موسوعة حديث الثقلين الجزء ١

موسوعة حديث الثقلين0%

موسوعة حديث الثقلين مؤلف:
الناشر: ستارة
تصنيف: مفاهيم عقائدية
ISBN: 978-600-5213-63-8
الصفحات: 619

موسوعة حديث الثقلين

مؤلف: مركز الأبحاث العقائديّة
الناشر: ستارة
تصنيف:

ISBN: 978-600-5213-63-8
الصفحات: 619
المشاهدات: 129521
تحميل: 2037


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 3 الجزء 4
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 619 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 129521 / تحميل: 2037
الحجم الحجم الحجم
موسوعة حديث الثقلين

موسوعة حديث الثقلين الجزء 1

مؤلف:
الناشر: ستارة
ISBN: 978-600-5213-63-8
العربية

وذكر في مقدّمة إثبات الهداة في الفائدة التاسعة ، ما نصّه : إعلم أنّ لنا طرقاً إلى رواية الكتب التي نقلنا عنها ، والأحاديث التي جمعناها ، قد ذكرنا بعضها في كتاب تفصيل وسائل الشيعة إلى تحقيق مسائل الشريعة وغيره ، ولا حاجة إلى ذكرها هنا ; لأنّ هذه الكتب(١) متواترة ، وقد ابتدأنا باسم من نقلنا من كتابه ، ومن أراد الطرق فقد دللناه عليها فليرجع إليها(٢) .

وقد رجعنا إلى خاتمة الوسائل في الفائدة الرابعة منه ، فقال هناك : في ذكر الكتب المعتمدة التي نقلت منها أحاديث هذا الكتاب ، وشهد بصحّتها مؤلّفوها وغيرهم ، وقامت القرائن على ثبوتها وتواترت عن مؤلّفيها ، أو علمت صحّة نسبتها إليهم ، بحيث لم يبق فيها شكّ ولا ريب ، كوجودها بخطوط أكابر العلماء ، وتكرّر ذكرها في مصنّفاتهم ، وشهادتهم بنسبتها ، وموافقة مضامينها لروايات الكتب المتواترة ، أو نقلها بخبر واحد محفوف بالقرينة وغير ذلك ، وهي : ، ثمّ عدّ منها في رقم (٤١) كتاب سُليم بن قيس الهلالي.

ثمّ قال في آخر نهاية القائمة : ويوجد الآن ـ أيضاً ـ كتب كثيرة من كتب الحديث غير ذلك ، لكن بعضها لم يصل إليّ منه نسخة صحيحة ، وبعضها ليس فيه أحكام شرعيّة يعتدّ بها ، وبعضها ثبت ضعفه ، وضعف مؤلّفه ، وبعضها لم يثبت عندي كونه معتمداً ، فلذلك اقتصرت على ما ذكرت(٣) .

ومنه يفهم أنّ هذه الكتب المعتمدة لديه والتي نقل عنها وصلت إليه منها نسخة صحيحة ، ولم يثبت ضعفها أو ضعف مؤلّفها ، بل ثبت عنده عكسه ، وأنّها معتمدة.

____________

١ ـ ومنها كتاب سُليم طبعاً.

٢ ـ إثبات الهداة ١ : ٥٣ ، المقدّمة ، الفائدة التاسعة.

٣ ـ خاتمة الوسائل ٣٠ : ١٥٤ ، وما بعدها.

٤١

ثمّ ذكر في الفائدة الخامسة طرقه إلى هذه الكتب ، وقال : في بيان بعض الطرق التي نروي بها الكتب المذكورة(١) عن مؤلّفيها ، وإنّما ذكرنا ذلك تيمّناً وتبرّكاً باتّصال السلسلة بأصحاب العصمة ( عليهم السلام ) ، لا لتوقّف العمل عليه ; لتواتر تلك الكتب ، وقيام القرائن على صحّتها وثبوتها ، كما يأتي إن شاء الله(٢) .

فنقول : إنّا نروي الكتب المذكورة وغيرها عن جماعة منهم :

ثمّ أورد بحدود ١٨ طريقاً إلى الشهيد الثاني زين الدين بن علي العاملي ( ت ٩٦٦ هـ )(٣) ، ومنه بطريقه إلى العلاّمة ( ت ٧٢٦ هـ )(٤) بطريقه إلى النجاشي ( ت ٤٥٠ هـ ) ، قال : أخبرنا علي بن أحمد القمّي ، قال : حدَّثنا محمّد بن الحسن بن الوليد ، قال : حدَّثنا محمّد بن أبي القاسم ما جيلويه ، عن محمّد بن علي الصيرفي ، عن حمّاد بن عيسى وعثمان بن عيسى ، قال حمّاد بن عيسى : وحدّثناه إبراهيم بن عمر اليماني ، عن سُليم بن قيس بالكتاب(٥) .

وأيضاً من الشهيد الثاني إلى العلاّمة(٦) ، وأربع طرق أُخرى إلى الشهيد الأوّل محمّد بن مكّي العاملي ( ت ٧٨٦ هـ )(٧) بطريقيهما إلى الشيخ الطوسي ( ت ٤٦٠ هـ )(٨) : عن أبي جيد ، عن محمّد بن الحسن بن الوليد

____________

١ ـ ومنها كتاب سُليم.

٢ ـ خاتمة الوسائل ٣٠ : ١٩١ ، ذكر القرائن في الفائدة السادسة ، و ٣٠ : ٢٤١ ، الفائدة الثامنة ، و ٣٠ : ٢٤٩ ، الفائدة التاسعة.

