الجريمة الكبرى الجزء ١

الجريمة الكبرى0%

الجريمة الكبرى مؤلف:
الناشر: المركز الوثائقي للدفاع عن المقدسات الإسلامية
تصنيف: أديان وفرق
الصفحات: 399

الجريمة الكبرى

مؤلف: الدكتور السيد محمد رضا الهاشمي
الناشر: المركز الوثائقي للدفاع عن المقدسات الإسلامية
تصنيف:

الصفحات: 399
المشاهدات: 51283
تحميل: 4234


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 399 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 51283 / تحميل: 4234
الحجم الحجم الحجم
الجريمة الكبرى

الجريمة الكبرى الجزء 1

مؤلف:
الناشر: المركز الوثائقي للدفاع عن المقدسات الإسلامية
العربية

وكان على رأس ٤٠٠٠ مقاتل (٣٦٦)، على ميسرة جيش ابن سعد في الهجوم على معسكر الامام عليه السلام (٣٦٧).

ومن جملة جرائمه جلوسه على صدر الحسين عليه السلام لاحـتـزاز رأسه الشريف، وورد اسمه في زيارة عاشوراء ملعونآ. وقد اوفده عبيدالله بن زياد مع السبايا الى يزيد، فـأذاقهم الويلات والمصائب في طريق الشامات. كما يرويها الطبري في تاريخه (٣٦٨)، وابن حبان في" الثقات" (٣٦٩)، وابن الخياط في" تاريخ خليفة" (٣٧٠).

٢- شبث بن(ربعي) التميمي اليربوعي:

يكني ابو عبد القدوس شبث بن ربعي بن حصين بن عثيم بن ربيعة بن زيد بن رياح من بني يربوع بن حنظلة النجدية، كما يقول البلاذري في" جمل من انساب الاشراف" (٣٧١)، وابن سعـد في" طبقاته الكبرى" (٣٧٢).

ويقول الطبري في تاريخه (٣٧٣): انه سكنت الكوفة من اعراب نجد ممن ينتمون الى بني يربوع وعليها شبث بن ربعي. اما تاريخه فقـد أرتد عن الاسلام (٣٧٤) مع بدايات حركة الارتداد ضد الاسلام والولاية، وكانت له فيما مضى صلة بسجاح الزانية مدعية النبوة، ابان الردة النجدية، وكان مؤذنها وصاحبها، كما يقول العظيم ابادي في كتابه" عـون المعـبود" (٣٧٥). ثم تاب على يدي الخليفة الاول، وبقي منافقاً، يجمع الدنانير والاراضي من عطاء الخلفاء، حتى صارت الخلافة الى الامام علي عليه السلام، فلم يبايع الامام بل بايع ضبـّاً وقال: هما متساويان عندي (٣٧٦)، ثم كان مع الخوارج واصبح من قادتها، كما يؤرخ له ابن حـزم الاندلسي في" جمهرة انساب العرب" (٣٧٧). وأخيراً فهـو ممن كاتب الحسين عليه السلام يدعوه للكوفة، حسب قول البلاذري في" انساب الاشراف" (٣٧٨)، وابـن حجـر في" تهذيب التهذيب" (٣٧٩). وقـد كان في يوم عاشوراء على الف مقاتل من الـرجالـة في جيش ابن

٢٤١

سعد، كما يقول الـدينوري في" الاخبار الطوال" (٣٨٠)، والطبري في تاريخه (٣٨١).

وآخـراً فقد كان ابن زنا، منسوباً الى سبعة كلهم من اعراب نجد، وامه لضوة بنت شاهر من بني حنيفة النجدية، صاحبة صوت وغناء. اختارت ربعي من بينهم، كما ورد في كتاب" الاكليل في اخبار انساب العرب"، للحارث بن محي الدين الفهري (٣٨٢)، و" تاريخ الخلافة الاموية"، لابو بكر جمعة التميمي (٣٨٣). وقد كان شبث متجاهراً بالفسق والعصيان، مبغضاً لال النبي صلّى الله عليه وآله، شديداً على الشيعة في الكوفة.

٣- الحصين بن(نـمير) السكوني:

الحصين هو ابو عبد الرحمن بن نمير بن اسامة بن نائل بن لبيد بن جعثـنة بن الحارث، ينتسب الى قبيلة كندة، من اهم قبائل نجد، كما يؤرخ له ابن حزم الاندلسي في" جمهرة انساب العرب" (٣٨٤).

وابوه الذي سئل امير المؤمنين عليه السلام عن عدد شعر راسه حينما قال عليه السلام: سلوني قبل ان تفقدوني (٣٨٥). يقـول النسابة السماك الاندلسي في كتابه " الاطباق البهية في انساب البرية" (٣٨٦):ان اباه طرد امه واخـوته لما علم من حالها في الـزنا، وشـك في طهارة مـولـد ابنائه.

كان الحصين من قادة الامويين، يتابع معاوية، واصبح اميراً على جند حمص، كما يقول ابن عساكر في" تاريخ مدينة دمشق" (٣٨٧)، وكان مبغضا للامام علي عليه السلام، ثم تمخضت سريرته ليكون مع الخوارج (٣٨٨).

اصبح الحصين صاحب الشرطة، وسلطه عبيدالله بن(زياد) على دور أهل الكوفة الشيعة، لبث الخوف والـقـتـل فيهم حتى لايكونوا مع مسلم بن عقيل عليه السلام، وهو ممن قتل سليمان بن صُـرد الخزاعي (رضوان الله تعالى عليه)، وأخيراً صار من أشـد المعاندين للحسين عليه السلام، والمؤلّـبـين عليه ومقاتليه،

٢٤٢

حسب قول البلاذري في كتابه" انساب الاشراف" (٣٨٩(، وكان على رأس ٤٠٠٠ مقاتل، كما يقول الذهبي في" سير اعلام النبلاء" (٣٩٠).

وايضاً، من سوء عاقبة هذا المجرم الكافر، ان يكون من قادة جيش يزيد لاستباحة المدينة المنورة، حيث قتلوا المسلمين فيها وافتضوا الابكار، وهو الذي أمـر بنصب المنجنيق على جبل ابي قُـبـيس ورمى الكعبة بالنار لما تحصن بها ابن الزبير في المسجد الحرام، حسب قول المسعودي في" مروج الذهـب" (٣٩١)، وابن عساكـر في" تاريخ مدينـة دمشق" (٣٩٢).

