سلسلة مجمع مصائب أهل البيت عليهم السلام الجزء ١

سلسلة مجمع مصائب أهل البيت عليهم السلام9%

سلسلة مجمع مصائب أهل البيت عليهم السلام مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 436

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤
  • البداية
  • السابق
  • 436 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 211347 / تحميل: 6679
الحجم الحجم الحجم
سلسلة مجمع مصائب أهل البيت عليهم السلام

سلسلة مجمع مصائب أهل البيت عليهم السلام الجزء ١

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

الشهيد مسلم بن عقيلعليه‌السلام

المجلس الأول: القصيدة: للسيد مهدي الأعرجي ت: ١٣٥٩ه

المجلس الثاني: القصيدة: للسيد صالح الحسيني الحلي ت: ١٣٥٩ه

المجلس الثالث: القصيدة: للشيخ محمد بن الشيخ صادق الخليلي ت: ١٣٨٨ه

المجلس الرابع: القصيدة: للمرحوم قاسم الحلي ت: ١٣٧٤ه

وللسيد باقر الهندي ت:١٣٢٩ه

المجلس الخامس: القصيدة: للشيخ عبد الحسين الحويزي النجفي الكربلائي

المجلس السادس: القصيدة: للسيد محمد مهدي بحر العلوم ت:١٢١٢ه

المجلس السابع: القصيدة: لمؤلف الكتاب المولود ١٣٨٢ه (عفا الله تعالى عنه)

٢٤١

٢٤٢

الشهيد مسلم بن عقيلعليه‌السلام

مسلم بن عقيل بن ابي طالب، ولد في المدينة المنورة، ولم يضبط المؤرخون سنة ولادته، إلا انهم ذكروا ان سِنَّة يوم شهادته كان اما ٣٤ او ٣٨ سنة على اختلاف بين الروايات. ولعل الثاني اظهر، لأنه كان مع عمه في صفين سنة ٣٧ه أميراً على فيلق حرب. تربى مسلم في بيت عمه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، ومنه اخذ علومه واخلاقه، ومن ثم لازم الحسن والحسين (عليهما‌السلام ) فتلعم منهما دروس الحياة، تزوج بابنة عمه علي بن أبي طالبعليه‌السلام رقية الكبرى شقيقة عمر الاطرف، وبعد وفاتها تزوج باختها رقية الصغرى، وامها ام ولد وهي ام عبد الله بن مسلم الشهيد بكربلاء. لمسلم بن عقيلعليه‌السلام خمسة او ستة من الاولاد: عبد الله، ومحمد الاكبر، ووهما من شهداء الطف، وابراهيم ومحمد الاصغر، اللذان قتلهما طاغية بعد واقعة الطف طلباً لجائزة الفاسق عبيد الله بن زياد، للمزيد راجع امالي الصدوق. وله بنت اسمها حميدة، حضرت مع خالها الحسينعليه‌السلام كربلاء، وهي طفلة، وقيل غير ذلك.

والخلاصة: ان مسلما كان مثلاً للاخلاق والصلاح، وهو من ابرز شهداء الثورة الحسينية، كما قدم اربعة من الشهداء في سبيل الحق، لذلك يحق لي ان اسمي اسرة مسلم بأسرة الشهيد والشهادة.

***

٢٤٣

المجلس الأول

القصيدة: للسيد مهدي الأعرجي

ت ١٣٥٩ه

خان الزمان بنا فشتتنا كما

خانت بنو صخر ببيعةِ (مسلمِ)

لم أنسه بين العدى وجبينُه

كالبدرِ في ليل العجاجِ المظلم

أفديهِ من بطل مهيب إنْ سطا

لفّ الجموعَ مؤخرا بمقدَّم

شهم نمته إلى البسالة هاشمُ

والشبلُ للأسدِ المجربِ ينتمي

حتى إذا ما أثخنوه بالضبا

ضربا وفي وسط الحفيرةِ قد رُمي

جاؤوا إلى ابنِ زيادَ فيه فمذ رأى

للقصر قد وافاه غيرَ مسلِّم

قال اصعدوا للقصر وارموا جسمَه

ومن الوريدينِ اخضبوه بالدم

صعدوا به للقصر وهو مكبَّل

تجري دماه من الجوارح والفم

قتلوه ظامٍ لم يُبلَّ فؤادهُ

أفيده من ظامِ الحشا متضرِّم

دفعوه من أعلا الطِمارِ إلى الثرى

فتكسّرت منه حنايا الأعظم(١)

(نصاري)

يمسلم وين ذاك اليوم عمَّك

يجيك ايعاينك غارج ابدمَّك

____________________

(١) - ديوان شعراء الحسين ص١٨٠.

٢٤٤

وحيد او محَّد من الناس يمَّك

غريب ابهل بلد مالك تچيه

يمسلم وين ذاك اليوم عباس

يجيك بشيمته ومفرّع الراس

او يشوفك يوم صابك نذل

وهويت من الگصر فوك الوطيه

(بحر طويل)

من دارت عليه الگوم او من صارت عليه لَّمه

كون احسين يو عباس يسمع نخوته او يمَّه

ومن ضربوه على راسه او جسمه اتخضب ابدمَّه

مثل ما خضبوه بالدم يردها امخضبه ابدمها

مقتول او غريب الدار ما من صايحه الصاحت

عليه اشلون أبو طاهر ولا من نايحه الناحت

غيرتها وحميتها من عدها العدى راحت

لا ناعي لخوته الراح يندبها او يحشمها

(أبوذية)

عدوك كيف يا مسلم تجاره

ابحبل جسمك يشدونه تجاره

لمصابك دمع عيني تجاره

او عليك الروح يا مسلم شجيه

مسلم بن عقيلعليه‌السلام على باب دار طوعة

ذكر أرباب السير أن مسلم بن عقيل بايعه ثمانية عشر ألفاً من أصل الكوفة ولكنه ما إن دخلها عبيد الله بن زياد وهدد الناس وتوعدهم وصار يبحث عن مسلم تفرقوا عنه. قال المفيد في الإرشاد: كانت المرأة تأتي ابنها

٢٤٥

وأخاها فتقول انصرف الناس يكفونك ويجيء الرجل إلى أخيه وابنه فيقول غدا يأتيك أهل الشام فما نصنع بالحرب والشر انصرف فيذهب به فينصرف فلم يبق معه سوى عشرة أنفس فدخل مسلم المسجد ليصلي المغرب فتفرق العشرة عنه فلما رأى ذلك خرج وحيدا في دروب الكوفة حتى وقف على باب امرأة يقال له طوعة فرأها مسلم فسلم عليها، وردتعليه‌السلام ، فقال: اسقني فسقته ودخلت إلى بيتها وخرجت فرأت مسلماً جالسا على باب دارها قالت: يا عبد الله ألم تشرب الماء؟ قال: بلى، فقالت له: فاذهب إلى أهلك فسكت ثم أعادت القول ثانية فسكت مسلم فقالت له أصلحك الله لا يصلح لك الجلوس على باب داري ولا أحله، قال: يا أمة الله مالي في هذا المصر أهل ولا عشيرة فهل لك أجر ومعروف أن تضييني سواد هذه الليلة، ولعلي مكافئك بعد هذا اليوم؟ قال: من أنت؟ قال: أنا مسلم بن عقيل(١) (وا مسلماه، وا سيداه، وا غريباه) وهكذا بقي وحيدا فريدا غريبا؟!

