تفسير نور الثقلين الجزء ٣

تفسير نور الثقلين0%

تفسير نور الثقلين مؤلف:
المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 643

تفسير نور الثقلين

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي
المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
تصنيف: الصفحات: 643
المشاهدات: 209280
تحميل: 6443


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 643 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 209280 / تحميل: 6443
الحجم الحجم الحجم
تفسير نور الثقلين

تفسير نور الثقلين الجزء 3

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

ـ قوله:( فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً ) قال: الخير ان علمت ان عنده مالا.

١٥٩ ـ عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً ) قال: كاتبوهم ان علمتم لهم مالا.

١٦٠ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن أخيه الحسن عن زرعة عن سماعة قال: سألتهعليه‌السلام عن العبد يكاتبه مولاه وهو يعلم أنّه ليس له قليل ولا كثير، قال: يكاتبه وان كان يسأل الناس، ولا يمنعه المكاتبة من أجل أن ليس له مال، فان الله يرزق العباد بعضهم من بعض والمؤمن معان ويقال: المحسن معان.

١٦١ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن العلا بن الفضيل عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال في قولهعزوجل :( فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ ) قال: تضع عنه من نجومه التي لم تكن تريد ان تنقصه ولا تزيد فوق ما في نفسك، فقلت: كم؟ فقال: وضع أبو جعفرعليه‌السلام عن مملوك ألفا من ستة آلاف.

١٦٢ ـ وباسناده عن محمد بن مسلم عن أحدهماعليهما‌السلام قال: سألته عن قول اللهعزوجل :( وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ ) قال: الذي ان تكاتبه عليه لا تقول: أكاتبه بخمسة آلاف وأترك له ألفا، ولكن انظر إلى الذي أضمرت عليه فأعطه.

١٦٣ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى عن القاسم بن سليمان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سألته عن قول اللهعزوجل :( وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ ) قال: سمعت أبي يقول: لا يكاتبه على الذي أراد أن يكاتبه، ثم يزيد عليه ثم يضع عنه، ولكنه يضع عنه مما نوى ان يكاتبه عليه.

١٦٤ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم ومعنى قوله:( وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ ) قال: إذا كاتبتهم تجعل لهم من ذلك شيئا.

٦٠١

١٦٥ ـ في مجمع البيان ( وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ ) من قال إنّه خطاب للسادة اختلفوا في قدر ما يجب فقيل يتقدر بربع المال عن الثوري وروى ذلك عن عليّعليه‌السلام .

١٦٦ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقولهعزوجل :( وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً ) قال: كانت العرب وقريش يشترون الإماء ويضعون عليهم الضريبة الثقيلة ويقولون: اذهبوا وازنوا واكتسبوا، فنهاهم اللهعزوجل عن ذلك فقال:( وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ ) إلى قوله تعالى:( غَفُورٌ رَحِيمٌ ) أي لا يؤاخذهن الله تعالى بذلك إذا اكرهن عليه، وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: هذه الآية منسوخة نسختها( فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ ) .

١٦٧ ـ في مجمع البيان في الشواذ قراءة ابن عباس وسعيد بن جبير( مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَ ) لهن غفور رحيم» وروى ذلك عن أبي عبد اللهعليه‌السلام .

١٦٨ ـ لتبتغوا عرض الحيوة الدنيا قيل: إنّ عبد الله بن أبي كانت له ست جواري يكرههن على الكسب بالزنا، فلما نزل تحريم الزنا أتين رسول اللهعليه‌السلام فشكون إليه فنزلت الآية.

١٦٩ ـ في أصول الكافي علي بن محمد ومحمد بن الحسن عن سهل بن زياد عن محمد بن الحسن بن شمون عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم عن عبد الله بن القاسم عن صالح بن سهل الهمداني قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ ) فاطمةعليها‌السلام فيها مصباح الحسن المصباح في زجاجة الحسين الزجاجة كأنها كوكب دري فاطمة كوكب دري بين نساء أهل الدنيا توقد من شجرة مباركة إبراهيم (ع) زيتونة لا شرقية ولا غربية لا يهودية ولا نصرانية( يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ ) امام منها بعد امام( يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ ) يهدى الله للائمةعليهم‌السلام ( مَنْ يَشاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ ) والحديث طويل أخذنا هنا منه موضع الحاجة وستسمع تتمته عند قوله تعالى :

٦٠٢

«أو كظلمات» إلخ ان شاء الله تعالى.

١٧٠ ـ وباسناده إلى يعقوب بن سالم عن رجل عن أبي جعفرعليه‌السلام حديث طويل وفيه ان الله تعالى بعث إلى أهل البيتعليهم‌السلام بعد وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من يعزيهم فسمعوا صوته ولم يروا شخصه، فكان في تعزيته: جعلكم أهل بيت نبيه واستودعكم علمه وأورثكم كتابه، وجعلكم تابوت علمه وعصى عزه، وضرب لكم مثلا من نوره.

١٧١ ـ في كتاب التوحيد حدّثنا أبي رضى الله عنه قال: حدّثنا سعد بن عبد الله عن يعقوب بن يزيد عن العباس بن هلال قال: سألت الرضاعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) فقال: هادي لأهل السموات وهادي لأهل الأرض، وفي رواية البرقي: هدى من في السموات وهدى من في الأرض.

١٧٢ ـ وقد روى عن الصادقعليه‌السلام أنّه سئل عن قول اللهعزوجل :( اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ ) فقال: هو مثل ضربه الله لنا، فالنبي والائمة صلوات الله عليهم من دلالات الله وآياته التي يهتدى بها إلى التوحيد، ومصالح الدين وشرايع الإسلام والسنن والفرائض، ولا قوة إلّا بالله العليّ العظيم.

