موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٤

موسوعة الأسئلة العقائديّة10%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-04-1
الصفحات: 585

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 585 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 253239 / تحميل: 6998
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٤

مؤلف:
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠٤-١
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

والمعروف والمشهور أنّ فاطمةعليها‌السلام خرجت من الدنيا وهي غاضبة على أبي بكر وعمر ، وأمرت أمير المؤمنينعليه‌السلام أن لا يسمح لأبي بكر وعمر حضور تشييع جنازتها ، ولهذا فقد دفنت ليلاً.

( العجمي ـ عمان ـ )

شكّه في يوم الحديبية :

س : ما مدى صحّة قول الخليفة الثاني عمر في يوم الحديبية : ما شككت بنبوّة محمّد مثل شكّي يوم الحديبية؟ وأرجو ذكر المصادر.

ج : لاشكّ ولا ريب أنّ عمر بن الخطّاب وقع في الشكّ والريب بنبوّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في يوم الحديبية وغيره ، والمصادر التاريخية خير شاهد على ذلك.

فقد قال السيوطي : « وأخرج عبد الرزاق ، وأحمد ، وعبد بن حميد ، والبخاري ، وأبو داود ، والنسائي ، وابن جرير ، وابن المنذر عن المسور بن مخرمة ، ومروان بن الحكم فذكر قضية شكّ عمر يوم الحديبية ، إلى أن وصل إلى قول عمر : والله ما شككت منذ أسلمت إلاّ يومئذ »(١) .

وأورد الصالحي الشامي هذه القضية في سيرته ، ناقلاً عن ابن إسحاق ، وأبي عبيد ، وعبد الرزاق ، وأحمد بن حنبل ، وعبد بن حميد ، والبخاري ، وأبي داود ، والنسائي ، وابن جرير ، وابن مردويه ، ومحمّد بن عمر عن المسور بن مخرمة ، ومروان بن الحكم ، فذكر هذه القضيّة ، إلى أن حكى قول عمر قائلاً : وقال كما في الصحيح : والله ما شككت منذ أسلمت إلاّ يومئذ(٢) .

____________

١ ـ الدرّ المنثور ٦ / ٧٧.

٢ ـ سبل الهدى والرشاد ٥ / ٥٣.

٣٨١

وعن أبي يعلى عن عمر أنّه قال : اتهموا الرأي على الدين ، فلقد رأيتني أردّ أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله برأي ، وما ألوت عن الحقّ ، وفيه قال : فرضي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأبيت ، حتّى قال لي : يا عمر ، تراني قد رضيت وتأبى(١) .

فإنّ قول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : «أوَ في شكّ أنت يا بن الخطّاب » للإنكار التوبيخي ـ كما قال القسطلاني في شرحه لصحيح البخاري(٢) .

لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان عالماً بما يخطر في نفس الخليفة ، وما يجول في باله ، وعارفاً بمفاد مقاله ، لا أنّه استعلم عمّا خفي عليه من حاله ، والخليفة لم ينكر ذلك ، بل طلب من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يستغفر له من وباله.

( بدر الدين ـ المغرب ـ )

تركه لشرب الخمر :

س : ورد في بعض الكتب : أنّ عمر بن الخطّاب بقي يشرب الخمر حتّى نزل قول الله تعالى :( إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ) (٣) ، فقال عمر : انتهينا انتهينا(٤) .

السؤال : هل لديكم تقدير لوقت نزول هذه الآية؟ وبالتالي متى توقّف عمر عن شرب الخمر؟ فوقت نزولها إذن أراه مهمّاً في هذه القضية!

ج : لا يمكن تحديد تواريخ نزول الآيات بالضبط ، فذلك عسير جدّاً بعد أن أغفل من قبل محقّقي الفريقين ، ولعلّ دليل عدم اهتمامهم في متابعة تاريخ نزول

____________

١ ـ المعجم الكبير ١ / ٧٢ و ٦ / ٨٨ ، مجمع الزوائد ٦ / ١٤٥ ، فتح الباري ٥ / ٢٥٤ و ١٣ / ٢٤٥ ، كنز العمّال ١ / ٣٧٢.

٢ ـ إرشاد الساري ٥ / ٥٣٩.

٣ ـ المائدة : ٩١.

٤ ـ مسند أحمد ١ / ٥٣ ، الجامع الكبير ٤ / ٣٢٠ ، سنن النسائي ٨ / ٢٨٧ ، جامع البيان ٢ / ٤٩٣ و ٧ / ٤٥ ، الجامع لأحكام القرآن ٦ / ٢٨٦.

٣٨٢

السور ، هو الاقتصار على مهمّة تفسير الآية دون التعرّض إلى ملازماتها التاريخية ، إلاّ أنّ إمكانية معرفة تاريخ نزول الآيات يمكن استخلاصه من خلال قرائن تاريخية تقرّب تاريخ النزول.

فالآية آنفة الذكر يحتمل بعض المفسّرين أنّها نزلت بعد غزوة أحد بأربعة أشهر(١) ، وبعضهم قال : إنّها نزلت بعد غزوة الأحزاب بأيّام(٢) .

( مقداد ـ الإمارات ـ سنّي ـ ١٨ سنة ـ طالب جامعة )

بعض ما اتصف به :

س : جاء في بعض كتب الشيعة : أنّ عمر بن الخطّاب كان مصاباً بداء في دبره ، لا يهدأ إلاّ بماء الرجال ، فهل هذه الرواية صحيحة؟ أُريد إجابة صريحة ، إمّا نعم ، وإمّا لا.

ج : إنّ البحث عن هكذا مواضيع ـ نفياً أو إثباتاً ـ لا يثمر في المقام ، والصفح عنها أحرى وأجدر.

ولا يفوتنا أن نذكّركم بأنّ هذا الموضوع بالذات ، قد جاء في بعض كتب أهل السنّة أيضاً ، ففي حاشية السيوطي المدّونة على القاموس في لفظ « الابنة » جاء : « بأنّها كانت في خمسة في زمن الجاهلية ، أحدهم سيّدنا عمر »(٣) .

ثمّ حتّى لو ذكر في كتاب ، فإنّ الموضوع يرتبط برأيه الشخصي ، فلا ينبغي أن يحمل على المذهب ، إلاّ بعد خضوعه للبحث السندي والدلالي ، إذ لا تعتقد الشيعة بصحّة أي كتاب ـ سوى القرآن الكريم ـ مائة بالمائة ، وهنا تخالف الشيعة أهل السنّة في اعتمادهم بلا استثناء على كتب كالصحيحين.

____________

١ ـ تاريخ اليعقوبي ٢ / ٤٩.

٢ ـ الدرّ المنثور ٢ / ٣١٨ ، فتح القدير ٢ / ٧٥.

٣ ـ بحار الأنوار ٣١ / ٩٦.

٣٨٣

فعلى ضوء ما ذكرنا ، يضطرّ السنّي للدفاع عن البخاري أو مسلم ، ومن ثمّ يرد عليه أخطاؤهما ، في حين أنّ الشيعي لا يتحمّل أخطاء الآخرين ـ إن أخطأوا ـ مهما كانت جلالة قدرهم.

( هادي الفقيه ـ أمريكا ـ ٢١ سنة ـ هندسة الحاسبات )

ما ورد حوله في مصادر أهل السنّة :

س : عندي الكثير من الأصدقاء السنّة ، وهم يسألوني بعض الأسئلة ، وأتمنّى منكم أن تجيبون عليها ، حيث يقولون : عمر بن الخطّاب أفضل من علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

أُريد منكم إن تعطوني بعض الأمثلة لأثبت أنّ علياًعليه‌السلام أفضل من عمر ، ومن كتبهم.

ج : إنّ فضائل الإمام عليعليه‌السلام قد ملأت الخافقين ، ممّا أجبرت الخصوم على الاعتراف ببعضها ، وقد صرّح كبار علماء الفريقين : بأنّ ما بلغنا من فضائل لأمير المؤمنينعليه‌السلام هو أقلّ بكثير ممّا هو على حقيقته ، والفضل ما شهدت به الأعداء.

وأمّا عن عمر ، فننقل لك ما ورد عنه في كتب القوم :

قد لقّبه أهل الكتاب بلقب الفاروق(١) ، وهو لقب لعليعليه‌السلام ، لقّبه به الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) ، وابتز لقب أمير المؤمنينعليه‌السلام لنفسه(٣) ، وهو يعلم بأنّ هذا اللقب خاصّ بعليعليه‌السلام .

____________

١ ـ تاريخ المدينة ٢ / ٦٦٢ ، الطبقات الكبرى ٣ / ٢٧٠ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٤ / ٥١ ، أُسد الغابة ٤ / ٥٧ ، تاريخ الأُمم والملوك ٣ / ٢٦٧.

٢ ـ ذخائر العقبى : ٥٦ ، شرح نهج البلاغة ١٣ / ٢٢٨ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٤٢ ، ينابيع المودّة ٢٢ / ١٤٤.

٣ ـ تاريخ الأُمم والملوك ٣ / ٢٧٧ ، كنز العمّال ١٢ / ٥٧٦ ، تاريخ مدينة دمشق ٣٠ / ٢٩٧ ، أُسد الغابة ٤ / ٧١ ، تاريخ المدينة ٢ / ٦٧٨.

٣٨٤

وقال في موارد متعدّدة : « لولا علي لهلك عمر »(١) .

وكان يعتقد بإضافة سورتين مزعومتين ـ الخلع والحفد ـ إلى القرآن الموجود(٢) ، وادعى آيات أُخرى(٣) ، وكان يقول بتحريف القرآن ، ويرى أنّ أكثره قد ضاع(٤) ، وحرّم السؤال والبحث في تفسير الآيات القرآنية(٥) .

وكان كثير الاعتراض على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقد اعترض عليه في صلاته على عبد الله بن أُبي(٦) ، واعترض في تبشيرهصلى‌الله‌عليه‌وآله الناس بالجنّة بقولهم كلمة التوحيد(٧) ، وأنكر بشدّة عليهصلى‌الله‌عليه‌وآله في الحديبية ، حتّى اعترف فيما بعد بشكّه في النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله والإسلام(٨) .

____________

١ ـ شرح نهج البلاغة ١ / ١٨ و ١٤١ و ١٢ / ١٧٩ و ٢٠٥ ، نظم درر السمطين : ١٣٠ ، المناقب : ٨١ ، جواهر المطالب ١ / ١٩٥ ، ينابيع المودّة ١ / ٢١٦ و ٢٢٧ و ٣ / ١٤٧.

٢ ـ مسند أحمد ١ / ١٩٩ ، فتح الباري ٩ / ١٢ ، مجمع الزوائد ٧ / ٣٥ ، كنز العمّال ٢ / ٤٢١ ، تفسير القرآن العظيم ٢ / ٤١٩ ، الدرّ المنثور ٣ / ٢٩٦.

٣ ـ صحيح البخاري ٨ / ٢٦ ، الدرّ المنثور ١ / ١٠٦ و ٤ / ٣٧١ ، مسند أبي داود : ١٢ ، مسند أحمد ١ / ٤٧ ، فتح القدير ٣ / ٤٧١ ، السيرة النبوية لابن هشام ٤ / ١٠٧٢ ، مجمع الزوائد ١ / ٩٧ ، فتح الباري ١٢ / ١٣١ ، المصنّف للصنعاني ٥ / ٤٤١ و ٩ / ٥٠ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٨ / ٥٧٠ ، المعجم الكبير ٥ / ١٢١ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ١٢٧ ، كنز العمّال ٢ / ٥٩٦ و ٥ / ٤٢٩ و ٦ / ٢٠٨ ، تفسير القرآن العظيم ٣ / ٤٧٦ ، الدرّ المنثور ١ / ١٠٦ ، تاريخ الأُمم والملوك ٢ / ٤٤٦.

٤ ـ الدرّ المنثور ٥ / ١٧٩ و ٦ / ٤٢٢ ، المصنّف للصنعاني ٧ / ٣٣٠ ، كنز العمّال ١ / ٥١٧ و ٥ / ٤٣١ ، مجمع الزوائد ٧ / ١٦٣ ، المعجم الأوسط ٦ / ٣٦١ ، فيض القدير ٤ / ٧٠٠.

٥ ـ الدرّ المنثور ٢ / ٧ و ٢٢٧ ، سنن الدارمي ١ / ٥٥ ، كنز العمّال ٢ / ٣٣١ و ٣٨٣ ، تاريخ مدينة دمشق ٢٣ / ٤١١ ، فتح القدير ١ / ٣١٩ ، الإصابة ٣ / ٣٧٠.

