موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٢

موسوعة الأسئلة العقائديّة0%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-02-7
الصفحات: 518

موسوعة الأسئلة العقائديّة

مؤلف: مركز الأبحاث العقائديّة
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف:

ISBN: 978-600-5213-02-7
الصفحات: 518
المشاهدات: 193879
تحميل: 3558


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 518 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 193879 / تحميل: 3558
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء 2

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: 978-600-5213-02-7
العربية

اللفظ ـ بماله هو كونه قد وثق بموكّله ، وأنّه حدّد له الضابطة العامّة ، فهذا هو الذي خفّف من احتمال إضاعة المال بدل إنمائه ، وغلبت على الموكّل مصلحة الإنماء التي فيها احتمال العكس على مصلحة تجميد المال ، مع قطيعة الركود وعدم الإنماء.

ويمكن تطبيق هذا الأمر على مسألة المعصوم مع الفقيه ، بحذف بعض الألفاظ ، فإنّا نجد أنّ العملية تشبهها تماماً.

ونرجع إلى الكلام السابق وهو : إنّ الظلم الذي يوقعه الفقيه ـ على فرض وقوعه ـ أمّا شخصي وأمّا اجتماعي ـ ويتأكّد هذا عند من يؤمن بنظرية ولاية الفقيه ، والأوّل لا يخصّ ولي الفقيه ، بل يشمل كلّ فقيه ؛ لأنّ نظرية ولاية الفقيه لا تنفي الفقاهة عن غير الولي ، وإنّما تنيط بعض الوظائف بمن صار وليّاً ، وتقلّص من تصرّفات الفقيه غير الولي في بعض الموارد ، وخصوصاً المسائل الاجتماعيّة.

وعليه فهذا الإشكال يطرح على عامّة فقهاء الإسلام سنّة وشيعة ، فضلاً عن فقهاء الشيعة ، فضلاً عن ولي الفقيه ، لأنّ احتمال الظلم الشخصي في الجميع وارد.

ويدفع هذا الإشكال ، بالشرع نفسه الذي فرض أنّ إصابة الفقيه كخطئه ، كما في الحديث المعروف : «من اجتهد فأصاب فله أجران ، ومن اجتهد فأخطأ فله أجر »(١) .

أو بالنظرية التي طرحها السيّد محمّد باقر الصدر في كتابه « الأُسس المنطقية للاستقراء » ، التي فرضت أنّ عموم المصلحة التي ولدت جواز تصدّي الفقيه للاستنباط تغلّبت على المفسدة الخاصّة في بعض الموارد باعتبار انسلاخ الفقيه عن العصمة ، وبالتالي يكون العقل مسانداً لها ، وحاكماً بصحّة إناطة هذه الوظيفة به.

__________________

١ ـ المفردات في غريب القرآن : ٢٨٨.

٣٨١

وأمّا على المستوى الاجتماعيّ ، فهنا بعد الجوابين السابقين والكلام المتقدّم حول شروط الفقيه ، وإن كان الدليل يقضي بذلك عند من يؤمن بولاية الفقيه ، إلاّ أنّ الواقع العمليّ والتطبيق ، والمتمثّل بما قام به السيّد الخميني ( قدس سره ) ، أضاف إليه قيداً يخفّف من وطأة الإشكال المتقدّم ، بفرض النظارة على الفقيه من قبل عدّة من الفقهاء ، يراقبون تصرّفاته وما يقوم به ، فالحلقة تكون هكذا :

الأُمّة التي سيادتها بيد الفقيه لا بصندوق الاقتراع ، وولي الفقيه الذي يحدّد مصلحتها ويقودها ، عليه نظارة من قبل عدّة من الفقهاء ، رعاية للمصالح العامّة التي يتصرّف فيها الفقيه ، ويحدّد فيها مصلحة الأُمّة.

وبالتالي تستطيع من خلال ذلك تجاوز الإشكالية السابقة ، أو الحلقة المفقودة في الفقيه ، وهي عدم العصمة ، أو احتمال الظلم الصادر من الفقيه ، وأمّا إشكالية التبليغ ، وأنّ دور الأئمّة هو التبليغ فهذا أوّلا : لا يجعل شقّاً لما سبقه ، لأنّ القضية ليست مانعة جمع ، فلإمام وظيفته حفظ الشريعة وتبليغها ، أي الهيمنة الكاملة على رسالة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بجميع أنحائها ، فهو يعلّم الجاهل ، ويراقب الفرد والمجتمع في التطبيق.

وثانياً : بعد ما عرضنا سابقاً صورة موجزة ـ إن صحّ التعبير ـ عن هيكلية الإمامة ودورها ، وسرّ غيبة الإمامعليه‌السلام ، فلا يبقى محلّ لهذا الكلام ، إذ كلّ إيراد يذكر ينبع من قضية فهم الإمامة.

فمن أدرك أمر الإمامة القرآنية وأدرك لبّها ، هانت عنده جميع الصعاب ، وتهشّمت كلّ الإيرادات.

