موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٥

موسوعة الأسئلة العقائديّة8%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-05-8
الصفحات: 667

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 667 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 296886 / تحميل: 6703
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٥

مؤلف:
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠٥-٨
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

مع انّهم عليهم السلام قد بيّنوا ذلك في أحاديث كثيرة عامّة وخاصّة صريحة
في المعارضة، وقد تقدّم بعضها.

التاسع: أن يكون صلّى الله عليه وآله صلّى في الواقع ركعتين نافلة،
فظنّوها فريضة، فاقتدوا به، فلمّا فرغ قالوا ما قالوا، وظنّوا ما ظنّوا، فلم
يرخص له في إظهار الحال.

ثمّ قام فصلّى ركعتين اُخرى نافلة، وكان ذلك من نافلة الظهر أو غيرها،
فلم يكلّمهم بكنه عقله، لأنّه مأمور بأن يكلّم الناس على قدر عقولهم كما
مضى، ولدفع المفسدة فعل ما فعل، وسجد سجدتين شكراً فظنّوا انّه سها، وأتمّ
صلاته وسجد للسهو.

ونقلها العامّة بناء على اعتقاد أهل النفاق، ورواها الأئمّة عليهم السلام
لملاحظة التقيّة، ولا ينكر من المنافقين مثل هذا الجهل، بل العمد فيها يقتضي
سوء الظن بالنبيّ صلّى الله عليه وآله ووجوب بيان الحقّ عليه صلّى الله عليه
وآله لا ينافي ما قلناه، لأنّه قد يستلزم مفسدة، وقد يعلم عدم قبوله، وليس
ذلك من باب التقيّة، بل يكون مأموراً بما قال وما فعل في أقواله وأفعاله عليه
السلام من هذا القبيل ما لا يعدّ ولا يحصى.

وقد روى الكليني في باب الروضة بسنده عن رسول الله صلّى الله عليه
وآله انّه قال: والله لولا أن يقول الناس إنّ محمداً استعان بقوم فلمّا ظفر بعدوّه
قتلهم، لقدّمت كثيراً من أصحابي فضربت أعناقهم(١) .

وقد روى العامّة والخاصّة عنه صلّى الله عليه وآله انّه قال لعلي عليه

__________________

(١) الكافي ٨: ٣٤٥ ح ٥٤٢، عنه بحار الأنوار ٢٢: ١٤١ ح ١٢٣.

١٦١

السلام: يا علي، والله لولا انّي أخاف أن تقول فيك طوائف من اُمّتي ما قالت
النصارى في المسيح، لقلت فيك اليوم قولاً لا تمرّ بملأ إلاّ أخذوا التراب من
تحت قدميك يتبرّكون به(١) ومثل ذلك كثير جداً.

العاشر: أن تكون الركعتان الأخيرتان لم تكن واجبة على النبيّ صلّى الله
عليه وآله أصلاً، فإنّه هو الّذي زادها وأوجبها على الاُمّة، فأجاز الله له ذلك كما
مرّ، ويحتمل كونها غير واجبة عليه، ويكون ذلك من خواصّه، وإن لم ينقل إلينا
تصريح بذلك، فليس كلّ خواصّه قد نقلت.

وإذا لم تكن الأخيرتان واجبة عليه، فلا يبعد في تركهما عمداً، ثمّ
الإتيان بهما لأجل الحكمة والمصلحة السابقة وغيرها.

الحادي عشر: أن يكون حديث ذي الشمالين لا أصل له، ويكون
من مخترعات العامّة وممّا نسبوه إلى الرسول صلّى الله عليه وآله بغير
أصل، وتكون رواية الأئمّة عليهم السلام له، ونقلهم ايّاه لأجل تعليم
الشيعة الاحتجاج به على العامّة فيما تضمّنه من الأحكام الشريعة الّتي
خالف فيها كثير منهم، والاحتجاج على العامّة بما يعتقدونه حجّة من
أحاديثهم الموضوعة، وأكاذيبهم المخترعة، قد وقع من الأئمة عليهم السلام
ومن خواصّ أصحابهم على وجه الإلتزام(٢) والمعارضة في أحاديث كثيرة
جداً، ولا يأبي هذا الوجه من أحاديث السهو شيء، فقد أشاروا عليهم
السلام لأصحابهم إشارات بمثل ذلك، بل صرّحوا في بعض الروايات،

__________________

(١) الكافي ٨: ٥٧ ح ١٨، تفسير البرهان للبحراني ٤: ١٥٠ - ١٥١، نور الثقلين ٤: ٦٠٩.

(٢) في ج: الإلزام.

١٦٢

فإن كان ذلك بعيداً في بعض أحاديث السهو فلعلّه من باب الرواية
بالمعنى.

واعلم انّي كنت أنكر على بعض علمائنا في كتب الاستدلال أنّهم
يستدلّون على ما يختارونه أوّلاً ببعض الاستنباطات الظنّيّة حتى بالقياس، ثمّ
يقولون ويؤيّده صحيحة زرارة مثلاً، وربّما يستدلّون أوّلاً بما رواه العامّة عن
عائشة وعمر وأبي هريرة وأمثالهم، ثمّ بأحاديث الخاصّة ويوردونها على وجه
التأييد، ومعلوم انّه ينبغي أن يكون الأمر بالعكس، ثمّ تفطّنت انّ فعلهم هذا
لأجل الاحتجاج على العامّة لأنّهم يقولون أقوالهم وأقوال الشيعة، ثمّ يختارون
قولاً ويحتجّون عليه.

ثمّ وجدت للسيّد المرتضىرضي‌الله‌عنه تصريحاً بمثل ذلك في بعض
رسائله، فقال ما ملخّصه: إنّا نستدلّ في الظاهر بطريقة العامّة، وربّما
نستدلّ بأحاديثهم، وإنّما دليلنا في الواقع، ونفس الأمر هو إجماع الطائفة
المحقّة.

أقول: ومراده كما يفهم من مواضع من كلامه بالإجماع هنا أعمّ من
الاجماع على الفتوى بحيث لا يخالف أحد منهم، والإجماع على النقل بأن
يرووا الحديث في بعض الاُصول الأربعة الّتي أجمعوا على صحّتها وثبوتها
عنهم عليهم السلام، وقد سرى الوهم من هنا إلى بعض المتأخّرين فظنّوا إنّ
استدلالهم بتلك الاستنباطات الظنّيّة واقعي تحقيقي، مع أنّ الشيخ في كتاب
العدّة(١) والسيّد المرتضى في مواضع من كلامه وغيرهما من المحقّقين

__________________

(١) عدّة الاُصول ١: ٢٧٦.

١٦٣

يصرّحون بخلافه.

الثاني عشر: أن يكون حديث ذي الشمالين وأحاديث السهو من
المتشابهات التي تعارضها المحكمات، ويكون لها معنى آخر لم نطّلع عليه ولم
يخطر لنا ببال، فإنّ كثيراً من المتشابهات بهذه الصورة، ويجب علينا التوقّف
فيها وردّ أمرها إلى الله وإليهم عليهم السلام، وإنّما نذكر ما نذكر على وجه
الاحتمال وبذل الجهد في ردّ المتشابه إلى المحكم بحسب الإمكان كما أمرنا به
الأئمّة عليهم السلام.

ومن المعلوم أنّه مع وجود المعارضات الكثيرة الّتي تقدّم بعضها،
وأشرنا إلى باقيها، وترتّب المفاسد الكثيرة كما مرّ لا سبيل إلى حمل
أحاديث السهو على ظاهرها، والجزم بإمكان السهو من المعصوم ووقوعه
منه، والتطرّق إلى سوء الظنّ بأقواله وأفعاله، معاذ الله من أن نشكّ
في ذلك.

١٦٤

الفصل الحادي عشر

في الجواب عن استدلال ابن بابويه في الكلام السابق،
وعن أحاديث السهو بالتفصيل

وقد صار ذلك واضحاً، لكنّا نزيده توضيحاً فنقول:

أمّا الخبر الّذي أورده عن سعيد الأعرج فلا يفهم وقوع سهو حقيقي
واقعي من الرسول صلّى الله عليه وآله، بل يظهر منه إنّ تلك الواقعة لم تكن من
قسم السهو الواقع منه، بل هي من الله، وحينئذٍ فهو دالّ على مطلبنا، لا
على مطلبكم، لأن فيه تنزيهاً للرسول عن السهو، ونسبته إلى الله، ومعلوم انّ
وقوع هذا الفعل من الله؛ أمّا أن يكون بطريق الأمر به، أو الجبر عليه( وَمَا كَانَ
رَبُّكَ نَسِيًّا
) (١) .

وعلى كلّ حال لا سهو، وكذلك النوم، بل ذكر لفظ أنام رسوله أوّلاً، ثمّ
لفظ أسهاه ثانياً يدلّ على إنّ الحكم في المقامين واحد، وانّه لا اختيار له في

__________________

(١) سورة مريم: ٦٤.

١٦٥

شيء منهما، ولا فعل فعلاً حقيقيّاً، وهذه قرينة قويّة جداً.

وأمّا نسبة إنكار السهو المذكور إلى الغلاة والمفوّضة، فلا يدلّ
على بطلانه، فقد عرفت أنّه لا يختصّ بهم لذهاب عظماء علماء الإماميّة إليه،
ولعلّ الغلاة والمفوّضة يذكرون وقوع هذه الصورة بالكلّيّة.

أمّا الغلاة فلاعتقادهم أنّه لا يقدر أحد على منع الرسول صلّى الله عليه
وآله والأئمّة عليهم السلام من شيء، ولا يأمرهم أحد بشيء.

وأمّا المفوّضة فبعضهم يقولون: إنّ الله فوض أمر الخلق والرزق إلى النبيّ
والأئمّة عليهم السلام، وبعضهم يقولون: إنّ للعبد قدرة لا يقدر الله أن يسلبه
إيّاها، ولا يمنعه من شيء من أفعاله وحينئذٍ يستقيم الردّ عليهم بهذه الواقعة،
لأنّها على تقدير تسليمها، أمّا أمر من الله، أو جبر منه، وهو ينافي اعتقاد
الفريقين، وإذا حمل على السهو المجازي الظاهري استقام كلام ابن بابويه
أيضاً، وصار النزاع لفظياً في مجرّد التسمية بالسهو، فإنّه لا يظهر من كلامه
تجويز سهو حقيقي أصلاً، وهذا توجيه غير بعيد.

وأمّا الفرق بين العبادة المشتركة والتبليغ الّذي هو عبادة مختصّة، فممّا
لا يوافقه عليه أحد، وأكثر الناس لا يفهمون الفرق، بل كلّ من ثبت عنده سهوه
عليه السلام يتطرّق إلى تجويزه في التبليغ.