٣ ـ خاتمة الوسائل ٣٠ : ١٧٠ ، وما بعدها.

٤ ـ خاتمة الوسائل ٣٠ : ١٧٦ و ١٨٥.

٥ ـ خاتمة الوسائل ٣٠ : ١٨٨.

٦ ـ خاتمة الوسائل : ٣٠ : ١٧٦.

٧ ـ خاتمة الوسائل ٣٠ : ١٧٤ ، وما بعدها.

٨ ـ خاتمة الوسائل ٣٠ : ١٧٦ ، ١٧٧.

٤٢

إلى آخر السند كما في مفتتح النسخة ، إلى سُليم(١) .

وذكر الشيخ الحرّ ( ت ١١٠٤ هـ ) طريقاً آخراً في إجازته للفاضل المشهدي ، بطريقه إلى الكليني ، عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ابن عيسى ، وعن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، جميعاً عن حمّاد بن عيسى ، عن أبان بن أبي عيّاش ، عن سُليم بن قيس(٢) .

ووصلت هذه النسخة أيضاً للعلاّمة المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) ، وذكر مفتتحها في أوّل البحار ، وفرّق الباقي في كتابه(٣) .

فإن قيل : إنّ نسخة كتاب سُليم لم تصل إلينا بطريق القراءة والمناولة يداً بيد ، أو بنسخة ذات تواريخ متّصلة ، فإنّ نسخة محمّد بن صبيح كان تاريخها ٣٣٤ هـ ، وآخر تاريخ في نسخة الشيخ الطوسي هو ما نقله راويها من تاريخ التحديث بطرقه الأربع عن شيوخه إلى الشيخ الطوسي ، هو ٥٦٥ هـ ، ٥٦٠ هـ ، ٥٦٧ هـ(٤) ، وإجازات الشيخ الحرّ إجازات عامّة.

____________

١ ـ خاتمة الوسائل ٣٠ : ١٨٨.

٢ ـ البحار ١١٠ : ١٢٠ ، إجازة الشيخ الحرّ العاملي للفاضل المشهدي.

٣ ـ البحار ١ : ٧٧.

٤ ـ كتاب سُليم ٢ : ٥٥٥ ، مفتتح كتاب سُليم.

وهي هكذا : أخبرني الرئيس العفيف أبو البقاء هبة الله بن نما بن علي بن حمدون ( رضي الله عنه ) ، قراءة عليه بداره بحلّة الجامعيين في جمادي الأُولى سنة خمس وستّين وخمسمائة ، قال : حدّثني الشيخ الأمين العالم أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن طحال المقدادي المجاور ، قراءةً عليه بمشهد مولانا أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ سنة عشرين وخمسمائة ، قال : حدّثنا الشيخ المفيد أبو علي الحسن بن محمّد الطوسي ( رضي الله عنه ) ، في رجب سنة تسعين وأربعمائة.

وأخبرني الشيخ الفقيه أبو عبد الله الحسن بن هبة الله بن رطبة ، عن الشيخ المفيد أبي علي ، عن والده ، في ما سمعته يقرأ عليه بمشهد مولانا السبط الشهيد أبي عبد الله الحسين بن علي ـ صلوات الله عليه ـ في المحرّم من سنة ستّين وخمسمائة.

وأخبرني الشيخ المقرىء أبو عبد الله محمّد بن الكال ، عن الشريف الجليل نظام

٤٣

قلنا : لا أقلّ من أنّ إجازات الشيخ الحرّ تفيد تداول الكتاب على مرّ القرون بأيدي العلماء ، وأنّ الروايات الموجودة في النسخة الحاليّة ( المطبوعة ) مبثوثة في كتب القدماء قبل هذه التواريخ ـ خاصّة تاريخ نسخة الشيخ الطوسي ـ كما عرف من تخريجات حديث الثقلين ، وما ذكره مفصّلا محقّق الكتاب الشيخ الأنصاري في قسم التخريجات(١) .

فممّن أورد رواياته :

الفضل بن شاذان ( ت ٢٦٠ هـ ) في إثبات الرجعة ، كما عن مختصر إثبات الرجعة ، والثقفي ( ت ٢٨٣ هـ ) في الغارات ، وأبو جعفر محمّد بن الحسن الصفّار ( ت ٢٩٠ هـ ) في بصائر الدرجات ، والعيّاشي ( ت حدود ٣٢٠ هـ ) في تفسيره ، وفرات الكوفي ( أواخر القرن الثالث إلى أوائل القرن الرابع ) في تفسيره ، والكشّي ( القرن الرابع ) في اختيار معرفة الرجال ، والكليني ( ت ٣٢٩ هـ ) في الكافي ، وابن جرير الطبري الإمامي ( القرن الرابع ) في المسترشد ، والنعماني ( كان حيّاً سنة ٣٤٢ هـ ) في الغيبة ، والحرّاني ( النصف الثاني من القرن الرابع ) في تحف العقول ، وابن الجُحام ( القرن الرابع ) في ما نزل من القرآن ، والصدوق ( ت ٣٨١ هـ ) في معاني الأخبار وإكمال الدين والخصال والاعتقادات وعلل الشرايع وعيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ومن لا يحضره الفقيه ، والشيخ المفيد ( ت ٤١٣ هـ ) في تصحيح

____________

الشرف أبي الحسن العريضي ، عن ابن شهريار الخازن ، عن الشيخ أبي جعفر الطوسي.

