مناظرات وحوار ليالي بيشاور

مناظرات وحوار ليالي بيشاور0%

مناظرات وحوار ليالي بيشاور مؤلف:
المحقق: السيّد حسين الموسوي
الناشر: ذوي القربى
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 1199

مناظرات وحوار ليالي بيشاور

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيّد محمّد الموسوي الشيرازي
المحقق: السيّد حسين الموسوي
الناشر: ذوي القربى
تصنيف: الصفحات: 1199
المشاهدات: 215755
تحميل: 2410

توضيحات:

مناظرات وحوار ليالي بيشاور
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 1199 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 215755 / تحميل: 2410
الحجم الحجم الحجم
مناظرات وحوار ليالي بيشاور

مناظرات وحوار ليالي بيشاور

مؤلف:
الناشر: ذوي القربى
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

عليها وفضّلوها على سائر التراب، وكلامهم سند محكم لنا ودليلٌ أتم للعمل بدين الله عزّ وجلّ.

وأمّا الروايات المنقولة في كتبكم فكثيرةٌ أيضاً، منها: كتاب الخصائص الكبرى للعلّامة جلال الدين السيوطي، فقد ذكر روايات كثيرة عن طريق أبي نعيم الحافظ والبيهقي والحاكم وغيرهم، وهم بالإسناد إلى أم المؤمنين أم سلمة وعائشة، وأم الفضل زوجة العباس عم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وابن عباس وأنس بن مالك وغيرهم، ومن جملة تلك الروايات قول الراوي: رأيتُ الحسين في حجر جدِّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وفي يده تربة حمراء وهو يشمها ويبكي، فقلت: ما هذه التربة يا رسول الله؟ وممّ بكاؤك؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : كان عندي جبرئيل فأخبرني أنّ ولدي الحسين يُقتل بأرض العراق، وجاءني بهذه التربة من مصرعه.

ثمّ ناولها لأم سلمة (رض) وقال لها: أنظري إذا انقلبتْ دماً عبيطاً فاعلمي بأنّ ولدي الحسين قد قُتل.

فَوَضَعتها أم سلمة في قارورة وهي تراقبها كل يوم، حتى إذا كان يوم عاشوراء من سنة ٦١ هجرية فإذا بالتربة قد انقلبت دماً عبيطاً، فصرخت: واولداه واحسيناه. وأخبرت اهل المدينة بقتل الحسينعليه‌السلام (١) .

____________________

١) روى ابن حجر الهيثمي في كتاب الصواعق المحرقة / ص ١١٥، ط الميمنة بمصر قال: «الحديث الثامن والعشرون»: أخرج ابن سعد والطبراني عن عائشة أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: اخبرني جبريل أنّ ابني الحسين يُقتل بعدي بارض الطّفّ، وجاءني بهذه التربة فأخبرني أنّ فيها مضجعه. =

١٠٦١

. . . . .

____________________

= الحديث التاسع والعشرون: أخرج أبو داود والحاكم عن أم الفضل بنت الحرث أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: أتاني جبريل فأخبرني أنّ أمّتي ستقتل إبني هذا - يعني الحسين - وأتاني بتربة حمراء.

(وأخرج) أحمد: لقد دخل عليّ البيت مَلَكٌ لم يدخل عليَّ قبلها فقال لي: إنّ ابنك هذا حسيناً مقتولٌ، وإن شئت اَرَيتُك من تربة الأرض التي يُقتل بها، قال: فأخرج تربة حمراء.

الحديث الثلاثون: أخرج البغوي في معجمه من حديث أنَس أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: استأذنَ مَلَكٌ القَطر ربِّهُ أنّه يزورني، فأَذن له، وكان في يوم أمّ سلمة فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا أمّ سلمة! إحفظي علينا الباب لا يدخل أحد، فبينا هي على الباب إذْ دخَل الحسين فاقتحم فوثب على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فجعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يلثمه ويقبّله.

فقال له الَملَك: أتحبه؟ قال: نعم. قال: إنّ أُمّتَك ستقتله وإنْ شئتَ أُريك المكان الذي يُقتَل به. فأراه، فجاء بسهلة أو تراب أحمر، فأخذَتهُ أم سلمة فجعلته في ثوبها.

قال ثابت: كنّا نقول إنها كربلاء، وأخرجه أيضاً أبو حاتم في صحيحه، وروى أحمد نحوه، وروى عبد بن حميد وابن أحمد نحوه أيضاً، لكن فيه أنّ الملَكَ جبرئيل، فإنْ صحَّ فهما واقعتان،وزاد الثاني أيضاً: أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شمّها وقال: ريحُ كربٍ وبلاء. - والسهلة بكسر أوّله رمل خشن ليس بالدقاق الناعم - وفي رواية الملا وابن أحمد في زيادة المسند قالت - أي أم سلمة -: ثم ناولني كفّاً من تراب أحمر وقال: إنّ هذا من تربة الأرض التي يُقتَل بها، فمتى صار دماً فاعلمي أنّه قد قُتل. قالت أم سلمة: فوضعتُهُ في قارورة عندي وكنتُ أقول: إنّ يوماً يتحوّل فيه دماً ليومٌ عظيم. =

١٠٦٢

. . . . .

____________________

= وفي رواية عنها: فأصبتهُ يوم قُتِل الحسين وقد صار دماً.

وفي اُخرى - أي رواية أخرى - ثم قال يعني جبرئيل: ألا أريك تربة مقتله؟ فجاء بحَصَيات فجعلهن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في قارورة، قالت أم سلمة: فلما كانت ليلة قُتل الحسين، سمعتُ قائلا يقول:

أيّها القاتلون جهلاً حسيناً

أبشروا بالعذاب والتذليل

لقد لعِنتُم على لسان بن داود

وموسى وحامل الإنجيل

قالت: فبكيتُ وفتحتُ القارورة فإذا الحَصَيات قد جَرَتْ دما.

