موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٣

موسوعة الأسئلة العقائديّة0%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-03-4
الصفحات: 621

موسوعة الأسئلة العقائديّة

مؤلف: مركز الأبحاث العقائديّة
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف:

ISBN: 978-600-5213-03-4
الصفحات: 621
المشاهدات: 208831
تحميل: 3447


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 621 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 208831 / تحميل: 3447
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء 3

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: 978-600-5213-03-4
العربية

كلّ صغيرة وكبيرة ، فهذا ـ كما تعلميّن أيضاً ـ غير ثابت ، وذلك لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يخصّهما في شيء كما خصّ غيرهما.

وأهمّ ما نلاحظه أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يؤاخ بينه وبين أحدٍ منهما ، بل لم تذكر جميع كتب السير أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله خصّهما في المشورة دون أصحابه ، أو أودعهما سرّه دون غيرهما من المسلمين ، أو ولاّهما على شيء قد اختصّا به ، بل بالعكس من ذلك ، فإنّ الحقيقة هي خلاف ما تذكرينه تماماً ، وذلك لشواهد :

أوّلاً : أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله سدّ الأبواب المشرفة على المسجد ، ومنها باب أبي بكر وعمر ، ولم يميّزهما عن غيرهما ، وأبقى باب علي بن أبي طالبعليه‌السلام مفتوحاً.

فقد روي عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : (أمّا بعد ، فإنّي أُمرت بسدّ هذه الأبواب إلاّ باب علي ، فقال فيه قائلكم : والله ما سددت شيئاً ولا فتحته ، ولكن أمرت بشيء فاتّبعته )(١) .

وروي أيضاً عن الإمام عليعليه‌السلام أنّه قال : (أخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بيدي ، فقال : إنّ موسى سأل ربّه أن يطهّر مسجده بهارون ، وإنّي سألت ربّي أن يطهّر مسجدي بك وبذرّيتك ، ثمّ أرسل إلى أبي بكر أن سدّ بابك ، فاسترجع ثمّ قال : سمعاً وطاعة ، فسدّ بابه ، ثمّ أرسل إلى عمر ، ثمّ أرسل إلى العباس بمثل ذلك ، ثمّ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما أنا سددت أبوابكم وفتحت باب علي ، ولكن الله فتح باب علي وسدّ أبوابكم )(٢) .

ثانياً : أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله أمّر أُسامة بن زيد على الشيخين ، وعلى جمعٍ من الصحابة ، وكان فتىً صغيراً ، ولم يقدّم الشيخين في هذا الجيش؟

____________

١ ـ المستدرك ٣ / ١٢٥ ، السنن الكبرى للنسائيّ ٥ / ١١٨ ، خصائص أمير المؤمنين : ٧٣ ، كنز العمّال ١١ / ٦١٨ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ١٣٨ ، البداية والنهاية ٧ / ٣٧٩ ، المناقب : ٣٢٧ ، جواهر المطالب ١ / ١٨٦ ، ينابيع المودّة ٢ / ١٦٩ و ٢٣٣ و ٣٩٨.

٢ ـ كنز العمّال ١٣ / ١٧٥ ، النزاع والتخاصم : ١١٧.

٤٢١

فعن عبد الله بن عبد الرحمن : ( أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في مرض موته ، أمّر أُسامة بن زيد بن حارثة على جيش فيه جلّة المهاجرين والأنصار ، منهم أبو بكر وعمر ، وأبو عبيدة بن الجرّاح ، وعبد الرحمن بن عوف ، وطلحة والزبير ، وأمره أن يغير على مؤتة ، حيث قتل أبوه زيد )(١) .

ثالثاً : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد آخى بينه وبين عليعليه‌السلام ، في حين لم يؤاخ بينه وبين أحدٍ من الشيخين ، بل آخى بين أبي بكر وبين خارجة بن زيد(٢) ، وآخى بين عمر بن الخطّاب وبين عتبان بن مالك(٣) .

فلو كان الشيخان أقرب الناس من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لآخى بينه وبين أحدهما.

رابعاً : أنّ الشيخين لو كانا قريبين من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لبلّغ أحدهما عنه ، في حين أنّه قال : ( علي منّي وأنا منه ، ولا يؤدّي عنّي إلاّ علي )(٤) .

فلو كان الشيخان أقرب الناس لبلّغا عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وخصصهما بتبليغه.

إلى آخر الصفات والمنازل التي لم يختصّ بهما الشيخان ، فكيف يكونان من أقرب الناس إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

أمّا عدم إخبار الرسول عن خفايا سرائرهم فإنّه كان يخضع لمصالح ومفاسد كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يعلم بها ، ويمكن استنتاجها لمن نظر نظرة تأمّل لتاريخ تلك الحقبة وكما أنّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يخبر عن المنافقين اللذين كانوا يحيطون به.

____________

١ ـ شرح نهج البلاغة ٦ / ٥٢.

٢ ـ الجامع لأحكام القرآن ١٤ / ١٢٤ ، تفسير القرآن العظيم ٣ / ٤٧٧ ، الدرّ المنثور ٣ / ٢٠٧ ، فتح القدير ٢ / ٣٣٠.

٣ ـ مقدّمة فتح الباري : ٣٢١.

٤ ـ سنن ابن ماجة ١ / ٤٤ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٧ / ٤٩٥ ، الآحاد والمثاني ٣ / ١٨٣ ، كتاب السنّة : ٥٨٤ ، فيض القدير ٤ / ٤٧٠ ، تحفة الأحوذيّ ١٠ / ١٥٢ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٤٧.

٤٢٢

( زياد ـ فلسطين ـ سنّي )

عدم صلاحية الأوّل والثاني للخلافة :

س : ما تقولون في أميري المؤمنين أبو بكر وعمر؟ الموصوفان بأنّهما أعدل رجلين في العالم بعد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

ولماذا تكثرون من تقديس عليرضي‌الله‌عنه وأبنائه بطريقة غريبة؟ نحن نحترم عليّاً ، ونكن له كلّ الاحترام ـ كونه صحابي جليل من صحابة رسول الله ـ أمّا أن نزيد آية في القرآن الكريم ( وجعلنا علي صهرك ) ، فهذا لا يمكن قبوله أبداً ، لأنّ القرآن قد وصلنا متواتراً ، وكوننا نزيد هذه الآية ، فهذا انتقاص في حقّ الله ، وكأنّنا نصف الله بالنسيان أو الخطأ.

