موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٥

موسوعة الأسئلة العقائديّة8%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-05-8
الصفحات: 667

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 667 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 296885 / تحميل: 6703
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٥

مؤلف:
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠٥-٨
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

مع انّهم عليهم السلام قد بيّنوا ذلك في أحاديث كثيرة عامّة وخاصّة صريحة
في المعارضة، وقد تقدّم بعضها.

التاسع: أن يكون صلّى الله عليه وآله صلّى في الواقع ركعتين نافلة،
فظنّوها فريضة، فاقتدوا به، فلمّا فرغ قالوا ما قالوا، وظنّوا ما ظنّوا، فلم
يرخص له في إظهار الحال.

ثمّ قام فصلّى ركعتين اُخرى نافلة، وكان ذلك من نافلة الظهر أو غيرها،
فلم يكلّمهم بكنه عقله، لأنّه مأمور بأن يكلّم الناس على قدر عقولهم كما
مضى، ولدفع المفسدة فعل ما فعل، وسجد سجدتين شكراً فظنّوا انّه سها، وأتمّ
صلاته وسجد للسهو.

ونقلها العامّة بناء على اعتقاد أهل النفاق، ورواها الأئمّة عليهم السلام
لملاحظة التقيّة، ولا ينكر من المنافقين مثل هذا الجهل، بل العمد فيها يقتضي
سوء الظن بالنبيّ صلّى الله عليه وآله ووجوب بيان الحقّ عليه صلّى الله عليه
وآله لا ينافي ما قلناه، لأنّه قد يستلزم مفسدة، وقد يعلم عدم قبوله، وليس
ذلك من باب التقيّة، بل يكون مأموراً بما قال وما فعل في أقواله وأفعاله عليه
السلام من هذا القبيل ما لا يعدّ ولا يحصى.

وقد روى الكليني في باب الروضة بسنده عن رسول الله صلّى الله عليه
وآله انّه قال: والله لولا أن يقول الناس إنّ محمداً استعان بقوم فلمّا ظفر بعدوّه
قتلهم، لقدّمت كثيراً من أصحابي فضربت أعناقهم(١) .

وقد روى العامّة والخاصّة عنه صلّى الله عليه وآله انّه قال لعلي عليه

__________________

(١) الكافي ٨: ٣٤٥ ح ٥٤٢، عنه بحار الأنوار ٢٢: ١٤١ ح ١٢٣.

١٦١

السلام: يا علي، والله لولا انّي أخاف أن تقول فيك طوائف من اُمّتي ما قالت
النصارى في المسيح، لقلت فيك اليوم قولاً لا تمرّ بملأ إلاّ أخذوا التراب من
تحت قدميك يتبرّكون به(١) ومثل ذلك كثير جداً.

العاشر: أن تكون الركعتان الأخيرتان لم تكن واجبة على النبيّ صلّى الله
عليه وآله أصلاً، فإنّه هو الّذي زادها وأوجبها على الاُمّة، فأجاز الله له ذلك كما
مرّ، ويحتمل كونها غير واجبة عليه، ويكون ذلك من خواصّه، وإن لم ينقل إلينا
تصريح بذلك، فليس كلّ خواصّه قد نقلت.

وإذا لم تكن الأخيرتان واجبة عليه، فلا يبعد في تركهما عمداً، ثمّ
الإتيان بهما لأجل الحكمة والمصلحة السابقة وغيرها.

الحادي عشر: أن يكون حديث ذي الشمالين لا أصل له، ويكون
من مخترعات العامّة وممّا نسبوه إلى الرسول صلّى الله عليه وآله بغير
أصل، وتكون رواية الأئمّة عليهم السلام له، ونقلهم ايّاه لأجل تعليم
الشيعة الاحتجاج به على العامّة فيما تضمّنه من الأحكام الشريعة الّتي
خالف فيها كثير منهم، والاحتجاج على العامّة بما يعتقدونه حجّة من
أحاديثهم الموضوعة، وأكاذيبهم المخترعة، قد وقع من الأئمة عليهم السلام
ومن خواصّ أصحابهم على وجه الإلتزام(٢) والمعارضة في أحاديث كثيرة
جداً، ولا يأبي هذا الوجه من أحاديث السهو شيء، فقد أشاروا عليهم
السلام لأصحابهم إشارات بمثل ذلك، بل صرّحوا في بعض الروايات،

__________________

(١) الكافي ٨: ٥٧ ح ١٨، تفسير البرهان للبحراني ٤: ١٥٠ - ١٥١، نور الثقلين ٤: ٦٠٩.

(٢) في ج: الإلزام.

١٦٢

فإن كان ذلك بعيداً في بعض أحاديث السهو فلعلّه من باب الرواية
بالمعنى.

واعلم انّي كنت أنكر على بعض علمائنا في كتب الاستدلال أنّهم
يستدلّون على ما يختارونه أوّلاً ببعض الاستنباطات الظنّيّة حتى بالقياس، ثمّ
يقولون ويؤيّده صحيحة زرارة مثلاً، وربّما يستدلّون أوّلاً بما رواه العامّة عن
عائشة وعمر وأبي هريرة وأمثالهم، ثمّ بأحاديث الخاصّة ويوردونها على وجه
التأييد، ومعلوم انّه ينبغي أن يكون الأمر بالعكس، ثمّ تفطّنت انّ فعلهم هذا
لأجل الاحتجاج على العامّة لأنّهم يقولون أقوالهم وأقوال الشيعة، ثمّ يختارون
قولاً ويحتجّون عليه.

ثمّ وجدت للسيّد المرتضىرضي‌الله‌عنه تصريحاً بمثل ذلك في بعض
رسائله، فقال ما ملخّصه: إنّا نستدلّ في الظاهر بطريقة العامّة، وربّما
نستدلّ بأحاديثهم، وإنّما دليلنا في الواقع، ونفس الأمر هو إجماع الطائفة
المحقّة.

أقول: ومراده كما يفهم من مواضع من كلامه بالإجماع هنا أعمّ من
الاجماع على الفتوى بحيث لا يخالف أحد منهم، والإجماع على النقل بأن
يرووا الحديث في بعض الاُصول الأربعة الّتي أجمعوا على صحّتها وثبوتها
عنهم عليهم السلام، وقد سرى الوهم من هنا إلى بعض المتأخّرين فظنّوا إنّ
استدلالهم بتلك الاستنباطات الظنّيّة واقعي تحقيقي، مع أنّ الشيخ في كتاب
العدّة(١) والسيّد المرتضى في مواضع من كلامه وغيرهما من المحقّقين

__________________

(١) عدّة الاُصول ١: ٢٧٦.

١٦٣

يصرّحون بخلافه.

الثاني عشر: أن يكون حديث ذي الشمالين وأحاديث السهو من
المتشابهات التي تعارضها المحكمات، ويكون لها معنى آخر لم نطّلع عليه ولم
يخطر لنا ببال، فإنّ كثيراً من المتشابهات بهذه الصورة، ويجب علينا التوقّف
فيها وردّ أمرها إلى الله وإليهم عليهم السلام، وإنّما نذكر ما نذكر على وجه
الاحتمال وبذل الجهد في ردّ المتشابه إلى المحكم بحسب الإمكان كما أمرنا به
الأئمّة عليهم السلام.

ومن المعلوم أنّه مع وجود المعارضات الكثيرة الّتي تقدّم بعضها،
وأشرنا إلى باقيها، وترتّب المفاسد الكثيرة كما مرّ لا سبيل إلى حمل
أحاديث السهو على ظاهرها، والجزم بإمكان السهو من المعصوم ووقوعه
منه، والتطرّق إلى سوء الظنّ بأقواله وأفعاله، معاذ الله من أن نشكّ
في ذلك.

١٦٤

الفصل الحادي عشر

في الجواب عن استدلال ابن بابويه في الكلام السابق،
وعن أحاديث السهو بالتفصيل

وقد صار ذلك واضحاً، لكنّا نزيده توضيحاً فنقول:

أمّا الخبر الّذي أورده عن سعيد الأعرج فلا يفهم وقوع سهو حقيقي
واقعي من الرسول صلّى الله عليه وآله، بل يظهر منه إنّ تلك الواقعة لم تكن من
قسم السهو الواقع منه، بل هي من الله، وحينئذٍ فهو دالّ على مطلبنا، لا
على مطلبكم، لأن فيه تنزيهاً للرسول عن السهو، ونسبته إلى الله، ومعلوم انّ
وقوع هذا الفعل من الله؛ أمّا أن يكون بطريق الأمر به، أو الجبر عليه( وَمَا كَانَ
رَبُّكَ نَسِيًّا
) (١) .

وعلى كلّ حال لا سهو، وكذلك النوم، بل ذكر لفظ أنام رسوله أوّلاً، ثمّ
لفظ أسهاه ثانياً يدلّ على إنّ الحكم في المقامين واحد، وانّه لا اختيار له في

__________________

(١) سورة مريم: ٦٤.

١٦٥

شيء منهما، ولا فعل فعلاً حقيقيّاً، وهذه قرينة قويّة جداً.

وأمّا نسبة إنكار السهو المذكور إلى الغلاة والمفوّضة، فلا يدلّ
على بطلانه، فقد عرفت أنّه لا يختصّ بهم لذهاب عظماء علماء الإماميّة إليه،
ولعلّ الغلاة والمفوّضة يذكرون وقوع هذه الصورة بالكلّيّة.

أمّا الغلاة فلاعتقادهم أنّه لا يقدر أحد على منع الرسول صلّى الله عليه
وآله والأئمّة عليهم السلام من شيء، ولا يأمرهم أحد بشيء.