١٧٣ ـ وتصديق ذلك ما حدّثنا به إبراهيم بن هارون الهيثى بمدينة السلام قال: حدّثنا محمد بن أحمد بن أبي الثلج قال: حدّثنا الحسين بن أيوب عن محمد بن غالب عن علي بن الحسين بن أيوب عن الحسين بن سليمان عن محمد بن مروان الذهلي عن الفضيل بن يسار قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام :( اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) قال كذلك اللهعزوجل ، قال: قلت:( مَثَلُ نُورِهِ ) قال: محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله قلت:( كَمِشْكاةٍ ) قال: صدر محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قلت:( فِيها مِصْباحٌ ) قال: فيه نور العلم يعنى النبوة، قلت:( الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ ) قال: علم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى قلب علىعليه‌السلام ، قلت:( كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ ) قال: لاي شيء تقرأ كأنها؟ قلت: فكيف جعلت فداك؟ قال: «كأنه» قلت:( يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ ) قال: ذاك أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام لا يهودي ولا نصراني، قلت:( يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ ) قال :

٦٠٣

يكاد العلم يخرج من فم العالم من آل محمد من قبل أن ينطق به، قلت( نُورٌ عَلى نُورٍ ) قال: الامام في اثر الامام.

١٧٤ ـ وباسناده إلى عيسى بن راشد عن محمد بن علي بن الحسينعليهم‌السلام في قولهعزوجل :( كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ ) قال: المشكوة نور العلم في صدر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ( الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ ) الزجاجة صدر عليٍّعليه‌السلام صار علم النبي إلى صدر عليٍّ، علم النبي عليّاعليه‌السلام ( الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ ) قال: نور العلم( لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ ) قال: لا يهودية ولا نصرانية( يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ ) قال: يكاد العالم من آل محمد يتكلم بالعلم قبل أن يسأل( نُورٌ عَلى نُورٍ ) يعنى إماما مؤيدا بنور العلم والحكمة في اثر الامام من آل محمد، وذلك من لدن آدم إلى ان تقوم الساعة، فهؤلاء الأوصياء الذين جعلهم اللهعزوجل خلفاء في أرضه وحججه على خلقه لا تخلو الأرض في كل عصر من واحد منهم.

١٧٥ ـ وباسناده إلى جابر بن يزيد عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ ) فالمشكاة صدر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ( فِيها مِصْباحٌ ) والمصباح هو العلم( فِي زُجاجَةٍ ) والزجاجة أمير المؤمنينعليه‌السلام وعلم نبي الله عنده.

١٧٦ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن إسحق بن جرير قال سألتنى امرأة ان أدخلها على أبي عبد اللهعليه‌السلام فاستأذنت لها، فاذن لها فدخلت ومعها مولاة لها، فقالت له: يا أبا عبد الله قول الله:( زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ ) ما عنى بهذا؟ فقال لها: أيتها المرأة ان الله لم يضرب الأمثال للشجر إنّما ضرب الأمثال لبني آدم. محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن إسحق بن جرير مثله والحديثان طويلان أخذنا منهما موضع الحاجة.

١٧٨ ـ في روضة الكافي علي بن محمد عن علي بن العباس عن علي بن حماد عن

٦٠٤

عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام قال في حديث طويل: ثمّ إنَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وضع العلم الذي كان عنده عند الوصي وهو قول اللهعزوجل :( اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) يقول: انا هادي السموات والأرض مثل العلم الذي أعطيته ونوري الذي يهتدى به «مثل المشكوة فيها المصباح» فالمشكاة قلب محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله والمصباح النور الذي فيه العلم وقوله:( الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ ) يقول: إنّي أريد ان أقبضك فاجعل الذي عندك عند الوصي كما يجعل المصباح في الزجاجة( كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ ) فأعلمهم فضل الوصي( يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ ) فأصل الشجرة المباركة إبراهيم صلى الله عليه وهو قول اللهعزوجل :( رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ) وهو قول اللهعزوجل :( إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) ( لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ ) يقول: لستم بيهود فتصلوا قبل المغرب، ولا نصارى فتصلوا قبل المشرق، وأنتم على ملة إبراهيم صلى الله عليه وقد قال اللهعزوجل :( ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) وقوله:( يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ ) يقول: مثل أولادكم الذين يولدون مثل الزيت الذي يعصر من الزيتون( يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ ) يكادون ان يتكلموا بالنبوة وان لم ينزل عليهم ملك.

١٧٨ ـ في أمالي الصدوق رحمه‌الله باسناده إلى الصادقعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه: انا فرع من فروع الزيتونة، وقنديل من قناديل بيت النبوة، وأديب السفرة وربيب الكرام البررة، ومصباح من مصابيح المشكوة التي فيها نور النور، وصفو الكلمة الباقية في عقب المصطفين إلى يوم الحشر.

