القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام الجزء ١

القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام0%

القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام مؤلف:
الناشر: سليمان زاده
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 574

القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: آية الله العلّامة السيّد أحمد المستنبط رحمة الله عليه
الناشر: سليمان زاده
تصنيف: الصفحات: 574
المشاهدات: 45454
تحميل: 3956

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 574 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 45454 / تحميل: 3956
الحجم الحجم الحجم
القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام

القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام الجزء 1

مؤلف:
الناشر: سليمان زاده
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


تحميل الكتاب القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام ، آية الله العلّامة السيّد أحمد المستنبط رحمة الله عليه ، شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام

على خير.(١)

أقول : وقال الرضا صلوات اللَّه عليه: لو أراد الاُمّة لكانت بأجمعها في الجنّة لقول اللَّه: «فمنهم ظالم » إلى آخر الآية، ثمّ جمعهم كلّهم في الجنّة فقال:( جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ ) الآية،(٢) فصارت الوراثة للعترة الطاهرة لا لغيرهم. (٣)

٢/٤٩٨- الإمام أبومحمّد العسكري عليه السلام في تفسيره : رواه أبو يعقوب يوسف بن زياد و عليّ بن سيّار رضي الله عنه قالا: حضرنا ليلة على غرفة الحسن بن عليّ بن محمّد عليهم السلام وقد كان ملك الزمان له معظّماً وحاشيته له مبجّلين، إذ مرّ علينا والي البلد - والي الجسرين - ومعه رجل مكتوف، والحسن بن عليّ عليهما السلام مشرف من روزنته، فلمّا رآه الوالي ترجّل عن دابّته إجلالاً له.

فقال الحسن بن عليّ عليهما السلام: عد إلى موضعك فعاد، وهو معظّم له، وقال: يابن رسول اللَّه أخذت هذا في هذه الليلة على باب حانوت صيرفيّ فاتّهمته بأنّه يريد نقبه والسرقة منه فقبضت عليه.

فلمّا هممت بأن أضربه خمسمائة سوط - وهذا سبيلي فيمن أتّهمه ممّن آخذه - [لئلّا يسألني، فيه من لا اُطيق مدافعته](٤) ليكون قد شقي ببعض ذنوبه قبل أن يأتيني [ويسألني فيه](٥) من لا اُطيق مدافعته.

فقال لي اتّق اللَّه ولاتتعرّض لسخط اللَّه فإنّي من شيعة أميرالمؤمنين عليّ بن

____________________

(١) الخرائج: ٦٨٧/٢ ح٩، عنه البحار: ٢٥٨/٥٠ ح ١٨، ومدينة المعاجز: ٦٣٤/٧ ح ١٠١، وإثبات الهداة: ٤٢٣/٣ ح ٨٣، وأورده في كشف الغمّة: ٤١٨/٢، عنه البحار: ٢١٨/٢٣ ح ١٨.

(٢) فاطر: ٣٣.

(٣) عيون أخبار الرضا عليه السلام: ١٢٦/١، عنه البحار: ٢٢٠/٢٥ ضمن ح ٢٠، وأورده الطبري رحمة الله في بشارة المصطفى: ٢٢٨.

(٤) من البحار.

(٥) ليس في البحار.

٤٤١

أبي طالب عليه السلام وشيعة هذا الإمام أبي القائم بأمر اللَّه، فكففت عنه، وقلت: أنا مارٌّ بك عليه، فإن عرفك بالتشيّع أطلقت عنك، وإلّا قطعت يدك ورجلك بعد أن أجلدك ألف سوط، وقد جئتك به يابن رسول اللَّه، فهل هو من شيعة عليّ عليه السلام كما ادّعى؟

فقال الحسن بن عليّ عليهما السلام: معاذ اللَّه، ما هذا من شيعة عليّ عليه السلام وإنّما ابتلاه اللَّه في يدك لاعتقاده في نفسه أنّه من شيعة عليّ عليه السلام فقال الوالي: الآن كفيتني مؤونته الآن أضربه خمسمائة ضربه لا حرج عليّ فيها.

فلمّا نحّاه بعيداً قال: أبطحوه فبطحوه وأقام عليه جلّادين، واحداً عن يمينه وآخر عن شماله وقال: أوجعاه، فأهويا إليه بعصيّهما، فكانا لايصيبان إسته شيئاً إنّما يصيبان الأرض، فضجر من ذلك وقال: ويلكما تضربان الأرض؟ اضربا إسته فذهبا يضربان إسته فعدلت أيديهما فجعلا يضرب بعضهما بعضاً ويصيح ويتأوّه.

فقال لهما: ويحكما أمجنونان أنتما يضرب بعضكما بعضاً؟! اضربا الرجل فقالا: ما نضرب إلّا الرجل وما نقصد سواه ولكن تعدل أيدينا حتّى يضرب بعضنا بعضاً.

قال: فقال: يا فلان ويا فلان حتّى دعا أربعة وصاروا مع الأوّلين ستّة وقال: أحيطوا به فأحاطوا به، فكان يعدل بأيديهم، وترفع عصيّهم إلى فوق، وكانت لاتقع إلّا بالوالي، فسقط عن دابّته وقال: قتلتموني قتلكم اللَّه ما هذا؟ قالوا: ما ضربنا إلّا إيّاه.

ثمّ قال لغيرهم: تعالوا فاضربوا هذا، فجاؤوا فضربوه بعد فقال: ويلكم إيّاي تضربون؟ قالوا: لا واللَّه لانضرب إلّا الرجل، قال الوالي: فمن أين لي هذه الشجّات(١) برأسي ووجهي وبدني إن لم تكونوا تضربوني؟ قالوا: شلّت أيْماننا إن كنّا قد قصدناك بضرب.

____________________

(١) الشجّات: الجراحات، وهي في الرأس خاصّة.

٤٤٢

فقال الرجل للوالي: يا عبداللَّه، أما تعتبر بهذه الألطاف الّتي بها يصرف عنّي هذا الضرب؟! ويلك ردّني إلى الإمام وامتثل في أمره، قال: فردّه الوالي بعد [إلى] بين يدي الحسن بن عليّ عليهما السلام فقال: يابن رسول اللَّه عجباً(١) لهذا أنكرت أن يكون من شيعتكم، ومن لم يكن من شيعتكم فهو من شيعة إبليس وهو في النار، وقد رأيت له من المعجزات ما لاتكون إلّا للأنبياء! فقال الحسن بن عليّ عليهما السلام: قل: أو للأوصياء، فقال: أو للأوصياء.