٤- عمرو بن(الحجاج) الزبيدي:

عمرو بن(الحجاج (بن سلمة بن يغوث الزبـيـدي من بـني تـيـم الـرباب من قبائـل نـجـد المعروفة (٣٩٣). وارتد عمرو مع قبيلته زبـيـد بنجـد إذ دعـاهـم عـمرو بـن مـعـد يـكـرب (الاشعث بن قيس) (٣٩٤)، ثم كان مع الخوارج ضد الامام عـلـي عليه السلام (٣٩٥)، وهو ايضاً ممن شهد على الصحابي الجليل حجر بن عدي عند معاوية وتسبب في قـتـله، وهـو الذي غدر بهاني بن عروة عندما سجنه عبيد الله بن(زياد)، حسب قول الطبري في تاريخـه (٣٩٦).

وكان من رؤساء الحزب الاموي في الكوفة، وهو ممن كاتب الامام الحسين عليه السلام للقدوم على الكوفة، على حسب رواية الـديـنـوري في " الاخبار الطوال" (٣٩٧)، ثم خرج لمقاتلة معسكـر الايمان، وتولى ميمنة جيش ابن سعد، كما قال الطبري في تاريخه (٣٩٨)، ثم قاد العسكـر لاحتلال الفرات، واصبح مسؤولاً بحفظ المشرعة لمنع الماء عن الامام واهله واصحابه عليهم السلام يوم عاشوراء، كما يسجلها ابن كـثيـر في" البداية والنهاية" (٣٩٩). وقد لعب دوراً متميزاً في الهجوم على معسكر الحسين عليه السلام، واتهم الامام عليه السلام بالمروق عن الدين، ووصف يـزيـد بالامام العادل (٤٠٠)، وخاطب الامام الحسين عليه السلام بقوله: ياحسين ان هذا الفرات تـلغ فيه الكلاب

٢٤٣

وتشرب منه الحمير والخنازير، والله لاتـذوق منه جـرعة حتى تذوق الحميم في نار جهنم، حسب قول البلاذري في" انساب الاشراف" (٤٠١)، ثم خرج مع الوافـدين مع السبايا والضحايا الى عبيد الله بن (زياد) في الكوفة (٤٠٢). وذكرت مصادر تاريخية ان عمرو ابن زنـا، وكان يتاجـر بامـه وزوجتـه عند الراغبين بهـن، حسب وصف اليافعي في كتابه" مـرآة الجنـان" (٤٠٣).

٥- قيس ومـحـمد ابنا (الاشعث) بن قيس:

ان القيس ابن الاشعث (معد يكرب) بن معاوية من بني كندة (٤٠٤)، احدى فروع بني الحارث من قبائل نجـد، وهي تعيش بوادي الدواسر في قرية الفاو، وسط وجنوب نجد، كما ذكره المحقق محمد باحنـان في " جواهر تاريخ الاحقاف" (٤٠٥).

ارتـد الاشعث بعد وفاة النبي صلّى الله عليه وآله مع قومه، وكان شديداً على المسلمين، ثم دعى النبوة لنفسه، وثم تابع الحطم بن ضبيعة واصبح يجمع الاموال لنبـيـه (٤٠٦).

اتسمت هذه العائلة يعني الاشعث وابناه محمد وقيس، ببغض آل الرسول عليهم السلام وصدرت منهم انواع الاذى وبالغـوا في العـداء لأهـل البيت عليهم السلام وشيعتهم الابرار (٤٠٧). ثـم انخـرطـت العائلـة في صفوف الخوارج، وكان الاشعث وولداه من كبارهـم، ثم كانت لهم يد مهمة ودور بارز في قتل مولانا الامام علي عليه السلام (٤٠٨).

اما ابنته جُـعـدة فهي التي سـمّـت الامام الحسن عليه السلام بأيعاز من معاوية، كما يقـول الزمخشري في" ربيع الابرار" (٤٠٩)، والمسعودي في" مروج الذهب" (٤١٠)، وابن الاعـثـم في" الـفـتـوح" (٤١١).

واما ابناه محمد وقيس، فقد اشـتركا في قتل سيدنا مسلم ابن عقيل عليه السلام. وكانا ممن كاتب الامام الحسين عليه السلام للقدوم الى الكوفة (٤١٢). وثم عـدلا الى

٢٤٤

قتاله (صلوات الله عليه). وكان قيس بن الاشعث على ربـع ربـيـعـة بـن كـندة (من قبائل نجد) في جيش عمر بن سعد (٤١٣)، وقد خاطب الامام الحسين عليه السلام يوم عاشوراء بقوله: ألا تنزل على حكم بني عمك، فأنهم لن يـؤذوك ولا ترى منهـم الا مـا تـحـب، فقال له الحسين عليه السلام: انت اخـو اخيك، اتريد ان تطلـبـك بنو هاشم باكـثر من دم مسلم ابن عـقيل؟، لا والله لا اعطيهم بيدي اعطاء الذليل ولا اقر لهم اقرار العبيد. هـذا ما يـرويه المؤرخ ابن كـثير في "البداية والنهاية" (٤١٤)، والطـبـري في تاريخـه (٤١٥)، وابن الجوزي في" المنتظم" (٤١٦)، ثم استولى على قطيفة الحسين عليه السلام بعد قتله، على قول الطبري في تاريخه (٤١٧).

٦- حجّار ابن(أبجـر) البكـري:

حجار ابن ابجر بن بجير (جابـر) بن عـايذ العجـلي النصراني، من قبيلة ربيعة النجدية. وكان ابوه نصرانيآ مات في زمن الامام علي عليه السلام على الملـة النصرانية، هذا ما ذكره ابن حجر العسقلاني في" الاصابـة في تميـيز الصحابة" (٤١٨)، وابن خلدون في" تاريخـه" (٤١٩)، وابن جرير الطبري في" تاريخ الامم والملوك" (٤٢٠). ويصفه ابـن نما الحلي في كتابه" ذوب النضار"، انه كان رجل فاسقاً متجاهراً بالمعاصي (٤٢١). وهو ابن زنا، وولد حجّار كما يقول ابن الفطاح في" كتاب البيوتات"، والوزير المغربي في كتابه " الايناس بعلم الانساب"، على غير فراش ابيه، وامه سلوى بنت سلول من قبيلة تيم الرباب، صاحبة علم في العهر والزنا، وبيتها مركزاً للهو والمجون (٤٢٢).

