الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء ١١

الغدير في الكتاب والسنة والأدب0%

الغدير في الكتاب والسنة والأدب مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 402

الغدير في الكتاب والسنة والأدب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الشيخ الأميني
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الصفحات: 402
المشاهدات: 128343
تحميل: 2225


توضيحات:

الجزء 1 المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11
المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 402 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 128343 / تحميل: 2225
الحجم الحجم الحجم
الغدير في الكتاب والسنة والأدب

الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء 11

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

سنة ١٠٣٠ واجاز له استاذه في شهر رجب وكتب اجازته عليه، وقال صاحب « مفتاح التواريخ » ما معناه: إنّه توفّي يوم الثلثا ١٢ شوّال سنة ١٠٣٠. توفّي باصبهان ونقل جسمانه قبل الدّفن إلى مشهد الرِّضا عملاً بوصيته ودفن بها في داره قريباً من الحضرة المشرّفة، وقد اُتيحت لي زيارته سنة ١٣٤٨، رثاه تلميذه العلامة الشيخ إبراهيم العاملي البازروني بقوله:

شيخ الأنام بهاء الدّين لا برحت

سحائب العفو ينشيها له الباري

مولى به اتّضحت سبل الهدى وغدا

لفقده الدّين في ثوب من القارِ

والمجد أقسم لا تبدو نواجده

حزناً وشقَّ عليه فضل أطمارِ

والعلم قد درست آياته وعفت

عنه رسوم أحاديث وأخبارِ

كم بكر فكر غدت للكون فاقدة

ما دنّستها الورى يوماً بأنظارِ؟

كم خرَّ لمـّا قضى للعلم طود علاً

ما كنت أحسبه يوماً بمنهارِ؟

وكم بكته محاريب المساجد إذ

كانت تضيىء دجىً منه بأنوارِ؟

فاق الكرام ولم تبرح سجيّته

إطعام ذي سغب مع كسوة العاري

جلّ الّذي اختار في طوس له جدثاً

في ظلِّ حامي حماها نجل أطهارِ

الثّامن الضّامن الجنّات أجمعها

يوم القيامة من جود لزوّارِ

عثرة لا تقال

لقد جاء الكاتب الفارسيّ ( سعيد النّفيسي ) فيما ألّفه من ترجمة حياة شيخنا بهاء الملّة والدّين كحاطب ليل، فضمَّ إلى الدرّة بعرة، وأتى بأشياء لا شاهد لها من التاريخ، وخفيت عليه حقايق ناصعة، فطفق يثبت التافهات بالأوهام، ويؤيّد مزاعمه بالمضحكات، فممّا باء بخزايته ما حسبه من أنَّ الشَّيخ عبد الصَّمد أخا الشيخ البهائي أكبر منه سنّاً، ودعم هذه الدَّعوى بأنَّ الشّيخ عبد الصّمد توفّي قبل أخيه بعشر سنين، فكأنَّه يزعم أنَّ ترتيب الموت كترتيب الولادة، فكما انَّ المولود أوّلا هو أكبر الاُخوة فكذلك المتوفّى أوّلاً.

وبأنَّ الشّيخ عبد الصَّمد كان يسمّى باسم جدَّه فلو كان البهائي أكبر الاُخوة

٢٨١

لاختصَّ هو باسم جدّه وكان لأخيه اسم جدّه الأعلى. فكأنَّه يرى ذلك مطّرداً في الأسماء ولكن متى اطّرد ذلك؟ وممَّن جاء النصُّ؟ ولماذا هذا الإصرار والدؤب عليه؟ أنا لا أدري، والنفيسيُّ ايضاً لا يدري، ووالد الشيخين وما ولد ايضاً لا يدرون.

وبأنَّ الشّيخ عبد الصَّمد ما غادر عاملة مع أبيه لمـّا سافر أبوه إلى البلاد الفارسيّة سنة ٩٦٦ وإنّما صحبه الشّيخ البهائي، ويظنُّ انِّه هرب إلى المدينة المنوَّرة، فلو لم يكن أكبر من الشّيخ البهائي لم يسعه أن يفارق أباه يوم فرَّ من الفتنة الواقعة بعاملة إلى إيران. وقد خفي على المسكين أنَّ الشّيخ عبد الصَّمد صحب أباه في بطن امِّه يوم غادر بلاده، وهو وليد ايران بقزوين بنصّ من أبيه الشّيخ الحسين في سنة الفتنة المذكورة ٩٦٦، ولم نعرف من اين أتى الرّجل بفرار الشّيخ عبد الصَّمد إلى المدينة سنة ٩٦٦.

وبأنَّ الشّيخ البهائي ألّف كتابه ( الفوائد الصَّمديّة ) في النحو باسم أخيه الشيخ عبد الصّمد، وبطبع الحال انّ الصغير يسم تأليفه باسم الكبير ويندر خلاف ذلك إلّا من اناس حنّكهم ترويض النّفس.

هكذا لفّق الرَّجل السّفاسف في إثبات مزعمته، فسوَّد صحيفة تاريخه بما لا يقبله العقل والمنطق، وقد خفي على المغفّل انَّ الشيخ حسين والد الشيخين: البهائي وأخيه أرَّخ ولادتهما في كتاب محكيّ عنه في [رياض العلماء ] في ترجمته ولفظه: ولدت المولودة الميمونة بنتي ليلة الاثنين، ثالث شهر صفر سنة خمسين وتسعمائة. وأخوها أبو الفضائل محمّد بهاء الدّين أصلحه الله وأرشده عند غروب الشّمس يوم الأربعاء سابع عشرين ذي الحجّة سنة ثلث وخمسين وتسعمائة. واُختها امّ أيمن سلمى بعد نصف الليل سادس عشر محرّم سنة خمس وخمسين وتسعمائة. وأخوهم أبو تراب عبد الصَّمد ليلة الأحد وقد بقي من اللّيل نحو ساعة ثالث شهر صفر سنة ستّ وستّين وتسعمائة في قزوين. وابن اخته السيّد محمّد ليلة السّبت ثامن عشرين صفر من السَّنة المذكورة في قزوين.١ه.

فالشّيخ البهائي أكبر من أخيه الشّيخ عبد الصَّمد رغم تلكم التلفيقات اثنى عشر عاماً وستّة وثلثين يوماً.

