موسوعة حديث الثقلين الجزء ٣

موسوعة حديث الثقلين0%

موسوعة حديث الثقلين مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: مفاهيم عقائدية
ISBN: 978-600-5213-65-2
الصفحات: 687

موسوعة حديث الثقلين

مؤلف: مركز الأبحاث العقائديّة
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف:

ISBN: 978-600-5213-65-2
الصفحات: 687
المشاهدات: 173444
تحميل: 2237


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 3 الجزء 4
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 687 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 173444 / تحميل: 2237
الحجم الحجم الحجم
موسوعة حديث الثقلين

موسوعة حديث الثقلين الجزء 3

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: 978-600-5213-65-2
العربية

( ٦٧ ) ينابيع النصيحة في العقائد الصحيحة

الحسين بن بدر الدين ( ت ٦٦٣ أو ٦٦٢ هـ )

الحديث :

الأوّل : قال : فصل في الإمامة ، فروى ابن المغازلي ما رفعه بإسناده إلى الوليد بن صالح ، عن ابن امرأة زيد بن أرقم ، قال : أقبل نبيّ الله ( صلى الله عليه وآله ) من مكّة في حجّة الوداع حتّى نزل بغدير الجحفة بين مكّة والمدينة ، فأمر بالدوحات ، فقمّ ما تحتهن من شوك ، ثمّ نادى الصلاة جامعة ، فخرجنا إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في يوم شديد الحرّ ، وإن منّا لمن يضع رداءه على رأسه ، وبعضه تحت قدميه من شدّة الحرّ حتىّ انتهينا إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فصلّى بنا الظهر ، ثمّ انصرف إلينا فقال : « الحمد لله نحمده ونستعينه ونؤمن به ونتوكّل عليه ، وإنّي أوشك أن أفارقكم ، ألا وإنّي مسؤول وأنتم مسؤلون فهل بلّغتكم ، فماذا أنتم قائلون؟ ».

فقام من كلّ ناحية من القوم مجيب يقولون : نشهد أنك عبد الله ورسوله ، قد بلّغت رسالاته ، وجاهدت في سبيله ، وصدعت بأمره ، فقال : « ألستم تشهدون أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله ، وأنّ الجنّة حقّ ، وأنّ النار حق ، وتؤمنون بالكتاب كلّه؟ ».

قالوا : بلى ، قال : « أشهد أنّكم قد صدقتم وصدّقتموني ، ألا وإنّي فرطكم وأنّكم تبعي يوشك أن تردوا عليّ الحوض ، فأسألكم حين تلقوني عن ثقلي ، كيف خلفتموني فيهما؟ » قالوا : فاعتلّ علينا ما ندري ما الثقلان؟ حتى قام رجل من المهاجرين ، قال : بأبي وأمّي أنت يارسول الله ، ما الثقلان؟ فقال :

٣٤١

« الأكبر منهما كتاب الله سبب طرف بيد الله تعالى وطرف بأيديكم فتمسّكوا به ، ولا تولّوا فتضلّوا ، والأصغر منهما عترتي ، من استقبل قبلتي وأجاب دعوتي فلا تقتلوهم ، ولا تقهروهم ولا تقصروا عنهم ، فإنّي قد سألت لهما اللطيف الخبير فأعطاني ، ناصرهما لي ناصر ، وخاذلهما لي خاذل ، ووليّهما لي ولي ، وعدوّهما لي عدو ، ألا فإنّها لم تهلك أمّة قبلكم حتّى تدين بأهوائها ، وتظاهر على نبوّتها وتقتل من قام بالقسط منها » ثمّ أخذ بيد علي بن أبي طالب ، ورواه أيضاً بطريق أخرى كالأوّل ، وروى أيضاً مثل هذا الخبر رفعه إلى اثني عشر رجلاً من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ثمّ سرد الخبر(١) .

الثاني : قال : قول النبي ( صلى الله عليه وآله ) في الخبر المشهور : « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا من بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، إنّ اللطيف الخبير نبّأني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ولا شبهة في كون هذا الخبر متواتراً(٢) .

الثالث : قال : قال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، إنّ اللطيف الخبير نبّأني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ». فجعل التمسّك بهم كالتمسّك بالكتاب ، فكما أنّ المتمسّك بالكتاب لا يضلّ فكذلك المتمسّك بهم ، وإلاّ بطلت فائدة الخطاب(٣) .

الرابع : قال : فصل ، إن قيل : قد رويتم في كتابكم هذا إنّ النبي ( صلى الله عليه وآله ) جعل أهل بيته أحد الثقلين ، وأنّ الثقلين هما الكتاب والعترة ، وأنّه يجب التمسّك

____________

١ ـ ينابيع النصيحة : ٣٣٢ ـ ٣٣٣ ، إمامة الإمام علي ( عليه السلام ).

٢ ـ ينابيع النصيحة : ٣٤٧ ، إمامة أهل البيت ( عليهم السلام ).

٣ ـ ينابيع النصيحة : ٤٧٦.

٣٤٢

بهم ، وأنّ من تمسّك بهما نجى ، وقد ثبت أنّ في أهل البيت عصاة لا تجوز موالاتهم(١) ، إلى آخر الإشكال وردّ الإشكال.

