موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٣

موسوعة الأسئلة العقائديّة0%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-03-4
الصفحات: 621

موسوعة الأسئلة العقائديّة

مؤلف: مركز الأبحاث العقائديّة
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف:

ISBN: 978-600-5213-03-4
الصفحات: 621
المشاهدات: 208600
تحميل: 3445


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 621 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 208600 / تحميل: 3445
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء 3

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: 978-600-5213-03-4
العربية

المستحبّات ، وتنتهي عن المكروهات ، فلا يمكن أن يكتشف من فعلها وجوب ستر الوجه للمرأة.

وكذلك الحال بالنسبة لزينبعليها‌السلام ، التي استنكرت من يزيد إبداء وجوه النساء ، وإنّ أُمّ كلثوم خطبت بالناس من وراء كلّتها ، فإن تصرف تلكن النساء العظيمات لم يفهم منه الفقهاء وجوب ستر الوجه على المرأة ، بل إنّه عمل راجح للمرأة.

وأمّا أُمّهات المؤمنين ، فقد نزلت في حقّهن آية أن لا يسألوهن إلاّ من وراء حجاب ، وقد قيل : إنّ هذه الآية من مختصّاتهن.

٢٨١
٢٨٢

الحديث :

( أبو علي الموسويّ ـ ـ )

ابن شهر آشوب وتوثيقه لأبي سعد الدجاجيّ :

س : جاء في كتاب مناقب آل أبي طالب ٣ / ٥٧ ما نصّه : ( أحمد بن حنبل ، عن عبد الرزاق ، عن المعمّر ، عن الزهري ، عن ابن المسيّب ، عن أبي هريرة وابن بطّة في الإبانة ، عن ابن عباس ، كلاهما عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( من أراد أن ينظر إلى آدم في حلمه ، وإلى نوح في فهمه ، وإلى موسى في مناجاته ، وإلى إدريس في تمامه وكماله وجماله ، فلينظر إلى هذا الرجل المقبل ) ، قال : فتطاول الناس بأعناقهم فإذا هم بعلي كأنّما ينقلب في صبب ، وينحط من جبل ).

وكما تلاحظون فإنّ الإسناد صحيح ، وغير مطعون فيه أبداً ، لكن المشكلة هي : من أين نقل ابن شهر آشوب هذا الحديث عن أحمد؟

ذكر في كتابه : أنّه نقل أحاديث أحمد عن طريق هذه السلسلة : عن أبي سعد بن عبد الله الدجاجيّ ، عن الحسن بن علي المذهب ، عن أبي بكر بن مالك القطيفيّ ، عن عبد الله بن أحمد بن حنبل ، عن أبيه.

وكلّ من في السلسلة معروف ، إلاّ أبي سعد بن عبد الله الدجاجيّ ، فمن هو؟ وما هي ترجمته؟ وهل صحّت روايته عن الحسن بن علي المذهب؟

ج : سألت عن أبي سعد بن عبد الله الدجاجيّ ، ومدى توثيقه عند العامّة أو الخاصّة ، فنقول : إنّا لم نجد صراحةً اسم أبي سعد بن عبد الله الدجاجيّ في كتب الرجال ، بل هناك من يسمّى بالدجاجيّ ، هو محمّد بن علي الدجاجيّ ،

٢٨٣

وثّقه ابن ماكولا في الإكمال بتعليقة قال : ( وكان ثقة في الحديث )(١) .

وذكره السمعاني في الأنساب ، في باب الدال والجيم ، ولا يبعد أن يكون المشار إليه هو أبو سعد الدجاجيّ ، فإنّ كثيراً من الرواة تتعدّد أسماؤهم وكناهم ، فبعضهم يعرفونهم بالكنية ، وآخرون بالاسم الصريح.

ومهما يكن من شيءٍ ، فإنّ ابن شهر آشوب صرّح في مقدّمة كتابه المناقب : أنّ ما أورده من روايات هذا الكتاب هو ما صحّ عنده ، وهذه شهادة مهمّة على توثيقه لطرق رواياته من الخاصّة والعامّة ، ويكفينا قوله : فصحّ لي الرواية عنهم ، بأن أقول : حدّثني وأخبرني وأنبأني ، وسمعت واعترف لي بأنّه سمعه ، ورواه كما قرأته ، وناولني من طرق الخاصّة.

فقد وثّق من نقل عنه ، أو سمعه ، أو أخبره مباشرة ، وكان من هؤلاء أبو سعد الدجاجيّ ، الذي نقل عنه كتاب أحمد بن حنبل.

فإنّ شهادة ابن شهر آشوب ترقى إلى مستوى الحسّ ، من رجلٍ شهدت له الطائفة بالعلم والزهد والعبادة ، فضلاً عن معرفته بالرجال.

وقال السيّد الخوئيّ في معجمه : ( قال السيّد التفريشي في النقد : محمّد بن علي بن شهر آشوب المازندرانيّ ، رشيد الدين ، شيخ هذه الطائفة ، وفقيهها له كتب ، منها كتاب الرجال ، وقال الشيخ الحرّ كان عالماً فاضلاً ثـقـة )(٢) .

وأثنى عليه ابن حجر العسقلانيّ ثناءً حسناً ، وقال عنه بعد مدحه : ( اشتغل بالحديث ، ولقى الرجال ، ثمّ تفقّه ، وبلغ النهاية في فقه أهل البيت )(٣) .

ممّا يشعر بأنّ الرجل كان مقبولاً حتّى عند العامّة ، فضلاً عن الخاصّة.

