موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٣

موسوعة الأسئلة العقائديّة0%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-03-4
الصفحات: 621

موسوعة الأسئلة العقائديّة

مؤلف: مركز الأبحاث العقائديّة
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف:

ISBN: 978-600-5213-03-4
الصفحات: 621
المشاهدات: 209067
تحميل: 3455


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 621 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 209067 / تحميل: 3455
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء 3

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: 978-600-5213-03-4
العربية

ج : تلقينا سؤالك برحابة صدر ، ونجيب عليه ونضعه في الأسئلة إن شاء الله تعالى : أتعلم من قال بأنّ القرآن ناقص ومحرّف؟

١ ـ عائشة بنت أبي بكر.

٢ ـ عمر بن الخطّاب.

٣ ـ أبو موسى الأشعريّ.

٤ ـ زيد بن ثابت.

٥ ـ عبد الله بن عباس.

٦ ـ أُبي بن كعب.

٧ ـ عبد الله بن مسعود ، وغيرهم.

هذا ، وجاء في روايات أهل السنّة تصريح بأنّ بعض الصحابة كان يقول بالتحريف ، بل أنّ بعض الكتب التي روت أحاديث التحريف التزم مؤلّفوها بأن لا يرووا فيها إلاّ ما صحّ سنده ، وما اعتقدوا به ، وبناءً على هذا يكون الكثير من مؤلّفي الصحاح والسنن ممّن يقول بالتحريف ، أضف إلى هذا فإنّ كتاب ( المصاحف ) لابن أبي داود السجستانيّ ، وكتاب ( الفرقان ) لابن الخطيب ، قد أثبتا التحريف ، وهما من علماء أهل السنّة.

ثمّ كلّ من قال بتحريف القرآن من علماء الشيعة أو السنّة ، إنّما قال بذلك لشبهة حصلت له ، ومثل ذلك لا يستوجب التكفير ، ولو جاز لنا أن نقول بكفر كلّ من قال بتحريف القرآن ، للزم القول بكفر كثير من كبار الصحابة ، وأصحاب الصحاح الستّة ، والمسانيد المعتبرة ، وعلماء المذاهب الأربعة عند أهل السنّة ، وهذا شيء لا يمكن التفوّه به من أجل القول بتحريف القرآن على أساس بعض الشبهات.

( عبد الله ـ الكويت ـ ١٩ سنة ـ طالب )

تعليق على السؤال السابق وجوابه :

س : قلتم أنّ أئمّة المذاهب الأربعة يقولون بتحريف القرآن ، فهل هناك مصدر لهذا الكلام.

١٠١

ج : إنّنا لم نقل أنّ أئمّة المذاهب الأربعة قالوا بالتحريف ، حتّى تريد منّا المصدر ، وإنّما قلنا : علماء المذاهب الأربعة نقلوا في كتبهم عدّة روايات تدلّ على التحريف ، منها :

١ ـ ( وقد سئلت عائشة عن اللحن الوارد في قوله تعالى :( إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ ) (١) ، وقوله عزّ من قائل :( وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ ) (٢) ، وقوله جلّ وعزّ :( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِؤُونَ ) (٣) .

فقالت : هذا من عمل الكتّاب ، أخطأوا في الكتاب.

وقد ورد هذا الحديث بمعناه بإسناد صحيح على شرط الشيخين )(٤) .

٢ ـ عن أبي خلف مولى بني جمح أنّه دخل مع عبيد بن عمير على عائشة ، قال : ( جئت أسألك عن آية في كتاب الله عزّ وجلّ ، كيف كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقرؤها؟ قالت : أيّة آية؟ قال :( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا ) (٥) ، أو :( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا أتَوا ) ؟ فقالت : أيّتهما أحبّ إليك؟ قال : قلت : والذي نفسي بيده لإحداهما أحبّ إليّ من الدنيا جميعاً ، أو الدنيا وما فيها ، قالت : أيّتهما؟ قلت :( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا أتَوا ) ، قالت : أشهد أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان كذلك يقرؤها ، وكذلك أُنزلت ، ولكن الهجاء حرّف )(٦) .

٣ ـ عن ابن عباس في هذه الآية( حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا ) (٧) قال : ( إنّما

____________

١ ـ طه : ٦١.

٢ ـ النساء : ١٦٢

٣ ـ المائدة : ٦٩.

٤ ـ الفرقان : ٤١.

٥ ـ آل عمران : ١٨٨.

٦ ـ مسند أحمد ٦ / ٩٥.

٧ ـ النور : ٢٧.

١٠٢

هي خطأ من الكُتّاب ، حتّى تستأذنوا وتسلّموا )(١) .

٤ ـ أخرج عبد بن حميد ، والفريابي ، وابن جرير ، وابن المنذر عن مجاهد في قوله تعالى :( وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ) (٢) ، قال : ( هي خطأ من الكاتب ، وهي في قراءة ابن مسعود : وإذ أخذ ميثاق الذين أوتوا الكتاب ، وأخرج ابن جرير عن الربيع أنّه قرأ : وإذ أخذ الله ميثاق الذين أُوتوا الكتاب.

قال : وكذلك كان يقرؤها أُبيّ بن كعب )(٣) .

٥ ـ روي عن قتادة : ( أنّ عثمان لمّا رفع إليه المصحف قال : إنّ فيه لحناً وستقيمه العرب بألسنتها )(٤) .

٦ ـ عن ابن عباس أنّه قرأ :( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ ـ ولا محدّث ـإِلاَّ إِذَا تَمَنَّى ) (٥) .

٧ ـ عن أبي إدريس الخولانيّ قال : كان أُبي يقرأ : إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ ـ ولو حميتم كما حموا أنفسهم لفسد المسجد الحرام ـ فَأَنزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ(٦) .

٨ ـ عن ابن عباس أنّه قرأ :( فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ ـ إلى أجل ـفَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ) (٧) .

____________

١ ـ تفسير القرآن العظيم ٣ / ٢٩٠ ، جامع البيان ١٨ / ١٤٦.

