موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٥

موسوعة الأسئلة العقائديّة11%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-05-8
الصفحات: 667

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 667 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 296864 / تحميل: 6702
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٥

مؤلف:
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠٥-٨
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

الأحاديث

الصفحة

كان رسول الله صلى الله عليه واله إذا رجع من غزاة ١٨

كان رسول الله صلى الله عليه واله إذا سافر آخر عهده ١٩

كنّا مع النبي صلى الله عليه واله ٥٦

كنت أرى رسول الله صلى الله عليه واله يقبّل فاطمة ١٤

لأنّ الله تعالى خلقها من نور عظمته ١٨

لأنّ الله عزّوجلّ فطمها وفطم من أحبّها ١٥

لكلّ نبيّ عصبة ينتمون إليه ٤٦

ما رأيت أحداً أشبه سمتاً ودلاًّ ١٥

ما رأيت أحداً كان أشبه كلاماً وحديثاً ٦

ما رأيت أحداً كان أشبه كلاماً وحديثاً ١٦

ما في الميزان شيىء أثقل من الصلاة ٣١

من ذكرت عنده فلم يصل عليّ ٢٨

من ذكرت عنده فنسي الصلاة ٢٨

من صلّى على محمّد صلى الله عليه واله وآل محمّد عشراً ٣٠

من صلّى عليّ صلّى الله عليه وملائكته ٣٠

من مات على حبّ آل محمّد ٥٣

النبي الذي يرى في منامه ٤٩

٨١

الأحاديث

الصفحة

نحن معاشر الأنبياء لانوّرث ٦١

وكيف لا اُحبّهما وهما ريحانتاي ٥٥

وما لي لا احبّهما ٥٥

هذا ملك من الملائكة إستأذن ربّه ٥٧

هذان إبناك فأنحلهما ٥٥

هذان إبناي من أحبّهما فقد أحبني ٦١

هذان إبناي وإبنا إبنتي ٦١

هذه عرفات فأعرف بها مناسكك ٤٩

يا رسول الله صلى الله عليه واله أي أهلك أحبّ إليك ١٦

يا رسول الله صلى الله عليه واله هذان إبناك فأنحلهما ٥٥

يا رسول الله صلى الله عليه واله هذان إبناك فورّثهما شيئاً ٦٠

يا رسول الله صلى الله عليه واله مالك إذا جاءت فاطمة ١٤

يا فاطمة أما ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين ٧

يا فاطمة إنّ الله عزّوجلّ يغضب لغضبك ٦

* * *

٨٢

فهرس الموضوعات

الفصل الأوّل السيدة الزهراء عليها السلام حياتها وعلاقتها بأبيها ١١

الفصل الثاني في بيان أخلاق الرسول صلى الله عليه واله ٢١

الفصل الثالث الرسول الأعظم صلى الله عليه واله ٤٣

يورّث فاطمة عليها السلام وذريّتها أخلاقه ٤٣

الفهارس ٦٩

فهرست الآيات ٧١

فهرس الأحاديث الشريفة ٧٧

فهرس الموضوعات ٨٣

مصادر الكتاب ٨٥

آثار المؤلف ٩٣

٨٣
٨٤

مصادر الكتاب

١ ـ الإستيعاب : لإبن عبدالبّر : منشورات دار الجيل ، بيروت.

٢ ـ اسد الغابة : لإبن الأثير الجزري ، منشورات دارالفكر ، بيروت.

٣ ـ أسمى المطالب : للحافظ محمّد الجزري الدمشقي الشافعي ، منشورات.

٤ ـ أسنى المطالب : للحافظ محمّد الجزري الشافعي ، منشورات مكتبة الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام العامة ، اصفهان.

٥ ـ أقرب الموارد : لسعيد الخوري الشرتوني اللبناني ، منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي ، قم.

٦ ـ الأمالي : للشيخ الصدوق ، منشورات الأعلمي ، بيروت.

٧ ـ بحارالأنوار : للعلّامة المجلسي ، منشورات دارالكتب ، الإسلاميّة ، طهران.

٨٥

٨ ـ بداية المجتهد ونهاية المقتصد ، للإمام محمّد بن أحمد بن محمّد القرطبي ، منشورات الرضى ، قم.

٩ ـ تاج العروس : للسيد محمّد مرتضى الحسيني الزبيدي ، منشورات دارالهداية ، للطباعة والنشر ، بيروت.

١٠ ـ تاريخ بغداد : للخطيب البغدادى ، منشورات دارالفكر ، بيروت.

١١ ـ تفسير أبي السعود : للإمام أبي السعود العمادي ، منشورات دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

١٢ ـ تفسير البغوي : للإمام البغوي الشافعي ، منشورات دارالمعرفة ، بيروت.

١٣ ـ تفسير الطبري «جامع البيان في تفسير القرآن» : منشورات دارالجيل ، بيروت.

١٤ ـ تفسير الكبير : للفخر الرازي ، الطبعة الثالثة ، ايران قم.

١٥ ـ تفسير القمي : لعلي بن إبراهيم القمي ، منشورات دارالكتاب ، قم.

١٦ ـ التوحيد : للشيخ الصدوق ، منشورات مؤسسة النشر الإسلامى.

١٧ ـ ثواب الأعمال : للشيخ الصدوق ، منشورات الشريف

٨٦

الرضي ، قم.

١٨ ـ الجامع لأحكام القرآن : لأبي عبدالله محمّد بن أحمد الأنصاري القرطبي ، منشورات دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

١٩ ـ حلية الأولياء : لأبي نعيم الأصفهاني ، منشورات دارالفكر ، بيروت.

٢٠ ـ خصائص أميرالمؤمنين : للنساني ، منشورات مجمع إحياء الثقافة الإسلامية ، قم.

٢١ ـ الخصال : للشيخ الصدوق ، منشورات جماعة المدرسين ، قم.

٢٢ ـ دلائل الإمامة :

٢٣ ـ ذخائر العقبىٰ : للحافظ محب الدين الطبري ، منشورات مؤسسة الوفاء ، بيروت.

٢٤ ـ الذريعة إلى مكارم الشريعة : للراغب الإصفهاني ، منشورات مكتبة الكليّات الأزهريّة ، قاهرة.

٢٥ ـ سنن إبن ماجة : محمّد بن يزيد القزويني ، منشورات دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

٢٦ ـ سنن الترمذي : لإبن السورة ، منشورات دارالفكر ، بيروت.

٨٧

٢٧ ـ سنن النسائي : للإمام النسائي ، منشورات دارالكتب العربي ، بيروت.

٢٨ ـ السنن الكبرى : للحافظ أحمد بن الحسين بن علي البيهقي ، منشورات دارالمعرفة ، بيروت.

٢٩ ـ شرح الكافية في النحو : للمحقق الرضي الاسترآبادي ، منشورات المكتبة المرتضويّة لإحياء الآثار الجعفرية ، قم.

٣٠ ـ شرح المواقف.

٣١ ـ شرح نهج البلاغة : لإبن أبى الحديد ، منشورات دارالكتب العلميّة لاسماعيل النجفى ، قم.

٣٢ ـ شواهد التنزيل : للحاكم الحسكاني ، منشورات مجمع إحياء الثقافة الإسلاميّة ، طهران.

٣٣ ـ الصحاح في اللغة : لإسماعيل بن حماد الجوهري ، منشورات دارالعلم للملائين ، بيروت.

