دلائل الصدق لنهج الحق الجزء ٦

دلائل الصدق لنهج الحق0%

دلائل الصدق لنهج الحق مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: مفاهيم عقائدية
ISBN: 964-319-359-4
الصفحات: 582

دلائل الصدق لنهج الحق

مؤلف: الشيخ محمد حسن المظفر
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف:

ISBN: 964-319-359-4
الصفحات: 582
المشاهدات: 108257
تحميل: 2634


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 582 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 108257 / تحميل: 2634
الحجم الحجم الحجم
دلائل الصدق لنهج الحق

دلائل الصدق لنهج الحق الجزء 6

مؤلف:
ISBN: 964-319-359-4
العربية

في حرم الله! فإنّي أشهد لسمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «يحلّها ويحلّ به رجل من قريش ، لو وزنت ذنوبه بذنوب الثّقلين لوزنها ».

وروى البخاري في تفسير سورة « براءة »(١) ، عن ابن عبّاس ، قال : إنّ الله كتب ابن الزبير وبني أميّة محلّين.

أقول :

هو من أكبر الذنوب ؛ فقد روى البخاري في « كتاب البيوع »(٢) ، عن ابن عبّاس ، أنّ رسول الله قال : «إنّ الله حرّم مكّة ، ولم تحلّ لأحد قبلي ، ولا لأحد بعدي ، وإنّما حلّت لي ساعة من نهار ».

ورواه أيضا في « كتاب المغازلي » وغيره(٣) .

وقال في « الاستيعاب » بترجمة ابن الزبير : كان فيه خلال لا تصلح معها الخلافة ؛ فإنّه كان بخيلا ، ضيّق العطن(٤) ، سيّئ الخلق ، حسودا ، كثير الخلاف(٥) .

وقال ابن أبي الحديد في « شرح النهج »(٦) : « كان شديد البخل ، يطعم الجند تمرا ويأمرهم بالحرب ، فإذا فرّوا من وقع السيوف لامهم

__________________

(١) من كتاب التفسير من صحيحه ، في باب قوله تعالى :( ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ ) [ ٦ / ١٢٧ ح ١٨٥ ]. منهقدس‌سره .

(٢) في باب ما قيل في الصّوّاغ [ ٣ / ١٢٧ ح ٤٢ ]. منهقدس‌سره .

(٣) صحيح البخاري ٥ / ٣٠٩ ح ٣١٦ ، وج ٣ / ٣٨ ح ٤٠٨ كتاب الحجّ.

(٤) رجل رحب العطن : أي رحب الذّراع كثير المال واسع الرّحل ، وضيّق العطن كناية عن البخل ؛ انظر : لسان العرب ٩ / ٢٧٣ مادّة « عطن ».

(٥) الاستيعاب ٣ / ٩٠٦ رقم ١٥٣٥.

(٦) ص ٤٨٧ ج ٤ [ ٢٠ / ١٢٣ ]. منهقدس‌سره .

٢٨١

وقال : أكلتم تمري وعصيتم أمري ».

وذكر المؤرّخون أشياء كثيرة تشهد بفسقه وسوء ذاته ، كتركه الصلاة على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أربعين جمعة قائلا : إنّ له أهيل سوء(١) !

وكفاك من فسقه حربه لمن حربه حرب لله ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومن نفاقه بغضه الشديد له ، وقد مرّ مرارا أنّ بغض عليّ علامة النفاق(٢) .

هذا في ما انتخبه من خلفائهم وزعم أنّهم من أهل الصلاح ، فكيف حال غيرهم؟!

ولا أفسد من مذهب يلتزم أهله بعدم صلاح من تجب طاعتهم طول الدهر سوى اثني عشر ، فتدبّر!

* * *

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ٢٠ / ١٢٧.

(٢) راجع مبحث الحديث السادس عشر في الصفحات ١٤٧ ـ ١٥١ من هذا الجزء.

٢٨٢

المبحث الخامس

في بعض فضائل عليّ

قال المصنّف ـ أعلى الله درجته ـ(١) :

المبحث الخامس : في ذكر بعض الفضائل التي تقتضي وجوب إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام .

هذا باب لا يحصى كثرة.

روى أخطب خوارزم من الجمهور ، بإسناده إلى ابن عبّاس ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لو أنّ الرياض أقلام ، والبحر مداد ، والجنّ حسّاب ، والإنس كتّاب ، ما أحصوا فضائل عليّ بن أبي طالب »(٢) .

فمن يقول عنه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مثل هذا ، كيف يمكن ذكر فضائله؟!

لكن لا بدّ من ذكر بعضها ؛ لما رواه أخطب خوارزم أيضا ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّ الله جعل لأخي عليّ فضائل لا تحصى كثرة ، فمن ذكر فضيلة من فضائله مقرّا بها ، غفر الله له ما تقدّم من ذنبه

__________________

(١) نهج الحقّ : ٢٣١.

