الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء ١٠

الغدير في الكتاب والسنة والأدب0%

الغدير في الكتاب والسنة والأدب مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 389

الغدير في الكتاب والسنة والأدب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الشيخ الأميني
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الصفحات: 389
المشاهدات: 57893
تحميل: 2045


توضيحات:

الجزء 1 المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11
المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 389 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 57893 / تحميل: 2045
الحجم الحجم الحجم
الغدير في الكتاب والسنة والأدب

الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء 10

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

ينزَّه ذيله عن كلّ ما يُدنّس المسلم الصحيح ويشينه ويزري به؟ أو مسٌ بكرامة مَن قدَّس الإسلام ساحته عن كلّ طعن ومسبَّة؟ هذا ابن هند، وهو ابن النابغة، وهما هما.

وهل نسي هاهنا ما عنده من الجرح في رجال هذا الإسناد الوعر لروايته التي أزالت عنه الإشكال الموهوم، وبيّنت الوهم المزعوم الواقع في الحديث، وسكت عمّا فيه من الغمز؟ مرسلاً إيّاه ارسال المسلّم كأنّه جاء بالصحيح الثابت، وفيه مع رجال مجاهيل سيف بن عمر الذي قال السيوطي نفسه في اللئالي ١: ١٩٩ في غير هذا الحديث: انّه وضّاع. وقال في ص ٤٢٩ في حديث آخر: فيه ضعفاء أشدّهم سيف. وقد فصّلنا القول في ترجمة الرجل في ٨: ٨٦، و ٣٣٥: انّه ضعيفٌ متروكٌ ساقطٌ كذّابٌ وصَّاعٌ متهّمٌ بالزندقة. أفبالموضوع المكذوب يزول الإشكال ويبيّن الوهم؟ أللّهمَّ غفرانك.

٤ - انّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: يطلع من هذا الفجِّ رجلٌ من اُمّتي يحشر على غير ملّتي. فطلع معاوية(١) .

وفي لفظ ابن مزاحم: يطلع عليكم من هذا الفجِّ رجلٌ يموت حين يموت على غير سنّتي. كتاب صفين ص ٢٤٧.

أخرجه الحافظ البلاذري في الجزء الأوّل من تاريخه الكبير قال: حدّثني عبد الله بن صالح، حدّثني يحيى بن آدم عن شريك عن ليث عن طاووس عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: كنت جالساً عند النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يطلع عليكم من هذا الفجِّ رجلٌ يموت يوم يموت على غير ملّتي. قال: وتركت أبي يلبس ثيابه فخشيت أن يطلع فطلع معاوية.

وقال: وحدّثني إسحاق قال: حدّثنا عبد الرزّاق بن همام، أنبأنا معمر عن ابن طاووس عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: كنت جالساً. الخ.

الاسناد

قال العلاّمة السيِّد محمّد المكي بن عزوز المغربي: الحديث الأوّل رجاله كلّهم من رجال الصحيح حتّى ليث فمن رجال مسلم وهو ابن أبي سليم وإن تكلّم فيه لاختلاط

____________________

١ - تاريخ الطبرى ١١: ٣٥٧.

١٤١

وقع له في آخر أمره، فقد وثقه ابن معين وغيره كما أفاده الشوكاني، على أنَّ التوّهم يرتفع بالسند الثّاني الذي هو حدَّثني إسحاق. الخ. لأنّ الرواي فيه عن طاووس عبد الله ابنه لا ليث، والسند متينٌ ولِلّه الحمد(١) .

٥ - وفي الحديث المرفوع المشهور انّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: إنَّ معاوية في تابوت من نار في أسفَل درك منها ينادي: يا حنّان يا منّان الآن وقَد عَصيتُ قبلُ وكنتَ مِن المفسدينِ(٢) .

٦ - عن أبي ذر الغفاري قال لمعاوية: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول وقد مررتَ به: أللهمَّ العنه ولا تشبعه إلَّا بالتراب(٣) .

٧ - عن أبي ذر الغفاري قال لمعاوية: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إست معاوية في النار. فضحك معاوية وأمر بحبسه. راجع تمام الحديث في الجزء الثامن ص ٣١٢ ط ١.

٨ - مرفوعاً: إذا ولي الاُمّة الاعين ( كذا ) الواسع البلعوم الذي يأكل ولا يشبع فليأخذ الاُمّة حذرها منه. قال أبو ذر: اخبرني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأنّه معاوية.

وفي لفظ: لا يذهب أمر هذه الاُمّة إلّا على رجل واسع السرم، ضخم البلعوم. راجع ٣١٢ من الجزء الثامن ط ١.

٩ - أخرج نصر بن مزاحم في كتاب صفّين، وابن عدي، والعقيلي، والخطيب، والمناوي من طريق أبي سعيد الخدري، وعبد الله بن مسعود مرفوعاً: إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه.

وفي لفظ: يخطب على منبري فاقتلوه.

وفي لفظ: يخطب على منبري فاضربوا عنقه.

وفي لفظ أبي سعيد: فلم نفعل ولم نفلح.

وقال الحسن: فما فعلوا ولا أفلحوا(٤) .

____________________

١ - العتب الجميل ص ٨٦.

٢ - تاريخ الطبرى ١١: ٣٥٧، كتاب صفين ص ٢٤٣ واللفظ للاول.

٣ - راجع ما اسلفناه فى الجزء الثامن ص ٣١٢ ط ١.

٤ - كتاب صفين ٢٤٣، ٢٤٨ ط مصر، تاريخ الطبرى ١١: ٣٥٧، تاريخ الخطيب ١٢، ١٨١، شرح ابن ابى الحديد ١: ٣٤٨، كنوز الدقائق للمناوى ص ١٠، اللئالى المصنوعة ١: ٤٢٤ ٤٢٥، تهذيب التهذيب ٢: ٤٢٨.

١٤٢

قال الأميني ذكره السيوطي في اللّئالي المصنوعة ١: ٤٢٤، ٤٢٥ بعَّدة طرق لابن عدي والعقيلي وزيّفها، غير أنَّ البلاذري أخرجه بغير تلكم الطرق في تاريخه الكبير قال: حدّثنا يوسف بن موسى وأبو موسى إسحاق الفروي قال: حدّثنا جرير بن عبد الحميد حدّثنا إسماعيل بن أبي خالد والأعمش عن الحسن قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه.

فتركوا أمره فلم يفلحوا ولم ينجحوا.

رجال الاسناد:

١ - يوسف بن موسى أبو يعقوب الكوفي. من رجال البخاري وأبي داود والترمذي والنسائي وابن خزيمة في صحاحهم، وثَّقه غير واحد.

٢ - جرير بن عبد الحميد أبو عبد الله الرازي، من رجال الصحاح الستِّ، مجمعٌ على ثقته.

٣ - إسماعيل بن أبي خالد الأحمسي الكوفي، أحد رجال الصحاح الستّ متفقٌ على ثقته.

٤ - الأعمش سليمان بن مهران أبو محمّد الكوفي، أحد رجال الصحاح الستِّ ليس في المحدّثين أصدق منه.

٥ - الحسن البصري، أحد رجال الصِّحاح مجمعٌ على ثقته.