وكان مع الخوارج وقاتل ضمن قبيلته النجدية، وعمل جاسوساً مـزدوجاً بين الامـويـين والخـوارج، كما يقول الطبري في تاريخه (٤٢٣)، ثم سكن الكوفة بعد شهادة الامام علي عليه السلام، واصبح من اعمدة الحزب الاموي في الكوفة (٤٢٤). كما انه مارس ادواراً قـذرة في ارهـاب الشيعة في الكـوفة،

٢٤٥

وتخـويف المخالفين للنظام الامـوي، على ما نقله الديـنوري في" الاخبار الطـوال" (٤٢٥)، ثـم كان ضمن الجـماعـة التي كاتبت الامام الحسين عليه السلام، ليقـدم الى الكـوفة، كما يقول الطبري في تاريخـه (٤٢٦)، ثم خرج لقـتـاله (سلام الله عليه)، وكان على راس ١٠٠٠ مقاتل (٤٢٧).

٧ـ حرملة بن كاهل (كاهن) الاسدي:

حرملة بن كاهل بن حصن من قبيلة بني اسد بن خزيمة بن مدركة، احدى قبائل نجد (٣٨٦)، كانت تسكن منطقتي حائل والقصيم الحاليتين، وامتدت ديارهم شرقاً نحو الدهناء حيث جاوروا بني تميم، وهم بدو صرفاً واعراب همج (٤٢٩).

ظهر اسمه بين قيادات الطبقة الثانية من الخوارج، وقد كان شديد العداء للامام علي عليه السلام وشيعته الابرار (٤٣٠). ومن ثم تميل به الاهواء لينخرط في صفوف الامويين، وظهرت منه الجرائم الدواهي، والموبقات العظيمة، حينما سلطه ابن زياد على شيعة أهل الكوفة ودورها، في واقعة مسلم بن عقيل عليه السلام (٤٣١). ثم أكمل المسيرة الشيطانية ليكون أمير الرماة في جيش ابن سعد الذي جاء لقتال الإمام الحسين عليه السلام (٤٣٢).

وله مواقف خبيثة ودنيئة تنم عن ذات شيطانية كافرة، حيث آذى قلوب الفواطم من آل الرسول عليهم السلام، حينما رمى الطفل الرضيع (علي الاصغر عليه السلام) بسهم، فذبحه من الوريد الى الوريد، وهو في حضن ابيه (٤٣٣)، ورمى الحسين عليه السلام بسهم في قلبه الشريف حينما ضعف عن القتال (٤٣٤)، وكذلك رمى عبد الله بن الحسن، بسهم فقتله في حجر عمه عليهم السلام (٤٣٥). وقد حمل رأسي الحسين والعباس عليهما السلام متناوباً على القنا، قادماً على ابن زياد في الكوفة (٤٣٦).

كان حرملة من زعماء قبيلة أسد النجدية، ومن قيادات الجيش الأموي - النجدي، وهو صاحب المعاصي الكثيرة حتى تبرأ منه أهل وقومه، يتجاهر

٢٤٦

بالفسق والزنا واللواط وشرب الخمر في سكك الكوفة، ويتعداه إلى سب آل البيت عليهم السلام، وإيذاء شيعتهم الأبرار (٤٣٧)، ولِمَ لا وهو ابن زنا كما قال النسابة الأهوازي في كتابه "الأنساب والأحساب"، وأمه فتوة بنت كاهل الأسدي، كانت بالأصل أخته، وقد جامعها أبوها فولدت له أخيها(٤٣٨). ومثل هؤلاء يكونوا من أعداء الإمام الحسين عليه السلام ويقاتلوه ويأخذون الدراهم والدنانير على جرائمهم هذه، كما يقول الشيخ أبو حمزة الأثري في كتاب "أوضح البيان بشرح حديث نجد قرن الشيطان"(٤٣٩).

٨- سنان بن(ابي أنس) الاشجعي الايادي:

سنان بن ابي أنـس الآشجـعي من قبيلة أشجع، وهي من بطون غـطفان احدى قبائل نجد التي قاتلت النـبي صلّى الله عليه وآله في معركة الخندق (٤٤٠)، وهم اعراب من قبيلة فزارة، وفزارة من غطفان، وهي من مضر، ومضر هي احدى القبيلتين النجديتين المذمومتين على لسان سيد المرسلين محمد صلّى الله عليه وآله (٤٤١).

ويُـنـسـب سـنان الى اخيـه الاكـبر من غير امه، ويدعى حجـر بن ابي أنـس، حيث كان هذا الاخيـر متعلـقـاً بام سنان يـراودها دائماً (٤٤٢). وهي نهلة بنت صهيل الاشجعي (من قبائل نجد)، وكانت احـدى عـواهـر زمانها (٤٤٣)، حتى قدمت العراق مع قبيلتها، وسكـنـت الكـوفـة، وكانت صاحبة علم ومجون، حيث قدمت اولادها وبناتها لمن أحب اللواط او الزنا (٤٤٤)، فشكت الكوفة منها.

لقد كان سنان كوسج اللحية قصيراً، أبـرص اشـبـه الخـلـق بالشمـر اللعين (٤٤٥). أشـتـرك مع الخـوارج (٤٤٦)، وابـلى البلايـا الكـثيرة مع شيعـة العراق وبالاخص الكـوفـة، حتى لعـنـتـه الناس ولعنوا اُمـه (٤٤٧)، ثـم جـاء في يـوم عاشـوراء، ليصب جـام غـضـبه الشيطاني النجدي ضـد الحسين واهلـه واصحابه عليهم السلام. قـال البلاذري في كتابه" جـمـل من انسـاب

٢٤٧

الاشـراف" (٤٤٨)، انـه طعن الامام الحسين عليه السلام في تـرقـوتـه ثم انـتـزع الرمح فطعنه في بواني صدره، وكثير من الرواة يقولون انه هـو الملعون الذي ضرب الحسين عليه السلام بالسيف في حلقه واحتز رأسه عليها السلام، كما قال المسعودي في "مروج الذهب" (٤٤٩)، والطبري في "تاريخـه" (٤٥٠).