وأمّا المفوّضة فبعضهم يقولون: إنّ الله فوض أمر الخلق والرزق إلى النبيّ
والأئمّة عليهم السلام، وبعضهم يقولون: إنّ للعبد قدرة لا يقدر الله أن يسلبه
إيّاها، ولا يمنعه من شيء من أفعاله وحينئذٍ يستقيم الردّ عليهم بهذه الواقعة،
لأنّها على تقدير تسليمها، أمّا أمر من الله، أو جبر منه، وهو ينافي اعتقاد
الفريقين، وإذا حمل على السهو المجازي الظاهري استقام كلام ابن بابويه
أيضاً، وصار النزاع لفظياً في مجرّد التسمية بالسهو، فإنّه لا يظهر من كلامه
تجويز سهو حقيقي أصلاً، وهذا توجيه غير بعيد.

وأمّا الفرق بين العبادة المشتركة والتبليغ الّذي هو عبادة مختصّة، فممّا
لا يوافقه عليه أحد، وأكثر الناس لا يفهمون الفرق، بل كلّ من ثبت عنده سهوه
عليه السلام يتطرّق إلى تجويزه في التبليغ.

وأمّا على التفسير الّذي فسّرنا به كلامه، فيستقيم في ذلك، لأنّ(١) فرض
الجبر على تبليغ الباطل، والأمر به محال قطعاً ظاهر البطلان، مناف للكحمة،
ناقض الغرض.

__________________

(١) في ب: إلى أنّ.

١٦٦

وأمّا قوله: إنّ سهوه من الله، وسهو غيره من الشيطان، فهو يقرّب ما قلناه،
لأن نسبة السهو هنا إلى الله والى الرسول لابدّ فيها من ارتكاب تجويز، بأن
يكون أحدهما فاعلاً حقيقياً، والآخر مجازياً، فإن كان الفاعل الحقيقي هو
الرسول صلّى الله عليه وآله من غير أمر من الله، فلا فرق بين سهونا وسهوه، إلاّ
بأنّ سهوه من نفسه من غير مدخلية الشيطان، وتبطل النسبة إلى الله حينئذٍ لأنّ
معناها على هذا التقدير التخلية والتمكين وعدم المنع، وذلك حاصل في سهونا
أيضاً، فانتفت المزيّة بالكليّة، وبطل الفرق كما لا يخفى، لأنّ ما ذكر غير صالح
للفرق، ولا موجب لنسبة الفعل إلى الله حقيقة، بل يوجب أن يكون النبيّ أسوء
حالاً منّا في السهو، لأنّ لنا عذرين، وله عذر واحد.

وإن كان الفاعل الحقيقي هو الله؛ أمّا بالخبر الخاص على تقدير تسليمه،
أو بالأمر له بما فعله، ففيه تصريح بنفي السهو عن المعصوم، وهو عين المدّعي،
وإنّما نفينا عنه السهو الحقيقي، ولا حرج في إطلاق المجازي، مع انّ
الأولى ترك إطلاقه أيضاً في غير الضرورة، كرواية هذه الأخبار وتأويلها.

هذا ولا يخفى إنّ الحمل على وقوع الأمر يستلزم الإسناد المجازي
أيضاً، ولا تصوّر فيه، وقرينة قول ابن بابويه: إنّ سهوه من الله وسهونا
من الشيطان.

ومعلوم إنّ الشيطان لا يجبر الإنسان على السهو ولا على غيره، بل يأمره
بما يريد ويوسوس إليه به، لكن النسبة إلى الله مع أمره به أقرب من النسبة إليه
مع التخلية بمراتب، وإلاّ جاز إسناد جميع أفعال المعصوم وغيره إلى الله تعالى.

وأمّا ما نقله عن محمد بن الحسن بن الوليد، فقبوله للتوجيه الّذي قلناه،

١٦٧

والمحمل الصحيح الّذي ذكرناه أوضح، وكذلك دليلهما، فتزول المخافة.

وأمّا الكتاب الّذي وعد بتأليفه فلم يصل إلينا، فإن كان صرّح فيه بتجويز
السهو الحقيقي أو وقوعه، بطل حمل كلامه على المحمل الصحيح، ولم يبطل
حمل الأخبار عليه لوجود معارضاتها، وكثرة اجمالاتها(١) .

وأمّا حديث(٢) أبي بكر الحضرمي ففيه مع الإغماض عن سنده أنّه نسب
السهو إلى الرسول صلّى الله عليه وآله، فينافي إجماع الفريقين، لأنّ من جوّز
السهو عليه قال: انّه من الله، فلابد له من تأويله بالحمل على المجاز، أو
الاعتراف ببطلان الفرق الّذي ذكره، والقول بالمساواة بين سهونا وسهوه.

وأمّا حديث الحارث فليس فيه تصريح بالسهو أصلاً، بل ظاهره العمد
لإطلاق اسناد الفعل، وهو يتمّ على جملة من الوجوه السابقة.

وأمّا حديث الحسن بن صدقة ففيه مع ضعف سنده جداً أنّه تضمّن منه
الفعل إلى الرسول صلّى الله عليه وآله من غير تصريح [ بالسهو، ثمّ نسب الفعل
الى إرادة الله من غير تصريح به أيضاً ](٣) ، وظاهر الحال كون الإسنادين
على وجه الحقيقة، وهو لا يتمّ كما مرّ فالأقرب أن يكون الفعل من الرسول
صلّى الله عليه وآله عمداً، والأمر بذلك من الله كما تقدّم.

وحديث سعيد الأعرج قد عرفت حاله، وهذه الرواية أخفّ إشكالاً من
السابقة، ولفظ أسهاه يمكن حمله على الترك من غير بعد بأن يكون أمره به.

__________________

(١) في ب: اجمالاتنا.

(٢) في د: وأحاديث.

(٣) ليس في ب.

١٦٨

وأما حديث جميل فلا تصريح فيه بشيء، وانّما قال: فذكر حديث
ذي الشمالين، ووجهه ما تقدّم في مثله، بل أقرب الوجوه ممّا مضى، ويأتي
ممكن فيه.

وأمّا حديث أبي بصير ففيه مع(١) الاغماض عن سنده، وفساد مذهب
راويه، ومذهب غيره من الرواة انّه لم يصرّح بالسهو ولا فيه إشعار به.

وأمّا حديث سماعة فسنده كذلك، ويستقيم في متنه أكثر ما مرّ من
الوجوه إن لم يكن كلّها، مع أنّ قوله: من حفظ سهوه فأتمّه، ثمّ إيراده حديث
ذي الشمالين يدلّ على انّ رسول الله صلّى الله عليه وآله كان حافظاً لعدد
صلاته وأتمّها، فليس عليه سجدتا السهو وحينئذٍ لم يكن منه سهو حقيقي،
بل هو مجازي بقرينة قوله: حفظ، وقرينة ما تقدّم من المعارضات العقليّة
والنقليّة على انّه ينافي كثيراً من أحاديث السهو الّتي تضمّنت انّه صلّى الله عليه
وآله سجد للسهو، وهذا التناقض يضعف الاحتجاج بها، بل أوّله يناقض
آخره.

والتعليل الّذي تضمّنه قوله: فإنّ الخ، لا يخفى ما فيه من المنافرة
لأوّله، والإجمال والاشكال من امارات التقيّة، وقد تقدّم حديث عبد الله بن
بكير المتضمّن لنفي سجود السهو عنه عليه السلام، وانّه ما سجدهما قط، ولا
يسجدهما فقيه، أي حافظ لعدد صلاته، متيقّظ من الفقه - أي الفهم - أو فقيه
كامل الفقه والعلم - أعني المعصوم كما حمله عليه بعض المحقّقين -.

وأمّا حديث زيد بن علي فهو أضعف سنداً ودلالة لمخالفته للإجماع

__________________

(١) في ب: من.

١٦٩

وشذوذه، وعدم عمل أحد بمضمونه، وعدم موافقته لاعتقاد علي عليه السلام
وأكثر شيعته بل كلّهم، ولاختصاص رواة(١) الزيدية بنقله، ولاشتماله على لفظ
المرغمتين، وانّما سمّيت سجدتا السهو بهما لأنّهما ترغمان أنف الشيطان.

وإذا كان سهوه عليه السلام على تقدير تسليمه من الله لا من الشيطان،
لا يجوز إطلاق هذا اللفظ سلّمنا، لكن؛ من أين ثبت إنّ بعض القوم أصاب،
وإنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله أخطأ؟ بل يجب الجزم بالعكس، وإلاّ لكان
أمير المؤمنين عليه السلام أحقّ باستدراك ذلك من كلّ أحد، فتكون صلاتهم
في الواقع تامّة، والسجود المذكور محمولاً على بعض الوجوه السابقة،
والمرغمتان إرغاماً للمنافقين الّذين أرادوا إبطال صلاته وإعادتها.

وأمّا حديث زيد الشحّام فوجهه ما تقدّم مع ضعف سنده جداً.

وأمّا حديث العزرمي فقد عرفت عبارة الشيخ فيه، وفيها كفاية.

ويزيده وضوحاً: الأوجه السابقة من التقيّة وغيرها، وأقوى من جميع
ذلك، الحمل على كذب المنادي وغلطه، فهو أحقّ بالسهو والغلط، بل الافتراء
وتعمّد الكذب، فلعلّه كان من بعض الأعداء والمنافقين الّذين يريدون تغطية
قبائح المتقدّمين(٢) ، فقد نقلوا ذلك عن الثاني.

وأمّا حديث أبي بصير فليس فيه تصريح بوقوع سهو أصلاً، بل نقله
لذلك بلفظ قيل، يدلّ على عدم صحّته، وإلاّ لحكم به أوّلاً.

وأوضح من ذلك قوله: ما كان عليك لو سكت ولو كان صادقاً لما قال له

__________________

(١) في ب: برواية.

(٢) في هامش ب: الخلفاء الثلاثة الغاصبة للخلافة لعنهم الله. « منه رحمه الله ».

١٧٠

ذلك، لأنّه كان عليه استحقاق العقاب لو كان القول واجباً، وفوت الثواب إن
كان راجحاً، ولا يكاد يتصوّر المساواة والمرجوحية، لأنّه من المعاونة
على البرّ والتقوى، ونصيحة المؤمن للمؤمن.