٦ ـ صحيح البخاري ٢ / ١٠٠ ، السيرة النبوية لابن هشام ٤ / ٩٧٩ ، المحلّى ١١ / ٢٠٩ ، الجامع الكبير ٤ / ٣٤٣ ، سنن النسائي ٤ / ٦٨ ، تحفة الأحوذي ٨ / ٣٩٣ ، صحيح ابن حبّان ٧ / ٤٤٩.

٧ ـ صحيح مسلم ١ / ٤٥.

٨ ـ المعجم الكبير ١ / ٧٢ و ٦ / ٨٨ ، مجمع الزوائد ٦ / ١٤٥ ، فتح الباري ٥ / ٢٥٤ و ١٣ / ٢٤٥ ، كنز العمّال ١ / ٣٧٢ ، الدرّ المنثور ٦ / ٧٧ ، سبل الهدى والرشاد ٥ / ٥٣.

٣٨٥

وكان لا يأتمر بأوامر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وشرعه ومنهاجه ، فقد تخلّف عن جيش أُسامة مع تشديد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ولعنه المتخلّفين(١) .

وابتدع الجماعة في صلاة النوافل « التراويح » ، واستحسن هذه البدعة(٢) ، ومنع عن متعة الحجّ ومتعة النساء ، واعترف أنّهما مشرّعتان من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله (٣) ، وغيّر تشريع الطلاق(٤) .

وكان يرى عدم وجوب الصلاة لمن أجنب ولم يجد ماءً(٥) ، وكان يذعن ويعترف بقلّة علمه حتّى بالنسبة إلى النساء(٦) .

____________

١ ـ الملل والنحل ١ / ٢٣.

٢ ـ المغني لابن قدامة ١ / ٧٩٨ ، تحفة الأحوذي ٣ / ٤٥٠ ، نصب الراية ٢ / ١٧٤ ، كنز العمّال ٨ / ٤٠٧ ، تلخيص الحبير ٤ / ٢٤٧ ، كتاب الموطّأ ١ / ١١٤ ، تنوير الحوالك : ١٣٧ ، الشرح الكبير ١ / ٧٤٧ ، نيل الأوطار ٣ / ٦٣ ، صحيح البخاري ٢ / ٢٥٢ ، فتح الباري ٤ / ٢١٩ ، المصنّف للصعناني ٤ / ٢٥٩ ، صحيح ابن خزيمة ٢ / ١٥٥.

٣ ـ مسند أحمد ٣ / ٣٥٦ ، شرح نهج البلاغة ١ / ١٨٢ و ١٢ / ٢٥١ و ١٦ / ٢٦٥ ، كنز العمّال ١٦ / ٥٢١ ، أحكام القرآن للجصّاص ١ / ٣٥٢ و ١٩١ ، الجامع لأحكام القرآن ٢ / ٣٩٢ ، علل الدارقطني ٢ / ١٥٦ ، تاريخ بغداد ١٤ / ٢٠٢ ، تاريخ مدينة دمشق ٦٤ / ٧١ ، تهذيب الكمال ٣١ / ٢١٤ ، تذكرة الحفّاظ ١ / ٣٦٦ ، المبسوط للسرخي ٤ / ٢٧ ، المغني لابن قدامة ٧ / ٥٧٢ ، الشرح الكبير ٧ / ٥٣٧ ، المحلّى ٧ / ١٠٧.

٤ ـ صحيح مسلم ٤ / ١٨٣ ، مسند أحمد ١ / ٣١٤ ، المستدرك ٢ / ١٩٦ ، السنن الكبرى للبيهقي ٧ / ٣٣٦ ، فتح الباري ٩ / ٢٩٧ ، المجموع ١٧ / ١٢٢ ، المحلّى ١٠ / ١٦٨ ، سبل السلام ٣ / ١٧٢ ، نيل الأوطار ٧ / ١٤ ، عون المعبود ٦ / ١٩٠ ، سنن الدارقطني ٤ / ٣١ ، الجامع لأحكام القرآن ٣ / ١٣٠.

٥ ـ مسند أحمد ٤ / ٢٦٥ ، السنن الكبرى للبيهقي ١ / ٢١١ و ٢٢٦ ، صحيح ابن حبّان ٤ / ١٢٨ ، تفسير القرآن العظيم ١ / ٥١٧.

٦ ـ شرح نهج البلاغة ١ / ١٨٢ و ١٢ / ٢٠٨ ، الدرّ المنثور ٢ / ١٣٣ ، السنن الكبرى للبيهقي ٧ / ٢٣٣ ، مجمع الزوائد ٤ / ٢٨٤ ، كنز العمّال ١٦ / ٥٣٧ ، فيض القدير ٢ / ٨ ، كشف الخفاء ١ / ٢٦٩ و ٢ / ١١٨ ، تفسير القرآن العظيم ١ / ٤٧٨ ، فتح القدير ١ / ٤٤٣.

٣٨٦

وقال قولته المشهورة عند وفاة رسول الله ، وبمحضرهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وردّاً لطلبهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّه ليهجر ، أو إنّه يهجر(١) ، قد غلبه الوجع وعندكم القرآن حسبكم كتاب الله(٢) ، حتّى لا يجعل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله الأمر لعليعليه‌السلام .

ويشهد التاريخ بمدى جبنه في الحروب!!(٣) ، واعترف بانفلات بيعة أبي بكر لتضمّنها الشرّ(٤) ، وهاجم بيت عليعليه‌السلام وفاطمةعليها‌السلام في جماعة ، لتثبيت بيعة أبي بكر ، وصار ما صار من الحرق ، وإسقاط الجنين(٥) .

وخالف النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وأبي بكر في جعله الخلافة في شورى بين ستة(٦) ، وتعلّم سورة البقرة في اثنتي عشرة سنة!!(٧) .

ومنع من نشر أحاديث الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بل وأمر بإحراقها(٨) ، ومنع زيارة شجرة الرضوان وأمر بقطعها(٩) .

____________

١ ـ صحيح مسلم ٥ / ٧٦ ، السنن الكبرى للنسائي ٣ / ٤٣٥ مسند أحمد ١ / ٣٥٥ ، تاريخ الأُمم والملوك ٢ / ٤٣٦ ، الكامل في التاريخ ٢ / ٣٢٠ ، أضواء على السنّة المحمّدية : ٥٥.

٢ ـ مسند أحمد ١ / ٣٢٥ ، صحيح البخاري ١ / ٣٧ و ٥ / ١٣٨ و ٨ / ١٦١ ، الطبقات الكبرى ٢ / ٢٤٤ ، الشفا بتعريف حقوق المصطفى ٢ / ١٩٢.

٣ ـ المصنّف لابن أبي شيبة ٨ / ٥٢٥ ، مجمع الزوائد ٦ / ١٥٠ و ٩ / ١٢٤ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٩٣ ، البداية والنهاية ٧ / ٣٧٣ ، المستدرك ٣ / ٣٧ ، كنز العمّال ١٠ / ٤٦٢.

٤ ـ السنن الكبرى للنسائي ٤ / ٢٧٢ ، صحيح ابن حبّان ٢ / ١٥٨ ، شرح نهج البلاغة ٢ / ٢٦ و ٩ / ٣١ و ١٢ / ١٤٧ و ٢٠ / ٢١ ، تاريخ اليعقوبي ٢ / ١٥٨ ، لسان العرب ٢ / ٦٧.

٥ ـ الإمامة والسياسة : ٣٠ ، تاريخ الأُمم والملوك ٢ / ٤٤٣ ، ٣ / ٢٠٣ ، شرح نهج البلاغة ٢ / ٥٦ و ٦ / ٤٨ ، المختصر في أخبار البشر ١ / ٢١٩.

٦ ـ تاريخ اليعقوبي ٢ / ١٦٠.

٧ ـ الدرّ المنثور ١ / ٢١ ، تنوير الحوالك : ٢١٦ ، الجامع لأحكام القرآن ١ / ٤٠.

٨ ـ الطبقات الكبرى ٦ / ٧ ، البداية والنهاية ٨ / ١١٥ ، تذكرة الحفّاظ ١ / ٧ ، الأم ٧ / ٣٥٨ ، كنز العمّال ٢ / ٢٨٥ ، المستدرك ١ / ١٠٢.

٩ ـ المصنّف لابن أبي شيبة ٢ / ٢٦٩ ، الدرّ المنثور ٦ / ٧٣ ، شرح نهج البلاغة ١٢ / ١٠١ ، فتح القدير ٥ / ٥٢ ، فتح الباري ٧ / ٣٤٥ ، سبل الهدى والرشاد ٥ / ٥٠.

٣٨٧

وأخيراً : وبعد هذا كُلّه ، كيف يكون أفضل من الإمام عليعليه‌السلام ، وكيف يكون أولى بالخلافة منه؟!

( تقي الدين ـ مصر ـ سنّي ـ ٣٥ سنة ـ طالب علم )

تعليق على الجواب السابق وجوابه :

س : أُعلّق على شيء واحد : لا تصحّ قصّة قطع سيّدنا عمر لشجرة بيعة الرضوان عند المحقّقين من أهل السنّة ، والحافظ ابن حجر لو رجعتم إلى كلامه في فتح الباري ، لوجدتم أنّه قال : « ثمّ وجدت عند سعد بإسناد صحيح عن نافع أنّ عمر بلغه »(١) ، فالحافظ لم يصحّح إلاّ إسناد القصّة إلى نافع ، لكن يبقى أنّ هناك انقطاعاً بين نافع وعمر فلا تصحّ القصّة ، هذا من حيث السند ، وقد ضعّفها غير واحد.

ومن حيث المتن : فإنّ هذه الحادثة لا يمكن أن تكون صحيحة ، لمخالفتها ما ثبت في الصحيحين ، من أنّ مكان الشجرة قد خُفي على الصحابة ، وأنّ التابعين كانوا يبحثون عنها بعد وفاة سيّدنا عمر ، ولو كان قد قطعها لانتشر خبر ذلك بينهم.

ففي صحيح البخاري : « حدّثنا محمّد بن رافع حدّثنا شبابة بن سوار أبو عمرو الفزاري ، حدّثنا شعبة عن قتادة عن سعيد بن المسيّب عن أبيه قال : لقد رأيت الشجرة ، ثمّ أتيتها بعد فلم أعرفها ، قال محمود : ثمّ أنسيتها بعد »(٢) .

وفيه أيضاً : « حدّثنا محمود ، حدّثنا عبيد الله عن إسرائيل عن طارق بن عبد الرحمن قال : انطلقت حاجّاً فمررت بقوم يصلّون قلت : ما هذا المسجد؟ قالوا : هذه الشجرة حيث بايع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بيعة الرضوان ، فأتيت سعيد بن المسيّب فأخبرته ، فقال سعيد : حدّثني أبي أنّه كان فيمن بايع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله تحت الشجرة ، قال : فلمّا خرجنا من العام المقبل نسيناها فلم نقدر عليها ،

____________

١ ـ فتح الباري ٧ / ٣٤٥.

٢ ـ صحيح البخاري ٥ / ٦٤.

٣٨٨

فقال سعيد : إنّ أصحاب محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يعلموها ، وعلمتموها أنتم فأنتم أعلم »(١) .

وفيه أيضاً : « حدّثنا موسى حدّثنا أبو عوانة ، حدّثنا طارق عن سعيد بن المسيّب عن أبيه : أنّه كان ممّن بايع تحت الشجرة ، فرجعنا إليها العام المقبل فعميت علينا »(٢) .

يقول الطبري : « وزعموا أنّ عمر بن الخطّاب مر بذلك المكان بعد أن ذهبت الشجرة فقال : أين كانت؟ فجعل بعضهم يقول : هنا ، وبعضهم يقول : ههنا ، فلمّا كثر اختلافهم قال : سيروا ، هذا التكلّف فذهبت الشجرة ، وكانت سمرة ، إمّا ذهب بها سيل ، وإمّا شيء سوى ذلك »(٣) .

ولم يرتض الحافظ إنكار سعيد حيث قال : « لكن إنكار سعيد بن المسيّب على من زعم أنّه عرفها معتمداً على قول أبيه ، إنّهم لم يعرفوها في العام المقبل لا يدلّ على رفع معرفتها أصلاً ، فقد وقع عند المصنّف من حديث جابر الذي قبل هذا : لو كنت أبصر اليوم لأريتكم مكان الشجرة ، فهذا يدلّ على أنّه كان يضبط مكانها بعينه ، وإذا كان يضبط موضعها ففيه دلالة على أنّه كان يعرفها بعينها ، لأنّ الظاهر أنّها حين مقالته تلك كانت هلكت إمّا بجفاف أو بغيره ، واستمر هو يعرف موضعها بعينه »(٤) .