٩- حكيم بن(طفيل) السنبسي:

حـكـيم بن طفيل بن عمرو من بني السنبسي، وسنبس من قبائل نجـد (٤٥١)، ارتـد مع قـومـه عـن الاسلام، واصبح مع مسيلمة الكذاب، وكان على جبايته (٤٥٢)، وثم صار مع الخوارج في حروراء، بعد معركة صفين (٤٥٣)، ثم رجع الى الكوفة، والتصق بعبيـد الله ابن) زيـاد). ثـم شارك في قتال الحسين عليه السلام، كَـمِـن لابي الفضل العباس عليه السلام وضربه بالسيف على يده اليسرى فقطعها (٤٥٤). وهو ممن رمى الحسين عليه السلام بسهـم في يوم عاشوراء، وكان احد العشرة الذين رضّوا صدره الشريف (٤٥٥).

ذكـر ابن عبـد البر في" الاستيعاب" بعض مفاسـد هذه العائلة ونسب حكيم الى غير ابيه، بل قال المؤرخ عمر خالد العربي في كتابه" معجم قبائل الكوفة وحواضرها ": ان امه هي خالته بالاصل (٤٥٦)، نتسامى عن ذكـر تفاصيل القضايا.

١٠- عزرة بن(قيس) الاحمسي البجلي:

وهو من رؤساء بني احمس من قبيلة وهـن، احدى قبـائل بـجـلي، من قبائـل نجـد، كما يقول ابن سعد في" طبقاته الكبرى" (٤٥٧)، وابن حجر العسقلاني في" الاصابة في تمييز الصحابة" (٤٥٨).

ارتـد عن الاسلام مع بني حنيفة ونبيهم مسيلمة الكذاب، وكان حاجبه (٤٥٩)، ثم تاب وعـفى عـنه الخليفة الاول، ثـم اشترك مع الخـوارج في حربهم ضد الامام علي عليه السلام (٤٦٠).

٢٤٨

وكان من اهم رجالات الحزب الاموي في الكوفة، وممن كتب للامام الحسين عليه السلاميدعوه الى الكوفة، كما يقول الـدينـوري في" الاخبار الطوال" (٤٦١)، والطبري في تاريخه (٤٦٢). ثم عكف على قتاله، وكان من رؤساء قـتلة الحسين عليه السلام،كما جاء في كتاب" انساب الاشراف" للـبلاذري (٤٦٣)، وقائد الفرسان ويقود خيالة جيش عمر بن سعد، وهـو ممن وفـد بالـرؤوس على عبيدالله بن زياد، كما يقول ابن كثير في" البداية والنهاية" (٤٦٤).

ويـنـقـل ابو بكر التميمي في كتابه" تاريخ الخلافة الاموية" (٤٦٥): ان عـزرة كان ابن زنـا، وقتل امه هودة بنت حفش بن شحنة من بني هوازن، بعد ان أخذ اموالها التي اكتسبها من الزنا، وقد تجاهـر بالفسوق والعصيان، وكان يبيع الخـمـرة في سـكك الكـوفـة (٤٦٦).

١١ - مالك بن(بسر) البدائي الكندي:

هو مالك بن (بسر) من بني بداء من قبيلة كندة من اعراب نجد (٤٦٧). ارتد مع قـومه ليكـونوا في جيش طليحة الاسدي المتـنـبىْ، وكان على راس ميمنـة جـيـشه (٤٦٨)، في قتال المسلمين، ثـم تاب على يـديّ الخليفـة الاول (٤٦٩)، ثـم انتـقـل الى البصرة ليكون مع جيش عائشة بنت ابي بكـر، وعاش فيها بعد وقـعـة الجمل مع كثير من بني قومه (٤٧٠).

جلبه عـبيـد الله (ابن زياد) معه من البصرة، حينما قـدم الكوفة (٤٧١). وكان شـديداً مع الشيعـة وسادتها، واذاقهـم المـوت الـزوأم، مدافعـاً عن آل أُمية، فتاكاً لا يبالي على ما اقدم عليه (٤٧٢). وكان من بـؤس عـاقـبته ان اشتـرك في قـتال الامام الحسين وضربه على راسه المبارك عليه السلام بعد ان شتمه، فالقى الامام القلنسوة ودعا بخـرقـة فـشدّ رأسـه بالخـرقـة، وقـد اخذ

٢٤٩

مالك برنـس الامام عليه السلام، كما يقول القاضي النعمان في كتابه" شرح الاخبار" (٤٧٣).

وكان ابن زنـا (٤٧٤)، وامـه سـودة بنت جبيل من بني مـري النجـدية، وهي من العـواهـر الفاحشات قـتـلـت زوجها، حينما اتهمها بمولودها (مالك)، حسب قـول الحارث الفهري في كتابه" الاكليل في اخبار انساب العرب" (٤٧٥).

ونكـتفـي بهذا القـدر من التعـريف بـزعـماء وقـادة جيـش ابن سعـد، وقـد ظهـر مما تـقـدم، ان كل هولاء كانوا من اعـراب نجـد وقبائلها المنحوسـة، وقـد اشتـركوا في صـفات قـلّ ان تجـدهـا مجتمعة في غـيرهـم، وكأن الشـيـطان قد حاص فيهم وباض فجـمع حـزبه، ولّـمّ رفـاقه، فكانوا هـم، اشتركـوا في حروب الـردة، وكانـوا من قـادتـها وكـبارهـا، ثم في حـرب الخـوارج فـكانـوا من سادتـهـا وبطانـتـها، ثـم جمعـتـهم صفات العـهر والرذيلـة والشقاق والكـفـر فكانـوا هـم أهـلاً لهـا!، وها هـم مجتمعـون متحـدون في يوم عاشوراء امام أسـمى وأطـهـر الخلـق طُراً بعد جـده وابيـه وامـه وأخيـه (صلوات الله عليهم اجمعين).

وربما يتساءل القارئ الكـريم، مـا لهـؤلاء والامام الحسين عليه السلام، حتى يُـراسـلوه ويكـتـبوا الكـتب تلو الكـتب يـدعـونـه للقـدوم الى العـراق، هـل أفـاق الضمـير والصدق عندهـم حتى عـرفـوا الحق والامامة فـأردواهـا، أم حـاجـة في نفـس معاوية ويـزيـد قضـوها لـهما؟!.

