موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٣

موسوعة الأسئلة العقائديّة0%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-03-4
الصفحات: 621

موسوعة الأسئلة العقائديّة

مؤلف: مركز الأبحاث العقائديّة
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف:

ISBN: 978-600-5213-03-4
الصفحات: 621
المشاهدات: 209011
تحميل: 3452


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 621 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 209011 / تحميل: 3452
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء 3

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: 978-600-5213-03-4
العربية

جماعة من الأئمّة الحفّاظ : كالطحاويّ ، والقاضي عياض وغيرهما ، وقال الطحاويّ : هذا حديث ثابت رواته ثقات )(١) .

١٨ ـ الشيخ محمّد الصبّان ، المتوفّى ١٢٠٦ هـ ، عدّه في إسعاف الراغبين من معجزات النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومن كرامات أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وذكر الحديث(٢) .

١٩ ـ السيّد محمّد مؤمن الشبلنجيّ ، عدّه في نور الأبصار من معجزات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٣) ، نكتفي بهذا المقدار القليل.

( علي الشهراني ـ البحرين ـ ٢٣ سنة ـ طالب )

معجزة للرسول وفضيلة لعلي :

س : يرى أهل الاختلاف والبدع : أنّ قضية رجوع الشمس إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام غير صحيحة ، نرجو التفضّل بالردّ على ذلك.

ج : تارة نبحث عن سند حديث ردّ الشمس ، فإنّه حديث صحيح أخرجه جمع من الحفّاظ والمحدّثين بأسانيد متعدّدة ، وطرقه كثيرة ، وفيها طرق صحيحة ثابتة ، نصّ على ذلك غير واحد منهم ، وهي تنتهي إلى : الإمام علي والإمام الحسينعليهما‌السلام ، وابن عباس ، وجابر ، وأبي هريرة ، وأبي رافع ، وأبي سعيد الخدري ، وأسماء بنت عميس ، كما أنّ بعض كبار علماء أهل السنّة أفردوه بالتأليف.

وللتفصيل حول من روى هذا الحديث ، وصحّح أسانيده ، راجع المصادر التي ذكرت ذلك(٤) .

____________

١ ـ نزل الأبرار : ٤٠.

٢ ـ إسعاف الراغبين : ٥٨ و ١٥٢.

٣ ـ نور الأبصار : ٤٣.

٤ ـ الغدير ٣ / ١٢٦ ، قبسات من فضائل أمير المؤمنين : ٢٣ ، تاريخ مدينة دمشق : ترجمة أمير المؤمنين ، إحقاق الحقّ ٥ / ٥٢١ و ١٦ / ٣١٦.

٣٨١

وأمّا بخصوص شبهة أهل الاختلاف والبدع ، فإنّ نظرة سريعة في متن الحديث تدفع هذا الإشكال : ( عن أسماء بنت عميس : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله صلّى الظهر بالصهباء من أرض خيبر ، ثمّ أرسل عليّاً في حاجة ، فجاء وقد صلّى رسول لله العصر ، فوضع رأسه في حجر علي ، ولم يحرّكه حتّى غربت الشمس ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( اللهم إنّ عبدك عليّاً احتبس نفسه على نبيّه ، فردّ عليه شرقها ).

قالت أسماء : فطلعت الشمس حتّى رفعت على الجبال ، فقام علي فتوضّأ وصلّى العصر ، ثمّ غابت الشمس )(١) .

ولا أعلم لماذا يحارب النواصب هذه الفضيلة؟ التي هي معجزة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قبل أن تكون فضيلة لأمير المؤمنينعليه‌السلام .

____________

١ ـ البداية والنهاية ٦ / ٨٨ نقلاً عن تصحيح ردّ الشمس وترغيم النواصب الشمس للحسكاني.

٣٨٢

حديث السفينة :

( السيّد جلال ـ البحرين ـ ٢٧ سنة ـ ماجستير )

من ذكره من أهل السنّة :

س : أرجو أن تردّوا على هذه الشبهة التي وردتني من وهابيّ ، وترسلوا لي الردّ لأعطيه إيّاه.

في حوار لي مع وهابيّ ذكرت له : قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجى ، ومن تخلّف عنها غرق وهوى ) ، فقال : بأنّ الرواية منكرة ، وقال الألبانيّ : موضوعة.

ج : إنّ حديث السفينة ذكره الكثير من علماء أهل السنّة في كتبهم ، فمنهم :

الحاكم النيسابوريّ في المستدرك وصحّحه(١) , والطبرانيّ في المعجم(٢) ، وإلهيّثمي في مجمع الزوائد(٣) ، وغيرهم(٤) .

____________

١ ـ المستدرك ٢ / ٣٤٣ و ٣ / ١٥١.

٢ ـ المعجم الصغير ١ / ١٣٩ و ٢ / ٢٢ ، المعجم الأوسط ٥ / ٣٥٥ و ٦ / ٨٥ ، المعجم الكبير ٣ / ٤٥ ، ١٢ / ٢٧.

٣ ـ مجمع الزوائد ٩ / ١٦٨.