وأمّا على التفسير الّذي فسّرنا به كلامه، فيستقيم في ذلك، لأنّ(١) فرض
الجبر على تبليغ الباطل، والأمر به محال قطعاً ظاهر البطلان، مناف للكحمة،
ناقض الغرض.

__________________

(١) في ب: إلى أنّ.

١٦٦

وأمّا قوله: إنّ سهوه من الله، وسهو غيره من الشيطان، فهو يقرّب ما قلناه،
لأن نسبة السهو هنا إلى الله والى الرسول لابدّ فيها من ارتكاب تجويز، بأن
يكون أحدهما فاعلاً حقيقياً، والآخر مجازياً، فإن كان الفاعل الحقيقي هو
الرسول صلّى الله عليه وآله من غير أمر من الله، فلا فرق بين سهونا وسهوه، إلاّ
بأنّ سهوه من نفسه من غير مدخلية الشيطان، وتبطل النسبة إلى الله حينئذٍ لأنّ
معناها على هذا التقدير التخلية والتمكين وعدم المنع، وذلك حاصل في سهونا
أيضاً، فانتفت المزيّة بالكليّة، وبطل الفرق كما لا يخفى، لأنّ ما ذكر غير صالح
للفرق، ولا موجب لنسبة الفعل إلى الله حقيقة، بل يوجب أن يكون النبيّ أسوء
حالاً منّا في السهو، لأنّ لنا عذرين، وله عذر واحد.

وإن كان الفاعل الحقيقي هو الله؛ أمّا بالخبر الخاص على تقدير تسليمه،
أو بالأمر له بما فعله، ففيه تصريح بنفي السهو عن المعصوم، وهو عين المدّعي،
وإنّما نفينا عنه السهو الحقيقي، ولا حرج في إطلاق المجازي، مع انّ
الأولى ترك إطلاقه أيضاً في غير الضرورة، كرواية هذه الأخبار وتأويلها.

هذا ولا يخفى إنّ الحمل على وقوع الأمر يستلزم الإسناد المجازي
أيضاً، ولا تصوّر فيه، وقرينة قول ابن بابويه: إنّ سهوه من الله وسهونا
من الشيطان.

ومعلوم إنّ الشيطان لا يجبر الإنسان على السهو ولا على غيره، بل يأمره
بما يريد ويوسوس إليه به، لكن النسبة إلى الله مع أمره به أقرب من النسبة إليه
مع التخلية بمراتب، وإلاّ جاز إسناد جميع أفعال المعصوم وغيره إلى الله تعالى.

وأمّا ما نقله عن محمد بن الحسن بن الوليد، فقبوله للتوجيه الّذي قلناه،

١٦٧

والمحمل الصحيح الّذي ذكرناه أوضح، وكذلك دليلهما، فتزول المخافة.

وأمّا الكتاب الّذي وعد بتأليفه فلم يصل إلينا، فإن كان صرّح فيه بتجويز
السهو الحقيقي أو وقوعه، بطل حمل كلامه على المحمل الصحيح، ولم يبطل
حمل الأخبار عليه لوجود معارضاتها، وكثرة اجمالاتها(١) .

وأمّا حديث(٢) أبي بكر الحضرمي ففيه مع الإغماض عن سنده أنّه نسب
السهو إلى الرسول صلّى الله عليه وآله، فينافي إجماع الفريقين، لأنّ من جوّز
السهو عليه قال: انّه من الله، فلابد له من تأويله بالحمل على المجاز، أو
الاعتراف ببطلان الفرق الّذي ذكره، والقول بالمساواة بين سهونا وسهوه.

وأمّا حديث الحارث فليس فيه تصريح بالسهو أصلاً، بل ظاهره العمد
لإطلاق اسناد الفعل، وهو يتمّ على جملة من الوجوه السابقة.

وأمّا حديث الحسن بن صدقة ففيه مع ضعف سنده جداً أنّه تضمّن منه
الفعل إلى الرسول صلّى الله عليه وآله من غير تصريح [ بالسهو، ثمّ نسب الفعل
الى إرادة الله من غير تصريح به أيضاً ](٣) ، وظاهر الحال كون الإسنادين
على وجه الحقيقة، وهو لا يتمّ كما مرّ فالأقرب أن يكون الفعل من الرسول
صلّى الله عليه وآله عمداً، والأمر بذلك من الله كما تقدّم.

وحديث سعيد الأعرج قد عرفت حاله، وهذه الرواية أخفّ إشكالاً من
السابقة، ولفظ أسهاه يمكن حمله على الترك من غير بعد بأن يكون أمره به.

__________________

(١) في ب: اجمالاتنا.

(٢) في د: وأحاديث.

(٣) ليس في ب.

١٦٨

وأما حديث جميل فلا تصريح فيه بشيء، وانّما قال: فذكر حديث
ذي الشمالين، ووجهه ما تقدّم في مثله، بل أقرب الوجوه ممّا مضى، ويأتي
ممكن فيه.

وأمّا حديث أبي بصير ففيه مع(١) الاغماض عن سنده، وفساد مذهب
راويه، ومذهب غيره من الرواة انّه لم يصرّح بالسهو ولا فيه إشعار به.

وأمّا حديث سماعة فسنده كذلك، ويستقيم في متنه أكثر ما مرّ من
الوجوه إن لم يكن كلّها، مع أنّ قوله: من حفظ سهوه فأتمّه، ثمّ إيراده حديث
ذي الشمالين يدلّ على انّ رسول الله صلّى الله عليه وآله كان حافظاً لعدد
صلاته وأتمّها، فليس عليه سجدتا السهو وحينئذٍ لم يكن منه سهو حقيقي،
بل هو مجازي بقرينة قوله: حفظ، وقرينة ما تقدّم من المعارضات العقليّة
والنقليّة على انّه ينافي كثيراً من أحاديث السهو الّتي تضمّنت انّه صلّى الله عليه
وآله سجد للسهو، وهذا التناقض يضعف الاحتجاج بها، بل أوّله يناقض
آخره.

والتعليل الّذي تضمّنه قوله: فإنّ الخ، لا يخفى ما فيه من المنافرة
لأوّله، والإجمال والاشكال من امارات التقيّة، وقد تقدّم حديث عبد الله بن
بكير المتضمّن لنفي سجود السهو عنه عليه السلام، وانّه ما سجدهما قط، ولا
يسجدهما فقيه، أي حافظ لعدد صلاته، متيقّظ من الفقه - أي الفهم - أو فقيه
كامل الفقه والعلم - أعني المعصوم كما حمله عليه بعض المحقّقين -.

وأمّا حديث زيد بن علي فهو أضعف سنداً ودلالة لمخالفته للإجماع

__________________

(١) في ب: من.

١٦٩

وشذوذه، وعدم عمل أحد بمضمونه، وعدم موافقته لاعتقاد علي عليه السلام
وأكثر شيعته بل كلّهم، ولاختصاص رواة(١) الزيدية بنقله، ولاشتماله على لفظ
المرغمتين، وانّما سمّيت سجدتا السهو بهما لأنّهما ترغمان أنف الشيطان.

وإذا كان سهوه عليه السلام على تقدير تسليمه من الله لا من الشيطان،
لا يجوز إطلاق هذا اللفظ سلّمنا، لكن؛ من أين ثبت إنّ بعض القوم أصاب،
وإنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله أخطأ؟ بل يجب الجزم بالعكس، وإلاّ لكان
أمير المؤمنين عليه السلام أحقّ باستدراك ذلك من كلّ أحد، فتكون صلاتهم
في الواقع تامّة، والسجود المذكور محمولاً على بعض الوجوه السابقة،
والمرغمتان إرغاماً للمنافقين الّذين أرادوا إبطال صلاته وإعادتها.

وأمّا حديث زيد الشحّام فوجهه ما تقدّم مع ضعف سنده جداً.

وأمّا حديث العزرمي فقد عرفت عبارة الشيخ فيه، وفيها كفاية.

ويزيده وضوحاً: الأوجه السابقة من التقيّة وغيرها، وأقوى من جميع
ذلك، الحمل على كذب المنادي وغلطه، فهو أحقّ بالسهو والغلط، بل الافتراء
وتعمّد الكذب، فلعلّه كان من بعض الأعداء والمنافقين الّذين يريدون تغطية
قبائح المتقدّمين(٢) ، فقد نقلوا ذلك عن الثاني.

وأمّا حديث أبي بصير فليس فيه تصريح بوقوع سهو أصلاً، بل نقله
لذلك بلفظ قيل، يدلّ على عدم صحّته، وإلاّ لحكم به أوّلاً.

وأوضح من ذلك قوله: ما كان عليك لو سكت ولو كان صادقاً لما قال له

__________________

(١) في ب: برواية.

(٢) في هامش ب: الخلفاء الثلاثة الغاصبة للخلافة لعنهم الله. « منه رحمه الله ».

١٧٠

ذلك، لأنّه كان عليه استحقاق العقاب لو كان القول واجباً، وفوت الثواب إن
كان راجحاً، ولا يكاد يتصوّر المساواة والمرجوحية، لأنّه من المعاونة
على البرّ والتقوى، ونصيحة المؤمن للمؤمن.

وأمّا حديث سماعة، فلا إشكال فيه، فليس ذلك بفعل اختياري،
ولو لم يرد(١) التصريح بذلك لمنعناه، أو حملناه على ما قلناه لما
تقدّم من انّه تنام عينيه ولا ينام قلبه، ولكن النادر لا ينافي ذلك النص
لما يأتي.

وأمّا حديث سعيد الأعرج فلا اشكال فيه أيضاً، لأنّه صريح في انّ الله
جبره على ذلك، والزمه به، وجعل نومه غالباً، ولم يقع منه صلّى الله عليه وآله
تقصير ولا شيء، ولا ينافي العصمة، وفيه ردّ على الغلاة والمفوّضة معاً كما مرّ،
وفيه أيضاً اشارة إلى أنّ السهو على تقدير وقوعه كان كذلك، لكن الأقرب
هناك الحمل على الأمر دون الجبر.

وأمّا حديث عبد السلام بن صالح ففيه مع ضعف سنده جداً أنّه لا ينافي
ما قلنا، بل يؤيّده لانّه لم يقل يقع منه سهو، بل قال يقع عليه السهو، فدلّ
على أنّه مجبور أو مأمور.

