موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٥

موسوعة الأسئلة العقائديّة5%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-05-8
الصفحات: 667

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 667 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 296943 / تحميل: 6703
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٥

مؤلف:
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠٥-٨
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

( عبد الله ـ الكويت ـ ٢٧ سنة ـ طالب ثانوية )

تعليق على الجواب السابق :

تحية طيّبة ، وبعد : أشكر القائم على هذا الموقع ، والمجيب على سؤال السائل ، والإخوة الذين شاركوا بهذا الموضوع.

والكثير كان يسأل عن مصادر أهل السنّة القائلين بإتيان الزوجة من الدبر ، أو كما ذكر الغير : من الخلف ، فلا حياء بالدين ، وأبدأ بتفسير الإمامين الجليلين العلاّمة جلال الدين محمّد بن أحمد المحلّي ، والعلاّمة جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي المطبوع في دار المعرفة بيروت لبنان ، الطبعة الأُولى ١٤٠٣ هجري ١٩٨٣ ميلادي :

ذكروا في تفسيرهم عن أسباب نزول قوله تعالى :( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) : روى الشيخان وأبو داود والترمذي عن جابر قال : كانت اليهود تقول : إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول ، فنزلت( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) .

وأخرج أحمد والترمذي عن ابن عباس قال : جاء عمر إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا رسول الله ، هلكت ، قال : « وما أهلكك »؟ قال : حوّلت رحلي الليلة ، فلم يرد عليه شيئاً ، فأنزل الله هذه الآية( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) أقبل وأدبر

وأخرج أبن جرير وأبو يعلى وابن مردويه من طريق زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري : أنّ رجلاً أصاب امرأته في دبرها ، فأنكر الناس عليه ذلك ، فأنزلت( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ ) الآية.

وأخرج البخاري عن ابن عمر قال : أنزلت هذه الآية في إتيان النساء في أدبارهن.

وأخرج الطبري في الأوسط بسند جيّد عنه قال : إنّما أنزلت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ ) رخصة في إتيان الدبر.

وأخرج أيضاً عنه : أنّ رجلاً أصاب امرأة في دبرها في زمن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأنكر ذلك ، فأنزل الله( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ ) .

٤٦١

وتوجد رواية أُخرى لمن يحبّ يراجع المصدر ، ومن هذه الأحاديث نستدلّ بأنّ بعض مصادر أهل السنّة تجوّز إتيان النساء من الدبر.

وأقول بالختام : إن كان المذهب فيه شوائب كما يدّعي الغير ، فالأفضل يطّلع على مذهبه ، وسوف يرى العجب من العجائب التي ذكرت في كتبهم ، وأقول : من أراد الحقّ لا يبحث عن الفرع بل عن الأصل.

( مشري المشري ـ السعودية ـ إسماعيلي ـ ٣٥ سنة ـ طالب جامعة )

حكمه وأدلّته :

س : ما هو حكم إتيان الزوجة من الدبر في المذهبين الشيعي الإمامي والإسماعيلي؟

ج : أختلف الحكم عند الإمامية في جواز الوطء بالدبر ، فالأكثر على جواز الوطء على كراهة شديدة ، والبعض اختار التحريم ، وسبب ذلك لاختلاف الأدلّة ، فمنها من أجازت ذلك ، ومنها من شدّدت على التحريم.

أمّا أدلّة المجوّزين ، فهي رواية عبد الله بن أبي يعفور : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يأتي المرأة في دبرها ، قالعليه‌السلام : « لابأس إذا رضيت » ، قلت : فأين قول الله تعالى :( فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ ) ؟ قالعليه‌السلام : « هذا في طلب الولد ، فاطلبوا الولد من حيث أمركم الله ، إنّ الله تعالى يقول :( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) »(١) .

واحتجّوا أنّ كلمة( أنَّى ) في الآية مكانية ، يعني فأتوا نساؤكم في أيّ مكانٍ شئتم ، إضافة إلى إطلاقات جواز التمتّع في المرأة ، فإنّها غير مقيّدة.

أمّا القائلون بالتحريم ، فاستدلّوا برواية معمّر بن خلاّد قال : قال لي أبو الحسنعليه‌السلام : « أيّ شيء يقولون في إتيان النساء في أعجازهن » ؟ قلت : إنّه بلغني أنّ أهل المدينة لا يرون به بأساً.

__________________

١ ـ الاستبصار ٣ / ٢٤٣.

٤٦٢

فقال : « إنّ اليهود كانت تقول : إذا أتى الرجل المرأة من خلفها خرج ولده أحول ، فأنزل الله تعالى :( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) من خلف أو قدّام مخالفاً لقول اليهود ، ولم يعن في أدبارهن »(١) .

على أنّهم حملوا كلمة( أنَّى ) بأنّها زمانية ، أي فأتوا حرثكم في أيّ وقت شئتم ، ولذا من أختار الجواز ذهب إلى كراهة الفعل جمعاً لروايات الحلّية وروايات التحريم.

أمّا على المذهب الإسماعيلي فلم تتوفّر لدينا مصادر فقهية يمكن الرجوع إليها والجزم بها ، إلاّ أنّ ما روي عن الإمام الصادقعليه‌السلام من الجواز يمكن ركونهم إليه ، وحمل الفعل على الكراهة جمعاً بين روايات وردت عن الصادقعليه‌السلام وأهل البيت في حلّية الفعل وفي تحريمه ، والرجوع إلى علماء الإسماعيلية للقطع بفتواهم هو الأفضل.

( ـ ـ )

معنى قوله :( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ ) :

س : جاء في سورة البقرة : ( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُواْ اللهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ) ، قرأت في التفسير الكاشف لمحمّد جواد مغنية أن ( فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) ، أنّ جماعة من فقهاء الشيعة الإمامية قد أباحوا وطء الزوجة دبراً ، وأنّ الرازي نقل في تفسير هذه الآية أن ابن عمر كان يقول : المراد من الآية تجويز إتيان النساء في أدبارهن ، فما صحّة هذا القول؟ وما هو الحكم الشرعي في هذه المسألة؟

ج : اعلم أنّ كلمة( أنَّى ) من أسماء الشرط ، وهو إمّا أن يكون للزمان أو للمكان ، فقد وقع الاختلاف فيه ، فمن قال للزمان فيكون تفسير الآية

__________________

١ ـ المصدر السابق ٣ / ٢٤٥.

٤٦٣

الشريفة( فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ ) في أيّ زمان شئتم إلاّ ما خرج بالدليل ، وهو أيّام الأذى ، أي أيّام الحيض.

وإذا كان للمكان فمعنى الآية( فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ ) في أيّ مكان شئتم ، فيعمّ الدبر حينئذٍ ، إلاّ أنّه قيل قد خرج بالدليل أيضاً بقوله تعالى :( وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ) (١) ، وكذلك ورد عن النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله : « محاش النساء على أُمّتي حرام »(٢) ، ولكن في روايات أُخرى نُفي البأس عن ذلك ، فالفقهاء جمعاً بين الروايات حكموا بالكراهة ، ومنهم من قال بالكراهة الشديدة ، ومنهم بالحرمة من باب الاحتياط الوجوبي ، كما عند السيّد الخوئيقدس‌سره .

فالمسألة خلافية باعتبار اختلاف لسان الروايات ، وهذا يعني أنّه في مقام التقليد لابدّ أن ترجع إلى من تقلّده ، وتعمل على طبق فتواه.

( أبو علي ـ ـ ٢٠ سنة )

في صحيح البخاري وفتح الباري :

س : السؤال هو عن وطي الزوجة من الدبر ، أتمنّى أن تذكروا نصّ البخاري مع المصدر؟ لأنّ كتاب البخاري يوجد له نسخ كثيرة ، فالأفضل ذكر نصّ الحديث والباب ، وكذلك في المصادر الأُخرى ، ودمتم موفقين.

ج : ننقل لك نصّ ما ورد في البخاري في نكاح الدبر : « عن نافع قال : كان ابن عمر إذا قرأ القرآن لم يتكلّم حتّى يفرغ منه ، فأخذت عليه يوماً ، فقرأ سورة البقرة حتّى انتهى إلى مكان قال : تدري فيما أُنزلت؟ قلت : لا ، قال : أُنزلت في كذا وكذا ، ثمّ مضى.

وعن عبد الصمد حدّثني أبي حدّثني أيوب عن نافع عن ابن عمر( فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) قال : يأتيها في

__________________

١ ـ البقرة : ١٨٩.

٢ ـ الاستبصار ٣ / ٢٤٤.

٤٦٤

رواه محمّد بن يحيى بن سعيد عن أبيه عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر »(١) .

قال ابن حجر العسقلاني في شرح هذا الحديث : « أُختلِف في معنى أنّى ، فقيل : كيف ، وقيل : حيث ، وقيل : متى ، وبحسب هذا الاختلاف جاء الاختلاف في تأويل الآية »(٢) .

ثمّ علّق ابن حجر على الحديث « أُنزلت في كذا وكذا » : هكذا أورد مبهماً لمكان الآية والتفسير(٣) .

ثمّ قال ابن حجر : « قوله يأتيها في ، هكذا وقع في جميع النسخ ، لم يذكر ما بعد الظرف وهو المجرور ، ووقع في الجمع بين الصحيحين للحميدي يأتيها في الفرج ، وهو من عنده بحسب ما فهمه ، ثمّ وقفت على سلفه فيه ، وهو البرقاني فرأيت في نسخة الصنعاني زاد البرقاني يعني الفرج ، وليس مطابقاً لما في نفس الرواية عن ابن عمر لما سأذكره.

وقد قال أبو بكر بن العربي في سراج المريدين : أورد البخاري هذا الحديث في التفسير ، فقال : يأتيها في وترك بياضاً ، والمسألة مشهورة ، صنّف فيها محمّد بن سحنون جزءً ، وصنّف فيها محمّد بن شعبان كتاباً ، وبيّن أنّ حديث ابن عمر في إتيان المرأة في دبرها »(٤) .

ثمّ قال ابن حجر : « فأمّا الرواية الأُولى ـ وهي رواية بن عون ـ فقد أخرجها إسحاق بن راهويه في مسنده ، وفي تفسيره بالإسناد المذكور ، وقال بدل قوله حتّى انتهى إلى مكان ، حتّى انتهى إلى قوله :( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) ، فقال : أتدرون فيما أُنزلت هذه الآية؟ قلت : لا ، قال :

__________________

١ ـ صحيح البخاري ٥ / ١٦٠.

٢ ـ فتح الباري ٨ / ١٤٠.

٣ ـ نفس المصدر السابق.