وثالثاً : إشكالية الرواة لا تخصّ الشيعة فقط ، بل تعمّ جميع طوائف الأُمّة الإسلامية ، بل تشمل جميع الرسالات ، لأنّ جميع الرسالات قضية تبليغ الرسالة فيها يعتمد النقل لا غير ، فلا تتصوّر أنّ نوحعليه‌السلام ، أو موسى وعيسىعليهما‌السلام ، جاء إلى كلّ فرد من أُمّتهما ، وأخبروه بشرعهما ، فإنّ هذا مضحك للثكلى ، خصوصاً في ظلّ الأزمنة السالفة ، فتبليغ كلّ رسالة اعتمد على الرواة والنقل ،

٣٨٢

والنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نفسه اعتمد على الرواة والنقل ، فقد أرسل الرسل إلى المدن ، والدول المجاورة ، وبلّغ بواسطة الرواة في الأماكن النائية عن الجزيرة العربية.

وعليه ، فالبحث ينقلب حول موضوع حجّية الخبر ، ومدى صلاحيّته العقليّة أو الشرعية لأن يكون مصداقاً للتبليغ ، ومدى حجّيته في الأُصول ، أي العقائد أم أنّه يخصّ الأحكام ، وهل يفيد العلم كما يذهب السلفية ، أم أنّه لا يفيد العلم ، كما تذهب المعتزلة والأشاعرة والشيعة ، وإلى غير ذلك من التفاصيل التي لا ترتبط ببحثنا.

ورابعاً : كون الدين مأخوذ من الرواة غير صحيح ، لأنّ الراوي ينقل ما سمعه من الحجّة المعصوم ، وهو النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أو الإمام ، فليس هو معصوم كي نأخذ بكلامه ، بل يؤخذ بكلامه لأنّه يخبر عن المعصوم ، وبالتالي الدين مبتني على الحجّة ، لا على الرواة عند السنّة والشيعة.

بل هذا الإشكال إذا أُريد طرحه فهو يطرح على السنّة ، لأنّهم يؤمنون بحجّية قول الصحابيّ ، والصحابيّ غير معصوم كما تعلم ، مع أنّهم يحتجّون به في العقيدة والفروع فهنا الإشكالية ، خلافاً للشيعة التي لا تحتجّ إلاّ بكلام المعصومعليه‌السلام .

وأمّا ميزة الشيعة عن السنّة ، فالظاهر اتضحت فيما سبق ، لأنّ السنّة اسقطوا المعصوم ـ وهو النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عن عصمته ـ وجعلوه في أسفل درك ـ والعياذ بالله ـ بينما الشيعة تؤمن بأنّه( دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ) (١) .

والشيعة تأخذ دينها من خطّ الرسول ، الذي رسمه من أوّل حياته إلى آخر عمره ، وهم يأخذون دينهم من خطّ غير الرسول كما تعلم ، فلذلك لا تجد توافقاً بين الشيعة والسنّة ، لا في الألوهية ، ولا النبوّة ، ولا الإمامة ، ولا فروع الشريعة.

__________________

١ ـ النجم : ٩ ـ ٨.

٣٨٣

( هاشم ـ الكويت ـ ١٨ سنة ـ طالب جامعة )

قول علي : دعوني والتمسوا غيري :

س : جاء في نهج البلاغة : « دعوني والتمسوا غيري ، فإنّا مستقبلون أمراً له وجوه وألوان ، لا تقوم له القلوب ، ولا تثبت عليه العقول ، وإنّ الآفاق قد أغامت ، والمحجّة قد تنكّرت.

واعلموا إنّي إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم ، ولم أصغ إلى قول القائل ، وعتب العاتب ، وإن تركتموني فأنا كأحدكم ، ولعلّي أسمعكم وأطوعكم لمن ولّيتموه أمركم ، وأنا لكم وزيراً ، خير لكم منّي أميراً »(١) .

ما مدى صحّة هذه الرواية؟ نرجو منكم شرح الرواية ، وفّقكم الله لكلّ خير.

ج : هذه الخطبة مع تفاوت يسير نقلها الطبري في تاريخه(٢) عن سيف ، وروايات سيف كلّها كذب وافتعال ، وخلاف أهل السير ، أمّا كلاً وإمّا جزءً.

وعليه قد تكون هذه الخطبة لا صحّة لها ، ولا واقع ؛ لضعف راويها سيف.

وعلى فرض صحّة هذه الخطبة نقول : كان غرض الطالبين لبيعتهعليه‌السلام أن يسيرعليه‌السلام فيهم مثل سيرة من سبق عليه ، وكانعليه‌السلام تفرّس ذلك منهم ، وعرفه من وجنات حالهم ؛ لذلك خاطبهم بقوله : «وإن الآفاق قد أغامت والمحجّة قد تنكّرت ».

فخاطبهم بهذا الكلام إتماماً للحجّة ، وإعلاماً لهم بأنّهعليه‌السلام إن قام فيهم بالأمر لا يجيبهم إلى ما طمعوا فيه من الترجيح والتفضيل ، أي تفضيل العربي على الأعجمي ، والموالي على العبيد ، والرؤساء على السفلة.

وأنّهعليه‌السلام مبدأه العدل بين الرعية ، والتسوية في القسمة ، وهذا ممّا لا تقوم له القلوب ـ أي لا تصبر عليه ـ ولا تثبت عليه العقول ، بل تنكره وترفضه.

__________________

١ ـ شرح نهج البلاغة ٧ / ٣٣.

٢ ـ تاريخ الأُمم والملوك ٣ / ٤٥٦.

