دلائل الصدق لنهج الحق الجزء ٥

دلائل الصدق لنهج الحق0%

دلائل الصدق لنهج الحق مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: مفاهيم عقائدية
ISBN: 964-319-358-6
الصفحات: 427

دلائل الصدق لنهج الحق

مؤلف: الشيخ محمد حسن المظفر
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف:

ISBN: 964-319-358-6
الصفحات: 427
المشاهدات: 155821
تحميل: 2142


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 427 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 155821 / تحميل: 2142
الحجم الحجم الحجم
دلائل الصدق لنهج الحق

دلائل الصدق لنهج الحق الجزء 5

مؤلف:
ISBN: 964-319-358-6
العربية

وقال الفضل(١) :

أجمع المفسّرون على أنّ الآية نزلت في رجل وامرأة أسلما ، وكان لهما ولد يحبّانه حبّا شديدا ، فمات فافتتنا ، وكادا يرجعان عن الإسلام ، فأنزل الله هذه الآية.

وأمّا ما ذكره من الخبر ، فالظاهر أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يجعل عليّا فتنة للمسلمين.

وهذه من القوادح لا من الفضائل على ما ذكره.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٣ / ٣٧٠.

٢٢١

وأقول :

نقل الزمخشري والرازي في نزول الآية أقوالا ، ولم يذكرا ما ذكره الفضل ، فضلا عن أن يكون مجمعا عليه(١) .

وأمّا « الفتنة » في الآية ، فالمراد بها : الامتحان ، كما في « الكشّاف »(٢) ، أو الابتلاء ، كما في « تفسير الرازي »(٣) ، والمقصود بهما واحد.

لكن ادّعى الزمخشري أنّ الممتحن به هو شدائد التكليف ، والفقر والقحط ، وأنواع المصائب بالنفس والأموال ، ومصابرة الكفّار على أذاهم وكيدهم(٤) .

وخصّ الرازي الابتلاء بالفرائض البدنيّة والماليّة(٥) .

وكيف كان! فلم يدّع أحد قدحا في ما به الفتنة ، كما زعم الفضل.

وبالجملة : الرواية دالّة على أنّ المقصود بالآية أنّ عليّاعليه‌السلام محنة للمؤمنين ، يميّز به ثابت الإيمان من غيره ، وصادقه من كاذبه.

فمن ثبت على الإيمان بإمامته كان مؤمنا حقّا ، ومن زال عنه كان

__________________

(١) تفسير الفخر الرازي ٢٥ / ٢٨ ـ ٢٩ ، الكشّاف ٣ / ١٩٦ ؛ وانظر : تفسير البغوي ٣ / ٣٩٥ ، تفسير القرطبي ١٣ / ٢١٥ ، زاد المسير ٦ / ١٢٦ ، روح المعاني ٢٠ / ٢٠٠.

(٢) الكشّاف ٣ / ١٩٥.

(٣) تفسير الفخر الرازي ٢٥ / ٢٩.

(٤) الكشّاف ٣ / ١٩٥.

(٥) تفسير الفخر الرازي ٢٥ / ٢٩.

٢٢٢

مستعار الإيمان كاذبه.

ويشهد لذلك قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله في هذه الرواية : « أنت مخاصم فاعتد للخصومة »

فإنّ الخصومة الواقعة بينه وبين قومه إنّما هي في إمامته.

ويؤيّد هذا الحديث ، ويرشد إلى إرادة الامتحان في إمامته ، ما نقله السيوطي في « اللآلئ المصنوعة » ، عن عمر ، قال :

« كفّوا عن عليّ! فلقد سمعت من رسول الله فيه خصالا لأن تكون واحدة منهنّ في آل الخطّاب أحبّ إليّ ممّا طلعت عليه الشمس ؛ كنت أنا [ وأبو بكر ] وأبو عبيدة في نفر من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فانتهينا إلى باب أمّ سلمة ، وعليّ قائم على الباب ، فقلنا :

أردنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ فقال : يخرج إليكم ؛ فخرج ، فثرنا(١) إليه ، فاتّكأ على عليّ بن أبي طالب ، ثمّ ضرب بيده على منكبه ، ثمّ قال :

«أنت مخاصم تخصم ، أنت أوّل المؤمنين إيمانا ، وأعلمهم بأيّام الله ، وأوفاهم بعهده ، وأقسمهم بالسويّة ، وأرفقهم بالرعيّة ، وأعظمهم مزيّة ، وأنت عاضدي ، وغاسلي ، ودافني ، والمتقدّم إلى كلّ كريهة وشديدة ، ولن ترجع بعدي كافرا ، وأنت تتقدّمني بلواء الحمد تذود عن حوضي »(٢) .