٤ ـ فتح الباري ٨ / ١٤١.

٤٦٥

نزلت في إتيان النساء في أدبارهن ، وهكذا أورده بن جرير من طريق إسماعيل ابن علية عن بن عون ، ومن طريق إسماعيل بن إبراهيم الكرابيسي عن بن عون نحوه ، وأخرجه أبو عبيدة في فضائل القرآن عن معاذ بن عون فأبهمه ، فقال في كذا وكذا.

وأمّا رواية عبد الصمد فأخرجها ابن جرير في التفسير عن أبي قلابة الرقاشي ، عن عبد الصمد بن عبد الوارث ، حدّثني أبي فذكره بلفظ يأتيها في الدبر ، وهو يؤيّد قول ابن العربي ، ويرد قول الحميدي ، وهذا الذي استعمله البخاري نوع من أنواع البديع يسمّى الاكتفاء ، ولابدّ له من نكته يحسن بسببها استعماله.

وأمّا رواية محمّد بن يحيى بن سعيد القطان فوصلها الطبراني في الأوسط من طريق أبي بكر الأعين ، عن محمّد بن يحيى المذكور بالسند المذكور إلى ابن عمر قال : إنّما نزلت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نساؤكم حرث لكم رخصة في إتيان الدبر »(١) .

ثمّ قال ابن حجر : « وقد عاب الإسماعيلي صنيع البخاري فقال : جميع ما أخرج عن بن عمر مبهم لا فائدة فيه »(٢) .

نرجو الإطلاع على جميع البحث هناك ، ففيه المزيد من الروايات والطرق وتصحيحها.

ونقول : هذه ليست المرّة الأُولى التي يقوم البخاري بتقطيع الأحاديث وإبهامها بكذا وكذا ، بل هذا ديدنه ومنهجه في نقل أحاديث تدعم مذهب أهل البيت عموماً ـ سواء في الفقه أو العقائد ـ والحمد لله الذي أظهر هذا الموضع على أيدي علماء ثقات عندهم لا من غيرهم.

__________________

١ ـ نفس المصدر السابق.

٢ ـ نفس المصدر السابق.

٤٦٦

وقال ابن حجر عن التحريم : « وذهب جماعة من أئمّة الحديث ـ كالبخاري والذهبي والبزّار والنسائي وأبي علي النيسابوري ـ إلى أنّه لا يثبت فيه شيء »(٢) .

فهؤلاء كُلّهم وآخرون معهم حتّى يصل الدور إلى مالك والشافعي يقولون بالجواز ، وهم ليسوا من الشيعة ، فثبت قولنا بأنّ المسألة فرعية فقهية خلافية عندنا وعندهم ، ولكن ماذا نفعل لمن عماه نصبه عن الحقيقة.

( أحمد ـ الإمارات ـ ١٩ سنة ـ طالب حوزة )

معنى اللعن الوارد فيه :

س : هذه شبهة وردت في إحدى مواقع الوهّابية في المنتديات ، أرجو الردّ السريع : الخميني يبيح وطء الزوجة في الدبر : يقول الخميني في تحرير الوسيلة : المشهور الأقوى جواز وطء الزوجة دبراً على كراهية شديدة!

ولا نملك إلاّ ذكر قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ملعون من أتى امرأة في دبرها » ، أرجو المساعدة على الردّ على تلك الحثالة الوهّابية ، وشكراً.

ج : وطي الزوجة من دبر مسألة فقهية ، ولابأس أن ننقل هنا كلام السيّد المرتضىقدس‌سره في كتابه « الانتصار » حول الموضوع إذ يقول : « وممّا شنّع به على الإمامية ونسبت إلى التفرّد به ، وقد وافق فيه غيرها القول بإباحة وطء النساء في غير فروجهن المعتادة للوطء ، وأكثر الفقهاء يحظرون ذلك.

وحكى الطحاوي في كتاب الاختلاف عن مالك أنّه قال : ما أدركت أحداً أقتدي به في ديني يشكّ في أنّ وطء المرأة في دبرها حلال ، ثمّ قرأ :( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ ) الآية ، وقال الطحاوي في كتابه هذا : حكى لنا محمّد بن عبد الله بن الحكم أنّه سمع الشافعي يقول : ما صحّ عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في تحريمه ولا تحليله شيء ، والقياس أنّه حلال.

__________________

١ ـ فتح الباري ٨ / ١٤٢.

٤٦٧

والحجّة في إباحة ذلك إجماع الطائفة ، وأيضاً قوله تعالى :( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) ، ومعنى أنّى شئتم كيف شئتم ، وفي أيّ موضع شئتم وآثرتم ، ولا يجوز حمل لفظة( أَنَّى ) هاهنا على الوقت ، لأنّ لفظة( أَنَّى ) تختصّ بالأماكن ، وقلّما تستعمل في الأوقات ، واللفظة المختصّة بالوقت أيّان شئتم ، ولا فرق بين قولهم : ألق زيداً أنّى كان ، وأين كان في عموم الأماكن ، على أنّا لو سلّمنا أنّ الوقت مراد بهذه اللفظة حملناها على الأمرين معاً من الأوقات والأماكن.

فأمّا من أدّعى أنّ المراد بذلك إباحة وطء المرأة من جهة دبرها في قُبلها بخلاف ما تكرهه اليهود من ذلك ، فهو تخصيص لظاهر القرآن بغير دليل ، والظاهر متناول لما قالوه ولما قلناه »(١) .

أمّا حديث : « ملعون من أتى امرأته في دبرها »(٢) ، لو سلّمنا بصحّة الحديث ، فاللعن لا يعني الحرمة ، وإنّما يدور أمره بين الحرمة والكراهة ، كما هو المعلوم عند المحقّقين من الأُصوليين ، فلا وجه للاستشهاد به ، فإذا استفاد الفقيه من اللعن الكراهة ، فهي تعني الجواز كما لا يخفى ، ومن هنا تجد بعض الفقهاء يفتون في المسألة ـ ومنهم السيّد الخميني في تحرير الوسيلة ـ بجواز وطء الزوجة في دبرها على كراهية شديدة.

فلاحظ ذلك وتأمّله فهل تجده مخالفاً لأدلّة الشرع؟ وقد جاء يستدلّ بها من لا يعرف هذه الصناعة ، بل من لا يدرك أي طرفيه أطول ليصول به ، وتلك محنة أهل العلم مع أهل الجهل في كُلّ زمان ومكان.

__________________

١ ـ الانتصار : ٢٩٤.

٢ ـ مسند أحمد ٢ / ٤٤٤ و ٤٧٩ ، سنن أبي داود ١ / ٤٧٩.

٤٦٨

وقت الإفطار :

( علي ـ المغرب ـ ٢٢ سنة ـ ليسانس )

زوال الحمرة المشرقية :

س : ما معنى قوله تعالى : ( ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ ) (١) ؟

ج : إنّ ظهور الآية تدلّ بالصراحة على وجهة نظر الشيعة في تعيين المغرب ، بأنّه يصدق عند ذهاب وزوال الحمرة المشرقية عن قمّة رأس الإنسان نحو الأُفق.

وتوضيحه : أنّ كلمة( الَّليْلِ ) لا تعطي معنى مجرّد سقوط قرص الشمس في الأُفق الغربي ـ كما عليه أهل السنّة ـ وهذا واضح لمن راجع كتب اللغة في هذا المجال ، فإنّ كلمة( الَّليْلِ ) تحتوي في مفادها على الظلمة والسواد ، وهذا لا يجتمع مع فتوى أهل السنّة.

وأمّا رأي الشيعة فيتّفق مع معنى ومفهوم الكلمة تماماً ، فبعد ذهاب الحمرة في السماء عن فوق رأس الإنسان نحو المغرب ، يبدأ الظلام والسواد في السماء.

نعم ، قد يتكلّف فقهاء أهل السنّة في إثبات رأيهم بالتمسّك بروايات تحدّد تعريف المغرب كما يرونه ، ولكن لنا أيضاً روايات تخالفهم ، فالقاعدة المحكمة في المقام أن نأخذ بالموافق للقرآن ، وهو كما ذكرناه لكم ؛ ولابأس أن نشير هنا بأنّ الفخر الرازي قد ذكر في تفسير الآية وجود رأي أو آراء من أهل السنّة كانت ترى مصداق( الَّليْلِ ) موافقاً لما تتبنّاه الشيعة في المقام(٢) .

__________________

١ ـ البقرة : ١٨٧.

٢ ـ التفسير الكبير ٢ / ٢٧٥.

٤٦٩

ثمّ إنّ تطبيق رأي الشيعة في المقام واضح ، فعندما يرى الإنسان أنّ الحمرة المتبقّية من ضوء الشمس ، قد أتاه من جانب المشرق وزال وتجاوز عن فوق رأسه في السماء ، يقطع حينئذٍ بدخول وقت المغرب المجوّز لصلاته والإفطار.

٤٧٠

الولاية التكوينية والتشريعية :

( أبو أحمد الموسوي ـ ـ )

معنى التكوينية وثبوتها لأهل البيت :

س : اللهم صلّ على محمّد وآل محمّد ، وعجّل فرج آل محمّد.

ما هو المراد بالولاية التكوينية؟ وهل هي ثابتة لأهل البيتعليهم‌السلام ؟ نرجو بيان الدليل ، وما هو حكم منكرها على فرض ثبوتها؟ وهل يجب الاعتقاد بها؟ أفيدونا غفر الله لكم ، وأدامكم ذخراً.

ج : لقد تعدّدت أسئلتك وسوف نجيب عليها بالنقاط التالية :

١ ـ الولاية التكوينية : هنالك عدّة معانٍ لها يذكرها العلماء في كتبهم ، بعضها شرك محرّم ، وهي القائلة بأنّ معنى الولاية التكوينية لغير الله ، أنّهم يتصرّفون بالكون والخلق بانفصال عن إرادة الله تعالى ، أو أنّ الله تعالى قد فوّض إليهم شؤون العالم ، وهذه المعاني كما قلنا قد اتفق العلماء على استلزامها للشرك المحرّم.

أمّا إن كان معنى الولاية التكوينية غير هذا ، بل هو التصرّف في الكون بإشارة الله وإرادته ، فلا مانع من ذلك ولا محذور ، وقد وقع في حقّ غير أهل البيتعليهم‌السلام ، كما يذكر القرآن الكريم قصّة آصف وزير سليمان( قَالَ الَّذِي

٤٧١

عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي) (١) .

وهنالك معان أُخرى لا تصل إلى الأوّل ، وإن كانت أعمق من الثاني ، أعرضنا عنها للاختصار.

