بالصلاة على المرأة‌

الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمّد الجوهري ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : قلت له : المرأة تموت ، مَن أحقّ الناس بالصلاة عليها؟ قالعليه‌السلام : « زوجها » قلت : الزوج أحقّ بها من الأب والولد والأخ؟ قال : « نعم ويغسّلها ».

فأمّا ما رواه علي بن الحسين بن بابويه ، عن محمّد بن أحمد(٤) ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال :

__________________

(١) راجع ج ١ : ٣٧٥ وج ٣ : ٢٩٥ ، ٤٣٨ وج ٥ : ٢٧٨ وج ٦ : ٣٠٩.

(٢) ليست في « رض ».

(٣) التهذيب ٣ : ٣٣٣ / ١٠٤٣.

(٤) في الاستبصار ١ : ٤٨٦ / ١٨٨٤ : عن محسن بن أحمد.

٤٥٣

سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الصلاة على المرأة ، الزوج أحقّ بها أو الأخ؟ قال : « الأخ ».

أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير(١) ، عن حفص بن البختري ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، في المرأة تموت ومعها أخوها وزوجها أيّهما يصلّي عليها؟ فقال : « أخوها أحقّ بالصلاة عليها ».

فالوجه في هذين الخبرين ضرب من التقية ؛ لأنّهما موافقان لمذاهب العامّة.

تمّ الجزء الأوّل من الاستبصار فيما اختلف فيه من الأخبار ، ويتلوه كتاب الزكاة إن شاء الله تعالى في الجزء الثاني ، والحمد لله وحده ، وصلّى الله على من لا نبي بعده وآله الطيبين الطاهرين الأئمّة المعصومين ، والحمد لله ربّ العالمين(٢) .

السند :‌

في الأوّل : تكرّر القول فيه(٣) .

والثاني : فيه محمّد بن أحمد في النسخة التي نقلت منها ، وفي اخرى محسن بن أحمد ، والظاهر أنّه الصواب ؛ لأنّ في التهذيب محسن بن‌

__________________

(١) في « رض » : عن أبي عمر.

(٢) في الاستبصار ١ : ٤٨٧ : تمّ الجزء الأوّل. ويتلوه في الجزء الثاني كتاب الزكاة بحمد الله ومنّه وحسنِ توفيقه والصلاة على سيّد المرسلين محمّد وعترته الطيبين الطاهرين.

(٣) راجع ج ١ ص ٧٢ ، ١٧٣ ، ٢٥٠ ، ٢٧٠ ، ج ٢ ص ٩٠ ، ١١٦ ١١٧ ، ١٩٩ ، ٢١٠ ، ج ٣ ص ١٠٧ ، ٢٥٦ ، ج ٤ ص ١٦ ، ٣٩٢ ، ج ٦ ص ٤٦ ، ١٧٩.

٤٥٤

أحمد(١) ، لكن ابتداء سند ، والطريق إليه في المشيخة غير مذكور ، وهو مذكور مهملاً في الرجال ، والراوي عنه أحمد بن محمّد بن خالد(٢) ، وهنا كما ترى على تقدير كونه محسن بن أحمد الراوي عنه علي بن الحسين بن بابويه ، والمرتبة لا توافقه.

وأمّا على تقدير محمّد بن أحمد فيحتمل أنْ يكون محمّد بن أحمد ابن الصلت ؛ لرواية علي بن الحسين عنه في باب ترتيب الجنائز(٣) ، لكن بيّنّا فيما سبق احتمال الوهم فيه وإنما هو أحمد بن محمّد بن الصلت(٤) ، وعلى تقدير أنْ يكون صحيحاً فروايته عن أبان بن عثمان في حيّز الإمكان. وفي الرجال رواية محسن بن أحمد عن أبان بن عثمان موجودة(٥) .

وعلى تقدير كونه أحمد بن محمّد بن الصلت ، يبعد روايته عن أبان ابن عثمان ، بل الظاهر انتفاء احتمال الرواية ؛ لأنّ أحمد يروي عن ابن عقدة المتأخر ، وحينئذٍ لا بُدَّ من إبقائه على ما هو عليه من دون إبداء ذاك الاحتمال.

والفرق بين المقامين أنّ السابق روى فيه عن عبد الله بن الصلت ، وهو من أصحاب الجوادعليه‌السلام مع الرضاعليه‌السلام ، بخلاف أبان ، فإنّه من أصحاب الصادق والكاظمعليهما‌السلام .

وبالجملة : فالحيرة في هذا الإسناد واقعة ، لا سيّما بعد ما سمعت من التهذيب.

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٢٠٥ / ٤٨٥.

(٢) رجال النجاشي : ٤٢٣ / ١١٣٣.

(٣) راجع ص ٣٨٣.