وأمّا حديث سماعة، فلا إشكال فيه، فليس ذلك بفعل اختياري،
ولو لم يرد(١) التصريح بذلك لمنعناه، أو حملناه على ما قلناه لما
تقدّم من انّه تنام عينيه ولا ينام قلبه، ولكن النادر لا ينافي ذلك النص
لما يأتي.

وأمّا حديث سعيد الأعرج فلا اشكال فيه أيضاً، لأنّه صريح في انّ الله
جبره على ذلك، والزمه به، وجعل نومه غالباً، ولم يقع منه صلّى الله عليه وآله
تقصير ولا شيء، ولا ينافي العصمة، وفيه ردّ على الغلاة والمفوّضة معاً كما مرّ،
وفيه أيضاً اشارة إلى أنّ السهو على تقدير وقوعه كان كذلك، لكن الأقرب
هناك الحمل على الأمر دون الجبر.

وأمّا حديث عبد السلام بن صالح ففيه مع ضعف سنده جداً أنّه لا ينافي
ما قلنا، بل يؤيّده لانّه لم يقل يقع منه سهو، بل قال يقع عليه السهو، فدلّ
على أنّه مجبور أو مأمور.

والظاهر أنّهم كانوا ينكرون وقوع هذه القضيّة بالكلّيّة، ويعدونها محالاً
لاعتقادهم الغلو والتفويض، فلا يجوّزون ذلك على وجه الحقيقة ولا المجاز
ولا الأمر والمنع والإكراه، فورد الردّ عليهم وتكذيبهم، ولا أقل من الاحتمال
المانع من الاستدلال.

__________________

(١) في ج: يروي.

١٧١

وقد ورد في الخصال عن أبي جعفر عليه السلام إنّ أمير المؤمنين عليه
السلام علّم أصحابه في مجلس واحد أربعمائة كلمة ممّا يصلح للمسلم في
دينه ودنياه.

فمن ذلك أنّه قال: إيّاكم والغلو فينا، قولوا إنّا عبيد مربوبون، [ وكذا
قوله: ](١) وقولوا(٢) في فضلنا ما شئتم(٣) .

ويفهم من هذا الحديث: إنّ نفي السهو عن المعصوم ليس من الغلو، وإنّما
الغلو نفي الحقيقي والمجازي معاً لمنافاته للعبودية.

وروى الطبرسي في الاحتجاج في احتجاج الرضا عليه السلام
على الغلاة والمفوّضة قال: لا تتجاوزوا بنا العبودية، ثمّ قولوا فينا ما شئتم، ولن
تبلغوا(٤) .

وأمّا الحديثان الأخيران فقد عرفت الوجه فيهما، والله تعالى أعلم.

__________________

(١) ليس في ج.

(٢) في د: وقوله.

(٣) الخصال: ٦١١ ح١٠، عنه بحار الأنوار ١٠: ٨٩ - ١١٦ ح١، وج٢٥: ٢٧٠ ح١٥، وج٧٠: ٣٦
ح ٣٠، وج ٧٥: ٣٩٥ ح ١١.

(٤) الاحتجاج ٢: ٤٣٨، عنه بحار الأنوار ٢٥: ٢٧٣ ح ٢٠.

وقال العلاّمة المجلسي في البحار ما نصّه: اعلم أن أصل هذا الخبر في غاية الوثاقة والاعتبار على
طريقة القدماء، وإن لم يكن صحيحاً بزعم المتأخّرين، واعتمد عليه الكليني وذكر أكثر أجزائه
متفرقة في أبواب الكافي، وكذا في غيره من أكابر المحدّثين.

١٧٢

الفصل الثاني عشر

في ذكر بعض النظائر والأشباه لأحاديث السهو الّتي يجب
تأويلها، ولا يجوز إبقائها على ظاهرها

وذلك كثير جداً، ولنقتصر من هذا القسم على اثني عشر:

الأوّل: ما رواه الشيخ أبو جعفر ابن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه
في باب ما يصلّى فيه قال:

قال الصادق عليه السلام في قول الله عزّ وجلّ لموسى عليه السلام
( فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ المُقَدَّسِ طُوًى ) (١) قال: كانتا من جلد حمار ميّت(٢) .

وقد روى ابن بابويه في كتاب كمال الدين(٣) والشيخ الطبرسي في كتاب
الاحتجاج(٤) وغيرهما(٥) عن سعد بن عبد الله، عن صاحب الزمان عليه السلام

__________________

(١) سورة طه: ١٢.

(٢) من لا يحضره الفقيه ١: ٢٤٨.

(٣) كمال الدين ٢: ٤٦٠.

(٤) الاحتجاج ٢: ٤٦٣.

(٥) بحار الأنوار ١٣: ٦٥ ح ٤.

١٧٣

ما هو صريح في إنكار هذه الرواية، وإنّ موسى عليه السلام أجلّ قدراً من أن
يجهل ذلك، أو يخفى عليه مثله، وبالغ عليه السلام في ردّها وإبطالها وقال: من
قال ذلك، فقد افترى على موسى واستجهله في نبوّته، ثمّ ذكر انّ معنى:
( فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ ) ؛ أي اخلع من قلبك حبّ أهلك. الحديث.

فانظر إلى أنّهم عليهم السلام تارة كانوا يروون ما يوافق التقيّة، وينقلون
عن الأنبياء خلاف الواقع، لأجل موافقة العامّة، ورعاية المصلحة، ودفع
المفسدة، ويفسّرون القرآن بذلك، لأجل ما ذكر فلا ينكر روايتهم لحديث
السهو، وإن لم يكن واقعاً على وجه الحقيقة لما فيه من الحكم والمصالح
السابقة.

الثاني: ما رواه الشيخ الجليل الثقة علي بن إبراهيم بن هاشم القمّي في
تفسيره من قصة هاروت وماروت نقلاً عن الأئمّة عليهم السلام انّهم رووها كما
يرويها العامّة، والقصّة طويلة موجودة هناك(١) .

وقد أنكرها الامام الحسن العسكري عليه السلام كما رواه رئيس
المحدّثين أبو جعفر بن بابويه في كتاب عيون الأخبار(٢) في باب ما جاء عن
الرضا عليه السلام في هاروت وماروت، قال: حدّثنا محمد بن القاسم المفسّر،
عن يوسف بن محمد بن زياد؛ وعلي بن محمد بن سيّار، عن أبويهما، عن
الحسن بن علي، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام في قوله تعالى:( وَمَا أُنزِلَ
عَلَى المَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ
) (٣) - إلى ان قال: - وكان بعد نوح عليه

__________________

(١) تفسير القمّي ١: ٥٦ - ٥٧.

(٢) عيون أخبار الرضا عليه السلام ١: ٢٦٩.

(٣) سورة البقرة: ١٠٢.

١٧٤

السلام قد كثر السحرة والمموّهون(١) ، فبعث الله ملكين إلى نبي ذلك الزمان
بذكر ما يسحر به السحرة وما يبطل به سحرهم، ويردّ به كيدهم، فتلقّاه النبي
عن الملكين وأدّاه إلى عباد الله بأمر الله، وأمرهم أن يقفوا به على السحر، وأن
يبطلوه، ونهاهم أن يسحروا به الناس، وهذا كما يدلّ على السمّ ما هو [ وعلى ما
يدفع به غائلة السمّ ](٢) ، ثمّ قال عزّ وجلّ:( وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولا إِنَّمَا
نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ
) (٣) .

يعني: إنّ ذلك النبيّ عليه السلام أمر ملكين أن يظهرا للناس بصورة
بشرين، ويعلّماهم ما علّمهم الله من ذلك، وذكر الحديث - إلى أن قال: - يوسف
ابن محمد بن زياد؛ وعلي بن محمد بن سيّار، فقلنا للحسن أبي القاسم(٤) عليه
السلام: فإنّ عندنا قوماً يزعمون إنّ هاروت وماروت ملكان اختارتهما(٥)
الملائكة لما كثر عصيان بني آدم، [ وأنزلهما مع ثالث لهما ](٦) ، وأنّهما افتتنا
بالزهرة، وأراد الزنا بها، وشربا الخمر، وقتلا النفس المحرّمة، وإن الله عزّ وجلّ
يعذّبهما ببابل، وإنّ السحرة منها يتعلّمون السحر، وإنّ الله مسخ تلك المرأة هذا
الكوكب الّذي هو الزهرة.

فقال الإمام عليه السلام: معاذ الله من ذلك، إن ملائكة الله معصومون
محفوظون من الكفر والقبائح بالطاف الله تعالى، قال الله عزّ وجلّ:( لاَّ يَعْصُونَ

____ ______________

(١) في هامش ج: التمويه: التدليس. « منه رحمه الله ».

(٢) من المصدر.

(٣) سورة البقرة: ١٠٢.

(٤) كذا في « ب، ج »، وفي « د » والمصدر: القائم.

(٥) كذا في النسخ، وفي المصدر: اختارهما الله من.

(٦) من المصدر.

١٧٥

اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) (١) .

وقال تعالى:( [وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ](٢) وَمَنْ عِندَهُ - يعني
الملائكة -لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ ) (٣) وذكر آيات اُخر، ثمّ
قال عليه السلام: لو كان كما يقولون، كان الله قد جعل هؤلاء الملائكة خلفاء
على الأرض، وكانوا كالأنبياء في الدنيا أو كالأئمّة، فيكون من الأنبياء والأئمّة
قتل النفس والزنا؟

ثمّ [ قال عليه السلام ](٤) : أو لست تعلم إنّ الله لم يخل الأرض من نبيّ أو
إمام من البشر أوليس الله يقول:( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ [مِن رَّسُولٍ ](٥) ) (٦) يعني إلى
الخلق( إِلاَّ رِجَالاً ) (٧) ، فأخبر انّه لم يبعث الملائكة إلى الأرض ليكونوا أئمّة
وحكّاماً، وإنّما اُرسلوا إلى أنبياء الله. الحديث.

