موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٥

موسوعة الأسئلة العقائديّة8%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-05-8
الصفحات: 667

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 667 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 296688 / تحميل: 6697
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٥

مؤلف:
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠٥-٨
العربية

إملاء مامن به الرحمن

من وجوه الاعراب والقراءات في جميع القرآن

الجزء الثاني

أبي البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري

(٥٣٨ ـ ٦١٦ هـ)

١

سورة الانفال

بسم اللّه الرحمن الرحيم

(عن الانفال) الجمهور على إظهار النون، ويقرأ بإدغامها في اللام، وقد ذكر في قوله " عن الاهلة " و (ذات بينكم) قد ذكر في آل عمران عند قوله " بذات الصدور " (وجلت) مستقبله توجل بفتح التاء وسكون الواو وهى اللغة الجيدة، ومنهم من يقلب الواو ألفا تخفيفا، ومنهم من يقلبها ياء بعد كسر التاء، وهو على لغة من كسر حرف المضارعة، وانقلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ماقبلها، ومنهم من يفتح التاء مع سكون الياء فتركب من اللغتين لغة ثالثة، فتفتح الاول على اللغة الفاشية، وتقلب الواو ياء على الاخرى (وعلى ربهم يتوكلون) يجوز أن تكون الجملة حالا من ضمير المفعول في زادتهم، ويجوز أن يكون مستأنفا.

قوله تعالى (حقا) قد ذكر مثله في النساء و (عند ربهم) ظرف، والعامل فيه الاستقرار، ويجوز أن يكون العامل فيه درجات لان المراد به الاجور.

قوله تعالى (كما أخرجك) في موضع الكاف أوجه: أحدها أنها صفة لمصدر محذوف، ثم في ذلك المصدر أوجه تقديره: ثابتة لله ثبوتا كما أخرجك.

والثانى: وأصلحوا ذات بينكم إصلاحا كما أخرجك، وفي هذا رجوع من خطاب الجمع إلى خطاب الواحد.

والثالث تقديره: وأطيعوا الله طاعة كما أخرجك، والمعنى: طاعة محققة.

والرابع تقديره: يتوكلون توكلا كما أخرجك.

والخامس هو صفة لحق تقديره: أولئك هم المؤمنون حقا مثل ما أخرجك.

والسادس تقديره: يجادلونك جدالا كما أخرجك.

والسابع تقديره: وهم كارهون كراهية كما أخرجك: أى ككراهيتهم أو كراهيتك لاخراجك، وقد ذهب قوم إلى أن الكاف بمعنى الواو التى للقسم وهو بعيد، و (ما) مصدرية، و (بالحق) حال، وقد ذكر نظائره (وإن فريقا) الواو هنا واو الحال.

٢

قوله تعالى (وإذ يعدكم) إذ في موضع نصب: أى واذكروا، والجمهور على ضم الدال، ومنهم من يسكنها تخفيفا لتوالى الحركات، و (إحدى) مفعول ثان، و (أنها لكم) في موضع نصب بدلا من إحدى بدل الاشتمال، والتقدير: وإذ يعدكم الله ملكة إحدى الطائفتين.

قوله تعالى (إذ تستغيثون) يجوز أن يكون بدلا من إذ الاولى، وأن يكون التقدير: اذكروا، ويجوز أن يكون ظرفا لتودون (بألف) الجمهور على إفراد لفظة الالف، ويقرأ بآلف على أفعل مثل أفلس، وهو معنى قوله " بخمسة آلاف " (مردفين) يقرأ بضم الميم وكسر الدال وإسكان الراء، وفعله أردف، والمفعول محذوف: أى مردفين أمثالهم، ويقرأ بفتح الدال على مالم يسم فاعله: أى أردفوا بأمثالهم، ويجوز أن يكون المردفون من جاء بعد الاوائل: أى جعلوا ردفا للاوائل، ويقرأ بضم الميم وكسر الدال وتشديدها، وعلى هذا في الراء ثلاثة أوجه: الفتح وأصلها مرتدفين، فنقلت حركة التاء إلى الراء وأبدلت ذالا ليصح إدغامها في الدال، وكان تغيير التاء أولى لانها مهموسة والدال مجهورة. وتغيير الضعيف إلى القوى أولى.

والثانى كسر الراء على إتباعها لكسرة الدال، أو على الاصل في التقاء الساكنين.

والثالث الضم إتباعا لضمة الميم، ويقرأ بكسر الميم والراء على إتباع الميم الراء، وقيل من قرأ بفتح الراء وتشديد الدال فهو من ردف بتضعيف العين للتكثير، أو أن التشديد بدل من الهمزة كأفرجته وفرجته.

قوله تعالى (وماجعله الله) الهاء هنا مثل الهاء التى في آل عمران.

قوله تعالى (إذ يغشيكم) " إذ " مثل " إذ تستغيثون " ويجوز أن يكون ظرفا لما دل عليه " عزيز حكيم " ويقرأ " يغشاكم " بالتخفيف والالف، و (النعاس) فاعله، ويقرأ بضم الياء وكسر الشين وياء بعدها، والنعاس بالنصب: أى يغشيكم الله النعاس، ويقرأ كذلك إلا أنه بتشديد الشين و (أمنة) مذكور في آل عمران (ماء ليطهركم) الجمهور على المد والجار صفة له، ويقرأ شاذا بالقصر وهى بمعنى الذى (رجز الشيطان) الجمهور على الزاى، ويراد به هنا الوسواس، وجاز أن يسمى رجزا لانه سبب للرجز وهو العذاب، وقرئ بالسين، وأصل الرجس الشئ القذر، فجعل مايفضى إلى العذاب رجسا استقذارا له.

٣

قوله تعالى (فوق الاعناق) هو ظرف لاضربوا، وفوق العنق الرأس، وقيل هو مفعول به، وقيل فوق زائدة (منهم) حال من (كل بنان) أى كل بنان

كائنا منهم، ويضعف أن يكون حالا من بنان إذ فيه تقديم حال المضاف إليه على المضاف (ذلك) أى الامر، وقيل ذلك مبتدأ، و (بأنهم) الخبر: أى ذلك مستحق بشقاقهم (ومن يشاقق الله) إنما لم يدغم لان القاف الثانية ساكنة في الاصل وحركتها هنا لالتقاء الساكنين فهى غير معتد بها.

قوله تعالى (ذلكم فذوقوه) أى الامر ذلكم، أو ذلكم واقع أو مستحق، ويجوز أن يكون في موضع نصب: أى ذوقوا ذلكم، وجعل الفعل الذى بعده مفسرا له، والاحسن أن يكون التقدير: باشروا ذلكم فذوقوه، لتكون الفاء عاطفة (وأن للكافرين) أى والامر أن للكافرين.

قوله تعالى (زحفا) مصدر في موضع الحال، وقيل هو مصدر للحال المحذوفة: أى تزحفون زحفا، و (الادبار) مفعول ثان لتولوهم.

قوله تعالى (متحرفا أو متحيزا) حالان من ضمير الفاعل في يولهم.

قوله تعالى (ذلكم) أى الامر ذلكم (و) الامر (أن الله موهن) بتشديد الهاء وتخفيفها، وبالاضافة والتنوين وهو ظاهر.

قوله تعالى (وأن الله مع المؤمنين) يقرأ بالكسر على الاستئناف، وبالفتح على تقدير: والامر أن الله مع المؤمنين.

قوله تعالى (إن شر الدواب عند الله الصم) إنما جمع الصم وهو خبر شر، لان شرا هنا يراد به الكثرة، فجمع الخبر على المعنى، ولو قال الاصم لكان الافراد على اللفظ والمعنى على الجمع.

قوله تعالى (لاتصيبن) فيها ثلاثة أوجه: أحدها أنه مستأنف، وهو جواب قسم محذوف: أى والله لا تصيبن الذين ظلموا خاصة بل تعم.

والثانى أنه نهى، والكلام محمول على المعنى كما تقول: لا أرينك هاهنا: أى لاتكن هاهنا، فإن من يكون هاهنا أراه، وكذلك المعنى هنا، إذ المعنى لاتدخلوا في الفتنة فإن من يدخل فيها تنزل به عقوبة عامة.

٤

والثالث أنه جواب الامر، وأكد بالنون مبالغة، وهو ضعيف لان جواب الشرط متردد فلا يليق به التوكيد، وقرئ في الشاذ " لتصيبن " بغير ألف.

قال ابن جنى: الاشبه أن تكون الالف محذوفة كما حذفت في أم والله.

وقيل في قراء‌ة الجماعة: إن الجملة صفة لفتنة، ودخلت النون على المنفى في غير القسم على الشذوذ.

قوله تعالى (تخافون) يجوز أن يكون في موضع رفع صفة كالذى قبله: أى خائفون، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في مستضعفون.

قوله تعالى (وتخونوا أماناتكم) يجوز أن يكون مجزوما عطفا على الفعل الاول وأن يكون نصبا على الجواب بالواو.

قوله تعالى (وإذ يمكر) هو معطوف على " واذكروا إذ أنتم ".

قوله تعالى (هو الحق) القراء‌ة المشهورة بالنصب، وهو هاهنا فصل، ويقرأ بالرفع على أن: هو مبتدأ، والحق خبره، والجملة خبر كان، و (من عندك) حال من معنى الحق: أى الثابت من عندك (من السماء) يجوز أن يتعلق بأمطر، وأن يكون صفة لحجارة.

قوله تعالى (أن لا يعذبهم) أى في أن لا يعذبهم، فهو في موضع نصب أو جر على الاختلاف، وقيل هو حال، وهو بعيد لان " أن " تخلص الفعل للاستقبال.

قوله تعالى (وماكان صلاتهم) الجمهور على رفع الصلاة ونصب المكاء، وهو ظاهر. وقرأ الاعمش بالعكس وهى ضعيفة، ووجهها أن المكاء والصلاة مصدران، والمصدر جنس، ومعرفة الجنس قريبة من نكرته، ونكرته قريبة من معرفته. ألا ترى أنه لافرق بين خرجت فإذا الاسد أو فإذا أسد، ويقوى ذلك أن الكلام قد دخله النفى والاثبات، وقد يحسن في ذلك مالا يحسن في الاثبات المحض ألا ترى أنه لا يحسن كان رجل خيرا منك، ويحسن ماكان رجلا إلا خيرا منك؟ وهمزة المكاء مبدلة من واو لقولهم مكا يمكو. والاصل في التصدية تصددة، لانه من الصد، فأبدلت الدال الاخيرة ياء لثقل التضعيف، وقيل هى أصل وهو من الصدى الذى هو الصوت.

٥

قوله تعالى (ليميز) يقرأ بالتشديد والتخفيف، وقد ذكر في آل عمران، و (بعضه) بدل من الخبيث بدل البعض: أى بعض الخبيث على بعض. ويجعل هنا متعدية إلى مفعول بنفسها، وإلى الثانى بحرف الجر، وقيل الجار والمجرور حال تقديره: ويجعل بعض الخبيث عاليا على بعض.

قوله تعالى (نعم المولى) المخصوص بالمدح محذوف: أى نعم المولى الله سبحانه.

قوله تعالى (أن ماغنمتم) " ما " بمعنى الذى: والعائد محذوف، و (من شئ) حال من العائد المحذوف تقديره: ماغنمتموه قليلا وكثيرا (فأن لله) يقرأ بفتح الهمزة.

وفى الفاء وجهان: أحدهما أنها دخلت في خبر الذى لما في الذى من معنى المجازاة، و " أن " وماعملت فيه في موضع رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره: فالحكم أن لله خمسه.