فإنّ هذه الصفات إنّما تكون بأفضل الأمّة وإمامها ، ولكن قال ابن الجوزي : « باطل ، عمله الأبزاري »(٣) ، ويعني به الحسن بن عبيد الله

__________________

(١) ثار إليه ثورا وثؤورا وثورانا : وثب ؛ انظر : لسان العرب ٢ / ١٤٨ مادّة « ثور ».

(٢) اللآلئ المصنوعة ١ / ٢٩٦ ـ ٢٩٧ ، وانظر : كنز العمّال ١٣ / ١١٦ ـ ١١٧ ح ٣٦٣٧٨.

(٣) اللآلئ المصنوعة ١ / ٢٩٧ ، الموضوعات ١ / ٣٤٤.

٢٢٣

الأبزاري ، المذكور في سند هذا الحديث.

وسمّاه في « ميزان الاعتدال » : الحسين أيضا ، وقال : « قال أحمد بن كامل : كان كذّابا »(١) .

والظاهر : إنّ سبب تكذيبه له أنّ له روايات في فضل آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ذكر في « الميزان » بعضها.

والحقّ أنّ هذا الحديث من أصدق الحديث ؛ لأنّ مضامينه بين ضروريّ ومستفيض الرواية به ، مع أنّه روي بطريق آخر قال في « اللآلئ المصنوعة » نقلا عن ابن الجوزي : « وقد رواه أبو بكر ابن مردويه ، عن أبي بكر بن كامل ، عن عليّ بن المبارك الربيعي ، عن إبراهيم بن سعيد »(٢) ، ثمّ قال : « ولعلّ ابن المبارك أخذه من الأبزاري »(٣) .

فيا عجبا! أيجوز تكذيب الحديث الضروري بالاحتمالات والخيالات ، مع أنّ ابن المبارك لم ينقل في « الميزان » عن أحد فيه قدحا.

نعم ، له عذر ظاهر في إبطال الحديث ، وهو أنّ راويه عمر!

ولكن ، ألم يعلم أنّ هذا من إلزام الله لهم بالحجّة؟!

* * *

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٢ / ٢٩٦ رقم ٢٠٢٥.

(٢و ٣) اللآلئ المصنوعة ١ / ٢٩٧ ، وراجع الموضوعات ١ / ٣٤٤.

٢٢٤

٤٧ ـ آية :( وَشَاقُّوا الرَّسُولَ )

قال المصنّف ـ رفع الله درجته ـ(١) :

السابعة والأربعون : قوله تعالى :( وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهدى ) (٢) .

قال : في أمر عليّعليه‌السلام (٣) .

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ١٩٧.

(٢) سورة محمّد ٤٧ : ٣٢.

(٣) أرجح المطالب : ٥٨ من طريق ابن مردويه ، وانظر : كشف الغمّة ١ / ٣١٧ عن ابن مردويه كذلك.

٢٢٥

وقال الفضل(١) :

هذا من رواياته ، وأثر النكر عليه ظاهر ، ولا دلالة له أصلا على ثبوت النصّ المدّعى.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٣ / ٣٧١.

٢٢٦

وأقول :

رواه ابن مردويه على ما في « كشف الغمّة »(١) .

ودعوى الفضل ظهور أثر النكر عليه لا منشأ لها إلّا صراحة الرواية ببطلان مذهبه ؛ إذ لا يفهم من أمر عليّعليه‌السلام إلّا خلافته ، فإنّها أظهر أمر يعود إليه وقعت به المشاقّة في حياة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وبعده

فمرّة نسبوا إليه فيه : الغواية(٢)

وأخرى : الهجر(٣)

وثالثة : قول الحارث بن النعمان الفهري : اللهمّ إن كان ما يقول محمّد حقّا فأمطر علينا حجارة من السماء(٤)

ورابعة : بيعة السقيفة(٥)

__________________

(١) كشف الغمّة ١ / ٣١٧.

(٢) راجع ما مرّ في سورة النجم في الصفحة ١٧٠ من هذا الجزء.

(٣) انظر : البداية والنهاية ٥ / ١٧٣ أحداث سنة ١١ ه‍ ، ومرّ تخريج ذلك في ج ٤ / ٩٣ ه‍ ٢ من هذا الكتاب ؛ فراجع!

