البراهين القاطعة في شرح تجريد العقائد الساطعة الجزء ٤

البراهين القاطعة في شرح تجريد العقائد الساطعة0%

البراهين القاطعة في شرح تجريد العقائد الساطعة مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 964-548-224-0
الصفحات: 535

البراهين القاطعة في شرح تجريد العقائد الساطعة

مؤلف: محمّد جعفر الأسترآبادي
تصنيف:

ISBN: 964-548-224-0
الصفحات: 535
المشاهدات: 99978
تحميل: 3970


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 535 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 99978 / تحميل: 3970
الحجم الحجم الحجم
البراهين القاطعة في شرح تجريد العقائد الساطعة

البراهين القاطعة في شرح تجريد العقائد الساطعة الجزء 4

مؤلف:
ISBN: 964-548-224-0
العربية

راضية ـ بالولاية ـ مرضيّة ـ بالثواب ـ فادخلي في عبادي ـ يعني محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيتهعليهم‌السلام ـ وادخلي جنّتي ـ فما شيء أحبّ إليه من استلال روحه واللحوق بالمنادي »(١) .

باب ما يعاين المؤمن والكافر

[١] عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن فضّال ، عن عليّ بن عقبة ، عن أبيه قال : قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام : « يا عقبة ، لا يقبل الله من العباد يوم القيامة إلاّ هذا الأمر الذي أنتم عليه ، وما بين أحدكم وبين أن يرى ما تقرّ به عينه إلاّ أن تبلغ نفسه إلى هذه ».

ثمّ أهوى بيده إلى الوريد ثمّ اتّكأ ، وكان معي المعلّى فغمزني أن أسأله ، فقلت :

يا ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فإذا بلغت نفسه هذه أيّ شيء يرى؟ فقلت له بضع عشرة مرّة : أيّ شيء؟

فقال في كلّها : « يرى » ولا يزيد عليها. ثمّ جلس في آخرها ، فقال : « يا عقبة » فقلت : لبّيك وسعديك ، فقال : « أبيت إلاّ أن تعلم؟ » فقلت : نعم يا ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إنّما ديني مع دينك فإذا ذهب ديني كان ذلك ، كيف لي بك يا ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كلّ ساعة؟ وبكيت ، فرقّ لي ، فقال : « يراهما والله » ، فقلت : بأبي وأمّي من هما؟

قال : « ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليّعليه‌السلام ، يا عقبة ، لن تموت نفس مؤمنة أبدا حتّى تراهما » ، قلت : فإذا نظر إليهما المؤمن أيرجع إلى الدنيا؟ فقال : « لا ، يمضي أمامه إذا نظر إليهما مضى أمامه ».

فقلت له : يقولان شيئا؟ قال : « نعم ، يدخلان جميعا على المؤمن ، فيجلس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند رأسه وعليّعليه‌السلام عند رجليه فيكبّ عليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيقول :

__________________

(١) المصدر السابق : ١٢٧ ـ ١٢٨ ، ح ٢.

٣٤١

يا وليّ الله أبشر ، أنا رسول الله ، إنّي خير لك ممّا تركت من الدنيا. ثمّ ينهض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيقوم عليّعليه‌السلام حتّى يكبّ عليه ، فيقول : يا وليّ الله أبشر ، أنا عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام الذي كنت تحبّه ، أما لأنفعنّك ».

ثمّ قال : « إنّ هذا في كتاب الله عزّ وجلّ » ، فقلت : أين ـ جعلني الله فداك ـ هذا من كتاب الله؟ قال : « في يونس قول الله عزّ وجلّ هاهنا :( الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) (١) »(٢) .

[٢] عليّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن خالد بن عمارة ، عن أبي بصير ، قال : قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « إذا حيل بينه وبين الكلام أتاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومن شاء الله ، فجلس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن يمينه والآخر عن يساره ، فيقول له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أمّا ما كنت ترجو فهو ذا أمامك ، وأمّا ما كنت تخاف منه فقد أمنت منه ، ثمّ يفتح له باب إلى الجنّة ، فيقول : هذا منزلك من الجنّة ، فإن شئت رددناك إلى الدنيا ولك فيها ذهب وفضّة ، فيقول : لا حاجة لي في الدنيا ، فعند ذلك يبيضّ لونه ويرشح جبينه ، وتقلّص شفتاه ، وتنتشر منخراه ، وتدمع عينه اليسرى ، فأيّ هذه العلامات رأيت فاكتف بها ، فإذا خرجت النفس من البدن فيعرض عليها كما عرض عليه وهي في الجسد ، فتختار الآخرة فتغسّله فيمن يغسّله ، وتقلّبه فيمن يقلّبه. فإذا أدرج في أكفانه ووضع على سريره خرجت روحه تمشي بين أيدي القوم قدما وتلقاه أرواح المؤمنين يسلّمون عليه ، ويبشّرونه بما أعدّ الله له جلّ ثناؤه من النعيم. فإذا وضع في قبره ردّ إليه الروح إلى وركيه ، ثمّ يسأل عمّا يعلم. فإذا جاء بما يعلم فتح الله له ذلك الباب الذي أراه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فيدخل عليه من نورها ، وضوئها ، وبردها ، وطيب ريحها ».

__________________

(١) يونس (١٠) : ٦٢ ـ ٦٣.

(٢) « الكافي » ٣ : ١٢٨ ـ ١٢٩ ، باب ما يعاين المؤمن والكافر ، ح ١.

٣٤٢

قال : قلت : جعلت فداك فأين ضغطة القبر؟ فقال : « هيهات ، ما على المؤمنين منها شيء ، والله إنّ هذه الأرض لتفتخر على هذه ، فيقول : وطئ على ظهري مؤمن ولم يطأ على ظهرك مؤمن ، وتقول له الأرض : والله لقد كنت أحبّك وأنت تمشي على ظهري ، فأمّا إذا ولّيتك فستعلم ما ذا أصنع بك ، فتفسح له مدّ بصره »(١) .

[٣] محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن ابن فضّال ، عن يونس بن يعقوب ، عن سعيد بن يسار ، أنّه حضر أحد ابني سابور ، وكان لهما فضل وورع وإخبات فمرض أحدهما ـ ولا أحسبه إلاّ زكريّا بن سابور ـ قال : فحضرته عند موته ، فبسط يده ، ثمّ قال : ابيضّت يدي يا عليّ ، قال : فدخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام وعنده محمّد بن مسلم قال : فلمّا قمت من عنده ظننت أنّ محمّدا يخبره بخبر الرجل ، فأتبعني برسول ، فرجعت إليه ، فقال : « أخبرني عن هذا الرجل الذي حضرته عند موته أيّ شيء سمعته يقول؟ » ، قال : قلت بسط يده ، ثمّ قال : ابيضّت يدي يا عليّ ، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « والله رآه ، والله رآه ، والله رآه »(٢) .