وأثنى عليه كذلك من العامّة الصفدي فقال : ( ووعظ على المنبر أيّام المقتفي

____________

١ ـ الإكمال ٤ / ٢٠٨.

٢ ـ معجم رجال الحديث ١٧ / ٣٥٤.

٣ ـ لسان الميزان ٥ / ٣١٠.

٢٨٤

ببغداد ، فأعجبه وخلع عليه )(١) ، وأثنى عليه كثيراً.

وذكره كذلك الفيروز آباديّ في البلغة ، وقال عنه السيوطيّ : ( ونبغ في الأُصول حتّى صار رحلة ـ أي يقصده العلماء من كلّ مكان ـ )(٢) .

ولا ننسى أنّ ابن شهر آشوب من علماء الطائفة ، في القرن السادس الهجريّ ، فهو من جملة متقدّمي علماء الطائفة ، ممّا يعدّ توثيقه أشبه بالحسّ منه إلى الحدس ، لذا فإنّ توثيقه لأبي سعد بن عبد الله الدجاجيّ يعدّ كافياً لنا ، ولعلّه لم يقع بأيدينا مصدراً رجالياً يذكر أبو سعد الدجاجيّ ، وهذا لا يعني نفي الرجل ، بل أنّ كثيراً من الرواة ذكرهم الرجاليون ، دون أن نعثر عليهم في مكان آخر.

وبذلك توثيق أبو سعد الدجاجيّ ممّا لا ريب فيه ، استناداً إلى توثيق وشهادة ابن شهر آشوب.

( ـ ـ )

ذكر الأحاديث الضعاف في الكتب الأربعة :

س : لماذا ذكر أصحاب الكتب الأربعة بعض الأحاديث الضعاف؟ أو حتّى ما يمسّ العقيدة بشيء من التجريح ، وهي التي يأخذها علينا أهل السنّة ـ وإن كانت صحاحهم مملوءة بذلك ـ فسؤالي هو : لماذا ذكر هؤلاء تلك الأحاديث؟ مع ما في ظاهرها من الباطل؟

ثمّ إنّ ذهاب جمع من الإخباريّين إلى صحّة رواية الكتب الأربعة ، ألا يقدح بالمذهب؟ لما ذكرته من وجود روايات غير صحيحة فيها؟

ج : لا يوجد عندنا ـ نحن الشيعة الإمامية الاثنا عشرية ـ كتاب صحيح من أوّله إلى آخره ، سوى القرآن الكريم ، وعلماؤنا كان همّهم بالدرجة الأُولى

____________

١ ـ الوافي بالوفيات ٤ / ١١٨.

٢ ـ طبقات المفسّرين : ٩٦.

٢٨٥

جمع الأحاديث في الكتب.

ويشهد بذلك ، أنّ نفس هؤلاء العلماء ـ الذين ألّفوا هذه الكتب الجامعة للأحاديث ـ عندما نرجع إلى مؤلّفاتهم في العقائد ، نرى بأنّهم يعتقدون بالعقائد الحقّة ، التي نعتقدها نحن الآن ، على خلاف ما تدلّ عليه بعض الأخبار ، التي ذكروها هم في كتبهم الحديثية ، ممّا يدلّ على أنّهم في كتبهم الحديثية ، لم يكونوا ملتزمين بالصحّة ، وأنّه لا تدلّ روايتهم لحديث على اعتقادهم بمضمون ذلك الحديث ، فكان همّهم في تلك العصور أن يجمعوا الروايات.

أمّا في خصوص الروايات المتعلّقة بالأحكام الشرعيّة الفرعية ، فأكثرها مستنبطة من الكتب الأربعة المذكورة في السؤال ، وهذا لا يدلّ على أنّ كلّ حديث موجود في هذه الكتب فهو صحيح.

وأمّا أن تكون روايات هذه الكتب كلّها من الأوّل إلى الآخر صحيحة ، فلا يقول به أحد إلاّ مجموعة من الإخباريّين ، وكان هذا الرأي الضعيف قد ردّ عليه علماؤنا في كتبهم ، ولا يوجد الآن من يعتقد بهذا الرأي من علمائنا ، لذلك سمّي أُولئك بالإخباريّين ، وسمّي سائر العلماء بالأصوليّين. والإخباريّون وإن كانوا من علمائنا الذين نحترمهم ، إلاّ أنّ مدرسة الإخباريّين تميّزت بآراء لم يكن لها أُسس علميّة متينة ، ولذلك لم يكتب لها البقاء والاستمرار في الأوساط العلميّة.

( عبد الرزاق ـ الكويت ـ سنّي ـ ٣٠ سنة ـ طالب ثانوية )

حديث الطينة في مصادر أهل السنّة :

س : ما هي عقيدة الطينة؟ ولا أقصد بذلك التربة ، ولكن الطينة التي كما قرأتها للكليني ( باب طينة المؤمن والكافر ).

ج : إنّ أحاديث الطينة ومضامينها ليست ممّا تنفرد بها الشيعة ، كيف وقد وردت روايات كثيرة في هذا المجال عند أهل السنّة ، فعلى سبيل المثال جاء :

٢٨٦

(وجعلت شيعتكم من بقية طينتكم )(١) .

وجاء : (خلقت ذرّية محبّينا من طينة تحت العرش ، وخلقت ذرّية مبغضينا من طينة الخبال ، وهي في جهنّم )(٢) .

وجاء : (فيها طينة خلقنا الله تعالى منها ، وخلق منها شيعتنا ، فمن لم يكن من تلك الطينة ، فليس منّا ، ولا من شيعتنا )(٣) .