٢ ـ آل عمران : ٨١.

٣ ـ جامع البيان ٣ / ٤٥٠.

٤ ـ كنز العمّال ٢ / ٥٨٧ ، الدرّ المنثور ٢ / ٢٤٦.

٥ ـ فتح الباري ٧ / ٤٢ ، الحجّ : ٥٢.

٦ ـ كنز العمّال ٢ / ٥٦٨ و ٥٩٤ ، السنن الكبرى للنسائيّ ٦ / ٤٦٤ ، تفسير القرآن العظيم ٤ / ٢٠٩ ، الدرّ المنثور ٦ / ٧٩ ، تاريخ مدينة دمشق ٦٨ / ١٠١ ، الفتح : ٢٦.

٧ ـ النساء : ٢٤ ، المصنّف للصنعانيّ ٧ / ٤٩٨ ، جامع البيان ٥ / ١٨ ، معاني القرآن ٢ / ٦١ ، تفسير القرآن العظيم ١ / ٤٨٦ ، الدرّ المنثور ٢ / ١٤٠ ، فتح القدير ١ / ٤٤٩.

١٠٣

٩ ـ عن الإمام عليعليه‌السلام أنّه قرأ :( وَالْعَصْرِ ـ ونوائب الدهر ـإِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ ) (١) .

١٠ ـ عن أبي يونس مولى عائشة أنّه قال : ( أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفاً ، قالت : وإذا بلغت هذه الآية فآذنّي( حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى ) (٢) ، فلمّا بلغتها أذنتها فأملت عليّ : حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر و ، قالت عائشة : سمعتها من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بزيادة صلاة العصر )(٣) .

١١ ـ عن ابن مسعود قال : ( أقرأني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إِنّي أنا الرزّاق ذو القوّة المتين )(٤) .

١٢ ـ عن ابن مسعود أنّه قرأ : والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلّى والذكر والأنثى ، والآيات هكذا :( وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنثَى ) (٥) .

١٣ ـ عن ابن عباس أنّه قرأ :( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ ـ في مواسم الحجّ ـأَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ ) (٦) .

____________

١ ـ العصر : ١ ـ ٢ ، المستدرك ٢ / ٥٣٤ ، كنز العمّال ٢ / ٦٠١ ، جامع البيان ٣٠ / ٣٧٢ ، الجامع لأحكام القرآن ٢٠ / ١٨٠ ، الدرّ المنثور ٦ / ٣٩٢ ، فتح القدير ٥ / ٤٩٢.

٢ ـ البقرة : ٢٣٨.

٣ ـ مسند أحمد ٦ / ١٧٨ ، فتح القدير ١ / ٢٥٧ ، تهذيب الكمال ٢٢ / ٢٣ و ٣٤ / ٤٢٠.

٤ ـ تحفة الأحوذيّ ٨ / ٢٠٩ ، مسند أحمد ١ / ٣٩٤ و ٤١٨ ، فتح الباري ٨ / ٤٦٢ ، عون المعبود ١١ / ١٦ ، السنن الكبرى للنسائيّ ٤ / ٤٠٦ ، سير أعلام النبلاء ١٠ / ٤٠٣.

٥ ـ الليل : ١ ـ ٣ ، مسند أحمد ٦ / ٤٤٩ ، صحيح البخاريّ ٤ / ٢١٥ ، صحيح مسلم ٢ / ٢٠٦ ، الجامع الكبير ٤ / ٢٦٢ ، السنن الكبرى للنسائيّ ٦ / ٥١٦ ، صحيح ابن حبّان ١٤ / ٢٣٧.

٦ ـ البقرة : ١٩٨ ، صحيح البخاريّ ٢ / ١٩٧ و ٣ / ٤ و ١٥ ، سنن أبي داود ١ / ٣٩١ ، المستدرك ١ / ٤٨١ و ٢ / ٢٧٧ ، السنن الكبرى للبيهقيّ ٤ / ٣٣٣ ، صحيح ابن حبّان ٩ / ٣٠٥ ، المعجم الكبير ١١ / ٩٣.

١٠٤

١٤ ـ عن ابن عباس وابن مسعود ، أنّه كان يحكّ المعوّذتين من المصحف ويقول : ( لا تخلطوا القرآن بما ليس منه ، إنّهما ليستا من كتاب الله ، إنّما أمر النبيّ أن يتعوّذ بهما ، وكان ابن مسعود لا يقرأ بهما )(١) .

١٥ ـ عن ابن سيرين قال : ( كتب أُبي بن كعب في مصحفه فاتحة الكتاب والمعوّذتين ، واللهم إنّا نستعينك ، واللّهم إيّاك نعبد ، وتركهن ابن مسعود ، وكتب عثمان منهن : فاتحة الكتاب والمعوّذتين )(٢) .

( سعد الربيعي ـ ألمانيا ـ )

آية الولاية :

س : يحاججنا بعض الإخوان من أهل السنّة : بأنّ الشيعة لديهم قول بنقصان القرآن ، وهي آية الولاية ـ وهي غيرها التي في سورة المائدة ـ على أساس أنّها من قرآن الشيعة المحرّف ، وبداية الآية المزعومة : يا أيّها الذين آمنوا آمنوا بالنبيّ وبالوليّ الذين بعثناهما

فما هي الحقيقة في ذلك؟ ولكم الفضل.

ج : نختصر لك في الجواب فنقول : إنّ مسألة التحريف من المسائل التي اتخذها النواصب ذريعة للطعن بالتشيّع ، مع عدم وجود قائل بها في عصرنا الحاضر من الشيعة.

ولو قيل : إنّ في مصادر الشيعة ما يدلّ على التحريف.