وأخرج ابن سعد عن الشعبي قال: مَرَّ عليٌ (رضي الله عنه) بكربلا عند مسيره إلى صفّين وحاذى نينوى - قرية على الفرات، فوقف وسألَ عن اسم هذه الأرض؟ فقيل: كربلاء، فبكى حتى بل الأرض من دموعه. ثم قال دخلت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يبكي، فقلت: ما يبكيك؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله كان عندي جبرئيل آنفاً وأخبرني، أنّ ولديَ الحسين يُقتَل بشاطيء الفرات بموضع يُقال له: كربلاء، ثم قبض من تراب شمَّني إيّاه، فلم أمِلْك عَينيَّ أنْ فاضتا. ورواه أحمد مختصراً عن عليّ.

وأخرج أيضاً - أي ابن سعد - أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان له مشربة، درجتها في حجرة عائشة يرقى إليها إذا أراد لقى جبريل. فرقى إليها وأمَر عائشة أنْ لا يطلع إليها أحدٌ. فرقى حسين ولم تعلم به. فقال جبريل: مَن هذا؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : إبني،فأخذه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فجعله على فخذه. فقال جبريل: ستقتله أُمّتُك. فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : إبني؟! قال: نعم.. وإنْ شئت أخبرتك الأرض التي يقتل فيها، فأشار جبريل بيده إلى الطّف بالعراق فأخذ منها تربةً حمراء، فأراه إيّاها وقال: هذه من تربة مصرعه.

هذا ما أردنا نقله من كتاب الصواعق المحرقة. =

١٠٦٣

. . . . .

____________________

= ولا يخفى أنّ حديث التربة ورد بأسانيد وبطرق شتّى رواه كبار علماء العامّة وأعلامهم، منهم: العلّامة ابن عبد ربه الأندلسي في العقد الفريد: ج ٢/٢١٩، طبع الشرقيّة بمصر، والعلّامة المحب الطبري في ذخائر العقبى صفحة ١٤٧، طبع القدسي بالقاهرة، والحافظ الذهبي الدمشقي في ميزان الإعتدال: ج ١/ ٨، طبع القاهرة، والعلّامة المتقي في كنز العمال: ج ٣/ ١١١، طبع حيدر آباد، والعلّامة السيوطي في الخصائص الكبرى: ج ٢/ ١٢٥، طبع حيدر آباد، والعلّامة الحرّاني القشيري في تاريخ الرقة ٧٥ / طبع القاهرة، والعلّامة ابن الصبّاغ المالكي في الفصول المهمة: ١٥٤/ طبع الغري، والعلّامة الشبلنجي في نور الأبصار ١١٦، ط مطبعة المليجية بمصر، والعلامة عبدالغفّار الهاشمي في كتابه أئمة الهدى ٩٦، طبع القاهرة، والعلّامة الخوارزمي في مقتل الحسين: ج ٢ / ٩٤، والعلّامة الطبراني في المعجم الكبير، كما نقل عنه الصواعق، والعلّامة العسقلاني في تهذيب التهذيب: ج ٢ / ٣٤٦، طبع حيدر آباد، والعلّامة أبو زرعة في طرح التثريب: ج ١/ ٤١، طبع مصر، والعلّامة الهيثمي في مجمع الزوائد: ج ٩/ ١٨٩، طبع القدسي بالقاهرة، والعلّامة الشيخ صفي الدين الخزرجي في خلاصة تذهيب الكمال ٧١، طبع مصر، والعلّامة الكنجي الشافعي في كفاية الطالب ٢٧٩، طبع الغري، والعلامة الزرندي الحنفي في نظم درر السمطين ٢١٥، ط مطبعة القضاء بمصر.

والعلّامة عبدالقادر الحنبلي في الغنية لطالبي طريق الحق: ج ٢ صفحة ٥٦، طبع مصر، والعلّامة ابن الأثير الجزري في النهاية: ج ٢ صفحة ٢١٢، طبع الخيرية بمصر، والعلّامة جمال الدين محمد بن مكرم في لسان العرب: ج ١١/ ٣٤٩، طبع دار الصادر بيروت، والعلّامة الصدّيقي الفتني في مجمع بحار الأنوار: ج ٢/ ١٦١، طبع لكنهو، والعلّامة ابن عساكر في تاريخه الكبير/ في ترجمة =

١٠٦٤

. . . . .

____________________

= الحسينعليه‌السلام : ج ٤ صفحة ٣٣٧ و ٣٣٨، والعلّامة باكثير الحضرمي في وسيلة المآل صفحة ١٨٢، نسخة مكتبة الظاهرية بدمشق، وابن الأثير الجزري أيضاً في تاريخه الكامل: ج ٣/٣٠٣، طبع المنيرية بمصر.

هؤلاء كلهم رووا بأسانيد عديدة وطرق متعدّدة حديث التربة بألفاظ شتى عن أم سلمة سلام الله عليها.

ورواه جمع من علماء أهل السنّة عن ابن عباس رضي الله عنهم، منهم: الحافظ أبو الفداء في البداية والنهاية: ج ٦/ ٢٣٠، طبع السعادة بمصر نقله عن مسند أبي بكر البزّار، ومنهم: الحافظ نور الدين علي بن أبي بكر في مجمع الزوائد: ج ٩/ ١٩١، طبع القدسي بالقاهرة، رواه عن البزّار أيضاً وقال: رجاله ثقاة.

وروى حديث التربة جماعة من أعلام أهل السنة عن الإمام عليعليه‌السلام ، منهم: أحمد بن حنبل في المسند: ج ١/ ٨٥، طبع الميمنة بمصر، والعلّامة الذهبي في تاريخ الإسلام: ج ٣/ ٩، طبع مصر، وفي سير أعلام النبلاء:ج ٣/ ١٩٣، طبع مصر ومنهم: العلامة المتقي الهندي في كنز العمال: ج ١٣/ ١١٢، طبع حيدر آباد، ومنهم: العلامة الطبراني في المعجم الكبير ومنهم: الخوارزمي في مقتل الحسين: ج ١/ ١٧٠ طبع الغرى، والعلامة المحب الطبري في ذخائر العقبى ١٤٧ طبع القدسي بمصر، والعلامة العسقلاني في تهذيب التهذيب: ج ٢/ ٣٤٦، ط حيدر آباد، والعلّامة سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص: ص ٢٢٥، طبع مؤسسة أهل البيت/ بيروت. والعلّامة السيوطي في الخصائص الكبرى: ج ٢/ ١٢٦، طبع حيدر آباد. والعلّامة محمد بن حوت البيروتي في أسنى المطالب ٢٢، ط مصطفى الحلبي.

