موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٤

موسوعة الأسئلة العقائديّة10%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-04-1
الصفحات: 585

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 585 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 253217 / تحميل: 6998
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٤

مؤلف:
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠٤-١
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

٨ ـ طليحة بن خويلد ، ارتدّ بعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وادّعى النبوّة(١) ، وقتل هو وأخوه بعض الصحابة ، فكيف تترضى عليه؟!

٩ ـ عمرو بن العاص ، قد ورد بإسناد صحيح أنّ الإمام الحسنعليه‌السلام شهد بأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لعنه ، وقد كان يسبّ علياًعليه‌السلام ، فكيف تترضى على من لعنه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟!

هذه غيض من فيض الصحابة ، الذين يطهر اللسان عن ذكرهم فضلاً عن الترضّي عليهم ، فبأيّ حقّ يقال باستحباب الترضّي على جميع الصحابة ، روايات أُموية أظهرت لنا عموم الصحابة بمظهر ملائكي!!

وماذا يفعل لحديث الحوض المتواتر والمروي في صحيح مسلم والبخاري ، والذي فيه ارتداد الصحابة ، ولا يبقى منهم بدون ردّة إلاّ مثل همل النعم ، أي القليل جدّاً؟!

وليس بعيد على الدين الأموي أن يترضّى حتّى على إبليس وحزبه ، ويخالف صريح القرآن ، كالغزّالي الذي يمنع من لعن يزيد ، بل وحتّى الكافر إذا لم يتيقّن من موته على الكفر ، ويقول : ولا خطر في السكوت عن لعن إبليس(٢) !! أي لعن إبليس لعلّه فيه خطر ، لكن ترك لعنه لا خطر فيه!!

( منار أحمد ـ السعودية ـ ٢٦ سنة ـ طالب )

نكثوا البيعة :

س : ما هو الردّ على أهل السنّة؟ حيث يقولون : إنّ الله تعالى علم ما في قلوب المبايعين فأنزل السكينة عليهم وأثابهم.

____________

١ ـ السنن الكبرى للبيهقي ٨ / ١٧٥ ، فتح الباري ١٣ / ١٨٠ ، كنز العمّال ١٤ / ٥٥١ ، الثقات ٢ / ١٦٧ و ٣ / ٣٢١ ، تاريخ مدينة دمشق ٢٥ / ١٤٩.

٢ ـ إحياء علوم الدين ٣ / ١٨٦.

١٦١

قال تعالى : ( لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ ) ، ومن ضمن الذين بايعوا الرسول أبو بكر وعمر ، فالخطاب إذاً يشملهم بأنّهم مؤمنين ، ونزول السكينة عليهم.

ج : إنّ الآية الكريمة قيّدت رضوان الله ونزول السكينة على المؤمنين فحسب ، فقالت :( لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ) (١) .

ولو سلّمنا أنّ أبا بكر وعمر وعثمان كانوا من المؤمنين في تلك البيعة ، ولكن نقول : استمرارية بقاء رضوان الله تعالى على المبايع ، ونزول السكينة عليه ، مشروطة بأن لا ينكث البيعة ، ولا ينقض إيمانه ولا يرتدّ ، ويرجع عن الجادّة المحمّدية لقوله تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ الله يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ الله فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ) (٢) .

وعندنا نحن روايات بأنّ هؤلاء الثلاثة وآخرين من الصحابة ارتدوا بعد وفاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن الولاية والإمامة لعليعليه‌السلام ، ولم يعملوا بأوامر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ونواهيه ، وتراجعوا عن منهج الرسالة المحمّدية.

( حسن ـ السعودية ـ سنّي ـ ٢٧ سنة ـ طالب جامعة )

نبحث حولهم لضمان سلامة ديننا :

س : أشكرك أخي على ردّك عليّ ، ولكن ألا ترى أنّ الغوص في الصحابة والحكم عليهم ليس من شأننا نحن ، وحسابهم عند الله ، هو خالقهم وإليه يرجعون ، ولك منّي جزيل الشكر.

____________

١ ـ الفتح : ١٨.

٢ ـ الفتح : ١٠.

١٦٢

ج : نحن نتّفق معك تمام الاتفاق أنّ البحث في أمر لا يعني المسلم في شيء من أُمور دينه ودنياه هو مضيعة للوقت وهدر للطاقات ، ولكن المشكلة الأساسية في موضوع البحث عن واقع الصحابة ، وما كانوا عليه في حياة النبيّ الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله وبعده يرتبط ارتباطاً مباشراً بالكثير من القضايا التي تهمّ عقيدة المسلم ، وتفاصيل فروع دينه ، الأمر الذي يدفع للبحث والتنقيب في الموضوع بكُلّ جدّية.

وأنت تعلم علم اليقين أنّ رواة السنّة وأحاديث النبيّ الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله التي تمثّل العمود الفقري لديننا الحنيف ـ وهي المبيّنة للكتاب الكريم ـ هم من الصحابة ، والعقل والشرع يأمرنا أن لا نأخذ بكُلّ حديث يرويه أيّ كان من الناس عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إلاّ من كان ثقة مأموناً على نقل الخبر الصحيح إلى أهله ، وإلاّ لو قبلنا نقل أيّ كان من الناس لحديث النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى ولو كان فاسقاً ، بدون فحص وتمحيص فقد هلكنا وأهلكنا ، قال تعالى :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِين ) (١) .

وقد ثبت في القرآن الكريم(٢) ، وأيضاً في النقل الصحيح عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ كما في أحاديث الحوض وغيرها ـ أنّ هناك انحرافاً واضحاً وبيّناً قد حصل عند الصحابة عن الدين القويم ، الأمر الذي يدعونا للبحث والتنقيب في الموضوع بشكل موضوعي نستطيع فيه معرفة الغثّ من السمين في هذا الموضوع الحسّاس والمهمّ ، كي نضمن سلامة ديننا والتوقّف عن أخذ الدين عن كُلّ من هبّ ودبّ من الناس ، والذين لا يمكن الاطمئنان إليهم في نقل الشريعة المقدّسة إلى المسلمين ، وقد ورد عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله الحثّ والدعوة إلى التدقيق والتحقيق بما لا مزيد عليه.

____________

١ ـ الحجرات : ٦.

٢ ـ أُنظر : سورة التوبة : ١٠١ ـ ١٠٧.

١٦٣

فالبحث في موضوع الصحابة وشؤونهم لا يخدمنا إلاّ بما له علاقة بنقلهم لأحاديث النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتبيان حقيقة المؤمن من الفاسق ، أو المنافق منهم لأجل ذلك فقط ، إذ لا يستقيم جعل المنافقين والمؤمنين من الصحابة في عرض واحد ، وقد أخبر الله سبحانه بآية محكمة :( وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ ) (١) .

فالله سبحانه لا يريد في هذه الآية الحديث عن اليهود أو النصارى ، فأُولئك يُطلق عليهم الكفّار ، أو أهل الكتاب ، أو الحديث عن المشركين ، إنّما أراد الحديث عن المسلمين الذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر ، وهو معنى النفاق ، وهؤلاء كانوا من أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله .

( عيسى ـ الإمارات ـ ٢٦ سنة ـ طالب ثانوية )

كمال بعضهم نسبي لا مطلق :

س : قد يصادف الإنسان الموالي الكثير من الشبهات والردود حول مذهبه الحقّ ، ليس فقط من إخواننا أهل السنّة ، وإنّما من جميع المذاهب الإسلامية الأُخرى , فعند الخوض في الحديث عن الصحابة ، فأهل السنّة لا يرضون النقد والجرح على أيّ منهم ، بل في ميزان العدل والتجريح عندهم إن ثبتت رواية تقدح صحابياً أو آخر فيجب عليهم أن يخرجوها بأحسن تأويل , أي تفسيرها إلى ما يليق صحبتهم إلى الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وعدم انتقاصهم ونقدهم ، وذلك لآيات وروايات قد اتخذوها دليلاً على ذلك.

وبحمد الله علماء الإمامية قد أفحموهم بأدلّة ليس بعدها أدلّة ، إن كان من القرآن أو السنّة النبوية ، وحتّى الدليل العقلي الذي لا يقبل حجّتهم في هذا

____________

١ ـ التوبة : ١٠٠.

١٦٤

الموضوع ، ولكن تبقى مسألة وأتمنّى منكم بأنّ توضّحوها لنا , ألا وهي أنّ أهل السنّة يقولون : إنّكم تأخذون بعدالة عمّار بن ياسر ، وسلمان وأبي ذر وغيرهم من الصحابة من أمثالهم ، أليس ذلك اعترافاً منكم أنتم الشيعة على أنّهم وصلوا إلى درجة الكمال , حيث نحن نعرف بأنّ الكمال لله عزّ وجلّ؟ فما هو ردّكم على تلك الشبهة , ولكم فائق الاحترام والتقدير.

ج : تقول الشيعة ـ وذلك حسبما تمليه عليهم تعاليم الشريعة السمحاء المتمثّلة بالكتاب الكريم والسنّة الشريفة الصحيحة ـ بعدالة جمع من الصحابة ثبت أنّهم أطاعوا الله ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولم ينقلبوا على الأعقاب كما حصل للآخرين ، فهم كما ذكرت الصحابي الجليل عمّار بن ياسر الذي وصفه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بقوله : «عمّار ملئ إيماناً إلى مشاشه »(١) ، وسلمان الفارسي الذي قال عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «سلمان منّا أهل البيت »(٢) ، وأبا ذر الذي جاء في حقّه عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : «ما اظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء من رجل أصدق لهجة أصدق من أبي ذر »(٣) .

ولا يعني القول بعدالة هؤلاء الصحابة وأمثالهم أنّهم وصلوا إلى درجة الكمال المطلق ، فهذه المنزلة هي لله سبحانه وتعالى فقط ، ولا يصل إليها أحد من عباده أبداً من الأنبياء أو الملائكة فما دونهم ، وإنّما هناك كمال نسبي بين العباد أنفسهم ، أي أنّ الأنبياء أكمل من بقية العباد ، وبعض الصالحين أكمل من غيرهم ، وهكذا.

أمّا الكمال المطلق فهو من خصوصيات الخالق سبحان جلَّ شأنه ، وتكامل هؤلاء الصحابة إنّما هو تكامل نسبي بلحاظ كمال طاعتهم لله ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

____________

١ ـ الجامع الصغير ٢ / ١٧٨ ، فيض القدير ٤ / ٤٧٣ ، البداية والنهاية ٧ / ٣٤٥.

