الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء ١٠

الغدير في الكتاب والسنة والأدب0%

الغدير في الكتاب والسنة والأدب مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 389

الغدير في الكتاب والسنة والأدب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الشيخ الأميني
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الصفحات: 389
المشاهدات: 59023
تحميل: 2199


توضيحات:

الجزء 1 المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11
المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 389 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 59023 / تحميل: 2199
الحجم الحجم الحجم
الغدير في الكتاب والسنة والأدب

الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء 10

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الجزء العاشر

يحوي مناقب الخلفاء والنظرة فيها متناً وإسناداً،

ويتلوها بحثٌ حرّ عن المغالاة في فضائل معاوية، يوقف القارئ

على نفسيّات الرَّجل وملكاته، ويميط الستر عن صحائف من تاريخ حياته

السوداء، ويعرِّفه بعُجره وبُجره، ولسنا مجازفين في القول،

منحازين عن الحقِّ، متعصِّبين بمبدأ أو عقيدة

١

بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

سُبحانَكَ نَحنُ نسبِّحُ بِحَمدِكَ وَ نُقدِّسُ لَكَ، وَ مَا لَنا لا نُؤمِن بِاللهِ وَ مَا جاءنَا مِنَ الحقِّ وَ نَطمعُ أنْ يُدخلنا رَبُّنا مَعَ القومِ الصّالِحينَ.

يَا أيُّها النّاسُ قَدْ جاءكم بُرهانٌ مِنْ ربِّكم، هذا بيانٌ للنّاسِ وَ هُدىً وَ موعظةٌ للمتّقين، قَدْ جِئتكم بالحِكمةِ و لاُبيِّنَ لَكم بَعضَ الَّذِي تَختلفونَ فِيهِ، و إنَّا لنعلمُ أنَّ مِنكمْ مُكذِّبينَ، وَ ما تَفرَّقَ الَّذينَ اُوتُوا الكتابَ إِلَّا مِنْ بَعدِ مَا جاءتهم البيّنةُ، خُذوا ما آتَيناكم بِقُوَّة، وَ اتَّبعوا أحسنَ ما اُنزلَ إليكم مِنْ رَبِّكم، اتَّبعوا مَنْ لا يَسألكم أجراً وَ هُم مُهتدونَ، نَحْنُ نَقُصُّ عَليكَ نَبَأهُم بِالحَقِّ، وَ اعتصموا بِحَبل الله جَمِيعاً وَ لَا تَفَرَّقوا، وَ أطِيعُوا اللهَ وَ رَسوله وَ لَا تَنازعوا فَتفشلوا وَ تَذهَبَ رِيحُكُم، وَ لَا تَكُونُوا كالذينَ تَفَرَّقوا وَ اختلفوا مِنْ بَعدِ مَا جَاءَتهُم البيّنات، انّهم ألفوا آبائَهم ضالِّينَ فَهُم عَلَى آثارِهم يُهرعونَ، وَ لقدْ ضَلَّ قَبلهُم أكثَرُ الأوَّلين، و يُحاجُّون في اللهِ مِنْ بَعدِ ما استُجيب لَه حجتّهم داحضة، فَمَنْ حاجَّك فيهِ مِن بَعدِ ما جاءك مِن العِلمِ فَقُلْ: تَعَالوا نَدع أبناءنا وَ أبنَاءكُم وَ نِساءَنا و نساءَكم وَ أنفسَنا و أنفسَكم ثُمَّ نَبتَهِلْ فنَجعلْ لَعنةَ اللهِ عَلى الكاذبينَ.

(الأَميني)

٢

يتبع الجزء التاسع

بقية البحث

عن مناقب الخلفاء الثلاثة

٤ - أخرج البخاري في كتاب المناقب من صحيحه ج ٥: ٢٤٣ باب فضل أبي بكر بعد النبيِّ من طريق عبد الله بن عمر قال: كنّا نخيِّر بين الناس في زمن النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فنخيِّر أبا بكر، ثمَّ عمر بن الخطاب، ثمّ عثمان بن عفّان رضي الله عنهم.

وذكر في باب مناقب عثمان ج ٥: ٢٦٢ عن ابن عمر أيضاً بلفظ: كنّا في زمن النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا نعدل بأبي بكر أحداً، ثمَّ عمر، ثمَّ عثمان، ثمَّ نترك أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا نفاضل بينهم. وبهذا اللّفظ حكاه الحافظ العراقي عن الصحيحين في طرح التثريب ١: ٨٢.

وأخرج في تاريخه ج ١ قسم ١: ١٤ بلفظ: كنّا في عهد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبعده نقول: خير أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أبو بكر ثمَّ عمر ثمَّ عثمان.

وأخرج أحمد في مسنده ٢: ١٤ عن ابن عمر قال: كنّا نعدُّ ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيُّ وأصحابه متوافرون: أبو بكر وعمر وعثمان ثمَّ نسكت.

وأخرج ابن داود والطبراني عن ابن عمر: كنّا نقول ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيُّ: أفضل امَّة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعده أبو بكر، ثمَّ عمر، ثمَّ عثمان، فيسمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذلك فلا ينكره(١) .

وروى ابن سليمان في فضائل الصحابة من طريق سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن ابن عمر: كنّا نقول: إذا ذهب أبو بكر وعمر وعثمان استوى الناس. فيسمع

____________________

١ - فتح البارى ٧: ١٣، طرح التثريب ١: ٨٢ ذكر زيادة الطبرانى.

٣

النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذلك فلا ينكره(١) .

وفي لفظ البزّار: كنّا نقول في عهد النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أبو بكر وعمر وعثمان. يعني بالخلافة(٢) وفي لفظ الترمذي: كنّا نقول ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيٌّ(٣)

وفي لفظ البخاري في تاريخه اقسم ١: ٤٩: كنّا نقول في زمن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من يلي هذا الأمر بعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ فيقال: أبو بكر، ثمّ عمر، ثمَّ عثمان، ثمّ نسكت.

قال الأميني: هذه الرِّواية عمدة ما تمسّك به القوم فيما وقع من الإنتخاب الدستوري في الإسلام، وقد اتّخذها المتكلّمون حجّة لدى البحث عن الإمامة، واتّبع أثرهم المحدِّثون، ولهم عند إخراجها تصويبٌ وتصعيد، وتبجّحٌ وابتهاج، وجاء كثيرون وقد أطنبوا وأسهبوا في القول لدى شرحها، وجعلوها كحجر أساسي علّوا عليها أمر الخلافة الراشدة، واحتجوا بها على صحّة البيعة التي عمَّ شومها الإسلام، وحُفت بهناة ووصمات وشتَّتت شمل المسلمين، وفتَّت في عضد الدين، وفصمت عراه، وجرَّت الويلات على اُمّة محمّد حتى اليوم، فلنا عندئذ أن نبسط القول، ونوقف القارئ على جليّة الحال، ليهلك من هلك عن بينّة ويحيي من حيَّ عن بيّنة، والله وليّ التوفيق.

