موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٥

موسوعة الأسئلة العقائديّة0%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-05-8
الصفحات: 667

موسوعة الأسئلة العقائديّة

مؤلف: مركز الأبحاث العقائديّة
تصنيف:

ISBN: 978-600-5213-05-8
الصفحات: 667
المشاهدات: 243318
تحميل: 3992


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 667 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 243318 / تحميل: 3992
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء 5

مؤلف:
ISBN: 978-600-5213-05-8
العربية

أمّا العرب فقد كان تعدادهم على ما أخبر به الشعبي فقال : كنّا نعدّ أهل اليمن اثني عشر ألفاً ، وكانت نزار ثمانية آلاف(١) .

إذاً ، فالعرب في الكوفة أيّام عليعليه‌السلام وولده الحسن والحسين ، يربوا عددهم على العشرين ألف ، فهل من العقل والمنطق أن نقول : أنّ عشرين ألف عربي ، و ١٥٠ صحابياً كُلّهم شيعة لعليعليه‌السلام ؟!

ب ـ الفرس في الكوفة : وكان عددهم ٤٠٠٠ رجلاً ، تحالفوا مع قبيلة تميم ، وسمّوا بالحمراء أو حمراء ديلم ، لأنّ قائدهم يدعى ديلم ، وهم بقايا فلول الجيش الفارسي المنهزم من معركة القادسية ، استوطنوا الكوفة(٢) ، فهل هؤلاء أيضاً هم شيعة أو يمكن أن يكونوا شيعة؟!

ج ـ الأديان في الكوفة :

أوّلاً : النصارى : قال ياقوت الحموي في وصف الكوفة : أمّا ظاهر الكوفة فإنّها منازل النعمان بن المنذر وما هناك من المتنزّهات والديرة الكبيرة(٣) .

والديرة : جمع دير وهو مكان عبادة النصارى.

كما ذكر لنا المؤرّخ الشهير الطبري في تاريخه ، كيف أنّ نصارى العرب من قبيلة تغلب ، كانوا ممّن ساهموا في اعمار الكوفة واستيطانها في زمان الخليفة الثاني ، وإليك النصّ : فعاقدوا عمر على بني تغلب فعقد لهم على أنّ من أسلم منهم فله ما للمسلمين وعليه ما عليهم ، ومن أبى فعليه الجزاء ـ أي أن يدفع الجزية ـ فقالوا : إذاً يهربون وينقطعون فيصيرون عجماً فهاجر هؤلاء التغلبيون ومن أطاعهم من النمريين والأياديين إلى سعد بالمدائن ، وخطّوا معه بعد بالكوفة(٤) ، فلا أدري هل هؤلاء النصارى الذين سكنوا الكوفة هم من الشيعة؟!

__________________

١ ـ المصدر السابق ٤ / ٤٩٢.

٢ ـ فتوح البلدان ٢ / ٣٤٤.

٣ ـ معجم البلدان ٤ / ٤٩٣.

٤ ـ تاريخ الأُمم والملوك ٣ / ١٤٥.

١٠١

د ـ اليهود في الكوفة : لقد تواجد اليهود في الكوفة منذ زمن بعيد ، يرجع إلى ٥٩٧ قبل الميلاد ، منذ أن سباهم الملك الكلداني نبوخذ نصّر ، وحافظوا على وجودهم في المنطقة على مرّ العصور ، كما انظمّ إلى يهود العراق يهود المدينة حين تمّ جلاؤهم منها ، فاستوطنوا الكوفة منذ عام ٢٠ للهجرة.

وقد سيطر اليهود في الكوفة على التجارة والصياغة ، ولهم معابد ومزارات لا تزال موجودة إلى اليوم ، ومن كان من أهل الكوفة يعرف ذلك جيّداً ، فنسأل هل اليهود أيضاً من شيعة عليعليه‌السلام ؟!

هـ ـ المسلمون ومشاربهم السياسية في الكوفة : وأخيراً ننهي الجواب بالتعرّف إلى أمر مهمّ ، وهو أنّ المسلمين الذين استوطنوا الكوفة أنفسهم لم يكن لهم رأي واحد ، أو مشرب سياسي واجتماعي واحد ، فقد كان كثير منهم ، بل الأغلبية الغالبة ، كانوا يرون أفضلية أبي بكر وعمر وعثمان على علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وهذا واضح لمن له أدنى تأمّل.

ويكفينا هنا شاهد واحد من أدلّة وشواهد لا تحصى ، لكنّ المقام مقام اختصار ، فقد قال ابن أبي الحديد المعتزلي : « وقد روي أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام لمّا اجتمعوا إليه بالكوفة ، فسألوه أن ينصب لهم إماماً يصلّي بهم نافلة شهر رمضان ـ وهي صلاة التراويح عند أهل السنّة ، وهي بدعة عندنا ، بل أنّ عمر نفسه سمّاها بدعة ، واستحسنها قائلاً : نعمت البدعة هذه ـ فزجرهم ـ أي أمير المؤمنين ـ وعرّفهم أنّ ذلك خلاف السنّة ، فتركوه واجتمعوا لأنفسهم ، وقدّموا بعضهم ـ أي أنّهم عصوا أميرهم وسيّدهم ـ فبعث إليهم ابنه الحسنعليه‌السلام ، فدخل عليهم المسجد ومعه الدرّة ، فلمّا رأوه تبادروا الأبواب وصاحوا : وا عمراه »(١) .

وأوّل من صاح بها قاضي الكوفة شريح ، كما نقل ذلك التستري(٢) ، فهل هؤلاء شيعة عليعليه‌السلام ؟!

__________________

١ ـ نزهة المشتاق في تاريخ يهود العراق ليوسف رزق الله : ١٠٣.

٢ ـ شرح نهج البلاغة ١٢ / ٢٨٣.

