دلائل الصدق لنهج الحق الجزء ٥

دلائل الصدق لنهج الحق0%

دلائل الصدق لنهج الحق مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: مفاهيم عقائدية
ISBN: 964-319-358-6
الصفحات: 427

دلائل الصدق لنهج الحق

مؤلف: الشيخ محمد حسن المظفر
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف:

ISBN: 964-319-358-6
الصفحات: 427
المشاهدات: 155818
تحميل: 2141


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 427 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 155818 / تحميل: 2141
الحجم الحجم الحجم
دلائل الصدق لنهج الحق

دلائل الصدق لنهج الحق الجزء 5

مؤلف:
ISBN: 964-319-358-6
العربية

وقال الفضل(١) :

صحّ الرواية عندنا أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام بعد وقعة الجمل كان يقول : وأنا أرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير كما يقول الله تعالى :( وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ ) (٢) (٣) .

هكذا صحّ ، وإن صحّ ما رواه فهو من الفضائل المسلّمة ، ولا دليل به على النصّ.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٣ / ٢٥٢.

(٢) سورة الحجر ١٥ : ٤٧.

(٣) فضائل الصحابة ٢ / ٩٣٣ ـ ٩٣٥ ح ١٢٩٨ ـ ١٣٠٠.

١٤١

وأقول :

ما صحّ عندهم سقيم عندنا وعند كلّ عاقل ، وإلّا لكان التكليف لغوا والدين لعبا!

أترى أنّ أحدا يخرج على إمام زمانه الذي يقول فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «حربه حربي »(١) ، وينهب بيت مال المسلمين ، ويلفّ الألوف بالألوف ، ويقتل ما لا يحصى منهم ، ثمّ يقتل في ميدان الحرب أو خارجه على عناده ، من دون إصلاح لما أفسد(٢) ، ومع هذا يكون عند الله تعالى قرينا لذلك الإمام المصلح الأعظم؟! ما أظنّ عاقلا يرتضيه!

ثمّ إنّ الحديث الذي ذكره المصنّف هنا ، قد نقله في « منهاج الكرامة » مفصّلا(٣) .

ونقله سبط ابن الجوزي ، عن أحمد في « الفضائل »(٤) .

وكذا صاحب « كنز العمّال »(٥) .

__________________

(١) انظر : كنز العمّال ١٢ / ٩٧ ح ٣٤١٦٤ ، وقد تقدّم نحوه في ج ٤ / ٣٥٨ ه‍ ٤ من هذا الكتاب ، وسيأتي ذكره مفصّلا.

(٢) انظر : تاريخ الطبري ٣ / ١٨ و ٢١ ـ ٢٢ و ٤٠ ـ ٤٣ و ٥٥ و ٥٦ ، الكامل في التاريخ ٣ / ١٠٨ ـ ١١٣ و ١٢٨ و ١٣٠ ـ ١٣٢ حوادث سنة ٣٦ ه‍.

(٣) منهاج الكرامة : ١٤٤ ـ ١٤٥.

(٤) تذكرة الخواصّ : ٣١ ، وانظر : فضائل الصحابة ٢ / ٧٣٩ ح ١٠١٨ وص ٧٩١ ح ١٠٨٥ وص ٨٢٩ ح ١١٣٧.

(٥) ص ٣٩٠ من الجزء السادس [ ٩ / ١٦٧ ح ٢٥٥٥٤ ]. منهقدس‌سره .

وانظر : كنز العمّال ٢ / ٤٥٠ ح ٤٤٧٢ وج ٩ / ١٦٧ ذ ح ٢٥٥٥٥ وج ١٣ / ١٠٥ ـ ١٠٦ ح ٣٦٣٤٥.

١٤٢

ولنذكر منه ما تتمّ به الفائدة :

قال المصنّفرحمه‌الله : من مسند أحمد ، بإسناده إلى زيد بن [ أبي ] أوفى ، قال : دخلت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مسجده ـ وذكر قصّة مؤاخاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى أن قال : ـ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :

«والذي بعثني بالحقّ! ما أخّرتك إلّا لنفسي ، فأنت منّي بمنزلة هارون من موسى ، إلّا أنّه لا نبيّ بعدي ، وأنت أخي ووارثي وأنت معي في قصري في الجنّة ، ومع ابنتي فاطمة ، فأنت أخي ورفيقي ؛ ثمّ تلا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :( إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ ) »(١) .

وزعم ابن تيميّة أنّه من زيادات القطيعي لا من نفس المسند ، وذكر أنّ للحديث تتمّة ، وهي : أنّ عليّاعليه‌السلام قال عند قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «وأنت أخي ووارثي » : وما أرث منك يا رسول الله؟

قال : ما ورّث الأنبياء من قبلي.

قال : وما ورّث الأنبياء من قبلك؟

قال : كتاب الله وسنّة نبيّهم(٢) .

وذكر السبط هذه التتمّة أيضا(٣) .