فقال الحسن بن عليّ عليهما السلام للوالي: يا عبداللَّه إنّه كذب في دعواه - أنّه من شيعتنا - كذبة لو عرفها ثمّ تعمّدها لابتلي بجميع عذابك له، ولبقي في المطبق ثلاثين سنة ولكنّ اللَّه تعالى رحمه لإطلاق كلمة على ما عنى(٢) لا على تعمّد كذب، وأنت يا عبداللَّه فاعلم أنّ اللَّه عزّوجلّ قد خلّصه من يديك، خلّ عنه فإنّه من موالينا، ومحبّينا وليس من شيعتنا. فقال الوالي: ما كان هذا كلّه عندنا إلّا سواء فما الفرق؟

قال له الإمام عليه السلام: الفرق أنّ شيعتنا هم الّذين يتّبعون آثارنا، ويطيعونا في جميع أوامرنا ونواهينا، فأولئك من شيعتنا. فأمّا من خالفنا في كثير ممّا فرضه اللَّه عليه فليسوا من شيعتنا.

ثمّ قال الإمام عليه السلام للوالي: وأنت فقد كذبت كذبة لو تعمّدتها وكذبتها لابتلاك اللَّه عزّوجلّ بضرب ألف سوط، وسجن ثلاثين سنة في المطبق. قال: وما هي يابن رسول اللَّه؟

قال عليه السلام: بزعمك أنّك رأيت له معجزات، إنّ المعجزات ليست له إنّما هي لنا أظهرها اللَّه تعالى فيه إبانة(٣) لحججنا(٤) ، وإيضاحاً لجلالتنا وشرفنا ولو قلت:

____________________

(١) عجبنا، خ.

(٢) عنى بما قاله كذا: أراده وقصده.

(٣) في الأصل: آية.

(٤) لحجّتنا، خ.

٤٤٣

شاهدت فيه معجزات لم اُنكره عليك، أليس إحياء عيسى الميّت معجزة؟ أهي للميّت أم لعيسى؟ أو ليس خلق من الطين كهيئة الطير فصار طيراً بإذن اللَّه؟ أهي للطائر أو لعيسى؟ أو ليس الّذين جعلوا قردة خاسئين معجزة؟ أفهي معجزة للقردة أو لنبيّ ذلك الزمان؟ فقال الوالي: أستغفر اللَّه ربّي وأتوب إليه.

ثمّ قال الحسن بن عليّ عليهما السلام للرجل الّذي قال إنّه من شيعة عليّ عليه السلام: يا عبداللَّه لست من شيعة عليّ عليه السلام إنّما أنت من محبّيه، وإنّما شيعة عليّ عليه السلام الّذين قال اللَّه تعالى فيهم:( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) (١) هم الّذين آمنوا باللَّه ووصفوه بصفاته، ونزّهوه عن خلاف صفاته وصدّقوا محمّداً صلى الله عليه وآله وسلم في أقواله وصوّبوه في كلّ أفعاله، ورأوا عليّاً بعده سيّداً إماماً وقرماً(٢) هماماً لايعدله من اُمّة محمّد صلى الله عليه وآله وسلم أحد، ولا كلّهم إذا جمعوا في كفّة يوزنون بوزنه، بل يرجّح عليهم كما ترجح السماء والأرض على الذرّة.

وشيعة عليّ عليه السلام هم الّذين لايبالون في سبيل اللَّه أوقع الموت عليهم أو وقعوا على الموت، وشيعة عليّ عليه السلام هم الّذين يؤثرون إخوانهم على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، وهم الّذين لايراهم اللَّه حيث نهاهم ولايفقدهم حيث أمرهم.

وشيعة عليّ عليه السلام هم الّذين يقتدون بعليّ عليه السلام في إكرام إخوانهم المؤمنين، ما عن قولي أقول لك هذا، بل أقوله عن قول محمّد صلى الله عليه وآله وسلم فذلك قوله تعالى( وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) قضوا الفرائض كلّها، بعد التوحيد واعتقاد النبوّة والإمامة وأعظمها فرضاً(٣) قضاء حقوق الإخوان في اللَّه، واستعمال التقيّة من أعداء اللَّه عزّوجلّ.(٤)

٣/٤٩٩- في المجلّد السابع عشر من البحار ، قال بعض الثقات: وجدت بخطّ

____________________

(١) البقرة: ٨٢.

(٢) القرم: العظيم، السيّد.

(٣) في مدينة المعاجز والبرهان: فرضان.

(٤) تفسير الإمام العسكري عليه السلام: ٣١٦، عنه البحار: ١٦٠/٦٨، والبرهان: ٢٣/٤، ومدينة المعاجز: ٥٨٩/٧ ح ٦١.

٤٤٤

الحسن العسكري عليه السلام مكتوباً على ظهر كتاب: قد صعدنا ذرى الحقائق(١) بأقدام النبوّة والولاية، ونوّرنا السبع الطرائق بأعلام الفتوّة، فنحن ليوث الوغى، وغيوث(٢) الندى(٣) وفينا السيف والقلم في العاجل، ولواء الحمد والعلم في الآجل، وأسباطنا خلفاء الدّين وحلفاء اليقين(٤) ومصابيح الاُمم، ومفاتيح الكرم.

فالكليم اُلبس حلّة الاصطفاء لما عهدنا منه الوفاء، وروح القدس في جنان الصاقورة(٥) ذاق من حدائقنا الباكورة(٦) وشيعتنا الفئة الناجية، والفرقة الزاكية، الّذين صاروا لنا ردءاً وصوناً، وعلى الظلمة إلباً وعوناً، وسينفجر(٧) لهم ينابيع الحيوان بعد لظى النيران لتمام الطواوية والطواسين من السنين.(٨)

أقول : هذه حكمة بالغة ونعمة سابغة تسمعها الآذان الصمّ وتقصر عليها الجبال الشمّ صلوات اللَّه وسلامه عليهم.(٩)

وفى بعض النسخ بدل الطواوية «الروضة» وفي كتاب الأربعين في حديث

____________________

(١) ذرى الحقائق: أعلاها.