١٠٢

أم هل يمكن أنّ أبا موسى الأشعري ، الذي وقف يخاطب جموع أهل الكوفة ، ويثبّطهم عن نصرة أمير المؤمنين عليعليه‌السلام في حرب الجمل ، ويقول لهم : « أنّ علياً ـ لاحظ أنّه حتّى لم يقل أمير المؤمنين وقاحةً وصلفاً ـ إنّما يستنفركم لجهاد أُمّكم عائشة أشيموا سيوفكم ، وقصروا رماحكم ، وقطعوا أوتاركم ، وألزموا البيوت »(١) .

فهل هذا ومن لفَّ لفّه يمكن أن نعدّهم من شيعة عليعليه‌السلام ؟

وأخيراً : هذين شذرتين صغناها لك قارئي الكريم لتكتمل معرفتك ، وهناك شذرات لا عدَّ لها لمن أراد الاستزادة ، وهي موجودة في بطون الكتب ، فمن أراد فليتابع البحث بنفسه :

١ ـ قال الحسينعليه‌السلام مخاطباً الجيش الذي جاء لقتاله في يوم عاشوراء : «ويلكم يا شيعة آل أبي سفيان ، إن لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون المعاد ، فكونوا أحراراً في دنياكم هذه ، وارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم عرباً كما تزعمون »(٢) .

٢ ـ في كتاب اختيار معرفة الرجال ـ المعروف برجال الكشي ـ للشيخ الطوسي ، عن الإمام الباقرعليه‌السلام قال : «كان علي بن أبي طالب عليه‌السلام عندكم بالعراق يقاتل عدّوه ومعه أصحابه ، وما كان منهم خمسون رجلاً يعرفونه حقّ معرفته ، وحقّ معرفته إمامته »(٣) .

فيتبيّن لك ـ قارئي الكريم ـ من هم قتلة الحسينعليه‌السلام ؟ وكم هم الشيعة الواقعيون في ذاك الزمان.

٦ ـ جهل المؤلّف بالمصطلحات الشرعية التي يعرفها عوام الناس ومنها :

جهله بمعنى التقية عند الشيعة والسنّة ، وجاء بكلام حولها لا يتفوّه به إلاّ الجهّال ، ومن لا معرفة عندهم ، فقد قال في ص ٩ : وسألت السيّد محمّد

__________________

١ ـ قاموس الرجال ٥ / ٤٠٥.

٢ ـ الجمل : ١٣٤ ، شرح نهج البلاغة ١٤ / ١٥.

٣ ـ اللهوف في قتلى الطفوف : ٧١.

١٠٣

الحسين آل كاشف الغطاء عن ابن سبأ؟ فقال : إنّ ابن سبأ خرافة وضعها الأمويون والعباسيون حقداً منهم على آل البيت الأطهار ، فينبغي للعاقل أن لا يشغل نفسه بهذه الشخصية ، ويتابع المؤلّف كلامه فيقول : ولكنّي وجدت في كتابه ـ أي كتاب كاشف الغطاء ـ المعروف بأصل الشيعة وأُصولها : ٤٠ ـ ٤١ ، ما يدلّ على وجود هذه الشخصية وثبوتها ، حيث قال : أمّا عبد الله ابن سبأ ، الذي يلصقونه بالشيعة ، ويلصقون الشيعة به ، فهذه كتب الشيعة بأجمعها تعلن بلعنه والبراءة منه ، ثمّ يقول المؤلّف : ولاشكّ أنّ هذا تصريح بوجود هذه الشخصية ، فلمّا راجعته في ذلك قال : إنّما قلت هذا تقية ، فالكتاب مقصود به أهل السنّة.

وملخّص ما ذكره المؤلّف : أنّ كاشف الغطاء ذكر رأيين في كتاب واحد في صفحة واحدة حول عبد الله بن سبأ ، فلمّا سأله الكاتب عن ذلك أجاب : إنّ ذلك تقية!

وهذا جهل فضيع من المؤلّف بمعنى التقية ، التي يؤمن بها الشيعة والسنّة ، لا يصدر من متعلّم فضلاً عن عالم يدّعي الاجتهاد والعلم ، وإليك معنى التقية الشرعية عند الشيعة بإجماع فقهائهم ، لترى هل ينطبق عليها كلام المؤلّف أم لا؟

معنى التقية : أنّ الإنسان إذا خاف على نفسه أو عياله أو على مؤمن من عدوّ أو ظالم ، فله أن يخالف الشريعة في حدود ما يرتفع به الخوف والإكراه(١) .

وقال بشرعيتها الشيعة والسنّة ، كما أنّ القرآن والسنّة النبوية نطقا بذلك : قال تعالى :( لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً ) (٢) .

__________________

١ ـ اختيار معرفة الرجال ١ / ٢٦.

٢ ـ الموسوعة الفقهية الميسّرة ١ / ١٩.

١٠٤

وأمّا السنّة النبوية : فارجع إلى الحاكم ، وابن سعد ، وابن عساكر ، والذهبي وغيرهم في قضية عمّار بن ياسر ، حينما قال له الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ما وراءك »؟ قال : شرّ يا رسول الله ، ما تُرِكتُ حتّى نِلتُ منك ، وذكرتُ آلهتهم بخير ، فقال : «كيف تجد قلبك »؟ قال : مطمئن بالإيمان ، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إن عادوا فعد »(١) .

وذكر الشوكاني ـ وكان قاضي القضاة ، وإمام أهل السنّة ـ : أنّ تسمية زياد بن سفيان ، الذي ورد في كلام المحدّثين ، كان في زمن بني أُمية خوفاً واتقاءً منهم ، مخالفين بذلك الإجماع على تحريم نسبته إلى أبي سفيان ، قال : وقد أجمع أهل العلم على تحريم نسبته إلى أبي سفيان ، وما وقع من أهل العلم في زمان بني أُمية فإنّما هو تقية(٢) ، فهل التقية حلال على أهل السنّة ، حرام على أهل الشيعة؟

وأخرج البخاري قول أبي هريرة : « حفظت عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعاءين ، فأمّا أحدهما فبثثته ، وأمّا الآخر فلو بثثته لقطع هذا البلعوم »(٣) ، أي أنّه أخفاه تقيةً وخوفاً.

