موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٣

موسوعة الأسئلة العقائديّة0%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-03-4
الصفحات: 621

موسوعة الأسئلة العقائديّة

مؤلف: مركز الأبحاث العقائديّة
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف:

ISBN: 978-600-5213-03-4
الصفحات: 621
المشاهدات: 215050
تحميل: 3675


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 621 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 215050 / تحميل: 3675
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء 3

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: 978-600-5213-03-4
العربية

المدينة وافت الناس ، فإنّي أحبّ أن يرى في شيعتي مثلك )(١) .

وبملاحظة تعريف الاجتهاد نجد أنّه لابدّ للمجتهد من الاحتياج لقول المعصوم ، الذي لا يقع فيه الخطأ ، حتّى لا يحصل الاجتهاد بالمعنى الثاني ، الذي هو في قبال الآيات والروايات.

س ١٧ : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ) ، فأين الثقل الثاني الآن؟ وما تفسير عدم مفارقته للقرآن في زمن الغيبة؟

ج ١٧ : إنّ حديث الثقلين يثبت ـ بوضوح ـ المرجعية العلميّة لأهل البيت النبويّ ، جنباً إلى جنب مع القرآن الكريم ، ويلزم المسلمين بأن يتمسّكوا في الأُمور الدينية جنباً إلى جنب مع القرآن الكريم ، ويلتمسوا رأيهم.

وإنّ غيبة الإمام لا تمنع الانتفاع به ، بل أنّ الكلّ ينتفع بوجوده ، كما ينتفع بالشمس إذا غيّبها السحاب ، هذا ما ورد عنهمعليهم‌السلام .

س ١٨ : تعتذر الإمامية لأئمّتهم في عدم القيام بالإمامة والخروج ، بالخوف وعدم وجود الناصر ، والعلم بعدم الجدوى.

وكيف استطاع بعض أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام القيام والخروج على الظالمين؟ كالإمام الحسين والإمام زيد ، ونجح بعضهم في إقامة دولة الإسلام لمئات السنين ، كالإمام الهادي؟!

ج ١٨ : إنّ الأدوار الملقاة على عاتق كلّ إمام تختلف باختلاف الظروف المحيطة بالإمام ، فإذا خرج الإمام الحسينعليه‌السلام ، فإنّه لا يعني أنّ جميع الأئمّة يجب عليهم الخروج ، بل النصوص الواردة من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله تشير وبوضوح إلى إمامة كلّ من الحسن والحسين ، بقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا )(٢) ، أي قاما بالسيف والجهاد أو قعدا عن ذلك ، وهذا خير دليل على

____________

١ ـ الفهرست : ٥٧.

٢ ـ روضة الواعظين : ١٥٦ ، مناقب آل أبي طالب ٣ / ١٦٣.

٥٨١

اختلاف الأدوار عند الأئمّةعليهم‌السلام ، ونحن الآن تبعاً لإمامنا المنتظر ، ننتظر اليوم الموعود للقيام والقضاء على الظلم ، وإقامة دولة الحقّ بعونه تعالى.

وتعليقاً على ما ذكرته : أثبت أوّلاً إمامة الهادي ثمّ ناقش في نجاحه ، وهذا كإثبات خلافة أبي بكر بالفتوحات التي حصلت في عصره!!

س ١٩ : كيف تجمعون بين وصفكم الإمام بالخوف ، وبين المعلوم ضرورة من وجوب اشتراط الشجاعة فيه؟ أم أنّكم تجوّزون الجبن في حقّه؟!

ج ١٩ : من المواصفات الثابتة للإمامعليه‌السلام الشجاعة ، وإذا ورد أنّ الإمام يخاف ، فهو لا يخاف على نفسه حتّى يثبت له الجبن ، بل أنّه يخاف على الدين من الضياع والاندراس والاضمحلال ، وبهذا الخوف لا تنتفي الشجاعة عن الإمام ، بل الإمام في قمّة شجاعته ، لكن الموقف يحتمّ عليه عدم إعمال شجاعته ذلك أن تقول أنّه خائف على نفسه التي بذهابها يذهب الدين ، وإلاّ فما تفسير خوف موسىعليه‌السلام بنصّ القرآن؟!

س ٢٠ : إذا كان الأئمّة يعلمون الغيب ، فلماذا خرج الإمام الحسين عليه‌السلام إذا كان يعلم عدم الجدوى؟ بينما لم يخرج باقي الأئمّة ، خاصّة بعد وجود الناصر لبعضهم ، كزين العابدين عليه‌السلام عندما عرضت عليه البيعة والإمامة فرفض ، وقبلها ابن عمّه الحسن بن الإمام الحسن ، مع أنّ وجود الناصر يقيم الحجّة ، حتّى ولو كان الناصر غير صادق في بيعته ، كما قال الإمام علي عليه‌السلام : ( والله لولا حضور الحاضر ، وقيام الحجّة بوجود الناصر ، لألقيت حبلها على غاربها ، ولسقيت آخرها بكأس أوّلها )(١) ؟!

ج ٢٠ : الإمام الحسينعليه‌السلام لم يخرج من أجل الانتصار العسكريّ السريع ، بل كان يعلم بمقتله ومقتل أصحابه ، لكن هذا العمل ـ وهو الشهادة في سبيل الله ـ هو الانتصار الحقيقيّ الذي كان ينظر إليه الإمام ، بأنّه هو الذي يعيد الإسلام إلى المسار الصحيح ، بعد أن أراد بنو أُمية إعادة الأمر جاهلية.

____________

١ ـ شرح نهج البلاغة ١ / ٢٠٢.

٥٨٢

ثمّ إنّه لابدّ من أجل قيام الإمام زين العابدينعليه‌السلام من وجود العدد الكافي لذلك ، وتشخيص الإمام زين العابدينعليه‌السلام ـ وهو المعصوم ـ أنّ أنصاره من القلّة بحيث لا يستطيع القيام بهم ، وهذا يختلف تمام الاختلاف مع الإمام عليعليه‌السلام ، الذي كانت مقاليد السلطة بيديه ، عندما حارب حروبه الثلاثة ، ولذلك فالإمام عليعليه‌السلام لم يقم قبل خلافته ، وكان يعتذر أيضاً بقلّة الناصر.

