موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٥

موسوعة الأسئلة العقائديّة8%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-05-8
الصفحات: 667

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 667 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 296758 / تحميل: 6701
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٥

مؤلف:
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠٥-٨
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

هذا وإن كان في الجواب الأوّل للإمامعليه‌السلام دلالة على خلقه ، وأنّه ليس بقديم ، إذ أنّ كلام الله معناه غير الله ، وكُلّ ما كان غير الله فهو حادث مخلوق.

( محمّد ـ السعودية ـ ١٦ سنة ـ طالب ثانوية )

قولنا : صدق الله العلي العظيم :

س : عندي سؤال وهو : نحن الشيعة عندما ننهي الآية أو السورة من القرآن الكريم نقول : صدق الله العلي العظيم ، ولا نقول : صدق الله العظيم ، فما هو السر في ذكر العلي؟ ودمتم موفّقين.

ج : من الطبيعي عدم ورود مثل هذه الأُمور في الروايات ، لذا فمن الناحية الأوّلية يمكن الإتيان بأيّهما شاء ، لكن لمّا كان في هذه الجملة « العلي العظيم » من زيادة في تعظيم الله تعالى أوّلاً ، وثانياً لأنّها وردت في القرآن الكريم بموردين :

١ ـ قوله تعالى :( وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ) (١) .

٢ ـ قوله تعالى :( لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ) (٢) .

ولم نجد في القرآن اقتران العظيم بلفظ الجلالة لوحده فقط ، لذا كان الأفضل هو الجملة الأُولى ، أي : « العلي العظيم » ، ولهذا تمسّك بها أتباع أهل البيتعليهم‌السلام .

( ـ المغرب ـ )

جواز قراءته بالقراءات المشهورة :

س : قرأت كلاماً للشيخ السبحاني مفاده : إنّ القراءة المعتمدة في القرآن الكريم هي القراءة المسندة إلى أمير المؤمنين علي أبي طالب عليه‌السلام دون باقي الروايات ، فهل هذا يعني أنّ القراءات الأُخرى لا تعتبرونها؟ وكيف يكون ذلك

__________________

١ ـ البقرة : ٢٥٥.

٢ ـ الشورى : ٤.

٢١

والقراءات الأُخرى مروية بالتواتر ، وتستند إلى أجلّة الصحابة ، كأُبي بن كعب ، وعبد الله بن مسعود ، وابن عباس.

ونحن في المغرب ، لا نعرف سوى رواية ورش عن نافع ، التي تنتهي إلى ابن عباس ، ثمّ إقرار الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله لعمر بن الخطّاب والصحابي لمّا أختلفا في قراءة آية وغير ذلك ، أليس هذا أصلاً لاختلاف القراءات؟ وفّقكم الله لإصابة الحقّ ولشفاء الصدر.

ج : إنّ فقهاء الشيعة يفتون بجواز قراءة القرآن بالقراءات المشهورة ، وكون القراءات السبع مجزية عندهم ، ولكن الاختلاف بين الشيعة وأهل السنّة في كون القرآن نزل على سبعة أحرف ، حيث تنفي الشيعة هذا ، وذلك بالاعتماد على ما روي عن أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام .

فعن الفضيل بن يسار قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : إنّ الناس يقولون : إنّ القرآن نزل على سبعة أحرف ، فقال : « كذبوا أعداء الله ، ولكنّه نزل على حرف واحد من عند الواحد »(١) .

( ـ المغرب ـ سنّي )

نزل على حرف واحد :

س : أودّ من فضيلة العلماء أن يرشدوني في مسألة ما تزال غامضة إلى الآن ، خاصّة أنّ كثيراً ممّن تطرّق إليها لا يوفّي حقّها ، ويترك أمام القارئ سلسلة من الاحتمالات والمفاهيم الناقصة ، التي لا تشفي غليل الباحث عن الحقّ ، ذلك أنّي قرأت كتاباً للشيخ مناع القطان بعنوان : مباحث في علوم القرآن ، تطرّق فيه إلى مسألتين مهمّتين : الحروف السبع التي أنزل عليها القرآن الكريم ، والقراءات التي يقرأ بها.

فذكر أنّ القول الراجح هو : أنّ معنى الحروف السبع المذكورة في الأحاديث هي عدد لهجات العرب ، وهذا تخفيفاً على الناس كما ذكر ، ثمّ لمّا وقع

__________________

١ ـ الكافي ٢ / ٦٣٠.

٢٢

الاختلاف والتنازع زمن عثمان بن عفّان ، تمّ جمع الناس على لغة قريش ، أمّا اختلاف القراءات يرجع إلى الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وذلك بأحد أمرين :

أمّا أن يكون الاختلاف في القراءة صادراً عن النبيّ الكريم ، كقراءة ملك ومالك ، وإقرار النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله سلمان الفارسي ذلك : بأنّ منهم صدّيقين ورهباناً ، بدل قسّيسين ورهباناً الآية ، وغير ذلك ممّا هو كثير ، أو أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أقرّ من يقرأ على هذه القراءة.

إذاً ، فكُلّ قراءة توفّرت فيها الشروط ، ومنها التواتر عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله هي قراءة صحيحة ، كما أنّني كنت قرأت عن بعض علمائكم أنّكم لا تعتبرون إلاّ قراءة حفص عن عاصم ، فما مصير القراءات الأُخرى؟

ج : الروايات الواردة عن أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام في هذا المجال تقول : أنّ القرآن نزل على حرف واحد ، لا على سبع حروف كما يدّعون ، فالقرآن واحد ، نزل من عند الواحد ، أنزله الواحد على الواحد ، فهذه هي عقيدة أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام بالقرآن.

وأمّا سبب اختلاف في القراءة فله تأويلات ، وأسباب كثيرة ، وعلى كُلّ حال ، فالقرآن لم ينزل على أشكال وقراءات ، وإنّما الاختلاف حصل من البشر.

( عادل عبد الحسين العطّار ـ البحرين ـ )

جواز قراءته في أيّام الدورة الشهرية غيباً :

س : هل يجوز لمن هي في أيّام الدورة الشهرية قراءة القرآن غيباً؟ ولكم منّي جزيل الشكر والاحترام.

ج : جوّز فقهاؤنا قراءة القرآن الكريم على ظهر الغيب ـ لمن هي في أيّام الدورة الشهرية ـ وفي المصحف ، ولكن لا تمسّ المصحف ، ولا تقرأ آيات السجدة.

ونلفت انتباهك إلى أنّ الروايات عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيتهعليهم‌السلام وردت في جواز قراءة القرآن لمن هي في أيّام الدورة الشهرية ، إلاّ أنّها تنصّ على كراهة قراءة أكثر من سبع آيات.

٢٣

( يوسف العاملي ـ المغرب ـ )

تفسير( لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ ) :

س : السلام على جميع العاملين في هذا المركز العظيم ، الذي نشر تعاليم آل محمّد وعلومهم ، جعلهم الله شفعاؤكم يوم لا ينفع مال ولا بنون ، إلاّ من أتى الله بقلب سليم ، وهكذا فإنّنا نبارك لكم حلول أيّام العيد الفطر السعيد ، جعله الله عليكم خيراً وغفراناً من كُلّ ذنب.

لقد أرسلتم لنا في شهر رمضان المبارك هذا العام كتاب جميل جدّاً : عقائد الإمامية لكاتبه العلاّمة الشيخ محمّد رضا المظفّر ، فالشكر لكم على ما تخصصوه من العناية والرعاية لأتباع هذا المذهب في كُلّ أنحاء العالم.

لكنّني عندما قرأت هذا الكتاب الرائع استوقفتني جملة في ، وهي كالتالي : يقول العلاّمة : كما لا يجوز لمن كان على غير طهارة أن يمسّ كلماته أو حروفه( لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ ) (١) سواء كان محدثاً بالحدث الأكبر ، كالجنابة والحيض والنفاس وشبهها

وبدوري أتساءل : هل يصحّ أن نفسّر هذه الآية بدلالتها اللفظية الظاهرية؟ ونحن نعلم جميعاً أنّ جلّ علماء الشيعة استدلّوا بهذه الآية على عمق علوم أهل البيتعليهم‌السلام فقالوا : إنّ تلك المعاني العميقة في القرآن لا يمكن لأحد غيرهم فهمها أو إدراكها؟ فكيف يمكن التوفيق بين ما جاء في هذا الكتاب وما قلناه نحن؟ لا تنسونا من خالص الدعاء.

ج : لا مانع من دلالة الآية الشريفة على المعنيين المذكورين بنظرتين مختلفتين في الرتبة ، فعندما ننظر إليها من زاوية الأخذ بظاهر الألفاظ ، تعطينا حكماً فقهياً يمكننا الاستدلال عليه بهذه الآية ، وحينما نريد أن نتأمّل فيها ونستنتج مفادها ، فسوف ترشدنا إلى حكم عقائدي في غاية الأهمّية ، وهو : الإشارة إلى عظمة مرتبة أهل البيتعليهم‌السلام العلمية ، وقد جاء هذان التفسيران للآية في مصادر الفريقين ، فلاحظ.

__________________

١ ـ الواقعة : ٧٩.

٢٤

ثمّ إنّ العلاّمة المظفرقدس‌سره لا يريد أن ينفي التفسير الثاني ، بل كان في مقام الاستدلال بالآية على المعنى الأوّل.

( محمّد الحلّي ـ البحرين ـ )

فائدة الآية المنسوخة :

س : ما الفائدة من الآية المنسوخة؟

ج : يتّضح الجواب بعد بيان عدّة نقاط :

الأُولى : ما معنى النسخ؟

أ ـ النسخ في اللغة : هو الاستكتاب ، كالاستنساخ والانتساخ ، وبمعنى النقل والتحويل ، ومنه تناسخ المواريث والدهور ، وبمعنى الإزالة ، ومنه نسخت الشمس الظلّ ، وقد كثر استعماله في هذا المعنى في ألسنة الصحابة والتابعين ، فكانوا يطلقون على المخصّص والمقيّد لفظ الناسخ.

ب ـ النسخ في الاصطلاح : هو رفع أمر ثابت في الشريعة المقدّسة بارتفاع أمده وزمانه ، وسواء أكان من المناصب الإلهية أم من غيرها ، من الأُمور التي ترجع إلى الله تعالى بما أنّه شارع ، وهذا الأخير كما في نسخ القرآن من حيث التلاوة فقط.

الثانية : هل وقع النسخ في الشريعة الإسلامية؟

لا خلاف بين المسلمين في وقوع النسخ ، فإنّ كثيراً من أحكام الشرائع السابقة قد نسخت بأحكام الشريعة الإسلامية ، وإنّ جملة من أحكام هذه الشريعة قد نسخت بأحكام أُخرى من هذه الشريعة نفسها ، فقد صرّح القرآن الكريم بنسخ حكم التوجّه في الصلاة إلى القبلة الأُولى ، وهذا ممّا لا ريب فيه.