(٢) الغيث: المطر أو الخاصّ منه بالخير، ويطلق مجازاً على السماء والسحاب. وجمعه غيوث.

(٣) الندى: الجود، والسخاء.

(٤) وفي البحار: ٢٦٤/٢٦ ح ٤٩: حلفاء الدين وخلفاء النبيّين.

(٥) الصاقورة: السماء الثالثة.

(٦) الباكورة: اوّل ما يدرك من الفاكهة، وأوّل كلّ شيء.

(٧) وسيسفر، خ.

(٨) في البحار: ١٢١/٥٢ ح ٥٠: لتمام «الم» و «طه» و «الطواسين» من السنين، وقال العلّامة المجلسي رحمة الله في ذيل الحديث: يحتمل أن يكون المراد كلّ «الم» وكلّ ما اشتمل عليها من المقطّعات أي «المص» والمراد جميعها مع طه والطواسين ترتقي إلى ألف ومائة وتسعة وخمسين. وله رحمة الله شرح طويل ذيل خبر أبي لبيد حول الحروف المقطّعة وإشاراتها، فراجع واغتنم.

(٩) البحار: ٣٧٨/٧٨ س٤. ورواه في ج ٢٦٤/٢٦ ح ٥٠ و١٢١/٥٢ ح ٥٠ عن كتاب المحتضر وعنه مسند الإمام العسكري عليه السلام: ٢٨٩ ح٦.

٤٤٥

السابع والعشرين ذكر الحديث، وذكر فيه بدل الطواوية «لتمام الم وطه والطواسين من السنين» وذكر في تفسيره وجوه:

الأوّل : على النسخة الاُولى، وخروج الألف واللام من الطواسين عن الحساب كونها للعهد الخارجي، يصير مجموعه ألف وثلثمائة وخمسة وثلاثون سنة.

الثاني : أن يعدّ كلّ «الم» في القرآن سواء انضمّ معها غيرها أم لا، وبعد ما انضمّ إليها أيضاً كالصاد في المص، والراء في المر، فيرتقي مجموعها مع طه والطواسين إلى ألف ومائة وتسعة وخمسين.

الثالث : أن يعدّ كلّ «الم» وقع في القرآن مع عدم ضمّ ما انضمّ إليها في الحساب فيرتقي إلى ثمانمائة وثمانية وخمسين، ويكون ابتداء التاريخ من زمان تكلّمه بهذا الكلام. فإن كان في أواخر زمانه كان بعد مضيّ المأتين وستّين من الهجرة فيراد سنة ألف ومائة وثمان عشر من الهجرة.

الرابع : أن يعدّ «الم» مرّة بحركاتها وبيّناتها، وكذا طه والطواسين فيوافق عدداً وتوجيهاً مع الوجه الثالث.

الخامس : أن يكون من الأخبار المشروطة البدائيّة، ولم يتحقّق لعدم تحقّق شرطه، كما يدلّ عليه بعض أخبار هذا الباب.

السادس : أن تؤخذ جملة «لتمام الطواوية والطواسين من السنين» بياناً للظى الّتي هي الحرب والشدّة والفتن في العالم، فيكون الفرج حينئذ بعد ذلك، فيخرج عن التوقيت وينتظر الفرج قريباً إلى أن تخلص هذه الفتن، وهذا أقرب اعتباراً من الوجوه السابقة.

٤/٥٠٠- في الخرائج : روي عن محمّد بن عبداللَّه قال: وقع أبو محمّد عليه السلام وهو صغير في بئر الماء وأبوالحسن عليه السلام في الصلاة والنسوان يصرخن، فلمّا سلّم قال: لا بأس. فرأوه وقد ارتفع الماء إلى رأس البئر، وأبومحمّد عليه السلام على رأس الماء يلعب

٤٤٦

بالماء.(١)

٥/٥٠١- في عيون المعجزات : عن أبي هاشم قال: دخلت على أبي محمّد عليه السلام وكان يكتب كتاباً، فحان وقت الصلاة الاُولى، فوضع الكتاب من يده وقام إلى الصلاة، فرأيت القلم يمرّ على باقي القرطاس من الكتاب ويكتب حتّى انتهى إلى آخره فخررت ساجداً فلمّا انصرف من الصلاة أخذ القلم بيده وأذن للنّاس.(٢)

٦/٥٠٢- في كتاب تاريخ قم للحسن بن محمّد القمي قال : رويت عن مشايخ قم: أنّ الحسين بن الحسن بن جعفر بن محمّد بن إسماعيل بن جعفر الصادق عليه السلام كان بقم يشرب الخمر علانية فقصد يوماً لحاجة باب أحمد بن إسحاق الأشعري وكان وكيلاً في الأوقاف بقم، فلم يأذن له ورجع إلى بيته مهموماً.

فتوجّه أحمد ابن إسحاق إلى الحجّ، فلمّا بلغ إلى سرّ من رأى استأذن على أبي محمّد الحسن العسكري عليه السلام فلم يأذن له، فبكى أحمد لذلك طويلاً وتضرّع حتّى أذن له.

فلمّا دخل قال: يابن رسول اللَّه لِمَ منعتني الدخول عليك وأنا من شيعتك ومواليك؟ قال عليه السلام: لأنّك طردت ابن عمّنا عن بابك، فبكى أحمد، وحلف باللَّه أنّه لم يمنعه عن الدخول عليه إلّا لأن يتوب من شرب الخمر، قال: صدقت ولكن لابدّ عن إكرامهم وإحترامهم على كلّ حال، وأن لاتحقرهم ولاتستهين بهم لإنتسابهم إلينا فتكون من الخاسرين.

فلمّا رجع أحمد إلى قم أتاه أشرافهم وكان الحسين معهم فلمّا رآه أحمد وثب إليه واستقبله وأكرمه وأجلسه في صدر المجلس، فاستغرب الحسين ذلك منه واستبدعه وسأله عن سببه فذكر ما جرى بينه وبين العسكري عليه السلام في ذلك.

____________________

(١) الخرائج: ٤٥١/١ ذ ح ٣٦، عنه البحار: ٢٧٤/٥٠ ح ٤٥.