(مجردات)

يگلها او عينه مستدبره

لا أهل عندي ولا عشيره

غريب او عماتي ابغير ديره

او مثل حيرتي ما جرت حيره

انه مسلم الفاجد نصيره

(نصاري)

اجت ليه العفيفه واسجته ماي

وگالت گوم شنهو گعدنك هاي

لا تگعد يروحي وماي عيناي

گوم او روح لهلك چاهلك وين؟

____________________

(١) - الدمعة الساكبة ج٤ ص٢١٦. إرشاد المفيد. اللهوف لابن طاووس.

٢٤٦

ونّ ونّه ايتگطع منها الفواد

يهل حره هلي ما هم بالبلاد

غريب الدار واهلي عني ابعاد

وين اهي هلي ما هم جريبين

اظن مسلم وغيرك موش مسلم

هله وكل الهله ولعَلَليْ لخدم

انه طوعه يبعد الخال والعم

كثير اهلا يعزّ الهاشميين

(أبوذية)

انه مسلم وعندچ ضيف هاليل

افرحت طوعه ومنها الدمع هليل

على رحب اوسعه والوجه هاليل

بسرور اتفضل ومنه عليه

فأدخلته إلى بيتها وفرشت له وعرضت عليه العشاء ولم يتعش ولم يقض في بيتها تلك الليلة حتى أخذ أسيراً إلى عبيد الله بن زياد مثخنا بالجراح تترف الدماء من جسده الشريف.

(أبوذية)

يحيدر لحِّگ المسلم وشلها

عليه هجمت الماتنزد وشلها

تدري ادموعنه صفّت وشلها

او ناره ابكل گلب ظلت سريه

وأكثر من ذلك أنهم رموه من أعلى القصر وسحبوا جثته في أزقة الكوفة والمنادي ينادي عليها بالهوان:

عاده اليستجير ايكون ينجار

وعن قتله حليف الشرف ينجار

مثل مسلم صدگ بالحبل ينجار

وتتنومس ابقتله اعلوج اميه

***

فإنْ كنتِ لا تدرينَ ما الموتُ فانظري

إلى هانيَ في السوق وابنِ عقيلِ

٢٤٧

المجلس الثاني

القصيدة: للسيد صالح الحسيني الحلي

ت ١٣٥٩ه

لو كان ينفع للعليل غليلُ

فاض الفراتُ بمدمعي والنيلُ

كيف السلوُّ وليس بعد مصيبةِ ابـ

ـنِ عقيلِ لي جلدُ ولا معقول

خطب أصاب محمدا ووصيَّه

لله خطبٌ قد أطلّ جليل

أفديه من فاد شريعةَ أحمدٍ

بالنفس حيث الناصرون قليل

حَكَمَ الإلهُ بما جرى في مسلم

والله ليس لحكمه تبديل

خذلوه وانقلبوا إلى ابن سميةٍ

وعن ابن فاطمةٍ يزيدُ بديل

آوته طوعةُ مذ أتاها والعدى

من حوله عَدْواً عليه تجول

فأحسَّ منها ابنُها بدخولِها

في البيت إن البيتَ فيه دخيل

فمضى إلى ابن زيادِ يُسرع قائلا

بشرى الأميرِ فتىً بماه عقيل

فدعى الدعيُّ جيوشَه فتحزبت

يقفوا على أثر القبيل قبيل

وأتت إليه فغاص في أوساطها

حتى تفلّت عَرضُها والطول

يسطو بصارمه الصقيلِ كأنه

بطُلى الأعادي حدَّه مصقول

حتى هوى بحفيرة صُنعت له

أهوتْ عليه أسنةٌ ونصول

فاستخروجوه مثخنا بجراحه

والجسمُ من نزف الدماء نحيل

٢٤٨

سل ما جرى جملا ودع تفصيلَه

فقليلُه لم يُحصِه التفصيل

قتلوه ثم رموه من أعلا البِنا

وعلى الثرى سحبوه وهو قتيل

ربطوا برجليه الحبال ومثّلوا

فيه فليت أصابني التمثيل(١)

(مجردات)

اويلي اعلى ابو طاهر اويلاه

يوم الذي خانت رعاياه

واصبح غريب ابولية اعداه

او من اخوته ما واحد اوياه

يجر صارمه او يمنع اليدناه

من ضعف والطاغي تلگاه

وبمرهفه وگّع ثناياه

او كتْفَوا ايساره فوگ يمناه

او ظل يلتفت ويدير عيناه

او لحسين ذيچ الساتمنّاه

يويلي او لبن زياد من جاه

فرحان متشمت الگاه

او من فوگ عالي الگصر ذبّاه

وانوخذ ما واحد ترجّاه

آن الرجس لمن تولاه

گص راسه والجسمه رماه

او للأرض صار النفل مهواه

او بحبال سحبوا عالي الجاه

مسلم يؤخذ أسيرا

كان مسلمعليه‌السلام في بيت طوعة، وقبيل الفجر جاءت إليه بماء ليتوضأ به قائلة يا مولاي ما رأيتك رقدت البارحة (لأنه قضى تلك الليلة قائما وقاعدا، راكعا وساجدا يصلي) فقال لها: اعلمي أني رقدت رقدة فرأيت في منامي

____________________

(١) - ديوان شعراء الحسين ص١١٣.

٢٤٩

عمي أمير المؤمنينعليه‌السلام وهو يقول: الوحى الوحى، العجل العجل، وما أظن إلا أنه آخر أيامي من الدنيا. فتوضأ وصلى صلاة الفجر، وكان مشغولا بدعائه إذ سمع وقع حوافر الخيول، وأصوات الرجال فعرف أنه قد أتي إليه فعجل في دعائه ثم لبس لامة حربه وقال: يا نفس اخرجي إلى الموت الذي ليس له محيص، فقالت المرأة: سيدي أراك تتأهب للموت! قال: نعم لابد لي من الموت، وأنت قد أديت ما عليك من البر والإحسان وأخذت نصيبك من شفاعة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فاقتمحوا عليه الدار وهم ثلاثمائة، وقيل سبعون فارسا وراجلا، فخاف أن يحرقوا عليه الدار، فخرج وشد عليهم حتى أخرجهم من الدار، ثم عادوا عليه، فحمل عليهم وهو يقاتلهم ويقول:

هو الموت فاصنعْ ويكَ ما أنت صانعُ

فأنت بكأس الموتِ لا شكَّ جارع

فصبراً لأمر اللهِ جل جلالُه

فحكم قضاء الله في الخلق ذائع

حتى قتل منهم واحدا وأربعين رجلا، وكان من قوته أنه يأخذ الرجل بيده فيري به فوق البيوت، فلما أكثر القتل فيهم طلب قائد الجيش محمد بن الأشعث النجدة من عبيد الله بن زياد قائلا: أدركني بالخيل والرجال، فأنفذ ابن زياد يقول: ثكلتك أمك، وعدموك قومك. رجل واحد يقتل هذه المقتلة العظيمة! فكيف لو أرسلتك إلى من هو أشد بأسا؟ (يعني الحسينعليه‌السلام ) فأرسل إليه ابن الأشعث يقول: تظن أنك أرسلتني إلى بقال من بقالة الكوفة؟ أو إلى جرمقان من جرامقة الحيرة؟ وإنما وجهتني إلى بطل همام وشجاع ضرغام من آل خير الأنام، فأرسل إليه بالعسكر وقال: أعطه الأمان فإنك لا تقدر عليه إلا به. وقد أثخن مسلم بالجراح لأنهم احتوشوه من كل جانب ومكان: ففرقة