ج : إنّ الشيعة ترى أنّ الأفضلية في كافّة الجهات الإيجابية كانت لأمير المؤمنين عليعليه‌السلام ـ كما هو مذكور في كتب العقائد عندهم ـ وعليه ، فإنّ مؤهّلاته الشخصية كانت هي الوحيدة لاستيعاب أمر الخلافة والوصاية والإمامة بعد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، خصوصاً بعد صدور النصوص المتواترة والمستفيضة التي تصرّح بكلّ وضوح : بأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله استخلفه في أمر الإمامة بعده.

وممّا ذكرنا يظهر : أنّ العدول عن هذا الأمر واضح البطلان ، فنستنج أنّ خلافة الأوّل والثاني كانت خلافاً للعقل والنقل ـ كما أشرنا إليه ـ فهل تسمّى مخالفة العقل عدلاً؟!

ويكفي في عدم صلاحيتهما للخلافة ، ما صدر منهما تجاه بضعة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله فاطمة الزهراءعليها‌السلام ـ كما ذكر في محلّه ـ والتي قال في شأنها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : (فاطمة بضعة منّي ، فمن أغضبها أغضبني )(١) .

____________

١ ـ صحيح البخاريّ ٤ / ٢١٠ ، ذخائر العقبى : ٣٧ ، فتح الباري ٧ / ٦٣ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٧ / ٥٢٦ ، الآحاد والمثاني ٥ / ٣٦١ ، نظم درر السمطين : ١٧٦ ، الجامع الصغير ٢ / ٢٠٨ ، كنز العمّال ١٢ / ١٠٨ و ١١٢ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ٤٤٤ ، ينابيع المودّة ٢ / ٥٢ و ٧٣ و ٧٩ و ٩٧ و ٣٢٢.

٤٢٣

وإمّا كلامك عن تقديس الشيعة لعليعليه‌السلام ، فهل ترى فيه إشكال بعد ما ورد من نصوص وآثار في هذا المجال لا تعدّ ولا تحصى ، ويكفيك أن تطالع الكتب المختصّة بهذا الموضوع ، وتنظر بعين الأنصاف حتّى ترى ما كان لهعليه‌السلام من مناقب وفضائل ملأت الخافقين.

وأمّا ما ذكرته من آية مجعولة ، فلم نر لها أثراً في الأوساط الشيعيّة ،( سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ ) (١) .

( ـ الكويت ـ )

في نظر الشيعة :

س : أُريد رأيكم الصريح في أبي بكر وعمر وعثمان؟ جرحكم وتعديلكم لهم ، ولكم الشكر.

ج : إنّ هذا السؤال يرجع إلى مسألة عدالة الصحابة : فأهل السنّة قالوا بعدالة جميع الصحابة ، وبأيّهم اقتديتم اهتديتم ، مع اعترافهم بعدم عصمة الصحابة ، وفيهم القاتل والمقتول ، والظالم والمظلوم.

وأمّا الشيعة ، فلا تقول بعدالة جميع الصحابة ، بل تجري عليهم قواعد الجرح والتعديل ، فمن كان على الطريقة المستقيمة ، ولم يغيّر ولم يبدّل ، فالشيعة تحترمه وتقدّسه ، ومن نافق أو غيّر وبدّل وانحرف ، فالشيعة وكلّ عاقل لا يقيمون أيّ احترام وتقدير لهكذا شخص.

وكذلك الشيعة تقول : بأنّ الإمامة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالنصّ ، ورسول الله نصّ على من يلي الأمر من بعده ، وهو أمير المؤمنين عليعليه‌السلام ، وتستدلّ الشيعة على هذا بآيات وأحاديث من مصادر الفريقين.

وكذلك يمكنك مراجعة ما ورد في صحاح ومسانيد أهل السنّة في روايتهم

____________

١ ـ النور : ١٦.

٤٢٤

عن النبيّ ، أنّه قال : (فاطمة بضعة منّي ، فمن أغضبها أغضبني )(١) .

وكذلك مراجعة الصحاح والمسانيد ، وكتب السير والتاريخ عند أهل السنّة : من أنّ فاطمة ماتت ، وهي واجدة على أبي بكر وعمر ، أو هجرتهما ولم تكلّمهما(٢) ، وبالمقارنة بين هذين الحديثين مع قوله تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ) (٣) ، يتّضح لك موقفنا منهم.

( حسين علي ـ الجزائر ـ ٢٦ سنة ـ ليسانس فلسفة )

لم يثبت لهم موقف في الغزوات :

س : لماذا لا نجد أيّ مكان لأبي بكر في الغزوات التي خاضها النبيّ؟ وهل فعلاً كان من الذين قالوا بوفاة الرسول في غزوة أُحد؟ وهل كان من الذين تفاوضوا من أجل أن يرجعوا إلى قريش؟

ج : نعم ، لم يثبت للخلفاء الثلاثة موقف مشرّف في جميع الغزوات ، وإنّما كان دورهم جليّاً في الهزيمة والتثبيط من عزيمة المسلمين.

وأمّا في غزوة أُحد ، فكانوا من الفارّين(٤) ، حتّى أنّ أبا بكر بنفسه كان

____________

١ ـ صحيح البخاريّ ٤ / ٢١٠ ، ذخائر العقبى : ٣٧ ، فتح الباري ٧ / ٦٣ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٧ / ٥٢٦ ، الآحاد والمثاني ٥ / ٣٦١ ، نظم درر السمطين : ١٧٦ ، الجامع الصغير ٢ / ٢٠٨ ، كنز العمّال ١٢ / ١٠٨ و ١١٢ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ٤٤٤ ، ينابيع المودّة ٢ / ٥٢ و ٧٣ و ٧٩ و ٩٧ و ٣٢٢.

٢ ـ شرح نهج البلاغة ٦ / ٥٠ و ١٦ / ٢١٨ ، صحيح البخاريّ ٨ / ٣ ، فتح الباري ٦ / ١٣٩ ، المصنّف للصنعانيّ ٥ / ٤٧٢ ، تاريخ الأُمم والملوك ٢ / ٤٤٨ ، البداية والنهاية ٥ / ٣٠٦ ، السيرة النبويّة لابن كثير ٤ / ٥٦٧ و ٥٧٠.