[٤] محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن سنان عن عمّار بن مروان قال : حدّثني من سمع أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : « منكم والله يقبل ، ولكم والله يغفر ، إنّه ليس بين أحدكم وبين أن يغتبط ويرى السرور وقرّة العين إلاّ أن تبلغ نفسه هاهنا » وأومأ بيده إلى حلقه.

ثمّ قال : « إنّه إذا كان ذلك واحتضر ، حضره رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليّعليه‌السلام وجبرئيل وملك الموتعليهما‌السلام ، فيدنو منه عليّعليه‌السلام ، فيقول : يا رسول الله ، إنّ هذا كان يحبّنا أهل البيت فأحبّه ، ويقول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا جبرئيل ، إنّ هذا كان يحبّ الله ورسوله وأهل بيت رسوله فأحبّه. ويقول جبرئيل لملك الموت : إنّ هذا كان يحبّ الله ورسوله وأهل بيت رسوله فأحبّه وارفق به فيدنو منه ملك الموت ، فيقول :

__________________

(١) « الكافي » ٣ : ١٢٩ ـ ١٣٠ ، باب ما يعاين المؤمن والكافر ، ح ٢.

(٢) المصدر السابق : ١٣٠ ـ ١٣١ ، ح ٣.

٣٤٣

يا عبد الله ، أخذت فكاك رقبتك ، أخذت أمان براءتك ، تمسّكت بالعصمة الكبرى في الحياة الدنيا؟

قال : فيوفّقه الله عزّ وجلّ ، فيقول : نعم ، فيقول : وما ذاك؟ فيقول : ولاية عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام فيقول : صدقت ، أمّا الذي كنت تحذره فقد آمنك الله منه ، وأمّا الذي كنت ترجوه فقد أدركته ، أبشر بالسلف الصالح مرافقة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليّ وفاطمةعليهما‌السلام ثمّ يسلّ نفسه سلاّ رفيقا ، ثمّ ينزل بكفنه من الجنّة ، وحنوطه من الجنّة بمسك أذفر ، فيكفّن بذلك الكفن ، ويحنّط بذلك الحنوط ، ثمّ يكسى حلّة صفراء من حلل الجنّة. فإذا وضع في قبره ، فتح له باب من أبواب الجنّة يدخل عليه من روحها وريحانها ، ثمّ يفسح له عن أمامه مسيرة شهر ، وعن يمينه وعن يساره ، ثمّ يقال له : نم نومة العروس على فراشها ، أبشر بروح وريحان وجنّة نعيم وربّ غير غضبان.

ثمّ يزور آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في جنان رضوى ، فيأكل معهم من طعامهم ، ويشرب معهم من شرابهم ، ويتحدّث معهم في مجالسهم حتّى يقوم قائمنا أهل البيتعليهم‌السلام فإذا قام قائمنا بعثهم الله فأقبلوا معه يلبّون زمرا زمرا ، وعند ذلك يرتاب المبطلون ، ويضمحلّ المخلّون ، وقليل ما يكونون ، هلكت المحاضير ، ونجا المقرّبون من أجل ذلك. قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليّعليه‌السلام : أنت أخي وميعاد ما بيني وبينك وادي السّلام.

وإذا احتضر الكافر حضره رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليّعليه‌السلام وجبرئيل وملك الموتعليهما‌السلام ، فيدنو منه عليّعليه‌السلام فيقول : يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ هذا كان يبغضنا أهل البيت فأبغضه ، ويقول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا جبرئيل ، إنّ هذا كان يبغض الله ورسوله وأهل بيت رسوله فأبغضه ، فيقول جبرئيل : يا ملك الموت ، إنّ هذا كان يبغض الله ورسوله وأهل بيت رسوله ، فأبغضه واعنف عليه ، فيدنو منه ملك الموت فيقول : يا عبد الله ، أخذت فكاك رهانك ، أخذت أمان براءتك ، تمسّكت بالعصمة الكبرى في الحياة الدنيا؟ فيقول : لا ، فيقول : أبشر يا عدوّ الله ، بسخط الله عزّ وجلّ وعذابه والنار ، أمّا الذي كنت تحذره فقد نزل بك ، ثمّ يسلّ نفسه سلاّ عنيفا ، ثمّ يوكّل بروحه ثلاثمائة شيطان كلّهم يبزق

٣٤٤

في وجهه ويتأذّى بروحه. فإذا وضع في قبره فتح له باب من أبواب النار ، فيدخل عليه من قيحها ولهيبها »(١) .

[٥] محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن ابن مسكان ، عن عبد الرحيم ، قال : قلت لأبي جعفرعليه‌السلام : حدّثني صالح بن ميثم ، عن عباية الأسدي أنّه سمع عليّاعليه‌السلام يقول : « والله لا يبغضني عبد أبدا يموت على بغضي إلاّ رآني عند موته حيث يكره ، ولا يحبّني عبد أبدا فيموت على حبّي إلاّ رآني عند موته حيث يحبّ ». فقال أبو جعفرعليه‌السلام : « نعم ، ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم باليمين »(٢) .

[٦] محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن الحكم ، عن معاوية بن وهب ، عن يحيى بن سابور ، قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول في الميّت : « تدمع عينه عند الموت ـ فقال : ـ ذلك عند معاينة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيرى ما يسرّه ـ ثمّ قال : ـ أما ترى الرجل يرى ما يسرّه وما يحبّ فتدمع عينه لذلك ويضحك »(٣) .

[٧] حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمّد الكندي ، عن غير واحد عن أبان بن عثمان ، عن عامر بن عبد الله بن جذاعة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : سمعته يقول : « إنّ النفس إذا وقعت في الحلق أتاه ملك فقال له : يا هذا ـ أو يا فلان ـ أمّا كنت ترجو فأيس منه ، وهو الرجوع إلى الدنيا ، وأمّا ما كنت تخاف فقد أمنت منه »(٤) .

[٨] أبان بن عثمان ، عن عقبة أنّه سمع أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : « إنّ الرجل إذا وقعت نفسه في صدره يرى ». قلت : جعلت فداك وما يرى؟ قال :

« يرى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فيقول له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أبشر ، ثمّ يرى

__________________

(١) « الكافي » ٣ : ١٣١ ـ ١٣٢ ، باب ما يعاين المؤمن والكافر ، ح ٤.

(٢) المصدر السابق : ١٣٢ ـ ١٣٣ ، ح ٥.

(٣) المصدر السابق : ١٣٣ ، ح ٦.

(٤) المصدر السابق ، ح ٧.

٣٤٥

عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، فيقول : أنا عليّ بن أبي طالب الذي كنت تحبّه ، تحبّ أن أنفعك اليوم؟ ».