فلم يبق في الحديث غمزٌ إلّا من ناحية إرساله وهو لا يعدُّ علّة في مثل المقام إذ لا يهمّ القوم عرفان الصحابة الراوي للحديث لعدالة الصحابة كلّهم عندهم. فالحديث صحيح لا مغمز فيه وإرساله يجبر باسناد متّصل قال البلاذري:

حدَّثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، حدّثنا حجّاج بن محمّد، حدَّثنا حمّاد بن سلمة عن عليّ بن زيد عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري انَّ رجلاً من الأنصار أراد قتل معاوية فقلنا له: لا تسل السيف في عهد عمر حتى نكتب إليه قال: إنِّي سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إذا رأيتم معاوية يخطب على الأعواد فاقتلوه. قالوا: ونحن سمعناه ولكن لا نفعل حتى نكتب إلى عمر فكتبوا إليه فلم يأتهم جوابٌ حتى مات.

رجال الاسناد:

١ - إسحاق بن أبي إسرائيل أبو يعقوب المروزي، من رجال البخاري في الأدب

١٤٣

المفرد وأبي داود والنسائي، وثَّقه ابن معين، والدارقطني، والبغوي، وأحمد بن حنبل.

٢ - حجّاج بن محمّد المصيصي أبو محمّد الأعور، أحد رجال الصحيحين وبقيّة الصحاح.

٣ - حمّاد بن سلمة أبو سلمة البصري، من رجال مسلم في صحيحه، والبخاري في التعاليق وبقيّة أصحاب السنن، أجمع أئمّة أهل النقل على ثقته وأمانته.

٤ - عليُّ بن زيد بن جدعان أبو الحسن البصري، من رواة مسلم في صحيحه، والبخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن، شيعيُّ ثقةٌ صدوق.

٥ - أبو نضرة المنذر بن مالك العبدي البصري، من رجال صحيح مسلم، والتعاليق للبخاري، وبقيّة السنن، وثّقه ابن معين، وأبو زرعة، والنسائي، وابن سعد، وأحمد ابن حنبل.

٦ - أبو سعيد الخدري الصحابيّ الشهير.

وبهذا الطريق ذكره ابن حجر في تهذيب التهذيب ٧: ٣٢٤ فقال: وأخرجه الحسن بن سفيان في مسنده عن إسحاق عن عبد الرزّاق عن ابن عيينة، عن عليّ بن زيد، والمحفوظ عن عبد الرزّاق عن جعفر بن سليمان عن عليّ، ولكن لفظ ابن عيينة: فارجموه. أورده ابن عدي عن الحسن بن سفيان.

وطريق الحسن بن سفيان هذا أيضاً صحيحٌ رجاله كلهم ثقات، وبهذا الإسناد أخرجه ابن عدي كما في ميزان الإعتدال ٢ ص ١٢٨ قال: حدَّثنا الحسن بن سفيان، قال: حدّثنا ابن راهويه. قال: حدَّثنا عبد الرزّاق عن ابن عيينة، عن عليّ بن زيد بن جدعان عن أبي نضرة، عن أبي سعيد مرفوعاً: إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه.

قال: وحدّثنا، محمّد بن سعيد بن معاوية بنصيبين حدَّثنا سليمان بن أيّوب الصريفيني حدّثنا ابن عيينة.

وثناه محمّد بن العباس الدمشقي عن عمّار بن رجاء عن ابن المديني عن سفيان ( ابن عيينة ).

وثناه محمّد بن إبراهيم الاصبهاني، حدَّثنا أحمد بن الفرات، حدَّثنا عبد الرزّاق، عن جعفر بن سليمان عن ابن جدعان نحوه.

_٩_

١٤٤

اسناد آخر:

وأخرجه ابن حبّان من طريق عباد بن يعقوب، عن شريك، عن عاصم، عن زر عن عبد الله مرفوعاً: إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه. تهذيب التهذيب ٥: ١١٠.

رجال الاسناد:

١ - عباد بن يعقوب الأسدي أبو سعيد الكوفي، من رجال البخاري والترمذي و ابن ماجة، وثّقه ابن خزيمة، وأبو حاتم، وقال الدارقطني: شيعيٌّ صدوق.

٢ - شريك النخعي الكوفي، من رجال مسلم في صحيحه، والبخاري في التعاليق وأصحاب السنن الأربع، وثَّقه ابن معين، والعجلي، ويعقوب بن شيبة، وابن سعيد، وأبو داود، والحربي.

٣ - عاصم بن بهدلة الأسدي الكوفي أبو بكر المقري، من رجال الصحاح الستّ متّفقٌ على ثقته.

٤ - زر بن حبيش الكوفي، مخضرمٌ أدرك الجاهليّة، من رجال الصحاح الستّ.

٥ - عبد الله بن مسعود الصحابي العظيم.

فالإسناد صحيحٌ رجاله كلّهم ثقات. فللحديث طرقٌ أربعة صحيحة لا غمز فيها غير أنَّ ابن كثير حبَّبته أمانته أن لا يذكر من طرق الحديث إلّا الضعيف كما أنَّ السيوطي راقه أن لا ينضّد في سلك لئالئه الّا المزيّف ساكتاً عن الأسانيد الصحيحة حفظاً لكرامة ابن هند.

وهذا الحديث معتضدٌ بحديث صحيح ثابت متسالم عليه ألا وهو قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما.

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من بايع إماماً فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع، فإن جاء أحدٌ ينازعه فاضربوا عنق الآخر(١)

وللقوم تجاه حديث « إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه » تصويبٌ وتصعيدٌ و جلبةٌ ولغطٌ، رواه اُناس بالموحَّدة مع زيادة، أخرجه الخطيب عن الحسن بن محمّد الخّلال

____________________

١ - مر تفصيل هذين الصحيحين فى هذا الجزء ص ٢٧، ٢٨.

١٤٥

عن يوسف بن أبي حفص الزاهد عن محمّد بن اسحاق الفقيه، عن أبي نضر الغازي عن الحسن بن كثير عن بكر بن أيمن القيسي عن عامر بن يحيي الصريمي، عن أبي الزبير عن جابر مرفوعاً: إذا رأيتم معاوية يخطب على منبري فاقبلوه، فإنّه أمين مأمونٌ.

قال الخطيب: لم أكتب هذا الحديث إلّا من هذا الوجه، ورجال إسناده ما بين محمّد بن إسحاق وأبي الزبير كلّهم مجهولون(١) . ونصَّ الذهبي في الميزان وابن حجر في لسانه في ترجمة الحسن بن كثير وبكر بن أيمن وعامر بن يحيى على أنّهم مجاهيل، والأقوال في أبي الزبير محمّد بن مسلم المكّي متضاربةٌ من ناحية الجرح والتوثيق، و صرّح بجهالة الإسناد ابن كثير في تاريخه ٨: ١٣٣.

وزيادة « فإنّه أمين مأمونٌ » أقوى شاهد على بطلان الرواية واختلاقها، وقد فصّلنا القول في أمانة الرَّجل ج ٥ ص ٢٦٤ و ج ٩: ٢٩٢.