قلت : حاصل ما ذكره الحافظ أن يقال : بأنّ مكان الشجرة كان خافياً على جماهير الصحابة ، وليس هناك ما يدلّ على علم سيّدنا عمر بمكانها.

ج : نودّ أن نذكّركم بأنّ المقام مقام بحث وردّ وبدل ، وقرع الحجّة بالحجّة ، وليس المقام مقام إدلاء الكلام ، ورميه كيف ما كان ، فالبدء بالدليل جزء من البدء بغيره ، لأنّ الزمن أصبح زمن الدليل ، وولّى عصر الدعاوى التي لا تقوم على سند.

____________

١ ـ المصدر السابق ٥ / ٦٥.

٢ ـ نفس المصدر السابق.

٣ ـ جامع البيان ٢٦ / ١١٢.

٤ ـ فتح الباري ٧ / ٣٤٤.

٣٨٩

بالنسبة لشجرة بيعة الرضوان ، فالمروي عن نافع بسند صحيح : أنّ عمر بن الخطّاب هو الذي قطعها.

يبقى الكلام في كون نافع ـ الذي لا يعرف له أب ولا أُمّ ولا رسم ـ مولىً لابن عمر ، وأنّ ابن عمر هو الذي أسره في بعض الغزوات ، فالرواية مرسلة هذا ملخّص الإشكال؟

والجواب أوّلاً : الحديث المرسل لم يقل أحد بأنّه لا يصحّ مطلقاً ، فهناك من فرّق بين إرسال كبار التابعيين وبين غيرهم ، فقد احتجّ بالمرسل مالك وأبو حنيفة ، وأحمد بن حنبل(١) ، ونافع من أئمّة التابعين فيمكن الاحتجاج بقوله.

وثانياً : إنّ نافعاً لم يسند الرواية إلى عمر بن الخطّاب حتّى نقول بأنّها مرسلة ، وإنّما جزم بأنّ عمر بن الخطّاب هو الذي قطعها ، وهذا لا يعني الإرسال ، لأنّ نافعاً معاصر لابن عمر بن الخطّاب ـ وهو مولاه ـ ولكثير من الصحابة ، فيكون هذا الأمر معلوم عنده بواسطة الصحابة الذين عاصروا عمر ابن الخطّاب.

ومن خلال معاصرته لزمن قريب من زمن عمر بن الخطّاب ، فقواعد الحديث أشبهت في تطبيقها هنا ، وإنّما هو قول لنافع مولى ابن عمر في أنّ عمر بن الخطّاب هو الذي قطع الشجرة.

وثالثاً : على كُلّ تقدير ، فقد قال الإمام مالك في حقّ نافع : « إذا قال نافع شيئاً فاختم عليه »(٢) .

وقال الخليلي : « نافع من أئمّة التابعين بالمدينة ، إمام في العلم متّفق عليه صحيح الرواية ، منهم من يقدّمه على سالم ، ومنهم من يقارنه به ، ولا يعرف له خطأ في جميع ما رواه »(٣) .

____________

١ ـ الباعث الحثيث : ٥٧.

٢ ـ سير أعلام النبلاء ٥ / ٩٨.

٣ ـ تهذيب الكمال ٢٩ / ٣٠٦.

٣٩٠

وأمّا ما روي عن سعيد بن المسيّب فهو مطروح لعدّة أُمور.

أوّلاً : إنّ المبايعين تحت الشجرة بشهادة ابن المسيّب نفسه ١٦٠٠ نفر ، أو ١٥٠٠ نفر ، فكيف تعقل أنّ هؤلاء جميعاً نسوا مكان شجرة بيعة الرضوان ، مع أنّ مكان الشجرة يقع في الحديبية ، وهي تبعد مرحلة عن مكّة ، أي مسير نصف يوم(١) ، وفي هؤلاء المبايعين كثير من المهاجرين ، الذين هم من أهل مكّة ، وهم سكنة تلك المناطق.

أقول : مع هذا كُلّه ، كيف نتصوّر أنّهم أضاعوا المكان ولا يعرفوه؟!

بل أنّنا نجد شخصاً أنصارياً ـ وهو جابر بن عبد الله الأنصاري ـ يقول : لو كنت أبصرت اليوم لأريتكم مكان الشجرة(٢) ، مع أنّه كان في زمن بيعة الرضوان شاباً يافعاً ، وهو مدني والحديبية تبعد عن المدينة تسع مراحل(٣) ، ومع ذلك يقول : أنا أعرف مكانها ، وأعرف محلّها ، فما بالك بالمهاجرين ، والذين فيهم الكبار ، وهم أهل مكّة ، كيف لا يعرفونها مع هذا العدد الضخم؟ الذي لا يقل عن ١٤٠٠ نفر من المبايعين؟!

فهذا كُلّه يشهد لصحّة كلام نافع مولى ابن عمر ، من أنّ عمر بن الخطّاب هو الذي قطعها ، ويبطل قول سعيد بن المسيّب ، بل لا يمكن تصحيح كلام سعيد بن المسيّب بتاتاً ، والقضية مشهورة عند علماء المسلمين ، وإليك بعض كلماتهم :

قال ابن أبي الحديد : « قد وجدنا في الآثار والأخبار في سيرة عمر أشياء تناسب قوله هذا في الحجر الأسود ، كما أمر بقطع الشجرة التي بويع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تحتها بيعة الرضوان في عمرة الحديبية ، لأنّ المسلمين بعد وفاة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كانوا يأتونها فيقيلون تحتها ، فلمّا تكرّر ذلك أوعدهم عمر فيها ، ثمّ أمر بها فقطعت »(٤) .

____________

١ ـ معجم البلدان ٢ / ٢٢٩.

٢ ـ صحيح البخاري ٥ / ٦٣.

٣ ـ معجم البلدان ٢ / ٢٢٩.

٤ ـ شرح نهج البلاغة ١٢ / ١٠١.

٣٩١

واثبت هذا القول ابن الجوزي في « زاد المسير »(١) ، وذكرها السيوطي في « الدرّ المنثور »(٢) ، والشوكاني في « فتح القدير »(٣) .

وأمّا ما نقلته عن الطبري فلا ربط له بالمقام ، إذ إنّ عمر مرّ بالمكان بعد أن ذهبت الشجرة ، والكلام هو فيمن أذهب الشجرة؟ لا بعد ذهاب الشجرة ، ولا يوجد أيّ مستند على ذهاب السيل بها ، أو شيء آخر ، وإنّما هو كلام بلا سند.

ثمّ إنّ في رواية سعيد بن المسيّب عن أبيه عبارة وهي : « أنسيناها » أو « نسيناها » ، والبخاري أورد « أتيناها » ، أي أن فعل الانساء خارج عن إرادتهم ، ولم يكن منهم ، فكأنّما الله أنساهم مكان الشجرة ، وهذا شيء فيه استفهام كبير ، إذ ما السر في انسائهم مكان شجرة التي بايعوا تحتها بيعة الحديبية.

وأمّا قولك أخيراً : « قلت : حاصل ما ذكره » ، فقد اتّضح ما فيه بعد وضوح كون الصحابة الذين بايعوا أكثر من أربعة عشر مائة ، ومنهم من المهاجرين ، والمكان لا يبعد عن مكّة إلاّ نصف يوم ، فكيف خفي عليهم؟!

وكيف لم يخف على جابر بن عبد الله الأنصاري الحدث السن في تلك الأيّام ، والذي يبعد عن مكّة أربعة أيّام ونصف ، ويخفى على المهاجرين أهل البلد؟!

هذا ملخّص ما جال في البال ، وإلاّ فللمقام كلام يطول به ، أعرضنا عنه اختصاراً.

( إبراهيم ـ البحرين ـ )

اعتداؤه بالقول على الرسول :

س : هل وردت في كتب أهل السنّة حادثة اعتداء عمر بن الخطّاب بالقول على الرسول محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله قبل وفاته؟ وبالتحديد عندما أراد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يكتب وصيّته.

____________

١ ـ زاد المسير ٧ / ١٦٧.

٢ ـ الدرّ المنثور ٦ / ٧٣.

٣ ـ فتح القدير ٥ / ٥٢.

٣٩٢

ج : قد ورد اعتداء عمر بالقول على الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومنعه من كتابة وصيّته قبيل ارتحالهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعبارات مختلفة ، ومضمون واحد ، يدلّ على مواجهته مع الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإليك نماذج تلك الأقاويل :

أ ـ إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يهجر(١) .

ب ـ اعتراف عمر بصدّه الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله عن كتابة الكتاب ، حتّى لا يجعل الأمر لعليعليه‌السلام (٢) .

ج ـ إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قد غلب عليه الوجع ، حسبنا كتاب الله(٣) .

( غانم النصّار ـ الكويت ـ )

لا يتوب الله عليه ما دام غاصباً :

س : قال تعالى :( عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ) (٤) .

يروى أنّ الآية المباركة نزلت في عمر بن الخطّاب حينما جامع النساء في رمضان وقت الصيام ، السؤال : يقول الباري عزّ وجلّ :( فَتَابَ عَلَيْكُمْ ) ، فهل المقصود أنّ الله تاب عليه؟ وكيف يتوب عليه وهو المغتصب لحقّ آل البيت؟

ج : أوّلاً : علينا أن نثبت صحّة الرواية ، وعلى فرض صحّتها فإنّ مورد قبول التوبة هو في فعل الجماع في شهر رمضان ، لا مطلق قبول التوبة التي تشمل غصبه لحقّ آل محمّدعليهم‌السلام .

____________

١ ـ صحيح مسلم ٥ / ٧٦ ، السنن الكبرى للنسائي ٣ / ٤٣٥ مسند أحمد ١ / ٣٥٥ ، تاريخ الأُمم والملوك ٢ / ٤٣٦ ، الكامل في التاريخ ٢ / ٣٢٠ ، أضواء على السنّة المحمّدية : ٥٥.

٢ ـ شرح نهج البلاغة ١٢ / ٧٩.

٣ ـ مسند أحمد ١ / ٣٢٥ ، صحيح البخاري ١ / ٣٧ و ٥ / ١٣٨ و ٨ / ١٦١ ، الطبقات الكبرى ٢ / ٢٤٤ ، الشفا بتعريف حقوق المصطفى ٢ / ١٩٢.

٤ ـ البقرة : ١٨٧.

٣٩٣

هذا ، والروايات مختلفة في شأن نزول هذه الآية ، فتدبّر.

( زهيدي ـ المغرب ـ )

تلبّسه بالخلافة وتغييره لأحكام الله :

س : ما حقيقة وصف بعض الشيعة عمر بن الخطّاب بأنّه أساء إلى الخلافة.

ج : إنّ الشيعة ترى أنّ الخلافة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالنصّ والتعيين ، وأنّ الخليفة بعده هو الإمام عليعليه‌السلام بنصّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليه ، وهذا النصّ إلهي ، أي : أنّ النبيّ أمر بتعيين عليعليه‌السلام الخليفة بعده بأمر من الله تعالى.

والنصوص على ذلك من الكتاب والسنّة كثيرة ، منها : آية التطهير ، وآية الولاية ، وآية المباهلة ، وآية المودّة ، وآية التبليغ ، وحديث الغدير ، وحديث الثقلين ، وحديث الدار ، وحديث السفينة ، وغيرها من الأدلّة الشرعية ، كما وتستدلّ الشيعة بالعقل ، وذلك لاستحالة أن يترك النبيّ أُمّته من دون أن يعيّن لهم خليفة بعده ، ويترك أُمّته يتنازعون فيما بينهم بعده ، وكذلك تجد سائر الأنبياء والمرسلين لهم أوصياء.

وعلى مبنى الشيعة ماذا يكون حكم المتلبّس بالخلافة؟ وهي ليست له؟! فأوّل إساءة صدرت منه : أنّه تلبّس بالخلافة التي نصّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على أنّها لعليعليه‌السلام .

ومن ثمّ تغييره لأحكام الله الثابتة ، كصلاة التراويح التي قال عنها : نعمت البدعة(١) ، وكمتعة الحجّ والنساء التي قال عنهما : أنا أنهى عنهما وأعاقب

____________

١ ـ المغني لابن قدامة ١ / ٧٩٨ ، تحفة الأحوذي ٣ / ٤٥٠ ، نصب الراية ٢ / ١٧٤ ، كنز العمّال ٨ / ٤٠٧ ، تلخيص الحبير ٤ / ٢٤٧ ، كتاب الموطّأ ١ / ١١٤ ، تنوير الحوالك : ١٣٧ ، الشرح الكبير ١ / ٧٤٧ ، نيل الأوطار ٣ / ٦٣ ، صحيح البخاري ٢ / ٢٥٢ ، فتح الباري ٤ / ٢١٩ ، المصنّف للصعناني ٤ / ٢٥٩ ، صحيح ابن خزيمة ٢ / ١٥٥.