ثمّ أنّ معنى حضور الحاضر ، من حضر لبيعته ، ولزوم البيعة لذمّة الإمام بحضوره ، والإمام بعبارته لم يعلّق الأمر على قيام الحجّة بوجود الناصر فقط ، بل أضاف ذلك إلى حضور الحاضر ، وهذا هو الفرق بين الإمامينعليهما‌السلام .

س ٢١ : لماذا تناول السمّ من مات من الأئمّة مسموماً؟ وهو يعلم أنّه مسموم ، كالإمام الحسن ، وعلي بن موسى الرضا ، ألا يكون ذلك قتلاً للنفس؟!

ج ٢١ : إنّ الله تعالى قدّر عليهم ذلك ، وقضاه وأمضاه وحتمه على سبيل الاختيار ، فإن اختاروا ذلك كتبت لهم تلك المنازل ، وأعطيت لهم تلك الكرامات ، التي لا ينالها إلاّ من قتل في سبيله ، وهذا ليس مختصّاً بمن شرب السمّ ، بل حتّى من قتل بالسيف ، كالإمام عليعليه‌السلام ، فقد كان يعلم قاتله ، والليلة التي يقتل فيها ، والموضع الذي يقتل فيه.

يعلّل إمامنا الرضاعليه‌السلام عن ذلك بقوله : (ذلك كان ، ولكنّه خير في تلك الليلة ، لتمضي مقادير الله عزّ وجلّ )(١) ، وهكذا كان الجواب منهمعليهم‌السلام عن شأن حادثة الحسينعليه‌السلام .

س ٢٢ : ما معنى وصف أمير المؤمنين الإمام علي عليه‌السلام للأئمّة بالقيام في قوله : ( وإنّما الأئمّة قوام الله على خلقه ) (٢) ، وقوله : (اللهم بلى ، لا تخلو الأرض من قائم لله بحجّة )(٣) ؟!

____________

١ ـ الكافي ١ / ٢٥٩.

٢ ـ شرح نهج البلاغة ٩ / ١٥٢.

٣ ـ المصدر السابق ١٨ / ٣٤٧.

٥٨٣

ج ٢٢ : أنت بذكرك لقول الإمام عليعليه‌السلام أمّا أن تعترف به وتقرّ بصحّته أو لا؟ فإذا أقرّيت بصحّته ، فكيف تفسّر الفترات الزمنية التي لم يوجد فيها إمام يحمل تلك الصفات؟ وأمّا أنّك لا تعترف بصحّة قول الإمام عليعليه‌السلام فلا داعي للنقاش فيه.

والذي نقوله نحن : أنّ الخبر صحيح ، وأنّ المراد بهم الأئمّة الاثنا عشر ، الذين لا تخلو الأرض منهم ، وأن لم يقوموا بالسيف ، بدليل آخر الخبر الذي بترته ولم تذكره ، وهو قولهعليه‌السلام : (لا تخلو الأرض من قائم لله بحجّة ، إمّا ظاهراً مشهوراً ، وإمّا خائفاً مغموراً ).

س ٢٣ : ورد عن الإمام علي عليه‌السلام عدّة روايات تذكر صفات الأئمّة ، كقوله : ( وقد علمتم أنّه لا ينبغي أن يكون الوالي على الفروج والدماء البخيل ) (١) ، وكقوله : ( إنّ أحقّ الناس بهذا الأمر أقواهم عليه ) (٢) ، لماذا يذكر الأئمّة بالصفات مع علمه بالأسماء ، فيقول : إنّ أحقّ الناس بالإمامة هم المنصوص عليهم ، وهم فلان وفلان؟!

ج ٢٣ : الإمام عليعليه‌السلام ليس بصدد الإجابة عن سؤال : من هم الأئمّة؟ أو إيضاح ذلك ، حتّى يبيّن لهم أسماء الأئمّة واحداً واحداً ، بل هو بصدد إيضاح مسؤوليته هو كإمام ، ومسؤولية الأئمّة من بعده ، وذكره للصفات لا ينفي وجود نصوص تعيّن فيها أسماء الأئمّة واحداً واحداً ، وهي كثيرة فراجع.

س ٢٤ : تجوّزون إمامة الأطفال ، تبريراً لإمامة الجواد والهادي حال طفوليتهما ، اذكروا لنا الدليل القطعي على جواز الإمامة في الأطفال؟!

ويستدلّ بعضكم على جواز الإمامة في الأطفال ، بقوله تعالى :( وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ) (٣) .

____________

١ ـ المصدر السابق ٨ / ٢٦٣.

٢ ـ المصدر السابق ٩ / ٣٢٨.

٣ ـ مريم : ١٢.

٥٨٤

فكيف تقيسون أئمّتكم على هذه الآية ، مع أنّكم تحرّمون القياس؟! وهل معنى قياسكم على هذه الآية أنّ كلّ ما ورد في الأنبياء من الخصوصيّات فهو في الأئمّة ، كتكليم الله لموسى عليه‌السلام ، وكجواز تعدّد الزوجات في حقّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله لأكثر من أربع؟! إن قلتم : نعم ، فبيّنوا وقوع ذلك للأئمّة بالدليل القطعي .

ج ٢٤ : للإجابة على هذا السؤال نذكر النقاط الآتية :

١ ـ لا يحتاج لإثبات إمامة الجوادعليه‌السلام لأكثر من النصوص الواردة باسمه من قبل الإمام الرضاعليه‌السلام ، ومن قبل بقية المعصومينعليهم‌السلام ، وكذلك الحال بالنسبة للإمام الهاديعليه‌السلام .

٢ ـ هناك فرق بين القياس الباطل الذي لا نقول به ، والقياس الذي يصحّ الاستدلال به ، لأنّ المناط في القضيتين واحد ، فجواز تبليغ الأحكام وهداية الخلق ، مثل ما جاز في النبوّة من قبل من هو صغير السنّ ، كذلك يجوز أيضاً في الإمامة.

٣ ـ نحن لا نقول : بأنّ الإمام كان يمتلك عقول الأطفال ، حتّى يرد علينا ما يرد ، ولكن نقول : أنّ الإمام كان أعلم أهل زمانه ، والمناظرات التي أجراها مع علماء عصره ـ وهو صغير السنّ ـ تثبت ذلك.