وقد علّق العلاّمة شعيب الأرنؤوط على ذلك بقوله : « وقد حمل العلماء الوعاء الذي لم يبثّه على الأحاديث التي فيها تبيين أمراء السوء وأحوالهم ولا يصرّح به خوفاً على نفسه منهم ، كقوله : أعوذ بالله من رأس الستين وإمارة الصبيان ، يشير إلى خلافة يزيد بن معاوية ، لأنّها كانت على رأس سنة ستين من الهجرة »(٤) .

__________________

١ ـ آل عمران : ٢٨ ، النحل : ١٠٦ ، غافر : ٢٨.

٢ ـ المستدرك ٢ / ٣٥٧ ، الطبقات الكبرى ٣ / ٢٤٩ ، سير أعلام النبلاء ١ / ٤١١ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٣ / ٣٧٣ ، السنن الكبرى للبيهقي ٨ / ٢٠٩ ، شرح نهج البلاغة ١٠ / ١٠٢ ، جامع البيان ١٤ / ٢٣٧ ، أحكام القرآن للجصّاص ٢ / ١٣ ، الجامع لأحكام القرآن ١٠ / ١٨٠ ، تفسير القرآن العظيم ٢ / ٦٠٩ ، الدرّ المنثور ٤ / ١٣٢ ، تفسير الثعالبي ٣ / ٤٤٣.

٣ ـ نيل الأوطار ٥ / ١٩٤.

٤ ـ صحيح البخاري ١ / ٣٨ ، الطبقات الكبرى ٢ / ٣٦٢.

١٠٥

وقال الفخر الرازي : « روى عوف عن الحسن : أنّه قال : التقية جائزة للمؤمنين إلى يوم القيامة ، وهذا القول أولى ، لأنّ دفع الضرر عن النفس واجب بقدر الإمكان »(١) .

إذا عرفنا معنى التقية عند الشيعة والسنّة أنّها تجوز عند الضرورة ، لا فرق بين أن تكون مع الكفّار أو المسلمين ، نأتي إلى كلام المؤلّف فنقول : إذا كان الشيخ كاشف الغطاء يتّقي في كتابه أصل الشيعة وأُصولها ، فلماذا لم يقتصر على إنكار وجود عبد الله بن سبأ فقط ، ولا حاجة لأن يثبت وجوده؟!

بينما نجده يقول في ص ٤٠ ـ ٤١ : أمّا عبد الله بن سبأ ، الذي يلصقونه بالشيعة ، أو يلصقون الشيعة به ، فهذه كتب الشيعة بأجمعها تعلن بلعنه والبراءة منه ، وأخف كلمة تقولها كتب الشيعة في حقّه ، ويكتفون بها عن ترجمة حاله عند ذكره في العين هكذا : عبد الله بن سبأ العن من أن يذكر ، على أنّه ليس من البعيد رأي القائل أنّ عبد الله بن سبأ وأمثاله كُلّها أحاديث خرافة ، وضعها القصّاصون وأرباب السمر والمجون؟!

فالشيخ يقول : أوّلاً : أنّ الشيعة تتبرّأ من عبد الله بن سبأ ، ولا ربط لعقيدة الشيعة به ، سواء كان موجوداً أو غير موجود.

ثانياً : أنّ عبد الله بن سبأ لعلّه شخصية وهمية ، وضعها أعداء الشيعة للنيل منهم.

فأين التقية في هذا الكلام؟ وما هي الضرورة ـ التي عندها يجوز التقية ـ التي دعت الشيخ إلى ذلك؟ وإذا كان يريد الاتقاء ومداراة أبناء السنّة ، لكان من المضحك أن يقول هذا الكلام ، إذ فيه الإقرار بوجود عبد الله بن سبأ ، فكيف يتّقي وينكره؟!

وكيف يأتي بأمرين في آن واحد وهو يتّقي ، فهذا يكون حاله كحال من اضطره الكفّار إلى الكفر ، فيقول : كفرت ، ثمّ يتبع كلامه بالقول : لا أنا

__________________

١ ـ سير أعلام النبلاء ٢ / ٥٩٧.

١٠٦

باق على الإسلام ولم أكفر ، في نفس الوقت ، وفي نفس الموقف ، فهل هذا إلاّ ضحك ولعب؟!

٧ ـ جهل المؤلّف بالمعنى الشرعي لنكاح المتعة :

قال المؤلّف الذي يدّعي العلم ـ كما زعم ـ في ص ٣٨ : إنّ المتعة كانت مباحة في العصر الجاهلي ، ولمّا جاء الإسلام أبقى عليها مدّة ، ثمّ حرّمت يوم خيبر.

وأخذ يفسّرها بما شاء من الأكاذيب والأباطيل ، ولكن إذا رجعنا إلى المصادر الروائية والتاريخية ، لا نجد ذكراً لنكاح المتعة في الأنكحة الجاهلية ، فارجع إلى صحيح البخاري ، تجد أنّ عائشة ذكرت أنّ نكاح الجاهلية أربعة أقسام :

١ ـ النكاح المعروف في زماننا من الخطبة والمهر والتزويج.

٢ ـ المرأة المتزوّجة يطلب منها زوجها أن تذهب ، وتستبضع من رجل آخر ، كي تحمل بحمل من ذلك الشخص ، طلباً لنجابة الولد.

٣ ـ أن يجتمع عشرة أنفار على امرأة ، فإذا حملت أرسلت إليهم ، وهي تعيّن من الأب لهذا الحمل.

٤ ـ نكاح البغايا وحاملات الرايات(١) .