٣٩٤

عليهما(١) ، ومنعه لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يكتب الكتاب ، وقوله : إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يهجر(٢) ، وبلغ بجهله إلى مرتبة أن صرح بقوله : كُلّ أحد أفقه من عمر(٣) .

وأختم لك الكلام بحديث عن عمر يقول فيه : « يا ليتني كنت كبش أهلي ، سمّنوني ما بدا لهم ، حتّى إذا كنت أسمن ما أكون ، زارهم من يحبّون ، فجعلوا بعضي شواءً ، وبعضي قديداً ، ثمّ أكلوني ، فأخرجوني عذرة ، ولم اكن بشراً »(٤) .

فاقرأ وحكّم عقلك واحكم ، هدانا الله وإيّاك إلى سواء السبيل.

( كُميل ـ الكويت ـ )

كان من المنهزمين يوم أُحد :

س : أجد الكثير من الروايات التي لا أعلم مدى صحّتها عند أهل السنّة ، فأرجو تزويدي بالمصادر الموثّقة عندنا ، أو عند أهل السنّة ، حتّى تتمّ الحجّة عليهم : إنّ من بين الفارّين في يوم أُحد عمر وعثمان ، أتمنّى لو احصل على نصّ الحديث ، ولكم منّا جزيل الشكر والامتنان.

____________

١ ـ الشرح الكبير ٧ / ٥٣٧ ، المحلّى ٧ / ١٠٧ ، كنز العمّال ١٦ / ٥١٩ ، السنن الكبرى للبيهقي ٧ / ٢٠٦ ، شرح معاني الآثار ٢ / ١٤٦ ، شرح نهج البلاغة ١٢ / ٢٥١ و ١٦ / ٢٦٥ ، أحكام القرآن للجصّاص ١ / ٣٣٨ و ٣٥٢ و ٢ / ١٩١ و ٣ / ٣١٢ ، الجامع لأحكام القرآن ٢ / ٣٩٢ ، علل الدارقطني ٢ / ١٥٦.

٢ ـ صحيح مسلم ٥ / ٧٦ ، السنن الكبرى للنسائي ٣ / ٤٣٥ مسند أحمد ١ / ٣٥٥ ، تاريخ الأُمم والملوك ٢ / ٤٣٦ ، الكامل في التاريخ ٢ / ٣٢٠ ، أضواء على السنّة المحمّدية : ٥٥.

٣ ـ السنن الكبرى للبيهقي ٧ / ٢٣٣ ، مجمع الزوائد ٤ / ٢٨٤ ، شرح نهج البلاغة ١ / ١٨٢ و ١٢ / ١٥ و ٢٠٨ و ١٧ / ١٧١ ، كنز العمّال ١٦ / ٥٣٧ ، فيض القدير ٢ / ٨ ، كشف الخفاء ١ / ٢٦٩ و ٢ / ١١٨ ، تفسير القرآن العظيم ١ / ٤٧٨ ، الدرّ المنثور ٢ / ١٣٣ ، فتح القدير ١ / ٤٤٣ ، علل الدارقطني ٢ / ٢٣٩ ، نور الأبصار : ١٠٠.

٤ ـ كنز العمّال ١٢ / ٦١٩ ، حلية الأولياء ١ / ٨٨ ، نور الأبصار : ١٠٢ ، تاريخ مدينة دمشق ٣٠ / ٣٣١.

٣٩٥

ج : قد روى الفخر الرازي في تفسيره الكبير في ذيل قوله تعالى :( إإِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ ) (١) قال : « ومن المنهزمين ـ يعني يوم أُحد ـ عمر ، إلاّ أنّه لم يكن في أوائل المنهزمين ولم يبعد ، بل ثبت على الجبل إلى أن صعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومنهم أيضاً عثمان ، انهزم مع رجلين من الأنصار يقال لهما سعد وعقبة ، انهزموا حتّى بلغوا موضعاً بعيداً ، ثمّ رجعوا بعد ثلاثة أيّام »(٢) .

( منار الحقّ ـ السعودية ـ )

قوله لولا علي لهلك عمر :

س : ما هي المصادر التي نقلت قول عمر : لولا علي لهلك عمر ، وأقواله الأُخرى في حقّ الإمام علي عليه‌السلام .

ج : لعمر بن الخطّاب كلمات مشهورة تعرب عن غاية احتياجه في العلم إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام ، نذكر بعضها :

١ ـ لولا علي لهلك عمر(٣) .

٢ ـ لا بقيت لمعضلة ليس لها أبو الحسن(٤) .

٣ ـ اللهم لا تبقني لمعضلة ليس لها أبو الحسن(٥) .

٤ ـ لا أبقاني الله لمعضلة ليس لها أبو الحسن(٦) .

____________

١ ـ آل عمران : ١٥٥.

٢ ـ التفسير الكبير ٣ / ٣٩٨.

٣ ـ تأويل مختلف الحديث : ١٥٢ ، شرح نهج البلاغة ١ / ١٨ و ١٤١ و ١٢ / ١٧٩ ، نظم درر السمطين : ١٣٠ ، المناقب : ٨١ ، جواهر المطالب ١ / ١٩٥ و ٢٩٦ ، ينابيع المودّة ١ / ٢١٦ و ٢٢٧ و ٣ / ١٤٧ ، فيض القدير ٤ / ٤٧٠ ، الجوهرة : ٧٢ ، ذخائر العقبى : ٨٢.

٤ ـ شرح نهج البلاغة ١ / ١٨.

٥ ـ نظم درر السمطين : ١٣٢.

٦ ـ أنساب الأشراف : ١٠٠.

٣٩٦

٥ ـ اللهم لا تبقني لمعضلة ليس لها ابن أبي طالب حيّاً(١) .

٦ ـ قال سعيد بن المسيّب : كان عمر يتعوّذ بالله من معضلة ليس لها أبو الحسن(٢) .

٧ ـ أعوذ بالله من كُلّ معضلة ليس لها أبو حسن(٣) .

٨ ـ نعوذ بالله من معضلة لا علي لها(٤) .

٩ ـ أعوذ بالله من معضلة ولا أبو حسن لها(٥) .

١٠ ـ أعوذ بالله من معضلة ليس فيها علي(٦) .

١١ ـ لا أبقاني الله بأرض لستَ بها يا أبا الحسن(٧) .

١٢ ـ عن أبي سعيد : أنّ عمر كان يسأل علياً عن شيء فأجابه ، فقال عمر : أعوذ بالله أن أعيش في قوم ليس فيهم أبو الحسن(٨) .

( محمّد يوسف ـ السعودية ـ )

الاحتفال في اليوم التاسع من ربيع الأوّل :

س : تقام هذه الأيّام مراسم احتفالات بعيد الزهراء عليها‌السلام ، وحيث إنّه معلوم أنّ بضعة الرسول الأكرم توفّيت بعد أبيها بستّة أشهر على أكثر الروايات ،

____________

١ ـ المناقب : ٩٧ ، ينابيع المودّة ١ / ٢٢٧ ، مقتل الحسين للخوارزمي : ٧٨.

٢ ـ ذخائر العقبى : ٨٢ ، فتح الباري ١٣ / ٢٨٦ ، كنز العمّال ١ / ٣٠٠ ، الطبقات الكبرى ٢ / ٣٣٩ ، أُسد الغابة ٤ / ٢٣ ، تهذيب الكمال ٢٠ / ٤٨٥ ، تهذيب التهذيب ٧ / ٢٩٦ ، الإصابة ٤ / ٤٦٧ ، ينابيع المودّة ٢ / ١٧٢ و ٤٠٥ ، مطالب السؤول : ١٣٧.

٣ ـ تأويل مختلف الحديث : ١٥٢ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٤٠٦ ، غريب الحديث ٢ / ٢٩٣ ، النهاية في غريب الحديث ٣ / ٢٥٤ ، لسان العرب ١١ / ٤٥٣ ، تاج العروس ٨ / ٢٢.

٤ ـ نظم درر السمطين : ١٣١ ، المناقب : ٩٦.

٥ ـ البداية والنهاية ٧ / ٣٩٧.

٦ ـ ينابيع المودّة ٣ / ١٤٧.

٧ ـ شرح نهج البلاغة ١٢ / ١٠١.

٨ ـ فيض القدير ٤ / ٤٧٠.

٣٩٧

ولكن يقال إنّه هذا اليوم هو وفاة الخليفة الثاني ، الذي اغتصب حقّها من أبيها ، لذلك نحن نحتفل بهذا اليوم ، نرجو التوضيح في هذه المسألة.

أفيدونا جزاكم الله خيراً.

ج : إنّ الاحتفال في اليوم التاسع من ربيع الأوّل جاء لورود روايات عن أهل البيتعليهم‌السلام في فضل هذا اليوم ، وثّقها بعض وضعّفها آخرون ، وقد تكون جاءت لتنصيب الإمام الحجّة المنتظرعليه‌السلام للإمامة بعد وفاة أبيه الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام في الثامن من ربيع الأوّل.

وهناك روايات تاريخية تنصّ على مصادفة هذا اليوم مع يوم مقتل عمر بن الخطّاب.

( فراس ـ الأردن ـ )

ما ورد من رثائه في نهج البلاغة :

س : كيف يتّفق ما عرفناه مع ما يلي وهو مقتبس من نهج البلاغة شرح محمّد عبده : « لله بلاء فلان ، فلقد قوّم الأود ، وداوى العمد ، وأقام السنّة ، وخلف الفتنة ، ذهب نقي الثوب ، قليل العيب ، أصاب خيرها ، وسبق شرّها ، أدّى إلى الله طاعته ، واتقاه بحقّه ، رحل وتركهم في طرق متشعّبة ، لا يهتدي فيها الضالّ ، ولا يستيقن المهتدي »(١) .

أفتونا مأجورين.

ج : للجواب على هذا السؤال نذكر وباختصار عدّة مطالب :

١ ـ لم يقل أحد من علماء الشيعة بصحّة كُلّ ما جاء في نهج البلاغة ، بل وحتّى الشريف الرضي ـ مؤلّف كتاب نهج البلاغة ـ لم يدعّ صحّة كُلّ ما جاء في كتابه نهج البلاغة ، ولم يصرّح بأنّه ما روى إلاّ ما صحّ عنده سنده ، وكما هو المعلوم من المبنى عند الشيعة ، أن يخضع كُلّ حديث إلى البحث في السند والدلالة.

____________

١ ـ شرح نهج البلاغة ١٢ / ٣.

٣٩٨

٢ ـ الخطبة وردت من دون تعيين شخص بعينه.

٣ ـ لو سلّمنا كُلّ هذا ، فإنّ بعض المصادر(١) ذكرت : أنّ أصل هذا الكلام حكاه الإمام عليعليه‌السلام عن النادبة أو الباكية لهذا البعض من الأصحاب ، وفي آخره قال الإمام عليعليه‌السلام : « أما والله ما قالت ولكنّها قوّلت» (٢) .

ولتوضيح المطلب نقول : إنّ الإمامعليه‌السلام حكى هذا القول عن النادبة أو الباكية لهذا البعض من الأصحاب ، وربما يشكل بأنّ حكايته لهذا الكلام دليل على قبوله؟ فالجواب يكون بأنّهعليه‌السلام قال بعد أن استشهد بكلام النادبة : « والله ما قالت ولكنّها قوّلت» ، ممّا يشعر بردّه لكلام النادبة وعدم قبوله له.

( موسى ـ السعودية ـ )

نصحه الإمام علي بعدم غزو الروم :

س : قرأت في نهج البلاغة : ومن كلام لهعليه‌السلام ، وقد شاوره عمر بن الخطّاب في الخروج إلى غزو الروم : « وَقَدْ تَوَكَّلَ اللهُ لأَهْلِ هَذا الدِّينِ بِإِعْزَازِ الْحَوْزَةِ ، وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ ، وَالَّذِي نَصَرَهُمْ ـ وَهُمْ قَلِيلٌ لاَ يَنْتَصِرُونَ ، وَمَنَعَهُمْ وَهُمْ قَلِيلٌ لاَ يَمتَنِعُونَ ـ حَيٌّ لاَ يَمُوتُ.