كان عبد الله بن عمر على العهد النبويِّ الذي ادّعى انّه كان يُخيَّر فيه فيختار في ابّان شبيبته حتَّى انّه كان لم يبلغ الحلم في جملة من سنيه، ولذلك ردَّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الجهاد يوم بدر واُحد واستصغره، وأجاز له يوم الخندق وهو ابن خمس عشرة سنة كما ثبت في الصحيح(٤) وهو على جميع الأقوال في ولادته وهجرته ووفاته لم يكن مجاوزاً العشرين يوم وفاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو في مثل هذا السنّ لا يُخيّر عادة في التفاضل بين مشيخة الصّحابة ووجوه الاُمّة، ولا يُتّخذ حكماً يُمضى رأيه في الخيرة، لأنّ الحكم الفاصل في مثل هذا يستدعي ممارثة طويلة، ووقوفاً على تجاريب متتابعة مقرونة بعقليّة ناضجة، وتمييز بين مقتضيات الفضيلة، وعرفان لنفسيّات الرجال

____________________

١ - فتح البارى ٧: ١٣.

٢ - تاريخ ابن كثير ٧: ٢٠٥.

٣ - صحيح الترمذى ١٣: ١٦١.

٤ - صحيح البخارى ٦: ٧٤، تاريخ الطبرى ٢: ٢٩٦، عيون الاثر ٢: ٦، ٧، فتح البارى ٧: ٢٣٢.

٤

وقوّة في النفس لا يتمايل بها الهوى، وابن عمر كان يفقد كلَّ هذه لما ذكرناه من صغر سنَّه يوم ذاك المانع عن كلِّ ما ذكرناه، وروايته هذه أقوى شاهد على فقدانه تلكم الملكات الفاضلة، قال أبو غسان الدوري: كنت عند عليِّ بن الجعد فذكروا عنده حديث ابن عمر: كنّا نفاضل على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فنقول: خير هذه الاُمّة بعد النبيّ أبو بكر وعمر وعثمان فيبلغ النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلا ينكر. فقال عليّ بن الجعد: انظروا إلى هذا الصبيِّ هو لم يحسن أن يطّلق امرأته يقول: كنّا نفاضل(١) .

ومن عرف ابن عمر وقرأ صحيفة تاريخه السوداء عرفه بضئولة الرأي، واتّباع الهوى، وبفقدانه كلّ تلكم الخلل يوم بلغ أشدّه وكبر سنّه فضلاً عن عنفوان شبابه، وسيوافيك نزرٌ من آرائه السخيفة.

دع ابن عمر ومن لفَّ لفّه يختار ويتقوّل، وربّك يخلق ما يشاء و يختار،ما كان لهم الخيرة،( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ) (٢) .

ودع البخاري ومَن حذا حذوه يصحّح الباطل، ولا يعرف الحيَّ من الليِّ، واسمع لغواهم ولا تخف طغواهم، ولو اتَّبع الحقُّ أهواءهم لفسدت السَّماوات والأرض ومن فيهنّ، قد جئناك بآية من ربِّك، والسَّلام على من اتَّبع الهدى.

قال أبو عمر في الإستيعاب في ترجمة عليّعليه‌السلام ج ٢: ٤٦٧: من قال بحديث ابن عمر: كنا نقول على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أبو بكر ثمَّ عمر ثمَّ عثمان ثمَّ نسكت. يعني فلا نفاضل، وهو الذي أنكر ابن معين وتكلّم فيه بكلام غليظ لأنّ القائل بذلك قد قال بخلاف ما اجتمع عليه أهل السنّة من السلف والخلف من أهل الفقه والأثر انّ عليّاً أفضل الناس بعد عثمان رضي الله عنه، وهذا ممّا لم يختلفوا فيه وإنَّما اختلفوا في تفضيل عليّ وعثمان، واختلف السلف ايضاً في تفضيل عليّ وأبي بكر، وفي اجماع الجميع الذي وصفنا دليلٌ على أنَّ حديث ابن عمر وهمٌ وغلطٌ وانّه لا يصحّ معناه وإن كان إسناده صحيحاً. ه.

وقال ابن حجر بعد ذكر محصّل كلام أبي عمر هذا: وتعقّب ايضاً بانّه لا يلزم من

____________________

١ - تاريخ الخطيب ١١: ٣٦٣.

٢ - سورة القصص: ٦٨، الاحزاب: ٣٦.

٥

سكوتهم اذ ذاك عن تفضيله عدم تفضيله على الدوام، وبانَّ الإجماع المذكور إنّما حدث بعد الزمن الذي قيّده ابن عمر فيخرج حديثه عن أن يكون غلطاً. ه.

عزب عن ابن حجر ومن تعقّب أبا عمر انَّ الإجماع الحادث المذكور لم يكن إلّا لتلكم السوابق التي كان يحوزها مولانا أمير المؤمنين يوم سكت ابن عمر عن اختياره ولم تكن لها جدّة: وإنّما هي هي التي أثنى عليها الكتاب والسنَّة، فيلزم من سكوتهم إذ ذاك عن تفضيله بعد الثلاثة عدم تفضيله على الدوام، فإن كان مدار الإجماع على اختيارهعليه‌السلام يوم اختاروه هو ملكاته ونفسيّاته وسبقه في الفضائل والفواضل المفصّلة في الكتاب والسنّة فهي لا تفارقهعليه‌السلام وهو المختار بها على الكلِّ في أدوار حياته يوم فارق النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الدنيا وهلمَّ جرّا، وإن كان المدار غير ذلك من الشيخوخة والكبر وأمثالهما فذلك شيىءٌ لا نعرفه، ولا نفضّلهعليه‌السلام على غيره بهذه التافهات التي هي شرَك القوم اُقتنصت بها بسطاء امّة محمَّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم بيعة أبي بكر حتّى اليوم.