ونقل سيّد سابق نوعين آخرين :

١ ـ نكاح البدل : وهو أن يبدل الرجل مع الرجل الآخر زوجة كُلّ منهما.

٢ ـ الخدن : وهي المتزوّجة التي تصادق شخص سرّاً يزني بها(٢) .

وسواء كانت الأقسام أربعة أم ستّة ، لا نجد نكاح المتعة في أنكحة الجاهلية ، فكيف يدّعي أنّه نكاح جاهلي؟!

والمؤلّف بما أنّه ليس شيعياً ، فقد أخذ هذا القول من الوهّابي المتشدّد موسى جار الله صاحب كتاب الوشيعة في نقض عقائد الشيعة ، حيث قال هناك ص٣ : أرى أنّ المتعة من بقايا الأنكحة الجاهلية.

__________________

١ ـ التفسير الكبير ٣ / ١٩٤.

٢ ـ صحيح البخاري ٦ / ١٣٢.

١٠٧

فلاحظ أنّه قال : أرى ، ولم يكن لديه أيّ دليل ، والمؤلّف لمّا كان وهّابي ، ولمّا كان ينقل من غيره ، وقع في هذا الخطأ الفضيع نفسه.

٨ ـ قال في ص ٤٢ عند كلامه عن مفاسد المتعة : « إنّ المتعة ليس فيها إشهاد ولا إعلان ، ولا رضى ولي أمر المخطوبة ، ولا يقع شيء من ميراث المتمتِّع للمتمتَّع بها ، فكيف يمكن إباحتها وإشاعتها ».

إنّ أيّ شخص شيعي يقرأ هذا الكلام يتّضح له وضوح الشمس في رائعة النهار : أنّ هذا المؤلّف ليس شيعياً ، وكذلك يتّضح حتّى لغير الشيعة ممّن لهم معرفة بالشيعة وفقههم ، فضلاً عن شخص يدّعي الفقاهة ، كالمؤلّف المزعوم ، وذلك :

أ ـ قال : « المتعة ليس فيها إشهاد » ، ونحن نقول : إنّ الشيعة قاطبة قديماً وحديثاً ، لا تشترط الإشهاد في عقد النكاح ، لا فرق في ذلك بين الدائم والمنقطع ـ المتعة ـ ، أي أنّ حضور شاهدين عند العقد ليس شرطاً في صحّة العقد ، بل يصحّ العقد من دون حضور شهود ، وإنّما يشترط الشهود في عقد النكاح عند المذاهب الأربعة الأُخرى ـ المالكية ، والحنفية ، والحنبلية ، والشافعية ـ فمن هذا يتّضح أنّ المؤلّف ليس شيعياً ، فضلاً عن أن يكون عالماً ، إذ لم يميّز بين الفقه الشيعي ، وفقه المذاهب السنّية ، فأخذه قلمه وفضحه.

ب ـ قال : « ولا إعلان » ، وهذا أيضاً كسابقه ، إذ الشيعة لا تشترط الإعلان في النكاح دوماً أو متعة ، وإنّما يشترطه بقية المذاهب السنّية الأُخرى(١) .

فكيف غاب عن المؤلّف الذي يدّعي العلم ، أنّ الشيعة لا تشترط الإعلان في العقد بإجماعهم قديماً وحديثاً ، والذي يشترطه غيرهم ، حتّى جاء وعدّ ذلك من مفاسد المتعة؟!

فهذا يدلّ على أنّ المؤلّف لا يعرف المصطلحات الشرعية في المذهب الشيعي ، فضلاً عن أن يكون عالماً شيعياً عمره ٢٠٠ سنة ويزيد.

__________________

١ ـ فقه السنّة ٢ / ٨.

١٠٨

ج ـ قال في ص ٤٠ : « إنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام هو الذي روى تحريم المتعة في نقله عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فكيف يفتي هنا بأن نكاح متعة ».

المؤلّف هنا لا يميّز بين كلام الإمام المعصومعليه‌السلام ، وبين فتوى الفقيه ، فالشيعة قاطبة تؤمن بأنّ المعصوم هو المصدر للحكم الشرعي ، ولا تطلق عليه أنّه يفتي ، وإنّما كلامه كلام الله ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وليس مفتياً ، والفقيه هو الذي يفتي لأنّ الفتوى معرّضة للصواب والخطأ ، فلذلك لا يقال : أفتى عليعليه‌السلام بحلّية المتعة مثلاً ، لأنّ علي بن أبي طالبعليه‌السلام معصوم ، وكلامه مطابق للواقع ، ولا يكون فيه خطأ ، فلذلك لا يقال : أفتى عليعليه‌السلام ، وإنّما يقال : أفتى السيّد الخوئي ـ مثلاً ـ بحلّية المتعة ، لأنّ السيّد الخوئي فقيه غير معصوم ، فكلامه يحتمل الإصابة وعدم الإصابة.

ولكن المؤلّف باعتباره سنّياً ، فيرى علي بن أبي طالبعليه‌السلام ليس معصوماً ، وإنّما هو أحد الصحابة الذين يفتون ، فلذلك ظهر هنا بلباسه الواقعي ، وقال : « فكيف يفتي هنا بأنّ هذا نكاح متعة » ، وجهل بأنّ علياً معصوماً ، ولا يطلق عليه أنّه مفتىً ، وإنّما هو مصدر من مصادر التشريع.

فهو جاهل باصطلاح المفتي ، واصطلاح المشرّع ، ومصدر الشرع.