٢ ـ المستدرك ٣ / ٥٩٨ ، مجمع الزوائد ٦ / ١٣٠ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٧ / ٦١٦ ، المعجم الكبير ٦ / ٢١٣ ، الجامع الصغير ٢ / ٥٢.

٣ ـ مسند أحمد ٢ / ١٦٣ ، سنن ابن ماجة ١ / ٥٥ ، المستدرك ٣ / ٣٤٢ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٧ / ٥٢٦ ، الآحاد والمثاني ٢ / ٢٣١ ، صحيح ابن حبّان ١٦ / ٨٤ ، المعجم الأوسط ٥ / ٢٢٣.

١٦٥

( لقمان ـ السعودية ـ )

في بيعة الرضوان :

س : سلامي الكبير إلى من يخدم النبيّ الأكرم وأهل بيته في هذه الشبكة الكبيرة الجبّارة بمواضيعها.

أخواني لقد أرسلت لكم سؤال حول بيعة الرضوان أو آية الرضوان( لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ) وكان منهم أبو بكر وعلي وعثمان و... ، وأنا بصراحة محتاج إلى الإجابة ، ولكم منّي ألف تحية وشكر.

ج : آية الرضوان أو ما يعرف ببيعة الرضوان المشار إليها في قوله تعالى :( لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ) (١) فإنّ سبب البيعة هو وصول الخبر بمقتل عثمان بن عفّان من قبل المشركين ، بعد أن أرسله النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله مبعوثاً عنه إلى قريش ، فدعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى البيعة على قتال المشركين ، وقد نزلت هذه الآية في عام الحديبية لحصول الحادثة في ذلك الوقت.

وفي الآية المباركة قيود ، إذ هي لم تتضمّن إطلاق الرضا عنهم ، بل تضمّنت بيان منشأ الرضا وسببه ـ وهو بيعتهم تحت الشجرة ـ والظاهر أنّ ذلك لا ينافي غضبه عليهم إذا عصوه ، فلا يمكن أن نفهم منها التأبيد في الرضا ، كما يريد البعض.

وأيضاً يوجد شرط آخر في الآية ، بأنّ البيعة لا تكفي في النجاة إلاّ مع الوفاء ، إذ قال تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ الله يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ الله فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا

____________

١ ـ الفتح : ١٨.

١٦٦

عَظِيمًا ) (١) قال المفسّرون : إنّ رضوان الله وسكينته مشروطة بالوفاء وعدم نكث العهد(٢) .

وقد ذكر أهل الحديث والمؤرّخون أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بايعهم على أن يقاتلوا المشركين ولا يفرّوا(٣) .

والظاهر أنّ المراد أن لا يفرّوا في جميع حروبهم ، لا في خصوص غزوة الحديبية ، ولذا اشترط الله تعالى عليهم الوفاء في الآية المتقدّمة ، مع أنّ غزوة الحديبية لم يقع فيها حرب ، وسورة الفتح نزلت بعد صلح الحديبية ، كما يناسبه أيضاً تذكير النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لهم بهذه البيعة في واقعة حنين ، حيث صاح النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بالناس : « يا أهل سورة البقرة ، يا أهل بيعة الشجرة ، أنا رسول الله ونبيّه ، فتولّوا مدبرين »(٤) .

وعلى ذلك يكون فرار جماعة منهم في غزوة خيبر وفرار أكثرهم في غزوة حنين نكثاً لتلك البيعة ، رافعاً لرضا الله سبحانه عنهم ، بل الملاحظ أنّ الشكّ والريب دخل قلوب بعض الصحابة ، فخالفوا أوامر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد معاهدة الصلح في الحديبية مباشرة ، فلم يستجيبوا للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حينما أمرهم بالحلق والنحر إلاّ بعد التكرار ، وقيامه بنفسه بالحلق والنحر(٥) .

ويمكنك أن تراجع جملة من المصادر التي ذكرت في هذا الجواب ، لتطلع على أسماء الفارّين والهاربين من غزوتي خيبر وحنين ، وكذلك الشاكّين في يوم الحديبية ، والله الموفّق للصواب.

____________

١ ـ الفتح : ١٠.

٢ ـ أُنظر : جامع البيان ٢٦ / ١٠٠ ، الجامع لأحكام القرآن ١٦ / ٢٦٨ ، تفسير القرآن العظيم ٤ / ١٩٩.

٣ ـ أُنظر : صحيح مسلم ٦ / ٢٥ ، صحيح ابن حبّان ١٠ / ٤١٥ ، الجامع الكبير ٣ / ٧٥ ، السنن الكبرى للبيهقي ٨ / ١٤٦ ، السنن الكبرى للنسائي ٤ / ٤٢٣.

٤ ـ المصنّف لابن أبي شيبة ٨ / ٥٥٢.

٥ ـ تاريخ اليعقوبي ٢ / ٥٥.

١٦٧
١٦٨

الصلاة :

( محمّد يوسف ـ السعودية ـ )

كيفية صلاة المعصومين :

س : أُودّ أن أعرف عن كيفية الصلاة التي كان يعمل بها في زمن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومن بعده الأئمّة الأطهار؟ جزاكم الله خيراً.

ج : إنّ أفضل حديث يمكن الاعتماد عليه في معرفة كيفية صلاة المعصومعليه‌السلام هو حديث حمّاد بن عيسى الصحيح السند :

قال : قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام يوماً : «يا حمّاد تحسن أن تصلّي »؟ قال : فقلت : يا سيّدي أنا أحفظ كتاب حريز في الصلاة ، فقالعليه‌السلام : «لا عليك يا حمّاد ، قم فصلّ » ، قال : فقمت بين يديه متوجّهاً إلى القبلة ، فاستفتحت الصلاة فركعت وسجدت ، فقالعليه‌السلام : «يا حمّاد ، لا تحسن أن تصلّي ، ما أقبح بالرجل أن يأتي عليه ستّون سنة ، أو سبعون سنة ، فما يقيم صلاة واحدة بحدودها تامّة »؟!

قال حمّاد : فأصابني في نفسي الذلّ فقلت : جعلت فداك فعلّمني الصلاة ، فقام أبو عبد اللهعليه‌السلام مستقبل القبلة منتصباً ، فأرسل يديه جميعاً على فخذيه ، قد ضمّ أصابعه ، وقرّب بين قدميه حتّى كان بينهما ثلاثة أصابع مفرجات ، واستقبل بأصابع رجليه جميعاً لم يحرّفهما عن القبلة ، وقال بخشوع : « الله أكبر » ، ثمّ قرأ الحمد بترتيل ، وقل هو الله أحد ، ثمّ صبر هنيئة بقدر ما يتنفّس وهو قائم ، ثمّ رفع يديه حيال وجهه وقال : «الله أكبر » وهو قائم ، ثمّ ركع وملأ كفّيه من ركبتيه منفرجات ، وردّ ركبتيه إلى خلفه حتّى استوى ظهره ، حتّى لو صبّ عليه

١٦٩

قطرة من ماء أو دهن لم تزل لاستواء ظهره ، ومدّ عنقه وغمّض عينيه ، ثمّ سبّح ثلاثاً بترتيل وقال : «سبحان ربّي العظيم وبحمده ».

ثمّ استوى قائماً ، فلمّا استمكن من القيام قال : «سمع الله لمن حمده » ، ثمّ كبّر وهو قائم ، ورفع يديه حيال وجهه وسجد ، وبسط كفّيه مضمومي الأصابع بين يدي ركبتيه حيال وجهه فقال : «سبحان ربّي الأعلى وبحمده » ثلاث مرّات ، ولم يضع شيئاً من بدنه على شيء منه ، وسجد على ثمانية أعظم : الكفّين ، والركبتين ، وأنامل إبهامي الرجلين ، والجبهة ، والأنف وقال : «سبعة منها فرض يسجد عليها وهي التي ذكرها الله في كتابه ».

ثمّ رفع رأسه من السجود ، فلمّا استوى جالساً قال : «الله أكبر » ، ثمّ قعد على فخذه الأيسر ، وقد وضع ظاهر قدمه الأيمن على بطن قدمه الأيسر وقال : « استغفر الله ربّي وأتوب إليه» ، ثمّ كبّر وهو جالس وسجد السجدة الثانية وقال كما قال في الأُولى ، ولم يضع شيئاً من بدنه على شيء منه في ركوع ولا سجود وكان مجنّحاً ، ولم يضع ذراعيه على الأرض فصلّى ركعتين على هذا ، ويداه مضمومتا الأصابع وهو جالس في التشهّد ، فلمّا فرغ من التشهّد سلّم فقال : « يا حمّاد ، هكذا صلِّ »(١) .

( ـ السعودية ـ )

كيفية السلام في صلاة الشيعة :

س : أنا على مذهب الإسماعيلية ، ولكن قدّر لي الله أن أطّلع على أُمور كثيرة عن مذهب الاثني عشرية وأُعجبت به ، وبدأت أشعر أنّه هو المذهب الصحيح ، ولكنّي لم أحسم أمري بعد ، فهناك بعض التساؤلات التي لم أجد لها إجابة ، إذا كنتم على استعداد على حلّها لي أكون لكم من الشاكرين.

السلام في الصلاة عند جميع المذاهب واحد وغير مختلف فيه حتّى في المذاهب الشيعية الأُخرى ، فلو افترضنا جدلاً أنّ هذه هي الطريقة التي كان عليها السنّة

____________

١ ـ الكافي ٣ / ٣١١ ، من لا يحضره الفقيه ١ / ٣٠٠.

١٧٠

المطهّرة وآل البيت ، لوجدناها في المذاهب الشيعية الأُخرى ، لأنّنا نعرف أنّ الاختلافات في الصلاة حصلت بعد موت الرسول وفي عهد عمر ، عندما زاد « آمين » ، وحذف « حيّ على خير العمل » ، وهذا ما يعترف به جميع المذاهب الشيعية ، ولكن موضوع التسليم في آخر الصلاة هذا تتساوى فيه المذاهب الشيعية ـ كالزيدية والإسماعيلية ـ مع السنّة ، ويشذّ عنها مذهب الاثنا عشرية ، ممّا يعطي الإيحاء بأنّ هذه الزيادة أتت من عند الاثني عشرية ، وليست في سنّة آل البيت.

أرجو الإجابة حيث أنّ هذا السؤال يحيّرني.