(٢) مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ للخوارزمي ـ : ٣٢ ح ١ وص ٣٢٨ ح ٣٤١ ؛ وانظر : كفاية الطالب : ٢٥١ ، فرائد السمطين ١ / ١٦ ، ينابيع المودّة ٢ / ٢٥٤ ح ٧١٣ وقال : « رواه صاحب الفردوس ».

٢٨٣

وما تأخّر.

ومن كتب فضيلة من فضائله ، لم تزل الملائكة تستغفر له ما بقي لتلك الكتابة رسم.

ومن استمع إلى فضيلة من فضائله ، غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالاستماع.

ومن نظر إلى كتاب من فضائله ، غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالنظر.

ثمّ قال : النظر إلى عليّ عبادة ، وذكره عبادة ، ولا يقبل الله إيمان عبد إلّا بولايته والبراءة من أعدائه »(١) .

* * *

وقد ذكرت في كتاب « كشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين » ، أنّ الفضائل

إمّا قبل ولادته : مثل ما روى أخطب خوارزم ـ من علماء الجمهور ـ ، عن ابن مسعود ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لمّا خلق الله آدم ونفخ فيه من روحه عطس آدم ، فقال : الحمد لله ؛ فأوحى الله تعالى إليه : حمدني عبدي ، وعزّتي وجلالي لو لا عبدان أريد أن أخلقهما في دار الدّنيا ما خلقتك.

__________________

(١) مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ للخوارزمي ـ : ٣٢ ـ ٣٣ ح ٢ ؛ وانظر : كفاية الطالب : ٢٥٢ ، فرائد السمطين ١ / ١٩.

٢٨٤

قال : إلهي فيكونان منّي؟

قال : نعم يا آدم ، ارفع رأسك وانظر!

فرفع رأسه فإذا مكتوب على العرش : لا إله إلّا الله ، محمّد نبيّ الرحمة ، وعليّ مقيم الحجّة ، من عرف حقّ عليّ زكا وطاب ، ومن أنكر حقّه لعن وخاب.

أقسمت بعزّتي وجلالي ، أن أدخل الجنّة من أطاعه وإن عصاني ، وأقسمت بعزّتي ، أن أدخل النار من عصاه وإن أطاعني »(١) .

والأخبار في ذلك كثيرة(٢) .

* * *

__________________

(١) كشف اليقين : ٧ ـ ٨ ، وانظر : مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ للخوارزمي ـ : ٣١٨ ح ٣٢٠.

(٢) راجع ـ مثلا ـ الصفحة ٥ والصفحة ١٢ وما بعدها من هذا الجزء.

٢٨٥

وقال الفضل(١) :

لا يشكّ مؤمن في فضائل عليّ بن أبي طالب ، ولا في فضائل أكابر الصحابة ، كالخلفاء ؛ فإنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قد خصّ كلّ واحد منهم بالفضائل التي كانت فيه ، وهي مذكورة في كتب الصحاح.

وكما إنّ هذا الرجل يذكر فضائل أمير المؤمنين من كتب أصحابنا ، كذلك كلّ على حسب مرادهم يذكرون فضائل من يريدون من الخلفاء الراشدين.

ولكن يشترط في ذكر الفضائل ، أن يروى من الصحاح المعتبرة ، ومن العلماء الّذين اعتمدهم الناس ، ويكونوا(٢) صاحب قول مقبول ، ويعرفون سقيم الأخبار من صحيحها ، وجيّدها من رديئها ، ومقبولها من مردودها.

فإنّ الممارس لفنّ الحديث ، المبالغ في التتبّع والاقتفاء ، لا يخفى عليه صحّة الحديث ، وضعفه ، ووضعه ؛ فإنّ المنكر(٣) والشاذّ(٤) معلومان موسومان بوسم الشذوذ ؛ لأنّها غير المألوفة مثل هذه الأحاديث.

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ : ٤٢٩ الطبعة الحجرية.

(٢) كذا في الأصل ، وهو غير غريب من الفضل ، فكلامه هنا مختلّ من الناحيتين اللغوية والنحوية ؛ والصحيح ـ لغة ونحوا ـ أن يقال : « ويكونون أصحاب قول مقبول » ؛ فلاحظ!

(٣) الحديث المنكر : هو ما رواه غير الثقة مخالفا لما عليه المشهور.

(٤) الحديث الشاذّ : هو ما رواه الثقة مخالفا لما عليه المشهور.

٢٨٦

والأخبار التي يرويها عن أخطب خوارزم أثر النكر والوضع ظاهر عليها ، بحيث لا يخفى على المتدرّب في فنّ الحديث.