الخامس : قال : والذين شهد لهم الرسول بالعدالة في قوله : « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا من بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، إنّ اللطيف الخبير نبّأني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض »(٢) .

السادس : قال : وقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، إنّ اللطيف الخبير نبّأني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض »(٣) .

الحسين بن بدر الدين محمّد بن أحمد الحسني :

قال الهادي بن إبراهيم الوزير ( ت ٨٢٢ هـ ) في كاشفة الغمّة ـ عند ترجمة الحسن بن بدر الدين ـ : وكان أكبر سنّاً من صنوه الحسين ، وهما فرقدا سماء ، خلا أنّ الحسين أوسع علماًفي الفقه ، والحسن أبرع منه في الأصول(٤) .

قال أحمد الشرفي ( ت ١٠٥٥ هـ ) في اللآلي ـ عند ترجمة الحسن بن بدر الدين(٥) ـ : وكانت وفاة أخيه الحسين بن محمّد قبل وفاته وذلك بعد قيام أخيه بخمس أو ست سنين(٦) .

قال محمّد بن علي بن الزحيف ( النصف الأوّل من القرن العاشر ) في

____________

١ ـ ينابيع النصيحة : ٤٧٧.

٢ ـ ينابيع النصيحة : ٤٨٠ ، في فضل أهل البيت ووجوب اتّباعهم.

٣ ـ ينابيع النصيحة : ٥٩٤.

٤ ـ كاشفة الغمّة عن حسن سيرة إمام الأمّة : ٤٩.

٥ ـ الحسن بن بدر الدين دعى سنّة ٦٥٧ وتوفّي سنة ٦٧٠.

٦ ـ اللآلي المضيّة في أخبار أئمّة الزيديّة ٢ : ٤٦٤.

٣٤٣

مآثر الأبرار : الأمير الحسين بن محمّد ، فهو من أعلام العترة الميامين ، ومن علمائهم المبرزين ، وعلمه أكثر من أن يوصف ، ومعرفته أشهر من أن تعرف فله من التصانيف ما يدلّ على علمه الغزير ، حتّى قيل : إنّه أبو طالب وقته.

ثمّ قال : كانت وفاته بعد قيام أخيه ، وذلك إمّا في سنة اثنتين أو ثلاث وستّين وستّمائة ، وعمره نيّف وستّون سنة(١) .

قال إبراهيم بن المؤيّد ( ت ١١٥٢ هـ ) في الطبقات : الحسين بن محمّد ابن أحمد بن يحيى بن يحيى بن الناصر بن الحسين بن الأمير المعتضد بالله عبد الله ابن الإمام المنتصر لدين الله محمّد ابن الإمام المختار لدين الله القاسم ابن الإمام الناصر لدين الله أحمد ابن الإمام الهادي يحيى بن الحسين ابن الإمام القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) ، الحسني الهدوي اليمني ، الإمام الناطق بالحق الصغير ، الأمير شرف الدين العلاّمة.

مولده في عشرة التسعين وخمسمائة تقريباً.

إلى أن قال : توفّي سنة اثنتين أو ثلاث وستّين وستّمائة ، وعمره اثنتان وستّون سنة ، وقبره يلي قبر أخيه الحسن بن محمّد في مسجد تاج الدين(٢) .

قال عبد الله القاسمي ( ت ١٣٧٥ هـ ) في الجواهر المضيّة : الحسين بن بدر الدين محمّد بن أحمد بن يحيى بن يحيى ، له مشايخ عدّة ، أجلّهم الأمير علي بن الحسين وعلي بن حميد والحسن بن أبي البقاء وأحمد بن محمّد بن نشوان وعمران بن الحسن وغيرهم ، وأجازه والده ، وأجل تلامذته الأمير

____________

١ ـ مآثر الأبرار في تفصيل مجملات جواهر الأخبار ٢ : ٨٩٧.

٢ ـ طبقات الزيديّة ١ : ٣٨٣ ، الطبقة الثالثة.

٣٤٤

المؤيّد بن أحمد والإمام المطهّر بن يحيى وولده جبريل بن الحسين والأمير صلاح بن إبراهيم(١) .

ينابيع النصيحة في العقائد الصحيحة :

قال الحسين بن بدر الدين في بداية كتابه هذا : أمّا بعد ، فقد سألني بعض من زكت محاتده وعناصره وسمعت على العيّوق مناقبه ومفاخره : أن أرسم له في العقيدة زبداً كافية ونتفاً من البراهين شافية وأن أورد من الأدلّة الشرعيّة ما يكون مؤكّداً للأدلّة العقليّة ، وأن أذكر جملة من متشابه الأخبار والآيات التي تعلّق بظاهرها أهل الجهالات ، وأبيّن ما صحّحه العلماء من معانيها ووجوهها التي تجوز فيها ، وأشير له إلى جملة من فروض الخمس الصلوات ، وتمييزها ممّا يتخلّلها من السنن والهيئات ، مجرّدة عن ذكر جميع الأدلّة والخلافات ، فأجبته إلى ما سأل(٢) .

قال محمّد بن علي الزحيف ( النصف الأوّل من القرن العاشر ) في مآثر الأبرار : وللأمير الحسين في أصول الدين كتاب(٣) .