وجاء : (إنّ الله خلق عليّين ، وخلق طينتنا منها ، وخلق طينة محبّينا منها ، وخلق سجّين ، وخلق طينة مبغضينا منها ، فأرواح محبّينا تتوق إلى ما خُلِقت )(٤) .

وأيضاً ، وردت أحاديث فيها مضامين دالّة على معنى الطينة ، فمنها : (السعيد من سعد في بطن أُمّه ، والشقي من شقي في بطن أُمّه )(٥) .

ثمّ إنّ علمائنا الأبرار ذكروا وجوهاً للتفصّي في المقام :

منها : أنّها أخبار آحاد لا تفيد علماً ، بل وأنّ في إسناد بعضها ضعف بيّن ، حتّى أنّ العلاّمة المجلسيّ في شرحه للكافي ، ضعّف كافّة أسانيد روايات هذا الباب السبعة(٦) ، مضافاً إلى معارضتها مع ما يدلّ على اختيار الإنسان بين الخير والشرّ( وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ) (٧) .

ومنها : أنّها تدلّ على الاختلاف التكوينيّ في قابليّات النوع البشري.

____________

١ ـ الشيعة في أحاديث الفريقين : ٢٣٢ ، عن در بحر المعارف للشيخ ابن حسنويه الحنفيّ : ٦٥ مخطوط.

٢ ـ الفضائل : ١٧٠.

٣ ـ تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٦٥.

٤ ـ المصدر السابق ٤١ / ٢٥٥.

٥ ـ المعجم الأوسط ٣ / ١٠٧ ، الجامع الصغير ٢ / ٦٨ ، كنز العمّال ١ / ١٠٧ ، فيض القدير ٤ / ١٨٤ ، كشف الخفاء ١ / ٤٥٢.

٦ ـ مرآة العقول ٧ / ١.

٧ ـ البلد : ١٠.

٢٨٧

ومنها : ـ وهو الصحيح على التحقيق ـ أنّها منزّلة على العلم الإلهيّ ، فكما أنّ علم الله لا ينتج منه الجبر ـ كما قرّر في محلّه ـ هذا الأمر في المقام أيضاً لا يوجب الجبر.

وعليه فالواجب علينا : أن نقتفي الأحكام الظاهريّة ، ونسعى في سبيل هداية الناس ، لأنّ العلم الإلهيّ لا يولّد وظيفةً قطّ.

( غدير ـ الكويت ـ )

كتبه التي يرجع إليها الشيعة :

س : أُودّ معرفة ما هي الكتب التي يرجع إليها المذهب الشيعيّ في أحاديثهم؟ مثال لتوضيح السؤال : أعني أنّ المذهب السنّي يرجع إلى مختار الصحاح ، فنحن إلى ماذا نرجع؟

ج : إنّ الشيعة ترجع إلى الكتب الأربعة ، وهي : الكافي ، من لا يحضره الفقيه ، الاستبصار ، التهذيب ، وغيرها من كتب الحديث.

ولكن هناك فرق ، فإنّ عند أكثر أهل السنّة : أنّ الصحاح كلّها صحيحة ، وعند الشيعة : كلّ كتاب غير القرآن المجيد خاضع للبحث في السند ، وهذا البحث يختصّ بالعلماء المطّلعين.

( سيّد عدنان ـ البحرين ـ ٢٣ سنة ـ طالب ثانوية )

معنى من قارف ذنباً فارقه عقل :

س : ما معنى هذا الحديث النبويّ الشريف : ( من أذنب ذنباً فارقه عقل لا يعود إليه أبداً )؟

ج : لم يرد هذا الحديث في المجامع الروائية عند الفريقين ، مثل الكتب الأربعة ، والبحار ، والصحاح الستّة ، والمسانيد ، والسنن ، بل جاء في بعض الكتب الأخلاقية والعرفانية بصورة مرسلة بعبارة : ( من قارف ـ قارن ـ ذنباً

٢٨٨

فارقه عقل لا يعود ـ لم يعد ـ إليه أبداً )(١) .

وقد نقل في هامش ( علم اليقين ) : أنّ العراقيّ في ( تخريج أحاديث الاحياء ) يقول : إنّه لم ير لهذا الحديث أصلاً.

وأمّا مع غضّ النظر عن سند هذا الحديث ، فالمعنى لابدّ وأن ينصبّ في مدى تأثير الذنوب على روح الإيمان في المؤمن ، وهذا ممّا استفاضت الروايات والأحاديث حوله ، بالنسبة لمطلق الذنوب أو ذنوب خاصّة.

وأيضاً يستقلّ العقل به ، إذ أنّ كلّ فعل لابدّ وأن يكون له تأثير في نفس الفاعل وفي الخارج ، فالذنب من المذنب له تأثير سلبيّ في وجوده التكوينيّ.

نعم ، وفي نفس الوقت ، وردت أحاديث كثيرة تدلّ على فاعلية التوبة والاستغفار ، وإتيان الأعمال الصالحة لإحباط الذنوب ، أو آثارها التكوينيّة والتشريعيّة ؛ فعلى ضوء هذا المطلب ، ينبغي أن لا ييأس المذنب من روح الله ، وعفوه ورحمته ، بل ويسعى أكثر فأكثر في الجانب الإيجابي ، بعد أن مسّه الشرّ قليلاً في الجانب السلبيّ.

