مناظرات وحوار ليالي بيشاور

مناظرات وحوار ليالي بيشاور0%

مناظرات وحوار ليالي بيشاور مؤلف:
المحقق: السيّد حسين الموسوي
الناشر: ذوي القربى
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 1199

مناظرات وحوار ليالي بيشاور

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيّد محمّد الموسوي الشيرازي
المحقق: السيّد حسين الموسوي
الناشر: ذوي القربى
تصنيف: الصفحات: 1199
المشاهدات: 220701
تحميل: 2547

توضيحات:

مناظرات وحوار ليالي بيشاور
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 1199 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 220701 / تحميل: 2547
الحجم الحجم الحجم
مناظرات وحوار ليالي بيشاور

مناظرات وحوار ليالي بيشاور

مؤلف:
الناشر: ذوي القربى
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

من مفتريات ومجعولات الشيعة، ونحن على علم واعتقاد بأنّ أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله هم أجلّ وأكرم من نقض العهد الإلهي.

من هم الصادقون؟

لقد أكَّدْتُ وكَرَّرتُ عليكم بأنّ الشيعة حيث يتبعون الأئمة الصادقين من العترة الهادية الطاهرة، فلا يكذبون ولا هم بحاجة في إثبات عقائدهم إلى جعلِ خبرٍ، أو وَضْعِ حديث.

فعلماؤهم وعامّتهم على حدٍّ سواء في هذا الأمر، وكلَّهم يتّبعون الصادقين الذين أمر الله عزّ وجلّ بمتابعتهم بقوله:

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَ کُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) (١) .

وقد صرّح كثيرٌ من أعلامكم أنّ المقصود من الصادقين في الآية الكريمة محمد المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي المرتضىعليه‌السلام ، وممّن صرَّح بذلك:

الثعلبي في تفسيره، وجلال الدين السيوطي في الدرّ المنثور، والحافظ أبو نعيم في «ما نزل من القرآن في علي»، والخطيب الخوارزمي في «المناقب»، والحافظ سليمان القندوزي الحنفي في ينابيع المودة / الباب ٣٩، وشيخ الإسلام الحمويني في فرائد السمطين، ومحمد بن يوسف الكنجي الشافعي في كفاية الطالب / الباب ٦٢ عن تاريخ ابن عساكر ...، هؤلاء كلّهم قد اتّفقوا على أنّ المقصود من الصادقين: النبي الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله والإمام عليعليه‌السلام .

وقال بعضٌ بأنّ المقصود من الصادقين في الآية الشريفة هم

____________________

١) سورة التوبة، الآية ١١٩.

٦٦١

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمة من أهل بيته وعترته(١) .

فالشيعة مع الصادقين، يتبعونهم ويطيعونهم ويَحْذَوْن حَذْوَهم، وما لم يكونا كذلك فليسوا بشيعة حقّاً.

فكن على يقين - أيها الحافظ - بأنّنا لا نقول شيئاً في حوارنا ونقاشنا إلّا ويكون مصدره ومستنده كتب أعلامكم وأقوال علمائكم، فإن يكن لكم اعتراض فاللازم أن تعترضوا على علمائكم الذين كتبوا تلك الروايات والأدلة!

الحافظ: لم أعهد أحداً من علمائنا الأعلام كتب: بأنّ الصحابة بعد رسول الله قد نقضوا عهداً أو نكثوا بيعةً كانت عليهم في حضور النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أو أخذها عليهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فنكثوها.

____________________

١) قال العلامة سبط الجوزي في - التذكرة - ص ٢٠ ط. النجف: قال علماء السَّيَر: معناه كونوا مع عليعليه‌السلام وأهل بيته.

وقال العلامة الخركوشي في كتاب شرف المصطفى: رُوي أي مع محمد وآل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وقال العلامة محمد صالح الكشفي الترمذي في «مناقب مرتضوي» /٤٣ ط. بمبئ، مطبعة محمدي: روي عن ابن عباس: أي كونوا مع عليعليه‌السلام و أصحابه.

وقال العلامة الآلوسي في تفسير «روح المعاني» ج ١١/٤١ ط. المنيرية بمصر: رُوي أنّ المراد كونوا مع علي كرم الله وجهه بالخلافة.

«المترجم»

٦٦٢

نقض بعض الصحابة للعهود

قلت: لقد نقض بعض الصحابة عهوداً أخذها منهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولكنّهم نقضوها في حياته أو بعد وفاته، وأهمها عهدُ الخلافة والولاية وبيعةُ يوم الغدير.