١٧٩ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم حدّثنا حميد بن زياد عن محمد بن الحسين عن محمد بن يحيى عن طلحة بن زيد عن جعفر بن محمد عن أبيهعليهما‌السلام في هذه الآية:( اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) قال: بدأ بنور نفسه( مَثَلُ نُورِهِ ) مثل هداه في قلب المؤمن

٦٠٥

( كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ ) والمشكوة جوف المؤمن والقنديل قلبه والمصباح النور الذي جعله الله في قلبه( يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ ) قال: الشجرة المؤمن( زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ ) قال: على سواد الجبل لا غربية أي لا شرق لها ولا شرقية أي لا غرب لها، إذا طلعت الشمس طلعت عليها، وإذا غربت غربت عليها( يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ ) يكاد النور الذي جعله الله في قلبه يضيء وان لم يتكلم( نُورٌ عَلى نُورٍ ) فريضة على فريضة وسنة على سنة( يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ ) يهدى الله لفرائضه وسننه من يشاء( وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ ) فهذا مثل ضربه الله للمؤمن ثم قال: فالمؤمن يتقلب في خمسة من النور، مدخله نور، ومخرجه نور وعلمه نور، وكلامه نور، ومصيره يوم القيامة إلى الجنة نور، قلت لجعفرعليه‌السلام : انهم يقولون مثل نور الرب؟ قال: سبحان الله ليس لله مثل، قال الله:( فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ ) .

١٨٠ ـ قال عليّ بن إبراهيمرحمه‌الله في قول اللهعزوجل :( اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) إلى قوله تعالى:( وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) فانه حدثني أبي عن عبد الله بن جندب قال: كتبت إلى أبي الحسن الرضا صلوات الله عليه أسأله عن تفسير هذه الآية ؟ فكتب إلى الجواب: أما بعد فان محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله كان أمين الله في خلقه، فلما قبض النبي كنا أهل البيت ورثته، فنحن أمناء الله في أرضه عندنا علم المنايا والبلايا وأنساب العرب ومولد الإسلام، وما من فئة تضل مأة وتهدى مأة إلّا ونحن نعرف سائقها وقائدها وناعقها، وانا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الايمان وحقيقة النفاق، وان شيعتنا لمكتوبون بأسمائهم وأسماء آبائهم، أخذ اللهعزوجل علينا وعليهم الميثاق، يردون موردنا ويدخلون مدخلنا ليس على ملة الإسلام(١) غيرنا وغيرهم إلى يوم القيامة، نحن الآخذون بحجزة نبينا ونبينا الآخذ بحجرة ربنا، والحجزة النور وشيعتنا آخذون بحجزتنا، من فارقنا هلك ومن تبعنا نجى، والمفارق لنا والجاحد لولايتنا كافر، ومتبعنا وتابع أوليائنا مؤمن

__________________

(١) هذا هو الظاهر الموافق للمصدر وفي نسخة «جملة» وفي اخرى «حملة» مكان «ملة» ولا تخلو النسخ عن التصحيف.

٦٠٦

لا يحبنا كافر ولا يبغضنا مؤمن، فمن مات وهو يحبنا كان حقا على الله ان يبعثه معنا، نحن نور لمن تبعنا وهدى لمن اهتدى بنا، ومن لم يكن منا فليس من الإسلام في شيء، بنا فتح الله الدين وبنا يختمه، وبنا أطعمكم الله عشب الأرض(١) وبنا انزل الله قطر السماء، وبنا آمنكم اللهعزوجل من الغرق في بحركم، ومن الخسف في بركم، وبنا نفعكم الله في حيوتكم وفي قبوركم وفي محشركم وعند الصراط وعند الميزان وعند دخولكم الجنان، مثلنا في كتاب اللهعزوجل «كمثل مشكاة» المشكوة في القنديل فنحن المشكوة( فِيها مِصْباحٌ ) المصباح محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ( الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ ) من عنصره( الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ ) لا دعية ولا منكرة( يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ ) القرآن( نُورٌ عَلى نُورٍ ) امام بعد امام( يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) فالنور على صلوات الله عليه، يهدى لولايتنا من أحب وحق على الله أن يبعث ولينا مشرقا وجهه، منيرا برهانه، ظاهرة عند الله حجته، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٨١ ـ حدّثنا محمد بن همام قال: حدّثنا جعفر بن محمد بن مالك قال: حدّثنا القاسم بن الربيع عن محمد بن سنان عن عمار بن مروان عن منخل عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام في قولهعزوجل :( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ) قال: هي بيوت الأنبياء وبيت على منها.

١٨٢ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب أبو حمزة الثمالي في خبر لما كانت السنة التي حج فيها أبو جعفر محمد بن عليّ ولقيه هشام بن عبد الملك أقبل الناس يتساءلون عليه فقال عكرمة: من هذا؟ عليه سيماء زهرة العلم لأخزينه، فلما مثل بين يديه ارتعدت فرائصه وأسقط في أيدى أبي جعفرعليه‌السلام ، وقال: يا بن رسول الله

__________________

(١) العشب ـ بالضم ـ: الكلاء الرطب في أول الربيع، ولا يقال له حشيش حتّى يهيج ويدخل فيه أحرار البقول وذكورها.

٦٠٧

لقد جلست مجالس كثيرة بين يدي ابن عباس وغيره، فما أدركني ما أدركنى آنفا، فقال له أبو جعفرعليه‌السلام : ويلك يا عبيد أهل الشام انك بين يدي بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه.

١٨٣ ـ في عيون الاخبار في الزيارة الجامعة لجميع الائمةعليهم‌السلام المنقولة عن الجوادعليه‌السلام : خلقكم الله أنوارا فجعلكم بعرشه محدقين حتّى من علينا بكم فجعلكم الله( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ) .