وقال إبراهيم بن المؤيّد ( ت ١١٥٢هـ ) في الطبقات : وله في أصول الدين كتاب(٤) .

____________

١ ـ الجواهر المضيّة : ٤٠.

وانظر في ترجمته أيضاً : التحف شرح الزلف : ١٧٨ ، أعلام المؤلّفين الزيديّة : ٢٩٠ ، مصادر التراث في المكتبات الخاصّة في اليمن : انظر الفهرست ، مؤلّفات الزيديّة : انظر الفهرست ، هجر العلم ومعاقله ٢ : ٨٩٣ ، العقد الثمين : مقدّمة المحقّق ، الأعلام ٢ : ٢٥٥ ، مسند زيد بن علي : ٢٤ ، المقدّمة ، مجلّة تراثنا ٤٧ : ١١ ، الفلك الدوّار : ٦٧ ، تحقيق محمّد يحيى سالم عزان ( في الهامش ) ، المقصد الحسن : ٤٨.

٢ ـ ينابيع النصيحة : ٤.

٣ ـ مآثر الأبرار ٢ : ٨٩٧.

٤ ـ طبقات الزيديّة ١ : ٣٨٧.

٣٤٥

قال عبد السلام الوجيه وهو محقق كتاب مآثر الأبرار وكتاب الطبقات ، تعليقاً على كلام صاحب الطبقات وصاحب مآثر الأبرار في الهامش : ويسمّى ينابيع النصحية في العقائد الصحيحة ، وهو مطبوع ، وقال في هامش كتاب الطبقات : قال في حاشية النسخة : لعلّه ينابيع النصيحة التي أشار إليها الإمام القاسم في آخر متن الأساس ، وهو كتاب مشهور ، قد درّس في المدرسة المتوكلية بصنعاء واشتهر.

ونسبه إليه عبد الله القاسمي في الجواهر المضيّة ، والسيد المؤيّدي في التحف شرح الزلف(١) ، وعبد السلام الوجيه في أعلام المؤلّفين الزيديّة(٢) ، وغيرهم(٣) .

قال السيد أحمد الحسيني في مؤلّفات الزيديّة : ينابيع النصيحة في العقائد الصحيحة ، تأليف : الأمير الحسين بن محمّد بدر الدين الحسني ، عرض مبسّط لعقائد الزيديّة ومالها من الأدلّة الشرعيّة المؤكّدة للادلّة العقليّة(٤) .

قد عرفت ممّا تقدّم أنّ اسم الكتاب ينابيع النصيحة ، ولكن طبع مصوّراً على نسخة بقلم أحمد حجر تحت عنوان الينابيع الصحيحة.

____________

١ ـ التحف شرح الزلف : ١٧٨.

٢ ـ أعلام المؤلّفين الزيديّة : ٣٩١.

٣ ـ انظر ما قدّمنا ذكره من مصادر في هامش ترجمة المصنّف.

٤ ـ مؤلّفات الزيديّة ٣ : ١٧١.

٣٤٦

مؤلّفات عبد الله بن زيد العنسي ( ت ٦٦٧ هـ )

( ٦٨ ) الإرشاد إلى نجاة العباد

الحديث :

الأوّل : قال : ونفضّل الزيديّة على المعتزلة لاتّباعهم في هذه الأصول الخمسة لمذاهب العترة عليهم السلام ، ففازوا باتّباع الخليفتين ، ولم يفرّقوا بين حجّتين مجتمعتين ، التزاماً بما ظهر واشتهر عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) من قوله : « إنّي تركت فيكم خليفتين إن أخذتم بهما لن تضلّوا من بعدي ، أحدهما أكبر من الآخر ، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض »(١) .

الثاني : قال : أمّا إجماع العترة وحدهم فيدلّ على صحّته قوله تعالى ( ) ثمّ قال : وعن النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا من بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض »(٢) .

الثالث : قال : المعرفة الثالثة : إمامة أولاد السبطين ، والدليل على ذلك الكتاب والسنّة ، وأمّا السنّة فقوله ( صلى الله عليه وآله ) « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا من بعدي أبداً » الخبر(٣) .

____________

١ ـ الإرشاد إلى نجاة العباد : ١٨٤ ، تفضيل الزيديّة على غيرهم ، مخطوط مصوّر.

٢ ـ الإرشاد إلى نجاة العباد : ٢٠٧ ، إجماع العترة ، مخطوط مصوّر.

٣ ـ الإرشاد إلى نجاة العباد : ٢١٢ ـ ٢١٣ ، مخطوط مصوّر.