٤ ـ الجامع الصغير ١ / ٣٧٣ و ٢ / ٥٣٣ ، كنز العمّال ١٢ / ٩٤ ، شواهد التنزيل ١ / ٣٦١ ، ذخائر العقبى : ٢٠ ، مسند الشهاب ٢ / ٢٧٣ و ٢٧٥ ، فيض القدير ٢ / ٦٥٨ ، الدرّ المنثور ٣ / ٣٣٤ ، تفسير القرآن العظيم ٤ / ١٢٣ ، علل الدارقطنيّ ٦ / ٢٣٦ ، تهذيب الكمال ٢٨ / ٤١١ ، سبل الهدى والرشاد ١٠ / ٤٩٠ ، ينابيع المودّة ١ / ٩٣ و ٢ / ١٠١ و ١١٨ و ٢٦٩ و ٣٢٧ ، نزل الأبرار : ٦ ، نظم درر السمطين : ٢٣٥ ، ميزان الاعتدال ١ / ٤٨٢ و ٤ / ١٦٧ ، لسان العرب ٣ / ٢٠ ، تاج العروس ٢ / ٢٥٩.

٣٨٣

قال ابن حجر في صواعقه ما هذا لفظه : وجاء من طرق عديدة يقوي بعضها بعضاً : ( إنّما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا )(٥) .

وكان العلاّمة نجم الدين العسكريّ في كتابه المعد لذكر حديث الثقلين وحديث السفينة ، قد ذكر من طرق أهل السنّة مع تعيين مواضع مصادر الحديث ما زاد عن حدّ التواتر ، بل عن مائة حديث(١) ، فراجع ثمّة.

( أحمد ـ ـ. ١٨ سنة )

رواته من الصحابة والتابعين :

س : نشكركم على إجاباتكم ، وبارك الله في جهودكم.

قرأت في منهاج السنّة لابن تيمية حول حديث السفينة ، فهناك يقول : ( أمّا قوله : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح ، فهذا لا يعرف له إسناد لا صحيح ، ولا هو في شيء من كتب الحديث التي يعتمد عليها ، فإن كان قد رواه من يروي أمثاله من حطاب الليل الذين يروون الموضوعات ، فهذا ممّا يزيده وهناً ).

فالرجاء ، هل كلامه صحيح؟ وإذا لم يكن صحيحاً ، فما هو الردّ؟

ج : لا يخفى بطلان هذا الكلام وهوانه على ذوي البصيرة والخبرة بالأحاديث ، إذ روى حديث السفينة جماعة كبيرة من علماء أهل السنّة وحفّاظهم ، بطرق متكاثرة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

هذا وقد رواه ثمانية من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهم :

الإمام عليعليه‌السلام ، أبو ذر الغفاريّ ، عبد الله بن عباس ، أبو سعيد الخدري ، أبو الطفيل عامر بن واثلة ، سلمة بن الأكوع ، أنس بن مالك ، عبد الله بن الزبير.

وممّن رواه من التابعين فكثيرون ، ومن أشهرهم :

الإمام علي بن الحسينعليهما‌السلام ، سعيد بن جبير ، حنش بن المعتمر ، سعيد بن

____________

١ ـ الصواعق المحرقة ٢ / ٤٤٥.

٢ ـ حديث الثقلين : ١٣٠.

٣٨٤

المسيّب ، عطية بن سعيد العوفي ، عامر بن عبد الله بن الزبير ، أياس بن سلمة ابن الأكوع ، رافع مولى أبي ذر.

ونضيف على هذا ما ذكره الأخوة في موقع البرهان ( www.albrhan.org ) في الإجابة على عبارة ابن تيميّة :

ابن تيميّة والألبانيّ وبعض الجهلة ، تلاعب مكشوف في حديث السفينة :

أما ابن تيمية في ( منهاج البدعة التيمية ) ج ٧ ص ٣٩٥.

قال ابن تيمية : " وأما قوله مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح فهذا لا يعرف له إسناد لا صحيح ولا هو في شيء من كتب الحديث التي يعتمد عليها فإن كان قد رواه مثل من يروي أمثاله من حطاب الليل الذين يروون الموضوعات فهذا ما يزيده وهنا.

أما الألباني :

ففي سلسلته الضعيفة الحديث رقم ٤٥٠٣ فقال عنه ضعيف الإسناد لأنّ طريق ابن لهيعة لا معاضد له ( حدّثنا يحيى بن يعلى بن منصور ينا ابن أبي مريم ثنا ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عامر بن عبيد الله بن الزبير عن أبيه أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها سلم ومن تركها غرق ).

ولكنه جهل أو تجاهل عمدا طريق مصنف ابن أبي شيبة الذي يرفعه لمرتبة الحسن!!

مصنف ابن أبي شيبة ج ٦ ص ٣٧٢ ح ٣٢١١٥ : ( حدّثنا معاوية بن هشام قال ثنا عمار عن الأعمش عن المنهال عن عبد الله بن الحارث عن علي قال : إنّما مثلنا في هذه الأمة كسفينة نوح وكتاب حطة في بني إسرائيل ).

وهذا الجهل لا بأس به؛ لأنّا تعوّدنا على جهل القوم حتى في أسانيدهم.