والثانى أن الفاء زائدة و " أن " بدل من الاولى، وقيل " ما " مصدرية والمصدر بمعنى المفعول: أى واعلموا أن غنيمتكم: أى مغنومكم، ويقرأ بكسر الهمزة في " أن " الثانية على أن تكون " أن " وما عملت فيه مبتدأ وخبرا في موضع خبر الاولى والخمس بضم الميم وسكونها لغتان قد قرئ بهما (يوم الفرقان) ظرف لانزلنا أو لآمنتم (يوم التقى) بدل من يوم الاول، ويجوز أن يكون ظرفا للفرقان لانه مصدر بمعنى التفريق.

قوله تعالى (إذ أنتم) إذ بدل من يوم أيضا، ويجوز أن يكون التقدير: اذكروا إذ أنتم، ويجوز أن يكون ظرفا لقدير، والعدوة بالضم والكسر لغتان قد قرئ بهما (القصوى) بالواو، وهى خارجة على الاصل، وأصلها من الواو. وقياس الاستعمال أن تكون القصيا لانه صفة كالدنيا والعليا، وفعلى إذا كانت صفة قلبت واوها ياء فرقا بين الاسم والصفة (والركب) جمع راكب في المعنى، وليس بجمع في اللفظ، ولذلك تقول في التصغير ركيب كما تقول فريخ، و (أسفل منكم) ظرف: أى والركب في مكان أسفل منكم: أى أشد تسفلا، والجملة حال من الظرف الذى قبله، ويجوز أن تكون في موضع جر عطفا على أنتم: أى وإذ الركب أسفل منكم (ليقضى الله) أى فعل ذلك ليقضى (ليهلك) يجوز أن يكون بدلا من ليقضى بإعادة الحرف، وأن يكون متعلقا بيقضى أو بمفعولا (من هلك) الماضى هنا بمعنى المستقبل، ويجوز أن يكون المعنى: ليهلك بعذاب الآخرة من هلك في

٦

الدنيا منهم بالقتل (من حى) يقرأ بتشديد الياء وهو الاصل لان الحرفين متماثلان متحركان، فهو مثل شد ومد، ومنه قول عبيد: عيوا بأمرهم كما * عيت ببيضتها الحمامه ويقرأ بالاظهار وفيه وجهان: أحدهما أن الماضى حمل على المستقبل وهو يحيا، فكما لم يدغم في المستقبل لم يدغم في الماضى، وليس كذلك شد ومد فإنه يدغم فيهما جميعا.

والوجه الثانى أن حركة الحرفين مختلفة، فالاولى مكسورة والثانية مفتوحة، واختلاف الحركتين كاختلاف الحرفين، ولذلك أجازوا في الاختيار لححت عينه وضبب البلد إذا كثر ضبه، ويقوى ذلك أن الحركة الثانية عارضة، فكان الياء الثانية ساكنة، ولو سكنت لم يلزم الادغام، وكذلك إذا كانت في تقدير الساكن، والياآن أصل وليست الثانية بدلا من واو، فأما الحيوان فالواو فيه بدل من الياء، وأما الحواء فليس من لفظ الحية، بل من حوى يحوى إذا جمع، و (عن بينة) في الموضعين يتعلق بالفعل الاول.

قوله تعالى (إذ يريكهم) أى اذكروا، ويجوز أن يكون ظرفا لعليم.

قوله تعالى (فتفشلوا) في موضع نصب على جواب النهى، وكذلك (وتذهب ريحكم) ويجوز أن يكون فتفشلوا جزما عطفا على النهى، ولذلك قرئ " ويذهب ريحكم ".

قوله تعالى (بطرا ورئاء الناس) مفعول من أجله أو مصدر في موضع الحال (ويصدون) معطوف على معنى المصدر.

قوله تعالى (لا غالب لكم اليوم) غالب هنا مبنية، ولكم في موضع رفع خبر لا، واليوم معمول الخبر، و (من الناس) حال من الضمير في لكم، ولايجوز أن يكون اليوم منصوبا بغالب، ولا من الناس حالا من الضمير في غالب، لان اسم " لا " إذا عمل فيما بعده لا يجوز بناؤه، والالف في (جار) بدل من واو لقولك جاورته، و (على عقبيه) حال.

قوله تعالى (إذ يقول المنافقون) أى اذكروا ويجوز أن يكون ظرفا لزين أو لفعل من الافعال المذكورة في الآية مما يصح به المعنى.

قوله تعالى (يتوفى) يقرأ بالياء، وفى الفاعل وجهان: أحدهما (الملائكة) ولم يؤنث للفصل بينهما ولان تأنيث الملائكة غير حقيقى، فعلى هذا يكون (يضربون وجوههم) حالا من الملائكة أو حالا من الذين كفروا، لان فيها ضميرا يعود عليهما. والثانى أن يكون الفاعل مضمرا: أى إذ يتوفى الله والملائكة على هذا مبتدأ، ويضربون الخبر، والجملة

٧

حال ولم يحتج إلى الواو لاجل الضمير: أى يتوفاهم والملائكة يضربون وجوههم، ويقرأ بالتاء والفاعل الملائكة.

قوله تعالى (كدأب) قد ذكر في آل عمران مايصح منه إعراب هذا الموضع.

قوله تعالى (وإن الله سميع عليم) يقرأ بفتح الهمزة تقديره: ذلك بأن الله لم يك مغيرا وبأن الله سميع، ويقرأ بكسرها على الاستئناف.

قوله تعالى (الذين عاهدت) يجوز أن يكون بدلا من الذين الاولى، وأن يكون خبر مبتدأ محذوف: أى هم الذين. ويجوز أن يكون نصبا على إضمار أعنى، و (منهم) حال من العائد المحذوف.

قوله تعالى (فإما تثقفنهم) إذ أكدت أن الشرطية بما أكد فعل الشرط بالنون ليتناسب المعنى (فشرد بهم) الجمهور على الدال وهو الاصل، وقرأ الاعمش بالذال وهو بدل من الدال، كما قالوا: خراديل وخراذيل، وقيل هو مقلوب من شذر بمعنى فرق، ومنه قولهم: تفرقوا شذر مذر، ويجوز أن تكون من شذر في مقاله إذا أكثر فيه. وكل ذلك تعسف بعيد.

قوله تعالى (فانبذ إليهم) أى عهدهم فحذف المفعول، و (على سواء) حال.

قوله تعالى (ولاتحسبن الذين) يقرأ بالتاء على الخطاب للنبى صلى الله عليه وسلم، والمفعول الثانى (سبقوا) ويقرأ بالياء، وفى الفاعل وجهان: أحدهما هو مضمر: أى يحسبن من خلفهم، أو لا يحسبن أحد، فالاعراب على هذا كإعراب القراء‌ة الاولى. والثانى أن الفاعل الذين كفروا، والمفعول الثانى سبقوا، والاول محذوف: أى أنفسهم، وقيل التقدير: أن سبقوا، وأن هنا مصدرية مخففة من الثقيلة حكى عن الفراء وهو بعيد لان أن المصدرية موصولة، وحذف الموصول ضعيف في القياس شاذ في الاستعمال (إنهم لايعجزون) أى لايحسبوا ذلك لهذا. والثانى أنه(١) متعلق بتحسب إما مفعول أو بدل من سبقوا، وعلى كلا الوجهين تكون لازائدة وهو ضعيف لوجهين: أحدهما زيادة لا والثانى أن مفعول حسبت إذا كان جملة وكان مفعولا ثانيا كانت فيه إن مكسورة لانه موضع مبتدأ وخبر.

٨

قوله تعالى (من قوة) هو في موضع الحال من " ما " أو من العائد المحذوف في استطعتم (ترهبون به) في موضع الحال من الفاعل في اعدلوا، أو من المفعول لان في الجملة ضميرين يعودان إليهما.

قوله تعالى (للسلم) يجوز أن تكون اللام بمعنى إلى، لان جنح بمعنى مال، ويجوز أن تكون معدية للفعل بنفسها وأن تكون بمعنى من أجل، والسلم بكسر السين وفتحها لغتان، وقد قرئ بهما وهى مؤنثة، ولذلك قال (فاجنح لها).

_____________________

(١) (قوله والثانى أنه الخ) الظاهر أنه مقابل لقوله لايحسبوا ذلك الخ يعنى أنه وجه ثان اه‍. (*)

٩

قوله تعالى (حسبك الله) مبتدأ وخبر، وقال قوم: حسبك مبتدأ، والله فاعله: أى يكفيك الله (ومن اتبعك) في من ثلاثة أوجه: أحدها جر عطفا على الكاف في حسبك، وهذا لايجوز عند البصريين لان العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار لايجوز.

والثانى موضعه نصب بفعل محذوف دل عليه الكلام تقديره: ويكفى من اتبعك.

والثالث موضعه رفع على ثلاثة أوجه(١) : أحدها هو معطوف على اسم الله، فيكون خبرا آخر كقولك: القائمان زيد وعمرو، ولم يثن حسبك لانه مصدر.

وقال قوم: هذا ضعيف لان الواو للجمع، ولا يحسن هاهنا كما لم يحسن في قولهم: ماشاء الله وشئت، وثم هنا أولى. والثانى أن يكون خبر مبتدأ محذوف تقديره: وحسبك من اتبعك.

قوله تعالى (إن يكن) يجوز أن تكون التامة فيكون الفاعل (عشرون)، و (منكم) حال منها أو متعلقة بيكون، ويجوز أن تكون الناقصة فيكون عشرون اسمها ومنكم الخبر.

قوله تعالى (أسرى) فيه قراء‌ات قد ذكرت في البقرة (والله يريد الآخرة) الجمهور عل نصب الآخرة على الظاهر، وقرئ شاذا بالجر تقديره: والله يريد عرض الآخرة، فحذف المضاف وبقى عمله، كما قال بعضهم:

أكل امرئ تحسبين أمرأ

ونار توقد بالليل نارا أى وكل نار

قوله تعالى (لولا كتاب) كتاب مبتدأ، و (سبق) صفة له. و (من الله) يجوز أن يكون صفة أيضا، وأن يكون متعلقا بسبق والخبر محذوف: أى تدارككم.

قوله تعالى (حلالا طيبا) قد ذكر في البقرة.

قوله تعالى (خيانتك) مصدر خان يخون، وأصل الياء الواو فقلبت لانكسار ما قبلها ووقوع الالف بعدها.

قوله تعالى (من ولايتهم) يقرأ بفتح الواو وكسرها وهما لغتان، وقيل هى بالكسر الامارة، وبالفتح من موالاة النصرة.

_____________________

(١) (قوله على ثلاثة أوجه) لم يذكر منها غير وجهين، وانظر لم اسقط الثالث مع أنه معيب اه‍. (*)

١٠

قوله تعالى (إلا تفعلوه) الهاء تعود على النصر، وقيل على الولاء والتأمر.

قوله تعالى (في كتاب الله) في موضع نصب بأولى: أى يثبت ذلك في كتاب الله.

سورة التوبة

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (براء‌ة) فيه وجهان: أحدهما هو خبر مبتدأ محذوف: أى هذا براء‌ة أو هذه، و (من الله) نعت له، و (إلى الذين) متعلقة ببراء‌ة كما تقول: برئت إليك من كذا. والثانى أنها مبتدأ، ومن الله نعت لها، وإلى الذين الخبر، وقرئ شاذا " من الله " بكسر النون على أصل التقاء الساكنين، و (أربعة أشهر) ظرف لفسيحوا.