وكذا صاحب « كنز العمّال »(٤) .

وقد أطال ابن تيميّة القول هنا كعادته ، وذكر ما لا يحتجّ به عاقل

__________________

(١) فضائل الصحابة ـ لأحمد ـ ٢ / ٧٩١ ـ ٧٩٢ ح ١٠٨٥ وص ٨٢٩ ح ١١٣٧.

(٢) منهاج السنّة ٧ / ٢٧٨ ـ ٢٧٩.

(٣) تذكرة الخواصّ : ٣١.

(٤) كنز العمّال ٩ / ١٦٧ ح ٢٥٥٥٤ وص ١٧٠ ح ٢٥٥٥٥ وج ١٣ / ١٠٥ ح ٣٦٣٤٥.

١٤٣

على خصمه ، وأدّى به النصب إلى إنكار مؤاخاة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام (١) ، مع أنّها من أصحّ الأخبار ، كما ستعرف

ولا يستحقّ أن يذكر من كلامه شيء إلّا إنكار صحّة الحديث لضعف سنده ، وقد عرفت جوابه مرارا في المقدّمة وبعدها(٢) .

على أنّ السبط قد وثّق رجال ما رواه أحمد في « الفضائل » ، وقال :

« هو من غير رواية عبد المؤمن ، والضعيف ما رواه عبد المؤمن »(٣) .

وسيأتي إنّ شاء الله تعالى في الآية الخامسة والسبعين ما يؤيّد هذا الحديث(٤) ، وهو دالّ على إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام من وجوه ، والآية تدلّ عليها من بعضها :

الأوّل : مؤاخاة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله له ؛ فإنّها تدلّ على فضله على سائر الصحابة بمناسبته للنبيّ دونهم ؛ والأفضل هو الإمام.

الثاني : قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه

__________________

(١) انظر : منهاج السنّة ٤ / ٣٢ وج ٥ / ٧١ وج ٧ / ١١٧ و ٢٧٩ و ٣٦١.

وراجع : دراسات في منهاج السنّة : ٢٧٥ ـ ٢٧٨ ، تشييد المراجعات وتفنيد المكابرات : الحلقة ٢٠ ، ص ٧٨ و ٨٨ ، والحلقة ٢١ ، ص ٧ ـ ١٢ ، المنشورتين في مجلّة « تراثنا » ، العددين ٦٦ ـ ٦٧ و ٦٨ ، السنة ١٧ ، ربيع الآخر وشوّال ١٤٢٢ ه‍ ؛ فقد أورد فيها السيّد علي الحسيني الميلاني كلمات علماء الجمهور ومصادرهم في ردّ تكذيب ابن تيميّة لحادثتي المؤاخاة وحديثها ، التي وقعت في مكّة مرّة وفي المدينة أخرى!

(٢) راجع ج ١ / ٧ وما بعدها ، وانظر : ج ٤ / ٣٩٦ و ٤١٩.

(٣) تذكرة الخواصّ : ٣١.

نقول : وحتّى عبد المؤمن بن عبّاد ـ أو : عبادة ـ العبدي ، الذي ضعّف السند لأجله ، قد وثّقه ابن حبّان ، وقال عنه : « روى عنه البصريّون » ؛ انظر : الثقات ٨ / ٤١٧.

(٤) انظر الصفحة ٣٣٣ وما بعدها من هذا الجزء.

١٤٤

لا نبيّ بعدي » ؛ فإنّه أوضح دليل على إمامته ، كما ستعرف إن شاء الله تعالى.

الثالث : إنّه ورث منه ميراث الأنبياء لخلفائهم وأوصيائهم من الكتاب والسنّة.

الرابع : إنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله أخبر أنّهما بقصر واحد ؛ وهو دليل الفضل والامتياز على الأمّة.

الخامس : إنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله أخبر بأنّه من أهل الجنّة ، وبيّن نزول الآية فيهم.

ومن الواضح أنّه لا يصحّ إخبار شخص بعينه بأنّه من أهل الجنّة إلّا مع العلم بعصمته ، أو أنّ له ملكة تحجزه عن الذنوب إعظاما لله تعالى ، حتّى مع أمانه من ناره ، وإن أذنب نادرا ـ خطأ أو عمدا ـ مع التوبة ، وإلّا كان إخباره بأنّه من أهل الجنّة نقضا للغرض ، وهو تجنّب المحرّمات ، وكان تشجيعا له على الحرام ؛ لأنّه إذا كسب الأمان من العقاب لم يحجزه عن المعصية حاجز.

وبهذا يعلم كذب حديث تبشير العشرة بالجنّة الذي رواه القوم(١) ؛ لامتناع أن يبشّر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بالجنّة من لا ملكة له تردعه عن الخروج على إمام زمانه ، وقتل النفوس المحترمة ، وغصب الأموال المحرّمة.

