القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام الجزء ١

القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام0%

القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام مؤلف:
الناشر: سليمان زاده
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 574

القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: آية الله العلّامة السيّد أحمد المستنبط رحمة الله عليه
الناشر: سليمان زاده
تصنيف: الصفحات: 574
المشاهدات: 45796
تحميل: 4080

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 574 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 45796 / تحميل: 4080
الحجم الحجم الحجم
القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام

القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام الجزء 1

مؤلف:
الناشر: سليمان زاده
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


تحميل الكتاب القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام ، آية الله العلّامة السيّد أحمد المستنبط رحمة الله عليه ، شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام

عليه، فجعلت أسمعه وهو يقول: جعلت فداك ثمّ تساءلا طويلاً، ثمّ ودّعه أبي، وقام الشيخ فانصرف، وأبي ينظر خلفه حتّى غاب شخصه عنه، فقلت لأبي: من هذا الشيخ الّذي سمعتك تعظّمه في مساءلتك؟ قال: يا بنيّ هذا جدّك الحسين عليه السلام(١) .(٢)

وروى نظيره أيضاً عن أبي إبراهيم عليه السلام، عن أبيه أنّه خرج مع أبيه ورأى شيخاً كذلك وسأله عنه، قال: هذا أبي.(٣)

١٤/٣١٩- روى الشيخ الفقيه الأقدم أبو محمّد الحسن بن عليّ بن شعبه من مقدّمي أصحابنا صاحب كتاب تحف العقول : أنّه جاء الحسين عليه السلام رجل من الأنصار يريد أن يسأله حاجة فقال عليه السلام: يا أخا الأنصار صن وجهك عن بذلة المسألة، وارفع حاجتك في رقعة وأت بها ساُسرّك إنشاء اللَّه، فكتب إليه:

يا أبا عبداللَّه، إنّ لفلان عليّ خمسمائة دينار، وقد ألحّ بي فكلّمه ينظرني إلى ميسرة، فلمّا قرأ الحسين عليه السلام الرقعة دخل إلى منزله، فأخرج صرّة فيها ألف دينار وقال له: أمّا خمسمائة فاقض بها دينك، وأمّا خمسمائة فاستعن بها على دهرك، ولا ترفع حاجتك إلّا إلى أحد ثلاثة: إلى ذي دين، أو مروّة، أو حسب.(٤)

أقول : يا أبا عبداللَّه، إنّ المؤلّف أيضاً: يستعين بكم على عظائم اُموره دنيويّة

____________________

(١) أقول: لايطابق هذا النصّ مع ما في البصائر بل متّحد مع الخرائج. وكان الأحسن أن يقول المؤلّف في أوّل الحديث: روى الراوندي.

(٢) بصائر الدرجات: ٢٨٢ ح ١٨، عنه المحتضر: ١٢، والبحار: ٢٣١/٦ ح ٤٢، و٣٠٤/٢٧ ح٨ ورواه في الخرائج: ٨١٩/٢ ح ٣٠، عنه مختصر البصائر: ١١١، والأيقاظ من الهجعة: ٢٢٠ ح ٢٣.

(٣) بصائر الدرجات: ٢٧٤ ح٣، الخرائج: ٨١٧/٢ ح ٢٧.

أقول: قال الشيخ المفيد قدس سره في كتاب المقالات ص ٤٥، في أحوال الأئمّة عليهم السلام بعد الوفاة: إنّهم ينقلون من تحت التراب فيسكنون بأجسامهم وأرواحهم جنّة اللَّه تعالى، فيكونون فيها أحياء يتنعّمون إلى يوم الممات.

(٤) تحف العقول: ٢٤٥، عنه البحار: ١١٨/٧٨.

٣٠١

واُخرويّة من بحار فضلكم، فإنّك صاحب الدين وبكم تفتخر المروّة والحسب.

ولقد اقتدى عليه السلام بأبيه صلوات اللَّه عليه في أمر السائل أن يكتب حاجته، فإنّه روي أنّ رجلاً أتى عليّ بن أبي طالب عليه السلام فقال له: يا أميرالمؤمنين، إنّ لي إليك حاجة فقال: اُكتبها في الأرض فإنّي أرى الضرّ فيك بيّناً، فكتب في الأرض: إنّي فقير محتاج.

فقال عليّ عليه السلام: يا قنبر إكسه حلّتين فأنشأ الرجل يقول:

كسوتني حلّة تبلى محاسنها

فسوف أكسوك عن حسن الثنا حللاً

إن نلت حسن ثنائي نلت مكرمة

ولست تبغي بما قد نلته بدلا

إنّ الثناء ليحيي ذكر صاحبه

كالغيث يحيي نداه السهل والجبلا

لاتزهد الدهر في عرف(١) بدأت به

فكلّ عبد سيجزى بالّذي فعلا

فقال عليه السلام: اعطوه مائة دينار، فقيل له: يا أميرالمؤمنين لقد أغنيته، فقال: إنّي سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم يقول: أنزلوا الناس منازلهم، ثمّ قال عليه السلام: إنّي لأعجب من أقوام يشترون المماليك بأموالهم، ولايشترون الأحرار بمعروفهم.(٢)

١٥/٣٢٠- روي : أنّه وجد على ظهر الحسين عليه السلام يوم الطفّ أثر فسألوا زين العابدين عليه السلام عنه، فقال: هذا ممّا كان ينقل الجراب على ظهره إلى منازل الأرامل واليتامى والمساكين.(٣)

١٦/٣٢١- في كتاب التعازي للسيّد الشريف أبي عبداللَّه محمّد بن عليّ بن الحسن بن عبدالرحمن العلوي قال : كان الحسن عليه السلام يعظم الحسين عليه السلام حتّى كأنّه هو أسنّ منه، قال ابن عبّاس: وقد سألته عن ذلك؟ فقال: سمعت الحسن عليه السلام وهو

____________________

(١) العرف: المعروف.

(٢) أمالي الصدوق: ٣٤٧ ح ١٢ المجلس السادس والأربعون، عنه البحار: ٣٤/٤١ ح٧ و٤٠٧/٧٤ ح٢، المستدرك: ٣٤٥/١٢ ح ٢٥، إرشاد القلوب: ١٣٦، معالي السبطين: ٦٥.

(٣) مناقب ابن شهراشوب: ٦٦/٤، عنه البحار: ١٩٠/٤٤ ح٣.