فإنّ هذه المبالغة التي نسبها للنبيّ في فضائل عليّ بقوله : «لو أنّ الرياض أقلام ، والبحر مداد ، والجنّ حسّاب ، والإنس كتّاب ، ما أحصوا فضائل عليّ بن أبي طالب » لا يخفى على الماهر في فنّ الحديث أنّ هذا ليس من كلام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ولينصف المنصف المتدرّب في معرفة الأخبار ، أنّ من شأن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يبالغ مثل هذه المبالغة في مدح أحد من المخلوقين ، وهذا من أوصاف الخالق ،( قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي ) (١) ؟!

ثمّ إنّ لفظ « الفضائل » لا يوجد في كلمات النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومحال أن يحكم المحدّث أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله تكلّم بلفظ « الفضائل » ، فإنّ هذا من ألفاظ المحدثين المولّدين وليس من كلام العرب.

والمحدّث لا يخفى عليه أنّ هذا موضوع ، وأكثر ما ذكر من مناقب الخوارزمي موضوعات.

وأمّا الحديث الذي رواه الخوارزمي عن ابن مسعود ، وهو أنّ الله خلق آدم لأجل محمّد وعليّ ، وأنّ العاصي لله إن أطاع عليّا فهو من أهل النجاة ، والمطيع بعد أن عصى عليّا فهو من أهل النار(٢) ، فقد تحتّم الحكم بأنّه من الموضوعات ؛ لأنّه مخالف لحكم الشرع ، فإنّ عليّا عبد من عباد

__________________

(١) سورة الكهف ١٨ : ١٠٩.

(٢) تقدّم آنفا في الصفحتين ٢٨٤ ـ ٢٨٥ ؛ فراجع!

٢٨٧

الله تعالى ، وهو ليس بأكرم على الله من محمّد ، ومن اعتقد أنّ عليّا أكرم على الله من محمّد فهو كافر بالله العظيم ، ولا يرتاب في هذا أحد من المؤمنين.

ومحمّد لا يمكن أن يدّعى فيه أنّ من أطاعه وعصى الله فهو من أهل النجاة ؛ لأنّ طاعة الله وطاعة رسوله واحد ، فكيف يمكن الدعوى أنّ من أطاع عليّا وإن عصى الله فهو من أهل النجاة؟!

وهذا من موضوعات غلاة الرفضة ، ذكره هذا الرجل الرافضي ، ولا اعتداد بهذا النقل ولا اعتبار.

ثمّ إنّ كلّ ما يذكره من هذه الفضائل ـ وإن صحّ ـ لا يدلّ على وجوب إمامته ، كما لا يخفى.

* * *

٢٨٨

وأقول :

يرد عليه أمور :

الأوّل : إنّ قوله : « كلّ على حسب مرادهم يذكرون فضائل من يريدون » إلى آخره

خطأ ظاهر ؛ لأنّ ذكرنا لفضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام من كتبهم يفيدنا حجّة عليهم ، بخلاف ذكرهم لفضائل أصحابهم من كتبهم ؛ فإنّه لا يفيدهم حجّة علينا ، لا سيّما مع معارضتها بما في كتبهم من مطاعنهم.

الثاني : إنّ قوله : « ولكن يشترط في ذكر الفضائل أن يروى من الصحاح » إلى آخره

مخالف لما ذكره ابن حجر في أوائل الفصل الأوّل من كتابه المسمّى ب‍ « تطهير الجنان واللسان عن الخطور والتفوّه بثلب معاوية بن أبي سفيان » ، قال بعد نقل حديث في فضل معاوية : « فإن قلت : هذا الحديث المذكور سنده ضعيف ، فكيف يحتج به؟!

قلت : الذي أطبق عليه أئمّتنا الفقهاء والأصوليّون والحفّاظ أنّ الحديث الضعيف حجّة في المناقب »(١) .

ثمّ إنّه إن أراد بالصحاح : صحاحهم الستّة ، فهو ظاهر البطلان ؛ إذ ليست الرواية عنها شرطا في الأحكام فضلا عن الفضائل.

وإن أراد بها الأخبار الصحيحة ـ وإن لم توجد في صحاحهم الستّة ،

__________________

(١) تطهير الجنان واللسان : ١٦.

٢٨٩

كالأخبار التي استدركها الحاكم في « المستدرك » ، ورواها الضياء في « المختارة » ـ فهو أيضا باطل ؛ إذ ليست الفضائل بأعظم من الأحكام.

وقد اكتفوا في ثبوتها بغير الأخبار الصحيحة ؛ لعدم انحصار الحجّة بها ؛ فإنّ الخبر الحسن كاف في الثبوت ، وكذا الخبر الكثير الطرق ؛ فإنّ الأخبار إذا كثرت في معنى واحد ، قوّى بعضها بعضا ، وصارت حجّة وإن كان سند كلّ منها ضعيفا.