(٢) عيون المعجزات: ١٣٤، عنه البحار: ٣٠٤/٥٠ ح ٨٠، وإثبات الهداة: ٤٣٠/٣ ح ١١٧، ومدينة المعاجز: ٥٩٧/٧ ح ٦٣.

٤٤٧

فلمّا سمع ذلك ندم من أفعاله القبيحة وتاب منها، ورجع إلى بيته وأهرق الخمور وكسر آلاتها، وصار من الأتقياء المتورّعين، والصلحاء المتعبّدين وكان ملازماً للمساجد معتكفاً فيها، حتّى أدركه الموت، ودفن قريباً من مزار فاطمة عليها السلام.(١)

٧/٥٠٣- في البحار : روي في بعض مؤلّفات أصحابنا عن عليّ بن عاصم الكوفيّ الأعمى(٢) قال: دخلت على سيّدي الحسن العسكري عليه السلام فسلّمت عليه فردّ عليّ السلام وقال: مرحباً بك يابن عاصم اجلس هنيئاً لك، يابن عاصم أتدري ما تحت قدميك؟ فقلت: يا مولاي إنّي أرى تحت قدمي هذا البساط كرم اللَّه وجه صاحبه. فقال لي: يابن عاصم إعلم أنّك على بساط جلس عليه كثير من النبيّين والمرسلين، فقلت: يا سيّدي ليتني كنت لا اُفارقك ما دمت في دار الدنيا.

ثمّ قلت في نفسي: ليتني كنت أرى هذا البساط، فعلم الإمام عليه السلام ما في ضميري فقال: اُدن منّي فدنوت منه فمسح يده على وجهي فصرت بصيراً بإذن اللَّه.

ثمّ قال: هذا قدم أبينا آدم، وهذا أثر هابيل، وهذا أثر شيث، وهذا أثر هود، وهذا أثر صالح، وهذا أثر لقمان، وهذا أثر إبراهيم، وهذا أثر شعيب، وهذا أثر موسى، وهذا أثر داود، وهذا أثر سليمان، وهذا أثر الخضر، وهذا أثر دانيال، وهذا أثر ذي القرنين، وهذا أثر عدنان، وهذا أثر عبدالمطّلب، وهذا أثر عبداللَّه، وهذا أثر عبد مناف، وهذا أثر جدّي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم وهذا أثر جدّي عليّ بن أبي طالب عليه السلام.

قال عليّ بن عاصم: فأهويت على الأقدام كلّها فقبّلتها وقبّلت يد الإمام عليه السلام قلت له: إنّي عاجز عن نصرتكم بيدي ولست أملك غير موالاتكم والبراءة من أعدائكم واللعن لهم في خلواتي، فكيف حالي يا سيّدي؟

____________________

(١) تاريخ قم: ٢١١، عنه البحار: ٣٢٣/٥٠ ح ١٧.

(٢) كان شيخ الشيعة ومحدّثهم في وقته، وقال السيّد العلّامة الخوئي رحمة الله: لاريب في جلالة الرجل.

٤٤٨

فقال عليه السلام: حدّثني أبي، عن جدّي، عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم قال: من ضعف عن نصرتنا أهل البيت ولعن في خلواته أعداءَنا بلّغ اللَّه صوته إلى جميع الملائكة فكلّما لعن أحدكم أعداءنا صاعدته الملائكة ولعنوا من لايلعنهم، فإذا بلغ صوته إلى الملائكة استغفروا له وأثنوا عليه، وقالوا: اللّهمّ صلّ على روح عبدك هذا الّذي بذل في نصرة أوليائه جهده، ولو قدر على أكثر من ذلك لفعل، فإذا النداء من قبل اللَّه تعالى يقول: يا ملائكتي إنّي قد أجبت دعاءكم في عبدي هذا، وسمعت نداءكم وصلّيت على روحه مع أرواح الأبرار وجعلته من المصطفين الأخيار.(١)

وروى نظيره البرسي رحمة الله في مشارقه.(٢)

٨/٥٠٤- في البحار : عن أبي هاشم قال: كتب إليه بعض مواليه يسأله أن يعلّمه دعاء فكتب إليه أن ادع بهذا الدعاء: «يا أسمع السامعين، ويا أبصر المبصرين ويا عزّ الناظرين(٣) ويا أسرع الحاسبين، ويا أرحم الراحمين، ويا أحكم الحاكمين صلّ على محمّد وآل محمّد، وأوسع لي في رزقي، ومدَّ لي في عمري، وامنن عليّ برحمتك، واجعلني ممّن تنتصر به لدينك ولاتستبدل بي غيري».

قال أبوهاشم: فقلت في نفسي: اللّهمّ اجعلني في حزبك وفي زمرتك، فأقبل عليَّ أبو محمّد عليه السلام فقال: أنت في حزبه وفي زمرته، إذ كنت باللَّه مؤمناً، ولرسوله مصدّقاً، ولأوليائه عارفاً، ولهم تابعاً، فأبشر ثمّ أبشر.(٤)

____________________

(١) البحار: ٣١٦/٥٠ س٥.

(٢) مشارق الأنوار: ١٠٠، عنه البحار: ٣٠٤/٥٠ ح ٨١، والبحار: ٣٣/١١ ح ٢٧، ومدينة المعاجز: ٥٩٤/٧ ح ٦٢.

أقول: وفي تفسير الإمام العسكري عليه السلام: ٤٧ ح ٢١: قال الإمام العسكري عليه السلام: إنّ رجلاً قال للصادق عليه السلام: يابن رسول اللَّه إنّي عاجز ببدني عن نصرتكم ولم أملك إلّا البراءة من أعدائكم - الحديث (مثله) - عنه البحار: ٢٢٢/٢٧ ح ١١، وإرشاد القلوب: ٣٢٨/٢.

(٣) في إعلام الورى: يا أنظر الناظرين.

(٤) كشف الغمّة: ٤٢١/٢ س٦، عنه البحار: ٢٩٨/٥٠ ضمن ح ٧٢، مناقب ابن شهراشوب: ٤٣٩/٤ =

٤٤٩

٩/٥٠٥- وفيه أيضاً : عن محمّد بن الحسن بن ميمون قال: كتبت إليه أشكو الفقر ثمّ قلت في نفسي: أليس قد قال أبوعبداللَّه: الفقر معنا خير من الغنى مع غيرنا، والقتل معنا خير من الحياة مع عدوّنا.