قوله تعالى (وأذان) مثل براء‌ة، و (إلى الناس) متعلق بأذان أو خبر له (أن الله برئ) المشهور بفتح الهمزة، وفيه وجهان: أحدهما: هو خبر الاذان: أى الاعلام من الله براء‌ته من المشركين. والثانى هو صفة: أى وأذان كائن بالبراء‌ة، وقيل التقدير: وإعلام من الله بالبراء‌ة، فالباء متعلقة بنفس المصدر (ورسوله) يقرأ بالرفع وفيه ثلاثة أوجه: أحدها هو معطوف على الضمير في برئ، وما بينهما يجرى مجرى التوكيد، فلذلك ساغ العطف.

والثانى هو خبر مبتدأ محذوف: أى ورسوله برئ.

والثالث معطوف على موضع الابتداء، وهو عند المحققين غير جائز، لان المفتوحة لها موضع غير الابتداء بخلاف المكسورة، ويقرأ بالنصب عطفا على اسم إن، ويقرأ بالجر شاذا وهو على القسم، ولايكون عطفا على المشركين لانه يؤدى إلى الكفر.

قوله تعالى (إلا الذين عاهدتم) في موضع نصب على الاستثناء من المشركين ويجوز أن يكون مبتدأ والخبر فأتموا (ينقصوكم) الجمهور بالصاد، وقرئ بالضاد أى ينقضوا عهودكم فحذف المضاف، و (شيئا) في موضع المصدر.

قوله تعالى (واقعدوا لهم كل مرصد) المرصد مفعل من رصدت، وهو هنا مكان، وكل ظرف لاقعدوا، وقيل هو منصوب على تقدير حذف حرف الجر أى على كل مرصد أو بكل.

قوله تعالى (وإن أحد) هو فاعل لفعل محذوف دل عليه مابعده، و (حتى يسمع) أى إلى أن يسمع أو كى يسمع.

١١

ومأمن مفعل من الامن وهو مكان، ويجوز أن يكون مصدرا ويكون التقدير: ثم أبلغه موضع مأمنه.

قوله تعالى (كيف يكون) اسم يكون (عهد) وفي الخبر ثلاثة أوجه: أحدها كيف وقدم للاستفهام، وهو مثل قوله " كيف كان عاقبة مكرهم ".

والثانى أنه للمشركين، و (عند) على هذين ظرف للعهد، أو ليكون أو للجار، أو هى وصف للعهد.

والثالث الخبر عند الله وللمشركين تبيين أو متعلق بيكون، وكيف حال من العهد (فما استقاموا) في " ما " وجهان أحدهما هى زمانية، وهى المصدرية على التحقيق، والتقدير: فاستقيموا لهم مدة استقامتهم لكم، والثانى هى شرطية كقوله " مايفتح الله " والمعنى: إن استقاموا لكم فاستقيموا، ولاتكون نافية لان المعنى يفسد، إذ يصير المعنى استقيموا لهم لانهم لم يستقيموا لكم.

قوله تعالى (كيف وإن يظهروا) المستفهم عنه محذوف تقديره: كيف يكون لهم عهد أو كيف تطمئنون إليهم (إلا) الجمهور بلام مشددة من غير ياء، وقرئ " إيلا " مثل ريح. وفيه وجهان: أحدهما أنه أبدل اللام الاولى ياء لثقل التضعيف وكسر الهمزة. والثانى أنه من آلى يئول إذا ساس، أو من آل يئول إذا صار إلى آخر الامر، وعلى الوجهين قلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ماقبلها (يرضونكم) حال من الفاعل في لا يرقبوا عند قوم، وليس بشئ لانهم بعد ظهورهم لايرضون المؤمنين، وإنما هو مستأنف.

قوله تعالى (فإخوانكم) أى فهم إخوانكم، و (في الدين) متعلق بإخوانكم.

قوله تعالى (أئمة الكفر) هو جمع إمام، وأصله أئمة مثل خباء وأخبية، فنقلت حركة الميم الاولى إلى الهمزة الساكنة وأدغمت في الميم الاخرى، فمن حقق الهمزتين أخرجهما على الاصل، ومن قلب الثانية ياء فلكسرتها المنقولة إليها، ولايجوز هنا أن تجعل بين بين كما جعلت همزة أئذا، لان الكسرة هنا منقولة وهناك أصلية، ولو خففت الهمزة الثانية هنا على القياس لكانت ألفا لانفتاح ماقبلها، ولكن ترك ذلك لتتحرك بحركة الميم في الاصل.

قوله تعالى (أول مرة) هو منصوب على الظرف (فالله أحق) مبتدأ.

١٢

وفي الخبر وجهان: أحدهما هو أحق، و (أن تخشوه) في موضع نصب أو جر: أى بأن تخشوه، وفي الكلام حذف: أى أحق من غيره بأن تخشوه، أو أن تخشوه مبتدأ بدل من اسم الله بدل الاشتمال، وأحق الخبر، والتقدير خشية الله أحق. والثانى أن أن تخشوه مبتدأ، وأحق خبره مقدم عليه، والجملة خبر عن اسم الله.

قوله تعالى (ويتوب الله) مستأنف، ولم يجزم لان توبته على من يشاء ليست جزاء على قتال الكفار، وقرئ بالنصب على إضمار أن.

قوله تعالى (شاهدين) حال من الفاعل في يعمروا (وفى النار هم خالدون) أى وهم خالدون في النار، وقد وقع الظرف بين حرف العطف والمعطوف.

قوله تعالى (سقاية الحاج) الجمهور على سقاية بالياء، وهو مصدر مثل العمارة، وصحت الياء لما كانت بعدها تاء التأنيث، والتقدير: أجعلتم أصحاب سقاية الحاج، أو يكون التقدير: كإيمان من آمن ليكون الاول هو الثانى، وقرئ " سقاة الحاج وعمار المسجد " على أنه جمع ساق وعامر (لايستوون عند الله) مستأنف، ويجوز أن يكون حالا من المفعول الاول والثانى، ويكون التقدير: سويتم بينهم في حال تفاوتهم.

قوله تعالى (لهم فيها نعيم) الضمير كناية عن الرحمة والجنات.

قوله تعالى (ويوم حنين) هو معطوف: على موضع في مواطن، و (إذ) بدل من يوم.

قوله تعالى (دين الحق) يجوز أن يكون مصدر يدينون، وأن يكون مفعولا به، ويدينون بمعنى يعتقدون (عن يد) في موضع الحال: أى يعطوا الجزية أذلة.

قوله تعالى (عزير ابن الله) يقرأ بالتنوين على أن عزيرا مبتدأ، وابن خبره، ولم يحذف التنوين إيذانا بأن الاول مبتدأ، وأن مابعده خبر وليس بصفة، ويقرأ بحذف التنوين وفيه ثلاثة أوجه: أحدها أنه مبتدأ وخبر أيضا، وفي حذف التنوين وجهان: أحدهما أنه حذف لالتقاء الساكنين، والثانى أنه لاينصرف للعجمة والتعريف وهذا ضعيف لان الاسم عربى عند أكثر الناس، ولان مكبره ينصرف لسكون أوسطه فصرفه في التصغير أولى.

والوجه الثانى أن عزيرا خبر مبتدأ محذوف تقديره: نبينا أو صاحبنا أو معبودنا، وابن صفة، أو يكون عزيرا مبتدأ وابن صفة والخبر محذوف أى عزيرا ابن الله صاحبنا.

١٣

والثالث أن ابنا بدل من عزير، أو عطف بيان، وعزير على ماذكرنا من الوجهين وحذف التنوين في الصفة، لانها مع الموصوف كشئ واحد (ذلك) مبتدأ، و (قولهم) خبره، و (بأفواههم) حال والعامل فيه القول، ويجوز أن يعمل فيه معنى الاشارة، ويجوز أن تتعلق الباء بيضاهون،

فأما (يضاهون) فالجمهور على ضم الهاء من غير همز، والاصل ضاهى، والالف منقلبة عن ياء وحذفت من أجل الواو، وقرئ بكسر الهاء وهمزة مضمومة بعدها وهو ضعيف، والاشبه أن يكون لغة في ضاهى وليس مشتقا من قولهم امرأة ضهياء، لان الياء أصل والهمزة زائدة، ولا يجوز أن تكون الياء زائدة إذ ليس في الكلام فعيل بفتح الفاء.

قوله تعالى (والمسيح) أى واتخذوا المسيح ربا فحذف الفعل وأحد المفعولين، ويجوز أن يكون التقدير: وعبدوا المسيح (إلا ليعبدوا) قد تقدم نظائره.

قوله تعالى (ويأبى الله إلا أن يتم نوره) يأبى بمعنى يكره، ويكره بمعنى يمنع فلذلك استثنى لما فيه من معنى النفى والتقدير: يأبى كل شئ إلا إتمام نوره.

قوله تعالى (والذين يكنزون) مبتدأ، والخبر (فبشرهم) ويجوز أن يكون منصوبا تقديره: بشر الذين يكنزون. ينفقونها الضمير المؤنث يعود على الاموال أو على الكنوز المدلول عليها بالفعل، أو على الذهب والفضة لانهما جنسان، ولهما أنواع، فعاد الضمير على المعنى أو على الفضة لانها أقرب، ويدل ذلك على إرادة الذهب، وقيل يعود على الذهب ويذكر ويؤنث.

قوله تعالى (يوم يحمى) يوم ظرف على المعنى: أى يعذبهم في ذلك اليوم، وقيل تقديره: عذاب يوم، وعذاب بدل من الاول، فلما حذف المضاف أقام اليوم مقامه، وقيل التقدير: اذكر، و (عليها) في موضع رفع لقيامه مقام الفاعل وقيل القائم مقام الفاعل مضمر: أى يحمى الوقود أو الجمر (بها) أى بالكنوز.

وقيل هى بمعنى فيها: أى في جهنم، وقيل يوم ظرف لمحذوف تقديره: يوم يحمى عليها يقال لهم هذا ما كنزتم.

قوله تعالى (أن عدة الشهور) عدة مصدر مثل العدد، و (عند) معمول له، و (في كتاب الله) صفة لاثنى عشر، وليس بمعمول لعدة، لان المصدر إذا أخبر عنه لايعمل فيما بعد الخبر، و (يوم خلق) معمول لكتاب على أن كتابا هنا مصدر لاجثة، ويجوز أن يكون

١٤

جثة، ويكون العامل في معنى الاستقرار، وقيل في كتاب الله بدل من عند، وهو ضعيف لانك قد فصلت بين البدل والمبدل منه بخبر العامل في المبدل (منها أربعة) يجوز أن تكون الجملة صفة لاثنى عشر، وأن تكون حالا من استقرار، وأن تكون مستأنفة (فيهن) ضمير الاربعة، وقيل

ضمير اثنى عشر، و (كافة) مصدر في موضع الحال من المشركين، أو من ضمير الفاعل في قاتلوا.