٢٥٠

ترميه من أعالي السطوح بالنار والحجارة، وأخرى بالسيوف، وأخرى بالرماح، وأخرى بالسهام. وكانعليه‌السلام اشتبك مع بكر بن حمران فقد ضربه بكر على فمه الطاهر فقطع شفته العليا، وأسرع السيف في السفلى وضرب مسلم رأس بكر ضربة منكرة وثناه بأخرى على حبل العاتق وكادت تطلع روحه فلما رأوا ذلك أشرفوا عليه من فوق البيوت وأخذوا يرمونه بالحجارة ويلهبون النار في أطناب القصب ثم يرمونها عليه من فوق البيت فلما رأى ذلك خرج عليهم مصلتا سيفه في السكة فقال له ابن الأشعث: لك الأمان يا مسلم لا تقتل نفسك. فقال: أي أمان للغدرة الفجرة؟ وأقبل يقاتلهم وهو يقول:

أقسمت لا اُقتل إلا حُرّا

وإن رأيتُ الموت شيئا نُكرا

كل امرئ يوما ملاقٍ شرّا

أخاف أن أخدع أو أغرا

وكان أثخن بالجراح حتى عجز عن القتال، فأسند ظهره إلى جنب جدار فضربوه بالسهام والأحجار فقال: مالكم ترمونني بالأحجار كما تُرمى الكفار؟ وأنا من أهل بيت النبي الأبرار! ألا ترعون رسول الله في عترته؟ قال ابن طاووس في اللهوف: عند ذلك ضربه رجل من خلفه فخر إلى الأرض فتكاثروا عليه وأعطوه الأمان، فأمكنهم من نفسه وقيل حفروا له حفيرة. عميقة وأخفوا رأسها بالدخل والتراب ثم انطردوا بين يديه فوقع فيها وأحاطوا به فضربه محمد بن الأشعث على محاسن وجهه فأوثقوه أسيرا(١) .

____________________

(١) - تظلم الزهراء ص١٧٦. المنتخب للطريحي الدمعة الساكبة ج٤ ص٢١٩/٢٢٠.

٢٥١

(فائزي)

ظلّت تناديهم يهل كوفان ارحموه

هذا ابن أخو الكرار حيدر لا تسحبوه

خلوه يمشي ابراحته گلبه شعبتوه

خافوا من الله ما لكم مذهب ولا دين

صاحت يمسلم يا عظمها خجلتي بيك

اشبيدي وانه حرمه ضعيفه او مگدر احميك

لو يتركونك چان افت گلبي وداويك

انچان اسلمت من كيدهم سلم على احسين

گلها يطوعه اليوم ما تحصل سلامه

اوصيچ چان ابهل بلد نزلوا يتامه

گولي تره مسلم يبلغكم سلامه

واجرچ على الله والنبي سيد الكونين

قال المفيد فاُتي ببغلة فحمل عليها واجتمعوا حوله ونزعوا سيفه فكان عند ذلك يئس من نفسه فدمعت عيناه ثم قال: هذا أول الغدر، فقال له عبيد الله بن العباس: إن من يطلب مثل الذي تطلب إذا نزل به مثل ما نزل بك لم يبك. قال: والله ما لنفسي بكيت وإن كنت لا أحب لها طرفة عين تلفا ولكن أبكي لأهلي المقبلين، أبكي للحسين وآل الحسين.

(مجردات)

وين الذي يوصل ابهل حين

لرض المدينة او يخبر احسين

مسلم وحيد او ماله امعين

ودارت عليه الگوم صوبين

كتفوه او ظل ايدير بالعين

٢٥٢

(نصاري)

يمسلم ريت لن هاشم زلمها

تجي او يخفج على راسك علمها

لاچن حيف ما واحد علمها

وحيد انت او غريب ادير العيون

***

قليلٌ بكائي على ابن عقيلِ

وإن سال دمعيَ كلَّ مسيلِ

سأبكيك ما عشتُ في أدمع

بطرفٍ على الدمع غيرِ بخيلِ

٢٥٣

المجلس الثالث

القصيدة: للشيخ محمد بن الشيخ صادق الخليلي

ت ١٣٨٨ه

إنْ كنتَ تحزنُ لادِّكار قتيلِ

فاحزن لذكرى مسلمِ بن عقيلِ

هو ليثُ غالبَ مسلمٌ مَن أسلمت

مهجُ العدى لفرندِه المصقول

أمّ العراقَ مبلغا برسالة

أكرمْ بمرسله وبالمرسول

وأتى إلى كوفانَ يُنقذ أمةً

طلبت إغاثتَهم على تعجيل

فاكتظَّ مسجدها بهم وعلت به

أصواتُهم بالحمد والتهليل

لكنهم ما أصبحوا حتى غدا

في مِصرِهم لا يهتدي لسبيل

وأتوه منفردا بمنزل طوعةٍ

وقلوبُهم تغلي بنار ذحول

فغدى يُفرِّق جمعهم ويجندل الـ

ـأبطالَ في عزمٍ له مسلول

حتى إذا كضّ الظما أحشاءَه

وغدت دماه تسيل أيَّ مسيل

وافوه غدرا بالأمان وخدعةً

منهم فلم يخضع خضوعَ ذليل

وأتوا به قصرَ الإمارةِ مثخَنا

بجراحه ومقيدا بكبول

فغدا يُقارعه الزنيمُ عداوةً

ويُغيضه سبّاً بأقبح قيل

ودعا ابنَ حمرانٍ به ولسانُه

لَهِجٌ بذكر الله والتهليل

٢٥٤

ما بان رأسا كان يرفعه الإبا

عن جسم خير مزمَّل مقتول

فقضى شهيدا في مواطنِ غربة

متضرجا بنجيعه المطلول(١)

(نصاري)

وحيد اولا سكن بالگلب روعه

غريب او حيف بات ابدار طوعه

عليه من صكَّت العسكر اجموعه

اهي تهلهل او سيفه ايهلهل الها

تهلهله او جذب بيده المذهَّب

او نيران الگصب بالدار تلهب

كل حيد اليشوفه الروح تذهب

منه او مهجته ابسيفه ايسلها

مثل طحن الرحه ابسيفه طحنها

او سبه الكوفه او نواحيها رجنها

او ظلت كل فرس تسحت رسنها

او ترضّ خيالها ابحافر رجلها

يبن عم الحسين الكل ينادون

يمسلم بالبخت لتخاف مأمون

بچه او ما تهل لجله ادموع العيون

لچن يبچي اعله ابن سيد رسلها

والمگدر گضه او شاعت اخباره

رموه الگوم من گصر الإماره

او هاني انچتل عگبه او بگت داره

مظلمه او لا بعد واحد يصلها

مصيبتهم مصيبه اتصدع الاجبال

او من گبل المشيب تشيب الأطفال

شفت ميت يجرونه بالاحبال

يصاحب لا تظن صاير مثلها

(أبوذية)

مسلم من وگع والسيف طرفاه

على احسين ابو اليمه ايدير طرفاه

____________________

(١) - الشهيد مسلم بن عقيلعليه‌السلام ص٢١٨ عبد الرزاق المقرم.