( علي ـ الكويت ـ ١٨ سنة ـ طالب )

عدّة من أصحابنا لا تعني مجهولية الرواة :

س : أورد أحد الإخوة الكرام في موضوعه الذي نُشر في بعض الشبكات ، قول السيّد الخوئيّ في كتابه معجم رجال الحديث ٨ / ٢٤٥ : ( لا يكاد ينقضي تعجّبي ، كيف يذكر الكشّي والشيخ هذه الروايات التافهة الساقطة غير المناسبة لمقام زرارة وجلالته ، والمقطوع فسادها ، ولاسيّما أنّ رواة الرواية بأجمعهم مجاهيل ).

وهنا نرى : أنّ السيّد الخوئيّ أسقط الرواية ، لأنّ رواتها مجاهيل ، ولكنّنا في بعض الروايات الشيعيّة نرى كلمة ( عن جماعة من أصحابنا ) ، وما شابهها ،

____________

١ ـ إحياء علوم الدين ٣ / ٢٣ و ٤ / ٧٧ و ٥٨٣ ، المحجّة البيضاء ٥ / ٢٤ و ٧ / ٩٥ و ٨ / ١٦٠.

٢٨٩

فهل هذا يعني أنّ الرواة مجهولين ـ لأنّ هذه الكلمة لا تفصح عن أسماء الرواة بالسند ـ وبالتالي هذا يؤدّي إلى إسقاط الروايات التي يوجد بها مثل هذه الكلمة ، على حسب قول السيّد الخوئيّ أعلاه؟

وإذا أمكن ، يرجى بيان معنى هذه الكلمة ، وما شابهها المذكورة في بعض الروايات؟ شاكرين لكم تعاونكم ، ودمتم برعاية الباري عزّ وجلّ.

ج : ما ذكرتموه من تضعيف السيّد الخوئيّقدس‌سره للروايات الواردة في ذمّ زرارة ، ليس من جهة عبارة ( عن جماعة من أصحابنا ) ، بل لجهة مجهولية رواة السند ، علماً أنّ عبارة الرجاليّين ( جماعة من أصحابنا ) ، أو ( عدّة من أصحابنا ) لا تعني مجهولية الرواة ، بل أنّ هؤلاء الجماعة ، أو العدّة المعروفين مصرّح بأسمائهم ، فهم ليسوا مجاهيل ، ولا يعني سند العدّة أو الجماعة على كون السند مرسلاً ، بل صرّح أكثرهم : أنّ عدّة من أصحابنا تعني فلان وفلان من الرواة الثقات ، فمثلاً : أنّ الشيخ الكلينيّقدس‌سره ذكر أسماء عدّته بهذا التعريف ، فقال : ( وكلّ ما كان فيه : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ابن خالد البرقي ، فهم : أبو الحسن علي بن إبراهيم بن هاشم القمّيّ ، ومحمّد ابن عبد الله بن أذينة ، وأحمد بن عبد الله بن أُمية ، وعلي بن الحسين السعد آبادي )(١) .

وذكر النجاشيّ عدّته فقال : ( كلّ ما كان في كتابي ( عدّة من أصحابنا ) ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، فهم : محمّد بن يحيى العطّار ، وعلي بن موسى الكميذاني ، وداود بن كورة ، وأحمد بن إدريس ، وعلي بن إبراهيم بن هاشم )(٢) .

وهكذا ، فهم معروفون ، وفي كلّ عدّة ـ على الأقلّ ـ فيهم الثقة ، فهو يكفي لصحّة العدّة في السند ، بل أنّ الشيخ حسن بن الشهيد الثانيقدس‌سره أدّعى :

____________

١ ـ الكافي ١ / ٤٨.

٢ ـ رجال النجاشيّ : ٣٧٨.

٢٩٠

أنّ محمّد بن يحيى العطّار أحد العدّة مطلقاً ، وبهذا استنتج أنّ الطريق صحيح من جهة العدّة مطلقاً.

إذاً ، فالعدّة من أصحابنا ، أو جماعة من أصحابنا ليسوا مجهولين ، بل هم مصرّح بأسمائهم ، وفيهم الثقات.

( أبو علي ـ عمان ـ )

من رواته عمر بن سعد :

س : هل صحيح أنّ عمر بن سعد ـ قاتل الإمام الحسين عليه‌السلام ـ من رجال الأحاديث ، عند أصحاب الصحاح الستّة؟

ج : نعم ، قد رووا عنه الكثير في صحاحهم ومسانيدهم ، ووثّقوه في كتب رجالهم.

وهذا من أوضح الدلائل على ابتعاد خطّ السلف والمذاهب الأُخرى عن أهل البيتعليهم‌السلام .

وإن تعجب فاعجب للبخاري ، حيث لم يرو أيّة رواية عن الإمام الصادقعليه‌السلام ، مع أنّه طفق الخافقين علماً وفقهاً وحكمة.

وهذا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : ( إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسّكتم بهما فلن تضلّوا بعدي أبداً ).

( أبو محمّد ـ ـ )

المناقشة في الكتب لا تقدح بمؤلّفيها :

س : نحن الشيعة نؤمن بمذهبنا ١٠٠% ، ولا عندنا أيّ شكّ ، ولكن هناك من يأتي من بعض أهل السنّة ، ليشكّك بالمذهب عن طريق الكتب الأربعة لدينا ـ الكافي وغيره ـ في الروايات الواردة فيها عن تحريف القرآن الكريم ، فكيف يكون الجواب عليهم؟ وهل هذا الكلام صحيح بكتاب الكافي وصاحبه الكلينيّ؟

٢٩١

قال الأردبيليّ في ترجمته : ( محمّد بن يعقوب بن إسحاق أبو جعفر الكلينيّ ، خاله علان الكلينيّ الرازيّ ، وهو شيخ أصحابنا في وقته بالري ووجههم ، وكان أوثق الناس في الحديث وأثبتهم ، صنّف كتاب الكافي في عشرين سنة )(١) .