٣٤ ـ صحيح مسلم : للإمام مسلم بن الحجاج القشيري النيشابوري ، منشورات دار إحياء العربي ، بيروت.

٣٥ ـ الصواعق المحرقة : للمحدث أحمد بن حجر المكي ، منشورات مكتبة القاهرة ، القاهرة.

٣٦ ـ عيون أخبار الرضا عليه السلام : للشيخ الصدوق ، منشورات دار

٨٨

إحياء التراث العربي ، بيروت.

٣٧ ـ الفقه على المذاهب الأربعة : لعبد الرحمان الجزري ، منشورات دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

٣٨ ـ القاموس المحيط : لمجد الدين الفيروز آبادي ، منشورات دار المعرفة ، بيروت.

٣٩ ـ الكافي : للشيخ الكليني ، منشورات دار الكتب الإسلاميّة ، طهران.

٤٠ ـ كتاب سيبويه.

٤١ ـ كتاب العين : لأبي عبد الرحمان الخليل الفراهيدي ، منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ، بيروت.

٤٢ ـ الكشّاف عن حقائق غوامض التنزيل : للزمخشري ، منشورات أدب الحوزة ، قم.

٤٣ ـ كشف الغمّة في معرفة الأئمّة : للعلّامة أبي الحسن علي بن عيسى ابن أبي فتح الإربلي ، منشورات دار الكتب الإسلاميّة ، بيروت.

٤٤ ـ لسان العرب : لإبن المنظور الإفريقي الطرابلسي ، منشورات دارالذخائر ، قم.

٤٥ ـ مجمع البحرين : للشيخ فخر الدين الطريحي ، منشورات

٨٩

المكتبة المرتضويّة لإحياء ، آثار الجعفريّة ، قم.

٤٦ ـ مجمع البيان : للشيخ الطبرسي ، منشورات دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

٤٧ ـ مجمع الزوائد : للحافظ علي ابن أبي بكر الهيثمي ، منشورات دار الكفر ، بيروت.

٤٨ ـ مجمل اللغة : لأبي الحسين أحمد بن فارس اللغوي ، منشورات مؤسسة الرسالة ، بغداد.

٤٩ ـ المستدرك على الصحيحين : للحاكم النيسابوري ، منشورات دار المعرفة ، بيروت.

٥٠ ـ مسند الإمام أحمد بن حنبل : منشورات دار الفكر ، بيروت.

٥١ ـ المصباح المنير : للفيومي ، منشورات دار الهجرة ، قم.

٥٢ ـ مصابيح السنّة : للفراء البغوي ، منشورات دار المعرفة ، بيروت.

٥٣ ـ معاني الأخبار : للشيخ الصدوق ، منشورات جماعة المدرسين ، قم.

٥٤ ـ المعجم الكبير : للحافظ سليمان أحمد الطبراني ، منشورات دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

٩٠

٥٥ ـ معجم مقاييس اللغة : لأبي الحسين أحمد بن فارس اللغوي ، منشورات مكتب الإعلام الإسلامي ، قم.

٥٦ ـ المفردات في غريب القرآن : للراغب الإصفهاني ، منشورات مكتب الإعلام الإسلامي ، قم.

٥٧ ـ مناقب إبن المغازلي.

٥٨ ـ مناقب الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب صلى الله عليه واله : من الرياض النضرة : لمحب الدين الطبري ، منشورات بوستان كتاب ، قم.

٥٩ ـ مناقب آل أبي طالب : لأبي جعفر رشيد الدين محمّد بن علي بن شهرآشوب السروي ، منشورات علاّمة قم.

٦٠ ـ الموطأ : للإمام مالك بن أنس ، منشورات دار الكتب العلميّة ، بيروت.

٦١ ـ النهاية في غريب الحديث والأثر : لإبن الأثير ، منشورات المكتبة الإسلاميّة ، بيروت.

* * *

٩١
٩٢

آثار المؤلف

١ ـ تقريرات بحث سيدنا سماحة آية الله العظمى الخوئي قدس سره غير مطبوع كما يلى :

* ـ كتاب الصلاة في أربعة أجزاء.

* ـ كتاب الصوم في جزئين.

* ـ كتاب الخمس في جزء واحد.

* ـ كتاب الزكاة في جزء واحد.

* ـ كتاب الحج في ثلاثة أجزاء.

* ـ كتاب التجارة الجزء الأوّل.

٢ ـ تأليف كتاب الرّسول الأعظم على لسان حفيده الإمام زين العابدين عليه السلام في جزء واحد.

٣ ـ تأليف كتاب الرّسول الأعظم على لسان وصيّه الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام في جزء واحد.

٩٣

٤ ـ تأليف كتاب الرّسول الأعظم على لسان اُم أبيها فاطمة الزهراء عليها السلام في جزء واحد.

٥ ـ تأليف شرح زيارة أمين الله في جزء واحد.

٦ ـ تأليف الأحاديث القدسيّة المشتركه بين السنّة والشّيعة في جزء واحد.

٧ ـ فهارس الآيات والأحاديث والموضوعات لمرآة العقول في جزئين.

٨ ـ تأليف منتخب أحاديث القدسيّة في جزء واحد.

٩ ـ تحقيق خمسة أجزاء من مرآة العقول.

١٠ ـ تحقيق كتاب الصافي في تفسير القرآن في سبعة أجزاء.

١١ ـ تحقيق كتاب رياض السالكين في سبعة أجزاء.

١٢ ـ تحقيق كتاب المراسم العلويّة في الأحكام النبويّة في جزء واحد.

١٣ ـ تحقيق كتاب من هو المهدي في جزء واحد.

١٤ ـ تحقيق بحث ولاية الفقيه من كتاب عوائد الأيّام في جزء واحد.

١٥ ـ تحقيق كتاب مختلف الشيعة في الأجزاء.

١٦ ـ تحقيق كتاب معالم الدين وملاذ المجتهدين في جزء واحد.

٩٤

١٧ ـ تحقيق كتاب في رحاب التقوىٰ في جزء واحد.

١٨ ـ تحقيق وتهذيب كتاب المهذب البارع في خمسة أجزاء.

١٩ ـ تحقيق وتهذيب كتاب كنز الدقايق.

٢٠ ـ تحقيق كتاب المحاسن البرقي في جزئين.

* * *

٩٥

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

٩ ـ صفية بنت حيي : تزوّجت مرّتين من أبناء قومها اليهود ، وأُسرت في خيبر ، فتزوّجها إكراماً للأُسارى.

١٠ ـ أُمّ حبيبة بنت أبي سفيان : هاجرت مع زوجها المسلم إلى الحبشة مع من هاجر آنذاك ، وهناك ارتدّ زوجها ، فلم تطاوعه في ارتداده ، بل بقيت على غربتها محافظة على دينها ، فتزّوجها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله تقديراً لمواقفها.

١١ ـ ميمونة بنت الحارث : أرملة ، لها من العمر ( ٤٩ ) سنة ، وهبت نفسها للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله طالبة من أن يجعلها إحدى زوجاته.

١٢ ـ مارية القبطية : أُهديت كجارية إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من جانب مقوقس صاحب الإسكندرية ، عندما بعث النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كتاباً إليه يدعوه إلى الإسلام ، فتقبّلها الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأنجبت إبراهيمعليه‌السلام ، وكان هذا سبباً لجعلها من أُمّهات المؤمنين.

١٣ ـ أُمّ شريك : واسمها غُزَية ، كانت متزوّجة من قبل ، ولها ولد يسمّى شريكاً ، ثمّ بعدها وهبت نفسها للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لتكون إحدى أُمّهات المؤمنين.