٢ ـ أمّا ثبوتها لأهل البيتعليهم‌السلام ، فلا ريب في ذلك ولا شبهة ـ بما عدا المعنى الأوّل الذي يستلزم الشرك والتفويض المحرّم ـ ويكفينا دلالة على ذلك الآية التي ذكرناها حكاية عن آصف ، فمن كان عنده علم من الكتاب ـ ومن تبعيضية ـ يستطيع أن يتصرّف في شؤون الكون ، ويأتي بعرش بلقيس من اليمن إلى بيت المقدس.

فكيف لا يستطيع ذلك ـ وأكثر منه ـ من عنده علم الكتاب ـ أي جميع الكتاب ـ وقد وردت الروايات الكثيرة أنّ أهل البيتعليهم‌السلام عندهم علم جميع الكتاب ، بل القرآن صريح في ذلك ، حيث يقول إشارة إلى الكتاب الكريم( وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ) (٢) .

٣ ـ أمّا سؤالك عن حكم منكرها أو وجوب الاعتقاد بها : إنّ مقامات أهل البيتعليهم‌السلام كثيرة جدّاً ، قد لا يصل إلى إدراكها إلاّ الأوحدي من الناس ، وهذا ما نجد بعض الأحاديث المستفيضة تشير إليه ، فعن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال :( فمن عرف فاطمة حقَّ معرفتها ، فقد أدرك ليلة القدر ، وإنّما سمّيت فاطمة لأنّ الخلق فطموا عن معرفتها ) (٣) .

ومن هنا نقول : إنّه ليس ذنباً أن تقصر إفهام البعض عن إدراك هذه الذوات القدسية والأنوار الإلهية ، ولكن الذنب في إنكارها وجحدها بدون دليل وعلم ، بل لمجرّد قصور الذهن وعدم التفاعل.

اللهم عرّفنا حجّتك ، فإنّك إن لم تعرفنا حجّتك ضللنا عن ديننا.

__________________

١ ـ النمل : ٤٠.

٢ ـ آل عمران : ٧.

٣ ـ تفسير فرات : ٥٨١.

٤٧٢

( أبو مصطفى ـ البحرين ـ )

ثبوت التكوينية للمعصوم :

س : ما رأيكم في من يقول بثبوت الولاية التكوينية للمعصوم؟ ولكنّه يجعلها مؤقّتة ، أي يقول : أنّ المعصوم يفعل ما يفعل من معجز بموجب ولاية تكوينية بالعرض ، تكون في طول الولاية التكوينية الذاتية لله تعالى ، ولكن غاية ما هنالك هو أنّ هذه الولاية ليست دائمية ، بل هي مؤقّتة تعطى للمعصوم حين يطلبها هو من الله تعالى ، وليس المقصود أنّه يطلب من الله المعجز ، فيجريها الله على يديه دون أن يكون له في ذلك أي دخل ، بل المراد أنّه يطلب هذه الولاية فيعطيها الله له ، وهو يقوم بالمعجز بها.

ج : في صدد الجواب عن سؤالكم نجيب باختصار :

١ ـ لابدّ أن نفرّق بين الولاية التكوينية والعلم بالغيب ، إذ في العلم بالغيب بإذن الله عدّة نظريات ، بعضها تثبت العلم الفعلي وبعضها الإنشائي ، وبعبارة أُخرى : بعض النظريات تقول المعصوم إذا شاء علم ، وبعضها تقول أنّ علمه حضوري دائماً.

٢ ـ أمّا بالنسبة إلى الولاية التكوينية فعموم الأدلّة النقلية لا تفصّل في مَن أُعطي هذه الولاية بين كونها فعلية أو إنشائية.

فقوله تعالى :( وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي ) (١) ، فالإذن هنا مطلق ، غير مخصّص بزمان معيّن ، فمن أُعطي هكذا إذن يستطيع أن يستعمل هذه القدرة متى شاء.

وكذلك قوله تعالى :( وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللهِ ) (٢) .

__________________

١ ـ المائدة : ١١٠.

٢ ـ آل عمران : ٤٩.

٤٧٣

وقوله تعالى :( فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ ) (١) .

وجريان الريح قطعاً بإذن الله تعالى ، وهو يثبت الولاية التكوينية الفعلية من دون تخصيص بوقت معيّن.

وقوله تعالى :( قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ) (٢) ، وهذا أيضاً يثبت الولاية التكوينية من دون أن تخصّص بوقت معيّن.

وأمثال هذه الآيات كثير ، وكذلك توجد روايات كثيرة في هذا الصدد ، بالأخصّ تلك الواردة في معاجز الأنبياء ، بالأخص نبيّنا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله وآل بيته المعصومين ، وكُلّها مطلقة لا تخصّص هذه الولاية بوقت معيّن ، ولا تقسّمها إلى أقسام.

نعم ، توجد هناك بعض الآراء الشاذّة تقسّم الولاية التكوينية إلى إنشائية وفعلية ، وبعض الآراء التي ترى ارتباطاً مباشراً بين العلم بالغيب والولاية التكوينية ، وبعض آراء أُخرى لا يمكننا المساعدة عليها لضعف الأدلّة التي تعتمد عليها.

( ـ ـ )

التكوينية ثابتة للأئمّة بروايات كثيرة :

س : هل للأئمّة ولاية تكوينية؟

ج : إنّ أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام بما لهم من المكانة الرفيعة والسامية عند الله تعالى ، فلا يأبى العقل والنقل بأن تكون لهم قدرة التصرّف في الكون التي تسمّى في الاصطلاح بـ « الولاية التكوينية » ، وهذا ممّا ورد فيه الروايات الكثيرة.

__________________

١ ـ ص : ٣٦.

٢ ـ النمل : ٤٠.

٤٧٤

ولكن الأمر المهمّ أن نعرف مدى هذه الولاية والسلطة ، فتؤكّد نفس المصادر بأنّها في طول ولاية الله تعالى ، أي : أنّ هذه القدرات كُلّها تكون بإذن صريح من الباري تعالى ولم تكن بالاستقلال ، وهذا هو الفارق بين عقيدة الشيعة ورأي الغلاة والمفوّضة ، فإنّهم يرون الاستقلالية في هذا المجال.

والدليل الواضح لنا في هذا الموضوع هو القرآن الكريم ، فيقول :( وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِىءُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِي ) (١) .

فالأنبياء والأئمّةعليهم‌السلام وسائط في هذا التصرّف التكويني ، والروايات الواردة في هذا المجال كُلّها تصرّح أو تلوّح بهذا الموضوع ، ولمعرفتها لابأس بمراجعة كتاب بحار الأنوار أبواب معجزات الأئمّةعليهم‌السلام .

( أبو علي ـ البحرين ـ )

معناهما وتعريفهما :

س : ما الفرق بين الولاية التكوينية والولاية التشريعية؟

ج : يتمّ الجواب على سؤالكم في نقاط خمس :

الأُولى : أنّ مصطلح الولاية التكوينية من المصطلحات المستحدثة في كلمات المتأخّرين ، وغير موجود في كلمات القدماء ، وعليه فهذا المصطلح لم يرد لا في آية قرآنية ولا في سنّة شريفة ، ولكنّه يشير إلى مفهوم قد تداولته العديد من الآيات القرآنية ، والنصوص الشريفة.

الثانية : معنى الولاية التكوينية لغة :

الولاية : التمكّن من الشيء والتسلّط عليه.

التكوينية : مأخوذة من الكون.

__________________

١ ـ المائدة : ١١٠.

٤٧٥

فالولاية التكوينية لغة هي : التمكّن من الإحداث في الكون والتسلّط عليه.

الثالثة : معنى الولاية التكوينية اصطلاحاً :

قد اختلفت كلمات العلماء في معنى هذا الاصطلاح الجديد ، والظاهر : بأنّها القدرة على فعل المعجزات ـ أي : خرق نواميس الطبيعة ـ والتسلّط على الظواهر الكونية ، وما يتعلّق بعالم الوجود ، كالإحياء والإماتة ، والقبض والبسط ، والإيجاد والخلق والمنع ونحو ذلك.

الرابعة : معنى الولاية التشريعية هي : القدرة والتصرّف في أُمور تتعلّق بعالم التشريع والقانون ، كالحلال والحرام ، والواجب والمباح ، والأحكام في الصحّة والبطلان ونحو ذلك.

إذاً ، إذا كان متعلّق التصرّف والولاية هو التشريع فالولاية تشريعية ، وإذا كان متعلّقها أُموراً وجودية فهي ولاية تكوينية.

الخامسة : من له الولاية؟ اتفقت كلمة علمائنا بأنّ للأنبياء والأئمّة المعصومينعليهم‌السلام ولاية تكوينية وتشريعية ، بموهبة وإذن من الله تعالى ، واختلفت كلمتهم في معنى وحدود تلك الولاية وسعة قدرتها.

( أحمد ـ إيران ـ ٢٣ سنة ـ طالب جامعة )

مصطلح الولاية التكوينية :

س : من هو أوّل من استعمل مصطلح الولاية التكوينية؟ ومن هم أهمّ العلماء المعتقدين بالولاية التكوينية؟ وما أهمّ الأدلّة القرآنية لهذه الولاية؟

ج : بالنسبة إلى سؤالك الأوّل نقول :

إنّ مصطلح الولاية التكوينية من المصطلحات المستحدثة في كلمات المتأخّرين ، وغير موجودة في كلمات القدماء ، وعليه فهذا المصطلح لم يرد لا في آية قرآنية ولا في سنّة شريفة ، ولكنّه يشير إلى مفهوم قد تداولته العديد من الآيات القرآنية والنصوص الشريفة ، وبقدر عدم أهمّية الاهتمام بمن وضع هذه

٤٧٦

التسمية من علماء الكلام من علمائنا ( قدس سرهم ) ، إلاّ أنّنا نجد أنّ من الحقّ الإشارة إلى أنّ من وضع التسمية قد وفّق أيّما توفيق في الوصف الدقيق للمفهوم.

وبالنسبة إلى سؤالك الثاني نقول :

اتفقت كلمة علمائنا : بأنّ للأنبياء والأئمّة المعصومينعليهم‌السلام ولاية تكوينية وتشريعية ، بموهبة وإذن من الله تعالى ، واختلفت كلمتهم في معنى وحدود تلك الولاية وسعة قدرتها.

وبالنسبة إلى سؤالك الثالث نجيب : من الآيات القرآنية الدالّة على الولاية التكوينية :

١ ـ قوله تعالى :( قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ ) (١) .

٢ ـ قوله تعالى :( قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ) (٢) .