٣٠٢

يقول: إنّي لأهابه كهيبة أميرالمؤمنين عليه السلام.(١)

١٧/٣٢٢- قد سبق في الحديث الرابع والثلاثين من باب مناقب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : ألا وإنّ الحسين عليه السلام باب من أبواب الجنّة، من عانده حرّم اللَّه عليه ريح الجنّة.(٢)

١٨/٣٢٣- في مدينة المعاجز، قال البحراني قدس سره : ولم يبق ملك في السماء إلّا ونزل على رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم يعزّيه بولده الحسين عليه السلام ويخبره بثواب ما يعطى من الزلفى والأجر والثواب يوم القيامة، ويخبرونه بما يعطى من الأجر زائره والباكي عليه، والنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم مع ذلك يقول، اللهمّ اخذل من خذله واقتل من قتله ولاتمتّعه بما أمّله في الدنيا وأصله حرّ نارك في الآخرة.(٣)

١٩/٣٢٤- عن طاووس اليماني: أنّ الحسين بن عليّ عليهما السلام كان إذا جلس في المكان المظلم يهتدي إليه الناس ببياض جبينه ونحره، لأنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم كثيراً ما يقبّل جبينه ونحره، وإنّ جبرئيل نزل يوماً فوجد الزهراء عليها السلام نائمة والحسين عليه السلام في مهده يبكي، فجعل يناغيه ويسلّيه حتّى استيقظت.(٤)

أقول : وإلى كلام اليماني أشارت زوجته الرباب رضوان اللَّه عليها في رثائها إيّاه:

إنّ الّذي كان نوراً يستضاء به

بكربلاء قتيل غير مدفون(٥)

٢٠/٣٢٥- عن معاوية بن وهب عن الصادق عليه السلام قال : إنّه عليه السلام كان يدعو لزوّار الحسين عليه السلام يقول: اللهمّ يا من خصّنا بالكرامة، ووعدنا الشفاعة وحمّلنا الرسالة

____________________

(١) معالي السبطين: ٥٩، عن سفينة البحار: ٦١٣/١.

(٢) مائة منقبة: ٢٢، تقدّم ص ٨٧ ح ٣٤ بتخريجاته.

(٣) مدينة المعاجز: ٤٣٨/٣ ضمن ح٩، منتخب الطريحي: ٦٣، مقتل الخوارزمي: ١٦٢/١، معالي السبطين: ٤٩.

(٤) منتخب الطريحي: ١٩٨، البحار: ١٨٧/٤٤ ذ ح ١٦، مناقب ابن شهراشوب: ٧٥/٤ (صدر الحديث)، عنه البحار: ١٩٤/٤٤ ضمن ح٧.

(٥) سفينة البحار: ٦١٣/١، معالي السبطين: ٥٩، المنتخب للطريحي: ١٩٨.

٣٠٣

وجعلنا ورثة الانبياء، وختم بنا الاُمم السالفة، وخصّنا بالوصيّة، وأعطانا علم ما مضى وعلم ما بقي، وجعل أفئدة من الناس تهوي إلينا، اغفر لي ولإخواني ولزوّار قبر الحسين بن عليّ صلوات اللَّه عليهما، الّذين أنفقوا أموالهم، وأشخصوا أبدانهم رغبة في برّنا، ورجاءً لما عندك في صلتنا، وسروراً أدخلوه على نبيّك محمّد صلى الله عليه وآله وسلم وإجابة منهم لأمرنا، وغيظاً أدخلوه على عدوّنا، أرادوا بذلك رضوانك، فكافئهم عنّا بالرضوان، وأكلأهم بالليل والنهار، واخلف على أهاليهم وأولادهم الّذين خلّفوا بأحسن الخلف، وأصحبهم واكفهم شرّ كلّ جبّار عنيد، وكلّ ضعيف من خلقك و شديد، وشرّ شياطين الإنس والجنّ، وأعطهم أفضل ما أمّلوا منك في غربتهم عن أوطانهم وما آثروا على أبنائهم وأهاليهم وقراباتهم.

اللّهمّ إنّ أعداءنا عابوا عليهم على خروجهم فلم ينههم ذلك عن النهوض والشخوص إلينا خلافاً عليهم(١) فارحم تلك الوجوه الّتي غيّرتها الشمس، وارحم تلك الخدود الّتي تقلّبت على قبر أبي عبداللَّه عليه السلام وارحم تلك الأعين الّتي جرت دموعها رحمةً لنا، وارحم تلك القلوب الّتي جزعت واحترقت لنا، وارحم تلك الصرخة الّتي كانت لنا، اللّهمّ إنّي استودعك تلك الأنفس وتلك الأبدان حتّى تروّيهم من الحوض(٢) يوم العطش.

فما زال صلوات اللَّه عليه يدعو بهذا الدعاء وهو ساجد فلمّا انصرف قلت له: جعلت فداك لو أنّ هذا الّذي سمعته منك كان لمن لايعرف اللَّه لظننت أنّ النّار لاتطعم منه شيئاً أبداً، واللَّه لقد تمنّيت أنّي كنت زرته ولم أحجّ، فقال عليه السلام لي: ما أقربك منه فما الّذي يمنعك من زيارته؟

[ثمّ قال:] يا معاوية لاتدع ذلك، قلت: جعلت فداك فلم أدر أنّ الأمر يبلغ هذا

____________________

(١) خلافاً منهم على من خالفنا، خ.

(٢) كذا في ثواب الأعمال، وفي كامل الزيارة: حتّى نوافيهم على الحوض.

٣٠٤

كلّه فقال: يا معاوية ومن يدعو لزوّاره في السماء أكثر ممّن يدعو لهم في الأرض لاتدعه لخوف أحد، فمن تركه لخوف رأى من الحسرة ما يتمنّى أنّ قبره كان بيده أما تحبّ أن يرى اللَّه شخصك وسوادك فيمن يدعو له رسول اللَّه وعليّ وفاطمة والأئمّة عليهم السلام؟ أما تحبّ أن تكون غداً ممّن تصافحه الملائكة؟ أما تحبّ أن تكون غداً فيمن يأتي وليس عليه ذنب فيتبع به؟ أما تحبّ أن تكون غداً فيمن يصافح رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم.(١)

٢١/٣٢٦- أورد الخطيب في تاريخ بغداد : عن النقاش أبي بكر محمّد بن الحسن بن محمّد بن زياد المقري الموصلي، بإسناده عن ابن عبّاس قال: كنت عند النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وعلى فخذه الأيسر إبنه إبراهيم، وعلى فخذه الأيمن الحسين بن عليّ عليهما السلام تارةً يقبّل هذا، وتارةً يقبّل هذا، إذ هبط عليه جبرئيل عليه السلام بوحي من ربّ العالمين.