١٤ ـ الجونية : كانت من كندة ، وأهداها أبو أسيد الساعدي للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فوليت عائشة وحفصة مشطها وإصلاح أمرها ، ثمّ إنّها عندما رأت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله تعوّذت بالله منهصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وهذا ما لقّنتاها عائشة وحفصة تدبيراً للخلاص منها ، حتّى لا تصبح شريكة أُخرى في أمرهما ـ فخرج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عنها وأمر بالساعدي أن يلحقها بأهلها(١) .

فكُلّ هذا كان لمصلحة الإسلام لا المصلحة الشخصية كما نرى.

ومنه يظهر حال زوجات الأئمّةعليهم‌السلام مطلقاً ، أو في بعض الحروب ، أو المقاطع الزمنية الخاصّة.

( أحمد البلوشي ـ الكويت ـ )

أسباب ونتائج هجرته :

س : الهجرة النبوية ، أسبابها ونتائجها؟

__________________

١ ـ تاريخ اليعقوبي ٢ / ٨٥.

٣٢١

ج : إنّ السبب الرئيسي لهجرة نبينا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله من مكّة إلى المدينة هو إفشال المؤامرة التي حاكتها قريش لقتلهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وبالتالي إنهاء دعوته إلى الدين الإسلامي.

فقد أخبر الله تعالى نبيّه بهذه المؤامرة عن طريق الوحي ، ونزل قوله تعالى :( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ) (١) .

فأمرصلى‌الله‌عليه‌وآله أمير المؤمنين علياًعليه‌السلام بالمبيت على فراشه ، بعد أن أخبره بمكر قريش ، ثمّ خرج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في الليل ، وهو يقرأ هذه الآية :( وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ ) (٢) .

وأمّا من نتائج هذه الهجرة المباركة هو : تأسيس الدولة الإسلامية الكبرى ، ومن ثمّ دعوة الناس إلى الإسلام ، وأيضاً القيام بالمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار ، وزرع روح المحبّة والإيمان والأُخوّة الإسلامية بين المسلمين.

( مصطفى البحراني ـ عمان ـ ٢٥ سنة ـ طالب ثانوية )

لم يكن جبرائيل أعلم منه :

س : هل الأعلمية تعني الأفضلية؟ ومن كان أعلم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أم جبرائيلعليه‌السلام ؟ وكيف؟

إنّ مثل هذه الأسئلة تطرح من أناس يريدون أن يثبتوا أنّ خلافة أبي بكر صحيحة لا غبار عليها ، حيث أنّ جبرائيلعليه‌السلام هو من علّم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خير منه ، فكيف الردّ على مثل هذا الكلام؟

ج : نحن لا نسلّم بأنّ علم جبرائيلعليه‌السلام كان أكثر من علم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بل غاية ما في الأمر هو أنّ جبرائيلعليه‌السلام كان رسولاً ، وحاملاً للوحي المنزّل على

__________________

١ ـ الأنفال : ٣٠.

٢ ـ يس : ٩.

٣٢٢

النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بما أعطاه الله من دورٍ في إيصال كلامه تعالى إلى الأنبياءعليهم‌السلام ، أفهل ترى أنّ هذا بمعنى أعلميّته من الأنبياءعليهم‌السلام ؟ هل هناك قاعدة علمية أو شرعية أو عرفية تدلّ على أعلمية الرسول من المرسل إليه؟ هذا أوّلاً.

وثانياً : تصرّح بعض الروايات : بأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يتّصل أحياناً مباشرةً ـ وبدون معونة جبرائيلعليه‌السلام ـ بمبدأ الوحي ، وكانت هذه الحالة تعرف عند الأصحاب ، ويميّزونها عن اتّصاله بجبرائيلعليه‌السلام ، وهذا يعني إمكانية أخذهصلى‌الله‌عليه‌وآله العلم من الباري تعالى ، حيث لا يعلم به جبرائيلعليه‌السلام .

وثالثاً : لو أمعنّا النظر في الأخبار التي تدلّ على أفضلية خلقهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن جميع المخلوقات ، التي توجد في كتب الفريقين ، نستنتج بأنّ الكون بأسره باستثناء وجود الباري تعالى يستفيض نور وجوده من فيض وجود الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعليه هل يبقى توهّم أنّ جبرائيلعليه‌السلام كان أعلم منهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟!

وأخيراً : فإنّ تشبّث بعضهم بهذه الموهومات لإثبات خلافة فلان ، لا ناتج له إلاّ الحرمان من الحقّ ، جعلنا الله وإيّاهم من المتّقين.

( السيّد محمّد ـ البحرين ـ ٢٠ سنة ـ طالب جامعة )

موقفه من أسرى بدر :

س : ما هو تفسير الآية الشريفة التالية : ( مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ ) (١) بالإضافة إلى الردّ الذي نردّ به على من يقول : أنّ عمر بن الخطّاب أصاب في هذه الواقعة ، حيث كان يريد أن يقتل الخصم ، والرسول أراد أن يبقيهم.

ج : إنّ النصوص التاريخية التي نطمئنّ بصحّتها نقلت : بأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان رأيه أن يقتل أسرى معركة بدر ـ وهو الأصوب ـ ولكن لأجل إصرار بعض

__________________

١ ـ الأنفال : ٦٧.

٣٢٣

الصحابة ـ كأبي بكر ـ على عدم قتلهم وأخذ الفداء منهم ، قرّرصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يأخذ منهم الفداء ، بعد أن أخبر أصحابه بأنّ نتيجة أخذ الفداء هو أن يقتل في العام القابل من المسلمين بعدد الأسرى ، فقبلوا ذلك ، وتحقّق ما أوعدهم بهصلى‌الله‌عليه‌وآله في معركة أُحد.

وممّا يؤيّد هذا ما جاء في بعض النصوص : أنّ جبرائيل نزل على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم بدر فقال : « يا محمّد إنّ الله قد كره ما صنع قومك ، من أخذهم الأسارى ، وقد أمرك أن تخيّرهم بين أمرين : أن يقدّموا فتضرب أعناقهم ، وبين أن يأخذوا الفداء على أن يقتل منهم عدتهم ».

فذكرصلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك لهم ، فقالوا : يا رسول الله ، عشائرنا وإخواننا ـ وهذه الكلمة تشير إلى أنّ الذين قالوا ذلك هم من المهاجرين ـ لا بل نأخذ فداءهم ، فنقوى به على عدوّنا ، ويستشهد منّا عدّتهم(١) .

فما تقدّم يدلّ على أنّ تخييرهم هذا إنّما كان بعد تأكيدهم على رغبتهم في أخذ الفداء ، وظهور إصرارهم عليه ، فأباح لهم ذلك.

ولكنّنا نجد روايات أُخرى تقرّر عكس ما ذكر آنفاً وتقول : إنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله مال إلى رأي أبي بكر ـ أي إلى أخذ الفداء ـ ولكن عمر رفض ذلك ، وكان رأيه هو قتلهم ، فنزل القرآن بمخالفته وموافقة عمر ، وهذا غير صحيح ، لأنّ بعض علماء السنّة نصّ على أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله مال إلى القتل(٢) .