والعلّامة المناوي في الكواكب الدُّرِّيَّة: ج ١/ ٥٦، ط الأزهريّة بمصر والعلّامة القندوزي في ينابيع المودّة / ٣١٩، طبع إسلامبول.

وروى حديث التربة معاذ بن جبل في حديث مفصَّل، أخرجه العلّامة الطبراني في =

١٠٦٥

. . . . .

____________________

= المعجم الكبير وأخرجه عن طريق الطبراني الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد: ج ٩/ ١٨٩، طبع القدسي بالقاهرة واخرجه العلّامة الخوارزمي في مقتل الحسين: ج ١/ ١٦٠، ط الغري والمتقي الهندي في كنز العمال: ج ١٣/ ١١٣، طبع حيدر آباد الدكن، أخرجه عن طريق الديلمي.

والعلّامة البدخشي في (مفتاح النجا) أيضاً عن طريق الديلمي.

وروى جماعة من أعلام أهل السنّة حديث التربة عن عائشة منهم: الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد: ج ٩/ ١٨٧، طبع القدسي بالقاهرة، أخرجه عن المعجم الكبير للطبراني، والخوارزمي في (مقتل الحسين) والمتقي الهندي في كنز العمال: ج ١٣/ ١١١، ط حيدر آباد، وابن حجر في الصواعق كما مرّ آنفاً، والمناوي في الكواكب الدريّة: ج ١/ ٤٥، طبع الأزهريّة بمصر، والعلّامة القندوزي في الينابيع/ ٣١٨، ط اسلامبول والعلّامة النبهاني في الفتح الكبير: ج ١/ ٥٥، طبع مصر، والعلّامة البدخشي في مفتاح النجا: ١٣٤، والعلّامة القلندر الهندي في الروض الأزهر:١٠٤، طبع حيدرآباد، وأكثرهم رووا الحديث عن عائشة عن طريق ابن سعد والطبراني.

وروى حديث التربة جماعة من أعلام العامّة عن أبي أمامة منهم العلّامة الهيثمي في مجمع الزوائد:ج ٩ / ١٨٩، ط القدسي بالقاهرة، وقال في آخره: رواه الطبراني ورجاله موثوقون. ومنهم العلّامة الذهبي في تاريخ الاسلام: ج ٣ / ١٠، طبع مصر، وفي كتابه الآخر (سيرأعلام النبلاء) ج ٣/ ١٩٤ طبع مصر.

وروى حديث التربة جمع من أعلام أهل السنة عن زينب بنت جحش، منهم الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد: ج ٩ / ١٨٨، طبع القدسي بالقاهرة، وقال: رواه الطبراني بإسنادين، ومنهم العلّامة المتقي الهندي في(كنز العمال) ج ١٣ / ١١٢، طبع حيدر آباد الدكن، والعلّامة البدخشي في مفتاح النجا: ص ١٣٥، =

١٠٦٦

. . . . .

____________________

= رواه من طريق الطبراني وأبي يعلي. ومنهم العلّامة العسقلاني في المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية صفحة ٩ / طبع الكويت، أخرجه عن طريق أبي يعلي.

وروى حديث التربة جماعة من أعلام العامّة عن أم الفضل بنت الحارث، منهم الحاكم في المستدرك: ج ٣ / ١٧٦، طبع حيدر آباد، وقال: حديث صحيح، والعلّامة ابن الصبّاغ المالكي في الفصول المهمة صفحة ١٥٤، ط الغري، وابن حجر في الصواعق كما مرّ آنفاً، أخرجه عن أبي داود والحاكم، والعلّامة المتقي الهندي في منتخب كنز العمال المطبوع بهامش المسند:ج ٥/١١١ ط الميمنة بمصر، والعلامة ابن كثير الدمشقي في البداية والنهاية: ج ٦ / ٢٣٠، طبع القاهرة، رواه عن طريق البيهقي، والعلّامة الذهبي في (تلخيص المستدرك) المطبوع في ذيل المستدرك: ج ٣ / ١٧٦، حيدر آباد، والعلّامة السيوطي في الخصائص الكبرى: ج ٢ / ١٢٥، ط حيدر آباد، رواه عن طريق الحاكم والبيهقي، والعلامة الخطيب التبريزي في مشكاة المصابيح: ٥٧٢، ط دهلي، والعلامة احمد بن يوسف الدمشقي في أخبار الدول وآثار الأول: ١٠٧، ط بغداد، والعلّامة البدخشي في مفتاح النجا ١٣٤ رواه عن البيهقي من دلائل النبوة، والعلامة القندوزي في الينابيع/ ٣١٨، ط اسلامبول نقلاً عن المشكاة، وفي صفحة ٣١٩ رواه عن أبي داود والحاكم، والعلّامة الشبلنجي في(نور الأبصار) ١١٦ طبع مصر، والعلامة الخوارزمي في(مقتل الحسين) ج ١/ ١٥٨ طبع الغري، والعلّامة النبهاني في (الفتح الكبير) ج ١/ ٢٢ طبع مصر.

ورواه جماعة من أعلام العامّة عن أنس بن مالك، منهم: أبو نعيم الحافظ في دلائل النبوّة ٤٨٥ طبع حيدر آباد، وأحمد في المسند: ج ٤ / ٢٤٢، طبع الميمنيّة بمصر، والعلّامة المحب الطبري في ذخائر العقبى ١٤٦، طبع القدسي بمصر، قال: خرّجه البغوي في معجمه، وخرّجه أبو حاتم في صحيحه، والعلّامة الخوارزمي في مقتل الحسين: ج ١ صفحة ١٦٠ طبع الغري، والعلّامة الذهبي في تاريخ الاسلام: =

١٠٦٧

. . . . .