ولكن الذي يحز في القلب أن نفس الطرق التي ذكرها الألبانيّ في سلسلته الضعيفة يمكن أن تتعاضد بنفس موازين الألبانيّ ؛ إذ في أبحاث الألبانيّ قد عضّد نفس هذه الطرق ببعضها! ولكن عندما لم يكن الكلام عن فضائل أهل البيتعليهم‌السلام .

٣٨٥

توضيح : ـ أننا لا نحب الإطالة ولكن لا بأس بـها هنا ـ :

قال الألبانيّ عن إسناد حديث ابن عباس الذي خدشه بأبي الصهباء الكوفـيّ إذ لم يوثقه إلا ابن حبان ، وبالحسن بن أبي جعفر وهو متروك وقال فيه البخاريّ منكر الحديث.

نقول : أمّا أبو الصهباء الكوفـيّ ، فقد وثقه الذهبيّ في الكاشف!

الكاشف ج ٢ ص ٤٣٦ ت ٦٦٩٢ : ( أبو الصهباء الكوفـيّ عن سعيد بن جبير وعنه حماد بن زيد وعدّة ( ثقة ).

فهل جهل أم تجاهل؟!

في نظرنا ، إلى هنا لا بأس به ، لأنّنا تعودنا ـ كما قلنا سابقا ـ على الجهل.

لكن الطامة الكبرى فهنا :

أنّ السبب لعدم قابلية هذا الطريق ـ طريق ابن عباس ـ لأن يتعاضد من طريق ابن لهيعة الذي ذكره الألبانيّ نفسه ، هو وجود الحسن بن أبي جعفر الذي زعم الألبانيّ أنه شديد الضعف ، فالحسن بن أبي جعفر في نظر الألبانيّ لا يستشهد بحديثه لشدة ضعفه.

ولكن لننظر لما قاله الألبانيّ عن ( الحسن بن أبي جعفر ) في سلسلته الصحيحة ج ٦ ص ١٢٤٠ ـ ١٢٤١.

أخرجه الدارقطنيّ وعلقه البيهقيّ وقال : الحسن بن أبي جعفر ليس بالقويّ ، وقال الذهبي في الكاشف : صالح ، خيّر ، ضعفوه. وقال الحافظ : ضعيف الحديث مع عبادته وفضله. قلت ـ أي الالباني ـ : ( فمثله يستشهد به ) إن شاء الله تعالى ).

سبحان الله! يستشهد به هنا ، ولا يستشهد ] به في فضائل أهل البيت [ لماذا الحقد على أهل البيت؟!

( أحمد ـ ـ ١٨ سنة )

دلالته على إمامة أهل البيت :

س : هل يدلّ حديث السفينة على إمامة أهل البيتعليهم‌السلام ؟ أم مجرد يدلّ على

٣٨٦

محبّتهم والتودّد لهم؟ أرجو الإجابة وشاكراً جهودكم.

ج : يدلّ حديث السفينة على إمامة أهل البيتعليهم‌السلام من وجوه :

١ ـ وجوب اتباعهمعليهم‌السلام على الإطلاق ، ولا يجب اتباع أحد كذلك ـ بعد الله ورسوله ـ إلاّ الإمام.

٢ ـ اتباعهمعليهم‌السلام يوجب النجاة والخلاص ، ومن المعلوم أنّ كونهمعليهم‌السلام كذلك دليل العصمة.

٣ ـ أفضليتهمعليهم‌السلام من سائر الناس مطلقاً ، إذ لو كان أحد أفضل منهم ـ أو في مرتبتهم من الفضل ـ لأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالاقتداء به دونهمعليهم‌السلام ، وإلاّ لزم أن يكون قد غشّ أُمّته ، وحاشا لرسول الله من ذلك.

٤ ـ عصمتهمعليهم‌السلام ، إنّ هذا الحديث يدلّ على أن محبّة أهل البيتعليهم‌السلام توجب النجاة ، وهذا المعنى يستلزم عصمتهم ، إذ لو كان منهم ما يوجب سخط الباري تعالى لما جازت محبّتهم ومتابعتهم ، فضلاً عن وجوبها وكونها سبباً للنجاة ، وإذا ثبت عصمتهمعليهم‌السلام لم يبق ريب في إمامتهم.

٥ ـ يدلّ على هلاك وضلال المتخلّفين عن أهل البيتعليهم‌السلام ، وتخلّف الخلفاء عنهم من الوضوح بمكان ، فبطل بهذا خلافتهم عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وثبتت خلافة الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٦ ـ يدلّ على أنّ من اتبعهمعليهم‌السلام كان من المفلحين الناجين ، ومن خالفهم وتركهم كان من الكافرين الخاسرين ، فبهم وباتباعهم يعرف المؤمن من الكافر ، وهذا المعنى أيضاً يقتضي الإمامة والرئاسة العامّة ، لأنّه من شؤون العصمة المستلزمة للإمامة.

٧ ـ يدلّ على لزوم وجود إمام معصوم من أهل البيتعليهم‌السلام في كلّ زمان إلى يوم القيامة ، ليتسنّى للأُمّة في جميع الأدوار ركوب تلك السفينة.