(٤) قالها عند ما تمّ تنصيب الإمام عليّعليه‌السلام أميرا للمؤمنين وخليفة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في غدير خمّ ، فنزل قوله تعالى :( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ ) ، فانظر : تفسير الثعلبي ١٠ / ٣٥ ، شواهد التنزيل ٢ / ٢٨٦ ـ ٢٨٩ ح ١٠٣٠ ـ ١٠٣٤ ، تفسير القرطبي ١٨ / ١٨١ ، تذكرة الخواصّ : ٣٧ ، فرائد السمطين ١ / ٨٢ ح ٦٣ ، نزهة المجالس ٢ / ٢٠٩ ، جواهر العقدين : ٢٤٧ ، فيض القدير ٦ / ٢٨٢ ح ٩٠٠٠ ، السيرة الحلبية ٣ / ٣٣٧.

وانظر تفصيل الواقعة في ج ٤ / ٣٣٧ ـ ٣٣٨ من هذا الكتاب.

(٥) انظر مثلا : تاريخ الطبري ٢ / ٢٣٤ ـ ٢٣٦ ، الكامل في التاريخ ٢ / ١٨٩ ، البداية ـ

٢٢٧

وخامسة : قهره على البيعة(١)

.. إلى ما لا يحصى من المشاقّة في أمره للرسول في حياته وبعده.

ويؤيّد هذا الحديث ما سبق في الآية السابقة(٢) ، وما رواه الحاكم في « المستدرك »(٣) ، عن عليّعليه‌السلام ـ وصحّحه ـ ، قال :« إنّ ممّا عهد إليّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّ الأمّة ستغدر بي بعده ».

.. إلى نحوه من الأخبار(٤) .

* * *

__________________

ـ والنهاية ٥ / ١٨٦ حوادث سنة ١١ ه‍ ، وانظر : ج ٤ / ٢٤٤ وما بعدها و ٢٧٧ وما بعدها من هذا الكتاب.

(١) انظر مثلا : تاريخ الطبري ٢ / ٢٣٣ ، تاريخ اليعقوبي ٢ / ١١ ؛ وراجع ج ٤ / ٢٧٧ من هذا الكتاب.

(٢) انظر الصفحة ٢٢٠ من هذا الجزء.

(٣) ص ١٤٠ من الجزء الثالث [ ٣ / ١٥٠ ح ٤٦٧٦ ]. منهقدس‌سره .

(٤) انظر مثلا : التاريخ الكبير ـ للبخاري ـ ٢ / ١٧٤ رقم ٢١٠٣ ، مسند البزّار ٣ / ٩١ ـ ٩٢ ح ٨٦٩ ، الكنى والأسماء ـ للدولابي ـ ١ / ١٠٤ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٥١ ح ٤٦٧٧ ، دلائل النبوّة ـ للبيهقي ـ ٦ / ٤٤٠ ، تاريخ بغداد ١١ / ٢١٦ رقم ٥٩٢٨ ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٤٤٧ و ٤٤٨ ، البداية والنهاية ٦ / ١٦٤.

٢٢٨

٤٨ ـ آية :( وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ )

قال المصنّف ـ نوّر الله ضريحه ـ(١) :

الثامنة والأربعون : قوله تعالى :( وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ) (٢) .

هو : عليّ عليه الصلاة والسلام(٣) .

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ١٩٨.

(٢) سورة هود ١١ : ٣.

(٣) راجع : شواهد التنزيل ١ / ٢٧١ ح ٣٦٧ ، وانظر : كشف الغمّة ١ / ٣١٧ عن ابن مردويه.

٢٢٩

وقال الفضل(١) :

إن صحّ نزوله فيه فهو دالّ على فضله المتّفق عليه ، ولا دلالة له على النصّ.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٣ / ٣٧٢.

٢٣٠

وأقول :

رواه ابن مردويه على ما في « كشف الغمّة »(١) .

ومراد الآية الشريفة إمّا بيان أنّ الله تعالى أنعم على الناس بإيتائهم الفضل والمعرفة ، وفضّل بعضهم على بعض

وإمّا بيان أنّه يؤتي كلّ ذي فضل جزاء فضله ـ أي جزاءه ـ بحسب ما يترتّب عليه من العمل ، كثرة وقلّة وإخلاصا(٢) .

وحينئذ : فمعنى نزولها في عليّعليه‌السلام ، هو الإعلام بأنّه الفاضل ذاتا أو جزاء ، والفاضل في كلّ منهما أحقّ بالإمامة.

أمّا على الأوّل ، فظاهر

وأمّا على الثاني ؛ فلأنّ زيادة الجزاء فرع كثرة العمل وقوّة الإخلاص الناشئين من الفضل الذاتي ، كما أشرنا إليه.

* * *

__________________

(١) كشف الغمّة ١ / ٣١٧.