ج : نسأل الله تعالى لك التوفيق في التعرّف على مذهب أهل البيتعليهم‌السلام أكثر فأكثر ، والتعمّق فيه ، ومعرفة مبانيه وأدلّته ، ليكون اختيارك لمذهب أهل البيتعليهم‌السلام عن دليل وقناعة كافية.

أعلم أنّ التسليم عندنا يتم بأحد الصيغتين : الأُولى : « السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين » ، والثانية : « السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ».

فالمصلّي إذا قال الصيغة الأُولى استحبّت له الصيغة الثانية ، أمّا لو قال الثانية قبل الأُولى لم تستحبّ له الأُولى ، وعليه فبأيّ الصيغتين ختم صلاته فإنّ صلاته تختم.

وأمّا صيغة «السلام عليك أيّها النبيّ ورحمة الله وبركاته » فهي ليست من صيغ السلام ـ كما نصّ الفقهاء ـ وإنّما هي مستحبّة ، والدليل هو ورود نصوص عن أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام .

وهذا ليس بالأمر الغريب ، إذ في المقابل المذاهب الأربعة ربّما استدلّوا على بعض الأحكام التي لا يقول بها الشيعة بقول بعض الصحابة ، فمثلاً ما ينقل عن عمر بن الخطّاب أنّه قال : في العسل زكاة(١) ، فلماذا يستغرب هؤلاء إذا اعتمدنا على أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام ؟

____________

١ ـ المصنّف لابن أبي شيبة ٣ / ٣٣ ، الآحاد والمثاني ٥ / ١٤٧.

١٧١

إذاً ، مستند التسليم عندنا هو ما ورد عن طريق أهل البيتعليهم‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وليس المستند هو المزاج والهوى ـ أي ورد من طرقنا ، وفي أدلّة صحيحة عن أهل البيتعليهم‌السلام : أنّ الحكم الكذائي كذا وكذا ، وأهل البيتعليهم‌السلام لم يأخذوه دون مستند ، ومستندهم هو النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لذا هم أمناء على سنّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

هذا بالإضافة إلى أنّنا مأمورون باتباع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عند اختلاف الأُمّة ، والنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله دلّنا إلى من نرجع إليهم عند الاختلاف ، لأنّ بالرجوع إليهم نجاة ، وبتركهم هلاك ، وهم أهل البيتعليهم‌السلام : «مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها هوى »(١) .

ثم إنّ انفرادنا عن بقية المذاهب في الحكم الكذائي ليس بالأمر الغريب ، لأنّ كثير من أهل السنّة خالفوا فقهاء المسلمين ، من قبيل ما يقوله الشافعي في جواز نكاح البنت من الزنا ، فإنّه انفرد فيه وخالفه بقية الفقهاء.

نسأله تعالى أن يعرّفنا الحقّ حقّاً ويوفّقنا لاتباعه.

( ـ السعودية ـ )

التخيير بين الحمد والتسبيحات الأربعة :

س : أودّ أن أشكركم على الجهود التي تبذلونها لوجه الله تعالى في الردّ على بعض الشبهات ، التي نقابلها من بعض الجماعة ، الذين عندهم حبّ استطلاع عن مذهب آل البيت عليهم‌السلام .

____________

١ ـ المستدرك على الصحيحين ٢ / ٣٤٣ و ٣ / ١٥١ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٦٨ ، المعجم الأوسط ٥ / ٣٥٥ و ٦ / ٨٥ ، المعجم الكبير ٣ / ٤٥ و ١٢ / ٢٧ ، مسند الشهاب ٢ / ٢٧٣ ، نظم درر السمطين : ٢٣٥ ، الجامع الصغير ١ / ٣٧٣ و ٥٣٣ ، كنز العمّال ١٢ / ٩٤ ، فيض القدير ٢ / ٦٥٨ و ٥ / ٦٦٠ ، الدرّ المنثور ٣ / ٣٣٤ ، علل الدارقطني ٦ / ٢٣٦ ، تهذيب الكمال ٢٨ / ٤١١ ، سبل الهدى والرشاد ١٠ / ٤٩٠ ، ينابيع المودّة ١ / ٩٣ و ٢ / ٩٠ و ١٠١ و ٤٧٢ ، النهاية في غريب الحديث والأثر ٢ / ٢٩٨ ، لسان العرب ٣ / ٢٠.

١٧٢

لماذا أكثر المذاهب يقومون بقراءة الفاتحة في جميع الركعات ، بينما المذهب الجعفري يكتفي بقراءتها في الأُولى والثانية فقط ، ويقول التسبيحات في بقية الركعات؟ جزاكم الله عنّا خيراً.

ج : قد وردت روايات عن أهل البيتعليهم‌السلام تدلّ على التخيير ، بمعنى أنّ المكلّف مخيّر في الركعتين الأخيرتين بين قراءة سورة الحمد وبين قراءة التسبيحات الأربعة ، دون الركعتين الأوّليتين فيجب فيهما قراءة الحمد ، وذلك لقوله : « لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب »(١) .

( موالي ـ الكويت ـ ١٩ سنة ـ طالب )

حكم صلاة الجمعة في عصر الغيبة :

س : لماذا لا تقام صلاة الجمعة إلاّ في حضور الإمام الغائب؟ أليس حلال محمّد حلال إلى يوم القيامة ، وحرامه حرام إلى يوم القيامة؟

ج : إنّ صلاة الجمعة تقام في حضور الإمامعليه‌السلام أو في غيبته ، إلاّ أنّ حكمها في غيبة الإمام لا يكون واجباً تعيينياً بل هي واجب تخييري ، أي إنّ المكلّف مخيّر بين إقامة صلاة الجمعة عند توفّر شرائطها وبين الإتيان بصلاة الظهر فيما إذا لم يحضر صلاة الجمعة.

نعم ، عند حضور الإمامعليه‌السلام يكون حكم صلاة الجمعة واجباً تعيينياً ، أي يتعيّن على المكلّف الإتيان بها ، ولا يصحّ منه الإتيان بصلاة الظهر ، على أنّ الإمامية يقيمون صلاة الجمعة في بلدانهم ، ولعلّ ما تراه في إيران دليل على ذلك ، إذ إقامتها في الجمهورية الإسلامية منذ تأسيسها دليل على أنّ الإمامية يقيمون صلاة الجمعة حتّى عند عدم حضور الإمامعليه‌السلام ، ولا علاقة لذلك في زمن الحضور أو الغيبة.

____________

١ ـ الخلاف ١ / ٣٢٧ و ٣٤٢ ، المعتبر ٢ / ١٦٦ و ١٧٣ و ٣٤٩ و ٣٨٢.

١٧٣

( أمريكا ـ ٣١ سنة ـ ليسانس )

ما يقرأ في القنوت والركعتين الأخيرتين :

س : هل القنوت في الصلاة مستحبّ أم واجب؟ وهل يجب فيه قول مخصوص؟ وماذا يقرأ في الركعة الثالثة والرابعة؟

ج : إنّ القنوت مستحبّ في جميع الصلوات ـ فريضة كانت أو نافلة ـ والمستحبّ منه مرّة بعد القراءة قبل الركوع في الركعة الثانية ، إلاّ في العيدين والآيات والجمعة والوتر ففيها تفصيل.

ولا يشترط في القنوت قول مخصوص ، بل يكفي فيه ما يتيسّر من ذكر أو دعاء أو حمد أو ثناء ، والمستحبّ قراءة المأثور عن المعصومينعليهم‌السلام ، ودلّت على استحباب القنوت مجموعة روايات عن أهل البيتعليهم‌السلام .

وأمّا بالنسبة إلى ما يقرأ في الركعة الثالثة والرابعة ، فالمصلّي ـ مأموماً كان أو إماماً ـ يتخيّر في ثالثة المغرب وأخيرتي الرباعيات بين قراءة الفاتحة والتسبيحات الأربعة وهي : « سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلاّ الله ، والله أكبر ».

( وليد محمّد ـ مصر ـ ٢٧ سنة )

التكبيرات الثلاث بعدها :

س : بالنسبة للتكبيرات الثلاث في نهاية كُلّ صلاة هل لكم أن توافونا بالروايات الصحيحة الواردة في هذا الخصوص؟

ج : وردت روايات كثيرة تدلّ على التكبير بعد الصلاة في مصنّفات الفريقين ، نذكر لك بعضها على سبيل المثال لا الحصر :

١ ـ عن المفضّل بن عمر قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : لأيّ علّة يكبّر المصلّي بعد التسليم ثلاثاً يرفع بها يديه؟ فقال : « لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا فتح مكّة صلّى بأصحابه الظهر عند الحجر الأسود ، فلمّا سلّم رفع يديه وكبّر ثلاثاً وقال : لا

١٧٤

إله إلاّ الله وحده وحده ، أنجز وعده ، ونصر عبده ، وأعزّ جنده ، وغلب الأحزاب وحده ، فله الملك وله الحمد ، يحيي ويميت ، وهو على كُلّ شيء قدير ».

ثمّ أقبل على أصحابه فقال : « لا تدعوا هذا التكبير وهذا القول في دبر كُلّ صلاة مكتوبة ، فإنّ من فعل ذلك بعد التسليم وقال هذا كان قد أدّى ما يجب عليه من شكر الله تعالى على تقوية الإسلام وجنده »(١) .

٢ ـ عن ابن عباس قال : ما كنّا نعرف انقضاء صلاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلاّ بالتكبير(٢) .

٣ ـ عن أبي معبد مولى ابن عباس أخبره : أنّ رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنّه قال : قال ابن عباس : كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته(٣) .

( أحمد الخاجة ـ البحرين ـ ١٥ سنة ـ طالب ثانوية )

طهارة المولد شرط في إمامة الجماعة :

س : من الشروط الواجب توفّرها في إمام الجماعة أن يكون طاهر المولد ، فهل يتحمّل المرء عقوبة جريمة لم يقم بارتكابها؟

ج : ليس ما ذكرتموه من باب العقوبة ، إذ أنّ تعريف العقوبة في الإسلام ، هو ما توعدّ عليه الباري تعالى النار ـ مع فرض عدم التوبة ـ ومورد السؤال ليس من هذا القبيل قطعاً.

____________

١ ـ علل الشرائع ٢ / ٣٦٠.

٢ ـ صحيح مسلم ٢ / ٩١ ، مسند الحميدي ١ / ٢٢٥ ، مسند أبي يعلى ٤ / ٢٨٠ ، المعجم الكبير ١١ / ٣٣٥ ، تفسير القرآن العظيم ١ / ٢٢٣.