قال : قلت له : أيكون أحد من الناس يرى هذا ، ثمّ يرجع إلى الدنيا؟ قال : قال : « لا ، إذا رأى هذا أبدا مات ، وأعظم ذلك » ، قال : « وذلك في القرآن قول الله عزّ وجلّ :( الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللهِ ) (١) »(٢) .

[٩] عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن عبد العزيز العبدي ، عن ابن أبي يعفور ، قال : كان خطّاب الجهني خليطا لنا ، وكان شديد النصب لآل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكان يصحب نجدة الحروريّة ، قال : فدخلت عليه أعوده للخلطة والتقيّة ، فإذا هو مغمى عليه في حدّ الموت ، فسمعته يقول : ما لي ولك يا عليّ؟

فأخبرت بذلك أبا عبد اللهعليه‌السلام ، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « رآه وربّ الكعبة ، رآه وربّ الكعبة »(٣) .

[١٠] سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عبد الحميد بن عوّاض ، قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : « إذا بلغت نفس أحدكم هذه ، قيل له : أمّا ما كنت تحذر من همّ الدنيا وحزنها فقد أمنت منه ، ويقال له : رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليّعليه‌السلام وفاطمةعليها‌السلام أمامك »(٤) .

[١١] عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن عليّ ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي حمزة ، قال : سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول : « إنّ آية المؤمن إذا حضره الموت يبيضّ وجهه أشدّ من بياض لونه ، ويرشح جبينه ، ويسيل من عينه

__________________

(١) يونس (١٠) : ٦٢ ـ ٦٣.

(٢) « الكافي » ٣ : ١٣٣ ، باب ما يعاين المؤمن والكافر ، ح ٨.

(٣) المصدر السابق : ١٣٣ ـ ١٣٤ ، ح ٩.

(٤) المصدر السابق : ١٣٤ ، ح ١٠.

٣٤٦

كهيئة الدموع ، فيكون ذلك خروج نفسه. وإنّ الكافر تخرج نفسه سلاّ من شدقه(١) كزبد البعير ، أو كما تخرج نفس البعير »(٢) .

[١٢] محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن خالد والحسين بن سعيد جميعا ، عن القاسم بن محمّد ، عن عبد الصمد بن بشير ، عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : قلت : أصلحك الله ، من أحبّ لقاء الله أحبّ الله لقاءه ، ومن أبغض لقاء الله أبغض الله لقاءه؟ قال : « نعم ».

قلت : فو الله إنّا لنكره الموت ، فقال : « ليس ذلك حيث تذهب إنّما ذلك عند المعاينة ، إذا رأى ما يحبّ فليس شيء أحبّ إليه من أن يتقدّم ، والله تعالى يحبّ لقاءه وهو يحبّ لقاء الله حينئذ ، وإذا رأى ما يكره فليس شيء أبغض إليه من لقاء الله وهو يبغض لقاءه »(٣) .

[١٣] أبو عليّ الأشعري ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن صفوان بن يحيى ، عن أبي المستهلّ ، عن محمّد بن حنظلة ، قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : جعلت فداك حديث سمعته من بعض شيعتك ومواليك يرويه عن أبيك؟ قال : « وما هو؟ » قلت : زعموا أنّه كان يقول : « أغبط ما يكون امرؤ بما نحن عليه إذا كانت النفس في هذه ».

فقال : « نعم ، إذا كان ذلك أتاه نبيّ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأتاه عليّعليه‌السلام وأتاه جبرئيل وأتاه ملك الموتعليهما‌السلام ، فيقول ذلك الملك لعليّعليه‌السلام : يا عليّ ، إنّ فلانا كان مواليا لك ولأهل بيتك ، فيقول : نعم ، كان يتولاّنا ويتبرّى من عدوّنا ، فيقول ذلك نبيّ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لجبرئيل ، فيرفع ذلك جبرئيلعليه‌السلام إلى الله عزّ وجلّ »(٤) .

[١٤] وعنه ، عن صفوان ، عن جارود بن المنذر ، قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول :

__________________

(١) الشدق : جانب الفم. كذا في « لسان العرب » ١٠ : ١٧٢ ، « ش د ق ».

(٢) « الكافي » ٣ : ١٣٤ ، باب ما يعاين المؤمن والكافر ، ح ١١.

(٣) المصدر السابق ، ح ١٢.

(٤) المصدر السابق : ١٣٤ ـ ١٣٥ ، ح ١٣.

٣٤٧

« إذا بلغت نفس أحدكم هذه ـ وأومأ بيده إلى حلقه ـ قرّت عينه »(١) .

[١٥] محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن سليمان بن داود ، عن أبي بصير ، قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام قوله عزّ وجلّ :( فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ ) ـ إلى قوله : ـ( إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ) (٢) فقال : « إنّها إذا بلغت الحلقوم ، ثمّ أري منزله من الجنّة ، فيقول : ردّوني إلى الدنيا حتّى أخبر أهلي بما أرى ، فيقال له : ليس إلى ذلك سبيل »(٣) .

[١٦] سهل بن زياد ، عن غير واحد من أصحابنا قال : قال : « إذا رأيت الميّت قد شخص ببصره ، وسالت عينه اليسرى ، ورشح جبينه ، وتقلّصت شفتاه ، وانتشرت منخراه فأيّ شيء رأيت من ذلك فحسبك بها ».

وفي رواية أخرى : « وإذا ضحك أيضا فهو من الدلالة » ، قال : « وإذا رأيته قد خمص وجهه وسالت عينه اليمنى فاعلم أنّه »(٤) .

باب إخراج روح المؤمن والكافر

[١] عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن إدريس القمّي ، قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : « إنّ الله عزّ وجلّ يأمر ملك الموت فيردّ نفس المؤمن ليهوّن عليه ويخرجها من أحسن وجهها ، فيقول الناس : لقد شدّد على فلان الموت ، وذلك تهوين من الله عزّ وجلّ عليه ، وقال : يصرف عنه إذا كان ممّن سخط الله عليه ، أو ممّن أبغض الله أمره أن يجذب الجذبة التي بلغتكم بمثل السفّود من الصوف المبلول ، فيقول الناس : لقد هوّن الله على فلان الموت »(٥) .

__________________

(١) « الكافي » ٣ : ١٣٥ ، باب ما يعاين المؤمن والكافر ، ح ١٤.

(٢) الواقعة (٥٦) : ٨٣ ـ ٨٧.

(٣) « الكافي » ٣ : ١٣٥ ، باب ما يعاين المؤمن والكافر ، ح ١٥.

(٤) المصدر السابق ، ح ١٦.

(٥) المصدر السابق : ١٣٥ ـ ١٣٦ ، باب إخراج روح المؤمن والكافر ، ح ١.