ورد في كتب المؤرخيـن ان عـدة من رؤساء القبائل النجدية التي عاشت في الكوفة بعثـوا برسـائل كثيـرة للامام الحسين عليه السلام (٤٧٦)، واُخـراها كانت مع سعيد بن عبد الله الثقفي النجدي ومعه كتاب واحد من شبث بن ربعي اليربوعي، ومحمد بن عمير بن عطار بن حاصب التميمي، وحجار بن ابجر العجلي، ويزيد بن الحارث بن يزيد بن رويم الشيباني، وعزرة بن قيس الاحمسي، وعمرو بن الحجاج الزبيدي، وبريد بن الحرث، محمد بن

٢٥٠

الاشعث بن قيس الكندي (وكلهم من اعراب نجد)، جـاء فيه: امابعد، فقد أخـضر الجـناب، وايـنعـت الثمار، وطمت الجـمام، فاذا شئت فاقـدم علينا، فانما تـقـدم على جـنـد لك مجـنـدة. هذا ما ذكره ابن الاثير في " الكامل في التاريخ" (٤٧٧)، والـدينوري في" الاخبار الطوال" (٤٧٨)، والبلاذري في" جـمـل من انساب الاشـراف" (٤٧٩)، وابـن كـثـيـر في " البداية والنهاية" (٤٨٠).

وهـؤلاء هـم انفسهم الذين خاطبهم الامام الحسين عليه السلام يوم عـاشوراء ووصفهم: بانهم شيـعـة آل ابي سـفـيان (٤٨١)، وهـؤلاء القوم لم يكـونـوا يُـعـرفون بـالـتـشـيع لعلي ولا لآل علي، ولا مـولاة لفـاطمة ولا لآل فاطمة عليهم السلام. بـل ان كـل المؤرخـين والمحـدثيـن وأصحاب الانـساب، وصفوا هـؤلاء القوم بالعـداء السافر والصريح لعـلي وفاطمة وآلـهـما عليهم السلام، على طول تاريخهم الاسود، بـل لم تسلـم الشيعـة من ظلمهم وجرائمهم (٤٨٢)، وهل يُعقل ان يقول الشيعي الى امامه ان الصلاة لا تُقبل منك، وهي مقبولة عند الله من ابن زياد؟! (٤٨٣)، او يتجرأ القائل ليقول لسبط الرسول (صلوات الله عليهم): أن أبشر ياحسين بالنار؟! (٤٨٤).

لا يمكن بحال من الاحوال ان تنطلي هذه الكذبة على من له عقل سليم... بل الحقيقة ان هنالك أناس جُبلوا على بُغض النبي صلّى الله عليه وآله،وعدائهم الصريح والقبيح لكل من يمتُّ للنبي وآله بصلة (عليهم أفضل الصلاة والسلام). والصحيح في القـول ان هـؤلاء قـد اجتمعـت كلمتهم على أمـرِ واحـد واتـفـاق مُـسـبق وشـعار كـبيـر، وهـو: أُقـتـلـوا أهـل هـذا البيـت، ولا تُـبـقـوا لهم من بـاقـيـة (٤٨٥)، وهذا ما اجتمعت عليه قلوب واهواء أهل نجد... فهذا بديل بن صريم التميمي النجدي القائل للامام الحسين عليه السلام:إنما نقاتلك بغضاً لابيك (٤٨٦)، او بكير بن حمران من بني اشجع النجدية، حيث يقول للامام الحسين عليه السلام:ان الصلاة لا تُـقبل منك (٤٨٧)، وينبري الجراح بن سنان من بني اسد النجدية، ليقول: أبشر

٢٥١

ياحسين بالنار (٤٨٨)، ويتجاسر الملعون بشر بن خوط من بني هوازن النجدية، ليقول للحسين عليه السلام:يا كذّاب بن الكذّاب (٤٨٩). حتى يصل الامر الى يحيى بن الحكم بن العاص الاموي - النجدي، ليقول الشعر في مجلس يزيد بن معاوية وعنده سبايا آل الرسول صلّى الله عليه وآله:

سمية أمسى نسلها عدد الحصا وبنت رسول الله ليس لها نسل (٤٩٠).

بالله عليك - ايها القارئ الكريم - هل ان هذه الكلمات تصدر من اقوام يتشيعون ويوالون علي وفاطمة وآلهما عليهم السلام، ام انهم مسلمون سمعوا من النبي الاكرم صلّى الله عليه وآله، في مدح آله والثناء عليهم عليهم السلام، فضلاً عن آيات القران الكريم.

وروى الشيخ الكليني باسناده عن الامام الصادق عليه السلام (٤٩١)، في وصف واقعة الطف بقوله: واجتمع عليه خيل اهل الشام واناخوا عليه، وفرح ابن مرجانه وعمر بن سعد بتوافر الخيل وكثرتها، واستضعفوا فيه الحسين واصحابه عليهم السلام.

ولا يسع المجال، بل ليس من اختصاص هذا الكتاب ان نـتـنـاول موضوع حركـة الحسيـن عليه السلام نحو الكـوفة، وهل هي كانت مـؤامـرة امـويـة - نجـديـة - خارجية، خُـطـط لها ايام معاوية بن ابي سفيان، ونـفـذّها يـزيـد واعـوانه.

كما لا ننسى الاصابع الخبيثة لليهود والنصارى في الكوفة والبصرة او غيرهما، وقد لعبوا الدور الواضح والخطير في تجيش العداء والكراهية والانتقام من آل البيت عليهم السلام وشيعتهم الابرار (رضوان الله تعالى عليهم) (٤٩٢).