فرجع الجواب: إنّ اللَّه عزّوجلّ يخصّ(١) أولياءنا إذا تكاثفت(٢) ذنوبهم بالفقر وقد يعفو عن كثير منهم. كما حدّثتك نفسك، الفقر معنا خير من الغنى مع عدوّنا [والقتل معنا خير من الحياة مع عدوّنا](٣) ونحن كهف لمن إلتجأ إلينا، ونور لمن إستبصر بنا وعصمة لمن اعتصم بنا، من أحبّنا كان معنا في السنام الأعلى، ومن انحرف عنّا فإلى النار.(٤)

١٠/٥٠٦- كتاب الحسين بن حمدان - وهو غير كتاب الهداية - قال: حدّثني جعفر بن محمّد الرامهرمزي قال: نظرت إلى سيّدي أبي محمّد عليه السلام أنا وجماعة من إخواننا فقلت في نفسي: إنّي لاُحبّ أن أرى من فضل سيّدي أبي محمّد بن عليّ عليهما السلام برهاناً تقرّ به عيني، فرأيته قد ارتفع نحو السماء بحيث سدّ الاُفق، فقلت لأصحابي: أما ترون ما أري؟ فقالوا: ما هو؟ فأشرت إليه فإذا هو قد رجع بهيئته الاُولى ودخل المسجد.

١١/٥٠٧- في الكافي : عن إسحاق قال: أخبرني محمّد بن الربيع الشيباني(٥)

____________________

= إعلام الورى: ٣٧٤.

(١) هكذا في البحار والمناقب، وفي المصدر: محّص، وفي الإثبات: يمحّص.

(٢) تكاثفت: كثرت مع التراكب.

(٣) من المصدر، وليس في الأصل والبحار.

(٤) كشف الغمّة: ٤٢١/٢، رجال الكشّي: ٥٣٣ الرقم ١٠١٨، عنهما البحار: ٢٩٩/٥٠ س٣، وأورده ابن شهراشوب في المناقب: ٤٣٥/٤، والراوندي رحمة الله في الخرائج: ٧٣٩/٢ ح ٥٤، عنه إثبات الهداة: ٤٢٣/٣ ح ٨٦.

(٥) في المصدر: الشائي، وقال السيّد الخوئي رحمة الله في رجاله: ٨١/١٦: محمّد بن الربيع السائي (الشائي) (الشيباني) روى عن العسكري عليه السلام.

٤٥٠

قال: ناظرت رجلاً من الثنويّة(١) بالأهواز، ثمّ قدمت سرّ من رأى وقد علّق بقلبي شيء من مقالته، فإنّي لجالس على باب أحمد بن الخضيب، إذ أقبل أبو محمّد عليه السلام من دار العامّة يوم الموكب، فنظر إليَّ وأشار بسبّابته وقال: أحد أحد فرد(٢) فسقطت مغشيّاً عليَّ.(٣)

١٢/٥٠٨- في المناقب : عن إدريس بن زياد الكفرتوثائي(٤) قال: كنت أقول فيهم قولاً عظيماً، فخرجت إلى العسكر للقاء أبي محمّد عليه السلام فقدمت وعليَّ أثر السفر ووعثاؤه(٥) ، فألقيت نفسي على دكّان حمّام فذهب بي النوم، فما انتبهت إلّا بمقرعة(٦) أبي محمّد عليه السلام قد قرعني بها حتّى استيقظت، فعرفته، فقمت قائماً اُقبّل قدميه وفخذه وهو راكب، والغلمان من حوله.

فكان أوّل ما تلقّاني به أن قال: يا إدريس،( بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ) (٧) ، فقلت: حسبي يا مولاي، وإنّما جئت أسألك عن هذا، قال: فتركني ومضى.(٨)

١٣/٥٠٩- في الخرائج : عن إسحاق بن يعقوب، عن بدل مولاة أبي محمّد عليه السلام(٩)

____________________

(١) الثنويّة: من يثبت مع القديم قديماً غيره، قيل: وهم فرق المجوس يثبتون مبدأين، مبدءاً للخير ومبدءاً للشرّ.

(٢) في بعضى المصادر: «أحداً، أحداً، فرداً»، وفي الخرائج والبحار: «أحد، أحد، فوحّده»، وفي المناقب: «أحداً فوحّده».

(٣) الكافي: ٥١١/١ ح ٢٠، عنه إثبات الهداة: ٤٠٥/٣ ح ٢٤، ومدينة المعاجز: ٥٥٦/٧ ح ٢٤ وأورده الراوندي في الخرائج: ٤٤٥/١ ح ٢٨، والإربلي رحمة الله في كشف الغمّة: ٤٢٥/٢، عنهما البحار: ٢٩٣/٥٠ ح ٦٧، وأخرجه في المناقب: ٤٢٩/٤ مختصراً.

(٤) كفرتوثا: قرية كبيرة من أعمال الجزيرة.

(٥) الوعثاء: المشقّة والتعب.

(٦) المِقْرَعة: خشبة يضرب بها، وكلّ ما قرعت به.

(٧) الأنبياء: ٢٧ و ٢٦.

(٨) مناقب ابن شهراشوب: ٤٢٨/٤، عنه البحار: ٢٨٣/٥٠ ضمن ح ٦٠، ومدينة المعاجز: ٦٤٣/٧ ح ١١٢.

(٩) في البحار: «بذل مولى أبي محمّدعليه السلام قال».