٣٨٤

«واعلموا إنّي إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم » ، أي جعلتكم راكبين على محض الحقّ ، وأسير فيكم بسيرة رسول الله ‎صلى‌الله‌عليه‌وآله ، «ولم أصغ إلى قول القائل وعتب العاتب » ، أي لم يأخذني في الله لومة لائم «وإن تركتموني فأنا كأحدكم ولعلّي أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم » لعلهعليه‌السلام أراد أنّه إذا تولّى الغير أمر السلطة ، ولم تتوفّر الشرائط في خلافتهعليه‌السلام لم يكن ليعدل عن مقتضي التقية ، فيكون أكثر الناس إطاعة لوالي الأمر ، بخلاف سائر الناس ، فإنّه يجوز عليهم الخطأ.

وإنّما قالعليه‌السلام : « ولعلّي » لأنّه على تقدير أن يولّوا أحداً يخالف أمر الله فلا يكونعليه‌السلام أطوعهم له بل أعصاهم.

( الشيخ باسم الموصلي. العراق. طالب علم )

أدلّتها من كتب أهل السنّة :

س : ما هو الدليل على إمامة الأئمّة من ذرّية الحسين عليه‌السلام ؟ أرجو أن يكون الدليل من كتب إخواننا أهل السنّة ، ودمتم سالمين.

ج : إنّ الأدلّة على إمامة الأئمّة الاثني عشر كثيرة ، نقتصر على ذكر بعضها ، ومن مصادر أهل السنّة المعتبرة عندهم :

١ ـ حديث الثقلين ، ومؤداه التمسّك بالعترة وهم أهل البيت تمسّكاً مطلقاً.

٢ ـ حديث الغدير ، وهو ينصّ على وصيّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيتعيّن تشريع الوصاية.

٣ ـ حديث الأئمّة الاثني عشر ، وقد رواه البخاريّ ومسلم وغيرهم.

فرواية البخاريّ بعد الاختصار والاقتطاع : عن جابر بن سمرة قال : سمعت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «يكون اثنا عشر أميراً » ، فقال كلمة لم أسمعها ، فقال أبي : إنّه قال : «كلّهم من قريش »(١) .

__________________

١ ـ صحيح البخاريّ ٨ / ١٢٧.

٣٨٥

أمّا روايات مسلم ، فكلّها عن جابر بن سمرة قال : سمعت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : « لا يزال أمر الناس ماضياً ما وليهم اثنا عشر رجلاً » ، ثمّ تكلّم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بكلمة خفيت عليّ ، فسألت أبي : ماذا قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فقال : « كلّهم من قريش »(١) .

وفي رواية أُخرى لمسلم أيضاً : عن جابر قال : سمعت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : « لا يزال الإسلام عزيزاً إلى اثني عشر خليفة » ، ثمّ قال كلمة(٢) .

وفي رواية له : « لا يزال هذا الأمر عزيزاً إلى اثني عشر خليفة »

وأيضاً : « لا يزال هذا الدين عزيزاً منيعاً إلى اثني عشر خليفة » ، فقال كلمة صمنيها الناس ، فقلت لأبي : ما قال؟ قال : « كلّهم من قريش ».

وفي رواية أخرى : « لا يزال الدين قائماً حتّى تقوم الساعة ، أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش »(٣) .

وفي رواية الطبراني : « اثنا عشر قيّماً من قريش لا يضرّهم عداوة من عاداهم »(٤) .

قال ابن حجر العسقلاني : « قال ابن بطال عن المهلّب : لم ألقَ أحداً يقطع في هذا الحديث ، يعني بشيء معيّن.

وقال أيضاً : وقد لخّص القاضي عياض ذلك ثمّ قال : إنّه ـ أي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ لم يقل : لا يلي إلاّ اثنا عشر ، وإنّما قال : « يكون اثنا عشر » ، وقد ولي هذا العدد ، ولا يمنع ذلك الزيادة عليهم ، قال : وهذا إن جُعل اللفظ واقعاً على كلّ من ولي ، وإلاّ فيحتمل أن يكون المراد : من يستحقّ الخلافة من أئمّة العدل »(٥) .

__________________

١ ـ صحيح مسلم ٦ / ٣.

٢ ـ المصدر السابق ٦ / ٣.

٣ ـ المصدر السابق ٦ / ٤.

٤ ـ المعجم الكبير ٢ / ٢٥٦.

٥ ـ فتح الباري ١٣ / ١٨٢.

٣٨٦

ثمّ قال ابن حجر ردّاً على من يفسّر الحديث : بأنّ الأئمّة الاثني عشر سيكونون في زمن واحد ، قال : ويؤيّد ما وقع عند أبي داود «كلّهم تجتمع عليه الأُمّة » ، ما أخرجه أحمد والبزار من حديث ابن مسعود بسند حسن ، أنّه سُئل كم يملك هذه الأُمّة من خليفة؟ فقال : سألنا عنها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : «اثنا عشر كعدّة نقباء بني إسرائيل ».

وقال ابن الجوزيّ في كشف المشكل : قد أطلت البحث عن معنى هذا الحديث ، وتطلبتُ مظانَّه ، وسألتُ عنه فلم أقع على المقصود به ، وعن كعب الأحبار : يكون اثنا عشر مهديّاً ، ثمّ ينزل روح الله فيقتل الدجّال ، قال : والوجه الثالث أنّ المراد وجود اثني عشر خليفة في جميع مدّة الإسلام إلى يوم القيامة يعملون بالحقّ ، وإن لم تتوالَ أيامهم

قال ابن حجر : انتهى كلام ابن الجوزيّ ملخّصاً »(١) .