٣٤٧

الرابع : قال : وعن ابن عبّاس أنّ رسول الله رجع من سفر له ، وهو متغيّر اللون ، فخطب خطبة بليغة وهو يبكي ، ثمّ قال : « أيّها الناس ، إنّي قد خلّفت فيكم كتاب الله وعترتي وأرومتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتّى يردا على الحوض ، ألا وإنّي أنتظرهما ، ألا وإنّي أسألكم يوم القيامة في ذلك عند الحوض ، ألا وإنّه يرد عليّ يوم القيامة ثلاث رايات من هذه الأمّة ، راية سوداء فتقف فأقول : من أنتم؟ فيقولون : نحن أهل التوحيد من العرب ، فأقول : أنا محمّد نبي العرب والعجم ، فيقولون : نحن من أمّتك ، فأقول : كيف خلفتموني في عترتي وكتاب ربّي؟ فيقولون : أمّا الكتاب فضيّعنا ، وأمّا عترتك فحرصنا على أن نبيدهم ، فأوّلي وجهي عنهم ، فيصدرون عطاشا ، قد اسودّت وجوههم ، ثمّ ترد راية أخرى أشدّ سواداً من الأولى ، فأقول لهم : من أنتم؟ فيقولون كالقول الأوّل : نحن من أهل التوحيد ، فإذا ذكرت اسمي قالوا : نحن من أمّتك ، فأقول : كيف خلفتموني في الثقلين : كتاب ربّي وعترتي؟ فيقولون : أمّا الكتاب فخالفنا ، وأمّا العترة فخذلنا ، ومزّقناهم كلّ ممزّق ، فأقول : إليكم عنّي ، فيصدرون عطاشا مسودّة وجوههم ، ثمّ ترد عليّ راية أخرى تلمع نوراً فأقول : من أنتم؟ فيقولون : نحن أهل كلمة التوحيد والتقوى ، نحن أمّة محمّد ، ونحن بقيّة أهل الحق ، حملنا كتاب ربّنا ، فأحللنا حلاله وحرّمنا حرامه ، وأجبنا ذرّية محمّد ، فنصرناهم من كلّ ما نصرنا به أنفسنا ، وقاتلنا معهم ، وقتلنا كل من ناواهم ، فأقول لهم : أبشروا فأنا نبيّكم محمّد ، ولقد كنتم كما وصفتم ، ثم أسقيهم من حوضي فيصدرون رواء ، ألا وإنّ جبريل أخبرني بأنّ أمّتي تقتل ولدي الحسين في أرض كرب وبلا(١) .

الخامس : قال : وقوله ( صلى الله عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا من

____________

١ ـ الإرشاد إلى نجاة العباد : ٢٣٩ ، مخطوط مصوّر.

٣٤٨

بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي » الخبر(١) .

عبد الله بن زيد العنسي :

قال أحمد بن أبي الرجال ( ت ١٠٩٢ هـ ) في مطلع البدور : القاضي العلاّمة إمام الزّهاد ورئيس العبّاد ولسان المتكلّمين وشحاك الملحدين ، عبد الله بن زيد بن أحمد بن أبي الخير العنسي ( رحمه الله ) ، هو مفخر الزيديّة ، بل مفخر الإسلام ، جمع ما لم يجمعه غيره من العلوم النافعة الواسعة والأعمال الصالحة ، وصنّف في الإسلام كتباً عظيمة النفع ، رأيت بخطّ بعض العلماء أنّ كتبه مائة كتاب وخمسة كتب ما بين صغير وكبير ، وفيها من النفع العظيم ، وكان جيّد العبارة حسن السبك ، إلى أن قال : وقد ترجم له غير واحد ، وهذا ما كتبه شيخنا من ترجمته ولفظه : كان القاضي عبد الله بن زيد العنسي ـ مؤلّف الإرشاد ( رضي الله عنه ) ـ من أوعية العلم وأجلّ علماء الزيديّة ، ثمّ قال : وله في نصرة الإمام الأعظم المهدي لدين الله أحمد بن الحسين ( سلام الله عليه ) اليد الطولى.

ثمّ قال : وممّا ذكره القاضي عبد الله ( رحمه الله ) في ديباجة مؤلّفه الذي سمّاه اللائق بالأفهام في معرفة حدود الكلام بخطّ يده ما لفظه : ألّف في حال التدريس ، وقبل نبات اللحية ، وكتب هذه النسخة وقد بلغ ستة وستين سنة من العمر بكحلان المحروسة سنة تسع وخمسين وستمائة ، فمولده ( رحمه الله ) سنة أربع أو ثلاث وتسعين وخمسمائة سنة(٢) .

قال إبراهيم بن المؤيّد ( ١١٥٢ هـ ) في الطبقات : عبد الله بن زيد بن أحمد

____________

١ ـ الإرشاد إلى نجاة العباد : ٥٧١ ، في اتّباع مذهب أهل البيت ( عليهم السلام ) ، مخطوط مصوّر.

٢ ـ مطلع البدور ٣ : ٥٢.

٣٤٩

ابن أبي الخير العنسي القاضي العلاّمة ، من شيوخه شيخ آل الرس بدر الدين محمّد بن أحمد بن يحيى بن يحيى ، وأخذ عنه : الأمير الحسين بن محمّد ، ومحمّد بن جابر الراعي ، وللأمير الحسين عنه رواية ، وأظنّ أنّه الواسطة بينه وبين العنسي(١) .

قال عبد الله القاسمي ( ت ١١٧٥ هـ ) في الجواهر المضيّة : وتوفّي بكحلان بعد الستّين والست المائة(٢) .

وفي أعلام المؤلّفين الزيديّة أنّ وفاته سنة ( ٦٦٧ هـ ) ، وكذا في بعض المصادر(٣) .

قال عبد السلام الوجيه في أعلام المؤلّفين الزيديّة : وفي معجم المؤلّفين(٤) باسم عبد الله بن زيد بن مهدي العريقي أبو محمّد وفاته سنة ( ٦٤٠ هـ ) نقلاً عن العقود اللؤلؤيّة(٥) .