٣ ـ الأحزاب : ٥٧.

٤ ـ شرح نهج البلاغة ١٥ / ٢٤ ، الدرّ المنثور ٢ / ٨٨ ، كنز العمّال ٢ / ٣٧٦ و ١٣ / ٧١ ، جامع البيان ٤ / ١٩٣ ، تاريخ مدينة دمشق ٣٩ / ٢٥٧ ، البداية والنهاية ٧ / ٢٣١ ، سبل الهدى والرشاد ٤ / ٢٠٦ ، السيرة الحلبية ٢ / ٣٠٩.

٤٢٥

يذعن بفراره ، بأنّه أوّل من فاء يوم أُحد(١) .

وتصرّح بعض المصادر : أنّ عمر وغيره من المهاجرين والأنصار أخبروا أنس بن النضر بقتل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) .

وأمّا بالنسبة للتفاوض مع قريش ، فتؤكّد كتب السيرة : بأنّ بعض المسلمين ـ من أصحاب الصخرة ـ بعد هزيمتهم في أُحد ، قد أبدوا استعدادهم لأخذ الأمان من أبي سفيان ، والالتحاق بقريش(٣) .

ولا يخفى أنّ أصحاب الصخرة كانوا من المهاجرين لا الأنصار ، لأنّهم صرّحوا في كلامهم ، بأنّ قريش قومهم ، وبنو عمومتهم.

( عمر عثمان ـ السودان ـ سنّي ـ ٣٠ سنة ـ طالب )

علاقتهم بالإمام علي :

س : أُريد أن أعرف العلاقة بين الإمام علي وأبو بكر وعمر وعثمان؟

ج : حسب الأدلّة النقلية الموجودة ، فإنّ أُولئك الثلاثة ، قد غصبوا الخلافة من الإمام عليعليه‌السلام ، مع علمهم بتقدّمه عليهم ومعرفتهم بنصّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عليه ،

____________

١ ـ الطبقات الكبرى ٣ / ٢١٨ ، السيرة النبويّة لابن كثير ٣ / ٥٨ ، البداية والنهاية ٤ / ٣٣ ، مسند أبي داود : ٣ ، المستدرك ٣ / ٢٦٦ ، كتاب الأوائل : ٩١ ، كنز العمّال ١٠ / ٤٢٥ ، تفسير القرآن العظيم ١ / ٤٢٥ ، تاريخ مدينة دمشق ٢٥ / ٧٥ ، تهذيب الكمال ١٣ / ٤١٧ ، سبل الهدى والرشاد ٤ / ١٩٩.

٢ ـ شرح نهج البلاغة ١٤ / ٢٧٦ ، جامع البيان ٤ / ١٥٠ ، تفسير القرآن الكريم ١ / ٤٢٢ ، الدرّ المنثور ٢ / ٨١ ، الثقات ١ / ٢٢٨ ، تاريخ الأُمم والملوك ٢ / ١٩٩ ، البداية والنهاية ٤ / ٣٩ ، السيرة النبويّة لابن هشام ٣ / ٦٠٠ ، السيرة النبويّة لابن كثير ٣ / ٦٨ ، سبل الهدى والرشاد ٤ / ٢١٥.

٣ ـ فتح الباري ٧ / ٢٧١ ، جامع البيان ٤ / ١٤٩ ، الدرّ المنثور ٢ / ٨٠ ، تاريخ الأُمم والملوك ٢ / ٢٠١ ، البداية والنهاية ٤ / ٢٦ ، السيرة النبويّة لابن كثير ٣ / ٤٤ ، سبل الهدى والرشاد ٤ / ١٩٦ ، السيرة الحلبية ٢ / ٣١٠.

٤٢٦

وقد صرّح واحتجّ الإمام عليعليه‌السلام في مواقف متعددّة بهذا الموضوع ، ولعلّ من أبرز وأوضح مصاديق شكاويه ، ما أدلى به في خطبته المعروفة بالشقشقية ـ الموجودة في نهج البلاغة ـ إذ يؤكّد فيه اغتصاب حقّه في عهد الخلفاء الثلاثة.

نعم ، إنّ الإمامعليه‌السلام ومن منطلق أخذ المصالح العليا بعين الاعتبار ، لم يقم بأيّ عمل ظاهري في سبيل إرجاع حقّه ، بعد أن رأى أنّ الوسط العام في المجتمع آنذاك قد خدع بخطط الغاصبين ، فخشيعليه‌السلام قيام الفتن الداخلية ، وحدوث الردّة عند الأكثر ـ إذ هم قريبو العهد بالإسلام ـ وهجوم الأجانب على الدولة الإسلاميّة الفتيّة ، فصبر عن حقّه الواضح ، بعد ما أشار إليه بلسانه أحياناً ، وبسلوكه تارةً ، وإليه يشير في نفس الخطبة المذكورة : ( فصبرت وفي العين قذى ، وفي الحلق شجا ، أرى تراثي نهبا )(١) .

وملاحظة ما ورد في النصوص من احتجاجات أمير المؤمنينعليه‌السلام على الخلفاء في مواطن متعدّدة ، لإثبات أحقّيته بمنصب الخلافة ، خير شاهد على إيضاح المطلب.

( إبراهيم زاير حسين ـ البحرين ـ ٣٤ سنة ـ طالب جامعة )

فتوحاتهم وإذعانهم بفضائل علي :

س : لدي سؤالان ، أرجو مساعدتي في الإجابة عليهما :

الأوّل : في زمن الخليفة الأوّل والخليفة الثاني زادت الفتوحات ، وقد قويت شوكة الإسلام في خلافتهما ، ومن المشهود لهما بإخلاصهما ، فكيف يحقّ لنا اتهامهما بغصب الخلافة؟

الثاني : هل يحقّ لنا اتهامهما بغصب الخلافة؟ بالرغم من أنـّهما كانا يعترفان بفضل الإمام عليعليه‌السلام ، وهو ما شاع في كتب التاريخ ، فلو كان الأمر كذلك لقاما بعكس ذلك.

____________

١ ـ شرح نهج البلاغة ١ / ١٥١.