س ٢٥ : هل للقيام والخروج على الظالمين أصل في مذهب الإمامية؟ أم لا؟! إن قلتم : نعم ؛ فأوردوه لنا بالطرق القطعية؟! وكيف تجمعون بينه وبين المشهور من مذهبكم من التقيّة؟!

ج ٢٥ : الخروج على الظالمين قد يكون من الواجبات التي لا يقدّم عليها غيرها ، كما عمل الإمام الحسينعليه‌السلام عندما رأى أنّ شريعة جدّه لا يعمل بها ، فخرج ليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، ولا مجال هنا للتقيّة ، لأنّ الحفاظ على الدين والمذهب أهمّ من الحفاظ على النفس.

أمّا إذا كان بالخروج إزهاق لأرواح كثير من المؤمنين ، دون أن توجد هناك فائدة أعظم للدين والمذهب ، يتوقّف عندها علماء المذهب في الخروج على الظالمين.

٥٨٥

س ٢٦ : لماذا لم يعمل الإمامية بمبدأ القيام والخروج على الظالمين قبل الخميني طيلة مئات السنين؟!

ج ٢٦ : قد عمل الكثير من علماء المذهب بنفس المنهج الذي سار عليه الإمام الخميني ، لكن الفرق أنّهم لم يستطيعوا التوصّل إلى النتيجة التي وفّق إليها الإمام الخميني.

س ٢٧ : ما الفرق بين نظرية ولاية الفقيه عند الإمامية ، وبين الإمامة عند الزيديّة؟

ج ٢٧ : إنّ الإجابة على هذا السؤال تعود إلى الأُصول الاعتقادية عند الفريقين ، فلاحظ أنّ الإمامية القائلين بمبدأ ولاية الفقيه المطلقة أو المقيّدة ، لا يخرجون ويرفعون الفقيه من مجتهد إلى إمام.

وإذا قلت : أنّ أئمّة الزيديّة أيضاً مجتهدون ، فلا يبقى بينها سوى أنّ المجتهد الإمامي يستنبط من الأدلّة الشرعيّة التي قرّرها الله تعالى ، والمجتهد الزيديّ كالمجتهد من أهل العامّة ، يستنبط من أدلّة اختارها هو ، بعضها من دون دليل ، واتبع فيها هواه!

س ٢٨ : هل ولي الفقيه حجّة على العباد أم لا؟! إن لم يكن حجّة ، فما الحكمة من نصبه؟!

ج ٢٨ : الولي الفقيه حجّة على من يعتقد بولاية الفقيه ، وهذه مسألة فقهيّة لا تأتي النوبة إليها إلاّ بعد الفراغ عن الأُصول ، فهل أقررت بأُصول الإمامية حتّى نتناقش في فروعهم!!

س ٢٩ : أين كانت نظرية ولاية الفقيه ألفا ومائتي سنة؟

ج ٢٩ : ولاية الفقيه موجودة عند جميع العلماء ، إلاّ أنّ هناك خلافاً في حدود تلك الولاية ، فقسم من الفقهاء يرى أنّها عامّة ، وقسم يرى أنّها خاصّة ، والأبحاث فيها قديمة ، راجع ذلك في كتب الفقه.

س ٣٠ : هل مناصرة الإمام الخميني واجبة أم لا؟! إن قلتم : نعم ، فكيف

٥٨٦

يجب علينا مناصرة غير الإمام المنصوص عليه ، ولما لم توجبوا ذلك في حقّ أئمّة الزيديّة؟!

ج ٣٠ : واجبة على مقلّديه ومن يعتقد بولاية الفقيه ، أمّا بالنسبة لأئمّة الزيديّة فليس الواجب علينا إطاعتهم ما داموا ليسوا على الحقّ عندنا ، وهي مسألة ترجع إلى الأُصول.

س ٣١ : إن كانت ولاية الفقيه من الغائب ، فمتى التقى الغائب بالإمام الخميني حتّى يعطيه هذه الولاية ، وما هو الدليل القطعي على ذلك؟!

ج ٣١ : الإمام الغائبعليه‌السلام لم ينصّب مجتهداً بعينه للتقليد ، وإنّما أعطى الشروط ، وكذا لولي الفقيه شروط عند القائلين بها ، وليس هو منصب لشخص بعينه ، وولي الفقيه يقوم مقام الإمامعليه‌السلام لحين ظهورهعليه‌السلام .

س ٣٢ : ما هو الفرق إذاً بين تولّي الإمام الخميني لإعمال الإمامة ، وبين تولّي أئمّة الزيديّة لذلك؟ ولماذا تعيبون عليهم جعل الإمامة في غير المعصوم المنصوص عليه من الله بالذات؟!

ج ٣٢ : الفرق بين الولي الفقيه والإمام الزيديّ ، هو أنّ الفقيه الشيعيّ لا يدّعي الإمامة لنفسه من الله ، ويعتقد أنّ الإمام الأعظم منصَّب من الله تعالى بالنصّ ، فهو تابع للأئمّةعليهم‌السلام ، ولا يعتقدون بأنّهم خلفاء الله في الأرض ، بل هم نوّاب عن الإمام ، وذلك مؤقت وسدٌّ للفراغ ، فإنّ ظهر الإمام المعصوم سلّم له زمام الأمر ، وكان من أتباعه وخدّامه ، فقد قال تعالى عن الإمامة العظمى :( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ) (١) .

س ٣٣ : جاء في الأحاديث : أنّ أنصار الإمام المهديّعليه‌السلام هم أهل اليمن ، وأهل خراسان ، وأنّ الراية اليمانية هي أهدى الرايات ، فما سبب أفضلية الراية اليمانية؟ هل لأنّهم زيدية؟ أم لأنّهم سيصبحون اثني عشرية؟!

إذا كان لأنّهم سيصبحون اثني عشرية ؛ فمن سيهديهم إلى الاثني عشرية؟

____________

١ ـ البقرة : ٣٠.

٥٨٧

هل هم أصحاب الراية الخراسانية أم غيرهم؟!