الثالثة : أقسام النسخ في القرآن :

١ ـ نسخ التلاوة دون الحكم :

٢٥

وقد مثّلوا لذلك بآية الرجم فقالوا : إنّ هذه الآية كانت من القرآن ، ثمّ نسخت تلاوتها وبقي حكمها ، والقول بنسخ التلاوة هو نفس القول بالتحريف ، ومستند هذا القول أخبار آحاد ، وأخبار الآحاد لا أثر لها.

٢ ـ نسخ التلاوة والحكم :

ومثّلوا لنسخ التلاوة والحكم معاً ، بما روي عن عائشة أنّها قالت : « كان فيما أُنزل من القرآن : عشر رضعات معلومات يحرّمن ، ثمّ نسخن بخمس معلومات ، فتوفّي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهن فيما يقرأ من القرآن »(١) .

والكلام في هذا القسم ، كالكلام على القسم الأوّل بعينه.

٣ ـ نسخ الحكم دون التلاوة :

وهذا القسم هو المشهور بين العلماء والمفسّرين ، وقد ألّف فيه جماعة من العلماء كتباً مستقلّة ، وذكروا فيها الناسخ والمنسوخ ، وخالفهم في ذلك بعض المحقّقين ، فأنكروا وجود المنسوخ في القرآن ، وقد اتفق الجميع على إمكان ذلك ، وعلى وجود آيات في القرآن ناسخة لأحكام ثابتة في الشرائع السابقة ، ولأحكام ثابتة في صدر الإسلام.

الرابعة : ما الفائدة من الآية المنسوخة؟

سئل الإمام عليعليه‌السلام عن الناسخ والمنسوخ؟ فقال : « إنّ الله تبارك وتعالى بعث رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالرأفة والرحمة ، فكان من رأفته ورحمته أنّه لم ينقل قومه في أوّل نبوّته عن عادتهم ، حتّى استحكم الإسلام في قلوبهم ، وحلّت الشريعة في صدورهم ، فكان من شريعتهم في الجاهلية أنّ المرأة إذا زنت حبست في بيت ، وأقيم بأودها حتّى يأتيها الموت ، وإذا زنى الرجل نفوه من مجالسهم وشتموه ، وآذوه وعيّروه ولم يكونوا يعرفون غير هذا.

فقال الله تعالى في أوّل الإسلام :( وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً * وَاللَّذَانَ

__________________

١ ـ صحيح مسلم ٤ / ١٦٧ ، الجامع الكبير ٢ / ٣٠٩.

٢٦

يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا ) (١) .

فلمّا كثر المسلمون وقوي ، واستوحشوا أُمور الجاهلية ، أنزل الله تعالى :( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ ) (٢) ، فنسخت هذه الآية آية الحبس والأذى »(٣) .

يظهر من هذه الرواية أنّ هناك مصلحة إلهية اقتضت تغيير الحكم تدريجياً.

ومنها : بيان عظمة وقدرة الباري تعالى على تغيير الحكم ، مع وجود مصلحة مؤقّتة في كلا الحكمين ، ولكن في الحكم الأوّل كانت مصلحة مؤقّتة ، وفي الحكم الثاني كانت المصلحة دائمية ، وكلا المصلحتين كانتا بنفع المؤمنين.

ومنها : إظهار بلاغتها وإعجازها ، وغير ذلك.

( عبد الله ـ السعودية ـ )

تفصيل حول خلقه :

س : أُريد تفصيلاً عن مسألة خلق القرآن من عرض للروايات والأقوال ، مع جمع وتحليل ، وشكراً لكم.

ج : إنّ مسألة كون القرآن قديماً أو مخلوقاً ، والاختلاف في معنى المخلوق ، ونفي الإمامعليه‌السلام كونه مخلوقاً ، وإنّما كلام الله ، ويريد بذلك نفي ما ربما يتصوّر من كونه مخلوقاً أن يطرأ عليه الكذب ، أو احتمال أن يكون منحولاً ، وإلاّ فلا مجال للاختلاف من كون كلام الله حادثاً ، ومع هذا فهو غير مخلوق ، بمعنى غير مكذوب.

__________________

١ ـ النساء : ١٥ ـ ١٦.

٢ ـ النور : ٢.

٣ ـ بحار الأنوار ٩٠ / ٦.

٢٧

روي عن عبد الرحيم أنّه قال : كتبت على يدي عبد الملك بن أعين إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام : جعلت فداك أُختلف الناس في القرآن ، فزعم قوم أنّ القرآن كلام الله غير مخلوق ، وقال آخرون : كلام الله مخلوق؟

فكتبعليه‌السلام : « فإنّ القرآن كلام الله محدث غير مخلوق ، وغير أزلي مع الله تعالى ذكره ، وتعالى عن ذلك علوّاً كبيراً ، كان الله عزّ وجلّ ولا شيء غير الله معروف ولا مجهول ، كان عزّ وجلّ ولا متكلّم ولا مريد ، ولا متحرّك ولا فاعل ، جلّ وعزّ ربّنا.

فجميع هذه الصفات محدثة غير حدوث الفعل منه ، عزّ وجلّ ربّنا ، والقرآن كلام الله غير مخلوق ، فيه خبر من كان قبلكم ، وخبر ما يكون بعدكم ، أُنزل من عند الله على محمّد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله »(١) .

قال الشيخ الصدوققدس‌سره : « كان المراد من هذا الحديث ما كان فيه من ذكر القرآن ، ومعنى ما فيه أنّه غير مخلوق أي غير مكذوب ، ولا يعني به أنّه غير محدث ، لأنّه قال : محدث غير مخلوق ، وغير أزلي مع الله تعالى ذكره »(٢) .

وقال أيضاً : « قد جاء في الكتاب أنّ القرآن كلام الله ، ووحي الله ، وقول الله ، وكتاب الله ، ولم يجيء فيه أنّه مخلوق ، وإنّما امتنعنا من إطلاق المخلوق عليه لأنّ المخلوق في اللغة قد يكون مكذوباً ، ويقال : كلام مخلوق أي مكذوب ، قال الله تبارك وتعالى :( إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا ) (٣) أي كذباً ، وقال تعالى حكاية عن منكري التوحيد :( مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلاَّ اخْتِلاَقٌ ) (٤) أي افتعال وكذب.

فمن زعم أنّ القرآن مخلوق بمعنى أنّه مكذوب فقد كذب ، ومن قال : أنّه غير مخلوق بمعنى أنّه غير مكذوب فقد صدق ، وقال الحقّ والصواب ، ومن

__________________

١ ـ التوحيد : ٢٢٧.

٢ ـ المصدر السابق : ٢٢٩.

٣ ـ العنكبوت : ٧.

٤ ـ ص : ٧.

٢٨

زعم أنّه غير مخلوق بمعنى أنّه غير محدث ، وغير منزل وغير محفوظ ، فقد أخطأ وقال غير الحقّ والصواب.

وقد أجمع أهل الإسلام على أنّ القرآن كلام الله عزّ وجلّ على الحقيقة دون المجاز ، وأنّ من قال غير ذلك فقد قال منكراً وزوراً ، ووجدنا القرآن مفصّلاً وموصلاً ، وبعضه غير بعض ، وبعضه قبل بعض ، كالناسخ الذي يتأخّر عن المنسوخ ، فلو لم يكن ما هذه صفته حادثاً بطلت الدلالة على حدوث المحدثات ، وتعذّر إثبات محدثها ، بتناهيها وتفرّقها واجتماعها.

وشيء آخر : وهو أنّ العقول قد شهدت ، والأُمّة قد أجمعت : أنّ الله عزّ وجلّ صادق في أخباره ، وقد علم أنّ الكذب هو أن يخبر بكون ما لم يكن ، وقد أخبر الله عزّ وجلّ عن فرعون وقوله :( أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى ) (١) ، وعن نوح أنّه :( وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ ) (٢) .

فإن كان هذا القول وهذا الخبر قديماً ، فهو قبل فرعون وقبل قوله ما أخبر عنه ، وهذا هو الكذب ، وإن لم يوجد إلاّ بعد أن قال فرعون ذلك ، فهو حادث ، لأنّه كان بعد أن لم يكن.

وأمر آخر وهو : أنّ الله عزّ وجلّ قال :( وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ) (٣) ، وقوله :( مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ) (٤) ، وما له مثل ، أو جاز أن يعدم بعد وجوده ، فحادث لا محالة »(٥) .

وقال الشيخ الطوسي : « كلام الله تعالى فعله ، وهو محدث ، وامتنع أصحابنا من تسميته بأنّه مخلوق ، لما فيه من الإيهام بكونه منحولاً ، وقال

__________________

١ ـ النازعات : ٢٤.

٢ ـ هود : ٤٢.

٣ ـ الإسراء : ٨٦.

٤ ـ البقرة : ١٠٦.

٥ ـ التوحيد : ٢٢٥.

٢٩

أكثر المعتزلة : أنّه مخلوق ، وفيهم من منع من تسميته بذلك ، وهو قول أبي عبد الله البصري وغيره.

وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمّد : أنّه مخلوق ، قال محمّد : وبه قال أهل المدينة ، قال الساجي : ما قال به أحد من أهل المدينة ، قال أبو يوسف : أوّل من قال بأنّ القرآن مخلوق أبو حنيفة ، قال سعيد بن سالم : لقيت إسماعيل بن حماد ابن أبي حنيفة في دار المأمون ، فقال : إنّ القرآن مخلوق ، هذا ديني ودين أبي وجدّي.

وروي عن جماعة من الصحابة الامتناع من تسميته بأنّه مخلوق ، وروي ذلك عن عليعليه‌السلام أنّه قال يوم الحكمين : «والله ما حكمت مخلوقاً ، ولكنّي حكمت كتاب الله » ، وروي ذلك عن أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وابن مسعود ، وبه قال جعفر بن محمّد الصادقعليه‌السلام ـ فإنّه سئل عن القرآن ـ فقال : «لا خالق ولا مخلوق ، ولكنّه كلام الله تعالى ووحيه وتنزيله » ، وبه قال أهل الحجاز.

وقال سفيان بن عيينة : سمعت عمرو بن دينار وشيوخ مكّة منذ سبعين سنة يقولون : إنّ القرآن غير مخلوق ، وقال إسماعيل بن أبي أويس : قال مالك : القرآن غير مخلوق ، وبه قال أهل المدينة ، وهو قول الأوزاعي وأهل الشام ، وقول الليث بن سعد ، وأهل مصر ، وعبيد الله بن الحسن العنبري البصري ، وبه قال من أهل الكوفة ابن أبي ليلى وابن شبرمة ، وهو مذهب الشافعي ، إلاّ أنّه لم يرو عن واحد من هؤلاء أنّه قال : القرآن قديم ، أو كلام الله قديم ، وأوّل من قال بذلك الأشعري ومن تبعه على مذهبه ، ومن الفقهاء من ذهب مذهبه.