٤٢٧

أرجو أن توضّحوا المسألة بالتفصيل قدر الإمكان ، لكون السائل من إخواننا السنّة ، ودمتم ذخراً ، وسدّد الله خطاكم ، وزادكم علماً.

ج : إنّ التفسير والتحليل هو فرع وجود الواقع في الخارج ، فعلينا إذاً أن نبحث عن الواقع ، وثمّ نرى القضايا على ضوئه ، لا أن نعتمد على تفسير خاطئ ، وننفي الواقع من خلاله.

وأمّا فيما نحن فيه ، فإنّ الغصب المذكور واقع تاريخيّ ، شهدت له أئمّة السير والحديث في كتبهم ، وذكروا المناقشات والحوادث المتعلّقة به ، فكيف ننكره رأساً ، اعتماداً على احتمالات ، وتأويلات مزيّفة؟!

ثمّ إنّ زيادة الفتوحات العسكريّة هل تدلّ بملازمة عقلية على حقّانية الفاتح؟ أم أنّها أُمور تدور قيمتها مدار النيّة والصدق في العمل؟ وكم ترى في طول التاريخ من قادة فاتحين ومنتصرين ، ليس لهم منها إلاّ أمر الدنيا؟

وأمّا إذعانهما بفضل الإمام عليعليه‌السلام ، فهو إن دلّ على شيء ، فإنّما يدلّ على كثرة فضائلهعليه‌السلام التي ملأت الخافقين ، ممّا أجبرت الخصوم على الاعتراف ببعضها ، وقد صرّح البعض حينما سئل عن فضائل عليعليه‌السلام قال : ( ما أقول في شخص أخفى أعداؤه فضائله حسداً ، وأخفى أولياؤه فضائله خوفاً وحذراً ، فظهر ما بين هذين فضائل طبقت الشرق والغرب )(١) .

( اشرف سالم ـ مصر ـ سنّي )

اعتراض الإمام علي عليهم :

س : من الثابت تاريخيّاً أنّ الإمام علي رضي‌الله‌عنه لم يعترض على تولّي الخلفاء الراشدين ، فلماذا اعترضت الشيعة على ذلك بعد وفاته؟

ج : في الجواب عن ذلك نقول :

____________

١ ـ كشف اليقين : ٤.

٤٢٨

١ ـ إنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام قد اعترض غير مرّة ، كيف وقد تأخّر أو رفض ـ على قولين ـ البيعة مع أبي بكر ، وهذا بحدّ نفسه دليل قاطع في المقام ، إذ لو كانت البيعة فرضاً مسلّماً ، أفهل يعقل تهاونه وعدم مبالاته وقعوده ـ والعياذ بالله ـ عن الوظيفة الشرعيّة؟ أما يدلّ هذا على الاستنكار للوضع الموجود؟ أما يدلّ على مطالبته للحقّ ، وإعلانه عن عدم أحقّية خلافة أبي بكر؟

مضافاً إلى أنّهعليه‌السلام قد احتجّ بحديث الغدير في موارد ، منها يوم الشورى(١) ، وأيضاً أنّهعليه‌السلام خرج يحمل فاطمةعليها‌السلام على دابّة ليلاً في مجالس الأنصار ، تسألهم النصرة(٢) .

٢ ـ إنّهعليه‌السلام قد بيّن موارد اعتراضه بعد بسط يده في أيّام خلافته ، ويدلّ عليه ما ورد في الخطبة الشقشقية المعروفة(٣) ، من أنّ سكوته آنذاك لم يكن عن رضىً ، بل لمصلحة حفظ بيضة الإسلام عن التلف ، فهو في الواقع اعتراض صامت ، وقد فهمت الشيعة هذا منهعليه‌السلام بدلالة تلك الخطبة وغيرها ، والقرائن الحافّة بحياتهعليه‌السلام ، والروايات التي وردت من طريق أهل البيتعليهم‌السلام ، فلم تزل تصرّح باعتراضها لهذا الأمر منذ ذلك العهد حتّى الآن ، وهذا ليس بدافع الحبّ والولاء لأئمّتهمعليهم‌السلام فحسب ، بل هو أيضاً لبيان وإظهار انحراف المسيرة التاريخيّة للخلافة.

( كميل ـ عمان ـ ٢٢ سنة ـ طالب جامعة )

ادعاء التواتر في فضلهم يحتاج إلى إثبات :

س : قد قرأت في أحد الكتب السنية رواية ، مفادها بأنّ النبيّ كان يحبّ أبا بكر وعمر ، ويقول الكاتب : بأنّ الرواية متواترة ، فماذا تقولون؟

____________

١ ـ مناقب الإمام علي : ١٣٨ ، شرح نهج البلاغة ٦ / ١٦٧.

٢ ـ شرح نهج البلاغة ٦ / ١٣ ، الإمامة والسياسة ١ / ٢٩.

٣ ـ شرح نهج البلاغة ١ / ١٥١.

٤٢٩

ج : ادعاء التواتر شيء ، وإثباته شيء آخر ، ومعنى التواتر كما هو واضح لدى جميع المسلمين هو : اتفاق جماعة على خبر لا يحتمل تواطؤهم على الكذب ، وهذا يشترط في جميع طبقات الأسانيد ، يعني : كلّ طبقة في السند لابدّ أن تكون متواترة ، حتّى يصدق على الخبر أنّه متواتر.

فإثبات أنّ الخبر الفلاني متواتر عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ليس بهذه السهولة ، أضف إلى ذلك ، فإنّ علماء الرجال ألّفوا الكتب الكثيرة في الموضوعات ، وذكروا الكثير ممّا روي في فضائل أبي بكر وعمر وعثمان من الموضوعات ، فلا يمكن إثبات صحّتها ، فضلاً عن إثبات تواترها.

( خالد علي ـ الإمارات ـ سنّي )

تقدّموا على علي بلا استحقاق :

س : ما قولكم في الصحابة أبو بكر الصدّيق وعمر بن الخطّاب؟

ج : علينا أن نتّبع العقل وما يؤدّي إليه العقل ، بالاعتماد على الأدلّة ، فنقول : أصل الاختلاف بعد وفاة الرسول المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله في الإمامة والخلافة :

فقالت الشيعة : إنّ الإمامة بالنصّ ، حيث وردت نصوص قرآنية وأحاديث نبوية على إمامة عليعليه‌السلام كما في آية الولاية ، وآية التطهير ، وآية المباهلة ، وفي حديث الغدير ، وحديث الدار ، وحديث الولاية ، وحديث الثقلين ، وحديث الطير ، وحديث المنزلة.