وليت من تعقَّب ابن عبد البرِّ إن لم يكن يأخذ بكلِّ ما جاء في عليّ أمير المؤمنين من الكتاب والسنَّة الصحيحة الثابتة كان يأخذ بما جاء به قومه عن أنس فحسب ثمَّ يحكم فيما جاء به ابن عمر قال أنس: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ الله إفترض عليكم حبّ أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعليّ كما افترض الصَّلاة والزكاة والصوم والحجّ، فمن أنكر فضلهم فلا تقبل منه الصَّلاة ولا الزكاة ولا الصوم ولا الحج(١) « الرياض النضرة ١: ٢٩ »

وشتّان بين رأي ابن عمر وبين قول أبيه في عليّعليه‌السلام هذا مولاي ومولى كلّ مؤمن، من لم يكن مولاه فليس بمؤمن، راجع ما مضى ج ١: ٣٤١ ط ١، و ٣٨٢ ط ٢.

ولعلّ القوم ستراً على عوار إختيار ابن عمر، وتخلُّصاً عن نقد أبي عمر المذكور اختلقوا من طريق جعدبة(٢) بن يحيى عن العلاء بن البشير العبشمي عن ابن أبي اُويس عن مالك عن نافع عن ابن عمر انّه قال: كنّا على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نفاضل فنقول: أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ.

____________________

١ - أثبتنا في محله أن هذه المنقبة لا تصح في غير على عليه‌السلام وهى فيمن سواه تخالف الكتاب والسنة والعقل والمنطق، ولا تساعدها سيرتهم مدى حياتهم الدنيا.

٢ - جعدبة متروك يروى عن العلاء مناكير، والعلاء ضعيف حديثه غير صحيح. راجع لسان الميزان ٢: ١٠٥ و ج ٤: ١٨٣.

٦

واختلقوا من طريق محمّد أبي البلاط(١) عن زهد بن أبي عتاب عن ابن عمر ايضاً: قال: كنّا نقول في زمن النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يلي الأمر بعده أبو بكر ثمَّ عمر ثمَّ عثمان ثمَّ عليّ ثمَّ نسكت.

ولعلّ الواقف على أجزاء كتابنا هذا وبالأخصِّ الجزء السادس وهلمَّ جرّا يعلم ويذعن بانَّ اختيار ابن عمر ومن رأى رأيه باطلٌ في غاية السخافة، ولو كان معظم الصحابة لم يعدل بأبي بكر أحداً في زمن نبيّهم فما الّذي زحزحهم عن رأيهم ذلك يوم السقيفة؟ وما الذي أرجأهم عن بيعته؟ ومن أين أتاهم ذلك الخلاف الفاحش الذي جرَّ الأسواء على الأمّة حتّى اليوم؟ وقد عرَّفناك في الجزء السابع ص ٧٦، ٩٣، ١٤١ ط ١(٢) انَّ عيون الصحابة من المهاجرين والأنصار لمـّا لم تكن تجد لأبي بكر يوم تقمّص الخلافة فضيلة يستحقُّ بها الخلافة، وتدعم بها الحجّة على الناس في بيعته تقاعست وتقاعدت عنها وما مُدّت اليها منهم يدٌ، ولم تكن لهم فيها قدمٌ، وما بايعه يومها الأوَّل إلّا رجلين أو أربعة أو خمسة، ثمَّ حدت الاُمّة إليها الدعوة المشفوعة بالإرهاب والترعيب، وما كان في أفواه الدعاة إليها إلّا الترهيب بالقتل والضرب والحرق، أو قولهم: إنَّ أبا بكر السبّاق المسنّ، صاحب رسول الله في الغار، وكانت هذه غاية جهدهم في عدِّ فضائل أبي بكر، قال ابن حجر في فتح الباري ١٣: ١٧٨: وهي - فضيلة كونه ثاني اثنين في الغار - أعظم فضائله التي استحقَّ بها أن يكون الخليفة من بعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولذلك قال عمر بن الخطاب: إنَّ أبا بكر صاحب رسول الله، ثاني اثنين، فانّه أولى المسلمين باموركم. اهـ.

ألا مسائل ابن حجر عن أنَّ صحبة يومين في الغار التي تتصوَّر على أنحاء، وللقول فيها مجالٌ واسعٌ، صحبةً ما أمكنت الرجل من أن يصف صاحبه لمـّا جاءه اليهود وقالوا: صف لنا صاحبك. فقال: معشر اليهود لقد كنت معه في الغار كاصبعيَّ هاتين، ولقد صعدت معه جبل حراء وأنّ خنصري لفي خنصره، ولكن الحديث عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شديدٌ، وهذا عليُّ ابن أبي طالب. فأتوا عليّاً فقالوا: يا أبا الحسن؟ صف لنا ابن عمِّك، فوصفه. الحديث(٣)

____________________

١ - لا يعرف لا يدر رجال الجرح والتعديل من هو. لسان الميزان ٥: ٩٦.

٢ - وفى ص ٧٥ - ٨٢، ٩٣، ١٤١ ط ٢.

٣ - الرياض النضرة ٢: ١٩٥.

٧

كيف استحقَّ الرجل بمثل هذه الصحبة الخلافة وصار بذلك أولى الناس بامورهم؟ وامّا صحبة عليّعليه‌السلام ايّاه منذ نعومة أظفاره إلى آخر نفس لفظهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتّى عاد منه كالظّل من ذيه، وعُدَّ نفسه في الكتاب العزيز، وقرنت ولايته بولاية الله وولاية نبيّه وجعلت مودّته أجر الرسالة، فلم تستوجب استحقاقه بها الخلافة والأولويَّة بامور الناس بعد قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعليٌّ مولاه؟ إنَّ هذا لشيءٌ عجاب.

وإنّي لست أدري انَّ هذه المفاضلة المتسالم عليها بين الصحابة في حياة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لماذا نسيها اولئك العدول بموتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ ولماذا لم يصفقوا على ذلك الإختيار الذي كان يسمعه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلا ينكره؟ ووقع الخلاف والتشاح والتلاكم والتشاتم والنزاع حتّى كاد أن يقتل صنو النبيّ الأعظم في تلك المعمعة، ورأت بضعته الصدِّيقة ما رأت، ووقعت وصمات لا تنسى طيلة حياة الدنيا، واُرجئ دفن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثلاثاً، وكانت الصحابة بمعزل عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعن إجنانه، وما حضر الشيخان دفنه(١) قال النووي في شرح صحيح مسلم(٢) كان عذر أبي بكر وعمر وسائر الصحابة واضحاً لأنّهم رأوا المبادرة بالبيعة من أعظم مصالح المسلمين وخافوا من تأخيرها حصول خلاف ونزاع تترتّب عليه مفاسد عظيمة، ولهذا أخَّروا دفن النبيّ،صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى عقدوا البيعة لكونها كانت أهمَّ الأمور كيلا يقع نزاعٌ في مدفنه أو كفنه أو غسله أو الصّلاة عليه أو غير ذلك.