٣ ـ قوله تعالى :( وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ) (٣) .

٤ ـ قوله تعالى :( أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللهِ وَأُبْرِىءُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللهِ ) (٤) .

٥ ـ قوله تعالى :( وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ ) (٥) .

٦ ـ قوله تعالى :( وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ ) (٦) .

__________________

١ ـ النمل : ٣٩.

٢ ـ النمل : ٤٠.

٣ ـ الجن : ٦.

٤ ـ آل عمران : ٤٩.

٥ ـ الأنبياء : ٧٩.

٦ ـ النمل : ١٦.

٤٧٧

٧ ـ قوله تعالى :( وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ ) (١) .

٨ ـ قوله تعالى :( وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ) (٢) .

٩ ـ قوله تعالى :( وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ ) (٣) .

١٠ ـ قوله تعالى :( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا ) (٤) .

١١ ـ قوله تعالى :( وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لاَّ تَخَافُ دَرَكًا وَلاَ تَخْشَى ) (٥) .

١٢ ـ قوله تعالى :( فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ) (٦) .

١٣ ـ قوله تعالى :( وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً ) (٧) .

١٤ ـ قوله تعالى :( وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِىءُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِي ) (٨) .

__________________

١ ـ سبأ : ١٠.

٢ ـ الأنبياء : ٨١.

٣ ـ النمل : ١٨.

٤ ـ البقرة : ٢٦٠.

٥ ـ طه : ٧٧.

٦ ـ الشعراء : ٦٣.

٧ ـ البقرة : ٦٠.

٨ ـ المائدة : ١١٠.

٤٧٨

( أبو علي ـ الكويت ـ )

لا يلزم الغلوّ من ثبوتها لأهل البيت :

س : هذا يعني أنّ الله أعطى الإمام عليعليه‌السلام ولاية تكوينية ، كما تقولون بإذنه ، هل الله أعطى سيّدنا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله هذه الولاية ، هذا ما لم يثبت عندنا نحن الشيعة الإمامية؟ أين الأدلّة التي تنصّ على إعطاء الله الولاية التكوينية الخاصّ به فقط لأحد من البشر؟

إنّ إمامنا عليعليه‌السلام وليّنا ووليّ كُلّ مسلم ، لكن المغالات في حبّ أهل البيتعليهم‌السلام من قبلنا ، ونصاب الفرق الأُخرى لهم أدّى إلى هذا الفراق بين المسلمين على أهل البيتعليهم‌السلام .

تذكّروا أنّ المستهدف الآن هي كلمة لا اله إلاّ الله ، رحم الله مولاي عليعليه‌السلام كيف كان يدافع عن هذه الكلمة.

ج : الولاية التكوينية ثابتة في القرآن الكريم للأنبياء ولغير الأنبياء ، فثبوتها بنصّ صريح لبعض الأنبياء بحديث القرآن عن عيسىعليه‌السلام بقوله :( وَأُبْرِىءُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللهِ ) (١) ، فالآية تثبت الإحياء لعيسىعليه‌السلام والإحياء تصرّف تكويني لا تشريعي.

كما أنّ الولاية التكوينية تثبت لغير الأنبياء من الناس بقوله تعالى :( قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ) (٢) هذا التصرّف الذي قام به وصي سليمان بجلب عرش ملكة سبأ من اليمن إلى فلسطين ، هو أجلى تعبير للولاية التكوينية بمعنى التصرّف بنظام التكوين.

أمّا إثبات الولاية التكوينية لنبيّنا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله وللأئمّةعليهم‌السلام فيكون بأنّ نبيّنا أفضل من جميع الأنبياء السابقين ، فما ثبت لهم ثبت لنبيّنا ، وأوصياء نبيّنا أفضل من أوصياء جميع الأنبياء ، فما ثبت لأوصياء الأنبياء ثبت لأوصياء نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله .

__________________

١ ـ آل عمران : ٤٩.

٢ ـ النمل : ٤٠.

٤٧٩

والقول بالولاية التكوينية ليس من المغالات فيهمعليهم‌السلام ، إنّما يكون مغالات إذا قلنا : أنّ الولاية التكوينية ثابتة لهم من دون إذن من الله تعالى ، ولا نقول نحن بذلك.

نحن مع كلمة لا إله إلاّ الله دائماً وأبداً ، ولكن معرفة الإمامعليه‌السلام حقّ معرفته لا تخرجنا عن تلك الكلمة ، بل تزيدنا تمسّكاً بها.

( علي ـ أمريكا ـ ٢٧ سنة ـ طالب )

ثابتان لمعصوم بإذن الله :

س : هل لأهل البيت عليهم‌السلام الولايتين التكوينية والتشريعية؟

ج : الولاية التكوينية إذا كانت بمعنى التصرّف الخارق للعادة الصادر من الإمامعليه‌السلام بإذن وإرادة من قبل الله سبحانه فهي ثابتة لهم ، كيف وقد كانت ثابتة لمثل عيسىعليه‌السلام ، حيث كان يبرئ الأكمة والأبرص ، ويحيي الموتى بإذن الله سبحانه ، وكانت ثابتة لآصف بن برخيا :( قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ) (١) .

إنّ الولاية التكوينية إذا كانت ثابتة لأمثال هؤلاء ، فلماذا لا يمكن أن تكون ثابتة لمثل الإمامعليه‌السلام ؟ ولكن كُلّ ذلك بإذن الله سبحانه وإرادته.

نعم ، إذا كان يقصد من الولاية التكوينية أنّ أمر التصرّف في العالم قد أُوكل إلى الإمامعليه‌السلام من دون إشراف وإذن من الله سبحانه ، فذلك هو التفويض الباطل والموجب للكفر.

إذاً ، لابدّ من التفصيل في مسألة الولاية التكوينية ، فالثابت منها هو ما كان بإذن الله سبحانه وإرادته ، والمنفي منها ما كان من دون ذلك.

وأمّا الولاية التشريعية فهي ثابتة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله جزماً على ما يظهر من روايات متعدّدة ، كما هو الحال في ركعات الصلاة ، حيث أنّ الأوّليين هما من تشريع

__________________

١ ـ النمل : ٤٠.

٤٨٠

الله سبحانه ، بينما الأخيرتان هما من تشريع الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكما في النوافل الرواتب ، فإنّها من تشريع الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إلى غير ذلك من الموارد الكثيرة.

وإذا أمكن ذلك في حقّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله أمكن في حقّ الإمامعليه‌السلام أيضاً.

فأصل الإمكان ينبغي أن لا يكون محلاً للكلام ، وإنّما الكلام ينبغي أن ينصبَّ على مرحلة الوقوع ، وهناك بعض الروايات في كتاب الكافي ربما توحي بالوقوع.

٤٨١
٤٨٢

الوهّابية ومحمّد بن عبد الوهّاب :

( السعودية ـ سنّي ـ )

اعتقاداتهم :

س : لقد قرأت معظم كتب ابن تيمية ومحمّد بن عبد الوهّاب ، فلم أجد فيها كفراً ولا ضلالاً ، بل وجدت دعوتهما هي دعوة الحقّ الذي أرسل به النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والسؤال : لماذا هذا الافتراء على هذين الشيخين؟

ج : نذكر لك بعض أقوالهما الدالّة على ضلالهما ، وانحرافهما ومخالفتهما لجميع المسلمين ، وإن أردت المزيد وافيناك به :

١ ـ اعتقاد ابن تيمية قدم نوع الحوادث من الأفعال والمفاعيل ، واعتقاده بحوادث لا أوّل لها ، ممّا يستلزم قدم شيء غير الله ، وهو كفر(١) .

٢ ـ قول ابن تيمية بفناء النار ، وهو مخالف لإجماع المسلمين(٢) .

٣ ـ قول ابن تيمية ومحمّد بن عبد الوهّاب بالتجسيم ، وهذا الرأي مشهور عنهما ، وقد ذكراه في أكثر كتبهما وصرّحا به(٣) .

٤ ـ تكفير ابن تيمية ومحمّد بن عبد الوهّاب المسلمين(٤) .

__________________

١ ـ منهاج السنّة ١ / ٢١٥.

٢ ـ حادي الأرواح ١ / ٢٥٦.

٣ ـ منهاج السنّة ٢ / ٦٤٨.

٤ ـ فصل الخطاب لسليمان بن عبد الوهّاب : ٢٨.

٤٨٣

٥ ـ نسب محمّد بن عبد الوهّاب القول بنفي ذرّية الإمام الحسن إلى الشيعة ، وقال : وهذا القول شائع فيهم ، وهم مجمعون عليه(١) .

ولا يوجد ولا شيعي واحد ينفي ذرّية الإمام الحسن المجتبىعليه‌السلام ، بل كُلّهم يثبتونها.

٦ ـ إنكار ابن تيمية وابن عبد الوهّاب الزيارة والتبرّك ، وخالفا في قولهما هذا رأي الأكثرية للمذاهب الإسلامية.

وأهمّ شيء يجب أن تعرفه وتطّلع عليه هو : أنّ كبار علماء المذاهب الإسلامية منذ أن أعلن ابن تيمية وابن عبد الوهّاب عن آرائهما المنحرفة وقفوا أمام انحرافهما ، وكتبوا مئات الكتب في الردّ عليهما ، وعلى آرائهما المخالفة لإجماع المسلمين ، والمخالفة للكتاب والسنّة الصريحة وكذبهما.

فمن أكاذيب ابن تيمية :

١ ـ إنكاره أن يكون ابن عباس تتلمذ على الإمام عليعليه‌السلام (٢) ، وقد أثبت المنّاوي تتلمذ ابن عباس على الإمامعليه‌السلام (٣) ، كما أثبت ذلك القاضي الإيجي(٤) .

٢ ـ تكذيبه لحديث « علي مع الحقّ والحقّ مع علي » ، وادعاؤه أنّ أحداً لم يروه(٥) ، مع أنّ هذا الحديث رواه جمهرة من علماء أهل السنّة(٦) .

٣ ـ إنكاره قضية المؤاخاة بين النبيّ والإمام علي ، وبين المهاجرين بعضهم من بعض(٧) ، والحال أنّك تجد حديث المؤاخاة في مجموعة من مصادر أهل السنّة(٨) .

__________________

١ ـ رسالة في الردّ على الرافضة : ٢٩.

٢ ـ منهاج السنّة ٧ / ٥٣٦.

٣ ـ أُنظر : فيض القدير ٤ / ٤٧٠.

٤ ـ أُنظر : المواقف : ٤١١.

٥ ـ منهاج السنّة ٤ / ٢٣٨.