وهذا هو أصل الاختلاف ، فالشيعة التي تقول : بأنّ الإمامة والخلافة بعد رسول الله بالنصّ ، يعني : نصّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على أنّ الخليفة بعده ، هو علي ابن أبي طالبعليه‌السلام ، فبالله عليك ماذا يكون حكم المتقدّم على أمير المؤمنين علي؟!

فعليك أن تبحث لتصل إلى حقيقة الأمر ، ولا ندعوك إلى اعتناق التشيّع ، وإنّما ندعوك للبحث والتحقيق في الأُمور ، ومن ثمّ الاعتقاد بما تتوصّل إليه ، بشرط أن تترك التعصّب ، وتنظر في الموروث بعين الإنصاف.

٤٣٠

وأختم كلامي بذكر حديث عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، حيث قال لفاطمةعليها‌السلام : (فاطمة بضعة منّي ، فمن أغضبها أغضبني )(١) .

وقد استدلّ السهيلي بهذا الحديث على أنّ من سبّ فاطمة كفر ، لأنّه يغضبهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنّها أفضل من الشيخين(٢) .

وروى البخاريّ : ( أنّ فاطمة غضبت على أبي بكر فهجرته ، فلم تزل مهاجرته حتّى توفّيت )(٣) .

وروى البخاريّ أيضاً : ( أنّ فاطمة وجدت على أبي بكر فهجرته ، فلم تكلّمه حتّى توفّيت )(٤) .

وروى الترمذيّ : ( أنّ فاطمة قالت لأبي بكر وعمر : والله لا أكلّمكما أبداً ، فماتت ولا تكلّمهما )(٥) .

وروى ابن قتيبة : ( فقال عمر لأبي بكر : انطلق بنا إلى فاطمة ، فإنّا قد أغضبناها ، فانطلقا جميعاً ، فاستأذنا على فاطمة ، فلم تأذن لهما ، فأتيا عليّاً فكلّماه ، فأدخلهما عليها ، فلمّا قعدا عندها ، حوّلت وجهها إلى الحائط ، فسلّما عليها ، فلم تردعليهما‌السلام فقالت : (أرأيتكما إن حدّثتكما حديثاً عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله تعرفانه وتفعلان به )؟ قالا : نعم.

فقالت : (نشدتكما الله ، ألم تسمعا رسول الله يقول : رضا فاطمة من رضاي ، وسخط فاطمة من سخطي ، فمن أحبّ فاطمة ابنتي فقد أحبّني ، ومن

____________

١ ـ صحيح البخاريّ ٤ / ٢١٠ ، ذخائر العقبى : ٣٧ ، فتح الباري ٧ / ٦٣ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٧ / ٥٢٦ ، الآحاد والمثاني ٥ / ٣٦١ ، نظم درر السمطين : ١٧٦ ، الجامع الصغير ٢ / ٢٠٨ ، كنز العمّال ١٢ / ١٠٨ و ١١٢ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ٤٤٤ ، ينابيع المودّة ٢ / ٥٢ و ٧٣ و ٧٩ و ٩٧ و ٣٢٢.

٢ ـ فيض القدير ٤ / ٥٥٤.

٣ ـ صحيح البخاريّ ٤ / ٤٢.

٤ ـ المصدر السابق ٥ / ٨٢.

٥ ـ الجامع الكبير ٣ / ٢٥٥.

٤٣١

أرضى فاطمة فقد أرضاني ، ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني )؟ قالا : نعم ، سمعناه من رسول الله ، قالت : ( فإنّي أشهد الله وملائكته أنّكما أسخطتماني ، وما أرضيتماني ، ولئن لقيت النبيّ لاشكونّكما إليه ).

فقال أبو بكر : أنا عائذ بالله تعالى من سخطه وسخطك يا فاطمة ، ثمّ انتحب أبو بكر يبكي حتّى كادت نفسه أن تزهق ، وهي تقول : (والله لأدعون الله عليك في كلّ صلاة أصليه ا ) ، ثمّ خرج باكياً ، فاجتمع إليه الناس ، فقال لهم : يبيت كلّ رجل منكم معانقاً حليلته ، مسروراً بأهله ، وتركتموني وما أنا فيه ، لا حاجة لي في بيعتكم ، أقيلوني بيعتي )(١) .

وقال الله تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا ) (٢) .

( كُميل ـ الكويت ـ )

حول أُمّهاتهم :

س : بوركت جهودكم في دحض افتراءات ( القوم ) ، ووفّقكم الله دوماً وأبداً ، لنصرة أهل بيت النبوّة.

أمّا بعد ، أرجو من سماحتكم إدراج معلومات حول أُمّهات كلّ من الخلفاء الثلاثة ـ أبو بكر وعمر وعثمان ـ وأنسابهم من الكتب المعتمدة لدى أهل السنّة ، حتّى نكون على بيّنة من أشخاصهم.

ج : أمّا أبو بكر ، فأسرته لم تكن من الأُسر الشريفة في قريش ، قال ابن الأثير ـ في حديث أبي بكر والنسّابة : إنّك من زمعات قريش ـ : ( الزمعة بالتحريك : التلعة الصغيرة : أي لست من أشرافهم )(٤) .

____________

١ ـ الإمامة والسياسة ١ / ٣١.

٢ ـ الأحزاب : ٥٧.

٣ ـ النهاية في غريب الحديث والأثر ٢ / ٣١٣.

٤٣٢

وقال الجوهري : ( والزمع : رذال الناس وسفلتهم )(١) .

وفي شرح نهج البلاغة : ( لمّا بويع أبو بكر ، جاء أبو سفيان إلى علي ، فقال : أغلبكم على هذا الأمر أذلّ بيت من قريش وأقلّها )(٢) .

وفي شرح نهج البلاغة أيضاً : ( أنّ أبا بكر قال في الجاهلية لقيس بن عاصم المنقري : ما حملك على أن وأدت؟ قال : مخافة أن يخلف عليهن مثلك )(٣) .