لقد زُعـزع بالامام الحسين عليه السلام من المدينة المنورة وأُخـرج بغـير رضاه (٤٩٣)، حتى وُصف بالاية الكريمة:( فخرج منهاخائفا يترقب ) سورة القصص، الاية ٢١، فحينما وصل الامام عليه السلام الى مكة المكرمة، وبقي فيها فترة، والكل يتوقع اقامته فيها، والحج على الابواب لكنه عليه السلام حلّ احرام حجـه، وابدلها الى عمرة مفردة (٤٩٤)، وعـزم عـلى السفر الى العراق. بعد ما وصلت

٢٥٢

اليه انباء قـطعـية من ان يـزيـد قـد أرسل اليه مـن يـقـتـله (٤٩٥)، وإن كان متـعـلقـاً بأسـتار الكعـبة (سلام الله عليه)(٤٩٦). وذلك حفاظاً عـلى حـرمة الكعبة والبيت الحـرام من ان تُـنـتـهـك بقـتـله فيها. وهذا ما أكـده الامام الحسين عليه السلام في معرض حديـثٍ لأحد اصحابه بقوله: لان اُقـتل بمـكان كذا وكذا، أحب الـيّ مـن ان يُـسـتـحل حرمتها بـيّ (اي الكـعبة)، كما اورد ذلك الطبراني في تاريخه (٤٩٧)، وابن عساكر في " التهذيب" (٤٩٨)، وابن كـثـيـر في" البداية والنهاية" (٤٩٩)، والمـحـدث الذهـبـي في"سير اعلام النبلاء" (٥٠٠).

وفي هذا السياق، فقد بـيّـن ابن عباس في ردّه على كتاب يزيد بن معاوية لـيـستـرضيه بعد مقتل الحسين عليه السلام، فقال مخاطباً له ومـؤنـبـاً:" فما أنسى من الاشياء، فلست انسى إطـرادك حـسيناً من حـرم رسول الله صلّى الله عليه وآله الى حرم الله عزّ وجـلّ، وتـسيـيـرك اليه الرجـال لـقـتـله في الحـرم، فما زلـت بـذلك وعـلى ذلك حـتى اشخـصته مـن مـكة الى العـراق، فـخـرج خائـفـاً يـتـرقب " هـذا ما نقـله الـفـسوي في كتابه" المعرفة والتاريخ " (٥٠١)، والخـوارزمـي في" مقتل الحسين عليه السلام " (٥٠٢)، وابن عـساكر في" تاريخ مدينة دمشق" (٥٠٣)، واليعقوبي في تاريخه (٥٠٤)، وابن لاثير في" كامل تاريخه" (٥٠٥)، والطبراني في" المعجم الكبير" (٥٠٦).

وفي كربلاء المقدسة يقول الامام الحسين عليه السلام لاصحابه (رضي الله عنهم وارضاهم): انـما يـطـلـبونـنـي وقـد وجـدونـي، وما كانت كُـتـبُ مَـن كَـتـبَ الـيّ فـيـما أظـن الاّ مـكـيـدة لـي، وتـقـربا الى ابـن مـعـاوية بيّ، كما اورده البلاذري في كتابـه" جمل من انساب الاشراف" (٥٠٧). فاذن لم تكن تلك الرسائل من غير قادة الشيعة والموالين، إلا لمساومة السلطة الاموية والحصول على الاموال ومتع الحياة، كما يقول كمال الدين الشافعي في كتابه" مطالي السؤول" (٥٠٨).

٢٥٣

وقد أجاد نافع بن هلال الجملي وعمر بن خالد الصيداوي ومولاه، حين لقائهم بالامام الحسين عليه السلام في طريقه الى كربلاء، في وصف اولئك الذين راسلوه عليه السلام،بقوله: يا بن رسول الله صلّى الله عليه وآله،اما أشراف الناس فقد عظمت رشوتهم ومُـلئت غرائرهم، وما كتبوا اليك إلا ليتخذوك سوقاً ومكسباً، وهم غداً عليك إلباً واحداً (٥٠٩). ولهذا الحديث من صلة.

وبالاجمال فان الشواهـد والدلائل، تـؤكـد النظرية القائلة بأن جُـلّ من حضر في كربلاء المقدسة من قادة وجنود، وقبائل ومجاميع وفُـرادى، كانت بالاصل والفرع من ارض نجـد المنحوسة، قد سكنوا الكوفة والبصرة والشام.

وقد عرفت - ايها القـارئ الكـريم - ان الكوفة كانت مليئة بأعراب نجـد من قبائل: أسـد، كـنـدة، تـمـيـم، هـوازن، أشـجـع، تيم الرباب، حنيفة، وغطفان، و و....، وكل هـؤلاء قـد وصلـوا ال العراق، وسكـنـوها خلال العقديـن الماضيـيـن، وقـلـبـوا مـوازين القـوى وطبائع تلك المدن وتقاليدها وعـقـائد اهلها، لصالح نـجـد وطباعها وتقاليدها وعقائدها، راجع الخارطة رقم (١و٢).

وما ذكرنا من بعض اسماء وعناوين ممن اشترك في قتال الحسين عليه السلام، فـقـد خصصناها لبعض رؤساء وقادة تلك القبائل، الذين وحـدتهم صفة الحـرام والعهر، فكانـوا ادعياء لغـيـر آبائهم، واولاد حـرام بلا استـثـنـاء، وقد اكـتـفـيـنا بتعـريـة سـاداتهم من آل أمية، وممن تـسـنّـمـوا منصب الخلافـة واصبحوا قـادة للمسلمين، ونغض النظر عن الباقين، فهم مصداق الشاعر حينما يقول:

اذا كان رب البيت بالدف ضارباً فـشـيـمـة اهـل البـيـت كلهم الـرقـص ولم تتوقف جرائم اولئك الفـجـرة الكـفـرة، بل اخـذت اعمالهم وجرائمهم تـنـتـقـل من جيل الى جيل ومن نسل الى نسل، فهذا مسلم ابن احوز بن حرقوص بن مازن بن ماللك من بني تمـيـم النجدية، شـارك في قـتـل يحيى

٢٥٤

بن زيد بن علي بن الحسين عليهم السلام وصلبه لسنوات على باب الجوزجان سنة ١٢٥ للهجرة، كما قال البلاذري في كتابه" جمل من انساب الاشراف" (٥١٠).