أقول: فظهر انّ رواية علي بن إبراهيم محمولة على التقيّة، وموافقة
للعامّة لدفع الضرر كما يقتضيه الحال، وهو نظير وقريب لحديث السهو.

الثالث: ما رواه ابن بابويه في عيون الأخبار(٨) من جملة الأحاديث
الدالّة على مدح زيد بن علي وأصحابه في باب مفرد، قال: حدّثنا علي بن

__________________

(١) سورة التحريم: ٦.

(٢ و ٥) من المصدر.

(٣) سورة الأنبياء: ١٩.

(٤) ليس في ب.

(٦) سورة الأنبياء: ٢٥، الحج: ٥٢.

(٧) سورة يوسف: ١٠٩،( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِم ) .

(٨) عيون أخبار الرضا عليه السلام ١: ٢٥١.

١٧٦

أحمد بن محمد بن عمران(١) الدقّاق، قال: حدّثنا علي بن الحسين القاضي،
قال: حدّثنا الحسن(٢) بن علي الناصري، عن أحمد بن رشيد، عن عمّه أبي
معمّر [ سعيد ](٣) بن خيثم، عن أخيه معمّر، عن الصادق عليه السلام، عن آبائه،
عن علي عليه السلام قال: يخرج من ولدي رجل يقال له زيد يُقتل بالكوفة،
ويصلب بالكناسة(٤) ، يخرج من قبره حين ينشر، تفتح لروحه أبواب السماء،
ويبتهج به أهل السمارات [ والأرض ](٥) ، تجعل روحه في حوصلة طير أخضر،
ليسرح في الجنّة حيث يشاء.

أقول: هذا محمول على التقيّة في الرواية، كما جوّزناه في أحاديث
السهو.

لما رواه الكليني في باب أرواح المؤمنين عن علي بن إبراهيم، عن أبيه
عن ابن محبوب، عن أبي ولاّد الحنّاط، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت
له: جعلت فداك يروون أرواح المؤمنين في حواصل طيور خضر حول العرش
فقال: لا، المؤمن أكرم على الله من أن يجعل روحه في حوصلة طير، ولكن في
أبدان كأبدانهم(٦) .

وفي الباب المذكور وغيره عدّة أحاديث بهذا المعنى.

الرابع: ما رواه الشيخ في الاستبصار في باب وجوب المسح

__________________

(١) في ج: عمروان. والظاهر انّه تصحيف.

(٢) في ب: الحسين.

(٣) ليس في ب.

(٤) في ج: الكناسية.

(٥) من المصدر.

(٦) الكافي ٣: ٢٤٤ ح ١ و ٢٤٥ ح ٦ و ٧.

١٧٧

على الرجلين، بإسناده عن محمد بن الحسن الصفّار، عن عبد الله بن منبّه، عن
الحسين بن علوان، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي
عليه السلام، قال: جلست أتوضّأ فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله:
تمضمض واستنشق واستن(١) ثمّ غسلت وجهي ثلاثاً، فقال: يا علي، قد
تجزيك [ من ذلك ](٢) المرّتان، قال: فغسلت ذراعي، ومسحت برأسي مرّتين،
فقال: قد يجزيك من ذلك المرّة، وغسلت قدمي، فقال لي: يا علي، خلّل بين
الأصابع لا تخلّل بالنار(٣) .

قال الشيخ: هذا خبر موافق للعامّة، وقد ورد مورد التقيّة، لانّ المعلوم
الذي لا يتخالج فيه الشكّ من مذاهب أئمّتنا عليهم السلام القول بالمسح
على الرجلين، وذلك أشهر من أن يدخل فيه شكّ أو ارتياب. انتهى.

أقول: فانظر إلى انّه حمله على التقيّة مع عدم جوازها على الرسول
صلّى الله عليه وآله عند الشيخ، لا عند غيره من الشيعة إلاّ النادر، ولا عند
أحد من المسلمين، ولا وجه لها إلاّ أن يكون أمير المؤمنين والحسين وعلي بن
الحسين عليهم السلام قد رووا تلك الرواية كما يرويها العامّة للتقيّة، فكذلك
أحاديث السهو من باب التقيّة في الرواية.

الخامس: ما رواه الشيخ أيضاً في الاستبصار في باب أكثر أيّام النفاس
بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن العلاء، عن محمد بن مسلم
قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن النفساء كم تقعد؟

__________________

(١) استن: استنان: استعمال السواك.

(٢) من المصدر.

(٣) الاستبصار ١: ٦٥ ح ٨.

١٧٨

فقال: إنّ أسماء بنت عميس أمرها رسول الله صلّى الله عليه وآله أن
تغتسل لثمان عشر، ولا بأس بان تستظهر ليوم أو يومين(١) .

أقول: ذكر الشيخ لهذا الحديث وأمثاله ثلاثة أوجه من وجوه الجمع بينها
وبين ما عارضها. أحدها: الحمل على ضرب من التقيّة، لأنها موافقة لمذاهب
العامّة. انتهى.

وإذا جاز حمل الحديث الصحيح المنقول من كتب الحسين بن سعيد،
عن الثقات الأثبات، عن محمد بن مسلم الّذي أجمعت الطائفة على تصحيح ما
يصحّ عنه على التقيّة مع عدم جوازها على الرسول صلّى الله عليه وآله
فأحاديث السهو أولى بالحمل على التقيّة لمعارضته الأدلّة العقليّة والنقليّة كما
عرفت.

السادس: ما رواه الشيخ في الاستبصار أيضاً في باب حكم من أصبح
جنباً في شهر رمضان بعد ذكر أحاديث كثيرة في عدم الجواز بإسناده عن
سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين؛ ومحمد بن علي، عن محمد بن
عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حمّاد بن عثمان، عن حبيب
الخثعمي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وآله
يصلّي صلاة الليل في شهر رمضان، ثمّ يجنب، ثمّ يؤخّر الغسل متعمّداً
حتى يطلع الفجر(٢) .

قال الشيخ بعد ذكر حديث آخر مثله: الوجه في هذين الخبرين أن

__________________

(١) الاستبصار ١: ١٥٥ ح ٢.

(٢) الاستبصار ٢: ٩ ح ٣ و ٤، وص ٨٨ ح ٦.

١٧٩

نحملهما على ضرب من التقيّة وعلى ما بيّناه، لانّه(١) رواية العامّة عن
النبيّ صلّى الله عليه وآله، ويحتمل أنّه أخّر الغسل عمداّ لعذر من برد أو
غيره. انتهى.

والكلام فيه كالّذي قبله، بل هذا أوضح في تجويزه وقوع التقيّة
في الرواية ولا يخفى انّه يمكن حمل الفجر على الفجر الأوّل وهو
قريب جدّاً.

السابع: ما رواه أيضاً في الاستبصار في باب تحليل المتعة بعد ذكر
أحاديث كثيرة في الإباحة، بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن أبي
الجوزاء، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي، عن
آبائه، عن على عليه السلام قال: حرّم رسول الله صلّى الله عليه وآله لحوم حمر
الأهلية ونكاح المتعة(٢) .

قال الشيخ: الوجه في هذه الرواية أن نحملها على التقيّة لأنّها موافقة
لمذهب العامّة والأخبار الاُولى موافقة لظاهر الكتاب، وإجماع الطائفة
المحقّة(٣) . انتهى.

وجميع ما قاله متّجه في أحاديث السهو لما عرفت.

الثامن: ما رواه أيضاً في الاستبصار في باب حكم لحم الحمار الأهلية

__________________

(١) كذا في النسخ، وفي المصدر: لأنّ ذلك.

(٢) الاستبصار ٣: ١٢٤ ح ٥.

(٣) في هامش ج: العجب انّ الشيخ زين الدين في شرح اللمعة ذكر أنّ أخبارنا دالّة على اباحة المتعة
ولا معارض لها أصلاً وتعجّب من ذلك. وفيه غفلة عن هذا المعارض وغيره. « منه رحمه الله ».

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

( ميكائيل ـ ـ )

رواية ضرب موسى لملك الموت ضعيفة :

س : بارك الله جهودكم الطيّبة ، ووفّقكم لنصرة أهل بيت النبوّة ومعدن الرسالة ، أمّا بعد ، لدي سؤال أرجو أن أحصل على الإجابة الشافية منكم عليه :

هل صحيح أنّ رواية ضرب النبيّ موسىعليه‌السلام لملك الموت حتّى فقأ عينه صحيحة عند علماء الشيعة؟ حسب ما ذكر لي أحد المناقشين من أهل السنّة في المصادر التالي : لئالى الأخبار ، الأنوار النعمانية ، المحجّة البيضاء ، البرهان ، بحار الأنوار ، وفّقكم الله لما يحبّه ويرضاه.

ج : كُلّ الأحاديث المذكورة هي أحاديث ضعيفة غير معتمدة ، منقولة من كتب متأخّرة ، أُلّفت بعد القرن العاشر الهجري ، وكما تعلمون : فإنّ وجود رواية في مصادر الحديث عند الشيعة لا يعني أن تكون صحيحة ويجب العمل بها ، فكيف وأن ما ذكر موجود في مصادر متأخّرة ، وفي بعضها كالمحجّة البيضاء فإنّها منقولة عن مصادر أهل السنّة ، وعلى المدّعي أنّ الشيعة تعمل بهذه الروايات وتعتقد بها إثبات هذا المدّعى بالدليل ، ووفقاً على مباني الشيعة.