أقول : وكذا في هديّة العارفين(٦) .

الإرشاد إلى نجاة العباد :

قال ابن أبي الرجال ( ت ١٠٩٢ هـ ) في مطلع البدور : وهذا ما كتبه شيخنا

____________

١ ـ طبقات الزيديّة ٢ : ٦١١ ، الطبقة الثالثة.

٢ ـ الجواهر المضيّة : ٥٦.

٣ ـ أعلام المؤلّفين الزيديّة : ٥٨٩.

٤ ـ معجم المؤلّفين ٦ : ٥٥.

٥ ـ أعلام المؤلّفين الزيديّة : ٥٩١.

٦ ـ هديّة العارفين ١ : ٤٦٠ ، وانظر في ترجمته أيضاً : لوامع الأنوار ٢ : ٥١ ، مؤلّفات الزيديّة : انظر الفهرست ، مصادر التراث في المكتبات الخاصّة في اليمن : انظر الفهرست ، مسند زيد بن علي : ٢٦ ، مقدّمة المحقّق ، هجر العلم ومعاقله ٤ : ١٨١ ، الذريعة ١٣ : ١٤١ ، الفلك الدّوار : ٢٠٣ ، في الهامش ، المقتطف من تاريخ اليمن : ١٨٩.

٣٥٠

من ترجمته ولفظه : كان القاضي عبد الله بن زيد العنسي مؤلّف الإرشاد ( رحمة الله عليه ) من أوعية العلم ، إلى أن قال : وله الإرشاد المشهور في علم الطريقة والزهد(١) .

ونسبه إليه : أحمد بن المرتضى في شرح الأزهار(٢) ، وإبراهيم بن المؤيّد في الطبقات(٣) ، وعبد الله القاسمي في الجواهر المضيّة(٤) ، وغيرهم(٥) .

قال السيد المؤيّدي في اللوامع : وأروي بهذا السند المتسلسل بآل محمد صلوات الله عليهم جميع مؤلّفات القاضي العلاّمة الحبر البحر ولي آل محمد ( صلى الله عليه وآله ) عبد الله بن زيد بن أبي الخير العنسي ( رضي الله عنه ) المحجة البيضاء ، إلى أن قال : والإرشاد في الطريقة وغيرها(٦) .

قال السيد أحمد الحسيني في مؤلّفات الزيديّة : الإرشاد إلى نجاة العباد ، تأليف : تاج الدين عبد الله بن زيد العنسي المذحجي ، فيما يصلح الإنسان ويوجّهه إلى الرحمن ، كما جاء في الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة وأقوال كبار أرباب التصوّف والعرفان بعناوين ( إرشاد إلى ) استعرض فيه الأصول الاعتقادية ، ثمّ الأعمال العباديّة ، ووظائف الإنسان فيها ظاهراً وباطناً ، وقد فرغ المصنّف منه في آخر جمعة من ربيع الأوّل سنة ٦٣٢(٧) .

____________

١ ـ مطلع البدور ٣ : ٥٢.

٢ ـ شرح الأزهار ١ : ٩٢.

٣ ـ طبقات الزيديّة ٢ : ٦١١ ، الطبقة الثالثة.

٤ ـ الجواهر المضيّة في تراجم بعض رجال الزيديّة : ٥٦.

٥ ـ انظر ما قدّمنا ذكره من المصادر في هامش ترجمة المصنّف.

٦ ـ لوامع الأنوار ٢ : ٥١.

٧ ـ مؤلّفات الزيديّة ١ : ١٠٣.

٣٥١

وقد ذكر له عبد السلام الوجيه في أعلام المؤلّفين الزيديّة عدّة نسخ خطيّة في عدِّة مكتبات وقال : تحت التحقيق والطباعة ، يقوم بتحقيقه العلاّمة محمّد بن قاسم الهاشمي بالاشتراك مع المؤلّف(١) .

____________

١ ـ أعلام المؤلّفين الزيديّة : ٥٩٠.

٣٥٢

( ٦٩ ) الرسالة البديعة المعلنة بفضائل الشيعة

الحديث :

الأوّل : قال : قال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا من بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، إنّ اللطيف الخبير نبّأني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض »(١) .

الثاني : قال : فيعرف أنّ النجاة إنّما يكون بالاعتصام بحبل الله ، ثمّ قال : فإذن هم أهل بيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لقوله ( صلى الله عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا من بعدي أبداً كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي »(٢) .

الثالث : قال : وبإسناد آخر أنّه ( صلى الله عليه وآله ) خرج ومعه علي والعباس فصلّى ووضعاه على المنبر ، فخطب وحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : « أيّها الناس ، إنّي تارك فيكم الثقلين ، لن تعمى قلوبكم ، ولن تزل ، ولن تعصي أبداً ما أخذتم بهما كتاب الله سبب بينكم وبين الله ، فأحلّوا حلاله وحرّموا حرامه » فعظّم من أمر شأن الكتاب ما يعظّم ، ثمّ سكت ، فقال عمر بن الخطّاب هذا أحدهما قد أعلمتنا به فأعلمنا بالآخر ، فقال : « أما إنّي لم أذكره إلاّ وأنا أريد أن أخبركم به غير أنّي أخذني الرمق ، فلم أستطع أن أتكلّم ، ألا وعترتي ألا وعترتي ألا

____________

١ ـ الرسالة البديعة : ٢ ، ضمن مجموع مخطوط مصوّر.