والفيض الكاشانيّ : ( أمّا الكافي فهو وإن كان أشرفها وأوثقها ، وأتمّها وأجمعها ، لاشتماله على الأُصول من بينها ، وخلوّه من الفضول وشينها )(٢) .

وأمّا تفسير القمّيّ ، وصاحبه الشيخ القمّيّ :

قال النجاشيّ في الفهرست : ( ثقة في الحديث ، ثبت ، معتمد ، صحيح المذهب ، سمع فأكثر ، وصنّف كتباً )(٣) .

وأمّا المجلسيّ ، وكتبه المعتمدة الموثوقة :

قال الأردبيليّ عنه : ( محمّد باقر بن محمّد تقيّ بن المقصود علي الملقّب بالمجلسيّ ، أُستاذنا وشيخنا ، شيخ الإسلام والمسلمين ، خاتم المجتهدين ، الإمام العلاّمة ، المحقّق المدقّق ، جليل القدر ، عظيم الشأن ، رفيع المنزلة ، وحيد عصره ، فريد دهره ، ثقة ، ثبت ، عين ، كثير العلم ، جيّد التصانيف له كتب نفيسة جيّدة منها : كتاب بحار الأنوار المشتمل على جلّ أخبار الأئمّة الأطهار )(٤) .

وأخيراً الإمام الطبرسيّ :

حسين محمّد تقيّ الدين النوريّ الطبرسيّ ، المتوفّى سنة ١٣٢٠هـ ، ومن مؤلّفاته : مستدرك الوسائل وفصل الخطاب.

قال آقا بزرك الطهرانيّ : ( هو الشيخ الميرزا حسين بن الميرزا محمّد تقيّ بن الميرزا علي محمّد بن تقيّ النوريّ الطبرسيّ ، إمام أئمّة الحديث والرجال في

____________

١ ـ جامع الرواة ٢ / ٢١٨.

٢ ـ الوافي ١ / ٦.

٣ ـ رجال النجاشيّ : ٢٦٠.

٤ ـ جامع الرواة ٢ / ٧٨.

٢٩٢

الأعصار المتأخّرة ، ومن أعاظم علماء الشيعة ، وكبار رجال الإسلام في هذا القرن ) (١) .

ج : إنّ المبنى عند أكثر الشيعة أن يخضع كلّ كتاب إلى البحث في السند والدلالة ، ولا يوجد كتاب صحيح من أوّله إلى آخره غير القرآن الكريم.

والعلماء الأعلام قديماً وحديثاً جمعوا الأحاديث ، ورتّبوها حسب المواضيع الفقهيّة ، والعقائديّة والأخلاقية و ، وجمعهم لهذه الأحاديث ، لا يعني قولهم بصحّة جميعها ، وإنّما جمع الكثير من العلماء الأحاديث للحفاظ عليها ، وإيصالها إلى الأجيال الأُخرى ، وحتّى الذين جمعوا ما اعتقدوا صحّته ، فإنّه يتماشى مع مبانيهم في التصحيح والتضعيف ، فإذا اختلفت المباني اختلفت النتائج.

ولا يُفهم من عدم قبولنا لجميع الأحاديث ، قدحنا في مؤلّفي تلك الكتب ، فإنّهم وكما نقلت من أقوال : علماء أتقياء ، ولكن الاجتهاد شيء آخر ، فلا نخلط بين أن يكون المؤلّف عالماً ورعاً تقيّاً ، وبين مناقشتنا لما جاء في كتابه ، فلا منافاة بينهما ، بالأخصّ مع اختلاف المباني ، وباب الاجتهاد مفتوح.

هذا ، وإنّ الكتب الأربعة هي : الكافي للكليني ، ومن لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق ، والتهذيب والاستبصار للشيخ الطوسيّ ، وليس تفسير القمّيّ ، ولا مؤلّفات المجلسيّ والنوريّ والطبرسيّ من الكتب الأربعة.

وأمّا كتاب فصل الخطاب ، فإنّه جمع فيه من أحاديث أهل السنّة في التحريف ، أكثر ممّا جمعه وأورده من مصادر الشيعة ، هذا أوّلاً.

وثانياً : فقد ألّف علماء الشيعة عدّة كتب في ردّ كتاب فصل الخطاب.

وثالثاً : ألّف السجستانيّ كتاب المصاحف ، وابن الخطيب كتاب الفرقان ، أثبتا فيه التحريف ، وكلاهما من علماء أهل السنّة.

ونحن نرفض أي قول في التحريف أيّاً كان قائله.

____________

١ ـ مستدرك الوسائل ١ / ٤١.

٢٩٣

( موالي ـ الكويت ـ ١٩ سنة ـ طالب )

حديث يعفور أو عفير :

س : ما مدى صحّة هذه الرواية ، علماً بأنّ العامّة يتّهموننا ، بأنّنا نروي عن الحمير :

روى الكلينيّ في أُصول الكافي هذه الرواية عن الحمار يعفور ، وهي : أنّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله مسح على كفل حماره ، فبكى الحمار ، وسأله النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما يبكيك؟

فردّ الحمار قائلاً : حدّثني أبي عن جدّي ، عن أبيه عن جدّه ، عن الحمار الأكبر الذي ركب مع نوح في السفينة : أنّ نبيّ الله نوح مسح على كفله ، وقال : يخرج من صلبك حمار يركبه خاتم النبيّين ، فالحمد لله الذي جعلني ذلك الحمار.