٣٤٨

[٢] عنه ، عن يونس ، عن الهيثم بن واقد ، عن رجل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : « دخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على رجل من أصحابه وهو يجود بنفسه ، فقال : يا ملك الموت ، ارفق بصاحبي فإنّه مؤمن ، فقال : أبشر يا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فإنّي بكلّ مؤمن رفيق ، واعلم يا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنّي أقبض روح ابن آدم فيجزع أهله فأقوم في ناحية من دارهم فأقول : ما هذا الجزع؟ فو الله ما تعجّلناه قبل أجله وما كان لنا في قبضه من ذنب ، فإن تحتسبوا وتصبروا تؤجروا ، وإن تجزعوا تأثموا وتوزروا. واعلموا أنّ لنا فيكم عودة ثمّ عودة ، فالحذر الحذر ، إنّه ليس في شرقها ولا في غربها أهل بيت مدر ولا وبر إلاّ وأنا أتصفّحهم في كلّ يوم خمس مرّات ، ولأنا أعلم بصغيرهم وكبيرهم منهم بأنفسهم ، ولو أردت قبض روح بعوضة ما قدرت عليها حتّى يأمرني ربّي بها ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّما يتصفّحهم في مواقيت الصلاة ، فإن كان ممّن يواظب عليها عند مواقيتها لقّنه شهادة أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّدا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ونحّى عنه ملك الموت إبليس »(١) .

[٣] عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن المفضّل بن صالح ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : « حضر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رجلا من الأنصار وكانت له حالة حسنة عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فحضره عند موته ، فنظر إلى ملك الموت عند رأسه ، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ارفق بصاحبي فإنّه مؤمن ، فقال له ملك الموت : يا محمّد ، طب نفسا وقرّ عينا ، فإنّي بكلّ مؤمن رفيق شفيق.

واعلم يا محمّد ، إنّي لأحضر ابن آدم عند قبض روحه ، فإذا قبضته صرخ صارخ من أهله عند ذلك فأتنحّى في جانب الدار ومعي روحه فأقول لهم : والله ما ظلمناه ، ولا سبقنا به أجله ، ولا استعجلنا به قدره ، وما كان لنا في قبض روحه من ذنب ، فإن ترضوا بما صنع الله به وتصبروا تؤجروا وتحمدوا ، وإن تجزعوا وتسخطوا تأثموا

__________________

(١) المصدر السابق : ١٣٦ ، ح ٢.

٣٤٩

وتوزروا ومالكم عندنا من عتبى ، وإنّ لنا عندكم أيضا لبقيّة وعودة ، فالحذر الحذر ، فما من أهل بيت مدر ولا شعر في برّ ولا بحر إلاّ وأنا أتصفّحهم في كلّ يوم خمس مرّات عند مواقيت الصلاة حتّى لأنا أعلم منهم بأنفسهم.

ولو أنّي يا محمّد ، أردت قبض نفس بعوضة ما قدرت على قبضها حتّى يكون الله عزّ وجلّ هو الآمر بقبضها ، وإنّي لملقّن المؤمن عند موته شهادة أن لا إله إلاّ الله ومحمّد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم »(١) .

فلنرجع عنان الكلام إلى بيان ما ذكر في البحار فأقول : فيه أخبار :

منها : [ ما ] روي عن الصادقعليه‌السلام أنّهعليه‌السلام يقول : «( فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ ) قال : في قبره( وَجَنَّةُ نَعِيمٍ ) قال : في الآخرة( وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ ) في القبر( وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ ) في الآخرة »(٢) .

وعنهعليه‌السلام : « البرزخ القبر ، وهو الثواب والعقاب بين الدنيا والآخرة »(٣) .

وعن الكاظمعليه‌السلام : « والله ما يخاف عليكم إلاّ البرزخ »(٤) .

وعن عليّعليه‌السلام : « يا عباد الله ، ما بعد الموت لمن لا يغفر له أشدّ من الموت ، القبر فاحذروا ظلمته وضيقه وضنكه وغربته. إنّ القبر يقول كلّ يوم : أنا بيت الغربة ، أنا بيت التراب ، أنا بيت الوحشة ، أنا بيت الدود والهوام.

والقبر روضة من رياض الجنّة أو حفرة من حفر النيران.

إنّ العبد المؤمن إذا دفن قالت له الأرض : مرحبا وأهلا قد كنت ممّن أحبّ أن يمشي على ظهري ، فإذا ولّيتك فستعلم كيف أصنع بك ، فتتّسع له مدّ البصر.

وإنّ الكافر إذا دفن قالت له الأرض : لا مرحبا ولا أهلا لقد كنت من أبغض من

__________________

(١) « الكافي » ٣ : ١٣٦ ـ ١٣٧ ، باب إخراج روح المؤمن والكافر ، ح ٣.

(٢) « بحار الأنوار » ٦ : ٢١٧ ، ح ١١.

(٣) « بحار الأنوار » ٦ : ٢١٨ ، ح ١٢ ، نقلا عن « تفسير عليّ بن إبراهيم » ١ : ١٩ ، مقدّمة المصنّف.

(٤) « بحار الأنوار » ٦ : ٢١٨ ، ح ١٢ ، نقلا عن « تفسير عليّ بن إبراهيم » ١ : ٢٠.

٣٥٠

يمشي على ظهري ، فإذا ولّيتك فستعلم كيف أصنع بك ، فتضمّه حتّى تلتقي أضلاعه. وإنّ المعيشة الضنك التي حذّر الله بها عدوّه عذاب القبر ، إنّه يسلّط على الكافر في قبره تسع وتسعين تنّينا ، فينهشن لحمه ، ويكسرن عظمه ، يتردّدن عليه كذلك إلى يوم يبعث ، لو أنّ تنّينا منها نفخت في الأرض لم ينبت زرعا.

يا عباد الله ، إنّ أنفسكم الضعيفة وأجسادكم الناعمة الرقيقة التي يكفيها اليسير تضعف عن هذا ، فإن استطعتم أن تجزعوا لأجسادكم وأنفسكم ممّا لا طاقة لكم به ، ولا صبر لكم عليه ، فاعملوا بما أحبّ الله ، واتركوا ما كره الله »(١) .

وعن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « إنّ سعد بن معاذ قد أصابته ضمّة ؛ لأنّه كان في خلقه مع أهله سوء »(٢) .

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « مرّ عيسى بن مريمعليه‌السلام بقبر يعذّب صاحبه ، ثمّ مرّ به من قابل فإذا هو ليس يعذّب ، فقال : يا ربّ ، مررت بهذا القبر عام أوّل فكان صاحبه يعذّب ، ثمّ مررت به العام فإذا هو ليس يعذّب؟ فأوحى الله عزّ وجلّ إليه : يا روح الله ، أنّه أدرك له ولد صالح فأصلح طريقا ، وآوى يتيما فغفرت له بما عمل ابنه »(٣) .

وعن الصادقعليه‌السلام : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ضغطة القبر للمؤمن كفّارة لما كان منه من تضييع النعم »(٤) .

وعن الصادقعليه‌السلام : « من مات بين زوال الشمس يوم الخميس إلى زوال الشمس من يوم الجمعة من المؤمنين أعاذه الله من ضغطة القبر »(٥) .

وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال : « أقعد رجل من الأخيار في قبره ، فقيل له : إنّا

__________________

(١) « بحار الأنوار » ٧٤ : ٣٩٠ ـ ٣٩١ ، ح ١١ ، نقلا عن « الأمالي » للطوسي : ٢٨ ، المجلس ١ ، ح ٣١.

(٢) « بحار الأنوار » ٦ : ٢٢٠ ، ح ١٤ ، نقلا عن « الأمالي » للصدوق : ٣١٥ ، المجلس ٦١ ، ح ٢.

(٣) « بحار الأنوار » ٦ : ٢٢٠ ، ح ١٥ ، نقلا عن « الأمالي » للصدوق ، المجلس ٧٧ ، ح ٨.

(٤) « بحار الأنوار » ٦ : ٢٢١ ، ح ١٦ ، نقلا عن « ثواب الأعمال » : ٢٣٤ ، ثواب ضغطة القبر للمؤمن ؛ و « الأمالي » للصدوق : ٤٣٤ ، المجلس ٨٠ ، ح ٢.

(٥) « بحار الأنوار » ٦ : ٢٢١ ، ح ١٧ ، نقلا عن « الأمالي » للصدوق : ٢٣١ ، المجلس ٤٧ ، ح ١١.

٣٥١

جالدوك مائة جلدة من عذاب الله ، فقال : لا أطيقها ، فلم يزالوا به حتّى انتهوا إلى جلدة واحدة ، فقالوا : ليس منها بدّ قال : فبما تجلدونيها؟ قالوا : نجلدك ؛ لأنّك صلّيت يوما بغير وضوء ، ومررت على ضعيف فلم تنصره ، قال : فجلدوه جلدة من عذاب الله عزّ وجلّ فامتلأ قبره نارا »(١) .

وعن الصادقعليه‌السلام أنّه : « خاطب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبر سعد فمسحه بيده واختلج بين كتفيه. فقيل له : يا رسول الله ، رأيناك خاطبت واختلج بين كتفيك وقلت : سعد يفعل به هذا؟ فقال : إنّه ليس من مؤمن إلاّ وله ضمّة »(٢) .

وسئل الصادقعليه‌السلام عمّا يلقى صاحب القبر ، فقال : « إنّ ملكين يقال لهما : منكر ونكير يأتيان صاحب القبر فيسألانه عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فيقولان : ما تقول في هذا الرجل الذي خرج فيكم؟ فيقول : من هو؟ فيقولان : الذي كان يقول : إنّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحقّ ذلك ، قال : فإذا كان من أهل الشكّ قال : ما أدري قد سمعت الناس يقولون ، فلست أدري أحقّ ذلك أم كذب ، فيضربانه ضربة يسمعها أهل السماوات وأهل الأرض إلاّ المشركين. وإذا كان متيقّنا فإنّه لا يفزع ، فيقول : أعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تسألانني؟ فيقولان : أتعلم أنّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيقول : أشهد أنّه رسول الله حقّا جاء بالهدى ودين الحقّ ، قال : فيرى مقعده من الجنّة ، ويفسح له عن قبره ، ثمّ يقولان له : نم نومة ليس فيها حلم في أطيب ما يكون النائم »(٣) .

وعن عليّعليه‌السلام أنّه : « عذاب القبر يكون من النميمة ، والبول ، وعزب الرجل من أهله »(٤) .

__________________

(١) « بحار الأنوار » ٦ : ٢٢١ ، ح ١٨ ، نقلا عن « علل الشرائع » ١ : ١٥٩ ، باب العلّة التي من أجلها يكون عذاب القبر ، ح ١.

(٢) « بحار الأنوار » ٦ : ٢٢١ ، ح ١٩.

(٣) المصدر السابق ، ح ٢٠.

(٤) « بحار الأنوار » ٦ : ٢٢٢ ، ح ٢١ ، نقلا عن « علل الشرائع » ١ : ٣٥٩ ، ح ٢.

٣٥٢

وعن موسى بن جعفر عن أبيهعليهما‌السلام قال : « إذا مات المؤمن شيّعه سبعون ألف ملك إلى قبره ، فإذا أدخل قبره أتاه منكر ونكير فيقعدانه ، فيقولان له : من ربّك؟ وما دينك؟ ومن نبيّك؟ فيقول : ربّي الله ، ومحمّد نبيّي ، والإسلام ديني ، فيفسحان له في قبره مدّ بصره ، ويأتيانه بالطعام من الجنّة ، ويدخلان عليه الروح والريحان ، وذلك قوله عزّ وجلّ :( فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ ) ، يعني في قبره( وَجَنَّةُ نَعِيمٍ ) (١) ، يعني في الآخرة.

ثمّ قالعليه‌السلام : إذا مات الكافر شيّعه سبعون ألفا من الزبانية إلى قبره ، وإنّه ليناشد حامليه بصوت يسمعه كلّ شيء إلاّ الثقلان ويقول :( لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ) ، ويقول :( ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ ) ، فتجيبه الزبانية :( كَلاَّ إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها ) (٢) ويناديهم ملك : لو ردّ لعاد لما نهي عنه. فإذا أدخل قبره وفارقه الناس أتاه منكر ونكير في أهول صورة فيقيمانه ، ثم يقولان له : من ربّك؟ وما دينك؟ ومن نبيّك؟ فيتلجلج لسانه ولا يقدر على الجواب ، فيضربانه ضربة من عذاب الله يذعر لها كلّ شيء ، ثمّ يقولان له : من ربّك؟ وما دينك؟ ومن نبيّك؟ فيقول : لا أدري ، فيقولان له : لا دريت ولا هديت ولا أفلحت ، ثمّ يفتحان له بابا إلى النار وينزلان إليه الحميم من جهنّم ، وذلك قول الله عزّ وجلّ :( وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ * فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ * وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ ) (٣) ، يعني في الآخرة »(٤) .

وعن الصادقعليه‌السلام : « من أنكر ثلاثة أشياء فليس من شيعتنا : المعراج ، والمساءلة في القبر ، والشفاعة »(٥) .

__________________

(١) الواقعة (٥٦) : ٨٨ ـ ٨٩.

(٢) المؤمنون (٢٣) : ٩٩ ـ ١٠٠.

(٣) الواقعة (٥٦) : ٩٢ ـ ٩٤.

(٤) « بحار الأنوار » ٦ : ٢٢٢ ـ ٢٢٣ ، ح ٢٢ ، نقلا عن « الأمالي » للصدوق : ٢٣٩ ، المجلس ٤٨ ، ح ١٢.

(٥) « بحار الأنوار » ٦ : ٢٢٣ ، ح ٢٣ ، نقلا عن « الأمالي » للصدوق : ٢٤٢ ، المجلس ٤٩ ، ح ٥.