٦ ـ أُنظر : تاريخ بغداد ١٤ / ٣٢٢ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٤٤٩ ، الإمامة والسياسة ١ / ٩٨ ، جواهر المطالب ١ / ٣٤٣ ، شرح نهج البلاغة ٢ / ٢٩٧ و ١٨ / ٧٢ ، ينابيع المودّة ١ / ١٧٣.

٧ ـ منهاج السنّة ٤ / ٣٢ و ٥ / ٧١ و ٧ / ١١٧ و ٢٧٩ و ٣٦١.

٨ ـ أُنظر : الجامع الكبير ٥ / ٣٠٠ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٦١ ، المستدرك ٣ / ١٤ ، نظم درر السمطين : ٩٥ ، كنز العمّال ١٣ / ١٤٠ ، ينابيع المودّة ١ / ١٧٧ ، ذخائر العقبى : ٦٦ ، تحفة الأحوذي ١٠ / ١٥٢.

٤٨٤

حتّى ردّ ابن حجر على ابن تيمية في إنكاره مسألة المؤاخاة في كتابه فتح الباري ، وقال : « هذا ردّ للنصّ بالقياس ، وإغفال عن حكمة المؤاخاة »(١) ، كما وردّ عليه أيضاً الزرقاني في شرح المواهب اللدنية(٢) .

٤ ـ قول ابن تيمية حول حديث « اللهم وال من والاه وعاد من عاداه » : « كذب باتفاق أهل المعرفة بالحديث »(٣) ، مع أنّ هذا الحديث أخرجه أحمد بأسانيد صحيحة ، كما أخرجه غيره(٤) .

٥ ـ قول ابن تيمية حول حديث « مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح » : « هذا لا يعرف له إسناد لا صحيح ، ولا هو في شيء من كتب الحديث التي يعتمد عليها »(٥) ، والحال أنّ الحديث يرويه جماعة من علماء أهل السنّة(٦) .

__________________

١ ـ فتح الباري ٧ / ٢١١.

٢ ـ شرح المواهب اللدنية ١ / ٣٧٣.

٣ ـ منهاج السنّة ٧ / ٥٥.

٤ ـ أُنظر : مسند أحمد ١ / ١١٨ و ٤ / ٢٨١ و ٣٧٠ و ٥ / ٣٧٠ ، المستدرك ٣ / ١٠٩ و ١١٦ و ٣٧١ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٧ / ٤٩٩ و ٥٠٣ ، ذخائر العقبى : ٦٧ ، كتاب السنّة : ٥٥٢ ، السنن الكبرى للنسائي ٥ / ٤٥ و ١٣٠ و ١٣٥ و ١٥٥ ، خصائص أمير المؤمنين : ٩٣ و ١٠٠ و ١٣٢ ، مسند أبي يعلى ١ / ٤٢٩ و ١١ / ٣٠٧ ، صحيح ابن حبّان ١٥ / ٣٧٦ ، المعجم الصغير : ٦٥ ، المعجم الأوسط ٢ / ٢٤ و ٢٧٥ و ٣٦٩ و ٦ / ٢١٨ ، المعجم الكبير ٢ / ٣٥٧ و ٣ / ١٨٠ و ٤ / ١٧ و ١٧٤ و ٥ / ١٦٦ و ١٧٥ و ١٩٢ و ٢٠٣ و ٢١٢ و ١٢ / ٩٥ ، مسند الشاميين ٣ / ٢٢٣ ، شرح نهج البلاغة ٢ / ٢٨٩ و ٣ / ٢٠٨ و ٤ / ٦٨ و ٨ / ١٧ و ١٣ / ١٩٣ و ١٨ / ٧٢ و ١٩ / ٢١٧ و ٢٠ / ٢٢١ ، نظم درر السمطين : ٩٥ و ١٠٩ ، موارد الظمآن : ٥٤٤ ، كنز العمّال ١ / ١٨٧ و ٥ / ٢٩٠ و ١١ / ٦٠٩ و ١٣ / ١٠٤ و ١٣١ و ١٣٩ و ١٥٧ و ١٦٩ ، فيض القدير ٦ / ٢٨٢ ، كشف الخفاء ٢ / ٢٧٤ ، شواهد التنزيل ١ / ٢١٠ و ٢٢٣ و ٢٥١ و ٢ / ٣٩٠ ، الدرّ المنثور ٢ / ٢٩٣ ، تاريخ بغداد ٧ / ٣٨٩ و ١٤ / ٢٤٠ ، تاريخ مدينة دمشق ٢٥ / ١٠٨ و ٤٢ / ٢٠٥ و ٢١٠ و ٢١٥ و ٢٢٠ و ٢٢٧ و ٢٣٥ ، أُسد الغابة ١ / ٣٠٨ و ٣٦٧ و ٢ / ٢٣٣ و ٣ / ٩٢ و ٣٠٧ و ٣٢١ و ٤ / ٢٨ و ٥ / ٦ و ٢٠٥ و ٢٧٦ ، تهذيب الكمال ١١ / ١٠٠ و ٣٣ / ٢٨٤ و ٣٦٨ ، تاريخ اليعقوبي ٢ / ١١٢ ، البداية والنهاية ٥ / ٢٢٨ و ٧ / ٣٧٠ و ٣٨٣.

١ ـ منهاج السنّة ٧ / ٣٩٥.

٢ ـ أُنظر : المستدرك ٢ / ٣٤٣ و ٣ / ١٥١ ، المعجم الأوسط ٥ / ٣٥٥ و ٦ / ٨٥ ، المعجم الكبير ٣ / ٤٥ و ١٢ / ٢٧ ، مسند الشهاب ٢ / ٢٧٣ ، نظم درر السمطين : ٢٣٥ ، الجامع الصغير ١ /

٤٨٥

٦ ـ قول ابن تيمية عن حديث الطير : « من المكذوبات الموضوعات عند أهل العلم والمعرفة بحقائق النقل »(١) ، والحال أنّ هذا الحديث يرويه جماعة من علماء أهل السنّة(٢) .

وإن شئت المزيد من ذكر انحرافات ابن تيمية وابن عبد الوهّاب ومخالفتهما في العقائد والأحكام لما أجمعت عليه الأُمّة الإسلامية ، فسنوافيك بمئات الموارد منها ، كُلّها مأخوذة من كتبهما.

( الباحث عن الحقّ ـ السعودية ـ سنّي )

بعض المآخذ والانتقادات عليهم :

س : أرجو من المختصّين والمتمكّنين هنا أن يسردوا لي جميع المآخذ والانتقادات التي يأخذها الشيعة على الشيخ محمّد بن عبد الوهّاب ودعوته ، مشفوعة بالحجج والبراهين التي تدعم كلامهم؟

ج : أودّ أوّلاً أن أشير إلى ملاحظة وجدتها في سؤالك ، ألا ترى نفسك متفائل جدّاً ، أو غير واقعي بقولك : أرجو من المختصّين والمتمكّنين هنا أن يسردوا لي جميع المآخذ.

أخي : أتعرف أنّ لفظ جميع يطلق ويراد به كُلّ ما موجود من المآخذ ، فهل

__________________

٣٧٣ و ٢ / ٥٣٣ ، كنز العمّال ١٢ / ٩٤ ، فيض القدير ٢ / ٦٥٨ و ٥ / ٦٦٠ ، الدرّ المنثور ٣ / ٣٣٤ ، تهذيب الكمال ٢٨ / ٤١١ ، سبل الهدى والرشاد ١٠ / ٤٩٠ ، ينابيع المودّة ١ / ٩٣ و ٢ / ٩٠ و ٤٧٢ ، أحكام القرآن لابن العربي ١ / ٣٢٢ ، المعارف : ١٤٦.

١ ـ منهاج السنّة ٧ / ٣٧١.

٢ ـ أُنظر : الجامع الكبير ٥ / ٣٠٠ ، ذخائر العقبى : ٦١ ، طبقات المحدّثين بأصبهان ٣ / ٤٥٤ ، البداية والنهاية ٧ / ٣٩٠ ، المناقب : ١٠٨ ، سبل الهدى والرشاد ٧ / ١٩١ ، ينابيع المودّة ٢ / ١٥٠ ، المستدرك ٣ / ١٣٠ ، أُسد الغابة ٤ / ٣٠ ، المعجم الأوسط ٢ / ٢٠٧ و ٦ / ٩٠ و ٧ / ٢٦٧ و ٩ / ١٤٦ ، تاريخ بغداد ٩ / ٣٧٩ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٢٥٠ و ٢٥٧ ، المواقف ٣ / ٦٢٤ و ٦٣٢ ، الجوهرة : ٦٣ ، البداية والنهاية ٧ / ٣٩٠ ، مطالب السؤول : ٧٦.

٤٨٦

تعتقد أنّه من السهل على أحد من الناس ، أو من الباحثين أن يسرد لك كُلّ المآخذ في وقت قصير من الزمن ، أو تعتقد أنّ هذه المآخذ تعد على الأصابع مثلاً.

إنّ مذهباً كتب فيه وفي الردّ عليه من قبل جميع المذاهب الإسلامية مئات الكتب منذ أن ظهر إلى الآن ، والله أعلم إلى متى سيستمر هذا ، كيف تريد أن نجمع لك مآخذه في صفحة أو صفحتين أو حتّى عشر صفحات؟

إنّ مذهباً مثل المذهب الذي أسسه محمّد عبد الوهّاب ، ويدّعي أنّه يقدّم نظرة مستقلّة على الأقل في كُلّ مسألة من المسائل الإسلامية ، مع الادعاء العريض بالانتساب إلى السلف والصحابة ، والأخذ من القرآن والسنّة ، والأخذ بالظاهر وردّ التأويل ، وأنّ العربية كُلّها موضوعة على الحقيقة ، ولا مجاز فيها ، و الخ.

كيف تريد منّا أن نذكر لك كُلّ مآخذنا عليه ، وعلى ادعاءاته في هذه الصفحة العقائدية ، إنّ هذا لا يحاط به إلاّ بالإطلاع على عدد كبير من الكتب ، مشفوعة بالبحث والتدقيق والتأكّد من المصادر ، ونسبة الأقوال إلى قائليها ، وهذا ليس بالهيّن كما ترى.

ولذا يا أخي ، وحتّى لا نردّك بدون جواب سوف نقتصر على بعض المآخذ ، وأدلّتها والبراهين عليها ، وليس جميعها ، لأنّ سرد المآخذ وحدها يطول ، فكيف بسرد حججها معها ، مع إرشادك إلى بعض المصادر لزيادة الإطلاع.

فنقول : إنّ المآخذ على محمّد عبد الوهّاب تنقسم قسمين : الأوّل في شخص محمّد عبد الوهّاب ، والثاني في عقائده.