ج : قال ثقة الإسلام الكلينيّ رحمه الله ـ بعد ذكره لرواية أشير فيها إلى أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يملك حماراً اسمه ( عفير ) ـ : وروي أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام قال : (إنّ ذلك الحمار كلّم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : بأبي أنت وأمّي ، إنّ أبي حدثني ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن أبيه أنّه كان مع نوح في السفينة فقام إليه نوح فمسح على كفله ثم قال : يخرج من صلب هذا الحمار حمار يركبه سيّد النبيّين وخاتمهم ، فالحمد لله الذي جعلني ذلك الحمار ).

هذه هي الرواية التي ذكرها الكلينيّ رحمه الله في الكافي ، ولا أدري ما هو إشكال الخصم فيها ، فإن كان إشكال في أنّها ذكرت أنّ للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله حمار اسمه عفير ، فهذا ما ذكره غير واحد من علمائه كالقاضي أبي الفضل عياض ابن موسى الحصبيّ ( ت ٥٤٤ هـ ) حيث قال : ( وما روى عن إبراهيم بن حمّاد بسنده من كلام الحمار الذي أصابه بخيبر وقال له : اسمي يزيد بن شهاب ، فسمّاه النبيّ يعفوراً ) ، وابن الأثير في أسد الغابة ( ١ / ١٤٠ ) : ( كان له حمار أخضر اسمه عفير وقيل يعفور ) والمناويّ في فيض القدير : ( وكان له حماراً اسمه عفير ) وغيرهم.

وإن كان إشكال الخصم ـ كما ذكرت ـ أنّنا نروي عن الحمير ، فما

٢٩٤

أجهل صاحب هذا الإشكال حيث إنّه لا يفرّق بين سند الرواية ومتنها ، فهذه الرواية مرسلة كما هو واضح من قول الكلينيّ رحمه الله : ( وروي أن أمير المؤمنين قال : ) ، وما ذكر في الرواية من قول الحمار : ( إن أبي حدثني ، عن أبيه ) هو داخل متن الرواية الذي بدأ من قول المرويّ عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : ( إنّ ذلك الحمار كلّم رسول الله ) إلى آخر الرواية ـ وليس سنداً لها.

وإن كان إشكال البعض في هذه الرواية من حيث إنها ذكرت تكلّم الحمار مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فما أبعد صاحب هذا الإشكال عن كتاب الله وما ذكره من تكلّم سيلمانعليه‌السلام مع الهدهد ، ونبيّنا أفضل من سليمان. ويظهر أن صاحب الإشكال لا يعلم بما في صحاحه ، حيث روى البخاريّ في صحيحه(١) تكلّم البقرة والذئب بمرأى ومسمع من الصحابة فتعجّبوا وقالوا : ( سبحان الله بقرة تتكلم؟! سبحان الله ذئب يتكلّم؟! ).

وفي الختام نذكر ما رواه ابن عساكر ـ وهو من أعلام القوم ـ في تاريخ مدينة دمشق ( ٤ / ٢٣٢ ) : ( عن أبي منظور قال : فكلّم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الحمار ، فكلّمه الحمار ، فقال له النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما اسمك؟ قال : يزيد بن شهاب ، أخرج الله عزّ وجلّ من نسل جدّي ستين حماراً كلّهم لم يركبهم إلا نبي ، قد كنت أتوقعك أن تركبني ، لم يبق من نسل جدّي غيري ، ولا من الأنبياء غيرك قال له النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : فأنت يعفور ، يا يعفور ، قال : لبيك ).

( سعد الربيعي ـ ألمانيا ـ )

الكتب الأربعة والكلام في أسانيدها :

س : هناك قول منسوب إلى شرف الدين الموسويّ ، لا أعلم أين ذكر ، فهل هو صحيح؟ وما تفسيره؟

وهو : قال عبد الحسين شرف الدين الموسويّ : الكافي والاستبصار ومن لا

____________

١ ـ صحيح البخاري ٤ / ١٤٩.

٢٩٥

يحضره الفقيه والتهذيب متواترة مقطوع بصحّة مضامينها ، والكافي أقدمها وأعظمها وأحسنها وأتقنها.

فهل هذا القول صحيح؟ وإذا كان صحيحاً ، فما معنى قوله : مقطوع بصحّة مضامينها؟ هل أنّ كلّ ما ورد فيه من أحاديث هي صحيحة؟ أرجو موافاتي بالإجابة بالسرعة الممكنة ، مع احترامي وتقديري ، وبارك الله فيكم.

ج : إنّ الرأي المعتمد عند الشيعة هو : أنّ كلّ حديث يخضع للبحث في السند والدلالة ، وما إلى ذلك من الأُصول ، مثل العرض على الكتاب ، ودراسة تاريخيّة لزمن صدور الحديث.

وذهب جماعة من المحدّثين إلى أنّ روايات الكتب الأربعة قطعية الصدور.

وذهب البعض ـ ومنهم السيّد شرف الدينقدس‌سره ـ إلى أنّ الكتب الأربعة مقطوع بصحّة مضامينها ، بمعنى : أنّ الأحاديث الضعيفة فيها والغير معتمدة ، تؤيّدها بنفس المضمون أحاديث أُخرى صحيحة السند ، فتكون المضامين مقطوع بصحّتها.