وكان للرَّجل أن يستفيد كبر الشيخ البهائي من إجازة والده

٢٨٢

الشيخ حسين له ولأخيه من تقديمه إيّاه بالذِّكر على أخيه قال: فقد أجزت لولدي بهاء الدّين محمّد وأبي رجب عبد الصَّمد حفظهم الله تعالى بعد أن قرأ عليَّ ولدي الأكبر جملة كافية جميلة من العلوم العقليَّة والنقليّة. إلخ.

وكذلك تقديم مشايخ الإجازة ذكر الشيخ البهائي مهما ذكروه وأخاه في إجازاتهم والإستدلال بمثل هذه كان خيراً له من أساطيره التي تحذلق بها.

ونحن في هذا المقام نضرب صفحاً عن كلِّ ما هو من هذا القبيل في صفحات كتابه التّي شوَّه بها سمعة التاريخ، والّذي يهمّنا الآن التعرّض لما تورَّط به من التجرِّي على علماء الدّين وأساطين المذهب، وهو لا يزال يحاول ذلك في حلّه وترحاله، غير أنَّه حسب انَّه وجد فسحةً لإبانة ما يدور في خلده على لسان شيخنا بهاء الملّة والدّين، وإن كان خاب في ذلك وفشل، قال ما معناه: أمّا الإشارات التي توجد للبهائي في مثنويَّة ( نان وحلوا ) في حقِّ المتشرِّعين المرائين فلم يرد بها السيِّد الداماد وإنّما أراد بها الفقهاء القشريّين الجامدين، المعجبين بالظواهر، المنكرين للتصوّف والذوق، أمثال المولى أحمد الأردبيلي، وكانوا كثيرين في عصره، وكان على الضدِّ منهم السيّد الداماد الذي كان حكيماً مفكّرا ولم يكن فيه شيىءٌ ممّا ذكر.١ه.

كبرت كلمة تخرج من أفواهم، وإنّي لمستعظمٌ جهل هذا الرَّجل المركّب، فإنَّه لا يعرف شيئاً ولا يدري انَّه لا يعرف، فطفق يقع في عُمد المذهب حسبان انَّه علم ما فاتهم، وحفظ ما أضاعوه، فذكر عداد مثل المحقّق الأردبيلي في القشريِّين والفقهاء الظاهريَّة، وهو ذلك الإنسان الكامل، في علمه ودينه، في آرائه النّاضجة وأفكاره العميقة، في نفسيّاته الكريمة وملكاته الفاضلة، في دعوته الإلهيّة وخدماته للمذهب الحقِّ، في عرفانه الصّحيح وحكمته البالغة، وقصارى القول: انَّه جماع الفضائل، ومختبأ المآثر كلّها، ضع يدك على أيّ من المناقب تجده شاهد صدق على شموخ رتبته، وهاتفاً بسموّ مقامه، وتأليفاته الجليلة هي البرهنة الصّادقة لعلوّ كعبه في العلوم كلّها معقولها ومنقولها، والمأثور من غرائزه الكريمة أدلّاء حقّ على تقدّمه في المحاسن ومحامد الشيم نفسيَّة وكسبيَّة، وإنَّك لا تجد إنساناً يشكّ في شيىء من ذلك بالرَّغم

٢٨٣

من هلجة هذا المؤرِّخ القشريِّ الجامد، وكأنِّي بروحيّة المحقّق الأوحد ( الأردبيلي ) يخاطبه بقوله:

ما شير شكاران فضاي ملكوتيم

سيمرغ بدهشت نگرد بر مكس ما

أو بقوله:

غنينا بنا عن كلِّ من لا يُريدنا

وإن كثرت أوصافه ونعوته

ومن صدَّعنّا حسبه الصدُّ والقلا

ومن فاتنا يكفيه أنّا نفوته

ثمَّ أيّ تصوّف يريد الرَّجل فيما عابه من شيخنا العارف الالـ~ـهيّ؟ أيريد ذلك المذهب الباطل الملازم للعقائد الإلحاديّة كالحلول ووحدة الوجود بمعناهما الكفريّ، وأمثالهما والتنصّل عن الطاعات بتحريف الكلم من مواضعها، وتأويل قوله تعالى: واعبد ربّك حتّى يأتيك اليقين. بالرأي الفطير؟ فحاشا شيخنا الأحمد الأوحد وكلّ عالم ربّانيّ من ذلك، وإنَّما هو مذهبٌ يروق كلَّ شقيّ تعيس.

وإن كان يريد العرفان الحقّ والذوق السَّليم الذي كان يعتنقه الأوحديّون من العلماء لدة شيخنا البهائي، وجمال الدين أحمد بن فهد الحليّ، وزرافات من الأعاظم قبلهما وبعدهما؟ فإنّا نجلّ شيخنا الأردبيلي عن التنكّب عنه، بل يحقُّ علينا أن نعدَّه من مشيخة الطريقة والعرفاء بها، وما يوجد في كتابه حديقة الشيعة من التنديد بالصوفيّة فإنَّما هو موجَّهٌ إليهم بما ذكرناه أوَّلاً. ولكن من أين عرف ( النّفيسي ) الحقَّ والباطل من قسمي التصوّف والعرفان؟ والكمّية التي كانت عند شيخنا الأردبيلي؟ وهل هو من حقّه أو باطله؟ أنا لا أدري لكن الله عالم بما تكنّه الصّدور وإنَّ الرّجل تقحَّم غير مستواه، وتطلّع إلى ما قصر عنه. رحم الله امرءاً عرف قدره ولم يتعدَّ طوره.

٢٨٤

القرن الحادي عشر

٨٢

الحرفوشي العاملي

المتوفى ١٠٥٩

يا وردة من فوق بانه

سرّ المحبّة من أبانه؟

أخفيته جهدي وقد

غلغلت في قلبي مكانه

وكتمت أمر صبابتي

وسدلت أستار الصّيانة

ما كنت أحسب أن يكون

الدَّمع يوماً ترجمانه

لولا وضوح الأمر ما

أغرى بنا الواشي لسانه

ولوى عنانك عن شجٍ

شوقاً اليك لوى عنانه

يا ظبية البان الّتي

عند القلوب لها مكانه!