٣٨٧
٣٨٨

حديث العشرة المبشّرة :

( حسام ـ ألمانيا ـ )

أدلّة على بطلانه وعدم صحّته :

س : أسمع أنّ الشيعة يقولون : بأنّ أبا بكر ، وعمر ابن الخطّاب ، اغتصبا حقّ سيّدنا علي عليه‌السلام في الإمامة ، وغير ذلك من الأُمور التي تجعلهم من أهل الضلال ، فكيف نوفّق بين هذا الكلام ـ إن صحّ عن الشيعة ـ وبين أنّهما مبشّران بالجنّة؟ ولكم كلّ التقدير.

ج : نحن نعتقد أنّ حديث العشرة المبشّرة هو من الموضوعات المختلقة على عهد بني أُمية ، وضعوه على لسان بعض الصحابة.

وممّا يثبت القول ببطلان حديث تبشير العشرة بالجنّة ، ما رواه الشيخان والنسائيّ عن سعد بن أبي وقّاص عن أبيه قال : ما سمعت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لأحد يمشي على الأرض ، أنّه من أهل الجنّة إلاّ لعبد الله بن سلام(١) .

فهذا أبو سعد ـ وهو أب أحد العشرة المذكورين في حديث التبشير ـ قد شهد بأنّه لم يسمع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يبشّر أحداً بالجنّة ، سوى عبد الله بن سلام.

لكنّا نعلم أنّ قوله هذا لا يصحّ على إطلاقه ، إذ قد استفاضت النقول بتبشير جماعة من خيار الصحابة بالجنّة ، إلاّ أنّ القدر المتيقّن من كلامه أنّه لم تقع البشارة من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لجميع أُولئك العشرة ، لاسيّما على النحو المذكور في حديث العشرة ، وإن قطعنا بوقوعه لبعضهم في موطن آخر ، كتبشير النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله

____________

١ ـ صحيح البخاريّ ٤ / ٢٢٩ ، صحيح مسلم ٧ / ١٦٠ ، السنن الكبرى للنسائيّ ٥ / ٧٠.

٣٨٩

أمير المؤمنين عليّاًعليه‌السلام ، وأهل بيته الكرام بالجنّة ، وإخباره بأنّه ساقي الحوض وصاحبه عليه ، وأنّ الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة ، وغير ذلك.

فتبيّن : أنّ حديث العشرة المبشّرة والشهادة لهم بالجنّة ، وإنّما هو ـ كما قلنا ـ من الموضوعات المختلقة.

ثمّ إنّ ممّا يبيّن بطلان الخبر ، أنّ أبا بكر لم يحتجّ به لنفسه ، ولا احتجّ به له في مواطن دفع فيها إلى الاحتجاج به ـ كالسقيفة وغيرها ـ وكذلك عمر ، وعثمان أيضاً ، كيف ذهب عنه الاحتجاج؟ ـ إن كان حقّاً ـ لمّا حُوصر ، وطُولب بخلع نفسه ، وهمّوا بقتله ، وما منعه من التعلّق به لدفعهم عن نفسه؟ بل تشبّث بأشياء تجري مجرى الفضائل والمناقب ، وذكر القطع بالجنّة أولى منها وأحرى ، فلو كان الأمر على ما ظنّه القوم من صحّة هذا الحديث عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أو روايته في وقت عثمان لاحتجّ به على حاصريه في يوم الدار في استحلال دمه ، وقد ثبت في الشرع حظر دماء أهل الجِنان.

ثمّ ما الذي ثبّط طلحة والزبير الناكثَين ، وسائر الأحياء من العشرة يوم ذاك عن نجدة وليّهم بحديث التبشير بالجنّة؟! ولِمَ ضنّ به أُولئك الرهط ـ لو كان ـ على صاحبهم ، مع أنّه من أنجع ما يُدرأ به الشرّ وتحسم به مادّة النزاع؟!

وعلامَ نبذوا ابن عفّان بعد مقتله ثلاثة أيّام ملقىً على المزبلة حتّى خرج به ناس يسير من أهله إلى حائط بالمدينة ، يقال له : ( حشّ كوكب ) كانت اليهود تدفن فيه موتاهم ، فرجم المسلمون سريره ، ومنعوا الصلاة عليه ، إلى غير ذلك ممّا هو مذكور في كتب السِيَر والتواريخ في قصّة قتل عثمان(١) .

بل روى ابن عبد ربّه الأندلسيّ عن العتبيّ قال : ( قال رجل من بني ليث : لقيت الزبير قادماً ، فقلت : أبا عبد الله ، ما بالك؟ قال : مطلوب مغلوب ، يغلبني ابني ويطلبني ذنبي ، قال قدمت المدينة ، فلقيت سعد بن أبي وقّاص فقلت : أبا إسحاق ،

____________

١ ـ الاستيعاب ٣ / ١٦١ ، تاريخ الأُمم والملوك ٣ / ٤٣٨ ، المعجم الكبير ١ / ٧٩ ، تاريخ مدينة دمشق ٣٩ / ٥٣٢ ، تاريخ المدينة ١ / ١١٢ ، الإمامة والسياسة ١ / ٦٥.