وأخبرني الشيخ الفقيه أبو عبد الله محمّد بن علي بن شهرآشوب ، قراءة عليه بحلّة الجامعيين في شهور سنة سبع وستّين وخمسمائة ، عن جدّه شهرآشوب ، عن الشيخ السعيد أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي ( رضي الله عنه ) ، قال : حدّثنا ابن أبي حيدر ، عن

١ ـ انظر كتاب سُليم ، الجزء الثالث ، قسم التخريجات.

٤٤

الاعتقاد والاختصاص المنسوب إليه(١) ، والمرتضى ( ت ٤٣٦ هـ ) في الشافي ، والكراجكي ( ت ٤٤٩ هـ ) في الاستنصار ، والطوسي ( ت ٤٦٠ هـ ) في التهذيب والغيبة ، والحسكاني ( أواخر القرن الخامس ) في شواهد التنزيل ، وابن شهر آشوب ( ت ٥٨٨ هـ ) في المناقب ، وغيره في القرن السادس ، ثمّ اتّصل النقل للروايات في القرن السابع والثامن والتاسع والعاشر إلى عصر المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) والحرّ العاملي ( ت ١١٠٤ هـ ) والبحراني ( ت ١١٨٦ هـ ) ، ثمّ إلينا ، وهي روايات موجودة في النسخة المطبوعة الآن(٢) .

فمع ما انضمّ إلى هذا من كثرة من ذكر وجود الكتاب أو اطّلاعه عليه ، يصبح لدينا اطمئنان بأنّ الكتاب ـ أصل سُليم ـ إلى عمر بن أُذينة مقطوع به ، وينفرد الطريق منه عن أبان ، عن سُليم ـ لو سلّمنا ذلك وأنّ الكتاب لم يروه عن سُليم غير أبان ، مقابل من قال بوجود طرق أُخَر كما في بعض الأسانيد ـ فتأتي شهادتا الإمامين الباقر ( عليه السلام ) والصادق ( عليه السلام ) لترفع درجة الاطمئنان وتضيف وثاقة إلى وثاقة ، إذ هما ـ على الأقلّ ـ مقدّمتان على نقل ابن أُذينة عن أبان عن سُليم بالنسبة للحديثين الواردين بشأنهما ، ومؤيّدتان وكاشفتان عن صدق محتواه بالنسبة إلى كُلّ الكتاب.

فشهادة الإمام الباقر ( عليه السلام ) أوردها الشيخ الطوسي ( ت ٤٦٠ هـ ) في الغيبة : وأخبرنا أحمد بن عبدون ، عن أبي الزبير القرشي ، عن علي بن الحسن بن فضّال ، عن محمّد بن عبد الله بن زرارة ، عمّن رواه ، عن عمر ابن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : « هذه وصيّة أمير

____________

١ ـ كتاب الاختصاص ليس للشيخ المفيد ، وإنّما هو لأحد قدماء الشيعة ، وستأتي الإشارة إليه.

٢ ـ راجع للاطّلاع أكثر على الناقلين الجزء الثالث من كتاب سُليم ، قسم التخريجات.

٤٥

المؤمنين ( عليه السلام ) إلى الحسن ( عليه السلام ) » ، وهي نسخة كتاب سُليم بن قيس الهلالي دفعها إلى أبان وقرأها عليه ، قال أبان : وقرأتها على علي بن الحسين ( عليه السلام ) ، فقال : « صدق سُليم ( رحمه الله ) ».

قال سُليم : فشهدت وصيّة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) حين أوصى إلى ابنه الحسن ( عليه السلام ) ، وأشهد على وصيّته الحسين ( عليه السلام ) ومحمّداً وجميع ولده ورؤساء شيعته(١) .

وأورد في التهذيب : عنه ( أبي الحسين بن سعيد ) ، عن حمّاد بن عيسى ـ وهو أحد رواة كتاب سُليم ـ عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، وإبراهيم بن عمر ، عن أبان ، رفعه إلى سُليم بن قيس الهلالي ( رضي الله عنه ) ، قال سُليم : شهدت وصيّة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وزاد فيه إبراهيم بن عمر ، قال : قال أبان : قرأتها على علي بن الحسين ( عليه السلام ) ، فقال علي بن الحسين : « صدق سُليم »(٢) .

وأوردها الشيخ جمال الدين يوسف بن حاتم الشامي ( ت ٦٧٦ هـ ) في الدرّ النظيم : حدّث عبد الرحمن بن الحجّاج ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، وعمّن رواه ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر بن عبد الله ( رضي الله عنه ) ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : « هذه وصيّة علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) إلى ابنه الحسن ( عليه السلام ) » ، وهي نسخة كتاب سُليم بن قيس الهلالي ، دفعه إلى أبان وقرأها عليه ، وقال أبان : قرأتها على علي بن الحسين ( عليه السلام ) ، قال سُليم : شهدت وصيّة علي بن أبي طالب ( عليه السلام )(٣) .

____________

١ ـ الغيبة : ١٩٤ ح ١٥٧ ، في إبطال قول السبئيّة : في أنَّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) حيّ باق ، وعنه المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) في البحار ٤٢ : ٢١٢ ح ١٢.

٢ ـ التهذيب ٩ : ١٧٦ ح ٧١٤ ، وعنه الحرّ العاملي ( ت ١١٠٤ هـ ) في إثبات الهداة ٢ : ٢٦٧ ح ٢٦ ، ما رواه الكليني في التهذيب.

٣ ـ الدرّ النظيم في مناقب الأئمّة اللهاميم : ٣٧٨ ، الباب الثاني ، في ذكر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، فصل : في ذكر بعض حكم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وخطبه ووصاياه ومواعظه ، وصيّة أُخرى ذكرها بعد ذكر وصيّته ( عليه السلام ) للإمام الحسن ( عليه السلام ).

