موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٤

موسوعة الأسئلة العقائديّة10%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-04-1
الصفحات: 585

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 585 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 253037 / تحميل: 6993
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٤

مؤلف:
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠٤-١
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

بالغدر ولا يقاتلوا مع الذين غدروا، ولكنَّهم يقاتلون المشركين حيث وجدوهم، ولا يجوز عليهم ما عاهد عليه الكفّار )(١) .

وروى محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد بن محمّد بن الحسن بن شموم، عن عبد الله بن عمر بن الأشعث وعبد الله بن حماد الأنصاري، عن يحيى بن عبد الله بن الحسن، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : ( قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يجيء كلّ غادر يوم القيامة بإمام مائلاً شدقه حتّى يدخل النار )(٢) .

وروى عبد الله بن مسلم القضبي، عن مالك، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : ( إذا جمع الله الأوَّلين والآخرين يوم القيامة، يعرف لكلّ غادر لواء، فقيل : هذه غدرة فلان بن فلان )(٣) .

وهناك باب في كتاب الجهاد من ( سنن أبي داود ) في الإمام يُستجنّ به في العهود، جاء فيه ( عن الحسن بن علي بن أبي رافع : أنّ أبا رافع أخبره قال : بعثتني قريش إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلمّا رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أُلقي في قلبي الإسلام، فقلت : يا رسول الله، إنّي - والله - لا أرجع إليهم أبداً، فقال رسول الله : ( إنّي لا أخيس بالعهد ولا أحبس البُرد، ولكن أرجع فإن كان الذي في

____________________

(١) وسائل الشيعة، مصدر سابق، ج١١، ص ٥١ - ٥٢، ح١٠.

(٢) المصدر نفسه، ص٢٠.

(٣) المتقي الهندي، كنز العمّال، مؤسسة الرسالة، بيروت، ج٣، ص٥١٧ حديث رقم : ٧٦٨٢.

٤١

نفسك الآن فارجع )، قال : فذهبت، ثمَّ أتيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأسلمت.

قال بكير : وأخبرَني أنّ أبا رافع كان قبطيَّاً )(١) .

جاء عن العرباض بن سارية السلمي قال : ( نزلنا مع النبي خيبر، ومعه مَن معه من أصحابه، وكان صاحب الخيبر رجلاً مارداً ( مُنكراً )، فأقبل إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : يا محمّد، ألكم أن تذبحوا حمرنا وتأكلوا ثمرنا وتضربوا نساءنا ؟! فغضب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقال : ( يا بن عوف، اركب فَرَسك ثمَّ نادِ : ألا إنّ الجنّة لا تحلّ إلاّ لمؤمن، وأن اجتمعوا للصلاة )، قال : فاجتمعوا، ثمَّ صلَّى بهم النبي ثمَّ قام، فقال : ( أيحسب أحدكم متَّكئاً على أريكته، قد يظنُّ أنّ الله لا يحرِّم شيئاً إلاّ في هذا القرآن، ألا وإنّي - والله - قد وعظت، وأمرت، ونهيت عن أشياء إنَّها لمثل القرآن أو أكثر، وإنّ الله تعالى لم يحلَّ لكم أن تدخلوا بيوت أهل الكتاب إلاّ بإذن، ولا ضرب نسائهم ولا أكل ثمارهم إذا أعطوكم الذي عليهم )(٢) .

ثمَّ قال : ( حدَّثنا عن رجل من جهينة قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( لعلّكم تقاتلون قوماً، فتظهرون عليهم فيتَّقونكم بأموالهم دون أنفسهم وأبنائهم ؟! )، قال

____________________

(١) سليمان بن الأشعث السجستاني، سنن أبي داود، دار الفكر، بيروت، ج١، ص٦٢٧، حديث رقم : ٢٧٥٨.

(٢) المصدر نفسه، ج٢، ص٤٤ - ٤٥، باب في الإمام يكون بينه وبين العدوّ عهد فيسير إليه، كتاب الجهاد، باب الوفاء بالعهد.

٤٢

سعيد في حديثه : ( فيصالحونكم على صلح ) ثمَّ اتّفقا ( ولا تُصيبوا منهم شيئاً فوق ذلك؛ فإنّه لا يصلح لكم )(١) .

وعن عدّة من أبناء أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن آبائهم، عن رسول الله أنّه قال : ( ألا ومَن ظلم معاهداً، أو انتقصه، أو كلّفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفس، فأنا حجيجه يوم القيامة )(٢) .

حرمة مال المعاهد ودمه :

عن خالد بن الوليد قال : غزوت مع رسول الله خيبر، فأتت اليهود فشكوا أنّ الناس أسرعوا إلى حظائرهم، فقال رسول الله : ( ألا لا تحلّ أموال المعاهدين إلاّ بحقِّها )(٣) .

حدّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدّثنا وكيع، عن عيينة بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي بكر قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( مَن قتل معاهداً في غير كُنهه حرَّم الله عليه الجنّة )(٤) ، وكُنْه الأمر حقيقته، وقيل - كما في ( حاشية النهاية ) - : وصفه، وقتله في غير كُنهه، أي من غير استحقاق.

وروى محمد بن الحسن، بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن حريز وابن مسكان، عن أبي بصير قال : ( سألته عن

____________________

(١) المصدر نفسه، ص ٤٥.

(٢) المصدر نفسه، ص ٤٥.

(٣) المصدر نفسه، ج٢، ص٢٠٩.

(٤) المصدر نفسه، ج١، ص٦٢٧.

٤٣

ذمِّيّ قطع يد مسلم، قال : ( تُقطع يده إن شاء أولياؤه، ويأخذون فضل ما بين الديَّتين، وإن قطع المسلم يد المعاهد خُيِّر أولياء المعاهد، فإن شاءوا أخذوا ديَّة يده وإن شاءوا قطعوا يد المسلم وأدّوا إليه الفضل ما بين الديّتين، وإذا قتله المسلم صُنع كذلك )(١) .

شرط شرعية العقود والاتفاقيّات الدولية :

ولابدَّ في تصحيح وشرعية أيِّ معاهدة - صلح أو تفاهم أو تطبيع في العلاقات مع الأنظمة الكافرة - من ملاحظة هذين الشرطين :

الشرط الأول : أن يجري الاتّفاق على يد إمام المسلمين، المأمون على دينهم ودنياهم، والاتفاقيّات والمعاهدات التي تجري على يد الأنظمة غير الشرعية، التي تحكم أكثر بلاد المسلمين، مع إسرائيل أو أمريكا، أو غيرهما من الأنظمة المعادية تفقد صفة الشرعية؛ لأنّ هذه المعاهدات تتمُّ من قِبل أنظمة غير شرعية، وغير مؤتمنة على مصالح المسلمين، بل عاملة لمصلحة الأنظمة الكافرة في كثير من الأحيان.

والشرط الثاني : أن تكون الاتفاقيّات والمعاهدات لمصلحة أو ضرورة عائدة إلى المسلمين، والاتفاقيّات التي تجري لمصلحة الأنظمة الكافرة، وبخلاف مصالح المسلمين، أو تجري تحت ضغوط من ناحية أنظمة كافرة فاقدة للشرعية.

____________________

(١) وسائل الشيعة، مصدر سابق، ج١٩، ب ٢٢ باب حكم القصاص، حديث رقم : ١.

٤٤

ومعاهدات السلام مع ( إسرائيل ) كلّها من هذا القبيل، وعنصر الضغوط الأمريكية من أبرز عناصر هذه الاتفاقيّات؛ ولذلك فإنّ المحاولات التي قامت بها بعض المؤسسات الدينية، لإعطاء صفة الشرعية - في حينه - لأمثال هذه المعاهدات، لم تلقَ قبولاً من ناحية المسلمين، الشيعة والسنَّة على حدِّ سواء.

الحياة الطيِّبة : قد مرَّ تاريخ وظروف أدّت إلى تصنيف خاص حول تنويع البلاد، إلى دار الإسلام ( والإيمان)، ودار الكفر، وخضع واقع الإنسان والمجتمع لتغيير شامل، وتحوّلت العلاقات والروابط ما يزيد من إمكانية طروء تحوّل على واقع هذا التصنيف، وفي كل الأحوال هل هناك ما يدعو إلى تبنِّي هذا التصنيف اليوم أيضاً ؟ وما هي وضعية الجهاد والقتال ضدَّ المجتمعات المشركة ؟

الشيخ الآصفي : لم يطرأ جديد على مسألة ( الجغرافيا السياسية ) للعالم في الفقه، والمعروف لدى الفقهاء هو التصنيف الثلاثة للعالم على النهج التالي :

١ - دار الإسلام.

٢ - دار الحرب.

٣ - دار العهد.

وهذا التقسيم من الثوابت الفقهية، والخلاف بين الفقهاء في تعريف هذه الدور، لا في أصل التقسيم الثلاثي.

وأساس هذا الاختلاف، هو الاختلاف في المعيار الذي يتّخذه الفقهاء لتصنيف العالم، وهو أساسان :

٤٥

أ - الأساس السياسي.

ب - الأساس الدَّعَوي.

الأساس السياسي :

فعلى الأساس الأوّل، كل منطقة تخضع لسيادة الإسلام سياسياً وإدارياً، وتجري فيها الأحكام والحدود الشرعية، وتجري فيها الشعائر الإسلامية هي ( دار الإسلام ).

و( دار الحرب ) أو ( دار الكفر )، هي كل منطقة تخضع لسيادة الكفر، ويحكمها الكفر، وإن كانت من قبل داراً للإسلام، وذلك مثل فلسطين.