قوله تعالى (إنما النسئ) يقرأ بهمزة بعد الياء، وهو فعيل مصدر مثل النذير والنكير، ويجوز أن يكون بمعنى مفعول: أى إنما المنسوء، وفي الكلام على هذا حذف تقديره: إن نسا النسئ أو إن النسئ ذو زيادة، ويقرأ بتشديد الياء من غير همز على قلب الهمزة ياء، ويقرأ بسكون السين وهمزة بعدها وهو مصدر نسأت، ويقرأ بسكون السين وياء مخففة بعدها على الابدال أيضا (يضل) يقرأ بفتح الياء وكسر الضاد، والفاعل (الذين) ويقرأ بفتحهما وهى لغة، والماضى ظللت بفتح اللام الاولى وكسرها، فمن فتحها في الماضى كسر الضاد في المستقبل، ومن كسرها في الماضى فتح الضاد في المستقبل، ويقرأ بضم الياء وفتح الضاد على مالم يسم فاعله، ويقرأ بضم الياء وكسر الضاد: أى يضل به الذين كفروا أتباعهم، ويجوز أن يكون الفاعل مضمرا: أى يضل الله أو الشيطان (يحلونه) يجوز أن يكون مفسرا للضلال فلا يكون له موضع، ويجوز أن يكون حالا.

قوله تعالى (اثاقلتم) الكلام فيها مثل الكلام في ادارأتم، والماضى هنا بمعنى المضارع: أى مالكم تتثاقلون، وموضعه نصب: أى أى شئ لكم في التثاقل، أو في موضع جر على رأى الخليل، وقيل هو حال: أى مالكم متثاقلين (من الآخرة) في موضع الحال: أى بدلا من الآخرة.

قوله تعالى (ثانى اثنين) هو حال من الهاء: أى أحد اثنين، ويقرأ بسكون الياء وحقها التحريك، وهو من أحسن الضرورة في الشعر، وقال قوم: ليس بضرورة، ولذلك أجازوه في القرآن (إذ هما) ظرف لنصره لانه بدل من إذ الاولى، ومن قال العامل في البدل غير العامل في المبدل قدر هنا فعلا آخر: أى نصره إذ هما (إذ يقول) بدل أيضا، وقيل إذ هما ظرف لثانى (فأنزل الله سكينته) هى فعيلة بمعنى مفعلة: أى أنزل عليه مايسكنه، والهاء في

١٥

(عليه) تعود على أبى بكر رضى الله عنه لانه كان منزعجا، والهاء في (أيده) للنبى صلى الله عليه وسلم (وكلمة الله) بالرفع على الابتداء، و (هى العليا) مبتدأ وخبر، أو تكون هى فضلا، وقرئ بالنصب: أى وجعل كلمة الله، وهو ضعيف لثلاثة أوجه: أحدها أن فيه وضع الظاهر موضع المضمر، إذ الوجه أن تقول كلمته.

والثانى أن فيه دلالة على أن كلمة الله كانت سفلى فصارت عليا، وليس كذلك.

والثالث أن توكيد مثل ذلك بهى بعيد إذ القياس أن يكون إياها.

قوله تعالى (لو كان عرضا قريبا) اسم كان مضمر تقدير ولو كان مادعوتم إليه (لو استطعنا) الجمهور على كسر الواو على الاصل، وقرئ بضمها تشبيها للواو الاصلية بواو الضمير نحو " اشتروا الضلالة " (يهلكون أنفسهم) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون حالا من الضمير في يحلفون.

قوله تعالى (حتى يتبين) حتى متعلقة بمحذوف دل عليه الكلام تقديره: هلا أخرتهم إلى أن يتبين أو ليتبين، وقوله " لم أذنت لهم " يدل على المحذوف، ولايجوز أن يتعلق حتى بأذنت، لان ذلك يوجب أن يكون أذن لهم إلى هذه الغاية أو لاجل التبيين، وهذا لايعاتب عليه.

قوله تعالى (خلالكم) ظرف لاوضعوا: أى أسرعوا فيما بينكم (يبغونكم) حال من الضمير في أوضعوا.

قوله تعالى (يقول ائذن لى) هو مثل قوله " ياصالح ائتنا " وقد ذكر.

قوله تعالى (هل تربصون) الجمهور على تسكين اللام وتخفيف التاء، ويقرأ بكسر اللام وتشديد التاء ووصلها والاصل تتربصون، فسكن التاء الاولى وأدغمها ووصلها بما قبلها وكسرت اللام لالتقاء الساكنين، ومثله " نارا تلظى " وله نظائر (ونحن نتربص بكم أن يصيبكم) مفعول نتربص، وبكم متعلقة بنتربص.

قوله تعالى (أن تقبل) في موضع نصب بدلا من المفعول في منعهم، ويجوز أن يكون التقدير: من أن تقبل، و (أنهم كفروا) في موضع الفاعل، ويجوز أن يكون فاعل منع الله، وأنهم كفروا مفعول له: أى إلا لانهم كفروا.

قوله تعالى (أو مدخلا) يقرأ بالتشديد وضم الميم وهو مفتعل من الدخول، وهو الموضع الذى يدخل فيه، ويقرأ بضم الميم وفتح الخاء من غير تشديد، ويقرأ بفتحهما وهما مكانان

١٦

أيضا، وكذلك المغارة وهى واحد مغارات، وقيل الملجأ ومابعده مصادر: أى لو قدروا على ذلك لمالوا إليه.

قوله تعالى (يلمزك) يجوز كسر الميم وضمها وهما لغتان قد قرئ بهما (إذا هم) إذا هنا للمفاجأة، وهى ظرف مكان وجعلت في جواب الشرط كالفاء لما فيها من المفاجأة، ومابعدها ابتداء وخبر، والعامل في إذا (يسخطون).

قوله تعالى (فريضة) حال من الضمير في الفقراء: أى مفروضة، وقيل هو مصدر، والمعنى فرض الله ذلك فرضا.

قوله تعالى (قل أذن خير) أذن خبر مبتدإ محذوف: أى هو ويقرأ بالاضافة أى مستمع خير، ويقرأ بالتنوين ورفع خير على أنه صفة لاذن، والتقدير: أذن ذو خير، ويجوز أن يكون خير بمعنى أفعل: أى أذن أكثر خيرا لكم (يؤمن بالله) في موضع رفع صفة أيضا واللام في (للمؤمنين) زائدة دخلت لتفرق بين يؤمن بمعنى يصدق، ويؤمن بمعنى يثبت الامان (ورحمة) بالرفع عطف على أذن: أى هو أذن ورحمة، ويقرأ بالجر عطفا على خير فيمن جر خيرا.

قوله تعالى (والله ورسوله) مبتدأ، و (أحق) خبره، والرسول مبتدأ ثان وخبره محذوف دل عليه خبر الاول.

وقال سيبويه: أحق خبر الرسول، وخبر الاول محذوف وهو أقوى، إذ لايلزم منه التفريق بين المبتدإ وخبره، وفيه أيضا أنه خبر الاقرب إليه، ومثله قول الشاعر: نحن بما عندنا وأنت بما * عندك راض والرأى مختلف وقيل أحق أن يرضوه خبر عن الاسمين، لان أمر الرسول تابع لامر الله تعالى، ولان الرسول قائم مقام الله بدليل قوله تعالى " إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله " وقيل أفرد الضمير وهو في موضع التثنية، وقيل التقدير: أن ترضوه أحق، وقد ذكرناه في قوله " والله أحق أن تخشوه " وقيل التقدير: أحق بالارضاء.
قوله تعالى (ألم يعلموا) يجوز أن تكون المتعدية إلى مفعولين، وتكون (أنه) وخبرها سد مسد المفعولين، ويجوز أن تكون المتعدية إلى واحد، و (من) شرطية موضع مبتدإ، والفاء جواب الشرط، فأما (أن) الثانية فالمشهور فتحها وفيها أوجه أحدها أنها بدل من الاولى، وهذا ضعيف لوجهين: أحدهما أن الفاء التى معها تمنع من ذلك، والحكم بزيادتها ضعيف، والثانى أن جعلها بدلا يوجب سقوط جواب " من " من الكلام.

١٧

والوجه الثانى أنها كررت توكيدا كقوله تعالى " ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة " ثم قال " إن ربك من بعدها " والفاء على جواب الشرط.

والثالث أن " أن " هاهنا مبتدأ والخبر محذوف: أى فلهم أن لهم.

والرابع أن تكون خبر مبتدأ محذوف: أى فجزاؤهم أن لهم، أو فالواجب أن لهم، ويقرأ بالكسر على الاستئناف.

قوله تعالى (أن تنزل) في موضع نصب بيحذر على أنها متعدية بنفسها، ويجوز أن يكون بحرف الجر: أى من أن تنزل، فيكون موضعه نصبا أو جرا على ماذكرنا من اختلافهم في ذلك.

قوله تعالى (أبالله) الباء متعلقة ب‍ (يستهزء‌ون) وقد قدم معمول خبر كان عليها، فيدل على جواز تقديم خبرها عليها.

قوله تعالى (بعضهم من بعض) مبتدأ وخبر: أى بعضهم من جنس بعض في النفاق (يأمرون بالمنكر) مستأنف مفسر لما قبلها.

قوله تعالى (كالذين) الكاف في موضع نصب نعت لمصدر محذوف، وفي الكلام حذف مضاف تقديره: وعدا كوعد الذين (كما استمتع) أى استمتاعا كاستمتاعهم (كالذى خاضوا) الكاف في موضع نصب أيضا، وفى " الذى" وجهان: أحدهما أنه جنس، والتقدير: خوضا كخوض الذين خاضوا، وقد ذكر مثله في قوله تعالى " مثلهم كمثل الذى استوقد ". والثانى أن " الذى " هنا مصدرية: أى كخوضهم وهو نادر.

قوله تعالى (قوم نوح) هو بدل من الذين.

قوله تعالى (ورضوان من الله) مبتدأ، و (أكبر) خبره.

قوله تعالى (واغلظ عليهم ومأواهم جهنم) إن قيل كيف حسنت الواو هنا والفاء أشبه بهذا الموضع ففيه ثلاثة أجوبة: أحدها أنها واو الحال، والتقدير افعل ذلك في حال استحقاقهم جهنم، وتلك الحال حال كفرهم ونفاقهم.

والثانى أن الواو جئ بها تنبيها على إرادة فعل محذوف تقديره: واعلم أن مأواهم جهنم.

والثالث أن الكلام محمول على المعنى، والمعنى: أنه قد اجتمع لهم عذاب الدنيا بالجهاد والغلظة وعذاب الآخرة بجعل جهنم مأوى لهم.

١٨

قوله تعالى (ما قالوا) هو جواب قسم، ويحلفون قائم مقام القسم.

قوله تعالى (ومانقموا إلا أن أغناهم الله) أن وماعملت فيه مفعول نقموا أى وماكرهوا إلا إغناء الله إياهم، وقيل هو مفعول من أجله، والمفعول به محذوف أى ما كرهوا الايمان إلا ليغنوا.

قوله تعالى (لئن آتانا من فضله) فيه وجهان: أحدهما تقديره: عاهد فقال لئن آتانا. والثانى أن يكون عاهد بمعنى قال، إذا العهد قول.

قوله تعالى (الذين يلمزون) مبتدأ، و (من المؤمنين) حال من الضمير في " المطوعين " و (في الصدقات) متعلق بيلمزون، ولايتعلق بالمطوعين لئلا يفصل بينهما بأجنبى (والذين لا يجدون) معطوف على الذين يلمزون، وقيل على المطوعين: أى ويلمزون الذين لايجدون، وقيل هو معطوف على المؤمنين، وخبر الاول على هذه الوجوه فيه وجهان: أحدهما (فيسخرون) ودخلت الفاء لما في الذين من الشبه بالشرط. والثانى أن الخبر (سخر الله منهم) وعلى هذا المعنى يجوز أن يكون الذين يلمزون في موضع نصب بفعل محذوف يفسر سخر تقديره: عاب الذين يلمزون، وقيل الخبر محذوف تقديره منهم الذين يلمزون.