٣ ـ مسند أحمد ١ / ٣٦٧ ، صحيح البخاري ١ / ٢٠٤ ، صحيح مسلم ٢ / ٩٢ ، سنن أبي داود ١ / ٢٢٦.

١٧٥

بل إنّ طهارة المولد صفة وميزة متوخّاة في إمامة الجماعة ، لا أنّ عدم طهارة المولد ذنب يؤاخذ عليه ، أو جريمة يؤنّب عليها ، وحال هذه الخصوصية حال بقية مواصفات الإمام ؛ وعليه فتوزيع الوظائف والأدوار وتعيين الحدود والشرائط في نفسه لا يدلّ على نقصٍ أو مزية ، إلاّ فيما نصّ عليه الشرع.

( ـ ـ )

كيفية المواظبة على صلاة الصبح :

س : لا أُريد أن أضيّع صلاة الفجر فما السبيل لذلك؟

ج : إنّ التوفيق لطاعة الله تعالى تحتاج إلى أن يصل العبد إلى منزلة خاصّة ، وما يرتكبه العبد من أُمور لا يرتضيها الله تعالى يوجب الحرمان من هذه المرتبة ، فلا يوفّقه حينئذ لطاعته بل يخذله ويكلّه إلى نفسه.

وقد ورد عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال : « إنّ الرجل ليكذب الكذبة فيحرم بها صلاة الليل فإذا حرم صلاة الليل حرم بها الرزق »(١) ، فكم من خطايا وذنوب حرمت العبد من توفيق الطاعة ، وكم من حسناتٍ زادته تقرّباً وتسديداً منه تعالى.

وأعلم ، إنّ الإنسان كلّما أراد القرب منه تعالى جعل نفسه متذلّلاً لسلطانه وجبروته ، فهو دائماً طوع إرادته ، فيتخضّع إليه بالإقرار بذنوبه وطلب مغفرته ، ويتقرّب له بالاستغفار ممّا ارتكبه ، وهذا ديدن أهل البيتعليهم‌السلام مع عدم ارتكابهم المعصية ، أو اقترافهم الذنوب ، فإنّهم يجعلون أنفسهم أذلاء لسلطانه ، فلا يخرجون عن ربقة عبوديته وذل طاعته ، فتراهم يستغفرون ويتأوّهون على ما لا يعد عندنا معصية أو ذنب ، بل تركهم الأُولى يجعلهم هكذا يرجون عفوه ، ويطمعون في رحمته.

____________

١ ـ علل الشرائع ٢ / ٣٦٢.

١٧٦

وأنت أيّها الأخ ونحن جميعاً في نير عبوديته ، ثمّ نرتكب من المعاصي ما لا يعفو عنها إلاّ الندم والرجوع إليه تعالى ، فإكثار الاستغفار للعفو عنّا يقرّبنا منزلة لديه ، ويفتح لنا آفاق الطاعة ، ويعيننا على عبادته ، فأكثر الاستغفار والتوسّل بأن يوفّقك لصلاة الفجر ، فإذا علم منك الصدق وخلوص النية أخذ بيديك ووفّقك إلى ما تحبّ.

ثمّ أبحث عن السبب المادّي لذلك ، فلعلّ السهر أكثر من المعتاد يجعلك غير قادرٍ على النهوض ، فتغيير برنامجك اليومي ، والنوم مبكّراً ، سيعينك في المرحلة الأُولى على النهوض إلى صلاة الفجر ، عندها ستقوى على ما تتعوّد عليه ، والله يعينك على طاعته ولزوم عبادته.

( علوي ـ البحرين ـ )

أهمّيتها عند المؤمن :

س : لو سمحتم عندي سؤال : ما أهمّية الصلاة عند المؤمن؟

ج : لا يخفى عليك أنّ الصلاة هجرة روحية ، يطوي الإنسان فيها فواصل البعد بينه وبين الله تعالى ، وممارسة تعبّدية يستهدف بها اكتشاف العلاقة بينه وبين بارئه تعالى.

ففي الصلاة يكون الإنسان المؤمن في موارد القرب ، والحبّ الإلهي العظيم ، وفي الصلاة يعلن عن تصاغره وعبوديّته لخالقه ، وفي الصلاة تتّسع أمام الإنسان المؤمن آفاق العظمة والقدرة الإلهية.

وفي الصلاة يتجسّد للإنسان فقره وضعفه وحاجته إلى غنى بارئه ، وتتابع افاضاته ورحمته ، وفي الصلاة تهبط الحجب بين العبد وربّه ، فتفيض اشراقات الحبّ والجمال الإلهي على النفس ، لتعيش أسعد لحظات الاستمتاع والرضى ، وهي في أرقى ما تكون من حالات الصحو الوجداني ، والاستعداد للتلقّي والقبول التعبّدي.

١٧٧

وفي الصلاة عودة للوعي ، واكتشاف لحقيقة الذات ، ومعرفة قدرها أمام خالقها العظيم ، وفي الصلاة محاولة صادقة للهجر والخلاص من الذنوب ، وفي الصلاة سعي للعودة بطهارة النفس ، وسلامتها إلى لحظة ميلادها الفطري ، بنقائه وطهارته ؛ لأنّ في الصلاة عزيمة جادّة لهجر الذنوب والمعاصي ، ومحاولة مخلصة للانفلات من قيود المادّة والشهوة.

فهي سعي للهجرة إلى الله تعالى ، والتسامي نحوه ، وهي محاولة للتعالي والانتقال إليه ، وهي عودة إلى الله بعد كُلّ فترة زمنية يمارس فيها الإنسان حياته ؛ فيتعامل مع نفسه أو مع الله ، والناس الذين يعيش معهم ، فيتهاون بأداء حقوق الله عليه حيناً ، أو يسيء إلى الناس فيسلك سلوكاً شاذّاً ومنحرفاً حيناً آخر ، فيكون بحاجة إلى التخلّص من هذه الآثار السلوكية السلبية ، والتوجّهات النفسية المنحرفة ، فيجد في الصلاة محطّة لتطهير النفس ، والتأمّل في خيرها وصلاحها ، ومنطلقاً لتغيير مساره وتوجّهه في الحياة.

فهو في وقفته الصادقة بين يدي الله تعالى يستغفره ويتضرّع إليه ، ويعلن براءته وندمه ، ورغبته في الاستقامة والطهارة ، فيجدّد بذلك عهده مع الله تعالى ، ويستشرف آفاق مسيرته الحياتية من أوضح مداخلها ، وأصفى أجوائها ، فتنمو بكثرة الممارسة والإقبال على الصلاة ملكات الخير ، وتتصاغر نوازع الشرّ ، وتتوارى عن الظهور مناشئ الإجرام ، فتقوى بذلك العزيمة ، وتشتدّ الإرادة على الإصلاح وارتياد سبل الخير ، وتنمو الرغبة في الطرح والخلاص من كُلّ سيئ في الحياة ، بممارسة انسحاب النفس الدائم ، وإخلاء آفاقها من عتمة الجرائم والآثام.

لذا كانت الصلاة نظاماً تعبّدياً لوقاية النفس من شذوذها ، وعلاجاً جذرياً يداوي أمراضها ، بتعهّد قواها وملكاتها ونوازعها بالتنشئة الصحيحة ، والتربية المستقيمة.

١٧٨

وصدق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يصف أهمّية الصلاة ، ودورها في تطهير النفس ، وتقويم السلوك البشري في الحياة بقوله : « لو كان على باب دار أحدكم نهر فاغتسل في كُلّ يوم منه خمس مرّات ، أكان يبقى في جسده من الدرن شيء» ؟ قلنا : لا.

قال : « فإنّ مثل الصلاة كمثل النهر الجاري ، كُلّما صلّى صلاة كفّرت ما بينهما من الذنوب »(١) .

وقال رجل : يا رسول الله أوصني ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا تدع الصلاة متعمّداً ، فإنّ من تركها متعمّداً فقد برئت منه ملّة الإسلام »(٢) .

وجاء عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ما بين الكفر والإيمان إلاّ ترك الصلاة »(٣) .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لكُلّ شيء وجه ، ووجهُ دينكم الصلاة ، فلا يُشِينَنَّ أحَدُكُم وجهَ دينه »(٤) .

وروي عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ليسَ منّي من استخفّ بصلاته ، لا يَردُ عليَّ الحوضَ لا والله »(٥) .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا يزال الشيطان ذعراً من المؤمن ما حافظ على الصلوات الخمس لوقتهن ، فإذا ضيّعهن تجرأ عليه فأدخله في العظائم »(٦) .

وروي عن الإمام الصادقعليه‌السلام : « ما أعلم شيئاً بعد المعرفة أفضل من هذه الصلاة ، ألا ترى أنّ العبد الصالح عيسى بن مريم قال :( وَأَوْصَانِي بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ) »(٧) .

____________

١ ـ تهذيب الأحكام ٢ / ٢٣٧ ، وسائل الشيعة ٤ / ١٢.

٢ ـ الكافي ٣ / ٤٨٨ ، وسائل الشيعة ٤ / ٤٢.

٣ ـ ثواب الأعمال وعقابها : ٢٣١ ، وسائل الشيعة ٤ / ٤٣ ، الصراط المستقيم : ٢٠٤.

٤ ـ الكافي ٣ / ٢٧٠ ، تهذيب الأحكام ٢ / ٢٣٨.

٥ ـ فقه الرضا : ١٠١ ، المقنعة : ٧٣ ، الكافي ٣ / ٢٦٩ ، من لا يحضره الفقيه ١ / ٢٠٦.

٦ ـ عيون أخبار الرضا ١ / ٣١ ، تهذيب الأحكام ٢ / ٢٣٦.

٧ ـ مريم : ٣١ ، الكافي ٣ / ٢٦٤ ، من لا يحضره الفقيه ١ / ٢١٠.

١٧٩

وروي أيضاً عنهعليه‌السلام : « إذا قام المصلّي إلى الصلاة نزلت عليه الرحمة من أعنان السماء إلى أعنان الأرض ، وحفّت به الملائكة وناداه ملك : لو يعلم هذا المصلّي ما في الصلاة ما انفتل »(١) .

ولهذه الأهمّية العظمى للصلاة أصبحت فريضة عبادية في كُلّ رسالة إلهية بشّر بها الأنبياء ، لأنّها الصلة بين العبد وربّه ، ولأنّها معراج يتسامى الفرد بها إلى مستوى الاستقامة والصلاح.