و( دار العهد ) هي التي تخضع لسيادة الكفر، إلاّ أنّ المسلمين يحترمون هذه السيادة؛ نظراً للعهود والاتفاقيّات المبرمة بين المسلمين وبين الأنظمة الحاكمة على هذه المناطق.

والفرق بين ( دار العهد ) و( دار الكفر ) هو : أنَّ سيادة دار العهد سيادة محترمة، بخلاف سيادة دار الكفر، فإنَّها سيادة غير محترمة.

وهذا هو الأساس الأوّل للتقسيم الثلاثي للعالم، وهو الأساس السياسي.

يقول الشيخ محمد عبده في تعريف ( دار الإسلام ) - كما ورد في تفسير ( المنار ) - : ( كل ما دخل من البلاد في محيط سلطان الإسلام ونفذِّت فيها أحكامه وأُقيمت، قد صار من دار الإسلام، ووجب على المسلمين عند الاعتداء عليه أن يدافعوا عنه وجوباً عينيّاً، وكانوا كلّهم آثمين بتركه.

وإنَّ استيلاء الأجانب عليه لا يرفع عنهم وجوب القتال لاسترداده وإن طال الزمان، فعلى هذا الرأي يجب على مسلمي الأرض إزالة سلطان جميع

٤٦

الدول المستعمرة لشيء من الممالك الإسلامية، وإرجاع حكم الإسلام إليها، ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، وعجزهم الآن عن ذلك لا يسقط عنهم وجوب توطين أنفسهم عليه، وإعداد ما يمكن من النظام والعدّة له، وانتظار الفرص للوثوب والعمل ).

وهذا الرأي يوافق القاعدة التي وضعها أحد وزراء الإنجليز؛ للتنازع بين المسلمين والنصارى في الغلب والسلطان، وهي : ( ما أخذ الصليب من الهلال لا يجوز أن يرجع إلى الهلال، وما أخذ الهلال من الصليب يجب أن يعود إلى الصليب )؛ وعلى هذا يجري اليهود الذين يطالبون بإعادة ملك إسرائيل إلى بلاد فلسطين، بل هم لا يكتفون بإعادة الملك، بل يطلبون جَعل المِلْك ( بكسر الميم ) وسيلة له، فهم يحاولون سلب رقبة الأرض من أهلها العرب بمساعدة الإنجليز )(١) .

الأساس الدَعَوي :

والأساس الثاني لتقسيم العالم في الفقه هو الأساس الدَعَوي؛ وعلى هذا الأساس كل بلد امتدَّت إليه الدّعوة، وأصبح الناس فيها بحجم كبير - ولو لم يكن بحجم الأكثريّة - يمارسون فيها شعائر دينهم، فهو ( دار الإسلام )، بشرط ألاّ تكون الدعوة مستهلكة كإنكلترا، أو فرنسا، وأمريكا، وكندا، فإنّ الدعوة قد امتدّت إلى هذه البلاد من دون شكٍّ، ولكنَّ الدّعوة غير بارزة في هذه

____________________

(١) رشيد رضا، تفسير المنار، ج١، ص٣١٦.

٤٧

الأقطار، أو مستهلكة بين سائر الدعوات والاتجاهات ذات السيادة، أو غير ذات السيادة في هذه البلاد. والبلاد التي لم تمتدَّ إلهيا الدّعوة، أو لا يكون لامتداد الدعوة إليها بروز ووضوح، فهي من دار الكفر.

ودار العهد هي البلاد التي لم تمتدَّ إليها الدّعوة، ولكنَّها قد دخلت معنا في عهود واتّفاقات متبادلة في حرمة السيادة من الطرفين، وفي التفاهم والتعاون.

المقارنة بين التقسيمَيْن :

وللاختلاف بين هذين التقسيمَيْن مصاديق كثيرة، فإنّه على التقسيم الأوّل لا تدخل فلسطين المحتلّة في دار الإسلام؛ لأنّ ( إسرائيل ) هي صاحبة النفوذ السياسي والإداري فيها، بل كافّة البلدان التي لا تخضع لسيادة الإسلام لا تعتبر من دار الإسلام، حتى لو لم تمارس فيها الكيانات السياسية الكافرة نفوذاً مباشراً، مثل العراق وتركيا العلمانيّة، والمساحات الإسلامية في يوغوسلافيا، وبلغاريا، ودول آسيا الوسطى، مثل أوزبكستان، وطاجيكستان ، وأذربيجان، حيث تحلّها أكثرية مسلمة، ولكنّها غير خاضعة لسلطان الإسلام، والأمثلة على ذلك كثيرة، في الخريطة السياسية الحديثة للعالم، غير أنّها بناءً على الأساس الثاني تدخل في دار الإسلام بلا تردُّد.

والإشكالية التي يواجهها التقسيم الثُّلاثي الأوّل، هي أنّ هذه البلاد التي لا يشملها تعريف (دار الإسلام ) لا تدخل في تعريف ( دار الكفر ) أيضاً في الغالب؛ فإنّ ( دار الكفر ) هي التي يحكمها الكافر، مثل فلسطين، وأمّا البلاد

٤٨

التي لا يحكمها الكافر مباشرة، مثل تركيا وكثير من البلاد الإسلامية، فهي خارجة عن تعريف ( دار الإسلام ) و( دار الكفر ) معاً.

الحياة الطيِّبة : ولكنَّ السؤال - هنا - حول الآثار التي تترتَّب على هذا التقسيم إلى دارين، هل لكم - سماحة الشيخ - أن تبيِّنوا لنا هذه الآثار ؟ وما هو رأيكم حول الموضوع ؟

الشيخ الآصفي : ليس هذا التعريف تعريفاً نظرياً محضاً في الفقه، فقد ذكر الفقهاء آثاراً فقهية كثيرة لهذه الدور، والاختلاف في تفسير ( الدور ) يؤدّي إلى اختلاف في هذه الأحكام أيضاً، ونذكر نماذج من هذه الأحكام.

١ - أحكام اللحُوم والجُلود : فإنّ اللحوم والجلود الموجودة في أسواق دار الإسلام، يصحّ أكلها واستعمالها، كما في رواية إسحاق بن عمّار المعروفة.

٢ - أحكام الالتقاط : الطفل اللقيط في بلاد المسلمين يُحكَم عليه بالإسلام، من حيث أحكام الإسلام، وليس كذلك لقيط بلاد الكفر.

٣ - أحكام الهجرة : يذهب الفقهاء إلى القول بوجوب الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام، لو تعذَّرت عليه إقامة الشعائر الإسلامية في بلاد الكفر.

٤ - الدفاع : يجب الدفاع عن دار الإسلام، إذا تعرَّض لهجوم من قِبل الكفَّار.

٤٩

الرأي المختار :

والذي أختاره من رأي في هذه المسألة، هو اتخاذ الأساس الثاني، أي أساس الدعوة في رسم الخريطة السياسيّة للعالم، بالنظر إلى الأحكام المتقدّمة وغيرها، فليس من الصحيح أن نجعل العامل السياسي أساساً لتصنيف العالم بالنظر إلى الأحكام المتقدّمة؛ ففي مسألة اللحوم والجلود، لا إشكال أنَّ لها علاقة بوجود كثرة كميّة مسلمة في البلد، وليس لها علاقة بمسألة السيادة السياسية.

وكذلك الأمر في مسألة ( الالتقاط )؛ فإنّها ذات علاقة بوجود كثرة كميّة مسلمة في البلد، ولا علاقة لها بالمسألة السياسية، وكذلك الأمر في مسألة الهجرة، وقد أرجع صاحب الجواهررحمه‌الله ملاك وجوب الهجرة إلى دار الإسلام، إلى غلبة الكفر على هذه البلاد، لا إلى السيادة السياسية للكافر، فإذا عثرنا - مثلاً - على طفل صغير في القدس العربيّة لا نحكم بكفره، رغم أنّ القدس العربية خاضعة لنفوذ إسرائيل العدواني.

وكذلك مسألة الدفاع؛ فإنّ الدفاع واجب عن دار الإسلام، وقد ورد في النصوص الإسلامية بعنوان الدفاع عن بيضة الإسلام، ولا علاقة لهذه المسألة أيضاً بالمسألة السياسية، فلو تعرَّضت الجزائر، أو المغرب، أو تونس لغزو دولة كافرة، يجب على المسلمين الدفاع عنها بلا كلام، رغم أنّ هذه البلاد وأمثالها من بلاد المسلمين لا تخضع للنفوذ السياسي الإسلامي، بالمعنى الدقيق الشرعي لهذه الكلمة.

٥٠

الأحكام المتعلّقة بالأساس الأوّل :

ورغم أنَّنا اخترنا الأساس الثاني، أي ( الدعوة ) لرسم الخريطة السياسية في العالم، دون الأساس الأوّل ( الأساس السياسي )، وذكرنا أنّ لهذا الاختيار مبرّرات وأسباب فقهية لا يمكن تجاوزها رغم ذلك نجد في الشريعة أحكاماً تخصّ التقسيم الثلاثي للعالم على الأساس الأوّل، أي العامل السياسي.

وأذكر منه حكمَيْن :

١ - المُرابطة : وهي الإرصاد لحفظ ثغور الإسلام من ناحية الأعداء، والمرابطة غير القتال، ومهمَّة المرابط تختلف عن مهمَّة المقاتل، والمرابطة من أحكام النفوذ السياسي للإسلام.

يقول صاحب الجواهر ( ره ) في تعريف ( الثغر ) : ( هو الحدُّ المشترك بين دار الشرك ودار الإسلام كما في ( التنقيح ) أو كل موضع يُخاف منه كما في ( جامع المقاصد )، أو هما معاً كما في ( المسالك ).

قال : ( الثغر هنا : الموضع الذي يكون بأطراف بلاد الإسلام، بحيث يُخاف هجوم المشركين منه على بلاد الإسلام، وكل موضع يُخاف منه يُقال له : ثغر )(١) .