ثمَّ لو كان الأمر كما زعم ابن عمر من الإختيار فتقديم أبي بكر يوم السقيفة الرجلين: عمر وأبا عبيدة على نفسه وقوله: بايعوا أحد الرجلين. أو قوله: قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا ايّهما شئتم. لماذا؟ ولماذا قول أبي بكر لأبي عبيدة الجرّاح حفّار القبور: هلّم اُبايعك فإنَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إنّك أمين هذه الامَّة؟ تاريخ ابن عساكر ٧: ١٦٠.

ولماذا قول أبي بكر في خطبة له: أما والله ما أنا بخيركم ولقد كنت لمقامي هذا كارهاً؟ أو قوله: ألا وإنمّا أنا بشرٌ ولست بخير من أحد منكم فراعوني؟ أو قوله: إنّي

____________________

١ - راجع ما اسلفناه فى الجزء السابع ص ٧٥ ط ١.

٢ - فى كتاب الجهاد، باب قول النبى: لا نورث ما تركنا فهو صدقة، عند قول على عليه ‌السلام لابي بكر: لكنك استبددت علينا بالامر وكنا نحن نرى لنا حقا لقرابتنا من رسول الله.

٨

ولّيت عليكم ولست بخيركم؟ أو قوله: أقيلوني أقيلوني لست بخيركم(١) .

ولماذا ورم أنف كلِّ الصحابة يوم اختيار أبي بكر عمر بن الخطاب للأمر بعده، و أراد كلٌّ منهم أن يكون الأمر له دونه؟(٢)

ولِماذا جابه طلحة بن عبيد الله - أحد العشرة المبشّرة - أبا بكر يوم استخلف عمر فقال طلحة: ما تقول لربِّك وقد ولّيت عليها فظّاً غليظاً؟

ولِماذا ندم أبو بكر في اُخريات أيّامه عن خلافته قائلاً: وددت انّي يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين - يريد عمر وأبا عبيدة - فكان أحدهما أميراً وكنت وزيراً؟ راجع ج ٧: ١٧٠ ط ٢.

ولِماذا أتى عمر أبا عبيدة الجرّاح يوم وفاة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: أبسط يدك فلابايعك فانّك أمين هذه الامَّة على لسان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟(٣)

وما الذي دعى عمر بن الخطاب إلى قوله لابن عبّاس: أما والله يا بني عبد المطلب؟ لقد كان عليٌّ فيكم أولى بهذا الأمر منّي ومن أبي بكر، راجع ج ١: ٣٤٦ ط ١، وص ٣٨٩ ط ٢.

ولِماذا قال عمر لمـّا طعن: إن ولّوها الأجلح سلك بهم الطريق الأجلح - يعني عليّاً - فقال له ابن عمر: ما منعك أن تقدّم عليّاً؟ قال: أكره أن أحملها حيّاً وميّتاً؟.(٤)

ولِماذا قال لأصحاب الشورى: لله درّهم إن ولّوها الاصيلع، كيف يحملهم على الحقِّ، قالوا: أتعلم ذلك منه ولا تستخلفه؟ قال: إن أستخلف فقد استخلف من هو خير منّي، وإن أترك فقد ترك من هو خيرٌ منّي.؟(٥)

ولِماذا تمنّى عمر يوم طعن سالم بن معقل أحد الموالي قائلاً: لو كان سالم حيّاً

____________________

١ - راجع الجزء السابع ص ١١٨ ط ١.

٢ - جاء فى صحيحة مرت فى ج ٥: ٣٥٨ ط ٢، و ج ٧ ص ١٦٨ ط ١.

٣ - أخرجه أحمد وابن سعد وابن جرير وابن الاثير وابن الجوزى وابن حجر والحلبى راجع كنز العمال ٣: ١٤٠، تاريخ الخلفاء للسيوطى ص ٤٨، الغدير ٥: ٣١٦ ط ١، و ٣٦٩ ط ٢.

٤ - الانساب ٥: ١٦، الاستيعاب فى ترجمة عمر ٤ ص ٤١٩، فتح البارى ٧ ص ٥٥، شرح ابن ابى الحديد ٣: ١٧٠.

٥ - الرياض ٢: ٢٤١.

٩

ما جعلتها شورى؟(١) وفي لفظ الطبري: استخلفته. وفي لفظ للباقلاني: لرأيت أنّي قد أصبت الرأي، وما تداخلني فيه الشكوك.

ولِماذا كان يقول: لو ادركني أحد رجلين فجعلت هذا الأمر إليه لوثقت به: سالم مولى أبي حذيفة، وأبي عبيدة الجرّاح؟(٢) .

ولِماذا قال للقائلين له ( لو عهدت يا أمير المؤمنين ): لو أدركت أبا عبيدة الجرّاح ثمَّ ولَّيته ثمَّ قدمت على ربّي فقال لي: لِمَ إستخلفته على امّة محمّد؟ لقلت: سمعت عبدك وخليلك يقول لكلِّ امّة أمين، وإنَّ أمين هذه الامّة أبو عبيدة الجرّاح، ولو أدركت خالداً ثمّ ولَّيته ثمَّ قدمت على ربّي فقال لي: مَن استخلفت على امّة محمَّد؟ لقلت: سمعت عبدك وخليلك يقول لخالد: سيف من سيوف الله سلّه الله على المشركين(٣) .

ولماذا قوله: لو أدركت أبا عبيدة لاستخلفته وما شاورت، فإن سئلت عنه قلت: استخلفت أمين الله وأمين رسوله؟(٤) .

ومرّ في الجزء الخامس ص ٣١١ ط ١، و ٣٦٢ ط ٢ انَّ عائشة قالت لعبد الله بن عمر: يا بنيَّ ابلغ عمر سلامي وقل له: لا تدع امّة محمّد بلا راع استخلف عليهم ولا تدعهم بعدك هملاً، فانّي أخشى عليهم الفتنة، فأتى عبد الله فأعلمه فقال: ومَن تأمرني أن استخلف؟ لو ادركت أبا عبيدة الجرّاح باقياً لاستخلفته وولَّيته، فإذا قدمت على ربِّي فسألني وقال لي: مَن وليّت على امّة محمّد؟ قلت: أي ربّ سمعت عبدك ونبيّك يقول: لكلّ امَّة أمينٌ وأمين هذه الامّة ابو عبيدة بن الجرّاح. ولو أدركت معاذ بن جبل استخلفته فإذا قدمت على ربّي فسألني: من ولَّيت على امّة محمّد؟ قلت: أي ربّ سمعت عبدك ونبيَّك يقول: انَّ معاذ بن جبل يأتي بين يدي العلماء يوم القيمة، ولو أدركت خالد بن الوليد لولَّيته، فإذا قدمت على ربِّي فسألني: مَن ولَّيت على امّة محمّد؟ قلت: أي ربّ سمعت عبدك ونبيّك يقول: خالد بن الوليد سيف من سيوف الله سلّه على المشركين.