دليلنا على ما قلناه : ما ذكرناه في الكتاب في الأُصول ليس هذا موضعها ، فمنها قوله :( مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ ) (١) فسمّاه

__________________

١ ـ الأنبياء : ٢.

٣٠

محدثاً ، وقال :( إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا ) (١) ، وقال :( بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ ) (٢) فسمّاه عربياً ، والعربية محدثة ، وقال :( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ ) (٣) ، وقال :( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ ) (٤) فوصفه بالتنزيل.

وهذه كُلّها صفات المحدث ، وذلك ينافي وصفه بالقدم ، ومن وصفه بالقدم فقد أثبت مع الله تعالى قديماً آخر ، وذلك خلاف ما أجمع عليه الأُمّة في عصر الصحابة والتابعين ، ومن بعدهم إلى أيّام الأشعري ، وليس هذا موضع تقصّي هذه المسألة ، فإنّ الغرض هاهنا الكلام في الفروع.

وروي عن نافع قال : قلت لابن عمر : سمعت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في القرآن شيئاً؟ قال : نعم ، سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : « القرآن كلام الله غير مخلوق ، ونور من نور الله » ، ولقد أقرّ أصحاب التوراة : أنّه كلام الله ، وأقرّ أصحاب الإنجيل : أنّه كلام الله.

وروى أبو الدرداء أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «القرآن كلام الله غير مخلوق ».

وقد مدح الصادقعليه‌السلام بما حكيناه عنه بالنظم ، فقال بعض الشعراء لاشتهاره عنه :

قد سأل عن ذا الناس من قبلكم

ابن النبيّ المرسل الصادق

فقال قولاً بيّناً واضحاً

ليس بقول المعجب المايق

كلام ربّي لا تمارونه

ليس بمخلوق ولا خالق

جعفر ذا الخيرات فافخر به

ابن الوصي المرتضى السابق(٥)

وفي الختام ننقل لكم عدّة روايات حول الموضوع ، وذلك لأهمّيته القصوى :

__________________

١ ـ الزخرف : ٣.

٢ ـ الشعراء : ١٩٤.

٣ ـ الحجر : ٩.

٤ ـ النحل : ٤٤.

٥ ـ الخلاف ٦ / ١١٨.

٣١

١ ـ عن ابن خالد قال : قلت للرضاعليه‌السلام : يا بن رسول الله أخبرني عن القرآن أخالق أو مخلوق؟ فقال : «ليس بخالق ولا مخلوق ، ولكنّه كلام الله عزّ وجلّ »(١) .

٢ ـ عن الريّان بن الصلت قال : قلت للرضاعليه‌السلام : ما تقول في القرآن؟ فقال : «كلام الله لا تتجاوزوه ، ولا تطلبوا الهدى في غيره فتضلّوا »(٢) .

٣ ـ عن علي بن سالم ، عن أبيه قال : سألت الصادقعليه‌السلام فقلت له : يا بن رسول الله ، ما تقول في القرآن؟ فقال : «هو كلام الله ، وقول الله ، وكتاب الله ، ووحي الله وتنزيله ، وهو الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، تنزيل من حكيم حميد »(٣) .

٤ ـ عن اليقطيني قال : كتب علي الرضاعليه‌السلام إلى بعض شيعته ببغداد : « بسم الله الرحمن الرحيم ، عصمنا الله وإيّاك من الفتنة ، فإن يفعل فأعظم بها نعمة ، وإلاّ يفعل فهي الهلكة ، نحن نرى أنّ الجدال في القرآن بدعة ، اشترك فيها السائل والمجيب ، فتعاطى السائل ما ليس له ، وتكلّف المجيب ما ليس عليه ، وليس الخالق إلاّ الله ، وما سواه مخلوق ، والقرآن كلام الله ، لا تجعل له اسماً من عندك ، فتكون من الضالّين ، جعلنا الله وإيّاك من الذين يخشون ربّهم بالغيب ، وهم من الساعة مشفقون »(٤) .

٥ ـ عن الجعفري قال : قلت لأبي الحسن موسىعليه‌السلام : يا بن رسول الله ما تقول في القرآن؟ فقد أُختلف فيه من قبلنا ، فقال قوم : إنّه مخلوق ، وقال قوم : إنّه غير مخلوق ، فقالعليه‌السلام : «أمّا إنّي لا أقول في ذلك ما يقولون ، ولكنّي أقول : إنّه كلام الله عزّ وجلّ »(٥) .

__________________

١ ـ التوحيد : ٢٢٣.

٢ ـ نفس المصدر السابق.

٣ ـ نفس المصدر السابق.

٤ ـ نفس المصدر السابق.

٥ ـ نفس المصدر السابق.

٣٢

٦ ـ عن فضيل بن يسار قال : سألت الرضاعليه‌السلام عن القرآن ، فقال لي : «هو كلام الله »(١) .

٧ ـ عن زرارة قال : سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن القرآن ، فقال لي : «لا خالق ولا مخلوق ، ولكنّه كلام الخالق »(٢) .

٨ ـ عن زرارة قال : سألته عن القرآن أخالق هو؟ قال : « لا » ، قلت : أمخلوق؟ قال : «لا ، ولكنّه كلام الخالق »(٣) .

٩ ـ عن ياسر الخادم عن الرضاعليه‌السلام أنّه سئل عن القرآن فقال : « لعن الله المرجئة ، ولعن الله أبا حنيفة ، إنّه كلام الله غير مخلوق ، حيث ما تكلّمت به ، وحيث ما قرأت ونطقت ، فهو كلام وخبر وقصص »(٤) .

١٠ ـ هشام المشرقي أنّه دخل على أبي الحسن الخراسانيعليه‌السلام ، فقال : إنّ أهل البصرة سألوا عن الكلام فقالوا : إنّ يونس يقول : إنّ الكلام ليس بمخلوق ، فقلت لهم : صدق يونس إنّ الكلام ليس بمخلوق ، أما بلغكم قول أبي جعفرعليه‌السلام حين سئل عن القرآن : أخالق هو أو مخلوق؟ فقال لهم : « ليس بخالق ولا مخلوق ، إنّما هو كلام الخالق » ، فقوّيت أمر يونس(٥) .

( أبو مهدي ـ ـ )

كيفية تصحيح الآراء المختلفة في تفسيره :

س : نسمع كثيراً عن اختلاف أصحاب المذاهب الأربعة في تفسير القرآن ، مثل محتوى التابوت الذي فيه آثار آل موسى وهارون ، والمفسّر يستشهد بهذه الآراء المختلفة على أنّها صحيحة.

__________________

١ ـ تفسير العيّاشي ١ / ٦.

٢ ـ نفس المصدر السابق.

٣ ـ نفس المصدر السابق.

٤ ـ نفس المصدر السابق.

٥ ـ اختيار معرفة الرجال ٢ / ٧٨٤.

٣٣

أرجو إعطاء بعض التفصيل ، ولكم جزيل الشكر.

ج : إنّ أصحاب المذاهب الأربعة يجتهدون بآرائهم ، واختلافهم يكون اختلاف بين مجتهدين ـ وهذا بخلاف أقوال الأئمّةعليهم‌السلام ، فإنّهم معصومون يستقون العلم من أصل أصيل ـ وعليه فإذا وجد اختلاف في رواياتهم في تفسير القرآن ، فهنا تجري عدّة مراحل :

١ ـ ملاحظة الأسانيد أوّلاً ، ليعمل بالصحيح المروي عنهم.

٢ ـ بعد التسليم بصحّة الأسانيد ، فإنّ الاختلاف في تفسير القرآن محمول على تعدّد معاني هذه الآيات ، وأنّ للقرآن عدّة بطون ، ولكُلّ بطن بطون

وأمّا التابوت الذي فيه آثار موسى ، فبعد التسليم بصحّة أسانيد كُلّ ما ورد من روايات في محتوى التابوت ، فلعلّ أنّ كُلّ رواية ناظرة إلى قسم من محتويات التابوت ، والجمع فيما بينها يعطينا نظرة عن محتويات التابوت.

( عبد الله ـ الكويت ـ ٢٨ سنة ـ خرّيج ثانوية )

مراحل نزوله :

س : تحية طيّبة وبعد : كيف نزل القرآن الكريم؟ وما هي المراحل التي استغرقها نزوله؟ وهل نزل جملة واحدة على قلب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ أم نزل على فترات متباعدة؟

وهل نحن الشيعة نعتقد كما يعتقد أهل السنّة ، بأنّ القرآن الكريم نزل على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بفترات متباعدة ، ولم ينزل جملة واحدة؟

أتمنّى أنّي أجد منكم الإجابة الوافية مع الأدلّة القاطعة ، ومن كتب الطرفين ، إنّ كنا نختلف معهم بالرأي ، وأكون لكم من الشاكرين.

ج : لاشكّ أنّ القرآن نزل تدريجاً ، وأنّ آياته تتابعت طبق المناسبات والظروف ، التي كانت تمر بها الرسالة الإلهية في مسيرتها ، تحت قيادة الرسول الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد لمّحت إلى هذا النزول التدريجي للقرآن الآية

٣٤

الكريمة :( وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً ) (١) ، وقوله تعالى :( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ القرآن جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً ) (٢) .

ومع ذلك فإنّ هناك نصوصاً قرآنية تشير إلى دفعية النزول القرآني على ما يفهم من ظاهرها ، وذلك كما في الآيات المباركة التالية : قال تعالى :( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ القرآن هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ) (٣) ، وقال تعالى :( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ ) (٤) ، وقال تعالى :( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) (٥) .

وقد أختلف الباحثون في وجه الجمع بين الأمرين ، وقد ذكروا في ذلك آراء ونظريات ، نذكر فيما يلي أهمّها :

النظرية الأُولى : وهي التي تعتبر للقرآن نزولين.

النزول الأوّل إلى البيت المعمور ، أو بيت العزّة ـ حسب بعض التعابير ـ وهذا هو النزول الدفعي الذي أشارت إليه بعض الآيات السابقة ، والنزول الثاني على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالتدريج ، وطيلة المدّة التي كان يمارس فيها مهمّته القيادية في المجتمع الإسلامي.

وقد خالف المحقّقون من علماء القرآن هذا الرأي ، ورفضوا النصوص التي وردت فيها ، ورموها بالضعف والوهن ، وأقاموا شواهد على بطلانه.