ولا إشكال في أنّ هذا التعريف ل- ( الثغر ) يناسب دار الإسلام؛ بناءً على الأساس السياسي.

٢ - الاستئمان : ونقصد به طلب الأمان والجوار من المسلم لدخول دار الإسلام، ويجوز لإمام المسلمين أن يُعطي أماناً للكافر على نفسه، وماله ،

____________________

(١) جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، مصدر سابق، ج٢١، ص٣٨.

٥١

وأهله لدخول البلاد، سواء كان بلده في حالة حرب المسلمين أم لا، فيدخل كافر دار الإسلام في ذمّة المسلمين؛ والأساس في ذلك قوله تعالى :( وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ) (١) .

ولا شكَّ في أنّ الاستئمان من أحكام دار الإسلام؛ بناءً على التقسيم الأوّل ( السياسي لا الدَعَوي ).

وعليه؛ فإنّنا نذبُّ إلى القول بوجود أساسين لرسم الخريطة الجغرافية السياسية للعالم في الفقه.

الأساس الأوّل : هو الأساس السياسي، بمعنى النفوذ السياسي للإسلام أو الكفر، وهو أساس لأحكام مثل المرابطة والاستئمان.

الأساس الثاني : هو الأساس الدَعَوي، وهو الأكثر والأوسع استخداماً في الفقه الإسلامي.

دار العهد :

ولا بدّ من وقفة قصيرة - قبل إنهاء الجواب عن هذا السؤال - عند ( دار العهد )، قلنا : إنّ دار العهد هي الدار التي يحكمها الكافر، ويمارس فيها نفوذه السياسي والإداري، ولكنّنا نحترم هذه السيادة، رغم كونها للكافر، وذلك عملاً بالعهد.

____________________

(١) سورة التوبة : الآية ٦.

٥٢

الذي التزم به إمام المسلمين بناءً على المصلحة أو الضرورة التي توجب ذلك، ولا إشكال في شرعية هذا العهد والاتّفاق، إذا اقتضتها مصلحة المسلمين، أو دعت إليه الضرورة.

ولا إشكال في أنّ الإسلام يأمرنا بالوفاء بالعقود والاتفاقيات، يقول تعالى :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (١) ، وينهانا الله تعالى عن الغدر والحنث، فقد رُوِي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( يجيء كل غادر يوم القيامة بإمام مائلاً شدقه، حتّى يُدخله النار )(٢) .

وليس من شرط العهد أن يتّفق في حرب فقط، فقد تدخل الدولة الإسلامية بإذن إمام المسلمين في عقود واتّفاقيات، وعهود دولية سياسية، واقتصادية، وعسكرية، وثقافية مع دول أخرى في العالم، ولا إشكال في شرعية هذه العقود؛ لأنّها جرت بأمرٍ وإذنٍ من قِبل إمام المسلمين، طبقاً لمصلحة أو ضرورة تتطلَّبها.

وفي هذه الحالة يجب على المسلمين احترام هذه العقود والالتزام بها، ويحرم نقضها ما لم يبدأ الطرف الآخر بنقضها.

ومن متطلّبات احترام هذه العقود والعهود احترام سيادة الأنظمة السياسية، التي تعاقدت معها الدولة الإسلامية، ويجري تبادل الهيئات الدبلوماسية بين الدولة الإسلامية، وسائر الدول على أساس من هذه الاتفاقيات والعقود الدولية.

____________________

(١) سورة المائدة : الآية ١.

(٢) وسائل الشيعة، مصدر سابق، ج١١، ص٥٢، حديث رقم : ٢.

٥٣

الحياة الطيِّبة : الخروج على الحاكم هل هو بغي أم حرابة أم جهاد ؟ وما هي الضوابط الشرعية التي ترون أنّها مسوِّغة للخروج على الحاكم الظالم ؟

الشيخ الآصفي : وردت في السؤال عدَّة مصطلحات، تختلف مداليلها وأحكامها.

الخروج على الحاكم الظالم، البغي، الحرابة ( المحاربة ) الجهاد، والضوابط الشرعية المسوّغة للخروج على الحاكم الظالم.

ولا بدّ - أوّلاً - من التفكيك بين هذه المصطلحات، ثمَّ الحديث بعد ذلك عن الضوابط الشرعية المسوِّغة للخروج على الحاكم الظالم، وفي ما يأتي تفصيل هذه النقاط :

١ - إذا كان النظام الحاكم نظاماً كافراً، عدوانياً غاصباً، مثل النظام الصهيوني الغاصب والمعتدي على أرض إسلامية، فالحكم الشرعي هو الجهاد، وهو من الجهاد الدفاعي، الذي يُعدُّ من أفضل أنواع الجهاد، وقد أذن الله تعالى لنا في ذلك.

يقول تعالى :( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ) (١) .

وأمرنا الله تعالى بهذا القتال دفاعاً عن حقوق المسلمين وأراضيهم.

يقول تعالى :( وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنْ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ

٥٤

فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ ) (١) ، وهذه الآيات الكريمة تتطابق إلى حدٍّ كبير مع الحالة القائمة في فلسطين اليوم بين المسلمين واليهود المتسلِّطين.

٢ - وإذا كان النظام نظاماً صالحاً شرعياً، فإنَّ الخروج والتمرُّد المسلَّح على هذا النظام يدخل ضمن مفهوم ( البغي )، الذي أمرنا الله تعالى بإصلاحه، فإذا رفضت الفئة الباغية الصلاح والرجوع إلى الطاعة، فالحكم هو القتال حتّى تفيء إلى أمر الله.

٣ - وإذا كان النظام نظاماً صالحاً شرعياً وخرجت مجموعة مسلَّحة، أو فرد مسلَّح للإخلال بالأمن الاقتصادي والاجتماعي، فقد أمرنا الله تعالى بملاحقتهم وتقتيلهم، وهذه هي ( المحاربة ) أو الحرابة، كما ورد في السؤال.

٤ - وإذا كان الحاكم طاغية يحكم بلداً من بلاد المسلمين، ويسعى بالظلم والإفساد، وانتهاك حدود الله وحرماته وحقوق الناس في الأرض، مثل يزد بن معاوية، والحجّاج بن يوسف، ومن أمَّره واستعمله على المسلمين، ومَن يُشبهه من الحكَّام المعاصرين، الذين يحكمون المسلمين بالظلم والعدوان، فهذا الحاكم هو ( الطاغوت ) الذي أمرنا الله أن نكفر به ونرفضه، وألاَّ نركن إليه، وهو( جهاد الطاغوت ) وجهاد الطاغوت من أفضل أنواع الجهاد. هذه هي النقاط الأربعة الواردة في السؤال، وبين ( البغي ) و( المحاربة ) أو ( الحرابة ) فرق واضح.

____________________

(١) سورة البقرة : الآية ١٩١.

٥٥

فإذا خرجت فئة مسلَّحة من المسلمين على الإمام العادل وتمرّدت عليه، وسعت إلى الانشقاق على السلطة المركزية الشرعية، أو إسقاط السلطة المركزية، كانت هذه الحركة ( بغياً )، ووجب على المسلمين أن يدعوهم إلى الدخول في ما دخل فيه المسلمون من الطاعة، وإن لم يدخلوا فيما دخل فيه عامة المسلمين أمرنا الله تعالى بقتالهم، حتى يفيئوا إلى أمر الله.

يقول تعالى :( فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ ) (١) ، وهذه الآية المباركة هي الأساس في التعامل مع الفئات الباغية.

فالبغي - إذاً - هو : حركة سياسية جماعية مسلَّحة ومنظَّمة، متمرِّدة على النظام الشرعي المركزي؛ بهدف الانشقاق أو إسقاط السلطة المركزية.

أمَّا ( المحاربة )، فهي حركة مسلَّحة فردية أو جماعية؛ للإخلال بالأمن الاقتصادي الاجتماعي أو الديني، بقطع الطرق أو نهب الأموال، أو الاعتداء على الأعراض، أو الاختطاف المسلَّح، أو غير ذلك من أنواع الإخلال بالأمن عن طريق الإرهاب بالسلاح، ولا شأن للمحاربة بالسلطة السياسية - لا انشقاقاً ولا إسقاطاً - وإنَّما شأنهم الإخلال بأمن المجتمع فقط؛ والأصل في الحكم الشرعي في جهاد المحاربين وقتالهم هو قوله تعالى :( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلاَفٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي

____________________

(١) سورة الحجرات : الآية ٩.

٥٦

الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ ) (١) .

وبين ( جهاد الكافر )، و( جهاد الباغي )، و( جهاد الطاغية ) الوارد في النقاط الأُولى والنقطة الثانية، والثالثة فرق، قد أوضحناه عند توضيح النقاط، ونزيده توضيحاً بالأمثلة الآتية.

المقصود ب- ( جهاد الكافر ) هو العدوُّ الكافر، الذي يمارس سلطاناً عدوانيّاً على أرض المسلمين، مثل ( إسرائيل ) كما ذكرنا، وهذا هو الجهاد الدفاعي للكافر، ولا خلاف في وجوبه بين فقهاء المسلمين من كلّ المذاهب.

والمقصود ب- ( الباغي ) أو الفئة الباغية، الفئة المتمرّدة والمنشقَّة على الحاكم الشرعي، مثل معاوية بن أبي سفيان، الذي تمرّد على الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فهذا هو الباغي، ولا يختلف فقهاء المسلمين في وصف معاوية بالبغي، لولا التحفُّظات السياسية لدى بعضهم، وهي تحفُّظات غير فقهيَّة.