قوله تعالى (سبعين مرة) هو منصوب على المصدر، والعدد يقوم مقام المصدر كقولهم: ضربته عشرين ضربة.

قوله تعالى (بمقعدهم) أى بقعودهم، و (خلاف) ظرف بمعنى خلف (رسول الله) أى بعده، والعامل فيه مقعد، ويجوز أن يكون العامل فرح، وقيل هو مفعول من أجله، فعلى هذا هو مصدر: أى لمخالفته، والعامل المقعد أو فرح، وقيل هو منصوب على المصدر بفعل دل عليه الكلام لان مقعدهم عنه تخلف.

قوله تعالى (قليلا) أى ضحكا قليلا أو زمنا قليلا، و (جزاء) مفعول له أو مصدر على المعنى.

قوله تعالى (فإن رجعك الله) هى متعدية بنفسها ومصدرها رجع، وتأتى لازمة ومصدرها الرجوع.

قوله تعالى (منهم) صفة لاحد، و (مات) صفة أخرى، ويجوز أن يكون منهم حالا من الضمير في مات (أبدا) ظرف لتصل.

١٩

قوله تعالى (أن آمنوا) أى آمنوا، والتقدير: يقال فيها آمنوا، وقيل إن هنا مصدرية تقديره: أنزلت بأن آمنوا، أى بالايمان.

قوله تعالى (مع الخوالف) هو جمع خالفة وهى المرأة، وقد يقال للرجل خالف وخالفة، ولايجمع المذكر على خوالف.

قوله تعالى (وجاء المعذرون) يقرأ على وجوه كثيرة قد ذكرناها في قوله " بألف من الملائكة مردفين ".

قوله تعالى (إذا نصحوا) العامل فيه معنى الكلام: أى لايخرجون حينئذ.

قوله تعالى (ولاعلى الذين) هو معطوف على الضعفاء فيدخل في خبر ليس، وإن شئت عطفته على المحسنين فيكون المبتدأ من سبيل، ويجوز أن يكون المبتدأ محذوفا: أى ولا على الذين إلى تمام الصلة حرج أو سبيل، وجواب إذا (تولوا) وفيه كلام قد ذكرناه عند قوله " كلما دخل عليها زكريا " (وأعينهم تفيض) الجملة في موضع الحال، و (من الدمع) مثل الذى في المائدة، و (حزنا) مفعول له أو مصدر في موضع الحال أو منصوب على المصدر بفعل دل عليه ماقبله (ألا يجدوا) يتعلق بحزن وحرف الجر محذوف، ويجوز أن يتعلق بتفيض.

قوله تعالى (رضوا) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون حالا، وقد معه مرادة.

قوله تعالى (قد نبأنا الله) هذا الفعل قد يتعدى إلى ثلاثة أولها " نا " والاثنان الآخران محذوفان تقديره: أخبارا من أخباركم مثبتة، و (من أخباركم) تنبيه على المحذوف وليست " من " زائدة، إذ لو كانت زائدة لكانت مفعولا ثانيا، والمفعول الثالث محذوف وهو خطأ، لان المفعول الثانى إذا ذكر في هذا الباب لزم ذكر الثالث، وقيل " من " بمعنى عن.

قوله تعالى (جزاء) مصدر: أى يجزون بذلك جزاء، أو هو مفعول له.

قوله تعالى (وأجدر أن لايعلموا) أى بأن لا يعلموا.

قوله تعالى (بكم الدوائر) يجوز أن تتعلق الباء بيتربص، وأن يكون حالا من الدوائر (دائرة السوء) يقرأ بضم السين وهو الضرر وهو مصدر في الحقيقة يقال سؤته سوء‌ا ومساء‌ة ومسائية، ويقرأ: بفتح السين وهو الفساد والرداء‌ة.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

( أمريكا ـ ـ )

كيفية التدريس ومنح الألقاب في الحوزة :

س : أنا شاب من اليمن أدرس في الولايات المتحدة ، عندي سؤال أتمنّى من الله أن تجيبوني عليه : كيف تتمّ طريقة التدريس في الحوزات العلمية؟ وكيف يتمّ اعتماد المراتب والألقاب مثل : حجّة الإسلام ، وآية الله العظمى ، وما هي معاني تلك الصفات؟

ج : لاشكّ بأنّ الدراسة الحوزوية تجتمع مع الدراسة الأكاديمية في بعض النقاط ، وتختلف عنها في نقاط أُخرى ، ونذكر هنا بعض النقاط التي تتميّز بها الدراسة الحوزوية :

١ ـ للطالب الحرّية الكاملة في انتخاب الأُستاذ الذي يريده ، والمادّة الدراسية ، حسب مقرّرات خاصّة ومواد معيّنة.

٢ ـ لا يقيّم الطالب بالامتحان فحسب ، وإنّما يقيّم من خلال دراسته ومباحثته ، ومناقشته وتدريسه.

٣ ـ تقوم الدراسة في الحوزة على شكل حلقات غالباً.

٤ ـ مناقشة الأُستاذ في كُلّ جزئية وبكُلّ حرّية.

٥ ـ تعتمد الدراسة في الحوزة على أسلوب طرح الموضوع والفكرة من قبل الأُستاذ ، ثمّ مناقشته من قبل الطلبة ، ثمّ مباحثة الطلبة فيما بينهم لهضم المادّة ، ثمّ مراجعة الأُستاذ بعد ذلك.

٦ ـ تعتمد الدراسة في الحوزة على مطالعة مسبقة على الدرس ، ثمّ الحضور في الدرس ، ثمّ مطالعة ملحقة بعد الدرس وتقييد النقاط الغامضة ، ثمّ السؤال من الطالب الآخر ، أو الرجوع إلى الأُستاذ.

٧ ـ إنّ التدريس في الحوزة مبنيّ على اللياقات الموجودة عند الأُستاذ ، وليس على منح درجات أو رتب ، وأمثال ذلك.

٥٢١

وأمّا بالنسبة إلى مسألة الألقاب والمنح في الحوزة ، فهي مسألة اعتبارية تمنح نتيجة لدراسات معيّنة من أهل الخبرة ، فلا تقبلوها من كُلّ أحد ، لأنّها قد تمنح بلا حقّ.

ولا يخفى عليكم أنّ هذه الألقاب ليس لها مداليل واقعية ، يعني عندما نلقّب هذا بآية الله ، ليس معناه أنّ الآخر أو الآخرين ليسوا بآية من آيات الله ، ولكن لقّب هذا بآية الله باعتبار تبنّى بعض المسائل الفقهية والأُصولية ، ودرس ودرّس وباحث لمدّة مطوّلة.

( حيدر النور ـ كندا ـ ٣١ سنة ـ طالب إعدادية )

مقوّمات شخصية الإنسان :

س : من أين تتكوّن شخصية الإنسان؟ هل من الوالدين أو من الثقافة؟

ج : إنّ تكوّن شخصية الإنسان تتقوّم على أُسس وخطوط عريضة هي : عالم النطفة والخلق ، وأجواء البيت والأُسرة ، والثقافة العامّة المتداولة في الوسط الاجتماعي المحيط به ، التي تشمل حتّى مجالات التعليم والتعلّم ، ومستوى ثقافة المعلّم ، وحقّ الاختيار الدائم والمستمر في جميع هذه المراحل.

وباختصار : هذه كُلّها ممّا تكوّن شخصية كُلّ إنسان في التقدير الإلهي لخلقه.

نعم ، مع فرض وجود النقص في كُلّ من الجوانب المذكورة ، يمكن للإنسان أن يعوّضه في مجال آخر منها ، وحينئذٍ لا تفرض حالة شخصية غير قابلة للتغيير ، وعليه يجب أن يسعى الإنسان لتحسين شخصيّته وتصحيحها دائماً نحو الأفضل والأكمل.

( علي العلي ـ الكويت ـ )

أسباب ثورة الزنج :

س : ما هي أسباب ثورة الزنج؟ ومن قام بها؟ وفي أيّ زمن حصلت؟

٥٢٢

ج : نقلت كتب التاريخ : أنّ ثورة الزنج دامت نحواً من أربع عشرة سنة « ٢٥٥ ـ ٢٧٠ هـ = ٨٦٩ ـ ٨٨٣ م » ، والذي قاد هذه الثورة على الأشهر هو علي بن محمّد ابن أحمد بن علي بن عيسى بن زيد بن الإمام علي زين العابدينعليه‌السلام .

والسبب الرئيسي لهذه الثورة هو ما كان يعانيه الزنج من الفقر والحرمان والبؤس ، وللمزيد من الإطلاع راجع :

١ ـ شرح نهج البلاغة ٨ / ١٢٦.

٢ ـ تاريخ الأُمم والملوك ٧ / ٥٤٧.

٣ ـ الكامل في التاريخ ٧ / ٢٠٥.

٤ ـ ثورة الزنج للدكتور فيصل السامر.

( علي عدنان العلي ـ الكويت ـ )

الفرق بين العلم الحصولي والحضوري :

س : هناك من يقول أنّ العلم الحصولي لا ينفكّ عن العلم الحضوري ، بل هما متلازمان ، مثلاً : الجهاز الذي أمامي هو علم حصولي ، وصورته علم حضوري ، والعلم الحضوري مقتصر على الأحاسيس والشعور وما شابه ، ما مدى صحّة هذه المقولة؟

ج : هناك فرق بين العلمين في المنشأ ، ينبغي التنبّه له : فما كان صورته المنتزعة بأدوات الإحساس هي الحاضرة عند العالم ـ دون وجوده الخارجي ـ فهو علم حصولي والصورة المذكورة هي المعلومة بالذات ، وفي نفس الوقت واسطة لمعرفة ذلك الوجود الخارجي.

وما كان وجوده حاضراً ومعلوماً عند العالم من دون توسيط شيءٍ أو صورة ، فهو علم حضوري ، كعلم الإنسان بنفسه.

فإن قال قائل : إنّ العلم في هذا المثال أيضاً حصولي.

قلنا : بأنّ هذا التوهّم باطل ، إذ العلم الحصولي يحتاج إدراكه إلى توسيط صورة تدلّ على الوجود الخارجي ، فلو قلنا بهذا في المثال المذكور يلزمنا تعيين صورة دالّة

٥٢٣

على الإنسان عند نفسه ، ثمّ نبحث عن نوعية العلم لهذه الصورة ، فلو كان العلم لها حضوري ثبت المطلوب ، وإن قلنا بأنّه حصولي يحتاج هذا الآخر لمعرفته إلى صورة ذهنية أُخرى ، وهلّم جرّاً يتسلسل الأمر ، والتسلسل واضح البطلان.

فالحلّ : أن نقطع السبيل ونجزم بوجود نوع من العلم لا يحتاج في إدراكه إلى صورة توسيطية ، بل إنّه مجرّد حضور المعلوم والمدرَك عند العالم والمدرِك ، وهو الذي يسمّى بالعلم الحضوري ، ويختلف جذريّاً مع العلم الحصولي.

( السيّد الموسوي الساري ـ البحرين ـ )

الدليل العقلي على التمسّك بالإسلام :

س : ما هو الدليل العقلي على لزوم التمسّك بالدين الإسلامي ورفض بقية الديانات؟

ج : إنّ الدليل العقلي على لزوم التمسّك بالدين الإسلامي دون بقية الأديان هو بالكمال ، بمعنى أنّ العقل يقدّم الشيء الكامل والفاضل على الشيء الناقص والمفضول ، باعتبار تقديم الكامل عدل ، والعدل حسن عقلاً ، كما أنّه يقبح عقلاً تقديم الناقص على الكامل مع وجود الكامل ، باعتبار تقديم الناقص حينئذ ظلم ، والظلم قبيح عقلاً ، فتقديم الكامل من الحُسن العقلي.