على أنّ راوي حديث تبشير العشرة هو منهم ، وهو موضع التهمة

__________________

(١) لقد توسّع السيّد حسن الحسيني آل المجدّد الشيرازي ـ حفظه الله ـ بدراسة حديث العشرة المبشّرة ، سندا ودلالة ، في مقاله : « الصحف المنشّرة في بطلان حديث العشرة المبشّرة » ، المنشور في مجلّة « تراثنا » ، السنة ١١ ، العدد المزدوج ٤١ ـ ٤٢ ، ص ١٣ ـ ٦٤ ؛ فراجع!

١٤٥

عندنا ، وفوق ذلك ضعف رواته ، ولذا لم يروه البخاري ومسلم.

وقال البخاري : لم يصحّ ؛ كما حكاه عنه في « ميزان الاعتدال » بترجمة عبد الله بن ظالم(١) .

وقال العقيلي أيضا : لم يصحّ ؛ كما حكاه عنه ابن حجر في « تهذيب التهذيب » بترجمة عبد الله أيضا(٢) .

مضافا إلى القرائن الدالّة على كذبه ، كتحريض بعض العشرة على عثمان يوم الدار حتّى قتل(٣) ، فإنّه لا يجتمع مع كون الجميع من أهل

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٤ / ١٢٩ رقم ٤٣٩٨ ، وانظر : التاريخ الكبير ٥ / ١٢٥ رقم ٣٦٧.

(٢) تهذيب التهذيب ٤ / ٣٥٠ رقم ٣٤٨٨ ، وانظر : الضعفاء الكبير ـ للعقيلي ـ ٢ / ٢٦٧ رقم ٨٢٧.

(٣) روى القوم أنّ طلحة والزبير من العشرة الّذين بشّرهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالجنّة ؛ كيف؟! وهما أشدّ الناس تحريضا على قتل عثمان ، وأشد تحريضا على محاربة عليّعليه‌السلام يوم الجمل.

فقد رووا أنّ عثمان قال : ويلي على ابن الحضرميّة ـ يعني طلحة ـ! أعطيته كذا وكذا بهارا ذهبا ، وهو يروم دمي يحرّض على نفسي ، اللهمّ لا تمتّعه به ، ولقّه عواقب بغيه.

وروى المؤرّخون والمؤلّفون الّذين صنّفوا في واقعة الدار : إنّ طلحة كان يوم قتل عثمان مقنّعا بثوب قد استتر عن أعين الناس ، يرمي الدار بالسهام.

ورووا أيضا : إنّه لمّا امتنع على الّذين حصروه الدخول من باب الدار ، حملهم طلحة إلى دار لبعض الأنصار ، فأصعدهم إلى سطحها ، وتسوّروا منها على عثمان داره فقتلوه.

ورووا أيضا : إنّ الزبير كان يقول : اقتلوه! فقد بدّل دينكم ؛ فقالوا : إنّ ابنك يحامي عنه بالباب ؛ فقال : ما أكره أن يقتل عثمان ولو بدئ بابني ، إنّ عثمان لجيفة على الصراط غدا.

أفمثل هؤلاء يبشّرهم الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله بالجنّة؟! وهم الّذين زرعوا الفتنة والحقد لإمام زمانهم ، وقتلوا آلافا مؤلّفة من الناس ظلما وعدوانا!

١٤٦

الجنّة ، مستحقّين للبشارة بها على لسان الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله

وكاتّفاق جلّ المهاجرين والأنصار على خلع عثمان ، والحكم بأنّه أتى من المحرّمات ما يستحقّ به العزل ، فإنّه يمتنع مع ما زعمه أهل السنّة من عدالة الصحابة جميعا أن يفعلوا ذلك بمن بشّره النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بالجنّة

وكعدم احتجاج عثمان به يوم الدار

.. إلى غير ذلك من القرائن على كذبه.

وكيف كان! فإذا كانت بشارة الآية والرواية لأمير المؤمنينعليه‌السلام دليلا على عصمته أو ثبوت تلك الملكة له ، كان هو الأفضل والإمام ؛ لأنّ أوّل الخلفاء الثلاثة ـ وهو أعظمهم ـ لم يكن كذلك ، فضلا عن صاحبيه ؛ لأنّه كما قال في خطبته عن نفسه : « أطيعوني ما أطعت الله ورسوله ، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم ، ألا وإنّ لي شيطانا يعتريني ، فإذا أتاني فاجتنبوني لا أؤثّر في أشعاركم وأبشاركم »(١) .

ولا أدري كيف يبشّر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بالجنّة من كان كذلك ، ويؤمنه من النار حتّى يكون ذلك سببا لأن تهون عليه المعصية وظلم الأمّة؟!

والكلام في عمر وعثمان أعظم!

* * *

__________________

ـ انظر : شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ٩ / ٣٥ و ٣٦ ، الإمامة والسياسة ١ / ٥٧ و ٧١ ، أنساب الأشراف ٦ / ٢١١.