ولذلك فإنّ القرآن الكريم عندما تحدّث عن الأنبياء ورسالتهم في الحياة قال :( وَجَعلناهُم أئمةً يَهدُونَ بأمرِنا وأوحينا إِليهمْ فِعْلَ الخيراتِ وإقامَ الصّلاةِ وإيتاءَ الزَّكاةِ وكانوا لنا عابِدين ) (٢) .

فالصلاة شعار وعلامة للفرد المؤمن وللأُمّة المؤمنة ، وهي حدّ فاصل بين المؤمن الحقّ وبين من لا ينتمي لأُمّة الإيمان ، لذا جاء قوله تعالى :( فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا ) (٣) .

فهي شعار أهل الإيمان ، وصفة أُمّة التوحيد على تعاقب الأجيال ، وتتابع الرسالات والعصور.

لذلك تحدّث القرآن الكريم عن أُولئك المسلمين ، وعن شعارهم مع النبيّ محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله فأثنى عليهم ، وقرن صفتهم بصفة أسلافهم من أتباع الأنبياء ، وأصفياء الرسل ، فقال عزّ من قائل :( محمّد رسولُ اللهِ وَالَّذينَ مَعَهُ أشِدّاءُ على الكُفّارِ رُحَماءُ بينهُم تَراهُم رُكَّعاً سُجَّداً يبتَغُونَ فضْلاً منَ اللهِ ورضْواناً سيماهُمْ في وُجوهِهم من أثَرِ السُّجودِ ذلكَ مَثَلُهُم في التَّوراةِ ومَثَلُهُمْ في الإنجيلِ كزَرْعٍ أخرَجَ شَطْأََهُ فآزرهُ فاستغلظَ فاستَوى على سُوقهِ يُعْجِبُ الزُّراعَ لِيَغيظَ بِهِمُ الكُفَّارَ ) (٤) .

____________

١ ـ الكافي ٣ / ٢٦٥ ، وسائل الشيعة ٤ / ٣٢.

٢ ـ الأنبياء : ٧٣.

٣ ـ النساء : ١٠٣.

٤ ـ الفتح : ٢٩.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

في الحقيقة أنا أحاور في كُلّ الأُمور ومع الجميع ، حيث أحاور الشيعة على التمسّك بخطّهم ، وخصوصاً من له ميل للعلمانية ، وحوار مثل هؤلاء أشدّ من غيرهم ، وأحاور أهل السنّة لأثبت لهم أنّ منهج الحقّ ليس منهجهم ، كما وأحاور النصارى ، وأنا دارس جيّد لكتابهم بعهديه القديم والجديد ، كما وأحاور غيرهم ، وبأساليب مختلفة ، كُلّ حسب طريقته أو الطريقة التي تنفع معه.

سادتي الكرام ، يقول تعالى ـ وهو يتحدّث عن الحوار مع إبليس اللعين ـ :( قَالَ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) (١) ، وقد وعده الله سبحانه بذلك.

وحسب علمي البسيط أنّ يوم البعث بعد الممات ، أي يوم القيامة ،( ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ ) (٢) ، ونحن نعلم من الروايات بأنّه يوم القيامة ـ أي يوم البعث ـ يكون بعد أن يموت الكُلّ ، ولا يبقى إلاّ وجهه الكريم ، ومن بعد ذلك أوّل من يحيه الله إسرافيلعليه‌السلام حيث ينفخ في الصور.

ما استشكل عليّ هو :

أ ـ أمّا بقاء إبليس اللعين إلى يوم البعث حسب ظاهر الآية ، وبالتالي يبقى هو مع الله ، ونحن نعلم بعد البعث الحساب والكتاب والخلود ، إمّا في الجنّة أو في النار ، ومعنى ذلك أنّ إبليس اللعين سيكون من الخالدين ، ولم يمر بمرحلة الموت! وهذا مخالف لما نؤمن به.

ب ـ وأمّا أن يبقى إلى يوم البعث ثمّ يموت بمفرده ، كخصوصية له حيث لا موت بعد البعث ، وقد أعطاه الله ما وعده ، وبالتالي يكون قد انتهى كمخلوق! وهنا استشكال أكبر حيث سوف لن يعاقب ولن يكون في جهنّم خالداً فيها ، كما خبّرنا بذلك.

سادتي الكرام : قد يكون الموضوع ليس موضوع ابتلاء ، ولكن قد ابتلاني الله بحبّ المعرفة ، والتأكّد من كُلّ شيء لأزداد علماً.

__________________

١ ـ الأعراف : ١٤.

٢ ـ المؤمنون : ١٦.

٢٦١

أرجو أن لا أكون قد أطلت عليكم ، هذا وتقبّلوا فائق التقدير والاحترام.

ج : إنّ السؤال ذو جهتين : أصل الإمهال ، وغاية الإمهال ، أي أنّ الشيطان كان يريد الحياة إلى يوم القيامة ، ولكن الله تعالى ووفقاً لحكمته أجابه على أصل الإمهال ، ولم يجبه من جهة غايته ، إذ قال تعالى في جوابه :( قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ) (١) ، والوقت المعلوم ـ كما في بعض الأحاديث ـ يوم ظهور القائمعليه‌السلام ، أو رجعة الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمّةعليهم‌السلام .

وبهذا التفسير يندفع كافّة الإشكالات المذكورة كما هو واضح.

وهناك بعض الروايات تشير إلى أنّ إبليس يموت في النفخة الأُولى ، وفي بعضها الآخر أنّ موته بين النفختين الأُولى والثانية ؛ فحتّى على هذين الاحتمالين يذوق الموت لا محالة.

والأصل في هذا المقام ونظائره هو :( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ) (٢) فلا يشذّ من هذه القاعدة أحد من الإنس والجنّ والملائكة.

( مؤيّد الشمّري ـ العراق ـ ٢٦ سنة ـ بكالوريوس الهندسة الكهربائية )

نوع الأكل يوم الحشر :

س : ندعو لكم بالتسديد الموفّق ، ونرجو الإجابة عن السؤال التالي :

ورد في الروايات : إنّ الخلائق يوم الحشر يبعثون عراة ، ينتظرون الحساب ـ وبفرض الانتظار أكثر من يوم ـ فعلى ماذا يتغذّون هناك؟ وإذا قلنا بالأكل هناك ، كيف يكون توابع الأكل من التخلّي وغيره؟ نسأل الله أن تشملنا وإيّاكم شفاعة محمّد وآل محمّد.

__________________

١ ـ ص : ٧٩ ـ ٨٠.

٢ ـ العنكبوت : ٥٧.

٢٦٢

ج : سأل زرارة الإمام الباقرعليه‌السلام عن قول الله عزّ وجلّ :( يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ ) (١) قال : «تبدّل خبزة نقية يأكل منها الناس حتّى يفرغوا من الحساب »(٢) ، ويمكن أن يكون ذلك الطعام على نحوٍ لا يحوجهم إلى توابع الأكل ـ من التخلّي وغيره ـ على نحو ما نشاهده في الجنين في بطن أُمّه ، وورد ذلك في أهل الجنّة أيضاً.

( حبيب عباس راضي ـ البحرين ـ ١٤ سنة ـ طالب إعدادية )

حساب عرب الجاهلية :

س : كان العرب أيّام الجاهلية لا يعرفون الإسلام ، بل يعبدون الأصنام ، فهل يخلّدون في النار رغم أنّهم كانوا لا يعرفون النار؟

ج : إنّ الله سبحانه لا يعذّب قوماً حتّى يقيم الحجّة عليهم ، كما قال تعالى :( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ) (٣) ، وقد وردت بعض الروايات التي تفيد بأنّ الكفّار القاصرين الذين لم تصل إليهم الأدلّة ـ أي أدلّة التوحيد ومعرفة الله وما يجب عليهم القيام به من تكاليف في زمانهم ، إذ لكُلّ زمان نبي وشريعة كما نعرف من الروايات ـ فإنّ هؤلاء موكولون في الحكم عليهم في الآخرة إلى الله سبحانه ، وعبّرت عنهم هذه الروايات بالمستضعفين والمرجوّين لشمول رحمة الباري لهم.

ومن هنا علينا أن نعرف حال أهل الجاهلية ، فلا يمكن أن نجزم بأنّهم لم يعرفوا الجنّة ولا النار ، ولا الحساب ولا العقاب ، كيف وقد كان فيهم من الموحّدين من آباء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله الذين كانوا على الإبراهيمية أو الحنفية ، الأمر

__________________

١ ـ إبراهيم : ٤٨.

٢ ـ الكافي ٦ / ٢٨٦.

٣ ـ الإسراء : ١٥.

٢٦٣

الذي يجعلنا نشكّ في عدم معرفتهم وجهلهم بأحكام التوحيد ، وعلى أيّة حال فالتفصيل السابق الذي أوردناه هو الجواب لهذا السؤال.

( عيسى سلمان ـ البحرين ـ ٣٦ سنة ـ خرّيج ثانوية )

حشر الوحوش فيه :

س : كيف الوحوش تحشر يوم القيامة؟

ج : قال العلاّمة الطباطبائي في تفسير قوله تعالى :( وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ) (١) : « الوحوش جمع وحش ، وهو من الحيوان ما لا يتأنس بالإنسان كالسباع وغيرها.

وظاهر الآية من حيث وقوعها في سياق الآيات الواصفة ليوم القيامة ، أنّ الوحوش محشورة كالإنسان ، ويؤيّده قوله تعالى :( وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ) (٢) .

وأمّا تفصيل حالها بعد الحشر وما يؤول إليه أمرها فلم يرد في كلامه تعالى ، ولا فيما يعتمد عليه من الأخبار ما يكشف عن ذلك ، نعم ربما استفيد من قوله في آية الأنعام :( أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ) ، وقوله :( مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ) بعض ما يتّضح به الحال في الجملة ، لا يخفى على الناقد المتدبّر ، وربما قيل : إنّ حشر الوحوش من أشراط الساعة لا ممّا يقع يوم القيامة ، والمراد به خروجها من غاباتها وأكنانها »(٣) .

وقال الشيخ الطوسي في تفسير قوله تعالى :( وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ) : « قال عكرمة : حشرها موتها ، وغيره قال : معناه تغيّرت الأُمور ، بأن صارت الوحوش التي تشرد في البلاد تجتمع مع الناس ، وذلك أنّ الله تعالى يحشر

__________________

١ ـ التكوير : ٥.

٢ ـ الأنعام : ٣٨.

٣ ـ الميزان في تفسير القرآن ٢٠ / ٢١٣.