قد أسكرتني مقلتاك

كأنَّ في الأجفان حانه(١)

وكرعت في ماء الصَّبا

ففضحت لين الخيزرانه

أجريت ذكرك في الحمى

وقد اجتلى طرفي جنانه

فلوى القضيب معاطفاً

نظم النّدى فيها جمانه(٢)

واحمرَّ خدّ شقيقها

وافترَّ ثغر الأقحوانه(٣)

فكأنَّني أجريت ذكر

[ المرتضى ] لذوي الديانه

غيث الإلـ~ـه و غوثه

حيث الزَّمان يرى الزّمانه(٤)

____________________

١ - الحان والحانة: موضع بيع الخمر.

٢ - الجمان: اللؤلؤ، والواحدة: جمانة.

٣ - الاقحوان: نبات اوراق زهره. واحدته: اقحوانة

٤ - الزمانة: العاهة. تعطيل القوى.

٢٨٥

كم أودع اللّاجي إليه

من مخاوفه أمانه؟

وأسال فوق المرتجي

سيل الحيا السّاري بنانه؟

أعطاه باريه التقرّب

منه زلفى والمكانه

فغدا القسيم بأمره

يعطى الورى كلّا وشانه

يوري معاديه لظى

ويرى مواليه جنانه

سل عنه إن حمي الوطيس

وأصعد الحامي دخانه

من يلتوي قرصا به(١)

فيه التواء الاُفعوانه؟

حتّى يرويّه و يروي

من دم الجاني سنانه

وينكّص الرايات تعثر

بالجماجم من جبانه

واسأل « بخمّ » كم له

المختار من فضل أبانه؟

واهاً له لو اطلقت

أعدائه شوطاً عنانه

( الشاعر )

الشّيخ محمّد بن عليّ بن أحمد الحرفوشي(٢) الحريريّ الشاميّ العامليّ.

عبقريٌّ مقدَّم من عباقرة العلم والأدب، وأوحديٌّ من أساطين الفضيلة، لم يتحلَّ بمأثرة إلّا وأتبعها بالنّزوع إلى مثلها، وما اختصَّ باكرومة إلّا وراقه أن يتطلّع إلى ما هو أرفع منها، حتّى عادت الفضائل والأحساب عنده كأسنان المشط، أو خطوط الدائرة المنتهية إلى مركزها، ورأيت أنَّ أوسط من وصفه هو سيّدنا المدني الشّيرازي في سلافة العصر ص ٣١٥ قال: منار العلم السّامي، وملتزم كعبة الفضل وركنها الشّامي. ومشكاة الفضائل ومصباحها، المنبر به مساؤها وصباحها. خاتمة أئمَّة العربيَّة شرفاً عرباً، والمرهف من كهام الكلام شباً وغربا. أماط عن المشكلات نقابها، وذلّل

____________________

١ - قرضاب: السيف القطاع.

٢ - نسبة إلى آل حرفوش المنسوبين الى جدهم الاعلى الامير حرفوش الخزاعى الذى عقدت له راية بقيادة فرقة فى حملة أبي عبيدة الجراح على بعلبك. أصلهم من خزاعة العراق. راجع اعيان الشيعة ٥: ٤٤٨.

٢٨٦

صعابها وملك رقابها. وحلَّ للعقول عقالها، وأوضح للفهوم قيلها وقالها. فتدفَّق بحر فوائده وفاض، وملأ بفرائده الوطاب والوفاض. وألَّف بتآليفه شتات الفنون، وصنَّف بتصانيفه الدّر المكنون. إلى زهد فاق به خشوعاً وإخباتاً، ووقار لا توازيه الرَّواسي ثباتا. وتألّه ليس لابن أدهم غرره وأوضاحه، وتقدَّس ليس للسريّ سرّه وايضاحه. وهو شيخ شيوخنا الّذي عادت علينا بركات أنفاسه، واستضأنا بواسطة من ضيا نبراسه. وكان قد انتقل من الشّام إلى بلاد العجم، وقطن بها إلى أن وفد عليه المنون وهجم. فتوفّي بها في شهر ربيع الثّاني سنة تسع وخمسين وألف.

وترجم له شيخنا الحرّ العاملي في ( أمل الآمل )(١) وأثنى عليه بقوله: كان عالماً فاضلاً أريباً ماهراً محقّقا مدقّقا شاعراً أديباً منشياً حافظاً أعرف اهل عصره بالعلوم العربيَّة. قرأ على السيّد نور الدّين عليّ بن عليّ بن ابي الحسن الموسوي العامليّ في مكّة جملة من كتب الخاصّة والعامّة له كتبٌ كثير الفوايد.

وأطراه شيخنا العلّامة المجلسي في [ بحار الأنوار ](٢) بكلمة سيّدنا صاحب السّلافة المذكورة. وعقود جمل الثّناء عليه منضّدة في صفحات المعاجم وكتب التراجم حتّى اليوم، وقد فصّلنا القول في ترجمته في كتابنا [ شهداء الفضيلة ] ص ١١٨ وذكرنا هنالك في ص ١٦٠: انَّ المترجم له قرأ عليه الشّيخ علي زين الدّين حفيد الشهيد الثاني، ويروي عنه السيّد هاشم الاحسائي كما في « المستدرك » ٣ ص ٤٠٦.

آثاره القيمة

١ - طرائف النظام ولطائف الإنسجام في محاسن الأشعار.

٢ - اللآلي السنيّة في شرح الاُجروميّة، مجلّدان.

٣ - شرح شرح الكافيجي على قواعد ابن هشام.

٤ - شرح شرح الفاكهي على القطر.

٥ - شرح قواعد الشّهيد قدّس سرّه.

٦ - شرح الصّمديّة في النحو.

____________________

١ - المطبوع فى آخر منهج المقال ص ٤٥٢.

٢ - ج ٢٥ ص ١٢٤.

٢٨٧

٧ - شرح التهذيب في النحو.

٨ - شرح الزبدة في الاُصول.

٩ - مختلف النّحاة في النحو.

١٠ - رسالة الخال.

١١ - ديوان شعره.