والظاهر أنّهم كانوا ينكرون وقوع هذه القضيّة بالكلّيّة، ويعدونها محالاً
لاعتقادهم الغلو والتفويض، فلا يجوّزون ذلك على وجه الحقيقة ولا المجاز
ولا الأمر والمنع والإكراه، فورد الردّ عليهم وتكذيبهم، ولا أقل من الاحتمال
المانع من الاستدلال.

__________________

(١) في ج: يروي.

١٧١

وقد ورد في الخصال عن أبي جعفر عليه السلام إنّ أمير المؤمنين عليه
السلام علّم أصحابه في مجلس واحد أربعمائة كلمة ممّا يصلح للمسلم في
دينه ودنياه.

فمن ذلك أنّه قال: إيّاكم والغلو فينا، قولوا إنّا عبيد مربوبون، [ وكذا
قوله: ](١) وقولوا(٢) في فضلنا ما شئتم(٣) .

ويفهم من هذا الحديث: إنّ نفي السهو عن المعصوم ليس من الغلو، وإنّما
الغلو نفي الحقيقي والمجازي معاً لمنافاته للعبودية.

وروى الطبرسي في الاحتجاج في احتجاج الرضا عليه السلام
على الغلاة والمفوّضة قال: لا تتجاوزوا بنا العبودية، ثمّ قولوا فينا ما شئتم، ولن
تبلغوا(٤) .

وأمّا الحديثان الأخيران فقد عرفت الوجه فيهما، والله تعالى أعلم.

__________________

(١) ليس في ج.

(٢) في د: وقوله.

(٣) الخصال: ٦١١ ح١٠، عنه بحار الأنوار ١٠: ٨٩ - ١١٦ ح١، وج٢٥: ٢٧٠ ح١٥، وج٧٠: ٣٦
ح ٣٠، وج ٧٥: ٣٩٥ ح ١١.

(٤) الاحتجاج ٢: ٤٣٨، عنه بحار الأنوار ٢٥: ٢٧٣ ح ٢٠.

وقال العلاّمة المجلسي في البحار ما نصّه: اعلم أن أصل هذا الخبر في غاية الوثاقة والاعتبار على
طريقة القدماء، وإن لم يكن صحيحاً بزعم المتأخّرين، واعتمد عليه الكليني وذكر أكثر أجزائه
متفرقة في أبواب الكافي، وكذا في غيره من أكابر المحدّثين.

١٧٢

الفصل الثاني عشر

في ذكر بعض النظائر والأشباه لأحاديث السهو الّتي يجب
تأويلها، ولا يجوز إبقائها على ظاهرها

وذلك كثير جداً، ولنقتصر من هذا القسم على اثني عشر:

الأوّل: ما رواه الشيخ أبو جعفر ابن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه
في باب ما يصلّى فيه قال:

قال الصادق عليه السلام في قول الله عزّ وجلّ لموسى عليه السلام
( فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ المُقَدَّسِ طُوًى ) (١) قال: كانتا من جلد حمار ميّت(٢) .

وقد روى ابن بابويه في كتاب كمال الدين(٣) والشيخ الطبرسي في كتاب
الاحتجاج(٤) وغيرهما(٥) عن سعد بن عبد الله، عن صاحب الزمان عليه السلام

__________________

(١) سورة طه: ١٢.

(٢) من لا يحضره الفقيه ١: ٢٤٨.

(٣) كمال الدين ٢: ٤٦٠.

(٤) الاحتجاج ٢: ٤٦٣.

(٥) بحار الأنوار ١٣: ٦٥ ح ٤.

١٧٣

ما هو صريح في إنكار هذه الرواية، وإنّ موسى عليه السلام أجلّ قدراً من أن
يجهل ذلك، أو يخفى عليه مثله، وبالغ عليه السلام في ردّها وإبطالها وقال: من
قال ذلك، فقد افترى على موسى واستجهله في نبوّته، ثمّ ذكر انّ معنى:
( فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ ) ؛ أي اخلع من قلبك حبّ أهلك. الحديث.

فانظر إلى أنّهم عليهم السلام تارة كانوا يروون ما يوافق التقيّة، وينقلون
عن الأنبياء خلاف الواقع، لأجل موافقة العامّة، ورعاية المصلحة، ودفع
المفسدة، ويفسّرون القرآن بذلك، لأجل ما ذكر فلا ينكر روايتهم لحديث
السهو، وإن لم يكن واقعاً على وجه الحقيقة لما فيه من الحكم والمصالح
السابقة.

الثاني: ما رواه الشيخ الجليل الثقة علي بن إبراهيم بن هاشم القمّي في
تفسيره من قصة هاروت وماروت نقلاً عن الأئمّة عليهم السلام انّهم رووها كما
يرويها العامّة، والقصّة طويلة موجودة هناك(١) .

وقد أنكرها الامام الحسن العسكري عليه السلام كما رواه رئيس
المحدّثين أبو جعفر بن بابويه في كتاب عيون الأخبار(٢) في باب ما جاء عن
الرضا عليه السلام في هاروت وماروت، قال: حدّثنا محمد بن القاسم المفسّر،
عن يوسف بن محمد بن زياد؛ وعلي بن محمد بن سيّار، عن أبويهما، عن
الحسن بن علي، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام في قوله تعالى:( وَمَا أُنزِلَ
عَلَى المَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ
) (٣) - إلى ان قال: - وكان بعد نوح عليه

__________________

(١) تفسير القمّي ١: ٥٦ - ٥٧.

(٢) عيون أخبار الرضا عليه السلام ١: ٢٦٩.

(٣) سورة البقرة: ١٠٢.

١٧٤

السلام قد كثر السحرة والمموّهون(١) ، فبعث الله ملكين إلى نبي ذلك الزمان
بذكر ما يسحر به السحرة وما يبطل به سحرهم، ويردّ به كيدهم، فتلقّاه النبي
عن الملكين وأدّاه إلى عباد الله بأمر الله، وأمرهم أن يقفوا به على السحر، وأن
يبطلوه، ونهاهم أن يسحروا به الناس، وهذا كما يدلّ على السمّ ما هو [ وعلى ما
يدفع به غائلة السمّ ](٢) ، ثمّ قال عزّ وجلّ:( وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولا إِنَّمَا
نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ
) (٣) .

يعني: إنّ ذلك النبيّ عليه السلام أمر ملكين أن يظهرا للناس بصورة
بشرين، ويعلّماهم ما علّمهم الله من ذلك، وذكر الحديث - إلى أن قال: - يوسف
ابن محمد بن زياد؛ وعلي بن محمد بن سيّار، فقلنا للحسن أبي القاسم(٤) عليه
السلام: فإنّ عندنا قوماً يزعمون إنّ هاروت وماروت ملكان اختارتهما(٥)
الملائكة لما كثر عصيان بني آدم، [ وأنزلهما مع ثالث لهما ](٦) ، وأنّهما افتتنا
بالزهرة، وأراد الزنا بها، وشربا الخمر، وقتلا النفس المحرّمة، وإن الله عزّ وجلّ
يعذّبهما ببابل، وإنّ السحرة منها يتعلّمون السحر، وإنّ الله مسخ تلك المرأة هذا
الكوكب الّذي هو الزهرة.

فقال الإمام عليه السلام: معاذ الله من ذلك، إن ملائكة الله معصومون
محفوظون من الكفر والقبائح بالطاف الله تعالى، قال الله عزّ وجلّ:( لاَّ يَعْصُونَ

____ ______________

(١) في هامش ج: التمويه: التدليس. « منه رحمه الله ».

(٢) من المصدر.

(٣) سورة البقرة: ١٠٢.

(٤) كذا في « ب، ج »، وفي « د » والمصدر: القائم.

(٥) كذا في النسخ، وفي المصدر: اختارهما الله من.

(٦) من المصدر.

١٧٥

اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) (١) .

وقال تعالى:( [وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ](٢) وَمَنْ عِندَهُ - يعني
الملائكة -لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ ) (٣) وذكر آيات اُخر، ثمّ
قال عليه السلام: لو كان كما يقولون، كان الله قد جعل هؤلاء الملائكة خلفاء
على الأرض، وكانوا كالأنبياء في الدنيا أو كالأئمّة، فيكون من الأنبياء والأئمّة
قتل النفس والزنا؟

ثمّ [ قال عليه السلام ](٤) : أو لست تعلم إنّ الله لم يخل الأرض من نبيّ أو
إمام من البشر أوليس الله يقول:( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ [مِن رَّسُولٍ ](٥) ) (٦) يعني إلى
الخلق( إِلاَّ رِجَالاً ) (٧) ، فأخبر انّه لم يبعث الملائكة إلى الأرض ليكونوا أئمّة
وحكّاماً، وإنّما اُرسلوا إلى أنبياء الله. الحديث.

أقول: فظهر انّ رواية علي بن إبراهيم محمولة على التقيّة، وموافقة
للعامّة لدفع الضرر كما يقتضيه الحال، وهو نظير وقريب لحديث السهو.

الثالث: ما رواه ابن بابويه في عيون الأخبار(٨) من جملة الأحاديث
الدالّة على مدح زيد بن علي وأصحابه في باب مفرد، قال: حدّثنا علي بن

__________________

(١) سورة التحريم: ٦.

(٢ و ٥) من المصدر.

(٣) سورة الأنبياء: ١٩.

(٤) ليس في ب.

(٦) سورة الأنبياء: ٢٥، الحج: ٥٢.

(٧) سورة يوسف: ١٠٩،( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِم ) .

(٨) عيون أخبار الرضا عليه السلام ١: ٢٥١.

١٧٦

أحمد بن محمد بن عمران(١) الدقّاق، قال: حدّثنا علي بن الحسين القاضي،
قال: حدّثنا الحسن(٢) بن علي الناصري، عن أحمد بن رشيد، عن عمّه أبي
معمّر [ سعيد ](٣) بن خيثم، عن أخيه معمّر، عن الصادق عليه السلام، عن آبائه،
عن علي عليه السلام قال: يخرج من ولدي رجل يقال له زيد يُقتل بالكوفة،
ويصلب بالكناسة(٤) ، يخرج من قبره حين ينشر، تفتح لروحه أبواب السماء،
ويبتهج به أهل السمارات [ والأرض ](٥) ، تجعل روحه في حوصلة طير أخضر،
ليسرح في الجنّة حيث يشاء.

أقول: هذا محمول على التقيّة في الرواية، كما جوّزناه في أحاديث
السهو.

لما رواه الكليني في باب أرواح المؤمنين عن علي بن إبراهيم، عن أبيه
عن ابن محبوب، عن أبي ولاّد الحنّاط، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت
له: جعلت فداك يروون أرواح المؤمنين في حواصل طيور خضر حول العرش
فقال: لا، المؤمن أكرم على الله من أن يجعل روحه في حوصلة طير، ولكن في
أبدان كأبدانهم(٦) .