وأهمّ ما يرد على هذه النظرية يتلخّص في شيئين :

__________________

١ ـ الإسراء : ١٠٦.

٢ ـ الفرقان : ٣٢.

٣ ـ البقرة : ١٨٥.

٤ ـ الدخان : ٣.

٥ ـ القدر : ١.

٣٥

١ ـ ورود الآيات القرآنية في بعض المناسبات الخاصّة ، بحيث لا يعقل التكلّم بتلك الآية قبل تلك المناسبة المعيّنة.

٢ ـ عدم تعقّل فائدة النزول الأوّل للقرآن من حيث هداية البشر ، فلا وجه لهذه العناية به في القرآن والاهتمام به.

النظرية الثانية : إنّ المراد من إنزاله في شهر رمضان ، وفي ليلة ابتداء القدر منه ، ابتداء إنزاله في ذلك الوقت ، ثمّ استمر نزوله بعد ذلك على الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله بالتدريج ، ووفقاً للمناسبات والمقتضيات.

ويبدو أنّ هذا الرأي هو الذي استقطب أنظار الأغلبية من محققّي علوم القرآن والتفسير ، نظراً إلى كونه أقرب الآراء إلى طبيعة الأُمور ، وأوفقها مع القرائن ، وظواهر النصوص القرآنية ، فإنّ القرآن يطلق على القرآن كُلّه ، كما يطلق على جزء منه ، ولذلك كان للقليل من القرآن نفس الحرمة والشرف الثابتين للكثير منه.

وتأييداً لهذه الفكرة ، فإنّنا نحاول الاستفادة من التعابير الجارية بين عامّة الناس حين يقولون مثلاً : سافرنا إلى الحجّ في التاريخ الفلاني ، وهم لا يريدون بذلك إلاّ مبدأ السفر ، أو : نزل المطر في الساعة الفلانية ، ويقصد به ابتداء نزوله ، فإنّه قد يستمر إلى ساعات ، ومع ذلك يصحّ ذلك التعبير.

ولابدّ أن نضيف على هذا الرأي إضافة توضيحية وهي : أنّ المقصود من كون ابتداء النزول القرآني في ليلة القدر من شهر رمضان ليس ابتداء الوحي على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لأنّه كان لسبع وعشرين خلون من رجب ـ على الرأي المشهور ـ وكانت الآيات التي شعّت من نافذة الوحي على قلب الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله لأوّل مرّة هي :( اقْرَأْ بِاسْمِ ) (١) .

ثمّ انقطع الوحي عنه لمدّة طويلة ، ثمّ ابتدأ الوحي من جديد في ليلة القدر من شهر رمضان ، وهذا الذي تشير إليه الآية المباركة ، واستمرّ الوحي عليهصلى‌الله‌عليه‌وآله

__________________

١ ـ العلق : ١.

٣٦

حتّى وفاته ، وبما أنّ هذا كان بداية استمرار النزول القرآني ، فقد صحّ اعتباره بداية لنزول القرآن.

النظرية الثالثة : وهي النظرية التي اختصّ بها العلاّمة الطباطبائي ، وهي تمثّل لوناً جديداً من ألوان الفكر التفسيري ، انطبعت بها مدرسة السيّد الطباطبائي في التفسير ، وهذه النظرية تعتمد على مقدّمات ثلاث ، تتلخّص فيما يلي :

١ ـ هناك فرق بين « الإنزال » و « التنزيل » ، والإنزال إنّما يستعمل فيما إذا كان المنزل أمراً وحدانياً نزل بدفعة واحدة ، والتنزيل إنّما يستعمل فيما إذا كان المنزل أمراً تدريجياً ، وقد ورد كلا التعبيرين حول نزول القرآن :( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ) ،( وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً ) (١) .

والتعبير بـ « الإنزال » إنّما هو في الآيات التي يشار فيها إلى نزول القرآن في ليلة القدر ، أو شهر رمضان ، بخلاف الآيات الأُخرى التي يعبر فيها بـ « التنزيل ».

٢ ـ هناك آيات يستشعر منها أنّ القرآن كان على هيئة وحدانية ، لا أجزاء فيها ولا أبعاض ، ثمّ طرأ عليه التفصيل والتجزئة ، فجعل فصلاً فصلاً ، وقطعة قطعة ، قال تعالى :( كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ) (٢) .

فهذه الآية ظاهرة في أنّ القرآن حقيقة محكمة ، ثمّ طرأ عليها التفصيل والتفريق بمشيئة الله تعالى ، والأحكام الذي يقابل التفصيل هو وحدانية الشيء وعدم تركّبه وتجزّئه.

٣ ـ هناك آيات قرآنية تشير إلى وجود حقيقة معنوية للقرآن غير هذه الحقيقة الخارجية اللقيطة ، وقد عبّر عنها في القرآن بـ « التأويل » في غير واحدة من الآيات ، قال تعالى :( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ

__________________

١ ـ الإسراء : ١٠٦.

٢ ـ هود : ١.

٣٧

كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ ) (١) ، وقال تعالى :( وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ ) (٢) .

فالتأويل على ضوء الاستعمال القرآني هو الوجود الحقيقي والمعنوي للقرآن ، وسوف يواجه المنكرون للتنزيل الإلهي تأويله وحقيقته المعنوية يوم القيامة.

واستنتاجاً من هذه المقدّمات الثلاث ، فللقرآن إذاً حقيقة معنوية وحدانية ليست من عالمنا هذا العالم المتغيّر المتبدّل ، وإنّما هي من عالم أسمى من هذا العالم ، لا ينفذ إليه التغيّر ، ولا يطرأ عليه التبديل.

وتلك الحقيقة هو الوجود القرآني المحكم ، الذي طرأ عليه التفصيل بإرادة من الله جلّت قدرته ، كما أنّه هو التأويل القرآني الذي تلمح إليه آيات الكتاب العزيز.

وإذا آمنا بهذه الحقيقة ، فلا مشكلة إطلاقاً في الآيات التي تتضمّن نزول القرآن نزولاً دفعياً في ليلة القدر ، وفي شهر رمضان ، فإنّ المقصود بذلك الإنزال هو هبوط الحقيقة المعنوية للوجود القرآني على قلب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وانكشاف ذلك الوجود التأويلي الحقيقي للقرآن أمام البصيرة الشفّافة النبوية ، فإنّ هذا الوجود المعنوي هو الذي يناسبه الإنزال الدفعي ، كما أنّ الوجود اللفظي التفصيلي للقرآن هو الذي يناسبه التنزيل التدريجي.

وليس المقصود ممّا ورد من روايات عن أهل البيتعليهم‌السلام حول النزول الأوّل للقرآن في البيت المعمور إلاّ نزوله على قلب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإنّه هو البيت المعمور الذي تطوف حوله الملائكة ، وقد رمز إليها الحديث بهذا التعبير الكنائي.

وهذه النظرية مع ما تتّصف به من جمال معنوي ، لا نجد داعياً يدعونا إلى تكلّفها ، كما لا نرى داعياً يدعونا إلى محاولة نقضه وتكلّف ردّه ، فليست النظرية هذه تتضمّن أمراً محالاً ، كما لا لزوم في الأخذ بها بعد أن وجدنا لحلّ المشكلة ما هو أيسر هضماً وأقرب إلى الذهن.

__________________

١ ـ يونس : ٣٨ ـ ٣٩.

٢ ـ الأعراف : ٥٢ ـ ٥٣.

٣٨

( إبراهيم ـ المغرب ـ )

معجزته غير البلاغية :

س : هل تضمّن القرآن جوانب أُخرى غير معجزة البلاغة والفصاحة ، تصلح مؤيّداً لنبوّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ وأنّه المبعوث بحقّ من الله تعالى؟

ج : لقد تضمّن القرآن الكريم جملة مؤيّدات في هذا المجال ، نكتفي بذكر مؤيّدين فيها :

الأوّل : الإخبار عن الغيب.

إنّ في القرآن إشارات إلى وقوع بعض الحوادث ، والتي لم تكن قد وقعت بعد ، منها حادثة انتصار الروم على الفرس من بعد انكسارهم ، قال تعالى :( الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ ) (١) .

حيث انتصرت الإمبراطورية الفارسية على الإمبراطورية الرومانية عام ٦١٤ م ـ أي بعد أربع سنوات من ظهور الإسلام ـ وانتصرت الإمبراطورية الرومانية على الإمبراطورية الفارسية عام ٦٢٢ م ، الموافق للسنة الثانية للهجرة.

فتحقّق تنبّؤ القرآن الكريم ، وأثبت ما وعد الله تعالى من نصرة الروم على الفرس.

الثاني : الإخبار عن بعض الظواهر والقوانين الكونية.

لابدّ من التأكّد أوّلاً على أنّ القرآن ليس إلاّ كتاب هداية ، والهدف منه صنع الإنسان وسوقه إلى طريق الكمال والرقي ، ولا دخل له في ملاحظة ومتابعة الشؤون والمفردات المتعلّقة بالعلوم الأُخرى.

ومع هذا ، فقد أشار القرآن إلى بعض الظواهر والسنن الطبيعية ، ليجعلها دليلاً على وجود الله تعالى وعظمته ، وحقانية دعوة الأنبياء إلى ربّهم ، ومن تلك الظواهر العلمية التي أشار إليها القرآن الكريم :

__________________

١ ـ الروم : ١ ـ ٣.

٣٩

١ ـ قانون الجاذبية : الذي اكتشفه نيوتن في القرن السابع عشر الميلادي ، والذي أكّد عليه نيوتن في هذا القانون هو : أنّ الجاذبية قانون عام ، وحاكم على أرجاء الوجود المادّي كافّة ، بينما هذه الفكرة مسلّمة في منطق القرآن ، وقبل نيوتن بألف عام.

قال تعالى :( اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى ) (١) .

٢ ـ قانون الزوجية العام : الذي اكتشفه العالم السويدي شارك لينيه ، عام ١٧٣١ م ، والذي أكّد من خلاله على أنّ الأنوثة والذكورة حقيقة ثابتة في النبات ، وأنّ الأشجار لا يتمّ الحصول على ثمرها إلاّ من خلال تلقيح بذور النبات الذكري للنبات الأنثوي.

بينما القرآن الكريم أثبت وجود هذه الحقيقة لكُلّ الموجودات بقوله تعالى :( وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) (٢) ، وأنّ تلقيح النباتات يتمّ عن طريق الرياح لقوله تعالى :( وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ ) (٣) .

٣ ـ قد بيّن القرآن الكريم مسألة حركة الأرض ، والأجرام السماوية بقوله :( لاَ الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلاَ اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ) (٤) ، في الوقت الذي تضارب فيه آراء علماء الهيئة في اليونان.