٢٦٤

الوحوش ليوصل إليها ما تستحقه من الأعواض على الآلام التي دخلت عليها ، وينتصف لبعضها من بعض ، فإذا عوّضها الله تعالى ، فمن قال : العوض دائم ، قال تبقى منعّمة على الأبد ، ومن قال : العوض يستحق منقطعاً ، اختلفوا فمنهم من قال : يديمها الله تفضّلاً لئلا يدخل على العوض غم بانقطاعه ، ومنهم من قال : إذا فعل بها ما تستحقه من الأعواض جعلها تراباً »(١) ، والله العالم بحقائق الأُمور.

__________________

١ ـ التبيان ١٠ / ٢٨١.

٢٦٥
٢٦٦

معاوية بن أبي سفيان :

( محمّد علي ـ أمريكا ـ )

بعض مثالبه :

س : جزاكم الله خيراً على مجهودكم هذا ، وبارك الله فيكم.

إذا أمكن ذكر بعض الشيء حول معاوية ، من الأحاديث والروايات من كتب أهل السنّة ، التي تبيّن بعض حقائق كاتب الوحي هذا؟ ونسألكم الدعاء.

ج : نذكر بعض الروايات الواردة في كتب أهل السنّة :

١ ـ عن ابن عباس قال : كنت ألعب مع الصبيان ، فجاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فتواريت خلف باب ، قال : فجاء فحطأني حطأة وقال : اذهب وادع لي معاوية ، قال : جئت فقلت : هو يأكل ، قال : ثمّ قال لي : اذهب فادع لي معاوية ، قال : فجئت فقلت : هو يأكل ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لا أشبع الله بطنه »(١) .

٢ ـ عن ابن عباس قال : سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله صوت رجلين يغنّيان فسأل عنهما ، فقيل : معاوية وعمرو بن العاص ، فقال : «اللهم أركسهما في الفتنة ركساً ، ودعهما إلى النار دعّاً »(٢) .

٣ ـ عن الإمام الحسنعليه‌السلام قال : «بالله يا عمرو وأنت يا مغيرة تعلمان أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : لعن الله السائق والراكب ، أحدهما فلان » ـ أي معاوية ـ قالا : اللهم نعم بلى(٣) .

__________________

١ ـ صحيح مسلم ٨ / ٢٧ ، مسند أبي داود : ٣٥٩.

٢ ـ المعجم الكبير ١١ / ٣٢.

٣ ـ المصدر السابق ٣ / ٧٢ ، مجمع الزوائد ٧ / ٢٤٧.

٢٦٧

هذا مضافاً إلى ما ورد من أخبار النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بقتال الناكثين والمارقين والقاسطين ، وأنّ عمّار تقتله الفئة الباغية.

( أسد ـ أمريكا ـ سنّي )

كان يسبّ علياً :

س : ما هو دليلكم على أنّ معاوية كان يشتم علياً ( كرّم الله وجهه )؟

ج : إنّ مصادر التاريخ والسير مليئة بإثبات هذا المطلب ، حتّى كادت أن تكون متواترة ، ولا ينكر هذا المطلب إلاّ مكابر ، ونحن هنا نقتصر على ذكر روايتين ، علّنا في المستقبل نوفّق لأن نذكر بحثاً مختصراً يجمع أهم مصادر هذا البحث :

١ ـ عن عامر بن سعد بن أبي وقّاص ، عن أبيه قال : « أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً ، فقال : ما منعك أن تسبّ أبا التراب؟ فقال : أما ما ذكرت ثلاثاً قالهنّ له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فلن أسبه »(١) .

٢ ـ عن سهل بن سعد قال : « استعمل على المدينة رجل من آل مروان ، قال : فدعا سهل بن سعد فأمره أن يشتم علياً ، قال : فأبى سهل ، فقال له : أما إذا أبيت فقل : لعن الله أبا تراب »(٢) .

( منتظر ـ ـ )

من الطائفة الباغية :

س : الحمد لله على ما أنعم ، وله الشكر على ما ألهم ، أفضل الصلاة وأزكى التسليم على خير الخلائق أجمعين ، محمّد وآله الطاهرين ، واللعن الدائم المؤبّد على أعدائهم أجمعين ، إلى قيام يوم الدين.

__________________

١ ـ صحيح مسلم ٧ / ١٢٠ ، الجامع الكبير ٥ / ٣٠١ ، المستدرك ٣ / ١٠٨ ، السنن الكبرى للنسائي ٥ / ١٢٢ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ١١١ ، أُسد الغابة ٤ / ٢٥ ، الإصابة ٤ / ٤٦٨ ، البداية والنهاية ٧ / ٣٧٦.

٢ ـ صحيح مسلم ٧ / ١٢٣.

٢٦٨

إخوتي الأعزاء : لقد وقع نقاش بيني وبين أحد الوهّابيين فقلت له : ارجع إلى حديث الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله الخاصّ بالصحابي الجليل عمّار بن ياسر : « تقتلك الفئة الباغية »(١) ، وهذا ما حصل في معركة صفّين.

فقال لي : ارجع إلى كتاب الله ما معنى البغي :( وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حتّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ) (٢) .

ومن هنا يكتشف لدينا : أنّ معاوية وأصحابه من المؤمنين ، واستدلّ بقول الإمام عليعليه‌السلام : ( إخواننا بغوا علينا ) ، ما هو الردّ على هذا الإشكال؟ مع الشكر.

ج : نود توضيح بعض النقاط تتوقّف إجابة السؤال عليها :

١ ـ إنّ صفة المؤمنين مفهوم كُلّي ينطبق على مصاديق وأفراد كثيرة ، ولا يندرج فرداً أو مصداقاً تحت هذا المفهوم إلاّ بدليل قطعي ، ولا يكفي في دخوله مجرّد الشكّ ، وعليه فلابدّ من وجود دليل على كون معاوية وبعض من حوله من المؤمنين ، حتّى يدخل تحت هذه الآية ، ولا يكفي الشكّ في كونهم مؤمنين ، وهذا واضح.

٢ ـ إذا ادّعى مدّعٍ : أنّ معاوية قد أسلم ظاهراً ، وهذا يكفي لإطلاق صفة الإيمان عليه ، نقول : إنّ الإسلام غير الإيمان ، فلا يخرج إثبات إيمانه عن احتياجه لدليل ، بل الأدلّة الكثيرة قائمة على عدم إيمانه ونفاقه ، وهي لا تخفى عليكم ، حيث أنّ الإيمان عمل قلبي لا يعرفه إلاّ الله والشخص المعني ، وإنّما نستدلّ عليه من تطابق أعمال الفرد مع المعايير الإسلامية ، ومعاوية بعيد عنها كُلّ البعد ، والأمثلة كثيرة.

٣ ـ قد نثبت لمعاوية الإسلام الظاهري مع النفاق فهو منافق ، فيمكن أن يدخل في الآية من هذه الجهة ، لأنّ القرآن سمّى أُناساً كانوا مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله

__________________

١ ـ مسند أحمد ٢ / ١٦١ و ٣ / ٥ و ٥ / ٣٠٦ و ٦ / ٣٠٠ و ٣١١ ، صحيح مسلم ٨ / ١٨٦ ، الجامع الكبير ٥ / ٣٣٣.

٢ ـ الحجرات : ٩.

٢٦٩

مؤمنين ، مع أنّ أفعالهم أفعال المنافقين ، فهذا الإطلاق في القرآن إطلاق عام يشمل المؤمنين حقيقة والمنافقين ، قال تعالى :( وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ ) (١) .

قال الشيخ الطوسي : « وهذه صفة المنافقين بلا خلاف »(٢) .

٤ ـ يجب التنبيه هنا على شيء مهمّ ، وهو التفريق في الكلام بين معاوية بخصوصه مع بعض من اتبعه ـ كمروان وعمرو بن العاص ـ وبين جماعة أهل الشام الذين معه ، فإنّ الغالبية العظمى من أتباعه جهّال خدعوا وهم مسلمون ، قد يكون منهم مخلصون في الدفاع عن الإسلام ، ولكن داءهم الجهل ، وهذا أمر عرفي واضح.

فإذا كان الكلام عن الجماعة ككل ، فلا مانع من أن تصفهم بأنّهم مسلمون ، أو مؤمنون بالمعنى العام المشار إليه ، أو حتّى مؤمنون جهّال وغير منافقين ، إذ كانوا يظنّون أنّهم يمثّلون الإسلام الحقيقي ، بما مارسه معاوية عليهم من كذب وإشاعات.

فإذا كان الكلام بخصوص معاوية وهؤلاء البعض من أعوانه ، فإنّ الأمر يختلف ، إذ أنّا يمكن أن ننسب إليهم النفاق والكفر بالمعنى الخاصّ ـ المقابل للإيمان ـ وإن كانوا غير كافرين بالمعنى العام ـ أي مجاهرين بالكفر ـ إذ هم مسلمون على الظاهر.

وهذا أمر واضح ، فإنّ الجماعة ـ كجماعة ـ يمكن أن تضم بينها المسلم والمؤمن والمنافق ، ولكن عند الخطاب يطلق عليها الصفة التي تنطبق عليها بالظاهر العام ، ولا تنفي هذه الصفة حقيقة الفرد المنضوي تحتها ، وهذا الأمر أيضاً ينطبق على جيش أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فإنّ فيهم الخوارج والمنافقين ، وهذا أمر واضح.

__________________

١ ـ الأنفال : ٥ ـ ٦.

٢ ـ المبسوط للشيخ الطوسي ٧ / ٢٦٢.

٢٧٠

فيجب التفريق في الكلام على الجماعة بما هم جماعة ، وعلى الأفراد بما هم أفراد ، ومن هنا نفهم كلمات أمير المؤمنينعليه‌السلام : « إخواننا بغوا علينا »(١) ، نعم هم إخوان بالإسلام بما هم جماعة ككل ، وأحكامهم تختلف عن الكفّار المجاهرين بالكفر.

٥ ـ إنّ الآية قد أطلقت صفة المؤمنين بالمعنى العام السابق على الطائفتين ، ثمّ قالت :( فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى ) ، وقد حدّد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الطائفة الباغية ، التي تأمرنا الآية بقتالها.

فالمقتول في طائفة الحقّ في الجنّة كعمّار ، والمقتول في طائفة البغي في النار ، فعند حدوث البغي حصل التفريق بين الطائفتين وبين موقفيهما ، وهو واضح من الآية ، فما معنى إطلاق لفظة المؤمنين على البغاة بعد ذلك؟ إذ النزاع ليس لفظي ، مع أنّه يخالف المفهوم من الآية ، وجهة المقابلة الموجودة فيها بين الطائفتين.