وفي الباب المذكور وغيره عدّة أحاديث بهذا المعنى.

الرابع: ما رواه الشيخ في الاستبصار في باب وجوب المسح

__________________

(١) في ج: عمروان. والظاهر انّه تصحيف.

(٢) في ب: الحسين.

(٣) ليس في ب.

(٤) في ج: الكناسية.

(٥) من المصدر.

(٦) الكافي ٣: ٢٤٤ ح ١ و ٢٤٥ ح ٦ و ٧.

١٧٧

على الرجلين، بإسناده عن محمد بن الحسن الصفّار، عن عبد الله بن منبّه، عن
الحسين بن علوان، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي
عليه السلام، قال: جلست أتوضّأ فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله:
تمضمض واستنشق واستن(١) ثمّ غسلت وجهي ثلاثاً، فقال: يا علي، قد
تجزيك [ من ذلك ](٢) المرّتان، قال: فغسلت ذراعي، ومسحت برأسي مرّتين،
فقال: قد يجزيك من ذلك المرّة، وغسلت قدمي، فقال لي: يا علي، خلّل بين
الأصابع لا تخلّل بالنار(٣) .

قال الشيخ: هذا خبر موافق للعامّة، وقد ورد مورد التقيّة، لانّ المعلوم
الذي لا يتخالج فيه الشكّ من مذاهب أئمّتنا عليهم السلام القول بالمسح
على الرجلين، وذلك أشهر من أن يدخل فيه شكّ أو ارتياب. انتهى.

أقول: فانظر إلى انّه حمله على التقيّة مع عدم جوازها على الرسول
صلّى الله عليه وآله عند الشيخ، لا عند غيره من الشيعة إلاّ النادر، ولا عند
أحد من المسلمين، ولا وجه لها إلاّ أن يكون أمير المؤمنين والحسين وعلي بن
الحسين عليهم السلام قد رووا تلك الرواية كما يرويها العامّة للتقيّة، فكذلك
أحاديث السهو من باب التقيّة في الرواية.

الخامس: ما رواه الشيخ أيضاً في الاستبصار في باب أكثر أيّام النفاس
بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن العلاء، عن محمد بن مسلم
قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن النفساء كم تقعد؟

__________________

(١) استن: استنان: استعمال السواك.

(٢) من المصدر.

(٣) الاستبصار ١: ٦٥ ح ٨.

١٧٨

فقال: إنّ أسماء بنت عميس أمرها رسول الله صلّى الله عليه وآله أن
تغتسل لثمان عشر، ولا بأس بان تستظهر ليوم أو يومين(١) .

أقول: ذكر الشيخ لهذا الحديث وأمثاله ثلاثة أوجه من وجوه الجمع بينها
وبين ما عارضها. أحدها: الحمل على ضرب من التقيّة، لأنها موافقة لمذاهب
العامّة. انتهى.

وإذا جاز حمل الحديث الصحيح المنقول من كتب الحسين بن سعيد،
عن الثقات الأثبات، عن محمد بن مسلم الّذي أجمعت الطائفة على تصحيح ما
يصحّ عنه على التقيّة مع عدم جوازها على الرسول صلّى الله عليه وآله
فأحاديث السهو أولى بالحمل على التقيّة لمعارضته الأدلّة العقليّة والنقليّة كما
عرفت.

السادس: ما رواه الشيخ في الاستبصار أيضاً في باب حكم من أصبح
جنباً في شهر رمضان بعد ذكر أحاديث كثيرة في عدم الجواز بإسناده عن
سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين؛ ومحمد بن علي، عن محمد بن
عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حمّاد بن عثمان، عن حبيب
الخثعمي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وآله
يصلّي صلاة الليل في شهر رمضان، ثمّ يجنب، ثمّ يؤخّر الغسل متعمّداً
حتى يطلع الفجر(٢) .

قال الشيخ بعد ذكر حديث آخر مثله: الوجه في هذين الخبرين أن

__________________

(١) الاستبصار ١: ١٥٥ ح ٢.

(٢) الاستبصار ٢: ٩ ح ٣ و ٤، وص ٨٨ ح ٦.

١٧٩

نحملهما على ضرب من التقيّة وعلى ما بيّناه، لانّه(١) رواية العامّة عن
النبيّ صلّى الله عليه وآله، ويحتمل أنّه أخّر الغسل عمداّ لعذر من برد أو
غيره. انتهى.

والكلام فيه كالّذي قبله، بل هذا أوضح في تجويزه وقوع التقيّة
في الرواية ولا يخفى انّه يمكن حمل الفجر على الفجر الأوّل وهو
قريب جدّاً.

السابع: ما رواه أيضاً في الاستبصار في باب تحليل المتعة بعد ذكر
أحاديث كثيرة في الإباحة، بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن أبي
الجوزاء، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي، عن
آبائه، عن على عليه السلام قال: حرّم رسول الله صلّى الله عليه وآله لحوم حمر
الأهلية ونكاح المتعة(٢) .

قال الشيخ: الوجه في هذه الرواية أن نحملها على التقيّة لأنّها موافقة
لمذهب العامّة والأخبار الاُولى موافقة لظاهر الكتاب، وإجماع الطائفة
المحقّة(٣) . انتهى.

وجميع ما قاله متّجه في أحاديث السهو لما عرفت.

الثامن: ما رواه أيضاً في الاستبصار في باب حكم لحم الحمار الأهلية

__________________

(١) كذا في النسخ، وفي المصدر: لأنّ ذلك.

(٢) الاستبصار ٣: ١٢٤ ح ٥.

(٣) في هامش ج: العجب انّ الشيخ زين الدين في شرح اللمعة ذكر أنّ أخبارنا دالّة على اباحة المتعة
ولا معارض لها أصلاً وتعجّب من ذلك. وفيه غفلة عن هذا المعارض وغيره. « منه رحمه الله ».

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

أنّهم يتزوّجون من مسيحيات ، ممّا يجعلهم يختلطون معهم في حفلات مختلطة ، وغناء ورقص وغير ذلك.

وأنا ـ كسنّي ـ فهمت بأنّ زواج المتعة حلال ، وله أدلّته كالزواج الدائم ، كما ذكر السيّد السيستاني وغيره من العلماء والمراجع ، يحفظهم الله أجمعين ، ولكن لماذا يحلّل بعض العلماء الزواج المؤقت من الزانية والمشهورة بالزنى؟ أو ليس هناك آية صريحة يقول فيها الله :( وَالزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ ) (١) ، أو ليس هذا اجتهاد صريح مقابل النصّ؟! أرجو التوضيح.

آسف على الإطالة ، ولكنّي أبحث عن الحقّ ، وقد أُعجبت بمذهب أهل البيت ، ولكن رأيت من يمثّل أهل البيت لهم فتاوى غريبة ، كالتي ذكرتها ، وأنا أُريد أن أسير في طريق أهل البيت ، ولكن يوجد فتاوى كالتي ذكرتها ، والمزيد ما لم اذكره أجد فيه غرابة ، واجتهاد مقابل النصّ القرآني.

على العموم أنا إنسان في طريق الاستبصار ، فقد فهمت كُلّ عقائد أهل البيت ، ولكنّي أعجب من فتاوى العلماء الذين سوف يكون واحد منهم مرجعي ، فأرجو منكم التوضيح التامّ للأمر الذي ذكرته ، وسوف يكون بيننا تواصل إنشاء الله تعالى.

ج : مسألة التمتّع بالزانية محلّ خلاف عند فقهاء الشيعة ، فمنهم من يرى الكراهة ، ومنهم من لا يجوّزها خصوصاً في المشهورة بالزنا ، ويعتمد كُلّ منهم على نصوص وأحاديث ـ كما هو مقرّر في محلّه ـ ولكن بنحو الإجمال نشير إلى أنّ الآية التي ذكرتموها( وَالزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ ) ، قد يحتمل فيها وجه آخر وهو : أنّ الزاني والزانية بعد توبتهما يصبحان كمن لا ذنب له ، والآية ـ على هذا الاحتمال ـ في مجال ذكر حكمهما قبل التوبة.

وعلى فرض التنزّل ، فالمسألة محلّ خلاف حتّى عند السنّة أيضاً ، وفي هذا المجال لابأس أن يراجع إلى المجموع للنووي(٢) ، اعتماداً على حديث «لا يحرّم

__________________

١ ـ النور : ٣.

٢ ـ المجموع ١٦ / ٢١٩.

٢٢١

الحرام الحلال »(١) ؛ فالمسألة هي محلّ بحث ونقاش عند الفريقين ، وليس بالأمر المسلّم حتّى يعتمد عليه.

وأخيراً : لابأس أن نشير إلى نقطة هامّة في المقام ، وهو أنّه في طريق البحث عن العقيدة والمذهب الصحيح لا ينبغي أن نتحقّق في المواضيع الهامشية ، بل يجب علينا أن نبحث في الأُسس والأركان ، ثمّ إنّ رضينا وقنعنا بها ، نقبل بالتفاصيل بصورة عامّة.

ولا يعقل أن نتساءل في كُلّ مورد عن الأدلّة والتفاصيل ، بل نرجع فيها إلى ذوي الخبرة والاختصاص ، فالمسائل والفروع الفقهية هي محلّ بحث ونقاش حتّى الآن ، وهذا لا يخدش في أصل العقيدة والمذهب بعد ما أثبتنا صحّته بالدلائل العقلية والنقلية.

( عبد الله ـ الكويت ـ سنّي ـ ٢٥ سنة ـ دبلوم تجارة )

تعليق على الجواب السابق :

س : السلام عليكم يا اتباع الحقّ.

في الحقيقة أنّني استلمت ردّكم على سؤالي ، وأنا أشكركم جدّاً على جهدكم المتواصل ، لتوصيل مذهب أهل البيت للناس ، ولكن للأسف قليل من الناس من يعرف قدر أهل بيت رسول الله ، المهمّ أنّني قرأت الإجابات ، وإنّني أصارحكم بأنّني لم اقتنع بشكل كامل ، ولكن أصبحت الصورة أوضح والحمد لله.

( حسام ـ ـ سنّي )

التطبيق العملي لها :

السؤال : الإخوة الأفاضل في مركز الأبحاث العقائدية.

__________________

١ ـ السنن الكبرى للبيهقي ٧ / ١٦٨ ، سنن الدارقطني ٣ / ١٨٨ ، سنن ابن ماجة ١ / ٦٤٩.