( رضا شريعتي ـ إيران ـ ٤٠ سنة ـ دكتور )

أُمّ الكتاب :

س : ما أُمّ الكتاب؟ هل هي بنفسها الإمام المبين؟ والكتاب المكنون؟ واللوح المحفوظ؟ والكتاب المبين؟ ومحكمات القرآن؟ وأمير المؤمنين؟ والأئمّة عليهم‌السلام ؟

__________________

١ ـ الرعد : ٣.

٢ ـ الذاريات : ٤٩.

٣ ـ الحجر : ٢٢.

٤ ـ يس : ٤٠.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

( أمريكا ـ ـ )

كيفية التدريس ومنح الألقاب في الحوزة :

س : أنا شاب من اليمن أدرس في الولايات المتحدة ، عندي سؤال أتمنّى من الله أن تجيبوني عليه : كيف تتمّ طريقة التدريس في الحوزات العلمية؟ وكيف يتمّ اعتماد المراتب والألقاب مثل : حجّة الإسلام ، وآية الله العظمى ، وما هي معاني تلك الصفات؟

ج : لاشكّ بأنّ الدراسة الحوزوية تجتمع مع الدراسة الأكاديمية في بعض النقاط ، وتختلف عنها في نقاط أُخرى ، ونذكر هنا بعض النقاط التي تتميّز بها الدراسة الحوزوية :

١ ـ للطالب الحرّية الكاملة في انتخاب الأُستاذ الذي يريده ، والمادّة الدراسية ، حسب مقرّرات خاصّة ومواد معيّنة.

٢ ـ لا يقيّم الطالب بالامتحان فحسب ، وإنّما يقيّم من خلال دراسته ومباحثته ، ومناقشته وتدريسه.

٣ ـ تقوم الدراسة في الحوزة على شكل حلقات غالباً.

٤ ـ مناقشة الأُستاذ في كُلّ جزئية وبكُلّ حرّية.

٥ ـ تعتمد الدراسة في الحوزة على أسلوب طرح الموضوع والفكرة من قبل الأُستاذ ، ثمّ مناقشته من قبل الطلبة ، ثمّ مباحثة الطلبة فيما بينهم لهضم المادّة ، ثمّ مراجعة الأُستاذ بعد ذلك.

٦ ـ تعتمد الدراسة في الحوزة على مطالعة مسبقة على الدرس ، ثمّ الحضور في الدرس ، ثمّ مطالعة ملحقة بعد الدرس وتقييد النقاط الغامضة ، ثمّ السؤال من الطالب الآخر ، أو الرجوع إلى الأُستاذ.

٧ ـ إنّ التدريس في الحوزة مبنيّ على اللياقات الموجودة عند الأُستاذ ، وليس على منح درجات أو رتب ، وأمثال ذلك.

٥٢١

وأمّا بالنسبة إلى مسألة الألقاب والمنح في الحوزة ، فهي مسألة اعتبارية تمنح نتيجة لدراسات معيّنة من أهل الخبرة ، فلا تقبلوها من كُلّ أحد ، لأنّها قد تمنح بلا حقّ.

ولا يخفى عليكم أنّ هذه الألقاب ليس لها مداليل واقعية ، يعني عندما نلقّب هذا بآية الله ، ليس معناه أنّ الآخر أو الآخرين ليسوا بآية من آيات الله ، ولكن لقّب هذا بآية الله باعتبار تبنّى بعض المسائل الفقهية والأُصولية ، ودرس ودرّس وباحث لمدّة مطوّلة.

( حيدر النور ـ كندا ـ ٣١ سنة ـ طالب إعدادية )

مقوّمات شخصية الإنسان :

س : من أين تتكوّن شخصية الإنسان؟ هل من الوالدين أو من الثقافة؟

ج : إنّ تكوّن شخصية الإنسان تتقوّم على أُسس وخطوط عريضة هي : عالم النطفة والخلق ، وأجواء البيت والأُسرة ، والثقافة العامّة المتداولة في الوسط الاجتماعي المحيط به ، التي تشمل حتّى مجالات التعليم والتعلّم ، ومستوى ثقافة المعلّم ، وحقّ الاختيار الدائم والمستمر في جميع هذه المراحل.

وباختصار : هذه كُلّها ممّا تكوّن شخصية كُلّ إنسان في التقدير الإلهي لخلقه.

نعم ، مع فرض وجود النقص في كُلّ من الجوانب المذكورة ، يمكن للإنسان أن يعوّضه في مجال آخر منها ، وحينئذٍ لا تفرض حالة شخصية غير قابلة للتغيير ، وعليه يجب أن يسعى الإنسان لتحسين شخصيّته وتصحيحها دائماً نحو الأفضل والأكمل.

( علي العلي ـ الكويت ـ )

أسباب ثورة الزنج :

س : ما هي أسباب ثورة الزنج؟ ومن قام بها؟ وفي أيّ زمن حصلت؟

٥٢٢

ج : نقلت كتب التاريخ : أنّ ثورة الزنج دامت نحواً من أربع عشرة سنة « ٢٥٥ ـ ٢٧٠ هـ = ٨٦٩ ـ ٨٨٣ م » ، والذي قاد هذه الثورة على الأشهر هو علي بن محمّد ابن أحمد بن علي بن عيسى بن زيد بن الإمام علي زين العابدينعليه‌السلام .

والسبب الرئيسي لهذه الثورة هو ما كان يعانيه الزنج من الفقر والحرمان والبؤس ، وللمزيد من الإطلاع راجع :

١ ـ شرح نهج البلاغة ٨ / ١٢٦.

٢ ـ تاريخ الأُمم والملوك ٧ / ٥٤٧.

٣ ـ الكامل في التاريخ ٧ / ٢٠٥.

٤ ـ ثورة الزنج للدكتور فيصل السامر.

( علي عدنان العلي ـ الكويت ـ )

الفرق بين العلم الحصولي والحضوري :

س : هناك من يقول أنّ العلم الحصولي لا ينفكّ عن العلم الحضوري ، بل هما متلازمان ، مثلاً : الجهاز الذي أمامي هو علم حصولي ، وصورته علم حضوري ، والعلم الحضوري مقتصر على الأحاسيس والشعور وما شابه ، ما مدى صحّة هذه المقولة؟

ج : هناك فرق بين العلمين في المنشأ ، ينبغي التنبّه له : فما كان صورته المنتزعة بأدوات الإحساس هي الحاضرة عند العالم ـ دون وجوده الخارجي ـ فهو علم حصولي والصورة المذكورة هي المعلومة بالذات ، وفي نفس الوقت واسطة لمعرفة ذلك الوجود الخارجي.

وما كان وجوده حاضراً ومعلوماً عند العالم من دون توسيط شيءٍ أو صورة ، فهو علم حضوري ، كعلم الإنسان بنفسه.

فإن قال قائل : إنّ العلم في هذا المثال أيضاً حصولي.

قلنا : بأنّ هذا التوهّم باطل ، إذ العلم الحصولي يحتاج إدراكه إلى توسيط صورة تدلّ على الوجود الخارجي ، فلو قلنا بهذا في المثال المذكور يلزمنا تعيين صورة دالّة

٥٢٣

على الإنسان عند نفسه ، ثمّ نبحث عن نوعية العلم لهذه الصورة ، فلو كان العلم لها حضوري ثبت المطلوب ، وإن قلنا بأنّه حصولي يحتاج هذا الآخر لمعرفته إلى صورة ذهنية أُخرى ، وهلّم جرّاً يتسلسل الأمر ، والتسلسل واضح البطلان.

فالحلّ : أن نقطع السبيل ونجزم بوجود نوع من العلم لا يحتاج في إدراكه إلى صورة توسيطية ، بل إنّه مجرّد حضور المعلوم والمدرَك عند العالم والمدرِك ، وهو الذي يسمّى بالعلم الحضوري ، ويختلف جذريّاً مع العلم الحصولي.

( السيّد الموسوي الساري ـ البحرين ـ )

الدليل العقلي على التمسّك بالإسلام :

س : ما هو الدليل العقلي على لزوم التمسّك بالدين الإسلامي ورفض بقية الديانات؟

ج : إنّ الدليل العقلي على لزوم التمسّك بالدين الإسلامي دون بقية الأديان هو بالكمال ، بمعنى أنّ العقل يقدّم الشيء الكامل والفاضل على الشيء الناقص والمفضول ، باعتبار تقديم الكامل عدل ، والعدل حسن عقلاً ، كما أنّه يقبح عقلاً تقديم الناقص على الكامل مع وجود الكامل ، باعتبار تقديم الناقص حينئذ ظلم ، والظلم قبيح عقلاً ، فتقديم الكامل من الحُسن العقلي.

ومن المعلوم : أنّ الدين الإسلامي هو خاتم الأديان وآخرها ، فلابدّ وأن يكون أكملها وأجمعها لجميع جوانب حياة الإنسان وأبعاده ، وممّا يدلّ على كماله الروايات الشريفة والآيات المباركة ، منها : قوله تعالى :( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ) (١) .

إذاً ، العقل يلزمنا أن نختار الدين الإسلامي باعتباره الدين الكامل ، كما يحكم أنّ المتأخّر ينسخ المتقدّم ، وأنّ في الثاني ما في الأوّل ولا عكس ، فإنّ الاثنين يضمّ الواحد ولا عكس ، كما هو واضح.

__________________

١ ـ المائدة : ٣.

٥٢٤

وبمثل هذه الملاكات العقلية يقدّم الدين الإسلامي على غيره عقلاً ، كما يقدّم نقلاً ، فإنّ الشرائع السماوية الأُخرى ، أخبرت بظهور الدين الإسلامي ، وأنّه خاتم الشرائع السماوية ، كما أنّ نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله خاتم الأنبياءعليهم‌السلام .

( علي العلي ـ الكويت ـ )

الطريق إلى معرفة الثقافة الإسلامية :

س : ما هي الطريقة لتكوين ثقافة إسلامية؟ وما هي الكتب المهمّة في هذا المجال؟

ج : إنّ سؤالكم مركب من كلمتين : ثقافة وإسلامية ، فالثقافة لوحدها لا تكون كاملة ما لم تضاف إلى الكلمة الثانية « إسلامية » ، فيمكننا أن نعرّف الثقافة بالعلم بالشيء والعمل به ، العلم بالتعاليم الإسلامية ، والعمل بهذه التعاليم ، هو الذي يخلق عند الإنسان ثقافة إسلامية ، فإذا عرفنا الإسلام بمفاهيمه الصحيحة وعملنا بها ـ إذ أنّ للإسلام تعاليم وقوانين في جميع المجالات ـ حصلت لنا ثقافة إسلامية.