ثمّ إنّ هذه المفاهيم ـ كالإسلام والإيمان ـ وضعت واستعملت للإشارة إلى حقائق أُخروية ، ونحن نستعملها كذلك ، فعندما نطلق على شخص أنّه مؤمن ، أي أنّه مصنّف في الناجين يوم القيامة ، فإذا ثبت لنا أنّه في النار ، فلا يكون إطلاق صفة الإيمان عليه إلاّ سفسطة.

ونزاعنا مع القوم ليس بالألفاظ ، وإنّما في المآل الأخروي الذي تدلّ عليه الألفاظ ، وإلاّ فما فائدة أن نطلق عليه مؤمن وهو في النار؟ إلاّ التلاعب بالألفاظ.

٦ ـ ليكن من الواضح : أنّا عندما نطلق على معاوية أنّه كافر ، نريد به إمّا أنّه كافر بالمعنى الخاصّ المقابل للإيمان الخاصّ ، الذي هو الإيمان بالإمامة ، وهو غير الكافر بالمعنى العام ، أي المجاهر بالكفر المقابل للمسلم ، أو نريد به المنافق ، بل الأصح أنّا نريد به المنافق الذي يعامل معاملة المظهر للإسلام باللسان ، فهو كافر بالباطن.

__________________

١ ـ السنن الكبرى للبيهقي ٨ / ١٧٣.

٢٧١

أمّا الفئة العظمى من جيشه ، فإنّا نطلق عليهم مسلمين غير مؤمنين بالإمامة ، فهم ليسوا كفّاراً مجاهرين ، ولكن إذا أُطلق عليهم الكفر يراد به الكافر الخاصّ ، المقابل للإيمان الخاصّ ، ويمكن أن يطلق عليهم مؤمنين بالمعنى العام المشار إليه سابقاً ، الذي يساوي الإسلام العام.

٧ ـ إنّ اختلاف جماعتين ربما يكون في شيء لا يخرج عن الإيمان أو الإسلام ، وربما يختلفان في شيء يخرج عنهما ، والآية عامّة شاملة لكلا الحالين.

ويبقى علينا التشخيص في تحديد الأمر المختلف عليه ، إذ بعد وقوع القتال وحصول التمايز بينهما بالبغي وعدمه ، نرجع في تحديد صفة كُلّ طائفة بما تعتقد به ، وتخالف الأُخرى عليه ، فإذا كانت طائفة تقاتل وتخالف الأُخرى على شيء يخرج عن الإسلام أو الإيمان ، نسبنا تلك الطائفة بما يناسبها من ذلك ، وهو ما حصل بين طائفة عليعليه‌السلام وطائفة معاوية ، فالخروج على إمام الزمان موبقة تخرج عن الإسلام أو الإيمان على الخلاف ، فلاحظ.

( الموسوي ـ العراق ـ ٢٠ سنة ـ طالب )

مسلم في الظاهر :

س : قد طرح عليّ هذا السؤال : هل معاوية كان مؤمناً قبل الفتنة على الأقل في نظرك أنت؟ أُريد الجواب للتأصيل فقط لا غير ، وبعدها أنا سأكمل ، فأجبته : بنعم ، فأجابني الزميل المخالف بهذا ج : سيّدنا عليرضي‌الله‌عنه يقول : نعم ، حتّى في وقت الحرب ، وكما وعدتك من كتبك.

الأوّل : عن جعفر عن أبيه أنّ علياًعليه‌السلام كان يقول لأهل حربه : « إنّا لم نقاتلهم على التكفير لهم ، ولم نقاتلهم على التكفير لنا ، ولكنّا رأينا أنّا على حقّ ، ورأوا أنّهم على حقّ »(١) .

__________________

١ ـ قرب الإسناد : ٩٣.

٢٧٢

الثاني : قال علي عليه‌السلام : « وكان بدء أمرنا أنّا التقينا بالقوم من أهل الشام ، والظاهر أنّ ربّنا واحد ، ونبيّنا واحد ، ودعوتنا في الإسلام واحدة ، ولا نستزيدهم في الإيمان بالله والتصديق برسوله ولا يستزيدوننا ، والأمر واحد إلاّ ما اختلفنا فيه من دم عثمان ، ونحن منه براء »(١) .

الثالث : عن جعفر عن أبيه : « أنّ علياً عليه‌السلام لم يكن ينسب أحداً من أهل حربه إلى الشرك ولا إلى النفاق ، ولكنّه كان يقول : هم إخواننا بغوا علينا » (٢) .

الرابع : قال علي عليه‌السلام : « إنّي أكره لكم أن تكونوا سبّابين ، ولكنّكم لو وصفتم أعمالهم ، وذكرتم حالهم كان أصوب في القول ، وأبلغ في العذر ، وقلتم مكان سبّكم إيّاهم : اللهم أحقن دماءنا ودماءهم ، وأصلح ذات بيننا وبينهم »(٣) .

أذكرك بقوله تعالى :( وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حتّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ) (٤) .

وبالإضافة للآية يكفيك الأحاديث المذكورة ، فما ردّي؟ هل هذه حجّة علينا أنّ الإمام عليعليه‌السلام شهد لمعاوية عليه من الله ما يستحق بأنّه مسلم ، فسؤالي هل معاوية كان مسلماً؟

أرجو الإفادة والمساعدة ، بارك الله بكم ، وجزاكم الله ألف خير في الدفاع عن هذا الإسلام المحمّدي الأصيل.

الجواب : الإسلام الظاهري لا ننفيه عن أيّ أحد يدّعي الإسلام ، ويتشهّد الشهادتين ، إلاّ أن يأتي بكفر بواح ، أو أنكر معلوماً من الدين بالضرورة عناداً للحقّ ، وتكذيباً للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله .

فنحن لا ننفي إسلام معاوية أو غيره في هذه الدنيا ، وإنّما نعتقد بأنّ من يخالف الحقّ ، ولم يتولّ أهل البيتعليهم‌السلام فهو ليس بمؤمن بالمعنى الأخص في

__________________

١ ـ شرح نهج البلاغة ١٧ / ١٤١.

٢ ـ قرب الإسناد : ٩٤.

٣ ـ شرح نهج البلاغة ١١ / ٢١.

٤ ـ الحجرات : ٩.

٢٧٣

الدنيا ، وليس بمسلم حقيقي عند الله في الواقع ، وهو يستحقّ النار في الآخرة.

ودليلنا على ذلك حديث الافتراق ، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «وستفترق أُمّتي إلى ثلاث وسبعين فرقة كُلّها في النار إلاّ واحدة »(١) ، فبيّن النبيّ الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله بأنّ جميع الفرق هي أُمّته الإسلامية ، وتنتسب ظاهراً ـ وفي هذه الدنيا ـ إلى الإسلام ، ولكن الفرقة الناجية منها هي واحدة فقط ، فهي المسلمة حقّاً ، وهي المتبعة للحقّ وتستحقّ الجنّة.

فهؤلاء المحاربين لأمير المؤمنينعليه‌السلام لا نخرجهم عن الإسلام في هذه الدنيا ، فنجري عليهم حكم الإسلام والمسلمين ، ودليلنا ما ورد من قول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن ، كما قاتلت على تنزيله »(٢) ، وقال عن إسناده ابن حجر : «ورجاله رجال الصحيح »(٣) .

وأمّا ما أوردت من نصوص عن أئمّتناعليهم‌السلام فهي تدلّ على ما قدّمنا من إثبات إسلامهم الظاهري ، ولكن لم يثبت نجاتهم في الآخرة أبداً.

وأمّا الأحاديث والآية التي ذكرتها لإثبات إسلامهم ، فقد أثبتنا نحن أيضاً الإسلام الظاهر ، ولا تدلّ على أكثر من ذلك ، وكذلك وصف الإمامعليه‌السلام لهم بأنّهم إخواننا بغوا علينا ، أو أنّهم رأوا أنّهم على حقّ ، فهذه الأوصاف ليست كُلّية ، وتشمل كُلّ فرد فرد ، وإنّما فيهم المنافق وفيهم الفاسق ، وفيهم المعاند وفيهم الجاهل الخ.

وخصوصاً قول الإمامعليه‌السلام : « والظاهر أنّ ربّنا واحد » ، فإنّ الإمامعليه‌السلام يبيّن أيضاً بأنّهم مسلمون ظاهراً ، بل هي تدلّ على بغيهم ، ولو تأمّلت بالآية الكريمة

__________________

١ ـ سنن الدارمي ٢ / ٢٤١ ، سنن ابن ماجة ٢ / ١٣٢٢ ، سنن أبي داود ٢ / ٣٩٠ ، الجامع الكبير ٤ / ١٣٥ ، المستدرك ١ / ١٢٨ ، المعجم الكبير ٨ / ٢٧٣.

٢ ـ مسند أحمد ٣ / ٣٣ و ٨٢ ، المستدرك ٣ / ١٢٣ ، مجمع الزوائد ٥ / ١٨٦ و ٦ / ٢٤٤ ، السنن الكبرى للنسائي ٥ / ١٥٤ ، خصائص أمير المؤمنين : ١٣١ ، مسند أبي يعلى ٢ / ٣٤١ ، صحيح ابن حبّان ١٥ / ٣٨٥ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٤٥١ ، أُسد الغابة ٤ / ٣٢.

٣ ـ مجمع الزوائد ٥ / ١٨٦.

٢٧٤

لما وجدتها تثبت ذلك لهم بعد البغي( فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حتّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ) ، فالآية غير متعرّضة بالمرّة لمن لا يفئ إلى أمر الله ، فلا تستطيع إثبات الإيمان لمن أصرّ وبقي على بغيه من خلال هذه الآية ، فهي عليك لا لك.

ويكفينا لحكمنا هذا بالتفريق بين حالهم في الدنيا وحالهم في الآخرة ما روي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعمّار ـ في أوّل أيّام الهجرة النبوية الشريفة ، عندما كانوا يبنون المسجد النبوي الشريف ـ : «ويح عمّار تقتله الفئة الباغية ، يدعوهم إلى الجنّة ، ويدعونه إلى النار »(١) .