٢ ـ الرسالة البديعة : ٥ ، ضمن مجموع مخطوط مصوّر.

٣٥٣

وعترتي ـ ثلاثاً ـ فوالله لا يبعث رجلاً يحبّهم إلاّ أعطاه الله نوراً يوم القيامة »(١) .

الرسالة البديعة المعلنة بفضائل الشيعة :

نسبها إليه عبد السلام الوجيه في مصادر التراث(٢) ، وفي أعلام المؤلّفين الزيديّة ، قال : الرسالة البديعة المعلنة بفضائل الشيعة ، قال الحبشي : ـ خ ـ جامع الغربية رقم ١٢٠ مجاميع ، قلت أخرى ضمن مجموع بمكتبة السيد محمّد عبد العظيم الهادي ، أخرى بمكتبة آل الهاشمي ، أخرى بمكتبة السيد عبد الرحمن شايم مصوّرة في مكتبة السيد يحيى راوية(٣) .

وقد طبع الكتاب مؤخّراً بتحقيق مركز أهل البيت للدراسات الإسلاميّة.

____________

١ ـ الرسالة البديعة : ٥ ، ضمن مجموع مخطوط مصوّر.

٢ ـ مصادر التراث في المكتبات الخاصّة في اليمن ١ : ٣٨٤ ، ٢ : ٨٦ ، ١٢٥ ، ٥٣٢.

٣ ـ أعلام المؤلّفين الزيديّة : ٥٩٠.

٣٥٤

( ٧٠ ) أنوار اليقين في شرح فضائل أمير المؤمنين ( عليه السلام )

الحسن بن بدر الدين الحسيني ( ت ٦٧٠ هـ )

الحديث :

الأوّل : قال : وروينا عن علي ( عليه السلام ) أنّه قال : « لمّا ثقل على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مرضه ، والبيت غاصّ بمن فيه ، قال : أدعوا لي الحسن والحسين ، فجعل يلثمهما حتّى أغمي عليه ، قال : وجعل علي ( عليه السلام ) يرفعهما عن وجه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، قال : ففتح عينيه ، فقال : دعهما يتمتّعان منّي وأتمتّع منهما فإنّه يصيبهما بعدي إثرة ، ثمّ قال : « يا أيّها الناس ، إنّي قد خلّفت فيكم كتاب الله وسنّتي وعترتي أهل بيتي ، فالمضيّع لكتاب الله كالمضيّع لسنّتي ، والمضيّع لسنّتي كالمضيّع لعترتي ، أما إنّ ذلك لن يفترقا حتّى اللقا على الحوض »(١) .

الثاني : قال : والذي يدلّ على صحّة هذا القول(٢) : اللغة والكتاب والسنّة والإجماع ، وأمّا الوجه الثاني وهو من السنّة فهو قول النبي ( صلى الله عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا من بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، إنّ اللطيف الخبير نبّأني أنّهما لن يفترقا ، حتّى يردا عليّ الحوض » وهذا الخبر ممّا ظهر بين الأمّة واشتهر ، وتلقّته بالقبول وأجمعوا على روايته بالألفاظ المختلفة المفيدة لمعنى واحد(٣) .

____________

١ ـ أنوار اليقين ١ : ٥١ ، شرف الحسنيين بأبيهما وأبيهما بهما ، مخطوط مصوّر.

٢ ـ وهو قول : إنّ أولاد فاطمة هم أولاد الرسول.

٣ ـ أنوار اليقين ١ : ٦٤ ، مخطوط مصوّر.

٣٥٥

الثالث : قال : وروينا عن سلمة بن كهيل بإسناده ، قال : حدّثنا أبو الطفيل أنّه سمع زيد بن أرقم يقول : نزل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بين مكّة والمدينة عند سمرات خمس دوحات عظام فقام تحتهن ، فأناخ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عشيّة يصلّي ، ثمّ قام خطيباً ، فحمد الله عزّ وجلّ وأثنى عليه ، وقال ما شاء الله أن يقول ، ثمّ قال : « أيّها الناس ، إنّي تارك فيكم أمرين لن تضلّوا ما اتبعتموهما القرآن وأهل بيتي عترتي »(١) .

الرابع : قال : قال الإمام الحاكم(٢) رحمه الله ورضي عنه في كتابه تنبيه الغافلين : وحديث الموالاة وغدير خم قد رواه جماعة من الصحابة ، وتواتر النقل به حتّى دخل في حدّ التواتر ، فرواه زيد بن أرقم ، وأبو سعيد الخدري ، وأبو أيّوب الأنصاري ، وجابر بن عبد الله ، واختلفت ألفاظهم ، وزاد بعض ونقص بعض ، ثمّ قال : وعن زيد بن أرقم : لمّا رجع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من حجّة الوداع ، ونزل بغدير خمّ ، أمر بدوحات فقممن ، ثمّ قال : « كأنّي قد دعيت فأجبت ، إنّي قد تركت فيكم الثقلين ، أحدهما أكبر من الآخر : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ، فقال أبو الطفيل : قلت لزيد : أنت سمعت من رسول الله ( صلى الله عليه وآله )؟ فقال : ما كان في الدوحات أحد إلاّ وقد رآه بعينه وسمعه بأذنه(٣) .