قلنا : أوّلاً أكثر ما يدلّ على التحريف في مصادرنا فهو قابل للحمل على التأويل ، والذي غير قابل للحمل على التأويل فأكثره ضعيف سنداً ، والصحيح السند منه ساقط بقاعدة العرض على الكتاب ، حيث يخالف صريح قوله

____________

١ ـ مسند أحمد ٥ / ١٢٩ ، معجم الزوائد ٧ / ١٤٩ ، فتح الباري ٨ / ٥٧١ ، المعجم الكبير ٩ / ٢٣٥ ، تفسير القرآن العظيم ٤ / ٦١١ ، الدرّ المنثور ٦ / ٤١٦ ، فتح القدير ٥ / ٥١٨.

٢ ـ الإتقان في علوم القرآن ١ / ١٧٨.

١٠٥

تعالى :( وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) (١) .

ولو أرجعنا القول إلى أهل السنّة ، لوجدنا أنّ ما هو في مصادرهم من التحريف أضعاف ممّا هو في مصادر الشيعة ، وروي الكثير منه في صحاحهم ، التي التزموا بصحّة كلّ ما روي فيها ، وأهل السنّة لا يقبلون بقاعدة العرض على الكتاب.

هذا ، ويمكنكم أن توجّهوا السؤال إلى من حاججكم في آية الولاية ، وتطلبوا منه أن يأتيكم بالمصدر من كتب الشيعة المعتبرة ، فإنّ هذه الآية لا وجود لها في مصادر الشيعة المعتبرة ، ولم يقبلها أحد من العلماء.

ويمكنكم أيضاً أن تسألوهم عن آية الشيخ والشيخة التي ادعوا أنّها كانت على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وادعوا أنّها نسخت قراءتها مع بقاء حكمها؟ وقولوا لهم : ما معنى نسخ القراءة وبقاء الحكم ، وما فائدته؟

وكذلك يمكنكم أن تسألوهم عن كتاب ( المصاحف ) للسجستانيّ ، وكتاب ( الفرقان ) لابن الخطيب؟ وهما من كبار علماء أهل السنّة ، حيث أثبتا التحريف.

( ـ ـ )

القرآن غير محرّف قطعاً :

س : إنّكم تأكّدون على تحريف القرآن؟

الجواب : على كلّ باحث عن الحقيقة أن يتبع الدليل ، ومهما كانت النتيجة فيقبلها برحابة صدر ، وإن كانت مخالفة للموروث العقائديّ الذي وصل إليه.

تارة نبحث عن مسألة التحريف في مقام أنّ أهل السنّة يتّهمون الشيعة بوجود أحاديث تدلّ على التحريف ، فنذكر لهم من باب النقض وجود أحاديث في

____________

١ ـ الحجر : ٩.

١٠٦

مصادرهم أكثر ممّا هي في مصادر الشيعة.

وتارة نبحث عن أصل مسألة التحريف ، وهل وقع تحريف أم لا؟

فنقول : القرآن غير محرّف قطعاً ، وهذا ممّا تسالمت عليه الأُمّة الإسلاميّة ، والأدلّة العقلية والنقلية على عدم وقوع التحريف ، وما ورد في مصادر المسلمين ممّا ظاهره التحريف ، إما ضعيف السند لا يعمل به ، أو مؤوّل بحيث لا يدلّ على التحريف.

( عبد الله آقا ـ الكويت ـ )

روايات الكلينيّ والقمّيّ محمولة على التفسير :

س : قال صاحب تفسير الصافي في مقدّمة تفسيره : ( وأمّا اعتقاد مشايخنارضي‌الله‌عنهم في ذلك ، فالظاهر من ثقة الإسلام محمّد بن يعقوب الكلينيّ ( طاب ثراه ) أنّه كان يعتقد بالتحريف والنقصان في القرآن ، لأنّه روى روايات في هذا المعنى في كتابه الكافي ، ولم يتعرّض لقدح فيها ، مع أنّه كان يثق بما رواه فيه ، وكذلك علي بن إبراهيم القمّيّرضي‌الله‌عنه فإنّ تفسيره مملوء منه ، وله غلوّ فيه ، وكذلك أحمد بي أبي طالب الطبرسيّرضي‌الله‌عنه فأنّه نسج على منوالهما في كتاب الاحتجاج )(١) .

وشكرا لكم.

ج : إن قيل : في مصادر الشيعة روايات تدلّ على التحريف.

قلنا : في مصادر أهل السنّة أكثر ، أضف إلى ذلك : أنّ ما روي في مصادر الشيعة أكثره ضعيف السند ، أو قابل للحمل على التفسير ، وأمّا ما روي في مصادر أهل السنّة ، فإنّ الكثير منه في الصحاح ، وغير قابل للتأويل.

فإن قيل : إنّ بعض علماء الشيعة قائل بالتحريف.

قلنا : إنّ بعض علماء السنّة ممّن صرّح بأن لا يروي إلاّ ما صحّت له روايته ،

____________

١ ـ تفسير الصافي ١ / ٥٢.

١٠٧

ويعتقد به ، يكون قائلاً بالتحريف ، وذلك عندما يروي أحاديث التحريف ، أضف إلى ذلك : ما روي عن عائشة والصحابة من القول بالتحريف.

فإن قيل : بعض علماء الشيعة ألّف كتاباً في التحريف.

قلنا : السجستانيّ ألّف كتاب ( المصاحف ) ، وابن الخطيب ألّف كتاب ( الفرقان ) ، وهما من علماء أهل السنّة ، وقالا فيهما بالتحريف.

وعلى كلّ حال ، فإن قلتم ، قلنا.

ولكن ، القرآن أعظم من أن نجعله غرضاً لنزاعاتنا ، فندافع عن القرآن ، ونقول : القرآن غير محرّف قطعاً ، وما روي في بعض المصادر في التحريف فهو ضعيف متروك ، وبعض من قال بالتحريف ، فهي أقوال شاذّة متروكة.

وأمّا روايات الكلينيّ وتفسير القمّيّ وكتاب الاحتجاج ، فإنّ أكثرها محمول على التفسير ، وبعضها ضعيف ، وما صحّ منه ولم يمكننا حمله على التفسير فإنّه متروك ، وذلك عملاً بقاعدة عرض الحديث على الكتاب ، فإذا تعارض ترك الحديث ـ وهذا من مختصّات الشيعة ـ أعني مسألة عرض الحديث على الكتاب العزيز.