____________________

= ج ٣ صفحة ١٠ طبع مصر، وفي سير أعلام النبلاء: ج ٣ / ١٩٤،طبع مصر، والحافظ ابن كثير الدمشقي في البداية والنهاية: ج ٦ / ٢٢٩، ط القاهرة، والعلامة الهيثمي في مجمع الزوائد: ج ٩ / ١٨٧، طبع القدسي بمصر، وابن حجر في الصواعق كما ذكرنا عنه آنفاً، وجلال الدين السيوطي في الخصائص: ج ٢ / ١٢٥، طبع حيدر آباد / قال: وأخرج البيهقي وأبو نعيم، عن أنس الخ، وفي كتابه الآخر الحبائك في أخبار الملائك ٤٤ طبع دار التقريب بالقاهرة،والعلّامة الشعراني في (مختصر تذكرة الشيخ أبي عبدالله القرطبي) ١١٩ ط مصر، والعلّامة النبهاني في الأنوار المحمدية ٤٨٦ ط الأدبية بيروت، والعلامة البرزنجي في (الإشاعة في أشراط الساعة) ٢٤ / ط مصر، والعلّامة القندوزي في (ينابيع المودة) الباب الستّون / قال: وأخرج البغوي في معجمه وأبو حاتم في صحيحه وأحمد بن حنبل وابن أحمد وعبد بن حميد وابنه أحمد، عن انس الخ، والعلّامة الحمزاوي في مشارق الأنوار: ١١٤ طبع الشرقية بمصر.

ورواه بعض أعلام العامة عن ابي الطفيل، منهم الحافظ نور الدين الهيثمي في مجمع الزوائد: ج ٩ / ١٩٠ طبع القدسي في القاهرة، وقال: رواه الطبراني وإسناده حسن.

ورواه بعض أعلام العامّة عن سعيد بن جمهان، منهم الحافظ محمد بن قايماز الدمشقي المشهور بالذهبي في (تاريخ الاسلام) ج ٣ / ١١ طبع مصر، وفي كتابه الآخر (سِيَر أعلام النبلاء)ج ٣/١٩٥ طبع مصر.

أقول: وأمّا في خصوص تقبيل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وتقديسه تربة كربلاء فقد وردت روايات في كتب أعلام أهل السنّة منهم: الحاكم محمد بن عبدالله النيسابوري في (المستدرك) ج ٤ / ٣٩٨ طبع حيدر آباد، قال - وذكر السند إلى عبدالله بن وهب بن زمعة - قال: أخبرتني أمُّ سَلَمة (رض): أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله اضطجع ذات ليلة للنوم فاستيقظ وهو حائر، ثم اضطجع فرقد، ثمّ استيقظ وهو حائر دون ما رأيت =

١٠٦٨

ولقد أجمع علماؤنا أنّ أوَّل من اتخذ من تراب كربلاء - بعد استشهاد أبي عبدالله الحسين سيد الشهداء وأنصاره وصحبه السعداء الشهداء الأوفياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين - هو الإمام السجاد زين العابدين، إذ حمل معه كيساً من تلك التربة الزاكية الطيّبة، فكان يسجد على بعضها، وصنع ببعضها مسباحاً يسبِّح به.

وهكذا فعل أئمة أهل البيتعليه‌السلام من بعده، وهم أحد الثقليْن، فيلزم الإقتداء بهم والأخذ بقولهم لقول النبي الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله : إني تارك

____________________

= به المرّة الأولى، ثمّ اضطجع فاستيقظ وفي يده تربة حمراء يقبّلها.

فقلت: ما هذه التربة يا رسول الله؟! قال: أخبرني جبريل عليه الصلاة والسلام: أنّ هذا يُقتل بأرض العراق - الحسين - فقلت لجبريل: أرِني تربة الأرض التي يُقتل بها، فهذه تربتها قال: هذا حديث صحيح.

ورواه العلّامة الطبراني في (المعجم الكبير) ص ١٤٥ مخطوط، بإسناده إلى أم سلمة عن طريق آخر، فذكر الحديث بعين ما تقدّم عن المستدرك لكنّه أسقط قولها: ثم اضطجع، إلى قولها: فاستيقظ. وذكر بدل قوله حائر: خائر النفس.

ورواه المحب الطبري في (ذخائر العقبى) ١٤٧ طبع القدس بالقاهرة عن طريق ثالث بالإسناد إلى أم سلمة بعين ما تقدّم عن (المستدرك) من قوله: استيقظ وهو حائر دون ما رأيت الخ لكنّه ذكر بدل كلمة حائر: خائرالنفس.

فإذا كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقبِّل تربة كربلاء باعتبار أنّها تكون مضجع ولده الحسين في المستقبل، كيف لا يجوز لنا أنْ نقبّل تلك التربة ونقدّسها بعد أنْ أُريقت عليها دماء الحسين وأصحابه وآله الأبرار الطيبين الأخيار، وصارت لهم مرقداً إلى يوم الحساب؟ فصلوات الله وسلامه عليهم وعلى أبدانهم وأرواحهم، ولقد طابوا وطابت الأرض التي دُفنوا فيها.

«المترجم»

١٠٦٩

فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ما إنْ تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا، وهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض.

فالتمسك بهم وبقولهم وفعلهم أمانٌ من الضلال وموجب لدخول الجنّة معهم إن شاء الله تعالى.

ولقد روى شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسي رضوان الله تعالى عليه، في كتابه مصباح المتهجّد، بأنّ الإمام الصادق جعفر بن محمدعليه‌السلام كان يحمل معه شيئاً من تربة كربلاء في منديل أصفر، وكان وقت الصلاة يفتح ذلك المنديل ويسجد على تلك التربة، وكان يقول: إنّ السجود على تراب قبر جدّي الحسينعليه‌السلام غير واجب ولكن أفضل من السجود على غيره من بقاع الأرض. وهذا رأي جميع فقهاء الشيعة بلا استثناء.