وقال صاحب ( الأمل ) بعد عدِّ كتبه: ورسائل متعدّدة، رأيته في بلادنا مدَّة ثمَّ سافر إلى أصفهان، ولمـّا توفي رثيته بقصيدة طويلة منها:

أقم ماتماً للمجد قد ذهب المجدُ

وجدّ بقلبي السّوء والحزن والوجدُ

وبانت عن الدّنيا المحاسن كلّها

وحلَّ بها لون الضّحى فهو مسودُّ

وسائلة ما الخطب راعك وقعه

وكادت له الشمُّ الشَّوامخ تنهدُّ؟

وما للبحار الزّاخرات تلاطمت

وأمواجها أيدٍ وساحلها خدُّ؟

فقلت: نعى الناعي إلينا ( محمّداً )

فذاب أسىً من نعيه الحجر الصَّلدُ

مضى فائق الأوصاف مكتمل العُلى

ومن هو في طرق السّري العلَم الفردُ

فكم قلم ملقى من الحزن صامت

فما عنده للصّامتين له ردُّ؟

وطالب علم كان مغتبطاً به

كمغتنم للوصل فاجأه الصَّدُّ

لقد أظلمت طرق المباحث بعده

وكان كبدر التمِّ قارنه السّعدُ

فأهل المعالي يلطمون خدودهم

وقد قلَّ في ذا الرّزء أن يلطم الخدُّ

لرزء « الحريري » استبان على العُلى

أسىً لم تكن لولا المصاب به يبدو

وشاعرنا ( الحريريّ ) مع أنّه وليد مهد العروبة، ورضيع ثدي مجدها الموثّل له في الأدب والقريض يدٌ ناصعة، وفي علوم لغة الضّاد تضلّع وتقدّم، قال سيّدنا المدني و ( السّلافة ): له الأدب الّذي اينعت ثمار رياضه، وتبسَّمت أزهار حدائقه وغياضه فحلا جناها لأذواق الأفهام، وتنشَّق عرفها كلّ ذي فهم فهّام. فمن مطرب كلامه الّذي سجعت به على أغصان أنامله عنادل أقلامه قوله مادحاً شيخه الشيخ شرف الدّين الدمشقي سنة ستّ وعشرين وألف:

٢٨٨

إذا ما منحت جفوني القرارا

فمر طارق الطيف يدني المزارا

فعلّك تثلج قلباً به

تأجّج وجداً وزاد استعارا

وأنّى يزور فتىً قد براه

سقامٌ يمضّ ولو زار حارا؟

خليليَّ عرِّج على رامة

لأنظر سلعاً وتلك الدّيارا

وعُج بي على ربع مَن قد نأى

لأسكب فيه الدّموع الغزارا

فقلبيَ من منذ زمَّ المطيُّ

ترحَّل عنّي إلى حيث سارا

فهل ناشدٌ ليَ وادي العقيق

عنه فإنّي عدمت القرارا؟

بروحي رشا فاتن فاتك

إذا ما انثنى هام فيه العذارا

ولمـّا رنا باللّحاظ انبرت

قلوب الأنام لديه حيارا

ومن عجب انّها لم تزل

تعاقب بالحدّ وهي السّكارا

وأعجب من ذا رأينا بها

انكساراً يقود اليها انتصارا

ولم أرَ من قبله سافكاً

دماءً ولم يخش في القتل ثارا

يعير الغزالة من وجهه

ضياء ويسلب منها النّفارا

ويحمي بمرهف أجفانه

جنيّاً من الورد والجلّنارا

تملّكني عنوة والهوى

إذا ما أغار الحذار الحذارا

يرقُّ العذول إذا ما رأى

غرامي ويمنحني الإعتذارا

ومَن رشقته سهام اللّحاظ

فقد عزَّ برءٌ وناء اصطبارا

حنانيك لست بأوّل من

دعاه الغرام فلبّى جهارا

ولا أنت أوَّل صبّ جنى

على نفسه حين أضحى جبارا

ترفّق بقلبك واستبقه

فقد حكم الوجد فيه وجارا

وعج عن حديث الهوى واقر عن

إلى مدح من في العُلى لا يجارا

إمام توحّد في المكرمات

ونال المعاليَ والافتخارا

وأدرك شأو العُلى يافعاً

وألبس شانيه منه الصغارا

سما في الكلام إلى غاية

وناهيك من غاية لا تُبارا

مناقبه لا يطيق الذكيُّ

بياناً لمعشارها وانحصارا

٢٨٩

غدا كعبة لاقتداء الورى

وأضحى لباغي الكمال المنارا

إليه المفاخر منقادةٌ

أبت غيره أن يكون الوجارا

هو البحر لا ينقضي وصفه

فحدِّث عن البحر تلق اليسارا

إذا أظلم البحر عن فكرة

توقَّد عاد لديه نهارا

يفيد لراجي المعالي عُلى

ويمنح عافي نداه النّضارا

وبكرٌ تجرِّر أذ يالها

إليك دلالاً وتسعى بدارا

أتتك من الحسن في مطرف

تثنّى قواماً أبى الاهتصارا

تضوع عبيراً وتختال في

ملابس وشي أبت أن تعارا

تشكّى إليك زماناً جنى

عليها بنوه وخانوا الذّمارا

وهمّوا بإطفاء مقباسها

فلم يجدوا حين راموا اقتدارا

فباؤا بخفّي حنين وقد

علاهم خسارٌ ونالوا بوارا

وكيف وأنت الّذي قد قدحت

زناداً ذكاها وأوريت نارا

فهاك عروساً ترجّى بأن

يكون القبول لديها نثارا

ومنك إليك أتت إذ غدت

لها منشأ واضحاً والنّجارا

ودم واحد الدَّهر فرد الورى

تنال سموّاً وتحوي وقارا

مدى الدَّهر ما لاح شمس الضحى

وناوح بلبل روض هزارا

وواصل صبّاً حبيب وما

تذكّر نجداً فحنَّ ادِّكارا

وتوجد في ( السُّلافة ) من شعره مائة واثنان وعشرون بيتاً غير ما ذكرناه، وورث فضائله ومكارمه ولده الفاضل الصّالح الشّيخ إبراهيم بن محمّد الحرفوشي نزيل طوس ( مشهد الإمام الرِّضاعليه‌السلام ) والمتوفّى بها سنة ١٠٨٠ كما ذكره شيخنا الحرّفي « الأمل » وقد قرأ على أبيه وغيره.