ونحن كما رأيت نذكر كثيرا من أخبار الصحاح الستّة ، ومستدرك الحاكم ، ومسند أحمد ، ونحوها من كتبهم المعتبرة عندهم ، ونذكر غيرها ممّا يؤيّد بعضها بعضا ، أو قامت قرينة على قوّتها ، والجميع حجّة عليهم.

الثالث : إنّ ما جعله أمارة للوضع ـ من المبالغة الواقعة في ما حكى عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ لا محلّ له ؛ إذ لا مبالغة فيه ، ولا سيّما إذا أريد عدم إحصاء الثواب على فضائله ، لا عدم إحصاء أنفسها ، فإنّ من كان عبارة عن الإيمان كلّه وله ضربة واحدة تعدل عبادة الثّقلين ، لا يكون ذلك مبالغة في حقّه.

وهل يكون ذلك مبالغة في من هو نفس النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأخوه ، وعديل القرآن؟!

على أنّهم رووا نحو ذلك في حقّ الشيخين ، وما حكموا بوضعه! فقد نقل ابن حجر في « الصواعق »(١) ، عن أبي يعلى ، عن عمّار بن ياسر ، قال : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أتاني جبرئيل آنفا فقلت : يا جبرئيل! حدّثني بفضائل عمر بن الخطّاب.

__________________

(١) في الفصل ٣ من الباب ٣ [ ص ١٢١ ح ١٠١ ]. منهقدس‌سره .

وانظر : مسند أبي يعلى ٣ / ١٧٩ ح ١٦٠٣ ، مجمع الزوائد ٩ / ٦٨.

٢٩٠

فقال : لو حدّثتك بفضائل عمر منذ لبث نوح في قومه ما نفدت فضائل عمر ، وإنّ عمر حسنة من حسنات أبي بكر ».

ومن أعجب العجب روايتهم لهذا الحديث عن عمّار ، وهم يعلمون انحرافه عن خلفائهم وسوء رأيه فيهم ، فلو رووه عن غيره لكان أولى لهم!

ومن هذا الحديث ونحوه ، يعلم وجود لفظ « الفضائل » عندهم في ما نسبوه إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وقد روى أحمد في « مسنده »(١) ، عن ابن عمر ، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله حديثا قال في آخره : «وركعتا الفجر حافظوا عليهما ، فإنّهما من الفضائل »(٢) .

__________________

(١) ص ٨٢ من الجزء الثاني. منهقدس‌سره .

وفي مسند أحمد ٣ / ٤٣٨ عن معاذ بن أنس ، عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، أنّه قال : «أفضل الفضائل أن تصل من قطعك » ، وفي سنن أبي داود ٤ / ٣٥٢ ح ٥١٩٦ قوله صلى الله عليه وآله وسلم : «هكذا تكون الفضائل ».

فلاحظ وتدبّر!

(٢) نقول ـ علاوة على ما نمّقه يراع الشيخ المظفّرقدس‌سره ـ :

إن ما ادّعاه الفضل من أن لفظ « الفضائل » ليس من كلام العرب ، وأنّه من كلام المحدثين المولّدين ؛ ليس بصحيح ؛ فإنّ لفظ « الفضائل » عربيّ فصيح قد ورد في كلام العرب القدماء الّذين يستشهد بكلامهم وأشعارهم على اللغة ، ومنه قول عنترة بن شدّاد العبسي الشاعر الجاهلي :

فضائل عزم لا تباع لضارع

وأسرار حزم لا تذاع لعائب

و « الفضائل » ـ على وزن « الفعائل » إحدى صيغ منتهى الجموع ـ : جمع الفضيلة خلاف النقيصة ؛ وهي الدرجة الرفيعة في الفضل.

ويجمع على هذا الوزن شيئان :

١ ـ اسم مؤنّث على أربعة أحرف قبل آخره حرف مدّ زائد ، سواء كان مؤنّثا بالعلامة ، أم كان بلا علامة ، مثل : صحيفة صحائف ، وعجوز عجائز.

٢٩١

الرابع : إنّ قوله : « هذا من أوصاف الخالق »

لا يعرف له معنى ، ولعلّه يريد أنّ الله جلّ وعلا يوصف بأنّه متكلّم بكلمات لا تنفد بنفاد البحر ، فكيف يقال : إنّ عليّا متّصف بفضائل لا تحصى وإن كان البحر مدادا؟!

وفيه ما لا يخفى.

الخامس : إنّ قوله : « أكثر ما ذكر من ( مناقب الخوارزمي ) موضوعات »

دعوى بلا دليل ، وطعن مجمل غير مقبول.