فكانت الشيعة أيضاً تَحمل من تراب كربلاء في مناديل معهم، فإذا صار وقت الصلاة فتحوا المنديل وسجدوا على التراب الذي فيه؛ وبعد ذلك فكِّروا بصنع قطعات يسهل حملها، فمزجوا تراب كربلاء بالماء وجعلوا منه قطعات من الطين اليابس تسهيلاً لحمله ونقله فكلّ مَنْ أحبّ يأخذ معه طينة يابسةً يحملها معه فإذا صار وقت الصلاة، وضعها حيث يشاء فيسجد عليها، وهو من باب الفضيلة والاستحباب، وإلّا فنحن نسجد على كلّ ما يطلق عليه اسم الأرض، من الحجر والمدر والتراب والحصي والرمل من كل بقاع الأرض.

والآن فكروا هل يصح منكم - وأنتم علماء القوم - أن تهاجموا الشيعة المؤمنين، لأجل سجودهم على تراب كربلاء؟ فتلبسوا الواقع

١٠٧٠

على أتباعكم، فيظنّون بأنّ الشيعة كفار ومشركون، يعبدون الأصنام، ومن المؤسف أنّ بعض علماء أهل السنة أيضاً يماشي عامة الناس ويؤيّدهم من غير أن يتحقق في الموضوع، ليعرف ما هو دليل الشيعة على عملهم وما هو معنى ومغزى سجودهم على الطينة اليابسة؟!

ولو كان علماء العامّة يحققون في ذلك لعرفوا أنّ الشيعة أكثر خضوعاً وأكثر تذلّلاً لله عزّ وجلّ، إذ يضعون جباههم - وهو أفضل مواضع الجسم - على التراب الذي يسحَق بالأقدام، يضعون جباههم عليه خضوعاً لله وعبوديّةً له سبحانه، وهكذا يتصاغرون أمام عظمة الله تعالى ويتذلّلون له عزّ وجلّ.

فالعَتب على علماء العامّة إذ يتّبعون بعض أسلافهم في إثارة التُّهم والافتراءات والأكاذيب على الشيعة بغير تحقيق وتدبّر، فنحن ندعوهم إلى التفكّر والتعمُّق في معتقداتهم ومعتقداتنا، ونطلب منهم بإلحاح أن يحقّقوا المسائل الخلافية بيننا وبينهم، فيعرفوا دلائلنا، لعلّهم يجدوا الحقّ فيتّبعوه.

كما نؤكِّد عليهم أنْ يمرّوا بفتاوي أئمة المذاهب الأربعة، ليجدوا سخافة الرأي وغريب النّظر فيها من قبيل جواز نكاح الأم، ونكاح الولد الأمرد في السفر، أو المسح على العمامة والخفَّيْن في الوضوء والوضوء بالنبيذ، أو السجود على العَذَرة اليابسة وغيرها من الفتاوي العجيبة والآراء الغريبة(١) . والأغرب تسليم سائر علمائكم لتلك

____________________

١) توجد هذه الفتاوي وغيرها في كتاب الفقه على المذاهب الخمسة وهو كتاب علميٌ تحقيقيٌ تأليف حجة الاسلام والمسلمين الشيخ محمد جواد مغنية رحمه الله تعالى.

«المترجم»

١٠٧١

الآراء وعدم نقضها، ولكنّهم يطعنون في رأي أئمة أهل البيتعليهم‌السلام ، ويتجرَّءون على ردّهم، والتجاسر على رمي شيعتهم الذين يتبعونهم بالكفر والشرك، وربما أفتوا بجواز قتل الشيعة وإباحة أموالهم، فبهذه الفتاوي والأعمال يضعِّفون جانب الإسلام، ويعبِّدون الطريق لسلطة اليهود والنصارى على رقاب المسلمين وبلادهم.

نسأل الله سبحانه وتعالى أنْ يوحِّد بين المسلمين ويؤلِّف قلوبهم ويُلقي بيننا وبينكم المودّة والمحبّة إنّه سميع مجيب.

الرجوع الى موضوع نقاشنا في الليلة الماضية

نكتفي بهذا المقدار من العتاب والتظلّم، ونرجع إلى موضوع الحوار والنقاش الذي تركناه ناقصاً في الليلة الماضية. وهو ردّنا لكلام فضيلة الشيخ عبدالسلام، إذ قال: حيث كان أبو بكر أكبر سناً من سيدنا علي كرّم الله وجهه، أجمع الأصحاب على تقديمه في الخلافة فبايعوه وأخّروا علياً.

فأقول: أولاً: ادّعاء الإجماع باطل.. لمخالفة بني هاشم قاطبة، وكذلك مخالفة الذين اجتمعوا في بيت السيدة فاطمةعليه‌السلام ، وهكذا سعد ابن عباده فإنّه خالف خلافة أبي بكر وما بايعه إلى آخر عمره، وتبعه أكثر قومه لأنّه كان صاحب الحَلّ والعقد فيهم وكانوا له خاضعين تابعين(١) .

____________________

١) أقول: لا شك ولا ريب أنّ بيعة أبي بكر كانت فلتة من فَلَتات الجاهليّة، وقد صرّح بذلك عمر بن الخطاب، راجع شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج ٢ /٢٢ وما بعدها / ط دار إحياء الكتب العربية بيروت. =

١٠٧٢

. . . . .

____________________

= فاين الفلتة من الإجماع؟!

ولو نظرنا إلى الحوادث والوقائع التي كانت عقيب السقيفة والمعارضات التي بدت من المهاجرين والأنصار لخلافة أبي بكر، عرفنا أنّ الإجماع ما تمّ أبداً، وإنّما بايع بعضٌ وعارض آخرون، ثمّ خضعوا خوفاً من القتل. كما روى ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة: ج ١ / ٢١٩، ط دار إحياء الكتب العربية بيروت، وقال البرّاء بن عازب: وإذا أنا بأبي بكر قد أقبل ومعه عمر وأبو عُبَيْدة وجماعة من أصحاب السقيفة، وهم محجوزون بالأُزر الصنعانيّة، لا يمرّون بأحدٍ إلّا خَبَطوه، وقدّموه فمَدّوا يده فمسحوها على يد أبي بكر يبايعه، شاء ذلك أو أبى؛ فأنكرتُ عقلي

قال: ورأيتُ في الليل، المقداد وسلمان، وأبا ذر وعبادة بن الصامت وأباالهيثم بن التيّهان وحُذيفة وعمّاراً، وهم يريدون أن يعيدوا الأمر شورى بين المهاجرين.