٢٩٠

القرن الحادي عشر

٨٣

ابن أبى الحسن العاملي

المتوفى ١٠٨٦

عليٌّ تعالى بالمكارم والفضلِ

وأصحابكم قدماً عكوفٌ على العجلِ

أباه ذووا الشّورى لما في صدورهم

تغلغل من حقد عليه ومن غلِّ

وماذا عسى يا مروُ أن ينفع الإبا

وقد قال فيه المصطفى خاتم الرّسلِ؟!

ونصَّ عليه في [ الغدير ] بأنَّه

إمام الورى بالمنطق الصادع الفصلِ

فأودعتموها غير أهل بظلمكم

وأبعدتموها أيّ بُعد عن الأهلِ

فآذوا رسول الله في منع بنته

تراثاً لها يا ساء ذلك من فعلِ

وكم ركبوا غيّاً وجاؤا بمنكر؟

وكم عدلوا عن جانب الرّشد والعدلِ؟

مثالب لا تحصى عداداً وكثرةً

أبى عدُّها عن أن يحيط به مثلي

كفرتم ولفّقتم أحاديث جمَّة

بمدح اُناس ساقطين ذوي جهلِ

ولم يكفكم حتّى وضعتم مثالباً

لصنو رسول الله والمرتضى العدلِ

فقلتم ضلالاً: ساء حيدر أحمداً

بخطبته بنت اللّعين أبي جهلِ(١)

على انَّه لو كان حقّاً وثابتاً

فحاشاه أن يأبى ويغضب من حلِّ

نسبتم إلى الهادي متابعة الهوى

وكذّبتمُ فيه الإلـ~ـه بذا النَّقلُ

القصيدة ذكرها العلّامة السيّد أحمد العطّار في الجزء الثّاني من كتابه « الرائق »

( الشاعر )

السيّد نور الدّين عليّ ( الثّاني ) بن السيّد نور الدّين عليّ ( الكبير ) بن الحسين بن أبي الحسن الموسويُّ العامليُّ الجبعيّ.

____________________

١ - حديث هذه الخطبة يوجد في صحاح القوم ومسانيدهم.

٢٩١

من أعيان الطّائفة ووجوه أعلامها، وفي الطَّليعة من عباقرتها، جمع بين العلم والأدب، وتحلّى بأبراد الزهد والورع، كما كان أبوه أوحديّاً من أعلام بيت الوحي وفذّاً من أفذاذ العلم والفضيلة، وعلَماً من تلامذة شيخنا الشَّهيد الثّاني.

قرأ سيّدنا المترجم له على أبيه السيّد الشّريف الطّاهر، وعلى العلمين الحجَّتين صاحب ( المدارك ) أخيه لأبيه، والشيخ حسن بن الشّيخ الشَّهيد الثّاني أخيه لاُمِّه ويروي عنهما.

ويروي بالإجازة عن الشّيخين: العرضي الحلبي(١) والبوريني الشّامي(٢) قال في إجازته للمولى محمّد محسن: إنِّي أروي جانباً من مؤلّفات العامَّة في المعقول والفقه والحديث عن الشّيخين الجليلين المحدِّثين، أعلمي زمانهما، ورئيسي أوانهما: عمر العرضي الحلبي، وحسن البوريني الشّامي، بالإجازه منهما بالطّرق المفصَّلة عنهما في إجازتيهما إليَّ.

ويروى عن السيِّد بالإجازة المولى محمّد طاهر القميّ المتوفّى ١٠٩٨ الآتي ذكره في هذا الجزء انشاء الله تعالى.

والشّيخ هاشم بن الحسين بن عبد الرؤف الأحسائي(٣) .

والشّيخ أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن يونس العاملي العيناثي الجبعي(٤) والمولى محمّد حسن بن محمّد مؤمن، باجازة مؤرَّخة بسنة ١٠٥١(٥) .

والسيّد محمّد مؤمن بن دوست محمّد الحسينيّ الأسترآبادي نزيل مكّة المشرَّفة

____________________

١ - عمر بن عبد الوهاب العرضى الحلبى الشافعى القادرى، المحدّث الفقيه الكبير، مفتى حلب وواعظها، ولد بحلب سنة ٩٥٠ وتوفى فى شعبان سنة ١٠٢٤. توجد ترجمته فى خلاصة الاثر ٣: ٢١٥.

٢ - الشيخ حسن بن محمد بدر الدين البورينى الشافعى، له تآليف بديعة ورسائل كثيرة، وديوان شعر، ولد سنة ٩٦٣، وتوفى فى جمادى الاولى سنة ١٠٢٤. ترجم له المحبى فى الخلاصة ٢: ٥١ - ٦٢.

٣ - راجع مستدرك الوسائل ٣: ٤٠٧.

٤ - راجع اجازات البحار ص ١٥٩، ١٦٠.

٥ - توجد فى اجازات البحار ص ١٤١.

٢٩٢

والشَّهيد بها سنة ١٠٨٨ كان من تلمذة السيّد المترجم له(١) . توجد ترجمة هذا الشَّريف المؤمن في كتابنا [شهداء الفضيلة ].

والمولى محمّد باقر بن محمّد مؤمن الخراساني السَّبزواري المتوفّى سنة ١٠٩٠ يروي عن شاعرنا الشَّريف كما في إجازته للمولى محمّد شفيع(٢) .

والشّيخ جعفر بن كمال الدّين البحراني المتوفّى ١٠٩١(٣) .

والسيّد أحمد نظام الدّين المتوفّى سنة ١٠٨٦ والد السيّد علي خان المدني صاحب « السّلافة » كما في [روضات الجنّات ] ص ٤١٣.

وأنت مهما اطلّعت على ذكر شاعرنا ( نور الدّين ) في المعاجم تجدها مزدانة بجمل الاطراء له، مشحونةً بغرر ودرر في الثَّناء عليه، منضَّدة بأيدي أعلام العلم والدّين، قال سيِّدنا صدر الدّين المدني في [ سلافة العصر ] ص ٣٠٢: طود العلم المنيف، وعضد الدّين الحنيف، ومالك أذمّة التأليف والتّصنيف، الباهر بالرِّواية والدِّراية، والرّافع لخميس المكارم أعظم راية، فضلٌ يعثر في مداه مقتفيه، ومحلٌّ يتمنّى البدر لو أشرق فيه، وكرمٌ يخجل المزن الهاطل، وشيمٌ يتحلّى بها جيد الزَّمن العاطل، وصيتٌ من حسن السّمعة بين السّحر والنحر.