وأقول : أُنظر يا أخي عظمة الإسلام وعظمة النبيّ الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، الذي بلّغ الرسالة ، وأدّى الأمانة على أتمّ وجه( فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ ) ، وسدَّ كلّ الأبواب على المحرّفين والمبطلين ، والمنحرفين عن أهل البيتعليهم‌السلام ، وعن الدين الصحيح ، فأنظر كيف تخبّطوا وخلطوا ، وحرّفوا واختلفوا ، وعجزوا عن تفسير وفهم كلام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الواضح البليغ على الوجه الصحيح ، لأنّهم لم يجعلوا ما فهمه الشيعة رأياً من الآراء ، وتفسيراً من التفاسير للحديث الشريف ، فتاهوا واختلفوا ، ولم يصلوا إلى المراد بنصّهم أبداً.

فالحديث واضح وصريح بوجود خلافة لله وللرسول ، وهي خلافة محدّدة بعدد معيّن وصفات معيّنة ، وأنّهم هادون مهديّون ، كما وصفهم النبيّ الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث الخلفاء الراشدين المهديّين ، وأمرنا باتباع سنّتهم ـ يعني تشريعهم ـ ، فكيف نؤمر بإتباعهم لولا الخلافة الإلهيّة ، والتسديد الربّاني لهم؟

__________________

١ ـ المصدر السابق ١٣ / ١٨٤.

٣٨٧

وعصمتهم التي نصّ عليها حديث الثقلين ، وجعلهم عدلاً للقرآن ، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، ووصفهم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بعدم الافتراق ، أي الملازمة والمصاحبة للقرآن.

وكما دلّ على العصمة آية التطهير ، وحصر إرادة الله بتطهير أهل البيت فقط دون غيرهم ، لعلمه بأهليتهم لذلك.

٤ ـ حديث الخلفاء الراشدين لا نراه ينطبق إلاّ على حديث الأئمّة الاثني عشر ، ويؤيّده ويفسّره.

ونصّ الحديث : عن العرباض بن سارية قال : وعظنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله موعظة ، ذرفت منها العيون ، ووجلت منها القلوب ، قلنا يا رسول الله : إنّ هذه لموعظة مودّع ، فماذا تعهد إلينا؟ قال : «قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها بعدي إلاّ هالك ، ومن يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً ، فعليكم بما عرفتم من سنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين المهديّين ، وعليكم بالطاعة وإن عبداً حبشياً ، عضوّا عليها بالنواجذ ، فإنّما المؤمن كالجمل الأنف ، حيثما انقيد انقاد »(١) .

وقال الترمذيّ في سننه : « هذا حديث حسن صحيح »(٢) .

فهذا الحديث يدلّ على وجود خلفاء راشدين مهديين يجب التمسّك بهم وبطريقتهم وسنّتهم ـ أقوالهم وأفعالهم ـ وهذا الإطلاق في التمسّك مع هذه التسمية لهم لا تنطبق إلاّ على معصوم ، لا يجوز التمسّك برأي الخليفة المخالف للكتاب ، أو لسنّة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بالإجماع.

__________________

١ ـ مسند أحمد ٤ / ١٢٦ ، سنن الدارمي ١ / ٤٤ ، سنن ابن ماجة ١ / ١٦ سنن أبي داود ٢ / ٣٩٣ ، المستدرك ١ / ٩٦ ، كتاب السنّة : ١٩ ، و ٤٨٢ ، صحيح ابن حبّان ١ / ١٧٨ ، المعجم الكبير ١٨ / ٢٤٩ و ٢٥٧ ، مسند الشاميين ١ / ٤٠٢ و ٢ / ٢٩٨ ، العلل ١ / ٢١ ، الثقات ١ / ٤ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٠ / ١٧٨ ، أُسد الغابة ٣ / ٣٩٩ ، تهذيب الكمال ٥ / ٤٧٣ و ١٧ / ٣٠٦ ، سير أعلام النبلاء ٣ / ٤٢٠ و ١٧ / ٤٨٢.

٢ ـ الجامع الكبير ٤ / ١٥٠.

٣٨٨

وكذلك إن وافق هذا الخليفة الكتاب أو السنّة النبوية فالاتباع سيكون للكتاب أو السنّة النبوية لا للخليفة ، وكذلك لو اختلف هؤلاء الخلفاء فيما بينهم ، فكيف يجوز التمسّك بسنّتهم جميعاً مع هذا الاختلاف؟ وهو حاصل على تفسير أهل السنّة لهذا الحديث.

فلم يبق إلاّ أنّ المراد بهذا الحديث هو ما فهمه الشيعة من وجود خلفاء منصوص عليهم ، لابدّ أن يكونوا معروفين مقبولين للأُمّة جمعاء ، وهم اثنا عشر إماماً ، ويكونون معصومين عن الخطأ ، وعن مخالفة الكتاب أو السنّة النبوية ، أو الاختلاف فيما بينهم.

ويمتدّ زمانهم من وفاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ويبدأ بعليعليه‌السلام ـ إلى الإمام المهديّعليه‌السلام ، كما نصّ النبيّ الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله على ذلك ، فقال : «لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم لطوّله الله عزّ وجلّ حتّى يبعث فيه رجلاً منّي ـ وفي رواية من أهل بيتي ـيملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، كما ملئت ظلماً وجوراً »(١) .

ومصداقاً لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان »(٢) .