حديث الولاية في غدير خم

لقد اعترف جمهور علماء الإسلام من الفريقين: بأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة الحرام في العام العاشر من الهجرة النبوية عند رجوعه من حجة الوداع إلى المدينة المنوّرة، نزل عند غديرٍ في أرضٍ تُسمى «خُمّ» وأمر برجوع من تقدَّم عليه وانتظر وصول من تخلَّفَ عنه، حتّى اجتمع كلّ من كان معهصلى‌الله‌عليه‌وآله وكان عددهم سبعين ألفاً أو أكثر، ففي تفسير الثعلبي وتذكرة سبط ابن الجوزي وغيرهما: كان عددهم يومئذٍ مائة وعشرين ألفاً وكلهم حضروا عند غدير خُمّ.

فصعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله منبراً من أحداج الإبل، وخطب فيهم خطبةً عظيمةً، ذكرها أكثر علماء المسلمين والمحدثين من الفريقين في مسانيدهم وكتبهم الجامعة، وذَكَر في شطرٍ منها بعض الآيات القرآنية التي نزلت في شأن أخيه علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وبَيَّنَ فضله ومقامه على الاُمّة، ثمّ قال:

معاشر الناس! أَلَسْتُ أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى.

قال: مَن كنتُ مولاه فهذا عليٌ مولاه.

٦٦٣

ثم رفع يده نحو السماء ودعا له ولمن ينصره ويتولّاه فقال: اللهمّ وال مَن والاه وعادِ مَنْ عاداه وانصر مَنْ نصره واخذل من خذله.

ثم أمرصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فنصبوا خيمةً وأَجْلَسَ علياًعليه‌السلام فيها وأمر جميع من كان معه أن يحضروا عنده جماعاتٍ وأفراداً ليسلِّموا عليه بإمْرَةِ المؤمنين ويبايعوه، وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : لقد أمرني ربّي بذلك، وأمركم بالبيعة لعليعليه‌السلام .

ولقد بايع في مَن بايع أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير، فأقام ثلاثة أيام في ذلك المكان، حتى تمّت البيعة لعليعليه‌السلام ، حيث بايعه جميع مَن كان مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في حجة الوداع، ثم ارتحل من خُمّ وتابع سفره إلى المدينة المنوّرة.

الحافظ: كيف يمكن ان يقع هكذا أمر هام وعظيم ولكنّ العلماء الكبار لم يذكروه في كتبهم المعتبرة؟!

قلت: ما كنت أنتظر منك - وأنت من حفّاظ الحديث عند أهل السنّة والجماعة - أن تجهل أو تتجاهل حديث الولاية في الغدير وهو أشهر من الشمس في رائعة النهار، ومن أوضح الواضحات عند ذوي الأبصار، ولا ينكره إلّا الجاهل أو العالم المعاند!

ولكي يثبت عندك وعند الحاضرين زيف مقالك وبطلان كلامك حيث قلت: ولكنّ العلماء الكبار لم يذكروا هذا الحديث!

لا بدّ لي أن أذكر قائمةً بأسماء بعض من رواه من علمائكم الأعلام وأشهر محدثي الإسلام، وإلّا فذكر جميعهم أمرٌ لا يُرام فأقول منهم:

١- الفخر الرازي في تفسيره الكبير مفاتيح الغيب.

٦٦٤

٢- الثعلبي في تفسيره كشف البيان.

٣- جلال الدين السيوطي / في تفسيره الدرّ المنثور.

٤- الحافظ أبو نعيم في كتاب ما نزل من القرآن في عليعليه‌السلام - و حلية الأولياء -.

٥- أبو الحسن الواحدي النيسابوري في «أسباب النزول».

٦- الطبري في تفسيره الكبير.

٧- نظام الدين النيسابوري في تفسيره غرائب القرآن.

«كلهم ذكروا الحديث في تفسير الآية الكريمة:( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْکَ مِنْ رَبِّکَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ) (١) .

٨- محمد بن إسماعيل البخاري في تاريخه ج ١ / ٣٧٥.

٩- مسلم بن الحجاج في صحيحه ج ٢ / ٣٢٥.

١٠- أبو داود السجستاني في سننه.

١١- محمد بن عيسى الترمذي في سننه.

١٢- ابن كثير الدمشقي في تاريخه.

١٣- الإمام أحمد بن حنبل في مسنده ج ٤/٢٨١ و ٣٧١.

١٤- أبو حامد الغزّالي في كتابه سرّ العالمين.

١٥- ابن عبد البر في الاستيعاب.

١٦- محمد بن طلحة في مطالب السؤل.