( مريم ساجواني ـ الإمارات ـ )

حكمة ذكر النبيّ موسى أكثر من غيره :

س : ما الحكمة من ذكر قصّة نبي الله موسى عليه‌السلام في القرآن الكريم أكثر من باقي الأنبياء عليهم‌السلام ؟

ج : يمكن أن يقال : أنّ الحكمة في ذكر قصّة موسىعليه‌السلام في القرآن الكريم أكثر من باقي الأنبياء ، وذلك لما في عهد موسىعليه‌السلام من قضايا كثيرة تكون عبراً ودروساً ، ولكون قومه اليهود الذين أتمّ الله عليهم الحجّة أبوا إلاّ عتواً واستكباراً ، ومراحل التدرّج مع اليهود ومحاولات الهداية لهم ، فكانت نبوّة موسىعليه‌السلام مليئة بالحوادث والإثارات التي يمكن أن يستلهم منها الكثير من الدروس.

٣٠١

( مهند ـ البحرين ـ )

نوح الأب الثاني للبشرية :

س : لماذا لقّب نبي الله نوح عليه‌السلام بأنّه ثاني أب للبشرية بعد آدم عليه‌السلام ؟ ألم يكن في السفينة معه بشر غيره؟ وألف سلام لكم وتحية.

ج : يستفاد من الآية :( وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمْ الْبَاقِينَ ) (١) ، أنّ البشرية بعد نوحعليه‌السلام تكوّنت من نسله ، وأنّ الآخرين الموجودين في السفينة قد انقرضوا فيما بعد ، ولكن توجد رواية في تفسير القمّي لهذه الآية : بأنّ ولد آدمعليه‌السلام بالعموم لم يكونوا من ولد نوح بعد الطوفان(٢) ، بل أنّ الآية بصدد حصر المؤمنين من ولد آدمعليه‌السلام في عقب نوحعليه‌السلام .

وممّا ذكرنا يظهر أن لقب الأب الثاني للبشرية ، لا يمكن التأكّد عليه إلاّ من باب المجاز والتوسّع في الكلمة ، وعلى أيّ حال فالأمر سهل ، كما لا يخفى على المتأمّل.

( أحمد عيسى ـ البحرين ـ ٢٢ سنة ـ خرّيج معهد )

حكمة منع آدم الأكل من الشجرة :

س : أوّلاً نشكركم على فكرة طرح الأسئلة ، سؤالي هو : ما هي الحكمة من منع الله تعالى آدم عليه‌السلام من الأكل من تلك الشجرة؟

ج : الآيات القرآنية في آدمعليه‌السلام ، وفي هذا الموضوع بالذات ، تشير إلى وجود نوع من اختبار خاصّ ، وفتنة من نوع خاصّ مغاير للاختبار والفتنة الدنيوية ، وفيه إشارة إلى ما ستؤول إليه البشرية من بعد آدم ، وما ستبتلي به من الامتحان والاختبار.

__________________

١ ـ الصافات : ٧٧.

٢ ـ تفسير القمّي ٢ / ٢٢٣.

٣٠٢

قال تعالى :( يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ ) (١) .

وقال تعالى :( فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى * إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تَعْرَى * وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَأُ فِيهَا وَلاَ تَضْحَى * فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَى * فَأَكَلاَ مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى * ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى * قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى ) (٢) .

حيث تشاهد بوضوح مسألة الامتحان ووسوسة الشيطان والاختبار ، وفي آخر الآيات ينجرّ الامتحان ليشمل الجميع من ذرّيته وولده.

هذا كُلّه أن استطعنا أن نتوصّل إلى حكمة وعلّة هذا المنع من أكل الشجرة ، الذي يعود إلى الامتحان والاختبار ، وإلاّ فإنّه ربما لم نتوصّل إلى سبب وحكمة بعض الأعمال ، وليس من الواجب أن يتّضح سبب وحكمة كُلّ الأعمال.

( أبو أحمد الموسوي ـ بريطانيا ـ ٣٧ سنة ـ مهندس كيمياء )

أجساد المعصومين لا تبلى :

س : ورد في سيرة مولانا أبي محمّد الحسن العسكري عليه‌السلام ، قصّة الراهب النصراني ، والاستسقاء متوسّلاً بعظم لأحد الأنبياء عليهم‌السلام ، فكيف يتّفق هذا مع المشهور من أنّ الأجساد الشريفة للأنبياء والأئمّة عليهم‌السلام ، وكذا الشهداء

__________________

١ ـ الأعراف : ٢٧.

٢ ـ طه : ١١٧ ـ ١٢٦.

٣٠٣

والصالحين لا تبلى ، ولا ينتابها الفناء كرامة لهم؟ أفيدونا غفر الله لكم.

ج : هذه القصّة وردت في جُلّ الكتب التي دوّنت في مجال الحديث والسيرة(١) ، ممّا يبعث الاطمئان في النفس بحدوثها ؛ وفي نفس الوقت لا معارضة بينها وبين الاعتقاد بعدم فناء أجساد الأنبياء والأولياءعليهم‌السلام ، إذ بناءً على هذه الرواية فإنّ رجلاً أخذ عظماً من عظام النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلا يبعد أن يكون اقتطعه وفصله عن جسده الشريف ، وليس في الحديث إشارة إلى تفسّخ الجسد ، وانفصال العظام وتجزئتها.

( أحمد جعفر ـ البحرين ـ ١٩ سنة ـ طالب جامعة )

الحجّة ما بين عيسى ومحمّد :

س : من اعتقاداتنا الأساسية نحن الشيعة : أنّ الأرض لا تخلو من حجّة ، لكن من زمن عيسى عليه‌السلام إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، هل كانت الأرض من دون حجّة؟ أو كان هناك أنبياء موجودين؟

ج : إنّ عقيدتنا بأنّ الأرض لا تخلو من الحجّة ممّا لا شبهة فيه عقلاً ونقلاً ، والأدلّة الواضحة هي قائمة على هذا المدّعى ، كما لا يخفى على المتتبع في هذا المجال ، ولكن لا نعتقد أنّ هؤلاء الحجج كانوا كُلّهم أنبياء ، بل أنّ بعضهم كانوا أوصياء.

وأمّا في الفترة ما بين عيسىعليه‌السلام والنبيّ محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله فقد تشير بعض الروايات إلى وجود بعض الأوصياء بل وحتّى الأنبياء ، فمثلاً ينقل الشيخ الصدوققدس‌سره أنّ بين نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله وبين عيسىعليه‌السلام أنبياء وأئمّة مستورون خائفون ، منهم خالد بن سنان العبسي ، نبي لا يدفعه دافع ولا ينكره منكر ، وكان بين مبعثه ومبعث نبيّنا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله خمسون سنة(٢) .

__________________

١ ـ أُنظر : الثاقب في المناقب : ٥٧٥ ، الخرائج والجرائح ١ / ٤٤٢ ، كشف الغمّة ٣ / ٢٢٥ ، بحار الأنوار ٥٠ / ٢٧١.

٢ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٦٥٩.

٣٠٤

ويؤيّده ما ورد في كتب أهل السنّة بوجود أربعة من الأنبياء في هذه الفترة ، منهم خالد المذكور(١) ، وقد ورد في بعض الآثار : أنّ أبا طالب كان من الأوصياء في هذه الفترة(٢) .

( جمال أحمد ـ البحرين ـ )

الفرق بين النبيّ والرسول :

س : هل يوجد فرق جوهري بين النبيّ والرسول؟ أم أنّ النبيّ هو ذاته الرسول؟ الرجاء التفصيل مع ذكر الأمثلة.

ج : أختلف العلماء في تعريف النبيّ والرسول ، وبيان الفرق بينهما ، ولكن الحقّ أنّ الرسول أعلى رتبةً من النبيّ ، إذ هو يحمل رسالةً إلى من بعث إليه ، وأمّا النبيّ فلا يتحمّل هداية الآخرين.

نعم الاثنان متّفقان في مسألة نزول الوحي إليهما ، ولكن النبيّ يأتيه الوحي في المنام ، والرسول يرى جبرائيل ، ويتلقّى الوحي معاينةً ومشافهةً(٣) .

وبالجملة : فالأمر سهل ، إذ قد تجتمع لبعضهم الرتبتان معاً ، كنبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله وإبراهيمعليه‌السلام ، ومن جانب قد يستعمل كثيراً التعبير بأحدهما مكان الآخر مسامحةً وعنايةً.

( زكريا عباس راضي ـ البحرين ـ )

يأجوج ومأجوج :

س : أودّ أن أسألكم ، هل هناك موضوع يحكي عن يأجوج ومأجوج في موقعكم ، فقد بحثت فيه ولم أجد ، وشكراً لكم.

__________________

١ ـ التفسير الكبير ٤ / ٣٣٠ ، روح المعاني ١٠ / ٢٩٥ ، السيرة الحلبية ١ / ٣٣.

٢ ـ الكافي ١ / ٤٤٥ ، بحار الأنوار ٣٥ / ٧٣.

٣ ـ الكافي ١ / ١٧٦.

٣٠٥

ج : هناك الكثير من الأخبار الغريبة في وصف يأجوج ومأجوج نحن اعرضنا عنها ، واكتفينا بنقل الأخبار المقبولة نوعاً ما.

فيأجوج ومأجوج أُمّتان ، وهم من أولاد آدم وحوّاء ، وهو قول أكثر العلماء ، ويشهد له قول الإمام الهاديعليه‌السلام : «إنّهم من ولد يافث بن نوح »(١) .

وعن حذيفة قال : سألت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن يأجوج ومأجوج فقال : « يأجوج أُمّة ، ومأجوج أُمّة ، كُلّ أُمّة أربعمائة أُمّة ، لا يموت الرجل منهم حتّى ينظر إلى ألف ذكر من صلبه ، كُلّ قد حمل السلاح »(٢) .

والمروي أنّهم أقوام وحشية غير متمدّنين ، بل يعيشون كالبهائم ، وقد أشار القرآن إلى أنّهم قوم مفسدون في الأرض ، وقيل من فسادهم أنّهم كانوا يخرجون فيقتلون ، ويأكلون لحومهم ودوابهم.