والمقصود ب- ( الطاغوت ) هو الحاكم المتسلِّط على أمور المسلمين، الذي يُمارس الظلم والإفساد وانتهاك الحدود، والحرِّيات في بلاد المسلمين، من داخل هذه الأمَّة، مثل يزيد بن معاوية، الذي كان يمارس أنواع الظلم، والإفساد، وانتهاك الحدود والحرِّيات في هذه الأمة، وبين معاوية ويزيد فرق، فإنّ معاوية باغٍ تمرَّد على أمير المؤمنينعليه‌السلام وعلى الحسنعليه‌السلام ، وينطبق عليه

____________________

(١) سور المائدة : الآيات ٣٣ - ٤٣.

٥٧

قوله تعالى :( فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ ) (١) ، وأمّا يزد بن معاوية، فقد ورث السلطان والإفساد والظلم من أبيه، وطغى في البلاد على أحكام الله وحدوده وعلى حقوق المسلمين، فهو من الطاغوت الذي أمرنا الله تعالى برفضه والكفر به :( يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً ) (٢) .

ولا يختلف موقف المفسّرين في تفسير الطاغوت عن المعنى الإجمالي الذي ذكرته هنا، ولا يختلف المؤرِّخون وأصحاب السير المنصفون من أيِّ اتجاه، في تطبيق هذا العنوان على يزيد بن معاوية.

أمّا الضوابط الشرعية للخروج على الحاكم الظالم، وهو الجزء الأخير من هذا السؤال المتعدِّد الأبعاد، فهو أمران : أن يعمل الحاكم بالظلم ويسعى للإفساد في الأرض ويتجاوز حدود الله، وينتهك حقوق الناس. وهذا هو الجزء الأوّل. والجزء الآخر هو : ألا يرتدع بالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.

فإذا كان الأمر كذلك وجب على المسلمين أن يرفضوا ولايته وسلطانه، ولا يركنوا إلى سيادته، ولا يُطيعوا له أمراً، ولا يتحاكموا إليه.

____________________

(١) سورة الحجرات : الآية ٩.

(٢) سورة النساء : الآية ٦٠.

٥٨

الحياة الطيِّبة : لو رجعنا إلى القرآن الكريم والسنَّة ، هل يمكن أن نستخرج منهما قاعدة أو أصلاً عاماً حول جواز الخروج على الحاكم ؟

الشيخ الآصفي : لقد دلَّ الكتاب العزيز، والسنّة الشريفة، وسيرة أهل بيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والصالحين من عباد الله على وجوب جهاد الطاغوت ومكافحته.

آية الأمر بالكفر بالطاغوت :

يقول تعالى :( يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ ) (١) .

مَن هو الطاغوت :

ورد في تفسير ( الطاغوت ) في شأن نزول الآية :

( أنَّه كان بين رجل من اليهود ورجل من المنافقين خصومة، فكان المنافق يدعو إلى اليهود؛ لأنَّه يعلم أنَّهم يقبلون الرشوة، وكان اليهودي يدعو إلى المسلمين؛ لأنَّه يعلم أنَّهم لا يقبلون الرشوة، فاصطلحا أن يتحاكما إلى كاهن من جهينة، فأنزل الله فيه هذه الآية :( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً ) (٢) ،( أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا

____________________

(١) سورة النساء : الآية ٦٠.

(٢) سورة النساء : الآية ٦٠.

٥٩

أُنزِلَ إِلَيْكَ ) يعني المنافقين،( وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ ) يعني اليهود،( يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ ) إلى الكاهن )(١) .

وأخرج الثعلبي وابن أبي حاتم، عن طريق ابن عباس ( رض ) أنَّ رجلاً من المنافقين يُقال له : بشر. خاصم يهودياً فدعاه اليهودي إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ودعاه المنافق إلى كعب بن الأشرف والطاغوت؛ بناءً على هذا يكون هو كعب بن الأشرف(٢) .

وبناءً عليه؛ فإنَّ الطاغوت من الطغيان على الله ورسوله.

يقول الآلوسي : ( وإطلاقه عليه ( أي على كعب بن الأشرف ) حقيقة بمعنى كثير الطغيان)(٣) .

ويقول البروسوي - في تفسير الآية - : ( الطاغوت كعب بن الأشرف، سمِّي به لإفراطه في الطغيان وعداوة الرسول، ومعناه مَن يحكم بالباطل، ويُؤثِر لأجله ).

ويقول السيوطي في ( الدرِّ المنثور ) : ( الطاغوت رجل من اليهود، يقال له : كعب بن الأشرف. وكانوا إذا ما دعوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول ليحكم

____________________

(١) محمد بن جرير الطبري، جامع البيان ( تفسير الطبري )، دار الكتب العلمية، بيروت، ج٥، ص٩٧.

(٢) شهاب الدين محمود الآلوسي، تفسير روح المعاني، دار الكتب العلمية، بيروت، ج٥، ص٦٨.

(٣) المصدر نفسه، ج٥، ص٦٨.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

وآرائها ؛ وما ذكرناه هو القدر المتيقّن المنقول في كتبهم ، وإلاّ فهم يلتزمون بخرافات وأساطير باطلة ، قد يخفونها على عامّة الناس.

( فاطمة ـ العراق ـ )

عقيدة اليزيديين :

س : ما هي عقيدة اليزيديين عبدة الشيطان؟

ج : اليزيدية إحدى الطوائف التي تكتّمت في إظهار معتقداتها ، لهذا نرى الباحثين في هذا المذهب يختلفون في نتائج تحقيقاتهم ، فنرى جماعة من ينسب اليزيدية إلى يزيد بن معاوية الأُموي ، وجماعة تنسبهم إلى يزيد بن أنيسة الخارجي ، وجماعة يرجعونهم إلى دين المجوس ، ويرون أن كلمة يزيدية مشتقّة من الكلمة الفارسية « يزدان» التي تعني الله ، وبعضهم يدّعي أنّ كلمة اليزيدية مأخوذة من لفظة يزد ، المدينة المشهورة في إيران.

والظاهر أنّهم كانوا في بداية أمرهم من المجوس ، فاعتنقوا الإسلام بعد مجوسيّتهم ، ولمّا حلّ الشيخ عدي بن مسافر الأُموي بين ظهرانيهم في منتصف القرن السادس للهجرة ، وأسّس طريقته العدوية ، كانوا أوّل من والاها واعتنقها ، وقد غلوا فيه ونسبوا إليه ما لا يصحّ نسبته إلى مخلوق مثله ، وبعد وفاته ظهر بين خلفائه بعض من أضلّهم ، وأبعدهم عن التعاليم الإسلامية ، فظهرت فيهم براعم الدين القديم.

وإنّما سمّو باليزيدية لأنّهم كانوا يعتقدون بصلاح يزيد بن معاوية اعتقاداً تجاوز الحدّ حتّى قالوا فيه إلهاً.

ويرى اليزيدون أنّ الكون وجد من قوّتين : قوّة الخير وهي الله ، وقوّة الشرّ وهي الشيطان ، ولهذا يتحاشون عن ذكر اسم الشيطان.

وتختلف العبادة التي يتقرّب بها اليزيدية ، فعبادتهم للشيطان عبادة تضرّع ، وتعطّف وخشية ، وعبادتهم لله عبادة خضوع وشكر وامتنان.

٥٢١

وقد بلغ الخوف باليزيدية من الشيطان درجة أنّهم تركوا عبادة إله الرحمة ، مبرئين أنفسهم من الخطأ في ذلك ، إنّ الله الذي لا حدّ لصلاحه وجوده ومحبّته للخلائق ، لا يفعل بهم شرّاً لأنّه صالح ، أمّا الشيطان فهو منقاد طبعاً إلى عمل الشرّ ، لأنّه مصدر الشرّ ومبدأه ، وعليه فالفطنة تقتضي على من يريد سعادة الحياة أن يهمل عبادة الله الصالح بطبيعته ، الذي لا يشاء عمل الشرّ ، ويطلب ولاء الشيطان وحمايته تخلّصاً من أذاه ، إذ للشيطان وحده أن يسلّط الشرور وأن يدفعها.

هذه بعض عقائد اليزيدية في الكون ، وأمّا عن شعائرهم التعبّدية ـ كالصوم والصلاة ، والحجّ والزكاة ، وسائر فروض العبادة ـ فإنّها تخالف ما فرض الإسلام من ناحية الكم والكيف.

( الموالي ـ السعودية ـ )

فرقة الكرامية :

س : من هم الكرامية؟ وما هي أهمّ آراؤهم الفقهية والعقائدية؟ وما رأي علماء المسلمين فيهم؟ وهل الفرقة الوهّابية الضالّة تعتبر امتداداً لهم؟

نرجو ذكر بعض المصادر التي تتناولهم بالتفصيل ، حفظكم الله ورعاكم.

ج : إنّ مؤسّس فرقة الكرامية هو : محمّد بن كرام السجستاني ـ المتوفّى ٢٥٥ هـ ـ وباسمه سمّيت هذه الفرقة ، وهي من الفرق المنحرفة ، ولهم آراء فاسدة ، كالقول بالتجسيم ، وأنّ لله على العرش استقراراً ، وعلى أنّه بجهة فوق ذاتاً ، وأطلق عليه اسم الجوهر ، ومسألة اليد والوجه والرؤية كُلّها من اعتقاداتهم ، ولم تمت الكرامية بموت مؤسّسها ، فلقد عاشت بعد موته ، حيث تلقّاها الهروي الأنصاري ، ثمّ احتضنها ابن تيمية ، واعتقد بكثير من عقائدها ، وكذلك الوهّابية المتأثّرون بأفكار ابن تيمية.