٢٢٢

أُحبّ أن أشكركم على الكتب التي أرسلتموها لي في الفترة الماضية ، والحقيقة تقال : أنّ لديكم علماء ذوي أقدام راسخة في العلم ، وللأسف نحن أهل السنّة لا نعرفهم ، وهذا من باب إغلاق العقول وللأسف ، ولكنّني لست ممّن يغلق عقله ، بل على العكس أُحبّ الانفتاح على الفرق المخالفة لأهل السنّة ، بل لي كثير من الأفكار التي تخالفهم ، والحقيقة أنّني أقرأ كتبكم بحبّ وشوق ، وأنا حريص على الحقيقة.

ولكن عندي تساؤل وهو : إذا قلنا بالمتعة وجوازها بناء على الأدلّة ، كيف سيتمّ تطبيق ذلك عملياً ، ومقصدي : أنّ المرأة حينما تتزوّج بطريق المتعة عدّة مرّات ، ألا يعتبر ذلك عيباً في حقّها ، حتّى أنّ الأمر قد يصل إلى أن تفتح النساء مجالاً لأن تتزوّج بالمتعة ، فهل هذه التطبيقات العملية تكون مجدية أم لا يعتبر ذلك من العيوب؟ فيصير الأمر كأنّه شبيه ببيوت الدعارة؟ أرجو الإفادة في هذه النقطة.

ج : نسأل الله تعالى أن يوفّقكم لكُلّ خير ، ويبارك في جهودكم ويسدّد خطاكم ، ونلفت انتباهكم إلى عدّة أُمور :

١ ـ المتعة كالزواج الدائم في وجوب العدّة ، فكما يجب على المرأة المطلّقة في الزواج الدائم أن تعتدّ ، فكذا يجب على المرأة في المتعة أن تعتدّ بعد أن تنقضي المدّة المقرّرة ، وبناء على هذا الأصل لا يرد ما ذكرتموه.

ويكون حال المتمتعة كحال المرأة التي تطلّق عدّة مرّات ثمّ تتزوّج ، وما أكثر أمثال هذه الموارد في عصرنا الحاضر ، بالأخص في الخليج ، حيث أنّ الطلاق عندهم كثير جدّاً ، والمرأة تطلّق وتتزوّج عدّة مرّات.

٢ ـ أنّ المتعة بُنيت على الكتمان ، كما ورد في الحديث.

٣ ـ أنّ المتعة من المسائل التي جعلها الإسلام لحلّ المسألة الجنسية والاحتياج الجنسي في المجتمع ، وذلك بصورة منتظمة ، وذلك لئلاّ يقع الناس في حرج

٢٢٣

ويرتكبوا المحرّم ، حتّى أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام صرّح : «لولا أنّ عمر نهى عن المتعة ما زنى إلاّ شقي »(١) .

وعن ابن عباس : « ما كانت المتعة إلاّ رحمة رحم الله بها هذه الأُمّة ، ولولا نهي عمر بن الخطّاب عنها ما زنى إلاّ شقي »(٢) .

وكُلّ ما ذكرتموه من اشكالات وتصوّرات ترتابها الشكوك عن الواقع العملي للمتعة ، إنّما ينشأ لعدم أُلفة مجتمعاتنا لهذه المسألة ، ولم يكن تحريماً بسيطاً كسائر التحريمات ، وإنّما تحريم وعقاب ، تحريم مع تهديد بالرجم ، مع التشديد في العقوبة.

ففي المبسوط للسرخسي قال عمر : « لا أُوتي برجل تزوّج امرأة إلى أجل إلاّ رجمته ، ولو أدركته ميّتاً لرجمتُ قبره »(٣) .

وإنّ تحريم عمر للمتعة وتغليظه في التحريم ، ممّا جعل هذه المسألة تكون غير مألوفة في المجتمعات الإسلامية ، وإلاّ فإنّها كانت في غاية البساطة ، حتّى أنّ عبد الله بن مسعود قال : كنّا نغزو مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ليس لنا نساء ، فقلنا : ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك ، ثمّ رخّص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل ، ثمّ قرأ عبد الله :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ) (٤) .

وروي عن ابنة أبي خثيمة : « أنّ رجلاً قدم من الشام فنزل عليها ، فمكث معها ما شاء الله أن يمكث ، ثمّ إنّه خرج ، فأخبر عن ذلك عمر بن الخطّاب ،

__________________

١ ـ المصنّف للصنعاني ٧ / ٥٠٠ ، جامع البيان ٥ / ١٩ ، الدرّ المنثور ٢ / ١٤٠ ، التفسير الكبير ٤ / ٤١ ، تفسير البحر المحيط ٣ / ٢٢٥.

٢ ـ شرح معاني الآثار ٣ / ٢٦ ، الاستذكار ٥ / ٥٠٦ ، التمهيد ١٠ / ١١٤ ، أحكام القرآن للجصّاص ٢ / ١٨٦ ، الجامع لأحكام القرآن ٥ / ١٣٠ ، الدرّ المنثور ٢ / ١٤١.

٣ ـ المبسوط للسرخي ٥ / ١٥٣.

٤ ـ المائدة : ٨٧ ، وأُنظر : مسند أحمد ١ / ٤٣٢ ، صحيح البخاري ٦ / ١١٩ ، صحيح مسلم ٤ / ١٣٠ ، السنن الكبرى للبيهقي ٧ / ٧٩ و ٢٠٠ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٣ / ٢٧١ و ٣٩١ ، السنن الكبرى للنسائي ٦ / ٣٣٧ ، مسند أبي يعلى ٩ / ٢٦٠ ، صحيح ابن حبّان ٩ / ٤٤٩.

٢٢٤

فأرسل إليّ فسألني : أحقّ ما حدّثت؟ قلت : نعم ، قال : ما حملك على الذي فعلته؟

قال : فعلته مع رسول الله ثمّ لم ينهاها عنه حتّى قبضه الله ، ثمّ مع أبي بكر فلم ينهاها عنه حتّى قبضه الله ، ثمّ معك فلم تحدث لنا فيه نهياً ، فقال عمر : أما والذي نفسي بيده ، لو كنت تقدّمت في نهي لرجمتك »(١) .

فمن هذا يتبيّن : أنّ المسألة كانت في غاية السهولة من ناحية الدافع العملي ، ولو كانت مجتمعاتنا قد رضيت بهذه المسألة وطبّقتها عملياً ، لكانت مجتمعاتنا مجتمعات صالحة يسودها كُلّ خير ، ولما اضطرّت إلى اختراع زواج المسيار!!

هذا ، وإنّ الأحكام الشرعية تعبّدية ، ليس لنا أن نرفضها لمجرّد بعض الفرضيات ، ولو فتحنا هكذا باب لرفضنا الكثير من الأحكام الشرعية ، أمثال مسألة الرضاع التي ربما سبّبت بعض المشاكل.

( إبراهيم عبد الكريم ـ النيجر ـ سنّي )

الشيعة تحلّلها :

س : بعد التحية الطيّبة ، أسأل الله أن يهدينا إلى الحقّ ، ويثبّتنا عليه بفضله وكرمه ، سؤالي هو : إنّ الشيعة يحلّلون زواج أكثر من أربع نساء.

ج : إنّ طلب الحقّ أمر ممدوح ، وعدم الاعتماد على الخصم في فهم التشيّع ، والاعتماد على كتب علماء الشيعة ، هو الطريق الوحيد لفهم مذهب أهل البيتعليهم‌السلام .

الشيعة لا تحلّل الزواج أكثر من أربع نساء ، نعم تحلّل الزواج المؤقت ، وله شروط منها : أن لا تكون البنت بكراً ، فلو كانت بكراً توقّف الجواز على إذن أبيها ، وتعيين الوقت والمهر ، والعدّة بعد انقضاء المدّة.

__________________

١ ـ كنز العمّال ١٦ / ٥٢٢.

٢٢٥

وزواج المتعة اتفق المسلمون على أنّه كان حلالاً زمن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأبي بكر ، وبعض خلافة عمر ، حتّى حرّمه عمر بقوله : « مُتعتان كانتا على عهد رسول الله وأنا أنهى عنهما ، وأُعاقب عليهما »(١) .

( أحمد منصور ـ البحرين )

التمتّع بالصغيرة ليست من مختصّات الشيعة :

س : أودّ في بداية هذه الرسالة أن أشكركم على جهودكم لتبيين كلمة الحقّ ، ودحض الحجج الواهية لأعداء مذهب الحقّ ، ممّا يأخذه بعضهم علينا مسألة التمتّع بالصغيرة أو الرضيعة ، وضّحوا لنا هذه المسألة ، جزاكم الله خيراً ، وكتبه في ميزان أعمالكم.

ج : أكثر علمائنا يشترط في التمتّع بالبنت بلوغها سنّاً يصدق عليه عرفاً إمكان التمتّع بها ، وهذا غير العقد على الصغيرة ، فالعقد شيء والتمتّع شيء آخر.

وهذه الشبهة ممّا أُثيرت مؤخّراً ضدّ الشيعة ، مع أنّها ليست من مختصّات فقه الشيعة ، بل يشترك فيها الكثير من علماء مذاهب أهل السنّة ، فهذا النووي يذكر في كتابه المجموع الكثير من الآراء لفقهاء المذاهب الإسلامية ، وفي أبواب مختلفة من كتابه تصبّ مصبّ التمتّع بالصغيرة(٢) .

__________________

١ ـ أُنظر : السنن الكبرى للبيهقي ٧ / ٢٠٦ ، معرفة السنن والآثار ٥ / ٣٤٥ ، الاستذكار ٤ / ٦٥ و ٥ / ٥٠٥ ، التمهيد ٨ / ٣٥٥ و ١٠ / ١١٣ و ٢٣ / ٣٥٧ و ٣٦٥ ، المحلّى ٧ / ١٠٧ ، المبسوط للسرخي ٤ / ٢٧ ، المغني لابن قدامة ٧ / ٥٧٢ ، الشرح الكبير ٧ / ٥٣٧ ، شرح معاني الآثار ٢ / ١٤٦ ، أحكام القرآن للجصّاص ١ / ٣٣٨ و ٣٥٤ و ٣ / ٣١٢ ، التفسير الكبير ٤ / ٤٢ ، الجامع لأحكام القرآن ٢ / ٣٩٢ ، الدرّ المنثور ٢ / ١٤١.

٢ ـ المجموع ١٦ / ٢٧ و ٤٠ و ١٦٨ و ١٧٢ و ١٩٦ و ٣٣٠ و ٣٤٠ و ٣٧٤ و ٤٠٨ و ١٧ / ٩ و ٥١ و ٧٤ و ١٥٤ و ١٦٩ و ٣٠٨ و ٣٩٥.