____________________

١ - التمهيد للباقلانى ص ٢٠٤، طرح التثريب ١: ٤٩، تاريخ الطبرى ٥: ٣٤.

٢ - طبقات ابن سعد ط ليدن ٣: ٢٤٨.

٣ - تاريخ ابن عساكر ٥: ١٠٢.

٤ - تاريخ ابن عساكر ٧: ١٦٠.

١٠

ولماذا ساوى عمر بين أصحاب الشورى، ولمـّا قيل له: استخلف. قال: ما أجد أحداً أحقّ بهذا الأمر من هؤلاء النفر أو الرهط الذين توفي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو عنهم راضٍ، فسمّى عليّا وعثمان والزبير وطلحة وسعداً وعبد الرَّحمن؟! صحيح البخاري ٥: ٢٦٧.

وأين هذا من قول عبد الرَّحمن بن عوف لعليّ وعثمان: إنّى قد سألت الناس عنكما فلم أجد أحداً يعدل بكما أحداً. وقوله: ايّها الناس انّي سألتكم سرّا وجهرا بأمانيكم فلم أجدكم تعدلون بأحد هذين الرجلين إمّا عليّ وإمّا عثمان؟!(١) .

ولماذا بدء عبد الرَّحمن بن عوف بعليّعليه‌السلام أوّلاً للبيعة وقدّمه على عثمان يوم الشورى غير أنّه اشترط عليه صلوات الله عليه القيام بسيرة الشيخين فلم يقبله وقبله عثمان فبايعه على ذلك؟(٢) وقد مرَّ الكلام حول هذا الشرط في الجزء التاسع ص ٨٨، ٩٠ ط ٢.

ولماذا قال أبو وائل لعبد الرّحمن بن عوف: كيف بايعتم عثمان وتركتم عليّاً؟ أخرجه أحمد في مسنده ص ٧٥.

ولماذا قال معاوية: إنّما كان هذا الأمر لبني عبد مناف، لأنّهم أهل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلمّا مضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولّى الناس أبا بكر وعمر من غير معدن الملك والخلافة.

يأتي تمام كلامه في هذا الجزء.

ولماذا قال العبّاس عمُّ النبيّ لعليّعليه‌السلام يوم قبض النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ابسط يدك فلنبايعك؟(٣) .

ولماذا قال العبّاس لأبي بكر: فإن كنت برسول الله طلبت؟ فحقَّنا أخذت، و إن كنت بالمؤمنين طلبت؟ فنحن منهم، متقدّمون فيهم. وإن كان هذا الأمر إنّما يجب لك بالمؤمنين؟ فما وجب إذ كنّا كارهين؟ إلى آخر ما مرَّ في ج ٥: ٣٢٠ ط ١.

ولماذا تقاعد عمّار وشتم أبا سرح لمـّا قال: إن أردت أن لا تختلف قريش فبايع

____________________

١ - تاريخ الطبرى ٥: ٤٠، تاريخ ابن كثير: ١٦٤.

٢ - مسند احمد ١: ٧٥، تمهيد الباقلانى ص ٢٠٩، تاريخ الطبرى ٥: ٤٠، تاريخ الخلفاء للسيوطى ص ١٠٤، الصواعق ص ٦٣، فتح البارى ١٣. ١٦٨.

٣ - تاريخ ابن عساكر ٧: ٢٤٥.

١١

عثمان؟ وخالف مقداد وجمعٌ آخر من عيون الصحابة عن بيعة عثمان وتمَّت بالإرهاب والترعيد وقال عمّار لعبد الرحمن: إن أردت أن لا يختلف المسلمون فبايع عليّاً. فقال المقداد: صدق عمَّار إن بايعت عليّاً قلنا سمعنا وأطعنا(١) وقال عليٌّ لعبد الرَّحمن: حبوته حبو دهر ليس هذا أوّل يوم تظاهرتم فيه علينا، فصبرٌ جميل والله المستعان على ما تصفون والله ما ولّيت عثمان إلّا ليردَّ الأمر إليك، والله كلُّ يوم هو في شأن؟! ( تاريخ الطبري ٥: ٣٧ ).

ولماذا قال سعد بن أبي وقاص لعبد الرَّحمن بن عوف: إن كنت تدعوني والأمر لك وقد فارقك عثمان على مبايعتك؟ كنت معك، وإن كنت إنّما تريد الأمر لعثمان؟ فعليُّ أحقُّ بالأمر وأحبّ إليَّ من عثمان، بايع لنفسك وأرحنا وأرفع رؤسنا؟!.

انساب البلاذري ٥: ٢٠، تاريخ الطبري ٥: ٣٦، الكامل لابن الأثير ٣: ٢٩، فتح الباري ١٣: ١٦٨.

ولماذا قال الزبير: لو مات عمر لبايعت طلحة فوالله ما كان بيعة أبي بكر إلّا فلتة فتمّت؟!(٢) .

ولماذا جابه الزبير يوم قال عمر: أكلّكم يطمع في الخلافة بعدي بقوله ما الذي يبعدنا منها؟ وليّتها أنت فقمت بها ولسنا دونك في قريش ولا في السابقة ولا في القرابة ( شرح ابن أبي الحديد ١: ٦٢ ) واين يقع قول عليّ أمير المؤمنينعليه‌السلام على صهوة المنبر: أما والله لقد تقمَّصها ابن ابي قحافة وانّه ليعلم أنّ محلّي منها محلّ القطب من الرحى؟! ( إلى آخر الخطبة الشقشقية )، الى كلمات اخرى له تضادّ هذه المفاضلة.

ولماذا كان أبو عبيدة أحبّ إلى رسول الله بعد الشيخين من أصحابه كما في صحيحة جاء بها ابن ماجة في سننه ١ ص ٥١، والترمذي في صحيحه ١٣: ١٢٦ عن ابن شقيق قال: قلت لعايشة رضي الله عنها: أيُّ أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان احبّ إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ قالت: أبو بكر. قلت: ثمّ مَن؟ قالت: عمر. قلت: ثمّ مَن؟ قالت: أبو عبيدة ابن الجرّاح قلت: ثمّ مَن؟ فسكتت؟

____________________

١ - تاريخ ابن جرير الطبرى ٥ - ٣٧، الكامل لابن الاثير ٣: ٢٨.