١٨٤ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة في باب اتصال الوصية من لدن آدمعليه‌السلام باسناده إلى محمد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر محمد بن عليّ الباقرعليهما‌السلام حديث طويل وفيه يقولعليه‌السلام : إنّما الحجة في آل إبراهيم لقول اللهعزوجل :( فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً ) والحجة الأنبياء وأهل بيوتات الأنبياء حتّى تقوم الساعة لان كتاب الله ينطق بذلك، ووصية الله جرت بذلك في العقب، من البيوت التي رفعها الله تبارك وتعالى على الناس، فقال:( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ) وهي بيوتات الأنبياء والرسل والحكماء وأئمة الهدى.

١٨٥ ـ في روضة الكافي أبان عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ ) قال: هي بيوت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

١٨٦ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عمن ذكره عن محمد بن عبد الرحمان بن أبي ليلى عن أبيه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال: وصل الله طاعة ولي أمره بطاعة رسوله، وطاعة رسوله بطاعته، فمن ترك طاعة ولاة الأمر لم يطع الله ولا رسوله، وهو الإقرار بما انزل من عند اللهعزوجل :( خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) والتمسوا البيوت التي اذن لله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، فانه أخبركم انهم( رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٦٠٨

١٨٧ ـ في الكافي عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن بعض أصحابه عن أبي حمزة عن عقيل الخزاعي ان أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان إذا حضر الحرب يوصى المسلمين بكلمات: يقول: تعاهدوا الصلوة وحافظوا عليها واستكثروا منها، وقد عرف حقها من طرقها(١) وأكرم بها من المؤمنين الذين لا يشغلهم عنها زين متاع ولا قرة عين من مال ولا ولد، يقول الله تعالى:( رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٨٨ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن أسباط بن سالم قال: دخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام فسألنا عن عمير بن مسلم ما فعل؟ فقلت: صالح ولكنه قد ترك التجارة، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : عمل الشيطان ثلاثا، أما علم ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله اشترى عيرا أتت من الشام فاستفضل فيها ما قضى دينه وقسم في قرابته، يقول اللهعزوجل :( رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ ) إلى آخر الآية يقول القصاص: أنّ القوم لم يكونوا يتجرون، كذبوا ولكنهم لم يكونوا يدعون الصلوة في ميقاتها وهو أفضل من حضر الصلوة ولم يتجر.

١٨٩ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن الحسين بن بشار عن رجل رفعه في قول اللهعزوجل :( رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ ) قال: هم التجار الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، إذا دخل مواقيت الصلوة أدوا إلى الله حقه فيها.

١٩٠ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن محمد بن عليّ عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام لقتادة: من أنت؟ قال: انا قتادة ابن دعامة البصري فقال له أبو جعفرعليه‌السلام : أنت فقيه أهل البصرة؟ قال: نعم، فقال له أبو جعفر: ويحك يا قتادة ان الله خلق خلقا من خلقه فجعلهم حججا على خلقه، فهم أوتاد في

__________________

(١) قال المجلسي (ره) أي أتى بها ليلا، من الطروق بمعنى الإتيان بالليل، أي واظب عليها في الليالي، وقيل: جعلها دأبه وصنعه.

٦٠٩

أرضه قوام بأمره نجباء في علمه اصطفاهم قبل خلقه، أظلة عن يمين عرشه قال: فسكت قتادة طويلا ثم قال: أصلحك الله والله لقد جلست بين يدي الفقهاء وقدام(١) فما اضطرب قلبي قدام واحد منهم ما اضطرب قدامك، فقال له أبو جعفرعليه‌السلام : أتدري أين أنت؟ بين يدي( بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ ) الصلوة وإيتاء الزكاة» فأنت ثم ونحن أولئك فقال له قتادة: صدقت والله جعلني الله فداك والله ما هي بيوت حجارة ولا طين

، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٩١ ـ في نهج البلاغة قالعليه‌السلام بعد ان ذكر الصلوة وحث عليها: من المؤمنين الذين لا يشغلهم عنها زينة متاع ولا قرة عين من ولد ولا مال، يقول الله سبحانه:( رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ ) .

١٩٢ ـ وفيه أيضا من كلام لهعليه‌السلام عند تلاوته:( رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ ) وان للذكر لأهلا أخذوه من الدنيا بدلا، فلم يشغلهم تجارة ولا بيع عنه يقطعون به أيام الحيوة، ويهتفون بالزواجر عن محارم الله في أسماع الغافلين، ويأمرون بالقسط ويأتمرون به، وينهون عن المنكر ويتناهون عنه، كأنما قطعوا الدنيا إلى الآخرة وهم فيها، فشاهدوا ما وراء ذلك، فكأنما اطلعوا غيوب أهل البرزخ في طول الاقامة فيه، وحققت القيامة عليهم عذابها، فكشفوا غطاء ذلك لأهل الدنيا حتّى كأنهم يرون ما لا يرى الناس، ويسمعون ما لا يسمعون.

١٩٣ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى عن روح بن عبد الرحيم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ ) قال: كانوا أصحاب تجارة فاذا حضرت الصلوة تركوا التجارة وانطلقوا إلى الصلوة وهم أعظم أجرا ممن لا يتجر.

١٩٤ ـ في مجمع البيان «في بيوت» الآية وقيل: هي بيوت الأنبياء وروى ذلك مرفوعا أنّه سئل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لما قرأ الآية: أي بيوت هذه؟ فقال: بيوت الأنبياء، فقام

__________________

(١) كذا في النسخ والظاهر «قدامهم».

٦١٠

أبو بكر فقال: يا رسول الله هذا البيت منها؟ ـ لبيت على وفاطمة ـ قال: نعم من أفاضلها.