السادس : إنّ حكمه بوضع حديث ابن مسعود خطأ ، ويعلم وجهه بعد بيان مقدّمة ، فنقول :

لا شكّ أنّ الإقرار بالله وبنبوّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله شرط للإيمان ، وكذا الإقرار بإمامة عليّعليه‌السلام ؛ بناء على أنّ إمامته بنصّ الله ورسوله ، وأنّها كالنبوّة ، أصل من أصول الدين ، لكنّ الإقرار بها فرع الإقرار بالله ورسوله ، ومن أقرّ بها تمّ إيمانه ، ومن لم يقرّ بها كان ناقص الإيمان وإن أقرّ بالله ورسوله.

فإذا عرفت هذا ، عرفت أنّ من أطاع عليّا عارفا بحقّه ـ كما هو المراد بالحديث ـ كان مؤمنا مطيعا لله ورسوله بطاعة عليّعليه‌السلام ؛ لأنّ طاعته له ـ بما هو إمام من الله تعالى ـ مستلزمة للإيمان بهما وطاعتهما ، فيكون صالحا لدخول الجنّة وإن عصى الله في بعض الأحكام ، وعصى بها عليّا

__________________

٢ ـ صفة على وزن فعيلة بمعنى فاعلة ، مثل : كريمة كرائم.

انظر : تاج العروس ١٥ / ٥٧٨ مادّة « فضل » ، جامع الدروس العربية ٢ / ٥٥ ـ ٥٦ ، جواهر الأدب : ٥٠٩ ، ديوان عنترة : ٤٠.

٢٩٢

أيضا ؛ لأنّ عصيانه ـ حينئذ ـ عصيان مؤمن أهل للغفران.

كما أنّ من عصى عليّا جاحدا لإمامته ، عاص لله ورسوله ، ومحلّ لدخول النار وإن أطاعهما في الظاهر(١) ؛ لأنّ طاعته لهما ليست طاعة مؤمن حتّى تكون مقبولة ، كمن أطاع الله في الظاهر وعصى رسول الله جاحدا لرسالته ، كأهل الكتاب.

فصحّ ما في الحديث من قوله سبحانه : «أقسمت أن أدخل الجنّة من أطاعه وإن عصاني ، وأن أدخل النار من عصاه وإن أطاعني »(٢) أي في الظاهر.

كما يصحّ القول بأنّ من أطاع عليّا كان من أهل النجاة والجنّة ، وإن عصى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنّ من عصى عليّا كان من أهل النار وإن أطاع رسول الله في الظاهر.

وذلك كلّه لا ينافي أكرميّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله من عليّعليه‌السلام ، كما هو ظاهر.

وبالجملة : المراد بالحديث : أنّ من أطاع الله في الظاهر ، وعصى عليّا منكرا لحقّه ، فهو من أهل النار ؛ لعدم إيمانه.

وأنّ من أطاع عليّا عارفا بحقّه ، فهو من أهل الجنّة ، وإن عصى الله في بعض الفروع ؛ لأنّ عصيانه عصيان مؤمن ، فيكون أهلا للمغفرة والرحمة.

فذلك إشارة إلى إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وأنّ الإقرار بها شرط للإيمان ، وأنّه لا عبرة بطاعة المسلمين ظاهرا الّذين لم يقرّوا بالنصّ

__________________

(١) أي وإن صام وصلّى وحجّ وزكّى.

(٢) تقدّم آنفا في الصفحة ٢٨٥.

٢٩٣

على عليّعليه‌السلام واتّبعوا غيره وعصوه ، وإن كانت طاعة الله ورسوله وخليفته في الواقع واحدة ، ومعصيتهم الواقعيّة معصية واحدة.

ويشهد لإرادة الإمامة من الحديث ، وصفه لعليّ في ما كتب على العرش ، بأنّه مقيم الحجّة في عرض وصف الله تعالى بالوحدانية ، ومحمّد بالنبوّة(١) ، فإنّه من أوضح ما يدلّ على الإمامة!

مضافا إلى تصريحه بأنّ محمّدا وعليّا علّة لخلق ادم ؛ فإنّه دليل الفضل على آدم ، فضلا عن الأمّة.

فلا بدّ أن يكون عليّ سيّدها وإمامها ، بل علّة خلقها بالأولويّة ، كما قالعليه‌السلام في « نهج البلاغة » بكتابه إلى معاوية : «نحن صنائع الله ، والناس بعد صنائع لنا »(٢) .

ثمّ إنّ الخبرين الأوّلين ظاهران أيضا في إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام ؛ لاقتضائهما فضله على غيره ، مع تصريح ثانيهما بأنّ الله تعالى لا يقبل إيمان عبد إلّا بولايته والبراءة من أعدائه ، كما هو شأنّ الإمام ؛ ولذا كان بغضه علامة النفاق.