فانظر يا أخي هداك الله كيف تجهد نفسك ، وتجعلها في صفّ مَن يدعو إلى النار وتتولاّه ، وتدافع عنه بهذه القوّة ، وتأتي بأحاديث وتقول : وكما وعدتك من كتبك

اتق الله يا أخي ، ودافع وجاهد عن الحقّ ، وعن الدعاة إلى الجنّة ، وكن معهم ، وجاهد وعاند الدعاة إلى النار ، وكن ضدّهم وتبرأ منهم.

( عيسى الشيباني ـ الإمارات ـ ٢٦ سنة ـ الثانوية العامّة )

لم يبك على علي عند شهادته :

س : عداء معاوية لعلي بن أبي طالبعليه‌السلام كان معروفاً من عدّة روايات من كلا الفريقين , فأهل السنّة يقولون حين جاء خبر مقتل علي بن أبي طالبعليه‌السلام لمعاوية بكى ، فكيف لنا أن نوافق ما بين العداء الذي كان يحمله معاوية للإمام , والبكاء الذي ذرف من عينيه بعد سماعه مقتله؟

كيف لنا أن نقيم الحجّة على القوم؟ وخاصّة في حال وجود التضارب في الأقوال في مثل هذه الحالة؟ مع المتيقّن منه العداء للإمام ، فما مدى صحّة القول الثاني؟

__________________

١ ـ مسند أحمد ٣ / ٩١ ، صحيح البخاري ١ / ١١٥ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٧ / ٥٢٣ ، صحيح ابن حبّان ١٥ / ٥٥٤ ، المعجم الكبير ١٢ / ٣٠١ ، صحيح مسلم ٨ / ١٨٦.

٢٧٥

ج : الخبر المذكور نقله ابن عساكر بسند متّصل إلى مغيرة ، ومغيرة هذا هو ابن مقسم الضبي ، وهو بعيد بكثير عن حادثة شهادة الإمام عليعليه‌السلام ، فالخبر إذاً مقطوع السند ، ثمّ أنّ هناك كلام في المغيرة ، فمنهم من وثّقة ، ومنهم من قال : أنّه يدلّس(١) .

والخبر الذي نقله هو : « جاء نعي علي بن أبي طالب إلى معاوية ، وهو نائم مع امرأته فاخته بنت قرظة ، فقعد باكياً مسترجعاً ، فقالت له فاخته : أنت بالأمس تطعن عليه واليوم تبكي عليه ، فقال : ويحك أنا أبكي لما فقد الناس من حلمه وعلمه »(٢) .

ولو غضضنا النظر عن السند ، وبحثنا في دلالته لتوصّلنا إلى ما يأتي :

١ ـ اعتراف معاوية للإمام عليعليه‌السلام بالحلم والعلم.

٢ ـ استنكار امرأة معاوية من التناقض في سلوك معاوية من قتاله والبكاء عليه ، ومعنى كلامها أنّ عدائك للإمام عليهعليه‌السلام شديد ، حتّى وصل إلى القتال ، فما معنى بكاءك؟ فيردّ عليها : أنّ الذي عند الإمام عليعليه‌السلام من الحلم والعلم يجعل الأعداء تبكي عليه.

٣ ـ احتياج الناس إلى الإمامعليه‌السلام ، وافتقارهم له عند موته.

٤ ـ إقرار معاوية بقتاله لعليعليه‌السلام .

٥ ـ بكاء معاوية كان إشفاقاً على الناس لفقدهم الإمامعليه‌السلام حسب تعليله هو.

وبملاحظة هذه الأُمور ، فإنّ هذا الخبر لا يعطي أيّ دلالة على عدم وجود العداء بين الإمامعليه‌السلام ومعاوية ، بل على العكس من ذلك ، فهو يؤكّد وجود ذلك العداء ، ويظهر فضائل الإمامعليه‌السلام ، ويؤكّد الحجّة على معاوية.

__________________

١ ـ الثقات : ٤٦٤ ، التبيين لأسماء المدلّسين : ٥٦.

٢ ـ تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٥٨٢.

٢٧٦

( أُمّ محمّد ـ الكويت ـ ٤٠ سنة ـ خرّيجة جامعة )

وصيته ليزيد إن ظفر بالحسين :

س : ورد في رواياتنا وصية معاوية لابنه يزيد ، وكان فيها إشارة إلى معرفة معاوية لحقّ الحسينعليه‌السلام : « وأمّا الحسين فقد عرفت حظّه من رسول الله , وهو من لحم رسول الله ودمه , وقد علمت لا محالة أنّ أهل العراق سيخرجونه إليهم ، ثمّ يخذلونه ويضيّعونه , فإن ظفرت به فاعرف حقّه ومنزلته من رسول الله , ولا تؤاخذه بفعله , ومع ذلك فإنّ لنا به خلطة ورحماً , وإيّاك أن تناله بسوء , أو يرى منك مكروهاً ».

فهل يعقل ذلك أم في الروايات مآخذ؟

ج : الحديث نقله من أصحابنا الشيخ الصدوققدس‌سره (١) ، وفي السند الذي ذكره أفراد مجهولون ، فلهذا لا يمكن الوثوق بصحّة مثل هكذا حديث.

ولو سلّمنا بصحّة السند ، فهو يدلّ على مدى الوقاحة لدى يزيد أن أقدم على قتل الحسينعليه‌السلام ، وهو عارف بحقّه ، ويدلّ أيضاً على مدى الدهاء الذي يتمتّع به معاوية الغاصب للخلافة ، والمحارب لأبي الحسينعليهما‌السلام ، العارف بحقّهما وقربهما من رسول الله ، والذي يجيز لابنه الظفر بالحسينعليه‌السلام ، ولا يجيز له أن يناله مكروه ، لأنّه يعلم أنّ إلحاق الأذى بالحسينعليه‌السلام سوف يزلزل ملك ابنه ، فهو معلّم لابنه أُسلوباً من أساليب الدهاء ، التي لم يجد الابن ممارستها.

وبالتمحيص في شخصية معاوية لا يبدو غريباً أن يصدر منه مثل هكذا وصيّه ، فقد عُرف بالمكر والخداع والدهاء ، وصدور مثل هكذا وصيّة من معاوية لا يعدّ فضيلة له ، بل فيها أكبر إدانة له ، حيث يعلّم ابنه الأساليب المناسبة للتسلّط على المسلمين ، وكبح جماح المعارضين ، وفي تسلّط يزيد

__________________

١ ـ الأمالي للشيخ الصدوق : ٢١٦.

٢٧٧

الفاسق الفاجر على المسلمين أكبر ظلامة وقعت على الإسلام والمسلمين ، والتي يتحمّل جزءً كبيراً منها معاوية ، وذلك بتمهيد الطريق أمام ابنه للتسلّط على رقاب المسلمين ، وهذا ما ذكره معاوية في تلك الوصية في غير تلك الأسطر التي ذكرتها.

٢٧٨

المعجزة :

( السيّد علي ـ البحرين ـ )

شروطها :

س : ما هي شروط المعجزة؟

ج : ننقل لك نصّ عبارة الشيخ الطوسيقدس‌سره حول شروط المعجز : « والمعجز يدلّ على ما قلناه بشروط : أوّلها : أن يكون خارقاً للعادة ، والثاني : أن يكون من فعل الله تعالى أو جارياً مجرى فعله ، والثالث : أن يتعذّر على الخلق جنسه أو صفته المخصوصة ، والرابع : أن يتعلّق بالمدّعي على وجه التصديق لدعواه.

وإّنما اعتبرنا كونه خارقاً للعادة لأنّه لو لم يكن كذلك لم يعلم أنّه فعل للتصديق دون أن يكون فعل بمجرى العادة ، ألا ترى أنّه لا يمكن أن يستدلّ بطلوع الشمس من مشرقها على صدق الصادق ، ويمكن بطلوعها من مغربها وذلك لما فيه من خارق العادة.

واعتبرنا كونه من فعل الله لأنّ المدّعي إذا ادّعى أنّ الله يصدّقه بما يفعله ، فيجب أن يكون الفعل الذي قام مقام التصديق من فعل من طلب منه التصديق ، وإلاّ لم يكن دالاً عليه ، وفعل المدّعي كفعل غيره من العباد ، لأنّه لا يدلّ على التصديق ، وإنّما يدلّ فعل من أدّعى عليه التصديق

وإنّما اعتبرنا أن يكون متعذّراً في جنسه أو صفته ، لأنّا متى لم نعلمه كذلك لم نأمن أن يكون من فعل غير الله ، وقد بيّنا لابدّ أن يكون من فعله »(١) .

__________________

١ ـ الاقتصاد : ١٥٥.

٢٧٩

( عبد الله ـ أمريكا ـ )

التمييز بين معجزة النبيّ وغيره :

س : كيف نفرّق بين معاجز الأنبياء وبين بعض الظواهر الغريبة الصادرة من السحرة ، والمرتاضين ، وأصحاب التنويم المغناطيسي؟

ج : يمكننا تمييز النبيّ بمعجزته عن غيره ـ من الذين تظهر منهم بعض الظواهر الخارقة للعادة ـ بعدّة نقاط :

الأُولى : أنّ النبيّ لا يحتاج في إظهار معجزته إلى تعليم أو تمرين ، بينما يحتاج غيره إلى ذلك ، حتّى يظهر ما هو خارق للعادة.

الثانية : ظاهرة المعجزة لا يمكن لغير النبيّ من الإتيان بمثلها ، بينما ظاهرة السحر والشعوذة ، والتنويم المغناطيسي ، ورياضة المرتاض يسهل على الغير تكرارها.

فبإمكان كُلّ إنسان أن يحوّل من الحبال أشكالاً وهمية تشبه الأفاعي ، حينما يسحر أعين الناس ، إلاّ أنّه يعجز عن أن يلقي عصاه ـ كما فعل النبيّ موسىعليه‌السلام ـ لتكون أفعى تلقف ما يؤفك من السحر.

الثالثة : ليس من عادة غير الأنبياء إعلان تحدّيهم للغير في الإتيان بمثل ما أتوا به ، بينما نلاحظ الأنبياء قد قرنوا معجزتهم بالتحدّي على الإتيان بمثل ما أتوا به ، كما تحدّى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المشركين حينما أظهر معجزة القرآن :( قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ) (١) .

الرابعة : أنّ الساحر والمشعوذ والمرتاض وغيرهم يكون ما يظهر على أيديهم محدّداً بحدود خاصّة ـ تبعاً لطريقة التمرين والرياضة التي تعلّموها ـ بينما كان الأنبياء يلبّون طلب الناس في إظهار أيّ معجزة ، ومن دون سابق إعلان في تحديد

__________________

١ ـ الإسراء : ٨٨.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585