٤٦

وهذه الأسانيد يدعم بعضها بعضاً ، والوصيّة موجودة بعينها في بعض نسخ كتاب سُليم(١) التي قال عنها محقّق الكتاب الشيخ محمّد باقر الأنصاري : إنّها أكمل وأتمّ النسخ(٢) .

أمّا شهادة الإمام الصادق ( عليه السلام ) فقد أوردها الفضل بن شاذان ( ت ٢٦٠ هـ ) في إثبات الرجعة ، قال : حدَّثنا محمّد بن إسماعيل بن بزيع ( رضي الله عنه ) ، قال : حدَّثنا حمّاد بن عيسى ، قال : حدَّثنا إبراهيم بن عمر اليماني ، قال : حدَّثنا أبان بن أبي عيّاش ، قال : حدَّثنا سُليم بن قيس الهلالي ، قال : قلت لأمير المؤمنين : ، وأعرف قبائلهم(٣) .

قال أحمد بن إسماعيل : ثمّ قال حمّاد بن عيسى : قد ذكرت هذا الحديث عند مولاي أبي عبد الله ( عليه السلام ) فبكى ، وقال : « صدق سُليم ، فقد روى لي هذا الحديث أبي ، عن أبيه علي بن الحسين ( عليهم السلام ) ، عن أبيه الحسين بن علي ( عليهما السلام ) ، قال : سمعت هذا الحديث من أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، حين سأله سُليم بن قيس »(٤) .

فالفضل بن شاذان من أجلاّء الطائفة(٥) ، ومحمّد بن إسماعيل بن

____________

١ ـ كتاب سُليم ٢ : ٩٢٤ ح ٦٩ ، القسم الثاني : ما وجد من كتاب سُليم في نسخة أُخرى.

٢ ـ كتاب سُليم ١ : ٣٢٢ ، الفئة الثالثة ، النوع ( ج ) ، نقاط هامّة.

٣ ـ كتاب سُليم ٢ : ٦٢ ح ١٠.

٤ ـ مختصر إثبات الرجعة للفضل بن شاذان : ١٨ ح ١ ، ومجلّة تراثنا العدد (١٥) ـ مختصر إثبات الرجعة : ٢٠١ ح ١.

٥ ـ انظر : رجال النجاشي : ٣٠٦ [ ٨٣٨ ] ، وفهرست الطوسي : ٣٦١ [ ٥٦٤ ] ، وخلاصة الأقوال : ٢٢٩ [ ٧٦٩ ].

٤٧

بزيع من صالحي الطائفة وثقاتهم(١) ، وحمّاد بن عيسى غريق الجحفة ثقة من أصحاب الإجماع(٢) .

وقد ذكرنا الشهادة الأُخرى للإمام الصادق ( عليه السلام ) قبل قليل عن الدرّ النظيم.

ولا يشكل بحمّاد هذا بأنّه كان واقعاً في سند كتاب سُليم ; لأنّا ذكرنا أنّه لم ينفرد برواية الكتاب ، وإنّما تابعه سبعة غيره رووه عن ابن أُذينة أو عن أبان أو عن سُليم على الخلاف السابق ، فلم ينحصر طريقه بحمّاد.

فحمّاد عرض هذه الرواية الموجودة في كتاب سُليم على الإمام الصادق ( عليه السلام ) ليُحكم توثيقها وتوثيق كلّ كتاب سُليم أيضاً ، إذ قد ورد اسمه في سند عرض الرواية الأُخرى على الإمام الباقر ( عليه السلام ) ، كما عرفتَ ، فإنّ مثله الذي يوثّق رواياته بعدّة طرق ، منها العرض على الإمام ، من البعيد جدّاً أن لا يعرض كلّ روايات الكتاب على الإمامين أو أحدهما ( عليهم السلام ) ليوثّقه.

هذا أولا.

وثانياً : لا يخفى ما في كلام الإمام ( عليه السلام ) لحمّاد من تقرير لأبان وسُليم الواردين في السند بصحّة رواية سُليم ، وتوثيق نقل أبان.

إضافة إلى أنّه لم تصل إلينا ولا رواية واحدة تنكر على أبان أو سُليم إحدى روايات الكتاب ، بل على العكس هناك متابعين رووا عن الأئمّة نصوص أو مضامين ما يحتويه الكتاب ، امتلأت بهم وبها كتب الشيعة.

وهناك شهادات أُخر من قبل الأئمّة ( عليه السلام ) بحقّ الكتاب وردت في

____________

١ ـ انظر : رجال النجاشي : ٣٣٠ [ ٨٩٣ ] ، وخلاصة الأقوال : ٢٣٨ [ ٨١٤ ].

٢ ـ انظر : رجال النجاشي : ١٤٢ [ ٣٧٠ ] ، والكشّي : ٣٧٥ ح ٧٠٥ ، تسمية الفقهاء من أصحاب أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، و ٣١٦ ح ٥٧٢ ، ماروي في حمّاد بن عيسى البصري ، ودعوة أبي الحسن ( عليه السلام ) له ، وكم عاش.

٤٨

مفتتح الكتاب ، وفي الحديث العاشر منه ، درجة اعتبارها درجة اعتبار الكتاب(١) .

ثمّ أضف إلى ذلك من تابع سُليم على رواياته(٢) ، فهي شهادات أُخرى بحقّ الكتاب وداعمة له ، ومنها حديث الثقلين موضوع البحث وما سنورده من طرقه الكثيرة.