ومن المعلوم : أنّ الدين الإسلامي هو خاتم الأديان وآخرها ، فلابدّ وأن يكون أكملها وأجمعها لجميع جوانب حياة الإنسان وأبعاده ، وممّا يدلّ على كماله الروايات الشريفة والآيات المباركة ، منها : قوله تعالى :( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ) (١) .

إذاً ، العقل يلزمنا أن نختار الدين الإسلامي باعتباره الدين الكامل ، كما يحكم أنّ المتأخّر ينسخ المتقدّم ، وأنّ في الثاني ما في الأوّل ولا عكس ، فإنّ الاثنين يضمّ الواحد ولا عكس ، كما هو واضح.

__________________

١ ـ المائدة : ٣.

٥٢٤

وبمثل هذه الملاكات العقلية يقدّم الدين الإسلامي على غيره عقلاً ، كما يقدّم نقلاً ، فإنّ الشرائع السماوية الأُخرى ، أخبرت بظهور الدين الإسلامي ، وأنّه خاتم الشرائع السماوية ، كما أنّ نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله خاتم الأنبياءعليهم‌السلام .

( علي العلي ـ الكويت ـ )

الطريق إلى معرفة الثقافة الإسلامية :

س : ما هي الطريقة لتكوين ثقافة إسلامية؟ وما هي الكتب المهمّة في هذا المجال؟

ج : إنّ سؤالكم مركب من كلمتين : ثقافة وإسلامية ، فالثقافة لوحدها لا تكون كاملة ما لم تضاف إلى الكلمة الثانية « إسلامية » ، فيمكننا أن نعرّف الثقافة بالعلم بالشيء والعمل به ، العلم بالتعاليم الإسلامية ، والعمل بهذه التعاليم ، هو الذي يخلق عند الإنسان ثقافة إسلامية ، فإذا عرفنا الإسلام بمفاهيمه الصحيحة وعملنا بها ـ إذ أنّ للإسلام تعاليم وقوانين في جميع المجالات ـ حصلت لنا ثقافة إسلامية.

وبما أنّ الإسلام لم يصلنا بالصورة المتكاملة إلاّ عن طريق أهل البيتعليهم‌السلام ، وأهل البيت أدرى بما في البيت ، وقد نقلوا الصورة الصحيحة للإسلام ومفاهيمه ـ كما نزل به جبرائيل الأمين على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فالرجوع إلى كلامهم للوصول إلى ثقافة إسلامية يكون ضرورياً لكُلّ طالب حقّ وحقيقة.

ومن الكتب التي ننصحكم بقراءتها كتاب : « التكامل في الإسلام » لأحمد أمين ، وكتب الشيخ محمّد جواد مغنية ، والسيّد شرف الدين ، والشيخ المظفر ، والشيخ كاشف الغطاء.

٥٢٥

( أمير أحمد ـ أمريكا ـ ١٦ سنة ـ طالب )

الكافر يكافأ في الدنيا على أعماله الإيجابية :

س : هل يثاب أديسون ـ مخترع الكهرباء ـ على خدمته الفاضلة للبشرية من قبل الله تعالى؟ بالرغم من أنّه ـ كما تعرفون ـ لم تكن نيّته قربة إلى الله تعالى ، وحفظكم الله تعالى.

ج : تدلّ العمومات التي وردت في بعض الروايات : بأنّ الكافر يكافأ في هذه الدنيا على أعماله الإيجابية ، التي خدمت النوع البشري ، حتّى لا يبقى له حقّ في الآخرة ، ويؤيّده حكم العقل بعدم ضياع عمله ، وإن كان كافراً( وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ ) (١) .

نعم ، هناك بعض الروايات تفيد : بأنّ الكفّار القاصرين الذين لم تصل إليهم الأدلّة ، ولم يكونوا معاندين ، موكلون في الحكم عليهم في الآخرة إلى الله تعالى ، وعبّرت عنهم ـ هذه الروايات ـ بالمستضعفين والمرجوّين لشمول رحمة الباري لهم.

( محمّد حسام ـ سوريا ـ ٣٢ سنة ـ طبيب أسنان )

تشخيص الحقّ من الباطل بالعقل :

س : ألا تعتقدون بأنّ كُلّ واحد في هذه الأرض يعتبر نفسه أنّه الأقرب إلى الأصحّ؟ فما هي الآليات العملية التي يمكن أن نطبّقها للوصول إلى إقناع الطرف الآخر؟ بأنّه يمكن أن يكون بعيداً عن الحقّ ، طبعاً أتكلّم من وجهة الفهم النبوي لشريعة الله على الأرض ، وشكراً لكم.

ج : إنّ الآلية الوحيدة ـ في نقطة الصفر ـ للبحث عن الحقّ والحقيقة هو العقل ، والاعتماد على الدليل مهما كانت نتائجه ، ويؤيّده ما ورد في أحاديث الشيعة :

__________________

١ ـ فصلت : ٤٦.

٥٢٦

أنّ أوّل ما خلق الله هو العقل(١) ؛ ولا يخفى أنّ في كُلّ موضوع حقّ وباطل ، فالدليل القوي والمتين يكون مع الحقّ ويردّ الباطل ، فلا مجال لتوهّم وجود دليلين أساسيين لصالح الحقّ والباطل على حدّ سواء ، بل كُلّ ما في الأمر أنّ للباطل شبهات يخيّل أنّها دلائل ، ولكن عندما تعرض وتقاس بأدلّة الحقّ ، تنكشف زيفها ، فللباطل جولة ، ولكن للحقّ دولة.

فالمهمّ في هذا المجال : أن يدرس أدلّة كُلّ مدّع للحقّانية في قبال أدلّة الآخرين ـ ولا يكفي مجرّد ادّعائه هذا المقال ـ حتّى يحصحص الحقّ من خلاله ، ثمّ( فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ ) (٢) .

( أحمد ـ فلسطين ـ سنّي )

لابدّ من معرفة من نحبّ :

س : أنا أحبّ الشيعة لأنّهم أكثر المسلمين ثورة على الظلم.

ج : الحبّ له مراحل ، لابدّ من تخطّي هذه المراحل لأجل الوصول إلى الحبّ الحقيقي ، ومن أهمّ مراحل الرقي في الحبّ معرفة من نحبّ.

وبعد هذه المقدّمة ندعوك لمعرفة الشيعة الذين تحبّهم ، والتشيّع الذي يعتقدون به ، لا ندعوك لأن تتشيّع!! بل ندعوك لأن تعرف الشيعة والتشيّع ، وتعرف أدلّتهم من كتبهم ، لا من كتب خصومهم.

( بنت العفاف ـ البحرين ـ )

معنى تجرّد الروح :

س : هناك اختلاف بين المحقّقين وعلماء الكلام في قضية تجرّد الروح ، أرجو من حضرتكم التوضيح مع التفصيل ، وهل المجرّدات تتعرّض للفناء؟

__________________

١ ـ شرح نهج البلاغة ١٨ / ١٨٥ ، من لا يحضره الفقيه ٤ / ٣٦٩.

٢ ـ يونس : ٣٢.

٥٢٧

ج : هذه المسألة طرحت من زمن أفلاطون وأرسطو.

فأفلاطون كان يقول : إنّ الروح جاءت من عالم المجرّدات والمثل ، وما وراء الطبيعة ، وحلّت في الإنسان ، وهي كالطائر في القفس تريد الخلاص منه ، وسبب حلولها في البدن معصيتها ، فحبسها الله في البدن

أمّا أرسطو يخالف أفلاطون ويقول : إنّها مع كونها مجرّدة ، ولكنّها تخلق مع البدن.

هذا خلاصة ما قيل حولها ، ولمّا وصلت إلى يد العرفاء قالوا : إنّ الإنسان له جسد ونفس وروح ، أمّا الروح فهي إلهية ، كما في قوله تعالى :( وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي ) (١) ، وأمّا النفس فهي صاحبة الأهواء والغرائز ، لكنّها تتكامل شيئاً فشيئاً ، إلى أن تصل إلى مرحلة النفس المطمئنة ، وتتّحد مع الروح.

وأمّا الحكماء والفلاسفة فلا يفرّقون بين الروح والنفس ، وجعلوهما شيئاً واحداً ، وهي مع كونها مجرّدة لكنّها ناقصة ، وتتكامل شيئاً فشيئاً.

والمجرّدات لا تفنى ، لأنّ الفناء خاصّ بالمادّيات ، وما ليس بمادّي لا فناء له.

طبعاً هذه المسألة طرحت في الغرب من زمن ديكارت ، وأختلف الفلاسفة فيها ، فقسم منهم ـ وهم الإلهيون ـ يعتقدون بالفصل التامّ بين الروح والجسد ، ويقولون : إنّ بينهما تنافراً ولا يلتقيان ، وقسم منهم ـ وهم المادّيون ـ لا يعتقدون بهذا ، بل يقولون بمادّية الروح أو النفس ، وانعدامها بعد الموت.

( عبد المنعم ـ البحرين ـ )

محاسبة النفس :

س : كيف يحقّق المسلم رضا نفسي عمّا يفعله من أفعال ركنية أو واجبة أو مستحبّة بحيث تحقّق رضا الله عنه؟

__________________

١ ـ الحجر : ٢٩.

٥٢٨

ج : قال تعالى :( يُنَبَّأُ الْإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ) (١) .

هذه الآيات وإن كانت حاكية عن الوضع في يوم القيامة ، إلاّ أنّنا يمكن أن نستفيد منها في عالمنا هذا ـ عالم الحياة الدنيا ـ إذ أنّ الإنسان يوم القيامة ينبأ ، وفي عالم الدنيا يستطيع أن يستخبر من نفسه حقائق الأُمور ، من دون لفّ ودوران ، ليعلم أنّ أعماله هل هي خالصة لله تعالى أم يشوبها الشرك؟ وكذلك هل استتبع أعماله أو يستتبعها منّةً وحسابات أُخرى أم لا؟

ولهذا العمل في الحياة الدنيا ، واستخبار الإنسان لنفسه ، يسمّى بمحاسبة النفس ، التي ورد في الحثّ عليها الروايات الكثيرة.

فيعيّن الإنسان وقتاً بين الحين والآخر ، يخلو فيه مع نفسه ، ويحاسبها على جميع أعماله ، فما شاهد منها الخير والإخلاص حمد الله وسأله أن يزيده منها ، وما رأى غير ذلك استغفر الله وصمّم على أن لا يعود.

( نورة إبراهيم ـ البحرين ـ )

معنى كلمة الحلوليون :

س : ما معنى كلمة الحلوليون؟

ج : تطلق كلمة الحلوليون على القائلين بأنّ الله تعالى حلّ في الأجسام ، أو حلّ في جسم معيّن ، ولهذا سمّوا بهذا الاسم ، وفي تعريف هذا المصطلح من المعاني الفلسفية ما يصعب فهمه على الجميع.

( إبراهيم ـ فلسطين ـ )

حول الوطنية والقومية والديمقراطية :

س : ما هو تعريفكم للوطنية والقومية والديمقراطية؟

__________________

١ ـ القيامة : ١٣ ـ ١٥.

٥٢٩

ج : نحن لا ننفي الوطنية والقومية والديمقراطية بالكُلّية ، ولا نؤيّدها مطلق التأييد ، بل نحن مع القومية والوطنية والديمقراطية ـ بمعناها اللغوي ـ الشرعية ، بمعنى أن نكون معها مادامت لا تخالف النصوص الدينية ، ونكون ضدّها إذا خالفت النصوص الدينية.