وبما أنّ الإسلام لم يصلنا بالصورة المتكاملة إلاّ عن طريق أهل البيتعليهم‌السلام ، وأهل البيت أدرى بما في البيت ، وقد نقلوا الصورة الصحيحة للإسلام ومفاهيمه ـ كما نزل به جبرائيل الأمين على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فالرجوع إلى كلامهم للوصول إلى ثقافة إسلامية يكون ضرورياً لكُلّ طالب حقّ وحقيقة.

ومن الكتب التي ننصحكم بقراءتها كتاب : « التكامل في الإسلام » لأحمد أمين ، وكتب الشيخ محمّد جواد مغنية ، والسيّد شرف الدين ، والشيخ المظفر ، والشيخ كاشف الغطاء.

٥٢٥

( أمير أحمد ـ أمريكا ـ ١٦ سنة ـ طالب )

الكافر يكافأ في الدنيا على أعماله الإيجابية :

س : هل يثاب أديسون ـ مخترع الكهرباء ـ على خدمته الفاضلة للبشرية من قبل الله تعالى؟ بالرغم من أنّه ـ كما تعرفون ـ لم تكن نيّته قربة إلى الله تعالى ، وحفظكم الله تعالى.

ج : تدلّ العمومات التي وردت في بعض الروايات : بأنّ الكافر يكافأ في هذه الدنيا على أعماله الإيجابية ، التي خدمت النوع البشري ، حتّى لا يبقى له حقّ في الآخرة ، ويؤيّده حكم العقل بعدم ضياع عمله ، وإن كان كافراً( وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ ) (١) .

نعم ، هناك بعض الروايات تفيد : بأنّ الكفّار القاصرين الذين لم تصل إليهم الأدلّة ، ولم يكونوا معاندين ، موكلون في الحكم عليهم في الآخرة إلى الله تعالى ، وعبّرت عنهم ـ هذه الروايات ـ بالمستضعفين والمرجوّين لشمول رحمة الباري لهم.

( محمّد حسام ـ سوريا ـ ٣٢ سنة ـ طبيب أسنان )

تشخيص الحقّ من الباطل بالعقل :

س : ألا تعتقدون بأنّ كُلّ واحد في هذه الأرض يعتبر نفسه أنّه الأقرب إلى الأصحّ؟ فما هي الآليات العملية التي يمكن أن نطبّقها للوصول إلى إقناع الطرف الآخر؟ بأنّه يمكن أن يكون بعيداً عن الحقّ ، طبعاً أتكلّم من وجهة الفهم النبوي لشريعة الله على الأرض ، وشكراً لكم.

ج : إنّ الآلية الوحيدة ـ في نقطة الصفر ـ للبحث عن الحقّ والحقيقة هو العقل ، والاعتماد على الدليل مهما كانت نتائجه ، ويؤيّده ما ورد في أحاديث الشيعة :

__________________

١ ـ فصلت : ٤٦.

٥٢٦

أنّ أوّل ما خلق الله هو العقل(١) ؛ ولا يخفى أنّ في كُلّ موضوع حقّ وباطل ، فالدليل القوي والمتين يكون مع الحقّ ويردّ الباطل ، فلا مجال لتوهّم وجود دليلين أساسيين لصالح الحقّ والباطل على حدّ سواء ، بل كُلّ ما في الأمر أنّ للباطل شبهات يخيّل أنّها دلائل ، ولكن عندما تعرض وتقاس بأدلّة الحقّ ، تنكشف زيفها ، فللباطل جولة ، ولكن للحقّ دولة.

فالمهمّ في هذا المجال : أن يدرس أدلّة كُلّ مدّع للحقّانية في قبال أدلّة الآخرين ـ ولا يكفي مجرّد ادّعائه هذا المقال ـ حتّى يحصحص الحقّ من خلاله ، ثمّ( فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ ) (٢) .

( أحمد ـ فلسطين ـ سنّي )

لابدّ من معرفة من نحبّ :

س : أنا أحبّ الشيعة لأنّهم أكثر المسلمين ثورة على الظلم.

ج : الحبّ له مراحل ، لابدّ من تخطّي هذه المراحل لأجل الوصول إلى الحبّ الحقيقي ، ومن أهمّ مراحل الرقي في الحبّ معرفة من نحبّ.

وبعد هذه المقدّمة ندعوك لمعرفة الشيعة الذين تحبّهم ، والتشيّع الذي يعتقدون به ، لا ندعوك لأن تتشيّع!! بل ندعوك لأن تعرف الشيعة والتشيّع ، وتعرف أدلّتهم من كتبهم ، لا من كتب خصومهم.

( بنت العفاف ـ البحرين ـ )

معنى تجرّد الروح :

س : هناك اختلاف بين المحقّقين وعلماء الكلام في قضية تجرّد الروح ، أرجو من حضرتكم التوضيح مع التفصيل ، وهل المجرّدات تتعرّض للفناء؟

__________________

١ ـ شرح نهج البلاغة ١٨ / ١٨٥ ، من لا يحضره الفقيه ٤ / ٣٦٩.

٢ ـ يونس : ٣٢.

٥٢٧

ج : هذه المسألة طرحت من زمن أفلاطون وأرسطو.

فأفلاطون كان يقول : إنّ الروح جاءت من عالم المجرّدات والمثل ، وما وراء الطبيعة ، وحلّت في الإنسان ، وهي كالطائر في القفس تريد الخلاص منه ، وسبب حلولها في البدن معصيتها ، فحبسها الله في البدن

أمّا أرسطو يخالف أفلاطون ويقول : إنّها مع كونها مجرّدة ، ولكنّها تخلق مع البدن.

هذا خلاصة ما قيل حولها ، ولمّا وصلت إلى يد العرفاء قالوا : إنّ الإنسان له جسد ونفس وروح ، أمّا الروح فهي إلهية ، كما في قوله تعالى :( وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي ) (١) ، وأمّا النفس فهي صاحبة الأهواء والغرائز ، لكنّها تتكامل شيئاً فشيئاً ، إلى أن تصل إلى مرحلة النفس المطمئنة ، وتتّحد مع الروح.

وأمّا الحكماء والفلاسفة فلا يفرّقون بين الروح والنفس ، وجعلوهما شيئاً واحداً ، وهي مع كونها مجرّدة لكنّها ناقصة ، وتتكامل شيئاً فشيئاً.

والمجرّدات لا تفنى ، لأنّ الفناء خاصّ بالمادّيات ، وما ليس بمادّي لا فناء له.

طبعاً هذه المسألة طرحت في الغرب من زمن ديكارت ، وأختلف الفلاسفة فيها ، فقسم منهم ـ وهم الإلهيون ـ يعتقدون بالفصل التامّ بين الروح والجسد ، ويقولون : إنّ بينهما تنافراً ولا يلتقيان ، وقسم منهم ـ وهم المادّيون ـ لا يعتقدون بهذا ، بل يقولون بمادّية الروح أو النفس ، وانعدامها بعد الموت.

( عبد المنعم ـ البحرين ـ )

محاسبة النفس :

س : كيف يحقّق المسلم رضا نفسي عمّا يفعله من أفعال ركنية أو واجبة أو مستحبّة بحيث تحقّق رضا الله عنه؟

__________________

١ ـ الحجر : ٢٩.

٥٢٨

ج : قال تعالى :( يُنَبَّأُ الْإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ) (١) .

هذه الآيات وإن كانت حاكية عن الوضع في يوم القيامة ، إلاّ أنّنا يمكن أن نستفيد منها في عالمنا هذا ـ عالم الحياة الدنيا ـ إذ أنّ الإنسان يوم القيامة ينبأ ، وفي عالم الدنيا يستطيع أن يستخبر من نفسه حقائق الأُمور ، من دون لفّ ودوران ، ليعلم أنّ أعماله هل هي خالصة لله تعالى أم يشوبها الشرك؟ وكذلك هل استتبع أعماله أو يستتبعها منّةً وحسابات أُخرى أم لا؟

ولهذا العمل في الحياة الدنيا ، واستخبار الإنسان لنفسه ، يسمّى بمحاسبة النفس ، التي ورد في الحثّ عليها الروايات الكثيرة.

فيعيّن الإنسان وقتاً بين الحين والآخر ، يخلو فيه مع نفسه ، ويحاسبها على جميع أعماله ، فما شاهد منها الخير والإخلاص حمد الله وسأله أن يزيده منها ، وما رأى غير ذلك استغفر الله وصمّم على أن لا يعود.

( نورة إبراهيم ـ البحرين ـ )

معنى كلمة الحلوليون :

س : ما معنى كلمة الحلوليون؟

ج : تطلق كلمة الحلوليون على القائلين بأنّ الله تعالى حلّ في الأجسام ، أو حلّ في جسم معيّن ، ولهذا سمّوا بهذا الاسم ، وفي تعريف هذا المصطلح من المعاني الفلسفية ما يصعب فهمه على الجميع.

( إبراهيم ـ فلسطين ـ )

حول الوطنية والقومية والديمقراطية :

س : ما هو تعريفكم للوطنية والقومية والديمقراطية؟

__________________

١ ـ القيامة : ١٣ ـ ١٥.

٥٢٩

ج : نحن لا ننفي الوطنية والقومية والديمقراطية بالكُلّية ، ولا نؤيّدها مطلق التأييد ، بل نحن مع القومية والوطنية والديمقراطية ـ بمعناها اللغوي ـ الشرعية ، بمعنى أن نكون معها مادامت لا تخالف النصوص الدينية ، ونكون ضدّها إذا خالفت النصوص الدينية.

( عبد الحليم نواصر ـ الجزائر )

المرجعية أولت اهتماماً لقضية فلسطين :

س : اقتراحي يتمثّل في التكثيف من المسائل التي توحّد المسلمين حول القضية الفلسطينية.

ج : المرجعية الشيعية أولت اهتماماً كبيراً لقضية فلسطين ، وأصدر مراجع الدين بياناتهم وابدوا فيها عن استنكارهم ، وأوصوا الأُمّة الإسلامية بالتماسك والوحدة لأجل الدفاع عن الفلسطينيين ، ولا زالت الشيعة في أنحاء العالم وعلى رأسهم حزب الله الذي دعمته المرجعية الشيعية ، بل أحد المصاديق الخارجية لتلامذة المرجعية الشيعية ، لازالوا هم السبّاقين في التضحية والفداء.

( ـ ـ )

توضيح عن الديمقراطية والوطنية والقومية :

س : أُريد توضيحاً عن الديمقراطية والوطنية والقومية إذا أمكن ، وشكراً.

ج : الديمقراطية تعني الحرّية ، والحرّية تارة تكون للفرد وأُخرى للمجتمع ، والديمقراطية المطلقة والتي لا تتقيّد بأيّ قيد غير مقبولة عند الشارع المقدّس ، بل الديمقراطية المقيّدة ـ التي تحفظ كرامة الإنسان والمجتمع ، ولا تتعدّى الحدود التي رسمها الشارع ـ هي المقبولة عند الشارع.