(٢) قيل : إنّ الفضل بمعنى التفضيل والإفضال ، أي : ويعطي كلّ ذي إفضال على غيره بمال أو كلام أو عمل بيد أو رجل جزاء أفضاله ، فيكون حرف الهاء في « فضله » عائدا إلى ذي الفضل

وقيل : إنّ معناه يعطي كلّ ذي عمل صالح فضله ، أي : ثوابه ، على قدر عمله ، فإنّ من كثرت طاعاته في الدنيا زادت درجاته في الجنّة ، وعلى هذا فالأولى أن يكون الهاء في « فضله » عائدا إلى اسم الله تعالى.

انظر : مجمع البيان ٥ / ٢١٩.

٢٣١

٤٩ ـ آية :( فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ )

قال المصنّف ـ أعلى الله مقامه ـ(١) :

التاسعة والأربعون : قوله تعالى :( فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ ) (٢) .

هو من ردّ قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في عليّعليه‌السلام (٣) .

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ١٩٨.

(٢) سورة الزمر ٣٩ : ٣٢.

(٣) انظر : كشف الغمّة ١ / ٣١٧ عن ابن مردويه.

٢٣٢

وقال الفضل(١) :

هذا من رواياته ، وإن صحّ لا يدلّ على ثبوت المقصود.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٣ / ٣٧٣.

٢٣٣

وأقول :

هذا أيضا ممّا حكاه في « كشف الغمّة » عن ابن مردويه(١) .

والمراد من ردّ قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في عليّعليه‌السلام : ردّه في إمامته ؛ لأنّها هي التي ردّها من أعظم الظلم ، وفي عرض الكذب على الله عزّ وجلّ ، فإنّ الردّ لسائر فضله ليس كذلك ، على أنّه لو أريد فهو دليل أفضليّته ؛ إذ ليس مثله أحد من الأمّة يكون الردّ لفضائله كذلك.

والأفضل ـ لا سيّما بهذا الفضل المكشوف عنه بمثل ذلك ـ أعظم الأمّة ، وأحقّها بالإمامة.

* * *

__________________

(١) كشف الغمّة ١ / ٣١٧.

٢٣٤

٥٠ ـ آية :( وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ )

قال المصنّف ـ طاب ثراه ـ(١) :

الخمسون : قوله تعالى :( وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ) (٢) .

قال أبو رافع(٣) : وجّه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّا [ في نفر معه ] في طلب أبي سفيان ، فلقيهم أعرابي من خزاعة ، فقال : إنّ القوم قد جمعوا لكم فاخشوهم.

فقالوا : حسبنا الله ونعم الوكيل(٤) .

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ١٩٨.

(٢) سورة آل عمران ٣ : ١٧٣.

(٣) هو : أبو رافع القبطي ، مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، من قبط مصر ، وقد اختلف في اسمه ، فمنهم من قال : إبراهيم ، ومنهم من قال : أسلم ، وهو المشهور ، وقيل : هرمز ، وقيل : ثابت.

كان مولى للعبّاس بن عبد المطّلب ، فوهبه للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ؛ أسلم بمكّة مع إسلام أمّ الفضل ، شهد أحدا والخندق ، زوّجه النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم مولاته سلمى ، وقد اختلفوا في وفاته ، فقيل : توفّي في زمان عثمان ، وقيل : في خلافة الإمام عليّ عليه السلام ، وهو الصواب ، وقيل : توفّي بالكوفة سنة أربعين للهجرة.

وكان ابنه عبيد الله خازنا وكاتبا لأمير المؤمنين عليّعليه‌السلام .

انظر : الاستيعاب ١ / ٨٣ ـ ٨٤ رقم ٣٤ وج ٤ / ١٦٥٦ رقم ٢٩٤٨ باب الكنى ، أسد الغابة ١ / ٩٣ رقم ١١٨ ، تهذيب الكمال ٢١ / ٢١٨ ـ ٢١٩ رقم ٧٩٤٨ ، سير أعلام النبلاء ٢ / ١٦ رقم ٣.

(٤) لباب النقول في أسباب النزول : ٦١ ، الدرّ المنثور ٢ / ٣٨٩.

٢٣٥

وقال الفضل(١) :

الآية نزلت في بدر الصغرى(٢) ؛ وذلك لأنّ أبا سفيان لمّا انقضى الحرب يوم أحد ، قال : « الموعد بيننا في بدر » ، فلمّا كان في وقت الموسم ، لم يستطع أبو سفيان أن يخرج ؛ لجدب السنة ، فأرسل نعيم بن مسعود(٣) ليثبّط رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من القتال ، فجاء نعيم بن مسعود وخوّف رسول الله وأصحابه ، فقالوا : حسبنا الله ونعم الوكيل(٤) .