وذكر الجاحظ : أنّ الأُسرى قالوا : « لو بعثنا إلى أبي بكر ، فإنّه أوصل قريش لأرحامنا ، ولا نعلم أحداً آثر عند محمّد منه ؛ فبعثوا إلى أبي بكر فأتاهم فقالوا : يا أبا بكر ، إنّ فينا الآباء والأبناء ، والأخوان والعمومة ، وبني العمّ ، وأبعدنا قريب ، فكلّم صاحبك يمن علينا أو يفادينا ، قال : نعم ، لا

__________________

١ ـ جامع البيان ٤ / ٢٢٢ ، زاد المسير ٢ / ٥٢ ، تفسير القرآن العظيم ١ / ٤٣٤ ، الدرّ المنثور ٢ / ٩٣ ، سبل الهدى والرشاد ٤ / ٦١.

٢ ـ الكامل في التاريخ ٢ / ١٣٦.

٣٢٤

آلوكم إن شاء الله خيراً ، ثمّ انصرف إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله »(١) ، وهذا دليل على أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يرض بأخذ الفداء ، هذا أوّلاً.

وثانياً : إنّ الالتزام بما ذكروه معناه تكذيب قوله تعالى :( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى ، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ) (٢) .

كما أنّه لا يبقى معنى ـ والحالة هذه ـ لأمر الله تعالى للناس بإطاعة الرسول حيث قال :( أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ ) (٣) ، حتّى إذا امتثلوا الأمر الإلهي وأطاعوه يؤنّبهم ، ثمّ يتهدّدهم ، لقد كان يجب أن يتوجّه التأنيب والتهديد للرسول ، والمدح والثناء لهم ، لأنّهم عملوا بوظيفتهم.

وثالثاً : إنّ مجرّد الإشارة على الرسول بالفداء لا تستوجب عقاباً ، إذ غاية ما هناك أنّهم قد اختاروا غير الأصلح ، وعليه فلابدّ أن يكون ثمّة أمر آخر قد استحقوا العقاب لمخالفته ، وهو أنّهم حين أصرّوا على أخذ الفداء قد أصرّوا على مخالفة الرسول ، والتعلّق بعرض الحياة الدنيا في مقابل إرادة الله للآخرة ـ كما قال تعالى :( تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ ) (٤) ـ بعد بيان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لهم بصورة صريحة ، إذ لا عقاب قبل البيان ثمّ المخالفة.

ولكن الله تكرّم وتفضّل عليهم ، وغفر لهم هذه المخالفة ، وأباح لهم أخذ الفداء تأليفاً لهم ، على ما فيه من عواقب وخيمة ، وقد بلغ من حبّهم لعرض الدنيا أنّهم قبلوا بهذه العواقب أيضاً.

بل يمكن أن يكون إصرار بعض المهاجرين على أخذ الفداء ، يرجع إلى أنّهم قد صعب عليهم قتل صناديد قريش ، حيث كانت تربطهم بهم صداقات ومصالح ووشائج رحم ، وقد استهوى موقفهم هذا جماعة من البسطاء والسذّج من سائر المسلمين الحاضرين.

__________________

١ ـ العثمانية : ٦٧.

٢ ـ النجم : ٣ ـ ٤.

٣ ـ النساء : ٥٩.

٤ ـ الأنفال : ٦٧.

٣٢٥

فهذا التعاطف مع المشركين من قبل البعض ، ثمّ حبّ الحصول على المال ، قد جعلهم يستحقّون العذاب العظيم ، الذي إنّما يترتّب على سوء النيّات ، وعلى الإصرار على مخالفة الرسول ، والنفاق في المواقف والأقوال والحركات ، لاسيّما مع وجود رأي يطالب بقتل بني هاشم ، الذين أخرجهم المشركون كُرهاً ، ونهى الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله عن قتلهم ، مع ملاحظة : أنّه لم يشترك من قوم عمر أحد في حرب بدر.

( فاضل ـ السعودية ـ )

كونه أُمّياً لا يعدّ منقصة :

س : إنّنا نعتقد بعصمة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ونعتبره أكمل خلق الله ، والمعروف عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه كان أُمّياً لا يقرأ ولا يكتب ، فهل تعتبر هذه منقصة في كمال الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

ج : إنّ عدم القراءة لدى الإنسان العادي لعلّها تعدّ نقصاً ، إذ أنّ القراءة والكتابة الرافد الثقافي الطبيعي لدينا نحن ، أمّا علم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وعلم المعصومينعليهم‌السلام فهو علم حضوري لدنّي لا علاقة له بالاكتساب العلمي ، وليس للقراءة والكتابة من أثر في ذلك ، هذا من جهة.

ومن جهة أُخرى : لعلّ الحكمة من كونهصلى‌الله‌عليه‌وآله أُمّياً ، لكي لا يتاح للمشركين من إثارة تهمهم وشبهاتهم حول القرآن ، وأنّه من صنع البشر ، وأنّ محمّداً هو الذي كتبه وألّفه ، فإذا علموا أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله أُمّياً ، علموا أنّ ذلك إيحاء أو إعجازاً ، وليس ليد البشر من دخل.

على أنّ البعض نفوا كون النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أُمّياً ، أي لا يقرأ ولا يكتب ، وأنّه سيحتاج إلى من يكتب له ، والنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أفضل الخلق فلا يحتاج إلى مَن هو دونه ، وفسّروا أنّ الأُمّي نسبةً إلى أُمّ القرى ، أي مكّة.

٣٢٦

( نصر الله ـ السعودية ـ )

هو والأئمّة سواء في رتبة الإمامة :

س : سؤالي هو : هل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمّةعليهم‌السلام في مرتبة واحدة؟ وهل يجوز أن نساوي بين النبيّ وأحد من الخلق؟

وما معنى قوله تعالى :( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) (١) ، هذه بعض الأسئلة احتاج الردّ عليها لو سمحتم ، وشكراً.

ج : إنّ نبيّنا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله له مقامان : مقام النبوّة ، من حيث رسالته ونزول الوحي عليه كان له مرتبة النبوّة ، ومقام الإمامة ، من حيث قيادته للأُمّة.

وأمّا باقي الأئمّة المعصومينعليهم‌السلام فلهم مرتبة الإمامة ، بما أنّهم قد جاء النصّ بخلافتهم عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولكن ليسوا أنبياء لأنّهم لم يأتوا بدين جديد ، ولم يأتهم الوحي برسالة أُخرى.

فمجمل الكلام : أنّهم ـ النبيّ والأئمّةعليهم‌السلام ـ سواء في الإمامة ، ويمتاز عنهم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بمقام النبوّة والرسالة ، نعم ، هم يتساوون أيضاً في مرتبة العصمة ، بما أنّها صفة ملحوظة في كلا الرتبتين.

وأمّا بالنسبة إلى الآية ، فإنّها تشير وتؤيّد الأخلاق الحسنة والممتازة عند الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كما سجّل ذلك سيرته وحياته وتحمّله للمتاعب والمصاعب في سبيل تبليغ رسالته ، فكان خُلُقه العظيم في كُلّ ذلك ، هو الذي دعا الناس أن يحوموا حوله( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ ) (٢) .

( ـ ـ )

تعليق على الجواب السابق وجوابه :

س : كيف نوفّق بين كلامكم هذا ، وبين أنّ دعاء النبيّ مستجاب حتماً؟

__________________

١ ـ القلم : ٤.

٢ ـ آل عمران : ١٥٩.