٥٢٢

( حسن ـ البحرين ـ ٢٠ سنة ـ طالب جامعة )

حركة القرامطة حركة سياسية :

س : من هم القرامطة؟ وما حقيقة حركة القرامطة في الجزيرة العربية؟

ج : إنّ القرامطة حركة سياسية ، ينتسبون إلى حمدان قرمط ، الذي كان أحد دعاتهم ـ وسمّي بذلك ، أي قرمط ، لأنّه كان يترقمط في مشيته ، أي يقارب بين خطواته ، وقد أقام في الكوفة سنة ٢٧٨ هـ ـ وادعوا انتسابهم إلى الفرقة الإسماعيلية.

والعباسيون في ذلك الوقت كانوا قد أعلنوا عداءهم للفاطميين ولاة مصر ، وكانوا يحاولون إلصاق أيّة تهمة بالخليفة الفاطمي آنذاك ، وبالفاطميين أنفسهم ، وقد ساعد بثّ هذه الدعوى أن حمدان قرمط قد أدّعى انتسابه إلى الإسماعيلية ، وحاول أن يجعل من نفسه منتسباً إلى المذهب الإسماعيلي ، لاستقطاب العامّة من البسطاء إليه ، بل ادّعى أكثر من ذلك ، وهو انتسابه إلى الفاطميين ، إلاّ أنّه لم يثبت ذلك.

وفي سنة ٢٨١ هـ قدم إلى البحرين من يدّعي أنّه رسول المهدي الفاطمي ، وطلب منهم الانضمام إلى دعوة القرامطة ، فأجابه بعضهم ، وكان أبرزهم أبي سعيد الجنابي ، واسمه الحسن بن بهرام.

وفي سنة ٢٨٣ هـ تزعّم أبو سعيد الجنابي الحركة القرمطية في البحرين ، وسار بأصحابه إلى القطيف ، ثمّ إلى البصرة ، وقد عهد أبو سعيد الجنابي إلى ابنه أبي طاهر حركة القرامطة ، ففي سنة ٣٠٧ هـ سار إلى البصرة فاستباحها ، وفي سنة ٣١٢ هـ اعترض حجّاج بيت الله الحرام فقتل منهم ، وانهزم الباقون.

وفي سنة ٣١٧ هـ هجم على مكّة ، وقتل كثيراً من الحجّاج ونهب أموالهم ، وفي سنة ٣١٩ هـ سار أبو طاهر أيضاً إلى مكّة ، فقتل الحجّاج واقتلع الحجر الأسود ، وحمله إلى هجر ، فلمّا بلغ الخبر إلى المهدي الفاطمي ، كتب إليه بالنكير واللعن ، وهدّده إذا لم يرجع الحجر الأسود.

٥٢٣

هذه نبذة من تاريخ القرامطة ، والشيعة منهم براء ، ومن أفعالهم القبيحة ، أعاذنا الله وإيّاكم من الفتن والأهواء ، إنّه سميع الدعاء.

( موالي ـ الكويت ـ ١٩ سنة ـ طالب )

الإخبارية وإنكارهم للعقل :

س : كيف نردّ على الإخبارية الذين ينكرون العقل والإجماع في استنباط الحكم الشرعي؟

ج : إنّ البحث في هذا المجال ، ومن ثمّ الحكم فيه يحتاج إلى دراسة مفصّلة لمقطع من علم الأُصول ، ولا يسعنا التطرّق إليه في هذا المختصر ، ولكن مع هذا نشير إلى نقاط ذات صلة في الجواب :

أوّلاً : لا يرى الأُصولي حجّية العقل مطلقاً ـ حتّى يرد عليه كلام الإخباري ـ بل إنّ العقل عنده حجّة في فهم الحكم ، والدليل في المستقّلات العقلية ، وأمّا الإجماع ـ في نظر المحقّقين من الأُصوليين ـ فليس حجيّته من جهة نفسه ، بل حجيّته تأتي من اشتماله على قول المعصومعليه‌السلام ، فإن كان فهو ، وإلاّ ليس الإجماع على الإطلاق حجّة.

وفي الواقع : أنّ الإجماع المعتمد عند الأُصولي المحقّق مرجعه إلى السنّة والروايات ليس إلاّ.

وأمّا الدليل على كلام الأُصولي لحجّية العقل في المجالين المذكورين ، هو استقلال العقل في الدلالة على المطلب ، وعدم ردع الشارع عنه ، وهذا آية ارتضائه لهذه السيرة العقلائية.

وثانياً : أمّا الآيات والروايات الواردة في المنع عن الاعتماد على العقل ، فكُلّها تنصبّ في مجرى اتّباع العقل بصورة ناقصة ، مثلاً في باب المنع عن القياس أو الاستحسان ، إذ لا يعقل أن يمنع من إجراء العقل بتاتاً ، فإنّه يفضي إلى عدم حجّية النواهي في هذه النصوص المذكورة أيضاً.

٥٢٤

هذا ما تيسّر لنا توضيحه ، وللمزيد من المعلومات ينبغي الرجوع إلى مظانّها في مباحث علم الأُصول ، وعلى الخصوص إلى كتاب فرائد الأُصول ، الذي يطلق عليه الرسائل للشيخ الأنصاري.

( خالد ـ استراليا ـ )

عقائد الشيخية :

س : أُريد توضيحاً حول الفرقة الشيخية ، الذين ينتمون إلى الشيخ الأحسائي ، وما هو الفرق الأساسي بينهم وبين الفرق الأُخرى في الشيعة؟

ج : إنّ الشيخية في الأصل هم أتباع الشيخ أحمد الأحسائي ، المتوفّى ١٢٤١ هـ.

أمّا العقيدة المميّزة عندهم تبتني على التركيز بوجود ركن رابع في عصر غيبة الإمام المنتظرعليه‌السلام ، تخوّل إليه أكثر مسؤوليات وصلاحيّات الإمامعليه‌السلام ، بعدما كان يرون أنّ الإمام المهديعليه‌السلام قد غاب عن عالم الدنيا إلى عالم الأرواح ، وظهوره هو عوده إلى هذا العالم ، ومن ثمّ يقوم الركن الرابع مقامهعليه‌السلام حذراً من تعطيل الشريعة.

واصطلاح الركن الرابع جاء كإشارة إلى الأركان الأساسية الأربعة في الدين والمذهب ، وهي : التوحيد ، النبوّة ، الإمامة ، الركن الرابع.

ومن عقائدهم أيضاً نفيهم المعاد الجسماني ، بل يقولون بإعادة النفوس يوم القيامة في قالب مثالي ، الذي يصوّرونه بصورة خاصّة.

ثمّ إنّ هذه الفرقة قد التفّت حول السيّد كاظم الرشتي عقيب موت الأحسائي كتلميذٍ له ، وركن رابع جديد لطائفتهم ، الذي هو أيضاً توفّى ١٢٥٩ هـ ، وخلّف التفرّق والتشعّب داخل حوزتهم ، ممّا أدّى انقسامهم إلى فرق متعدّدة ، أهمّها فعلاً طائفتان :

٥٢٥

شيخية كرمان الذين يتبعون حاج محمّد كريم خان القاجار كوصيّ للرشتي ، وهذه المجموعة قد انحرفت تدريجاً عن الالتزام بالظواهر الشرعية والأحكام الدينية.

والإحقاقية وهم اتباع ملا باقر الاسكوئي التبريزي ، وفي زماننا كانوا تبعاً للشيخ الإحقاقي الساكن في الكويت ، وبحسب المعلومات المتوفّرة عندنا ، فهذه المجموعة بالذات قد تخلّت كثيراً ما عن تطرّفات العقيدة الأُمّ للفرقة ، وتبنّت الفكر الشيعي المعتدل المتمثّل في الحوزات العلمية ومراجع التقليد ، كما يظهر ذلك من سيرتهم ومؤلّفاتهم ، وهذا شيء يستحقّ التقدير إلى حدٍّ ما ، والعلم عند الله.

( هند ـ المغرب ـ ١٩ سنة ـ طالبة ثانوية )

المذاهب الإسلامية الموجودة حالياً :

س : كم مذهب إسلامي موجود الآن؟

ج : إنّ أكثر الفرق والمذاهب الإسلامية انقرضت ، والمشهور من الباقي منها الآن ، هي :

١ ـ المذاهب الإسلامية الأربعة : المذهب الحنفي ، والمالكي ، والشافعي ، والحنبلي ، وهم أتباع أبي الحسن الأشعري في أُصول العقيدة.

٢ ـ الأباضية ، وهي إحدى فرق الخوارج.

٣ ـ الزيدية ، وهي إحدى فرق الشيعة.

٤ ـ الإسماعيلية ، وهي إحدى فرق الشيعة.

ولكُلّ واحدة من هذه الفرق الثلاث منهجها وفقهها الخاصّ بها.

٥ ـ الشيعة الإمامية الاثنا عشرية ، وهم أتباع الأئمّة المعصومينعليهم‌السلام من آل بيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في الأُصول والفروع.

٥٢٦

والسبب في تعدّد المذاهب الإسلامية هو اختلافهم من ناحية أُصول العقيدة ـ كاختلافهم في صفات الله ، وفي عدله ، وفي القضاء والقدر ، والجبر والاختيار ، والإمامة ، والعصمة ، وغيرها ـ ومن ناحية مناهج استنباط الأحكام الشرعية في استعمال الرأي والقياس ، والاستحسان ، والمصالح المرسلة ، وسنّة الصحابي ، وسنّة أهل البيتعليهم‌السلام وغيرها.

( بريطانيا ـ سنّي ـ ٢٥ سنة )

العلويون :

س : ما هي العلوية؟ وما هي الشيعة؟ وما هي أوجه الاختلاف والتشابه بينهما؟

ج : إنّ الشيعة الاثني عشرية تطلق على المذهب الجعفري ، الذي يعتقد بإمامة الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام ـ كخليفة ووصيّ للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ومن بعده الأئمّة المعصومين الإحدي عشرعليهم‌السلام .