فلمّا سري عنه قال: أتاني جبرئيل من ربّي فقال لي: يا محمّد، إنّ ربّك يقرؤ عليك السلام ويقول لك: لست أجمعهما لك، فأفد أحدهما بصاحبه، فنظر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم إلى إبراهيم فبكى، ونظر إلى الحسين عليه السلام فبكى.

ثمّ قال: إنّ إبراهيم اُمّه أمة، ومتى مات لم يحزن عليه غيري، واُمّ الحسين عليه السلام فاطمة، وأبوه عليّ ابن عمّي لحمي ودمي، ومتى مات حزنت ابنتي وحزن ابن عمّي وحزنت أنا عليه، وأنا اُؤثر حزني على حزنهما، يا جبرئيل يقبض إبراهيم فديته بإبراهيم.

قال: فقبض بعد ثلاث فكان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم إذا رأى الحسين عليه السلام مقبلاً قبّله وضمّه إلى صدره ورشف ثناياه، وقال: فديت من فديته بإبني إبراهيم.(٢)

____________________

(١) ثواب الأعمال: ٩٥، كامل الزيارة: ٢٢٨ ح ٣٣٦، عنه البحار: ٥١/١٠١ ح١، والمستدرك: ٢٣٢/١٠.

(٢) تاريخ بغداد: ٢٠٤/٢، مستدرك الحاكم: ٢٩٠/٢، ذخائر العقبى: ١٥٠، الطرائف: ٢٠٢ ح ٢٨٩ =

٣٠٥

٢٢/٣٢٧- الترمذي من علماء السنّة: عن يعلى بن مرّة وكذا العلّامة المجلسي رحمة الله في جلاء العيون عنه، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: حسين منّي وأنا من حسين، أحبّ اللَّه من أحبّ حسيناً، حسين سبط من الأسباط.(١)

أقول : معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم أنا من حسين يحتمل أن يراد: أنا وحسين خلقنا من نور واحد، أو أن يراد معنى لطيف يفسّره [الحديث الآتي].

٢٣/٣٢٨- في العيون : عن الرضا عليه السلام قال: لمّا أمر اللَّه تعالى إبراهيم عليه السلام أن يذبح مكان ابنه إسماعيل عليه السلام الكبش الّذي أنزله عليه، تمنّى إبراهيم عليه السلام أن يكون قد ذبح إبنه إسماعيل عليه السلام بيده وأنّه لم يؤمر بذبح الكبش مكانه، ليرجع إلى قلبه ما يرجع إلى قلب الوالد الّذي يذبح أعزّ ولده عليه بيده، فيستحقّ بذلك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب.

فأوحى اللَّه عزّوجلّ إليه: يا إبراهيم، من أحبُّ خلقي إليك؟ قال: يا ربّ ما خلقت خلقاً هو أحبّ إليّ من حبيبك محمّد صلى الله عليه وآله وسلم فأوحى اللَّه عزّوجلّ إليه: يا إبراهيم هو أحبّ إليك أو نفسك؟ قال: بل هو أحبّ إليّ من نفسي، قال: فولده أحبّ إليك أو ولدك؟ قال: بل ولده، قال: فذبح ولده ظلماً على أيدي أعدائه أوجع لقلبك أو ذبح ولدك بيدك في طاعتي؟ قال: يا ربّ بل ذبحه على أيدي أعدائه أوجع لقلبي.

____________________

= عنه البحار: ١٤٥٣/٢٢ ح٧، مناقب ابن شهراشوب: ٨١/٤، عنه البحار: ٢٦١/٤٣ ح٢، وأورده في مدينة المعاجز: ٥٧/٤ ح ١٣٧ عن الطرائف، وأخرجه الطريحي رحمة الله في المنتخب: ٥١.

(١) فردوس الأخبار: ١٥٨/٢ ح ٢٨٠٥، عنه البحار: ٣١٦/٤٣، رواه الطبراني في معجم الكبير: ٢٢/٣ ذ ح ٢٥٨٩، والترمذي في صحيحه: ١٩٥/١٣، وابن ماجة في سننه: ٦٤/١، وأحمد في المسند: ١٧٢/٤، وابن شهراشوب في المناقب: ٧١/٤، عنه البحار: ٢٩٦/٤٣ ح ٥١، وأورده الإربلي في كشف الغمّة: ٦/٢، عنه البحار: ٢٦١/٤٣ ح١، وأخرجه في مصابيح السنّة: ١٩٥/٤ ح ٤٨٣٣، عنه حلية الأبرار: ١٢٧/٣ ح ١٧، إعلام الورى: ٣١٧، إرشاد المفيد: ٢٨٠، معالي السبطين: ٥٦.

٣٠٦

قال: يا إبراهيم، إنّ طائفة تزعم أنّها من اُمّة محمّد صلى الله عليه وآله وسلم ستقتل الحسين إبنه من بعده ظلماً وعدواناً كما يذبح الكبش، ويستوجبون بذلك سخطي، فجزع إبراهيم عليه السلام لذلك فتوجّع قلبه وأقبل يبكي.

فأوحى اللَّه تعالى إليه: يا إبراهيم قد فديت جزعك على ابنك إسماعيل - لو ذبحته بيدك - بجزعك على الحسين عليه السلام وقتله، وأوجبت لك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب، وذلك قول اللَّه عزّوجلّ:( وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) (١) ولا حول ولا قوّة إلّا باللَّه العليّ العظيم.(٢)

أقول : على هذا التأويل المذكور إنّ الحسين عليه السلام في عالم أصلاب آبائه الطاهرين قد قبل الشهادة وكونه فداء لجدّه إسماعيل، لبقاء نور جدّه محمّد المصطفى وأبيه عليّ المرتضى واُمّه فاطمة الزهراء وأخيه الحسن المجتبى وأولاده الطاهرين عليهم السلام فعلى هذا كلّما بلغنا من اللَّه عزّوجلّ من النعم الظاهريّة والفيوضات الإلهيّة والبركات المعنويّة كلّها من الحسين عليه السلام ولعلّ هذا هو السرّ في إستحباب زيارته عليه السلام في الأيّام الشريفة ولياليها، لأنّه هو العلّة الغائية لبقاء الدين من جهة حفظ صاحبه في عالم الأصلاب تارة، وقبوله في حياته تلك المصائب العظام اُخرى وتعظيماً للدين المقدّس ودفعاً وردعاً لأباطيل السابقين.