وأخيراً ، أشير إلى أنّه لابد لأهل السنّة من أن يتنزّلوا من القول بصحّة كلّ ما ورد في البخاريّ ومسلم ، وإلاّ لزمهم القول بالتحريف ، وكذلك عليهم أن يقبلوا بالأحاديث الواردة في مسألة العرض على الكتاب.

( عبد الله آقا ـ الكويت ـ )

لا ننكر وجود أحاديث تدلّ عليه :

س : ما ردّكم على قول المجلسيّقدس‌سره صاحب كتاب بحار الأنوار ، عندما قال في معرض شرحه لحديث هشام بن سالم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : ( إنّ القرآن الذي جاء جبرائيلعليه‌السلام إلى محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله سبعة عشر ألف آية ) ، فقال عن هذا الحديث : موثّق.

١٠٨

فما ردّكم الجليل على قول المجلسيّ ، وشكراً ، المصدر : مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول ٢ / ٥٢٥.

ج : إنّا لا ننكر وجود أحاديث في مصادر الشيعة تدلّ على التحريف ، كما لا ننكر وجود قائلين بالتحريف ، ولكن في مقابل هذا توجد أحاديث أُخرى كثيرة عند أهل السنّة في التحريف ، وقائلين منهم به.

ولكن الرأي الصحيح والمتبع هو ما عليه الأعم الأغلب من علماء الشيعة قديماً وحديثاً ، من القول بعدم التحريف ، وكذلك هو عند أهل السنّة ، فهدفنا هو الدفاع عن القرآن ، وإن كان أهل السنّة يطعنون بالتشيّع في هذه المسألة ، مع وجود التحريف في أُمّهات صحاحهم أكثر بكثير ممّا هو عندنا.

( كميل ـ الكويت ـ )

توجد فيه روايات في مصادر الفريقين :

س : هذه بعض الأحاديث التي طرحها أحد أهل السنّة حول تحريف القرآن بأقوال من علمائنا ، أرجو التعليق عليها ، وتوضيحها ، ولكم منّا جزيل الشكر والامتنان :

١ ـ يقول الفيض الكاشانيّ في تفسير الصافي ١ / ٤٤ ط الأُولى ، مؤسّسة الأعلميّ بيروت : ( المستفاد من جميع هذه الأخبار وغيرها من الروايات من طريق أهل البيتعليهم‌السلام : أنّ القرآن الذي بين أظهرنا ليس بتمامه ، كما أُنزل على محمّد ، بل منه ما هو خلاف ما أنزل الله ، ومنه ما هو مغيّر محرّف ، وأنّه قد حذف عنه أشياء كثيرة : منها اسم علي في كثير من المواضيع ، ومنها لفظة آل محمّد غير مرّة ، ومنها أسماء المنافقين في مواضعها ، وغير ذلك ، وأنّه ليس أيضاً على الترتيب المرضي عند الله ، وعند رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ).

٢ ـ يقول السيّد نعمة الله الجزائريّ في الأنوار النعمانية ٢ / ٣٥٧ ط تبريز : ( الثالث : إنّ تسليم تواترها ـ القراءات السبع ـ عن الوحي الإلهيّ ، وكون الكلّ قد نزل به الروح الأمين ، يفضي إلى طرح الأخبار المستفيضة ، بل المتواترة الدالّة

١٠٩

بصريحها على وقوع التحريف في القرآن كلاماً ، ومادةً وإعراباً ، مع أنّ أصحابنا قد أطبقوا على صحّتها ، والتصديق بها ).

٣ ـ يقول الطبرسيّ في كتابه ١ / ٣٧١ : ( وليس يسوغ مع عموم التقيّة التصريح بأسماء المبدّلين ، ولا الزيادة في آياته ، فحسبك من الجواب عن هذا الموضع ما سمعت ، فإنّ شريعة التقيّة تحظر التصريح بأكثر منه ).

ويقول الطبرسيّ في موضع آخر ١ / ٣٧٧ : ( ولو شرحت لك كلّ ما أسقط وحرّف وبدّل ، وما يجري هذا المجرى ، لطال وظهر ما تحظر التقيّة إظهاره من مناقب الأولياء ، ومثالب الأعداء ).

٤ ـ يقول أبو الحسن العامليّ في مقدّمة تفسيره مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار : ٣٦ من منشورات مؤسّسة إسماعيليان بقم ما نصّه : ( إعلم أنّ الحقّ الذي لا محيص عنه ، بحسب الأخبار المتواترة الآتية وغيرها ، أنّ هذا القرآن الذي بين أيدينا ، قد وقع فيه بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله شيء من التغييرات ، وأسقط الذين جمعوه بعده كثيراً من الكلمات والآيات ، وأنّ القرآن المحفوظ عما ذكر الموافق لما أنزله الله تعالى ، ما جمعه علي وحفظه إلى أن وصل إلى ابنه الحسن ، وهكذا إلى أن وصل إلى القائم وهو اليوم عندهعليه‌السلام ).

وفّقكم الله لما يحبّه ويرضاه.

ج : توجد روايات في مصادر الشيعة وأهل السنّة في التحريف ، وكذلك توجد بعض الأقوال عند الفريقين صريحة في التحريف ، بالأخصّ إذا ما راجعنا كتاب ( المصاحف ) لابن أبي داود السجستانيّ ، وكتاب ( الفرقان ) لابن الخطيب ، وكلاهما من تأليف علماء أهل السنّة ، وكذلك إذا ما رجعنا إلى الروايات الراوية لأقوال الصحابة ، وأُمّهات المؤمنين في التحريف.

وكذلك إذا ما جعلنا بعين الاعتبار كلمات كبار علماء أهل السنّة في صحاحهم ومسانيدهم ، حيث صرّحوا بأنّهم لم يرووا إلاّ ما يعتقدون بصحّة روايته ، ورووا مع ذلك أحاديث في التحريف.