وأمّا تحديد الأئمّة بأعيانهم عند أهل السنّة فلم يصحّ لديهم حديث ينصّ على الأسماء ، أو الانحصار في ذرّية الحسينعليه‌السلام بعد أصحاب الكساء ، ولكنّهم

__________________

١ ـ صحيح مسلم ١ / ٩٩ ، سنن ابن ماجة ٢ / ٩٢٩ ، سنن أبي داود ٢ / ٣٠٩ ، الجامع الكبير ٣ / ٣٤٣ ، صحيح ابن حبّان ١٣ / ٢٨٣ ، المعجم الأوسط ٢ / ٥٥ ، المعجم الكبير ١٠ / ١٣٣ و ١٣٥ ، موارد الظمآن : ٤٦٤ ، الجامع الصغير ٢ / ٤٣٨ ، كنز العمّال ١٤ / ٢٦٤ و ٢٦٩ ، فيض القدير ٥ / ٤٢٣ ، تاريخ مدينة دمشق ٥٨ / ١٩٨ ، تاريخ ابن خلدون ١ / ٣١٢ ، سبل الهدى والرشاد ١٠ / ١٧٢ ، ينابيع المودّة ٢ / ٢١٠ و ٣١٨ و ٣ / ٢١٤ و ٢٤٥ و ٢٥٦ و ٢٩٨ و ٣٣٩ و ٣٨٤ و ٣٩٠.

٢ ـ المحّلى ١ / ٤٥ و ٩ / ٣٥٩ ، مسند أحمد ٢ / ٢٩ و ٩٣ ، صحيح مسلم ٦ / ٣ ، السنن الكبرى للبيهقيّ ٣ / ١٢١ و ٨ / ١٤١ ، شرح صحيح مسلم ١٢ / ٢٠٠ ، تحفة الأحوذيّ ٦ / ٤٠٠ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٧ / ٥٤٦ ، كتاب السنّة : ٥١٨ ، الجامع الصغير ٢ / ٧٥٦.

٣٨٩

أثبتوا أنّ أبناء الحسين من أئمّتناعليهم‌السلام هم أفضل الهاشميّين ، وأفضل أهل زمانهم ، وكانوا أهلاً للإمامة ، وأليق وأحقّ بها من غيرهم ، وننقل هنا بعض النصوص على ذلك :

١ ـ قال المزّيّ في تهذيب الكمال : « وأمّا الزهريّ ، فحكي عنه أنّه قال : ما رأيت هاشميّاً أفضل منه ـ أي من علي بن الحسينعليهما‌السلام ـ ».

وفي رواية أُخرى عن الزهريّ قال : « كان علي بن الحسين من أفضل أهل بيته وأحسنهم طاعة ».

وفي رواية ثالثة عن الزهريّ قال : « لم أدرك من أهل البيت أفضل من علي بن الحسين ».

وعن مالك قال : « لم يكن في أهل بيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مثل علي بن الحسين ».

وقال عبد الرحمن بن أسلم عن أبيه : « ما رأيت فيهم مثل علي بن الحسين قط ».

وقال عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه : « ما رأيت هاشمياً أفضل من علي بن الحسين ».

وعن يحيى بن سعيد الأنصاري قال : « سمعت علي بن الحسين ، وكان أفضل هاشمي ».

وقال أبو بكر ابن البرقي : « ونسل الحسين بن علي كلّه من قبل علي الأصغر وأُمّه أُمّ ولد ، وكان أفضل أهل زمانه »(١) .

وروى المزّي حكاية الحجّ ، وتفضيل الناس لهعليه‌السلام على هشام ، أو الوليد بن عبد الملك الخليفة آنذاك ، وأبيات الفرزدق في مدحه ، وتنحّي الناس له حتّى يستلم الحجر هيبة له وإجلالاً ، ولم يفعلوا ذلك للخليفة(٢) .

__________________

١ ـ تهذيب الكمال ٢٠ / ٣٨٦.

٢ ـ المصدر السابق ٢٠ / ٤٠٠.

٣٩٠

٢ ـ الإمام محمّد الباقرعليه‌السلام : قال الذهبيّ : « كان أحد من جمع بين العلم والعمل ، والسؤدد والشرف ، والثقة والرزانة ، وكان أهلاً للخلافة »(١) .

٣ ـ الإمام جعفر الصادقعليه‌السلام : قال المزّيّ : « حدّثنا عمرو بن ثابت قال : رأيت جعفر بن محمّد واقفاً عند الجمرة العظمى ، وهو يقول : «سلوني ، سلوني ».

وقال أيضاً : عن صالح بن أبي الأسود قال : سمعت جعفر بن محمّد يقول : «سلوني قبل أن تفقدوني ، فإنّه لا يحدّثكم أحد بعدي بمثل حديثي ».

وعن أبي حنيفة ، وسُئل من أفقه ما رأيت؟ فقال : « ما رأيت أحداً أفقه من جعفر بن محمّد ، لمّا أقدمه المنصور الحيرة ، بعث إليَّ ، فقال : يا أبا حنيفة ، إنّ الناس قد فُتِنوا بجعفر بن محمّد ، فهيئ له من مسائلك الصعاب ، قال : فهيّأت له أربعين مسألة ، ثمّ بعث إليّ أبو جعفر فأتيته بالحيرة ، فدخلت عليه وجعفر جالس عن يمينه ، فلمّا بصرت بهما دخلني لجعفر من الهيبة ما لم يدخلني لأبي جعفر وابتدأت أسأله ، وكان يقول في المسألة : «أنتم تقولون فيها كذا وكذا ، وأهل المدينة يقولون كذا وكذا ، ونحن نقول كذا وكذا » ، فربما تابعنا ، وربما تابع أهل المدينة ، وربما خالفنا جميعاً »(٢) .