وأمّا الوطنية والقومية ، فهما اصطلاحان منتزعان من الوطن والقوم ، والمراد منهما : أن يتعصّب كُلّ إنسان لقومه ووطنه ، وهذا أيضاً بإطلاقه غير صحيح

٥٣٠

عند الشارع ، لأنّ التعصّب للقوم والوطن يسبّب ضياع حقوق الآخرين ، ويزيغ الإنسان عن العدل والحقّ ، ولكن القومية والوطنية إذا حدّدتا وقيّدتا بضوابط عقلية وشرعية فإنّهما سيكونان مقبولان شرعاً وعقلاً.

( عبد السلام ـ المغرب ـ )

التشبّه بالكفّار حرام :

س : الإخوة الأفاضل القائمين على هذا الموقع : هل النهي عن التشبّه بالكفّار وارد في الفقه الإمامي؟ هل بالإمكان إيراد بعض الأمثلة المنهي عنها؟ وجزاكم الله خيراً.

ج : نعم ، التشبّه بالكفّار وارد في الفقه الإمامي وهو حرام ، وتشخيصه يرجع إلى العرف الذي يحكم بأنّه تشبّه بالكفّار.

( ريما الجزيري ـ البحرين ـ )

حقوق الناس وإبراء ذمّتهم :

س : أُريد أن أشكركم على جهودكم البنّاءة لخدمة وبناء هذا المجتمع.

طالما رددت في أحد الأدعية : « وقد خفقت أجنحة الموت عند رأسي وقد نزلت منزلة الآيسين من خيري فمن يكون أسوأ حالاً منّي » ، وتفكّرت فيها كثيراً جدّاً.

ولكن السؤال هو : أنّ الله سبحانه رحيم ، ورحمته وسعت كُلّ شيء ، أي أنّ الله ممكن أن يغفر لنا ذنوبنا التي تتّصل به ـ كالأحكام الفقهية من صلاة وصوم و ـ ولكن ماذا عن حقوق الناس؟ فما هي حقوقهم؟ وكيف التكفير عنها عند ظلم أي إنسان؟ وإذا كان هناك تعذّر من الوصول إليه ـ لسبب من الأسباب ـ فما العمل؟ وهل من اللازم عند براءة الذمّة ذكر الظلم الذي وقع على هذا الإنسان؟ أعينوني أعانكم الله.

٥٣١

ج : الإنسان عليه أن يبقى دائماً يعيش حالة الخوف والرجاء ، الخوف من جهنّم ، ورجاء رحمة الله تعالى ، لمّا يقرأ آيات الرحمة والغفران يحصل له الرجاء ، ولمّا يقرأ آيات العذاب وجهنّم يحصل له الخوف.

وأمّا حقوق الناس ، فهي على قسمين : مادّية ، ومعنوية.

أمّا المادّية ، فيجب على كُلّ إنسان غصب حقّاً من مال أو عين أو تصرّف بأموال غيره ، أو تسلّط عليها ، فيجب أن يرجع كُلّ شيء ليس له إلى أهله.

وأمّا المعنوية ، كالغيبة والافتراء على الآخرين و ، فإنّه يجب أن يستميحه في هذه الحياة الدنيا ويبرأ ذمّته ، وإن كان هناك تعذّر من الوصول إليه فيستغفر له ، ويتصدّق عنه عسى أن ينفع يوم لا ينفع مال ولا بنون.

( أبو الزين ـ الأردن ـ )

الحسن والقبح العقليين :

س : في موضوع الحُسن والقبح يعقّب صديقي قائلاً : وأمّا وصف الأفعال بالقبح والحسن ، فإننا لا ننكر أنّ العقل يقبّح ويحسّن بعض الأُمور ، لكن لا مدخلية له في تقبيح أفعال يترتّب عليها حساب ، وتحسينها التي هي محلّ التكليف الشرعي ، بل الشرع هو الذي يحسّن ويقبّح الأفعال ابتداءً دون مدخلية للعقل فيها ، وإلاّ فكيف تفرّون من إباحة شرب الخمر ثمّ تحريمها؟

وأين العقل من هذا؟ أو كذلك إباحة زواج الأخت في الشرائع السابقة؟ هل حقّاً أنّ الأشاعرة لا ينكرون أنّ العقل يقبّح ويحسّن بعض الأُمور؟ وهل يطرد ذلك مع قواعدهم؟

ج : الذي ينبغي أن يقال : هو أنّ العقل بعدما يحكم في كُلّ مورد ، يرى الملازمة أيضاً بين هذا الحكم وحكم الشارع ، نعم لو لم يدرك العقل الملازمة المذكورة تماماً في موضوعٍ ما لم يحكم بوجود الحكم الشرعي في ذلك المجال.

٥٣٢

وبعبارة أُخرى : لو أدرك العقل العلّية التامّة بين الأفعال ومواصفاتها من الحُسن والقبح ، فحينئذٍ يحكم بتحسين أو تقبيح الشرع لها ، وإلاّ فلا.

وممّا ذكرنا يظهر عدم ورود النقوض المذكورة ـ إباحة شرب الخمر وزواج الأُخت ـ فإنّ العقل لم يحكم بالبداهة على حرمة الموردين بدون معونة الشرع ، أي أنّ العقل لا يستقلّ في حصول الضرر الذي يبلغ حدّ الضرر المحرّم ، وأن كان يعلم بالضرورة بوجود الضرر بنحو الموجبة الجزئية ، وهذا المقدار لا يكفي في حكم العقل بالتحسين والتقبيح ، ومن ثمّ الحكم بالملازمة على حكم الشرع في المجالين.

وأمّا الأشاعرة ، فلا يرون للعقل دوراً في الحكم بالحسن والقبح ، وإنّما دوره ينحصر في دركه لهما ، فلا مجال لتوغّل العقل في حوزة معرفة حكمة الأحكام وغيرها ، فمثلاً لا يرى الأشعري قبحاً في ايلام الأطفال ، أو عذاب المؤمنين وإدخالهم النار ، أو إدخال الكافرين الجنّة(١) .

وهي كما ترى أحكام مناقضة للعقل بالبداهة ، فلا تتصوّر في ساحة الباري تعالى.

( أحمد ـ ـ )

تسمية المولود بيد الزوج :

س : هل للزوجة أن تسمّي المولود بخلاف رضا الزوج؟ في حال اختلاف الآراء ، هل للزوجة الحقّ في التصرّف بالتسمية على اعتبار المشقّة والأذى الحاصل من الحمل والولادة؟ وفي حال عدم الاتفاق على التسمية ، فما هو المترتّب على الزوجة والزوج عمله؟

ج : إنّ الأمر في هذه المسألة سهل ، ويمكن الوصول إلى حلّ ، بالأخصّ إذا كانت العلاقة الزوجية مبتنية على المحبّة والتفاهم ، فلا مجال لأمثال

__________________

١ ـ اللمع في أُصول الفقه : ١١٦.

٥٣٣

هكذا اختلافات بسيطة لتكدّر العيش السعيد الذي يسعى إليه كُلّ زوجين صالحين.

ولكن ، إن كان ولابدّ ، فإنّ الشارع المقدّس ، وحسماً للنزاع ، فإنّه يكون قول الزوج هو المقدّم ، وذلك من باب :( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء ) (١) .

( محمّد علي حسن ـ البحرين ـ )

التوبة وشروطها :

س : هل الإنسان إذا فعل أشياء غير أخلاقية هل يقبل الله توبته؟ وشكراً.

ج : علّمنا أئمّتناعليهم‌السلام أن نكون دوماً بين الخوف والرجاء ، رجاء رحمة الله تعالى ، والخوف من عقاب الله تعالى ، والآيات القرآنية والأحاديث الشريفة تؤكّد على( إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء ) (٢) ، ولكن بشرط أن تكون توبة حقيقية لا يعود بعدها إلى الذنب وفعل القبيح( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا ) (٣) .

وإذا كان للناس عليه حقّ أن يتخلّص منه ، ويرجع إلى كُلّ ذي حقّ حقّه ، حتّى أنّه ورد عن الأئمّةعليهم‌السلام :( إنّ من أكبر الكبائر عند الله اليأس من روح الله ) (٤) .

( هادي ـ البحرين ـ )

الفرق بين الاحتمال والمُحتمل :

س : ما الفرق بين الاحتمال والمُحتمل؟

__________________

١ ـ النساء : ٣٤.

٢ ـ النساء : ٤٨.

٣ ـ التحريم : ٨.

٤ ـ الكافي ٢ / ٥٤٥.

٥٣٤

ج : الاحتمال : هو إبداء الفرض ، والمُحتمل : هو ما يكون متعلّقاً لهذا الفرض والاحتمال ، فالاحتمال هو : المصدر ، والمُحتمل : اسم مفعول ومتعلّق هذا المصدر.

نعم ، قد يذكر البعض هاتين الكلمتين في الاستدلالات الفلسفية والكلامية ، أو حتّى الأُصولية ، بصورة الفرق بين قوّة الاحتمال وقوّة المُحتمل ، والمقصود منها :

أنّه قد يكون في مورد خاصّ نفس الاحتمال والفرض ذا أهمّية عند العقل والعقلاء ، وإن لم يبدوا اهتماماً لما يحتملونه أو يفرضوه ، أي : أنّ عملية الاحتمال هو بنفسه له موضوعية في ذلك البحث مع غضّ النظر عن متعلّق الاحتمال.

وقد يكون ـ على العكس ـ المُحتمل معتبراً عند العقل والعقلاء وملحوظاً عندهم ، وإن كان الاحتمال ليس بذلك الشأن ، أي : أنّ العقلاء يرون المورد خطيراً فيكون مورد اهتمامهم فيحتملونه ، وإن كان عملية الاحتمال ليس فيها تلك الأهمّية.

( علياء ـ البحرين ـ ٢١ سنة )

الذنوب الكبيرة والصغيرة :

س : على أيّ أساس تقسّم الذنوب إلى الكبيرة والصغيرة؟ وما هي الذنوب التي تستلزم الخلود في النار؟ أُريد الجواب في أسرع وقت ممكن ، ولكم جزيل الشكر.

ج : قال المحقّق النراقي : « وقد اختلفوا أوّلاً في تقسيم الذنوب إلى الكبائر والصغائر ، فحكي عن جماعة ـ منهم : المفيد والطبرسي والشيخ في العدّة والقاضي والحلبي ـ إلى عدم التقسيم ، بل الذنوب كُلّها كبائر ، ونسبه الثاني ـ أي الطبرسي ـ في تفسيره إلى أصحابنا ، مؤذناً بدعوى الاتفاق ، وكذلك الحلّي ،

٥٣٥

حيث قال ـ بعد نقل القول بالتقسيم إلى الكبائر والصغائر ، وعدم قدح الثاني نادراً في قبول الشهادة عن المبسوط ـ : ولا ذهب إليه أحد من أصحابنا ، لأنّه لا صغائر عندنا في المعاصي إلاّ بالإضافة إلى غيرها.