ونقل أيضاً ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة: ج ٦ / ١٩، عن الزبير بن بكّار أنّه قال: فلما بويع أبو بكر، أقبلت الجماعة التي بايعته تزفُّهُ زفّاً إلى مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلمّا كان آخرُ النهار افترقوا إلى منازلهم، فاجتمع قومٌ من الأنصار وقوم من المهاجرين، فتعاتبوا فيما بينهم، فقال عبدالرحمن بن عَوف: يا معشر الأنصار، إنّكم وإن كنتم أولي فضلٍ ونصْر وسابقة؛ ولكن ليس فيكم مثل أبي بكر ولا عمر ولا عليّ ولا أبي عبيدة.

فقال زيد بن أرقم: إنّا لا ننكر فضلَ مَنْ ذكرتَ يا عبدالرحمن. وإنّ منّا لسيّدُ الأنصار: سعد بن عبادة، ومَن أمر الله رسوله أنْ يقرئه السلام، وأنْ يُؤخذ عنه القرآن: أُبيّ بن كعب، ومَن يجيء يوم القيامة أمام العلماء: معاذ بن جبل، ومَن أمضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله شهادته بشهادة رجلْين: خُزَيمة بن ثابت؛ وإنّا لنعلم أنّ ممّن سَمَّيْتَ من قريش مَنْ لو طلب هذا الأمر لم ينازعهُ فيه أحد: علي بن أبي طالب. =

١٠٧٣

. . . . .

____________________

= ونقل ابن أبي الحديد في ص ٢١ قال: وروى الزبير بن بكّار، قال: روى محمد بن إسحاق أنّ أبا بكر لما بُويع افتخرتْ تيمْ بن مُرّة.

قال: وكان عامّة المهاجرين وجُلُّ الأنصار لا يشُكّون أنّ علياً هو صاحب الأمر بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأما الذين عارضو لخلافة أبي بكر ولم يبايعوه، منهم: سعد بن عبادة سيد الخزرج وزعيمهم، قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة: ج ٦ / ١٠: فكان لايصلّي بصلاتهم، ولا يجتمع بجماعتهم، ولا يقضي بقضائهم، ولو وجد أعواناً لضاربهم، فلم يزل كذلك حتّى مات أبو بكر..

فلم يلبث سعد بعد ذلك إلّا قليلاً حتى خرج إلى الشام، فمات بحوران ولم يبايع لأحد، لا لأبي بكر ولا لعمر ولا لغيرهما.

ومنهم خالد بن سعيد بن العاص، كما في شرح نهج البلاغة: ج ٦ / ٤١، قال ابن أبي الحديد نقلاً عن أبي بكر الجوهري وهو بإسناده إلى مكحول قال: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله استعمل خالد بن سعيد بن العاص على عمل، فقدم بعدما قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقد بايع الناس أبا بكر، فدعاه إلى البيعة، فأبى، فقال عمر: دَعْني وإيّاه، فمنعه أبو بكر، حتّى مضتْ عليه سنة.

وقال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة: ج ١/ ٢١٨، ط دار إحياء الكتب العربية،تحت عنوان: اختلاف الرأي في الخلافة بعد وفاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لما قُبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله واشتغل عليّعليه‌السلام بغسله ودفنه، وبويع أبو بكر؛ خلا الزبير وأبوسفيان وجماعة من المهاجرين بعبّاس وعليّعليه‌السلام لإجالة الرأي.. الخ، وقد استعرض في هذا الفصل بعض الخلافات التي شبّت عقيب بيعة أبي بكر، إلى أن قال: بأنّ أبا بكر وعمر وأبا عبيدة والمغيرة، دخلوا على العباس وذلك في الليلة الثانية من وفاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فبدأ أبو بكر بالكلام إلى أنْ قال للعباس: فقد =

١٠٧٤

. . . . .

____________________

= جئناك، ونحن نريد أنْ نجعل لك في هذا الأمر نصيباً، ولمن بعدك من عقبك، إذ كنتَ عمَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وإن كان المسلمون قد رأوا مكانك من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومكان أهلك، ثمّ عدلوا بهذا الأمر عنكم، وعلى رَسْلِكم بني هاشم؛ فإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله منّا ومنكم.

فاعترض كلامه عمر، وخرج إلى مذهبه في الخشونة والوعيد وإتيان الأمر من أصعب جهاته، فقال: إي والله. وأُخرى: إنّا لم نأتكم حاجةً إليكم، ولكنْ كرهنا أنْ يكون الطعنُ فيما اجتمع عليه المسلمون منكم، فيتفاقم الخطب بكم وبهم، فانظروا لأنفسكم ولعامّتهم. ثم سكت.

فتكلّم العباس، فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال: إنّ الله ابتعث محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله نبيّاً كما وصفت ووليّاً للمؤمنين.. إلى أنْ قال لأبي بكر: فإن كنتَ برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله طلبت - الخلافة - فحقَّنا أخذت، وإنْ كنت بالمؤمنين فنحن منهم؛ ما تقدمنا في أمركم فَرَطا ولا حللنا وسَطا. ولا نزحنا شَحطا ؛فإن كان هذا الأمرُ يجب لك بالمؤمنين، فما وجب إذ كنّا نحن كارهين. وما أبعَدَ قولك: إنّهم طَعَنوا من قولك إنّهم مالوا إليك! وأمّا ما بذلتَ لنا، فإنْ يكنْ حقكَ اعطيتَناه فأمسكهْ عليك، وإنْ يكن حقّ المؤمنين فليس لكَ أنْ تحكم فيه، وإنْ يكنْ حقّنا لم نرض لك ببعضه دون بعض.