فسار مسير الشَّمس في كلِّ بلدة

وهبَّ هبوب الرِّيح في البرّ والبحر

حتّى كان رائد المجد لم ينتجع سوى جنابه، وبريد الفضل لم يقعقع سوى حلقة بابه، وكان له في مبدأ بالشّام مجال لا يكذبه بارق العزّ إذا شام، بين إعزاز وتمكين، ومكان في جانب صاحبها مكين، ثمَّ انثنى عاطفاً عنانه وثانيه، فقطن بمكة شرّفها الله تعالى وهو كعبتها الثانية، تُستلم أركانه كما تُستلم أركان البيت العتيق، وتُستسنم أخلاقه كما يُستسنم المسك العبيق، يعتقد الحجيج قصده من غفران الخطايا، وينشد بحضرته: تمام الحجّ أن تقف المطايا. وقد رأيته بها وقد أناف على التّسعين، والنّاس تستعين به ولا يستعين، والنّور يسطع من أسارير جبهته، والعزّ يرتع في ميادين جدهته، ولم

____________________

١ - راجع اجازات البحار ص ١٦٤.

٢ - راجع اجازات البحار ص ١٥٦.

٣ - راجع مستدرك الوسائل ٣: ٣٨٩.

٢٩٣

يزل بها إلى أن د ُ عي فأجاب، وكأنَّه الغمام أمرع البلاد فانجاب، وكانت وفاته لثلاث عشرة بقين من ذي الحجّة الحرام سنة ثمان وستّين وألف رحمه الله تعالى، وله شعرٌ يدلّ على علوّ محلّه، وابلاغه هدي القول إلى محلّه، فمنه قوله متغزّلاً:

يا من مضوا بفؤادي عندما رحلوا

من بَعد ما في سويد القلب قد نزلوا!

جاروا على مهجتي ظلماً بلا سبب

فليت شعري إلى مَن في الهوى عدلوا؟

وأطلقوا عبرتي من بَعد بُعدهمُ

والعين أجفانها بالسَّهد قد كحلوا

يا من تعذَّب من تسويفهم كبدي

ما آن يوماً لقطع الحبل أن تصلوا؟

جادوا على غيرنا بالوصل متَّصلاً

وفي الزَّمان علينا مرَّةً بخلوا

كيف السَّبيل إلى مَن في هواه مضى

عمري وما صدَّني عن ذكره شغلُ؟

واحيرتي ضاع ما أوليت من زمن

إذ خاب في وصل من أهواهم الأملُ

في أيِّ شرع دماء العاشقين غدت

هدرى وليس لهم ثارٌ إذا قتلوا؟

يا للرِّجال من البيض الرّشاق أما

كفاهمُ ما الّذي بالنّاس قد فعلوا؟

من منصفي من غزالٍ ما له شغلٌ

عنِّي ولا عاقني عن حبِّه عملُ؟

نصبت أشراك صيدي في مراتعه

الصيد فنِّي ولي في طرقه حيلُ

فصاح بي صائحٌ: خفّض عليك فقد

صادوا الغزال الّذي تبغيه يا رجلُ!

فصرت كالواله السّاهي وفارقني

عقلي وضاقت عليَّ الأرض والسّبلُ

وقلت: بالله قل لي: أين سار به

من صاده؟ علّهم في السَّير ما عجلوا

فقال لي: كيف تلقاهم وقد رحلوا

من وقتهم واستجدَّت سيرها الابلُ؟

وقوله مادحاً بعض الاُمراء وهي من غرر كلامه:

لك الفخر بالعليا لك السَّعد راتبُ

لك العزُّ والإقبال والنَّصر غالبُ

لك المجد والإجلال والجود والعطا

لك الفضل والنعما لك الشكر واجبُ

سموت على هام المجرَّة رفعةً

ودارت على قطبي علاك الكواكبُ

فيا رتبةً لو شئت أن تبلغ السّهى

بها أقبلت طوعاً إليك المطالبُ

بلغت العلا والمجد طفلاً ويافعاً

ولا عجب فالشّبل في المهد كاسبُ

سموت على قبِّ السّراحين صائلاً

فكلت بكفّيك القنا والقواضبُ

٢٩٤

وحزّت رهان السَّبق في حلبة العلا

فأنت لها دون البريَّة صاحبُ

وجلتَ بحومات الوغى جول باسلٍ

فردَّت على أعقابهنَّ الكتائبُ

فلا الذّارعات المعتمات تكنّها

ملابسها لمـّا تحنُّ المضاربُ

ولا كثرة الأعداء تغني جموعها

إذا لمعت منك النّجوم الثّواقب

خُض الحتف لا تخش الرّدى واقهر العدى

فليس سوى الإقدام في الرأي صائبُ

وشمّر ذيول الحزم عن ساق عزمها

فما ازدحمت إلّا عليك المراتبُ

إذا صدقت للنّاظرين دلائلٌ

فدع عنك ما تبدي الظنون الكواذبُ

ببيض المواضي يدرك المرء شاؤه

وبالسّمر إن ضاقت تهون المصاعبُ

لأسلافك الغرّ الكرام قواعدٌ

على مثلها تُبنى العُلى والمناصبُ

زكوت وحزت المجد فرعاً ومحتداً

فآباؤك الصّيد الكرام الأطايبُ

ومَن يزك أصلاً فالمعالي سمت به

ذرى المجد وانقادت إليه الرَّغائبُ

[ القصيدة ]

وتوجد ترجمته في ( البحار ) ٢٥ ص ١٢٤، ورياض العلماء، وخلاصة الأثر ٣: ١٣٢ - ١٣٤، وروضات الجنّات ص ٥٣٠، والفوائد الرضويَّة ١: ٣١٣، والكنى والألقاب ٣: ٢٢٣، وقال صاحب (أمل الآمل ): وقد رأيته في بلادنا وحضرت درسه بالشّام أيّاماً يسيرة وكنت صغير السنّ ورأيته بمكّة ايضاً أيّاماً، وكان ساكناً بها أكثر من عشرين سنة، ولمـّا مات رثيته بقصيدة طويلة ستَّة وسبعين بيتاً أوّلها:

على مثلها شقَّت حشاً وقلوبُ

إذا شقّقت عند المصاب جيوبُ

لحى الله قلباً لا يذوب لفادح

نكاد له صمُّ الصّخور تذوبُ

جرى كلُّ دمع يوم ذاك مرخّماً

وضاق فضاء الأرض وهو رحيبُ

على السيِّد المولى الجليل المعظّم

النّبيل بعيدٌ قد بكا وقريبُ

خبا نور دين الله فارتدّ ظلمة

إذا اغتاله بعد الطّلوع مغيبُ

فكلُّ جليل بعد ذاك محقّرُ

وكلُّ جميل بعد ذاك معيبُ

فمن ذا يمير السّائلين وقد قضى؟

ومَن لسؤال السّائلينَ يجيبُ؟

ومَن ذا يحلّ المشكلات بفكره

يبين خفيَّ العلم وهو غيوبُ؟

٢٩٥

ومَن ذا يقوم اللّيلِ لله داعياً

إذا عزَّ داع في الظّلام منيبُ؟

ومَن ذا الّذي يستغفر الله في الدجى

ويبكي دماً إن قارفته ذنوبُ؟

ومَن يجمع الدنيا مع الدين والتقى

مع الجاه؟ إن المكرمات ضروبُ

لتبك عليه للهداية أعينٌ

ومدمعها منها عليه صبيبُ

وتبك عليه للتَّصانيف مقلة

تقاطر منها مهجةٌ وقلوبُ

[ القصيدة ]

وقال: كان عالماً فاضلاً أديباً شاعراً منشياً جليل القدر عظيم الشَّأن، وله كتاب شرح مختصر النافع لم يتمّ، وكتاب الفوائد المكيّة، وشرح الإثنى عشريّة(١) الصلاتيّة للشّيخ البهائي، وغير ذلك من الرَّسائل ١ ه‍ وله رسالةٌ في تفسير آية مودّة ذي القربى، ورسالة غنية المسافر عن المنادم والمسامر.

وورثه على فضائله وفواضله ولده السيّد جمال الدّين بن نور الدّين عليّ بن الحسين بن أبي الحسن الحسينيّ الدمشقيّ، قرأ بدمشق على العلّامة السيّد محمّد بن حمزة نقيب الأشراف، ثمَّ هاجر الى مكّة وأبوه ثمَّة في الأحياء فجاور بها مدَّة، ثمَّ دخل اليمن أيّام الإمام أحمد بن الحسن فعرف حقّه من الفضل، ومدحه بقصيدة مطلعها:

خليليَّ عودا لي فيا حبّذا المطلُ

إذا كان يرجى في عواقبه الوصلُ(٢)

ثمَّ فارق اليمن، ودخل الهند، فوصل إلى حيدر آباد وصاحبها يومئذ الملك ابو الحسن، فاتّخذه نديم مجلسه، وأقبل عليه بكلّيته، ولمـّا طرقت النكباء أبا الحسن من سلطان الهند الأعظم وحبس، انقلب الدَّهر على السيّد جمال الدّين فبقي مدّة في حيدر آباد إلى أن مات بها في سنة ثمان وتسعين وألف، كما أخبرني بذلك أخوه روح الأدب السيّد علي بمكّة المشرّفة.

كذا ترجمه المحبّي في [ خلاصة الأثر ] ١: ٤٩٤، وأثنى عليه صاحب [ أمل الآمل ] ص ٧ وقال: عالمٌ فاضلٌ محقّقٌ مدقّقٌ ماهرُ أديبٌ شاعرٌ، كان شريكنا في الدّروس عند

____________________

١ - أسماه في اجازته للمولى محمد محسن بالانوار البهيّة.

٢ - ذكر منها المحبى فى « الخلاصة » خمسة عشر بيتاً.

٢٩٦

جماعة من مشايخنا، سافر إلى مكّة وجاور بها، ثمّ إلى مشهد الرِّضاعليه‌السلام ثمّ إلى حيدر آباد، وهو الآن ساكنٌ بها، مرجع فضلائها وأكابرها، وله شعرٌ كثيرٌ من معمّيات و غيرها، وله حواشٍ وفوائد كثيرة، ومن شعره قوله:

قد نالني فرط التعبْ

وحالني من العجبْ

فمن أليم الوجد

في جوانحي نار تشبْ

ودمع عيني قد جرى

على الخدود وانسكبْ

وبان عن عيني الحمى

وحكمت يد النّوبْ

يا ليت شعري هل ترى

يعود ما كان ذهبْ؟

يفدي فؤادي شادناً

مهفهفاً عذب الشّنبْ

بقامة كأسمر

بها النّفوس قد سلبْ

و وجنة كأنّها

جمر الغضا إذا التهبْ

فذكر شطراً من شعره فقال: وقد كتبت إليه مكاتبة منظومة اثنين وأربعين بيتاً أذكر منها أبياتاً:

سلامٌ وإكرامٌ وأزكى تحيّة

تعطّر أسماعٌ بهنّ وأفواهُ

وأثنيته مستحسنات بليغة

تطابق فيها اللفظ حسناً ومعناهُ

وأشرف تعظيم يليق بأشرف

الكرام وأحلى الوصف منه وأعلاهُ

اُقبِّل ارضاً شرَّفتها نعاله

وابدي بجهدي كلّ ما قد ذكرناهُ

من المشهد الأقصى الذي من ثوى به

ينل في حماه كلّ ما تيمنّاهُ

إلى ما جد تعنو الأنام ببابه

فتدرك أدنى العزّ منه وأقصاهُ

وأضحى ملاذاً للأنام وملجأً

يخوضون في تعريفه كلّما فاهوا

فتىً في يديه اليمن واليسر للورى

فلليمن يُمناه ولليسر يُسراهُ

جناب الأمير الأمجد النّدب سيدي

جمال العُلى والدّين أيده اللهُ

وبعد: فإنَّ العبد ينهي صبابة

تناهت ووجداً ليس يدرك أدناهُ

ويشكو فراقاً أحرق القلب ناره

وقد دكّ طود الصّبر منه وأفناهُ

وإنّا وإن شطّت بكم غربة النوى

لنحفظ عهد الودّ منكم ونرعاهُ

٢٩٧

وقد جائني منكم كتابٌ مهذّب

فبدّل همّي بالمسرّة مرآهُ

فلا تقطعوا أخباركم عن محبّكم

فإنَّ كتاباً من حبيب كلقياهُ

وإنّي بخير غير انَّ فراقكم

أذاب فؤادي بالغرام وأصماهُ(١)