أمّا ما أُثير حول الكتاب من نسبته إلى الوضع نقلا عن ابن الغضائري ( ت ٤١١ هـ ) ، فقد أُجيب بإجابات شافية ليس هنا موضع إيرادها(٣) وقد أشرنا إليها بإيجاز عند الكلام عن سُليم بن قيس.

ومن أنّه غير موثوق به ، ولا يجوز العمل على أكثره ، وقد حصل فيه تخليط وتدليس ، نقلا عن الشيخ المفيد في أثناء ردّه على الصدوق في تصحيح الاعتقاد(٤) .

فإنّها دعوى من دون دليل ; فإنّه لم يبيّن مواضع التدليس والتخليط ، وهذا الكتاب أمامنا لا يوجد فيه ما ذكر ، فرواياته توافق أُصول الشيعة الإماميّة ، وبالتالي فلا يلتفت إلى هذه الدعوى ، خاصّة بعد اعتماد الصدوق عليه ، وقول مثل النعماني ( حيّاً ٣٤٢ هـ ) تلميذ الكليني ( رحمه الله ) : ليس بين جميع الشيعة ممّن حمل العلم ورواه عن الأئمّة ( عليهم السلام ) خلاف في أنّ كتاب سُليم

____________

١ ـ لخصّنا هذا العنوان من مقدّمة المحقّق الشيخ محمّد باقر الأنصاري لكتاب سُليم مع بعض الإضافات المهمّة ، انظر كتاب سُليم ، الجزء الأوّل ، ( دراسة مستوعبة وتحقيق شامل حول الكتاب والمؤلّف ) ، وانظر كذلك كتاب سُليم بمجلّد واحد لنفس المحقّق ، ومجلّة تراثنا العدد ٦٣ ـ ٦٤.

٢ ـ راجع قسم التخريجات من كتاب سُليم ، الجزء الثالث.

٣ ـ انظر كتاب سُليم تحقيق الأنصاري ، الجزء الأوّل ، القسم السابع ; دراسة في المناقشات التي وجّهت إلى الكتاب ، ومعجم رجال الحديث ٩ : ٢٢٦ رقم ٥٤٠١.

٤ ـ تصحيح الاعتقاد : ١٤٩ ( المجلّد الخامس من مصنّفات الشيخ المفيد ( ( رحمه الله ) ) ، نشر المؤتمر العالمي بمناسبة ذكرى ألفيّة الشيخ المفيد ١٤١٣ هـ ).

٤٩

ابن قيس الهلالي أصل من أكبر الأُصول التي رواها أهل العلم(١) .

فمع تضافر الأعلام الذين ذكرناهم سابقاً على النقل عنه ، ونصّ بعضهم على أنّه أصل من أكبر أُصول الشيعة ; لا يبقى مجال للشكّ في الكتاب ووجوده وعدم وضعه ووثوقه.

أمّا ما موجود فيه من موارد باطلة يسيرة ـ لو سلّمنا بوجودها ، أو لم نقبل الردود عليها ـ فإنّها لا توجب كونه موضوعاً ; إذ أكثر ما في الأمر أنّها قد تسقط النسخة الموجودة فيها(٢) ، مع أنَّ ذلك موجود في كتب أُخرى معتبرة.

وقد قال العلاّمة ( ت ٧٢٦ هـ ) في الخلاصة : والوجه عندي الحكم بتعديل المشار إليه ـ أي سُليم ـ والتوقّف في الفاسد من كتابه(٣) .

أبان بن أبي عيّاش ( ت ١٣٨ هـ ) :

ذكره البرقي ( ت ٢٧٤ أو ٢٨٠ هـ ) في أصحاب الإمامين السجاد ( عليه السلام ) والباقر ( عليه السلام )(٤) .

وذكره الشيخ الطوسي ( ت ٤٦٠ هـ ) من الذين رووا عن السجاد ( عليه السلام ) والباقر ( عليه السلام ) ، قال : تابعي ضعيف ، وذكره في أصحاب الصادق ( عليه السلام ) وقال : البصري التابعي(٥) .

وعدّه العلاّمة ( ت ٧٢٦ هـ ) في قسم الضعفاء ومن يُردّ قوله أو يتوقّف فيه ، وقال : أبان بن أبي عيّاش ، تابعي ضعيف جدّاً ، روى عن أنس بن

____________

١ ـ الغيبة للنعماني : ١٠١.

٢ ـ تهذيب المقال ١ : ١٨٤.

٣ ـ خلاصة الأقوال : ١٦١ ، الباب (٨).

٤ ـ رجال البرقي : ٤٧ [ ١٦٩ ] ، ٤٩ [ ١٨٢ ].

٥ ـ رجال الطوسي : ١٠٩ [ ١٠٦٨ ] ، ١٢٦ [ ١٢٦٤ ] ، ١٦٤ [ ١٨٨٥ ].

٥٠

مالك ، وروى عن علي بن الحسين ( عليه السلام ) ، لا يلتفت إليه ، وينسب أصحابنا وضع كتاب سُليم بن قيس إليه ، هكذا قاله ابن الغضائري.

ثمّ نقل كلام العقيقي ، وهو عين ما موجود في مفتتح كتاب سُليم.

ثمّ قال : والأقوى عندي التوقّف في ما يرويه لشهادة ابن الغضائري عليه بالضعف ، وكذا قال شيخنا الطوسي ( رحمه الله ) في كتاب الرجال ، قال : إنّه ضعيف(١) .

وقال ابن داوُد ( ت ٧٠٧ هـ ) : ضعيف ، قيل : إنّه وضع كتاب سُليم بن قيس ( قاله عن الشيخ وابن الغضائري )(٢) ، ثمّ عدّه في من يضع الحديث نقلا عن ابن الغضائري(٣) .