١٩٥ ـ وروى عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام انهم قوم إذا حضرت الصلوة تركوا التجارة، وانطلقوا إلى الصلوة، وهم أعظم أجرا ممن لم يتجر والله سريع الحساب وسئل أمير المؤمنينعليه‌السلام : كيف يحاسبهم في حالة واحدة؟ فقال: كما يرزقهم في حالة واحدة.

١٩٦ ـ في أصول الكافي علي بن محمد ومحمد بن الحسن عن سهل بن زياد عن محمد بن الحسن بن شمون عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم عن عبد الله بن القاسم عن صالح بن سهل الهمداني قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) إلى قوله: قلت: أو كظلمات قال: الاول وصاحبه يغشاه موج الثالث من فوقه موج ظلمات الثاني بعضها فوق بعض معاوية لعنه الله وفتن بني أميّة إذا اخرج يده المؤمن في ظلمة فتنتهم لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا إماما من ولد فاطمةعليها‌السلام فما له من نور امام يوم القيامة.

١٩٧ ـ محمد بن يحيى عن عبد الله بن جعفر عن السياري عن محمد بن بكر عن أبي الجارود عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنّه قال: والذي بعث محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله بالحق وأكرم أهل بيته ما من شيء يطلبونه من حرز من حرق أو غرق أو سرق أو إفلات دابة من صاحبها أو ضالة أو آبق إلّا وهو في القرآن، فمن أراد ذلك فليسألني عنه قال: فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين أخبرنى عن الآبق؟ فقال: اقرأ:( أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ ) إلى قوله: «فمن( لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ ) فقرأ الرجل فرجع إليه الآبق، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٩٨ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى عن أبي جميلة عن عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: اكتب للآبق في ورقة أو في قرطاس: بسم الله الرحمان الرحيم يد فلان مغلولة إلى عنقه إذا أخرجها لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من

٦١١

نور، ثم لفها واجعلها بين عودين، ثم ألقها في كوة بيت مظلم في الموضع الذي كان يأوى فيه.

١٩٩ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم حدّثنا محمد بن همام عن جعفر بن محمد بن مالك عن محمد بن الحسين الصائغ عن الحسن بن عليّ عن صالح بن سهل قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول في قول اللهعزوجل : «أو كظلمات» فلان وفلان( فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ ) يعنى نعثل(١) ( مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ ) طلحة والزبير( ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ ) معاوية ويزيد وفتن بني امية( إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ ) في ظلمة فتنتهم( لَمْ يَكَدْ يَراها وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً ) يعنى إماما من ولد فاطمةعليها‌السلام ( فَما لَهُ مِنْ نُورٍ ) فما له من امام يوم القيامة يمشى بنوره كما في قوله تعالى:( يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ ) قال: إنّما المؤمنون يوم القيامة( نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ ) حتّى ينزلوا منازلهم من الجنان.

٢٠٠ ـ حدّثني أبي عن بعض أصحابه يرفعه إلى الأصبغ بن نباتة قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: إنّ لله ملكا في صورة الديك الأملح الأشهب، براثنه(٢) في الأرضين السابعة، وعرفه(٣) تحت العرش له جناحان: جناح بالمشرق وجناح بالمغرب، فأما الجناح الذي في المشرق فمن ثلج، واما الجناح الذي في المغرب فمن نار، فكلما حضر وقت الصلوة قام على براثنه ورفع عرفه تحت العرش، ثم أمال أحد جناحيه في الاخر يصفق بهما كما يصفق الديك في منازلكم، فلا الذي من الثلج يطفى النار ولا الذي من النار يذيب الثلج، ثم ينادى بأعلى صوته: أشهد ان لا إله إلّا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله خاتم النبيين وان وصيه خير الوصيين سبوح قدوس رب الملائكة و

__________________

(١) نعثل: اسم رجل كان طويل اللحية، وكان عثمان إذا نيل منه وعيب شبه بذلك، قاله الجزري في النهاية والجوهري وغيرهما.

(٢) براثن جمع البرثن وهو من السباع والطير بمنزلة الاصباع من الإنسان.

(٣) العرف: لحمة مستطيلة في أعلى رأس الديك.

٦١٢

الروح، فلا يبقى في الأرض ديك إلّا أجابه، وذلك قولهعزوجل :( وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ) .

٢٠١ ـ وباسناده إلى إسحق بن عمار عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ما من طير يصاد في بر ولا بحر ولا يصاد شيء من الوحش إلّا بتضييعه التسبيح.

٢٠٢ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى الأصبغ بن نباتة قال: جاء ابن الكوا إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال: يا أمير المؤمنين والله ان في كتاب الله آية قد أفسدت عليَّ قلبي وشككتني في ديني؟ فقال له عليعليه‌السلام ، ثكلتك أمّك وعدمتك وما تلك الآية ؟ قال: قول اللهعزوجل :( وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ) فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام : يا ابن الكوا ان الله تبارك وتعالى خلق الملائكة في صور شتى، ألآ إنّ لله تعالى ملكا في صورة ديك أبلج أشهب، براثنه في الأرضين السابعة السفلى وعرفه مثنى تحت العرش، له جناحان: جناح في المشرق وجناح في المغرب، واحد من نار والاخر من ثلج، فاذا حضر وقت الصلوة قام على براثنه ثم رفع عنقه من تحت العرش، ثم صفق بجناحيه كما تصفق الديوك في منازلكم فلا الذي من النار يذيب الثلج، ولا الذي من الثلج يطفى النار فينادى أشهد أنْ لا إله إلّا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا سيد النبيين، وان وصيه سيد الوصيين، وان الله سبوح قدوس رب الملائكة والروح ؛ قال: فتخفق الديكة بأجنحتها في منازلكم فتجيبه عن قوله، وهو قولهعزوجل :( وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ) من الديكة في الأرض.