(١) الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٣ / ١٥٩ ، الإمامة والسياسة ١ / ٣٤ ، تاريخ الطبري ٢ / ٢٤٤ ـ ٢٤٥ ، تاريخ دمشق ٣٠ / ٣٠٣ و ٣٠٤ ، صفة الصفوة ١ / ١١٠ ، شرح نهج البلاغة ٦ / ٢٠ ، البداية والنهاية ٥ / ١٨٨ و ١٨٩ ، مجمع الزوائد ٥ / ١٨٣ ـ ١٨٤ ، تاريخ الخلفاء : ٨٤.

١٤٧

٣٣ ـ آية :( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ )

قال المصنّف ـ أعلى الله مقامه ـ(١) :

الثالثة والثلاثون : قوله تعالى :( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ ) (٢) .

روى الجمهور ، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لو يعلم الناس متى سمّي عليّ ( أمير المؤمنين ) ما أنكروا فضله! سمّي ( أمير المؤمنين ) وآدم بين الروح والجسد ، قال الله عزّ وجلّ : ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ) .

قالت الملائكة : بلى.

فقال تعالى : أنا ربّكم ، ومحمّد نبيّكم ، وعليّ أميركم »(٣) .

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ١٩١.

(٢) سورة الأعراف ٧ : ١٧٢.

(٣) فردوس الأخبار ٢ / ١٩٧ ح ٥١٠٤ ، ينابيع المودّة ٢ / ٢٤٧ ح ٦٩٦ وص ٢٧٩ ح ٨٠٣ ، وانظر : مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ٢٣٧ ح ٣١٩.

١٤٨

وقال الفضل(١) :

هذا من تفاسير الشيعة ، وليس من تفاسير المفسّرين ، والعجب أنّه لم يتابع المعتزلة في هذه المسألة ؛ فإنّهم ينكرون إخراج الذرّ من ظهر آدم ، ويقولون : هذا تمثيل وتخييل لا حقيقة له(٢) ؛ لأنّه ينافي قواعدهم في نفي القضاء والقدر السابق.

وإن صحّ النقل ، فيدلّ على أنّ عليّا أمير المؤمنين ، وهذا مسلّم ؛ لأنّه كان من الخلفاء ، ولم يلزم منه نصّ على أنّه أمير المؤمنين بعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى يثبت به مطلوبه.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٣ / ٣٠٨.

(٢) انظر : الكشّاف ٢ / ١٢٩.

١٤٩

وأقول :

إنّما نسبه المصنّفرحمه‌الله إلى رواية الجمهور ، لا إلى تفسيرهم حتّى ينفيه المعترض.

وقد ذكر المصنّف راويه في « منهاج الكرامة » ، وهو الديلمي في الفردوس(١) ، وهو ممّن أقرّ له ابن تيميّة بالعلم والدين ، ولم ينكر وجود الحديث في كتابه ، وإنّما ناقش بأمور أخر ، منها المطالبة بصحّة الحديث(٢) ، وقد مرّ جوابه مرارا(٣) .

ومنها ما ستعرف جوابه في طيّ الكلام الآتي.

وينبغي قبل بيان المطلوب التعرّض للخلاف في أمر الذرّ ، فنقول :

ذهب الأشاعرة إلى وجوده وإخراجه من ظهر آدمعليه‌السلام وأخذ الميثاق عليه(٤) .

وأنكره الإماميّة والمعتزلة(٥) .

واستدلّ الأشاعرة برواية مسلم [ بن يسار الجهني ] ، أنّ عمر سئل عن هذه الآية ، فقال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سئل عنها ، فقال : « إنّ الله

__________________

(١) منهاج الكرامة : ١٤٦ ، وانظر : فردوس الأخبار ٢ / ١٩٧ ح ٥١٠٤.

(٢) منهاج السنّة ٧ / ٢٨٩.

(٣) انظر : ج ١ / ٧ وما بعدها من هذا الكتاب.

(٤) الإبانة عن أصول الديانة : ١٥٩ رقم ٢٥٥ ، تفسير الفخر الرازي ١٥ / ٥٥ ، تفسير القرطبي ٧ / ٢٠٠ ـ ٢٠٢.

(٥) انظر : التبيان ٥ / ٢٨ ، جوامع الجامع ١ / ٧١٩ ، مجمع البيان ٤ / ٣٥٨ ـ ٣٥٩ ، الكشّاف ٢ / ١٢٩ ، تفسير الفخر الرازي ١٥ / ٥٠ و ٥١ الحجّة الأولى.

١٥٠

سبحانه خلق آدم ، ثمّ مسح ظهره فاستخرج منه ذرّيّة ، فقال : خلقت هؤلاء للجنّة ، وبعمل أهل الجنّة يعملون ؛ ثمّ مسح ظهره فاستخرج منه ذرّيّة ، فقال : خلق هؤلاء للنار ، وبعمل أهل النار يعملون »(١) .

وبما عن أبي هريرة ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لمّا خلق الله آدم مسح ظهره ، فسقط من ظهره كلّ نسمة من ذرّيّته إلى يوم القيامة »(٢) .