٣٩٠

من الذي قتل عثمان؟ قال : قتله سيف سلّته عائشة ، وشحذه طلحة ، وسمّه علي ، قلت : فما حال الزبير؟ قال : أشار بيده ، وصمت بلسانه )(١) .

فلو أنّ شيئاً من تبشير عثمان بالجنّة كان قد ثبت عند الصحابة ، لَما ألّبوا عليه ولا كتبوا إلى الناس يستدعونهم لجهاده ، والمنصف المتأمّل لذلك يجزم بأنّ حديث التبشير لم يكن له إذ ذاك عين ولا أثر ، وإنّما اختُلق في دولة بني أُمية.

ثمّ قد علم البرّ والفاجر ، والمؤمن والكافر ، ما وقع من أكثر هؤلاء المبشّرين من المخالفات للإمام عليعليه‌السلام ، وبين طلحة والزبير من المباينة في الدين ، والتخطئة من بعضهم لبعض ، والتضليل والحرب وسفك الدم على الاستحلال به دون التحريم ، وخروج الجميع من الدنيا على ظاهر التديّن بذلك دون الرجوع عنه بما يوجب العلم واليقين ، فكيف يكون كلّ من الفريقين على الحقّ والصواب؟(٢) .

وكيف يحكم للجميع بالأمان من عذاب الجحيم ، والفوز بجنّات النعيم ، والحقّ مع علي يدور معه حيث دار؟(٣) .

ثمّ لو كان الحديث صحيحاً ـ كما زعموا ـ لكان الأمان من عذاب الله لأبي بكر وعمر وعثمان به حاصلاً ، ولَما جزعوا عند احتضارهم من لقاء الله تعالى ، واضطربوا من قدومهم على أعمالهم ، مع اعتقادهم أنّها مرضية لله سبحانه ، ولا شكّوا بالظفر بثواب الله عزّ وجلّ ، ولجَرَوا في الطمأنينة لعفو الله تعالى ـ لثقتهم بخبر الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ مجرى أمير المؤمنينعليه‌السلام في التضرّع إلى الله عزّ وجلّ في حياته أن يقبضه الله تعالى إليه ، ويعجِّل له السعادة بما وعده من الشهادة ، وعند احتضاره أظهر من سروره بقرب لقائه برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، واستبشاره بالقدوم على الله عزّ وجلّ لمعرفته بمكانه ، ومحلّه من ثوابه ،

____________

١ ـ العقد الفريد ٥ / ٤٦.

٢ ـ الإفصاح : ٧٣ ، الطرائف : ٥٢٢.

٣ ـ المستدرك ٣ / ١٢٤ ، شرح نهج البلاغة ٦ / ٣٧٦ و ١٠ / ٢٧٠ ، شواهد التنزيل ١ / ٢٤٦ ، ينابيع المودّة ١ / ٢٧٠.

٣٩١

كيف؟! ومن أطاع الله أحبّ لقاءه ، ومن عصاه كره لقاءه.

قال الشيخ المفيدقدس‌سره : ( والخبر الظاهر أنّ أبا بكر جعل يدعو بالويل والثبور عند احتضاره ، وأنّ عمر تمنّى أن يكون تراباً عند وفاته ، وودَّ لو أنّ أُمّه لم تلده ، وأنّه نجا من أعماله كفافاً ، لا له ولا عليه ، وما ظهر من جزع عثمان بن عفّان عند حصر القوم له ، وتيقّنه بهلاكه ، دليل على أنّ القوم لم يعرفوا من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما تضمّنه الخبر من استحقاقهم الجنّة على كلّ حال ، ولا أمِنوا من عذاب الله سبحانه لقبيح ما وقع منهم من الأعمال )(١) .

هذا وقد ثبت عند المحقّقين عدم صحّة أسانيد كافّة الطرق المنقولة لهذا الحديث ، إمّا من جهة الإرسال ، وإمّا من جهة اشتمالها على كذّابين ومدلّسين ، أو مهملين ومجهولين.

ويؤيّد ما ذكرنا عدم نقل البخاريّ ومسلم لهذا الحديث ، مع نقلهما لما هو دون هذا الحديث في إثبات فضائل بعض هذه العشرة!!

وممّا قرّرنا ينكشف لك : أنّ حديث تبشير العشرة بالجنّة زخرف من القول ، ليس له أصل ، فلا تغرّنك كثرة طرقه ، ولا تهولنّك وفرة أسانيده وشهرته ، فلرُبّ مشهور لا أصل له.

ومن هنا اتّضح : أنّ أبا بكر وعمر وعثمان ليسا من المبشّرين بالجنّة ، وعليه لا يرد على معتقدات الشيعة شيء.

( حسام ـ ألمانيا ـ )

تعقيب على الجواب السابق :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لا أعرف كيف أشكركم على هذا الجهد البنّاء ، والردّ المقنع الذي

____________

١ ـ الإفصاح : ٧٣.

٣٩٢

ارفقتموه لي ، والذي سوف يساعدني كثيراً عند محاورتي لبعض معاندي أهل السنّة.

( أبو ساجد ـ أمريكا ـ ٣٣ سنة ـ بكالوريوس )

تعقيب على الجواب السابق :

أشكر مركز الأبحاث العقائديّة على الردّ المقنع على حديث العشرة المبشّرة بالجنّة المزعومة.