والحاصل : أن الوصف بالكبر والصغر إضافي(١) .

وذهب طائفة منهم : الشيخ في النهاية والمبسوط ، وابن حمزة والفاضلان والشهيدان ، بل أكثر المتأخّرين كما في المسالك ، بل عامّتهم كما قيل ، ونسب إلى الإسكافي والديلمي أيضاً إلى انقسام المعاصي إلى الكبائر والصغائر ، بل يستفاد من كلام الصيمري ، وشيخنا البهائي في الحبل المتين ـ على ما حكي عنهما ـ الإجماع عليه.

وهو الحقّ ، لظاهر قوله سبحانه :( إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ) (٢) ، وقوله :( وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثمِ وَالْفَوَاحِشَ ) (٣) .

ولقول عليعليه‌السلام : «من كبير أوعد عليه نيرانه ، أو صغير أرصد له غفرانه ».

ورواية ابن سنان : «لا صغيرة مع الإصرار ، ولا كبيرة مع الاستغفار ».

ومرسلة الفقيه : «من اجتنب الكبائر كفّر الله عنه جميع ذنوبه ».

وفي خبر آخر : «إنّ الأعمال الصالحة تكفّر الصغائر ».

وفي آخر : هل تدخل الكبائر في مشيئة الله؟ قال : «نعم ».

وتشهد له الأخبار الواردة في ثواب بعض الأعمال : «أنّه يكفّر الذنوب إلاّ الكبائر »

ثمّ أختلف القائلون بالتقسيم في تفسير الكبائر وتحديدها ، فمنهم من قال : إنّ كُلّ ما وجب فيه حدّ فهو كبيرة ، وما لم يقرّر فيه حدّ فهو الصغيرة.

__________________

١ ـ مستند الشيعة ١٨ / ١٢٢.

٢ ـ النساء : ٣١.

٣ ـ الشورى : ٣٧.

٥٣٦

ومنهم من قال : ما ثبت تحريمه بقاطع فهو كبيرة ، ومنهم من قال : كُلّ ما آذن بقلّة الاكتراث في الدين فهو كبيرة ، ومنهم من قال : ما يلحق صاحبه العقاب الشديد من كتاب أو سنّة.

وقيل : إنّها ما نهى الله عنه في سورة النساء من أوّلها إلى قوله سبحانه :( إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ ) ، وقيل : إنّها سبع ، وقيل : إنّها تسع ، وقيل : عشرون ، وقيل : أزيد.

وعن ابن عباس : أنّها إلى السبعمائة أقرب منها إلى السبعة ، وبه صرّح في الروضة ، وفي الدروس : أنّها إلى السبعين أقرب منها إلى السبعة.

والمشهور بين أصحابنا : أنّها ما توعّد عليها إيعاداً خاصّاً ، ولكن اختلفت كلماتهم في بيان الإيعاد الخاصّ »(١) .

وحاصل ما نستفيده من كلام المحقّق النراقي هو : في مسألة الذنوب قولان : قول يرى أنّ الذنوب كُلّها كبيرة ، ولا توجد ذنوباً صغيرة ، وقول يرى أنّ الذنوب كبيرة وصغيرة ، وعلى القول الثاني فأساس التقسيم يختلف باختلاف تعريفهم للكبيرة.

ثمّ إنّ عدد الذنوب الكبيرة مختلف فيه ، وعليه لا يمكن إعطاء عدداً معيّناً للذنوب التي يستلزم منها الخلود في النار ، ولكن ورد في بعض الروايات ذكر بعضها ، منها :

الكفر بالله تعالى ، والشرك به ، والزنا ، فعن علي بن أبي طالبعليه‌السلام عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال في وصية له : «يا علي في الزنا ستّ خصال ، ثلاث منها في الدنيا ، وثلاث في الآخرة : فأمّا في الدنيا فيذهب بالبهاء ، ويعجّل الفناء ، ويقطع الرزق ، وأمّا التي في الآخرة فسوء الحساب ، وسخط الرحمن ، والخلود في النار »(٢) .

__________________

١ ـ مستند الشيعة ١٨ / ١٢٤.

٢ ـ الخصال : ٣٢١.

٥٣٧

( ياسمين ـ النرويج ـ )

علّة تحريم لحم الخنزير :

س : لماذا حرّم الخنزير في القرآن الكريم؟

ج : لقد حرّم الله تعالى لحم الخنزير بقوله :( إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ ) (١) .

ولا يُباح بحال من الأحوال لمسلم أن يتناول منه شيئاً ، إلاّ في حالة الضرورة التي تتوقّف فيها صيانة حياته على تناوله ، كما لو كان في مفازة ، ولا يجد طعاماً سواه ؛ وفقاً لقاعدة : أنّ الضرورات تبيح المحظورات ، المقرّرة في القرآن العظيم بقوله تعالى في الآية السابقة التي جاءت بتحريم الميتة ولحم الخنزير :( مَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ) .

وقال الله تعالى في موطن آخر بعد ذكر تلك المحرّمات :( إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ ) (٢) .

وقد نقل الشيخ الصدوققدس‌سره عدّة أحاديث حول علّة تحريم لحم الخنزير ، منها :

١ ـ عن محمّد بن عذافر عن بعض رجاله ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : قلت له : لم حرّم الله عزّ وجلّ الخمر والميتة والدم ولحم الخنزير؟

فقال : «إنّ الله تبارك وتعالى لم يحرّم ذلك على عباده ، وأحلّ لهم ما سوى ذلك من رغبة فيما أحلّ لهم ، ولا زهد فيما حرّمه عليهم ، ولكنّه تعالى خلق الخلق فعلم ما يقوم به أبدانهم وما يصلحهم ، فأحلّه لهم وأباحه ، وعلم ما يضرّهم ، فنهاهم عنه وحرّمه عليهم ، ثمّ أحلّه للمضطّر في الوقت الذي لا يقوم بدنه إلاّ به ، فأمره أن ينال منه بقدر البلغة لا غير ذلك » ، ثمّ قال : «وأمّا

__________________

١ ـ البقرة : ١٧٣.

٢ ـ الأنعام : ١١٩.

٥٣٨

لحم الخنزير ، فإنّ الله تعالى مسخ قوماً في صور شتّى ، مثل الخنزير والقرد والدب ، ثمّ نهى عن أكل المثلة لكيما ينتفع بها ، ولا يستخف بعقوبته ، وأمّا الخمر »(١) .

٢ ـ عن محمّد بن سنان أنّ الرضا كتب إليه فيما كتب من جواب مسائله : « حرّم الخنزير لأنّه مشوّه ، جعله الله تعالى عظة للخلق ، وعبرة وتخويفاً ، ودليلاً على ما مسخ على خلقته ، ولأنّ غذاؤه أقذر الأقذار »(٢) .

وقد أثبتت الاكتشافات الطبّية في عصرنا الحديث ، الذي اكتُشفت فيه عوامل الأمراض ، وخفايا الجراثيم الضارّة : أنّ الخنزير يتولّد من لحمه في جسم الإنسان الذي يأكله دودة خطرة ، توجد بذرتها في لحم الخنزير ، وتنشب في أمعاء الإنسان بصورة غير قابلة للعلاج بالأدوية الطاردة لديدان الأمعاء.

وقد جاء في موسوعة لاروس الفرنسية : « إنّ هذه الدودة الخبيثة « التريشين » تنتقل إلى الإنسان ، وتتّجه إلى القلب ، ثمّ تتوطّن في العضلات ، وخاصّة في الصدر والجنب والحنجرة والعين ، والحجاب الحاجز ، وتبقى أجنّتها محتفظة بحيويتها في الجسم سنين عديدة.

ولا يمكن الوقوف عند هذا الاكتشاف في التعليل ، بل يمكن للعلم الذي اكتشف في الخنزير هذه الآفة ، أن يكتشف فيه في المستقبل آفات أُخرى ، لم تعرف بعد.

إذاً ، لم يحرّم الله تعالى شيئاً على الإنسان ، إلاّ بعد علمه تعالى بأنّه مضرّ ومهلك ، وما أراد سبحانه لعباده سوى الراحة والسعادة ، ولذلك حرّم أكل لحم الخنزير في كافّة الكتب السماوية ، لهذه العلل التي نقلناها ، ولعلل لم نعلمها بعد.

__________________

١ ـ علل الشرائع ٢ / ٤٨٣.

٢ ـ المصدر السابق ٢ / ٤٨٤.

٥٣٩

( منصور ـ البحرين ـ ٣٣ سنة ـ خرّيج جامعة )

تعقيب على الجواب السابق :

تعليق على موضوع أكل لحم الخنزير : فقد وجدنا أنّ كُلّ أكلة يتناولها الإنسان تؤثّر مباشرة على نفسيته بالسلب أو الإيجاب ، وتناول لحم الخنزير ممّا يساعد على ذهاب الغيرة والشرف في الإنسان ، كما ترون في حال الشعوب التي تربّت على أكل النجاسات والمحرّمات ، وتولّد أيضاً في النفس خبثاً لا يقاس بأيّ خبث.

ولعلّي استشهد بمقطع للحوراء زينب عند كلامها مع الطاغية يزيد بن معاوية ، حيث تقول : « وكيف يستبطأ في بغضنا أهل البيت وكيف يرتجى مراقبة من لفظ فوه أكباد الأزكياء »(١) إشارة إلى واقعة أُحد ، ومحاولة هند هضم كبد الشهيد حمزة بن عبد المطلبعليه‌السلام .

( خالد عبد القادر ـ مصر ـ )

الذكاء الوجداني :

س : أُريد معرفة بعض المعلومات عن الذكاء الوجداني.

ج : تؤكّد نظريات الذكاء الحديثة على تعدّد الذكاء ، وأهمّها نظرية الذكاء المتعدّدة ، أي أنّ الذكاء ليس أحاديّاً ، والفرق بين الأفراد ليس في درجة أو مقدار ما يملكون من ذكاء ، وإنّما في نوعية الذكاء.

ومن أنواع الذكاء ، الذكاء الوجداني الذي عرّف بقدرة الفرد على فهم مشاعره الشخصية ، واستخدام هذه المعرفة لاتخاذ القرارات الصائبة ، والتكيّف مع ضغوط الحياة ، والتحكّم في الانفعالات ، والتعاطف مع الآخرين ، والقدرة على إثارة الحماس في النفس.

__________________

١ ـ اللهوف في قتلى الطفوف : ١٠٦.

٥٤٠

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667