ولكنّ الرأي المتّبع عند الشيعة وأهل السنّة هو عدم التحريف ، بل هو الرأي المشهور عند جميع المسلمين.

١١٠

فلا يعتنى بالروايات المروية في التحريف ، والموجودة في مصادر الفريقين ، كما لا يعتنى ببعض الأقوال في التحريف.

( حسن محمّد ـ البحرين ـ )

معنى نسخ التلاوة :

س : ما هو نسخ التلاوة المعروف عند أهل السنّة؟ وهل هو بمثابة التحريف بالنقيصة في القرآن؟ أرجو توضيح ذلك.

ج : أصل النسخ ثابت ، وهو نزول آية قرآنية في حكم معيّن ، فتأتي آية أُخرى تنسخ حكم تلك الآية ، فالآية المنسوخة باقية في القرآن مع نسخ حكمها.

وأمّا نسخ التلاوة ، فهو نزول آية من القرآن الكريم ، فتنسخ تلاوتها مع بقاء حكمها ، وهذا هو التحريف بعينه ، إذ أن نسخ التلاوة مع بقاء الحكم باطل من أصله ، ولا معنى لنسخ تلاوة آية معينة مع بقاء الحكم ، فنسخ التلاوة يساوي التحريف.

وإذا أُشكل : بورود رواية في مصادر الشيعة ، أو قول من علماء الشيعة يقول بالنسخ ، يكون الردّ : بأنّ الرواية ضعيفة السند ، ومن تنسبون إليه القول بنسخ التلاوة ، فإنّما هو في مقام إيراد الأقوال ، لا في مقام الاعتقاد بما نقله من أقوال ، حتّى ولو ثبت نسبة القول بنسخ التلاوة إلى أحد علماء الشيعة ، فإنّه قول شاذّ نادر.

( باسل الموسويّ ـ البحرين ـ ٢٥ سنة ـ طالب علم )

بحث مفصّل للإمام الخوئيّ حول نسخ التلاوة :

س : ما هو رأيكم في تأويل الشيخ الصدوق لهذا الكلام؟ وهو : وأهل السنّة مجمعون على أنّ القرآن الذي بين أيدينا هو ليس كاملاً ، حيث أنّهم يرون نسخ التلاوة.

١١١

ج : ننقل لكم ما قاله السيّد الخوئيّقدس‌سره حول موضوع نسخ التلاوة(١) :

( أقول : سيظهر لك ـ بعيد هذا ـ أنّ القول بنسخ التلاوة هو بعينه القول بالتحريف ، وعليه فاشتهار القول بوقوع النسخ في التلاوة ـ عند علماء أهل السنّة ـ يستلزم اشتهار القول بالتحريف.

٣ ـ نسخ التلاوة : ذكر أكثر علماء أهل السنّة : أنّ بعض القرآن قد نسخت تلاوته ، وحملوا على ذلك ما ورد في الروايات أنّه كان قرآناً على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيحسن بنا أن نذكر جملة من هذه الروايات ، ليتبيّن أنّ الالتزام بصحّة هذه الروايات ، التزام بوقوع التحريف في القرآن :

١ ـ روى ابن عباس : أنّ عمر قال فيما قال ـ وهو على المنبر ـ : ( إنّ الله بعث محمّداً بالحقّ ، وأنزل عليه الكتاب ، فكان ممّا أنزل الله آية الرجم ، فقرأناها ، وعقلناها ، ووعيناها.

فلذا رجم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ورجمنا بعده ، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل : والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله ، فيضلّوا بترك فريضة أنزلها الله ، والرجم في كتاب الله حقّ على من زنى إذا أحصن من الرجال ثمّ إنّا كنّا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله : أن لا ترغبوا عن آبائكم ؛ فإنّه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم ، أو : إنّ كفراً بكم أن ترغبوا عن آبائكم )(٢) .

وذكر السيوطيّ : أخرج ابن اشته في المصاحف عن الليث بن سعد قال : ( أوّل من جمع القرآن أبو بكر ، وكتبه زيد وإنّ عمر أُتي بآية الرجم فلم يكتبها ؛ لأنّه كان وحده )(٣) .

____________

١ ـ البيان في تفسير القرآن : ٢٠١.

٢ ـ صحيح البخاريّ ٨ / ٢٦ ، صحيح مسلم ٥ / ١١٦ ، سنن أبي داود ٢ / ٣٤٣ ، الجامع الكبير ٢ / ٤٤٢ ، السنن الكبرى للبيهقيّ ٨ / ٢١١ ، المصنّف للصنعانيّ ٥ / ٤٤١ و ٧ / ٣١٥ ، السنن الكبرى للنسائيّ ٤ / ٢٧٣ ، صحيح ابن حبّان ٢ / ١٤٧ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ١٢٧.

٣ ـ الإتقان في علوم القرآن ١ / ١٦٣.

١١٢

أقول : وآية الرجم التي ادّعى عمر أنّها من القرآن ، ولم تقبل منه رويت بوجوه :

منها : ( إذا زنى الشيخ والشيخة فارجموهما البتّة ، نكالاً من الله ، والله عزيز حكيم ).

ومنها : ( الشيخ والشيخة فارجموهما البتّة ، بما قضيا من اللذّة ).

ومنها : ( إنّ الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتّة ) ، وكيف كان فليس في القرآن الموجود ما يستفاد منه حكم الرجم ، فلو صحّت الرواية فقد سقطت آية من القرآن لا محالة.

٢ ـ وأخرج الطبرانيّ بسند موثّق عن عمر بن الخطّاب مرفوعاً : ( القرآن ألف ألف وسبعة وعشرون ألف حرف )(١) .

بينما القرآن الذي بين أيدينا لا يبلغ ثلث هذا المقدار ، وعليه فقد سقط من القرآن أكثر من ثلثيه.