ج ٣٣ : إنّ أحاديث الظهور وعلاماته تذكر خروج اليماني ، واليمن فيها من كلّ فرقة وطائفة ، فهل تجزم أنّه سيكون زيدياً؟ وكذلك فإنّ اليماني يدعو ويمهّد للإمام المهديّ ـ بنصّ الأحاديث ـ ولا يدعو لنفسه ، كما قالعليه‌السلام ، وليس في الرايات راية أهدى من راية اليماني هي راية هدى ، لأنّه يدعو إلى صاحبكم ، وهذا خلاف عقيدتكم.

وقد يكون اليماني هو الذي يدعو أهل اليمن للاثني عشرية ، وخصوصاً عندما يوصف في الأحاديث بأنّه يحمل راية هدى ، ويدعو للإمام المهديّ وينصره ، وكذلك تحذّر الأحاديث من التأويل وعدم نصرته ، لأنّه خلاف مذهب الناس ، هناك فقالعليه‌السلام : (وإذا خرج اليماني فانهض إليه ، فإنّ رايته راية هدى ، ولا يحلّ لمسلم أن يلتوي عليه ، فمن فعل ذلك فهو من أهل النار ، لأنّه يدعو إلى الحقّ وإلى طريق مستقيم )(١) .

ومن المعلوم : أنّ الحقّ المدّعى في رواياتنا هو مذهب أهل البيتعليهم‌السلام ، وقد يتغيّر أهل اليمن ، وكما هو واضح الآن انتشار التشيّع لديهم شيئاً فشيئاً ، والله العالم بالغيب.

س ٣٤ : هل الإيمان بالإمامة عندكم ضرورة دينية لاكتمال وصحّة الدين الإسلاميّ أم لا؟!

ج ٣٤ : نعم ، وجوب الإيمان بالإمامة ضرورة دينية لاكتمال وصحّة الدين ، كما قال تعالى لنبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله :( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) (٢) .

فهذا الأمر العظيم المكمّل للدين ، وهذا التهديد بعدم الإكمال لولا وجود هذا الأمر وتبليغه ، يدلّ على عدم كمال الدين من دونه ، وخصوصاً أنّ هذه

____________

١ ـ الغيبة للنعماني : ٢٥٦.

٢ ـ المائدة : ٦٧.

٥٨٨

الآيات الكريمة تمثّل آخر ما نزل من القرآن الكريم على خاتم النبيّينصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كذلك نزول آية إكمال الدين بعدها يبيّن أهمّية الإمامة وضرورتها ، قال تعالى :( أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) (١) .

وكذلك ما دلّت عليه الأحاديث الشريفة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : (من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية )(٢) ، وقوله : (من مات وليس عليه إمام مات ميتة جاهلية )(٣) ، وقوله : (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية )(٤) .

والأئمّة الذين أمرنا النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بمبايعتهم وطاعتهم المطلقة ، هم خلفاء الله المعصومون الراشدون المهديّون ، وهم اثنا عشر ، كما قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : (لا يزال الدين قائماً حتّى تقوم الساعة ، أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة ، كلّهم من قريش )(٥) .

وروى أحمد في مسنده ، وحسّنه ابن حجر في فتح الباري ، عن ابن مسعود قال : ولقد سألنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : (اثنا عشر كعدّة نقباء بني إسرائيل )(٦) .

ومذهبكم قطعاً يخالف هذا الحديث العظيم ، الذي حار فيه كلّ مخالف للإمامية ، فأهل السنّة لم يجدوا اثني عشر إماماً عادلاً ، حتّى يطبّقوا هذا الحديث ، وكذلك اختلفوا في تسميتهم ، وأنتم لديكم أكثر من هذا العدد

____________

١ ـ المائدة : ٣.

٢ ـ صحيح مسلم ٦ / ٢٢ ، كتاب السنّة : ٤٨٩ ، المعجم الكبير ١٩ / ٣٣٥ ، المجموع ١٩ / ١٩٠ ، المحلّى ١ / ٤٦ و ٩ / ٣٥٩ ، نيل الأوطار ٧ / ٣٥٦ ، كنز العمّال ٦ / ٥٢.

٣ ـ كتاب السنّة : ٤٨٩ ، مجمع الزوائد ٥ / ٢٢٥ ، مسند أبي يعلى ١٣ / ٣٦٦ ، المعجم الأوسط ٦ / ٧٠.

٤ ـ شرح المقاصد ٢ / ٢٧٥.

٥ ـ صحيح مسلم ٦ / ٤ ، الآحاد والمثاني ٣ / ١٢٨ ، مسند أبي يعلى ١٣ / ٤٥٦.

٦ ـ مسند أحمد ١ / ٣٩٨ ، فتح الباري ١٣ / ١٨٣.

٥٨٩

قطعاً ، فلم ينطبق هذا الحديث على غير مذهب الاثني عشرية ، ولله الحمد والمنّة.

س ٣٥ : تصرّح بعض الآيات القرآنيّة بصفات التفضيل ، ويتّضح بجلاء عدم انطباقها على بعض أئمّة الاثني عشرية ، كقوله تعالى :( فَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً ) (١) ، وكقوله تعالى :( وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا ) (٢) ، ما قولكم؟

هل هناك آيات مثيلة ـ أي مصرّحة بصفات تفضيل ـ تذكر صفات يمكن انطباقها على جميع أئمّة الاثني عشرية ؛ وخاصّة من هم موضع خلاف مع الزيديّة ، وما هي؟!

ج ٣٥ : هذا التفاضل صحيح لولا أنّه أجنبي عن الموضوع ، فالإمامة لدينا خلافة الله في الأرض ، والله سبحانه يجعل وينصّب خليفة عنه وباختياره وبتفضيله ، قال تعالى :( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ) (٣) ، وقوله تعالى :( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُم مَّن صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا ) (٤) .

وقال تعالى :( وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاء وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) (٥) .

فهذا التفضيل بين الناس إذا تساووا في المرتبة ، وليس بين جمهورهم والإمام ،

____________

١ ـ النساء : ٩٥.

٢ ـ النساء : ٩٥.

٣ ـ القصص : ٦٨.

٤ ـ النساء : ٥٤.

٥ ـ البقرة : ٢٤٧.

٥٩٠

فإنّ الإمامة مرتبة لا تدانيها مرتبة أُخرى.

والإمام لا يقعد حين يجب القيام ، وكذا لا يقوم حيث يجب القعود ، ولا ينفع القيام بل قد يضرّ.