(٤) في ص : ٢٣٥٤.

(٥) الفهرست : ١٩ / ٥٢.

٤٥٥

والثالث : معلوم الحال بما تكرّر من المقال(١) ، والطريق في المشيخة : عن محمّد بن يعقوب ، عن العدّة(٢) ، وقد قدّمنا القول فيها(٣) .

المتن :

في الأوّل : ظاهر ، وحمل الشيخ الخبرين الأخيرين متوجه على تقدير العمل بالأخبار ، أمّا من يتوقف عمله على الصحّة أو(٤) الحسن فالأمر بالنسبة إليه غير خفي ، والمشهور بين الأصحاب )(٥) على ما قيل مضمون الخبر الأوّل(٦) ، وحكى شيخنا عن المعتبر أنّ فيه الحكم بسلامة سند الأوّل ، وتعجّب منه(٧) ، وهو في محلّه ، وتأويل السلامة بموافقة الشهرة خروج عن الظاهر.

ثم إنّ الأحقّ في الخبر لا يخلو معناه من إجمال ، وينقل عن المنتهى أنّ فيه : وأحقّ الناس بالصلاة عليه أولاهم بالميراث ، قاله علماؤنا ؛ لأنّه أولى بماله ، فكذا بالصلاة عليه ، [ و ] لقوله تعالى( وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ ) (٨) ولمرسلة ابن أبي عمير في الحسن ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « يصلّي على الجنازة أولى الناس بها ، أو يأمر من‌

__________________

(١) راجع ص ٣٢٦ ٣٢٧.

(٢) مشيخة الإستبصار ( الإستبصار ٤ ) : ٣١٤.

(٣) في ص ٦٧.

(٤) في « رض » : و.

(٥) من بداية ص ٤٤٨ ، إلى هنا ساقطة عن « م ».

(٦) كما في مجمع الفائدة ٢ : ٤٥٨ ، والمدارك ٤ : ١٥٨ ، وفيه : المعروف من مذهب الأصحاب.

(٧) المدارك ٤ : ١٥٩ ، وهو في المعتبر ٢ : ٣٤٦.

(٨) الأنفال : ٧٥.

٤٥٦

يحبّ »(١) (٢) .

واعترض عليه بعض محققي المتأخرينرحمه‌الله بأنّ الأوّل قياس ، ودلالة الثاني غير واضحة ، والثالث مرسل ، وفيه إجمال من جهة عدم ظهور معنى الأولى بالجنازة(٣) ، انتهى.

والظاهر أنّ مراده بعدم ظهور معنى الأولى أنّه يحتمل إرادة الاستحباب ، إمّا على أنّه يستحب استئذانه ، أو يستحب له الفعل على معنى أنّ لفعله كمالاً في الثواب على غيره إذا فعل. ويحتمل إرادة الوجوب ، وستسمع الإشكال فيه إن شاء الله تعالى.

وأمّا عدم دلالة الآية فلأنّ المذكور في الكشّاف : أنّ الأولوية في الميراث في قوله تعالى( فِي كِتابِ اللهِ ) (٤) في حكمه وقسمته ، وقيل : في اللوح ، وقيل : في القرآن ، وهي آية المواريث(٥) ، انتهى.

وقد يقال : إنّ إرادة المواريث غير مجزوم بها ، بل هي احتمال ، لكن لا عموم في الآية ؛ إذ كون البعض أولى غير معلوم في أيّ شي‌ء ، وقوله سبحانه( فِي كِتابِ اللهِ ) محتمل لما ذكر غيره ، وعلى تقدير ما ذكره لا يتحقق العموم ، إلاّ أنْ يقال : إنّ الظاهر من الآية كون بعض اولي الأرحام أولى ببعضٍ على الإطلاق ، وهو معنى العموم. وفيه : أنّ احتمال قوله‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٧٧ / ١ ، التهذيب ٣ : ٢٠٤ / ٤٨٣ ، الوسائل ٣ : ١١٤ أبواب صلاة الجنازة ب ٢٣ ح ١.

(٢) حكاه عنه في مجمع الفائدة ٢ : ٤٥٥ ، وهو في المنتهى ١ : ٤٥٠ ، وما بين المعقوفين أضفناه من المصدر لاستقامة المتن.

(٣) الأردبيلي في مجمع الفائدة ٢ : ٤٥٦.

(٤) الأنفال : ٧٥.

(٥) الكشاف ٢ : ٢٤٠.

٤٥٧

تعالى( فِي كِتابِ اللهِ ) للقرآن يدلّ على أنّه مفصّل في كتاب الله ، فيحتاج إلى العلم به.

فإنْ قلت : الظاهر من الآية إرادة المواريث ؛ لقوله تعالى قبل الآية المذكورة( وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ ) الآية(١) . وقد ذكر في الكشّاف : أنّ الآية الأخيرة ناسخة للتوارث بالهجرة والنصرة(٢) .