هذه كلمات المتقدّمين من رجاليي الشيعة ، وسيأتي كلام المتأخّرين في مناقشتها.

أمّا أهل السنّة ـ وإن كان كلامهم لا وجه له هنا ; لأنّ الكلام في رجال الشيعة ، والحجّة واقعة عليهم بكلام رجالييهم ، ولكن لا بأس بذكره لما فيه ـ فقد لخّص كلامهم الذهبي ( ت ٧٤٨ هـ ) في ميزانه ، وأورد كلام عدد ممّن يضعّفه ، وأبرزهم شعبة ، الذي قال في أبان كلمات بعضها لا حياء فيها : من أنّه يشرب بول الحمار أو يزني أحبّ إليه من أن يروي عن أبان ، أو أنّ أبان يكذب ، أو أنّه يقدح فيه بالظنّ ، وكذا أورد الذهبي تضعيفه ببعض المنامات ، وأنّ ابن عدي نقل عنه عدّة روايات مناكير(٤) .

ولكنّه نقل أيضاً في نفس الموضع ما يردّ ذلك ، من أنّ أبان كان

____________

١ ـ خلاصة الأقول : ٣٢٥ : القسم الثاني ، الباب (٦) ، في الآحاد.

٢ ـ رجال ابن داود : ٢٢٥ ، الجزء المختصّ بالمجروحين والمجهولين ، باب الهمزة ، رقم (٢).

٣ ـ رجال ابن داوُد : ٣٠٢ ، فصل ١٣ ، في من قيل : إنّه يضع الحديث ، رقم (١).

٤ ـ ميزان الاعتدال ١ : ١٢٤ ، حرف الألف ، رقم [ ١٥ ].

٥١

معروفاً بالخير ، وأنّ ابن عدي ، قال : أرجو أنّه لا يتعمّد الكذب ، وعامّة ما أُوتي به من جهة الرواة عنه ، فلاحظ.

أمّا ما ذكره ابن عدي من المناكير ، فهي مناكير حسب اعتقاده ، منها رواية أنّ الأُمّة ستقتل الحسين ( عليه السلام ) ، وأنّ جبرائيل أرى النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) التربة التي يقتل بها الحسين ( عليه السلام ).

ونقل أيضاً أنّ الآخرين ـ غير شعبة ـ كانوا يسعون في أن يكفّ عن أبان ، وهو يصرّ على ذلك ، ممّا يوحي بوجود غاية خاصّة شخصيّة لشعبة في قدحه لأبان ، ولكنّه مع زعمه أنّه يكذب ، روى عنه ، أو حسب تعبيره شرب بول الحمار أو زنى ، كما أنّ ظنّه لا يغني عن الحقّ شيئاً ، وحال المنامات كما ترى.

وسفيان لم يقدح في شخصه كما فعل شعبة ، وإنّما قال : كان نسيّاً للحديث ، وهذا يرد على ما قاله شعبة فيه(١) .

ونقل ابن حجر ( ت ٨٥٢ هـ ) في التهذيب عن الفلاس أنّه متروك الحديث ، وهو رجل صالح ، وأنّ شعبة سيّء الرأي فيه ، وأنّ أحمد ، قال : كان له هوى ، ومنكر الحديث ، وأنّ أبا حاتم ، قال : كان رجلاً صالحاً ، ولكن بلي بسوء الحفظ ، وأنّ أبا زرعة ، قال : لا يتعمّد الكذب.

وقال ابن حبّان : كان من العبّاد ، ونقل بعض ما مرّ من كلام الذهبي أيضاً(٢) .

وقد أجبنا على بعضها ، ولكن في قولهم رجل صالح ، ومن العبّاد ، وأنّه لا يتعمّد الكذب ، ما يردّ قول القادحين والمضعّفين له بالأخصّ شعبة.

____________

١ ـ انظر أعيان الشيعة ٢ : ١٠٢ ، وتهذيب المقال ١ : ١٨٨ ، وكتاب سُليم تحقيق الأنصاري ١ : ٢٢٢.

٢ ـ تهذيب التهذيب ١ : ٨٥ ، أبان بن أبي عيّاش.

٥٢

أمّا قول أحمد : كان له هوى ، فيدلّ على أنّهم ضعّفوه لتشيّعه ـ كما سيأتي في كلام رجاليي الشيعة المتأخّرين ـ وأنّهم اتّهموه بسوء الحفظ ليردّوا روايته(١) .

وأمّا كلمات المتأخّرين من أعلامنا ، فقد قال الاسترابادي ( ت ١٠٢٨ هـ ) : إنّي رأيت أصل تضعيفه من المخالفين ، من حيث التشيّع(٢) .

وقال المامقاني ( ت ١٣٥١ هـ ) : الجزم بتضعيفه مشكل بعد تسليم مثل سُليم بن قيس كتابه إليه ، وخطابه بابن أخي ، ومن لاحظ حال سُليم بن قيس مال إلى كون الرجل متشيّعاً ممدوحاً ، وأنّ نسبة وضع الكتاب إليه لا أصل لها ، وإذا انضمّ إلى ذلك قول الشيخ أبي علي ( ت ١٢١٦ هـ ) في المنتهى : إنّي رأيت أصل تضعيفه من المخالفين من حيث التشيّع ، تقوّى ذلك ، والعلم عند الله تعالى ، بل بعد إثبات وثاقة سُليم ـ كما يأتي إن شاء الله ـ تثبت وثاقة أبان هذا بتسليمه الكتاب المذكور إليه(٣) .