س ٣٦ : ما حكم خروج أفاضل وأعلام أهل البيتعليهم‌السلام من أئمّة الزيديّة وشيعتهم عند الإمامية؟ كالإمام الأعظم الشهيد زيد بن علي ، وابنه الإمام يحيى ، والأئمّة الأخوة محمّد وإبراهيم وإدريس ويحيى أبناء عبد الله الكامل بن الحسن بن الإمام الحسن بن الإمام علي ، وكالإمام الحسين بن علي الفخ ، والإمام القاسم الرسي ، وحفيده الإمام الهادي وغيرهمعليهم‌السلام ؟!

هل هم بغاة على الأئمّة الاثني عشر؟! أم أنّهم جهلوا النصّ على الاثني عشر؟! أم أنّ خروجهم كان دعوة إلى الاثني عشر؟!

ج ٣٦ : كان خروجهم على الظلم ، وكان أمراً بالمعروف ، ونهياً عن المنكر ، وكان مباركاً ومأذوناً من قبل الأئمّةعليهم‌السلام ، وحاشاهم من البغي أو الدعوة لأنفسهم ، ولو ظفروا لوفوا للأئمّةعليهم‌السلام ، كما وصفوهم ومدحوهمعليهم‌السلام ، وكذلك صرّحوا بسعادتهم وأجرهم وشهادتهم.

وكانوا يعتقدون بأئمّتناعليهم‌السلام ، وروى يحيى بن زيد عن أبيه الطاهر : ( أنّ الأئمّة اثنا عشر ، وسمّاهم بأسمائهم ، وقال : إنّه عهد معهود عهد إلينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (١) .

هذا في بعض من ذكرت ، وأمّا البعض الأُخر ، فمنهم من نتوقّف فيهم لا نعلم حقيقتهم ، ومنهم من دعا إلى نفسه لا إلى إمام زمانه.

س ٣٧ : فما معنى الأحاديث المجمع عليها ، التي وردت في كتبكم ـ كالغدير للأميني ـ والتي جاءت في مدح أئمّة الزيديّة ، والثناء عليهم من النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والدعاء على قاتلهم ، والبكاء عليهم عند إعلام الوحي له بقتل أحد منهم؟

ج ٣٧ : لو قرأت الغدير جيّداً ، وكذلك النصّ والاجتهاد ، وغيرها من كتب

____________

١ ـ النصّ والاجتهاد : ٥٣١.

٥٩١

الرجال والتراجم ، لرأيت جزم المؤلّفين بتشيّع هؤلاء الرجال العظام ، وغيرهم من عظماء وشهداء وعلماء أهل البيت للأئمّة الاثني عشرعليهم‌السلام ، ولأئمّة زمانهم ، كعبد الله بن عباس ، والشهيد زيد بن علي ، وابنه يحيى ، وعبد الله بن الحسن المحض ، وغيرهم.

والقاعدة هي تشيّعهم ، وعدم الدعوة لأنفسهم ، وإنّما كانوا يدعون إلى الرضا من آل محمّد ، ولو ظفروا لوفوا كما وصف الإمام الصادقعليه‌السلام عمّه الشهيد زيد بن علي ، وترحّم عليهم ، وقال في وصفهم أيضاً : (أنّهم نالوا الأجر والسعادة ) ، وبكى عليهم ، وغير ذلك من دلالات الوفاق والتأييد ، وتأدية الواجب والمطالبة بحقّ الأئمّةعليهم‌السلام .

س ٣٨ : هل أئمّة الزيديّة وشيعتهم معذورون بخروجهم على الظلم أم لا؟

ج ٣٨ : نعم معذورون بل مأجورون ، وبنصّ أئمّتناعليهم‌السلام ، بل كانوا مأذونين من قبل الأئمّةعليهم‌السلام ، ولكن ليس كلّ أئمّة الزيديّة ، الذين تعتقدون بهم أنتم ، والباقون وأن كان الزيديّة يعدّونهم في أئمّتهم ، كزيد ويحيى وغيرهما ، ولكنّا لا نعدهم زيدية بل إمامية.

س ٣٩ : إن كان خروج أئمّة الزيديّة للدعوة للاثني عشر ، فما هو الدليل القطعي على ذلك من الروايات التاريخيّة؟ التي تثبت التنسيق بين الأئمّة الزيديّة مع الأئمّة الاثني عشر؟

لماذا لم يقل ذلك ويعترف به ، ويسلّم به الإمام الأعظم الشهيد الولي بن الولي زيد بن عليعليه‌السلام للروافض؟ الذين رفضوه محتجّين بإمامة جعفر الصادق عليه‌السلام ؛ مع أنّ موقفه كان موقف الحريص على الفرد الواحد ولو بإرضائه تقيّة ؛ فكيف بالصدق والحقّ؟!

ج ٣٩ : من أين لكم هذه الأكاذيب؟ بأنّ الشيعة رفضوا زيداً وناهضوه ، إلاّ إذا صدّقتم ما في كتب أعدائهم!! بل على العكس من ذلك ، فقد نصروه وقاتلوا معه ولم يخالفوه ، وهم كانوا في نفس الوقت يعتقدون بإمامة الإمام الصادقعليه‌السلام ، وعدم قتال جميع الشيعة لا يدلّ على إثمهم ورفضهم له ، بل

٥٩٢

حصل ذلك مع الحسينعليه‌السلام عندما نصحه بعض أهل البيت بعدم الخروج ، كابن عباس ، ومحمّد بن الحنفيّة ، وغيرهما.

وعدم خروج جميع أهل البيت ، أو جميع الشيعة معه ، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب كفائي ، إذا قام به البعض سقط عن الباقين ، وليس هو كالجهاد الدفاعي ، الذي يجب على كلّ مسلم حتّى المريض والمعذور ، والمرأة والطفل.

وأصحاب الأئمّةعليهم‌السلام لم يكونوا يعتقدون بزيد بأنّه إمام واجب الطاعة ، فلاحظ!! ومع ذلك فإنّ بعض أصحاب الأئمّة طلب ـ أي الإمام المعصومعليه‌السلام ـ في الخروج مع زيد.