١٧- ابن المغازلي في « المناقب ».

١٨- ابن الصباغ المالكي في كتابه الفصول المهمة: ص ٢٤.

١٩- البغوي في مصابيح السنة.

____________________

١) سورة المائدة، الآية ٦٧.

٦٦٥

٢٠- الخطيب الخوارزمي في المناقب.

٢١- ابن الأثير الشيباني في جامع الأصول.

٢٢- الحافظ النسائي في الخصائص وفي سنته.

٢٣- الحافظ الشيخ سليمان الحنفي القندوزي في ينابيع المودة.

٢٤- ابن حجر في الصواعق المحرقة، بعدما ذكر الحديث في الباب الأول ص ٢٥ ط الميمنية بمصر، قال - على تعصبه الشديد الذي اشتهر به -: إنه حديث صحيح لا مرية فيه وقد أخرجه جماعة كالترمذي والنّسائي وأحمد، وطرقه كثيرة جداً.

٢٥- الحافظ محمد بن يزيد المشهور بابن ماجة القزويني في سننه.

٢٦- الحاكم النيسابوري في مستدركه.

٢٧- الحافظ سليمان بن أحمد الطبراني في الأوسط.

٢٨- ابن الأثير الجزري في كتابه أُسد الغابة.

٢٩- سبط ابن الجوزي في كتابه تذكرة خواص الأمة: ١٧.

٣٠- ابن عبد ربه في العقد الفريد.

٣١- العلامة السمهودي في جواهر العقدين.

٣٢- ابن تيمية في كتابه منهاج السنّة.

٣٣- ابن حجر العسقلاني في تهذيب التهذيب وفي فتح الباري.

٣٤- جار الله الزمخشري في ربيع الأبرار.

٣٥- أبو سعيد السجستاني في كتاب الدراية في حديث الولاية.

٣٦- عبيد الله الحسكاني في كتاب دعاة الهدى إلى أداء حق المولى.

٦٦٦

٣٧- العلّامة العبدري في كتاب الجمع بين الصحاح الستة.

٣٨- الفخر الرازي في كتاب الأربعين، قال: أجمعت الأمة على هذا الحديث الشريف.

٣٩- العلامة المقبلي في كتاب الأحاديث المتواترة.

٤٠- السيوطي في تاريخ الخلفاء.

٤١- المير علي الهمداني في كتاب مودّة القربى.

٤٢- أبو الفتح النطنزي في كتابه الخصائص العلوية.

٤٣- خواجة بارسا البخاري في كتابه فصل الخطاب.

٤٤- جمال الدين الشيرازي في كتابه الأربعين.

٤٥- المناوي في فيض الغدير في شرح الجامع الصغير.

٤٦- العلامة الكنجي في كتابه كفاية الطالب / الباب الأول.

٤٧- العلامة النووي في كتابه تهذيب الأسماء واللّغات.

٤٨- شيخ الإسلام الحمويني في فرائد السمطين.

٤٩- القاضي ابن روزبهان في كتاب إبطال الباطل.

٥٠- شمس الدين الشربيني في السراج المنير.

٥١- أبو الفتح الشهرستاني الشافعي في الملل والنحل.

٥٢- الحافظ الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد.

٥٣- ابن عساكر في تاريخه الكبير.

٥٤- ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة.

٥٥- علاء الدين السمناني في العروة لأهل الخلوة.

٥٦- ابن خلدون في مقدمته.

٥٧- المتقي الهندي في كنز العمال.

٦٦٧

٥٨- شمس الدّين الدّمشقي في كتاب أسنى المطالب.

٥٩- الشريف الجرجاني الحنفي في شرح المواقف.

٦٠- الحافظ ابن عقدة في كتاب الولاية.

ذكرتُ لكم المدارك والمصادر التي جاءت في خاطري وحضرت في ذهني ولو راجعنا كل مصادر هذا الحديث لوصلت إلى ثلاثمائة مصدر من كبار أعلامكم ومحدّثيكم، رووه بطرقٍ شتى عن أكثر من مائة صحابي من أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ولو جمعناها لاحتاجت إلى مجلّداتٍ عديدة، كما أنّ بعض علمائكم قام بهذا الأمر الهام وألّف كتاباً مستقلاً في حديث الولاية، منهم ابن جرير الطبري، المفسِّر والمؤرِّخ المشهور من أعلام القرن الثالث والرابع الهجري، رَوَى حديث الولاية عن خمس وسبعين طريقاً في كتاب أسماه: « الولاية».