٩ ـ الجهل بمعنى لفظ الجارية :

قال في ص ٤٦ : « إنّ انتشار العمل بالمتعة جرّ إلى إعارة الفروج ، وإعارة الفروج معناها : أن يعطي الرجل امرأته إلى رجل آخر ، فيحلّ له أن يتمتّع بها ، أو أن يصنع بها ما يريد ، فإذا ما أراد الرجل أن يسافر أودع امرأته عند جاره أو صديقه ، أو أي شخص يختاره ، فيبيح له أن يصنع بها ما يشاء ، وهناك طريقة ثانية لإعارة الفروج ، إذا نزل أحد ضيفاً عند قوم ، وأرادوا إكرامه ، فإنّ صاحب الدار يعير امرأته للضيف طيلة مدّة الإقامة ».

١٠٩

واستدلّ لكلامه بما روي عن الصادقعليه‌السلام : « يا محمّد خذ هذه الجارية تخدمك وتصيب منها ، فإذا خرجت فارددها إلينا »(١) .

إنّ من يقرأ هذا الكلام ـ بغضّ النظر عن الكذب والافتراء الذي فيه ، إذ إنّ ما ذكره ليس هو نكاح متعة ، بل زنا تحرّمه الشيعة ـ يعجب من المؤلّف المذكور ، ويتحيّر في كيفية فهم كونه فقيهاً ، عمره أكثر من مائتين سنة ، فهو لا يفرّق بين الزوجة الحرّة وبين الجارية ، والتي تعني الأمة المملوكة!

إذ كيف يكون بهذا العمر ويدّعي الفقاهة ، وهو لا يعرف معنى لفظ الجارية؟ سبحانك اللهم ، فإذا كان حال العالم هكذا ، فماذا نقول عن الجاهل؟! بل وأي معنىً يبقى لتعريف الجاهل؟! فهذا المؤلّف بعيد عن العلم ، بل هو بعيد عن الدين الإسلامي بمذاهبه المختلفة.

هناك في الفقه الإسلامي باب يسمّى : باب الإماء والعبيد ، ويُعنى به أنّ الأسير المشرك إذا وقع بيد المسلمين في حرب إسلامية مع الكفّار ، يكون عبداً لهم ، ويحقّ لهم تملّكه ، سواء كان امرأة أو رجلاً ، ويطلق على الأمة المملوكة لفظ الجارية أيضاً ، لأنّ لفظ الجارية مشترك بين المرأة الحرّة والأمة المملوكة ، وبين الصغيرة والكبيرة ، والمؤلّف هنا خلط ـ جهلاً أو تجاهلاً ـ بين المرأة الحرّة والمرأة الأمة.

وهذه الروايات التي أوردها ، والتي ذكرنا منها واحدة ـ اختصاراً ـ أوردها الشيخ الطوسي في التهذيب والاستبصار تحت باب نكاح الإماء(٢) ، أي النساء الجواري المملوكات ، والمؤلّف لا يعرف معنى الجارية ، ولا يعرف عنوان الباب الذي نقل منه الرواية ، واستخدام لفظ الجارية في المرأة المملوكة أمر معروف ومشهور في كتب الشيعة والسنّة على السواء ، فكيف لم يستطع المؤلّف معرفته ، وجعل الروايات واردة في جواز التمتّع بالزوجة الحرّة؟!

__________________

١ ـ بداية المجتهد ٢ / ١٥.

٢ ـ تهذيب الأحكام ٧ / ٢٤٢ ، الاستبصار ٣ / ١٣٦.

١١٠

هذا بغضّ النظر عن أنّ المتعة هي قسم من أقسام النكاح ، ومن شروط النكاح عند عموم المسلمين ـ شيعة وسنّة وظاهرية وغيرهم ـ أن تكون المرأة غير متزوّجة ، ولا يقع نكاح بامرأة متزوّجة ، لأنّه لا ينعقد نكاح مع نكاح آخر ، مع أنّ الروايات واردة في نكاح الجواري ـ أي النساء المملوكات ـ ولا ربط لذلك بنكاح المتعة ، ولا بنكاح المرأة الحرّة المتزوجة؟!

ويمكن القارئ مراجعة الكتب الفقهية الشيعية لمعرفة ذلك ، ونقتصر هنا على نقل بعض ما ورد حول الجارية من كتب أهل السنّة :

١ ـ قال ابن حجر : « إنّ عطاء بن أبي رباح كان يجوّز وطئ الجارية المرهونة بإذن مالكها »(١) .

٢ ـ قال محمّد الشربيني : « وللمشتري وطئ الجارية المبيعة حال النزاع وقبل التحالف على الأصح »(٢) .

٣ ـ قال النووي : « إذا علم البائع أنّ المشتري يطأ الجارية ، وسكت عليه ، هل يكون مجيزاً »؟(٣) .

٤ ـ قال الحجّاوي : « إن كان الشريك المستولد أصلاً لشريكه يسري كما لو استولد الجارية التي كانت كُلّها له ، وعليه قيمة نصيب شريكه »(٤) .

والمؤلّف فضح نفسه حينما قال في ص ٦ : « فقرأت كُلّ ما وقفت عليه من المصادر المعتبرة ، وحتّى غير المعتبرة ، بل قرأت كُلّ كتاب وقع في يدي ».

مع أنّه لا يميّز بين الجارية التي تعني الأمة المملوكة ، وبين المرأة الحرّة ، ولا يميّز بين نكاح الإماء ، وبين التزوّج متعة؟! ولم يرجع إلى كتاب « الأُم » للشافعي ، ولا إلى « الدرّ المختار » للحصفكي ، و « حاشية المختار » لابن

__________________

١ ـ التلخيص الحبير ١٠ / ١٩٤.

٢ ـ مغني المحتاج ٢ / ٩٦.

٣ ـ روضة الطالبين ٣ / ١١٨.

٤ ـ الإقناع ٢ / ٢٩١.