٢٠٣ ـ في من لا يحضره الفقيه وقال أبو جعفرعليه‌السلام : إنّ للهعزوجل ملكا على صورة ديك أبيض رأسه تحت العرش ورجلاه في تخوم الأرض السابعة، له جناح في المشرق وجناح في المغرب، لا تصيح الديوك حتّى يصيح، فاذا صاح خفق بجناحيه، ثم قال: سبحان الله سبحان الله سبحان الله العظيم الذي ليس كمثله شيء، قال: فيجيبه اللهعزوجل فيقول: لا يحلف بي كاذبا من يعرف ما تقول، وروى ان فيه نزلت:( وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ) .

٦١٣

٢٠٤ ـ في كتاب الاهليلجة قال الصادقعليه‌السلام في كلام طويل يذكر فيه الرياح: وبها يتألف المفترق، وبها يفترق الغمام المطبق حتّى ينبسط في السماء كيف يشاء مدبره، فيجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله بقدر معلوم لمعاش مفهوم، وأرزاق مقسومة وآجال مكتوبة.

٢٠٥ ـ في كتاب التوحيد حديث طويل عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يذكر فيه عظمة الله جل ـ جلاله قالعليه‌السلام بعد ان ذكر الأرضين السبع: والديك والصخرة والحوت والبحر المظلم والهواء والثرى بمن فيه ومن عليه عند السماء كحلقة في فلاة قي(١) وهذا وسماء الدنيا ومن فيها ومن عليها عند التي فوقها كحلقة في فلاة قي، وهذا وهاتان السماء ان عند الثالثة كحلقة في فلاة قي، وهذه الثلاث ومن فيهن ومن عليهن عند الرابعة كحلقة في فلاة قي حتّى انتهى إلى السابعة، وهذه السبع ومن فيهن ومن عليهن عند البحر المكفوف عن أهل الأرض كحلقة في فلاة قي، وهذه السبع والبحر المكفوف عند جبال البرد كحلقة في فلاة قي، ثم تلا هذه الآية:( وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ ) . في روضة الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن عبد الرحمان بن ابى ـ نجران عن صفوان عن خلف بن حماد عن الحسين بن زيد الهاشمي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مثله.

٢٠٦ ـ وفيها أيضا عليّ بن إبراهيم عن هارون بن مسلمة عن مسعدة بن صدقة قال: حدثني أبو عبد اللهعليه‌السلام قال: قال لي أبىعليه‌السلام قال أمير المؤمنين: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ اللهعزوجل جعل السحاب غرابيل للمطر، هي تذيب البرد حتّى يصير ماءا لكي لا يضر شيئا يصيبه، والذي ترون فيه من البرد والصواعق نقمة من اللهعزوجل يصيب بها من يشاء من عباده. والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٠٧ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن عمران بن موسى عن علي بن أسباط عن أبيه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: البرد لا يؤكل لان اللهعزوجل يقول:( فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ ) .

__________________

(١) القى: القفر من الأرض.

٦١٤

٢٠٨ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقولهعزوجل :( وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ ) أي من منى( فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللهُ ما يَشاءُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) قال: على رجلين الناس وعلى بطنه الحيات ؛ وعلى أربع البهائم، وقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : ومنهم من يمشى على أكثر من ذلك.

٢٠٩ ـ في مجمع البيان قال البلخي: إنّ الفلاسفة تقول: كل ماله قوائم كثيرة فان اعتماده إذا سعى على اربعة قوائم فقط، وقال أبو جعفرعليه‌السلام : ومنهم من يمشى على أكثر من ذلك.

٢١٠ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقولهعزوجل :( وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنا ) إلى قوله: وما أولئك بالمؤمنين فانه حدّثني أبي عن ابن ابى عمير عن ابن سنان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: نزلت هذه الآية في أمير المؤمنينعليه‌السلام وعثمان، وذلك أنّه كان بينهما منازعة في حديقة فقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: نرضى برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال عبد الرحمن بن عوف: لا تحاكمه إلى رسول الله فانه يحكم له عليك، ولكن حاكمه إلى ابن شيبة اليهودي، فقال عثمان لأمير المؤمنينعليه‌السلام : لا نرضى إلّا بابن شيبة اليهودي، فقال ابن شيبة لعثمان: تأمنوا رسول الله على وحي السماء وتتهموه في الأحكام؟ فأنزلعزوجل على رسوله:( وَإِذا دُعُوا إلى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ) إلى قوله:( أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) ثم ذكر أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقال:( إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إلى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا ) إلى قوله تعالى:( فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ ) .

٢١١ ـ في مجمع البيان وحكى البلخي أنّه كانت بين عليٍّعليه‌السلام وعثمان منازعة في أرض اشتراها من عليٍّعليه‌السلام ، فخرجت فيها أحجار فأراد ردها بالعيب فلم يأخذها، فقال: بيني وبينك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال الحكم بن أبي العاص: إنْ حاكمته إلى ابن عمّه حكم له فلا تحاكمه إليه ونزلت الآيات وهو المروي عن أبي جعفرعليه‌السلام

٦١٥

أو قريب منه.