والحافظ ابن عقدة أيضاً من أعلام القرن الثالث والرابع الهجري ألَّف كتاباً في الموضوع، أسماه: «الولاية» جمع فيه مائة وخمس وعشرين طريقاً نقلاً عن مائة وخمسة وعشرين صحابياً من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مع تحقيقات وتعليقات قيّمة.

والحافظ بن حداد الحسكاني من أعلام القرن الخامس الهجري ألّف كتاباً أسماه: «الولاية» تطرّق فيه إلى الحديث وإلى واقعة الغدير بالتفصيل.

وذكر كثيرٌ من محدّثيكم الأعلام: أن عمر بن الخطاب كان يُظهر أو يتظاهر بالفرح ذلك اليوم فصافح علياًعليه‌السلام وقال: بخّ بخّ لك يا علي أصبحت مولاي ومولى كلِّ مؤمن ومؤمنة.

٦٦٨

تأكيد جبرئيلعليه‌السلام بالبيعة لعلي عليه‌السلام

ذكر المير علي الهمداني (وهو فقيه شافعي من أعلام القرن الثامن الهجري) في كتابه مودّة القربى / المودّة الخامسة / روى عن عمر بن الخطّاب أنه قال: نَصَب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علياً فقال: مَن كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعادِ مَن عاداه واخذل من خذله وانصر مَن نَصَره، اللهم أنت شهيدي عليهم.

قال عمر بن الخطاب: يا رسول الله! وكان في جنبي شابٌّ حسن الوجه طيّب الريح، قال لي: يا عمر لقد عقد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عقداً لا يحلّه إلّا منافق.

فأخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بيدي فقال: يا عمر! إنّه ليس من ولد آدم، لكنّه جبرئيل أراد أن يؤكّد عليكم ما قلتُه في عليعليه‌السلام !!

فأسألكم أيها الحاضرون.. هل كان يحقّ للصحابة أن ينقضوا ذلك العهد والميثاق الذي عهده الله تعالى لهم؟

وهل من الإنصاف أن ينكثوا بيعتهم لعليعليه‌السلام التي عقدها خاتم النبيينصلى‌الله‌عليه‌وآله لأمير المؤمنين وسيد الوصيين؟!

هل كان صحيحاً أن يهجموا على بيت عليٍ وفاطمةعليهما‌السلام ويشعلوا النار عند بابه ويهتكوا حرمة فاطمة سيد النساء؟

هل كان يحقّ لهم أن يسحبوا علياً إلى المسجد ويهدّدوه بالقتل إن لم يبايع أبي بكر ويجرّدوا عليه سيوفهم؟!

وقد صدر كل ذلك منهم طلباً للدنيا ومتابعةً للهوى ليس إلّا!!

٦٦٩

الحافظ: نحن ما كنا نتوقع من حضرتكم أن تنسبوا لصحابة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله المقربين، متابعة الهوى وطلب الدنيا، علماً بأنّ رسول الله أمر أمّته بمتابعتهم والاقتداء بهم.

قلت: رجاءً.. لا تكرروا الكلام، لقد أثبتنا لكم أنّ الصحابة كغيرهم من أفراد البشر يجوز عليهم الخطأ والعصيان والطغيان، ولم يأمر النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله أمته بالاقتداء بمطلق الصحابة، لأنّه منافٍ للعقل السليم، وإنّما أمر أمته بالاقتداء بالصّالحين من الصحابة، فقد أثبتنا ضعف سند حديث « أصحابي كالنجوم » ونقلنا لكم كلام القاضي عياض المالكي وهو من أعلامكم حيث قال: حديث أصحابي كالنجوم ضعيفٌ ولا نلتزم به لأن من رواته حارث بن قضين وهو مجهول الحال، وحمزة بن أبي حمزة النصيبي وهو متهم بالكذب.

وكذلك البيهقي وهو من كبار علمائكم ومن أشهر أعلامكم، ردّ الحديث ورفضه لضعف اسناده.

بعض الصحابة اتبعوا الهوى

وأما قول الحافظ: بأنّي نسبتُ صحابة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله المقرّبين إلى طلب الدنيا ومتابعة الهوى، ولم يكن يتوقع منّي هذا الأمر.

فأقول له: أنا لم أنسب ذلك إليهم، وإنما هو قول بعض أعلامكم، منهم: العلّامة سعد الدين التفتازاني حيث قال في كتابه شرح المقاصد:

إنّ ما وقع بين أصحابه من المحاربات والمشاجرات على الوجه

٦٧٠

المسطور في كتب التواريخ والمذكور على ألسنة الثّقات يدلّ بظاهره على أنّ بعضهم قد حاد عن الطريق الحق وبلغ حدَّ الظلم والفسق، وكان الباعث عليه الحقد والعناد والحسد واللّداد وطلب الملك والرياسات والميل إلى اللذّات والشهوات، إذ ليس كل صحابي معصوماً ولا كل من لقي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بالخير مرسوماً(١) .