نعم ، هناك فرق من الشيعة ـ كالزيدية والإسماعيلية ـ تتقلّص عدد الأئمّةعليهم‌السلام عندهم إلى أربعة أو ستّة ، ولكن هؤلاء لم يعدّوا من المذهب الجعفري الاثني عشري.

وأمّا العلوية ، فحسب المعلومات المتوفّرة عنهم ، فإنّهم شيعة إمامية جعفرية ، يعتقدون بالأئمّة المعصومين الاثني عشرعليهم‌السلام .

نعم ، كُلّ ما هناك أنّهم انعزلوا في طول التاريخ عن المجتمعات الشيعية ، بسبب مطاردتهم من قبل حكّام الجور ، والسلطات الظالمة بين حين وآخر هنا وهناك ، ممّا أدّى إلى ظهور التخلّف الديني نوعاً ما في بعض طبقات العوام منهم ، وهذا أصبح سبباً قويّاً في رميهم بالتهم ؛ وإلاّ فهم شيعة جعفريّون ، يعتقدون ما تعتقده الشيعة الاثنا عشرية في العقائد والأحكام ، من الأُصول

٥٢٧

والفروع ، وهذا ممّا تشهد له آثارهم المكتوبة ، وشهادة علماء الحوزات العلمية الشيعية ، وسيرة علمائهم في كافّة مجالات العلم والعمل.

وعليه ، فإذا سُمع عنهم شيء لا يتّفق مع الخطّ العام للثقافة الشيعية ، فهو إمّا موضوع ومختلق ، وإمّا هو صادر عن بعض العوام منهم ، فلا دلالة له على التزامات مذهبهم.

بقي علينا أن نذكر : بأنّ العلويين أبناء عشائر وقبائل خاصّة تلتزم بالمذهب الشيعي ، فالمذهب الشيعي هو الإطار العام للعلويين ، وغيرهم من أبناء المذهب ، وبناءً عليه فكُلّ علوي شيعي ، ولكن ليس كُلّ شيعي يجب أن يكون من العلويين ، فهم امتداد عرقي يعتقدون بالتشيّع من الأوّل حتّى الآن.

( علي ـ المغرب ـ ٢٢ سنة ـ ليسانس )

نقطة الخلاف بين الشيعة وبقية المذاهب :

س : ما هي مواطن الاختلاف بين المذهب الجعفري وباقي المذاهب الشيعية ، خصوصاً الزيدية والإسماعيلية؟ ولماذا هذا الاختلاف مادام أنّ الأئمّة محدّدون بمقتضى نصوص الرسول الأعظم.

ج : إنّ المذهب الإمامي الاثني عشري ، يلتزم في أساسه بإمامة الأئمّة الاثني عشر المعصومينعليهم‌السلام ، وهذا هو نقطة الخلاف بينه وبين باقي المذاهب الشيعية ، فمثلاً الزيدية تشترك معنا في الاعتقاد بأربعة من أئمّتنا فقط ، في حين أنّ الإسماعيلية توافقنا في ستّة منهم.

وأمّا دليل عدم قبول هذه المذاهب جميع أئمّتنا مع ورود النصّ النبوي ، ونصوص الأئمّةعليهم‌السلام ، فإنّه يرجع إلى عدم رضوخهم للحقّ ، شأنهم في ذلك شأن أهل السنّة في عدم انصياعهم للأوامر والوصايا المتواترة والمستفيضة في إمامة وخلافة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وأولاده المعصومينعليهم‌السلام .

٥٢٨

( هادي ـ لبنان ـ )

الفرق بين الاخباريين والأُصوليين :

س : جناب الإخوة الأعزاء أدامكم المولى ، أُودّ أن أزعجكم بهذا السؤال : من هم الاخباريون؟ وما العلاقة بينهم وبين الأُصولية؟

ج : إنّ اصطلاح الاخباريين يطلق على جماعةٍ من علماء الشيعة ، كانوا يرون طريق الاجتهاد المألوف عند الأُصوليين مغلقاً ، ويجب العمل فقط مطابقاً للنصوص الروائية الموجودة ، وعلى الأخصّ الكتب الأربعة ، من حيث أنّها صحيحة السند بأكملها ، ويتفرّع على هذا المبنى حكمهم بالاحتياط في الشبهات الحكمية التحريمية ، كشرب التبغ وغيره.

نعم ، الاختلاف بين الأُصوليين والإخباريين اختلاف في المباني الفقهية والأُصولية ، وليس اختلافاً في أُصول مباني المذهب.

( علاء علاونة ـ ـ )

الحركة البهائية حركة استعمارية :

س : الرجاء تزويدي بأيّ معلومات تخصّ الحركة البهائية ، ومعتقداتهم وطقوسهم ، وأيّ شيء يخصّ هذه الحركة ، وفّقكم الله.

ج : إنّ الحركة البهائية وقسيمها الأزلية وأصلهما البابية ، حركة استعمارية لا علاقة لها بالأديان السماوية ، ومنشؤها فكرة عشوائية صدرت من الخبط الحادث في عقل شخص يدعى سيّد علي محمّد ـ الذي سُمّي فيما بعد بـ « باب » ـ من تلامذة السيّد كاظم الرشتي نزيل كربلاء ، وقطب الشيخية آنذاك ، فاستغلّها الاستعمار الروسي أوّلاً ، والبريطاني ثانياً لتحقّق مآربها ، فألقوها في أحضان الصهيونية بالمآل ، وهذا ممّا يشهد التاريخ به.

ثم إنّ هذه الحركة تشعّبت بعد الباب إلى فرقتين رئيسيّتين : البهائية والأزلية ـ تسميةً لألقاب مزعومة لدى قطبيها : بهاء الله وصبح أزل ـ وبما أنّ البهائية

٥٢٩

تحالفت مع الاستعمار البريطاني ، وأبدت استعدادها في العمالة والتجسّس أكثر من الأزلية ، تبنّاها البريطانيون وبعدهم الأمريكان والصهاينة ، ولم يبق ذكر من الأزلية إلاّ القليل في جزيرة قبرص ، وعلى العكس تماماً انتشرت البهائية بدعم من الاستعمار ، حتّى أنّها حازت على إجازة تأسيس مركز رئيسي لها في حيفا في فلسطين ، بإذن من سلطات الاحتلال البريطاني في وقته.

وأمّا العقائد والأحكام عندهم ، فهي تختلف باختلاف أذواق ولاتهم ، فمثلاً أنّ « بهاء » قد نسخ جملة من أحكام « باب » للتسهيل.

وعلى الجملة ، لا نجد أثراً استدلالياً لهم في العقائد ، وأمّا في الأحكام فقد أخذوا فيها شطراً من الأديان السماوية ، وخلطوها بآرائهم ريثما يظهروها على البسطاء ، بأنّها من جعل السماء!!

وأمّا كتبهم المقدّسة فهي في الواقع كتابات شخصية ، لم يوجد فيها أيّ جهة إعجاز ، أو إشارة بأنّها متلقّاة من الوحي ، وهي مشحونة بالأغلاط الأدبية والعلمية ـ كما يراها ذوو الاختصاص ـ.

وبالجملة : فهذه الحركة حركة مفتعلة ، لا نصيب لها من الواقع ، ولا تستحقّ الخوض في التحقيق عنها بأكثر من هذا.

( محمّد إبراهيم الإبراهيم ـ الكويت ـ )

الدولة الفاطمية كانت إسماعيلية :

س : عندي عدّة أسئلة عن الدولة الفاطمية ، وهي :

١ ـ هل الدولة الفاطمية شرعية؟

٢ ـ هل فعلاً وقع العلويين عن نسب المهدي؟

هذا النصّ : ولم يستطع الخليفة العباسي المقتدر بالله أن يدفع قيامها ، وكُلّ ما فعله أنّه أصدر منشوراً بالطعن في نسب المهدي ، وقّعه وجهاء الهاشميين بما فيهم العلويون؟

٥٣٠

٣ ـ هل كانت الدولة الفاطمية تنشر علوم أهل البيت أم لا؟ ولماذا يحاربونها السنّة؟

٤ ـ هل فعلاً استعانت الدولة الفاطمية باليهود؟ ونسألكم الدعاء.

ج : إنّ الدولة الفاطمية كانت على المذهب الإسماعيلي ، والمذهب الإسماعيلي له خلافات جذرية مع الإمامية ، وإن كانت لها بعض المشتركات مع الإمامية.

والخليفة العباسي ـ كما ورد في التاريخ وثبت عند المحقّقين ـ عمل عريضة طويلة في القدح بنسب الفاطميين ، أجبر العلماء على التوقيع فيها ، وأكّد على علماء الإمامية بما فيهم الأشراف والسادة منهم ، وأجبرهم على التوقيع ، وهدّد مَن لم يوقّع في هذه العريضة ، ومع هذا فإنّ الشيخ المفيدقدس‌سره لم يرد اسمه فيمن وقّع ، وكذلك الكثير من زعماء الإمامية ممّن امتنع من التوقيع.

والدولة الفاطمية وإن كانت إسماعيلية ، إلاّ أنّ لها مشتركات مع الإمامية ، لذا ما قامت به من نشر أحاديث أهل البيتعليهم‌السلام ينصبّ نفعه على الإمامية أيضاً ، ولم يثبت عن الدولة الفاطمية أنّها استعانت باليهود ، وإنّما هي افتراءات وجّهها النواصب إليهم للطعن بهم.