٢٤/٣٢٩- في البحار : عن الأصبغ بن نباتة قال: سألت الحسين عليه السلام فقلت: سيّدي أسألك عن شيء أنا به موقن وأنّه من سرّ اللَّه وأنت المسرور إليه ذلك السرّ فقال: يا أصبغ، أتريد أن ترى مخاطبة رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم لأبي دون(٣) يوم مسجد قبا؟ قال: هذا الّذي اردت.

____________________

(١) الصافّات: ١٠٧.

(٢) عيون أخبار الرضا عليه السلام: ١٦٦/١ ح١، عنه الجواهر السنيّة: ٢٥١، وتأويل الآيات: ٤٩٧/٢ ح ١٢ والبرهان: ٣٠/٤ ح٦، والبحار: ٢٢٥/٤٤ ح٦ وله بيان، ورواه الطريحي رحمة الله في المنتخب: ٣٢.

(٣) قال العلّامة المجلسي رحمة الله: المراد بأبي دون: أبوبكر، عبّر به عنه تقيّةً، والدون: الخسيس.

٣٠٧

قال: قم، فإذا أنا وهو بالكوفة، فنظرت فإذا المسجد من قبل أن يرتدّ إليّ بصري، فتبسّم في وجهي، ثمّ قال: يا أصبغ إنّ سليمان بن داود اُعطي الريح( غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ ) (١) ، وأنا قد اُعطيت أكثر ممّا اُعطي سليمان فقلت: صدقت واللَّه يابن رسول اللَّه.

فقال: نحن الّذين عندنا علم الكتاب وبيان ما فيه، وليس عند أحد من خلقه ما عندنا، لأنّا أهل سرّاللَّه، ثمّ تبسّم في وجهي وقال: نحن آل اللَّه، وورثة رسوله فقلت: الحمدللَّه على ذلك. ثمّ قال لي: اُدخل فدخلت، فإذا أنا برسول اللَّه محتبئ(٢) في المحراب بردائه، فنظرت فإذا أنا بأميرالمؤمنين عليه السلام قابض على تلابيب(٣) الأعسر(٤) فرأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم يعضّ على الأنامل وهو يقول: بئس الخلف خلفتني أنت وأصحابك [عليكم لعنة اللَّه ولعنتي](٥) .(٦)

٢٥/٣٣٠- قال أنس : كنت عند الحسين عليه السلام فدخلتْ عليه جارية فحيّته بطاقة ريحان، فقال لها: أنت حرّة لوجه اللَّه، فقلت: تجيئك بطاقه ريحان لا خطر لها فتعتقها؟ قال: كذا أدّبنا اللَّه، قال:( وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ) (٧) وكان أحسن منها عتقها. (٨)

ثمّ إنّي أختم هذا الباب بذكر أبيات أخذناها من غرر الوجيه الاُستاذ الدكتور رسا الخراساني في ميلاده المقدّس.

____________________

(١) سبأ: ١٢.

(٢) احتبى بالثوب: اشتمل.

(٣) التلابيب جمع التلبيب: ما في موضع اللَبب من الثياب، ويعرف بالطوق.

(٤) الأعسر: الشديد أو الشؤم، والمراد به إمّا أبوبكر أو عمر. (قاله المجلسي رحمة الله).

(٥) من المصدر والبحار.

(٦) مناقب ابن شهراشوب: ٥٢/٤، عنه البحار: ١٨٤/٤٤ ضمن ح ١١.

(٧) النساء: ٨٦.

(٨) كشف الغمّة: ٣١/٢، عنه البحار: ١٩٥/٤٤.

٣٠٨

پرده، چون ماه من از چهره تابنده گشود

ماه رویان جهان را ز دل آرام ربود

حوریان گو که بریزند ز دامنها مشک

حوریان گو که بسوزند بمجمرها عود

عاشقان گو که بصد عزّت و اجلال رسید

موکب خسرو خوبان که بر او باد درود

سر زد از گلشن زهرا گل نوخاسته ای

که خدا باد نگهدار وى از چشم حسود

سیّمین روز ز شعبان چو بر آمد خورشید

سیّمین شمس ولایت ز اُفق چهره گشود

روز میلاد همایون حسین بن على است

باد بر اهل جهان مقدم پاکش مسعود

میوه شاخه توحید، گل گلشن فیض

مظهر غیرت و مردانگى و رحمت و جود

کوکب صبح سعادت، مه ایوان جلال

خسرو ملک فصاحت، شه اقلیم وجود

صولت حیدرى از چهره پاکش پیدا

جلوه احمدى از نور جمالش مشهود

سینه، گنجینه الطاف و عنایات و کرم

چهره، آئینه آیات خداوند ودود

عصمت از فاطمة آموخت، شجاعت ز علیّ

صبر واحسان ز حسن، حسن خصال از محمود

٣٠٩

همچو یوسف چو قدم بر سر بازار نهاد

ماه مجلس شد و بر رونق بازار فزود

پیش پیکان بلا، سینه سپر ساخت ولی

پیش دشمن سر تسلیم نیاورد فرود

کیست این کوکب تابان که پى تهنیتش

ز طربخانه افلاک، رسد بانک سرود؟

کیست این غنچه خندان که ز انفاس خوشش

هر دم آید زفضا بوى خوش عنبر و عود؟

کیست این لاله خونین که ز هفتاد و دو داغ

بفلک مى رودش ز آه دل سوخته دود؟

این حسین است که از مهر جهان افروزش

محو خورشید جمالش شده ذرّات وجود

نیست جز درگه او اهل ولا را مأمن

نیست جز کعبة او اهل صفا را مقصود

کس بجز میوه توفیق از آن شاخه نچید

کس بجز نکته توحید از آن لب نشنود

جلوه چون کرد در آفاق تجلّى حسین

ظلمت کفر ز آئینه اسلام زدود

چون گدا جبهه بر آن درگه شاهانه بسای

که در آن بارگه افکنده شهان سر بسجود

خوشه از خرمن توفیق «رسا» چید کسی

که ره دوستى آل على را پیمود

٣١٠

خسروا خسته دلان را بنگاهى، بنواز

که بود عاشق مسکین بنگاهى خشنود

وقال آخر:

تعاليت عن مدح فأبلغ خاطب

بمدحك بين الناس أقصر قاصر

إذا طاف قوم في المشاعر والصفا

فقيرك ركني طائفا ومشاعر

وإن ذخر الأقوام نسك عبادة

فحبّك أوفى عدّتي وذخائري

وقال غيره:

ويا عجبا منّي اُحاول وصفه

وقد فنيت فيه القراطيس والصحف

ووصفه مولانا وإمامنا المهديّ صلوات اللَّه عليه في زيارة الناحية المقدّسة بقوله:

وفيّ الذمم، رضيّ الشيم، ظاهر الكرم، مجتهداً في العبادة في حندس الظلم(١) قويم الطرائق، كريم الخلائق، عظيم السوابق، شريف النسب، منيف الحسب، رفيع الرتب، كثير المناقب، محمود الضرائب، جزيل المواهب، حليم رشيد منيب جواد عليم شديد إمام شهيد أوّاه منيب حبيب مهيب.(٢)

كان(٣) لرسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم ولداً، وللقرآن سنداً، وللاُمّة عضداً، وفي الطاعة مجتهداً، حافظاً للعهد والميثاق، ناكباً عن سبيل الفسّاق، باذلاً للجهد، طويل الركوع والسجود، زاهداً في الدنيا زهد الراحل عنها، ناظراً إليها بعين المستوحشين منها، إلى آخر ما قال فيه صلوات اللَّه عليه. (٤)

و قد ورد أنّ شهادته عليه السلام كانت عوضاً عن ذنوب شيعته و وقاية لهم من النار.

____________________

(١) في الأصل: متهجّداً في الظلم.

(٢) هكذا في الأصل، وفي البحار: حليماً شديداً، عليماً رشيداً، إماماً شهيداً، أوّاهاً منيباً، جواداً مثيباً، حبيباً مهيباً.

(٣) في البحار: كنت.

(٤) البحار: ٢٣٩/١٠١.

٣١١

الباب السادس

فى ذكر قطرة من بحار مناقب قرّة عين رسول الثقلين

زين العابدين عليّ بن الحسين عليه صلوات المصلّين

١/٣٣١- روي : أنّه كان يصلّي في اليوم والليلة ألف ركعة.(١)

وكان يخرج في الليلة الظلماء فيحمل الجراب على ظهره، وفيه الصرر من الدنانير والدراهم، وربّما حمل على ظهره العطام والحطب حتّى يأتي بيوت الفقراء باباً باباً فيقرعه ثمّ يناول من يخرج إليه وكان يغطّي وجهه كيلايعرفه الفقير. ولمّا وضع على المغتسل نظروا إلى ظهره وعليه مثل ركب الإبل.

وكان يعول مأة بيت من فقراء المدينة وكان يعجبه أن يحضر طعامه اليتامى والزمني(٢) والمساكين [الّذين لا حيلة لهم]، وكان عليه السلام يناولهم بيده، ويحمل الطعام لمن كان له عيال إلى عياله.(٣)

٢/٣٣٢- في أمالي أبي عليّ بن الشيخ الطوسي قدّس سرّهما: روي أنّه عليه السلام كان يمرّ

____________________

(١) إعلام الورى: ٢٦٠، وروى الفتّال رحمة الله في روضة الواعظين: ١٩٧ عن الباقر عليه السلام (مثله).

(٢) الزمني - جمع الزمين -: المصاب بالزمانة.

(٣) سفينة البحار: ١١٦/٢، ويأتي في ضمن الحديث العشرين من الباب.

٣١٢

على المدرة(١) في وسط الطريق فينزل عن دابّته حتّى ينحّيها عن الطريق بيده.(٢)

٣/٣٣٣- في كتاب الحسين بن سعيد والنوادر : إنّه عليه السلام ضرب غلاماً له بسوط ثمّ بكى، وقال لأبي جعفر عليه السلام: إذهب إلى قبر رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم فصلّ ركعتين ثمّ قل: اللّهمّ اغفر لعليّ بن الحسين خطيئته يوم الدين، ثمّ قال للغلام: اذهب فأنت حرّ لوجه اللَّه.(٣)

٤/٣٣٤- روي : أنّ اُمّه «شاه زنان»(٤) توفّيت في نفاسها، وكانت له اُمّ ولد تحضنه ويسمّيها اُمّاً، وقيل له: إنّك أبرّ الناس ولاتأكل مع اُمّك(٥) في قصعة وهي تريد ذلك؟ قال: أكره أن تسبق يدي إلى ما سبقت إليه عينها، فأكون عاقّاً لها.

وكان عليه السلام إذا أتاه السائل قال: مرحباً بمن يجعل زادي إلى الآخرة.(٦)

٥/٣٣٥- في المناقب : عن معتّب، عن الصادق عليه السلام قال: كان عليّ بن الحسين عليهما السلام شديد الإجتهاد في العبادة، نهاره صائم، وليلة قائم، فاضرّ ذلك بجسمه فقلت له: يا أبة كم هذا الدؤب(٧) فقال: أتحبّب إلى ربّي لعلّه يزلفني. (٨)

____________________

(١) المدر: قطع الطين اليابس، وقيل: الطين العلك الّذي لا رمل فيه، واحدته مدرة. (لسان العرب: ١٦٢/٥)

(٢) أمالي الطوسي: ٦٧٣ ح ٢٦ المجلس السادس والثلاثون، البحار: ٧٤/٤٦ ح ٦٤.

(٣) الزهد: ٤٣ ح ١٦٦، عنه البحار: ٩٢/٤٦ ح ٧٩.

(٤) هي بنت يزدجرد بن شهريار بن كسرى.

وفي روضة الواعظين: ٢٠١، كان أميرالمؤمنين عليه السلام ولّى حريث بن جابر الحنفي جانباً من المشرق فبعث إليه بنتي يزدجرد، فنحل إبنه الحسين عليه السلام «شاه زنان» منهما فأولدها زين العابدين عليه السلام ونحل الاُخرى محمّد بن أبي بكر فولدت له القاسم بن محمّد بن أبي بكر، فهما إبنا خالة.

(٥) المراد من اُمّه هاهنا اُمّ ولد كانت تحضنه، فكان يسمّيها اُمّاً. وأمّا اُمّه «شاه زنان» فقد توفّيت في نفاسها. سفينة البحار:١١٧/٢.