٤٥١

قالت: كنت رأيت من عند رأس أبي محمّد عليه السلام نوراً ساطعاً إلى السماء، وهو نائم.(١)

١٤/٥١٠- عن دلائل الحميري : قال: رأيت الحسن بن عليّ السراج(٢) عليه السلام يمشي في أسواق سرّ من رأى ولا ظلّ له.(٣)

١٥/٥١١- عنه أيضاً قال: قلت للحسن بن عليّ عليهما السلام: أرنى معجزة خصوصية اُحدِّث بها عنك فقال: يابن جرير، لعلّك ترتدّ فحلفت له ثلاثاً فرأيته غاب في الأرض تحت مصلّاه، ثمّ رجع ومعه حوت عظيم فقال: جئتك به من البحر السابع(٤) فأخذته معي إلى مدينة السلام، وأطعمت [منه] جماعة من أصحابنا. (٥)

١٦/٥١٢- عن القطب الراوندي قال: وأمّا الحسن بن عليّ العسكري عليهما السلام فقد كانت أخلاقه كأخلاق رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم وكان رجلاً أسمر، حسن القامة جميل الوجه جيّد البدن، حدث السنّ، له جلالة وهيبة حسنة، تعظّمه العامّة والخاصّة اضطراراً، يعظّمونه لفضله، ويقدّمونه لعفافه وصيانته وزهده وعبادته وصلاحه وإصلاحه، وكان جليلاً نبيلاً فاضلاً كريماً، يحمل الأثقال ولايتضعضع للنوائب أخلاقه خارقه للعادة على طريقة واحدة.

١٧/٥١٣- كتابه عليه السلام إلى الشيخ الجليل عليّ بن الحسين بن بابويه القمي رحمة الله المدفون بقم: بسم اللَّه الرحمن الرحيم، الحمدللَّه ربّ العالمين، والعاقبة للمتّقين

____________________

(١) الخرائج: ٤٤٣/١ ح ٢٥، كشف الغمّة: ٤٢٦/٢، عنهما البحار: ٢٧٢/٥٠ ح ٣٩، وأخرجه في إثبات الهداة: ٤٢٨/٣ ح ١٠٥ عن كشف الغمّة.

(٢) السراج: من ألقاب الإمام العسكري عليه السلام. أضفناه من المصدر وليس في الأصل.

(٣) دلائل الإمامة: ٤٢٦ ح ٣٨٧، عنه إثبات الهداة: ٤٣٢/٣ ح ١٢٦.

(٤) في الدلائل: الأبحر السبعة. وفي نسخة: أبحر السبع.

(٥) نوادر المعجزات: ١٩١، دلائل الإمامة: ٤٢٦ ح٥، عنه مدينة المعاجز: ٥٧٤/٧ ح ٤٧، وإثبات الهداة: ٤٣٢/٣ ح ١٢٧.

٤٥٢

والجنّة للموحدين والنار للملحدين، ولا عدوان إلّا على الظالمين، ولا إله إلّا اللَّه أحسن الخالقين، والصلاة على خير خلقه محمّد وعترته الطاهرين.

أمّا بعد، اُوصيك يا شيخي ومعتمدي وفقيهي أبا الحسن عليّ بن الحسين القمي - وفّقك اللَّه لمرضاته وجعل من صلبك أولاداً صالحين برحمته - بتقوى اللَّه وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة فإنّه لاتقبل الصلاة من مانع الزكاة.

واُوصيك بمغفرة الذنب، وكظم الغيظ، وصلة الرحم، ومواساة الإخوان والسعي في حوائجهم في العسر واليسر، والحلم عند الجهل، والتفقّه في الدين والتثبّت في الاُمور، والتعاهد للقرآن، وحسن الخلق، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال اللَّه تعالى:( لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ) (١) ، واجتناب الفواحش كلّها، وعليك بصلاة الليل، فإنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أوصى عليّاً عليه السلام فقال: يا عليّ، عليك بصلاة الليل، عليك بصلاة الليل عليك بصلاة الليل، ومن استخفّ بصلاة الليل فليس منّا. فاعمل بوصيّتي وأمُر جميع شيعتي بما أمرتك به حتّى يعملوا عليه.

وعليك بالصبر وإنتظار الفرج، فإنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أفضل أعمال اُمّتي إنتظار الفرج»، ولاتزال شيعتنا في حزن حتّى يظهر ولدي الّذي بشَّر به النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم «أنّه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً».

فاصبر يا شيخي ومعتمدي أبا الحسن، وأمُر جميع شيعتي بالصبر، فـ( إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّـهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) (٢) ، والسلام عليك وعلى جميع شيعتنا ورحمة اللَّه وبركاته، وحسبنا اللَّه ونعم الوكيل، نعم المولى ونعم النصير.(٣)

____________________

(١) النساء: ١١٤.

(٢) الأعراف: ١٢٨.

(٣) مناقب ابن شهراشوب: ٤٢٥/٤.

٤٥٣

الباب الرابع عشر

فى ذكر قطرة من بحر مناقب

الإمام الثاني عشر، بقيّه اللَّه في أرضه وحجّته على عباده

كاشف الأحزان وخليفة الرحمان، المهديّ من آل محمّد

الحجّة بن الحسن، صاحب الزمان صلوات اللَّه عليه

١/٥١٤- في كيفيّه ولادته صلوات اللَّه عليه:في دلائل الإمامة للطبريّ الشيعي قدس سره قال: حدّثنا أبوالمفضّل محمّد بن عبداللَّه قال: حدّثني [محمّد بن](١) إسماعيل الحسني عن حكيمة ابنة محمّد بن عليّ الرضا عليهما السلام أنّها قالت: قال لي الحسن بن عليّ العسكري عليهما السلام ذات ليلة أو ذات يوم: اُحبّ أن تجعلي إفطاركِ الليلة عندنا، فإنّه يحدُثُ في هذه الليلة أمر، فقلت: وما هو؟ قال: إنّ القائم من آل محمّد يولد في هذه الليلة. فقلت: ممّن؟ قال: من نرجس.

فصرت إليه ودخلت إلى الجواري، فكان أوّل من تلقّتني نرجس. فقالت: يا

____________________

(١) من المصدر.

٤٥٤

عمّة كيف أنتِ؟ أنا افديك، فقلت لها: بل أنا افديك يا سيّدة نساء هذا العالم فخلعت خُفّي وجاءت لتصبّ على رجلي الماء، فحلَّفتها ألّا تفعل وقلت لها:

إنّ اللَّه قد أكرمكِ بمولود تلدينه في هذه الليلة، فرأيتها لمّا قلت لها ذلك قد لبسها ثوب من الوقار والهيبة، ولم أر بها حملاً ولا أثر حمل.