( عبد الحليم نواصر ـ الجزائر )

المرجعية أولت اهتماماً لقضية فلسطين :

س : اقتراحي يتمثّل في التكثيف من المسائل التي توحّد المسلمين حول القضية الفلسطينية.

ج : المرجعية الشيعية أولت اهتماماً كبيراً لقضية فلسطين ، وأصدر مراجع الدين بياناتهم وابدوا فيها عن استنكارهم ، وأوصوا الأُمّة الإسلامية بالتماسك والوحدة لأجل الدفاع عن الفلسطينيين ، ولا زالت الشيعة في أنحاء العالم وعلى رأسهم حزب الله الذي دعمته المرجعية الشيعية ، بل أحد المصاديق الخارجية لتلامذة المرجعية الشيعية ، لازالوا هم السبّاقين في التضحية والفداء.

( ـ ـ )

توضيح عن الديمقراطية والوطنية والقومية :

س : أُريد توضيحاً عن الديمقراطية والوطنية والقومية إذا أمكن ، وشكراً.

ج : الديمقراطية تعني الحرّية ، والحرّية تارة تكون للفرد وأُخرى للمجتمع ، والديمقراطية المطلقة والتي لا تتقيّد بأيّ قيد غير مقبولة عند الشارع المقدّس ، بل الديمقراطية المقيّدة ـ التي تحفظ كرامة الإنسان والمجتمع ، ولا تتعدّى الحدود التي رسمها الشارع ـ هي المقبولة عند الشارع.

وأمّا الوطنية والقومية ، فهما اصطلاحان منتزعان من الوطن والقوم ، والمراد منهما : أن يتعصّب كُلّ إنسان لقومه ووطنه ، وهذا أيضاً بإطلاقه غير صحيح

٥٣٠

عند الشارع ، لأنّ التعصّب للقوم والوطن يسبّب ضياع حقوق الآخرين ، ويزيغ الإنسان عن العدل والحقّ ، ولكن القومية والوطنية إذا حدّدتا وقيّدتا بضوابط عقلية وشرعية فإنّهما سيكونان مقبولان شرعاً وعقلاً.

( عبد السلام ـ المغرب ـ )

التشبّه بالكفّار حرام :

س : الإخوة الأفاضل القائمين على هذا الموقع : هل النهي عن التشبّه بالكفّار وارد في الفقه الإمامي؟ هل بالإمكان إيراد بعض الأمثلة المنهي عنها؟ وجزاكم الله خيراً.

ج : نعم ، التشبّه بالكفّار وارد في الفقه الإمامي وهو حرام ، وتشخيصه يرجع إلى العرف الذي يحكم بأنّه تشبّه بالكفّار.

( ريما الجزيري ـ البحرين ـ )

حقوق الناس وإبراء ذمّتهم :

س : أُريد أن أشكركم على جهودكم البنّاءة لخدمة وبناء هذا المجتمع.

طالما رددت في أحد الأدعية : « وقد خفقت أجنحة الموت عند رأسي وقد نزلت منزلة الآيسين من خيري فمن يكون أسوأ حالاً منّي » ، وتفكّرت فيها كثيراً جدّاً.

ولكن السؤال هو : أنّ الله سبحانه رحيم ، ورحمته وسعت كُلّ شيء ، أي أنّ الله ممكن أن يغفر لنا ذنوبنا التي تتّصل به ـ كالأحكام الفقهية من صلاة وصوم و ـ ولكن ماذا عن حقوق الناس؟ فما هي حقوقهم؟ وكيف التكفير عنها عند ظلم أي إنسان؟ وإذا كان هناك تعذّر من الوصول إليه ـ لسبب من الأسباب ـ فما العمل؟ وهل من اللازم عند براءة الذمّة ذكر الظلم الذي وقع على هذا الإنسان؟ أعينوني أعانكم الله.

٥٣١

ج : الإنسان عليه أن يبقى دائماً يعيش حالة الخوف والرجاء ، الخوف من جهنّم ، ورجاء رحمة الله تعالى ، لمّا يقرأ آيات الرحمة والغفران يحصل له الرجاء ، ولمّا يقرأ آيات العذاب وجهنّم يحصل له الخوف.

وأمّا حقوق الناس ، فهي على قسمين : مادّية ، ومعنوية.

أمّا المادّية ، فيجب على كُلّ إنسان غصب حقّاً من مال أو عين أو تصرّف بأموال غيره ، أو تسلّط عليها ، فيجب أن يرجع كُلّ شيء ليس له إلى أهله.

وأمّا المعنوية ، كالغيبة والافتراء على الآخرين و ، فإنّه يجب أن يستميحه في هذه الحياة الدنيا ويبرأ ذمّته ، وإن كان هناك تعذّر من الوصول إليه فيستغفر له ، ويتصدّق عنه عسى أن ينفع يوم لا ينفع مال ولا بنون.

( أبو الزين ـ الأردن ـ )

الحسن والقبح العقليين :

س : في موضوع الحُسن والقبح يعقّب صديقي قائلاً : وأمّا وصف الأفعال بالقبح والحسن ، فإننا لا ننكر أنّ العقل يقبّح ويحسّن بعض الأُمور ، لكن لا مدخلية له في تقبيح أفعال يترتّب عليها حساب ، وتحسينها التي هي محلّ التكليف الشرعي ، بل الشرع هو الذي يحسّن ويقبّح الأفعال ابتداءً دون مدخلية للعقل فيها ، وإلاّ فكيف تفرّون من إباحة شرب الخمر ثمّ تحريمها؟

وأين العقل من هذا؟ أو كذلك إباحة زواج الأخت في الشرائع السابقة؟ هل حقّاً أنّ الأشاعرة لا ينكرون أنّ العقل يقبّح ويحسّن بعض الأُمور؟ وهل يطرد ذلك مع قواعدهم؟

ج : الذي ينبغي أن يقال : هو أنّ العقل بعدما يحكم في كُلّ مورد ، يرى الملازمة أيضاً بين هذا الحكم وحكم الشارع ، نعم لو لم يدرك العقل الملازمة المذكورة تماماً في موضوعٍ ما لم يحكم بوجود الحكم الشرعي في ذلك المجال.

٥٣٢

وبعبارة أُخرى : لو أدرك العقل العلّية التامّة بين الأفعال ومواصفاتها من الحُسن والقبح ، فحينئذٍ يحكم بتحسين أو تقبيح الشرع لها ، وإلاّ فلا.

وممّا ذكرنا يظهر عدم ورود النقوض المذكورة ـ إباحة شرب الخمر وزواج الأُخت ـ فإنّ العقل لم يحكم بالبداهة على حرمة الموردين بدون معونة الشرع ، أي أنّ العقل لا يستقلّ في حصول الضرر الذي يبلغ حدّ الضرر المحرّم ، وأن كان يعلم بالضرورة بوجود الضرر بنحو الموجبة الجزئية ، وهذا المقدار لا يكفي في حكم العقل بالتحسين والتقبيح ، ومن ثمّ الحكم بالملازمة على حكم الشرع في المجالين.

وأمّا الأشاعرة ، فلا يرون للعقل دوراً في الحكم بالحسن والقبح ، وإنّما دوره ينحصر في دركه لهما ، فلا مجال لتوغّل العقل في حوزة معرفة حكمة الأحكام وغيرها ، فمثلاً لا يرى الأشعري قبحاً في ايلام الأطفال ، أو عذاب المؤمنين وإدخالهم النار ، أو إدخال الكافرين الجنّة(١) .

وهي كما ترى أحكام مناقضة للعقل بالبداهة ، فلا تتصوّر في ساحة الباري تعالى.

( أحمد ـ ـ )

تسمية المولود بيد الزوج :

س : هل للزوجة أن تسمّي المولود بخلاف رضا الزوج؟ في حال اختلاف الآراء ، هل للزوجة الحقّ في التصرّف بالتسمية على اعتبار المشقّة والأذى الحاصل من الحمل والولادة؟ وفي حال عدم الاتفاق على التسمية ، فما هو المترتّب على الزوجة والزوج عمله؟

ج : إنّ الأمر في هذه المسألة سهل ، ويمكن الوصول إلى حلّ ، بالأخصّ إذا كانت العلاقة الزوجية مبتنية على المحبّة والتفاهم ، فلا مجال لأمثال

__________________

١ ـ اللمع في أُصول الفقه : ١١٦.

٥٣٣

هكذا اختلافات بسيطة لتكدّر العيش السعيد الذي يسعى إليه كُلّ زوجين صالحين.

ولكن ، إن كان ولابدّ ، فإنّ الشارع المقدّس ، وحسماً للنزاع ، فإنّه يكون قول الزوج هو المقدّم ، وذلك من باب :( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء ) (١) .

( محمّد علي حسن ـ البحرين ـ )

التوبة وشروطها :

س : هل الإنسان إذا فعل أشياء غير أخلاقية هل يقبل الله توبته؟ وشكراً.

ج : علّمنا أئمّتناعليهم‌السلام أن نكون دوماً بين الخوف والرجاء ، رجاء رحمة الله تعالى ، والخوف من عقاب الله تعالى ، والآيات القرآنية والأحاديث الشريفة تؤكّد على( إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء ) (٢) ، ولكن بشرط أن تكون توبة حقيقية لا يعود بعدها إلى الذنب وفعل القبيح( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا ) (٣) .

وإذا كان للناس عليه حقّ أن يتخلّص منه ، ويرجع إلى كُلّ ذي حقّ حقّه ، حتّى أنّه ورد عن الأئمّةعليهم‌السلام :( إنّ من أكبر الكبائر عند الله اليأس من روح الله ) (٤) .

( هادي ـ البحرين ـ )

الفرق بين الاحتمال والمُحتمل :

س : ما الفرق بين الاحتمال والمُحتمل؟

__________________

١ ـ النساء : ٣٤.

٢ ـ النساء : ٤٨.

٣ ـ التحريم : ٨.

٤ ـ الكافي ٢ / ٥٤٥.

٥٣٤

ج : الاحتمال : هو إبداء الفرض ، والمُحتمل : هو ما يكون متعلّقاً لهذا الفرض والاحتمال ، فالاحتمال هو : المصدر ، والمُحتمل : اسم مفعول ومتعلّق هذا المصدر.

نعم ، قد يذكر البعض هاتين الكلمتين في الاستدلالات الفلسفية والكلامية ، أو حتّى الأُصولية ، بصورة الفرق بين قوّة الاحتمال وقوّة المُحتمل ، والمقصود منها :

أنّه قد يكون في مورد خاصّ نفس الاحتمال والفرض ذا أهمّية عند العقل والعقلاء ، وإن لم يبدوا اهتماماً لما يحتملونه أو يفرضوه ، أي : أنّ عملية الاحتمال هو بنفسه له موضوعية في ذلك البحث مع غضّ النظر عن متعلّق الاحتمال.

وقد يكون ـ على العكس ـ المُحتمل معتبراً عند العقل والعقلاء وملحوظاً عندهم ، وإن كان الاحتمال ليس بذلك الشأن ، أي : أنّ العقلاء يرون المورد خطيراً فيكون مورد اهتمامهم فيحتملونه ، وإن كان عملية الاحتمال ليس فيها تلك الأهمّية.