الأوّل : من هو محمّد عبد الوهّاب؟ وما هو مستواه العلمي؟ وإلى أيّ حدّ وصل في دراسته الدينية؟ وما علاقته بمستر همفر الجاسوس البريطاني؟ وبالتالي ما هي علاقة بريطانيا بذلك كُلّه؟

٤٨٧

ويتفرّع عليه علاقته بمحمّد بن سعود مؤسّس المملكة السعودية ، ودور بريطانيا في ذلك ، وهذا الجزء الأخير يتعلّق بالأُمور السياسية ، ولا نحبّ الخوض فيه ، ولا صفحة المركز مخصّصة لذلك.

أمّا من هو محمّد عبد الوهّاب ، وما هو مستواه ، فقد ذكر من أرّخ له دراسته على يد أبيه ، وعلى يد عدّة شيوخ في مدن مختلفة ، رحل إليها في مدّة قصيرة ، لا مجال لذكر تفاصيلها هنا.

ولكن باختصار ذكروا : أنّ بداية دراسته كانت على يد والده ، وبعد ذلك سافر إلى الحجّ والمدينة المنوّرة ، وهو في عمر صغير ، ثمّ بعدها إلى عدّة مدن أُخرى إلى أن استقرّ في البصرة ، ومن المعلوم أنّ التحصيل العلمي يحتاج إلى وقت طويل ، واستقرار في أيّ مدينة يذهب إليها لطلب العلم ، وهذا لم يفعله محمّد ابن عبد الوهّاب ، ولا فائدة في ردّ ذلك بالقول : بأنّه كان يمتلك من النبوغ والذكاء ما يجعله يستغني عن ذلك ، فإنّ أذكى الأذكياء في العالم احتاج إلى مدّة من الزمن للدرس والتحصيل.

ثمّ في البصرة ذكروا أنّه درس على يد عدد من الشيوخ منهم المجموعي ، وعدد آخر لا يعرف أحد أسمائهم ، وكذا لم يبيّنوا كيف كان يعيش في البصرة ، ورجّحوا أنّه كان يعمل بالتجارة ، ولا أعلم كيف كان يجمع بين التجارة والدراسة؟ وكذا قالوا أنّه كان يعيش من ريع عائلته ، وهذا كُلّه نقلناه من المؤرّخين المؤيّدين له.

وأمّا المخالفين فحدّث ولا حرج ، فمذكّرات مستر همفر مثلاً تذكر أشياء عن محمّد بن عبد الوهّاب في البصرة ، وعلاقة مستر همفر ـ الجاسوس البريطاني ـ به ما لا يذكره كتّاب ومؤرّخي الوهّابية بحرف ، ولا تقل : أنّ هذا كلام نقله فاسق مغرض عميل لبريطانيا وما إلى ذلك ، فإنّ هذا الاعتراض قد يكون صحيحاً لو لم تكن هناك أدلّة على عدم وجود مصلحة لبريطانيا بنشر ذلك ، ووجود قرائن على العكس تؤيّد ضلوع بريطانيا في هذا الأمر من أوّل

٤٨٨

تأسيس الإمارة السعودية إلى أن سلّمتها إلى يد أمريكا ، وما في تاريخ نجد لعبد الله في ليبي يكفي الباحث عن الحقّ.

ثمّ يذكر المؤرّخون عودته من البصرة ، وأنّه عاد للدرس على يد والده مرّة أُخرى حتّى وفاته ، وفي الأثناء يذكرون خلافه مع والده ، أُنظر كتاب « الشيخ محمّد عبد الوهّاب حياته وفكره » للدكتور عبد الله الصالح القيسي ، حيث قال : ويقول ابن بشر : « أنّه وقع بينه وبين أبيه كلام » ، وأُنظر كتاب « فصل الخطاب في بيان عقيدة الشيخ محمّد بن عبد الوهّاب » لأحمد نجيب ، حيث قال : « حتّى وقع بينه وبين أبيه كلام ».

فالمؤرّخون المؤيّدون يعلّلون هذا الاختلاف بحيث يصبّ في صالح محمّد بن عبد الوهّاب على أيّ حال ، وأمّا المخالفون فإنّهم يقولون : أنّ أباه أنكر عليه عقيدته ، كما أنكرها عليه غيره من العلماء ، ومنهم أخوه سليمان ، وكتابه « الصواعق الإلهية في الردّ على الوهّابية » ، أشهر من أن يذكر ، هذا موجز مختصر جدّاً لنظرتنا لشخص محمّد بن عبد الوهّاب.

الثاني : عقائده.

وقبل الشروع بذكر عقائده نودّ أن نقول : أنّ محمّد بن عبد الوهّاب كان تلميذاً على كتب ابن تيمية وعيالاً عليه ، وياليته كان تلميذاً جيّداً وذكياً يفهم كُلّ ما يقوله ابن تيمية! لكنّه كان ينقل من ابن تيمية ما يقوله بسطحية ساذجة ، فتراه في ما كتبه ينقل عنه العبارات البسيطة غير العميقة والمعقدّة علمياً ، ولو تصفّحت مؤلّفات ابن عبد الوهّاب لرأيتها في حدّ ذاتها أقوالاً يستطيع أن يتلفّظ بها كُلّ شخص قرأ عدّة كتب في الفقه والحديث ، ولا يغرّنّك ما أضاف إليها أتباعه من الشرح والاستدلال ، فمثلاً أُنظر ما كتبه في تفسير بعض الآيات ، فإنّه لا يرتفع فوق فهم أيّ شخص عادي من الآية ، وإن كان ذلك يعتبر عند سكّان نجد في ذلك الوقت علماً ليس فوقه علم.

٤٨٩

ولذا لا ترى أيّ من الكتّاب والعلماء ينقل له تحقيق علمي ، أو قول فقهي ، أو رأي تفسيري يستدلّ به في كتابه ، اللهم ما عدا أتباعه ، وسببه واضح للباحث عن الحقّ ، مع أنّهم أيضاً كذلك لا يأتون بكلامه كدليل علمي إذ لا يتحمّل مثل ذلك ، وإنّما يأتون بها كاستشهادات ومؤيّدات.

ولك مثال على ذلك ، بأن تنظر في أوّل أجزاء المجموعة الكاملة لابن عبد الوهّاب في العقيدة ، فخذ كتاب التوحيد وما بعده ، ترى فقر المستوى العلمي لفهم الآيات من خلال ما يطرحه بعدها من مسائل! يستطيع أيّ مثقّف بسيط أن يستخرجها كعناوين لما موجود في الآية ، وهو شبيه بالتفسير الموضوعي ، ولكنّه يفتقر إلى العمل الأساسي فيه ، ألا وهو الربط بين معاني ومواضيع الآيات المختلفة المنتشرة في كُلّ القرآن الكريم.

فإنّك تراه يأخذ عدّة آيات فقط ، ويفسّر العقيدة عليها بكلمات بسيطة لا تغني طالب العلم ، نعم هي كبيرة عند سكّان نجد في ذلك الوقت ، إذ أكثرهم أُمّيّون ، فخذ مثلاً مسألة من مسائل باب التوحيد التي أخذها ، من أوّل آية ذكرها ، ألا وهي قوله تعالى :( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ) (١) قال : « المسألة الأُولى : الحكمة في خلق الجنّ والأنس »(٢) ، هكذا فقط! وفقط!!

وكأنّ العربي عندما تقرأ عليه هذه الآية لا يفهم هذه الجملة منها ، وكأنّ قوله هذا أصبح تفسيراً! أين كلامه من كلام فطاحلة الإسلام في التفسير ، إنّ هذه الآية فيها من الكلام والبحث العلمي والغور في أعماقها ممّا ينقل القارئ لتفسيرها إلى عالم العبادة والتوحيد والعشق والإخلاص الإلهي ، ممّا لا يسع المقام لذكره هنا ، فراجع تفاسير المفسّرين إن أردت ذلك.

وهكذا في بقية المسائل في هذا الكتاب وبقية الكتب ، إلى آخر ما كتبه في الحديث والفقه والسيرة ، فإنّه لا يعدو إلاّ أن يكون كلمات إنشائية فقيرة

__________________

١ ـ الذاريات : ٥٦.

٢ ـ كتاب التوحيد : ١٢.

٤٩٠

علمياً ، أو مقتطفة من كلمات آخرين بدون تحقيق أو تعليق ، وما أكثرها عن ابن تيمية ، وياليته نقل وعلّق على كلمات ابن تيمية في الكلام والفلسفة والمنطق والمجاز ، وسند الحديث والدراية والفقه ، التي تدلّ على أنّ من كتبها قد أتعب فكره وصرم وقته بالدرس ، على ما فيها من الباطل والمغالطات ، ولكن حتّى هذا لم يستطع ابن عبد الوهّاب أن يفعله.

وأمّا عقائده : فإنّ له الكثير من العقائد التي يأخذها عليه الشيعة الإمامية فضلاً عن بقية المسلمين ، هذا بغض النظر عمّا تبع فيه ابن تيمية في معتقده وآرائه ، والتي ردّها معاصروه من علماء المسلمين شيعة وسنّة ، فضلاً عن اللاحقين لهم وإلى الآن ، فما يردّه الشيعة على ابن تيمية يعتبر بحدّ ذاته ردّاً على ابن عبد الوهّاب لأنّه يعتبره إمامه.

وأمّا اعتقاداته التي ضمّنها في كتبه ، فإنّا نرشدك إلى مراجعة كتاب « البراهين الجلية في رفع تشكيكات الوهّابية ».

يقول في كتابه « كشف الشبهات » : تبيّن لك أنّ الشفاعة كُلّها لله ، وأطلبها منه وأقول : اللهم لا تحرمني شفاعته ، اللهم شفّعه فيّ ، وأمثال هذا.

فإن قال : النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أُعطي الشفاعة وأنا أطلبه ممّا أعطاه الله ، فالجواب : أنّ الله أعطاه الشفاعة ، ونهاك عن هذا فقال :( فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا ) (١) .

بينما الشيعة الإمامية تقول : أنّ الشفاعة ثابتة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وصالح المؤمنين ، والملائكة المقرّبين ، فيجوز الاستشفاع بهم إلى الله تعالى ، لنهوض الكتاب والسنّة عليه.

ويقول : « فاستغاثتهم بالأنبياء يوم القيامة يريدون منهم أن يدعوا الله ، أن يحاسب الناس حتّى يستريح أهل الجنّة من كرب الموقف ، وهذا جائز في الدنيا والآخرة ، وذلك أن تأتي عند رجل صالح حتّى يجالسك ويسمع كلامك ، تقول له : ادع الله لي ، كما كان أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يسألونه ذلك في حياته ،

__________________

١ ـ الجنّ : ١٨ ، كشف الشبهات : ١٧.