٣ ـ وروى ابن عباس عن عمر ، أنّه قال : إنّ الله عزّ وجلّ بعث محمّداً بالحقّ ، وأنزل معه الكتاب ، فكان ممّا أنزل إليه آية الرجم ، فرجم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ورجمنا بعده ، ثمّ قال : كنا نقرأ : ( ولا ترغبوا عن آبائكم فإنّه كفر بكم ) ، أو : ( إن كفرا بكم أن ترغبوا عن آبائكم )(٢) .

٤ ـ عن نافع عن ابن عمر قال : ( لا يقولن أحدكم قد أخذت القرآن كلّه وما يدريه ما كلّه؟ قد ذهب منه قرآن كثير ، ولكن ليقل قد أخذت منه ما ظهر )(٣) .

٥ ـ وروى عروة بن الزبير عن عائشة قالت : ( كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله مائتي آية ، فلمّا كتب عثمان المصاحف لم نقدر منها إلاّ ما هو الآن )(٤) .

____________

١ ـ المعجم الأوسط ٦ / ٣٦١.

٢ ـ مسند أحمد ١ / ٤٧ ، صحيح البخاريّ ٨ / ٢٦ ، المصنّف للصنعانيّ ٥ / ٤٤١ و ٩ / ٥٠.

٣ ـ الإتقان في علوم القرآن ٢ / ٦٦.

٤ ـ الدرّ المنثور ٥ / ١٨٠.

١١٣

ثمّ ينقل السيّد الخوئيّ بقية الروايات إلى أن يقول : وغير خفيّ أنّ القول بنسخ التلاوة بعينه القول بالتحريف والإسقاط.

وبيان ذلك : أنّ نسخ التلاوة هذا ، إمّا أن يكون قد وقع من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإمّا أن يكون ممّن تصدّى للزعامة من بعده ، فإن أراد القائلون بالنسخ وقوعه من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهو أمر يحتاج إلى الإثبات.

وقد اتّفق العلماء أجمع على عدم جواز نسخ الكتاب بخبر الواحد ، وقد صرّح بذلك جماعة في كتب الأُصول وغيرها(١) ، بل قطع الشافعيّ وأكثر أصحابه ، وأكثر أهل الظاهر بامتناع نسخ الكتاب بالسنّة المتواترة ، وإليه ذهب أحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه ، بل إنّ جماعة ممّن قال بإمكان نسخ الكتاب بالسنّة المتواترة منع وقوعه(٢) ، وعلى ذلك فكيف تصحّ نسبة النسخ إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بأخبار هؤلاء الرواة؟ مع أنّ نسبة النسخ إلى النبيّ تنافي جملة من الروايات التي تضمّنت أنّ الإسقاط قد وقع بعده.

وإن أرادوا أنّ النسخ قد وقع من الذين تصدّوا للزعامة بعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهو عين القول بالتحريف.

وعلى ذلك ، فيمكن أن يدّعى أنّ القول بالتحريف هو مذهب أكثر علماء أهل السنّة ، لأنّهم يقولون بجواز نسخ التلاوة ، سواء أنسخ الحكم أم لم ينسخ ، بل تردّد الأُصوليّون منهم في جواز تلاوة الجنب ما نسخت تلاوته ، وفي جواز أن يمسّه المحدث ، واختار بعضهم عدم الجواز.

نعم ذهبت طائفة من المعتزلة إلى عدم جواز نسخ التلاوة(٣) .

ومن العجيب أنّ جماعة من علماء أهل السنّة أنكروا نسبة القول بالتحريف إلى أحد من علمائهم ، حتّى أنّ الآلوسيّ كذّب الطبرسيّ في نسبة القول

____________

١ ـ الموافقات ٣ / ٦٩.

٢ ـ الإحكام في أُصول الأحكام للآمدي ٣ / ١٦٥.

٣ ـ المصدر السابق ٣ / ١٥٤.

١١٤

بالتحريف إلى الحشويّة ، وقال : ( إنّ أحداً من علماء أهل السنّة لم يذهب إلى ذلك ) ، وأعجب من ذلك أنّه ذكر ، أنّ قول الطبرسيّ بعدم التحريف نشأ من ظهور فساد قول أصحابه بالتحريف ، فالتجأ هو إلى إنكاره(١) ، مع أنّك قد عرفت أنّ القول بعدم التحريف هو المشهور ، بل المتسالم عليه بين علماء الشيعة ومحقّقيهم ، حتّى أنّ الطبرسيّ قد نقل كلام المرتضى بطوله ، واستدلاله على بطلان القول بالتحريف ، بأتمّ بيان وأقوى حجّة )(٢) .

إلى هنا تمّ كلامهقدس‌سره ، ومنه يظهر وجه الاحتجاج بهذا القول.

( مصطفى بطّة ـ الأردن ـ سنّي ـ ٢١ سنة ـ طالب جامعة )

نشير إلى نقاط ريثما يتأمّل فيها المحقّقون :

س : نشكر لكم جهودكم في هذا الموقع ، ونتمنّى أن نرى لكلّ مذهب موقعاً معتبراً كهذا ، يحلّ الإشكال ، ويجيب على التساؤلات.

سؤالي إليكم حول موضوع تحريف القرآن الكريم ، وتحديداً وجود بعض الحذف منه والنقص فيه ، والذي يثيره السنّة باستمرار ، وما قد يلحظه المبتدئ من شيء من التناقض بين كتب الكلام ، من أمثال الإلهيّات الذي جمع من محاضرات للأُستاذ الكبير السبحانيّ ، وكتاب شرح عقائد المظفّر ، التي تنفي التحريف مطلقاً ، وبين الكتب الروائية المتقدّمة ، من أمثال الكافي وبحار الأنوار ، والتي تروي عدداً لابأس به من الروايات ، التي تؤكّد وقوع الحذف ، خاصّة من الآيات التي فيها تصريح بولاية عليعليه‌السلام .