٢٥٥

ينظر يمنته او يسراه طرفاه

او ينادي لا تجي يبن الزكيه

مسلم يرمى من أعلى القصر

قال المفيدرحمه‌الله : فأتى ببغله فحمل عليها - مسلم بن عقيل - ثم أقبل - مسلم - على محمد بن الأشعث فقال يا عبد الله إني أراك والله ستعجز عن أماني فهل عنك حيز تستطيع أن تبعث رجلا من عندك على لساني أن يبلغ حسينا ما جرى فإني لا أراه إلا وقد خرج إليكم اليوم أو خارج غدا وأهل بيته ويقول له: إن ابن عقيل بعثني إليك وهو أسير في أيدي القوم لا يرى أنه يمسي حتى يقتل وهو يقول لك ارجع فداك أبي وأمي بأهل بيتك.

فقال ابن الأشعث والله لافعلن ولاعلمن إني قد أمنتك وأقبل ابن الأشعث بابن عقيل إلى باب القصر فاستأذن فأذن له فدخل على عبيد الله بن زياد فاخبره خبر ابن عقيل وضرب بكر إياه وما كان من أمانه له فقال له عبيد الله وما أنت والأمان كأنا أرسلناك لتؤمنه إنما أرسلناك لتأتينا به فسكت ابن الأشعث وانتهى بابن عقيل إلى باب القصر وقد اشتد به العطش وعلى باب القصر ناس جلوس ينتظرون الإذن فإذا بقلة باردة موضوعة على الباب فقال مسلم: اسقوني من هذا الماء. فقال مسلم الباهلي أتراها ما أبردها، لا والله لا تذوق منها قطرة أبدا حتى تذوق الحميم في نار جهنم. فقال لهعليه‌السلام لأمك الثكل ما أجافك وأفضَّك وأقسى قلبك، أنت يا ابن الباهلة أولى بالحميم والخلود في نار جهنم مني. ثم جلس متساندا إلى الحائظ فبعث عمرو بن حريث غلاما له فجاء بقلة عليها منديل وقدح، فصب فيه ماء باردا

٢٥٦

ليشرب مسلم، فأخذ يشرب فامتلأ القدح دما فلم يقدر أن يشرب ففعل ذلك ثلاثا فلما أراد في الثالثة أن يشرب سقطت ثناياه في القدح فقال: الحمد لله لو كان لي من الرزق المقسوم لشربت:

كأنما نفسُك اختارت لها عطشا

لما درت أن سيقضي السبطُ عطشانا

فلم تُطقْ أن تسيغَ الماء عن ظمأ

من ضربة ساقها بكرُ بنُ حمرانا

(نصاري)

صعد للگصر والگوم ويّاه

طلب ماي اليطفي جمرة احشاه

سگوه وبالگدح سگطن ثناياه

وما سلّم على ابن زياد بالحين

بعد ذلك أمر ابن زياد بإدخاله، عليه فأدخل فلم يسلم عليه بالإمرة! فقال غلام لابن زياد لم لا تسلم على الأمير؟ قال: اسكت ويحك والله ما هو لي بأمير. فقال ابن زياد: لا عليك سلمت أم لم تسلم فإنك مقتول. فقال له مسلم: إن قتلتني فلقد قتل من هو شر منك وهو خير مني. فقال له ابن زياد قتلني الله إن لم أقتلك قتلة لم يقتلها أحد في الإسلام، فقال له مسلم: أما إنك أحق أن تحدث في الإسلام ما لم يكن، وإنك لا تدع سوء القتلة وقبح المثلة وخبث السريرة ولؤم الغلبة، وأنا أرجو الله أن يرزقني الشهادة على يدي شر بريته، فقال ابن زياد لعمري لتقتلن.

هذا والناس قد اجمعوا حول القصر فمنهم من يقول إن مسلم مقتول لا محالة، ومنهم من يقول بأنه يساق إلى الشام، ومنهم من يقول بأنه يحبس حتى يأتي الخبر من يزيد فبينما هم كذلك وإذا بمسلم قد صعدوا به إلى أعلى

٢٥٧

القصر وهو مثخن بالجراح قد نزف دمه والعطش قد أمض به وبكر بن حمران شاهر سيفه لكي يحتز رأسه فلما رأى ذلك مسلم طلب من بكر أن يصلي ركعتين فقال له: صل ما شئت. فصلى ركعتين، وقيل انه اتجه نحو المدينة صاح: السلام عليك با أبا عبد الله، السلام عليك يا ابن رسول الله، فقدمه اللعين إلى القتل فضربه بالسيف على عنقه حتى قطعها ثم ألقى بجثته من أعلى القصر بلا رأس ثم أتبعها بالرأس الشريف(١) . وا مسلماه، وا مظلوماه، وا سيداه.

(فائزي)

صعدوا ابمسلم والدمع يجري من العين

توجه بوجهه للحجاز يخاطب احسين

يحسين أنا مقتول ردّوا لا تجوني

خانت بيَ الكوفة عگب ما بايعوني

وللفاجر ابن زياد كلهم سلموني

مفرود وانتوا يا هلي عني بعيدين

يا ليت هالدم الذي يجري على الگاع

مسفوح بين ايديك يا مكسور الأضلاع

يا حيف منّك محتضيت ابساعة اوداع

بيني او بينك يا حبيي فرّگ البين

____________________

(١) - تظلم الزهراءعليها‌السلام ص١٧٨. إرشاد المفيد.

٢٥٨

صاح الدعي ابن الزياد فيهم لا تمهلوه

بالعجل من فوگ الگصر للأرض ذبوه

گطعوا كريمه والجسد بالسوگ سحبوه

بالحبل ما بين الملا وافجعة الدين

***

فواهٍ عليك وأنت قتيلٌ

ومجدُك في الدهر غيرُ قتيلِ

٢٥٩

المجلس الرابع

القصيدة: للمرحوم قاسم الحلي ت: ١٣٧٤ه

وللسيد باقر الهندي ت ١٣٢٩ه

رسولُ حسينٍ ونعم الرسولُ

إليهم من العترةِ الصالحهْ

لقد بايعوا رغبةً منهمُ

فيا بؤسَ للبيعةِ الكاشحه

وقد خذلوه وقد أسلموه

وغدرتُهم لم تزل واضحه

فيا ابن عقيل فدتك النفوس

لعظم رزيتك الفادحه

لنبكِ لها بمذاب القلوب

فما قَدْرُ أدمعنا المالحه

بكتك دما يا ابن عم الحسين

مدامعُ شيعتك السافحه

ولا بَرِحت هاطلات العيون

تحيّيك غاديةً رائحه

لأنك لم تُروَ من شربةٍ

ثناياكَ فيها غدتْ طائحه

رموك من القصر إذ أوثقوك

فهل سَلِمت فيكَ من جارحه

وسحبا تُجَرُ بأسواقِهم

ألستَ أميرَهم البارحه

أتقضي ولم تبكِكَ الباكياتُ

أما لك في المِصر من نائحه

لئن تقضي نحبا فكم في زرودَ

عليك العشيةَ من صائحه

وكم طفلةٍ لك قد أعولت

وجمرتُها في الحشا قادحه

٢٦٠

يُعززها السبطُ في حجره

لتغدوَ في قربه فارحه

فأوجعها قلبُها لوعةً

وحسّت بنكبتها القارحه(١)

(فائزي)

گلبي كسرته يا غريب الغاضريه

مثل اليتامه تمسح ابكفك عليه

تمسح على راسي او دمع العين همّال

جني يتيمه الكافي الله من هلحوال

ما عودتني ابهلفعل من گبل يا خال

خليت عبراتي على خدي جريه

ابمسحك على راسي تركت الگلب ذايب

هذا يعمي من علامات المصايب

گلبي تروَّع حيث ابوي ابسفر غايب

طوَّل الغيبه ايعوِّده الله ابعجل ليه

ضمها الصدره والدمع يجري بلخدود

او گلها يعمي والدچ ما ظنتي ايعود

شهگت او ظلَّت تنتحب وابروحها اتجود

او نادت يعمي لا تفاول بالمنيه

____________________

(١) - الشهيد مسلم بن عقيل للمقرم ص٢١٠ (فائدة) من البيت الأول إلى البيت الخامس للمرحوم قاسم الملا الحلي، وما عدا ذلك فهو للسيد باقر الموسوي الهندي.