٢ - أصل الحديث فى صحيح البخارى، راجع شرح بهجة المحافل ١: ٥٨.

١٢

وأخرجها أحمد في مسنده ٦: ٢١٨، وابن عساكر في تاريخه ٧: ١٦١.

وشتّان بين اختيار ابن عمر وبين ما جاء عن ابن ابي مليكة قال: قيل لعائشة: من كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مستخلفاً لو استخلف؟ قالت: أبو بكر. قيل لها: ثمّ من؟ قالت، عمر. فقيل لها: ثمّ من؟ قالت: أبو عبيدة. وانتهت إلى هذه؟!(١) .

وأين كان ابن عمر عن اناس كانوا يفضّلون بلال الحبشي على أبي بكر حتّى قال: كيف تفضّلوني عليه وإنّما أنا حسنة من حسناته؟(٢) .

وأنّى اختيار ابن عمر من قول كعب بن زهير:

صهر النبيّ وخير الناس كلّهم

وكلّ من رامه بالفخر مفخورُ

صلّى الصّلاة مع الاُمّي اوّلهم

قبل العباد وربّ النّاس مكفورُ؟!

ومن قول ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب:

ما كنت أحسب أنَّ الأمر منتقل

عن هاشم ثمَّ منها عن أبي حسنِ

أليس أوّل مَن صلّى لقبلتهم

وأعلم النّاس بالآيات والسننِ؟

وآخر النّاس عهداً بالنبيِّ ومن

جبريل عونٌ له في الغسل والكفنِ؟

مَن فيه ما فيهمُ ما تمترون به

وليس في القوم ما فيه من الحسنِ

ماذا الذي ردّكم عنه؟ فنعلمه

ها انَّ بيعتكم من أوّل الفتنِ

ومن قول الفضل بن أبي لهب:

ألا إنَّ خير النّاس بعد محمّد

مهيمنه التاليه في العرف والنكرِ

وخيرته في خيبر ورسوله

بنبذ عهود الشرك فوق أبي بكرِ

وأوّل من صلّى وصنو نبيِّه

وأوّل من أردى الغواة لدى بدرِ

فذاك عليُّ الخير من ذا يفوقه؟

أبو حسن حلف القرابة والصهرِ

ومن قول عبد الله بن ابي سفيان بن الحارث:

وكان وليُّ الأمر بعد محمّد

عليٌّ وفي كلِّ المواطن صاحبه

وصيُّ رسول الله حقّاً وجاره

وأوَّل من صلّى ومن لان جانبه

____________________

١ - صحيح مسلم ٧: ١١٠. تاريخ ابن عساكر ٧: ١٦١.

٢ - تاريخ ابن عساكر ٣: ٣١٤.

١٣

ومن قول النجاشي أحد بني الحرب بن كعب من ابيات له:

جعلتم عليّاً وأشياعه

نظير ابن هند أما تستحونا؟

إلى أفضل الناس بعد الرسول

وصنو الرّسول من العالمينا

وصهر الرّسول ومن مثله

إذا كان يوم يشيب القرونا؟

ومن قول جرير بن عبد الله البجلي من أبيات له:

فصلّى الإله على أحمد

رسول المليك تمام النعم

وصلّى على الطهر من بعده

خليفتنا القائم المدّعم

عليّاً عنيت وصيّ النبيّ

يجالد عنه غواة الاُمم

له الفضل والسبق والمكرما

ت وبيت النبوّة لا يهتضم

ومن قول زجر بن قيس إلى خاله جرير:

جرير بن عبد الله لا تردد الهدى

وبايع عليّاً إنّني لك ناصحُ

فإنَّ عليّاً خير من وطئ الحصى

سوى أحمد والموت غادٍ ورائحُ

وممّا قيل على لسان الأشعث بن قيس الكندي:

أتانا الرَّسول رسول الوصيّ

عليّ المهذّب من هاشمِ

رسول الوصيِّ وصيّ النبيّ

وخير البريّة من قائمِ

وزير النبيِّ وذو صهره

وخير البريّة في العالمِ

له الفضل والسبق بالصّالحات

لهدي النبيِّ به يأتمي

وأنت ترى من جرّاء ذلك الإختيار الباطل الذي جاء به ابن عمر أن تدهورت السياسة فصار الإنتخاب نصّاً، وانقلبت الدمقراطيّة - إن كانت - إلى دكتاتوريّة محضة رضيت الاُمّة أم غضبت، ثمّ عاد الأمر شورى ويا لَلَّه وللشورى وسيف عبد الرّحمن بن عوف هو العامل الوحيد يوم ذاك، إلى أن أصبح ملكاً عضوضاً، ووصلت النوبة إلى الطلقاء وأبناء الطلقاء، إلى رجال العبث والفساد، إلى أبناء الخمور والفجور، إلى أن تمكّن معاوية الخمر والربا من استخلاف يزيد العرّة والشرَه قائلاً: مَن أحقّ منه بالخلافة في فضله وعقله وموضعه وما أظنُّ قوماً ينتهين حتّى تصيبهم بوائق تجتثُّ

١٤

اصولهم، وقد أنذرت إن أغنت النذر(١) .

لم يكن لأعيان الاُمّة، ووجوه الصحابة، وصلحاء الملّة، وخيرة الناس في أمر تلكم الأدوار القاتمة حلّ ولا عقد، بل كانوا مضطهدين مقهورين مبتزّين يرون حكم الله مبدّلا، وكتابه منبوذا، وفرائضه محرّفة عن جهات أشراعه، وسنن نبيِّه متروكة.

سبحانك اللّهم ما أجرأهم على الرَّحمن وانتهاك حرمة النبيِّ وكتابه باختيار يضادُّه نداء القرآن الكريم، كتاب فصّلت آياته قرآناً عربيّاً لقوم يعلمون؟ باختيار كذّبه ما جاء عن النبيِّ الأقدسصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من النصوص على اختيار الله عليّاً وانّه أحد الخيرتين، وانّه خير البشر بعدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وانّه أحبّ الناس إلى الله وإليهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وانّه منه بمنزلته من ربّه، وانّه منه بمنزلة الرأس من جسده، وانّه منه بمنزلة هارون من موسى إلّا انّه لا نبيّ بعده، وانَّ لحمه لحمه ودمه دمه والحقّ معه، وانّ طاعته طاعته ومعصيته معصيته، وانّه سلمٌ لمن سالمه، وحربٌ لمن حاربه(٢) و انّه ممسوسٌ في ذات الله(٣) إلى نصوص كثيرة تضادّ اختيار ابن عمر ومن شاكله في تمنّي الحديث.