وهذه الروايات تصرّح بوقوع الحذف لفظاً ومعنى وإعراباً ، ومعظمها مروي عن الأئمّة المعصومين ، نرجو إجابتنا إجابة وافية ملزمة ، نتمكّن من عرضها

____________

١ ـ روح المعاني ١ / ٢٥.

٢ ـ مجمع البيان ١ / ٤٣.

١١٥

على أخوتنا الأشاعرة في المنطقة ، الذين يثيرون هذا الموضوع باستمرار ، لعدم وجود ردّ.

وبارك الله فيكم.

ج : نشكركم على متابعتكم للموقع ، ونتمنّى أن نكون قد وفّقنا لأداء المسؤولية حول الدين والمذهب في ردّ الشبهات ، وإنارة الطريق ، والله هو الموفّق.

وأمّا ما ذكرتموه في موضوع التحريف ، فقد أجبنا عنه كراراً ومراراً ، وذكّرّنا الإخوة : بأنّ المسألة لا ثمرة لها عند المسلمين ، بل إنّ المستفيد الأوّل والأخير هم أعداء العقيدة ، فالصفح عنها أحرى وأجدر ؛ ولكن بما أنّ الإخوة يلحّون في المطلب ، نشير إلى عدّة نقاط ، ريثما يتأمّل فيها المحقّقون ، ولكي ينصفوا ، والله من وراء القصد :

١ ـ إنّ الروايات التي تدلّ بظاهرها على التحريف موجودة في كتب أهل السنّة ، وبأعداد مضاعفة عمّا في كتب الشيعة ، وعلى سبيل المثال ـ لا الحصرـ يمكن المراجعة إلى الصحاح والمسانيد.

٢ ـ مضافاً إلى ورود هذه الروايات ، فقد صرّح بعض علماء التفسير عندهم بوقوع التحريف(١) .

ومنهم من تبنّى هذا القول كابن أبي داود السجستانيّ في كتابه ( المصاحف ) ، وابن الخطيب في كتابه ( الفرقان ).

٣ ـ إنّ ورود بعض الروايات في كتب الحديث عند الشيعة ، لا يعني اعتقاد الشيعة بهذه الفكرة ، ولا حتّى التزام مؤلّفيها بها ، بل هو من باب جمع الأحاديث ، كالعمل في الموسوعات فحسب ، والذي يدلّنا في المقام هو :

أوّلاً : إنّ الشيعة من الصدر الأوّل حتّى الآن ، لا تعتقد بوجود كتاب صحيح من أوّله إلى آخره إلاّ القرآن ، وعليه فكلّ تأليف فيه الخطأ والصواب تبعاً

____________

١ ـ روح المعاني ١ / ٢٦ ، الدرّ المنثور ٥ / ١٨٠.

١١٦

للأدلّة المطروحة في كلّ مجال ، وهنا تختلف الشيعة عمّن يعتقد بصحّة روايات الصحاح ، أو الصحيحين على الأقل ، فهو ملزم بما ورد فيها.

ثانياً : إنّ الروايات المذكورة معارضة بروايات أُخرى وردت بإزائها ، تدلّ بالصراحة على نفي التحريف ، وفي مثل هذا المقام تعرض المعارضتان على القرآن ـ على طبق القواعد الأُصولية ـ ومن ثمّ تنفي حجّية الموهم للتحريف.

ثالثاً : توجد روايات صريحة عند الشيعة بعدم حجّية الخبر المخالف للقرآن رأساً ، أو عند المعارضة ، وهذا لا ينسجم مع القول بالتحريف.

رابعاً : إنّ الروايات المذكورة بأجمعها يعتريها ، إمّا ضعف السند ، وإمّا ضعف الدلالة ، أو كلاهما كما بحثه المحقّقون من الشيعة في مظانّها ؛ وأيضاً كلّها قابلة للتأويل جمعاً بينها وبين الأخبار النافية للتحريف ، فبعضها مثلاً من باب الشرح المزجي للآيات مع تفاسيرها ، وبعضها من باب الإشارة إلى المصاديق المأوّلة في الآيات ، وأحياناً بعضها الآخر فيها التصريح ، أو التلويح بشأن النزول ، وهكذا.

٤ ـ إنّ الرأي العام للشيعة قديماً وحديثاً هو الالتزام والاعتقاد بعدم التحريف ، وهذا هو قول العلماء الذين يعتبرون واجهة الشيعة ، وأيضاً هو كلام الوسط الشيعيّ حتّى الآن.

وأمّا ما كتبه بعضهم في هذا المجال خلافاً لهذا الإجماع القطعيّ ـ كالشيخ النوريّ الطبرسيّ والسيّد الجزائريّ ـ فيرد عليه أنّهما لم يمثّلا في مسألة التحريف عقيدة مذهب أهل البيتعليهم‌السلام ، مضافاً إلى أنّ الروايات التي اعتمد عليها النوريّ لإثبات مدّعاه في كتابه فصل الخطاب ، أكثرها من أحاديث أهل السنّة في هذا المجال ، فهو كما ترى!

٥ ـ وأخيراً : فإنّ التأويل المخرج لأهل السنّة من مأزق رواياتهم المذكورة ، لهي أنسب بأن تكون إحدى الطرق عند الشيعة للوقوف في مقابل بعض رواياتهم ، التي قد توهم الموضوع المذكور.

١١٧

٦ ـ ولا يفوتنا أن نشير هنا أنّ البحث عن هذا الموضوع قد جاء مفصّلاً في كلّ من ( البيان ) للسيّد الخوئيّقدس‌سره ، و ( آلاء الرحمن ) للشيخ البلاغيّقدس‌سره ، و ( صيانة القرآن ) للشيخ هادي معرفة ، و ( التحقيق في نفي التحريف ) للسيّد الميلانيّ ، وبقية التفاسير الشيعيّة ، كـ ( مجمع البيان ) للشيخ الطبرسيّقدس‌سره ، و ( التبيان ) للشيخ الطوسيّقدس‌سره ، وغيرهم ، فللمزيد من المعلومات لابأس بالمراجعة إليها.