وعن الكلبي : كانوا يخرجون أيّام الربيع ، فلا يدعون شيئاً أخضر إلاّ أكلوه ، ولا يابساً إلاّ احتملوه(٣) .

كما إنّهم يتميّزون عن باقي الأقوام بكثرة العدد ، كما في الخبر عن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله (٤) .

كما وإنّهم من الأقوام الذين يقاتلون عيسى بن مريمعليه‌السلام بعد خروجه ، فيغلبهمعليه‌السلام ويكون ذلك بين يدي الساعة(٥) .

( أميرة ـ البحرين ـ ١٥ سنة ـ طالبة )

علّة تكليم موسى :

س : لماذا النبيّ موسى عليه‌السلام هو الذي كلّمه الله تعالى؟

__________________

١ ـ الكافي ٨ / ٢٢٠.

٢ ـ مجمع البيان ٦ / ٣٨٧.

٣ ـ نفس المصدر السابق.

٤ ـ المصدر السابق ٧ / ١٢٦.

٥ ـ الخصال : ٤٤٧.

٣٠٦

ج : أورد الشيخ الصدوق روايتين عن العلّة التي من أجلها اصطفى الله تعالى موسى لكلامه دون خلقه :

١ ـ عن الإمام الباقرعليه‌السلام قال : «أوحى الله عزّ وجلّ إلى موسى عليه‌السلام : أتدري لما اصطفيتك لكلامي دون خلقي؟ فقال موسى : لا يا ربّ ، فقال : يا موسى إنّي قلّبت عبادي ظهراً لبطن ، فلم أجد فيهم أحداً أذلّ لي منك نفساً ، يا موسى إنّك إذا صلّيت وضعت خدّيك على التراب ».

٢ ـ عن إسحاق بن عمّار قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : «إنّ موسى عليه‌السلام احتبس عنه الوحي أربعين أو ثلاثين صباحاً ، قال : فصعد على جبل بالشام يقال له : أريحا ، فقال : يا ربّ إن كنت حبست عنّي وحيك وكلامك لذنوب بني إسرائيل ، فغفرانك القديم ».

قال : «فأوحى الله عزّ وجلّ إليه : يا موسى بن عمران ، أتدري لم اصطفيتك لوحي وكلامي دون خلقي؟ فقال : لا علم لي يا ربّ ، فقال : يا موسى إنّي أطلعت إلى خلقي إطلاعة ، فلم أجد في خلقي أشدّ تواضعاً لي منك ، فمن ثمّ خصصتك بوحي وكلامي من بين خلقي ».

قال : «وكان موسى عليه‌السلام : إذا صلّى لم ينفتل حتّى يلصق خدّه الأيمن بالأرض والأيسر »(١) .

هذه بعض العلل ، وقد تكون هناك علل أُخرى ، لا يعلمها إلاّ الله والراسخون في العلم ، بالإضافة إلى أنّ مثل هذه الأُمور لا يسأل عنها لقوله تعالى :( لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ) (٢) .

( أبو حيدر ـ عمان ـ ٢٥ سنة ـ بكالوريوس )

اصطفاء الأنبياء :

س : كيف يتمّ اصطفاء واختيار الأنبياء عليهم‌السلام ؟ وفي أيّ مرحلة يتمّ ذلك؟

__________________

١ ـ علل الشرائع ١ / ٥٦.

٢ ـ الأنبياء : ٢٣.

٣٠٧

ج : إنّ الله تعالى ـ ومن منطلق علمه الذاتي والأزلي ـ كان يعلم بأنّ الأنبياءعليهم‌السلام سيصلون بجدّهم وجهدهم في عالم الدنيا إلى المرتبة القصوى بين الممكنات ، بعد إعطائهم الخيار والاختيار من جانب الباري تعالى.

وبعبارة أُخرى : إنّ الله تعالى كان يعلم بوفاء الأنبياءعليهم‌السلام في عالم الوجود بكافّة المتطلّبات التي تؤهّلهم لهذا المنصب الإلهي ، وعليه فأعطاهم تلك المرتبة السامية بسبب علمه المسبق على الإعطاء.

فالنتيجة : إنّ كافّة المواهب المعطاة هي ناتجة ومكافئة على سلوكهم وسيرتهمعليهم‌السلام في الدنيا ، وإن أُعطيت من قبل.

ولا يخفى أنّ هذه النظرية قابلة للتأييد بنصوص روائية ، وعلى سبيل المثال ورد في فقرات من دعاء الندبة هكذا : «اللهم لك الحمد على ما جرى به قضاؤك في أوليائك ، الذين استخلصتهم لنفسك ودينك ، إذ اخترت لهم جزيل ما عندك من النعيم المقيم ، الذي لا زوال له ولا اضمحلال ، بعد أن شرطت عليهم الزهد في درجات هذه الدنيا الدنية ، وزخرفها وزبرجها ، فشرطوا لك ذلك ، وعلمت منهم الوفاء به ، فقبلتهم وقرّبتهم »(١) .

والخلاصة : إنّ الفضائل والميزات التكوينية والتشريعية للأنبياءعليهم‌السلام بأجمعها هي حصيلة الجهود والمتاعب التي تحمّلوها في سبيل نشر الدين والعقيدة ، وتبليغ الوحي وزعامة الأُمّة وغيرها.

( الموالي ـ عمان ـ ٢٤ سنة )

تمنّي مريم لا ينافي التسليم :

س : سؤالي حول السيّدة مريم العذراء عليها‌السلام حين قالت : ( يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا ) (٢) ، كيف نوفّق بين هذا وبين رضاها بقضاء الله وقدره؟

__________________

١ ـ إقبال الأعمال ١ / ٥٠٤.

٢ ـ مريم : ٢٣.

٣٠٨

ج : إنّ مريمعليها‌السلام حينما تمنّت الموت لم تتمنّه رفضاً منها للقضاء الإلهي وإنكاراًً له ، بل كان ذلك منها استحياءً من قومها ، وخوفاً من اتهامهم لها ، إنّه حقّاً موقف عصيب وأمر شديد ، فمريم كانت امرأة معروفة بالعفّة والصلاح والمكانة العالية ، إذا بها فجأة تحمل وتلد من غير زوج ، ماذا تقول لهم؟ وهل يصدّقونها في دعواها؟ أنّه لهذا تمنّت الموت.

وهذا لا يتنافى مع التسليم للقضاء الإلهي ، أنّه تماماً نظير موقف الإمام الحسينعليه‌السلام حينما قال : «صبراً على قضائك ، ولا معبود سواك »(١) ، ولكنّه في نفس الوقت كان قلبه يعتصر ألماً لعياله وأطفاله ، بل ولأهل الكوفة المقاتلين له ، حيث يدخلون النار بسبب قتالهم له ، بل إنّ جدّه الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله الذي هو المصداق البارز للراضي بقضاء الله تعالى ، كان يتألّم لقومه ويحزن من إيذائهم له ، حتّى قال : «ما أُوذي نبيّ مثل ما أُوذيت »(٢) ، إنّه كما لا منافاة بين هذا وذاك في حقّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله والإمام الحسينعليه‌السلام ، وكذلك لا منافاة بينهما في حقّ مريمعليها‌السلام .

__________________

١ ـ ينابيع المودّة ٣ / ٨٢.

٢ ـ مناقب آل أبي طالب ٣ / ٤٢ ، كشف الغمّة ٣ / ٣٤٦.

٣٠٩
٣١٠

النبي محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله :

( عبد الله ـ الكويت ـ ٢٨ سنة ـ خرّيج ثانوية )

وآية عبس وتولّى :

س : فيمن نزلت الآية : ( عَبَسَ وَتَوَلَّى ) ؟

ج : قد ذهب أبناء العامّة في هذه القضية أنّها نزلت في النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، واعتمدوا في ذلك على أحاديث ضعيفة السند ، لأنّها تنتهي إلى من لم يدرك هذه القضية أصلاً ، لأنّه أمّا كان حينها طفلاً ، أو لم يكن ولد(١) .

وورد عن أهل البيتعليهم‌السلام أنّها نزلت في رجل من بني أُمية(٢) ، والقرائن أيضاً تدلّ على أنّها بعيدة عن ساحة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذلك أنّ الآية تصف المعاتب بصفات منها : أنّه يتصدّى للأغنياء لغناهم ، ويتلهّى عن الفقراء لفقرهم ، وهذه الصفات بعيدة عن سجايا نبيّنا الأكرم ، إذ هو الذي وصفه الله بأنّه :( بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ) (٣) .

وقال الله تعالى عن نبيّه في سورة القلم التي نزلت قبل سورة عبس( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) (٤) ، فكيف يصدر عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله هذا الأمر المنافي للأخلاق ،

__________________

١ ـ أُنظر : جامع البيان ٣٠ / ٦٤ ، أسباب نزول الآيات : ٢٩٧ ، الجامع لأحكام القرآن ١٩ / ٢١١ ، تفسير القرآن العظيم ٤ / ٥٠١.

٢ ـ التبيان ١٠ / ٢٦٩ ، مجمع البيان ١٠ / ٢٦٦ ، الأصفى في تفسير القرآن ٢ / ١٤٠٥.

٣ ـ التوبة : ١٢٨.

٤ ـ القلم : ٤.

٣١١

ولقد نزلت آية الإنذار( وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) (١) قبل سورة عبس بسنتين ، فهل نسي الرسول ذلك ، وإذا كان نسي فما الذي يؤمننا من أن لا يكون قد نسي غير ذلك أيضاً؟ وفي قوله تعالى عن الرسول :( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) (٢) .

ومن يتمعّن هذه الآيات يجد أنّها خبر محض ، ولم يُصرّح فيها بالمخبر عنه ، وقوله تعالى :( وَمَا يُدْرِيكَ ) (٣) ليس الخطاب فيها لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإنّما هو التفات من الغيبة إلى الخطاب مع العابس نفسه ، فالآية في ظاهرها لا تدلّ أنّها فيمن نزلت ، وإنّما يفسّرها لنا أهل البيت ـ وهم الثقل الثاني الذي به نعتصم من الضلال ـ فورد عنهم أنّها نزلت في رجل من بني أُمية.