فقالت: أيّ وقت يكون ذلك، فكرهت أن أذكر وقتاً بعينه فأكون قد كذبت [فقلت:](١) قال لي أبومحمّد عليه السلام: في الفجر الأوّل.

فلمّا أفطرت وصلّيتُ، وضعت رأسي ونمت ونامت نرجس معي في المجلس ثمّ انتبهت وقت صلاتنا فتأهّبت، وانتبهتْ نرجس وتأهّبتْ، ثمّ إنّي صلّيتُ وجلست أنتظر الوقت، ونام الجواري ونامت نرجس، فلمّا ظننت أنّ الوقت قد قرب خرجتُ فنظرت إلى السماء، وإذا الكواكب قد انحدرت، وإذا هو قريب من الفجر الأوّل، ثمّ عدت فكأنّ الشيطان أخبث قلبي.

قال أبومحمّد عليه السلام: لاتعجلي، فكأنّه قد كان؛ وقد سجد فسمعته يقول في دعائه شيئاً لم أدر ما هو، ووقع عليّ الثبات في ذلك الوقت، فانتبهت بحركة الجارية فقلت لها: بسم اللَّه عليك، فسكنتْ إلى صدري فرمتْ به عليَّ، وخرّت ساجدة فسجد الصبيّ وقال: لا إله إلّا اللَّه، محمّد رسول اللَّه وعليّ حجّة اللَّه، وذكر إماماً إماماً حتّى إنتهى إلى أبيه.

فقال أبومحمّد عليه السلام: إليّ ابني. فذهبت لاُصلح منه شيئاً، فإذا هو مسوّى مفروغ منه، فذهبت به إليه، فقبّل وجهه ويديه ورجليه، ووضع لسانه في فمه وزقَّه كما يُزقُّ الفرخ، ثمّ قال: اقرأ. فبدأ بالقرآن من بسم اللَّه الرحمن الرحيم إلى آخره.

ثمّ إنّه دعا بعض الجواري ممّن علم أنّها تكتُم خبره، فنظرت، ثمّ قال: سلّموا عليه وقبّلوه وقولوا: استودعناك اللَّه، وانصرفوا.

____________________

(١) ليس في المصدر، ولعلّه أضافه المؤلّف بقرينة الكلام.

٤٥٥

ثمّ قال: يا عمّة، ادعي لي نرجس فدعوتها وقلت لها: إنّما يدعوك لتودّعيه فودّعته، وتركناه مع أبي محمّد ثمّ انصرفنا.

ثمّ إنّي صرت إليه من الغد فلم أره عنده، فهنّأته فقال: يا عمّة، هو في ودايع اللَّه إلى أن يأذن اللَّه في خروجه.(١)

وفيه: أيضاً بروايه اُخرى نظير الرواية الاُولى، لكن فيها هذه الزيادة: فوضعت صبيّاً كأنّه فلقة قمر، على ذراعه الأيمن مكتوب:( جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ) (٢) وناغاه ساعة حتّى استهلّ، وعطس، وذكر الأوصياء قبله حتّى بلغ إلى نفسه، ودعا لأوليائه على يده بالفرج.

ثمّ وقعت ظلمة بيني وبين أبي محمّد عليه السلام فلم أره فقلت: يا سيّدي أين الكريم على اللَّه؟ قال: أخذه من هو أحقُّ به منك، فقمت وانصرفت إلى منزلي فلم أره وبعد أربعين يوماً دخلت دار أبي محمّد عليه السلام فإذا أنا بصبيّ يدرُج في الدار، فلم أر وجهاً أحسن(٣) من وجهه، ولا لغةً أفصح من لغته، ولا نغمة أطيب من نغمته.

فقلت: يا سيّدي من هذا الصبيّ؟ ما رأيت أصبح وجهاً منه، ولا أفصح لغة منه ولا أطيب نغمة منه. قال: هذا المولود الكريم على اللَّه.

قلت: يا سيّدي وله أربعون يوماً، وأنا لا أرى من أمره هذا! قالت: فتبسّم ضاحكاً وقال: يا عمّتاه، أما علمتِ أنّا معاشر الأوصياء ننشأ في اليوم كما ينشأ غيرنا في الجمعة، وننشأ في الجمعة كما ينشأ غيرنا في الشهر، وننشأ في الشهر كما ينشأ غيرنا في السنة.(٤)

ولقد أجاد الشاعر حيث قال:

____________________

(١) دلائل الإمامة: ٤٩٧ ح ٩٣، عنه تبصره الولي: ١٥ ح٣.

(٢) الإسراء: ٨١.

(٣) أصبح، خ.

(٤) دلائل الإمامة: ٥٠٠ ضمن ح ٩٤، عنه تبصره الولي: ١٩ ضمن ح٤.

٤٥٦

صاحب العصر الإمام المنتظر

من بما يأباه لايجري القدر

حجّةاللَّه على كلّ البشر

خير أهل الأرض في كلّ الخصال

شمس أوج المجد مصباح الظلام

صفوة الرحمان من بين الأنام

الإمام بن الإمام بن الإمام

قطب أفلاك المعالي والكمال

فاق أهل الأرض في عزّ وجاه

فارتقى في المجد أعلى مرتقاه

لو ملوك الأرض حلّوا في ذراه(١)

كان أعلى صفّهم صفّ النعال

يا أمين اللَّه يا شمس الهدى

يا إمام الخلق يا بحر الندى(٢)

عجّلن عجّل فقد طال المدى

واضمحلّ الدين واستولى الضلال

ولابأس بذكر أبيات هنا، وهي من غرر آيةاللَّه الاُستاذ الحاج شيخ محمّد حسين الإصفهاني قدس سره في ميلاده صلوات اللَّه عليه بالفارسيّة وهى:

ای نسیم سحری،این شب روشن چه شب‌است

مگر امشب مه من شمع دل انجمن است

چه شب است این شب فیروز دل افروز چه روز

مگر امشب شب اشراق دل آرام من است

مشرق شمس ابد مطلع انوار ازل

صاحب العصر أبوالوقت امام زمن است

مظهر قائم بالقسط حجاب ازلی

معلن سرّ خفی مظهر ما قد بطن است

مرکز دائره هستی و قطب الأقطاب

آنکه با عالم امکان مثَل روح و تن است

____________________

(١) الذرا: ما استتر به. في ذراه: في كنفه.