(٦) مناقب ابن شهراشوب: ١٦٢/٤، عنه البحار: ٩٣/٤٦ ح٨٢.

(٧) الدؤب: الجدّ والتعب.

(٨) المناقب: ١٥٥/٤، عنه البحار: ٩١/٤٦ ح ٧٨.

٣١٣

٦/٣٣٦- في المناقب : عن كتاب الأنوار، إنّه عليه السلام كان قائماً يصلّي فوقف إبنه محمّد عليه السلام وهو طفل على حافّة بئر في داره بالمدينة، بعيدة القعر، فسقط فيها فنظرت إليه اُمّه فصرخت وأقبلت نحو البئر، تضرب بنفسها حذاء البئر، وتستغيث وتقول: يابن رسول اللَّه غرق ولدك محمّد، وهو لاينثني عن صلاته، وهو يسمع اضطراب إبنه في قعر البئر، فلمّا طال عليها ذلك، قالت حزناً على ولدها: ما أقسى قلوبكم يا أهل بيت رسول اللَّه؟ فأقبل على صلاته ولم يخرج عنها إلّا عن كمالها وإتمامها.

ثمّ أقبل عليها وجلس على أرجاء(١) البئر ومدّ يده إلى قعرها - وكانت لاتنال إلّا برشاء(٢) طويل - فأخرج إبنه محمّداً عليه السلام على يديه يناغي(٣) ويضحك ولم يبتلّ له ثوب ولا جسد بالماء، فقال: هاك يا ضعيفة اليقين باللَّه، فضحكت لسلامة ولدها وبكت لقوله يا ضعيفة اليقين باللَّه، فقال: لاتثريب(٤) عليك اليوم، أما علمت أنّي كنت بين يدي جبّار لو ملت عنه بوجهي لمال بوجهه عنّي، أفمن يرى راحماً بعده؟(٥)

٧/٣٣٧- في سبب لقبه بزين العابدين عليه السلام : روي أنّه كان ليلة في محرابه قائماً في تهجّده فتمثّل له الشيطان في صورة ثعبان ليشغله عن عبادة ربّه فلم يلتفت إليه، فجاء إلى إبهام رجله [فالتقمها فلم يلتفت إليه] فآلمه فلم يقطع صلاته، فلمّا فرغ منها وقد كشف اللَّه له فعلم أنّه شيطان فسبّه ولطمه(٦) وقال: اخسأ يا ملعون فذهب، وقام إلى إتمام ورده، فسمع صوتاً ولايرى قائله، وهو يقول: أنت زين

____________________

(١) الأرجاء: جمع الرجاء: الناحية.

(٢) الرشاء - ككساء -: الحبل.

(٣) يناغي: يلاطف ويلاعب.

(٤) التثريب: التعيير والاستقصاء في اللؤم.

(٥) المناقب: ١٣٥/٤، عنه البحار: ٣٤/٤٦ ح ٢٩، وعن العدد القويّة: ٦٢ ح ٨٢.

(٦) لعنه، خ.

٣١٤

العابدين ثلاثاً(١) .(٢)

وفى الدلائل للطبري قدس سره : فتصوّر إبليس لعليّ بن الحسين عليهما السلام - وهو قائم في صلاته - بصورة أفعيّ له عشرة ارؤس، محدّدة الأنياب، منقلبة الأعين بالحمرة وطلع عليه من جوف الأرض في موضع سجوده، ثمّ تطاول فلم يرعد لذلك ولا نظر بطرفه إليه فانخفض إلى الأرض في صورة أفعي، وقبض على عشر أصابعه يكدمها(٣) بأنيابه وينفخ عليها من نار جوفه فلم ينكسر طرفه ولم يحرّك قدميه عن مكانهما، ولم يختلجه شكّ ولا وهم في صلاته، ولم يلبث إبليس حتّى انقضّ عليه شهاب محرق من السماء، فلمّا أحسّ به إبليس صرخ وقام إلى جانب عليّ بن الحسين عليهما السلام في صورته الاُولى، وقال:

يا عليّ، أنت سيّد العابدين كما سُمّيت، وأنا إبليس، واللَّه لقد شاهدت من عبادة النبيّين والمرسلين من لدن آدم إلى زمنك، فما رأيت مثل عبادتك، ولوددت أنّك استغفرت لي، فإنّ اللَّه كان يغفر لي ثمّ تركه وولّى.(٤)

٨/٣٣٨- روي : أنّ الحجّاج بن يوسف لمّا خرّب الكعبة بسبب مقاتلة عبداللَّه بن الزبير، ثمّ عمرّوها فلمّا اُعيد البيت وأرادوا أن ينصبوا الحجر الأسود فكلّما نصبه عالم من علمائهم، أو قاض من قضاته، أو زاهد من زهّادهم يتزلزل

____________________

(١) مطالب السؤول: ٧٧، عنه كشف الغمّة: ٧٤/٢، والبحار: ٥/٤٦ ح٦.

(٢) أقول: وفي علل الشرايع: ٢٢٩، كان الزهري إذا حدّث عن عليّ بن الحسين عليه السلام قال: حدّثني زين العابدين عليّ بن الحسين عليهما السلام فقال له سفيان بن عيينة: ولِمَ تقول زين العابدين؟ قال: لأنّي سمعت سعيد بن المسيّب يحدّث عن ابن عبّاس أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم قال: إذا كان يوم القيامة ينادي مناد: أين زين العابدين؟ فكأنّي أنظر إلى ولدي عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام يخطو بين الصفوف.

(٣) يكدمها: يعضّها بأدنى فمه.

(٤) دلائل الإمامة: ١٩٧ ضمن ح١، عنه مدينة المعاجز: ٢٥٢/٤ ح ٣٢، مناقب ابن شهراشوب: ١٣٤/٤، عنه البحار: ٥٨/٤٦ ح ١١.

٣١٥

ويضطرب ولايستقرّ الحجر في مكانه، فجاءه عليّ بن الحسين عليهما السلام وأخذه من أيديهم وسمّى اللَّه ثمّ نصبه، فاستقرّ في مكانه وكبّر الناس. ولقد اُلهم الفرزدق في قوله:

يكاد يمسكه عرفان راحته

ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم(١)

٩/٣٣٩- في الخرايج وكشف الغمّة : روي عن أبي عبداللَّه عليه السلام أنّه التزقت يد رجل وامرأة على الحجر في الطواف فجهد كلّ واحد منهما أن ينزع يده فلم يقدرا على ذلك وقال الناس: اقطعوهما.