( أحمد ـ البحرين ـ ٤٢ سنة ـ طالب أكاديمي )

أدلّتنا على عدمه :

س : هل هناك قول عن أيّ إمام ينصّ بعدم تحريف القرآن الكريم؟

ج : استدلّ العلماء بطوائف من الأحاديث لنفي التحريف :

الطائفة الأُولى : أحاديث الثقلين ، الدالّة على التمسّك بالكتاب والسنّة ، فلو كان الكتاب محرّفاً كيف نؤمر بالتمسّك به.

الطائفة الثانية : خطبة الغدير ، حيث أمر فيهاصلى‌الله‌عليه‌وآله بتدبّر القرآن ، وفهم آياته والأخذ بمحكماته دون متشابهاته ، والأمر بذلك يستلزم عدم تحريفه.

الطائفة الثالثة : أحاديث العرض على الكتاب مطلقاً ، وترك العمل بما لم يوافقه أو لم يشبهه.

الطائفة الرابعة : الأحاديث الواردة في ثواب قراءة السور في الصلوات وغيرها ، وثواب ختم القرآن وتلاوته ، فلولا أنّ سور القرآن وآياته معلومة لدى المسلمين لما تمّ أمرهمعليهم‌السلام بذلك.

الطائفة الخامسة : الأحاديث الواردة بالرجوع إلى القرآن واستنطاقه.

الطائفة السادسة : الأحاديث التي تتضمّن تمسّك الأئمّة من أهل البيتعليهم‌السلام بمختلف الآيات القرآنيّة المباركة.

الطائفة السابعة : الأحاديث الواردة عنهمعليهم‌السلام في أنّ ما بأيدي الناس هو القرآن النازل من عند الله تعالى.

١١٨

منها : ما روي عن الريّان بن الصلت قال : قلت للرضاعليه‌السلام : يا ابن رسول الله ، ما تقول في القرآن؟ فقال : (كلام الله لا تتجاوزوه ، ولا تطلبوا الهدى في غيره فتضلّوا )(١) .

وعن علي بن سالم عن أبيه قال : سألت الصادقعليه‌السلام ، فقلت له : يا ابن رسول الله ، ما تقول في القرآن؟

فقال : (هو كلام الله ، وقول الله ، وكتاب الله ، ووحي الله وتنزيله ، وهو الكتاب العزيز الذي ( لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) (٢) .

الطائفة الثامنة : الأحاديث الواردة في صدر بيان علوّ القرآن ومقامه ومعرفة شأنه.

وعليه ، فلو كان القرآن الموجود محرّفاً ـ نعوذ بالله ـ لما بقي أثر لهذه الطوائف من الأحاديث وما شابهها.

فمجموع هذه الأحاديث على اختلاف طوائفها ، تدلّ دلالة قاطعة على أنّ القرآن الموجود هو القرآن النازل على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من دون أيّ تغيير أو تحريف.

( عبد الله ـ البحرين ـ ٢٠ سنة ـ طالب جامعة )

تعدّد القراءات لا يعدّ تحريفاً :

س : قال تعالى : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) (٣) ، فكما قال المفسّرون : المقصود من الحفظ هو الحفظ النصّي ، ولكنّنا نجد أنّ هناك روايات تختلف نصّياً عن بعضها ، فرواية حفص عن عاصم تختلف عن رواية قالون عن نافع ، ورواية قالون عن نافع تختلف عن رواية ورش عن نافع ، فهل يعدّ هذا تحريف للقرآن مع تعدد هذه القراءات؟

____________

١ ـ عيون أخبار الرضا ١ / ٦٢ ، الأمالي للشيخ الصدوق : ٦٣٩.

٢ ـ فصلت : ٤٢ ، الأمالي للشيخ الصدوق : ٦٣٩.

٣ ـ الحجر : ٩.

١١٩

ج : إنّ القرآن الواصل إلينا ثبت بالتواتر من عهد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الآن ، وهذه القراءات خبر واحد لا يثبت بها النصّ القرآنيّ.

فلا يقال : إنّ القرآن محرّف بها ، مع ملاحظة أنّ الصورة محفوظة في القرآن ، والاختلاف يكون بالحركات والإعجام.

وأمّا أنّه نازل على سبعة أحرف ، وأنّها هي القراءات السبعة فباطل عندنا ، وهذا الحديث له معنى آخر.

وأمّا نزوله فكان على حرف واحد ، قال الإمام الصادقعليه‌السلام : ( إنّ القرآن واحد ، نزل من عند واحد ، ولكن الاختلاف يجيء من قبل الرواة )(١) ، ونحن نقول : أنّ خبر الرواة خبر واحد لا حجّة به علينا ، بعد أن ثبت القرآن بالتواتر.

( حسين حبيب عبد الله ـ البحرين ـ ٢٠ سنة ـ طالب جامعة )

حول كتاب فصل الخطاب :

س : من هو مؤلّف كتاب فصل الخطاب في تحريف كتاب ربّ الأرباب؟ وهل يرى تحريف التنزيل؟

ج : الكتاب للمحدّث النوريّ الطبرسيّقدس‌سره ، وقد ذكر أحد الباحثين ـ وهو السيّد محمّد رضا الجلاليّ ـ في كتابه دفاع عن القرآن ما نصّه : ( أنّ المحدّث النوريّ جمع الروايات من الطرفين ، التي ظاهرها تحريف القرآن ، فقد نقل كلّ الروايات حتّى التي من دون سند ، ونقل أيضاً من كتب مجهولة المؤلّف ، فغرضه كان لمجرد الجمع والتأليف من دون الفحص والتحقيق ، فهو لا يرى التحريف في تنزيل القرآن ، لأنّه يصرّح بأنّ هذه الروايات ليست أدلّة مثبتة لشيء لعدم حجّيتها ، ولأنّها آحاد ، وأنّها ضعيفة السند ).

____________

١ ـ الكافي ٢ / ٦٣٠ ، الاعتقادات للشيخ المفيد : ٨٦.

١٢٠