وجاء آخر وهو جاهلٌ بتحريف مَن روى « فاقتلوه » بالموحَّدة. أو انّه لم يرقه ذلك التحريف فوضع رواية في أنّ معاوية غير معاوية بن أبي سفيان. أخرج الحافظ ابن عساكر عن محمّد بن ناصر الحافظ عن عبد القادر بن محمّد عن ابن إسحاق البرمكي، عن أحمد بن إبراهيم بن شاذان قال: قال لي أبو بكر بن أبي داود لمـّا روى حديث إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه: هذا معاوية بن تابوت رأس المنافقين وكان حلف أن يبول ويتغوّط على منبره وليس هو معاوية بن أبي سفيان.

قال السيوطي في اللّئالي ١: ٤٢٥ بعد ذكر الرواية: قال المؤلّف: وهذا يحتاج إلى نقل، ومَن نقل هذا؟ قلت: قال ابن عساكر: هذا تأويلٌ بعيدٌ والله أعلم.

قال الأميني: هل عندك خبرٌ بتاريخ معاوية بن تابوت؟ وانّه أيّ ابن بيّ هو؟ ومتى ولدته اُمّ الدنيا؟ وأنّى وُلد؟ وأين وُلد؟ ومن رآه؟ ومَن سمع منه؟ ومَن الذي أوحى خبره إلى أبي بكر بن أبي داود؟ وهل هو أبرّ يمينه أو حنثها؟ وهل رآه

____________________

١ - كذا نجده فى المطبوع من تاريخ بغداد وحكاه عنه حرفيا ابن حجر فى لسان الميزان ٢ ص ٢٤٧، وفى اللئالى ١: ٤٢٦ نقلا عن التاريخ بلفظ: قال الخطيب: محمد بن اسحاق كثير الخطاء والمناكير، ومن فوقه الى ابى الزبير كلهم مجهولون به.

١٤٦

أصحاب النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على منبره وقتلوه؟ أو لم يُر حتّى اليوم، ولن يُرى قطُّ إلى آخر الأبد؟.

ونظير هذا التأويل قد جاء في حديث فاطمة بنت قيس قالت لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنَّ معاوية وأبا جهم خطباني فقال النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : معاوية صعلوك لا مال له. حكى الرافعي انّه ليس هو معاوية بن أبي سفيان الذي ولي الخلافة بل هو آخر. الإصابة ٣: ٤٩٨ نعم: هكذا أوّله الرافعي حبّاً لابن هند غير أنَّ النووي قال: وهذا غلطٌ صريح فقد وقع في صحيح مسلم في هذا الحديث: معاوية بن أبي سفيان.

قال الأميني: عرّفه مسلم بابن أبي سفيان في صحيحه ٤: ١٩٥، وأبو داود في السنن ١: ٣٥٩، والنسائي في سننه ٦: ٢٠٨، والطيالسي في مسنده ص ٢٢٨، والبيهقي في السنن الكبرى ٧: ٤٧١.

فالتأويل بغير معاوية بن أبي سفيان غلطٌ صريحٌ كما قاله النووي.

ولابني كثير وحجر في تزييف حديث « فاقتلوه » خُطّةٌ اُخرى، قال ابن كثير في تاريخه ٨: ١٣٣، هذا الحديث كذبٌ بلا شكّ، ولو كان صحيحاً لبادر الصحابة إلى فعل ذلك، لأنّهم كانوا لا تأخذهم في الله لومة لائم.

وقال ابن حجر في تطهير الجنان(١) يلزم على فرض صحّته نقيصة سائر الصحابة إن بلغهم ذلك الحديث، أو نقيصة مَن بلغه منهم وكتمه، لأنَّ مثل هذا يجب تبليغه للامّة حتى يعملوا به، على أنّه لو كتمه لم يبلغ التابعين حتى نقلوه لمن بعدهم، وهكذا فلم يبق إلّا القسم الأوّل وهو أن يبلغهم فلا يعملون به، وهو لا يتصوّر شرعاً إذا لو جاز عليهم ذلك جاز عليهم كتم بعض القرآن أو رفض العمل به، وكلُّ ذلك محالٌ شرعاً، لا سيّما مع قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : تركتكم على الواضحة البيضاء. الحديث.اهـ.

ما أحسن ظنُّ هؤلاء القوم بالصحابة؟ وما أجمله لو كان يساعده المنطق؟ لو لم يخالفه التاريخ الصحيح، أو الثّابت المسلّم من سيرة الصحابة، أو ما جاء عن النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أقواله التي تلقّتها الاُمّة بالقبول، ورواها أئمّة الحديث في الصحاح والمسانيد ممّا أسلفنا شطراً منه في الجزء الثالث ٢٦١، ٢٦٢ ط ١.

____________________

١ - هامش الصواعق المحرقة ص ٦٠.

١٤٧

وهل عمل الصحابة أو عيونهم بأمرهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في قتل ذي الثديَّة بعد ما عرَّفه إيّاهم بشخصه، وأنبأهم بهواجسه المكفَّرة، واعترف الرجل بها؟ أو خالفوه وضيّعوا أمره ونبذوه وراء ظهورهم وهو بين ظهرانيّهم؟ راجع ما مرَّ في الجزء السَّابع ص ٢١٦ - ٢١٨ ط ١.

وهل عملوا بما صحّ وثبت عندهم من قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما؟ أو قوله: من أراد أن يفرّق أمر هذه الاُمّة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائناً من كان؟ أو قوله: فإن جاء آخر ينازعه - الإمام - فاضربوا عنق الاخر؟ إلى صحاح اخرى مرَّت جملة منها في هذا الجزء ص ٢٠.

١٠ جاء من طريق زيد بن أرقم وعبادة بن الصامت مرفوعاً: إذا رأيتم معاوية وعمرو بن العاص مجتمعين ففرِّقوا بينهما فانّهما لن يجتمعا على خير(١) .

١١ - ورد مرفوعاً: يطلع عليكم من هذا الفجّ رجلٌ يموت حين يموت وهو على غير سنّتي.

فطلع معاوية. كتاب صفين لنصر بن مزاحم.

١٢ - من كتاب لمولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى معاوية: أتاني كتابك كتاب امرئ ليس له بصرٌ يهديه، ولا قائد يرشده، دعاه الهوى فأجابه، وقاده الضَّلال فاتَّبعه - إلى أن قال: - وأمّا شرفي في الإسلام وقرابتي من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وموضعي من قريش فلعمري لو استطعتَ دفعه لدفعتَه.

وفي لفظ: فقد أتتني منك موعظةٌ موصلة، ورسالةٌ محبَّرة، نمّقّتها بضلالك، وأمضيتها بسوء رأيك، وكتاب امرئ ليس له بصرٌ يهديه، ولا قائدٌ يرشده، قد دعاه الهوى فأجابه، وقاده الضلال فاتّبعه، فهجر لاغطاً، وضلَّ خابطاً.

العقد الفريد ٢. ٢٣٣، الكامل للمبرد ١: ١٥٧، وفي ط ٢٢٥، كتاب صفين ص ٦٤ الامامة والسياسة ١: ٧٧، نهج البلاغة ٢: ٥، شرح ابن أبي الحديد ١: ٢٥٢، ج ٣: ٣٠٢.

١٣ - من كتاب لهعليه‌السلام إلى الرَّجل: فاقلع عمّا أنت عليه من الغيِّ والضَّلال على كبر سنِّك وفناء عمرك، فإنَّ حالك اليوم كحال الثوب المهيل الذي لا يُصلح من جانب إلّا فسد من آخر، وقد أرديت جيلاً من الناس كثيراً، خدعتهم بغيِّك، وألقيتهم في موج

____________________

١ - راجع الجزء الثانى ص ١٢٧ ط ١.