الخامس : قال : قال الإمام الحاكم رحمه الله ورضى عنه في كتابه تنبيه الغافلين : ، وعن أبي الطفيل أنّ قوماً جاؤوا من اليمن إلى علي بن أبي طالب فقالوا : يا مولانا ، قال : « أنا مولاكم عتاقة؟ » قالوا : لا ، نحن قوم من

____________

١ ـ أنوار اليقين : ١٩٧ ، فضائل الإمام علي ( عليه السلام ) مخطوط مصوّر.

٢ ـ وهو أبو سعيد المحسن بن كرامة.

٣ ـ أنوار اليقين ١ : ١٩٨ ، فضائل الإمام علي ( عليه السلام ) ، مخطوط مصوّر.

٣٥٦

العرب سمعنا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : « من كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه » قال : فهاجه ذلك ، فنادى في الناس ، فاجتمعوا حتّى امتلأت الرحبة ، فقام فحمد الله وأثنى عليه ، وصلّى على النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، ثمّ قال : « أنشد بالله من شهد غدير خمّ إلاّ قام ، ولا يقوم إلاّ رجل سمع أذناه ووعى قلبه » فقام اثنى عشر رجلاً ثمانية من الأنصار ورجلين من قريش ورجل من خراسان والآخر لا أدري ممّن هو ، فقال لهم : اصطفّوا ، فاصطفوا ، فقال : « هاتوا ما سمعتم من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) » قالوا : نشهد أنّا أقبلنا مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في حجّة الوداع حتّى إذا كنا بغدير خمّ نزل ونزلنا ، وصلّينا معه ، ثمّ قام فحمد الله واثنى عليه.

ثمّ قال : « أيّها الناس ، إنّي أوشك أنا أدعى فأجيب ، وإنّي مسؤول ، وإنّكم مسؤولون ، فما أنتم قائلون » قالوا : نقول : اللهمّ قد بلّغت ، قال : « اللهمّ أشهد » ثلاث مرّات ، ثمّ قال : « أيّها الناس ، إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ، سألت الله ذلك لهما فأعطانيه » ثمّ قال : وقد روى غدير خمّ ابن عبّاس ، وسعد بن أبي وقاصّ في حديث طويل(١) .

السادس : قال : ومن كتاب الكامل المنير ، قال صاحب الكتاب : وحديث أبي أحمد ، قال : حدّثني من أثق به ، عن الحاكم بن ظهير ، عن أبيه عبد الله بن حكيم بن حسين ، عن أبي الطفيل ، عن زيد بن أرقم ، قال : لمّا فرغ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من حجّة الوداع أنزل الله عزّ وجلّ عليه :( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ )

____________

١ ـ أنوار اليقين ١ : ١٩٩ ، فضائل الإمام علي ( عليه السلام ) ، مخطوط مصوّر.

٣٥٧

فخرج مذعوراً نحو المدينة ، ومعه أصحابه حتّى قدم الجحفة ، فنزل بغدير خمّ ، ونهى أصحابه عن شجرات في البطحاء متقاربات ، فنزل تحتها ، وهي شجرات عظام ، فلمّا نزل القوم في سواهن أرسل إليهم سبعين رجلاً من العرب والموالي والسودان فشّك شوكهن وقمّ ما تحتهن ، ثمّ أمر بالصلاة جامعة ، فاجتمع المسلمون ، وممّن حضر يومئذ علي بن أبي طالب والحسن والحسين ابنا علي ، والعباس وولداه عبد الله والفضل ، وفيهم أبو بكر وعمر وعثمان ومعاوية وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقّاص وأبو عبيدة بن الجرّاح وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وسلمان الفارسي وأبو ذر الغفاري والمقداد بن الأسود وعمّار بن ياسر وعمرو بن العاص والبراء ابن عازب وأنس بن مالك وأبو هريرة وأبو الحمراء مولى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وعبد الله بن مسعود وجابر بن عبد الله الأنصاري ، ووجوه قريش ، وعامّة أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عقبي ومهاجري وأنصاري وغيرهم من بدوي وحضري حتّى امتلأ الدوح ، وبقي أكثر الناس في الشمس يقي قدميه بردائه من شدّة الرمض ، فصلّى ( صلى الله عليه وآله ) تحتهن ركعات ، ثمّ قام خطيباً ، فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال ، فأخذ بيد علي بن أبي طالب فرفعها ، ثمّ قال ، ثمّ أخذ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بيد علي ( عليه السلام ) ثانية فقال : « أيّها الناس ، اسمعوا ما أقول لكم إنّي فرطكم على الحوض ، وإنّكم واردون عليّ الحوض حوضاً ما بين صنعاء إلى إيلة فيه بعدد نجوم السماء قداح ، إنّي مصادفكم على الحوض يوم القيامة ألا وإنّي مستنقذ رجالاً ، ويخلج دوني آخرون ، فأقول يارب أصحابي أصحابي ، فيقال : إنّهم أحدثوا وغيّروا بعدك ، وإنّي سائلكم حين تردون عليّ الحوض عن الثقلين ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما » قالوا : وما الثقلان يارسول الله؟