وفي الختام : نودّ أن ننبّه على أنّ ما ذكره التاريخ والمؤرّخون عن الدولة الفاطمية الكثير منه غير صحيح ، وإنّما هي أكاذيب افتعلتها الأيدي الأثيمة للطعن بالدولة الفاطمية ، وإن كنّا لا ننزّه الدولة الفاطمية أيضاً من بعض الانحرافات.

( أياد ـ السعودية ـ )

عقائد الدروز :

س : هل تعتبر الطائفة الدرزية من الطوائف الإسلامية؟ وما هي عقائدهم؟

٥٣١

ج : اختلفت الآراء والأبحاث حول الطائفة الدرزية ، ننقل لكم بعض الآراء حول عقائدهم :

١ ـ ما ورد في دائرة المعارف البستانية : « وإيمان الدروز أنّ الله واحد أحد ، لا بداءة له ولا نهاية ، وأنّ النفوس مخلّدة تتقمّص بالأجساد البشرية ـ التناسخ ـ ولابدّ لها من ثواب وعقاب يوم المعاد بحسب أفعالها ، وعندهم للوصية نفوذ تام ، فإنّ الإنسان مختار أنّ يوصي قبل موته بأملاكه لمن يشاء ، قريباً كان أم غريباً »(١) .

٢ ـ ما ورد في دائرة المعارف المصرية : « من معتقداتهم أنّ الحاكم بأمر الله هو الله نفسه ، وقد ظهر على الأرض عشر مرّات ، ويعتقدون أنّ إبليس ظهر في جسم آدم ، ثمّ نوح ثمّ إبراهيم ثمّ موسى ثمّ عيسى ثمّ محمّد ، ويعتقدون بأنّ عدد الأرواح محدود ، فالروح التي تخرج من جسد الميت تعود إلى الدنيا في جسد طفل جديد ، ويعتقدون بالإنجيل ، فيختارون منها ما يستطيعون تأويله ، ويتركون ما عداه ، ويعتقدون أنّ الحاكم بأمر الله تجلّى لهم في أوّل سنة ٤٠٨ هـ ، فأسقط عنهم التكاليف من صلاة وصيام ، وزكاة وحجّ وجهاد ، وولاية وشهادة ».

٣ ـ ما ورد في دائرة المعارف الإسلامية : « وقد قام مذهب الإسماعيلية على فكرة أنّ الله قد تجسّد في الإنسان في جميع الأزمان ، وهم يتصوّرون أنّ الله ذاته أو على الأقلّ القوّة الخالقة ، تتكوّن من مبادئ متكثّرة ، يصدر الواحد منها عن الآخر ، ويتجسّد كُلّ مبدأ من هذه المبادئ في الإنسان ، وقد احتفظت العقيدة الدرزية بهذا المذهب.

فالخليفة الحاكم ـ وفقاً لهذه العقيدة ـ يمثّل الله في وحدانيته ، ومعرفة ذات الله وصفاته وتجلياته في سلسلة المبادئ المتجسّدة في الأئمّة هي عقائد هذا المذهب »(٢) .

____________

١ ـ دائرة المعارف ٧ / ٦٧٥.

٢ ـ دائرة المعارف الإسلامية ٩ / ٢١٧.

٥٣٢

٤ ـ ما ورد في موسوعة الأديان في العالم : « كان الموحّدون الدروز منذ نشأة مذهبهم في مطلع القرن الخامس للهجرة محترسين في كتمانه ، مشيحين عن إعلانه ، صيانة لأنفسهم من الاضطهاد ، ووقاية لها من العدوان في ذلك الزمان ، هذه الفرقة المتفرّعة من الشيعة ، كانت عرضة لنقمة الشيعة والسنّة على السواء »(١) .

عقيدة التجلّي الإلهي في الدرزية ، هي أجلّ العقائد وأشرفها(٢) .

إنّ موقف الدروز المعاصرين من الإسلام والمسلمين لمثير للدهشة والغرابة ، فالكتب الدرزية المعاصرة مشحونة بالمغالطات حول هذا الموضوع ، إنّ الدروز لا يفتأون يعلنون انتماءهم إلى الإسلام ويفاخرون بذلك ، وفي ثنايا الكتب الدرزية المعاصرة محاولات كثيرة لتبرئة الدروز من تهمة المروق عن الإسلام ، وذلك تبعاً لمبدأ التقية(٣) .

٥ ـ ما ورد في كتاب « الموحدّون الدروز في الإسلام » لمؤلّفه الشيخ مرسل نصر ، رئيس المحكمة الاستئنافية الدرزية العليا في لبنان : « إنّ الموحّدين الدروز انطلاقاً من إيمانهم بالإسلام ديناً ، وبمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله رسولاً ، يشهدون أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله ، ويقرّون بوجوب الصلاة والصيام ، والزكاة والحجّ ، والجهاد والولاية »(٤) .

وبعد يتبادر إلى ذهن القارئ الكريم السؤال الآتي : ما هي الفوارق بين مذهب التوحيد وبقية المذاهب الإسلامية؟ فالجواب : على ذلك أن ثمّة فوارق عدّة ، وهي :

١ ـ اعتماد الزوجة الواحدة.

____________

١ ـ موسوعة الأديان في العالم / الدروز الموحدون : ٢٩.

٢ ـ المصدر السابق : ٣٣.

٣ ـ المصدر السابق : ١٣٤.

٤ ـ الموحدون الدروز : ٣٣.

٥٣٣

٢ ـ عدم إعادة المطلّقة.

٣ ـ حرية الإيصاء.

٤ ـ التقمّص اجتهاداً(١) .

هذه بعض الأقوال عن الطائفة الدرزية من المؤيّدين والنافين ، والله العالم بحقائق الأُمور.

( خالد ـ الجزائر ـ ٢٧ سنة ـ التاسعة أساسي )

تعقيب على الجواب السابق :

لديّ تعليق بسيط حول الطائفة الدرزية إذا سمحتم :

يقول العلاّمة الشيخ محمّد جواد مغنيةقدس‌سره في كتابه نفحات محمّدية : « وسُئلت أكثر من مرّة : هل الدروز مسلمين؟ وكان جوابي : أنّ أهل الإسلام هم القوم الذين يدينون به ، أي إسلام القرآن وسنّة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهم الذين يحجّون إلى الكعبة ، ويزورون الروضة المحمّدية ، ويصلّون إلى القبلة ، ويعلنون من على المآذن الشهادة لله بالوحدانية ، ولمحمّد بالرسالة ، ويصومون رمضان ، ويأتون الزكاة ، ويدرسون القرآن والسنّة النبوية

والدروز لا يلتزمون بشعائر الإسلام ، التي أشرنا إليها كما يفعل السنّة والشيعة ، ولا يعلنون ما يدينون ، نقول هذا مع الاحترام لعقيدتهم الدينية ، ولغيرتهم الإنسانية ، وأخلاقهم العالية ، ومع الاعتراف بشهامتهم وشجاعتهم »(٢) .

وأظن أنّ الشيخ قدس‌سره أعلم بعقيدة الدروز ، نظراً لتواجدهم بكثرة في لبنان ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

____________

١ ـ المصدر السابق : ٥١.

٢ ـ نفحات محمّدية : ١٢٣.

٥٣٤

( زهير ـ ـ )

عقائد الأشاعرة :

س : من هم الأشاعرة؟ وما هي أهمّ عقائدهم في الاختلاف مع الأُمّة الإسلامية؟

ج : هم أصحاب أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري البصري ، ومن عقائدهم : أنّ صفات الباري تعالى ـ كعلمه وحكمته وقدرته وحياته ـ هي أشياء زائدة على ذاته سبحانه ، وهي أيضاً قديمة ، كذاته جلّ وعلا ، فحينئذٍ يلزم تعدّد القديم ، وهو شرك ، وهذا الشرك يسمّى شرك الصفات.

وإنّ أبا الحسن الأشعري كان تلميذاً لأبي علي الجبّائي من شيوخ المعتزلة ، ثمّ أعرض عنه ، وانحاز إلى الكلابية ـ أصحاب عبد الله بن سعيد الكلابي ـ وأختار مذهبه في إثبات الصفات ، وإثبات القدر خيره وشرّه من الله تعالى ، وأبطل القول بتحسين العقل وتقبيحه ، لأنّ العقل لا يوجب المعارف بل السمع ، وأنّ المعارف تحصل بالعقل وتجب بالسمع ، ولا يجب على الله شيء بالعقل ، والنبوّات من الجائزات العقلية والواجبات السمعية ، وأكثر أهل السنّة اليوم على هذا المذهب.

والأشاعرة يكفّرون المعتزلة ، والمعتزلة يكفّرون الأشاعرة ، لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « القدرية مجوس هذه الأُمّة »(١) ، فالمعتزلة يقولون : القدرية هم الأشاعرة ، والأشاعرة يقولون : القدرية هم المعتزلة.

( علي الشهراني ـ البحرين ـ ٢٣ سنة ـ طالب )

تقسيم العلماء إلى إخباريين وأُصوليين لا يثير الفتنة :

س : تقولون : إنّ نعمة الله الجزائري ، والسيّد هاشم البحراني ، والشيخ النوري كلّهم إخباريون وليسوا أُصوليين ، ما الذي تقصدون؟ هل هم على

____________

١ ـ سنن أبي داود ٢ / ٤١٠ ، المستدرك ١ / ٨٥ ، السنن الكبرى للبيهقي ١٠ / ٢٠٣ ، كتاب السنّة : ١٤٩.

٥٣٥

خطأ؟ لماذا تثيرون الفتنة والحسّاسية : هذا إخباري وهذا أُصولي؟ أنا لا أعتقد من المراجع يقبل هذا.