٣٥٣

وعن عليّ بن الحسينعليه‌السلام إنّه كان يقول في كلّ جمعة في مسجد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « أيّها الناس اتّقوا الله ، واعلموا أنّكم إليه ترجعون ، فتجد كلّ نفس ما عملت في هذه الدنيا من خير محضرا ، وما عملت من سوء تودّ لو أنّ بينها وبينه أمدا بعيدا ، ويحذّركم الله نفسه(١) .

ويحك ابن آدم الغافل وليس بمغفول عنه ، ابن آدم إنّ أجلك أسرع شيء إليك قد أقبل نحوك حثيثا يطلبك ، ويوشك أن يدركك وكأن قد أوفيت أجلك ، وقبض الملك روحك ، وصرت إلى منزل وحيدا فردّ إليك روحك ، واقتحم عليك فيه ملكاك : منكر ونكير لمساءلتك وشديد امتحانك ، ألا وإنّ أوّل ما يسألانك ، عن ربّك الذي كنت تعبده ، وعن نبيّك الذي أرسل إليك ، وعن دينك الذي كنت تدين به ، وعن كتابك الذي كنت تتلوه ، وعن إمامك الذي كنت تتولاّه ، ثمّ عن عمرك فيما أفنيته ، ومالك من أين اكتسبته وفيما أتلفته ، فخذ حذرك ، وانظر لنفسك ، وأعدّ للجواب قبل الامتحان والمساءلة والاختبار ، فإن تك مؤمنا تقيّا عارفا بدينك متّبعا للصادقين مواليا لأولياء الله ، لقّاك الله حجّتك ، وأنطق لسانك بالصواب فأحسنت الجواب ، فبشّرت بالجنّة والرضوان من الله ـ تبارك وتعالى ـ والخيرات الحسان ، واستقبلتك الملائكة بالروح والريحان. وإن لم تكن كذلك تلجلج لسانك ، ودحضت حجّتك ، وعميت عن الجواب ، وبشّرت بالنار ، واستقبلتك ملائكة العذاب بنزل من حميم ، وتصلية جحيم »(٢) .

قال في البحار : « أقول : تمامه في أبواب المواعظ »(٣) .

وعن الصادقعليه‌السلام : « إذا دخل المؤمن قبره كانت الصلاة عن يمينه ، والزكاة عن يساره ، والبرّ مظلّ عليه ، ويتنحّى الصبر ناحية ـ قال : ـ فإذا دخل عليه الملكان

__________________

(١) اقتباس من الآية ٣٠ من سورة آل عمران (٣).

(٢) « بحار الأنوار » ٦ : ٢٢٣ ـ ٢٢٤ ، ح ٢٤ ، نقلا عن « الأمالي » للصدوق : ٤٠٧ ـ ٤٠٨ ، المجلس ٧٦ ، ح ١.

(٣) « بحار الأنوار » ٦ : ٢٢٤.

٣٥٤

اللذان يليان مساءلته قال الصبر للصلاة والزكاة والبرّ : دونكم صاحبكم ، فإن عجزتم عنه فأنا دونه »(١) .

وعن الصادقعليه‌السلام : « من مات يوم الجمعة كتب له براءة من ضغطة القبر »(٢) .

وعن الباقرعليه‌السلام قال : « من مات ليلة الجمعة كتب الله له براءة من عذاب النار ، ومن مات يوم الجمعة أعتق من النار »(٣) .

وقال أبو جعفرعليه‌السلام : « بلغني أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : من مات يوم الجمعة [ أو ليلة الجمعة ](٤) رفع عذاب القبر عنه »(٥) .

وعن الصادقعليه‌السلام أنّه يقول : « إنّ أمير المؤمنين عليّاعليه‌السلام كانت له خئولة في بني مخزوم ، وإنّ شابّا منهم أتاه ، فقال : يا خالي ، إنّ أخي وابن أبي مات وقد حزنت عليه حزنا شديدا قال : فتشتهي أن تراه قال : نعم ، قال : فأرني في قبره ، فخرج ومعه برد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم السحاب ، فلمّا انتهى إلى القبر تململت شفتاه ، ثمّ ركضه برجله ، فخرج من قبره وهو يقول : رميكا ـ بلسان الفرس ـ فقال له عليّعليه‌السلام : ألم تمت وأنت رجل من العرب؟ قال : بلى ، ولكنّا متنا على سنّة فلان وفلان فانقلبت ألسنتنا »(٦) .

وعن الصادقعليه‌السلام : « إنّ المؤمنين إذا أخذوا مضاجعهم ، أصعد الله بأرواحهم إليه فمن قضي له عليه بالموت ، جعله في رياض الجنّة [ في ] كنوز رحمته ونور عزّته ، وإن لم يقدّر عليها الموت بعث بها مع أمنائه من الملائكة إلى الأبدان »(٧) .

وعنهعليه‌السلام ذكر الأرواح ، أرواح المؤمنين ، فقال: « يلتقون » ، قلت: يلتقون؟ قال :

__________________

(١) « بحار الأنوار » ٦ : ٢٣٠ ، ح ٣٥ ، نقلا عن « ثواب الأعمال » : ٢٠٣ ـ ٢٠٤ ، باب ثواب الصلاة والزكاة

(٢) « بحار الأنوار » ٦ : ٢٣٠ ، ح ٣٦ ، نقلا عن « المحاسن » ١ : ١٣١ ، ثواب يوم الجمعة ، ح ١٥٧.

(٣) «بحار الأنوار» ٦ : ٢٣٠ ، ح ٣٧ ، نقلا عن « المحاسن»: ١٣٣ ، ثواب من مات يوم الجمعة ، ح ١٦٤.

(٤) الزيادة أضفناها من المصدر.

(٥) « بحار الأنوار » ٦ : ٢٣٠ ، ح ٣٨ ، نقلا عن « المحاسن » ١ : ١٣٣ ، ثواب من مات يوم الجمعة ، ذيل ح ١٦٤.

(٦) « بحار الأنوار » ٦ : ٢٣٠ ، ح ٣٩ ، نقلا عن « بصائر الدرجات » : ٢٧٣ ، باب أنّ الأئمّة أحيوا الموتى ، ح ٣.

(٧) « بحار الأنوار » ٦ : ٢٣٤ ، ح ٤٧ ، نقلا عن « المحاسن » ١ : ٢٨٤ ـ ٢٨٥ ، باب أرواح المؤمنين ، ح ٥٦٠.

٣٥٥

« نعم ، ويتساءلون ويتعارفون حتّى إذا رأيته قلت : فلان »(١) .

وعن إبراهيم بن إسحاق قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : أين أرواح المؤمنين؟ فقال : « أرواح المؤمنين في حجرات في الجنّة يأكلون من طعامها ، ويشربون من شرابها ، ويتزاورون فيها ، ويقولون : ربّنا أقم لنا الساعة لتنجز لنا ما وعدتنا قال : قلت : فأين أرواح الكفّار؟ فقال : في حجرات النار يأكلون من طعامها ويشربون من شرابها ، ويتزاورون فيها ، ويقولون : ربّنا لا تقم لنا الساعة لتنجز لنا ما وعدتنا »(٢) .