٢٦١

سافر عساه ايعود طيّب بالسلامه

واجلس ابحجره او ينشرع صدري ابكلامه

شنهو اسمعت عن والدي حلو الجهامه

گلها يبنتي غيبته عنچ بطيه

جاني الخبر عن حال مسلم يا حزينه

ايگولون من قصر الإماره ذابينه

او بالحبل بالأسواق جسمه ساحبينه

او راس المشكر راح للطاغي هديه

صرخت الطفله والدمع بخدودها ايسيح

واتگوم مذعوره او عله وجه الثره اتطيح

تلطم على الهامه ابعشرها او نوبه اتصيح

گومي ييمه والبسي اهدوم الرزيه

(أبوذية)

گلبي امن الحزن شايل علامه

تحط ايدك على راسي علامه

يعمي لليتم هذي علامه

وظن عودي انچتل وانگطع بيه

حميدة بنت مسلمعليها‌السلام

قال في البحار: دعا ابن زياد بكر بن حمران الذي قتل مسلما فقال: اقتلته قال: نعم قال: فما كان يقول وأنتم تصعدون به لتقتلوه؟ قال: كان يكبر ويسبح ويهلل وستغفر فلما أدنيناه لنضرب عنقه قال: اللهم احكم بيننا

٢٦٢

وبين قوم غرونا وكذبونا قم خذلونا وقتلونا فقلت له الحمد لله الذي أقادني منك وضربته ضربة لم تعمل شيئا فقال لي: او ما يكفيك في خدش مني وفاء بدمك أيها العبد قال ابن زياد وفخرا عند الموت قال فضربته الثانية فقتلته(١) .

نعم لقد قضى مسلمعليه‌السلام نحبه بعيدا عن أولاده وإخواته وأبناء عمومته وعشيرته ولا أدري ما حال يتيمته حميدة التي كان الحسينعليه‌السلام حملها معه إلى العراق لعلها تتمتع برؤية أبيها مسلم ولكن وبينما حط رحل الحسين في زرود، وإذا برجلين قدما من الكوفة فسألهما الحسين كيف خلفتما الكوفة؟ فقالا: ما خرجنا منها إلا وجثتا مسلم وهاني تسحبان بالحبال في أزقة الكوفة.

عندها استرجع الحسين وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، رحمة الله عليهما، فردد ذلك مرارا وبكى بكاء شديدا، ثم نظر إلى بني عقيل وقال: ما ترون؟ فوثبوا وقالوا: لا والله لا نبرح حتى ندرك ثأرنا أو نذوق ما ذاق أخونا مسلم، فقال الحسين: لا خير في العيش بعد هؤلاء. وأخذ يتخطى الأطفال طفلة، بعد طفلة حتى جاء إلى حميدة يتيمة مسلم بن عقيل، ولها من العمر ثمان سنوات، فمسح على رأسها ودموعه تجري. وإذا بتلك الطفلة قد أحست بيتمها قائلة: يا عم ما عهدتك تعمل بي هذا العمل أفهل أصيب أبي مسلم بشيء؟ فقال لها: بنية أنا أبوك، وبناتي أخواتك. قالت: نعم يا عم ولكن ما أحلى الأب حين يجلس الولد على ركبتيه وحين ينادي(٢) :

____________________

(١) - بحار الأنوار ج٤٤ ص٣٨٥.

(٢) - ثمرات الأعواد ج١ ص١١٧ علي الهاشمي.

٢٦٣

(نصاري)

أخذ بت مسلم امن الخيم بيده

يمسح راسها ابحسره شديده

بالشر حست الطفله حميده

گالتله يعمي اوسالت العين

يعمي لاحت ابوجهك علامه

على راسي امسحت گلي علامه

يعمي هلسجيه اويه اليتامه

أظن عودي گضه او يتمني البين

فلما سمعت البنت هذا الكلام من الحسين، صرخت وأعولت، فسمع صراخها آل عقيل فارتفعت أصواتهم بالبكاء، وانتحبوا انتحابا عاليا، وساعدهم أهل بيت الحسينعليه‌السلام في النوح والبكاء، وعظم على أبي عبد الله المصاب واشتد به الحزن، قالوا: وارتج الموضع بالبكاء والعويل لقتل مسلم بن عقيل وسالت الدموع عليه كل مسيل. وأشدهم صراخا وعويلا أيتامه لاسيما حميدة.

مسح الحسينُ برأسها فاستشعرتْ

باليتم وهي علامة تكفيها

لم يُبكها عدمُ الوثوقِ بعمِّها

كلا ولا الوجدُ المبرِّحُ فيها

لكنها تبكي مخافةَ أنها

تُسمي يتيمةَ عمِّها وأبيها

(نصاري)

يعمي اشكثر بيه حلوه الليالي

عزيز وفرگته تصعب الوالي

اعله ابوي انلچم اوتاه بالي

ابجيتك هاي وابنشدك عليه

اعله ابوي انخمش گلي وهلت العين

يعمي وباليتم حسيت حسين

علايم بينتلي بوجهك اثنين

الحزن ودموعك التجري سويه

٢٦٤

غده يمسح دمعها ومحني ضلعه

ابوچ آنه يگلها او يهل دمعه

يعمي النوح لگليبي يصدعه

اگطعي البچه او هودي اولا تنوحين

(أبوذية)

بنت مسلم گضه بوها وملها

غيرك وانته رادتها وملها

ذبها الدهر يا عمها وملها

ولا والي العليها ايدوم فيه

ثم قال الحسينعليه‌السلام ، وأخذها إلى العلويات وأوصاهن بها خيرا. فدخلت حميدة الخيمة وبعد فترة سمع الحسين بكاء ونحيبا من جانب الخيمة فظنها حميدة تبكي أباها، فأتى الحسين مسرعا، ودخل الخيمة، وإذا به يرى سكينة جالسة إلى جنب حميدة وهي تبكي وعيناها تنظر إلى حميدة.

وكأني بالحسين يقول لها:

(مجردات)

بويه يسكنه ليش تبكين

وعلى البكا تالي تلحگين

واحزان جدامچ تشوفين

واهلچ تظل صرعى ومطاعين

وانتي بيسر للغرب تمشين

وعلى الهزل يسره الخواتين

***

هذي يتاماكم تلوذ ببعضها

ولكم نساءٌ تلتجي بنساءِ

٢٦٥

المجلس الخامس

القصيدة: للشيخ عبد الحسين الحويزي النجفي الكربلائي

أسالمتَ دهرا لا يُريكَ التهانيا

رمى مسلما بالحادثات وهانيا

كريمانِ كلٌّ ذبَّ عن حوزةِ الهدى

وأصبح بالنفس النفيسةِ فاديا

نجيبانِ جدّا للخطوب فارقلا

وقد حملا منها حبالا رواسيا

وبالفجر كانا للرياسةِ رأسَها

وحلّا مقاما من ذرى المجد ساميا

هما عقدا للسبط أوثقَ بيعةٍ

وقد الزماها للرجال الهواديا

وقد نَصبا للدين أرفعَ رايةٍ

تُناجي من الأفق النجومَ الدراريا

فلا سطعت نارٌ بكوفانَ في الدجى

ولا أمَّ ركبُ الوفدِ منها المقاريا

ولا بلَّ صوبُ الغيثِ في هملاتِه

أباطحَ من أحيائِها وروابيا

وَفَتْ لابنِ حربٍ عهدَها ولمسلمٍ

جرى غدرُها بحرا من الحرب طاميا

وحيدا يقاسي غربةَ الدارِ لم يجد

له في اللقا بعد ابنِ عروةَ حاميا

لئن قُتلا فالحقُّ أبدى شهادةً

بأنهما في القتل نالا المعاليا

وإنْ سُحبا في السوقِ حقداً فطالما

بكفِّهما ساقا السحابَ الفواديا(١)

____________________

(١) - ديوان الحويزي ص١٩٥.