أليست هذه الأحاديث إلى أمثالها المعدودة بالمئات إنكاراً من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لقولهم - إن كان هناك قول -: إذا ذهب أبو بكر وعمر وعثمان استوى الناس؟

أليست آي المباهلة والتطهير والولاية وأضرابها إلى ثلاثمائة آية النازلة في عليّعليه‌السلام (٤) تضادّ ذلك القول القارص؟

( هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ ) (٥) ( هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ) (٦) ( أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لَّا يَسْتَوُونَ ) (٧) ( مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَىٰ وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا ) (٨) ( أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ

____________________

١ - الكامل لابن الاثير ٣: ٢١٧.

٢ - كل هذه الاحاديث مرت فى الاجزاء الماضية.

٣ - حلية الاولياء للحافظ أبى نعيم الاصبهانى ١: ٢٣٠.

٤ - تاريخ الخطيب ٦: ٢٢١، السيرة الحلبية ٢: ٢٣٠.

٥ - سورة الرعد: ١٦.

٦ - سورة الزمر: ٨.

٧ - سورة السجدة: ١٨.

٨ - سورة هود: ٢٤.

١٥

مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ ) (١) ( أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجْهِهِ أَهْدَىٰ أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) (٢) ( قُل لَّا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ ) (٣) ( لَّا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) (٤) ( لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ ) (٥) ( وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) (٦) ( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ) (٧) .

____________________

١ - سورة محمد: ١٤.

٢ - سورة الملك: ٢٢.

٣ - سورة المائدة: ١٠٠.

٤ - سورة النساء: ٩٥.

٥ - سورة الحشر: ٢٠.

٦ - سورة غافر: ٥٨.

٧ - سورة محمد: ٢٤.

١٦

ما هذا الاختيار؟ وكيف يتمَ؟ ولِمَ وبِمَ؟

هل تدري ما الذي دعى ابن عمر إلى رمي القول على عواهنه؟ إلى رمي الصحابة بعزوه المختلق، ونسبة هذا الاختيار المبير إليهم وأنّهم تركوا المفاضلة بعد الثلاثة وانّهم قالوا: ثمّ نترك أصحاب النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا نفاضل بينهم. وقالوا: كنّا نقول: إذا ذهب أبو بكر وعمر وعثمان استوى الناس فيسمع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذلك فلا ينكره؟.

أم هل تدري بماذا تتصوّر المفاضلة والخيرة؟ وبِمَ تتمّ؟ وأنّى تصحّ؟ بعد ثبوت ما جاء في الصحاح والمسانيد مرفوعاً من أنَّ عليّاًعليه‌السلام كان أعظمهم حلماً، وأحسنهم خلقاً، وأكثرهم علماً، وأعلمهم بالكتاب والسنَّة، وأقدمهم سلماً، وأوّلهم صلاة من رسول الله، وأوفاهم بعهد الله، وأقومهم بأمر الله، وأخشنهم في ذات الله، وأقسمهم بالسويَّة، وأعدلهم في الرعيَّة، وأبصرهم بالقضيّة، وأعظمهم عند الله مزيّة، وأفضلهم في القضاء، وأوّ لهم وارداً عليّ الحوض، وأعظمهم عناءً، وأحبّهم إلى الله ورسوله، وأخصّهم عنده منزلة، وأقربهم قرابة، وأولاهم بهم من أنفسهم كما كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأقربهم عهداً بهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) وجبريل ينادي لا فتى إلّا عليّ لا سيف إلّا ذو الفقار(٢) فهل يبقى هنالك موضوعٌ للمفاضلة بعد هذه كلّها حتّى يخيّر فيه الصبيُّ إبن عمر أو غَيره، فيختارون على عليّ غيره؟ غفرانك اللّهم وإليك المصير.

قال الجاحظ: لا يُعلم رجلٌ في الأرض متى ذُكر السبق في الإسلام والتقدّم فيه، ومتى ذُكرت النجدة والذبّ عن الإسلام، ومتى ذُكر الفقه في الدين، ومتى ذُكر الزهد في الأموال التي تتناصر النّاس عليها، ومتى ذُكر الإعطاء في الماعون، كان مذكوراً في هذه الخصال كلّها إلّا عليٌّ رضي الله عنه. ثمار القلوب للثعالبي ص ٦٧.

لستُ أدري كيف ترك المخيّرون أصحاب محمَّد بعد الثلاثة لا تفاضل بينهم؟ وبماذا استوى النّاس وفيهم العشرة المبشّرة؟ وفيهم مَن رآه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شبيه عيسى في امَّته هدياً وبرّاًو نسكاً وزهداً وصدقاً وجدّاً وخَلقاً وخُلقاً(٣) .

____________________

١ - مرّت هذه الاحاديث كلها بمصادرها فى طيات الاجزاء الماضية.

٢ - راجع الجزء الثانى ص ٥٤ - ٥٦ ط ١، و ٥٩ - ٦١ ط ٢.

٣ - هو سيدنا أبو ذر راجع الجزء الثامن.

١٧

وفيهم مَن كانصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يراه جلدة ما بين عينيه وأنفه، طيّباً مطيّباً، قد مُلئ ايماناً إلى مشاشه، يدور مع الحقِّ أينما دار(١) .

وفيهم مَن رآهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أثقل في الميزان من اُحد، ويراه رجال الصّحابة: أشبه الناس هدياً ودلّا وسمتاً بمحمَّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢)

وفيهم مَن قرّبهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأدناه وعلّمه علم ما كان وما يكون(٣)

وفيهم مَن جاء فيه عن النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قوله: من أراد أن ينظر إلى رجل نوّر قلبه فلينظر إلى سلمان. وقوله: إنّ الله عزّ وجلّ يحبّ من أصحابي أربعة أخبرني انَّه يحبّهم، وأمرني أن احبّهم: عليّ، أبو ذر، سلمان، المقداد، وصحّ فيه قوله: سلمان منّا أهل البيت. وقال عليّ أمير المؤمنين: سلمان رجلٌ منَّا أهل البيت، أدرك علم الأوَّلين والآخرين، ما لكم بلقمان الحكيم كان بحراً لا ينزف(٤)

وفيهم العبّاس عمُّ النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذي كانصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يجلّه إجلال الولد والده، خاصَّة خصّ الله العبّاس بها من بين الناس، وله قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا أبا الفضل! لك من الله حتّى ترضى. وخطبصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في قضيّة فقال: مَن أكرم الناس على الله؟ قالوا: أنت يا رسول الله قال: فإنَّ العبّاس منِّي وأنا منه. ( مستدرك الحاكم ٣: ٣٢٥ ).