وقال العلاّمة السيّد الأمين ( ت ١٣٧١ هـ ) : يدلّ على تشيّعه قول أحمد بن حنبل ، كما سمعت ، قيل : إنّه كان له هوى ، أيّ من أهل الأهواء ، والمراد به التشيّع ، والظاهر أنّ منشأ تضعيف الشيخ له قول ابن الغضائري ، وصرّح العلاّمة بأنّ ذلك منشأ توقّفه فيه كما سمعت ، وابن الغضائري حاله معلوم في أنّه يضعّف بكلّ شيء ، ولم يسلم منه أحد ، فلا يُعتمد على تضعيفه.

____________

١ ـ انظر منهج المقال : ١٥ ( الطبعة الحجريّة ) ، وأعيان الشيعة ٢ : ١٠٢.

٢ ـ منهج المقال : ١٥ ( الطبعة الحجريّة ) ، ونقله عنه الشيخ أبو علي محمّد بن إسماعيل المازندراني في منتهى المقال ١ : ١٣٢.

٣ ـ تنقيح المقال : ١ : ٣ ( الطبعة الحجريّة ).

٥٣

وأمّا شعبة فتحامله عليه ظاهر وليس ذلك إلاّ لتشيّعه ، كما هي العادة ، مع أنّه صرّح بأنّ قدحه فيه بالظنّ ، وان الظنّ لا يغني من الحقّ شيئاً ، ولا يسوغ كلّ هذا التحامل بمجرّد الظنّ.

وقد سمعت تصريح غير واحد بصلاحه وعبادته وكثرة روايته وأنّه لا يتعمّد الكذب ، مع قول شعبة : إنّه يكذب على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وكثير ممّا ذكروه لا يوجب قدحه ، كما لا يخفى ، وجعلهم له منكر الحديث لروايته ما ليس معروفاً عندهم ، أو مخالفاً لما يروونه ، مثل حديث القنوت في الوتر قبل الركوع كما مرّ ، ومثل ما رواه حمّاد بن سلمة ، عن أبان ، عن شهر بن حوشب ، عن أُمّ سلمة ، قالت : كان جبرائيل عند النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) والحسين معي ، فبكي فتركته ، فدنا من النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، فقال جبرائيل : أتحبّه يا محمّد ، قال : « نعم » ، إلى آخر ما جاء في الحديث ممّا قد يرون فيه شيئاً من الغلو. وأمّا الاعتماد على المنامات في تضعيف الرجال فغريب طريف ، مع أنّ بعض المنامات السابقة دلّ على حسن حاله(١) .

وقال العلاّمة الشيخ موسى الزنجاني ( ت ١٣٩٩ هـ ) : الأقرب عندي قبول رواياته ، تبعاً لجماعة من متأخّري أصحابنا ، اعتماداً بثقات المحدّثين ، كالصفّار ، وابن بابويه ، وابن الوليد ، وغيرهم ، والرواة الذين يروون عنه ، ولاستقامة أخبار الرجل ، وجودة المتن فيها(٢) .

وقال السيّد الأبطحي ( معاصر ) : لا يبعد كون قوله ( أي الشيخ الطوسي ) في أصحاب الباقر ( عليه السلام ) : تابعي ضعيف ، مصحّف تابعي صغير ، كما يظهر من العامّة ، مدّعياً انّه ليس من كبار التابعين ، ويظهر ممّن ضعّفه

____________

١ ـ أعيان الشيعة ٢ : ١٠٢.

٢ ـ الجامع في الرجال : ١١.

٥٤

من العامّة أنّ أبان بن أبي عيّاش كان من العبّاد ، فلعلّ التضعيف كان من جهة المذهب

ثمّ قال : أمّا تضعيف العامّة لأبان ، فلا يوجب وهناً فيه ، بعد ما كان أبان عاميّاً ثمّ استبصر ، فقد يضعّف مثله بما لا يضعّف به سائر الشيعة ، وسيّما إنّ أبان هو الذي لجأ إليه سُليم ، وهو الراوي لكتابه والناشر لحديثه ، وكأنّ أكثر تضعيفات العامّة لأبان عولا على شعبة ، فقد أكثر الوقيعة في أبان وتبعه غيره ، ثمّ ذكر بعض ما قاله شعبة ، وقال : وملخّص ما قالوا عن شعبة وغيره في تضعيفه أُمور :

أحدها : منامات ذكروها

وثانيها : رواية أبان عن أنس بن مالك.

وثالثها : رواية المناكير ، وعُدّ منها روايات في فضل أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وإن شئت فلاحظ ميزان الاعتدال وغيره ، والأمر في ذلك كلّه واضح ، وهل إلاّ العناد؟(١) .

ونقل السيّد الخوئي ( قدس سره ) ( ت ١٤١٣ هـ ) أقوال المتقدّمين بعينها ولم يزد عليها(٢) .

وهذا جلّ ما ذكر في أبان ، وقد عرفت أنّ المضعّف له ابن الغضائري ، وعرفت حاله في التضعيف وحال كتابه.

ويظهر من الشيخ الطوسي ( ت ٤٦٠ هـ ) والعلاّمة ( ت ٧٢٦ هـ ) وابن داود ( ت ٧٠٧ هـ ) أنّهم اعتمدوا في تضعيفه على ابن الغضائري ، أو ـ على بعد ـ أنّ الشيخ أخذه من العامّة.

____________

١ ـ تهذيب المقال ١ : ١٨٩ ، ١٩٠.