هذا ، وقد نقل الذهبيّ هذين الخبرين في « ميزان الاعتدال » بترجمة محمّد بن أحمد بن عليّ بن الحسن بن شاذان ، عن نور الهدى أبي طالب الزيني ، ثمّ قال بعد الخبر الثاني : « هذا من أفظع ما وضع ، ولقد ساق خطيب خوارزم من طريق هذا الدجّال ابن شاذان أحاديث كثيرة باطلة سمجة ركيكة في مناقب عليّ ؛ من ذلك بإسناد مظلم ، عن مالك ، عن

__________________

(١) راجع مبحث حديث المؤاخاة ، في الصفحة ١٢٢ وما بعدها من هذا الجزء.

(٢) نهج البلاغة : ٣٨٦ رقم ٢٨.

٢٩٤

نافع ، عن ابن عمر ، مرفوعا :من أحبّ عليّا أعطاه الله بكلّ عرق في بدنه مدينة في الجنّة »(١) .

وهذه المؤاخذة لابن شاذان ، إنّما هي لروايته في فضل أمير المؤمنين ما لا يتحمّله اعتقاد الذهبيّ فيه ، وإلّا فالرجل لا ذنب له سواه.

وقد عرفت في مقدّمة الكتاب ، أنّ رواية الشخص لفضائل أمير المؤمنين دليل على وثاقته ، ولا فظاعة ولا ركاكة في هذه المناقب التي يسطع من خلالها نور إمامة المرتضى عند من عرف بعض حقّه(٢) .

وقد نقل سبط ابن الجوزي في أوائل « تذكرة الخواصّ » نحو أوّل الحديثين ، عن ابن عبّاس(٣) .

ونقله في « ينابيع المودّة » ، في الباب السادس والخمسين ، آخر المناقب السبعين(٤) ، التي حكاها عن كتاب إمام الحرم الشريف بمكّة أبي جعفر أحمد بن عبد الله الطبري الآملي الشافعي(٥) ، رواه عن الديلمي

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٦ / ٥٥ رقم ٧١٩٦.

(٢) راجع : ج ١ / ٧ ـ ٢٥ من هذا الكتاب.

(٣) تذكرة الخواصّ : ٢٣.

(٤) كتاب « السبعين في مناقب أمير المؤمنين » ، للسيّد علي بن شهاب الدين بن محمّد بن عليّ الحسيني الهمداني ، الصوفي ، المولود سنة ٧١٤ ه‍ ، والمتوفّى سنة ٧٨٦ ه‍ ، طاف في البلاد ، وجال في الآفاق ، له مؤلّفات ، منها : كتاب « مودّة القربى ».

انظر : الذريعة ١٢ / ١٣٢ رقم ٨٩٨ ، أهل البيت عليهم السلام في المكتبة العربية : ٢٠٩ ـ ٢١٢ رقم ٣٥٥.

(٥) هو الإمام الحافظ المحدّث المفتي أبو جعفر محبّ الدين أحمد بن عبد الله بن محمّد بن أبي بكر بن محمّد بن إبراهيم الطبري الآملي المكّي الشافعي ( ٦١٥ ـ ٦٩٤ ه‍ ).

٢٩٥

في « الفردوس »(١) .

وأمّا الحديث الثاني ، فأكثر مضامينه قد وردت من عدّة طرق ، ولا سيّما قوله : «النظر إلى عليّ عبادة » ، فإنّه ورد مستفيضا بلفظه ، أو بلفظ : «النظر إلى وجه عليّ عبادة »(٢) .

وقد أخرجه الحاكم في « المستدرك »(٣) ، بطريق عن عمران بن حصين ، وطريقين عن ابن مسعود ، وصحّحها جميعا ، وتعقّبه الذهبي بعد حديث عمران ، وأحد حديثي ابن مسعود بقوله : « ذا موضوع » ، ولم يذكر له علّة!

وغاية ما يوجّه به : دعوى أنّ بعض رجال الحديثين ضعيف ، وهو لا يستوجب الوضع ، ولا سيّما مع الإقرار بصحّة الحديث الثالث.

__________________

فقيه الحرم بمكّة ومحدّث الحجاز ، نشأ بمكّة حيث ولد وطلب العلم وسمع الكثير ورحل إلى البلاد ، كان زاهدا كبير الشأن ، درّس وصنّف كتبا مفيدة ، منها كتابه : ذخائر العقبى في فضائل ذوي القربى.

انظر : تذكرة الحفّاظ ٤ / ١٤٧٤ رقم ١١٦٣ ، العبر ٣ / ٣٨٢ ، مرآة الجنان ٤ / ١٦٨ ، طبقات الشافعية الكبرى ـ للسبكي ـ ٨ / ١٨ رقم ١٠٤٦ ، طبقات الشافعية ـ للأسنوي ـ ٢ / ٧٢ رقم ٧٩٦ ، النجوم الزاهرة ٨ / ٦٢.

(١) ينابيع المودّة ٢ / ٢٥٤ ح ٧١٣.