وعن أبي بصير عن أحدهماعليهما‌السلام قال : « إذا مات العبد المؤمن ، دخل معه في قبره ستّ صور : فيهنّ صورة أحسنهنّ وجها ، وأبهاهنّ هيئة ، وأطيبهنّ ريحا ، وأنظفهنّ صورة. قال : فتقف صورة عن يمينه ، وأخرى عن يساره ، وأخرى عن بين يديه ، وأخرى خلفه ، وأخرى عند رجليه ، وتقف التي هي أحسنهنّ فوق رأسه. فإن أتي عن يمينه منعته التي عن يمينه ، ثمّ كذلك إلى أن يؤتى من الجهات الستّ. قال : فتقول أحسنهنّ صورة : ومن أنتم جزاكم الله عنّي؟ فتقول التي عن يمين العبد : أنا الصلاة ، وتقول التي عن يساره : أنا الزكاة ، وتقول التي بين يديه : أنا الصيام ، وتقول التي خلفه : أنا الحجّ والعمرة ، وتقول التي عند رجليه : أنا برّ من وصلت من إخوانك ، ثمّ يقلن : من أنت؟ فأنت أحسننا وجها ، وأطيبنا ريحا ، وأبهانا هيئة ، فتقول : أنا الولاية لآل محمّد صلوات الله عليهم أجمعين »(٣) .

وعن عبد الله بن طلحة قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الوزغ ، قال : « هو الرجس مسخ فإذا قتلته فاغتسل ، يعني شكرا ، وقال : إنّ أبي كان قاعدا في الحجر ومعه رجل يحدّثه ، فإذا هو الوزغ يولول(٤) بلسانه ، فقال أبيعليه‌السلام للرجل : أتدري ما يقول هذا

__________________

(١) « بحار الأنوار » ٦ : ٢٣٤ ، ح ٤٨ ، نقلا عن « المحاسن » ١ : ٢٨٥ ، باب أرواح المؤمنين ، ح ٥٦٢.

(٢) المصدرين السابقين.

(٣) « بحار الأنوار » ٦ : ٢٣٤ ـ ٢٣٥ ، ح ٥٠ ، نقلا عن « المحاسن » : ٤٤٨ ـ ٤٤٩ ، باب الشرائع ، ح ٣٦.

(٤) يولول ، أي : يصوّت ، كما في « مجمع البحرين » ٥ : ٤٩٥ « ول ول ».

٣٥٦

الوزغ؟ قال الرجل : لا أعلم ما يقول : قال : فإنّه يقول : لئن ذكرت عثمان لأسبّنّ عليّا ، وقال : إنّه ليس يموت من بني أميّة ميّت إلاّ مسخ وزغا.

وقالعليه‌السلام : « إنّ عبد الملك لمّا نزل به الموت مسخ وزغا ، فكان عنده ولده ولم يدروا كيف يصنعون ، وذهب ثمّ فقدوه ، فأجمعوا على أن أخذوا جذعا فصنعوه هيئة رجل ، ففعلوا ذلك وألبسوا الجذع ، ثمّ كفّنوه في الأكفان لم يطّلع عليه أحد من الناس »(١) .

وعن زيد الشحّام قال سئل أبو عبد اللهعليه‌السلام عن عذاب القبر قال : « إنّ أبا جعفرعليه‌السلام حدّثنا أنّ رجلا أتى سلمان الفارسي ، فقال : حدّثني ، فسكت عنه ، ثمّ عاد فسكت ، فأدبر الرجل وهو يقول ويتلو هذه الآية :( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ ) (٢) ، فقال له : أقبل إنّا لو وجدنا أمينا لحدّثنا ، ولكن أعدّ لمنكر ونكير إذا أتياك في القبر فسألاك عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فإن شككت أو التويت ضرباك على رأسك بمطرقة معهما تصير منه رمادا ، قال : فقلت : ثمّ مه؟ قال : تعود ثمّ تعذّب ، قلت : وما منكر ونكير؟ قال هما قعيدا القبر ، قلت : أملكان يعذّبان الناس [ في قبورهم ] فقال : نعم »(٣) .

وعن الإمام الباقرعليه‌السلام في تفسير قوله تعالى :( كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) (٤) ، أنّه : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لكفّار قريش واليهود : كيف تكفرون بالله الذي دلّكم على طرق الهدى وجنّبكم إن أطعتموه سبيل الردى( وَكُنْتُمْ أَمْواتاً ) في أصلاب آبائكم وأرحام أمّهاتكم ،( فَأَحْياكُمْ ) أخرجكم أحياء ،( ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ) في هذه الدنيا ويقبركم ،( ثُمَّ يُحْيِيكُمْ )

__________________

(١) « بحار الأنوار » ٦ : ٢٣٥ ، ح ٥١ ، نقلا عن « الخرائج والجرائح » ١ : ٢٨٣ ، الباب ٦ في معجزات الإمام الباقرعليه‌السلام .

(٢) البقرة (٢) : ١٥٩.

(٣) « بحار الأنوار » ٦ : ٢٣٥ ـ ٢٣٦ ، ح ٥٣ ، نقلا عن « تفسير العيّاشي » ١ : ٧١ ، ذيل الآية ١٥٩ من سورة البقرة (٢).

(٤) البقرة (٢) : ٢٨.

٣٥٧

في القبور ، وينعّم فيها المؤمنين بنبوّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وولاية عليّعليه‌السلام ، ويعذّب فيها الكافرين بهما ،( ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) في الآخرة ، بأن تموتوا في القبور بعد ، ثمّ تحيوا للبعث يوم القيامة( تُرْجَعُونَ ) إلى ما وعدكم من الثواب على الطاعات إن كنتم فاعليها ، ومن العقاب على المعاصي إن كنتم مقارفيها ».

فقيل له : يا ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ففي القبور نعيم وعذاب؟ فقال : « إي ، والذي بعث محمّدا بالحقّ نبيّا ، وجعله زكيّا هاديا ، وجعل أخاه عليّا بالعهد وفيّا ، وبالحقّ مليّا ، ولدى الله مرضيّا ، وإلى الجهاد سابقا ، ولله في أحواله موافقا ، وللمكارم حائزا ، وبنصر الله على أعدائه فائزا ، وللعلوم حاويا ، ولأولياء الله مواليا ، ولأعدائه معاديا ، وللخيرات ناويا ، وللقبائح رافضا ، وللشيطان مخزيا ، وللفسقة المردة مقصيا ، ولمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نفسا ، وبين يديه لدى المكاره جنّة وترسا ، آمنت به أنا وأبي عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام عبد ربّ الأرباب ، المفضّل على أولى الألباب ، الحاوي لعلوم الكتاب ، زين من يوافي يوم القيامة عرصات الحساب ، بعد محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صفيّ الكريم العزيز الوهّاب. إنّ في القبر نعيما يوفّر الله به حظوظ أوليائه ، وإنّ في القبر عذابا يشدّد الله به على أشقياء أعدائه »(١) .