هذا كلام أحد أعلامكم، فإمّا أنْ تخضعوا لكلامه، فتكونوا معنا في هذا الاعتقاد بأنّ كثيراً من الصحابة الذين حاربوا علياًعليه‌السلام وخالفوه وآذوه، إنما آذوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « مَن سبَّك فقد سبّني ومن آذاك فقد آذاني ومن حاربك فقد حاربني » وغير هذه الأحاديث التي تدل على أنّ علياًعليه‌السلام يمثّل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في أمته، وهذا لا ينكره أيّ فردٍ من علماء المسلمين، وكتبكم ومسانيدكم مشحونة بهكذا أحاديث وأخبار وقد صحّحها علماؤكم ومحدِّثوكم، فإمّا أن تقبلوها، أو تطرحوها وتلغوها، وهذا غير

____________________

١) أرى من المناسب نقل بقية كلامه لتتم الفائدة.. قال:

إلّا أنّ العلماء لحسن ظنّهم بأصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذكروا لها محامل و تأويلات بما يليق و ذهبوا إلى أنّهم محفوظون عما يوجب التضليل و التفسيق صوْتاً لعقائد المسلمين من الزيغ و الضلالة في حق كبار الصحابة لا سيّما المهاجرين منهم و الأنصار المبشَّرين بالثواب في دار القرار! وأما ما جرى بعدهم من الظلم على أهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فمن الظهور بحيث لا مجال للإخفاء، ومن الشناعة بحيث لا اشتباه على الآراء، ويكاد يشهد به الجماد العجماء ويبكي له مَن في الأرض والسماء وتنهدم منه الجبال وتنشقّ منه الصخور ويبقى سوء عمله على كر الشهور والدّهور، فلعنة الله على مَنْ باشر أو رضى أو سعى، و( وَ لَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَ أَبْقَى ) . سورة طه، الآية ١٢٧ انتهى.

«المترجم»

٦٧١

ممكنٍ، لأنّ ذلك ينتهي إلى إلغاء علمائكم وإبطال أقوال محدثيكم وأعلامكم، فلا يبقى في مذهبكم حجر على حجر.

فعندما نقول بأنّ بعض الصحابة فسقوا بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله واتّبعوا الباطل، ما قلنا شططا، ولم نكن منفردين في قولنا بل يوافقونا بعض أعلامكم أيضاً كما نقلنا قول العلامة سعد الدين التفتازاني.

وأنقل لكم أيضاً قول الغزالي، وهو أيضاً من أشهر أعلامكم وأكبر علماؤكم.

الغزالي و نقض عهد الولاية

لقد تطرق الإمام الغزالي في كتابه «سر العالمين » إلى قضايا الإسلام وما حدث بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال في المقالة الرابعة:

أسفرت الحجّة وجهها، و أجمع الجماهير على متن الحديث من خطبته ص في يوم غدير خُمّ باتّفاق الجميع و هو يقول: مَن كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه، فقال عمر: بخٍّ بخٍّ لك يا أبا الحسن! لقد أصبحت مولاي و مولى كلّ مؤمن و مؤمنة!!

هذا تسليمٌ و رضىً و تحكيم، ثمّ بعد هذا غلب الهوى لحبّ الرياسة، و حمل عمود الخلافة و عقود البنود و خفقان الهواء في قعقعة الرايات و اشتباك ازدحام الخيول و فتح الأمصار، سقاهم كأس الهوى فعادوا إلى الخلاف الأول( فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَ اشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ‌ ) (١) !!

____________________

١) سورة آل عمران، الآية ١٨٧.

٦٧٢

ولما مات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال قبل وفاته: إيتوني بدواتٍ وبياض لأزيل عنكم إشكال الأمر وأذكر لكم من المستحقّ لها بعدي!

قال عمر: دعوا الرجل فإنه ليهجر!! وقيل يهذو!!

فإذا بطل تعلّقكم بتأويل النصوص ، فعُدتّم إلى الإجماع و هذا منقوض أيضاً، فإنّ العباس وأولاده وعلياً وزوجته وأولاده و علياً و زوجته و أولاده لم يحضروا حلقة البيعة وخالفكم أصحاب السقيفة في مبايعة الخزرجيّ ثم خالفهم الأنصار.انتهى.