وجاء في حديث استسقاء عمر بالعبّاس عام الرمادة(٥) انَّ عمر خطب الناس فقال: يا أيُّها الناس إنَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يرى للعبّاس ما يرى الولد لوالده يعظّمه ويفخّمه ويبرُّ قسمه، فاقتدوا أيُّها الناس برسول الله في عمِّه العبّاس، واتَّخذوه وسيلة إلى الله عزَّ وجلَّ فيما نزل بكم(٦)

وفيهم معاذ بن جبل وقد صحَّ فيه عند القوم قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنَّه اعلم الأوَّلين والآخرين بعد النبيّين والمرسلين، وإنَّ الله يباهي به الملائكة(٧) .

____________________

١ - هو سيدنا عمار بن ياسر راجع من الجزء التاسع صحيفة ٢٤ - ٢٨.

٢ - هو سيدنا ابن مسعود راجع من الجزء التاسع صحيفة ٧ - ١١.

٣ - هو سيدنا حذيفة اليمانى راجع ج ٥: ٥٣ ط ١، و ٦٠ ط ٢.

٤ - تاريخ ابن عساكر ٦: ١٩٨ - ٢٠٣.

٥ - راجع ما مر فى الجزء السابع: ٣٠٠، ٣٠١.

٦ - مستدرك الحاكم ٣: ٣٢٤، ٣٢٥، ٣٢٩، ٣٣٤.

٧ - مستدرك الحاكم ٣: ٢٧١.

١٨

وفيهم اُبيّ بن كعب وقد صحَّح الحاكم فيه قول أبي مسهر: إنَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سمّاه سيِّد الأنصار فلم يمت حتّى قالوا: سيِّد المسلمين.(١)

وفيهم اسامة بن زيد حِبّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد جاء فيه عن ابن عمر نفسه في الصحيحين قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لّما طعن بعض الناس في إمارته وقد أمّره على جيش كان فيهم أبو بكر وعمر: فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل، وأيم الله إن كان لخليقاً للإمارة، وإن كان لمن أحبِّ الناس إليَّ، وإنَّ هذا لمن أحبّ الناس إليّ بعده(٢) .

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اسامة أحبُّ إليَّ ما حاشا فاطمة ولا غيرها ( مسند احمد ٢: ٩٦، ١٠٦، ١١٠ ).

إلى اناس آخرين يعُدّون في الرعيل الأوَّل من رجالات الفضائل والفواضل من اُمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فهل كان ابن عمر يعرف هؤلاء الرجال ومبلغهم من العظمة وما ورد فيهم عن النبيِّ الأقدس من جمل الثناء عليهم ثمَّ يساوي بينهم وبين مَن عداهم نظراء أبناء هند والنابغة والزرقاء؟.

فإن كان لا يدري فتلك مصيبة

وإن كان يدري فالمصيبة أعظمُ

وكيف يتمُّ هذا الأختيار وقد عزى القوم إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما من نبيّ إلّا وقد اعطي سبعة نجباء رفقاء واُعطيت أنا أربعة عشر: سبعة من قريش: عليّ والحسن والحسين وحمزة وجعفر وأبو بكر وعمر. وسبعة من المهاجرين: عبد الله بن مسعود، وسلمان، وأبو ذر، وحذيفة، وعمّار، والمقداد، وبلال؟(٣)

نعم لا يرضى ابن عمر أن يكون عليٌّ أمير المؤمنين أفضل من أحد من أصحاب محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتّى بعد عثمان وليد بيت اميّة، قتيل الصحابة العدول ومخذولهم، ولا يروقه أن يحكم بالمفاضلة بينهعليه‌السلام وبين ابن هند وإن كان عالياً من المسرفين، يسمع آيات الله تُتلى عليه ثمَّ يُصرُّ مستكبراً كأن لم يسمعها، كأنَّ في اُذنيه وقراً، ولا بينه وبين ابن النابغة

____________________

١ - مستدرك الحاكم ٣: ٣٠٢.

٢ - صحيح البخارى ٥: ٢٧٩، صحيح مسلم ٧: ١٣١، صحيح الترمذى ١٣: ٢١٨، مسند احمد ٢: ٢٠.

٣ - تاريخ ابن عساكر ٥: ٢١، وفى كنز العمال نقلا عن احمد وتمام وابن عساكر من طريق على عليه ‌السلام

١٩

الأبتر ابن الأبتر، ولا بينه وبين مغيرة بن شعبة أزنى ثقيف، ولا بينه وبين أبناء اميّة أثمار الشجرة الملعونة في القرآن من وزغ طريد إلى لعين مثله إلى فاسق مستهتر إلى فاحش متفحّش، ولا بينه وبين سلسلة الخمّارين رجال الخمور والفجور في الجاهليَّة أو - الإسلام نظراء:

أبي بكر بن شغوب.

راجع الغدير ٧: ٩٩.

أبي طلحة زيد بن سهل الأنصاري.

مسند أحمد ٣: ١٨١، ٢٢٧، سنن البيهقى ٨: ٢٨٦، الغدير ٧: ٩٩.

أبي عبيدة ابن الجرّاح.

مسند أحمد ٣: ١٨١، سنن البيهقي ٨: ٢٨٦، شرح صحيح مسلم

للنووي ٨: ٢٣ هامش ارشاد السارى، مجمع الزوائد ٥: ٥٢.

أبي محجن الثقفي.

تفسير القرطبى ٣: ٥٧، الاصابة ٤: ١٧٥.

اُبيّ بن كعب.

مسند أحمد ٣: ١٨١، سنن البيهقى ٨. ٢٨٦.

أنس بن مالك.

غير واحد من الصحاح والمسانيد، راجع الغدير ٧: ٩٧، ١٠١.

حسّان بن ثابت.

تفسير القرطبي ٣: ٥٦ وهو القائل:

ونشر بها فتركنا ملوكا

واسداً ما ينهنهنا اللقاء

خالد بن عجير.

ألاصابة ١: ٤٥٩.

سعد بن أبي وقاص.

سنن البيهقى ٨: ٢٨٥، تفسير ابن كثير ٢: ٩٥، تفسير ابى حيان ٤: ١٢،

ارشاد السارى ٧: ١٠٤، تفسير الخازن ١: ٢٥٢، تفسير الالوسى ٢: ١١،

تفسير الشوكانى ٢: ٧١.

٢٠