١٤٨

بحرك، تغشاهم الظلمات، وتتلاطم بهم الشبهات، فجاروا عن وجهتهم، ونكصوا على أعقابهم، وتولّوا على أدبارهم، وعوَّلوا على أحسابهم، إلّا مَن فاء من أهل البصائر، فانّهم فارقوك بعد معرفتك، وهربوا إلى الله من موازرتك، إذ حملتهم على الصعب، وعدلت بهم عن القصد.

نهج البلاغة ٢: ٤١، شرح ابن أبي الحديد ٤: ٥٠.

١٤ - من كتاب لهعليه‌السلام إلى الرجل: فإنّ ما أتيت به من ضلالك ليس ببعيد الشَبَه ممّا أتى به أهلك وقومك الّذين حملهم الكفر وتمنّى الأباطيل على حسد محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتّى صرعوا مصارعهم حيث علمت، لم يمنعوا حريماً، ولم يدفعوا عظيماً، وأنا صاحبهم في تلك المواطن الصالي بحربهم، والفالّ لحدِّهم، والقاتل لرؤسهم ورؤس الضلالة، والمتبع إن شاء الله خلفهم بسلفهم، فبئس الخلف خلف اتّبع سلفاً محلّه ومحطّه النار.

شرح ابن أبي الحديد ٤: ٥٠.

١٥ - من كتاب له سلام الله عليه إلى الرَّجل: أمّا بعد: فطالما دعوت أنت وأولياؤك أولياء الشّيطان الرَّجيم الحقّ أساطير الأوّلين، ونبذتموه وراء ظهوركم، وحاولتم إطفاء نور الله بأيديكم وأفواهكم، والله متمّ نوره ولو كره الكافرون، ولعمري ليتمَّنَّ النور على كرهك، ولينفذنَّ العلم بصغارك، ولتجازينَّ بعملك، فعث في دنياك المنقطعة عنك ما طاب لك، فكأنّك بباطلك وقد انقضى، وبعملك وقد هوى، ثمَّ تصير إلى لظى، لم يظلمك الله شيئاً، وما ربّك بظلّام للعبيد.

شرح ابن أبي الحديد ٤: ٥١، و ج ٣: ٤١١.

١٦ - من كتاب له صلوات الله عليه إلى الرجل: أمّا بعد: فإنّ مساويك مع علم الله تعالى فيك حالت بينك وبين أن يصلح لك أمرك، وأن يرعوي قلبك، يا بن صخر يا ابن اللّعين [وفي لفظ: يا بن الصخر اللّعين] زعمت أن يزن الجبال حلمك، ويفصل بين أهل الشكّ علمك، وأنت الجلف المنافق، الأغلف القلب، القليل العقل، الجبان الرَّذل.

شرح ابن أبي الحديد ٣: ٤١١، و ج ٤: ٥١.

١٧ - من كتاب لهعليه‌السلام إلى الرَّجل: قد وصلني كتابك، فوجدتك ترمي غير غرضك

١٤٩

وتنشد غير ضالَّتك، وتخبط في عماية، وتتيه في ضلالة، وتعتصم بغير حجّة، وتلوذ بأضعف شبهة.

فسبحان الله ما أشدَّ لزومك للأهواء المبتدعة، والحيرة المتّبعة، مع تضييع الحقائق، واطّراح الوثائق التي هي لِلَّه تعالى طلبة، وعلى عباده حجّة.

نهج البلاغة ٢: ٤٤، شرح ابن أبي الحديد ٤: ٥٧.

١٨ - من كتاب لهعليه‌السلام إلى الرّجل لمـّا دعاه إلى التحكيم: ثمَّ إنّك قد دعوتني إلى حكم القرآن، ولقد علمت أنّك لستَ مِن أهل القرآن ولا حكمه تريد، والله المستعان.

كتاب صفين ص ٥٥٦، نهج البلاغة ٢: ٥٦، شرح ابن أبي الحديد ١: ١٨٨.

١٩ - من كتاب لهعليه‌السلام إلى الرجل: أمّا بعد: فقد آن لك أن تنتفع باللمح الباصر من عيان الاُمور، فلقد سلكت مدارج أسلافك بادِّعائك الأباطيل، واقتحامك غرور اللين والأكاذيب، من انتحالك ما قد علا عنك، وابتزازك لما قد احتزن دونك، فراراً من الحقِّ، وجحوداً لما هو ألزم لك من لحمك ودمك، ممّا قد وعاه سمعك، ومُلئ به صدرك، فماذا بعد الحقّ إلّا الضلال المبين.

نهج البلاغة ٢: ١٢٥.

٢٠ - من كتاب لهعليه‌السلام إلى الرجل: متى كنتم يا معاوية! ساسةً للرعيّة؟ أو ولاة لأمر هذه الاُمّة بغير قدم حَسَن؟ ولا شرفٍ سابق(١) على قومكم، فشمِّر لما قد نزل بك، ولا تمكّن الشيطان من بغيته فيك، مع أنّي أعرف أنَّ الله ورسوله صادقان، فنعوذ بالله من لزوم سابق الشقاء، وإلّا تفعل اعلمك ما أغفلك من نفسك، فإنّك مترفٌ قد أخذ منك الشيطان مأخذه، فجرى منك مجرى الدم في العروق.

كتاب صفّين ص ١٢٢، نهج البلاغة ٢: ١١، شرح ابن أبي الحديد ٣: ٤١٢.

٢١ - من كتاب لهعليه‌السلام إلى الرَّجل: فاتّق الله فيما لديك، وانظر في حقّه عليك، وراجع إلى معرفة ما لا تعذر بجهالته، فإنَّ للطاعة أعلاماً واضحة، وسبلاً نيّرة، ومحجّة نهجةً، وغايةً مطلوبةً يردها الأكياس، ويخالفها الأنكاس، من نكّب عنها جار

____________________

١ - فى نهج البلاغة: باسق.

١٥٠

عن الحقّ، وخَبط في التيه، وغيَّر الله نعمته، وأحلّ به نِقمته، فنفسك نفسك، فقد بيَّن الله لك سبيلك، وحيث تناهت بك اُمورك فقد أجريت إلى غاية خسرٍ ومحلّة كفر وإنَّ نفسك قد أولجتك شرًّا، وأقحمتك غيّاً، وأوردتك المهالك، وأوعرت عليك المسالك.

نهج البلاغة ٢: ٣٦، ٣٧.

٢٢ - من كتاب لهعليه‌السلام إلى الرجل جواباً: أمّا بعد: فإنّا كنّا نحن وأنتم على ما ذكرتَ من الالفة والجماعة، ففرّق بيننا وبينكم أمس انّا آمنّا وكفرتم، واليوم إنّا استقمنا وفُتنتم، وما أسلم مسلمكم إلَّا كرها، وبعد أن كان أنف الإسلام كلّه لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حِرباً.