ثمّ متى كنتم تعتقدون بإمامة زين العابدين؟ حتّى تقول عن زيد بن علي : الولي بن الولي!! وإذا قلت : أنّه من باب الإلزام ، فنقول لك : إنّا لا نعتقد بأنّ زيدعليه‌السلام إمام ، وإن كنّا نعتقد بأنّ السجّادعليه‌السلام إمام.

س ٤٠ : البداء إنّما وضع حلاً لموت إسماعيل ـ قبل أبيه ـ الذي اعتقدوا إمامته فترة من الزمن ، عملاً بنظرية أنّ الإمامة في الكبير من أولاد الإمام السابق.

ج ٤٠ : ثبوت مسألة البداء كعقيدة إسلامية يكفي في الدلالة عليها ما يلي :

١ ـ قوله تعالى :( يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) (١) .

٢ ـ قوله تعالى :( كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ) (٢) .

٣ ـ قوله تعالى :( لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ) (٣) .

وكذلك ما ورد في آثار الدعاء وفلسفته في تغيير القدر ، أو الصدقة التي تدفع ميتة السوء ، أو صلة الرحم التي تطيل العمر ، وهذه كلّها مسلّمات عند جميع المسلمين ، وهي من البداء.

____________

١ ـ الرعد : ٣٩.

٢ ـ الرحمن : ٢٩.

٣ ـ الطلاق : ١.

٥٩٣

وكذلك ورد لفظ البداء في صحيح البخاريّ عن أبي هريرة قال : أنّه سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : (إنّ ثلاثة في بني إسرائيل أبرص وأعمى وأقرع بدا لله عزّ وجلّ أن يبتليهم ، فبعث إليهم ملكاً )(١) ، وهناك أحاديث كثيرة بهذا اللفظ ، أو بمعنى البداء.

س ٤١ : حصر الإمامة في اثني عشر ، وضع حلاً لانعدام ذرّية الإمام الحادي عشر عندكم.

ج ٤١ : ثبت ذلك في كتب السنّة قبل وفاة الإمام العسكريّعليه‌السلام ، فروى حديث الأئمّة الاثني عشر ، كلّ من أحمد بن حنبل(٢) ، والبخاريّ(٣) ، ومسلم(٤) ، وكلّ هؤلاء ألّفوا كتبهم قبل وفاة الإمام الحسن العسكريّعليه‌السلام .

حتّى قال ابن كثير في البداية والنهاية ، بعدما نقل من التوراة أنّ الله بشّر إبراهيم بإسماعيل ، وإنّه ينمّيه ويكثّره ، ويجعل من ذرّيته اثني عشر عظيماً ، ونقل عن شيخه ابن تيمية ، أنّه قال : ( وهؤلاء المبشّر بهم في حديث جابر بن سمرة ، وقرّر أنّهم يكونون مفرقين في الأُمّة ، ولا تقوم الساعة حتّى يوجدوا ، وغلط كثير ممّن تشرف بالإسلام من اليهود ، فظنّوا أنّهم الذين تدعو إليهم فرقة الرافضة فاتبعوهم )(٥) .

وكلّ ذلك يا أخي ، يدلّ على وجود النصّ على الأئمّة الاثني عشر حتّى في الأديان السابقة ، ناهيك عن كتب المسلمين المتقدّمين منهم والمتأخّرين ، فهي من الأُمور المتسالمة.

س ٤٢ : جاء في نهج البلاغة ذكر صفات هامّة لإمام المسلمين ، من ذلك :

____________

١ ـ صحيح البخاريّ ٤ / ١٤٦.

٢ ـ مسند أحمد ١ / ٣٩٨ و ٥ / ٨٦ و ٩٠ و ٩٥ و ١٠١ و ١٠٧.

٣ ـ صحيح البخاريّ ٨ / ١٢٧.

٤ ـ صحيح مسلم ٦ / ٣.

٥ ـ البداية والنهاية ٦ / ٢٨٠.

٥٩٤

١ ـ قال الإمام علي عليه‌السلام حين جمع الناس وحثّهم على الجهاد ، فتكاسلوا وتحجّجوا بعدم خروجهم معه ، فقالوا : إن تخرج نخرج ، فقال كلاماً منه : ( أفي مثل هذا ينبغي لي أن أخرج! وإنّما يخرج في مثل هذا رجل ، ممّن أرضاه من شجعانكم ، وذوي بأسكم ، ولا ينبغي لي أن أدع الجند والمصر وبيت المال وجباية الأرض ، والقضاء بين المسلمين ، والنظر في حقوق المطالبين ، ثمّ أخرج في كتيبة أتبع أخرى ) (١) .

٢ ـ قال عليه‌السلام في تبيين سبب مطالبته بالإمامة بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( اللهم إنّك تعلم أنّه لم يكن الذي كان منّا منافسة في سلطان ، ولا التماس شيء من فضول الحطام ، ولكن لنرد المعالم من دينك ، ونظهر الإصلاح في بلادك ، فيأمن المظلومون من عبادك ، وتقام المعطّلة من حدودك )(٢) .

يبيّن فيها سبب طلبه للحكم ، ويصف الإمام الحقّ.

٣ ـ قالعليه‌السلام : ( إنّه ليس على الإمام إلاّ ما حمل من أمر ربّه : الإبلاغ في الموعظة ، والاجتهاد في النصيحة ، والإحياء للسنّة ، وإقامة الحدود على مستحقيها ، وإصدار السهمان على أهلها ) (٣) .

في بعض صفات الرسول الكريم ، وتهديد بني أُمية وعظة الناس.

فقد ذكرعليه‌السلام في الكلمة الأُولى بعضاً من أهمّ أعمال الإمام ، وهي أنّه لا ينبغي للإمام ترك الجند والمصر ، وبيت المال وجباية الأرض ، والقضاء بين المسلمين ، والنظر في حقوق المطالبين ، رغم وجاهة السبب وهو الخروج للجهاد.

كما ذكرعليه‌السلام في الكلمة الثانية أعمالاً هامّة أُخرى للإمام ، وهي ردّ المعالم من الدين ، وإظهار الإصلاح في بلاد ربّ العالمين ، وتأمين المظلومين ، وإقامة المعطّل من حدود أحكم الحاكمين.

____________

١ ـ شرح نهج البلاغة ٧ / ٢٨٥.

٢ ـ المصدر السابق ٨ / ٢٦٣.

٣ ـ المصدر السابق ٧ / ١٦٧.