١١١

عابدين ، و « البحر الرائق » لابن نجيم المصري ، و « الموطّأ » للإمام مالك ، و « تنوير الحوالك » لجلال الدين السيوطي ، و « المبسوط » للسرخسي ، ولا إلى المصادر المتقدّمة ، فأيّ المصادر المعتبرة قرأها؟ وأيّ مصدر غير معتبر قرأه؟

وأيّ كتب قرأها من غير المصادر المعتبرة وغير المعتبرة؟! وأين تقع الكتب التي ذكرناها ممّا قرأه المؤلّف؟إنّ القارئ عندما يلحظ جهل الكاتب بأبسط الأُمور ، بحيث لا يعرف معنى لفظ الجارية ، ويقرأ عبارته في ص ٦ يقطع بكذبه وجهله ، وأنّه لم يكن شيعياً في يوم من أيّامه ، وأنّه لم يقرأ إلاّ الكتب التي كتبها أعداء الشيعة ، كإحسان إلهي ظهير ، وموسى جار الله ، وناصر القفاري ، ومحمّد مال الله ، وعبد الله الغفاري ، وقام بتجميع ما فيها من تهم وأباطيل وجمعها في كتابه.

١٠ ـ لا يعرف الكتب التي تدرّس في الحوزة :

لعلّ القارئ يتفاجأ من العنوان ويندهش ، إذ كيف يكون المؤلّف غير عارف بمنهج الدراسة الحوزوية ، وما هي الكتب التي تدرّس فيها؟ مع أنّه ذكر في أوّل الكتاب ، بأنّه حضر عند السيّد محمّد حسين آل كاشف الغطاء ، ونال درجة الاجتهاد منه ، وله من العمر الآن أكثر من مائتين سنة ، وقضى عمره في الحوزة العلمية ـ كما زعم ـ فكيف لا يعرف ماذا يدرّس في الحوزة العلمية من كتب؟

لكن هذا الاستغراب يزول عندما يأتي المؤلّف في ص ٢٠ ، ويقول : « كنّا نقرأ أُصول الكافي مرّة مع بعض طلبة الحوزة العلمية في النجف على الإمام الخوئي ».

وإذا سألنا أيّ طالب علم في الحوزة العلمية : بأنّ أُصول الكافي هل يدرّس في الحوزة أم لا؟

كان الجواب : بأنّ أُصول الكافي لا يدرّس في الحوزة العلمية ، وليس من مناهج التدريس فيها ، والمناهج التدريسية في الحوزة العلمية واضحة ، وهي

١١٢

الفقه والأُصول ، والعقائد والتفسير ، والنحو ، وليس أُصول الكافي واحداً من هذه الأُمور ، وإنّما هو مصدر روائي يرجع إليه لأخذ الروايات فقط ، فأُنظر إلى سفاهة عقل المؤلّف ، يأخذ الاجتهاد بتفوّق في عمر ١٠٣ سنة!

وله من العمر أكثر من مائتين سنة ، ولا يعرف ما يُدرّس في الحوزة العلمية من كتب؟!

والمؤلّف بما أنّه ليس شيعياً صدر منه هذا الخطأ المضحك ، وبما أنّ الكتب الروائية ـ كصحيح مسلم والبخاري ـ يدرسونها في المدارس الدينية ، فتصوّر أنّ الشيعة أيضاً تدرّس كتبها الروائية في المعاهد الدينية ، فلذلك وقع في هذا الخبط الأعمى وفضح نفسه.

ثمّ إنّه قال : أخذت الاجتهاد من السيّد محمّد الحسين آل كاشف الغطاء ، والشيخ كاشف الغطاء ولد ١٨٧٧ م ، وفرضنا على أقلّ تقدير أنّه أخذ إجازة الاجتهاد من كاشف الغطاء ، حينما كان عمره ٢٥ سنة ، أي في سنة ١٩٠٢م ، وعمر المؤلّف حينما أخذ إجازة الاجتهاد ١٠٣ سنة على أقلّ حساب ، والسيّد الخوئي ولد عام ١٨٩٩ م(١) ، أي أنّ المؤلّف قبل ولادة السيّد الخوئي بسبع سنين مجتهداً ، فيكون عمر المؤلّف حينما ولد السيّد الخوئي ١١٠ سنة ، ولنفرض أنّ السيّد الخوئي في سنّ الثلاثين من عمره الشريف درّس المؤلّف المذكور ـ كتاب أُصول الكافي ـ فيكون عمر المؤلّف حينما حضر درس أُصول الكافي عند السيّد الخوئي ١٤٠ سنة ، وهذا من المضحكات :

١ ـ أنت مجتهد قبل ولادة السيّد الخوئي ، فكيف لم تطّلع على أُصول الكافي وترجع إليه؟!

٢ ـ كيف تحضر بعد أربعين سنة من اجتهادك ـ كما زعمت ـ وتدرس أُصول الكافي؟ إذاً أين كنت في الفترة الماضية؟!

__________________

١ ـ مجلّة الموسم ١٧ / ١٣.

١١٣

٣ ـ إذا كان الإنسان في سن ١٤٠ سنة يحضر درس أُصول الكافي ، فكم عمره إذا أراد أن يصير مجتهداً؟!

إنّ من يسمع هذا الكلام يضحك ويهزأ بعقل المؤلّف ـ إن كان له عقل ـ إذ جعل من نفسه أضحوكة يتسلّى بها الأطفال لا الكبار ، فعميت عيونٌ أصمّها التعصّب ، وأزلّها الشيطان حتّى أصبحت من جنوده ، تدافع عن الباطل بالكذب والخرافات ، وتريد طمس الحقّ بمثل هذه الترهات ، ولكن( وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) (١) .

( محمود البصري ـ البحرين ـ ١٩ سنة )

ما نشرته صحف الكويت حوله :

س : هل قبض على ناشر كتاب لله ثمّ للتاريخ المختلق على الطائفة الإمامية؟ وما هو اسمه الحقيقي؟ وما هو مصيره؟ وشكراً.