وفي إلزام النواصب : ( أجمع أهل السير : أنّ أبا قحافة كان أجيراً لليهود يعلّم أولادهم ، وقد تعجّب أبوه ـ أبو قحافة ـ يوم بويع ابنه ـ أبو بكر ـ للخلافة ، فقال : كيف ارتضت الناس بابني مع حضور بني هاشم؟!

قالوا : لأنّه أكبر الصحابة سنّاً ، فقال : والله أنا أكبر منه )(٤)

وأمّا عمر : فقد قال ابن كثير : ( وكان الخطّاب والد عمر بن الخطّاب ، عمّه وأخاه لأُمّه ، وذلك لأنّ عمرو بن نفيل كان قد خلف على امرأة أبيه بعد أبيه ، وكان لها من نفيل أخوه الخطّاب )(٥) .

روي عن أنس أنّه قال : ( خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو غضبان ، فخطب الناس ، فقال : لا تسألوني عن شيء اليوم إلاّ أخبرتكم به ، ونحن نرى أنّ جبرائيل معه فقال عمر : يا رسول الله إنّا كنّا حديثي عهد بجاهلية ، فلا تبد علينا سوآتنا ، فاعف عنّا عفا الله عنك )(٦) .

وفي النهاية : ( في حديث خزيمة : كان عمر في الجاهلية مبرطشاً ، وهو السعي بين البائع والمشتري ، شبه الدلاّل )(٧) .

____________

١ ـ الصحاح ٣ / ١٢٢٦.

٢ ـ شرح نهج البلاغة ٦ / ٤٠.

٣ ـ المصدر السابق ١٣ / ١٧٧.

٤ ـ إلزام النواصب : ٩٧ نسخة خطّية.

٥ ـ السيرة النبويّة لابن كثير ١ / ١٥٣ ، البداية والنهاية ٢ / ٢٩٦.

٦ ـ مجمع الزوائد ٧ / ١٨٨ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٧ / ٤٣٨ ، مسند أبي يعلى ٦ / ٣٦١.

٧ ـ النهاية في غريب الحديث والأثر ١ / ١١٩.

٤٣٣

وفي الإصابة : ( خرج عمر من المسجد ومعه الجارود العبدي ، فإذا بامرأة برزت على ظهر الطريق ، فسلّم عليها عمر ، فردّت عليه وقالت : هيهاً يا عمر ، عهدتُك وأنت تسمّى عميراً في سوق عكّاظ ، تروّع الصبيان بعصاك ، فلم تذهب الأيّام حتّى سمّيت عمر!! ثمّ لم تذهب الأيّام حتّى سمّيت أمير المؤمنين!! فاتق الله في الرعية )(١) .

وروى هاشم بن محمّد بن السائب الكلبي ـ أحد علماء أهل السنّة ـ في كتابه المثالب ، قال : ( كانت صهاك أمة حبشية لهاشم بن عبد مناف ، ثمّ وقع عليها عبد العزّى بن رياح ، فجاءت بنفيل جدّ عمر بن الخطّاب )(٢) .

وروى الحافظ أبو نعيم عن الضحّاك قال : ( قال عمر : يا ليتني كنتُ كبش أهلي ، يسمّنوني ما بدا لهم ، حتّى إذا كنت أسمن ما أكون ، زارهم بعض من يحبّون ، فجعلوا بعضي شواء ، وبعضي قديداً ، ثمّ أكلوني ، فأخرجوني عذرة ، ولم أك بشراً )(٣) .

وأمّا عثمان : ( فروى مؤلّف كتاب إلزام النواصب ، عن هشام بن محمّد السائب الكلبي ، أنّه قال : ومّمن كان يلعب به ويُفتحل ، عفّان أبو عثمان )(٤) .

قال الشهرستاني : ( ووقعت في زمانه ـ عثمان ـ اختلافات كثيرة ، وأخذوا عليه أحداثاً كلّها محالة على بني أُمية.

منها : ردّه الحكم بن أُمية إلى المدينة ، بعد أن طرده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

ومنها : نفيه أبا ذر إلى الربذة ، وتزويجه مروان بن الحكم بنته ، وتسليمه خمس غنائم أفريقية له ، وقد بلغت مائتي ألف دينار.

____________

١ ـ الإصابة ٨ / ١١٥ ، تاريخ المدينة ٢ / ٣٩٤ و ٧٧٤.

٢ ـ الطرائف : ٤٦٩ عن المثالب.

٣ ـ حلية الأولياء ١ / ٨٨.

٤ ـ بحار الأنوار ٣١ / ٤٩٨ عن إلزام النواصب.

٤٣٤

ومنها : إيواؤه عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، وكان رضيعه ، بعد أن أهدر النبيّ دمّه ، وتوليته إيّاه مصر بأعماله )(١) .

( أبو حسن ـ السعودية ـ )

إنفاقهم الأموال في ميزان النقد العلميّ :

س : يحتجّ أبناء السنّة : بأنّ أبا بكر وعمر وعثمان أفضل من الإمام عليعليه‌السلام ، لأنّ أبا بكر قد تصدّق بكلّ ماله في سبيل الله ، ويروون أنّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( ما نفعني مال مثل مال أبي بكر ) ، وأنّ عمر أنفق نصف ماله ، وعثمان أنفذ جيش العسرة ، فكيف نردّ على هذا الكلام؟

أرجو أن تكون الإجابة موثّقة حتّى يمكنني الرجوع للمصادر ، ولكم جزيل الشكر.

ج : إنّ الموارد التي ذكروها كمنقبة لأُولئك الثلاثة ، كلّها مردودة عقلاً ونقلاً ودلالةً ، فنقول توضيحاً :

١ ـ إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يكن محتاجاً إلى أموال أبي بكر ، إذ كان يكفله عمّه أبو طالبعليه‌السلام قبل زواجهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وبعد تزويجه بخديجةعليها‌السلام كانت أموالها تحت يده تغنيه ، هذا كلّه قبل الهجرة.