وبما عن مقاتل : إنّ الله تعالى مسح صفحة ظهر آدم اليمنى ، فخرج منه ذرّيّة بيضاء كهيئة الذرّ فتحرّك(٣) ، ثمّ مسح صفحة ظهره اليسرى ، فخرج منه ذرّية سوداء كهيئة الذرّ ، فقال : يا آدم! هذه ذرّيّتك ؛ ثمّ قال :( أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى ) .

إلى أن قال : وقال تعالى في من نقض العهد الأوّل :( وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ ) (٤) (٥) .

واستدلّ الإماميّة والمعتزلة على بطلانه بمخالفته للآية ؛ لأنّه تعالى يقول :( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ) (٦) ،

__________________

(١) سنن أبي داود ٤ / ٢٢٦ ح ٤٧٠٣ ، سنن الترمذي ٥ / ٢٤٨ ح ٣٠٧٥ ، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٦ / ٣٤٧ ح ١١١٩٠ ، مسند أحمد ١ / ٤٤ ، العقيدة الطحاوية : ٨١ ، التنبيه والردّ على أهل الأهواء والبدع ـ للملطي الشافعي ـ : ١٣٧ ـ ١٣٨ ، تفسير البغوي ٢ / ١٧٧ ، تفسير الفخر الرازي ١٥ / ٥٠ ، تفسير القرطبي ٧ / ٢٠٠.

(٢) سنن الترمذي ٥ / ٢٤٩ ح ٣٠٧٦ ، المستدرك على الصحيحين ٢ / ٣٥٥ ح ٣٢٥٧ ، تفسير البغوي ٢ / ١٧٧ ، تفسير الفخر الرازي ١٥ / ٥٠ ، تفسير القرطبي ٧ / ٢٠٠.

(٣) كذا في الأصل ، وفي المصدر : تتحرّك.

(٤) سورة الأعراف ٧ : ١٠٢.

(٥) تفسير الفخر الرازي ١٥ / ٥٠.

(٦) سورة الأعراف ٧ : ١٧٢.

١٥١

ولم يقل : أخذ من آدم من ظهره ذرّيّته(١)

وبمخالفته لظواهر آيات أخر

كقوله تعالى :( أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ ) (٢) (٣) ؛ فإنّه لو صحّ أخذ الميثاق على الذرّ لكانت الموتات ثلاثا ؛ لأنّ أخذ الميثاق عليه يتوقّف على حياته ، ولا ريب بموته بعد ذلك ؛ إذ لا يمكن القول باستمرار حياته إلى هذا العالم الحاضر ؛ لشهادة الوجدان بعدم الحياة للنطفة والعلقة والمضغة ، فهذه موتة

والثانية : موتة الدنيا ، وقبلها حياة

والثالثة : موتة القبر ، وبعدها حياة.

وكقوله تعالى :( خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ ) (٤) ؛ فإنّه ظاهر في خلق بني آدم من الماء الحادث ، وإنّه أصلهم ، لا الذرّ(٥) ، كما إنّ أصل آدم هو الطين ، الذي هو مبدأ خلق الإنسان(٦) .

واستدلّوا أيضا بمخالفته للعقل من وجوه :

منها : إنّ أخذ الميثاق إنّما يصحّ من العاقل ، ولو كان الذرّ ممّن يعقل لما نسيه الناس كلّهم ، وبهذا يبطل القول بالتناسخ

__________________

(١) مجمع البيان ٤ / ٣٥٨ ، تفسير الفخر الرازي ١٥ / ٥١ الحجّة الثانية.

(٢) سورة غافر ٤٠ : ١١.

(٣) تفسير الفخر الرازي ١٥ / ٥٣ الحجّة الحادية عشرة.

(٤) سورة الطارق ٨٦ : ٦.

(٥) انظر : تفسير القرطبي ٢٠ / ٥.

(٦) بدلالة قوله تعالى :( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ) سورة المؤمنون ٢٣ : ١٢ ؛ انظر : تفسير القرطبي ١٢ / ٧٣ و ٧٤ ، مجمع البيان ٧ / ١٦٠ ، الكافي ٢ / ٢٨ ـ ٣٠ ح ١ ـ ٣.

١٥٢

ودعوى الفرق ـ بأنّ التناسخ مبنيّ على دعوى نسيان ما مارسته كثيرا ، وبقيت فيه دهرا طويلا ، وهو محال جزما ، بخلاف أخذ الميثاق ، فإنّه لم يطل وقته ، ولا يمتنع عادة في مثله أن يتعلّق النسيان ـ باطلة ؛ لأنّ نسيان الناس كلّهم ما وقع منهم ، وإنّ لم يطل وقته أيضا محال عادة(١) .

ومنها : إنّ أخذ الميثاق على الذرّ إن كان ليصير حجّة عليهم في ذلك الوقت ، فباطل ؛ لأنّه ليس وقت تكليف بالإجماع ، وإن كان ليصير عليهم حجّة بعد البلوغ ، أو يوم القيامة ، فالمفروض عدم تذكّر أحد له(٢) .