(٢) انظر : المعجم الكبير ١٠ / ٧٦ ـ ٧٧ ح ١٠٠٠٦ وج ١٨ / ١٠٩ ـ ١١٠ ح ٢٠٧ ، أخبار القضاة ـ لوكيع ـ ٢ / ١٢٣ ، حلية الأولياء ٢ / ١٨٣ وج ٥ / ٥٨ ، تاريخ بغداد ٢ / ٥١ رقم ٤٤٨ ، مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ١٩٦ ـ ١٩٩ ح ٢٤٤ ـ ٢٥٤ ، محاضرات الأدباء ٢ / ٤٩٥ ، فردوس الأخبار ٢ / ٣٧٥ ح ٧١١٧ و ٧١١٨ ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٣٥٠ ـ ٣٥٥ ، التدوين ـ للرافعي ـ ٢ / ٤٤ رقم ٨٦٧ ، مجمع الزوائد ٩ / ١١٩ ، عمدة القاري ١٦ / ٢١٥ ، كنز العمّال ١١ / ٦٠١ ح ٣٢٨٩٥ وص ٦٢٤ ح ٣٣٠٣٩.

(٣) ص ١٤١ من الجزء الثالث [ ٣ / ١٥٢ ح ٤٦٨١ ـ ٤٦٨٣ ]. منهقدس‌سره .

٢٩٦

وقد سبقه إلى دعوى الوضع إمامه في النصب ابن الجوزي(١) ،

__________________

(١) إنّ محقّقي أهل السنّة ونقّادهم لا يعتدّون بكلام ابن الجوزي ، ولا يعبأون بقدحه وطعنه في الأحاديث ؛ لأجل تسرّعه في الحكم بالوضع على مجموعة كبيرة منها ، فإنّ كبار علماء القوم في علم الحديث نصّوا على اشتمال كتابيه « الموضوعات » و « العلل المتناهية » على الصحاح والحسان من الأحاديث ، بل منها أحاديث أخرجها الشيخان وغيرهما من أرباب الصحاح والمسانيد والسنن ؛ هذا فضلا عن طعنهم فيه لنصبه وتعصّبه

١ ـ قال عنه ابن الأثير ( ت ٦٣٠ ه‍ ) : « وكان كثير الوقيعة في الناس ، لا سيّما في العلماء المخالفين لمذهبه ، والموافقين له! ». انظر : الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٧٦ حوادث سنة ٥٩٧ ه‍.

٢ ـ وقال ابن الصلاح ( ت ٦٤٣ ه‍ ) : « ولقد أكثر الذي جمع في هذا العصر الموضوعات في نحو مجلّدين ، فأودع فيها كثيرا ممّا لا دليل على وضعه ». انظر :

مقدّمة ابن الصلاح : ٥٩ وفي طبعة : ٢٧٩.

٣ ـ وقال سبط ابن الجوزي ( ت ٦٥٤ ه‍ ) ـ في معرض الكلام على حديث ردّ الشمس ـ : « إنّ قول جدّي : ( هذا حديث موضوع بلا شكّ ) دعوى بلا دليل ».

انظر : تذكرة الخواصّ : ٥٤.

٤ ـ وقال بدر الدين بن جماعة ( ت ٧٣٣ ه‍ ) : « وصنّف الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي كتابه في الموضوعات ، فذكر كثيرا من الضعيف الذي لا دليل على وضعه ». انظر : المنهل الروي : ٥٤.

٥ ـ وقال ابن كثير ( ت ٧٧٤ ه‍ ) : « وقد صنّف الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي كتابا حافلا في الموضوعات ، غير إنّه أدخل فيه ما ليس منه ، وخرج عنه ما كان يلزمه ذكره ، فسقط عليه ، ولم يهتد إليه ». انظر : الباعث الحثيث : ٧٥.

٦ ـ وقال ابن حجر العسقلاني ( ت ٨٥٢ ه‍ ) ـ في معرض الكلام على حديث سدّ الأبواب ـ : « قول ابن الجوزي : إنّه باطل ، وإنّه موضوع ؛ دعوى لم يستدلّ عليها إلّا بمخالفة الحديث الذي في الصحيحين ، وهذا إقدام على ردّ الأحاديث الصحيحة بمجرّد التوهّم ». انظر : القول المسدّد : ٥٣.

٧ ـ وقال كذلك : « وقد أورد ابن الجوزي هذا الحديث [ أي حديث سدّ الأبواب ] في الموضوعات وأخطأ في ذلك خطأ شنيعا ، فإنّه سلك في ذلك

٢٩٧

كما ذكره السيوطي في « اللآلئ المصنوعة » ، مع أنّ ابن الجوزي ذكر له سبعة عشر طريقا ، عن أبي بكر ، وعثمان ، وابن مسعود ، ومعاذ ، وابن عبّاس ، وجابر ، وأبي هريرة ، وأنس وثوبان ، وعمران ، وعائشة ؛ واحتجّ للوضع بضعف بعض رواة بعضها ، والجهل بآخرين.