قلت : تعيّن كون الآية الأُولى للتوارث بالهجرة والنصرة محلّ تأمّل ؛ لتوقفه على الثبوت ، وباب الاحتمال واسع ، هذا.

والرواية المرسلة رواها الشيخ في التهذيب عن محمّد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه(٣) .

وقد روى الشيخ في التهذيب ما يقتضي أنّ المصلّي بدون إذن الولي غاصب(٤) ، لكن السند غير سليم.

وللأصحاب في المقام تفريعات يتوقف الكلام فيها على ثبوت الأصل.

وفي الفقيه نقل رواية أبي بصير(٥) ، واعتبارها حينئذٍ واضح مع الشهرة.

وينبغي أنْ يعلم أنّ جدّيقدس‌سره في شرح الإرشاد قال : إنّ ظاهر الأصحاب أنّ إذن الولي إنما يتوقف عليها الجماعة لا أصل الصلاة ؛ لوجوبها‌

__________________

(١) الأنفال : ٧٥.

(٢) الكشاف ٢ : ٢٤٠.

(٣) التهذيب ٣ : ٢٠٤ / ٤٨٣.

(٤) التهذيب ٣ : ٢٠٦ / ٤٩٠.

(٥) الفقيه ١ : ١٠٢ / ٤٧٤.

٤٥٨

على الكفاية ، فلا يناط برأي أحد من المكلّفين ، فلو صلّوا فرادى من دون إذن أجزأ(١) .

واعترض عليه شيخناقدس‌سره بأنّه لا منافاة بين كون الوجوب كفائياً وبين إناطته برأي بعض المكلّفين ، على معنى أنّه إنْ قام به سقط الفرض عن غيره ، وكذا إنْ أذن لغيره وقام به الغير ، وإلاّ سقط اعتباره(٢) ، انتهى.

وفي نظري القاصر : أنّ الاعتراض محلّ بحث ؛ لأنّ الوجوب الكفائي إنْ كان مشروطاً بالإذن فلا يتحقق بدونه ، والمفروض وصف الصلاة بالوجوب الكفائي على كلّ أحد ، وحينئذٍ فالتقسيم بأنّ الولي إنْ فعل أو أذن ، ينافي الوجوب على كلّ أحدٍ كفايةً. وغير بعيد أنْ يقال : إنّ المتوقف على الإذن الفعل لا الوجوب على حدّ الواجب العيني المتوقف فعله على شرط ، وقد أوضحت الحال في موضعٍ آخر.

والعجب منهقدس‌سره أنّه صرّح في المسالك(٣) وغيرها بأنّ الواجب الكفائي لا ينافيه التوقف على الإذن ، وفي شرح الإرشاد ذكر ما سمعت ، وإنْ كان إطلاق قولهقدس‌سره بعدم المنافاة على وجه الإجمال لا يخلو من شي‌ء أيضاً لولا احتمال ما قدّمناه.

وبالجملة : إنْ ثبت الإجماع على توقف الجماعة فلا كلام ، وإلاّ أمكن القول بالتوقف على الإذن في الصلاة جماعةً وفرادى إنْ تمّ الدليل ، وقد سمعت الكلام فيه.

أمّا ما يقال : من أنّ الأوامر العامّة بالصلاة على الأموات يحتاج‌

__________________

(١) روض الجنان : ٣١١.

(٢) المدارك ٤ : ١٥٦.

(٣) المسالك ١ : ١٢.

٤٥٩

تخصيصها بالإذن إلى دليل ، والأدلّة المذكورة لا تصلح للتخصيص ، مضافاً إلى عدم النقل عن السلف من أنّهم كانوا يستأذنون ، والأصل يقتضي العدم.

ففيه : أنّ بعض ما ذكرناه من الأدلّة يصلح للتخصيص إنْ تمّ العموم ، وعدم النقل عن السلف محلّ كلام في إثبات الأحكام ، على أنّ ظاهر العلاّمة في المنتهى دعوى الإجماع على بعض الأحكام(١) ، والاحتياط مطلوب مع الإمكان ، وعلى الله سبحانه في جميع الأُمور التكلان.

وليكن هذا آخر الجزء الثالث من كتاب استقصاء الاعتبار في شرح الاستبصار ، ويتلوه إن شاء الله تعالى في الرابع كتاب الزكاة ، والله سبحانه المسئول لتوفيق إكماله بجاه محمّدٍ المصطفى وآله.

واتّفق بتوفيق الله تمام هذا الجزء في أواخر شهر ذي الحجة الحرام سنة ١٠٣٧.

__________________

(١) المنتهى ١ : ٤٥٠.

٤٦٠