وأجاب الرازي : بأنّه يمكن أن يكون أخذ الميثاق ليميّز الملائكة في ذلك الوقت السعيد من الشقي(٣) .

ويردّه : إنّ الآية قالت :( أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ ) (٤) ، وهو يدلّ على أنّ الفائدة في أخذ الميثاق عليهم ، هو كونه حجّة عليهم ، لا تمييز الملائكة بين السعيد والشقي.

على أنّ التمييز إن كان بنقض العهد وحفظه ، فهما في هذه الحياة الفعلية لا حين أخذ الميثاق ، وإن كان بالبياض والسواد ، كان أخذ الميثاق لغوا ، فيبطل جعل التمييز فائدة لأخذ الميثاق.

اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ الله سبحانه كما أرى الملائكة أخذ الميثاق على الناس في عالم الذرّ ، يمكن أن يكون أراهم أيضا كيف ينقضون العهد أو يحفظونه في الحياة الدنيوية ، فيكون التمييز فائدة لأخذ الميثاق بما يقترن

__________________

(١) انظر : تفسير الفخر الرازي ١٥ / ٥١ الحجّة الرابعة.

(٢) انظر : تفسير الفخر الرازي ١٥ / ٥٢ الحجّة السابعة.

(٣) انظر : تفسير الفخر الرازي ١٥ / ٥٥.

(٤) سورة الأعراف ٧ : ١٧٢.

١٥٣

به من إراءة نقض العهد وحفظه ، ولكن يشكل بإغناء البياض والسواد عنه في التمييز مع دلالة الآية ، كما عرفت.

على أنّ الفائدة في أخذ الميثاق كونه حجّة عليهم لا تمييز الملائكة ، فلا بدّ أن يكون معنى الآية : إنّ الله عزّ وجلّ أخرج ذرّيّة بني آدم من ظهورهم ؛ لكونهم نطفة في أصلابهم ، وأشهدهم على أنفسهم ، فقال لهم ـ بما أراهم من عجائب الصنع في أنفسهم ـ :( أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ) ؟ فقالوا :( بَلى شَهِدْنا ) ، بلسان حالهم وحاجتهم إلى مدبّر لهم يخرج النطفة ، ثمّ يجعلها علقة ، ثمّ مضغة ، ثمّ بشرا سويّا(١) .

ولهذا نظائر في الكتاب العزيز وغيره

قال تعالى :( فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ ) (٢) ؛ فإنّ قولهما :( أَتَيْنا طائِعِينَ ) إنّما هو بلسان الحال.

وقال الشاعر [ من الرجز ] :

امتلأ الحوض وقال : قطني(٣)

مهلا رويدا قد ملأت بطني(٤)

فإذا عرفت هذا ، فنقول :

استدلال المصنّفرحمه‌الله ـ بما ذكره ـ إمّا مبنيّ على إلزام الأشاعرة

__________________

(١) انظر : تفسير الفخر الرازي ١٥ / ٥٣ ضمن القول الثاني ، مجمع البيان ٤ / ٣٥٩ ضمن الوجه الثاني.

(٢) سورة فصّلت ٤١ : ١١.

(٣) قط : حسب ، وهو الاكتفاء ، وقطني بمعنى : حسبي ، أي : اكتفيت ؛ انظر مادّة « قطط » في : الصحاح ٣ / ١١٥٣ ، النهاية في غريب الحديث والأثر ٤ / ٧٨ ، لسان العرب ١١ / ٢١٨ ـ ٢١٩.

(٤) هذا رجز من شواهد اللغة ، استشهد به الجوهري في « الصحاح » ، ولم ينسبه لأحد ، وإنّما قال : « قال الراجز » ، وكذا في « لسان العرب » ، إلّا أنّه قال : « سلا رويدا » ؛ راجع الهامش السابق.

١٥٤

بمقتضى مذهبهم ، من صحّة أخذ الميثاق على الذرّ ووقوعه ، فإذا دلّت رواية « الفردوس »(١) على أخذ الميثاق بإمرة عليّعليه‌السلام ، كان لازما لهم وإن لم تذكره الآية الشريفة ؛ لجواز الاكتفاء عن ذكره بذكر أخذ الميثاق بالربوبيّة ؛ لأنّ الإمامة من توابع الربوبيّة ولوازمها لتكون بالإمام لله الحجّة على الناس.

لكن يبقى عليه سؤال ؛ إنّ الرواية تقول : « وآدم بين الروح والجسد »(٢) ، وفي هذه الحال لا وجود للذرّ ، ولا يقول الأشاعرة بأخذ الميثاق فيه ، فإنّهم إنّما يقولون به بعد تعلّق الروح بآدم.

وقد يجاب عنه بأنّه مجاز في النسبة ، للمبالغة في تقدّم أخذ الميثاق.