فأقول : هذه الرواية تثبت أنّ لأهل البيت مذهباً خاصّاً ومستقلاً عن باقي المذاهب ، لأنّ الإمام وهو من أهل المدينة قال : «وأهل المدينة يقولون كذا وكذا ، ونحن نقول كذا وكذا » ، فيجعل أهل البيتعليهم‌السلام في عرض أهل المدينة.

قال الذهبيّ : « الإمام الصادق شيخ بني هاشم »(٣) ، إلى أن ذكر أولادهعليه‌السلام فقال : « فأجلّهم وأشرفهم ابنه موسى الكاظم وهو إمام من أئمّة المسلمين »(٤) ، له مشهد عظيم مشهور ببغداد ، دفن معه فيه حفيده الجواد ،

__________________

١ ـ سير أعلام النبلاء ٤ / ٤٠٤.

٢ ـ تهذيب الكمال ٥ / ٧٩.

٣ ـ سير أعلام النبلاء ٦ / ٢٥٥.

٤ ـ المصدر السابق ٦ / ٢٧٠.

٣٩١

ولولده علي بن موسى مشهد عظيم بطوس(١) .

فهؤلاء بعض أئمّتنا ، وهم أبناء الحسينعليه‌السلام ، وهم أفضل بني هاشم باعترافهم.

__________________

١ ـ المصدر السابق ٦ / ٢٧٤.

٣٩٢

أُمّهات المؤمنين :

( البحرين ـ ـ )

باعتبار المحرمية وعدم جواز الزواج بهن :

س : أخبر القرآن الكريم أنّ زوجات النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أُمّهات للمؤمنين.

ما معنى إخبار القرآن ، ووصف زوجات النبيّ بأُمّهات المؤمنين ، وهن لم يعطين المؤمنين ما تعطي الأُمّ لولدها ، ولم يأخذن من المؤمنين ما تأخذ الأُمّ من ولدها؟

ج : المراد من الأُمّهات هو المحرمية ، وعدم جواز الزواج بهن بعد وفاة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لأنّهن بحكم الأُمّ للفرد.

وفي نعتهن بالأُمّ إشارة إرشادية لهن ، بحيث يتخلّقن بأخلاق الأُمّ ، لتكون معاملتهن مع الناس كمعاملة الأُمّ مع أولادها. ولكن هل حدث هذا بالفعل من كلّ نساء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ أو أنّ بعض نسائه خالفن الأوامر الإلهيّة ، من المكث في بيوتهن ، وخروجهن ، وصرن سبباً لهلاك الكثير من أُمّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولم يلتزمن بالإرشادات القرآنية والنبوية ، ولم يبق لهن من حقيقة الأُمّ للناس إلاّ في كون حكمهن حكم الأُمّ في عدم جواز الزواج بهن.

( مصطفى البحراني ـ عمان ـ ٢٥ سنة ـ طالب ثانوية )

حول بنات خديجة وعمرها عند زواجها :

س : كم كان عمر السيّدة خديجة عليها‌السلام عندما تزوّجها النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ وهل تزوّجت قبل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ وما أسم بناتها غير الزهراء عليها‌السلام ؟ وهل كن بنات النبيّ

٣٩٣

أم ربيباته؟ ومن تزوّجهن؟ وهل طلقن ممّن تزوجنه؟

السلام على الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها.

ج : بالنسبة إلى عمر السيّدة خديجةعليها‌السلام حين اقترانها بالرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله ففيه أقوال :

١ ـ ٢٥ سنة(١)

٢ ـ ٢٨ سنة(٢) .

٣ ـ ٣٠ سنة(٣) .

٤ ـ ٣٥ سنة(٤) .

٥ ـ ٤٠ سنة(٥) .

٦ ـ ٤٤ سنة(٦) .

٧ ـ ٤٥ سنة.

٨ ـ ٤٦ سنة.

وأمّا بالنسبة إلى زواجها قبل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فهناك قولان : أصحّهما أنّها لم تتزوّج أحداً قبل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بل تزوّجها وهي عذراء.

قال ابن شهر آشوب : « وروى أحمد البلاذري ، وأبو القاسم الكوفي في كتابيهما ، والمرتضى في الشافي ، وأبو جعفر ـ أي الشيخ الطوسيّ ـ في التلخيص : أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله تزوّج بها وكانت عذراء »(٧) .

وأمّا بالنسبة إلى بناتهاعليها‌السلام ففيه أقوال : أصحّها أنّها لم تلد للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من

__________________

١ ـ السيرة الحلبية ١ / ٢٠٤.

٢ ـ المستدرك ٣ / ١٨٢.

٣ ـ تاريخ مدينة دمشق ٣ / ١٩١.

٤ ـ السيرة الحلبية ١ / ٢٠٤.

٥ ـ المواهب اللدنية ( مع شرح الزرقاني ) ١ / ٣٧٤.

٦ ـ تاريخ مدينة دمشق ٣ / ١٩٠.

٧ ـ مناقب آل أبي طالب ١ / ١٣٨.

٣٩٤

البنات إلاّ فاطمةعليها‌السلام ، وأمّا رقية وزينب وأُمّ كلثوم فهنّ على قول بناتها من زوجها الأوّل قبل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لكن الصحيح أنّهن بنات هالة أُخت خديجة ، تكفّلهن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد وفاة هالة ، وهنّ أطفال.