٣٥٨

قال : الأكبر منهما كتاب الله سبب ما بين السماء والأرض ، طرف بيد الله وطرف بأيدكم ، فتمسّكوا به لا تضلّوا وتبدلوا ، والأصغر منهما عترتي أهل بيتي ، فقد نبّأني اللطيف الخبير أنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ، فلا تعلّموا أهل بيتي فإنّهم أعلم منكم ، ولا تسبقوهم فتفرقوا ، ولا تقصّروا عنهم فتهلكوا ، ولا تولّوا غيرهم فتضلّوا »(١) .

السابع : قال : ومن مناقب الفقيه ابن المغازلي أبي الحسن الواسطي الشافعي بإسناد رفعه إلى الوليد بن صالح عن ابن امرأة زيد بن أرقم ، قال : أقبل النبي ( صلى الله عليه وآله ) من مكّة في حجّة الوداع حتّى نزل بغدير الجحفة بين مكّة والمدينة ، فأمر بالدوحات ، فقمّ ما تحتهن من شوك ، ثمّ نادى الصلاة جامعة ، فخرجنا إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في يوم شديد الحرّ ، إن منّا لمن يضع رداءه على رأسه ، وبعضه تحت قدميه من شدّة الحرّ حتّى انتهينا إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فصلّى بنا الظهر ، ثمّ انصرف إلينا فقال « الحمد لله نحمده ونستعينه ، ونؤمن به ونتوكّل عليه ، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيّئات أعمالنا ، الذي لا هادي لمن أضلّ ، ولا مضلّ لمن هدى ، وأشهد أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمداً عبده ورسوله ، أمّا بعد ، أيّها الناس ، فإنّه لم يكن لنبي من العمر إلاّ نصف ما عمّر من قبله ، وإنّ عيسى بن مريم لبث في قومه أربعين سنة ، وإنّي قد أشرعت في العشرين ، ألا وإنّي يوشك أن أفارقكم ، ألا وإنّي مسؤول وأنتم مسؤولون ، فهل بلّغتكم فما أنتم قائلون؟ » فقام من كلّ ناحية من القوم مجيب يقولون نشهد أنّك عبد الله ورسوله ، وقد بلّغت رسالته ، وجاهدت في سبيله ، وصدعت بأمره وعبدته حتّى أتاك اليقين ، جزاك الله عنّا خير ما جزى نبيّاً عن

____________

١ ـ أنوار اليقين ١ : ١٩٩ ـ ٢٠٠ ، فضائل الإمام علي ( عليه السلام ) ، مخطوط مصوّر.

٣٥٩

أمّته ، فقال : « ألستم تشهدون أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله ، وأنّ الجنّة حقّ والنار حقّ ، وتؤمنون بالكتاب كلّه » قالوا : بلى ، قال : « أشهد أنّكم صدقتم فصدقتموني ، ألا وإنّي فرطكم على الحوض ، وإنكم تبعي يوشك أن تردوا على الحوض ، فأسألكم حين تلقوني عن ثقلي كيف خلفتموني فيهما » قال : فأعيل علينا ما ندري ما الثقلان حتّى قام رجل من المهاجرين ، قال : بأبي أنت وأمّي أنت يارسول الله ما الثقلان؟ قال : « الأكبر منهما كتاب الله سبب طرف بيد الله وطرف بأيديكم ، فتمسّكوا به ولا تولّوا ولا تضلّوا ، والأصغر منهما عترتي ، من استقبل قبلتي وأجاب دعوتي فلا تقتلوهم ولا تقهروهم ولا تقصروا عنهم ، فإنّي قد سألت لهما اللطيف الخبير فأعطاني ، ناصرهما لي ناصر ، وخاذلهما لي خاذل ، ووليّهما لي ولي ، وعدوّهما لي عدو ، ألا فإنّها لم تهلك أمّة قبلكم حتّى تدين بأهوائها(١) .

الثامن : قال : وروينا عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أنّه قال : « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا من بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، إنّ اللطيف الخبير نبّأني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا على الحوض »(٢) .

التاسع : قال : وروينا عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أنّه قال : « إنّي يوشك أن أدعى فأجيب ، وإنّي قد خلّفت فيكم الثقلين : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ، إنّ اللطيف الخبير نبّأني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا على الحوض ، فانظروا ماذا تخلفوني فيهما »(٣) .

العاشر : قال : قال الإمام الناصر للحق ( عليه السلام ) في معنى قول النبي ( صلى الله عليه وآله ) من مات

____________

١ ـ أنوار اليقين ١ : ٢٠٣ ، ٢٠٤ ، فضائل الإمام علي ( عليه السلام ) ، مخطوط مصوّر.

٢ ـ أنوار اليقين ٢ : ٢٦٢ ، فضائل أهل البيت ( عليهم السلام ) ، مخطوط مصوّر.

٣ ـ أنوار اليقين ٢ : ٢٦٢ ، فضائل أهل البيت ( عليهم السلام ) ، مخطوط مصوّر.

٣٦٠