٤٩١

وأمّا بعد موته ، فحاشا وكلاّ أنّهم سألوا ذلك عند قبره ، بل أنكر السلف على من قصد دعاء الله عند قبره ، فكيف بدعائه نفسه »(١) ؟!

ويرد عليه : أنّ السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان لم ينكروا التوسّل بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لا حال حياته ولا بعد وفاته ، بل كانوا يتوسّلون به قبل وجوده ، وعليه مذهب المسلمين كافّة ، ما عدا الطائفة الوهّابية الذين عبّروا عنه بالشرك الأكبر ، وأباحوا لأجله دماء المسلمين وأموالهم على خلاف الكتاب والسنّة وما عليه الصحابة.

واحتجّ ابن عبد الوهّاب على تحريم مطلق ما عليه الإمامية من تعظيم قبور الأنبياء والأولياء وإكرامها ، والالتزام بها وبآدابها ـ من الزيارة والدعاء والتوسّل وطلب الشفاعة ـ بقوله : ومن الدليل على ذلك أيضاً : ما حكى الله تعالى عن بني إسرائيل مع إسلامهم وعلمهم وصلاحهم أنّهم قالوا لموسى :( اجْعَل لَّنَا إِلَهًا ) (٢) .

ونقول له : أنّ الإمامية على جواز زيارة قبور المؤمنين ، وأنّها مستحبّة شرعاً فضلاً عن زيارة قبر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لتواتر الأحاديث الصحيحة الصريحة في استحبابها ، مضافاً إلى عمل المسلمين قاطبة من زمان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى زماننا هذا ، فضلاً عن عمل النبيّ في زيارته شهداء أُحد ، وحضورهصلى‌الله‌عليه‌وآله لزيارة البقيع.

( صالح ـ السعودية ـ سنّي )

علاقتهم بمستر همفر :

س : أنا لا أصدّق أنّ الشيخ محمّد بن عبد الوهّاب كان يتعامل مع مستر همفر البريطاني ، أعتقد هذه قصّة مصطنعة؟

__________________

١ ـ كشف الشبهات : ٢٧.

٢ ـ الأعراف : ١٣٨ ، كشف الشبهات : ٢٣.

٤٩٢

ج : إنّ الشيعة وغيرهم من المذاهب الإسلامية لا يعتمدون في ردّهم على محمّد ابن عبد الوهّاب والوهّابية على كتاب مذكّرات مستر همفر ، بل يعتمدون في ردّهم على ما ورد في كتب محمّد بن عبد الوهّاب ، وكتاب مذكّرات مستر همفر ليس إلاّ مذكّرات كتبها الجاسوس البريطاني مستر همفر ، محفوظة في بريطانيا ، ومترجمة إلى اللغة العربية ، وشأن هذه المذكّرات شأن سائر المذكّرات الأُخرى ، التي يمكن أن يستفاد منها كقرائن لإثبات بعض الحقائق التاريخية ، وأكثر ما ورد في مذكّرات مستر همفر لم يتفرّد به ، بل له قرائن كثيرة في كتب التاريخ.

( هدى ـ السعودية ـ )

زرعوا الفتنة والبغضاء بين المسلمين :

س : لماذا لا يحبّونا نحن الشيعة؟

ج : الشيعة والسنّة هم إخوان يحبّ بعضهم بعضاً ، ولهم عِشرة حسنة في أكثر دول العالم ، باستثناء الوهّابية الموجود أكثرهم في السعودية ، حيث زرعوا الفتنة بين المسلمين ، ونشروا البغضاء بما طرحوه من أفكارهم المسمومة ، حتّى وصل بهم الأمر إلى تكفير الكثير من الفرق الإسلامية.

فالمشكلة هي في الأماكن التي يتواجد فيها أتباع محمّد بن عبد الوهّاب ، وفي كُلّ مكان يخلو منهم ، فإنّ المسلمين في أمان ومحبّة ومودّة.

( ـ ـ )

الردّ عليهم واجب :

س : لكم منّي جزيل الشكر والامتنان على إرسالكم لي هدية مسابقة عاشوراء ، الصغيرة في حجمها الكبيرة في معناها ، وأثابكم الله على

٤٩٣

جهودكم الجبّارة ، واهتمامكم الواسع في نشر العقيدة الصحيحة ، والردّ على الشبهات التي يثيرونها.

وهنا أُريد أن أشير لكم عن موقف حدث لي وأنا كنت في موقع من مواقع الوهّابية : عندما كنت أستمع لهم وهو يقومون بشتمنا ويسمّونا بالرافضة ، وبمجرّد الدخول معهم في المناقشة للردّ عليهم نبدأ بالصلاة والسلام على محمّد وآل محمّد يقوموا بطردنا من الموقع ، هنا سؤال : كيف يمكننا الردّ عليهم؟ والله ولي التوفيق.

ج : الردّ على أباطيل خصوم مذهب أهل البيتعليهم‌السلام واجب شرعي على كُلّ من له قدرة على الردّ ، وذلك باستعمال شتّى الأساليب في الردّ عليهم ، وتبيين أكاذيبهم وافتراءاتهم.

هذا ، وإنّ ما يقوم به الوهّابية من طرد للشيعة بمجرّد محاولتهم التكلّم ، لهو دليل على ضعف حجّتهم ، إذ من له دليل يناقش ويعتمد على المباني ، ومن لا دليل له يعتمد على السبّ والشتم والطرد.

وعليه ، فعلى الشيعة أن لا ييأسوا بمحاولات الوهّابية هذه ، بل عليهم أن يكرّروا دخولهم في هذه المواقع ، ويحاولوا أن يوجدوا جوّاً يفرضون به على الخصم قبول المناظرة ، وسماع كلام الشيعة.

( حمد حسن ـ قطر ـ ٢١ سنة ـ طالب جامعة )

كيف نتعامل معهم :

س : نلاحظ ـ خاصّة في مواقع الإنترنت ـ تكفير الوهّابية للشيعة ومحاربتهم واتهامهم بالتكذيب وبالبدع والضلالة إلى حدّ التكفير وغيرها!!

فكيف نتعامل معهم؟ هل نردّ عليهم كما يهاجموننا؟ أو نحاول التقريب ـ رغم أنّ بعضهم يرفض ذلك بحجّة أنّهم هم الحقّ ـ؟

٤٩٤

ج : نتعامل معهم كما كان أئمّتناعليهم‌السلام يتعاملون مع مخالفيهم ، بالحكمة والموعظة الحسنة ، لأنّ الأئمّةعليهم‌السلام كانوا الأوصياء لجدّهم النبيّ محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، الذي بُعث رحمة للعالمين ، ليخرجهم من الظلمات إلى النور.

فكانصلى‌الله‌عليه‌وآله يتحمّل أنواع الأذى بسعة صدر ، وهو في ذلك يدعو لهم بالهداية ، وكذلك كان أهل البيتعليهم‌السلام ، والمتوقّع منّا نحن شيعة أهل البيتعليهم‌السلام أن نكون كذلك ، نتحمّل أذاهم وتجريحهم ، رأفة بهم ورحمة ، لنخرجهم ممّا هم عليه ، من الظلمات إلى النور ، وذلك بتبيين الدليل لهم ، وعرضه عليهم بأسلوب ممزوج بالمحبّة والإشفاق عليهم ، ومهما حاولوا أن يستفزّونا بكلماتهم وأساليبهم الوحشية ، فالواجب علينا أن نتحمّلهم بسعة صدر.

وهذه هي الطريقة التي يتعامل بها المركز مع الوهّابيين في موقعه ، وفي حضور أعضائه في معارض الكتاب في العالم ، وقد أعطت نتاجاً حسناً ، وها هو المركز يقطف ثمار هذا التعامل ـ الذي اقتبسه من سيرة أهل البيتعليهم‌السلام ـ : بركوب الكثيرين ـ وحتّى من الوهّابيين ـ في سفينة النجاة واستبصارهم.

( عماد الدين ـ أمريكا ـ ٣٦ سنة ـ بكالوريوس هندسة )

فيهم العالم المنحرف والجاهل المتعصّب :

س : هناك أدلّة كثيرة على إمامة علي عليه‌السلام بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في كتب أهل السنّة فضلاً عن الشيعة ، ولكن لماذا بعد كُلّ هذه الدلائل نجد الوهّابيين النواصب لا يزالون يرفضون ويجحدون ولاية علي عليه‌السلام ، ويطعنون بفاطمة الزهراء عليها‌السلام كما فعل ابن تيمية؟ فلماذا كُلّ هذا الاجحاد بعد كُلّ هذه الأدلّة؟

ج : لقد قام المذهب المناوئ لأهل البيتعليهم‌السلام بتزوير الإسلام ، وأسّسوا سبلاً غير سبيل الله تعالى ، وغير صراطه المستقيم ، فقاموا بإخفاء الأحاديث التي تثبت الحقّ والفضل لأهل البيتعليهم‌السلام بوسائل مختلفة ، منها :

٤٩٥

منع الصحابة من التحديث ، ومن تدوين الأحاديث ، والإقامة الجبرية لبعضهم الموالين وغير ذلك ، وكذلك بثّوا ووضعوا أحاديث في قبال أحاديث أهل البيتعليهم‌السلام ، مثل قول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة » ، فقد وضعوا في قباله : « أبو بكر وعمر سيّدا كهول أهل الجنّة » ، مع خلو الجنّة من الكهول بالاتفاق.

وكذلك قول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : «سدّوا كُلّ الأبواب إلاّ باب علي » ، فوضعوا في قباله : « سدّوا عنّي كل خوخة في هذا المسجد غير خوخة أبي بكر » ، وقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « تركت فيكم الثقلين ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبداً : كتاب الله وعترتي أهل بيتي » ، فوضعوا في قباله « كتاب الله وسنّتي » ، مع العلم أنّ أكثر الأحاديث التي وضعوها لم تصحّ على شروطهم أيضاً ، ولله الحمد والمنّة ، ولله الحجّة البالغة.

فالمتأخّرون كما هو الحال في المتقدّمين ، منهم من يعلم الحقّ وينحرف عنه ويحاربه ، ومنهم من انطلى عليه الباطل وأخذ به ، فإذا هو في وادٍ سحيق من دون أن يلتزم البحث العلمي الرصين النزيه دون تعصّب ، فبقي يدافع عن مذهبه الذي وضعه أعداء الحقّ بمكرهم وكيدهم ، دون الالتفات إلى الحجج الباهرة البالغة الواضحة الصريحة ، فهم بين من ألبست عليه الشبهة وغاب عنه الحقّ ، وبين عالم بالحقّ معاند ، يدفعه إلى ذلك ما دفع كُلّ الجاحدين من زمن أبينا آدمعليه‌السلام إلى الآن.