٣٢٧

أنّ دأب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يسعى لما فيه صلاح أُمّته وهدايتهم ، فهو يبذل لهم النُصح والموعظة الحسنة ، ومن ثمّ يدعو لهم بالهداية ، راجياً أن يهتدوا وأن لا يضلّوا ، وهذا من خُلقه الكريم ، فهو يأمل أن يهتدي بعضهم إلى الحقّ ، لذا فقوله : « اللهم اغفر لقومي فإنّهم لا يعلمون »(١) ، لا يعني أنّ الله قد غفر لهم ، فقد بقوا على كفرهم وضلالهم ، بل أراد أن يترفّع الدعاء عليهم وإصابتهم بالسوء فلعلّهم يرجعون ، حتّى أنّ الله تعالى مدحه على كريم أدبه وحسن خُلقه فقال :( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) (٢) .

وهذا دأب الأنبياء ، كذلك فإنّ إبراهيم حاول هداية قومه وأن لا يصيبهم السوء ، وكان يحلم عنهم ، حتّى وصفه الله تعالى :( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ ) (٣) ، فهو يتأسّف على قومه لما سيصيبهم من سوء بسبب جهلهم وغيّهم ، هذا هو خُلق الأنبياء ، وقد مثّل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أروع أدبهم ، وكريم أخلاقهم ، وأمل في هداية قومه إلقاءً للحجّة عليهم ، وهذا لا يعني أنّهم سوف يهتدون فعلاً ، بل فيهم من بقي على كفره ، ومنهم من زاغ إلى النفاق والضلال.

أمّا دعاؤه لأهل عمان فلا نعلم مصدر ذلك ، وإن صحّ فإنّ نفس الكلام يأتي في أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يتنزّه عن الدعاء على قومه ، ويدأب في صلاحهم.

كلامكم جميل ، ولكن كيف نوفّق بين هذا وبين أنّ دعاء النبيّ مستجاب حتماً؟

ج : إنّ دعاء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله مستجاب حتماً ، والتوفيق يكون بأنّ المراد ليس جميع القوم أو جميع أهل عمان ، بل ما يصدق أن يسمّى قوماً ، فإنّ الكلام تارة يراد منه الجميع ، وأُخرى يراد المجموع ، والفرق بينهما أنّ في الأوّل لا يتحقّق إلاّ بشموله لجميع الأفراد ، وفي الثاني يتحقّق ببعضهم ، ممّا يصدق عليه اسم القوم أو جماعة من أهل عمان.

__________________

١ ـ الطرائف : ٥٠٥.

٢ ـ القلم : ٤.

٣ ـ التوبة : ١١٤.

٣٢٨

ويمكن أن يقال : بأنّ كُلّ فرد يحبّ الخير والهداية لجميع البشرية ، فكيف برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فإنّه قطعاً يحبّ الهداية للجميع ، وهذا الحبّ ظهر على صيغة الدعاء ، فليس المراد منه الطلب الحقيقي ، بل المراد منه إظهار هذا الحبّ لجميع البشرية.

( موالي ـ الكويت ـ ١٩ سنة ـ طالب )

كان يرقص بأكمامه في روايات أهل السنّة :

س : أودّ أن أسأل : هل توجد رواية في كتب الحديث لدى العامّة تقول : بأنّ رسول الله يرقص بأكمامه حين دخوله للمدينة ، وحين غناء النساء والصبيان بـ « طلع البدر علينا من ثنيّات الوداع »؟ ودمتم سالمين.

ج : قد جاءت عبارة الرقص بالأكمام في نقل العلاّمة الحلّي عن أهل السنّة(١) .

والذي يؤيّد هذا الموضوع في المقام : هو أنّ الفضل بن روزبهان ـ وهو من أعلام العامّة ـ وفي مجال نقضه كلام العلاّمة لم يردّ هذا المطلب ، الأمر الذي يورث الاطمئنان في النفس بأنّ الحديث كان موجوداً في بعض مصادر أهل السنّة ، وإن حذفته بعض الأيادي الأثيمة دفاعاً عن مذهبهم.

( موالي ـ الكويت ـ ١٩ سنة ـ طالب )

لم يكن خائفاً عند نزول الوحي عليه :

س : كيف نردّ على روايات العامّة في بدء نزول الوحي؟ التي تصوّر النبيّ بأنّه خائف ، وأنّ جبرائيل عصره ثلاث مرّات ، وأنّ ورقة بن نوفل أو نسطور أو بحيرا أو عداس أو خديجة ـ حسب الروايات ـ نبّأوه بنبوّته؟

مع العلم أنّ بعض العامّة يبرّرون عصر جبرائيل لمحمّد كان بدافع إعطائه قوّة إيمانية وجسدية ، أو أنّه يريد إخباره بأنّه في يقظة لا في منام.

__________________

١ ـ دلائل الصدق ١ / ٦٣١.

٣٢٩

ج : الأخبار والأقوال التي ذكرتها معظمها ضعيفة السند والدلالة ، أمّا سنداً فيجب أن يراجع في كُلّ مورد حتّى يتبيّن وهن الأسانيد التي يعتمدون عليها.

وأمّا من جهة الدلالة ، فلا تنطبق على الموازين العقلية والنقلية القطعية ، ولا تنسجم مع أُصول العقيدة ، إذ كيف يكون النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله خائفاً من أمر إيجابي ، وكأنّه لم يعرّف بالوحي ، بل أتاه دفعةً ومن غير مقدّمة؟ أو هل يعقل أن لا يعرف النبيّ الوحي بنفسه؟ وساعده الآخرون في تعريفه؟ وكأنّما الآخرون كانوا أولى منه في معرفة الوحي ، نعوذ بالله ، هذه هي تساؤلات ونقوض لابدّ من اعتبارها على رأي هؤلاء.

وأمّا الحلّ ، فيجب علينا أن نعتقد أنّ الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ الذي هو أشرف الكائنات ـ لا يحتاج في معرفة شؤون الوحي وأطواره ، وكيفية نزوله إلى أيّ شخص وجهة تعينه ، وإلاّ لتوقّفت مصداقية نبوّته على الآخرين ، وحتّى في موارد توسيط جبرائيلعليه‌السلام يعتقد المحققّون : بأنّ النبيّ كان بإمكانه الاتصال بمبدأ الوحي والكون بدونه ـ كما هو الحال في موارد متعدّدة من نزول الوحي المباشر التي نقلتها مصادر معتبرة عند الفريقين ـ ولكن نزول جبرائيل كان من باب إظهار عظمة الوحي ، كما ورد في تنزيل بعض السور والآيات من السماء بمعية الآلاف من الملائكة ، لبيان جلالتها وعظمتها.

وأخيراً : كم هو الفرق بين هذه الأقوال غير الصحيحة في كتب العامّة ، وبين ما ورد في هذا المجال عند الشيعة ، فمثلاً : جاء عن زرارة قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : كيف لم يخف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيما يأتيه من قبل الله أن يكون ذلك ممّا ينزغ به الشيطان؟

قال : فقالعليه‌السلام : «إنّ الله إذا اتخذ عبداً رسولاً أنزل عليه السكينة والوقار ، فكان الذي يأتيه من قبل الله مثل الذي يراه بعينه »(١) .

__________________

١ ـ تفسير العيّاشي ٢ / ٢٠١.

٣٣٠

( السيّد عدنان ـ البحرين ـ )

هو الصادر الأوّل :

س : عندما يقال بأنّ نبيّنا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله هو الصادر الأوّل ، فالسؤال المنطقي يقول : لماذا كان هو دون غيره؟ فيقال : بأنّ قابليته هي التي أهلّته لذلك المقام ، فالسؤال هو : أليس هو لم يكن شيئاً قبل ذلك؟

فالعبارة هذه يُفهم منها أنّه كان موجوداً قبل الخلقة ، فنرجو منكم توضيح هذا المطلب ، ولكم خالص الشكر.