قال: فبينا هما كذلك إذ دخل عليّ بن الحسين عليهما السلام فأفرجوا له، فلمّا عرف أمرهما تقدّم فوضع يده عليهما فانحلّتا وتفرّقتا(٢) .(٣)

١٠/٣٤٠- في البحار : رأيت في بعض مؤلّفات أصحابنا: روي أنّ رجلاً مؤمناً من أكابر بلاد بلخ كان يحجّ البيت ويزور النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في أكثر الأعوام، وكان يأتي عليّ بن الحسين عليهما السلام ويزوره ويحمل إليه الهدايا والتحف ويأخذ مصالح دينه منه، ثمّ يرجع إلى بلاده.

فقالت له زوجته: أراك تهدي تحفاً كثيرة ولا أراه يجازيك عنها بشيء، فقال: هو ملك الدنيا والآخرة وجميع ما في أيدي الناس تحت ملكه، لأنّه خليفةاللَّه في أرضه وحجّته على عبادة، وهو ابن رسول اللَّه وإمامنا، فلمّا سمعت ذلك منه سكتت(٤) عن ملامته.

ثمّ إنّ الرجل تهيّأ للحجّ في السنة القابلة، وقصد داره عليه السلام فاستأذن عليه، فأذن

____________________

(١) الخرائج: ٢٦٨/١ ح ١١، عنه البحار: ٣٢/٤٦ ح ٢٥، و٦٢/٩٩ ح ٣٧.

(٢) في الخرائج: وتفرّقوا، وفي كشف الغمّة:فانحلّا وتفرّقا.

(٣) الخرائج: ٥٨٥/٢ ح٥، كشف الغمّة: ١١١/٢، عنهما البحار: ٤٤/٤٦ ح ٤٣، وروى الطوسي رحمة الله في التهذيب: ٤٧٠/٥ نظير ذلك في حقّ أبيه الحسين عليه السلام، فراجع.

(٤) أمسكت، خ.

٣١٦

له فدخل وسلّم عليه وقبّل يده، ووجد بين يديه طعاماً فقرّبه إليه، وأمر بالأكل معه فأكل الرجل، ثمّ دعا بطست وإبريق فيه ماء، فقام الرجل وأخذ الإبريق وصبّ الماء على يدي الإمام عليه السلام.

فقال عليه السلام: يا شيخ أنت ضيفنا فكيف تصبّ على يديّ الماء؟ فقال: إنّي اُحبّ ذلك، فقام الإمام عليه السلام: لمّا أحببت ذلك فواللَّه لأرينّك ما تحبّ وترضى وتقرّ به عيناك فصبّ الرجل على يديه الماء حتّى امتلأ ثلث الطست، فقال الإمام عليه السلام للرجل: ما هذا؟ فقال: ماء، قال الإمام عليه السلام: بل هو ياقوت أحمر، فنظر الرجل، فإذا هو قد صار ياقوتاً أحمراً بإذن اللَّه تعالى.

ثمّ قال عليه السلام: يا رجل صبّ الماء، فصبّ حتّى امتلأ ثلثا الطست فقال عليه السلام: ما هذا؟ قال: هذا ماء، فقال عليه السلام: بل هذا زمرّد أخضر، فنظر الرجل فإذا هو زمرّد أخضر، ثمّ قال عليه السلام: صبّ الماء، فصبّه على يديه حتّى امتلأ الطست، فقال عليه السلام: ما هذا؟ قال: هذا ماء، قال عليه السلام بل هذا درّ أبيض، فنظر الرجل إليه فإذا هو درّ أبيض فامتلأ الطست من ثلاثة ألوان: درّ و ياقوت وزمرّد فتعجّب الرجل وانكبّ على قدميه(١) فقبّلهما.

فقال عليه السلام: يا شيخ لم يكن عندنا شيء يكافيك على هداياك إلينا، فخذ هذه الجواهر عوضاً عن هديّتك، واعتذر لنا عند زوجتك لأنّها عتبت علينا، فأطرق الرجل رأسه ثمّ قال: يا سيّدي من أنبأك بكلام زوجتي فلا أشكّ أنّك من أهل بيت النبوّة.

ثمّ إنّ الرجل ودّع الإمام عليه السلام وأخذ الجواهر وسار بها إلى زوجته، وحدّثها بالقصّة فسجدت للَّه شكراً، وأقسمت على بعلها باللَّه العظيم أن يحملها معه إليه عليه السلام فلمّا تجهّز بعلها للحجّ في السنة القابلة أخذها معه، فمرضت في الطريق

____________________

(١) في البحار: يديه.

٣١٧

وماتت قريباً من المدينة، فأتى الرجل الإمام عليه السلام باكياً وأخبره بموتها.

فقام الإمام عليه السلام وصلّى ركعتين، ودعا اللَّه سبحانه بدعوات، ثمّ التفت إلى الرجل وقال له: ارجع إلى زوجتك، فإنّ اللَّه عزّوجلّ قد أحياها بقدرته وحكمته، وهو يحي العظام وهي رميم.

فقام الرجل مسرعاً، فلمّا دخل خيمته، وجد زوجته جالسة على حال صحّتها فقال لها: كيف أحياك اللَّه؟ قالت: واللَّه لقد جاءني ملك الموت وقبض روحي وهمّ أن يصعد بها، فإذا أنا برجل صفته كذا وكذا، وجعلت تعدّ أوصافه عليه السلام وبعلها يقول: نعم صدقت هذه صفة سيّدي ومولاي عليّ بن الحسين عليهما السلام.

قالت: فلمّا رآه ملك الموت مقبلاً انكبّ على قدميه يقبّلهما ويقول: السلام عليك يا حجّة اللَّه في أرضه، السلام عليك يا زين العابدين، فردّ عليه السلام، وقال: يا ملك الموت أعد روح هذه المرأة إلى جسدها فإنّها كانت قاصدة إلينا وإنّي قد سألت ربّي أن يبقيها ثلاثين سنة اُخرى ويحييها حياة طيّبة لقدومها إلينا زائرة لنا فقال الملك: سمعاً وطاعة لك يا وليّ اللَّه، ثمّ أعاد روحي إلى جسدي، وأنا أنظر إلى ملك الموت قد قبّل يده عليه السلام وخرج عنّي.