( علياء ـ البحرين ـ ٢١ سنة )

الذنوب الكبيرة والصغيرة :

س : على أيّ أساس تقسّم الذنوب إلى الكبيرة والصغيرة؟ وما هي الذنوب التي تستلزم الخلود في النار؟ أُريد الجواب في أسرع وقت ممكن ، ولكم جزيل الشكر.

ج : قال المحقّق النراقي : « وقد اختلفوا أوّلاً في تقسيم الذنوب إلى الكبائر والصغائر ، فحكي عن جماعة ـ منهم : المفيد والطبرسي والشيخ في العدّة والقاضي والحلبي ـ إلى عدم التقسيم ، بل الذنوب كُلّها كبائر ، ونسبه الثاني ـ أي الطبرسي ـ في تفسيره إلى أصحابنا ، مؤذناً بدعوى الاتفاق ، وكذلك الحلّي ،

٥٣٥

حيث قال ـ بعد نقل القول بالتقسيم إلى الكبائر والصغائر ، وعدم قدح الثاني نادراً في قبول الشهادة عن المبسوط ـ : ولا ذهب إليه أحد من أصحابنا ، لأنّه لا صغائر عندنا في المعاصي إلاّ بالإضافة إلى غيرها.

والحاصل : أن الوصف بالكبر والصغر إضافي(١) .

وذهب طائفة منهم : الشيخ في النهاية والمبسوط ، وابن حمزة والفاضلان والشهيدان ، بل أكثر المتأخّرين كما في المسالك ، بل عامّتهم كما قيل ، ونسب إلى الإسكافي والديلمي أيضاً إلى انقسام المعاصي إلى الكبائر والصغائر ، بل يستفاد من كلام الصيمري ، وشيخنا البهائي في الحبل المتين ـ على ما حكي عنهما ـ الإجماع عليه.

وهو الحقّ ، لظاهر قوله سبحانه :( إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ) (٢) ، وقوله :( وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثمِ وَالْفَوَاحِشَ ) (٣) .

ولقول عليعليه‌السلام : «من كبير أوعد عليه نيرانه ، أو صغير أرصد له غفرانه ».

ورواية ابن سنان : «لا صغيرة مع الإصرار ، ولا كبيرة مع الاستغفار ».

ومرسلة الفقيه : «من اجتنب الكبائر كفّر الله عنه جميع ذنوبه ».

وفي خبر آخر : «إنّ الأعمال الصالحة تكفّر الصغائر ».

وفي آخر : هل تدخل الكبائر في مشيئة الله؟ قال : «نعم ».

وتشهد له الأخبار الواردة في ثواب بعض الأعمال : «أنّه يكفّر الذنوب إلاّ الكبائر »

ثمّ أختلف القائلون بالتقسيم في تفسير الكبائر وتحديدها ، فمنهم من قال : إنّ كُلّ ما وجب فيه حدّ فهو كبيرة ، وما لم يقرّر فيه حدّ فهو الصغيرة.

__________________

١ ـ مستند الشيعة ١٨ / ١٢٢.

٢ ـ النساء : ٣١.

٣ ـ الشورى : ٣٧.

٥٣٦

ومنهم من قال : ما ثبت تحريمه بقاطع فهو كبيرة ، ومنهم من قال : كُلّ ما آذن بقلّة الاكتراث في الدين فهو كبيرة ، ومنهم من قال : ما يلحق صاحبه العقاب الشديد من كتاب أو سنّة.

وقيل : إنّها ما نهى الله عنه في سورة النساء من أوّلها إلى قوله سبحانه :( إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ ) ، وقيل : إنّها سبع ، وقيل : إنّها تسع ، وقيل : عشرون ، وقيل : أزيد.

وعن ابن عباس : أنّها إلى السبعمائة أقرب منها إلى السبعة ، وبه صرّح في الروضة ، وفي الدروس : أنّها إلى السبعين أقرب منها إلى السبعة.

والمشهور بين أصحابنا : أنّها ما توعّد عليها إيعاداً خاصّاً ، ولكن اختلفت كلماتهم في بيان الإيعاد الخاصّ »(١) .

وحاصل ما نستفيده من كلام المحقّق النراقي هو : في مسألة الذنوب قولان : قول يرى أنّ الذنوب كُلّها كبيرة ، ولا توجد ذنوباً صغيرة ، وقول يرى أنّ الذنوب كبيرة وصغيرة ، وعلى القول الثاني فأساس التقسيم يختلف باختلاف تعريفهم للكبيرة.

ثمّ إنّ عدد الذنوب الكبيرة مختلف فيه ، وعليه لا يمكن إعطاء عدداً معيّناً للذنوب التي يستلزم منها الخلود في النار ، ولكن ورد في بعض الروايات ذكر بعضها ، منها :

الكفر بالله تعالى ، والشرك به ، والزنا ، فعن علي بن أبي طالبعليه‌السلام عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال في وصية له : «يا علي في الزنا ستّ خصال ، ثلاث منها في الدنيا ، وثلاث في الآخرة : فأمّا في الدنيا فيذهب بالبهاء ، ويعجّل الفناء ، ويقطع الرزق ، وأمّا التي في الآخرة فسوء الحساب ، وسخط الرحمن ، والخلود في النار »(٢) .

__________________

١ ـ مستند الشيعة ١٨ / ١٢٤.

٢ ـ الخصال : ٣٢١.

٥٣٧

( ياسمين ـ النرويج ـ )

علّة تحريم لحم الخنزير :

س : لماذا حرّم الخنزير في القرآن الكريم؟

ج : لقد حرّم الله تعالى لحم الخنزير بقوله :( إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ ) (١) .

ولا يُباح بحال من الأحوال لمسلم أن يتناول منه شيئاً ، إلاّ في حالة الضرورة التي تتوقّف فيها صيانة حياته على تناوله ، كما لو كان في مفازة ، ولا يجد طعاماً سواه ؛ وفقاً لقاعدة : أنّ الضرورات تبيح المحظورات ، المقرّرة في القرآن العظيم بقوله تعالى في الآية السابقة التي جاءت بتحريم الميتة ولحم الخنزير :( مَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ) .

وقال الله تعالى في موطن آخر بعد ذكر تلك المحرّمات :( إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ ) (٢) .

وقد نقل الشيخ الصدوققدس‌سره عدّة أحاديث حول علّة تحريم لحم الخنزير ، منها :

١ ـ عن محمّد بن عذافر عن بعض رجاله ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : قلت له : لم حرّم الله عزّ وجلّ الخمر والميتة والدم ولحم الخنزير؟

فقال : «إنّ الله تبارك وتعالى لم يحرّم ذلك على عباده ، وأحلّ لهم ما سوى ذلك من رغبة فيما أحلّ لهم ، ولا زهد فيما حرّمه عليهم ، ولكنّه تعالى خلق الخلق فعلم ما يقوم به أبدانهم وما يصلحهم ، فأحلّه لهم وأباحه ، وعلم ما يضرّهم ، فنهاهم عنه وحرّمه عليهم ، ثمّ أحلّه للمضطّر في الوقت الذي لا يقوم بدنه إلاّ به ، فأمره أن ينال منه بقدر البلغة لا غير ذلك » ، ثمّ قال : «وأمّا

__________________

١ ـ البقرة : ١٧٣.

٢ ـ الأنعام : ١١٩.

٥٣٨

لحم الخنزير ، فإنّ الله تعالى مسخ قوماً في صور شتّى ، مثل الخنزير والقرد والدب ، ثمّ نهى عن أكل المثلة لكيما ينتفع بها ، ولا يستخف بعقوبته ، وأمّا الخمر »(١) .

٢ ـ عن محمّد بن سنان أنّ الرضا كتب إليه فيما كتب من جواب مسائله : « حرّم الخنزير لأنّه مشوّه ، جعله الله تعالى عظة للخلق ، وعبرة وتخويفاً ، ودليلاً على ما مسخ على خلقته ، ولأنّ غذاؤه أقذر الأقذار »(٢) .

وقد أثبتت الاكتشافات الطبّية في عصرنا الحديث ، الذي اكتُشفت فيه عوامل الأمراض ، وخفايا الجراثيم الضارّة : أنّ الخنزير يتولّد من لحمه في جسم الإنسان الذي يأكله دودة خطرة ، توجد بذرتها في لحم الخنزير ، وتنشب في أمعاء الإنسان بصورة غير قابلة للعلاج بالأدوية الطاردة لديدان الأمعاء.

وقد جاء في موسوعة لاروس الفرنسية : « إنّ هذه الدودة الخبيثة « التريشين » تنتقل إلى الإنسان ، وتتّجه إلى القلب ، ثمّ تتوطّن في العضلات ، وخاصّة في الصدر والجنب والحنجرة والعين ، والحجاب الحاجز ، وتبقى أجنّتها محتفظة بحيويتها في الجسم سنين عديدة.

ولا يمكن الوقوف عند هذا الاكتشاف في التعليل ، بل يمكن للعلم الذي اكتشف في الخنزير هذه الآفة ، أن يكتشف فيه في المستقبل آفات أُخرى ، لم تعرف بعد.

إذاً ، لم يحرّم الله تعالى شيئاً على الإنسان ، إلاّ بعد علمه تعالى بأنّه مضرّ ومهلك ، وما أراد سبحانه لعباده سوى الراحة والسعادة ، ولذلك حرّم أكل لحم الخنزير في كافّة الكتب السماوية ، لهذه العلل التي نقلناها ، ولعلل لم نعلمها بعد.

__________________

١ ـ علل الشرائع ٢ / ٤٨٣.

٢ ـ المصدر السابق ٢ / ٤٨٤.

٥٣٩

( منصور ـ البحرين ـ ٣٣ سنة ـ خرّيج جامعة )

تعقيب على الجواب السابق :

تعليق على موضوع أكل لحم الخنزير : فقد وجدنا أنّ كُلّ أكلة يتناولها الإنسان تؤثّر مباشرة على نفسيته بالسلب أو الإيجاب ، وتناول لحم الخنزير ممّا يساعد على ذهاب الغيرة والشرف في الإنسان ، كما ترون في حال الشعوب التي تربّت على أكل النجاسات والمحرّمات ، وتولّد أيضاً في النفس خبثاً لا يقاس بأيّ خبث.

ولعلّي استشهد بمقطع للحوراء زينب عند كلامها مع الطاغية يزيد بن معاوية ، حيث تقول : « وكيف يستبطأ في بغضنا أهل البيت وكيف يرتجى مراقبة من لفظ فوه أكباد الأزكياء »(١) إشارة إلى واقعة أُحد ، ومحاولة هند هضم كبد الشهيد حمزة بن عبد المطلبعليه‌السلام .

( خالد عبد القادر ـ مصر ـ )

الذكاء الوجداني :

س : أُريد معرفة بعض المعلومات عن الذكاء الوجداني.

ج : تؤكّد نظريات الذكاء الحديثة على تعدّد الذكاء ، وأهمّها نظرية الذكاء المتعدّدة ، أي أنّ الذكاء ليس أحاديّاً ، والفرق بين الأفراد ليس في درجة أو مقدار ما يملكون من ذكاء ، وإنّما في نوعية الذكاء.

ومن أنواع الذكاء ، الذكاء الوجداني الذي عرّف بقدرة الفرد على فهم مشاعره الشخصية ، واستخدام هذه المعرفة لاتخاذ القرارات الصائبة ، والتكيّف مع ضغوط الحياة ، والتحكّم في الانفعالات ، والتعاطف مع الآخرين ، والقدرة على إثارة الحماس في النفس.

__________________

١ ـ اللهوف في قتلى الطفوف : ١٠٦.

٥٤٠

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667