٢٦٦

(موشح) (١)

مسلم او هاني ابحبل چتفوهم

او گامت العدوان تسحل بيهم

سحلوا الجثتين منهم يا وسف

بالاسواق او هلخبر ما ينوصف

والذكرهم دمع عيني ما يجف

والمحب كل حين يبچي اعليهم

يبچي لاجل الصار بيهم والجره

اشلون مسلم ينذبح من منحره

اشلون يبگه ابلا دفن فوگ الثره

او هاني يمَّه او لا أحد يلفيهم

النوب صلب اجسادهم فوگ العمود

منكسه العدوان جازت كل حدود

او روسهم ودوها للطاغي الحقود

وبدمشق الشام هم صلبوهم

مقتل هاني بن عروة المذحجي (رضوان الله عليه)

لما علم عبيد الله بن زياد بوجود مسلم بن عقيل في بيت هاني بن عروة وأنه هو الذي كان يقوم بجمع الناس لمبايعته أرسل خلفه جماعة ليأتوه به فلما أدخل عليه فاجئه ابن زياد بقوله أتتك بخائن رجلاه ثم أردف يقول الشاعر:

أريد حبائَه ويريد قتلي

عذيرُك من خليلِكَ من مرادِ

ولما طلب من هاني أن يسلمه مسلما رفض طلبه أخذ ابن زياد يهدده فقال هاني إذن تكثر بيننا البارقة وكان يظن أن مذحجاً ستطالب به لو أراد ابن زياد به سوءا ولكن خاب ظنه بعشيرته فاستشاط ابن زياد غضباً وأخذ السوط وجعل يضرب هانيا حتى هشم وجهه وسالت الدماء على لحيته ثم

____________________

(١) - للمؤلف.

٢٦٧

قيده وأودعه السجن وهو في التسعين من عمره ولم تصنع عشيرته له شيئا.

فبعد مقتل مسلم بن عقيلعليه‌السلام قام محمد بن الأشعث إلى عبيد الله بن زياد فكلمه في هاني فقال إنك عرفت منزلة هاني في المصر وبيته في العشيرة وقد علم قومه إني أنا وصاحبي - أسماء بن خارجة - سقناه إليك فأنشدتك الله لما وهبته لي، فإني أكره عداوة المصر وأهله لي فوعده أن يفعل، ثم أمر بهاني في الحال فقال: أخرجوه إلى السوق فاضربوا عنقه فاخرج هاني حتى انتُهي به إلى مكان من السوق، كان يباع فيه الغنم وهو مكتوف فجعل يقول: وا مذحجاه ولا مذحج لي اليوم يا مذحجاه يا مذحجاه وأين مذحج؟ فلما رأى أن أحدا لا ينصره جذب يده فترعها من الكتاف ثم قال: أما من عصا او سكين او حجر او عظم يحاجز به رجل عن نفسه؟ ووثبوا إليه فشدوه وثاقا.

فقيل له يا هاني: امدد عنقك فقال: والله ما أنا بها سخي وما كنت لاعينكم على نفسي، فضربه غلام لعبيد الله بالسيف وقتله في محلة يباع فيها الغنم، ثم أمر بسحب جثتيهما - جثتي مسلم وهاني - في أزقة الكوفة، وبعد سحبهما أمر بصلبهما منكوسين، أما الرأسان فقد سيرا إلى الشام وصلبا في درب من دروب دمشق(١) .

فإنْ كنتِ لا تدرينَ ما الموتُ فانظري

إلى هانيَ في السوق وابنِ عقيلِ

____________________

(١) - تظلم الزهراء.

٢٦٨

إلى بطلٍ قد هشّم السيفُ وجهه

وآخرَ يهوي من طِمارِ قتيل

***

المگدر گضه او شاعت اخباره

او مسلم رموه الگوم من گصر الإماره

هاني انچتل ويلي او بگت داره

مظلمه او لا بعد واحد يصلها

(أبوذية)

عمل كوفان هد حيلي وهاني

ولا شربي صفه طيّب وهاني

يا وسفه رجل مسلم وهاني

ابحبل بالسوگ شدوهن سويه

(أبوذية)

حيّيته البطل هاشم وهاني

كتلنه الظالم ابكتله وهاني

يجرونه البحبل مسلم وهاني

واشوف ايسيل دمهم علوطيه

قال الراوي فبلغ خبر صلبهما إلى مذحج (عشيرة هاني) فركبوا خيولهم وقاتلوا القوم وأخذوا الجثتين (جثة مسلم وجثة هاني) فغسلوهما ودفنوهما حيث مثواهما اليوم:

عگب ذاك اطلعت مذحج امن الدور

او شگت لعد هاني او مسلم اگبور

بس جثّة احسين ابيوم عاشور

ظلت بالشمس محد وصلها

٢٦٩

***

وإنْ نسيتُ فلا انسى عقائلَه

كرائمَ الوحي في سبيٍ وفي سَلَبِ

عقائلٌ من بنات المصطفى بَرزتْ

مروعاتٍ من الأستار والحُجُبِ

مسلباتٍ بدت لكنها بزغتْ

أنوارُها فكستها عن أذى السَلَبِ

٢٧٠

المجلس السادس

القصيدة: للسيد محمد مهدي بحر العلوم

ت ١٢١٢ه

عينُ جودي لمسلم بن عقيلِ

لرسولِ الحسينِ سبطِ الرسولِ

لشهيدٍ بين الأعادي وحيدٍ

وقتيلٍ لنصرِ خيرِ قتيل

جاد بالنفس للحسين فجودي

لجوادٍ بنفسه مقنول

فقليلٌ من مسلم طُلَّ دمع

لدمٍ بعد مسلمٍ مطلول

أخبر الطهرُ أنه لقتيلٌ

في ودادِ الحسينِ خيرِ سليل

وعليه العيونُ تسبلُ دمعا

هو للمؤمنين قصدُ السبيل

وبكاه النبي شجواً بفيضٍ

من جوى صدره عليه هطول

قائلا إنني إلى الله أشكو

ما ترى عترتي عقيبَ رحيلي

فَابْك من قد بكاه أحمدُ شجوا

قبلَ ميلادهِ بعهد طويل

وبكاه الحسينُ والآلُ لّما

جاءهم نعيُه بدمعٍ هَمول

كان يوما على الحسين عظيما

وعلى الآل أيُّ يوم مهول(١)

____________________

(١) - الشهيد مسلم بن عقيل ص٢٠٢ عبد الرزاق المقرم.