( حسين حسن السهيل ـ لبنان )

تكفيرهم لأهل القبلة :

س : إنّي شيعي من جنوب لبنان ، لقد تعرّفت على هذا الموقع عن طريق أخي ، وأنا قد واجهت بعض المشاكل في الحديث عن أهل البيت مع الإخوة السنّة ، وإنّي حاولت أن أحدّد إجاباتي في كُلّ وقت يطرح عليّ سؤال ما ،

٤٩٦

ولكن وفي وقت من الأوقات تحدّثت مع أخي ، وقال لي تراسل مع هذا المركز الذي سوف يساعدك قي مواجهة هذه المشكلة.

والمشكلة على وجه التحديد هي : تكفير المذهب الوهّابي للمذهب الشيعي ، واعتقادهم بأنّهم هم المذهب المسلم المسالم المسلمين ، فأتمنّى منكم أن ترسلوا لي بعض الأحاديث والدلائل على مناقشة هذا الموضوع بطريقة الكتاب ، وعبر طريق المستندات السنّية ، التي تثبت القول ، وذلك لفقر مناطقنا الشيعية بهذه الكتب ، وشكراً.

ج : إنّ تكفير أهل القبلة أمر مردود على صاحبه ، ومرفوض كتاباً وسنّة ، قال تعالى في كتابه الكريم :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) (١) .

وعن ابن عباس قال : لحق المسلمون رجلاً في غنيمة له ، فقال : السلام عليكم ، فقتلوه ، وأخذوا غنيمته ، فنزلت هذه الآية :( وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) تلك الغنيمة(٢) .

وأيضاً عن ابن عباس قال : مر رجل من سليم على نفر من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومعه غنم فسلّم عليهم ، فقالوا : ما سلّم عليكم إلاّ ليتعوّذ منكم ، فقاموا إليه فقتلوه ، وأخذوا غنمه وأتوا بها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأنزل الله تعالى :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُواْ ) (٣) .

فقد دلّت الآية الكريمة على أنّ من أظهر أدنى علامات الإسلام ـ كالتحية ـ تجري عليه أحكامه ، من عصمة ماله ودمه.

__________________

١ ـ النساء : ٩٤.

٢ ـ صحيح البخاري ٥ / ١٨٢ ، السنن الكبرى للنسائي ٥ / ١٧٤ و ٦ / ٣٢٦ ، جامع البيان ٥ / ٣٠٥ ، أسباب نزول الآيات : ١١٥ ، الجامع لأحكام القرآن ٥ / ٣٣٦ ، تفسير القرآن العظيم ١ / ٥٥١ ، الدرّ المنثور ٢ / ١٩٩ ، فتح القدير ١ / ٥٠٢.

٣ ـ أسباب نزول الآيات : ١١٥.

٤٩٧

عن ابن عباس في قوله :( وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا ) ، قال : حرّم الله على المؤمنين أن يقولوا لمن يشهد أن لا إله إلاّ الله لست مؤمناً ، كما حرّم عليهم الميتة ، فهو آمن على ماله ودمه ، فلا تردّوا عليه قوله(١) .

وقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إيّاكم والظنّ فإنّه أكذب الحديث »(٢) ، وقال تعالى :( وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ) (٣) ، وقال :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ ) (٤) ، ومعلوم أنّه لم يرد حقيقة العلم بضمائرهنّ واعتقادهنّ ، وإنّما أراد ما ظهر من إيمانهنّ من القول.

وقال تعالى :( وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا ) ، وذلك عموم في جميع الكفّار ، وقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لأُسامة بن زيد ، حيث قتل الرجل الذي قال : لا إله إلاّ الله ، فقال : إنّما قالها متعوّذاً ، قال : «هلاّ شققت عن قلبه »(٥) .

وقال سيّد سابق في فقه السنّة : وفي ميدان الحرب والقتال ، إذا أجرى المقاتل كلمة السلام على لسانه ، وجب الكفّ عن قتاله ، يقول الله تعالى :( وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا ) (٦) .

نقول : فما بالك بالذي يشهد الشهادتين ، ويؤمن بالمعاد ، ويأتي بما أوجب الله تعالى عليه ، من صلاة وصيام وزكاة وحجّ وغيرها من فروع الدين ، هل يحقّ لأحد ـ ممّن يدّعي الإسلام ـ أن يكفّره؟ أو يقاتله؟ أو يعتدي على ماله؟ ويسبي ذراريه؟ وهو ما يفتي به علماء الوهّابية بحقّ من خالفهم من المسلمين ،

__________________

١ ـ جامع البيان ٥ / ٣٠٥ ، الدرّ المنثور ٢ / ٢٠١.

٢ ـ مسند أحمد ٢ / ٥٣٩ ، مسند الشهاب ٢ / ٩٧ أحكام القرآن للجصّاص ٢ / ٣٥٠ و ٣٦٠ و ٣ / ٣٩٧ ، تفسير الثعالبي ٥ / ٢٧٣.

٣ ـ الإسراء : ٣٦.

٤ ـ الممتحنة : ١٠.

٥ ـ مسند أحمد ٥ / ٢٠٧ ، صحيح مسلم ١ / ٦٧.

٦ ـ فقه السنّة ٢ / ٥٩٦.

٤٩٨

ويخصّون بالذكر أتباع أهل البيتعليهم‌السلام ، يبتغون بذلك عرض الحياة الدنيا ، كما هو الواقع الذي تحكي عنه الآية السابقة ، فبئس ما يصنعون.

وقد ورد في السنّة الشريفة من الأحاديث والمواقف الدالّة على النهي الشديد عن تكفير أهل القبلة ، وأهل الشهادتين وقتالهم ، نذكر جملة منها :

١ ـ قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لا تكفّروا أهل ملّتكم ، وإن عملوا الكبائر »(١) .

٢ ـ وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لا تكفّروا أحداً من أهل قبلتي بذنب ، وإن عملوا الكبائر »(٢) ، نقول : نعم إنّ الكبائر توجب العقاب لا الكفر.

٣ ـ وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «بني الإسلام على خصال : شهادة أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمّداً رسول الله ، والإقرار بما جاء من عند الله , والجهاد ماض منذ بعث رسله إلى آخر عصابة تكون من المسلمين فلا تكفّروهم بذنب ، ولا تشهدوا عليهم بشرك »(٣) .

٤ ـ وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «بني الإسلام على ثلاث ، أهل لا إله إلاّ الله لا تكفّروهم بذنب ، ولا تشهدوا عليهم بشرك »(٤) .

٥ ـ وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إذا أحدكم قال لأخيه : يا كافر ، فقد باء بها أحدهما »(٥) .

٦ ـ وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لا يرمي رجل رجلاً بالفسق ، ولا يرميه بالكفر إلاّ ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك »(٦) .

٧ ـ وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «من كفّر أخاه فقد باء بها أحدهما »(٧) .

__________________

١ ـ نصب الراية ٢ / ٣٥ ، كنز العمّال ١ / ٢١٥.

٢ ـ الجامع الكبير ٢ / ٤٣ ، كنز العمّال ١ / ٢١٥.

٣ ـ كنز العمّال ١ / ٢٩.

٤ ـ المصدر السابق ١ / ٢٧٧.

٥ ـ مسند أحمد ٢ / ١٨ و ٦٠ و ١١٢ ، صحيح البخاري ٧ / ٩٧ ، صحيح مسلم ١ / ٥٧ ، الجامع الكبير ٤ / ١٣٢.

٦ ـ مسند أحمد ٥ / ١٨١ ، صحيح البخاري ٧ / ٨٤ ، الجامع الصغير ٢ / ٤٦٤.

٧ ـ مسند أحمد ٢ / ١٤٢ ، تاريخ بغداد ٩ / ٦٤.

٤٩٩

٨ ـ وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «أيّما رجل مسلم كفّر رجلاً مسلماً ، فإن كان كافراً وإلاّ كان هو الكافر »(١) .

٩ ـ وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فهو كقتله »(٢) .

١٠ ـ وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «كفّوا عن أهل لا إله إلاّ الله ، لا تكفّروهم بذنب ، فمن أكفر أهل لا إله إلاّ الله فهو إلى الكفر أقرب »(٣) .

وعن الزهري : أخبرني محمود بن الربيع قال : سمعت عتبان بن مالك يقول : غدا عليّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال رجل : أين مالك بن الدخشن؟ فقال رجل منّا : ذلك منافق لا يحبّ الله ورسوله ، فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : «ألا تقولوه يقول لا إله إلاّ الله يبتغي بذلك وجه الله » قال : بلى ، قال : «فإنّه لا يوافي عبد يوم القيامة به ، إلاّ حرّم الله عليه النار »(٤) .

وعن ابن ظبيان : « سمعت أُسامة بن زيد بن حارثة يحدّث قال : بعثنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الحرقة من جهينة ، قال : فصحبنا القوم فهزمناهم ، قال : ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجل منهم ، قال : فلمّا غشّيناه قال : لا إله إلاّ الله ، فكفّ عنه الأنصاري ، فطعنته برمحي حتّى قتلته.

قال : فلمّا قدمنا بلغ ذلك النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : فقال لي : «يا أُسامة ، أقتلته بعدما قال لا إله إلاّ الله »؟ قال : قلت : يا رسول الله إنّما كان متعوّذاً ، قال : «أقتلته بعد أن قال لا إله إلاّ الله »؟ قال : فما زال يكرّرها عليّ حتّى تمنّيت أنّي لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم »(٥) .

وعن الزهري قال : حدّثنا عطاء بن يزيد : أنّ عبيد الله بن عدي حدّثه : أنّ المقداد بن عمرو الكندي ـ حليف بني زهرة ـ حدّثه ، وكان شهد بدراً مع

__________________

١ ـ كنز العمّال ٣ / ٦٣٥.

٢ ـ المعجم الكبير ١٨ / ١٩٤ ، مجمع الزوائد ٨ / ٧٣.

٣ ـ المعجم الكبير ١٢ / ٢١١ ، الجامع الصغير ٢ / ٢٧٥ ، مجمع الزوائد ١ / ١٠٦.

٤ ـ صحيح البخاري ٨ / ٥٤.

٥ ـ المصدر السابق ٨ / ٣٦.

٥٠٠

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667