واُهدي سلامي والتحيّة والثّنا

وألطف مدح مع دعاء تلوناهُ

إلى الاخوة الأمجاد قرَّة مقلتي

أحبّه قلبي خير ما يتمنّاهُ

إلى أن قال:

إليكم تحيّات أتت من عبيدكم

محمّد الحرّ الّذي أنت مولاهُ

وفي صفر تاريخه عام ستّة

وسبعين بعد الألف بالخير عقباهُ

وأوعز إلى ذكره الجميل صاحب [ روضات الجنّات ] ص ١٥٥ في ذيل ترجمة لسيّد جمال الدّين الجرجاني، وذكره ابن أخيه السيّد عبّاس بن علي في [ نزهة الجليس ] وتوجد ترجمته في [ بغية الرّاغبين ] وفيه: انّه قرأ على أبيه وجماعة، وروى عن أبيه وعن جدّه لاُمّه الشيخ نجيب الدّين. وذكره القمي في [ الفوائد الرّضويَّة ] ١: ٨٤، وجمع شتات ترجمته سيّد الأعيان في الجزء السّادس عشر ص ٣٨٣ - ٣٩٠

____________________

١ - أصمى الصيد: رماه فقتله مكانه.

٢٩٨

القرن الحادي عشر

٨٤

الشيخ حسين الكركي

المتوفى ١٠٧٦

فخاض [ أمير المؤمنين ] بسيفه

لظاها وأملاك السّماء له جندُ

وصاح عليهم صيحة هاشميّةّ

تكاد لها الشمُّ الشّوامخ تنهدُّ

غمامٌ من الاعناق تهطل بالدّما

ومن سيفه برقٌ ومن صوته رعدُ

وصيُّ رسول الله وارث علمه

ومن كان في خمّ له الحلُّ والعقدُ

لقد ضلَّ من قاس الوصيَّ بضدِّه

وذو العرش يأبى أن يكون له ندُّ

( القصيدة )(١)

( ألشاعر )

الشّيخ حسين بن شهاب الدّين بن حسين بن خاندار(٢) الشاميُّ الكركيُّ العامليُّ، هو من حسنات عاملة، ومن العلماء المشاركين في العلوم المتضلعين منها، أمّا حظّه من الأدب فوافر، ولعلّك لا تدري إذا سرد القريض أنّه هل نظم درّاً، أو صاغ تبرا.

ذكره معاصره في « الأمل » وقال: كان عالماً فاضلاً ماهراً أديباً شاعراً منشياً من المعاصرين له كتبٌ منها: شرح نهج البلاغة، وعقود الدُّرر في حلِّ أبيات المطوّل والمختصر، وحاشية المطوَّل، وكتاب كبير في الطبِّ، وكتابٌ مختصر فيه، وحاشية البيضاوي، ورسائل في الطبّ وغيره، وهداية الأبرار في اصول الدّين، ومختصر الأغاني، وكتاب الاسعاف ورسالة في طريقه، وديوان شعره، وأرجوزة في النحو، أرجوزة في المنطق، وغير ذلك وشعره حسنٌ جيدٌّ خصوصاً مدائحه لأهل البيت عليهم السّلام، سكن

____________________

١ - اخذناها من « أمل الامل » نقلها عن خط ناظمها.

٢ - فى خلاصة الاثر: جاندار.

٢٩٩

اصفهان مدَّة ثمَّ حيدر آباد سنين ومات بها، وكان فصيح اللّسان، حاضر الجواب، متكلّما حكيماً، حسن الفكر، عظيم الحفظ والإستحضار، توفّي في سنة ١٠٧٦ وكان عمره ٦٨ سنة.اهـ.

وبالغ في الثّناء عليه السيّد المدني في « السّلافة » ص ٣٥٥ وممّا قال: طودٌ رسى في مقرِّ العلم ورسخ، ونسخ خطّة الجهل بما خطَّ ونسخ. علا به من حديث الفضل اسناده، وأقوى به من الأدب أقواؤه وسناده. رأيته فرأيت منه فرداً في الفضائل وحيدا، وكاملاً لا يجد الكمال عنه محيدا. تحلّ له الحبى وتعقد عليه الخناصر، أوفى على من قبله وبفضله اعترف المعاصر. يستوعب قماطر العلم حفظاً بين مقروءٍ ومسموع، ويجمع شوارد الفضل جمعاً هو في الحقيقة منتهى الجموع، حتّى لم ير مثله في الجدّ على نشر العلم وإحياء مواته، وحرصه على جميع أسبابه وتحصيل أدواته. كتب بخطّه ما يكلُّ لسان القلم عن ضبطه، واشتغل بعلم الطبِّ في أواخر عمره، فتحكّم في الأرواح و الأجساد بنهيه وأمره.

ثمَّ ذكر انتقاله وتجوّله في البلاد، وقدومه على والده سنة اربع وسبعين، ووفاته يوم الإثنين لإحدى عشرة بقيت من صفر سنة ستّ وسبعين وألف عن أربع وستين سنة تقريباً. وذكر من شعره مائتين وواحداً وعشرين بيتاً. ومنها قوله:

يا شقيق البدر! أخفى

فرعك المسدول بدركْ

فارحم العشّاق واكشف

يا جميل السّتر ستركْ

وقوله:

جودي بوصل أو ببينِ

فاليأس إحدى الرّاحتينِ

أيحلُّ في شرع الهوى

أن تذهبي بدم الحسينِ؟

وقوله:

ولقد تأمّلت الزَّمان وأهله

فرأيت نار الفضل فيهم خامده

فتنٌ تجوش ودولةٌ قد حازها

أهل الرَّذالة والعقول الفاسده

فقلوبهم مثل الحديد صلابةً

وأكفّهم مثل الصّخور الجامده

فرأيت أنَّ الإعتزال سلامة

وجعلت نفسي واو عمرو الزائده

٣٠٠