ج : يجاب على سؤالكم بنحوين كُلّ منهما يصلح أن يكون جواباً مستقلاً في المقام :

الأوّل : إنّ الله تعالى ـ ومن منطلق علمه الذاتي والأزلي ـ كان يعلم بأنّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله سيصل بجدّه وجهده في عالم الدنيا إلى المرتبة القصوى بين الممكنات ، بعد إعطائه الخيار والاختيار من جانب الباري تعالى ، فعلم الله تعالى وإن كان مقدّماً ولكن التطبيق كان متأخّراً.

وبعبارة واضحة : إنّ الله تعالى كان يعلم بوفاء نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله في عالم الوجود بكافّة المتطلّبات التي تؤهّله لهذا المنصب الإلهي ، وعليه فأعطاه تلك المرتبة السامية بسبب علمه المسبق على الإعطاء ، فالنتيجة : أنّ كافّة المواهب المعطاة هي ناتجة ومكافئة على سلوك وسيرة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في الدنيا ، وإن أُعطيت من قبل.

ولا يخفى أنّ هذه النظرية قابلة للتأييد بنصوص روائية ، وعلى سبيل المثال ورد في فقرات من دعاء الندبة هكذا : « اللهم لك الحمد على ما جرى به قضاؤك في أوليائك ، الذين استخلصتهم لنفسك ودينك ، إذ اخترت لهم جزيل ما عندك من النعيم المقيم ، الذي لا زوال له ولا اضمحلال ، بعد أن شرطت

٣٣١

عليهم الزهد في درجات هذه الدنيا الدنية ، وزخرفها وزبرجها ، فشرطوا لك ذلك ، وعلمت منهم الوفاء به ، فقبلتهم وقرّبتهم »(١) .

وملخّص الكلام : إنّ الفضائل والميزات التكوينية والتشريعية للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ على ضوء هذا القول ـ بأجمعها هي حصيلة الجهود والمتاعب التي تحمّلها الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله في سبيل نشر الدين والعقيدة ، وتبليغ الوحي وزعامة الأُمّة ، وغيرها.

الثاني : عند بدء الخلق وفي أوانه ، عندما تعلّقت الإرادة التكوينية لله تعالى بإنشاء الممكنات ، جاء النور الأوّل ـ أو بعبارة أُخرى الصادر الأوّل ـ كأوّل مخلوق له سمة الخلافة عن الخالق في عالم الخلق ، وهذا هو الفيض الأوّل الصادر إلى عالم الوجود ـ وهنا لابأس بالإشارة إلى أنّ العلاقة بين الممكن والواجب أمر ضروري عقلاً ونقلاً ، فيجب أن تكون رابطة الفيض مستمرة بين الخالق والمخلوق بنحو تام ـ.

ثمّ على ضوء ما ذكرنا ، فإنّ المخلوق الأوّل يجب أن تتوفّر فيه الميزات العالية التكوينية والتشريعية لنيل هذه الرتبة السامية ـ أي الاستخلاف والنيابة عن الله تعالى في دائرة الوجود ـ لأنّ الحكمة الإلهية كانت تقتضي ولا تزال بأن يصدّر الأفضل حتّى تكون متابعة الآخرين له ينسجم مع القواعد العقلية في طريق الكمال والرقي ، وهذا النور الأوّل والمخلوق الممتاز قد سمّي وتعيّن بأنّه محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لا أنّ نبيّنا قد حصل على هذه المكانة في أوّل الخلق ، بل أنّ الصادر الأوّل المميّز قد لقّب وتعنون بأنّه هو الرسول الأعظم أشرف الكائنات محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وممّا ذكرنا يظهر جواب التوهّم المذكور ، إذ لم يكن يوجد أيّ ممكن عند نقطة بدء الخلق حتّى يتوهّم الانحياز والتمييز لمخلوق دون آخر ، بل أنّ

__________________

١ ـ إقبال الأعمال ١ / ٥٠٤.

٣٣٢

الوجود الأوّل قد تعنون وسمّي بأنّه محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومن الملاحظ أنّه عند خلقه لم يكن هناك مخلوق آخر يوازيه ، حتّى يفرض أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد أعطي ما كان بالإمكان أن يعطي غيره.

وبعبارة دقيقة وواضحة : إنّ المرتبة العليا والوحيدة لعالم الممكنات خلق وسمّي محمّداًصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لا أنّ التسمية والتعنون سبق إعطاء هذه المكانة السامية ، وفي الواقع أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله هو رمز المُثل والقيم الإلهية بشكل مجسّم في عالم الخلق ، والنموذج الحيّ الوحيد لكافّة الايجابيات في عالم الكون.

وهذا الرأي أيضاً قابل للتأييد بنصوص روائية كثيرة موجودة في مجامعنا الحديثة.

ثمّ لا يخفى أنّ النظريتين لا تتعارضان فيما بينهما ، بل نتمكّن من الجمع بينهما كما هو واضح بأدنى تأمّل.

( حسين أحمد مطر ـ البحرين ـ )

علماء السنّة القائلين بعدم نزول( عَبَسَ ) فيه :

س : لديّ سؤال وهو : أنّ علماء أهل السنّة يفسّرون الآيات الأُولى من سورة( عَبَسَ ) في الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيقولون : إنّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله هو الذي عبس بوجهه وولّى عن ابن أُمّ مكتوم إلى نهاية الحادثة التي يروونها.

أمّا مرادي من حضرتكم الغالية : هل جميع أهل السنّة يقولون بهذا القول؟ وإذا وجد من يقول بخلاف هذا القول ، الرجاء منكم إرشادي إلى المصدر إن أمكن ، هذا ودمتم مسدّدين إن شاء الله لكُلّ خير.

ج : إنّ هناك جملة من كبار علماء السنّة ومفسّريهم ، لا يسلّم أنّ خطاب( عَبَسَ وَتَوَلَّى ) متوجّه إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لأنّه ليس من صفات النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله العبوسة ، من هؤلاء :

٣٣٣

١ ـ الإمام الفخر الرازي ـ المتوفّى ٦٠٦ هـ ـ في كتابه عصمة الأنبياء(١) .

٢ ـ القاضي عياض اليحصبي ـ المتوفّى ٥٤٤ هـ ـ في كتابه الشفا بتعريف حقوق المصطفى(٢) .

٣ ـ الزركشي ـ المتوفّى ٧٩٤ هـ ـ في كتابه البرهان في علوم القرآن(٣) .

٤ ـ الصالحي الشامي ـ المتوفّى ٩٤٢ هـ ـ في كتابه سبل الهدى والرشاد(٤) .

( يوسف البيومي ـ لبنان ـ ٢٥ سنة ـ طالب جامعة )

بحث مفصّل في شأن نزول( عَبَسَ وَتَوَلَّى ) :

س : لقد قرأت جوابكم الكريم عن مسألة آية ( عَبَسَ وَتَوَلَّى ) ، وقد دخلت في مناقشة مع أحد المشايخ السنّة ، وطلب منّي شيئاً تفصيلاً عن الموضوع ، فهل تستطيعون أن تساعدوني على هذا ، ولكم الأجر والثواب.