وما أقول هذا أرومُ صرفَك عمّا دخلتَ فيه، ولكن للحجّة نصيبها من البيان. وأمّا قولك: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله منّا ومنكم. فإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من شجرة نحن أغصانها وأنتم جيرانها.

وأما قولك يا عمر: إنّك تخاف الناس علينا. فهذا الذي قدمتموه أوَّل ذلك، وبالله المستعان.

وروى ابن أبي الحديد أيضاً في شرح نهج البلاغة: ج ٦ / ١١، ط دار إحياء التراث =

١٠٧٥

ثانياً: أما قولك بأن أبا بكر كان أحق بالخلافة من الإمام عليّعليه‌السلام لأنّه كان أكبر سنّاً، فمردودٌ أيضاً، ولا يخفى على مَن درسَ التاريخ وسيرة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بأنّ رسول الله كان يُولِّي علياً مهامّ الأمور، مع وجود المسنّين، لكنّه كان يرى علياً لائقاً وأهلاً لتولّي الأمور المهام

____________________

= العربي قال: وذهب عمر ومعه عصابة إلى بيت فاطمة، منهم أُسَيْد بن خُضير وسلَمه بن أسلم، فقال لهم: انطلقوا فبايعوا، فأبَوا عليه؛ وخِرج إليهم الزُبَيْر بسيفه، فقال عمر: عليكم الكلب، فَوَثَبَ عليه سَلَمة بن أسلم، فأخذ السيفَ من يده فضرب به الجدار، ثم انطلقوا به وبعليّ ومعهما بنو هاشم، وعليٌّ يقول: أنا عبدُالله وأخو رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، حتى انتَهَوا به إلى أبي بكر، فقيل له: بايعْ، فقال: أنا أحقُّ بهذا الأمر منكم، لا أبايعكم وأنتم أوْلى بالبيعة لي، أخذتم هذا الأمر من الأنصار، واحتججْتم عليهم بالقرابة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأعطوْكم المقادة وسلّموا إليكم الإمارة، وأنا أحتجُّ عليكم بمثل ما احتججتم به على الأنصار. فأنصفونا إن كنتم تخافون الله من أنفسكم، واعرفوا لنا من الأمر مثل ما عَرَفَت الأنصار لكم، وإلّا فبوؤا بالظلم وأنتم تعلمون.

فقال عمر: إنّك لستَ متروكاً حتى تبايع. فقال له عليّ: أحلب ياعمر حَلباً لك شطره! أُشدُد له اليوم أمرَه ليردّ عليك غداً! ألا والله لا أقبل قولَك ولا أبايعْه. فقال له أبو بكر: فإنْ لم تبايعني لم أُكرهْكَ، فقال عليٌّ: يا معشر المهاجرين، اللهَ اللهَ! لا تُخرجوا سلطانَ محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله عن داره وبيته إلى بيوتكم ودوركم، ولا تدفَعوا أهله عن مقامه في الناس وحقّه، فوالله يا معشرَ المهاجرين لَنحنُ - أهل البيت - أحقُّ بهذا الأمر منكم، ما كان منّا القارىء لكتاب الله، الفقيه في دين الله،العالم بالسنّة، المضطلع بأمر الرَّعيّة! والله إنّه لَفينا، فلا تتبعوا الهَوى، فتزدادوا من الحقّ بُعداً.

بالله عليكم أيّها الإخوان! أنصفوا! أين هذا الكلام من الإجماع؟!

«المترجم»

١٠٧٦

ولا يرى للمسنّين لياقة وكفاءة مثل الإمام عليّعليه‌السلام .

وإنّ عَزْلَ أبي بكرٍ من تبليغ الآيات الأولى من سورة براءة، ونصب عليّعليه‌السلام مكانه مِن أجلى مصاديق ذلك وأظهرها وأشهرها.

النوّاب: أرجو أنْ تُبيِّنوا لنا هذا الموضوع، لأنّكم في إحدى الليالي السالفة أيضاً أشرتم إليه وما شرحتموه، ويبدو أنّ هذه القضيّة من الأمور المهمة والمسلَّمة، لأنّي ما أحسستُ مخالفةً وإنكاراً من علمائنا، حينما تشيرون إليها.

الله جلّ جلاله عَزَلَ أبا بكر ونصب علياًعليه‌السلام

قلت: لقد أجمع علماء المسلمين وأهل التاريخ والسِّير والمفسرّون بأنّ آيات أول سورة براءة حين نزلت على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وفيها ذم المشركين والبراءة منهم وإعلان الحرب عليهم، بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أبا بكر بالآيات ليؤذِّن بها في موسم الحج ويُسْمِعها المشركين، وكان ذلك سنة تسع من الهجرة، فلما انطلق أبو بكر نحو مكة ومعه جماعة من المسلمين، دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله علياً فقال له: أخرج بهذه الآيات، فإذا اجتمع الناس إلى الموسم فأذِّن بها حتى يسمع كل من حضر من المشركين فيبلِّغوا أهل ملَّتهم، أنْ لا يدخلوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا، ودفع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ناقته العضباء إلى الإمام عليّعليه‌السلام فركبها وسار حتّى أدرك أبا بكر بذي الحليفة، فأخذ منه الآيات وأبْلَغَهُ أمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فرجع أبو بكر إلى المدينة فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله هل نزل فيَّ قرآن؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا ولكن لا يبلّغ عني إلّا أنا أو رجل منّي.