ج : إنّ هذا الكتاب من تأليف بعض الوهّابيين ، الذي قبض عليه أخيراً في الكويت ، وهو من تلامذة أحد أصنام الوهّابية هناك ، ولا صلة بالكتاب بالنسبة إلى الطائفة الشيعية ، لا من قريب ولا من بعيد ، بل إنّ المصنّف الحاقد قد جاء في كتابه هذا بإشكالات واهية وتهم غريبة على الشيعة ، بأسلوب روائي وقصصي ، حتّى يؤثّر في بعض النفوس الضعيفة.

وفي هذا المجال لابأس أن نذكر لكم ما نشرته جريدة الرأي العام الكويتية بتاريخ ٢٨ / ٦ / ٢٠٠١ ما يلي :

لله ثمّ للتاريخ ، يثير شيعة الكويت : كذب وبهتان يهدّد الوحدة الوطنية.

كتب علي الشمّري : حملت أوساط الطائفة الشيعية بعنف على مضمون كتاب ، قالت : إنّ تداوله يتمّ على نطاق واسع في المدارس والجامعات

__________________

١ ـ الصف : ٨.

١١٤

والوزارات ، ويوزّع على منازل أبناء الطائفة ومساجدها ، إذ اعتبرت أنّه يهدف إلى ضرب الوحدة الوطنية نظراً لمساسه بالعقيدة الشيعية وبمراجع الطائفة.

وأثار توزيع الكتاب الذي يحمل عنوان « لله ثمّ للتاريخ » سخطاً كبيراً في أوساط علماء الشيعة في الكويت.

ويقع الكتاب في ١٢٠ صفحة من القطع الوسط ، وذكر على غلافه أنّ مؤلّفه هو السيّد حسين الموسوي ، ووصف الموسوي على الغلاف بأنّه من علماء النجف.

وورد على الغلاف أنّ الكتاب أصدرته دار الأمل للطباعة والنشر والتوزيع في القاهرة ، وله طبعة رابعة مصحّحة ومنقّحة ، وحمل الغلاف كذلك ، تحت عنوان الكتاب ، عبارة : كشف الأسرار وتبرئة الأئمّة الأطهار.

لكن أوساط العلماء الشيعة الكويتيين شكّكت في هوية مؤلّف الكتاب ، وفي هوية الدار التي أصدرته ، إضافة إلى اعتراضها على مضمونه ، داعية وزير الإعلام الشيخ أحمد الفهد إلى التدخّل لمعالجة الأمر.

وفي هذا الإطار ، أعرب إمام جامع معرفي الشيخ علي الصالح عن أسفه لسعي بعض المتطرّفين في الكويت ـ على حدّ قوله ـ إلى ضرب الوحدة الوطنية.

وأوضح أنّ الكويتيين ضربوا أروع الأمثلة في تلك الوحدة عندما حاول النظام العراقي خلال فترة الغزو تفكيكها ، لكنّه لم يستطع التفريق بين شخصين ، مع أنّه نجح في اختراق وتفكيك أكثر من عشرين مليون عراقي ، مؤكّداً أنّ هذه الحادثة تدلّ على تماسك الجبهة الداخلية للكويت بفضل عقلائها من جميع الطوائف.

جاء كلام الصالح في خطبة ألقاها وتطرّق فيها إلى كتاب يوزّع بشكل كبير ، وقال : إنّه يتضمّن أحداثاً وأُموراً تمسّ عقيدة الشيعة.

وأوضح في معرض كلامه : أنّ كتاباً يحمل اسم « لله ثمّ للتاريخ » دون عليه اسم شخص ، يدّعي أنّه من علماء الشيعة في النجف الأشرف ، يوزّع

١١٥

بكمّيات كبيرة على منازل ومساجد الشيعة ، وعلى بعض المدارس والجامعات ، وبعض الوزارات في الدولة.

وأردف الصالح أنّ هذا الكتاب مليء بالكذب والبهتان ، وفيه بعض الأحاديث الساقطة.

وأكّد أنّ القرآن الكريم هو الكتاب المعتبر عند الشيعة ، وما عداه فيه خطأ وأخطاء ، وهذا شيء مسلّم به ، إلاّ أنّه أوضح أنّ أيادي خفية تقوم بنشر هذا الكتاب وأمثاله ، لخلق فتنة أن انتشرت فلن تبقي ولن تذر.

وأضاف الصالح : يحتوي الكتاب على الكثير من الكذب على الشيعة وعلى مراجع الشيعة ، ممّا يدلّ على أنّ من قام بتأليف الكتاب ليس لديه إلمام بأُمور الشيعة ، كما أنّ اسم المؤلّف المدوّن على الكتاب غير صحيح ، فهو ليس بعالم شيعي ، والدليل عدم درايته بأبسط أُمور الشيعة.

وأوضح : الكتاب موضّح عليه أنّه طبع في إحدى الدول العربية ، بينما هو مطبوع في الكويت.

وطالب الصالح من اسماهم أصحاب العقول بأن ينقلوا هذه القضية إلى السلطات ، وبشكل خاصّ إلى وزير الإعلام ، لأنّه شاب متفتّح ، وليست لديه طائفية ، ولا يقبل مثل هذه الأُمور.

وطالب الممثّل العام لقائمة الحبّ والحياة في جامعة الكويت علي النقي وزير الإعلام بالتدخّل والتحقيق بأسرع وقت ، إطفاء للفتنة التي يؤجّج نارها الجهل وضبابية الفهم ، فالضرورة ماسّة لتدعيم الأمن القومي ، وتكريس التآلف الوطني.