إنَّكَ مَتَى تَسِرْ إلى هذَا الْعَدُوِّ بِنَفْسِكَ ، فَتَلْقَهُمْ بِشَخْصِكَ فَتُنْكَبْ ، لاَ تَكُنْ لِلْمُسْلِمِينَ كَانِفَةٌ دُونَ أَقْصَى بِلاَدِهِمْ ، وَلَيْسَ بَعْدَكَ مَرْجِعٌ يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ ، فَابْعَثْ إِلَيْهِمْ رَجُلاً مِجْرَباً ، وَاحْفِزْ مَعَهُ أَهْلَ الْبَلاَءِ وَالنَّصِيحَةِ ، فَإِنْ أَظْهَرَ اللهُ فَذَاكَ مَا تُحِبُّ ، وَإِنْ تَكُنِ الأُخْرَى ، كُنْتَ رِدْءاً للنَّاسِ وَمَثَابَةً لِلْمُسْلِمِينَ »(٣) .

فهل المقصود من ذلك اعترافه بخلافة عمر؟ وأنّه المرجع الوحيد للناس في زمن خلافته؟

____________

١ ـ تاريخ الأُمم والملوك ٣ / ٢٨٥ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٤ / ٤٥٨ ، البداية والنهاية ٧ / ١٥٨.

٢ ـ شرح نهج البلاغة ١٢ / ٥.

٣ ـ شرح نهج البلاغة ٨ / ٢٩٦.

٣٩٩

ج : الحكومة في نظر الأنبياء والأئمّةعليهم‌السلام ليست هدفاً ، وإنّما وسيلة ، والهدف هو رضى الله تعالى ، والتمكّن من تطبيق أوامر الله ونواهيه ، والحكومة هي إحدى مهامّهم ، وليست كُلّ مهامّهم.

ولأجل هذا ، تجد أنّ أكثر الأنبياء والرسل والأئمّةعليهم‌السلام لم يصلوا إلى الحكومة ، لأنّها لم تكن الهدف ، ولم يكونواعليهم‌السلام كسائر السلاطين والحكّام الذين كرّسوا كُلّ جهودهم للوصول إلى الحكم ، وبأيّ وسيلة كانت.

فإذا تبيّن هذا ، فإنّ الحفاظ على أصل الإسلام وكيانه من أهمّ واجبات الإمامعليه‌السلام ، ولمّا رأى الإمام عليعليه‌السلام أنّ الناس جديدو عهد بالإسلام ، وأنّ أيّ منازعة منه للخلفاء ستؤدّي إلى ارتداد الكثيرين ، وبالتالي سيكون الإسلام في خطر ، فكانعليه‌السلام كما وصف هو حاله : «فصبرت وفي العين قذى ، وفي الحلق شجا ، أرى تراثي نهبا »(١) .

وكذلك بالنسبة إلى هذه الخطبة ، فإنّهعليه‌السلام ليس له همّ إلاّ الحفاظ على أصل الإسلام ، فلمّا كان في شخوص عمر بن الخطّاب بنفسه إلى الحرب ، ممّا سيؤدّي إلى تضعيف الإسلام ، وذلك للأسباب التي وضّحهاعليه‌السلام في هذه الخطبة ، وجّهعليه‌السلام نصحه إلى عمر بأن لا يخرج ، وهذا ليس اعتراف منهعليه‌السلام بصحّة خلافة عمر ، كما أنّ صبرهعليه‌السلام ليس اعتراف بصحّة خلافة أبي بكر وعمر وعثمان.

هذا ، وإن نصح الإمام وخطابه ليس موجّهاً إلى عمر بن الخطّاب بشخصه ، بل إلى عمر بما يستحلّه من مقام زعامة المسلمين ، وإن كان هذا المقام قد اغتصبه عمر وليس هو حقّ له ، ولكن الآن يحتلّ هذا المقام ، وفي شخوصه تضعيف للإسلام ، ومن أهمّ وظائف الإمام حفظ بيضة الإسلام.

____________

١ ـ المصدر السابق ١ / ١٥١.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

الله سبحانه ، بينما الأخيرتان هما من تشريع الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكما في النوافل الرواتب ، فإنّها من تشريع الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إلى غير ذلك من الموارد الكثيرة.

وإذا أمكن ذلك في حقّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله أمكن في حقّ الإمامعليه‌السلام أيضاً.

فأصل الإمكان ينبغي أن لا يكون محلاً للكلام ، وإنّما الكلام ينبغي أن ينصبَّ على مرحلة الوقوع ، وهناك بعض الروايات في كتاب الكافي ربما توحي بالوقوع.

٤٨١
٤٨٢

الوهّابية ومحمّد بن عبد الوهّاب :

( السعودية ـ سنّي ـ )

اعتقاداتهم :

س : لقد قرأت معظم كتب ابن تيمية ومحمّد بن عبد الوهّاب ، فلم أجد فيها كفراً ولا ضلالاً ، بل وجدت دعوتهما هي دعوة الحقّ الذي أرسل به النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والسؤال : لماذا هذا الافتراء على هذين الشيخين؟

ج : نذكر لك بعض أقوالهما الدالّة على ضلالهما ، وانحرافهما ومخالفتهما لجميع المسلمين ، وإن أردت المزيد وافيناك به :

١ ـ اعتقاد ابن تيمية قدم نوع الحوادث من الأفعال والمفاعيل ، واعتقاده بحوادث لا أوّل لها ، ممّا يستلزم قدم شيء غير الله ، وهو كفر(١) .

٢ ـ قول ابن تيمية بفناء النار ، وهو مخالف لإجماع المسلمين(٢) .

٣ ـ قول ابن تيمية ومحمّد بن عبد الوهّاب بالتجسيم ، وهذا الرأي مشهور عنهما ، وقد ذكراه في أكثر كتبهما وصرّحا به(٣) .

٤ ـ تكفير ابن تيمية ومحمّد بن عبد الوهّاب المسلمين(٤) .

__________________

١ ـ منهاج السنّة ١ / ٢١٥.

٢ ـ حادي الأرواح ١ / ٢٥٦.

٣ ـ منهاج السنّة ٢ / ٦٤٨.

٤ ـ فصل الخطاب لسليمان بن عبد الوهّاب : ٢٨.

٤٨٣

٥ ـ نسب محمّد بن عبد الوهّاب القول بنفي ذرّية الإمام الحسن إلى الشيعة ، وقال : وهذا القول شائع فيهم ، وهم مجمعون عليه(١) .

ولا يوجد ولا شيعي واحد ينفي ذرّية الإمام الحسن المجتبىعليه‌السلام ، بل كُلّهم يثبتونها.

٦ ـ إنكار ابن تيمية وابن عبد الوهّاب الزيارة والتبرّك ، وخالفا في قولهما هذا رأي الأكثرية للمذاهب الإسلامية.

وأهمّ شيء يجب أن تعرفه وتطّلع عليه هو : أنّ كبار علماء المذاهب الإسلامية منذ أن أعلن ابن تيمية وابن عبد الوهّاب عن آرائهما المنحرفة وقفوا أمام انحرافهما ، وكتبوا مئات الكتب في الردّ عليهما ، وعلى آرائهما المخالفة لإجماع المسلمين ، والمخالفة للكتاب والسنّة الصريحة وكذبهما.

فمن أكاذيب ابن تيمية :

١ ـ إنكاره أن يكون ابن عباس تتلمذ على الإمام عليعليه‌السلام (٢) ، وقد أثبت المنّاوي تتلمذ ابن عباس على الإمامعليه‌السلام (٣) ، كما أثبت ذلك القاضي الإيجي(٤) .

٢ ـ تكذيبه لحديث « علي مع الحقّ والحقّ مع علي » ، وادعاؤه أنّ أحداً لم يروه(٥) ، مع أنّ هذا الحديث رواه جمهرة من علماء أهل السنّة(٦) .

٣ ـ إنكاره قضية المؤاخاة بين النبيّ والإمام علي ، وبين المهاجرين بعضهم من بعض(٧) ، والحال أنّك تجد حديث المؤاخاة في مجموعة من مصادر أهل السنّة(٨) .

__________________

١ ـ رسالة في الردّ على الرافضة : ٢٩.

٢ ـ منهاج السنّة ٧ / ٥٣٦.

٣ ـ أُنظر : فيض القدير ٤ / ٤٧٠.

٤ ـ أُنظر : المواقف : ٤١١.

٥ ـ منهاج السنّة ٤ / ٢٣٨.

٦ ـ أُنظر : تاريخ بغداد ١٤ / ٣٢٢ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٤٤٩ ، الإمامة والسياسة ١ / ٩٨ ، جواهر المطالب ١ / ٣٤٣ ، شرح نهج البلاغة ٢ / ٢٩٧ و ١٨ / ٧٢ ، ينابيع المودّة ١ / ١٧٣.

٧ ـ منهاج السنّة ٤ / ٣٢ و ٥ / ٧١ و ٧ / ١١٧ و ٢٧٩ و ٣٦١.

٨ ـ أُنظر : الجامع الكبير ٥ / ٣٠٠ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٦١ ، المستدرك ٣ / ١٤ ، نظم درر السمطين : ٩٥ ، كنز العمّال ١٣ / ١٤٠ ، ينابيع المودّة ١ / ١٧٧ ، ذخائر العقبى : ٦٦ ، تحفة الأحوذي ١٠ / ١٥٢.

٤٨٤

حتّى ردّ ابن حجر على ابن تيمية في إنكاره مسألة المؤاخاة في كتابه فتح الباري ، وقال : « هذا ردّ للنصّ بالقياس ، وإغفال عن حكمة المؤاخاة »(١) ، كما وردّ عليه أيضاً الزرقاني في شرح المواهب اللدنية(٢) .

٤ ـ قول ابن تيمية حول حديث « اللهم وال من والاه وعاد من عاداه » : « كذب باتفاق أهل المعرفة بالحديث »(٣) ، مع أنّ هذا الحديث أخرجه أحمد بأسانيد صحيحة ، كما أخرجه غيره(٤) .

٥ ـ قول ابن تيمية حول حديث « مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح » : « هذا لا يعرف له إسناد لا صحيح ، ولا هو في شيء من كتب الحديث التي يعتمد عليها »(٥) ، والحال أنّ الحديث يرويه جماعة من علماء أهل السنّة(٦) .

__________________

١ ـ فتح الباري ٧ / ٢١١.

٢ ـ شرح المواهب اللدنية ١ / ٣٧٣.

٣ ـ منهاج السنّة ٧ / ٥٥.

٤ ـ أُنظر : مسند أحمد ١ / ١١٨ و ٤ / ٢٨١ و ٣٧٠ و ٥ / ٣٧٠ ، المستدرك ٣ / ١٠٩ و ١١٦ و ٣٧١ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٧ / ٤٩٩ و ٥٠٣ ، ذخائر العقبى : ٦٧ ، كتاب السنّة : ٥٥٢ ، السنن الكبرى للنسائي ٥ / ٤٥ و ١٣٠ و ١٣٥ و ١٥٥ ، خصائص أمير المؤمنين : ٩٣ و ١٠٠ و ١٣٢ ، مسند أبي يعلى ١ / ٤٢٩ و ١١ / ٣٠٧ ، صحيح ابن حبّان ١٥ / ٣٧٦ ، المعجم الصغير : ٦٥ ، المعجم الأوسط ٢ / ٢٤ و ٢٧٥ و ٣٦٩ و ٦ / ٢١٨ ، المعجم الكبير ٢ / ٣٥٧ و ٣ / ١٨٠ و ٤ / ١٧ و ١٧٤ و ٥ / ١٦٦ و ١٧٥ و ١٩٢ و ٢٠٣ و ٢١٢ و ١٢ / ٩٥ ، مسند الشاميين ٣ / ٢٢٣ ، شرح نهج البلاغة ٢ / ٢٨٩ و ٣ / ٢٠٨ و ٤ / ٦٨ و ٨ / ١٧ و ١٣ / ١٩٣ و ١٨ / ٧٢ و ١٩ / ٢١٧ و ٢٠ / ٢٢١ ، نظم درر السمطين : ٩٥ و ١٠٩ ، موارد الظمآن : ٥٤٤ ، كنز العمّال ١ / ١٨٧ و ٥ / ٢٩٠ و ١١ / ٦٠٩ و ١٣ / ١٠٤ و ١٣١ و ١٣٩ و ١٥٧ و ١٦٩ ، فيض القدير ٦ / ٢٨٢ ، كشف الخفاء ٢ / ٢٧٤ ، شواهد التنزيل ١ / ٢١٠ و ٢٢٣ و ٢٥١ و ٢ / ٣٩٠ ، الدرّ المنثور ٢ / ٢٩٣ ، تاريخ بغداد ٧ / ٣٨٩ و ١٤ / ٢٤٠ ، تاريخ مدينة دمشق ٢٥ / ١٠٨ و ٤٢ / ٢٠٥ و ٢١٠ و ٢١٥ و ٢٢٠ و ٢٢٧ و ٢٣٥ ، أُسد الغابة ١ / ٣٠٨ و ٣٦٧ و ٢ / ٢٣٣ و ٣ / ٩٢ و ٣٠٧ و ٣٢١ و ٤ / ٢٨ و ٥ / ٦ و ٢٠٥ و ٢٧٦ ، تهذيب الكمال ١١ / ١٠٠ و ٣٣ / ٢٨٤ و ٣٦٨ ، تاريخ اليعقوبي ٢ / ١١٢ ، البداية والنهاية ٥ / ٢٢٨ و ٧ / ٣٧٠ و ٣٨٣.