فرقية تزوّجها عتبة بن أبي لهب ، فلمّا انزل الله( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ) (٨) سأل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عتبة طلاق رقية ، وسألته طلاقها ، فطلّقها ، وتزوّجها بعده عثمان بن عفّان(٩) .

وزينب تزوّجها أبو العاص ابن الربيع في الجاهلية ، فولدت له أُمامه ، تزوّجها الإمام علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وماتت زينب بالمدينة لسبع سنين من الهجرة.

وأُمّ كلثوم تزوّجها عثمان بعد أختها رقية ، وتوفّيت عنده.

( علوي ـ ـ )

عائشة متّهمة بالإفك :

س : ما قصّة الإفك الواردة في القرآن؟

ج : قد أشارت الآيات ١١ ـ ٢٦ من سورة النور إلى حديث الإفك.

وخلاصتها : إنّ مجموعة من الصحابة رموا بعض نساء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بالفحشاء ، فشاع الحديث بين الناس يتلقّاه هذا من ذاك ، وكان بعض المنافقين ، أو الذين في قلوبهم مرض ، يساعدون على إذاعة الحديث حبّاً منهم أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا ، فأنزل الله الآيات ، ودافع عن نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وقد روى أهل السنّة : أنّ المقذوفة هي عائشة ، والذين جاءوا بالإفك هم : عبد الله بن أبي سلول ، ومسطح بن أثاثه ، وحسّان بن ثابت ، وحمنة ابنة جحش ، أُخت زينب زوج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله .

__________________

١ ـ المسد : ١.

٢ ـ الذرّية الطاهرة النبوية : ٥٢.

٣٩٥

بينما روت الشيعة : أنّ المقذوفة هي مارية القبطية أُمّ إبراهيم ، التي أهداها مقوقس ملك مصر إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والقاذف هو : عائشة بنت أبي بكر ـ وهناك روايات تدلّ على مشاركة غيرها معها في هذا الرمي ـ حيث ادّعت : إنّ إبراهيم ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما هو إلاّ ابن جريح ـ وجريح هذا كان خادماً خصيّاً لمارية ، أهداه معها مقوقس عظيم مصر لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأرسله معها ليخدمها ـ فأنزل الله تعالى هذه الآيات لبيان نزاهة بيت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من الفحشاء.

وللمزيد من التفصيل راجع تفسير الميزان للعلاّمة الطباطبائي ( قدس سره )(١) .

( عبد الكريم الصعيديّ ـ اليمن ـ )

ما معنى الأُمومة للمؤمنين :

س : ما معنى الأُمومة للمؤمنين لزوجات الرسول؟ وهل معنى الأُمومة لعائشة أنّ على الإمام علي طاعتها؟ وهل الرسول وكّل الإمام علي في طلاق زوجاته؟

وما يجدي توكيله حيث أنّ زوجات النبيّ محرّمات على أحد بعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ أفيدونا أثابكم الله تعالى.

ج : المقصود من الأُمومة هو حرمة النكاح ، كما يتّضح ذلك بعد التأمّل في سبب نزول الآية الكريمة :( وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ) (٢) ، حيث قال البعض : إذا مات محمّد سوف ننكح أزواجه!! فلذا نزل قوله تعالى بتحريم النكاح ، ولا دلالة فيها على التعظيم من قريب أو بعيد ، بدليل قوله تعالى :( لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ ) (٣) ، فقيّد الأمر بالتقوى ، فتكون هي المحور في عظمة الشخصية ، كقوله تعالى :( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ ) (٤) .

__________________

١ ـ الميزان في تفسير القرآن ١٥ / ٨٧.

٢ ـ الأحزاب : ٦.

٣ ـ الأحزاب : ٣٢.

٤ ـ الحجرات : ١٣.

٣٩٦

ولا يوجد دليل عقليّ ولا نقليّ على وجوب طاعة خليفة رسول الله لزوجة النبيّ ، بل الثابت عقلاً ونقلاً وإجماعاً على أنّ طاعة خليفة رسول الله واجبة على جميع المسلمين ، بلا فرق بين أُمّهات المؤمنين أو غيرهن.

كما روي ما ذكرتَه من توكيل أمير المؤمنينعليه‌السلام في طلاق زوجات النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وفائدة ذلك غير منحصرة في إمكانية التزويج بها ، بل يكفي مجرد سلب هذا العنوان عنها ، مضافاً إلى ما فيه من دلالة على منصب الإمامة ، ومقام أمير المؤمنين كمقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في جميع الأُمور حتّى في طلاق نسائه.

( إبراهيم محمّد. قطر )

هل نساء النبيّ من أهل البيت :

س : شكراً لكم على هذه الصفحة الرائعة ، ولدي سؤال : من هم أهل البيت؟ وهل نساء النبيّ من أهل البيت؟ جزاكم الله خيراً.

ج : روى الحاكم في المستدرك عن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب عن أبيه قال : « لما نظر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الرحمة هابطة قال : « ادعوا لي ادعوا لي » ، فقالت صفية : مَن يا رسول الله؟

قال : «أهل بيتي : علياً وفاطمة والحسن والحسين » ، فجيء بهم ، فألقى عليهم النبيّ كساءه ، ثمّ رفع يديه ، ثمّ قال : «اللّهم هؤلاء آلي ، فصلّ على محمّد وآل محمّد » ، وأنزل الله تعالى :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) (١) ، ثمّ قال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه »(٢) .