٥٩٥

كما ذكرعليه‌السلام في الكلمة الثالثة أعمالاً أُخرى للإمام ، وهي : الإبلاغ في الموعظة ، والاجتهاد في النصيحة ، والإحياء للسنّة ، وإقامة الحدود على مستحقّيها ، وإصدار السهمان على أهلها ، ومن المعلوم أنّ اشتراط الإمام عليعليه‌السلام في الإمام القيام بتلك الأعمال هو معنى ما تشترطه الزيديّة في الإمام ، من الدعوة والقيام بأمر الإمامة.

كما أنّه من المعلوم : أنّ غائب الاثني عشرية لا يقوم بشيء من تلك الأعمال ، ولا يفعل شيئاً من تلك المهام ؛ فهو تارك للجند والمصر ، وبيت المال ، وجباية الأرض ، والقضاء بين المسلمين ، والنظر في حقوق المطالبين ، كما أنّه لا يردُّ المعالم من الدين ، ولا يظهر الإصلاح في بلاد المسلمين ، ولا يؤمن المظلومين ، ولا يقيم حدود دين ربّ العالمين ، وكذلك لا ينطبق عليه ما اشترطه الإمام عليعليه‌السلام في الإمام ، من الإبلاغ في الموعظة ، والاجتهاد في النصيحة ، والإحياء للسنّة ، وإقامة الحدود على مستحقّيها ، وإصدار السهمان على أهلها ؛ فهو لا يبلغ في الموعظة ولا ينصح ، ولا يحيي السنّة ولا يقيم الحدود ، ولا يصدر السهمان على أهلها ، أليس في عدم اتصاف غائب الاثني عشرية بتلك الصفات والأعمال نقض لمشروعية الغيبة؟

وكيف ستجمعون بين كلام الإمام عليعليه‌السلام وبين عدم اتصاف غائب الاثني عشرية بهذه الصفات الإمامية الهامّة؟ وعدم قيامه بشريف تلك الأعمال السامية.

ج ٤٢ : المواصفات التي ذكرها أمير المؤمنينعليه‌السلام واضحة ، لمن كان من الأئمّةعليهم‌السلام متقلّداً للإمامة ظاهراً.

فإنّ الإمام عليعليه‌السلام هو نفسه لم يفعل كلّ ذلك أو أغلبه ، لما أبعد عن مقامه في بداية الخلافة ، وكذلك في زمانه لم يستطع فعل الكثير من السنن ، أو النهي عن الكثير من البدع ، وكذلك أنّه لم يُطع إلاّ قليلاً ، وقد حورب وكفّر ، ولم يُسمع رأيه.

فالإمامة التي تصلح الأُمّة بها ، لا تكون فيها المصلحة الكاملة حتّى تكون في وقتها وبشروطها ، فلمّا ترك المسلمون ذلك بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ضلّوا واختلفوا ،

٥٩٦

ولم يوفّقوا لثمرة الإمامة إلاّ بالنزر اليسير.

فالأئمّةعليهم‌السلام لم يتقلّدوا الإمامة إلاّ في زمان أمير المؤمنين ، وهي خمسُ سنوات وستّة أشهر ، وللإمام الحسن ، وجرى في جُلِّ هذه المدّة البسيطة من حربهم ومخالفتهم حتّى انقضت.

وكذلك عصر الغيبة لا يختلف عمّا سبق ، إلاّ بعدم ظهور الإمام ، وقد حصل السجن أو القعود في البيت لكثير من الأئمّة قبله ، والفرق هنا هو طول مدّة الغيبة ، وعدم مشاركة الناس الظاهرة ، أو وجود آرائه ، أو المشاركة في شيء من الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر ، أو نشر العلم أو غير ذلك ظاهراً مشهوراً بين الناس معروفاً ، وإن كان الكثير منه معروفاً لدى القليل منهم ، وليس ذلك أمراً غريباً بعدما رفضوا من قبل المسلمين ، ولم يعملوا بوصية رسول ربّ العالمين.

ثمّ أورد عليك نقضاً بغياب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاثة أيّام في الغار ، فما تقول هنا نقول هناك؟

س ٤٣ : قال الإمام علي عليه‌السلام : ( وقد علمتم أنّه لا ينبغي أن يكون الوالي على الفروج والدماء ، والمغانم والأحكام ، وإمامة المسلمين البخيل فتكون في أموالهم نهمته ، ولا الجاهل فيضلّهم بجهله ، ولا الجافي فيقطعهم بجفائه ، ولا الحائف للدول فيتخذ قوماً دون قوم ، ولا المرتشي في الحكم فيذهب بالحقوق ، ويقف بها دون المقاطع ، لا المعطّل للسنّة فيهلك الأُمّة )(١) .

يبيّن فيها سبب طلبه للحكم ، ويصف الإمام الحقّ.

إذا كانت الإمامة محدّدة بالنصّ على أسماء أشخاص معينيّن كما تقولون ، وليست كما تقول الزيديّة من أنّها بالشروط والصفات ؛ فلماذا لم يقل الإمام عليعليه‌السلام أنّه لا ينبغي أن يكون الوالي على الفروج والدماء والمغانم والأحكام وإمامة المسلمين ـ غير الأئمّة الاثني عشر ـ وإنّما عيّن الأئمّة بذكر صفات كما

٥٩٧

هو مذهب الزيديّة من تحديد الإمامة بالصفات والشروط؟

ج ٤٣ : الإمام هنا يبيّن صفاته وواجباته بعد ثبوت إمامته وولايته للأمر ، أي أنّه يبيّن صفات الإمام الواقعية ، أمّا إذا اغتصب آخر للخلافة ، وجعلها ملكاً عضوضاً ، أو ملكاً جبرياً ، أو دون نصّ من الله أو رسوله ، فلا يقصد الإمام وصفه بذلك واقعاً وشرعاً كما بيّنا سابقاً.

وقد بيّن الإمامعليه‌السلام حقّه والنصّ عليه ، كما يروي أحمد في مسنده(٢) وغيره ، من أنّه أشهد الصحابة على نصّ حديث الغدير في رحبة الكوفة ، ودعا على من لم يشهد له بعد أن كان خليفة عليهم وباختيارهم ، وكانوا قد بايعوه واتفقوا على خلافته ، فلماذا يستشهد ويستدلّ بحديث الغدير؟ ويظهر النصّ عليه من قبل الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله .

س ٤٤ : قال عليه‌السلام لعثمان بن عفّان : ( فاعلم أنّ أفضل عباد الله عند الله إمام عادل ، هُدِي وهَدَى ، فأقام سنّة معلومة ، وأمات بدعة مجهولة ، وإنّ السنن لنيرة لها أعلام ، وإن البدع لظاهرة لها أعلام ، وإنّ شرّ الناس عند الله إمام جائر ، ضَلَّ وضُلَّ به ، فأمات سنّة مأخوذة ، وأحيا بدعة متروكة ، وإنّي سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : يؤتى يوم القيامة بالإمام الجائر ، وليس معه نصير ولا عاذر ، فيلقى في نار جهنّم ، فيدور فيها كما تدور الرحى ، ثمّ يرتبط في قعرها )(١) .

قالها حينما اجتمع إليه الناس شاكين عثمان ، وطلبوا منه مخاطبته ونصحه.

قسّم الإمام عليعليه‌السلام في هذه الكلمة أصحاب الإمامة إلى عادل مهدي ، مقيم للسنّة ، ومميت للبدعة ، وإلى جائر ضالّ ، مميت للسنّة ، ومحيي للبدعة ، فإذا كانت الإمامة منحصرة في اثني عشر كما تقولون ، فسيكون معنى تقسيم الإمام عليه‌السلام أنّ الإمام الجائر الضالّ المميت للسنّة ، والمحيي للبدعة ، إنّما

____________

١ ـ المصدر السابق ٨ / ٢٦٣.

٢ ـ مسند أحمد ١ / ٨٤ و ١١٨ و ٤ / ٣٧٠.

٥٩٨

هو من أُولئك الاثني عشر ، فما تعليقكم؟

وأخيراً : نسأل الله أن يوفّقنا جميعاً لمرضاته ، ويهدينا للمستقيم من صراطه ، ويجنبنا الشكّ في دينه ، والإلحاد عن سبيله ، والضلال عن ما ارتضاه منهجاً لجميع عبيده ، آمين اللهمّ آمين.

ج ٤٤ : نقول يرد ذلك عليكم أيضاً ، فإنّكم لا تؤمنون بأئمّة الجور أيضاً.

بالإضافة إلى ذلك نقول : أنّ الإمامعليه‌السلام هنا ليس في صدد قبول إمامة الإمام العادل ، والإمام الجائر ، وشرعيّة إمامتهم ، ولكنّه يتكلّم عن الواقع الحاصل في الخارج ، وذلك لبيان حاجة الناس للإمام ، سواء كان إماماً شرعيّاً ، أو غاصباً غير شرعيّ.

وعندنا قامت الأدلّة كافّة على شرعيّة اثني عشر إماماً فقط ، منذ وفاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى قيام المهديّعليه‌السلام وظهوره ، وقيام دولة الحقّ في الأرض ، وإقرار عيون المؤمنين ، وكذلك شرعيّة نُوّابهم الخاصّين والعامّين إلى قيام يوم الدين.

وفي الختام : نسأل لك الموفّقية والهداية لمذهب أهل البيتعليهم‌السلام ، فإنّه والله السعادة في الدنيا والآخرة.

( أحمد محمّد ـ مصر ـ ٢٢ سنة ـ بكالوريوس في الهندسة الطبية )

رأي زيد في أبي بكر وعمر :

س : ما رأيكم في رأي الإمام زيد في أبي بكر وعمر؟ وهل كان حقّاً مقرّاً بخلافتهم؟ وإن كان ذلك صحيحاً فما تفسير ذلك؟ وإن كان خاطئاً ، فكيف شاع هذا الرأي عنه؟ وشكراً جزيلاً لسعة صدركم.

ج : إنّ زيد بن الإمام زين العابدينعليه‌السلام كان جليل القدر ، عظيم الشأن ، كبير المنزلة ، رأيه في أبي بكر وعمر رأي أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام ، من أنّهما غصبا الخلافة من الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام وهو أحقّ بها ، وما ورد ممّا يوهم خلاف ذلك ، فهو أمّا مطروح ، أو محمول على التقيّة.

____________

١ ـ المصدر السابق ٩ / ٢٦١.

٥٩٩

ويؤيّد هذا ما جاء في كتب القوم ، من أنّ أتباع زيد سألوه عن رأيه في أبي بكر وعمر ، وعن مطالبته بدم أهل البيت ، فقال : ( إنّا كنّا أحقّ بسلطان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من الناس أجمعين ، وإنّ القوم استأثروا علينا ، ودفعونا عنه )(١) .

فهذه الرواية تنصّ بصراحة ، ولا تقبل التأويل والجدل ، على أنّ زيداً كان يرى أنّ القوم قد اغتصبوهم حقّهم ، واستأثروا به عليهم ، وهي لا تتّفق مع الشائع عنه على ألسنة بعض الكتّاب.

( يعقوب الشمّري ـ اسكتلندا ـ ١٨ سنة ـ طالب )

ما صدر عن زيد حول الشيخين :

س : هل صحيح أنّ زيد بن علي كان يتولّى الشيخين؟

ج : نُسب إلى زيد كلمات وأقوال في هذا المجال ، لا طريق لنا لإثبات صحّتها ، لأنّها وردت في بعض كتب التاريخ والسير بدون سند ، أو بسند ضعيف؛ مضافاً إلى معارضتها مع ما ورد عندنا من تصريح زيد بالبراءة منهما(٢) .

نعم ، قد يكون صدر منه بعض العبارات إمّا تقيّة ، ولحقن الدماء ، وتوحيد صفوف جبهة المعارضة ضدّ بني أُمية ، وإمّا أنّ هذه الكلمات صدرت بنحو التورية في الكلام ، كما ينسب إليه أنّه سئل عنهما فأجاب بأنّهما : إمامان عادلان ، فكان يقصد العدول عن الحقّ ، ولو أنّه يوهم خلاف ذلك.

____________

١ ـ تاريخ الأُمم والملوك ٥ / ٤٩٨ ، البداية والنهاية ٩ / ٣٦١.

٢ ـ بحار الأنوار ٤٦ / ٢٠١.

٦٠٠