١ ـ منهاج السنّة ٧ / ٣٩٥.

٢ ـ أُنظر : المستدرك ٢ / ٣٤٣ و ٣ / ١٥١ ، المعجم الأوسط ٥ / ٣٥٥ و ٦ / ٨٥ ، المعجم الكبير ٣ / ٤٥ و ١٢ / ٢٧ ، مسند الشهاب ٢ / ٢٧٣ ، نظم درر السمطين : ٢٣٥ ، الجامع الصغير ١ /

٤٨٥

٦ ـ قول ابن تيمية عن حديث الطير : « من المكذوبات الموضوعات عند أهل العلم والمعرفة بحقائق النقل »(١) ، والحال أنّ هذا الحديث يرويه جماعة من علماء أهل السنّة(٢) .

وإن شئت المزيد من ذكر انحرافات ابن تيمية وابن عبد الوهّاب ومخالفتهما في العقائد والأحكام لما أجمعت عليه الأُمّة الإسلامية ، فسنوافيك بمئات الموارد منها ، كُلّها مأخوذة من كتبهما.

( الباحث عن الحقّ ـ السعودية ـ سنّي )

بعض المآخذ والانتقادات عليهم :

س : أرجو من المختصّين والمتمكّنين هنا أن يسردوا لي جميع المآخذ والانتقادات التي يأخذها الشيعة على الشيخ محمّد بن عبد الوهّاب ودعوته ، مشفوعة بالحجج والبراهين التي تدعم كلامهم؟

ج : أودّ أوّلاً أن أشير إلى ملاحظة وجدتها في سؤالك ، ألا ترى نفسك متفائل جدّاً ، أو غير واقعي بقولك : أرجو من المختصّين والمتمكّنين هنا أن يسردوا لي جميع المآخذ.

أخي : أتعرف أنّ لفظ جميع يطلق ويراد به كُلّ ما موجود من المآخذ ، فهل

__________________

٣٧٣ و ٢ / ٥٣٣ ، كنز العمّال ١٢ / ٩٤ ، فيض القدير ٢ / ٦٥٨ و ٥ / ٦٦٠ ، الدرّ المنثور ٣ / ٣٣٤ ، تهذيب الكمال ٢٨ / ٤١١ ، سبل الهدى والرشاد ١٠ / ٤٩٠ ، ينابيع المودّة ١ / ٩٣ و ٢ / ٩٠ و ٤٧٢ ، أحكام القرآن لابن العربي ١ / ٣٢٢ ، المعارف : ١٤٦.

١ ـ منهاج السنّة ٧ / ٣٧١.

٢ ـ أُنظر : الجامع الكبير ٥ / ٣٠٠ ، ذخائر العقبى : ٦١ ، طبقات المحدّثين بأصبهان ٣ / ٤٥٤ ، البداية والنهاية ٧ / ٣٩٠ ، المناقب : ١٠٨ ، سبل الهدى والرشاد ٧ / ١٩١ ، ينابيع المودّة ٢ / ١٥٠ ، المستدرك ٣ / ١٣٠ ، أُسد الغابة ٤ / ٣٠ ، المعجم الأوسط ٢ / ٢٠٧ و ٦ / ٩٠ و ٧ / ٢٦٧ و ٩ / ١٤٦ ، تاريخ بغداد ٩ / ٣٧٩ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٢٥٠ و ٢٥٧ ، المواقف ٣ / ٦٢٤ و ٦٣٢ ، الجوهرة : ٦٣ ، البداية والنهاية ٧ / ٣٩٠ ، مطالب السؤول : ٧٦.

٤٨٦

تعتقد أنّه من السهل على أحد من الناس ، أو من الباحثين أن يسرد لك كُلّ المآخذ في وقت قصير من الزمن ، أو تعتقد أنّ هذه المآخذ تعد على الأصابع مثلاً.

إنّ مذهباً كتب فيه وفي الردّ عليه من قبل جميع المذاهب الإسلامية مئات الكتب منذ أن ظهر إلى الآن ، والله أعلم إلى متى سيستمر هذا ، كيف تريد أن نجمع لك مآخذه في صفحة أو صفحتين أو حتّى عشر صفحات؟

إنّ مذهباً مثل المذهب الذي أسسه محمّد عبد الوهّاب ، ويدّعي أنّه يقدّم نظرة مستقلّة على الأقل في كُلّ مسألة من المسائل الإسلامية ، مع الادعاء العريض بالانتساب إلى السلف والصحابة ، والأخذ من القرآن والسنّة ، والأخذ بالظاهر وردّ التأويل ، وأنّ العربية كُلّها موضوعة على الحقيقة ، ولا مجاز فيها ، و الخ.

كيف تريد منّا أن نذكر لك كُلّ مآخذنا عليه ، وعلى ادعاءاته في هذه الصفحة العقائدية ، إنّ هذا لا يحاط به إلاّ بالإطلاع على عدد كبير من الكتب ، مشفوعة بالبحث والتدقيق والتأكّد من المصادر ، ونسبة الأقوال إلى قائليها ، وهذا ليس بالهيّن كما ترى.

ولذا يا أخي ، وحتّى لا نردّك بدون جواب سوف نقتصر على بعض المآخذ ، وأدلّتها والبراهين عليها ، وليس جميعها ، لأنّ سرد المآخذ وحدها يطول ، فكيف بسرد حججها معها ، مع إرشادك إلى بعض المصادر لزيادة الإطلاع.

فنقول : إنّ المآخذ على محمّد عبد الوهّاب تنقسم قسمين : الأوّل في شخص محمّد عبد الوهّاب ، والثاني في عقائده.

الأوّل : من هو محمّد عبد الوهّاب؟ وما هو مستواه العلمي؟ وإلى أيّ حدّ وصل في دراسته الدينية؟ وما علاقته بمستر همفر الجاسوس البريطاني؟ وبالتالي ما هي علاقة بريطانيا بذلك كُلّه؟

٤٨٧

ويتفرّع عليه علاقته بمحمّد بن سعود مؤسّس المملكة السعودية ، ودور بريطانيا في ذلك ، وهذا الجزء الأخير يتعلّق بالأُمور السياسية ، ولا نحبّ الخوض فيه ، ولا صفحة المركز مخصّصة لذلك.

أمّا من هو محمّد عبد الوهّاب ، وما هو مستواه ، فقد ذكر من أرّخ له دراسته على يد أبيه ، وعلى يد عدّة شيوخ في مدن مختلفة ، رحل إليها في مدّة قصيرة ، لا مجال لذكر تفاصيلها هنا.

ولكن باختصار ذكروا : أنّ بداية دراسته كانت على يد والده ، وبعد ذلك سافر إلى الحجّ والمدينة المنوّرة ، وهو في عمر صغير ، ثمّ بعدها إلى عدّة مدن أُخرى إلى أن استقرّ في البصرة ، ومن المعلوم أنّ التحصيل العلمي يحتاج إلى وقت طويل ، واستقرار في أيّ مدينة يذهب إليها لطلب العلم ، وهذا لم يفعله محمّد ابن عبد الوهّاب ، ولا فائدة في ردّ ذلك بالقول : بأنّه كان يمتلك من النبوغ والذكاء ما يجعله يستغني عن ذلك ، فإنّ أذكى الأذكياء في العالم احتاج إلى مدّة من الزمن للدرس والتحصيل.

ثمّ في البصرة ذكروا أنّه درس على يد عدد من الشيوخ منهم المجموعي ، وعدد آخر لا يعرف أحد أسمائهم ، وكذا لم يبيّنوا كيف كان يعيش في البصرة ، ورجّحوا أنّه كان يعمل بالتجارة ، ولا أعلم كيف كان يجمع بين التجارة والدراسة؟ وكذا قالوا أنّه كان يعيش من ريع عائلته ، وهذا كُلّه نقلناه من المؤرّخين المؤيّدين له.

وأمّا المخالفين فحدّث ولا حرج ، فمذكّرات مستر همفر مثلاً تذكر أشياء عن محمّد بن عبد الوهّاب في البصرة ، وعلاقة مستر همفر ـ الجاسوس البريطاني ـ به ما لا يذكره كتّاب ومؤرّخي الوهّابية بحرف ، ولا تقل : أنّ هذا كلام نقله فاسق مغرض عميل لبريطانيا وما إلى ذلك ، فإنّ هذا الاعتراض قد يكون صحيحاً لو لم تكن هناك أدلّة على عدم وجود مصلحة لبريطانيا بنشر ذلك ، ووجود قرائن على العكس تؤيّد ضلوع بريطانيا في هذا الأمر من أوّل

٤٨٨

تأسيس الإمارة السعودية إلى أن سلّمتها إلى يد أمريكا ، وما في تاريخ نجد لعبد الله في ليبي يكفي الباحث عن الحقّ.

ثمّ يذكر المؤرّخون عودته من البصرة ، وأنّه عاد للدرس على يد والده مرّة أُخرى حتّى وفاته ، وفي الأثناء يذكرون خلافه مع والده ، أُنظر كتاب « الشيخ محمّد عبد الوهّاب حياته وفكره » للدكتور عبد الله الصالح القيسي ، حيث قال : ويقول ابن بشر : « أنّه وقع بينه وبين أبيه كلام » ، وأُنظر كتاب « فصل الخطاب في بيان عقيدة الشيخ محمّد بن عبد الوهّاب » لأحمد نجيب ، حيث قال : « حتّى وقع بينه وبين أبيه كلام ».

فالمؤرّخون المؤيّدون يعلّلون هذا الاختلاف بحيث يصبّ في صالح محمّد بن عبد الوهّاب على أيّ حال ، وأمّا المخالفون فإنّهم يقولون : أنّ أباه أنكر عليه عقيدته ، كما أنكرها عليه غيره من العلماء ، ومنهم أخوه سليمان ، وكتابه « الصواعق الإلهية في الردّ على الوهّابية » ، أشهر من أن يذكر ، هذا موجز مختصر جدّاً لنظرتنا لشخص محمّد بن عبد الوهّاب.

الثاني : عقائده.

وقبل الشروع بذكر عقائده نودّ أن نقول : أنّ محمّد بن عبد الوهّاب كان تلميذاً على كتب ابن تيمية وعيالاً عليه ، وياليته كان تلميذاً جيّداً وذكياً يفهم كُلّ ما يقوله ابن تيمية! لكنّه كان ينقل من ابن تيمية ما يقوله بسطحية ساذجة ، فتراه في ما كتبه ينقل عنه العبارات البسيطة غير العميقة والمعقدّة علمياً ، ولو تصفّحت مؤلّفات ابن عبد الوهّاب لرأيتها في حدّ ذاتها أقوالاً يستطيع أن يتلفّظ بها كُلّ شخص قرأ عدّة كتب في الفقه والحديث ، ولا يغرّنّك ما أضاف إليها أتباعه من الشرح والاستدلال ، فمثلاً أُنظر ما كتبه في تفسير بعض الآيات ، فإنّه لا يرتفع فوق فهم أيّ شخص عادي من الآية ، وإن كان ذلك يعتبر عند سكّان نجد في ذلك الوقت علماً ليس فوقه علم.

٤٨٩

ولذا لا ترى أيّ من الكتّاب والعلماء ينقل له تحقيق علمي ، أو قول فقهي ، أو رأي تفسيري يستدلّ به في كتابه ، اللهم ما عدا أتباعه ، وسببه واضح للباحث عن الحقّ ، مع أنّهم أيضاً كذلك لا يأتون بكلامه كدليل علمي إذ لا يتحمّل مثل ذلك ، وإنّما يأتون بها كاستشهادات ومؤيّدات.

ولك مثال على ذلك ، بأن تنظر في أوّل أجزاء المجموعة الكاملة لابن عبد الوهّاب في العقيدة ، فخذ كتاب التوحيد وما بعده ، ترى فقر المستوى العلمي لفهم الآيات من خلال ما يطرحه بعدها من مسائل! يستطيع أيّ مثقّف بسيط أن يستخرجها كعناوين لما موجود في الآية ، وهو شبيه بالتفسير الموضوعي ، ولكنّه يفتقر إلى العمل الأساسي فيه ، ألا وهو الربط بين معاني ومواضيع الآيات المختلفة المنتشرة في كُلّ القرآن الكريم.