هذا الحديث وما ورد بمعناه صريح في اختصاص أهل بيت النبيّ بعلي وفاطمة

__________________

١ ـ الأحزاب : ٣٣.

٢ ـ المستدرك ٣ / ١٤٧.

٣٩٧

والحسن والحسينعليهم‌السلام (١) .

وهل نساء النبيّ من أهل البيت؟

قالت أُمّ المؤمنين أُمّ سلمة : فذهبت لأدخل رأسي فدفعني ، فقلت : يا رسول الله أولست من أهلك؟ قال : «إنّك إلى خير ، إنّك إلى خير »(٢) .

وفي رواية أُخرى : قالت أُمّ سلمة : يا رسول الله ما أنا من أهل البيت؟ قال : « إنّك إلى خير ، وهؤلاء أهل بيتي ، اللهمّ أهل بيتي أحقّ »(٣) .

وفي رواية ثالثة : فرفعت الكساء لأدخل معهم ، فجذبه من يدي وقال : « إنّك على خير »(٤) .

سئل الصحابيّ زيد بن أرقم : « مَن هم أهل بيته؟ نساؤه؟ قال : لا وأيم الله ، إنّ المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ، ثمّ يطلّقها ، فترجع إلى أبيها وقومها ، أهل بيته : أصله وعصبته ، الذين حرموا الصدقة بعده »(٥) .

وعن أبي سعيد الخدريّ : « أهل البيت الذين أذهب عنهم الرجس ، وطهّرهم تطهيراً ، فعدّهم في يده ، فقال : خمسة : رسول الله ، وعلي ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين »(٦) .

وعن أنس بن مالك : أنّ رسول الله كان يمرّ بباب فاطمة ستة أشهر ، كلّما خرج إلى صلاة الفجر يقول : الصلاة يا أهل البيت( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ

__________________

١ ـ شواهد التنزيل ٢ / ٥٥ ينابيع المودّة ٢ / ٤١ ، صحيح مسلم ٧ / ١٣٠ ، السنن الكبرى للبيهقيّ ٢ / ١٤٩ و ١٥٢ ، جامع البيان ٢٢ / ٩ ، تفسير القرآن العظيم ٣ / ٤٩٢ ، الدرّ المنثور ٥ / ١٩٨ ، الجامع الكبير ٥ / ٣٢٨ ، المستدرك ٢ / ٤١٦ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٦٧ ، مسند أحمد ٦ / ٢٩٢ ، تاريخ بغداد ٩ / ١٢٨.

٢ ـ شواهد التنزيل ٢ / ٦٣ ، تاريخ مدينة دمشق ١٤ / ١٤٢.

٣ ـ المستدرك ٢ / ٤١٦.

٤ ـ مسند أبي يعلى ١٢ / ٤٥٦ ، المعجم الكبير ٣ / ٥٣ ، شواهد التنزيل ٢ / ١١٥ ، تاريخ مدينة دمشق ١٤ / ١٤٢ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ١٣.

٥ ـ صحيح مسلم ٧ / ١٢٣ ، ينابيع المودّة ١ / ٩٧ ، فيض القدير ٢ / ٢٢٠.

٦ ـ المعجم الأوسط ٢ / ٢٢٩ ، شواهد التنزيل ٢ / ٤٠.

٣٩٨

عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) (١) .

وقال الحاكم في مستدركه : « هذا حديث صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه »(٢) .

وعن أبي سعيد الخدريّ : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جاء إلى باب علي أربعين صباحاً بعدما دخل على فاطمة ، فقال : « السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته ، الصلاة رحمكم الله( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) أنا حرب لمن حاربتم ، أنا سلم لمن سالمتم »(٣) .

( أبو عبد الله ـ هولندا ـ سنّي ـ ٢٤ سنة. طالب )

إيمان خديجة :

س : هل كانت أُمّ المؤمنين خديجة قبل زواجها بالرسول الكريم محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله من الموحّدين؟ أرجو الإجابة ، ودمتم سالمين.

ج : لقد كانت خديجةعليها‌السلام من خيرة نساء قريش شرفاً ، وكانت تدعى في الجاهلية بالطاهرة ، ويقال لها : سيّدة قريش.

ويحتمل أنّهاعليها‌السلام كانت من الموحّدات لأنّ مكّة كانت محلّ لشريعة إبراهيمعليه‌السلام ، ومن بعده ولده إسماعيلعليه‌السلام ، وكان لإسماعيل أوصياء إلى زمن بعثة النبيّ ‎ ‎صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعليه يوجد في مكّة أُناس موحّدون ، وليس من البعيد أن تكون خديجةعليها‌السلام من أُولئك ، والله أعلم.

__________________

١ ـ الجامع الكبير ٥ / ٣١ ، المستدرك ٣ / ١٥٨ ، مسند أبي يعلى ٧ / ٥٩ ، شواهد التنزيل ٢ / ١٨ ، الدرّ المنثور ٥ / ١٩٩ ، فتح القدير ٤ / ٢٨٠ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ١٤ ، ينابيع المودّة ١ / ٣٢٢ و ٢ / ١١٩.

٢ ـ المستدرك ٣ / ١٥٨

٣ ـ المعجم الأوسط ٨ / ١١٢ ، شواهد التنزيل ٢ / ٤٤ ، الدرّ المنثور ٥ / ١٩٩ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ١٣.

٣٩٩
٤٠٠