وإمّا مبنيّ على ما يقوله الإماميّة من الإشهاد بلسان حال إبداء الصنع العجيب ، والشهادة بلسان حال الحاجة ، فإنّ البشر كما يحتاج إلى خالق ، يحتاج إلى حجّة من رسول أو إمام(٣) .

لكن يبقى عليه أيضا سؤال ؛ إنّ هذا إنّما يقتضي وجود حجّة بلا تعيين ، فمن أين يتعيّن محمّد وعليّ كما ذكرته الرواية؟!

وقد يجاب عنه بأنّ التعيين إنّما هو للتنصيص من الله تعالى الذي أظهره للملائكة.

وإنّما أضاف النبوّة والإمرة إلى ضمير خطاب الملائكة ، فقال :

__________________

(١) انظر : الصفحة ١٥٠ من هذا الجزء.

(٢) انظر : الصفحة ١٤٨ من هذا الجزء.

(٣) انظر : الذخيرة في علم الكلام : ٣٢٣ وما بعدها وص ٤٢٩ وما بعدها ، الاقتصاد في ما يتعلّق بالاعتقاد : ٢٩٦ وما بعدها ، مناهج اليقين : ٢٦٦ و ٢٩٠ ، الكشّاف ٢ / ٤٤١ ، مجمع البيان ٦ / ٢١٧.

١٥٥

«نبيّكم » و«أميركم » ؛ لأنّه يجب عليهم الإقرار بنبوّة محمّد وإمرة عليّ ، فأضاف إليهم بهذا اللحاظ ؛ أو لأنّ المراد بالضمير الأعمّ من الملائكة ، أمّة محمّد ، فغلبت الملائكة بجهة الخطاب ، والأمّة بجهة أنّ النبوّة والإمرة لهم.

ويبقى أيضا سؤال ؛ إنّ الرواية تريد تطبيق ما ذكرته على الآية ، وهو غير منطبق ؛ لأنّ الآية ـ بناء على تفسير الإمامية ـ إنّما ذكرت شهادة الذرّيّة بلسان الحال المتأخّر ، والرواية ذكرت شهادة الملائكة في القدم.

وقد يجاب عنه بجواز وقوع الشهادة منهما ، فالذرّيّة بلسان الحال المتأخّر ، والملائكة بلسان المقال المتقدّم ، فإنّهم يعلمون بإخراج ذرّيّة بني آدم من ظهورهم ، وصيرورتهم أناسيّ ، الدالّين على حاجتهم إلى الخالق ، فشهدوا بالربوبية في القدم.

وكيف كان! فالرواية قاضية بإمرة عليّعليه‌السلام حتّى على الخلفاء الثلاثة ؛ لأنّهم ممّن أخذ عليه الميثاق ؛ ولأنّ أخذ الميثاق بإمرته مع نبوّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله دليل على أنّه خليفته بلا فصل ، وإلّا فلا وجه لترك السابقين عليه!

* * *

١٥٦

٣٤ ـ آية :( وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ )

قال المصنّف ـ نوّر الله ضريحه ـ(١) :

الرابعة والثلاثون : قوله تعالى :( وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) (٢) .

أجمع المفسّرون ، وروى الجمهور ، أنّه عليّعليه‌السلام (٣) .

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ١٩١.

(٢) سورة التحريم ٦٦ : ٤.

(٣) تفسير الحبري : ٣٢٣ ـ ٣٢٥ ح ٦٧ و ٦٨ ، تفسير الثعلبي ٩ / ٣٤٨ ، ما نزل من القرآن في عليّ ـ لأبي نعيم ـ : ٢٥٥ ، تفسير الماوردي ٦ / ٤١ ، شواهد التنزيل ٢ / ٢٥٤ ـ ٢٦٣ ح ٩٧٩ ـ ٩٩٦ ، مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ٢٣٥ ح ٣١٦ ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٣٦١ و ٣٦٢ ، زاد المسير ٨ / ٨٢ ، كفاية الطالب : ١٣٧ ـ ١٣٩ ، تفسير القرطبي ١٨ / ١٢٤ و ١٢٦ ، فرائد السمطين ١ / ٣٦٣ ح ٢٩٠ ، تفسير ابن كثير ٤ / ٣٩٠ ، كنز العمّال ٢ / ٥٣٩ ح ٤٦٧٥ ، فتح القدير ٥ / ٢٥٣ ، روح المعاني ٢٨ / ٢٢٨.

١٥٧

وقال الفضل(١) :

هذه الآية في سورة التحريم ، وهي نازلة في شأن عائشة وحفصة ، واتّفق المفسّرون أنّ المراد من( صالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) : أبو بكر وعمر ؛ لأنّ صدر الآية هكذا :( وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) (٢) .

يعني : إن تظاهر عائشة وحفصة على جنب(٣) رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من نسائه ، فإنّ( اللهِ ) مولاه ، وجِبْرِيلُ ، بأن يخبره عن صنيعهما ، و( صالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) ، المراد به : أبواهما(٤) ؛ فإنّهما كانا ينصحانهما بترك الأفعال التي تكون للضرّات.