وتتمّة الآية يدلّ على ما ذكرنا ، فإنّه يقول :( الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ ) (٥) وهو نعيم بن مسعود ،( إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ ) أي :

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٣ / ٣٧٥.

(٢) المقصود ببدر الصغرى هنا ؛ هي بدر الموعد ، وسمّيت أيضا ب‍ : بدر الثانية ، وبدر الأخيرة ، وغزوة السويق.

انظر : المغازي ـ للواقدي ـ ١ / ٣٨٤ ، تاريخ الطبري ٢ / ٨٧ ، الكامل في التاريخ ٢ / ٦٨ ، البداية والنهاية ٤ / ٧٢.

(٣) هو : نعيم بن مسعود بن عامر بن أنيف بن ثعلبة الغطفاني الأشجعي ، أسلم في وقعة الخندق ، وهو الذي أوقع الخديعة في بني قريظة وغطفان وقريش بإذن من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم الخندق ، وكان رسول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى ابن ذي اللّحية ؛ قيل : توفّي في زمان عثمان ، وقيل : يوم الجمل قبل قدوم الإمام عليّعليه‌السلام إلى البصرة.

انظر : معرفة الصحابة ـ لأبي نعيم ـ ٥ / ٢٦٦٧ رقم ٢٨٧١ ، الاستيعاب ٤ / ١٥٠٨ ـ ١٥٠٩ رقم ٢٦٢٩ ، أسد الغابة ٤ / ٥٧٢ رقم ٥٢٧٤ ، الإصابة ٦ / ٤٦١ رقم ٨٧٨٥.

(٤) الكشّاف ١ / ٤٨٠ ، تفسير الفخر الرازي ٩ / ١٠٢ ، روح المعاني ٤ / ١٩٧.

(٥) سورة آل عمران ٣ : ١٧٣.

٢٣٦

أبو سفيان وقريش ، فقال المؤمنون :( حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ) .

هذا رواية أهل السنّة ، وإن صحّ ما رواه فلا يدلّ على المقصود ، كما علمت.

* * *

٢٣٧

وأقول :

هذا أيضا ممّا نقله في « كشف الغمّة » عن ابن مردويه(١) .

ونقله عنه أيضا السيوطي في « لباب النقول في أسباب النزول » ، قال : أخرج ابن مردويه ، عن أبي رافع ، أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وجّه عليّاعليه‌السلام في نفر معه [ في طلب أبي سفيان ] ، فلقيهم أعرابي من خزاعة وذكر تمام الحديث(٢) .

وهو كما ترى دالّ على شدّة توكّل أمير المؤمنينعليه‌السلام ومن معه على الله تعالى ، وحسن بصائرهم ، وأنّ التخويف لم يزدهم إلّا إيمانا ؛ ولذا مدحهم الله سبحانه في كتابه العزيز.

ومن المعلوم أنّ أفضلهم في ذلك عليّعليه‌السلام ، بل هو المراد فيه ، وأصله ؛ لأنّه رئيسهم ، وقائدهم ، والمنظور إليه فيهم.

وأمّا تتمّة الآية الكريمة ، فلا أعرف كيف تدلّ على ما ذكره الفضل دون إرادة عليّعليه‌السلام ومن معه ، والحديث الذي نقله ليس حجّة علينا حتّى يعارض خبر ابن مردويه.

__________________

(١) كشف الغمّة ١ / ٣١٧.

(٢) لباب النقول : ٦١.

٢٣٨

٥١ ـ آية :( وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ )

قال المصنّف ـقدس‌سره ـ(١) :

الحادية والخمسون : قوله تعالى :( وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ ) (٢) .

في قراءة ابن مسعود : بعليّ بن أبي طالب(٣) .

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ١٩٩.

(٢) سورة الأحزاب ٣٣ : ٢٥.

(٣) ما نزل من القرآن في عليّ ـ لأبي نعيم ـ : ١٧٢ ، تفسير الماوردي ٤ / ٣٩١ ، شواهد التنزيل ٢ / ٣ ـ ٥ ح ٦٢٩ ـ ٦٣٢ ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٣٦٠ ، كفاية الطالب : ٢٣٤ ، ينابيع المودّة ١ / ٢٨٣ ـ ٢٨٤ ح ٧ و ٨.

٢٣٩

وقال الفضل(١) :

ليس هذا من القراءات المتواترة ، والشيعة يعدّونها من الشواذّ ، وإن صحّ ، دلّ على فضيلته لا على إمامته بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٣ / ٣٧٨.

٢٤٠