وأمّا بعد الهجرة ، فغاية ما يدّعى : أنّ أبا بكر جاء بستة آلاف درهم ـ وهي جميع ما كانت عنده من المال ـ من مكّة إلى المدينة ، وما عساها أن تجدي نفعاً لو أنفقها كلّها؟ وما هي قيمتها تجاه مصارف الدولة والحكومة الإسلاميّة آنذاك؟

٢ ـ لو كان لأبي بكر هذه الأموال الطائلة ـ كما يقولون ـ أليس كان الأجدر به أن يصرف قسطاً منها لإغناء أو رفع فاقة أبيه ـ أبي قحافة ـ والذي

____________

١ ـ الملل والنحل ١ / ٢٦.

٤٣٥

كان أجيراً لعبد الله بن جدعان للنداء على طعامه.

وأيضاً لو كان له ما حسبوه من الثروة ، لما ردّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله إليه ثمن الراحلة التي قدّمها له ، ولم يكن ردّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إيّاها إلاّ لضعف حال أبي بكر من ناحية المال ، أو أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يرقه أن يكون لأحد عليه منّة.

٣ ـ متى كان إنفاق أبي بكر لثروته الطائلة على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله !!؟ وكيف أنفق ولم يره أحد ، ولا رواه راوٍ ، ولم يذكر التاريخ مورداً من موارد نفقاته؟ وقد حفظ له تقديم راحلة واحدة مع أخذ ثمنها من الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٤ ـ إنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام تصدّق بأربعة دراهم ليلاً ونهاراً ، وسرّاً وجهراً ، فنزلت آية في حقّه :( الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ) (١) ، وتصدّق بخاتمه ، فأنزل الله تعالى :( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ ) (٢) ، وأطعم هو وأهله مسكيناً ويتيماً وأسيراً ، فنزل في حقّهم :( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ ) (٣) .

ثمّ هل من المعقول أن ينفق أبو بكر بجميع ماله ، ولم يوجد له مع ذلك كلّه ذكر في القرآن؟! إلاّ أن يقال :( إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ) (٤) .

٥ ـ إنّ الروايات المنقولة في ثراء أبي بكر كلّها مفتعلة وموضوعة سنداً ، فمثلاً ترى أنّهم يروون عن عائشة أنّها كانت تفتخر بأموال أبيها في الجاهلية(٥) ، والحال أنّ عائشة لم تدرك العهد الجاهلي ، كيف وقد ولدت بعد المبعث بأربع أو خمس سنين(٦) ، وهكذا حال الأحاديث الأُخرى.

____________

١ ـ البقرة : ٢٧٤.

٢ ـ المائدة : ٥٥.

٣ ـ الإنسان : ٨.

٤ ـ المائدة : ٢٧.

٥ ـ ميزان الاعتدال ٣ / ٣٧٥ ، مجمع الزوائد ٤ / ٣١٧.

٦ ـ الإصابة ٨ / ٢٣١.

٤٣٦

٦ ـ هل يعقل أنّ أبا بكر وعمر كانا صاحبي ثروة ، وقد أخرجهما الجوع ذات ليلة في المدينة طلباً للطعام؟!(١) .

٧ ـ من أين جاء عمر بأموال تزيد على حاجته حتّى ينفق نصفها ، وهو كان في الجاهلية إمّا راعياً(٢) ، أو نخّاساً للحمير(٣) ، أو حمّالاً للحطب مع أبيه.

٨ ـ إنّ إنفاق عثمان على جيش العسرة ، أيضاً هو من المواضيع المختلقة عندهم ، إذ ذكره الرازيّ في تفسيره لآية( الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُون ) (٤) ، وذكره آخرون في تفسيرهم لآية( الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ) (٥) ، والحال أنّ هاتين الآيتين هما من سورة البقرة ، وهي أوّل سورة مدنية ، وقد نزلت قبل غزوة تبوك وجيشها ـ جيش العسرة الواقعة في شهر رجب سنة تسع ـ بعدّة سنين.

مضافاً إلى أنّ البيضاوي في تفسيره ، والزمخشري في كشّافه ، يؤكّدان نزول الآية الأخيرة في أبي بكر(٦) ، فكيف ينحلّ هذا التناقض؟

وهكذا الكلام في مكذوبة أبي يعلى الدالّة على إنفاق عثمان بعشرة آلاف دينار في غزوة ، إذ إنّ إسناده ضعيف جدّاً ، كما جاء في فتح الباري(٧) .

ثمّ إنّ رواياتهم ـ على تقدير التسليم ـ تدلّ على تجهيز عثمان مائتي راحلة في غزوة تبوك ، وكان جيش رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الذي خرج به يومئذٍ خمسة وعشرين

____________

١ ـ صحيح مسلم ٦ / ١١٦ ، مسند أبي يعلى ١١ / ٤١ ، صحيح ابن حبّان ١٢ / ١٦ ، الدرّ المنثور ٦ / ٣٨٩.

٢ ـ تاريخ المدينة ٢ / ٦٥٥.

٣ ـ الطرائف : ٤٦٨ ، عن نهاية الطلب للحنبلي.

٤ ـ البقرة : ٢٦٢ ، التفسير الكبير ٣ / ٤٠.

٥ ـ البقرة : ٢٧٤ ، الدرّ المنثور ١ / ٣٦٣ ، فتح القدير ١ / ٢٩٤.

٦ ـ أنوار التنزيل ١ / ١٤١ ، الكشّاف ١ / ٥٠٤.

٧ ـ فتح الباري ٥ / ٣٠٦ و ٧ / ٤٤.

٤٣٧

ألفاً غير الأتباع ، فما هي النسبة بين أُولئك المجاهدين وبين مائتي راحلة؟ ولماذا هذه المبالغة الكاذبة في كونه ـ أي عثمان ـ جهّز وأنفذ جيش العسرة؟

٩ ـ إنّ الإنفاق عمل قصدي ، فيشترط في صحّته نية القربة ، وليس مجرد صرف المال ، وفي المقام لا يوجد دليل نقلي معتدٌّ به على تأييد إعطائهم الأموال من آية محكمة أو حديث معتبر ، وكلّ ما في الأمر بعض الروايات الموضوعة والضعيفة والمتعارضة فيما بينها ، لا تغني ولا تسمن من جوع.

١٠ ـ الذي يقوى في النظر : أنّ هذه الأكاذيب كلّها قد وضعت في قبال فضائل أهل البيتعليهم‌السلام المسلّمة عند الكلّ ، ريثما يتوفّر لأُولئك الثلاثة وأشياعهم بعض الصلاحيات في تصدّيهم لأمر الأُمّة والإمامة.