فانتبهوا أيها الحاضرون! واعلموا بأنّ الشيعة لا يقولون إلّا ما قاله بعض أعلامكم المشتهرين وعلماؤكم المعتبرين.

ولكن لسوء ظنكم بل سوء نظركم بالنسبة إلى الشيعة.. لا تقبلون منهم حتّى إذا كان مصدر كلامهم مسانيدكم وكتب علمائكم!

الشيخ عبد السلام: كتاب سرّ العالمين لم يكن من تأليف الإمام الغزالي وإنما أنتم تنسبونه إليه لتحتجّوا به علينا.

والإمام الغزالي هو أجلّ شأناً وأعظم قدراً، من أن يتكلم بهذا الكلام على الصحابة.

كتاب سرّ العالمين تأليف الغزالي

قلت: لقد أيّد بعض أعلامكم أنّ كتاب سر العالمين من مصنّفات الإمام محمد بن محمد الغزّالي، منهم - كما يخطر ببالي -:

سبط ابن الجوزي وهو من أعلامكم، ولا يشك أحد في التزامه بمذهب السنّة والجماعة، بل تعصّبه في ذلك، وقد اشتهر بدقّة النظر

٦٧٣

والاحتياط في صدور الحكم في مثل ما نحن فيه، قد ذكر في كتابه تذكرة خواص الاُمة في ص ٣٦ فنقل قول الغزالي في الموضوع من كتاب سر العالمين ونسبهُ إليه من غير تعليق أو تشكيك ونقل عنه العبارات التي نقلتها لكم حول الصحابة والخلافة.

وحيث إنّ سبط ابن الجوزي لم يعلّق على عبارات الغزالي بل استشهد بها فيُعلم أنه أيضاً موافقٌ لذلك الكلام ومؤيّدٌ له.

ولكن جناب الحافظ وأمثاله حينما يواجهون بالحقائق الناصعة والبراهين الساطعة، لا يجدون مفرّاً إلّا الإنكار، فأما أن يُنفيَ تأليف المؤلف ويُقال بأن هذا الكتاب منسوبٌ إليه، وأما أن يُنفي المؤلف نفسه من مذهبه ويقال أنه ليس منّا بل هو شيعي منكم!!

وفي بعض الأحيان يفسّقون ويكفّرون المؤلف وينسبونه إلى الإلحاد.

ضريبة تجاهر السنة بالحق

أ - اتهام ابن عقدة بالرفض

ولقد يحدثنا التاريخ عن رجال من أعلامكم، حاربهم أهل الزمان وهجرهم الأخوان وكتب ضدهم الخلّان، لأنهم كانوا ينطقون بالحق ويبيّنون الحقائق باللسان والبنان، فحرَّمَ العلماء المتعصبون من أهل مذهبهم، كتبهم ونسبوها إلى الضلال عن بغض وشنآن وحرّكوا ضدَّهم الجهلة والعوام وأبناء الوقت والزمان.

الشيخ عبد السلام: هذه مفتريات الشيعة علينا وإلّا فعلماؤنا الأعلام يحترمون كل عالم سواءً من مذهبهم أو غير مذهبهم ويأمرون

٦٧٤

العوام باحترام العلماء لعلمهم ولا يسمحون لأحد من الجهلة أنْ يهتك عالماً سواءً أكان من أهل السنّة والجماعة أم من غيرهم.

قلت: لا داعيّ للشيعة أن يفتروا عليكم هذا الكلام، ولو كنت تطلب مني شاهداً للكلام لأجبتك بأن أحد الرجال الأعلام الذي أشرنا إليهم، هو الحافظ ابن عقدة، أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني المتوفى عام ٣٣٣ هجري، وهو من كبار علمائكم ومن مشاهير أعلامكم وقد وثّقه الرجاليون من علمائكم كالذهبي واليافعي وقالوا في ترجمته: إنّه كان يحفظ ثلاثمائة ألف حديث مع إسنادها وكان ثقة وصادقاً، ولكن حيث كان في المجالس والمجتمعات في الكوفة وبغداد، كان ينتقد الشيخين ويذكر معائبهم ومثالبهم، اتّهمه العلماء بالرَّفض وتركوا رواياته وطرحوا مروياته.

قال ابن كثير والذهبي واليافعي في ترجمته: إنّ هذا الشيخ كان يجلس في جامع براثا ويحدّث الناس بمثالب الشيخين - أبي بكر وعمر - ولذا تركت رواياته وإلّا فلا كلام لأحدٍ في صدقه وثقته!!