ج : لقد بحث هذه المسألة بشكل مفصّل المحقّق السيّد جعفر مرتضى العاملي في كتابه الصحيح من سيرة النبيّ الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ننقل لكم نصّه :

ويذكر المؤرّخون بعد قضية الغرانيق ، القضية التي نزلت لأجلها سورة عبس وتولّى المكّية ، والتي نزلت بعد سورة النجم.

وملخص هذه القضية : أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يتكلّم مع بعض زعماء قريش ، ذوي الجاه والمال ، فجاءه عبد الله بن أُمّ مكتوم ـ وكان أعمى ـ فجعل يستقرئ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله آية من القرآن قال : يا رسول الله ، علّمني ممّا علّمك الله.

فأعرض عنه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعبس في وجهه وتولّى ، وكره كلامه ، وأقبل على أُولئك الذين كانصلى‌الله‌عليه‌وآله قد طمع في إسلامهم ، فأنزل الله تعالى :( عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَن جَاءهُ الأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ

__________________

١ ـ عصمة الأنبياء : ١٠٨.

٢ ـ الشفا بتعريف حقوق المصطفى ٢ / ١٦١.

٣ ـ البرهان في علوم القرآن ٢ / ٢٤٣.

٤ ـ سبل الهدى والرشاد ١١ / ٤٧٤.

٣٣٤

الذِّكْرَى * أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى * فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى * وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى * وَأَمَّا مَن جَاءكَ يَسْعَى * وَهُوَ يَخْشَى * فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّى ) (١) .

وفي رواية : أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله كره مجيء ابن أُمّ مكتوم ، وقال في نفسه : يقول هذا القرشي : إنّما أتباعه العميان والسفلة والعبيد ، فعبسصلى‌الله‌عليه‌وآله إلخ.

وكأنّ ذلك الزعيم لم يكن يعلم بذلك!! وكأنّ قريشاً لم تكن قد صرّحت بذلك وأعلنته!!

وعن الحكم : « ما رؤي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد هذه الآية متصدّياً لغني ، ولا معرضاً عن فقير »(٢) .

وعن ابن زيد : « لو أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كتم شيئاً من الوحي ، كتم هذا عن نفسه »(٣) .

وأيّ تفسير قرآن آخر لغير الشيعة ؛ فإنّك تجد فيه الروايات المختلفة التي تصبّ في هذا الاتجاه.

فابن زيد يؤكّد بكلامه هذا على مدى قبح هذا الأمر ، وعلى مدى صراحة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، حتّى إنّه لم يكتم هذا الأمر ، رغم شدّة قبحه وشناعته!

لقد أجمع المفسّرون ، وأهل الحديث ، باستثناء شيعة أهل البيتعليهم‌السلام على أصل القضية المشار إليها.

ونحن نرى : أنّها قضية مفتعلة ، لا يمكن أن تصحّ ، وذلك أوّلاً : لضعف أسانيدها ، لأنّها تنتهي إلى عائشة ، وأنس ، وابن عباس من الصحابة ، وهؤلاء لم يدرك أحد منهم هذه القضية أصلاً ، لأنّه إمّا كان حينها طفلاً ، أو لم يكن ولد(٤) .

__________________

١ ـ عبس : ١ ـ ١٠.

٢ ـ الدرّ المنثور ٦ / ٣١٥.

٣ ـ جامع البيان ٣٠ / ٦٦ ، الدرّ المنثور ٦ / ٣١٥.

٤ ـ أُنظر : الهدى إلى دين المصطفى ١ / ١٥٨.

٣٣٥

أو إلى أبي مالك ـ الظاهر أنّ المراد به أبا مالك الأشجعي ، المشهور بالرواية وتفسير القرآن ، وهو تابعي ـ والحكم ، وابن زيد ، والضحّاك ، ومجاهد ، وقتادة ، وهؤلاء جميعاً من التابعين ، فالرواية مقطوعة لا تقوم بها حجّة.

وثانياً : تناقض نصوصها حتّى ما ورد منها عن راوٍ واحد ، فعن عائشة في رواية : إنّه كان عنده رجل من عظماء المشركين ، وفي أُخرى عنها : عتبة وشيبة ، وفي ثالثة عنها : في مجلس فيه ناس من وجوه قريش ، منهم أبو جهل ، وعتبة بن ربيعة.

وفي رواية عن ابن عباس : إنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يناجي عتبة ، وعمّه العباس ، وأبا جهل.

وفي التفسير المنسوب إلى ابن عباس : إنّهم العباس ، وأُمية بن خلف ، وصفوان بن أُمية.

وعن قتادة : أُمية بن خلف ، وفي أُخرى عنه : أُبي بن خلف.

وعن مجاهد : صنديد من صناديد قريش ، وفي أُخرى عنه : عتبة بن ربيعة ، وأُمية بن خلف.

هذا ، عدا عن تناقض الروايات مع بعضها البعض في ذلك ، وفي نقل ما جرى ، وفي نصّ كلام الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ونصّ كلام ابن أُمّ مكتوم.

ونحن نكتفي بهذا القدر ، ومن أراد المزيد فعليه بالمراجعة والمقارنة.

وثالثاً : إنّ ظاهر الآيات المدّعى نزولها في هذه المناسبة ، هو أنّه كان من عادة هذا الشخص وطبعه وسجيّته وخُلقه أن يتصدّى للغني ويهتم به ، ولو كان كافراً ، ويتلهّى عن الفقير ولا يبالي به أن يتزكّى ، ولو كان مسلماً.

وكُلّنا يعلم : أنّ هذا لم يكن من صفات وسجايا نبيّنا الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولا من طبعه وخُلقه.

٣٣٦

كما أنّ العبوس في وجه الفقير ، والإعراض عنه ، لم يكن من صفاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى مع أعدائه ، فكيف بالمؤمنين من أصحابه وأودّائه ، وهو الذي وصفه الله تعالى بأنّه :( بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ) (١) .

بل لقد كان من عادتهصلى‌الله‌عليه‌وآله مجالسة الفقراء ، والاهتمام بهم ، حتّى ساء ذلك أهل الشرف والجاه ، وشقّ عليهم ، وطالبه الملأ من قريش بأن يبعد هؤلاء عنه ليتّبعوه ، وأشار عليه عمر بطردهم ، فنزل قوله تعالى :( وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ) (٢) .

ويظهر : أنّ الآية قد نزلت قبل الهجرة إلى الحبشة لوجود ابن مسعود في الرواية ، أو حين بلوغهم أمر الهدنة ، ورجوعهم إلى مكّة.

ولكن يبقى إشكال أن ذكر عمر في هذا المقام في غير محلّه ، لأنّه لم يكن قد أسلم حينئذٍ ، لأنّه إنّما أسلم قبل الهجرة إلى المدينة بيسير.

كما أنّ الله تعالى قد وصف نبيّه في سورة القلم التي نزلت قبل سورة عبس وتولّى بأنّه على خُلق عظيم ، فإذا كان كذلك ، فكيف يصدر عنه هذا الأمر المنافي للأخلاق ، والموجب للعتاب واللوم منه تعالى لنبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهل كان الله ـ والعياذ بالله ـ جاهلاً بحقيقة أخلاق نبيّه؟ أم أنّه يعلم بذلك لكنّه قال هذا لحكمة ولمصلحة اقتضت ذلك؟ نعوذ بالله من الغواية ، عن طريق الحقّ والهداية.