وكما قلنا : فإنّ الرأي المعتمد عند الشيعة ـ وعليه أكثر المتأخّرين ـ يخالف هاتين النظريتين ، وهذا القول لا يقدح بالكتب الأربعة ، وكما ربما يتوهّمه بعض الجهلة ، فإنّ المبنى الصحيح والموافق للعقل عند الشيعة ، فتح باب الاجتهاد واستمراره ، فإذا اجتهد أيّ عالم في أيّ مسألة ، فيحقّ للمجتهد الآخر مناقشة ما توصّل إليه الآخر ، وتأييده أو نقضه ، والمسائل الرجالية أيضاً من هذا القبيل.

وهذا البحث المبنائيّ ، ينجرّ أيضاً لمناقشة مباني أهل السنّة القائلين بصحّة البخاريّ ومسلم ، إذ كيف يمكن دعوى القطع بصدور رواية رواها واحد عن واحد ، ولاسيّما أنّ في الرواة من هو معروف بالكذب والوضع ، ولا أقلّ نجزم بوجود رواة مختلف فيهم ، فأيّ دليل يلزمنا أن نقلّد البخاريّ ومسلم فيما اجتهدا فيه؟! بالأخصّ مع علمنا بوجود روايات متناقضة أشدّ التناقض فيما بين البخاريّ ومسلم ، بل في كلّ من البخاريّ ومسلم.

٢٩٦

( بدر الدين ـ المغرب ـ )

صحّته عند أهل السنّة لا يكون حجّة علينا :

س : سؤالي متعلّق بالحديث الوارد عن الإمام عليعليه‌السلام : ( خير هذه الأُمّة بعد نبيّها أبي بكر وعمر ) ، فهذا الحديث رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة من عدّة طرق ، ويرويه عن الإمام كلّ من محمّد بن الحنفيّة عند أبي داود ، وكلّ من وهب بن عبد الله ، ويزيد بن عبد خير ، وعلقمة بن قيس عند أحمد ، وعبد الله ابن سلامة عند ابن ماجة.

والرواة فيما أرى من خلال برنامج الكتب التسعة ، الذي أعدّته شركة صخر أغلبهم ثقات ، فمن المحال أن يجتمع كلّ هؤلاء على كذبه! بل كيف إذا علمنا بأنّ الكثيرين منهم معدودون عند الشيعة من الثقات أيضاً.

لقد اخترت مذهب أهل البيتعليهم‌السلام عن قناعة تامّة بولاية عليعليه‌السلام ، وعلوّ شأنه ، لكن تبقى مثل هذه الأحاديث تدعوني لمراجعة المفاهيم.

أرجو منكم جواباً علميّاً شافياً ، مبنيّاً على دراسة السند والرجال ، حول مدى مصداقية هذا الحديث ، أو عدم مصداقيته؟ ولكم جزيل الشكر ، والسلام.

ج : إنّ المبنى عند الشيعة هو أن يخضع كلّ حديث إلى البحث السندي ، والجرح والتعديل ، بخلاف المبنى عند أهل السنّة ، حيث يذهب الأكثر إلى صحّة ما في البخاريّ ومسلم ، وفي الآونة الأخيرة نجد بعض العلماء من أهل السنّة ممّن يذهب إلى نفس المبنى عند الشيعة في الأخذ بالأحاديث.

وإن استشهد الشيعة بشيء من الأحاديث في صحاح أهل السنّة ، فهو من باب الإلزام ، (ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم ) ، وإلاّ فإنّ هذه الصحاح لا توجد فيها أيّ حجّية عند الشيعة ، وإنّما يستشهد بها الشيعة من باب الإلزام على من تكون عنده معتبرة.

وبعد هذا كلّه ، فيمكننا أن نبحث هذه الأحاديث التي ذكرتها في عدّة مراحل :

٢٩٧

١ ـ إذا أردنا إبطالها من باب الإلزام ، فعلينا البحث في السند بحثاً دقيقاً ، ومن ثمّ نشاهد هل تتمّ كلّ هذه الأحاديث من الناحية السندية بجميع رواة هذه الأحاديث ، أم لا؟

٢ ـ حتّى لو فرضنا صحّة بعض أسانيد هذه الأحاديث على مباني أهل السنّة ، فكما قلنا : فإنّها لا تكون حجّة علينا ، لأنّ أصل الكتب التي روت هذه الأحاديث ليست حجّة علينا ، لأسباب كثيرة ليس هذا محلّه.

٣ ـ وعلى هذا الفرض ، حيث نفترض صحّة سند بعضها ، فإنّها معارضة بأحاديث صحيحة أُخرى مثلها ، ومنها : ما أخرجه مسلم في صحيحه ، عن مالك بن أوس في حديث طويل ، أنّه قال عمر بن الخطّاب لعلي والعباس ما هذا نصّه :

( فلمّا توفّي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال أبو بكر : أنا وليّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فجئتما ، تطلب ميراثك من ابن أخيك ، ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها ، فقال أبو بكر : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( لا نورّث ما تركناه صدقة ) ، فرأيتماه كاذباً آثماً غادراً خائناً ، والله يعلم أنّه لصادق بارّ راشد تابع للحقّ ، ثمّ توفّي أبو بكر ، وأنا وليّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ووليّ أبي بكر ، فرأيتماني كاذباً آثما غادراً خائناً ، والله يعلم أنّي لصادق بارّ راشد تابع للحقّ )(١) .