ثمّ استكمالاً لعمل الجهات الحكومية الكويتية لدرء مفاسد هذه الطائفية اللعينة ، ذكرت الجريدة ذاتها في ٢٩ / ٦ / ٢٠٠١ ما يلي :

الإعلام : أصدرنا قراراً بمنع « لله ثمّ للتاريخ » صادرنا نسخاً ، وسنحيل المكتبات على النيابة ، أكّدت وزارة الإعلام أمس أنّها أصدرت في وقت سابق

١١٦

قراراً بمنع كتاب « لله ثمّ للتاريخ » ، الذي اعتبرته أوساط الطائفة الشيعية في الكويت مسيئاً إلى المذهب ، وأنّها صادرت نسخاً منه من بعض المكتبات ، وستحيل هذه المكتبات على النيابة العامّة ، مشدّدة على أنّها حريصة على عدم تداول مثل هذه الكتب التي تثير الفتنة الطائفية ، وتهدّد الوحدة الوطنية.

وقال مدير إدارة الصحافة والمطبوعات والنشر في وزارة الإعلام عبد الله الحمّاد لـ « الرأي العام » : أنّ الوزارة سبق أن سحبت هذا الكتاب في ٣٠ إبريل الفائت من جناح مكتبة الشاطئ في معرض الكتاب الإسلامي ، الذي نظّمته جمعية الإصلاح الاجتماعي ، وتمّ عرضه على لجنّة الكتب في الوزارة في ٢ مايو فاعتمدت في اليوم نفسه منعه بموجب المحضر الرقم ٧ / ٢٠٠١.

وأكّد الحمّاد حرص الوزارة على عدم نشر وتداول هذه الكتب التي تثير الفتنة الطائفية وتهدّد الوحدة الوطنية ، وأنّها مستمرة في متابعة كُلّ من يسهّل بيع وتداول مثل هذه الكتب ، واتخاذ الإجراءات القانونية ضدّه.

١١٧
١١٨

كربلاء وواقعة الطف :

( أُمّ مرتضى ـ ـ )

مسائل تتعلّق بها :

س : لديّ عدّة أسئلة عقائدية ، أودّ من سماحتكم التفضّل عليّ بالإجابة عليها ، مع خالص شكري وتقديري لكم.

١ ـ لماذا أصرّ يزيد بن معاوية على أخذ البيعة من الإمام الحسين ، حتّى ولو بالإجبار؟

٢ ـ لماذا لم يأخذ الإمام علي بن الحسين بثأر أبيه من بعده ، ويقتل قاتليه؟ ومن هو الذي أخذ بثأر الحسين من بعده؟

٣ ـ لماذا لبّى الإمام الحسين دعوة أهل الكوفة ، رغم معرفته الجيّدة بحالهم ، وبأنّ احتمال خذلانهم له أمر وارد ، فقد خذلوا أباه ـ الإمام علي ـ من قبله؟

٤ ـ عرف الإمام الحسين بغدر أهل الكوفة بمسلم بن عقيل وقتلهم له ، وهو في منتصف الطريق إلى الكوفة ، فلماذا لم يرجع إلى مكّة أو المدينة مثلاً ، ويقتل هناك بين أهله وأنصاره؟

٥ ـ نقل في الأخبار : إنّه لو كان الإمام الحسن قد قاوم معاوية وحاربه ثمّ قتل على يديه ، فإنّ هذا الفعل سيكون وصمة عار على الإسلام والمسلمين ، خلافاً للإمام الحسين ، فإنّ قتله مفخرة عظيمة للإسلام ، لماذا؟

٦ ـ قال أحد صحابة الإمام الحسين : يا ابن رسول الله ، إنّ قتال هؤلاء الساعة أهون علينا من قتال من يأتينا من بعدهم ، فلعمري ليأتينا من بعدهم ما لا قيل لنا به.

١١٩

من قصد الصحابي بقوله : قتال هؤلاء ، وبماذا ردّ عليه الإمام الحسين ، ولماذا؟

٧ ـ طرح الإمام الحسين بعض الخيارات على عمر بن سعد وأصحابه بدلاً من قتله ، ما هي هذه الخيارات؟ ولماذا رفضها عمر بن سعد؟

ج : نجيب على أسئلتكم واحداً تلو الأخر :

ج١ : لقد كان يزيد متلهّفاً لأخذ البيعة من كبار الزعماء ـ لاسيّما المعروفين ـ وعلى رأسهم الإمام الحسينعليه‌السلام ، وبأيّ صورة كانت ، ليضفي على وضعه الطابع الشرعي في أوساط الأُمّة ، ولذا ركّز على ثلاث شخصيات ، حينما كتب إلى والي المدينة الوليد بن عتبة ، جاء فيه : « فخذ حسيناً ، وعبد الله بن عمر ، وابن الزبير بالبيعة ، أخذاً ليس فيه رخصة ».

لأنّ يزيد كان يرى أنّ لهؤلاء مركزاً ألمع من مركزه ، لاسيّما الإمام الحسينعليه‌السلام ، لأنّه يمتاز بمزايا منها :

١ ـ كونه صحابي ، وابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٢ ـ سيّد شباب أهل الجنّة ، وخامس أهل العبا.

٣ ـ الأبعاد العلمية والاجتماعية والدينية والأخلاقية التي تؤطّر شخصيته.

٤ ـ العهد الذي يقيّد معاوية في تسليم الأمر إلى الإمام الحسنعليه‌السلام ، ومن بعده الحسينعليه‌السلام .

كُلّ هذه الأُمور وغيرها جعلت يزيد يفكّر جدّياً بالإمام الحسينعليه‌السلام ، لأنّ ابن عمر سرعان ما سلّم عندما قال : إذا بايع الناس بايعت!

وأمّا ابن الزبير فقد أدرك الناس أنّه يسعى للمنصب والتأمّر ، فلم تكن لديه دوافع دينية ، وأمّا الإمام الحسينعليه‌السلام فقد كانت الأنظار متّجهة صوبه ، ولذا انقطع الناس إليه ، وهذا يدلّ على موقعه في النفوس ، ولذا حاول يزيد التخلّص منه بأيّ شكل ، حتّى آل الأمر إلى بعث عدّة أشخاص لاغتيال الإمام الحسينعليه‌السلام في موسم الحجّ.

١٢٠