ومنه: وعندي السيف الذي أعضضته بجدِّك وخالك وأخيك في مقام واحد، و انّك والله ما علمتُ لأغلف القلب، المقارب(١) العقل، والأولى أن يقال لك: إنّك رقيت سلّماً أطلعك مطلع سوء عليك لآلك، لأنّك نشدت غير ضالّتك، ورعيت غير سائمتك، وطلبت أمراً لست من أهله ولا في معدنه، فما أبعد قولك من فعلك، وقريبٌ ما أشبهت من أعمام وأخوال حملتهم الشقاوة وتمنّى الباطل على الجحود بمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فصرعوا مصارعهم حيث علمت، لم يدفعوا عظيماً، ولم يمنعوا حريماً بوقع سيوف ما خلا منها الوغى، ولم تُماشها الهويني(٢) .

نهج البلاغة ٢: ١٢٤.

٢٣ - من كتاب لهعليه‌السلام إلى الرّجل جواباً: وأمّا قولك: إنّا بنو عبد مناف ليس لبعضنا على بعض فضل، فلعمري انّا بنو أب واحد، ولكن ليس اُميّة كهاشم، ولا حرب كعبد المطلب، ولا أبو سفيان كأبي طالب. ولا المهاجر كالطليق، ولا الصريح كاللصيق، ولا المحقُّ كالمبطل، ولا المؤمن كالمدغل، ولبئس الخلف خلفٌ يتَّبع سلفاً هوى في نار جهنّم(٣)

____________________

١ - مقارب العقل: ناقصه ضعيفه.

٢ - أى لم ترافقها المساهلة.

٣ - راجع ج ٣: ٢٢٤.

١٥١

قال ابن أبي الحديد في شرح ذيل هذا الكلام ج ٣: ٤٢٣: هل يُعاب المسلم بأنَّ سلفه كان كفّاراً؟ قلت: نعم إذا تبع آثار سلفه، واحتذى حذوهم، وأمير المؤمنينعليه‌السلام ما عاب معاوية بأنَّ سلفه كفّارٌ فقط، بل بكونه متَّبعاً لهم.

٢٤ - من كتاب لهعليه‌السلام إلى الرّجل: ما أنت والفاضل والمفضول؟ والسائس و المسوس؟ وما للطلقاء وأبناء الطلقاء والتمييز بين المهاجرين الأوَّلين، وترتيب درجاتهم وتعريف طبقاتهم؟ هيهات لقد حنّ قِدحٌ ليس منها، وطفق يحكم فيها مَن عليه الحكم لها، ألا تربعُ أيُّها الإنسان على ظلعك، وتعرف قصور ذرعك؟ وتتأخّر حيث أخّرك القَدَر، فما عليك غلبة المغلوب، ولا لك ظفر الظافر، وإنك لذهّابٌ في التيه، روّاغٌ عن القصد.

نهج البلاغة ٢: ٣٠، صبح الأعشى ١: ٢٢٩، نهاية الأرب ٧: ٢٣٣.

٢٥ - من كتاب لهعليه‌السلام إلى مخنف بن سليم: إنّا قد هممنا بالسير إلى هؤلاء القوم الذين عملوا في عباد الله بغير ما أنزل الله، واستأثروا بالفئ، وعطَّلوا الحدود، وأماتوا الحقَّ، وأظهروا في الأرض الفساد، واتَّخذوا الفاسقين وليحة من دون المؤمنين، فاذا وليُّ الله أعظمَ أحداثهم أبغضوه وأقصوه وحرموه، وإذا ظالمٌ ساعدهم على ظلمهم أحبّوه وأدنوه وبرّوه، فقد أصرّوا على الظلم، وأجمعوا على الخلاف، وقديماً صدّوا عن الحقِّ، وتعاونوا على الإثم وكانوا ظالمين.

شرح ابن أبي الحديد ١: ٢٨٢.

٢٦ - من كتاب لهعليه‌السلام إلى عمرو بن العاصي: لا تجارين(١) معاوية في باطله، فإنَّ معاوية غمص(٢) الناس، وسفه الحقّ.

كتاب صفين ص ١٢٤، نهج البلاغة ٢: ٥٦، شرح ابن أبي الحديد ١: ١٨٩، و ج ٤: ١١٤.

٢٧ - من كتاب لهعليه‌السلام إلى عمرو بن العاصي: أمِّا بعد: فانّك تركت مروءتك لامرئ فاسق مهتوك ستره، يشين الكريم بمجلسه، ويسفه الحليم بخلطته، فصار قلبك

____________________

١ - فى شرح النهج: لا نشرك.

٢ - غمص الناس: احتقرهم ولم يرهم شيئاً.

١٥٢

لقلبه تبعاً كما قيل: وافق شنٌّ طبقه، فسلبك دينك وأمانتك ودنياك وآخرتك. راجع الجزء الثاني من كتابنا هذه ص ١١٨ وفيه قوله: فإن يمكن الله منك ومن ابن آكلة الأكباد ألحقتكما بمن قتله الله من ظلمة قريش على رسول الله، وان تعجزا وتبقيا بعدي فالله حسبكما، وكفى بانتقامه انتقاماً، وبعقابه عقاباً.

٢٨ - من كتاب له صلوات الله عليه إلى محمّد بن أبي بكر وأهل مصر: إيّاكم ودعوة الكذّاب ابن هند، وتأمّلوا واعلموا أنّه لا سواء إمام الهدى، وإمام الرَّدى، ووصيُّ النبيِّ وعدوُّ النبيِّ، جعلنا الله وإيّاكم ممَّن يحبُّ ويرضى.

شرح ابن أبي ألحديد ٢: ٢٦، جمهرة الرسائل ١: ٥٤١.

٢٩ - من كتاب لهعليه‌السلام إلى محمّد بن أبي بكر وقد بعث إليهعليه‌السلام ما كتبه معاوية وعمرو إليه وسيوافيك نصّه: قد قرأت كتاب الفاجر ابن الفاجر معاوية، والفاجر ابن الكافر عمرو، المتحابّين في عمل المعصية، والمتوافقين المرتشيين في الحكومة، المنكرين(١) في الدنيا، قد استمتعوا بخلاقهم كما استمتع الذين من قبلهم بخلاقهم، فلا يضرّنك إرعادهما وإبراقهما.

تاريخ الطبري ٦، ٥٨، شرح ابن أبي الحديد ٢: ٣٢.

٣٠ - من كتاب لهعليه‌السلام إلى أهل العراق: فأيقظوا رحمكم الله نائمكم، وأجمعوا على حقِّكم، وتجرّدوا لحرب عدوّكم، قد أبدت الرغدة عن الصريح، وبانَ الصبح لذي عينين، إنَّما تقاتلون الطلقاء وأبناء الطلقاء، وأولي الجفاء، ومَن أسلم كرهاً وكان لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنف الاسلام كلّه حربا، أعداء الله والسنّة والقرآن، وأهل الأحزاب والبدع والأحداث، ومَن كانت بوائقه تُتّقى، وكان على الإسلام مخوّفاً، أكلة الرشا وعَبدة الدنيا، لقد اُنهي إليَّ أنّ ابن النابغة لم يبايع معاوية حتى أعطاه، وشرط عليه أن يُعطيه إتاوةً هي أعظم ممّا في يديه من سلطانه، ألا صفرت يد هذا البايع دينه بالدنيا، وتربت يد هذا المشتري نصرة غادر فاسق بأموال المسلمين، وانّ منهم لمن قد شرب فيكم الخمر وجلد حدّاً في الإسلام(٢) يُعرف بالفساد في الدين والفعل السيِّء، وإنّ فيهم

____________________

١ - المنكرين بصيغة المفعول، وفى شرح ابن أبى الحديد: والمتكبرين على أهل الدين.