فالمبنى عند أهل السنّة صحّة ما في صحيح مسلم ، وفيه : أنّ عليّاً والعباس رأيهما أنّ أبا بكر وعمر : كاذبان ، آثمان ، غادران ، خائنان ، فكيف يمكن أن يرى عليعليه‌السلام أبا بكر وعمر خير هذه الأُمّة بعد نبيّها؟!

وكذلك يمكنك مراجعة الأحاديث التي تنصّ على أنّ عليّاًعليه‌السلام أحبّ الناس إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنّه خير البشر ، وأفضل الخلق بعد النبيّ ، وغيرها.

وكذلك يمكنكم مراجعة حديث الطير المشوي ، وقول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :

____________

١ ـ صحيح مسلم ٥ / ١٥٢.

٢٩٨

( اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي هذا الطير ) ، فجاء علي وأكل معه(١) .

( بدر الدين ـ المغرب ـ )

تعليق على الجواب السابق وجوابه :

س : لقد كان جوابكم شافياً ومفاجئاً في نفس الوقت ، عندما قرأت الحديث الذي أشرتم إليه في صحيح مسلم لأوّل مرّة ، ونتيجة لذلك فالسؤال الذي دائماً يلح في الذهن هو : ما هي المقاييس التي تعرف بها الأحاديث التي يجب اتباعها؟ من التي يجب الاحتياط منها ، أو تركها؟ أتكلّم هنا عن مصادر أهل السنّة.

والسؤال الثاني : هو كيف التعامل مع بعض الرواة من الصحابة ، الذين تحاملوا ، أو لم يوالوا وينصروا أمير المؤمنينعليه‌السلام ، مثل أبي هريرة؟ هل تعتبر أحاديثه متروكة؟ وفي هذه الحالة ، هل نترك الأحاديث التي رواها في فضائل الإمامعليه‌السلام ؟

وأخيراً : أتوجّه إليكم بطلب النصح لما ينبغي عمله الآن ، خاصّة وإنّي أحاول أن أبذل الجهد لتقريب معاني الولاية والإمامة لإخواني وعشيرتي من أهل السنّة ، الذين أصبحت أعاني من الجفاء من ناحيتهم على اثر التحوّل الذي صرت إليه ، والفضل لله في ذلك.

ومن ناحية أُخرى ، فقد كلّمني بعض الإخوة من الشيعة حول اتخاذ مرجعية ، لكن هذه النقطة مازالت عندي محلّ غموض واحتياط ، فأرجو توضيح أبعاد اتخاذ المرجعية ، وماذا يتبعها من التزامات ، وما هو توجيهكم في هذا الباب؟ أرجو ألاّ أكون أطلت عليكم ، والسلام.

ج : كما قلنا لكم في الجواب السابق : إنّ استشهاد الشيعة بشيء من

____________

١ ـ الجامع الكبير ٥ / ٣٠٠.

٢٩٩

أحاديث أهل السنّة هو من باب الإلزام ، ولا يعني استشهادهم هذا هو الحجّية ، لأنّ الحجّية في الحديث لا تكون إلاّ أن يكون جميع الرواة ثقات ، وقبل أن نبحث عن سند الحديث من ناحية الجرح والتعديل ، علينا أن نبحث أوّلاً عن المؤلّفين لكتب الحديث ، والجامعين لها ، فإذا لم تثبت وثاقتهم سقطت كتبهم بالكلّ من الحجّية.

هذا ، ولو بحثنا في سيرة مؤلّفي الصحاح والمسانيد بحثاً علميّاً موضوعيّاً مجرّداً عن أيّ تعصّب ، لتوصّلنا إلى أنّ أكثرهم لم تبلغ وثاقته إلى حدّ يصلح أن يكون حجّة ، حيث أثّرت فيهم السلطة الحاكمة في وقتهم على كيفية جمع الحديث ونقله ، حتّى أنّهم حرّفوا في بعض الأحاديث إرضاءً منهم لأهواء الحاكم ، كما أنّ مذاهبهم التي كانوا يعتقدون بها وخلافهم مع المذاهب الأُخرى ، جعلهم ينحازون كلّ الانحياز في تقطيع الأحاديث ، وكيفية تبويبها.

أضف إلى ذلك تعصّبهم الملحوظ ، الذي كانوا يبدونه ضدّ أهل البيتعليه‌السلام ومذهبهم ، ممّا جعلهم يروون عن أعداء أهل البيتعليهم‌السلام ، ويتركوا الرواية عن نفس أئمّة مذهب أهل البيتعليهم‌السلام .

ونكرّر ونعيد : بأنّنا إنّما نستشهد بأحاديث أهل السنّة من باب الإلزام : ( ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم ) لا من باب الحجّية.

هذا ، وإنّ أحاديثهم يمكن أن تكون قرينة وشاهداً للاستفادة منها ، يعني تكون مساعداً للحجّية ، لا حجّة بنفسها.

وتبيّن من هذا الجواب كيفية المعاملة مع بعض الرواة من الصحابة ، وأنّ أحاديثهم نستشهد بها من باب الإلزام ، والتي توافق المذهب الحقّ منها ، تكون قرينة مساعدة للحجّية ، لا حجّة بنفسها.

وأمّا النصح ، فإنّكم والحمد لله قد دخلتم إلى المذهب الحقّ عن قناعة كاملة ، وبحث متكامل ، ولقد عرفتم طريقة أهل البيتعليه‌السلام في كيفية التعامل مع من يخالفهم ، بالأخصّ من ذوي الأرحام ، حيث كانت معاملتهم مع من يخالفهم في غاية الحُسن والتلطّف معهم ، ومجادلتهم بالتي هي أحسن ، حتّى

٣٠٠