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : «كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا رأى عبد الله بن أُمّ مكتوم قال : مرحباً مرحباً ، لا والله لا يعاتبني الله فيك أبداً »(٤) ، وكان يريد الرسول بذلك التعريض بمن صدر منه ذلك في حقّ ابن أُمّ مكتوم ، كأنّه يقول له : والله أنا لا أعاملك كما عاملك فلان.

فمدلول الآية يكون كالتالي :( عَبَسَ وَتَوَلَّى ) ذلك الرجل من بني أُمية( أَن جَاءهُ الأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيك ) هذا التفات من الغيبة إلى الخطاب مع العابس نفسه( لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى * أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى فَأَنتَ ) أيّها العابس الغني( لَهُ تَصَدَّى ) لأهداف دنيوية( وَمَا عَلَيْك ) أيّها العابس( أَلاَّ يَزَّكَّى ) على يد شخص آخر ممّن هو في المجلس كالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ،( وَأَمَّا مَن جَاءكَ يَسْعَى وَهُوَ يَخْشَى فَأَنتَ ) أيّها العابس( عَنْهُ تَلَهَّى ) لأهداف دنيوية.

__________________

١ ـ الشعراء : ٢١٥.

٢ ـ الأحزاب : ٢١.

٣ ـ عبس : ٣.

٤ ـ مجمع البيان ١٠ / ٢٦٦.

٣١٢

هذا ولكن الأيدي غير الأمينة قد حرّفت هذا الموقف ، لتدافع عن بني أُمية غفلة منها أن ذلك يكون سبب ليتشبّث به المخالفون للإطاحة بمكانة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولكن( يَأْبَى اللهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) (١) .

( رضا يوسف التوبلاني ـ البحرين ـ )

استشهاده مسموماً :

س : ما مدى صحّة ما ينقل من أنّ الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله استشهد مسموماً ، وما المصادر الذي تؤيّد ذلك؟ وهل تتّفقون مع ما قدّمه الكاتب المعاصر نجاح الطائي من تحقيقات تاريخية في اغتيالات الصدر الإسلامي الأوّل؟ دمتم موفّقين لكُلّ خير.

ج : إنّ استشهاد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله مسموماً أورده الشيخ الصدوققدس‌سره ، وعدّه من عقائد الشيعة ، حيث قال : « اعتقادنا في النبيّ أنّه سُمّ في غزوة خيبر ، فما زالت هذه الأكلة تعاوده حتّى قطعت أبهره فمات منها »(٢) ، وقد أخبر النبيّ والأئمّة أنّهم مقتولون ، فمن قال : إنّهم لم يقتلوا فقد كذبهم(٣) .

نعم ، بعض القدماء من علمائنا الأبرار لم تثبت عندهم شهادة النبيّ بالسمّ ، وذلك يعود للاختلاف في المبنى ، حيث أنّ مبناهم في الأحكام والموضوعات لا يتمّ إلاّ بالأخبار المتواترة ، ومن المعلوم : أنّ شهادة النبيّ بالسمّ ، أو العمومات الدالّة على شهادة جميع المعصومين ، لم ترد بها الأخبار المتواترة التي توجب القطع ، بل وردت بها أخبار تورث الظنّ القوي.

قال العلاّمة المجلسي : « مع ورود الأخبار الكثيرة الدالّة عموماً على هذا الأمر ، والأخبار المخصوصة الدالّة على شهادة أكثرهم ، وكيفيتها كما سيأتي في أبواب تواريخ وفاتهمعليهم‌السلام ، لا سبيل إلى الحكم بردّه ، وكونه من

__________________

١ ـ التوبة : ٣٢.

٢ ـ الاعتقادات : ٩٧.

٣ ـ المصدر السابق : ٩٩.

٣١٣

الأرجاف ، نعم ليس فيمن سوى أمير المؤمنين ، وفاطمة والحسن والحسين ، وموسى بن جعفر ، وعلي بن موسىعليهم‌السلام أخبار متواترة توجب القطع بوقوعه ، بل إنّما تورث الظنّ القوي بذلك ، ولم يقم دليل على نفيه ، وقرائن أحوالهم وأحوال مخالفيهم شاهدة بذلك »(١) .

وأمّا سؤالك عن التحقيقات التاريخية في اغتيالات الصدر الأوّل ، فهي أيضاً تبقى في دائرة الاحتمال ، لعدم وجود دليل قطعي على إثباتها أو نفيها.

( خليفة ـ ـ )

لا يتأثّر بالسحر :

س : توجد بعض المذاهب تعتقد بأنّ النبيّ قد سحر في فترة من فترات حياته ، فما رأيكم في هكذا اعتقاد؟ وما ردّكم عليهم؟

ج : جاء في بعض المجامع الحديثية من الفريقين ما يشعر بوقوع السحر(٢) ، ولكنّ الصحيح أنّ السحر لا يؤثّر في نفوس الأنبياء والأئمّةعليهم‌السلام ـ كما عليه المشهور والمحقّقون من علماء الإمامية ـ ويدلّ عليه عقلاً ، بأنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله في فترة السحر ـ على فرض المحال ـ تكون تصرّفاته غير لائقة بالإنسان العادي ، فكيف وهو نبي؟!

وأيضاً يعتبره القرآن من تقوّلات الكفّار والمعاندين في سبيل عدم الرضوخ للحقّ( إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُورًا ) (٣) ، و( فَقَالَ لَهُ فِرْعَونُ إِنِّي لأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا ) (٤) ، و( وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُورًا انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّوا ) (٥) .

__________________

١ ـ بحار الأنوار ٢٧ / ٢١٦.

٢ ـ الخرائج والجرائح ١ / ٣٤ ، طبّ الأئمّة : ١١٣ ، صحيح البخاري ٧ / ٢٩ و ٨٨ و ١٦٤ ، صحيح مسلم ٧ / ١٤ ، سنن ابن ماجة ٢ / ١١٧٣.

٣ ـ الإسراء : ٤٧.

٤ ـ الإسراء : ١٠١.

٥ ـ الفرقان : ٨ ـ ٩.

٣١٤

وعليه فلابدّ من تأويل الأحاديث الواردة في هذا المجال بما لا ينافي المسلّمات ، أو طرحها من الأساس باعتبار ضعف أسانيدها.

وهنا نقطة لابأس بالإشارة إليها وهي : أنّ الروايات الشيعية في هذا الموضوع تدلّ فقط على محاولة بعض اليهود لسحر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وليس فيها دلالة على تأثير ذلك السحر في نفسه الكريمةصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بل وفيها دلالة على صدق نبّوته ، إذ أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله اطّلع على هذا التمويه بإخبار من الله تعالى ، فأمر باستخراج السحر من مكان خاصّ ، فكان كما أخبر هوصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهذه القضية أصبحت تأييداً آخر لنبوّته ورسالته.

وعلى العكس ، فإنّ في روايات أهل السنّة في هذا المجال ما يأباه العقل والنقل ، ويردّه حتّى القرآن ـ كما ذكرنا ـ بالصراحة ، فتأويلها أو رفع اليد عنها أحرى وأجدر من طرح الأدلّة العقلية والنقلية بهذا الشأن.

( يحيى العلوي ـ البحرين ـ )

من اختصاصاته الزواج بأكثر من أربع نساء :

س : إذا كان الزواج بالمرأة الخامسة مع وجود أربع زوجات في ذمّة الرجل يعتبر غير جائز ، فما هو وجه الاستثناء بالنسبة للرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ إذ بلغ عدد زوجاته ـ على أصحّ الروايات ـ تسع زوجات دائمات؟

أليس من الأحرى بالرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يلتزم بالحكم القرآني لعدد الزوجات ، وهو قدوة العالمين؟ هل السبب السياسي للزواجات هو كاف لتسويغ هذا الحكم؟ والحالة الاستثنائية لهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وإن كان هذا هو السبب وغيره من الأسباب الاجتماعية أو النفسية ، أو غيرها من مسوّغات هذه الحالة الاستثنائية ، فلماذا لم ينزل فيها قرآن؟ مع علمنا بحكم الآية( مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ) (١) .

__________________

١ ـ الحشر : ٧.

٣١٥

ج : هناك أحكام شرعية خاصّة برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لمصالح وأسباب وحِكم لا يعلمها إلاّ الله ورسوله ، ومن تلك الأحكام ، له أن يتزوّج أكثر من أربع زوجات بعقد دائم.

وأمّا قضية( مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ) فهي بمعنى أنّ الأحكام الشرعية التي جاء بها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعموم المسلمين ، عليهم أن يتبعوه فيها ويطيعوه ، أمّا الأحكام الشرعية الخاصّة به فليس عليهم شيء.

( أبو قاسم ـ الكويت ـ ٢٨ سنة ـ طالب ثانوية )

ليس له أُخوة :

س : هل الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله عنده إخوة؟ وما أسماؤهم؟ وأتمنّى أن تكون الإجابة سريعة ، والله يعطيكم العافية ، وشكراً على هذا الموقع الممتاز.

ج : لم يكن لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إخوة من النسب.

نعم ، ورد في حديث المؤاخاة الذي رواه جماعة من أعلام السنّة في أنّ علي بن أبي طالبعليه‌السلام أخو رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بل نفسه كما ورد في آية المباهلة(١) .

( زينب ـ بريطانيا ـ )

لا يحتاج إلى اجتهاد :

س : عفواً أطرح على حضرتكم هذا السؤال : نحن الشيعة نقول بعدم وقوع الاجتهاد من النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلماذا لم يقع الاجتهاد منه صلى‌الله‌عليه‌وآله مع أنّه معصوم ، والمعصوم لا يخطأ؟

ج : إنّ المراد من الاجتهاد الممنوع وقوعه من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله هو العمل بالظنّ في الأحكام الشرعية ، وبما أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله متّصل بالوحي وعنده العلم التام بالأحكام الواقعية ، فحينئذ لا يحتاج إلى اجتهاد وإلى عمل بالظنّ.