وتعقّبه السيوطي بالجواب عن بعض من طعن بهم ، وبإخراج عشرة طرق أخرى عن كثير من هؤلاء الصحابة ، منها روايات الحاكم الثلاث(١) .

وليت شعري ، كيف يكون الحديث موضوعا مع استفاضة طرقه وصحّة بعضها؟!

__________________

ردّ الأحاديث الصحيحة بتوهّمه المعارضة ». انظر : فتح الباري ٧ / ١٨.

٨ ـ وقال السيوطي ( ت ٩١١ ه‍ ) : « وقد أكثر جامع الموضوعات فذكر في كتابه كثيرا ممّا لا دليل على وضعه ، بل هو ضعيف ، بل وفيه الحسن والصحيح ، وأغرب من ذلك أنّ فيها حديث من صحيح مسلم قال الذهبي : ربّما ذكر ابن الجوزي في الموضوعات أحاديث حسانا قويّة ». انظر : تدريب الراوي ١ / ٢٧٨.

٩ ـ وقال السمهودي ( ت ٩١١ ه‍ ) ـ في معرض الكلام على حديث الثّقلين ـ : « ومن العجيب ذكر ابن الجوزي له في ( العلل المتناهية )! فإيّاك أن تغترّ به ، وكأنّه لم يستحضره حينئذ إلّا من تلك الطريق الواهية ، ولم يذكر بقيّة طرقه ، بل في صحيح مسلم وغيره ، عن زيد بن أرقم ، قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم » انظر : جواهر العقدين : ٢٣٢.

١٠ ـ وقال القاري ( ت ١٠١٤ ه‍ ) : « ولكن تعقّبه [ أي : ابن الجوزي ] العلماء في كثير من الأحاديث التي ذكرها في كتابه ». انظر : شرح شرح نخبة الفكر : ٤٤٧.

ولمزيد التفصيل انظر : نفحات الأزهار ٢ / ٤٩ ـ ٥٤ وج ١١ / ١١٨ ـ ١٢٩ وج ١٢ / ١٣٥ ـ ١٣٨.

(١) اللآلئ المصنوعة ١ / ٣١٣ ـ ٣١٧ ، وانظر : الموضوعات ١ / ٣٥٨ ـ ٣٦١.

٢٩٨

والحال أنّ الكثرة وحدها كافية في الاعتبار ، ولكنّ التعصّب فرس جموح(١) !

* * *

__________________

(١) فرس جموح : هو الذي إذا حمل لا يردّه لجام ، والجموح من الرجال : الذي يركب هواه فلا يمكن ردّه ؛ انظر مادّة « جمح » في : لسان العرب ٢ / ٣٤٦ ، تاج العروس ٤ / ٢٩.

٢٩٩

فضائله حال الولادة

قال المصنّف ـ أعلى الله مقامه ـ(١) :

وإمّا حال ولادته

فإنّه ولد يوم الجمعة ، الثالث عشر من شهر رجب ، بعد عام الفيل بثلاثين سنة ، في الكعبة ، ولم يولد فيها أحد سواه قبله ولا بعده(٢) .

وكان عمر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاثين سنة(٣) ، فأحبّه وربّاه ، وكان يطهّره وقت غسله ، ويوجره(٤) اللبن عند شربه ، ويحرّك مهده عند نومه ، ويناغيه في يقظته ، ويحمله على صدره ، ويقول :هذا أخي ، ووليّي ، وناصري ، وصفيّي ، وذخري ، وكهفي ، وصهري ، وزوج كريمتي ، وأميني على وصيّتي ، وخليفتي.

وكان يحمله دائما ويطوف به جبال مكّة وشعابها وأوديتها.

رواه صاحب كتاب « بشائر المصطفى » من الجمهور(٥) .

__________________

(١) نهج الحقّ : ٢٣٢.

(٢) الكافي ١ / ٥١٤ ، الإرشاد إلى معرفة حجج الله على العباد ١ / ٥ ، تهذيب الأحكام ٦ / ١٩ ، كشف الغمّة ١ / ٥٩ ، إعلام الورى ١ / ٣٠٦ ، الفصول المهمّة : ٣٠.

(٣) وقيل : ثمان وعشرين سنة ، أي إنّ عمر أمير المؤمنينعليه‌السلام وقت البعثة اثنتي عشرة سنة كما في إقبال الأعمال : ١٥٥ ب‍ ٨ الفصل ٥١ في فضل صوم ثلاثة عشر يوما من رجب.

(٤) الوجر : جعل الماء أو الدواء في وسط حلق الصبي ؛ انظر : لسان العرب ١٥ / ٢٢٠ مادّة « وجر ».

(٥) انظر : كشف الغمّة ١ / ٦٠ ـ ٦١.

٣٠٠