فأخذ الرجل بيد زوجته وأدخلها عليه عليه السلام وهو ما بين أصحابه، فانكبّت على ركبتيه تقبّلهما وهي تقول: هذا واللَّه سيّدي ومولاي، هذا هو الّذي أحياني اللَّه ببركة دعائه، قال: فلم تزل المرأة مع بعلها مجاورين للإمام بقيّة أعمارهما إلى أن ماتا.(١)

١١/٣٤١- روى البرسي في مشارق الأنوار : أنّ رجلاً قال لعليّ بن الحسين عليهما السلام بماذا فضّلنا على أعدائنا وفيهم من هو أجمل منّا؟ فقال له عليه السلام: أتحبّ أن ترى فضلك عليهم؟ فقال: نعم، فمسح يده على وجهه، وقال: اُنظر، فنظر،

____________________

(١) البحار: ٤٧/٤٦ ذ ح ٤٩.

٣١٨

فاضطرب وقال: جعلت فداك ردّني إلى ما كنت، فإنّي لم أر في المسجد إلّا دبّاً(١) وقرداً وكلباً، فمسح يده على وجهه فعاد إلى حاله.(٢)

١٢/٣٤٢- روى أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري قال : حدّثنا عبداللَّه بن منير قال: أخبرنا محمّد بن إسحاق الصاعدي وأبومحمّد ثابت بن ثابت قالا: حدّثنا جمهور بن حكم قال: رأيت عليّ بن الحسين عليهما السلام وقد نبت له أجنحة وريش، فطار ثمّ نزل فقال: رأيت الساعة جعفر بن أبي طالب عليه السلام في أعلى عليّين.

فقلت: وهل تستطيع أن تصعد؟ فقال: نحن صنعناها فكيف لانقدر أن نصعد إلى ما صنعناه؟ نحن حملة العرش والكرسيّ(٣) ، ثمّ أعطاني طلعاً في غير أوانه.(٤)

١٣/٣٤٣- روى محمّد بن الحسن الصفّار : عن محمّد بن الحسين اللؤلؤي، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن محمّد بن الحسن بن زياد الميثمي، عن مليح، عن أبي حمزة قال: كنت عند عليّ بن الحسين عليهما السلام وعصافير على الحائط قبالته يصحن فقال: يا أبا حمزة، أتدري ما يقلن؟ قال: لا.

قال عليه السلام: يتحدّثن إنّ لهنّ وقتاً يسألن فيه قوتهنّ؛ يا أبا حمزة، لاتنامنّ قبل طلوع الشمس، فإنّي أكرهها لك، إنّ اللَّه يقسّم في ذلك الوقت أرزاق العباد، وعلى أيدينا يجريها.(٥)

١٤/٣٤٤- روى ابن شهراشوب في المناقب : عن أبي حمزة الثمالي قال: دخل عبداللَّه بن عمر على عليّ بن الحسين زين العابدين عليه السلام وقال له: يابن الحسين أنت

____________________

(١) الدبّ: حيوان من السباع اللواحم، كبير ثقيل.

(٢) مشارق الأنوار: ٨٩، عنه البحار: ٤٩/٤٦.

(٣) هكذا في مدينة المعاجز، وفي الدلائل: نحن حملة العرش، ونحن على العرش، والعرش والكرسيّ لنا.

(٤) نوادر المعجزات: ١١٦، دلائل الإمامة: ٢٠١ ح ١٠، عنه مدينة المعاجز: ٢٦٠/٤ ح ٤٢.

(٥) بصائر الدرجات: ٣٤٣، عنه البحار: ٢٣/٤٦ ح٥.

٣١٩

الّذي تقول: إنّ يونس بن متّى إنّما لقي من الحوت ما لقي لأنّه عرض عليه ولاية جدّي فتوقّف عندها؟ قال: بلى ثكلتك اُمّك.

قال: أرني بيان ذلك(١) إن كنت من الصادقين. فأمر عليّ بن الحسين عليهما السلام بشدّ عينيه بعصابة، وعيني بعصابة، ثمّ أمر بعد ساعة بفتح أعيننا فإذا نحن على شاطئ البحر يضرب أمواجه، قال ابن عمر: يا سيّدي دمي في رقبتك، اللَّه اللَّه في نفسي.

[فقال عليّ بن الحسين عليهما السلام: أردت البرهان؟ فقال عبداللَّه بن عمر: أرني إن كنت من الصادقين،](٢) ثمّ قال عليّ بن الحسين عليهما السلام: يا أيّتها الحوت! فأطلع الحوت رأسه من البحر مثل الجبل العظيم وهو يقول: لبّيك لبّيك يا وليّ اللَّه، فقال عليه السلام: من أنت؟ قال: أنا حوت يونس يا سيّدي، قال عليه السلام: حدّثني بخبر يونس.(٣)

قال: إنّ اللَّه تعالى لم يبعث نبيّاً من لدن آدم إلى أن صار جدّك محمّد صلى الله عليه وآله وسلم إلّا وقد عرض عليه ولايتكم أهل البيت، فمن قبلها من الأنبياء سلم وتخلّص، ومن توقّف عنها وتتعتع(٤) في حملها لقي ما لقي آدم من المعصية و ما لقي نوح من الغرق، وما لقي إبراهيم من النار، وما لقي يوسف من الجبّ، وما لقي أيّوب من البلاء، وما لقي داود من الخطيئة إلى أن بعث اللَّه يونس فأوحى اللَّه إليه: يا يونس تولّ أميرالمؤمنين عليّاً والأئمّة الراشدين من صلبه - في كلام له - قال يونس: فكيف أتولّى من لم أره ولم أعرفه؟ وذهب مغتاظاً.(٥)

فأوحى اللَّه تعالى إليّ: أن التقم يونس ولاتوهن(٦) له عظماً، فمكث في بطني

____________________

(١) في المصدر: فأرني آية ذلك، وفي البحار: فأرني أنت ذلك.

(٢) هكذا في الأصل. وفي المناقب والبحار: فقال: هيه وأريه إن كنت من الصادقين.

(٣) في المصدر والبحار: قال عليه السلام: أنبئنا بالخبر.

(٤) تعتع في الكلام: تردّد فيه من عيّ. وفي البحار: تمنّع.

(٥) إغتاظ: مطاوع غاظه، وغاظه أي أغضبه أشدّ الغضب.

(٦) في المصدر والبحار: التقمي يونس ولاتوهني.

٣٢٠