هناك دليل عقلي ونقلي على بطلانه وهو : كيف لرجل ـ مثل عمر بن الخطّاب ـ يدخل الجنّة وهو صاحب بدع ورذائل؟ وأشهرها :

١ ـ أنّه ابتدع صلاة التراويح وجعلها جماعة.

٢ ـ أنّه ابتدع التكتّف بالصلاة تقليداً للمجوس عبدة النار.

٣ ـ كان يعترض على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأكبر اعتراض هو عند كتابة الوصية ، واتهامه النبيّ بالهجر.

٤ ـ هجومه على بيت الزهراء وعليعليهما‌السلام ، وحرق الباب ، وإسقاط الجنين ، ورفس غلامه قنفذ لبطن فاطمةعليها‌السلام .

٥ ـ كان غليظاً خاصّة على النساء ، وهو أوّل حاكم يضرب الناس من غير حقّ.

٦ ـ كان يعتقد بتحريف القرآن ، ويعتقد بسورتين مزعومتين.

٧ ـ مبايعته هو وأبو بكر وعثمان وبقية العشرة المزعومين للإمام عليعليه‌السلام في غدير خم ، ومن ثمّ نكثوا وغدروا به.

فبعد كلّ هذه الرذائل ، هل يدخل الجنّة من غير حساب ولا عقاب؟

ملاحظة : هذه الرذائل الذي ذكرتها موجودة في كتب أهل السنّة ، والمصادر مذكورة عند مركز الأبحاث لمن يريد أن يتأكّد.

٣٩٣

( نسيم محمّد ـ أمريكا ـ ٣٠ سنة ـ طالب جامعة )

تعقيب على الجواب السابق :

أحببت أن أساهم بالجواب حول مسألة العشرة المبشّرين بالجنّة ، فأقول : ذكر الإمام مالك الحديث التالي في الموطّأ : ( مرّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مع أبي بكر على شهداء أُحد ، فقال : (هؤلاء أشهد عليهم ) ، فقال أبو بكر : ألسنا يا رسول الله بإخوانهم؟ أسلمنا كما أسلموا ، وجاهدنا كما جاهدوا؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (بلى ، ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي )!! ، فبكى أبو بكر ، ثمّ بكى ، ثمّ قال : إنا لكائنون بعدك؟ )(١) .

فهل هذا الحديث يدلّ على أنّ أبا بكر من المبشّرين؟ وهذا هو حاله.

ونقل المتقيّ الهنديّ عن الضحّاك بن مزاحم قال : ( قال أبو بكر ـ ونظر إلى عصفور ـ : طوبى لك يا عصفور ، تأكل من الثمار ، وتطير في الأشجار ، لا حساب عليك ولا عذاب ، والله! لوددت أنّي كبش يسمّنني أهلي ، فإذا كنت أعظم ما كنت وأسمنه يذبحوني ، فيجعلوني بعضي شواء ، وبعضي قديداً ، ثمّ أكلوني ، ثمّ ألقوني عذرة في الحش ، وأنّي لم أكن خلقت بشراً )(٢) .

فبالله عليكم ، هل هذا كلام شخص بشّره الله ورسوله بالجنّة؟

وروى الحافظ أبو نعيم عن الضحّاك قال : ( قال عمر : يا ليتني كنتُ كبش أهلي ، يسمّنوني ما بدا لهم ، حتّى إذا كنت أسمن ما أكون ، زارهم بعض من يحبّون ، فجعلوا بعضي شواء ، وبعضي قديداً ، ثمّ أكلوني ، فأخرجوني عذرة ، ولم أك بشراً )(٣) ، بينما قال الإمام عليعليه‌السلام لحظة استشهاده : (فُزتُ وربّ الكعبة ).

____________

١ ـ الموطّأ ٢ / ٤٦٢.

٢ ـ كنز العمّال ١٢ / ٥٢٩.

٣ ـ حلية الأولياء ١ / ٨٨.

٣٩٤

والبخاريّ يروي لنا كلام عمر بن الخطّاب ساعة احتضاره ، قال عمر أثناء وفاته : ( والله لو أنّ لي طلاع الأرض ذهباً لافتديتُ بهِ من عذاب الله )!!(١) .

بالله عليكم ، هل يقول هذا الكلام من تقولون له بحديث البشارة بالجنّة؟ وهذا يدلّ بطلان أنّه من المبشّرين في الجنّة.

ويروي الإمام أحمد في مسنده ، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : (إنّ من أصحابي من لا يراني بعد أن أفارقه ) ، وكان عمر يسأل أُمّ سلمة : بالله منهم أنا؟(٢) .

لماذا يسألها عمر من دون سائر الصحابة؟ لماذا عمر يسأل أُمّ سلمة إذا كان من المبشّرين بالجنّة؟ كاد المريب أن يقول : خذوني فأين هم من حديث البشارة بالجنّة؟ والحرّ تكفيه الإشارة.

( حسين مردان ـ العراق ـ ٣٩ سنة ـ مهندس )

ما ورد في تأييده مردود :

س : لي تعقيب على بطلان كون الخلفاء من بعد الرسول غير مبشّرين بالجنّة.