٢ - يعنى الوليد بن عقبة.

١٥٣

من لم يُسلم حتى رُضخ له على الإسلام رضيخة(١) فهؤلاء قادة القوم، ومَن تركتُ ذكر مساوئه من قادتهم مثل مَن ذكرت منهم بل هو شرٌّ وأضرّ، وهؤلاء الذين ذكرت لو ولّوا عليكم لأظهروا فيكم الكبر والفخر والفجور والتسلّط بجبرته، والتطاول بالغضب، والفساد في الأرض، ولأتّبعوا الهوى، وما حكموا بالرشاد [إلى قوله:] أفلا تسخطون وتهتمّون أن ينازعكم الولاية عليكم سفهاؤكم والأشرار والأراذل منكم فاسمعوا قولي وأطيعوا أمري، فوالله لئن أطعتموني لا تغوون، وإن عصيتموني لا ترشدون خذوا للحرب أهبتها، وأعدّوا لها عدَّتها، فقد شبّت نارها، وعلا سنانها، وتجرّد لكم فيها الفاسقون كي يعذّبوا عباد الله، ويطفئوا نور الله، ألا أنّه ليس اولياء الشيطان من أهل الطمع والمكر والجفاء بأولى في الجدّ في غيّهم وضلالتهم من أهل البرِّ والزهادة والاءخبات في حقِّهم وطاعة ربّهم، والله لو لقيتهم فرداً وهم ملء الأرض ما باليت ولا استوحشت، وإنِّي من ضلالتهم التي هم فيها، والهدى الذي نحن عليه، لعلى ثقة وبيّنة ويقين وبصيرة، وإنِّي إلى لقاء ربّي لمشتاق، ولحسن ثوابه لمنتظر، ولكنّ أسفاً يعتريني وحزناً يخامرني أن يلي أمر هذه الاُمّة سفاؤها وفجّارها فيتَّخذوا مال اللهُ دولا، و عباد الله خولا، والصالحين حَربا، والقاسطين حزبا.

الإمامة والسياسة ١: ١١٣، شرح ابن أبي الحديد ٢: ٣٧.

٣١ - من كتاب لهعليه‌السلام إلى زياد بن أبيه: إنَّ معاوية كالشيطان الرجيم يأتي المرء من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله، فاحذره ثمَّ احذره ثمَّ احذره، والسَّلام.

شرح ابن أبي الحديد ٤: ٦٨.

٣٢ - من خطبة لهعليه‌السلام حين أمر أصحابه بالمسير إلى حرب معاوية قال: سيروا إلى أعداء الله، سيروا إلى أعداء السنن والقرآن، سيروا إلى بقيّة الأحزاب قتلة المهاجرين والأنصار.

كتاب صفين ص ١٠٥، جمهرة الخطب ١: ١٤٢.

٣٣ - من خطبة لهعليه‌السلام في الدعوة إلى جهاد الرجل: نحن سائرون إنشاء الله إلى من سَفه نفسه، وتناول ما ليس له وما لا يدركه، معاوية وجنده الفئة الباغية الطاغية،

____________________

١ - يعنى معاوية. راجع جمهرة الرسائل ١: ٥٥١.

١٥٤

يقودهم إبليس ويبرق لهم ببارق تسويفه، ويدلّيهم بغروره.

كتاب صفين ص ١٢٦.

٣٤ - من خطبة له سلام الله عليه يوم صفين: ثمّ أتاني الناس وأنا معتزل أمرهم فقالوا لي: بايع. فأبيت عليهم، فقالوا لي: بايع فإنّ الاُمّة لا ترضى إلّا بك، وإنّا نخاف إن لم تفعل أن يفترق الناس. فبايعتهم، فلم يَرعني إلّا شقاق رجلين قد بايعاني، وخلاف معاوية إيّاي الذي لم يجعل الله له سابقةً في. الدِّين، ولا سلف صدق في الإسلام، طليقٌ ابن طليق، وحزبٌ من الأحزاب لم يزل لِلَّه ولرسوله وللمسلمين عدوّاً هو وأبوه حتّى دخلا في الإسلام كارهين مكرَهين، فعجبنا لكم(١) ولإجلابكم معه، وانقيادكم له، وتدَعون أهل بيت نبيّكمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذين لا ينبغي لكم شقاقهم ولا خلافهم، ولا أن تعدلوا بهم أحداً من الناس، إنِّي أدعوكم إلى كتاب الله عزَّ وجلَّ وسنّة نبيّكمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإماتة الباطل، وإحياء معالم الدين.

كتاب صفّين ص ٢٢٧، تاريخ الطبري ٦ ص ٤، جمهرة الخطب ١: ١٦١.

٣٥ - من خطبة لهعليه‌السلام يوم صفّين: إنهدوا إليهم، عليكم السكينة والوقار، وقار الإسلام، وسيمى الصالحين، فوالله لأقرب قوم من الجهل قائدهم ومؤذنهم معاوية وابن النابغة وأبو الأعور السلمي وابن أبي معيط شارب الخمر، المجلود حدّاً في الإسلام، وهم أولى مَن يقومون فينقّصونني ويجذبونني وقبل اليوم ما قاتلوني، وأنا إذ ذاك أدعوهم إلى الإسلام، وهم يدعونني إلى عبادة الأصنام، ألحمد لِلَّه قديماً عاداني الفاسقون، فعبّدهم(٢) الله، ألم يفتحوا؟(٣) إنَّ هذا لهو الخطب الجليل، إنَّ فُسّاقاً كانوا غير مرضيِّين، وعلى الإسلام وأهله متخوَّفين، خدعوا شطر هذه الاُمّة، واشربوا قلوبهم حبَّ الفتنة، واستمالوا أهواءهم بالإفك والبهتان، قد نصبوا لنا الحرب في إطفاء نور الله عزَّ وجلَّ، أللهمَّ فافضض خدمتهم(٤) وشتّت كلمتهم، وأبسلهم بخطاياهم، فانّه لا يذلّ مَن واليتَ، ولا يعزّ من عاديت.

____________________

١ - عند ابن أبى الحديد: فيا عجباً لكم. الطبرى: فلا غرو الا خلافكم معه.

٢ - أى ذللهم. المعبد: المذلل.

٣ - الفتح: القهر والغلبة والتذليل.

٤ - أى: فرّق بينهم.

١٥٥

تاريخ الطبري ٦: ٢٤، كتاب صفين ص ٤٤٥.

٣٦ - من خطبة لهعليه‌السلام بصفّين: وقد عهد إليَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عهداً، فلست أحيد عنه، وقد حضرتم عدوَّكم، وعلمتم أنَّ رئيسهم منافق ابن منافق يدعوهم إلى النار، وابن عمّ نبيّكم معكم وبين أظهركم يدعوكم إلى الجنّة وإلى طاعة ربّكم، والعمل بسنَّة نبيِّكم، ولا سواء مَن صلّى قبل كلِّ ذكر، لا يسبقني الصّلاة مع رسول الله أحد وأنا من أهل بدر، ومعاوية طليقٌ ابن طليق، والله إنّا على الحقِّ وانّهم على الباطل، فلا يجتمعن على باطلهم، وتتفرّقوا عن حقِّكم حتّى يغلب باطلهم حقّكم، قاتلوهم يعذِّبهم الله بأيديكم، فإن لم تفعلوا يعذِّبهم بأيدي غيركم.