__________________

١ ـ آل عمران : ٦١.

٣١٦

( تيما ـ الكويت ـ )

ابنته الوحيدة فاطمة :

س : هل صحيح أنّ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يكن لديه من البنات إلاّ السيّدة فاطمة الزهراء عليها‌السلام ؟ وأنّ باقي البنات هنّ ربيباته ، وبنات السيّدة خديجة عليها‌السلام ؟

ج : أقوال في عدد بنات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والقول الحقّ هو ما عليه شيعة أهل البيتعليهم‌السلام تبعاً لأئمّتهمعليهم‌السلام ، وأهل البيت أدرى بما فيه.

وقولهم هو : لم يكن لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بنتاً غير فاطمة الزهراءعليها‌السلام ، وأمّا رقية وزينب فهما ابنتي هالة أُخت خديجة ، حيث تكفّلهما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد وفاة هالة وهما طفلتان ، وليستا هما بنات خديجةعليها‌السلام ، لأنّ خديجة تزوّجت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهي عذراء ، ولم تلد له من البنات إلاّ فاطمةعليها‌السلام (١) .

( أُمّ البنين ـ السعودية ـ )

تعقيب على الجواب السابق :

قالت فاطمة الزهراء عليها‌السلام في خطبتها الشهيرة أمام الغاصبين : «فإن تعزوه وتعرفوه تجدوه أبي دون آبائكم وأنا ابنته دون نسائكم »(٢) .

وهذا دليل على أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يكن له بنات غيرها عليها‌السلام ، ودليل على أنّ عمر لم يتزوّج بنات رسول الله ، وشكراً .

( رملة السيّد مصطفى ـ البحرين ـ ١٩ سنة ـ طالبة جامعة )

على الأكثر مات مسموماً :

س : أودّ أن أطرح إلى حضرتكم سؤال ، وهو يتعلّق بنبي الرحمة النبيّ محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله باختلاف وتعدّد الروايات ، بعضها تقول : إنّ النبيّ مات مسموماً من

__________________

١ ـ أُنظر : الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم ٢ / ١٢١.

٢ ـ الطرائف : ٢٦٤.

٣١٧

امرأة يهودية ، وبعضها تقول : موته طبيعي ، وسؤالي : ما هو سبب موت النبيّ محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

ج : إنّ بعض الروايات تؤكّد أنّ النبيّ استشهد في أثر السمّ الذي قدّم له بعد غزوة خيبر(١) ، وهذا ممّا يدلّ عليه الدليل النقلي مثل : « ما منّا إلاّ مقتول أو مسموم »(٢) ، وكما عليه الشيخ الصدوققدس‌سره (٣) ، وأكثر علمائنا الأبرار ، وإن كان بعضهم لا يرتضي بهذا القول بنحو الإطلاق ، بل يرى أنّ الشهادة ثابتة في حقّ بعضهمعليهم‌السلام ، لعدم توفّر شرط تواتر الخبر عنده ، وإن كان صحيحاً.

ويؤيّده أيضاً الدليل العقلي بأنّ المعصومعليه‌السلام بما هو عارف بمنافع ومضارّ الأشياء فلا يتناول ضرراً جسيماً على حدّ التهلكة على نفسه ؛ وعليه فلا مناص من الالتزام بأنّ موته لا يكون كالمتعارف بين باقي الناس ، بل هو نتيجة مؤامرة تحاك عليه فتنجرّ إلى استشهاده.

ثمّ إنّ هناك اختلاف في منشأ السمّ ، فالمعروف أنّه من امرأة يهودية ، ولكن بعض الروايات الخاصّة لا توافق هذا الرأي ، بل ترى أنّ عملية دسّ السم كانت من عمل الآخرين ، ممّن لم تكن مصلحة في إظهار أساميهم لعلاقاتهم الوثيقة بالحكم السائد بعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله (٤) .

ولا يبعد أن تشير قصّة اللدود إلى هذا المطلب ، فإنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بعدما نهى أن يلدوه في مرضه ، أفاق وعلم بلدودهم فاعترض عليهم ، وأمر أن يلد كُلّ من كان في البيت من الرجال والنساء!!(٥) ، وهذا يثير التساؤل ، فهل كان

__________________

١ ـ الخرائج والجرائح ١ / ٣٤ ، طب الأئمّة : ١١٣ ، صحيح البخاري ٧ / ٢٩ و ٨٨ و ١٦٤ ، صحيح مسلم ٧ / ١٤ ، سنن ابن ماجة ٢ / ١١٧٣.

٢ ـ كفاية الأثر : ١٦٢.

٣ ـ الاعتقادات : ٩٩.

٤ ـ بحار الأنوار ٢٨ / ٢٠ و ٣١ / ٦٤١ ، تفسير العيّاشي ١ / ٢٠٠.

٥ ـ صحيح البخاري ٨ / ٤٢ ، صحيح مسلم ٧ / ٢٤ ، السنن الكبرى للنسائي ٤ / ٣٧٤ ، صحيح ابن حبّان ١٤ / ٥٥٤ ، تاريخ الأُمم والملوك ٢ / ٤٣٧ ، البداية والنهاية ٥ / ٢٤٦ ، مسند أحمد ٦ / ٥٣ و ١١٨.

٣١٨

النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله على علم مسبق من الموضوع؟ وشكّ في مؤامرة داخل بيته ، فأمرهم بتناول اللدود ، أم ماذا؟! والله أعلم بحقائق الأُمور.

( هناء علي ـ البحرين ـ ١٩ سنة ـ طالبة جامعة )

تعليق على الجواب السابق وجوابه :

س : أُريد أن أعرف ماذا قصدتم من اللدود؟ وبأنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله أمر بأن يلد كُلّ من كان في البيت من الرجال والنساء.

ج : إنّ المقصود من اللدود هو نوع من الدواء ـ عجينة مُرّة ـ يُعطى لمن أُصيب بداء ذات الجنب.

والنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا أحسّ بأنّه أُعطي هذا الدواء ، أمر بأن يُعطى لكُلّ من كان في البيت من الرجال والنساء.

( ريما الجزيري ـ البحرين ـ )

أزواجه وسبب زواجه منهنّ :

س : يقولون لنا : إنّ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمّة عليهم‌السلام كانوا يتزوّجون في الحروب ، فأنا أُريد أن أعرف لماذا كانوا يفعلون ذلك؟ مع العلم أنّ البعض يقول : أنّهم لا يستغنون عن الزوجات ، وكيف ذلك وهم قد ارتقوا إلى مرحلة أعلى من الملائكة؟! ولكم جزيل الشكر.

ج : قد قصد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بزواجه ـ في بعض الحالات ـ مصاهرة من تقوى بهم شوكته ويشتدّ بهم أزره ، وقصد في حالات أُخرى منح عطفه وحنانه ورعايته لبعض الأرامل والمنكوبات ، ممّن ترمّلن أو نكبن بسبب الإسلام وحروبه.

وإليك قائمة بزوجات النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله :

١ ـ خديجةعليها‌السلام : تزوّج بها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وهي في الأربعين من العمر ، والنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يعيش الخامسة والعشرين من حياته ، معرفة منهصلى‌الله‌عليه‌وآله بها ، فأصبحت المؤمنة الأُولى برسالتهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٣١٩

٢ ـ سودة بنت زمعة : أرملة توفّي زوجها المسلم في مكّة قبل الهجرة ، فخلّفها محنتي الوحدة والترمّل في تلك الظروف العصيبة ، فتزوّجها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله تقديراً لها ولزوجها ، وحفظاً عليها.

٣ ـ عائشة بنت أبي بكر : تزوّجها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وهي صغيرة السن , لمصالح يعرفها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تخدم الاسلام والمسلمين.

٤ ـ حفصة بنت عمر : مات زوجها متأثّراً بجراحات غزوة بدر ، واستدعى أبوها زواجها من عثمان وأبي بكر فأبيا ، فتزوّجها الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله (١) تقديراً لمواقف زوجها ، ولنفس المصالح التي كانت في زواج عائشة.

٥ ـ زينب بنت خزيمة : تزوّجت قبل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله مرّتين ، واستشهد زوجها الثاني يوم بدر ، فتزوّجها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله تكريماً لها وتقديراً له ؛ ولم تمكث في دار النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله سوى ثمانية أشهر حتّى ماتت.

٦ ـ أُمّ سلمة : استشهد زوجها أثر جراحات غزوة أُحد فيما بعد ، وخلّف أولاداً له منها ، فتزوّجها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله تكريماً لزوجها وإشفاقاً عليها ورعايةً لأطفالها ، مضافاً إلى أنّ زوجها الشهيد كان ابن عمّة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٧ ـ زينب بنت جحش : ابنة عمّة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، طلّقها زيد بن حارثة بعد أن كان قد زوجّه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بها ، فتزوّجها الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لأنّ زيد كان في الماضي قد تبنّاه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعرف بزيد بن محمّد إلى أن نزلت الآية( ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللهِ ) (٢) فنسب إلى أبيه الحقيقي حارثة ، فأراد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من زواجه هذا أن يظهر الحكم الشرعي في جواز الزواج مع مطلّقة الابن غير الحقيقي.

٨ ـ جويرية بنت الحارث : أُسرت وهي بنت سيّد بني المصطلق ، وعلى أثر زواج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بها بادر المسلمون بإطلاق سراح كُلّ أسرى هذه القبيلة ، باعتبارهم أصهار الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله .

__________________

١ ـ مسند أحمد ٢ / ٢٧ ، الطبقات الكبرى ٨ / ٨١.

٢ ـ الأحزاب : ٥.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667