ولنختم هذا الفصل المحزن المبكي لما حـلّ بالاسلام وائمة الهدى عليهم السلام على ايدي اعـراب نجـد وسفـلة قـريـش وبـقـيـة الاحـزاب والطلقاء وابناء الطلقاء ببعض الاحداث التي رافقت نهضة المختار، حيث تقول الوقائع انه حينما اصطف الفريقان للقتال في منطقة نـصيـبـيـن بمكان يُـقـال له خـازر (٥١١). وكذلك الامر يتكرر في معركة الكوفة، فقد اجتمعت كـنـدة وبـجـيـلة والـنّـخـع والازد وخـثـعـم وقيـس وتـيـم الرباب في جـبّـانـة مـراد واميرهم رفاعـة بن سوار، كما اجتمعت ربيعة وتميم واسـد في جـبّـانـة الحشاشيـن واميرهم عمرو بن الحجار (٥١٢)، وفيهـم قتـلـة الحسين عليه السلام، امثال شمر بن ذي الجوشن، عمر بن سعد، محمد بن الاشعث واخاه قيس، وشبث بن ربعي، الحصين بن نمير السكوني وغيرهم، وهولاء جميعاً بدون استثناء من قبائل نجد الممسوخة واعرابها، وقابلهم المختار بشيعة العراق والكـوفة والـفـرس وهـم اغـلـب جـيـشه واميرهم ابراهيم الاشتر، كما يصفها الدينوري في كتابه" الاخبار الطوال" (٥١٣).

وحينما امر المختار ان تُـهـدم بـيـوت قـتـلة الامام الحسين عليه السلامومن شارك في قتاله(سلام الله عليه)، فهل هُـدمّـت إلاّ بيوت اولئك الاعـراب من تـمـيـم وكـنـدة وثـقـيـف واسـد وهـوازن؟! (٥١٤).

لقد حاولنا جاهدين، ان نكشف جزءاً يسيراً من خبايا وخفايا هذه الارض المنحوسة المغضوب عليها، ونؤرخ لبعض المحطات التاريخية التي كان لاهل نجد واعرابها اليد العليا في تكوينها ومجراياتها ومساراتها، والتي ما كانت لتتخطى مصالحها الضيقة واهوائها الشيطانية، متعتمدة على قوة السلاح وهمجية الاستفادة منه، بلا حدود او ضوابط شرعية او انسانية.

٢٥٥

ونحن نعترف بالتقصير والقصور، في استيعاب الامر او - على الاقل - الاحاطة بمعظم جوانبه... وهذا ما يضاعف الهمة للاخوة الاعزاء في مواصلة مسيرة البحث والتدقيق، والافراج عما حاول الاعداء اخفاءه عن انظارنا واسماعنا على طول القرون الماضية.

اما على الطرف الاخر فقد اجاد المؤمنون الدور والعهد للذود عن الاسلام واهله، المتمثل بالحسين واهل بيته عليهم السلام، فوفوا بالبيعة وكانوا خير مصداق لقوله تعالى:"( فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ) سورة ألاحـزاب، الاية ٢٣.

فقد راسلوا الامام الحسين عليه السلام، ودعوه الى الكوفة لنصرته، وكانوا معه وعلى نهجـه، منهم سليمان بن صرد الخزاعي، حبيب بن مظاهر، هاني بن عروة، برير بن خضير، رفاعة بن شداد، عبد الله بن وائل، سعيد بن عبد الله، المسيب بن نـجـبة، وآخرون كثيرون، بل يذكر العلامة الامين العاملي ان شيعة البصرة قد اجتمعوا (خُفية) في جيش بقيادة يزيد بن مسعود النهشلي، لنصرة امامهم، فجاءهم خبر استشهاده عليه السلام (٥١٥). وهذا ما يحتاج لبحث مستقل نتناول فيه اصول هولاء وقبائلهم في المستقبل القريب، بأذن الله تعالى.

لا نبـرّأ اهل العراق، والكوفة بالذات من تحمل المسؤولية في قضية الحسين عليه السلام، ولم نحاول في هذا الموضوع ان ننقص من الحرام والعار الذي لحق بهم في عدم نصرة ابن بنت نبيهم (صلوات الله عليهم)، وما وجدناه في بحثنا، وما كشفت عنه المصادر العامة والخاصة، تـنم عن تخاذل أهل الامصار من البصرة والمدائن وبالاخص مدينة الكوفة واهلها الاصيلين في تقديم العون والنصرة لامامهم أبي عبد الله الحسين عليه السلام.

اما لم نـعـثـر وحسب اطـلاعـنـا، على وجـود أيـة قـوى شيـعـية او قـواعـد شعـبـيـة تـعـتـقـد بعلي وآله عليهم السلام، قـد اشتركوا بالنار والحديد ضد سبط الرسول الاكرم صلّى الله عليه وآله، في واقعـة كربلاء العظيمة. بل العكس، فهنالك الشواهد العديدة

٢٥٦

التي أظهرت ولاء العـراقيين لآل البيت عليهم السلام، ولهذا وجدنا عزيمة ابن زياد واعوانه وانصاره في التنكيل بالشيعة وعوائلهم واهليهم، على طول خط حكومة الامويين (كما مر بنا)، واشتد سعيرها مع قدوم مسلم بن عقيل عليه السلام إلى الكوفة، وضرب الطوق الامني حول الكوفة والبصرة وبقية الامصار العراقية، لمنع الشيعة من الاقتراب الى مسرح الجريمة (٥١٦)، وأقدم ابن زياد قبل مجيئه للكوفة، على حجز وسجن (٥٠٠) خمسمائة من رجالات الشيعة في البصرة لوحدها، لتفريغها من الزعامات الهامة الشيعية، والتي قد تتحرك في اية لحظة لنصرة امامها عليه السلام (٥١٧)، ومثل ذلك تعرضت اغلب المدن والقرى الشيعية على طول العراق وعرضه، وفي الكوفة كانت الطامة الكبرى، حيث القتل بالسيف، والرمي من شاهق، إلى سحب الجثث بالشوارع، هذا عدا السجن والتعذيب والمطاردة وهدم البيوت، وكمّ الأفواه، وبثّ الشائعات والتسقيط والتسفير، حتى بات الرجل يخاف من زوجته وبنيّه وغلمانه.

لقد جزعت الشيعة وفزعت على فقد امامهم عليه السلام،وأحسّوا بالذنب الذي اقترفوه، وشعوروا بالحرام الذي تلبّسوا به، وندموا على ما قصّروا به في نصرة مسلم بن عقيل رسول الحسين عليهم السلام،وثم ما حـلّ بآل الرسول صلّى الله عليه وآلهفي كربلاء المقدسة!!!.