ج : العلماء سواء كانوا من الإخباريين أو الأُصوليين فكُلّهم من علماء الطائفة الحقّة ، نحترمهم وهم قدوتنا ، رضوان الله عليهم ، حتّى أنّ مدير مركز الأبحاث العقائدية سماحة الشيخ فارس الحسون ( رحمه الله ) ألّف كتاباً مختصّاً بحياة السيّد هاشم البحراني ، وهو كتاب قيّم فيه دراسة معمّقة عن هذا العالم الجليل.

ولكن الأمر اختلط عليكم ، وذلك لعدم معرفتكم بمباني الطرفين ، إذ الإخباريون يقولون بصحّة كُلّ الكتب الأربعة وغيرها من كتب الحديث لقدامى الأصحاب ، بينما الأُصوليون لا يقولون بهذا ، ويجرون قواعد الجرح والتعديل عل كُلّ الأحاديث.

وبما أنّ المشهور من العلماء هم الأُصوليون ، فما يحتجّ به علينا من روايات نناقش سندها ، ولا نقول بقول الإخباريين بأن كُلّ أحاديث الكتب الأربعة صحيحة.

( علي الشهراني ـ البحرين ـ ٢٣ سنة ـ طالب )

تعقيب على الجواب السابق :

لعلّكم متفهّمين وضعي ، كما تعرفون كُلّ الفقهاء في البحرين إخباريين ، وآخرهم الشيخ محمّد أمين زين الدينقدس‌سره ، كما نحترمهم نحن في البحرين ، كما نحترم الأُصوليين ، إلاّ أنّ هناك اختلاف كما أشرتم ، وهذا بين الفقهاء ، هم يحدّدون هذه الرواية صح أم خطأ كما قلتم.

أرجو السماح على تعبيري إن كان حادّاً ، أنا أحترمكم وأثق بكم بكُلّ ما تقولون ، ولكن كما يفهم منكم هناك تهجّم على الإخباريين.

٥٣٦

( هشام محمود ـ مصر ـ )

طرق الصوفية ممتزجة بين الحقّ والباطل :

س : الإخوة الأفاضل : ما هو قولكم في طرق الصوفية : مثل العزمية والخليلية و... ، وكُلّ منهم يقول أنّه إمام العصر؟ أرجو الردّ ، وجزاكم الله خيراً.

ج : إنّ أكثر طرق الصوفية هي من اختراعات البشر ، ولم يرد في الشرع ما ينصّ على هذه الطرق ، فهي طرق ممتزجة بين الحقّ والباطل ، بين الأذكار الحقّة وبين الإتيان بها بطريقة ما أنزل الله بها من سلطان ، وعليه فإنّ علينا البحث فيها ، فما وافق النصّ منها يؤخذ به ، وما خالف النصّ والدليل يترك.

( هداية ـ السعودية ـ )

الفوارق والمشتركات بين الشيعة والمعتزلة :

س : ما هي الفوارق والمشتركات الكلامية بين الشيعة والمعتزلة؟

ج : لا يخفى عليكم أنّ الفروق والمشتركات بين الشيعة والمعتزلة كثيرة ، وقد ذكر الشيخ المفيدقدس‌سره في كتابه « أوائل المقالات » تلك الفروقات الكلامية ، ونحن نذكر بعضها للاختصار ، وهي :

١ ـ القول بالإمامة :

اتفق أهل الإمامة على أنّه لابدّ في كُلّ زمان من إمام موجود ، يحتجّ الله عزّ وجلّ به على عباده المكلّفين ، ويكون بوجوده تمام المصلحة في الدين ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

واتفقت الإمامية على أنّ إمام الدين لا يكون إلاّ معصوماً من الخلاف لله تعالى ، عالماً بجميع علوم الدين ، كاملاً في الفضل ، بايناً من الكُلّ بالفضل عليهم في الأعمال التي يستحقّ بها النعيم المقيم ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

واتفقت الإمامية على أنّ الإمامة لا تثبت مع عدم المعجز لصاحبها ، إلاّ بالنصّ على عينه والتوقيف ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

٥٣٧

واتفقت الإمامية على أنّ الإمامة بعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في بني هاشم خاصّة ، ثمّ في علي والحسن والحسينعليهم‌السلام ، ومن بعد في ولد الحسينعليهم‌السلام دون ولد الحسن إلى آخر العالم ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

واتفقت الإمامية على أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله استخلف أمير المؤمنينعليه‌السلام في حياته ، ونصّ عليه بالإمامة بعد وفاته ، وأنّ من دفع ذلك فقد دفع فرضاً من الدين ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

واتفقت الإمامية على أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نص على إمامة الحسن والحسين بعد أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وأنّ أمير المؤمنين أيضاً نص عليهما كما نص الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

واتفقت الإمامية على أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نصّ على علي بن الحسينعليه‌السلام ، وأنّ أباه وجدّه نصّاً عليه كما نصّ عليه الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنّه كان بذلك إماماً للمؤمنين ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك(١) .

٢ ـ القول في محاربي أمير المؤمنينعليه‌السلام :

واتفقت الإمامية على أنّ الناكثين والقاسطين من أهل البصرة والشام أجمعين كفّار ضلال ، ملعونون بحربهم أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وأنّهم بذلك في النار مخلّدون ، وأجمعت المعتزلة سوى الغزّال منهم وابن باب ، على خلاف ذلك.

واتفقت الإمامية على أنّ الخوارج على أمير المؤمنينعليه‌السلام المارقين عن الدين ، كفّار بخروجهم عليه ، وأنّهم في النار بذلك مخلّدون ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك(٢) .

____________

١ ـ أوائل المقالات : ٢٩.

٢ ـ المصدر السابق : ٤٢.

٥٣٨

٣ ـ القول في أنّ العقل لا ينفكّ عن سمع ، وأنّ التكليف لا يصحّ إلاّ بالرسلعليهم‌السلام :

واتفقت الإمامية على أنّ العقل محتاج في علمه ونتائجه إلى السمع ، وأنّه غير منفكّ عن سمع ينبّه العاقل على كيفية الاستدلال ، وأنّه لابدّ في أوّل التكليف وابتدائه في العالم من رسول ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

٤ ـ القول في الفرق بين الرسل والأنبياءعليهم‌السلام :

واتفقت الإمامية على أنّ كُلّ رسول فهو نبيّ ، وليس كُلّ نبيّ فهو رسول ، وقد كان من أنبياء الله عزّ وجلّ حفظة لشرائع الرسل وخلفائهم في المقام ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

٥ ـ القول في آباء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأُمّه وعمّه أبي طالبعليه‌السلام .

واتفقت الإمامية على أنّ آباء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من لدن آدم إلى عبد الله بن عبد المطلب مؤمنون بالله عزّ وجلّ موحّدون له

وأجمعوا على أنّ عمّه أبا طالبرضی‌الله‌عنه مات مؤمناً ، وأنّ آمنة بنت وهب كانت على التوحيد ، وأنّها تحشر في جملة المؤمنين ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

٦ ـ القول في الرجعة والبداء وتأليف القرآن :

واتفقت الإمامية على وجوب رجعة كثير من الأموات إلى الدنيا قبل يوم القيامة ، وإنّ كان بينهم في معنى الرجعة اختلاف.

واتفقوا على إطلاق لفظ « البداء » في وصف الله تعالى ، وأنّ ذلك من جهة السمع دون القياس.

واتفقوا على أنّ أئمّة الضلال خالفوا في كثير من تأليف القرآن ، وعدلوا فيه عن موجب التنزيل وسنّة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

٧ ـ القول في الوعيد :

واتفقت الإمامية على أنّ الوعيد بالخلود في النار متوجّه إلى الكفّار خاصّة ، دون مرتكبي الذنوب من أهل المعرفة بالله تعالى ، والإقرار بفرائضه من أهل الصلاة ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

٥٣٩

واتفقت الإمامية على أنّ من عذّب بذنبه من أهل الإقرار والمعرفة والصلاة ، لم يخلّد في العذاب ، وأخرج من النار إلى الجنّة ، فينعم فيها على الدوام ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

٨ ـ القول في الشفاعة :

واتفقت الإمامية على أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يشفع يوم القيامة ، لجماعة من مرتكبي الكبائر من أُمّته ، وأنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام يشفع في أصحاب الذنوب من شيعته ، وأنّ أئمّة آل محمّدعليهم‌السلام يشفعون كذلك ، وينجي الله بشفاعتهم كثيراً من الخاطئين وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

٩ ـ القول في الأسماء والأحكام :

واتفقت الإمامية على أنّ مرتكب الكبائر من أهل المعرفة والإقرار لا يخرج بذلك عن الإسلام ، وأنّه مسلم ، وإن كان فاسقاً بما فعله من الكبائر والآثام وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

١٠ ـ القول في الإسلام والإيمان :

واتفقت الإمامية على أنّ الإسلام غير الإيمان ، وأنّ كُلّ مؤمن فهو مسلم ، وليس كُلّ مسلم مؤمناً ، وأنّ الفرق بين هذين المعنيين في الدين كما كان في اللسان ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

١١ ـ القول في التوبة وقبولها :

واتفقت الإمامية على أنّ قبول التوبة تفضّل من الله عزّ وجلّ ، وليس بواجب في العقول إسقاطها وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

١٢ ـ القول في أصحاب البدع ، وما يستحقّون عليه من الأسماء والأحكام :

واتفقت الإمامية على أنّ أصحاب البدع كُلّهم كفّار ، وأنّ على الإمام أن يستتيبهم عند التمكّن بعد الدعوة لهم ، وإقامة البينات عليهم ، فإنّ تابوا عن بدعهم وصاروا إلى الصواب ، وإلاّ قتلهم لردّتهم عن الإيمان ، وأن من مات منهم على تلك البدعة فهو من أهل النار ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

٥٤٠

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585