كتاب صفّين ص ٣٥٥، شرح ابن أبي الحديد ١: ٥٠٣، جمهرة الخطب ١: ١٧٨.

٣٧ - من خطبة لهعليه‌السلام : أمّا بعد: فإنّ الله قد أحسن بلاءكم، وأعزّ نصركم فتوجّهوا من فوركم هذا إلى معاوية وأشياعه القاسطين، الذين نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم واشتروا به ثمناً قليلاً فبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون.

الإمامة والسياسة ١: ١١٠، تاريخ الطبري ٦: ٥١، مروج الذهب ٢: ٣٨، شرح ابن أبي الحديد ١: ١٧٩، جمهرة الخطب ١: ٢٣١.

٣٨ - من خطبة لهعليه‌السلام يستنفر الناس لقتال معاوية: يا أيّها الناس استعدّوا لقتال عدوّ في جهادهم القربة إلى الله عزَّ وجلَّ ودرك الوسيلة عنده، قومٌ حيارى عن الحقِّ لا يبصرونه، موزعين بالجور والظلم لا يعدلون به، جفاةٌ عن الكتاب، نُكّبٌ عن الدين، يعمهون في الطغيان، ويتسكّعون في غمرة الضَّلال، فأعدّوا لهم ما استطعتم من قوَّة ومن رباط الخيل، وتوكّلوا على الله وكفى بالله وكيلا.

كتاب صفّين، تاريخ الطبري ٦: ٥١، الإمامة والسياسة ١: ١١٠، شرح ابن أبي الحديد ١: ١٧٩.

٣٩ - من خطبة لهعليه‌السلام لمـّا رفع أهل الشام المصاحف على الرماح: عباد الله إنِّي أحقّ مَن أجاب إلى كتاب الله ولكنَّ معاوية وعمرو بن العاص وابن أبي معيط وحبيب بن مسلمة وابن أبي سرح ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن، إنّي أعرف بهم منكم، صحبتهم أطفالاً، وصحبتهم رجالاً، فكانوا شرّ أطفال وشرَّ رجال، انّها كلمة حقّ يراد بها الباطل،

١٥٦

انّهم والله ما رفعوها انّهم يعرفونها ويعملون بها، ولكنّها الخديعة والوهن والمكيدة، أعيروني سواعدكم وجماجمكم ساعةً واحدةً، فقد بلغ الحقّ مقطعه، ولم يبق إلّا أن يقطع دابر الذين ظلموا.

كتاب صفّين ص ٥٦٠، تاريخ الطبري ٦: ٢٧، الكامل لابن الأثير ٣: ١٣٦،

٤٠ - قيل لعليّ ( سلام الله عليه ) يوم صالح: أتقرّ انّهم مؤمنون مسلمون؟ فقال عليٌّ: ما اُقرّ لمعاوية ولا لأصحابه انّهم مؤمنون ولا مسلمون، ولكن يكتب معاوية ما شاء بما شاء لنفسه ولأصحابه، ويسمّي نفسه بما شاء وأصحابه.

كتاب صفّين ص ٥٨٤، شرح ابن أبي الحديد ١: ١٩١.

٤١ - كان عليٌّعليه‌السلام إذا صلّى الغداة يقنت فيقول: أللّهمَّ العن معاوية، وعمراً، وأبا الأعور السّلمي، وحبيباً، وعبد الرَّحمن بن خالد، والضحّاك بن قيس، والوليد. وكانت عائشة تدعو في دبر الصّلاة على معاوية.

مرَّ الحديث بتفصيله في ج ٢: ١٢٠، ١٢١ ط ١.

٤٢ - كتب معاوية كتاباً إلى أبي أيّوب الأنصاري صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأخبر بذلك عليّاًعليه‌السلام فقال: يا أمير المؤمنين! إنَّ معاوية كهف المنافقين كتب إليَّ بكتاب.

شرح ابن أبي الحديد ٢: ٢٨٠.

٤٣ - من كتاب لقيس بن سعد بن عبادة أمير الخزرج إلى معاوية مرَّ في ج ٢: ٨٩ ط ١، أمّا بعد: فإنّما أنت وثن ابن وثن، دخلت في الإسلام كرهاً، وخرجت منه طوعاً، لم يقدم إيمانك، ولم يحدث نفاقك. ومنه: ونحن أنصار الدين الذي خرجت منه، وأعداء الدين الذي دخلت فيه.

وفي لفظ: أمّا بعد: فإنَّما أنت وثنيّ ابن وثنيّ، دخلت في الإسلام كرهاً، وأقمت فيه فرقاً.

وخرجت منه طوعاً، ولم يجعل الله لك فيه نصيباً لم يقدم إيمانك، ولم يحدث نفاقك، ولم تزل حرباً لِلَّه ولرسوله، وحزباً من أحزاب المشركين، وعدوّاً لِلَّه ولنبيّه وللمؤمنين من عباده. الخ.

٤٤ - من كلام لقيس لمـّا بويع معاوية: يا معشر النَّاس؟ لقد اعتضتم الشرّ من الخير، واستبدلتم الذلّ من العزِّ، والكفر من الإيمان، فأصبحتم بعد ولاية أمير المؤمنين

١٥٧

وسيّد المسلمين، وابن عمِّ رسول ربّ العالمين، وقد وليكم الطليق ابن الطليق، يسومكم الخسف، ويسير فيكم بالعسف، فكيف تجهل ذلك أنفسكم؟ أم طبع الله على قلوبكم وأنتم لا تعقلون؟. راجع ج ٢: ٩٣ ط ١.

٤٥ - من كتاب آخر لقيس إلى الرَّجل: تأمرني بالدخول في طاعتك طاعة أبعد الناس من هذا الأمر، وأقولهم للزور، وأضلّهم سبيلاً، وأبعدهم من رسول الله وسيلة، ولديك قومٌ ضالّون مضلّون، طاغوت من طواغيت ابليس. راجع ج ٢: ٨٨ ط ١

٤٦ - كتب محمّد بن أبي بكر إلى معاوية: بسم الله الرَّحمن الرّحيم. من محمّد بن أبي بكر إلى الغاوي معاوية بن صخر. سلامٌ على اهل طاعة الله ممّن هو مسلمٌ لأهل ولاية الله.