٢ ـ معجم رجال الحديث ١ : ١٢٩ [ ٢٢ ].

٥٥

وتضعيفات العامّة قد مرّ الجواب عليها ، مع أنّها لا مورد لها هنا كما أشرنا سابقاً.

ثمّ وإن قبلنا قول ابن الغضائري والشيخ في تضعيفه ، ولكن قبول أعلام الطائفة لكتاب سُليم المنقول بطريق أبان ـ كما أشرنا إلى ذلك سابقاً ـ يكشف عن أنّه مقبول وغير مضعّف في نقله للكتاب ، وإن سلّمنا ضعفه في الرواية ، وقد عرفت سابقاً أنّه لم يكن ضعيفاً في الاعتقاد أيضاً.

ثمّ أيضاً لا تغفل أنّ الكلام هنا حول الروايات التي في كتاب سُليم الذي رواه عنه أبان ، فإنّه لا كثير فائدة في توثيق أبان بعد أن حصّلنا القول في الكتاب نفسه ، كما عرفت سابقاً ، فما جاء من الروايات عن الأئمّة بتصديق سُليم الذي ناول كتابه إلى أبان وقرأه عليه فهو ـ مع أنّه يفيد توثيق أبان أيضاً ـ كاف في اعتماد وتوثيق الكتاب الذي نقلنا روايات حديث الثقلين منه.

٥٦

حديث الثقلين عند الإماميّة ( الاثني عشريّة )

القرن الثاني الهجري

٥٧
٥٨

(٢) ما وجد من كتاب درست بن أبي منصور (١)

( النصف الثاني من القرن الثاني )

الحديث :

وعنه(٢) ، عن ابن أُذينة ، عن زرارة ، قال : قال أبو جعفر : « أتاني المقبّض الوجه عمر بن قيس الماصر ، هو وأصحاب له ، فقال : أصلحك الله إنّا نقول : إنّ الناس كلّهم مؤمنون.

قال : فقلت : أما والله لو ابتليتم في أنفسكم وأموالكم وأولادكم ، لعلمتم أنّ الحاكم بغير ما أنزل الله بمنزلة سوء ( شرّ محتمل ) ، ولكنّكم عوفيتم ، ولقد قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ، إذا فعل شيئاً من ذلك خرج منه روح الإيمان.

أمّا أنا فأشهد أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قد قال هذا ، فاذهبوا الآن حيث شئتم ، ولقد قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إنّي قد تركت فيكم أمرين لن تضلّوا ما تمسّكتم بهما : كتاب الله ، وأهل بيتي ، فإنّهما لن يتفرّقا حتى يردا علي الحوض.

قال : وقرن أصبعيه السبّابتين.

____________

١ ـ طبع مع أُصول أُخرى في كتاب واحد بعنوان ( كتاب الأُصول الستّة عشر ).

٢ ـ أي درست ، كما ذكر صريحاً في الروايات التي سبقت هذه الرواية.

٥٩

قال : ولا أقول كهاتين السبّاحة ( سبابة ) والوسطى ; لأنّ أحدهما أطول من الأُخرى ، فتمسّكوا بهما لن تضلّوا ولن تزلّوا ، أمّا أنا فأشهد أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قد قال هذا ، فاذهب أنت الآن وأصحابك حيث شئتم »(١) .

درست بن أبي منصور :

قال الكشّي ( القرن الرابع ) في ما روي في أصحاب موسى بن جعفر وعلي بن موسى ( عليهما السلام ) : ، ثمّ درست بن أبي منصور : حمدويه(٢) ، قال : حدّثني بعض أشياخي ، قال : درست بن أبي منصور واسطي ، واقفي(٣) .

وقال النجاشي ( ت ٤٥٠ هـ ) : درست بن أبي منصور ، محمّد الواسطي ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن ( عليهما السلام ) ـ ومعنى درست أي صحيح ـ له كتاب يرويه جماعة(٤) .

وقال الطوسي ( ت ٤٦٠ هـ ) في الفهرست : درست الواسطي ، له كتاب ، وهو ابن أبي منصور(٥) .

وذكره في رجال الصادق ( عليه السلام )(٦) ، والكاظم ( عليه السلام ) ، وقال في الأخير : درست بن أبي منصور ، الواسطي ، واقفي ، روى عن أبي عبد الله ( عليه السلام )(٧) .

وذكره العلاّمة ( ت ٧٢٦ هـ ) في القسم الثاني من الخلاصة ، وقال : قال الكشّي : ابن أبي منصور ، واسطي ، كان واقفيّاً(٨) .

____________

١ ـ الأُصول الستّة عشر : ١٦٦.

٢ ـ قال في أوّل من ذكره من أصحابهما : سمعت حمدويه .

٣ ـ رجال الكشّي : ٥٥٥ ح ١٠٤٩ ، وانظر التحرير الطاووسي : ١٩٧ [ ١٥٤ ].

٤ ـ رجال النجاشي : ١٦٢ [ ٤٣٠ ] ، وانظر : معالم العلماء : ٤٩ [ ٣٢٦ ].

٥ ـ فهرست الطوسي : ١٨٦ [ ٢٨٨ ].

٦ ـ رجال الطوسي : ٢٠٣ [ ٢٥٩٤ ].

٧ ـ رجال الطوسي : ٣٣٦ [ ٥٠٠٥ ] ، وانظر : عدّة الرجال ١ : ٢٦٨ ، الفائدة الأُولى.

٨ ـ خلاصة الأقوال : ٣٤٥ [ ١٣٦٨ ] ، القسم الثاني ، وانظر : إيضاح الاشتباه : ١٨١

٦٠