٢٧١

(نصاري) (١)

على مسلم دمه تتجاره العيون

او گلب المحب دوم اعليه محزون

لمسلم دم ادموع العين عبره

اول من فده لحسين والعتره

والظالم رماه النوب من گصره

او ظل مرمي يويلي موش مذفون

والأعظم يويلي عاشر امحرم

شباب اثنين منه اتغسلت بالدم

وهما عبد الله ومحمد الأكبر اللذان استشهدا مع الحسين في عاشوراء.

وبعد اثنين گلبي اعليهم اتولم

....................

وهما محمد وإبراهيم اللذان قتلا على شاطئ الفرات بعد واقعة الطف بفترة.

والخامس تخفه والگلب محزون

وهو أحمد الذي سنذكره في هذا المجلس.

رد لهله يويلي او هاجت الأحزان

او ذكروا بيه مسلم والبگه عريان

او ذكروا للهزل من ركبت النسوان

وابكل بلد كاموا بيهن ايدورون

أحمد بن مسلم بن عقيل

قال أحد الأكابر: كان لمسلم بن عقيلعليه‌السلام ولد اسمه أحمد وكان صغير السن، وكان مع الحسينعليه‌السلام في كربلاء فلما قتل الحسينعليه‌السلام وقام القوم بالهجوم على مخيمه، فرَّ هذا الطفل على وجهه في البيداء وبقي قرابة خمس

____________________

(١) - للمؤلف.

٢٧٢

سنين مع جماعة من أهل البادية يرعى لهم الأغنام، وكان يتكتم على نفسه من عيون السلطة الأموية، حتى سمع بظهور المختار في الكوفة، فشد الرحال إليه وحين دخوله عليه كان مجلس المختار حاشدا بالرجال، فلما رآه المختار عليه علائم الطهارة والقداسة بادره بالسؤال من أنت يا بني؟ فأجابه ودموعه جارية، يا عم أنا أحمد بن مسلم بن عقيل، فضمه المختار إلى صدره وبكى، وهو يقول: وأين كنت يا بني إلى هذه الساعة؟ قال: يا عم كنت عند الأعراب أرعى غنمهم، فبكى المختار بكاء شديدا وبكى من كان حاضرا عنده.

فأرسله المختار إلى المدينة حيث أهله فجيء به إلى زين العابدينعليه‌السلام ، فدخل الطفل وهو يقول: يا عماه، يا عماه، وهو يبكي فضمه الإمام إلى صدره وجعل يقبله، ويبكي. ولما رأته أم كلثوم هاجت بها الأحزان ونادت وا حسيناه وا مسلماه ونادت بقية العلويات وا حسيناه وا مسلماه:

(مجردات) (١)

من ذبحته والد اسكينه

او من طاح ابو فاضل العينه

ما ظل ولا والي العلينه

ذاك الوكت والله انسبينه

(او راحت يتامانه امندينه)

***

وليت الذي أحنى على ولد جعفرٍ

برقةِ أحشاءٍ ودمعٍ مدفَّقِ

____________________

(١) - للمؤلف.

٢٧٣

يرى بين أيدي القوم أبناءَ سبطِه

سبايا تهادى من شقيٍّ إلى شقي

فقل للنجوم المشرقاتِ ألا أغرُبي

ولا تبزغي بعد الحسين بمشرقِ

٢٧٤

المجلس السابع

القصيدة: لمؤلف الكتاب المولود ١٣٨٢ه (عفا الله تعالى عنه)

ما ذنب طفلين لمسلم والعدى

زجتهما في السجن في وضع ردي

قد ضيقتْ في الشرب والأكل معا

وعليهما بالسوط طورا تعتدي

حتى إذا طال الزمانُ توضئا

وتوجها لله من قلب ندي

أنْ فرِّجِ الهُم عنا ربَنا

إنّا لمن آل النبي الأمجد

حتى إذا ما هيأ الله السبيـ

ـل فاُخرجا والقلبُ لما يبردِ

مضيا على وجل إلى تلك العجو

ز وإنها علمت بطَيْبِ المـَحتِد

آوتهما فوراً ولكنْ ابنُها

قد أرهق الطفلينِ فهو المعتدي

ومضى إلى شاطي الفرات مجرِّداً

سيفاً ولم يعبأ بكل تودُّد

يا شيخ إنّا من سلالة هاشمٍ

لا تذبحنّْ نقسم بحق محمد

فمضى يقطّع انحرا يا للهدى

فغدى اللجين مزاجها بالعسجد

يا ويله لما رمى الأجساد في

ماء الفرات فيا له من مشهَد

ومضى برأسين إلى شرِّ الطغاةِ

فيا له من ظالم من حاقد(١)

____________________

(١) - أثبت هذه الأبيات اضطرارا لعدم وجود مقطوعة شعرية تحكي مأساة هذين الطفلين الشهيدين ومن هنا أدعو الشعراء المحترفين إلى الاهتمام بمثل هذه الحوادث وان لا يقتصر اهتمامهم على الحوادث الشهيرة فقط.

٢٧٥

(مجردات) (١)

حز بالسيف أويلي للوريدين

او تعلّگ واحد ابواحد الطفلين

او بالحزن هلّت دمعة العين

ذبحهم من عرف مرجعهم امنين

او وسط الماي لنهم زهو بدرين

ولابن ازياد من قدم الراسين

اتمنيت حاضر يبو الحسنين

او تاخذ ابثارات الذبيحين

شهادة محمد وابراهيم عليهما الرضوان

ولدي مسلم بن عقيلعليه‌السلام (٢)

____________________

(١) - للمؤلف.

(٢) - أنقل هنا بعض الآراء والملاحظات حول هذا الحدث وتفصيلاته.

ألف) ذكر الشيخ عباس القميرحمه‌الله في كتاب نفس المهموم ص١٦٢ - بعد ذكره للقصة الكاملة لشهادة هذين الطفلين - بأن قتل هذين الغلامين بهذه الكيفية وبهذا التفصيل مستبعد ولكني نقلته اعتمادا على شيخنا الصدوقرحمه‌الله ورجال سنده والله العالم. أقول: ان الصدوقرحمه‌الله ذكره في أماليه والذي يبدو من عبارة الشيخ عباس أنه لا يشكك في أصل القصة بل يشكك في التفاصيل وربما كان هذا رأيي أيضا.

ب) ذكر أكثر من مؤرخ كالطبري مثلا بأن الغلامين هما لعبد الله بن جعفر الطيار وكذلك في رياض الأحزان ذكر أيضا ونص على اسميهما.

ج) ذكر السيد المقرم: بأن الرواية لم تنص على كون الحبس في نفس البلد فاحتمال بعض العلماء على أن ابن زياد دفعهما إلى الرجل على أن يحبسهما في بيته خارج الكوفة وانه لا يكن بعيداً عن موضع قتلهما بكثير متجه.