والخطيب البغدادي في تاريخه، يذكره بالخير والمدح وبعد ذلك يقول: إلّا أنّه خَرَّج مثالب الشيخين وكان رافضياً!

ب - دفن الطبري في بيته ومقاطعة تشييعه!!

محمد بن جرير الطبري وهو المفسر الشهير والمؤرّخ الكبير ويُعدّ من أشهر أعلام القرن الثالث الهجري بلغ من العمر ستاً وثمانين عاماً ومات سنة ثلاثمائة وعشر من الهجرة في مدينة بغداد فمنعوا تشييع

٦٧٥

جثمانه فدُفن ليلاً في داره!!

كل ذلك لأنه كتب بعض الحقائق في تاريخه وتفسيره ونشر بعض الأخبار والوقائع التي أغاظت المتعصبين والمعاندين من أهل نحلته، وإنْ أخفى كثيراً من الحقائق إلّا أنّهم لم يرضوا عليه وقاطعوه حياً وميتاً!!

ج - «قتلُ النسائي»

ومن أعجب هذه الوقائع قتل الحافظ أحمد بن شعيب بن سنان النسائي وهو أحد الأعلام وأئمة الحديث وجامع أحد الصحاح الستة عندكم، وَردَ مدينة دمشق سنة ثلاثمائة وثلاث من الهجرة النبوية فوجد أهلها سائرين على البدعة السيّئة التي سنّها معاوية وحزبه في البلاد، ألا وهي لعن وسب أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام بعد كل صلاة وفي خطب الجمعة!

فتأسَّفَ لذلك الوضع الفجيع المزري وأَلْزَم نفسه أنْ ينشرَ ما وصله مسنَداً عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في فضائل ومناقب الإمام عليعليه‌السلام فكتَبَ كتابه المسمى بخصائص مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وكان يقرأه على المنبر في الملأ العام، فهجم عليه في يومٍ من الأيام جماعةٌ من الطغاة والجهلة اللِّئام فضربوه ضرباً مبرحاً وأنزلوه من على المنبر وسحقوه بأقدامهم حتى أُغمي عليه وبعد قليل مات على أثر تلك الضربات واللكمات. فحملوا جثمانه إلى حرم الله سبحانه ودُفن في مكة المكرمة حسب وصيّته!!

٦٧٦

فهذه الوقائع بعض جرائم المتعصبين أهل العناد واللِّجاج والجهل الذين يقتلون علماءهم ويسحقون مفاخرهم بأقدامهم، ليس لهم ذنب سوى أنّهم نطقوا بالحق وكشفوا عن الواقع ومدحوا من مدحه الله تبارك وتعالى في كتابه.

وقد غفل الجاهلون وما دَرَوا بأنهم لم يتمكنوا من إخفاء الحق بهذه الأعمال الوحشية ولا يمكن حجب الشمس في الضحى بالحركات الهمجية.

أعتذر إليكم لابتعادي عن موضوع البحث.

والحاصل: إنّ حديث: «من كنتُ مولاه فهذا عليٌ مولاه» مقبولٌ لدى أعلامكم كما هو مقبولٌ عند علمائنا، واتّفق محدثو الفريقيْن بأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بأمرٍ من الله تعالى أعلن يوم الغدير هذا الحديث الشريف في حضور ما لا يقل عن سبعين ألف.

صعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله على منبر صنعوه له من أحداج الإبل، وأَصْعَدَ علي بن أبي طالب وأخذ بكفّه والملأ ينظرون إليهما، فنادى فيهم: من كنتُ مولاه فهذا علي مولاه إلخ.

ما معنى كلمة «مولى»؟

الحافظ: نحن لا نُنكر واقعة الغدير وحديث الولاية، ولكن قضية الغدير ما كانت على النحو الذي تقولون به أنتم الشيعة، وليس معنى المولى ما تقولون به أنتم بمعنى الأوْلى بالتصرّف، وإنما المولى كما ثبت في اللغة بمعنى المحب والناصر والصديق الحميم، وحيث كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله

٦٧٧

يعلم بأنَّ ابن عمه عليّاً له أعداء كثيرون فأراد أنْ يُوصي به الأمة فقال: من كنت مولاه فهذا علي مولاه، أي من كان يحبّني فليُحبِبْ علياً، ومن كان ينصرني فلينصر علياً «كرم الله وجهه» وقد قام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بهذا العمل حتى لا يتأذّى عليٌ من بعده من الأعداء.

قلت: لو تُنصفنا أيها الحافظ، وتترك التَّعصّب لمذهب الأسلاف ودين الآباء، وتنظر إلى القرائن الموجودة في القضية والواقعة بدقّة وإمعانٍ لعرفت الحقيقة واعترفت بما نقول!!