ورابعاً : إنّ الله تعالى يقول في الآيات :( وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى ) (٣) ، وهذا لا يناسب أن يخاطب به النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لأنّه مبعوث لدعوة الناس وتزكيتهم.

وكيف لا يكون ذلك عليه مع أنّه هو مهمّته الأُولى والأخيرة ، ولا شيء غيره ، ألم يقل الله تعالى :( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ

__________________

١ ـ التوبة : ١٢٨.

٢ ـ الأنعام : ٥٢ ، وأُنظر : الدرّ المنثور ٣ / ١٢.

٣ ـ عبس : ٧.

٣٣٧

آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ) (١) ، فكيف يغريه بترك الحرص على تزكية قومه.

خامساً : لقد نزلت آية الإنذار :( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ، وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) (٢) ، قبل سورة عبس بسنتين ، فهل نسيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه مأمور بخفض الجناح لمن اتبعه؟ وإذا كان نسي ، فما الذي يؤمّننا من أن لا يكون قد نسي غير ذلك أيضاً؟ وإذا لم يكن قد نسي ، فلماذا يتعمّد أن يعصي هذا الأمر الصريح؟!

سادساً : إنّه ليس في الآية ما يدلّ على أنّها خطاب للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بل الله سبحانه يخبر عن رجل ما أنّه :( عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَن جَاءهُ الأَعْمَى ) ، ثمّ التفت الله تعالى بالخطاب إلى ذلك العابس نفسه وخاطبه بقوله :( وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى ) إلخ.

سابعاً : لقد ذكر العلاّمة الطباطبائي : « أنّ الملاك في التفضيل وعدمه ليس هو الغنى والفقر ، وإنّما هو الأعمال الصالحة ، والسجايا الحسنة ، والفضائل الرفيعة ، وهذا حكم عقلي وجاء به الدين الحنيف ، فكيف جاز لهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يخالف ذلك ، ويميّز الكافر لما له من وجاهة على المؤمن »(٣) ؟

والقول : بأنّه إنّما فعل ذلك لأنّه يرجو إسلامه ، وعلى أمل أن يتقوّى به الدين ، وهذا أمر حسن ، لأنّه في طريق الدين وفي سبيله ، لا يصحّ لأنّه يخالف صريح الآيات التي تنصّ على أنّ الذمّ له كان لأجل أنّه يتصدّى لذاك الغني لغناه ، ويتلهّى عن الفقير لفقره ، ولو صحّ هذا ، فقد كان اللازم أن يفيض القرآن في مدحه وإطرائه على غيرته لدينه ، وتحمّسه لرسالته ؛ فلماذا هذا الذمّ والتقريع إذن.

ونشير أخيراً : إلى أنّ البعض قد ذكر : أنّه يمكن القول بأنّ الآية خطاب كُلّي مفادها : أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا رأى فقيراً تأذّى وأعرض عنه.

__________________

١ ـ الجمعة : ٢.

٢ ـ الشعراء : ٢١٣ ـ ٢١٤.

٣ ـ الميزان في تفسير القرآن ٢٠ / ٣٠٣.

٣٣٨

والجواب أوّلاً : إنّ هذا يخالف القصّة التي ذكروها من كونها قضية في واقعة واحدة لم تتكرّر.

وثانياً : إذا كان المقصود هو الإعراض عن مطلق الفقير ؛ فلماذا جاء التنصيص على الأعمى؟!

وثالثاً : هل صحيح أنّه قد كان من عادة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك؟!

المذنب رجل آخر :

فيتّضح ممّا تقدّم : أنّ المقصود بالآيات شخص آخر غير النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ويؤيّد ذلك : ما روي عن الإمام جعفر الصادقعليه‌السلام أنّه قال : «كان رسول الله إذا رأى عبد الله بن أُمّ مكتوم قال : مرحباً مرحباً ، والله لا يعاتبني الله فيك أبداً ، وكان يصنع به من اللطف حتّى يكف عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ممّا كان يفعل به »(١) .

فهذه الرواية تشير إلى أنّ الله تعالى لم يعاتب نبيّه في شأن ابن أُمّ مكتوم ، بل فيها تعريض بذلك الرجل الذي ارتكب في حقّ ابن أُمّ مكتوم تلك المخالفة ، إن لم نقل : إنّه يستفاد من الرواية نفي قاطع حتّى لإمكان صدور مثل ذلك عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بحيث يستحقّ العتاب والتوبيخ ؛ إذ لا معنى لهذا النفي لو كان الله تعالى قد عاتبه فعلاً.

هذا ولكن الأيدي غير الأمينة قد حرّفت هذه الكلمة ؛ فادعت أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقول : «مرحباً بمن عاتبني فيه ربّي » ، فلتراجع كتب التفسير ، كالدرّ المنثور وغيره ، والصحيح هو ما تقدّم.

سؤال وجوابه :

ولعلّك تقول : إنّه إذا كان المقصود بالآيات شخصاً آخر ؛ فما معنى قوله تعالى :( فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى ) ، وقوله :( فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّى ) ، فإنّ ظاهره : أنّ هذا التصدّي والتلهّي من قبل من يهمّه هذا الدين ؛ فيتصدّى لهذا ، ويتلهّى عن ذاك.

__________________

١ ـ مجمع البيان ١٠ / ٢٦٦.

٣٣٩

فالجواب : أنّه ليس في الآيات ما يدلّ على أنّ التصدّي كان لأجل الدعوة إلى الله أو لغيرها.

فلعلّ التصدّي كان لأهداف أُخرى دنيوية ، ككسب الصداقة أو الجاه ، أو نحو ذلك.

وقوله تعالى :( لَعَلَّهُ يَزَّكَّى ) ليس فيه أنّه يزكّى على يد المخاطب ، بل هو أعم من ذلك ، فيشمل التزكّي على يد غيره ممّن هم في المجلس ، كالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أو غيره.

ثمّ لنفرض : أنّه كان التصدّي لأجل الدعوة ، فإنّ ذلك ليس محصوراً بهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ فهم يقولون : إنّ غيره كان يتصدّى لذلك أيضاً ، وأسلم البعض على يديه لو صحّ ذلك!

الرواية الصحيحة : وبعد ما تقدّم ، فإنّ الظاهر هو أنّ الرواية الصحيحة ، هي ما جاء عن الإمام الصادقعليه‌السلام : «أنّها نزلت في رجل من بني أُمية كان عند النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ فجاءه ابن أُمّ مكتوم ، فلمّا رآه تقذّر منه ، وجمع نفسه ، وعبس في وجهه ، وأعرض بوجهه عنه ، فحكى الله سبحانه ذلك ، وأنكره عليه »(١) .

ويلاحظ : أنّ الخطاب في الآيات لم يوجّه أوّلاً إلى ذلك الرجل ؛ بل تكلّم الله سبحانه عنه بصورة الحكاية عن الغائب : إنّه عبس وتولّى ، أن جاءه الأعمى.

ثمّ التفت إليه بالخطاب ، فقال له مباشرة : وما يدريك ، ويمكن أن يكون الخطاب في الآيات أوّلاً للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من باب : إيّاك أعني واسمعي يا جارة ، والأوّل أقرب ، وألطف ذوقاً.

اتهام عثمان :

وبعض الروايات تتّهم عثمان بهذه القضية ، وأنّه هو الذي جرى له ذلك مع ابن أُمّ مكتوم(٢) .

__________________

١ ـ نفس المصدر السابق.

٢ ـ تفسير القمّي ٢ / ٤٠٥.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667