د) ويقول السيد المقرم أيضا: ولو أنا ما شينا من ينكر هذه الرواية لبعض الاحتمالات فلا نوافقه على الالتزام ببطلان نسبة هذا المشهد إلى ولدي مسلمعليه‌السلام فإن سيرة الشيعة والشهرة=

٢٧٦

روى الشيخ الصدوق في الأمالي عن أبيه وعن علي بن إبراهيم عن أبيه عن إبراهيم بن رجا عن علي بن جابر عن عثمان بن داود الهاشمي عن محمد بن مسلم بن حمران بن اعين بن أبي محمد شيخ أهل الكوفة قال: لما قتل الحسين بن عليعليهما‌السلام أسر طفلان من عسكر الحسينعليه‌السلام فجيء بهما إلى ابن زياد فدفعهما إلى رجل وأوصاه بالتضييق عليهما حتى في الطعام والشراب فمكثا في الحبس وكان الغلامان يصومان النهار فإذا جنهما الليل أتيا بقرصين من شعير وكوز من ماء القراح فمكثا في الحبس سنة فقال أحدهما للآخر لقد طال الحبس بنا ويوشك أن تفنى أعمارنا فإذا جاء الشيخ فأعلمه بمكاننا من رسول الله لعله يوسع علينا ولما جاء الرجل سألاه هل تعرف محمد بن عبد اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ قال: وكيف لا أعرف محمدا وهو نبيي وأخذا يذكران وجوه بني هاشم حتى إذا قالا له: أفتعرف علي بن أبي طالب؟ قال وكيف لا

____________________

= بينهم تحقق كون المشهد معروفاً لولدي مسلم على الإجمال ولم يحصل الشك في أدوارهم اتباعا للخلف على طريقة السلف حتى كثرت زُرافات الزائرين لهما تقربا إلى الله تعالى مع النذور المهداة إليهما والعمارة المتجددة حول القبرين على نحو غير واحد من المشاهد المحقق ثبوتها وكل هذا بمشهد من العلماء فلا يعني بمن تاخذه الوسوسة إلى مناحي ممقوتة كما هو شأنه في جملة من المظاهر والمشاعر. (الشهيد مسلم بن عقيل ص١٩٠).

أقول: ان النص أنقله بالنسبة لقصة الشهادة هو النص الذي ذكره المقرم في كتابه الشهيد مسلم، وهو مختصر عن رواية الأمالي للصدوق المفصلة مع الرجوع إلى رواية الأمالي لنقل بعض الفقرات التي أهملها المقرم لأهميتها.

٢٧٧

أعرف عليا وهو ابن عم نبيي وأخو نبيي قالا يا شيخ فنحن من عترة نبيك محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونحن من ولد مسلم بن عقيل بن أبي طالب وبيدك أسارى وقد ضيقت علينا وحتى في الطعام والشراب فانكب الرجل عليهما يقبلهما ويعتذر من التقصير معهما مع مالهما من المنزلة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم قال لهما إذا جن الليل أفتح لكما باب السجن وخذا أي طريق شئتما ولما أن جاء الليل أخرجهما وقال سيرا في الليل واكمنا في النهار حتى يجعل الله لكما من أمره فرجا. فلما جنهما الليل أتاهما بقرصين من شعير وكوز من ماء القراح ووقفهما على الطريق وقال لهما: سيرا يا حبيبي فخرج الغلامات يسيران حتى إذا جنهَّما الليل وانتهيا إلى دار عجوز كانت واقفة تنظر ختنا لها - ابنها أو صهرها - وقفا عليها وعرَّفاها بأنهما غريبان من عترة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يهتديان إلى الطريق استضافاها سواد تلك الليلة فأدخلتهما البيت وقدمت لها الطعام والشراب فأكلا وشربا ولما ولجا الفراش قال الصغير للكبير يا أخي أنا أرجو أن نكون قد أمنا ليلتنا هذه فتعال حتى أعانقك وتعانقني وأشم رائحتك وتشم رائحتي قبل أن يفرق الموت بيننا ففعل الغلامان ذلك واعتنقا وناما.

وفي تلك الليلة أقبل ختن العجوز وقد أجهده الطلب للغلامين وقصَّ على العجوز هَرَبَ الغلامين من سجن ابن زياد وانه نادى في عسركه من أتاه برأسيهما فله ألفا درهم.

فحذرته العجوز من العذاب الأليم ومخاصمة جدهما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنه لا فائدة من دنيا لا آخرة معها فارتاب الرجل من هذا الوعظ وظن أن

٢٧٨

الغلامين عندها ولما ألح على أن تخبره بما عندها وهي كاتمة أمرهما أخذ يفحص البيت عنهما فوجدهما نائمين معتنقين فقال من أنتما؟ قالا ان صدقناك فلنا الآمان؟ قال: نعم، فأخذا عليه أمان الله وأمان رسوله ثم جعلا الله عليه شهيدا ووكيلا فأوقفاه على حالهما.

وعند الصباح أمر غلاما له أسودا أن يأخذهما إلى شاطي الفرات ويذبحهما ويأتيه برأسيهما فلما أخذهما الغلام قالا له: يا غلام ما أشبه سوادك بسواد بلال مؤذن رسول الله أتقتلنا ونحن عترة نبييك وقصَّا عليه قصتهما في السجن وما لاقياه فرقَّ لهما الغلام واعتذر منهما ورمى السيف وألقى نفسه في الفرات وعبر إلى الجناب الآخر فصاح به ملاوه عصيتني فأجابه: أنا في طاعتك ما دمت لا تعصي الله فإذا عصيت الله فأنا بريء منك.

فتقدم لهما الملعون وهو يقول: لا يلي قتلكما أحد غيري وسل السيف فلما نظر الغلامان إلى السيف مسلولا اغرورقت أعينهما وقالا: يا شيخ انطلق بنا إلى السوق واستمتع بأثماننا ولا ترد أن يكون محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خصمك في القيامة غدا فقال: لا ولكن أقتلكما وأذهب برأسيكما إلى عبيد الله بن زياد لآخذ الجائزة فقالا له يا شيخ أما تحفظ فأت بنا إلى عبيد الله بن زياد حتى يحكم فينا بأمره قال ما بي إلى ذلك سبيل إلا التقرب إليه بدمكما قالا له يا شيخ: أما ترح صغر سننا؟ قال ما جعل الله لكما في قلبي رحمة شيئا قالا له: إن كان ولابد فدعنا نصلي ركعات قال فصليا ما شئتما ان نفعتكما الصلاة فصلى الغلامان أربع ركعات ثم رفعا طرفيهما إلى السماء فناديا: يا حي يا

٢٧٩

حكيم يا أحكم الحاكمين أحكم بيننا وبينه بالحق.

فقدم الكبير ليضرب عنقه فقال له الصغير اقتلني قبل أخي فقال الكبير لا أحب أن أرى أخي قتيلا فضرب عنق الأكبر فلما رآه أخوه الأصغر يتمرغ بدمه وهو يقول هكذا ألقى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنا مخضب بدم أخي ثم قام إلى الغلام الصغير فضرب عنقه وأخذ الرأسين الشريفين ورمى ببدنيهما في الماء وهما يقطران دما(١) .

(مجردات) (٢)

اليتيم الناس عاده يرحمونه

او لو مات ابيه يسلونه

والراسه كلهم يمسحونه

مو بالسيف اويلي يگطعونه

او للطاغي تالي يودونه

او بالماي جسمه يذبونه

ولا أدري ما حال أمهما التي كانت تنتظر عودتهما إليها وإذا بالناعي ينعى الطفلين في أزقة المدينة وشوارعها:

(مجردات) (٣)

من صوّت الناعي ابذبحهم

حالتها مدري اشلون أمهم

تمنَّت حاضرة بالذبح يمهم

وتصبغ راسها من فيض دمهم

____________________

(١) - نفس المهموم ص١٥٦. الشهيد مسلم ص١٨٧. أقول وقبرهما اليوم معروف يقصده الزائرون وهو بالقرب من قضاء المسيب في العراق.

(٢) - للمؤلف.

(٣) - للمؤلف.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436