(٢) الندى: الفضل والعطاء.

٤٥٧

مالک کن فیکون مَلِک کون و مکان

مظهر سلطنت قاهره ذی المنن است

بحر موّاج ازل چشمه سرشار ابد

کاندرآن صبح ومسا روح قدس غوطه زن است

طور سینای تجلّی که بسی همچو کلیم

أرنی گو سر کویش همگی را وطن است

یوسف مصر حقیقت که دو صد یوسف حسن

نتوان گفت که آن درّ ثمین را ثمن است

حجّه قاطعه و قامع الحاد و ضلال

رحمت واسعه و کاشف کرب و محن است

حاوی علم و یقین حامی دین وآئین

ماحی زیغ و زلل محیی فرض و سنن است

جامع الشمل پس از تفرقه اهل ضلال

باسط العدل پس از آنکه زمین پر فتن است

ای سلیمان جهان پادشه عرش مکان

خاتم مُلک تو تا کی بکف اهرمن است

ای همای ملأ قدس و حمام جبروت

تا بکی روضه دین مسکن زاغ و زغن است

ای رخت کعبه توحید و درت کوی اُمید

تا بکی کعبه دلها همه بیت الوثن است

پرده از سرّ أنا اللَّه برانداز دمی

تا بدانند که شایسته این ما و من است

٤٥٨

دل بدریا زده از شوق جمالت الیاس

خضر از عشق تو سرگشته ربع(١) و دمن است

کعبه درگه تو قبله ارواح و عقول

خاک پاک ره تو سجده گه مرد و زن است

ای ز روی تو عیان جنّت ارباب جنان

بی تو فردوس برین بر همه بیت الحزن است

ای که در ظلّ لوای تو کند گردون جای

نوبت رایت اسلام بر افراشتن است

ای زشمشیر تو از خوف، دل دهر دو نیم

گاه خونخواهی شاهنشه خونین کفن است

وذكر أنّ تاريخ ولادته صلوات اللَّه عليه بحساب أبجد: نور.

٢/٥١٥- روي عن الصادق عليه السلام في تأويل قوله تعالى:( لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ) (٢) قال عليه السلام: واللَّه ما نزل تأويلها بعد، ولا ينزل تأويلها حتّى يخرج القائم.(٣)

٣/٥١٦- روي عن الكاظم عليه السلام في تأويل قوله تعالى:( وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ) (٤) قال عليه السلام: النعمة الظاهرة: الإمام الظاهر، والنعمة الباطنة: الإمام الغائب. (٥)

____________________

(١) الرَّبْع: الموضع ينزل فيه زمن الربيع.

(٢) التوبة: ٣٣، الفتح: ٢٨، الصفّ: ٩.

(٣) كمال الدين: ٦٧٠/٢ ح ١٦، عنه البحار: ٣٢٤/٥٢ ح ٣٦، والبرهان: ١٢١/٢ ح١. وأورده في تأويل الآيات: ٦٨٨/٢ ح٧، عنه البحار: ٦٠/٥١ ح ٥٨.

(٤) لقمان: ٢٠.

(٥) كمال الدين: ٣٦٨/٢ ح٦، عنه البحار: ١٥٠/٥١ ح٢، والبرهان: ٢٧٧/٣ ح٢، كفاية الأثر: ٣٢٣، منتخب الأثر: ٢٣٩ ح٣، أنوار المضيئة: ٢٠.

٤٥٩

٤/٥١٧- عن الفضل بن شاذان، عن الصادق عليه السلام قال: يتكلّم الإمام الغائب:( بَقِيَّةُ اللَّـهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ ) (١) .(٢)

٥/٥١٨- القمي قدس سره : عن الصادق عليه السلام أنّه قال: هو البئر المعطّلة في قوله تعالى:( وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ ) (٣) .(٤)

٦/٥١٩- ما في غيبة النعماني : عن الباقر عليه السلام في قوله تعالى:( فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِ الْكُنَّسِ ) (٥) يريد منه الإمام الغائب.(٦)

٧/٥٢٠- ما ورد في تأويل الساعة : في قوله تعالى:( يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ ) (٧) وكذا في قوله: ( وَعِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ) (٨) وكذا في قوله تعالى: ( وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ ) (٩) وكذا في قوله تعالى: ( الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ ) (١٠) بوجود المهدي وقدومه عليه السلام لكونها بمعنى الوقت. (١١)

____________________

(١) هود: ٨٦.

(٢) نور الأبصار: ١٧٢، وفي رواية عن الباقر عليه السلام: أوّل ما ينطق به هذه الآية:( بَقِيَّةُ اللَّـهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) . البحار: ١٩٢/٥٢ ضمن ح ٢٤.

(٣) الحجّ: ٤٥.

(٤) تفسير القمي: ٨٥/٢ قال: قوله:( بِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ ) هي الّتي لايستسقي منها وهو الإمام الّذي قد غاب فلايقتبس منه العلم. عنه البرهان: ٩٦/٣ ح٦.

(٥) التكوير: ١٦ و ١٥.

(٦) غيبة النعماني: ٧٥ س ٨، عنه البحار: ٥١/٥ ذ ح ٢٦ وص ١٣٧ ح٦، والبرهان: ٤٣٣/٤ ح٣.

أقول: وفي تأويل الآيات: ٧٦٩/٢ ح ١٦ بإسناده عن اُمّ هاني قالت: سألت أباجعفر عليه السلام عن هذه الآية فقال: يا اُمّ هاني: إمامٌ يخنس نفسه سنة ستّين ومائتين، ثمّ يظهر كالشهاب الثاقب في الليلة الظلماء، فإن أدركت زمانه قرّت عينك يا اُمّ هاني.

وروى الكليني رحمة الله في الكافي: ٣٤١/١ ح ٢٣، والصدوق رحمة الله في الإكمال: ٣٢٥/١ ح١ والطوسي رحمة الله في الغيبة: ١٠١ (نحوه).

(٧) الأعراف: ١٨٧، النازعات: ٤٢.

(٨) الزخرف: ٨٥.

(٩) الأحزاب: ٦٣، الشورى: ١٧.

(١٠) الشورى: ١٨.

(١١) البحار: ١/٥٣ ح١.

٤٦٠