أمّا بعد: فإنَّ الله بجلاله وعظمته وسلطانه وقدرته خلق خلقاً بلا عنت ولا ضعف في قوَّته؟ ولا حاجة به إلى خلقهم، ولكنّه خلقهم عبيداً، وجعل منهم شقيّاً وسعيداً، و غويّاً ورشيداً، ثمّ اختارهم على علمه، فاصطفى وانتخب منهم محمّداًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاختصّه برسالته، واختاره لوحيه، وائتمنه على أمره وبعثه رسولاً مصدِّقاً لما بين يديه من الكتب ودليلاً على الشرائع، فدعا إلى سبيل ربِّه بالحكمة والموعظة الحسنة، فكان أوّل من أجاب وأناب، وصدّق ووافق، وأسلم وسلّم أخوه وابن عمِّه عليُّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، فصدّقه بالغيب المكتوم، وآثره على كلّ حميم، فوقاه كلَّ هول، وواساه بنفسه في كلّ خوف، فحارب حربه، وسالم سلمه، فلم يبرح مبتذلاً لنفسه في ساعات الأزل(١) ومقامات الروع، حتى برز سابقاً لا نظير له في جهاده، ولا مقارب له في فعله، وقد رأيتك تساميه وأنت أنت، وهو هو، المبرّز السابق في كلّ خير، أوّل الناس إسلاماً، وأصدق الناس نيّة، وأطيب الناس ذرّيّة، وأفضل الناس زوجة، وخير الناس ابن عمّ، وأنت اللعين ابن اللعين ثمّ لم تزل أنت وأبوك تبغيان الغوائل لدين الله، وتجهدان على إطفاء نور الله، وتجمعان على ذلك الجموع، وتبذلان فيه المال، وتحالفان فيه القبائل، على ذلك مات أبوك، و على ذلك خلفته، والشاهد عليك بذلك من يأوي ويلجأ إليك من بقيّة الأحزاب ورؤس النفاق والشقاق لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والشاهد لعليّ مع فضله المبين، وسبقه القديم، أنصاره

____________________

١ - الازل: الضيق والشدة.

١٥٨

الذين ذُكروا بفضلهم في القرآن، فأثنى الله عليهم من المهاجرين والأنصار، فهم معه عصائب وكتائب حوله، يُجالدون بأسيافهم ويُهريقون دماءهم دونه، يرون الفضل في اتّباعه، والشقاء في خلافه، فكيف - يا لكَ الويل - تعدل نفسك بعليّ؟ وهو وارث رسول الله ووصيّه وأبو ولده، وأوّل الناس اتّباعا، وآخرهم به عهدا، يخبره بسرّه، و يُشركه في أمره، وأنت عدوّه وابن عدوّه؟ فتمتّع ما استطعت بباطلك، وليمدد لك ابن العاصي في غوايتك، فكأنّ أجلك قد انقضى، وكيدك قد وهى، وسوف يستبين لمن تكون العاقبة العليا، وأعلم انّك إنّما تكايد ربّك الذي قد أمنت كيده، وأيست من روحه، وهو لك بالمرصاد، وأنت منه في غرور. وبالله وأهل رسوله عنك الغناء، والسَّلام على مَن اتّبع الهدى.

مروج الذهب ٢: ٥٩، كتاب صفين ص ١٣٢، شرح ابن ابى الحديد ١: ٢٨٣ جمهرة الرسائل ١: ٥٤٢.

٤٧ - من كتاب آخر لمحمّد بن أبي بكر إلى معاوية: أنا أرجو أن تكون الدائرة عليكم، وأن يهلككم الله في الوقعة، وأن ينزل بكم الذلّ، وأن تولّوا الدبر، وإن تؤتوا النصر ويكن لكم الأمر في الدنيا، فكم لعمري من ظالم قد نصرتم، وكم من مؤمن قد قتلتم ومثلتم به، وإلى الله مصيركم ومصيرهم وإلى الله مردُّ الاُمور، وهو أرحم الراحمين.

تاريخ الطبري ٦: ٥٨، شرح ابن ابي الحديد ٢: ٣٢.

٤٨ - قال معن بن يزيد بن الأخنس السَّلمي الصحابي ممّن شهد بدراً لمعاوية: ما ولدت قرشيّة من قرشيّ شرّاً منك. الأصابة ٣: ٤٥٠.

٤٩ - من كتاب الإمام السبط أبي محمّد الحسنعليه‌السلام إلى معاوية: فاليوم فليتعجّب المتعجِّب من توثّبك يا معاوية! على أمر لست من أهله، لا بفضل في الدين معروف، ولا أثر في الاسلام محمود، وأنت ابن حزب من الأحزاب، وابن أعدى قريش لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولكتابه، والله حسيبك فستردّ وتعلم لمن عقبى الدار، وبالله لتلقينَّ عن قليل ربّك ثمَّ ليجزينّك بما قدَّمت يداك، وما الله بظلّام للعبيد.

مقاتل الطالبيين ص ٢٢، شرح ابن ابي الحديد ٤: ١٢، جمهرة الرسائل ٢: ٩

١٥٩

٥٠ - لّما قدم معاوية المدينة صعد المنبر فخطب وقال: مَن ابن علي؟ ومَن عليّ؟ فقام الحسن فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال: إنّ الله عزَّ وجلَّ لم يبعث بعثاً إلّا جعل له عدوَّاً من المجرمين، فأنا ابن علي وأنت ابن صخر، وامّك هند وامّي فاطمة، وجدّتك قتيلة وجدّتي خديجة، فلعن الله ألأمنا حسباً، وأخملنا ذكراً، وأعظمنا كفراً، وأشدّنا نفاقاً، فصاح أهل المسجد: آمين آمين. فقطع معاوية خطبته ودخل منزله(١) .

وفي لفظ:

خطب معاوية بالكوفة حين دخلها، والحسن والحسين رضي الله عنهما جالسان تحت المنبر، فذكر عليّاًعليه‌السلام فنال منه ثمَّ نال من الحسن، فقام الحسين ليردّ عليه، فأخذه الحسن بيده فأجلسه ثمّ قام فقال:

أيّها الذاكر عليّاً! أنا الحسن وأبي عليٌّ، وأنت معاوية، وأبوك صخر، واُمِّي فاطمة، وامّك هند، وجدّي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجدّك عتبة بن ربيعة، وجدّتي خديجة، وجدّتك قُتيلة، فلعن الله أخملنا ذكراً، وألأمنا حسباً، وشرّنا قديماً وحديثاً، وأقدمنا كفراً ونفاقاً. فقال طوائف من أهل المسجد: آمين(٢) .

٥١ - أرسل معاوية إلى الحسن ( السبط الزكي ) يسأله أن يخرج فيقاتل الخوارج فقال الحسن: سبحان الله تركت قتالك وهو لي حلال لصلاح الاُمّة واُلفتهم، أفتراني اُقاتل معك؟. شرح ابن أبي الحديد ٤: ٦،

٥٢ - كتب الإمام السبط أبو عبد اللهعليه‌السلام إلى معاوية: أمّا بعدُ: فقد جاءني كتابك تذكر فيه أنّه انتهت إليك عنّي امور لم تكن تظنّن بها رغبةً بي عنها، وإنّ الحسنات لا يهدي لها ولا يُسدّد إليها إلّا الله تعالى، وأمّا ما ذكر انّه رُقِّي إليك عنّي، فإنّما رقّاه المـَلاّقون المشّاءون بالنميمة، المفرّقون بين الجمع، وكذب الغاوون المارقون، ما أردت حرباً ولا خلافاً، وإنّي لأخشى الله في ترك ذلك منك ومن حِزبك القاسطين المحلّين، حزب الظالم، وأعوان الشيطان الرجيم.

ألستَ قاتل حُجر وأصحابه العابدين المخبتين الذين كانوا يستفظعون البدع، و

____________________

١ - المستطرف ١: ١٥٧، الاتحاف ص ١٠.

٢ - شرح ابن ابى الحديد ٤: ١٦.

_١٠_

١٦٠