الحافظ: ما هذه القرائن التي تثبت قولكم في المقام، بأنّ معنى المولى هو الأوْلى بالتّصرف في الأمر العام وفي شئون الإسلام؟

قلت: القرينة الأولى: نزول الآية الكريمة:( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْکَ مِنْ رَبِّکَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَ الله يَعْصِمُکَ مِنَ النَّاسِ ) (١) .

الحافظ: من أين تقولون بأنّ هذه الآية نزلت في يوم الغدير وبشأن تبليغ الولاية؟ ما هو دليلكم على هذا القول؟

قلت: دليلنا وحجتنا قول كبار علمائكم وأعلامكم، منهم:

١- جلال الدين السيوطي في تفسير الدر المنثور: ج ٢ ص ٢٩٨.

٢- أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في كتابه الولاية.

٣- الحافظ أبو عبد الله المحاملي في أماليه.

٤- الحافظ أبو بكر الشيرازي في «ما أنزل من القرآن في عليعليه‌السلام ».

٥- الحافظ أبو سعيد السجستاني في كتابه الولاية.

____________________

١) سورة المائدة، الآية ٦٧.

٦٧٨

٦- الحافظ ابن مردويه في تفسيره الآية الكريمة.

٧- الحافظ ابن أبي حاتم في تفسير الغدير.

٨- الحافظ أبو القاسم الحسكاني في شواهد التنزيل.

٩- أبو الفتح النّطنزي في الخصائص العلوية.

١٠- معين الدّين المبيدي في شرح الديوان.

١١- القاضي الشوكاني في فتح القدير:ج ٣ ص ٧٥.

١٢- جمال الدين الشيرازي في الأربعين.

١٣- بدر الدين الحنفي في عمدة القاري في شرح صحيح البخاري ج ٨ ص ٥٨٤.

١٤- الإمام الثعلبي في تفسير كشف البيان.

١٥- الإمام الفخر الرازي في التفسير الكبير: ج ٣ ص ٦٣٦.

١٦- الحافظ أبو نعيم في «ما نزل من القرآن في عليعليه‌السلام ».

١٧ - شيخ الإسلام الحمويني في فرائد السمطين.

١٨- نظام الدين النيسابوري في تفسيره: ج ٦ ص ١٧٠.

١٩- شهاب الدين الآلوسي البغدادي في روح المعاني: ج ٢ ص ٣٤٨.

٢٠ - نور الدين المالكي في الفصول المهمة: ص ٢٧.

٢١- الواحدي في أسباب النزول: ص ١٥٠.

٢٢- محمد بن طلحة في مطالب السؤل.

٢٣- المير سيد علي الهمداني في مودة القربى / المودة الخامسة.

٢٤- القندوزي في ينابيع المودة / الباب ٣٩.

وغير هؤلاء المذكورين في كثير من أشهر أعلامكم قد كتبوا ونشروا

٦٧٩

بأنّ هذه الآية نزلت يوم الغدير، حتى أنّ القاضي فضل بن روزبهان المشهور بالتعصّب والعناد، كتب عن الآية: فقد ثبت هذا في الصحاح أنّ هذه الآية لما نزلت أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بكفّ علي بن أبي طالب وقال: من كنت مولاه فهذا علي مولاه.

وأعجب من هذا الكلام أنه قال وروى - كما في كشف الغمة - عن رزين بن عبد الله أنه قال: كنا نقرأ هذه الآية على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله هكذا:

( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْکَ مِنْ رَبِّکَ ) أن علياً مولى المؤمنين( إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ) !

ورواه السيوطي في الدرّ المنثور عن ابن مردويه.

وابن عساكر وابن ابي حاتم عن أبي سعيد الخدري وعن عبد الله ابن مسعود وهو أحد كتّاب الوحي.

ورواه القاضي الشوكاني في تفسير فتح القدير كذلك.

والحاصل: إنّ تأكيد الله سبحانه لنبيه بالتبليغ وتهديده على أنه إن لم يفعل ما أمَرهُ تلك الساعة، فكأنّه لم يُبلّغ شيئاً من الرسالة، هذه قرينة واضحة على أنّ ذلك الأمر كان على أهمية كالرسالة فمقام الخلافة والولاية تالية لمقام النبوة والرسالة.

القرينة الثانية

وأما القرينة الثانية: الذي يُؤيّد ويُوضِّح قولنا … أنّ نزول آية إكمال الدين كانت بعد ما بلّغ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله رسالته وأَمْرَ ربه في

٦٨٠