فإنّك تراه يأخذ عدّة آيات فقط ، ويفسّر العقيدة عليها بكلمات بسيطة لا تغني طالب العلم ، نعم هي كبيرة عند سكّان نجد في ذلك الوقت ، إذ أكثرهم أُمّيّون ، فخذ مثلاً مسألة من مسائل باب التوحيد التي أخذها ، من أوّل آية ذكرها ، ألا وهي قوله تعالى :( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ) (١) قال : « المسألة الأُولى : الحكمة في خلق الجنّ والأنس »(٢) ، هكذا فقط! وفقط!!

وكأنّ العربي عندما تقرأ عليه هذه الآية لا يفهم هذه الجملة منها ، وكأنّ قوله هذا أصبح تفسيراً! أين كلامه من كلام فطاحلة الإسلام في التفسير ، إنّ هذه الآية فيها من الكلام والبحث العلمي والغور في أعماقها ممّا ينقل القارئ لتفسيرها إلى عالم العبادة والتوحيد والعشق والإخلاص الإلهي ، ممّا لا يسع المقام لذكره هنا ، فراجع تفاسير المفسّرين إن أردت ذلك.

وهكذا في بقية المسائل في هذا الكتاب وبقية الكتب ، إلى آخر ما كتبه في الحديث والفقه والسيرة ، فإنّه لا يعدو إلاّ أن يكون كلمات إنشائية فقيرة

__________________

١ ـ الذاريات : ٥٦.

٢ ـ كتاب التوحيد : ١٢.

٤٩٠

علمياً ، أو مقتطفة من كلمات آخرين بدون تحقيق أو تعليق ، وما أكثرها عن ابن تيمية ، وياليته نقل وعلّق على كلمات ابن تيمية في الكلام والفلسفة والمنطق والمجاز ، وسند الحديث والدراية والفقه ، التي تدلّ على أنّ من كتبها قد أتعب فكره وصرم وقته بالدرس ، على ما فيها من الباطل والمغالطات ، ولكن حتّى هذا لم يستطع ابن عبد الوهّاب أن يفعله.

وأمّا عقائده : فإنّ له الكثير من العقائد التي يأخذها عليه الشيعة الإمامية فضلاً عن بقية المسلمين ، هذا بغض النظر عمّا تبع فيه ابن تيمية في معتقده وآرائه ، والتي ردّها معاصروه من علماء المسلمين شيعة وسنّة ، فضلاً عن اللاحقين لهم وإلى الآن ، فما يردّه الشيعة على ابن تيمية يعتبر بحدّ ذاته ردّاً على ابن عبد الوهّاب لأنّه يعتبره إمامه.

وأمّا اعتقاداته التي ضمّنها في كتبه ، فإنّا نرشدك إلى مراجعة كتاب « البراهين الجلية في رفع تشكيكات الوهّابية ».

يقول في كتابه « كشف الشبهات » : تبيّن لك أنّ الشفاعة كُلّها لله ، وأطلبها منه وأقول : اللهم لا تحرمني شفاعته ، اللهم شفّعه فيّ ، وأمثال هذا.

فإن قال : النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أُعطي الشفاعة وأنا أطلبه ممّا أعطاه الله ، فالجواب : أنّ الله أعطاه الشفاعة ، ونهاك عن هذا فقال :( فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا ) (١) .

بينما الشيعة الإمامية تقول : أنّ الشفاعة ثابتة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وصالح المؤمنين ، والملائكة المقرّبين ، فيجوز الاستشفاع بهم إلى الله تعالى ، لنهوض الكتاب والسنّة عليه.

ويقول : « فاستغاثتهم بالأنبياء يوم القيامة يريدون منهم أن يدعوا الله ، أن يحاسب الناس حتّى يستريح أهل الجنّة من كرب الموقف ، وهذا جائز في الدنيا والآخرة ، وذلك أن تأتي عند رجل صالح حتّى يجالسك ويسمع كلامك ، تقول له : ادع الله لي ، كما كان أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يسألونه ذلك في حياته ،

__________________

١ ـ الجنّ : ١٨ ، كشف الشبهات : ١٧.

٤٩١

وأمّا بعد موته ، فحاشا وكلاّ أنّهم سألوا ذلك عند قبره ، بل أنكر السلف على من قصد دعاء الله عند قبره ، فكيف بدعائه نفسه »(١) ؟!

ويرد عليه : أنّ السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان لم ينكروا التوسّل بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لا حال حياته ولا بعد وفاته ، بل كانوا يتوسّلون به قبل وجوده ، وعليه مذهب المسلمين كافّة ، ما عدا الطائفة الوهّابية الذين عبّروا عنه بالشرك الأكبر ، وأباحوا لأجله دماء المسلمين وأموالهم على خلاف الكتاب والسنّة وما عليه الصحابة.

واحتجّ ابن عبد الوهّاب على تحريم مطلق ما عليه الإمامية من تعظيم قبور الأنبياء والأولياء وإكرامها ، والالتزام بها وبآدابها ـ من الزيارة والدعاء والتوسّل وطلب الشفاعة ـ بقوله : ومن الدليل على ذلك أيضاً : ما حكى الله تعالى عن بني إسرائيل مع إسلامهم وعلمهم وصلاحهم أنّهم قالوا لموسى :( اجْعَل لَّنَا إِلَهًا ) (٢) .

ونقول له : أنّ الإمامية على جواز زيارة قبور المؤمنين ، وأنّها مستحبّة شرعاً فضلاً عن زيارة قبر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لتواتر الأحاديث الصحيحة الصريحة في استحبابها ، مضافاً إلى عمل المسلمين قاطبة من زمان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى زماننا هذا ، فضلاً عن عمل النبيّ في زيارته شهداء أُحد ، وحضورهصلى‌الله‌عليه‌وآله لزيارة البقيع.

( صالح ـ السعودية ـ سنّي )

علاقتهم بمستر همفر :

س : أنا لا أصدّق أنّ الشيخ محمّد بن عبد الوهّاب كان يتعامل مع مستر همفر البريطاني ، أعتقد هذه قصّة مصطنعة؟

__________________

١ ـ كشف الشبهات : ٢٧.

٢ ـ الأعراف : ١٣٨ ، كشف الشبهات : ٢٣.

٤٩٢

ج : إنّ الشيعة وغيرهم من المذاهب الإسلامية لا يعتمدون في ردّهم على محمّد ابن عبد الوهّاب والوهّابية على كتاب مذكّرات مستر همفر ، بل يعتمدون في ردّهم على ما ورد في كتب محمّد بن عبد الوهّاب ، وكتاب مذكّرات مستر همفر ليس إلاّ مذكّرات كتبها الجاسوس البريطاني مستر همفر ، محفوظة في بريطانيا ، ومترجمة إلى اللغة العربية ، وشأن هذه المذكّرات شأن سائر المذكّرات الأُخرى ، التي يمكن أن يستفاد منها كقرائن لإثبات بعض الحقائق التاريخية ، وأكثر ما ورد في مذكّرات مستر همفر لم يتفرّد به ، بل له قرائن كثيرة في كتب التاريخ.

( هدى ـ السعودية ـ )

زرعوا الفتنة والبغضاء بين المسلمين :

س : لماذا لا يحبّونا نحن الشيعة؟

ج : الشيعة والسنّة هم إخوان يحبّ بعضهم بعضاً ، ولهم عِشرة حسنة في أكثر دول العالم ، باستثناء الوهّابية الموجود أكثرهم في السعودية ، حيث زرعوا الفتنة بين المسلمين ، ونشروا البغضاء بما طرحوه من أفكارهم المسمومة ، حتّى وصل بهم الأمر إلى تكفير الكثير من الفرق الإسلامية.

فالمشكلة هي في الأماكن التي يتواجد فيها أتباع محمّد بن عبد الوهّاب ، وفي كُلّ مكان يخلو منهم ، فإنّ المسلمين في أمان ومحبّة ومودّة.

( ـ ـ )

الردّ عليهم واجب :

س : لكم منّي جزيل الشكر والامتنان على إرسالكم لي هدية مسابقة عاشوراء ، الصغيرة في حجمها الكبيرة في معناها ، وأثابكم الله على

٤٩٣

جهودكم الجبّارة ، واهتمامكم الواسع في نشر العقيدة الصحيحة ، والردّ على الشبهات التي يثيرونها.

وهنا أُريد أن أشير لكم عن موقف حدث لي وأنا كنت في موقع من مواقع الوهّابية : عندما كنت أستمع لهم وهو يقومون بشتمنا ويسمّونا بالرافضة ، وبمجرّد الدخول معهم في المناقشة للردّ عليهم نبدأ بالصلاة والسلام على محمّد وآل محمّد يقوموا بطردنا من الموقع ، هنا سؤال : كيف يمكننا الردّ عليهم؟ والله ولي التوفيق.

ج : الردّ على أباطيل خصوم مذهب أهل البيتعليهم‌السلام واجب شرعي على كُلّ من له قدرة على الردّ ، وذلك باستعمال شتّى الأساليب في الردّ عليهم ، وتبيين أكاذيبهم وافتراءاتهم.

هذا ، وإنّ ما يقوم به الوهّابية من طرد للشيعة بمجرّد محاولتهم التكلّم ، لهو دليل على ضعف حجّتهم ، إذ من له دليل يناقش ويعتمد على المباني ، ومن لا دليل له يعتمد على السبّ والشتم والطرد.

وعليه ، فعلى الشيعة أن لا ييأسوا بمحاولات الوهّابية هذه ، بل عليهم أن يكرّروا دخولهم في هذه المواقع ، ويحاولوا أن يوجدوا جوّاً يفرضون به على الخصم قبول المناظرة ، وسماع كلام الشيعة.

( حمد حسن ـ قطر ـ ٢١ سنة ـ طالب جامعة )

كيف نتعامل معهم :

س : نلاحظ ـ خاصّة في مواقع الإنترنت ـ تكفير الوهّابية للشيعة ومحاربتهم واتهامهم بالتكذيب وبالبدع والضلالة إلى حدّ التكفير وغيرها!!

فكيف نتعامل معهم؟ هل نردّ عليهم كما يهاجموننا؟ أو نحاول التقريب ـ رغم أنّ بعضهم يرفض ذلك بحجّة أنّهم هم الحقّ ـ؟

٤٩٤

ج : نتعامل معهم كما كان أئمّتناعليهم‌السلام يتعاملون مع مخالفيهم ، بالحكمة والموعظة الحسنة ، لأنّ الأئمّةعليهم‌السلام كانوا الأوصياء لجدّهم النبيّ محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، الذي بُعث رحمة للعالمين ، ليخرجهم من الظلمات إلى النور.

فكانصلى‌الله‌عليه‌وآله يتحمّل أنواع الأذى بسعة صدر ، وهو في ذلك يدعو لهم بالهداية ، وكذلك كان أهل البيتعليهم‌السلام ، والمتوقّع منّا نحن شيعة أهل البيتعليهم‌السلام أن نكون كذلك ، نتحمّل أذاهم وتجريحهم ، رأفة بهم ورحمة ، لنخرجهم ممّا هم عليه ، من الظلمات إلى النور ، وذلك بتبيين الدليل لهم ، وعرضه عليهم بأسلوب ممزوج بالمحبّة والإشفاق عليهم ، ومهما حاولوا أن يستفزّونا بكلماتهم وأساليبهم الوحشية ، فالواجب علينا أن نتحمّلهم بسعة صدر.

وهذه هي الطريقة التي يتعامل بها المركز مع الوهّابيين في موقعه ، وفي حضور أعضائه في معارض الكتاب في العالم ، وقد أعطت نتاجاً حسناً ، وها هو المركز يقطف ثمار هذا التعامل ـ الذي اقتبسه من سيرة أهل البيتعليهم‌السلام ـ : بركوب الكثيرين ـ وحتّى من الوهّابيين ـ في سفينة النجاة واستبصارهم.