وإن صحّ نزوله في أمير المؤمنين ، فلا شكّ أنّه( صالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) ، ولكن لا يدلّ على النصّ المدّعى.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٣ / ٣١٤.

(٢) سورة التحريم ٦٦ : ٤.

(٣) الجنب ـ على المجاز هنا ـ : الحقّ ؛ والمعنى هنا : أنّهما تظاهرا على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بالغيلة والفتنة والوقيعة والشتم ؛ انظر مادّة « جنب » في : لسان العرب ٢ / ٣٧٢ ، تاج العروس ١ / ٣٧٨.

(٤) تفسير البغوي ٤ / ٣٣٧ ، الدرّ المنثور ٨ / ٢٢٣.

١٥٨

وأقول :

أراد المصنّفرحمه‌الله بإجماع المفسّرين ، عدم اختصاص مفسّري الشيعة به ، وإن كان الموافق لهم بعض خصومهم ، فقد نقل القول به عن مجاهد(١) .

وقال ابن تيميّة : « وقيل : هو ـ أي( صالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) ـ عليّ ، حكاه الماوردي »(٢) .

وقد استفاضت به رواية القوم ، فقد نقل السيوطي في « الدرّ المنثور » عن ابن أبي حاتم ، أنّه أخرج عن عليّعليه‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّ( صالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) : عليّ(٣) .

ونقله أيضا ، عن ابن مردويه ، وابن عساكر ، بسنديهما عن ابن عبّاس(٤) .

ونقله أيضا ، عن ابن مردويه ، بسنده عن أسماء بنت عميس ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٥) .

ونقله المصنّفرحمه‌الله في « منهاج الكرامة » ، عن أبي نعيم ، عن

__________________

(١) مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ٢٣٥ ح ٣١٦ ، تفسير ابن كثير ٤ / ٣٩٠ ، مجمع البيان ١٠ / ٥٣.

(٢) منهاج السنّة ٧ / ٢٩٣ ، وانظر : تفسير الماوردي ٦ / ٤١.

(٣) الدرّ المنثور ٨ / ٢٢٤.

(٤) الدرّ المنثور ٨ / ٢٢٤ ، وانظر ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٣٦١ و ٣٦٢.

(٥) الدرّ المنثور ٨ / ٢٢٤.

١٥٩

أسماء(١) .

وحكاه محمّد بن طلحة الشافعي(٢) في كتابه « مطالب السؤول » ، عن الثعلبي ، عن أسماء ، قالت : لمّا نزل قوله تعالى :( وَإِنْ تَظاهَرا ) (٣) الآية ، سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول :( صالح المؤمنين ) :عليّ عليه‌السلام (٤) .

وحكاه في « ينابيع المودّة » ، عن أبي نعيم والثعلبي ، عن أسماء أيضا(٥) .

ونقله السيّد السعيدرحمه‌الله عن السّدّي في تفسيره ، عن أبي مالك ، وابن عبّاس(٦) .

__________________

(١) منهاج الكرامة : ١٤٦ ، وانظر : ينابيع المودّة ١ / ٢٧٨ ح ٢ عن أبي نعيم عن أسماء بنت عميس.

(٢) هو : أبو سالم كمال الدين محمّد بن طلحة بن محمّد بن الحسن القرشي العدوي النصيبي الشافعي ، مفتي دمشق وخطيبها ( ٥٨٢ ـ ٦٥٢ ه‍ ) ، كان من الصدور الأكابر والرؤساء المعظّمين ، ذا جلال وحشمة ، برع في فقه المذهب وأصوله ، مشارك في عدّة فنون ، أقام بدمشق بالمدرسة الأمينية ، ولي الوزارة بدمشق يومين ثمّ تركها وتزهّد ، سمع الحديث بنيسابور وحدّث ببلاد كثيرة حتّى توفّي بحلب.

انظر : سير أعلام النبلاء ٢٣ / ٢٩٣ رقم ١٩٩ ، العبر ٣ / ٢٦٩ ، طبقات الشافعية الكبرى ـ للسبكي ـ ٨ / ٦٣ رقم ١٠٧٦ ، طبقات الشافعية ـ للأسنوي ـ ٢ / ٢٨٢ رقم ١٢٠٠ ، طبقات الفقهاء الشافعيّين ـ لابن كثير ـ ٢ / ٨٧٧ رقم ١٤ ، شذرات الذهب ٥ / ٢٥٩.

(٣) سورة التحريم ٦٦ : ٤.

(٤) مطالب السؤول : ٨١.

(٥) ينابيع المودّة ١ / ٢٧٨ ح ٢ ، وانظر : ما نزل من القرآن في عليّ ـ لأبي نعيم ـ : ٢٥٥ ، تفسير الثعلبي ٩ / ٣٤٨.

(٦) إحقاق الحقّ ٣ / ٣١٦.

١٦٠