هناك حديث للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول ما مضمونه : ( إنّ الله اطلع على أهل بدر ، فقال : أعملوا ما شئتم ، فإنّي قد غفرت لكم ) ، وكان الخلفاء من الذين شهدوا بدراً.

ولقد كانوا من الذين جاهدوا مع الرسول الكريم في بدايات الدعوة ، فهل يحقّ لنا الآن أن لا نذكرهم بخير؟ بسبب خلافهم مع الإمام علي ، ولماذا عاش الإمام معهم دون مشاكل كبيرة؟ الرجاء أعطونا إجابة شافية.

ج : الحديث الذي اعتبرته دليلاً على مدّعاك لا يصمد أمام النقد لوجوه :

١ ـ الحديث من أحاديث الآحاد ، وهي مضطربة الطرق والإسناد.

____________

١ ـ صحيح البخاريّ ٤ / ٢٠١.

٢ ـ مسند أحمد ٦ / ٢٩٠.

٣٩٥

٢ ـ معارضة هذا الحديث لمجموعة كبيرة من الآيات القرآنيّة ، والروايات التي رواها الثقات.

٣ ـ اختلفت دلالة الأحاديث ، لكن أغلبها يشير إلى احتمال حصول الغفران على سبيل الظنّ ، لا كما نقلته على سبيل اليقين.

ولو سلّمنا صحّة سند الأحاديث ، فكلّه مشروط بسلامة العاقبة ، ولا يجوز أن يخبر الحكيم مكلّفاً غير معصوم ، بأن لا عقاب عليه ، فليفعل ما يشاء ، كما وأنّه أمّا أن يكون قصد النبيّ : اعملوا ما شئتم من أعمال الشرّ ، أو يكون قصده : اعملوا ما شئتم من أعمال الخير والبر.

فإن قالوا : أراد أعمال الخير والبر ، قيل لهم : هذا غير مستنكر أن يكون الله قد غفر لهم ما كان منهم من كراهية الجهاد في هذه المواطن ، كما أخبر عنهم في قوله :( كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ ) (١) إلى آخر القصّة.

فهذه أحوال كلّها مذمومة من أهل بدر ، فجائز أن يكون الله قد غفر لهم من بعد بأفعال جميلة ظهرت منهم ، ثمّ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : استأنفوا عمل الخير بالطاعة ، وحسن العمل والتسليم ، وإن كان هذا فيهم كذلك ، فليس هذا حالاً يوجب لأهل بدر كلّهم النجاة ، بل يوجب لمن استأنف منهم أعمال الخير بالمسارعة إلى الطاعة والانقياد بالرضا ، والتسليم إلى ما قد وعدهم الله من المغفرة والعفو عن الدين.

أمّا الذين وصفهم فيه بالأعمال المذمومة ، ومن قصّر في ذلك ، وجرى إلى خلاف ما يرتضيه الله منه ، حمله من بعض معانيه ممّا يلزم غيره من المسلمين.

وإن قالوا : إنّه أراد بقوله : اعملوا ما شئتم من الأعمال السيّئة ، كان هذا القائل جاهلاً متخرّصاً ، لأنّ هذا يوجب إباحة المحارم لأهل بدر ، والتحليل لهم

____________

١ ـ الأنفال : ٥.

٣٩٦

ما حرّمه على غيرهم في الشريعة ، من الزنا والربا ، وشرب الخمر ، وقتل النفس التي حرّم الله قتلها

وإن قالوا : إنّ الله قد علم أنّهم لا يأتون بشيء من ذلك ، قيل لهم : إن كان هذا كما وصفتم ، فقوله : اعملوا ما شئتم وهم لا يعملون ، لا معنى له ولا فائدة فيه ، وليس هذا من قول الحكيم.

وإن قالوا : إنّما أراد بذلك إظهار جلالة منزلتهم للناس ، وتبيين فضيلتهم بتحليل المحارم ، والإباحة للمحظورات ، فيجعل للجاهل سبيلاً إلى الدخول في ذلك ، أو في شيء منه ، قيل لهم : هذا ما لا يستقيم عند ذوي عقل ولا فهم.

مع ما يقال لهما كيف يصحّ ما يقولون : إنّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله قال للزبير : ( إنّك تقاتل عليّاً ، وأنت ظالم له ) ، فلو كان أباح لهم ما زعمتم ، لكان قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله للزبير : تقاتل عليّاً وأنت ظالم له ، ظلماً من الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، واعتداء على الزبير(١) .

وحتّى لو غضضنا النظر عن دلالة الحديث ، فإنّ إقرارك بوجود الخلاف بينهم وبين الإمام عليعليه‌السلام وحده يكفي لعدم استحقاقهم للجنّة ، لأنّ الخلاف الذي تذكره ليس هو خلافاً شخصيّاً ، بل خلاف يفصح عن عصيانهم لأوامر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعدم امتثال أوامره ، وإذا كنت شيعيّاً كما تقول ، فأنت تعترف قطعاً باغتصاب الخلفاء الثلاثة للخلافة ، وهذا من أعظم الكبائر.