وهذا لعمري حال الشيعة مع بقية ائمتهم وقادتهم ومراجعهم، وليست فاجعة الشهيد السيد الصدر واخته الفاضلة بنت الهدى، ببعيدة عن اذهان وقلوب وضمائر العراقيين، لكي يبقى صدام واعوانه يفعل بالعراق وشعبه، طيلة ثلاث عقود، كفعلة ابن زياد واعوانه.

ان هذا العار والبلاء والحرام الذي حلّ بالعراقيين عامة وبأهل الكوفة خاصة، لا تزوله مياه الارض والسماء، ولا تطهره ثورات التوابين، ولا دموع الباكين، حتى يظهر القائم من آل محمد عجل الله تعالی فرجه الشريف، فيكونوا معه على العهد والوفاء والبذل في

٢٥٧

طاعته وخدمته، فيأخذوا الثار، ويُقيموا دولة الحق، ويُرجعوا النصاب الى أهله، ويُرضوا ابن الزهراء عليهما السلام، بنصرته في الدفاع عن الدين واهله.

اننا لم نأتي بشي جديد، ولم نقول إلاّ ما قرأناه وفهمناه، على حد وسعنا، واذا كان هنالك خلل فيه، او سوء تعبير، فمرده في قلة علمنا، وضعف إدائنا، وهـذا ما يتطلب جهـداً كبيراً آخر، نضيفه في المستقبل للكشف عن الحقائق، وعرضها للناس، ونقولها بكل صراحة ووضوح أننا نلتزم بما يقوله كبارنا وعلمائنا، ولا نتخطى قيد انملة، ودقة شعرة، عما يقولوه ويؤمنوا به.

ولكـي لا نبخس الناس اشيائهم، وجـريـاً على قاعـدة " يُـخـرج الطيب من الخبيث"، تظهـر امامنا اسماء لشخصيات اسلامية عالية، كانت صادقة في ايمانها، مجاهـدة بنفسها، باذلة الغالي والرخيص في سـبـيـل دينها ونبيها وآله عليهم السلام، وهي تحمل اسماء قبائلها كتـمـيـم، وحنـيـفـة، وكـنـدة، وفـزاري، وسـبـيـع، و.. و...، فكانـوا من خيـرة الصحابـة مع النبي صلّى الله عليه وآله، ثـم مع الامام علي عليه السلام، وقـد تـشـرف بعضهم ليـكـونـوا مع الامام الحسن ومن ثم مع الامام الحسين عليهما السلام، وقـد ابلـى بعضهم بلاءاً حسـنـاً في واقعـة كربلاء المقدسـة، وهذا ما يستدعي البحث والتنقيب لمعرفة اصول وانساب هؤلاء أيـضاً، وانتمائهم الى تلك القبائل التي عاشت ونمت في منطقة نـجـد المـمسوخة المـذمـومة والمنحـوسـة. والتي ذكـرناها بالاسم والرسم، وكانت محطـة كل لعنـة، ومدار كل غضب الهي.

وقـد حـلّـت بركة أهل البيت بنقاء ذواتهم الكريمة، ولطفهم بشيعتهم عليهم السلام، لتشمل كثيراً ممن بقوا في العراق من اؤلئك القبائل النجدية، وأظهروا التشيع والولاء لآل البيت عليهم السلام، بان تتبدّل تلك النفوس الخبيثة العفنة النجـديـة، الى

٢٥٨

شيعة ابرار ونفوس طاهرة وقـلوب مفعمة بالولاء والحب لآل البيت عليهم السلام، فالله تعالى مقـلّـب للقلوب والابصار، يهدي من يشاء الى صراطه المستقيم.

وافضل مثال لتلك البيوتات الطاهرة، التي خرجت من أوثان جاهليتها، وادران قبائلها، واحقاد عشائرها، لتلتحق بركب الطُهر والايمان، وتعطي قلوبها بيد من أنتخبهم الله تعالى لهداية الامم وسعادة البشر، فمن تلك القبائل، هي بني أسد بن خزيمة المضرية النجدية (٥١٨)، التي كانت محط لعنات السماء وغضب الجبار، ولم تتأثم من عمل الحرام والمنكر أيِ كان معدنه، وعلى من تقع عواقبه، وقد ذكرنا بعض مثالب هذه القبيلة النجدية، بين طيات هذا الكتاب، ولا نروم اعادتها، لكن ما يُناسب المقام، ان بيوتات من هذه القبيلة، قد وقفت مع الحق ودارت معه وكانت خير نصيرِ للدين وأهله، وقدمت نماذج للايمان والفداء، تفتخر بها تللك البيوت الطاهرة، ونحن نفتخر معهم بها، ومن تلك النماذج الحية نُشير (على سبيل المثال)، بالصحابي الجليل حبيب بن مظاهر، وأنس بن حرث، ومسلم بن عوسجة، وقيس بن مسهر، وموقع بن ثمالة، وعمر بن خالد الصيداوي وغيرهم، بل يكفينا فخراً وعزاً، ان نسمع ان نساء من بني أسد جئن للطف بعد العاشر من محرم الحرام، فرأيين الاجساد الطاهرة في الفلوات، فرُحن للأهلن بالبكاء والعويل ورجعن مع آلاباء والازواج والاولاد، لدفن تلك الاجساد الطاهرة، فأنعم الله تعالى عليهم (بعد تلك النية الصادقة)، ليكون الامام السجاد عليه السلام، هو الموجه والمنظم لذلك البرنامج الالهي في دفن الأجساد الطاهرة، وقد باركت السماء والارض بهم، بل خلد التاريخ تلك اللفتة الكريمة من بني أسد على صفحاته المشرقة، حتى قيام الساعة (٥١٩).

٢٥٩

فالى كل القبائل والعشائر التي ذكرناها بالاسم والرسم، التي كانت اصولهم من نجد يوماً ما، ثـم عرجوا الى ارض المقدسات والطهارة... العـراق... فـعُـجـنـوا بطينة الولاية والهداية، ورُزقـوا الخيرات من ارض الشهادة، فاصبحوا من شيعة علي عليه السلام،نرفع اليهم ازكى الدعـوات، واعلى آيات التقدير والثناء، ونستميحهم عـذراً بذكـر حياة وعادات وطبائع اولئك الوحوش الانسية، التي ما شمت من ألطاف الولاية، ولا من نسيم الانسانية شـيئاً!!!.

٢٦٠