وأمّا عليّعليه‌السلام فقد ذهب بالآيات وأذَّن بها في الحج ويوم النحر

١٠٧٧

وأَسْمَعَها كل مَن حضر من المشركين كما أمره رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

النوّاب: هل ذكرَ أعلام العامّة وكبار علماء السنّة هذا العزل والنصب في كتبهم، أم أنّ الشيعة انفردوا بنقل هذا الخبر؟

قلت: لقد بيّنتُ لكم آنفاً، أنّ علماء الإسلام من محدّثين ومؤرخين ومفسرين ذكروا الخبر ونشروه في كتبهم، وسأذكر لكم بعضها لكي تطمئنّ قلوبكم بحقيقة الخبر وصدقه:

صحيح البخاري: ج ٤ و٥، والجمع بين الصحاح الستة ج ٢، وسنن البيهقي صفحة ٩ و ٢٢٤، وجامع الترمذي: ج ٢/١٣٥، وسنن أبي داود، ومناقب الخوارزمي، وتفسير الشوكاني: ج ٢/٣١٩ ومطالب السئول، وينابيع المودة / باب ١٨، والرياض النضرة وذخائر العقبى / ٦٩، وتذكرة الخواص لسبط بن الجوزي تحت عنوان: تفسير معنى قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ولا يؤدّي عنّي إلّا عليعليه‌السلام ، وكتاب خصائص مولانا علي بن أبي طالب للنسائي / ٢٠، طبع التقدّم بالقاهرة نقل الحديث والخبر عن ستة طرق، والبداية والنهاية لابن كثير الدمشقي: ج ٥ / ٣٨ و ج ٧ / ٣٥٧، والإصابة لابن حجر العسقلاني: ج ٢ / ٥٠٩، تفسير الدرّ المنثور للسيوطي: ج ٣ / ٢٠٨ في أول تفسير سورة براءة، والطبري في جامع البيان: ج ١٠/٤١، والثعلبي في تفسير كشف البيان، وابن كثير أيضاً في تفسيره: ج ٢ / ٣٣٣، وروح المعاني للآلوسي: ج ٣ / ٢٦٨ والصواعق المحرقة لابن حجر المكّي / ١٩، طبع الميمنة بمصر، ومجمع الزوائد للحافظ الهيثمي: ج ٧ / ٢٩، وكفاية الطالب للعلّامة الكنجي الشافعي / باب ٦٢ رواه مسنداً عن أبي بكر، ثمّ قال: هكذا رواه الإمام أحمد في مسنده، ورواه أبو نعيم الحافظ،

١٠٧٨

وأخرجه الحافظ الدمشقي في مسنده بطرق شتى، وأخرجه الإمام أحمد في المسند: ج ١ / ٣ و ١٥١، و ج ٣ / ٢٨٣، و ج ٤ / ١٦٤ و ١٦٥، والمستدرك الحاكم: ج ٢/٥١ و ٣٣١، وكنز العمال: ج ١ / ٢٤٦ - ٢٤٩ و ج ٦ / ١٥٤ في فضائل عليعليه‌السلام . ورواه غير هؤلاء وهو من الأخبار المتواترة.

السيد عبدالحي: حينما أسمع أو أقرأ هذا الخبر، يتبادر سؤال في نفسي وهو: أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في مثل هذه الأمور لا يقدم إلّا بإشارة من الله سبحانه، فكيف بعث أوّلاً أبا بكر(رض) ثمّ عزله وبعث سيدنا علياً كرم الله وجهه؟ يا ترى ما الحكمة في هذا العمل؟! وهو لا يخلو من شيء لا من الاستخفاف وشبهه!!

لماذا عَزَلَ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أبا بكر؟

قلت: لم يذكر أحد العلماء والمحدثين في الكتب سبباً منصوصاً لعمل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإنما ذكروا بعض الأسباب الاحتماليّة، أشهرها ما نقله ابن حجر في صواعقه / ١٩، وسبط ابن الجوزي في تذكرته تحت عنوان: تفسير قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ولا يؤدّي عنّي إلّا عليٌ جاء فيه، وقال الزهري: إنّما أمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله علياًعليه‌السلام أنْ يقرأ براءة دون غيره لأنّ عادة العرب أن لا يتولّى العهود إلّا سيد القبيلة وزعيمها أو رجل من أهل بيته يقوم مقامه كأخ أو عم أو ابن عم فأجراهم على عادتهم، قال: وقد ذكر أحمد في الفضائل بمعناه. (انتهى ما نقلناه من التذكرة).

وأما هذا في نظري غير تامّ، لأنّه لو كان كذلك لمـّا بعث رسول

١٠٧٩

اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أبا بكر أوّلاً. بل كان من بادئ الأمر يبعث عمّه العباس وهو ذو شيبة وكان يعدّ الشيخ ذا السّنّ من بني هاشم، وإنما الذي يظهر من هذا الأمر، أنّ الله ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله أرادا أن يظهرا مقام الإمام عليّعليه‌السلام ومنزلته، وأنّه سفير النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والذي هو كفوٌ وأهلٌ لينوب عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

نعم أرادا كشف هذه الحقيقة حتّى يستنبط شيعة عليعليه‌السلام منها الرَّدّ القانع والجواب القاطع على كلامكم الزائف وقولكم بأنّ أبا بكر أحق بالخلافة من عليّعليه‌السلام لأنّه كان أسنّ منه.

وإذا كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يبعث علياًعليه‌السلام بادئ الأمر، ما كان يلفت النظر ولم يكن له هذا الصَّدى والانعكاس الذي حصل من عزل أبي بكرٍ ونصب الإمام عليّعليه‌السلام وذلك بأمرِ من جبرئيل عن الله عزّ وجلّ إذ قال: لا يؤدّي عنك إلّا أنت أو رجلٌ منك.

فيحصل من هذا الخبر المتواتر أنّ نيابة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله والقيام مقامه لا يرتبط بكبر السنّ أو حَداثته، وإنّما يلزم فيه الكفاءات، واللياقات التي كانت في الإمام عليّعليه‌السلام ولم تكن في أبي بكر، ولذا عزل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله - بأمر الله سبحانه - أبا بكر ونصب الإمام عليّ لأداء تلك المهمّة، فهو المقدَّم عند الله ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله على أبي بكر وغيره.

السيد عبدالحيّ: لقد ورد في بعض الأخبار عن أبي هريرة بأنّ علياً كرم الله وجهه التَحقَ بأبي بكر بأمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذهبا معاً إلى مكة فعليٌ بلَّغَ الآيات النازلة في أوّل سورة البراءة، وأبو بكر علَّمَ الناس مناسك الحج، فكلاهما متساويان في التبليغ.

قلت: هذا الخبر من وضع البكريين وأكاذيبهم وهو غير مشهور

١٠٨٠