( عماد الدين ـ أمريكا ـ ٣٦ سنة ـ بكالوريوس هندسة )

فيهم العالم المنحرف والجاهل المتعصّب :

س : هناك أدلّة كثيرة على إمامة علي عليه‌السلام بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في كتب أهل السنّة فضلاً عن الشيعة ، ولكن لماذا بعد كُلّ هذه الدلائل نجد الوهّابيين النواصب لا يزالون يرفضون ويجحدون ولاية علي عليه‌السلام ، ويطعنون بفاطمة الزهراء عليها‌السلام كما فعل ابن تيمية؟ فلماذا كُلّ هذا الاجحاد بعد كُلّ هذه الأدلّة؟

ج : لقد قام المذهب المناوئ لأهل البيتعليهم‌السلام بتزوير الإسلام ، وأسّسوا سبلاً غير سبيل الله تعالى ، وغير صراطه المستقيم ، فقاموا بإخفاء الأحاديث التي تثبت الحقّ والفضل لأهل البيتعليهم‌السلام بوسائل مختلفة ، منها :

٤٩٥

منع الصحابة من التحديث ، ومن تدوين الأحاديث ، والإقامة الجبرية لبعضهم الموالين وغير ذلك ، وكذلك بثّوا ووضعوا أحاديث في قبال أحاديث أهل البيتعليهم‌السلام ، مثل قول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة » ، فقد وضعوا في قباله : « أبو بكر وعمر سيّدا كهول أهل الجنّة » ، مع خلو الجنّة من الكهول بالاتفاق.

وكذلك قول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : «سدّوا كُلّ الأبواب إلاّ باب علي » ، فوضعوا في قباله : « سدّوا عنّي كل خوخة في هذا المسجد غير خوخة أبي بكر » ، وقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « تركت فيكم الثقلين ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبداً : كتاب الله وعترتي أهل بيتي » ، فوضعوا في قباله « كتاب الله وسنّتي » ، مع العلم أنّ أكثر الأحاديث التي وضعوها لم تصحّ على شروطهم أيضاً ، ولله الحمد والمنّة ، ولله الحجّة البالغة.

فالمتأخّرون كما هو الحال في المتقدّمين ، منهم من يعلم الحقّ وينحرف عنه ويحاربه ، ومنهم من انطلى عليه الباطل وأخذ به ، فإذا هو في وادٍ سحيق من دون أن يلتزم البحث العلمي الرصين النزيه دون تعصّب ، فبقي يدافع عن مذهبه الذي وضعه أعداء الحقّ بمكرهم وكيدهم ، دون الالتفات إلى الحجج الباهرة البالغة الواضحة الصريحة ، فهم بين من ألبست عليه الشبهة وغاب عنه الحقّ ، وبين عالم بالحقّ معاند ، يدفعه إلى ذلك ما دفع كُلّ الجاحدين من زمن أبينا آدمعليه‌السلام إلى الآن.

( حسين حسن السهيل ـ لبنان )

تكفيرهم لأهل القبلة :

س : إنّي شيعي من جنوب لبنان ، لقد تعرّفت على هذا الموقع عن طريق أخي ، وأنا قد واجهت بعض المشاكل في الحديث عن أهل البيت مع الإخوة السنّة ، وإنّي حاولت أن أحدّد إجاباتي في كُلّ وقت يطرح عليّ سؤال ما ،

٤٩٦

ولكن وفي وقت من الأوقات تحدّثت مع أخي ، وقال لي تراسل مع هذا المركز الذي سوف يساعدك قي مواجهة هذه المشكلة.

والمشكلة على وجه التحديد هي : تكفير المذهب الوهّابي للمذهب الشيعي ، واعتقادهم بأنّهم هم المذهب المسلم المسالم المسلمين ، فأتمنّى منكم أن ترسلوا لي بعض الأحاديث والدلائل على مناقشة هذا الموضوع بطريقة الكتاب ، وعبر طريق المستندات السنّية ، التي تثبت القول ، وذلك لفقر مناطقنا الشيعية بهذه الكتب ، وشكراً.

ج : إنّ تكفير أهل القبلة أمر مردود على صاحبه ، ومرفوض كتاباً وسنّة ، قال تعالى في كتابه الكريم :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) (١) .

وعن ابن عباس قال : لحق المسلمون رجلاً في غنيمة له ، فقال : السلام عليكم ، فقتلوه ، وأخذوا غنيمته ، فنزلت هذه الآية :( وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) تلك الغنيمة(٢) .

وأيضاً عن ابن عباس قال : مر رجل من سليم على نفر من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومعه غنم فسلّم عليهم ، فقالوا : ما سلّم عليكم إلاّ ليتعوّذ منكم ، فقاموا إليه فقتلوه ، وأخذوا غنمه وأتوا بها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأنزل الله تعالى :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُواْ ) (٣) .

فقد دلّت الآية الكريمة على أنّ من أظهر أدنى علامات الإسلام ـ كالتحية ـ تجري عليه أحكامه ، من عصمة ماله ودمه.

__________________

١ ـ النساء : ٩٤.

٢ ـ صحيح البخاري ٥ / ١٨٢ ، السنن الكبرى للنسائي ٥ / ١٧٤ و ٦ / ٣٢٦ ، جامع البيان ٥ / ٣٠٥ ، أسباب نزول الآيات : ١١٥ ، الجامع لأحكام القرآن ٥ / ٣٣٦ ، تفسير القرآن العظيم ١ / ٥٥١ ، الدرّ المنثور ٢ / ١٩٩ ، فتح القدير ١ / ٥٠٢.

٣ ـ أسباب نزول الآيات : ١١٥.

٤٩٧

عن ابن عباس في قوله :( وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا ) ، قال : حرّم الله على المؤمنين أن يقولوا لمن يشهد أن لا إله إلاّ الله لست مؤمناً ، كما حرّم عليهم الميتة ، فهو آمن على ماله ودمه ، فلا تردّوا عليه قوله(١) .

وقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إيّاكم والظنّ فإنّه أكذب الحديث »(٢) ، وقال تعالى :( وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ) (٣) ، وقال :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ ) (٤) ، ومعلوم أنّه لم يرد حقيقة العلم بضمائرهنّ واعتقادهنّ ، وإنّما أراد ما ظهر من إيمانهنّ من القول.

وقال تعالى :( وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا ) ، وذلك عموم في جميع الكفّار ، وقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لأُسامة بن زيد ، حيث قتل الرجل الذي قال : لا إله إلاّ الله ، فقال : إنّما قالها متعوّذاً ، قال : «هلاّ شققت عن قلبه »(٥) .

وقال سيّد سابق في فقه السنّة : وفي ميدان الحرب والقتال ، إذا أجرى المقاتل كلمة السلام على لسانه ، وجب الكفّ عن قتاله ، يقول الله تعالى :( وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا ) (٦) .

نقول : فما بالك بالذي يشهد الشهادتين ، ويؤمن بالمعاد ، ويأتي بما أوجب الله تعالى عليه ، من صلاة وصيام وزكاة وحجّ وغيرها من فروع الدين ، هل يحقّ لأحد ـ ممّن يدّعي الإسلام ـ أن يكفّره؟ أو يقاتله؟ أو يعتدي على ماله؟ ويسبي ذراريه؟ وهو ما يفتي به علماء الوهّابية بحقّ من خالفهم من المسلمين ،

__________________

١ ـ جامع البيان ٥ / ٣٠٥ ، الدرّ المنثور ٢ / ٢٠١.

٢ ـ مسند أحمد ٢ / ٥٣٩ ، مسند الشهاب ٢ / ٩٧ أحكام القرآن للجصّاص ٢ / ٣٥٠ و ٣٦٠ و ٣ / ٣٩٧ ، تفسير الثعالبي ٥ / ٢٧٣.

٣ ـ الإسراء : ٣٦.

٤ ـ الممتحنة : ١٠.

٥ ـ مسند أحمد ٥ / ٢٠٧ ، صحيح مسلم ١ / ٦٧.

٦ ـ فقه السنّة ٢ / ٥٩٦.

٤٩٨

ويخصّون بالذكر أتباع أهل البيتعليهم‌السلام ، يبتغون بذلك عرض الحياة الدنيا ، كما هو الواقع الذي تحكي عنه الآية السابقة ، فبئس ما يصنعون.

وقد ورد في السنّة الشريفة من الأحاديث والمواقف الدالّة على النهي الشديد عن تكفير أهل القبلة ، وأهل الشهادتين وقتالهم ، نذكر جملة منها :

١ ـ قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لا تكفّروا أهل ملّتكم ، وإن عملوا الكبائر »(١) .

٢ ـ وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لا تكفّروا أحداً من أهل قبلتي بذنب ، وإن عملوا الكبائر »(٢) ، نقول : نعم إنّ الكبائر توجب العقاب لا الكفر.

٣ ـ وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «بني الإسلام على خصال : شهادة أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمّداً رسول الله ، والإقرار بما جاء من عند الله , والجهاد ماض منذ بعث رسله إلى آخر عصابة تكون من المسلمين فلا تكفّروهم بذنب ، ولا تشهدوا عليهم بشرك »(٣) .

٤ ـ وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «بني الإسلام على ثلاث ، أهل لا إله إلاّ الله لا تكفّروهم بذنب ، ولا تشهدوا عليهم بشرك »(٤) .

٥ ـ وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إذا أحدكم قال لأخيه : يا كافر ، فقد باء بها أحدهما »(٥) .

٦ ـ وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لا يرمي رجل رجلاً بالفسق ، ولا يرميه بالكفر إلاّ ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك »(٦) .

٧ ـ وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «من كفّر أخاه فقد باء بها أحدهما »(٧) .

__________________

١ ـ نصب الراية ٢ / ٣٥ ، كنز العمّال ١ / ٢١٥.

٢ ـ الجامع الكبير ٢ / ٤٣ ، كنز العمّال ١ / ٢١٥.

٣ ـ كنز العمّال ١ / ٢٩.

٤ ـ المصدر السابق ١ / ٢٧٧.

٥ ـ مسند أحمد ٢ / ١٨ و ٦٠ و ١١٢ ، صحيح البخاري ٧ / ٩٧ ، صحيح مسلم ١ / ٥٧ ، الجامع الكبير ٤ / ١٣٢.

٦ ـ مسند أحمد ٥ / ١٨١ ، صحيح البخاري ٧ / ٨٤ ، الجامع الصغير ٢ / ٤٦٤.

٧ ـ مسند أحمد ٢ / ١٤٢ ، تاريخ بغداد ٩ / ٦٤.

٤٩٩

٨ ـ وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «أيّما رجل مسلم كفّر رجلاً مسلماً ، فإن كان كافراً وإلاّ كان هو الكافر »(١) .

٩ ـ وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فهو كقتله »(٢) .

١٠ ـ وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «كفّوا عن أهل لا إله إلاّ الله ، لا تكفّروهم بذنب ، فمن أكفر أهل لا إله إلاّ الله فهو إلى الكفر أقرب »(٣) .

وعن الزهري : أخبرني محمود بن الربيع قال : سمعت عتبان بن مالك يقول : غدا عليّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال رجل : أين مالك بن الدخشن؟ فقال رجل منّا : ذلك منافق لا يحبّ الله ورسوله ، فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : «ألا تقولوه يقول لا إله إلاّ الله يبتغي بذلك وجه الله » قال : بلى ، قال : «فإنّه لا يوافي عبد يوم القيامة به ، إلاّ حرّم الله عليه النار »(٤) .

وعن ابن ظبيان : « سمعت أُسامة بن زيد بن حارثة يحدّث قال : بعثنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الحرقة من جهينة ، قال : فصحبنا القوم فهزمناهم ، قال : ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجل منهم ، قال : فلمّا غشّيناه قال : لا إله إلاّ الله ، فكفّ عنه الأنصاري ، فطعنته برمحي حتّى قتلته.

قال : فلمّا قدمنا بلغ ذلك النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : فقال لي : «يا أُسامة ، أقتلته بعدما قال لا إله إلاّ الله »؟ قال : قلت : يا رسول الله إنّما كان متعوّذاً ، قال : «أقتلته بعد أن قال لا إله إلاّ الله »؟ قال : فما زال يكرّرها عليّ حتّى تمنّيت أنّي لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم »(٥) .

وعن الزهري قال : حدّثنا عطاء بن يزيد : أنّ عبيد الله بن عدي حدّثه : أنّ المقداد بن عمرو الكندي ـ حليف بني زهرة ـ حدّثه ، وكان شهد بدراً مع

__________________

١ ـ كنز العمّال ٣ / ٦٣٥.

٢ ـ المعجم الكبير ١٨ / ١٩٤ ، مجمع الزوائد ٨ / ٧٣.

٣ ـ المعجم الكبير ١٢ / ٢١١ ، الجامع الصغير ٢ / ٢٧٥ ، مجمع الزوائد ١ / ١٠٦.

٤ ـ صحيح البخاري ٨ / ٥٤.

٥ ـ المصدر السابق ٨ / ٣٦.

٥٠٠

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585