٢٢٦

( ـ الجزائر ـ )

حلّ من الحلول للزانية :

س : في اعتقادنا أنّ الزانية أصلح ما يكون لها هو زواج المتعة بعد استتابتها ، لأنّه أحفظ لها من الضياع المطلق ، والفساد الأكيد الذي يحرق الأخضر واليابس ، فالزانية أخطر على الأُمّة من الأسلحة الفتّاكة ، لأنّ الزنا يفسد الحرث والنسل ، ولو دقّقتم في الأمر ، وتتبّعتم التسلسل القرآني لوجدتم ما أشرنا له.

ج : نعم ، الزانية يمكن أن يكون زواج المتعة حلّ من الحلول لها بعد استتابتها ، ولكن لا يمكن لنا أن نحصر فلسفة زواج المتعة بهذا المنظار الضيّق ، ولا أنّ الحلّ للزانية التائبة بزواج المتعة.

وعلى كُلّ حال ، فما ذكرتموه بعمومه جيّد.

( ـ السعودية ـ سنّي )

تعتبر من الحلول الأساسية للمجتمع :

س : بالنسبة لزواج المتعة لدي سؤال واحد فقط : هل ترضى أن تزوّج أُختك أو ابنتك زواج متعة؟ يتمتّع بها الرجال بين الحين والآخر ، هذا هو البلاء وعدم الاستقرار ، وهضم كامل لحقوق المرأة ، وبه أصبحت المرأة مجرّد سلعة رخيصة يلهو بها الرجال بين الحين والآخر ، يأكلون منها يوماً ويتركونها يوماً ، وبزواج المتعة ليس هناك حفظ للنسل ، ولا لحقوق المرأة ، فأيّ زواج هذا الذي تصبح به المرأة مجرّد شهوة وقتية يقضي به الرجل شهوته ثمّ يتركها؟ وألا تعتقد أنّ هذا الزواج قريب جدّاً من الزنا؟

ج : تارة نبحث عن أصل المشروعية له ، وما ذكر حوله في القرآن والسنّة ، وأنّه كان ثابتاً قطعاً ، فهل نسخ؟! وكما هو المعلوم النسخ لابدّ أن يأتي متواتراً ، وإذا كان قد نسخ ، لماذا قال عمر بن الخطّاب : « مُتعتان كانتا على عهد رسول الله وأنا أنهى عنهما ، وأُعاقب عليهما »؟! ولماذا كان ابن عباس

٢٢٧

يفتي بالمتعة إلى آخر حياته؟! وهل يصدّق بأنّ ابن عباس لم يصل إليه النسخ؟! تساؤلات علينا أن نبحث فيها.

وتارة نبحث أترضى كذا وكذا ، فهل هذا بحث علمي ، أم هو من كلام العاجزين عن الدليل الذين يهذون بهذه الترهات.

فإذا استطعنا أن نثبت أصل الحكم الشرعي ، لا يمكن أن نورد هكذا خزعبلات ، وإذا فتحنا الباب أمام هذه المغالطات ، فإنّها ستجري على جميع الأحكام الشرعية.

فلو كانت أُختك أو ابنتك قد طلّقت ، وتزوّجت ثانية ، وطلّقت ، وأرادت الزواج مرّة أُخرى ، فكيف ترضى أن يتمتّع بها الرجال بين الحين والآخر؟!

وكما هو معلوم لدى أهل التحقيق : أنّ المتعة لها شروط منها : أن لا تكون بكراً ، فإذا كانت بكراً يشترط في زواجها متعة إذن الولي ، ومنها : العدّة ، فإذا انقضت المدّة وأرادت أن تتمتّع بآخر لا يمكن لها إلاّ بعد العدّة.

فالمتعة حقيقة ثابتة ، تعتبر من الحلول الأساسية للمجتمع ، وذلك إذا طبّقت بشرطها وشروطها.

( كنان حداد ـ ـ )

تساؤلات حول المتعة :

س : وجزاكم الله كُلّ خير ، أرجو إجابتكم المفصّلة عن هذه الأسئلة التي طالما أرقتني وأضاقت صدري ، وأشعلت الشكوك في نفسي :

١ ـ هل تمتّع الأئمّةعليهم‌السلام أو نساء أهل البيت؟ ـ مع الدليل ـ وإذا لم يفعلوها ، فلماذا نفعل ما لم يفعلوه؟

٢ ـ لماذا لم يعد الإمام عليعليه‌السلام العمل بالمتعة عند خلافته ، وإذا أعادها فما الدليل؟

٣ ـ كيف يمكن التوفيق بين شرط العدل بين الزوجات وبين زواج المتعة؟

٤ ـ كيف يمكن التوفيق بين أبغض الحلال عند الله الطلاق ، وبين استحباب التمتّع ، بل وأكثر من مرّة؟

٢٢٨

٥ ـ كيف تكون المستمتع بها مستأجرة وهو عقد بين طرفين؟

ج : نجيب على أسئلتكم بالترتيب كما يلي :

١ ـ إنّ الكلام في موضوع المتعة هو الكلام في جوازه لا في وجوبه حتّى يلتزم كُلّ مسلم بإتيانه ، فنحن نثبت جواز هذا العمل في السنّة النبوية ، ومن ثمّ تفسيق من حرّمه.

هذا ، وقد يستفاد من بعض النصوص أنّ المعصومينعليهم‌السلام قد أتوا بهذه السنّة في بعض الأحيان(١) .

ثمّ إنّ هذا العمل أساسه على الكتمان والتستّر ، خصوصاً بعد أن عرفنا أنّ السلطات آنذاك كانت تطارد المجوّزين ، وتصرّ على الحرمة.

٢ ـ من الطبيعي أن لا تكون الإعادة بالإشهار ، فهل يعقل أنّ الإمامعليه‌السلام يعلن الجواز على رؤوس الإشهاد؟ وما هي المصلحة من وراء ذلك؟ بل الطريق المتعارف هو عدم الردع عن العمل من جهة ، والإشارة إلى شناعة اجتهاد عمر في المسألة من جهة أُخرى ، وهذا ما صدر عنهعليه‌السلام إذ قال : «لولا أنّ عمر نهى عن المتعة ما زنى إلاّ شقي »(٢) .

٣ ـ لا علاقة بين المسألتين ، فإنّ المتعة لا تعارض حقوق الزوجات ، فللرجل أن يجمع بين الجهات المذكورة ، وأمّا إن فرضنا أنّ رجلاً لا يتمكّن من الجمع المذكور ، فهذا أمر يخصّه ، ولا يرتبط بمبدأ تشريع الحكم.

٤ ـ الفرق واضح بين المقامين : فإنّ حكمة الزواج الدائم تأسيس كيان في المجتمع ـ العائلة ـ بناؤه على الدوام والاستمرار ، وحينئذٍ فانقطاعه في الحقيقة يحدث تضعضعاً في نظام المجتمع والأُسرة ، فهو حدث غير مرغوب فيه على شذوذه وندرته بخلاف زواج المتعة ، إذ هو عقد منقطع ومؤقت إلى أجل معلوم ، فلم يؤخذ فيه الاستمرارية حتّى نصطدم بانقضاء المدّة ، أي أن انتهاء الأجل في

__________________

١ ـ وسائل الشيعة ٢١ / ١٠ و ١٣.

٢ ـ المصنّف للصنعاني ٧ / ٥٠٠ ، جامع البيان ٥ / ١٩ ، الدرّ المنثور ٢ / ١٤٠ ، التفسير الكبير ٤ / ٤١ ، تفسير البحر المحيط ٣ / ٢٢٥.

٢٢٩

الزواج المنقطع هو فرض قد أُخذ في العقد ، والطرفان على علم مسبق به ، ولكنّ الطلاق في الزواج الدائم هو أمر غير متوقّع في الأصل ، بل هو حلّ لحالات استثنائية وطارئة.

٥ ـ نعم ، زواج المتعة عقد بين الطرفين ، ولا ينافي ذلك أن يكون عقد إجارة ، والمقصود من عقد الإجارة في المقام هو التنظير بين المسألتين في الحكم من حيث اعتبار المدّة والأجل والأجرة في مشروعية العمل في كلا الموردين.

( أبو هادي ـ فلسطين ـ سنّي ـ بكالوريوس تجارة )

صحيحة عقلاً وشرعاً :

س : أودّ أن أسأل عن زواج المتعة وحكمه؟ مع الاسترشاد بالأحاديث أو الآيات القرآنية الكريمة.

ج : هو حلّ معقول وجذري للمشكلة الجنسية في ظروف عدم التمكّن من الزواج الدائم ، أو موارد حرجة أُخرى ، هذا بحسب العقل.

وأمّا من جهة النصوص ، فلا خلاف في ثبوت تشريع المتعة عند علماء المذاهب الإسلامية بأجمعهم ، معتمدين في ذلك على آية( فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ) (١) ، حتّى أن بعضهم قد قرأها بالشكل التالي :( فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ إلى أجل مسمّى ) (٢) ، وهذا صريح في إرادة الزواج المؤقت.

وعلى أيّ حال ، فالكُلّ متّفقون على إباحة المتعة بالكتاب والسنّة(٣) .

__________________

١ ـ النساء : ٢٤.

٢ ـ المستدرك ٢ / ٣٠٥ ، السنن الكبرى للبيهقي ٧ / ٢٠٦ ، المعجم الكبير ١٠ / ٣٢٠ ، الاستذكار ٥ / ٥٠٥ ، التمهيد ١٠ / ١١٣ ، جامع البيان ٥ / ١٨ ، معاني القرآن ٢ / ٦١ ، أحكام القرآن للجصّاص ، الكشف والبيان ٣ / ٢٨٦ ، معالم التنزيل ١ / ٤١٤ ، الجامع لأحكام القرآن ٥ / ١٣٠ ، تفسير البحر المحيط ٣ / ٢٢٥ ، تفسير القرآن العظيم ١ / ٤٨٦ ، الدرّ المنثور ٢ / ١٤٠.

٣ ـ أُنظر : جامع البيان ٥ / ١٨ ، الجامع لأحكام القرآن ٥ / ١٣٠ ، الدرّ المنثور ٢ / ١٤٠ ، تفسير القرآن العظيم ١ / ٤٨٦.

٢٣٠

ثمّ إنّ المخالفين للجواز يدّعون ورود النسخ لهذه الآية بآيات أظهرها من حيث الدلالة هي :( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ ) (١) بتوهّم حصر الزواج الشرعي في الدائم ، وملك اليمين ، ولكن من الواضح أنّ هذه الآية مكّية ، وآية المتعة مدنية ، ولا يعقل تقدّم الناسخ على المنسوخ ، على أنّ الآية المذكورة لا تنفي مشروعية المتعة ، إذ أنّها زواج شرعي ـ استناداً إلى الأدلّة التي ذكرناها ـ فتدخل ضمن( أَزْوَاجِهِمْ ) في الآية.