وعن الفضل بن شاذان من كتاب صحائف الأبرار : إنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام اضطجع في نجف الكوفة على الحصى فقال قنبر : يا مولاي ، ألا أفرش لك ثوبي تحتك؟ فقال : « لا ، إن هي إلاّ تربة مؤمن أو مزاحمته في مجلسه ».

فقال الأصبغ بن نباتة : أمّا تربة مؤمن فقد علمنا أنّها كانت أو ستكون ، فما معنى مزاحمته في مجلسه؟

فقال : « يا ابن نباتة ، إنّ في هذا الظهر أرواح كلّ مؤمن ومؤمنة في قوالب من نور

__________________

(١) « بحار الأنوار » ٦ : ٢٣٦ ـ ٢٣٧ ، ح ٥٤ ، نقلا عن « التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري » : ٢١٠ ـ ٢١١ ، ح ٩٨ ، ذيل الآية ٢٨ من سورة البقرة (٢).

٣٥٨

على منابر من نور »(١) .

وعن محمّد بن مسلم(٢) ، وعن أبي هريرة في قوله :( يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ ) (٣) يعني بقول : لا إله إلاّ الله ، محمّد رسول الله في الحياة الدنيا ، ثمّ قال :( وَفِي الْآخِرَةِ ) ، قال : هذا القبر ، يدخل عليه ملكان فظّان غليظان يحفران القبر بأنيابهما وأصواتهما كالرعد القاصف(٤) ، وأعينهما كالبرق الخاطف ، ومع كلّ واحد منهما مرزبة فيها ثلاثمائة وستّون عقدة ، في كلّ عقدة ثلاثمائة وستّون حلقة ، وزن كلّ حلقة كوزن حديد الدنيا ، لو اجتمع عليها أهل السماء والأرض أن يقلّوها ما أقلّوها ، هي في أيديهم أخفّ من جناح بعوض ، فيدخلان القبر على الميّت ، ويجلسانه في قبره ويسألانه : من ربّك؟ فيقول المؤمن : الله ربّي ، ثمّ يقولان : فمن نبيّك؟ فيقول المؤمن : محمّد نبيّي ، فيقولان : ما قبلتك؟ فيقول المؤمن : الكعبة قبلتي ، فيقولان له : من إمامك؟ فيقول المؤمن : إمامي عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، فيقولان له : صدقت. ثمّ قال :( وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ ) يعني عن ولاية عليّعليه‌السلام في القبر ، والله ليسألنّ عن ولايته على الصراط ، والله ليسألنّ عن ولايته في الحساب. ثمّ قال سفيان بن عيينة ومن روى عن ابن عبّاس : إنّ المؤمن يقول : القرآن إمامي ، فقد أصاب أيضا ؛ وذلك أنّ الله بيّن إمامة عليّعليه‌السلام في القرآن(٥) .

وروي أنّه : لمّا ماتت فاطمة بنت أسد أمّ أمير المؤمنينعليه‌السلام أقبل عليّعليه‌السلام باكيا ، فقال له النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « ما يبكيك؟ لا أبكى الله عينيك؟ » قال : « توفّيت والدتي يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » ، قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « بل والدتي يا عليّ ، فلقد كانت تجوّع أولادها

__________________

(١) « بحار الأنوار » ٦ : ٢٣٧ ، ح ٥٥.

(٢) الظاهر أنّ رواية محمّد بن مسلم قد سقطت. وهي مذكورة في « بحار الأنوار » ٦ : ٢٣٧ ، ح ٥٦ ، نقلا عن « تفسير العيّاشي ».

(٣) إبراهيم (١٤) : ٢٧.

(٤) الرعد القاصف : الشديد الصوت. « مجمع البحرين » ٥ : ١٠٩ ، « ق ص ف ».

(٥) « بحار الأنوار » ٦ : ٢٣٧ ـ ٢٣٨ ، ح ٥٧ ، نقلا عن « المناقب » لابن شهرآشوب ٣ : ٢٥٩ ـ ٢٦٠.

٣٥٩

وتشبعني ، وتشعّث أولادها وتدهنني. والله لقد كان في دار أبي طالب نخلة فكانت تسابق إليها من الغداة لتلتقط ، ثمّ تجنيه ـ رضي الله عنها ـ فإذا خرج بنو عمّي تناولني ذلك ».

ثمّ نهضصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأخذ في جهازها وكفّنها بقميصهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكان في حال تشييع جنازتها يرفع قدما ويتأنّى في رفع الأخرى وهو حافي القدم. فلمّا صلّى عليها كبّر سبعين تكبيرة ، ثمّ لحّدها في قبرها بيده الكريمة بعد أن نام في قبرها ولقّنها الشهادة. فلمّا أهيل عليها التراب وأراد الناس الانصراف جعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول لها : « ابنك ابنك ، لا جعفر ولا عقيل ، ابنك ابنك عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ».

قالوا : يا رسول الله ، فعلت فعلا ما رأينا مثله قطّ ، مشيك حافي القدم ، وكبّرت سبعين تكبيرة ، ونومك في لحدها ، وقميصك عليها ، وقولك لها : ابنك ابنك ، لا جعفر ولا عقيل؟ فقال عليه وآله السّلام : « أمّا التأنّي في وضع أقدامي ورفعها حال التشييع للجنازة ؛ فلكثرة ازدحام الملائكة.

وأمّا تكبيري سبعين تكبيرة ؛ فإنّها صلّى عليها سبعون صفّا من الملائكة.

وأمّا نومي في لحدها فإنّي ذكرت في حال حياتها ضغطة القبر فقالت : وا ضعفاه ، فنمت في لحدها لأجل ذلك حتّى كفيتها ذلك.

وأمّا تكفيني لها بقميصي ؛ فإنّي ذكرت لها في حال حياتها القيامة وحشر الناس عراة فقالت : وا سوأتاه ، فكفّنتها به لتقوم يوم القيامة مستورة.

وأمّا قولي لها : ابنك ابنك ، لا جعفر ولا عقيل ؛ فإنّها لمّا نزل عليها الملكان سألاها عن ربّها ، فقالت : الله ربّي ، وقالا : من نبيّك؟ فقالت : محمّد نبيّي ، فقالا : من وليّك وإمامك؟ فاستحيت أن تقول : ولدي ، فقلت لها : قولي : ابنك عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام فأقرّ الله بذلك عينها »(١) .

__________________

(١) « بحار الأنوار » ٦ : ٢٤١ ـ ٢٤٢ ، ح ٦٠.

٣٦٠