٢١٢ ـ وروى عن عليٍّعليه‌السلام أنّه قرأ «قول المؤمنين» بالرفع( وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) أي الفائزون بالثواب الظافرون بالمراد، وروى عن أبي جعفرعليه‌السلام ان المعنى بالاية أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٢١٣ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى عبد الله بن عجلان قال: ذكرنا خروج القائمعليه‌السلام عند أبي عبد الله فقلت له: وكيف لنا نعلم ذلك؟ فقال: يصبح أحدكم وتحت رأسه صحيفة عليها مكتوب: طاعة معروفة.

٢١٤ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقولهعزوجل :( قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ ) قال: ما حمل النبي (ص) من النبوة وعليكم ما حملتم من الطاعة.

٢١٥ ـ في أصول الكافي باسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام خطبة طويلة في وصف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وفيها: وادى ما حمل من أثقال النبوة.

٢١٦ ـ أبو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن ابن ابى نجران عن أبي ـ جميلة عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا معاشر قراء القرآن اتقوا اللهعزوجل فيما حملكم من كتابه فانى مسئول وانكم مسئولون، إنّي مسئول عن تبليغ الرسالة، واما أنتم فتسألون عما حملتم من كتاب الله وسنتي.

٢١٧ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله جل جلاله:( وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) قال: هم الائمة.

٢١٨ ـ وباسناده إلى ابى جعفرعليه‌السلام قال: ولقد قال اللهعزوجل في كتابه لولاة الأمر من بعد محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله خاصة:( وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) إلى قوله:( فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ )

٦١٦

يقول: استخلفكم لعلمي وديني وعبادتي بعد نبيكم كما استخلف وصاة آدم من بعده حتّى يبعث النبي الذي يليه يعبدونني لا يشركون بي شيئا يقول: يعبدونني بإيمان لا نبي بعد محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله فمن قال غير ذلك فأولئك هم الفاسقون فقد مكن ولاة الأمر بعد محمد بالعلم ونحن هم، فاسألونا فان صدقناكم فأقروا وما أنتم بفاعلين، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢١٩ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى سدير الصيرفي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل وفيه يقولعليه‌السلام : واما إبطاء نوحعليه‌السلام : فانه لما استنزل العقوبة على قومه من السماء بعث الله تبارك وتعالى جبرئيل روح الأمين معه سبع نوايات فقال: يا نبي الله ان الله تبارك وتعالى يقول لك: إنّ هؤلاء خلائقي وعبادي لست أبيدهم(١) بصاعقة من صواعقي إلّا بعد تأكيد الوعدة والزام الحجة ؛ فعاود اجتهادك في الدعوة لقومك، فانى مثيبك عليه واغرس هذا النوى فان لك في نباتها وبلوغها وإدراكها إذا أثمرت، الفرح والخلاص فبشر بذلك من اتبعك من المؤمنين، فلما نبتت الأشجار وتأزرت وتسوقت وتغصنت وزهى الثمر(٢) على ما كان بعد زمان طويل استنجز من الله العدة، فأمر الله تبارك وتعالى أن يغرس نوى تلك الأشجار ويعاود الصبر والاجتهاد، ويؤكد الحجة على قومه، فأمر بذلك الطوائف التي آمنت به فارتد منهم ثلاثمأة رجل، وقالوا: لو كان ما يدعيه نوح حقا لما وقع في وعد ربه خلف، ثمّ إنَّ الله تبارك وتعالى لم ـ يزل يأمره عند كل مرة بان يغرسها مرة بعد اخرى إلى أن غرسها سبع مرات، فما زالت تلك الطوائف من المؤمنين ترتد منهم طائفة بعد طائفة إلى أن عاد إلى نيف وسبعين رجلا، فأوحى الله تبارك وتعالى عند ذلك إليه وقال: يا نوح الآن أسفر الصبح عن الليل بعينك! عن صرح الحق محضه، وصفا الكدر بارتداد كل من كانت طينته خبيثة فلو أنّي أهلكت

__________________

(١) أباده: أهلكه.

(٢) المؤازرة: أنْ يقوى الزرع بعضه بعضا فيلتف، والتأزير: التغطية والتقوية. وتسوقت: أي قوى ساقها وتغصفت أي كثرت وقويت أغصانها وزهو الثمرة: احمرارها واصفرارها.

٦١٧

الكفار وأبقيت من قد ارتد من الطوائف التي كانت آمنت بك لما كنت صدقت وعدي السابق للمؤمنين الذين أخلصوا التوحيد من قومك، واعتصموا بحبل نبوتك. فانى استخلفهم في الأرض وأمكن لهم دينهم وأبدل خوفهم بالأمن لكي تخلص العبادة لي بذهاب الشرك من قلوبهم، وكيف يكون الاستخلاف والتمكين وبدل الأمر منى لهم مع ما كنت اعلم من ضعف يقين الذين ارتدوا وخبث طينتهم وسوء سرائرهم التي كانت نتائج النفاق وشبوح الضلالة(١) فلو انهم تنسموا من الملك الذي أرى المؤمنين(٢) وقت الاستخلاف إذا أهلكت أعدائهم [لنشقوا](٣) روائح صفائه ولاستحكمت سرائر نفاقهم وثارت خبال ملالة قلوبهم(٤) ولكاشفوا إخوانهم بالعداوة، وحاربوهم على طلب الرياسة، والتفرد بالأمر والنهى، وكيف يكون التمكين في الدين وانتشار الأمر في المؤمنين مع اثارة الفتن وإيقاع الحروب، كلا( وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا ) قال الصادقعليه‌السلام : وكذلك القائم فانه تمتد أيام غيبته فيصرح الحق عن محضه ويصفو الايمان من الكدر بارتداد كل من كانت طينته خبيثة من الشيعة الذين يختص عليهم النفاق إذا أحسوا بالاستخلاف والتمكين، والأمر المنتشر في عهد القائم، قال الفضل: فقلت: يا ابن رسول الله فان هذه النواصب تزعم ان هذه الآية نزلت في ابى بكر