( أحمد ـ ـ )

نفي ما يوهم تأييد الأئمّة لهم :

س : يقول الإمام الصادقعليه‌السلام لامرأة سألته عن أبي بكر وعمر : أتولاّهما؟ فقال : ( تولّيهما ) ، فقالت : فأقول لربّي إذا لقيته إنّك أمرتني بولايتهما؟! فقال لها : ( نعم )(١) .

وتعجّب رجل من أصحاب الإمام الباقر حين وصف الباقر أبا بكر بالصدّيق!! فقال الرجل : أتصفه بذلك؟! فقال الباقر : ( نعم الصدّيق ، فمن لم يقل له الصدّيق ، فلا صدّق الله له قولاً في الآخرة )(٢) ، ما رأيكم في هذا الكلام؟

ج : بالنسبة للحديث الأوّل فيلاحظ :

أنّ الحديث قد روي في نفس الكافي في موضعين(٣) ، ولكن بسند ضعيف ،

____________

١ ـ الكافي ٨ / ١٠١.

٢ ـ كشف الغمّة ٢ / ٣٦٠.

٣ ـ الكافي ٨ / ١٠١ و ٢٣٧.

٤٣٨

لورود معلّى بن محمّد فيه ، الذي ضعّفه النجاشيّ ، وابن الغضائريّ ، كما أشار إليه العلاّمة المجلسيّقدس‌سره في شرحه على الكافي(١) .

ثمّ مع فرض صحّة الحديث سنداً ، فلابأس في دلالته ، فهذه الرواية ونظائرها قد صدرت تقيّة ، كما يشير إليه فرض الرواية في صدرها ، فإنّ يوسف بن عمر الثقفي ـ وهو أحد طغاة بني أُمية ـ كان واقفاً على أخبار أُمّ خالد ، فأراد الإمامعليه‌السلام أن لا يثير حفيظة الظلمة ، الذين لا يرقبون في المؤمنين إلاً ولا ذمّة.

ويؤيّد ما ذكرنا أيضاً ، ورود اسم كثير النوا فيها ، الذي كان من وعّاظ السلاطين ، والمنحرفين القريبين من السلطة ، وله أفكار وأنصار.

نعم إنّ الإمامعليه‌السلام ، وفي نفس الوقت يعطي الرأي الصحيح في الموضوع ، من خلال ترجيحه لأبي بصير وردّه كثير النوا وأصحابه ، وحتّى أنّ العبارة المستشهد بها من كلامهعليه‌السلام في الرواية ، ليس فيها ما هو صريح على تأييد أبي بكر وعمر ، فإنّ هذه الفقرة هكذا : فسألته عنهما ، فقال لها : (تولّيهما ) ، قالت : فأقول لربّي إذا لقيته إنّك أمرتني بولايتهما؟ قال : (نعم ).

فإنّ كلمة ( تولّيهما ) يحتمل فيه وجه آخر ، وهو الترك ، من باب( نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى ) (٢) أي : نتركه وندعه مع ما أحبّه والتزم به ، أي أنّ الإمامعليه‌السلام قد استعمل التورية في استخدام هذه الكلمة ، فأراد معنىً صحيحاً ، وإن كانت توهم معنى آخر أيضاً.

وحتّى أنّ كلمة (نعم ) قد توهم بموافقة الإمامعليه‌السلام لكلام السائلة ، ولكن في نفس الوقت يمكن أن يردّ بأنّ كلمة (نعم ) تأتي لتأييد النفي كما للإثبات ، فإن كان مقصودهعليه‌السلام التأييد الحتمي ، كان ينبغي لهعليه‌السلام أن يستعمل كلمة ( بلى ) التي لا تدلّ إلاّ على الإقرار الإيجابي.

____________

١ ـ مرآة العقول ٢٥ / ٢٤٤.

٢ ـ النساء : ١١٥.

٤٣٩

وكيف ما كان ، وحتّى لو كانت المعاني المستعملة قد توهم شيئاً ، فإنّ الإمامعليه‌السلام وفي تتمّة الحديث نبّه بمراده في المقام بشكل دقيق ، بتأييده رأي أبي بصير ، علماً بأنّنا حتّى في فرض عدم ورود ذيل الرواية ، كنّا نحكم بصدورها تقيّة ـ لما ذكرناه من ظروف صدور الرواية ـ فلا يدلّ على مدّعى أهل السنّة بتاتاً.

وأمّا الحديث الثاني ، فيغنينا البحث عنه عدم إسناده في كشف الغمّة ، فلا يعلم سلسلة السند بعد عروة ، الذي هو راوي الحديث ، فالحديث مقطوع السند ، ولا يكون حجّة ، فنستغني عنه.

ولا يخفى على المتتبع : أنّ الأربلي ‎ ، وإن كان من علماء الشيعة ، ولكن جاء بأحاديث كثيرة من تراث العامّة في هذا الكتاب ، لا توجد لها أثر في مجامعنا الحديثية ، فيجب على الباحث أن يكون فطناً في تمييز الخطأ عن الصواب.

( محمّد الشوحة ـ الأردن ـ سنّي ـ ٢٦ سنة ـ طالب جامعة )

لا توجد لهم فضائل في كتبنا :

س : وبعد ، إنّ في كتب أهل السنّة التاريخيّة والعقائديّة ، وكتب الصحاح ، الكثير من الأحاديث الدالّة على فضل ومكانة الإمام علي وعلو شأنه.

والسؤال : هل في كتب الشيعة التاريخيّة أو الدينية ، مثل أُصول الكافي والتهذيب والاستبصار ما يدلّ ولو بشكل بسيط ، أو أيّ إشارة إلى مكانة أبي بكر ، وعمر بن الخطّاب ، علماً بأنّهما كانا من السبّاقين لرفع راية الإسلام ، وكانا من الملازمين للرسول الأعظم.

وبتسليم أنّ الأئمّة الاثني عشر كانوا يعلمون بالأُمور المستقبلية ، فالأولى أنّ النبيّ كان على علم بالأُمور المستقبلية ، فكيف يضع ثقته وصحبته بأُناس

٤٤٠