وما ورد عن الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله يكفي ، إذ قال : (أنا فرطكم على الحوض ، ولأنازعن أقواماً ثمّ لأغلبن عليهم ، فأقول : يا ربّ أصحابي أصحابي! فيقال إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك )!(٢) ، وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : (والذي نفسي بيده

____________

١ ـ كنز العمّال ١١ / ٣٤٠ ، الإصابة ٢ / ٤٦٠ ، الإمامة والسياسة ١ / ٩٢ ، ينابيع المودّة ٢ / ٣٨٩.

٢ ـ مسند أحمد ١ / ٣٨٤ و ٤٠٢ ، صحيح مسلم ٧ / ٦٨ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٨ / ٦٠٢ ، مسند أبي يعلى ٩ / ١٠٢ و ١٢٦ ، كنز العمّال ١٤ / ٤١٨.

٣٩٧

لأذودن عن حوضي رجالاً كما تذاد الغريبة من الإبل )(١) .

أمّا عدم إيصال الخلاف إلى حدّ الاقتتال ، فذلك لعهد عهده له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن لا يفرّق بين المسلمين ، والإسلام ما يزال بعد في أوّله.

____________

١ ـ مسند أحمد ٢ / ٤٦٧ ، صحيح مسلم ٧ / ٧٠ ، فتح الباري ١١ / ٤١٤ ، كنز العمّال ١٤ / ٤٢٠.

٣٩٨

حديث المؤاخاة :

( هاشم ـ الكويت ـ ١٨ سنة ـ طالب جامعة )

العسقلانيّ يرد ابن تيمية لتضعيفه الحديث :

س : يدّعي بعض المتعصّبين من أهل السنّة بطلان حديث المؤاخاة بين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنين عليه‌السلام ، وعدم وجود سند صحيح لهذه الحادثة ، فماذا تردّون عليهم؟

ج : إنّ القائل بضعف حديث المؤاخاة هو ابن تيمية في كتابه منهاج السنّة(١) ، ولكنّه كلام باطل جدّاً ، فللمؤاخاة أحاديث صحيحة كثيرة ، حتّى اعترف بذلك كبار العلماء الحفّاظ من أهل السنّة ، كابن حجر العسقلانيّ في فتح الباري(٢) ، وصرّح ببطلان كلام ابن تيمية ، وردّ عليه.

( مصطفى ـ السعودية ـ )

يثبت إمامة عليعليه‌السلام :

س : لاشكّ أنّ حديث المؤاخاة يثبت أنّ عليّاً أخ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولكنّه لا يدلّ على إمامة عليعليه‌السلام نصّاً.

سؤال طُرح ، فالرجاء ردّه ، وجزاكم الله خيراً.

ج : إنّ النصّ من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله على نوعين ، منه ما يدلّ بلفظه وصريحه على

____________

١ ـ منهاج السنّة ٧ / ٢٧٨.

٢ ـ فتح الباري ٧ / ٢١١.

٣٩٩

الإمامة ، ومنه ما يدلّ ـ فعلاً كان أو قولاً ـ بنوع من التنزيل عليها ، وحديث المؤاخاة من النوع الثاني.

لأنّ الغرض من مؤاخاة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله للإمام عليعليه‌السلام هو تعريف بمنزلة الإمامعليه‌السلام ، وبيان فضله على غيره ، لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يؤاخي بين الرجل ونظيره ـ كما دلّ عليه بعض الأخبار ـ فيكون أمير المؤمنينعليه‌السلام هو النظير لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كما جعلته آية المباهلة نفسه ، وذلك رمز لإمامتهعليه‌السلام ، ولذا احتج الإمام عليعليه‌السلام بهذا الحديث يوم الشورى(١) .

كما أشار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أيضاً إلى ذلك بقوله : (أنت أخي ووارثي ) ، قالعليه‌السلام : (وما أرثك )؟ قال : (ما ورثت الأنبياء قبلي كتاب الله وسنّتي )(٢) .

فإنّ عليّاًعليه‌السلام إذا ورث مواريث الأنبياء كان من خلفائهم ، وإمام الأُمّة ، إذ ليس الإمام إلاّ من كان كذلك.

( محمّد ـ ـ ٢١ سنة )

متواتر ورواه الكثير من أهل السنّة :

س : ما هو حديث المؤاخاة؟ وهل هو صحيح سنداً؟ شاكرين جهودكم في خدمة الإسلام.

ج : بعد هجرة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى المدينة المنوّرة بعدّة أشهر ، آخى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بين أصحابه من المهاجرين ـ الذين هاجروا من مكّة إلى المدينة ـ وبين الأنصار ، وهم أهل المدينة ، على الحقّ والمواساة ، فكان يؤاخي بين الرجل ونظيره ، حتّى بقي هو وعليعليهما‌السلام فآخاه ، أي جعله أخاً له ، ومن جملة ما قالهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام : (وأنت أخي ووارثي ) ، وهذا نعبّر عنه بحديث المؤاخاة.

____________

١ ـ شرح نهج البلاغة ٦ / ١٦٧ ، كنز العمّال ٥ / ٧٢٥ ، تاريخ مدينة دمشق ، ميزان الاعتدال ١ / ٤٤٢.

٢ ـ مفردات غريب القرآن : ٥١٩.

٤٠٠