__________________

(١) شبوح جمع شبح ـ بالتحريك ـ: الشخص. وفي بعض النسخ «شيوخ الضلالة» قال المجلسي (ره) أو بالسين المهملة والنون بمعنى الظهور، أو بالخاء المعجمة جمع سنخ بالكسر بمعنى الأصل أو بمعنى الرسوخ وعلى التقادير لا يخلو من تكلف

(٢) كذا في النسخ وفي البحار «فلو انهم تنسموا منى الملك الذي اوتى اه». وتنسم النسيم: تشممه، واحتمل بعض المحشين ان يكون مصحف تسنم أي ركب الملاك وعلاه.

(٣) نشقه: شمه.

(٤) الخبال: الجنون والفساد، قال في البحار: والحاصل ان هذه الفتن لتخليص المؤمنين عن المنافقين وظهور ما كتموه من الشرك والفساد لكي لا يفسدوا في الأرض بعد ظهور دولة الحق باختلاطهم بالمؤمنين.

٦١٨

وعمر وعثمان وعلىعليه‌السلام ؟ فقال: لا يهدى الله قلوب الناصبة، متى كان الدين الذي ارتضاه الله ورسوله متمكنا بانتشار الأمر في الامة وذهاب الخوف من قلوبها، وارتفاع الشك من صدورها في عهد واحد من هؤلاء، وفي عهد عليٍّعليه‌السلام مع ارتداد المسلمين، والفتن التي كانت تثور في ايامهم، والحروب التي كانت تنسب إليهم بين الكفار وبينهم.

٢٢٠ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقوله:( وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً ) نزلت في القائم من آل محمد عليه وعلى آبائه السلام.

٢٢١ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل وفيه يقول بعد ذكر معايب الثلاثة وامهال الله إياهم: كل ذلك لتتم النظرة التي أوجبها الله تبارك وتعالى لعدوه إبليس إلى أن يبلغ الكتاب أجله، ويحق القول على الكافرين، ويقترب الوعد الحق الذي بينه الله في كتابه، بقوله:( وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) وذلك إذا لم يبق من الإسلام إلّا اسمه، ومن القرآن إلّا رسمه، وغاب صاحب الأمر بإيضاح العذر له في ذلك لاشتمال الفتنة على القلوب حتّى يكون أقرب الناس إليه أشد عداوة له، وعند ذلك يؤيده الله بجنود لم تروها، ويظهر دين نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله على يديه على الدين كله ولو كره المشركون.

٢٢٢ ـ في كشف المحجة لابن طاووسرحمه‌الله عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل وفيه فاما الآيات اللواتي في قريش فهي قوله إلى قوله: والثانية:( وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ) إلى قوله:( هُمُ الْفاسِقُونَ ) .

٢٢٣ ـ في مصباح شيخ الطائفة قدس‌سره زيارة للحسينعليه‌السلام مروية عن أبي ـ عبد اللهعليه‌السلام وفيها: أللهمّ وضاعف صلواتك ورحمتك وبركاتك على عترة نبيك العترة

٦١٩

الضائعة الخائفة المستذلة، بقية الشجرة الطيبة الزاكية المباركة، وأعل أللهمّ كلمتهم وأفلج حجتهم واكشف البلاء واللأواء وحنادس الأباطيل(١) والغم عنهم، وثبت قلوب شيعتهم وحزبك على طاعتهم ونصرتهم وموالاتهم، وأعنهم وامنحهم الصبر على الأذى فيك، واجعل لهم أياما مشهودة وأوقاتا محمودة مسعودة توشك منها فرجهم، توجب فيها تمكينهم ونصرتهم، كما ضمنت لأوليائك في كتابك المنزل فانك قلت وقولك الحق:( وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً ) .

٢٢٤ ـ في مجمع البيان ( وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً ) قيل: معناه: وليبدلنهم من بعد خوفهم في الدنيا أمنا في الاخرة، ويعضده ما روى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال حاكيا عن الله سبحانه: إنّي لا اجمع على عبد واحد بين خوفين ولا بين أمنين، ان خافني في الدنيا أمنته في الاخرة، وان أمنني في الدنيا أخفته في الاخرة.

٢٢٥ ـ واختلف في الآية، والمروي عن أهل البيتعليهم‌السلام انها في المهدي من آل محمد.

٢٢٦ ـ وروى العيّاشي باسناده عن علي بن الحسينعليهما‌السلام أنّه قرأ الآية وقال: هم والله شيعتنا أهل البيت يفعل ذلك بهم على يدي رجل منا وهو مهدي هذه الامة، وهو الذي قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم لطول الله ذلك اليوم حتّى يلي رجل من عترتي اسمه اسمى يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا، وروى مثل ذلك عن أبي جعفر وابى عبد اللهعليهما‌السلام . فعلى هذا يكون المراد بالذين آمنوا وعملوا الصالحات، النبي وأهل بيته.

٢٢٧ ـ في جوامع الجامع قالعليه‌السلام : زويت لي الأرض(٢) فأريت مشارقها

__________________

(١) اللأواء: الشدة والبلاء. والحنادس جمع الحندس: الليل المظلم.

(٢) زوي الشيء: جمعه.

٦٢٠