وأيضاً قد اعتمدوا في إثبات الناسخ بروايات وأحاديث قد يوهم بعضها النسخ ، ولكن يردّه ـ مع غضّ النظر عن أسانيدها ـ بأنّها مختلفة فيما بينها في محلّ ورود النسخ ، حتّى أُشير إلى ستّة مواطن : خيبر ، عمرة القضاء ، عام الفتح ، أوطاس ، تبوك ، حجّة الوداع ، حنين(٢) ، ممّا يوجب الاضطراب في مفادها ومضامينها ، ومن ثمّ عدم الركون إليها ، خصوصاً أنّها أخبار آحاد ، لا تصلح لنسخ الكتاب ـ على مبناهم ـ.

ومع التنزّل فإنّ هذه الأخبار متعارضة مع الأحاديث الدالّة على الجواز ، والتي هي صحاح تصل إلى حدّ الاستفاضة ، فإن قلنا بتساقط الطرفين في المعارضة ، أو ترجيح طرف الجواز لموافقتها لآية المتعة ـ كما هو المقرّر في علم الأُصول في حلّ التعارض بين الأخبار ـ تثبت نظرية الشيعة في التمسّك بالجواز في المقام.

وهنا لابأس أن نشير بورود بعض الروايات التي تدلّ بصراحة على أنّ المنع لم يشرّع في عهد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بل أنّه كان باجتهاد خاصّ من قبل عمر!(٣) حتّى أنّ بعضهم صرّح بأنّ عمر أسند النهي والمنع عن المتعة إلى نفسه ، لا إلى تشريع الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله (٤) .

__________________

١ ـ المؤمنون : ٥ ـ ٦ ، المعارج : ٢٩ ـ ٣٠.

٢ ـ فتح الباري ٩ / ١٣٨.

٣ ـ فتح الباري ٣ / ٣٣٩ و ٩ / ١٤١ ، كنز العمّال ١٦ / ٥٢٣ ، جامع البيان ٥ / ١٩ ، الدرّ المنثور ٢ / ١٤٠ ، مسند أحمد ٣ / ٣٨٠.

٤ ـ شرح تجريد العقائد : ٣٧٤.

٢٣١

( محمود أحمد عباس ـ العراق )

النهي عنها محمول على التقية :

س : وجدت حديثاً في كتاب وسائل الشيعة عن المتعة ، والحديث يقول : عن الحسين بن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي ، عن آبائه عن علي عليه‌السلام قال : « حرّم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم خيبر لحوم الحمر الأهلية ونكاح المتعة » (١) ، فهذا الحديث يدلّ على أنّ النبيّ قد حرّم المتعة؟

ج : عند مراجعة سند الحديث نجد فيه : الحسين بن علوان : لم ينصّ على توثيقه ، بعكس أخيه ، ونسبه البعض إلى العامّة أو الزيدية ، وهو إلى الزيدية أقرب ، بدلالة من يروي عنهم.

وعمرو بن خالد : نُسب إلى العامّية ، وذكروا أنّه بتري زيدي ، بل من رؤسائهم ، وهو الأقرب(٢) .

وعلّق على الحديث الحرّ العاملي في الوسائل : حمله الشيخ وغيره على التقية ـ يعني في الرواية ـ لأنّ إباحة المتعة من ضروريات مذهب الإمامية.

فهذه الرواية لا تنهض حجّة على تحريم المتعة ، وذلك : لما مرّ آنفاً ما في سندها من وهن ، مع معارضتها لظاهر القرآن ، والروايات الصحيحة الكثيرة في حلّية المتعة ، وبعدها فهي محمولة على التقية.

( عبد السلام ـ المغرب ـ )

التمتّع بملك اليمين :

س : الإخوة الأفاضل القائمين على هذا الموقع : حكم التمتّع بالأمة ملك اليمين؟ هل لازال هذا الحكم قائماً؟ وجزاكم الله خيراً.

__________________

١ ـ وسائل الشيعة ٢١ / ١٢.

٢ ـ أُنظر : منتهى المطلب ٤ / ٢٥٥ ، رجال الطوسي : ١٤٢ ، رجال ابن داود : ٢٦٤ ، نقد الرجال ٣ / ٣٣١ ، طرائف المقال ٢ / ٣٣ ، معجم رجال الحديث ١٤ / ١٠٢ ، وغيرها.

٢٣٢

ج : ملك اليمين والعبيد والإماء في عصرنا الحاضر ليس لهم وجود ، وفي زمان وجودهم كُلّ من كان يملك أمة فيحقّ له أن يتمتّع بها بملكها ، وهذا ممّا لا خلاف فيه بين جميع المسلمين.

( محمّد ـ السعودية ـ ١٦ سنة ـ طالب ثانوية )

تكره مع المشهورة بالزنا :

س : لا أعرف ردّ هذه الشبهة ، فالرجاء المساعدة ـ وجدتها في بعض المنتديات ـ الخميني يجيز التمتّع بالزانية ، يقول في كتابه « تحرير الوسيلة » : مسألة ١٨ : يجوز التمتّع بالزانية على كراهية ، خصوصاً لو كانت من العواهر والمشهورات بالزنا ، وإن فعل فليمنعها من الفجور. تحرير الوسيلة ٢ / ٢٩٢.

ج : هذه الفتوى لم ينفرد بها السيّد الخميني ، بل هي قول الكثير من علمائنا ، بل المشهور جوازه بلا كراهة ما لم تكن مشهورة بالزنا ، فيكون السيّد أشدّ من غيره ، وأكثر احتياطاً بقوله بالكراهة مع وجوب منعها حينئذ من الزنا فلا مؤاخذة عليه.

وأمّا الآية الكريمة :( الزَّانِي لاَ يَنكِحُ إلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) (٢) .

فسوف لن أقول لك راجع التفاسير وكتب الفقه لمذهبك ، وأُنظر الاختلاف في فهمها منذ الرعيل الأوّل من الصحابة ، وثمّ التابعين ، ثمّ المذاهب الفقهية الأربعة وغيرها ، ولكنّني سوف أردّ ردّاً واحداً وبسيطاً وهو : لو كانت الآية على ظاهرها للزم جواز زواج الزاني المسلم من المشركة ، والزانية المسلمة من المشرك ، وهذا لا يقول به مسلم ، وانعقد الإجماع على خلاف ذلك وعدم جوازه ، وبالتالي نقول : أنّ الآية صحيح أنّ ظاهرها يقتضي تحريم الزواج من الزانية ، ولكنّ الظاهر إذا اصطدم بإجماع أو نصّ ـ كما قدّمنا آنفاً ـ فحينئذ لا يكون الظاهر حجّة.

__________________

١ ـ النور : ٣.

٢٣٣

( أحمد ـ الإمارات ـ ١٩ سنة ـ طالب حوزة )

ليست مسألة سائبة لا ضوابط فيها :

س : هذه شبهة وردت في إحدى مواقع الوهّابية في المنتديات ، أرجو الردّ السريع : لو سألت هذا السؤال : هل يجوز لأيّ رجل أن يدخل أيّة أُنثى أيّ مكان ليفعل بها ما يشاء متى شاء ، ثمّ يدعها لينصرف إلى غيرها بمجرّد أن يتبادلا التلفّظ ببضع كلمات عن الثمن والمدّة أو عدد المرّات ، ومتّعتك نفسي وبلا حاجة إلى ولي أو شهود؟ ولا داعي للسؤال عمّا إذا كانت المرأة ذات زوج أو أنّها من الزانيات؟

لجاء الجواب ومن أوثق المصادر : بسمه تعالى يجوز ذلك!! أرجو المساعدة على الردّ على تلك الحثالة الوهّابية ، وشكراً.

ج : إنّ النكاح المنقطع ـ أو زواج المتعة كما يسمّى ـ هو زواج شرعي دلّت عليه النصوص القرآنية والنبوية الشريفة بما لا غبار عليه ، ودعوى نسخه دعوى باطلة لم يرد بها كتاب أو سنّة ، ومن أجل الوقوف التفصيلي على أدلّة هذا الزواج ومشروعيته وضوابطه انصح السائل أو المستشكل بالعودة إلى بعض البحوث المهمّة التي تناولت هذا الزواج بالشرح والتحقيق ككتاب « مسائل فقهية » للسيّد عبد الحسين شرف الدينقدس‌سره .

وكذلك كتاب « المتعة وأثرها في الإصلاح الاجتماعي » للأستاذ توفيق الفكيكي ، ليقف المرء على شروط وضوابط هذا الزواج الشرعي الصحيح ، وأنّه متى تحتاج المرأة إلى إذن وليّها في هذا الزواج ومتى لا تحتاجه ، وأيضاً ليتعرّف على الصفات التي يحثّ الشرع على توفّرها في المرأة المتمتّع بها.

فالمسألة ليست كما يتوهّم البعض أنّها مسألة سائبة لا ضوابط فيها ، كي تكون محلاً للترهات والأقوال الجاهلة ، وبالعودة إلى تلك المصادر وقراءتها بتمعّن وتدبّر يزداد المرء فهماً وعلماً بدينه وأحكام شريعته.

٢٣٤

المسح على الرجلين :

( سارة حسين ـ الكويت ـ )

في قوله( وَأَرْجُلَكُمْ ) ثلاث قراءات :

س : بالنسبة لآية الوضوء الواردة في سورة المائدة ، هل صحيح أنّ ( وَأَرْجُلَكُمْ ) معطوفة على اغسلوا ، حيث أنّ الآية تقول : ( وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ ) (١) ، ولستُ ضالعة بقواعد اللغة العربية ، فهي معطوفة على من؟ أرجو إفادتي بأقرب وقت ممكن ، وجزاكم الله خيراً.

ج : في قوله تعالى :( وَأَرْجُلَكُمْ ) ثلاث قراءات :

القراءة بالرفع ، ووصفت هذه القراءة بالشذوذ ، والوجه بالرفع قالوا : بأنّ الرفع هذا على الابتداء ، وكُلّ مبتدأ يحتاج إلى خبر ، فقال بعضهم : الخبر مغسولة ، يعني : وأرجلكم مغسولة.

قال الآلوسي : « وأمّا قراءة الرفع فلا تصلح للاستدلال للفريقين ، إذ لكُلّ أن يقدّر ما شاء ، ومن هنا قال الزمخشري فيها : إنّها على معنى وأرجلكم مغسولة أو ممسوحة »(٢) .

وأمّا القراءة بالجر ، ووجه هذه القراءة واضح ، لأنّ الواو عاطفة : تعطف الأرجل على الرؤوس ، والرؤوس ممسوحة فتكون الأرجل أيضاً ممسوحة.

__________________

١ ـ المائدة : ٦.

٢ ـ روح المعاني ٣ / ٢٥١.

٢٣٥

وأمّا القراءة بالنصب ، ووجه هذه القراءة واضح ، لأنّ الواو عاطفة على محلّ الجار والمجرور ، يعني : على محلّ كلمة :( بِرُؤُوسِكُمْ ) ، ومحلّ( بِرُؤُوسِكُمْ ) منصوب ، والعطف على المحلّ مذهب مشهور في النحو ، ولا خلاف في هذا على المشهور بين علماء النحو ، فيكون حكم الأرجل المسح كما هو في الرأس ، بناءً على العطف على محلّ( بِرُؤُوسِكُمْ ) .

وتجدون الاعتراف من كبار علماء أهل السنّة على أنّ قراءة الجر والنصب على وجوب المسح دون الغسل(١) .

( محمّد السعيد ـ البحرين ـ )

القرآن صريح في وجوبه :

س : دخلت بعض المنتديات ووجدت بعض هذه الشبهات ، فهل من إجابة وبالدليل؟ الشيعة يمسحون على أرجلهم ولا يغسلونها ، مع أنّه هناك من هو كثير العرق ، والذي رائحة رجله مؤذية

ج : إنّ الأحكام الشرعية توقيفية ، بمعنى أنّ الشارع يحدّدها ، فإذا ثبت حكم ما أنّ الشارع أثبته ، فلا يحقّ لنا إعمال ما تشتهيه أنفسنا ، ولماذا كذا؟ أو هل إذا كان كذا كان كذا.

فالقرآن صريح في وجوب المسح على الرجلين ، لأنّ قوله تعالى :( وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ ) (٢) إذا قرأت بالنصب أو الجرّ فإنّها معطوفة على برؤوسكم ، أو على محلّ برؤوسكم ، فيكون حكم الأرجل المسح ، فالشارع يوجب المسح ، ومن شاء بعد المسح أن يغسل فإنّه ليس من الوضوء ، بل أمر آخر خارج عن الوضوء.

__________________

١ ـ أُنظر : المبسوط للسرخي ١ / ٨ ، المغني لابن قدامة ١ / ١٢٠ ، التفسير الكبير ٤ / ٣٠٥.

٢ ـ المائدة : ٦.

٢٣٦

( عبد الله ـ الكويت ـ ٢٨ سنة ـ خرّيج ثانوية )

معنى الكعب في قوله( إِلَى الْكَعْبَينِ ) :

س : إنّ سؤالي بسيط جدّاً ، وهو عن موضوع مسح الرجلين في الوضوء : إنّي قرأت الكثير من الكتب في هذا المجال من السنّة والشيعة ، وكُلّ له دلائله ، ولكن سؤالي هو : لماذا ذكرت الآية القرآنية( إِلَى الْكَعْبَينِ ) ، ونحن كشيعة لا نصل إلى الكعبين مطلقاً؟

نعم ، نحن نمسح كما في الآية المباركة ، ولكنّنا كما قلت أنّنا لا نصل إلى الكعبين ، وهم ـ أي أهل السنّة ـ يصلون إلى الكعبين ولكنّهم يغسلون ، لماذا توجد كلمة في القرآن ونحن لا نطبّقها ، أعني بذلك كلمة الكعبين؟

أرجو المعذرة ، ولكنّي فعلاً لا أستطيع أن أُجيب أيّ أحد ، وهل هي مجرّد زيادة في القرآن والعياذ بالله؟ عندما يقول لي : إنّ الآية قالت : إلى الكعبين ، فلماذا لا نصل للكعبين؟

ج : إنّ الكعبين لا تعنيان أسفل القدم كما ربما يتوهّمه البعض ، بل المقصود من الكعبين هو قبّة القدم ، أي : أعلاه ، بمعنى : الارتفاع الظاهر فوق القدم ، هذا هو تعريف الكعبين.

ولا يمكن الاعتماد على قول أهل اللغة هنا لتحديد مفهوم الكعبين ، لاختلافهم في تعريفهما ، والرجوع إلى روايات أهل البيتعليهم‌السلام في تحديد مفهوم الكعبين هو الأهم في هذا المقام.

ففي صحيحة أحمد بن محمّد البزنطي عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال : « سألته عن المسح على القدمين كيف هو؟ فوضع كفّه على الأصابع فمسحها إلى الكعبين إلى ظاهر القدم »(١) .

وهذا ظاهر أنّ المراد من الكعبين هو : العظم الناتي من قبّة القدم ، وليس شيئاً آخر ، وذلك بقرينة قولهعليه‌السلام : «إلى الكعبين إلى ظاهر القدم » ، وقوله : «ظاهر القدم » بيان لمعنى الكعبين.

__________________

١ ـ الكافي ٣ / ٣٠ ، الاستبصار ١ / ٦٢.

٢٣٧

وما ورد عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام قال : «ألا أحكي لكم وضوء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله »؟ ثمّ أخذ كفّاً من ماء فصبّها على وجهه ثمّ مسح رأسه وقدميه ، ثمّ وضع يده على ظهر القدم ، ثمّ قال : «هذا هو الكعب » ، وأومأ بيده إلى أسفل العرقوب ، ثمّ قال : «إنّ هذا هو الظنبوب »(١) .

فالظنبوب هو : منتهى العرقوب إلى أسفل ، أي سفل القدم من مؤخّره ، وقد اشتبه على أهل السنّة بأنّ هذا هو الكعب ، لذا فقوله تعالى :( إِلَى الْكَعْبَينِ ) ليس كلاماً زائداً بل حكيماً ، ولا اشتباه فيما التزمه الشيعة من المسح على هذه المنطقة ، فالمسح أوفق في تحديدنا هذا بالكعب.

ولا يصلح الغسل بعد ذلك ، إذ كيف يمكنك غسل هذه المنطقة دون التعدّي إلى ما خلف الكعبين ، لذا فمسح الكعبين هو ما ذهب إليه الشيعة وهو ما ذكرناه لك.

__________________

١ ـ تهذيب الأحكام ١ / ٧٥.

٢٣٨

مصحف فاطمة عليها‌السلام :

( أحمد الخاجة ـ البحرين ـ ١٥ سنة ـ طالب ثانوية )

عند الإمام المهدي :

س : هل ينزل الوحي بعد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ وما صحّة الرواية أنّ الوحي نزل على فاطمة الزهراء عليها‌السلام ، ليوحي لها بمصحف فاطمة؟ وهل مصحف فاطمة لا يزال موجوداً؟ وهل هو نفس المصحف الذي نراه عند بعض الإيرانيين في البقيع ، والذي يكتب عليه مصحف فاطمة؟

ج : وردت أحاديث ـ فيهّن صحاح ـ على وجود مصحف لفاطمةعليها‌السلام ، من إملائها أو إملاء الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وخطّ عليعليه‌السلام ، وفي بعضها أنّ ملكاً أو جبرائيل كان يحدثّها ، ثمّ هي تملي على أمير المؤمنينعليه‌السلام ليخطّه(١) ، ولكن هذا ليس بمعنى نزول الوحي بعد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بل أنّ الوحي هو نزول جبرائيل بالرسالة النبوية ومتطلّباتها.

والحال أنّ المصادر التي أثبتت وجود المصحف المذكور أكّدت في نفس الوقت بعدم علاقته بالتشريع ، بل فيه إخبارات عن التكوين ، وإنباءات عن المستقبل ، وبين المقامين بون شاسع كما ترى.

ثمّ الذي ينبغي أن يقال هو : إنّ هذا المصحف لم يكن موجوداً في متناول أيدينا ، بل هو عند إمام العصر المهديعليه‌السلام ، وعليه لا معنى للظفر عليه عند بعض الشيعة!!

__________________

١ ـ الكافي ١ / ٢٤٠ ، بصائر الدرجات : ١٧٣.

٢٣٩

( عبد الله ـ السعودية )

ليس هو قرآن الشيعة :

س : أُريد أن أعرف هل صحيح أنّ للشيعة قرآناً غير هذا القرآن الموجود في البلاد الإسلامية؟ ويسمّونه بمصحف فاطمة.

ج : لقد أثار مصحف فاطمةعليها‌السلام حفيظة العديد من الكتّاب ، واتخذوا منه وسيلة للطعن والتشنيع على أتباع أهل البيتعليهم‌السلام ، باستغلال اسمه باعتبار أنّه يطلق عليه مصحف ، وجعله باباً لاتهام الشيعة بأنّهم لا يعترفون بالقرآن الموجود بين الدفتين ، والمتداول بين المسلمين قاطبة ، فيوقعون الناس في وهم : بأنّ مصحف فاطمة المذكور هو القرآن الذي يعتقده الشيعة.

وهنا لابدّ من معالجة هذه الشبهة التي أُثيرت حول مصحف فاطمةعليها‌السلام ، والضجّة المفتعلة التي يطلقها هؤلاء الكتّاب ، الذين ينقصهم الاطلاع الكافي والدقّة العلمية إن أحسنّا الظنّ بهم ، أو تنقصهم الأمانة والإنصاف ، فنقول :

أنّ الشيعة تعتقد بأنّ مصحف فاطمةعليها‌السلام ليس قرآناً ، بل القرآن هو ذلك الكتاب المنزل على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والمتداول الآن بين يدي المسلمين.

وأمّا مصحف فاطمةعليها‌السلام فهو مجرّد كتاب كتبه الإمام عليعليه‌السلام ، ذكر فيه أخبار ما كان وما يكون التي نقلتها له فاطمة الزهراءعليها‌السلام ، وليس فيه آية من آيات القرآن الكريم ، كما صرّحت بذلك الروايات الواردة عن أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام ، نذكر منها :

١ ـ عن أبي عبيدة عن الإمام الصادقعليه‌السلام : «إنّ فاطمة مكثت بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خمسة وسبعين يوماً ، وقد كان دخلها حزن شديد على أبيها ، وكان جبرائيل يأتيها فيحسن عزاها على أبيها ، ويطيب نفسها ، ويخبرها عن أبيها ومكانه ، ويخبرها بما يكون بعدها في ذرّيتها ، وكان علي عليه‌السلام يكتب ذلك ، فهذا مصحف فاطمة عليها‌السلام »(١) .

__________________

١ ـ بصائر الدرجات : ١٧٣.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667