سلسلة مجمع مصائب أهل البيت عليهم السلام الجزء ١

سلسلة مجمع مصائب أهل البيت عليهم السلام0%

سلسلة مجمع مصائب أهل البيت عليهم السلام مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 436

سلسلة مجمع مصائب أهل البيت عليهم السلام

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمَّد الهنداوي
تصنيف: الصفحات: 436
المشاهدات: 177261
تحميل: 4024


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 436 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 177261 / تحميل: 4024
الحجم الحجم الحجم
سلسلة مجمع مصائب أهل البيت عليهم السلام

سلسلة مجمع مصائب أهل البيت عليهم السلام الجزء 1

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

عندما نزل الحسينعليه‌السلام في كربلاء أخذ يقسّم الرايات على أصحابه وكانت اثنتي عشرة راية، فوزعها عليهم وأبقى راية، فقال له بعض أصحابه مُنَّ عليَّ بحملها. فقال له: يأتي إليها صاحبها وبينا الحسينعليه‌السلام وأصحابه في الكلام وإذا بغبرة ثائرة، فالتفت الإمامعليه‌السلام إلى أصحابه وقال: إن صاحب هذه الراية قد أقبل، فلما صار حبيب قريبا من الإمام المظلوم ترجل عن جواده، وجعل يقبل الأرض بين يديه وهو يبكي، فسلم على الإمام وأصحابه، فرد الحسين وأصحابه السلام عليه، فسمعت زينب بنت أمير المؤمنينعليه‌السلام . فقالت: من هذا الذي أقبل؟ فقيل لها: حبيب بن مظاهر. فقالت: أقرئوه عني السلام.

فلما بلغوه سلامها، لطم حبيب على وجهه، وحثا التراب على رأسه، وهو يقول: ومن أكون حتى تسلم علي بنت أمير المؤمنين؟

(نصاري)

انه امنين وتسلم عليه

بنت المرتضى حامي الحميه

هاي امدللة عباس هيه

وبحگهم نزل وينص الكتاب

عليَّ انت يبت حيدر تسلمين

ولكم خادم آنه او عبد لحسين

گام او لطم وجهه وهلَّت العين

حبيب او فوگ راسه ذب التراب

وفي خبر: ثم استأذن حبيب من الحسينعليه‌السلام قائلا: سيدي ائذن لي ان أسلم على عقيلة آل أبي طالب، فأذن له فأقبل حبيب حتى وقف أمام خيمة زينب ونادى: السلام عليكن يا بنات رسول الله، ثم جلس عند باب الخيمة مطأطأ برأسه إلى الأرض يتأوه ويتحسر ثم قال: أهٍ لوجدك يا زينب يوم تحملين على بعير ضالع، ورأس أخيك الحسين على رمح طويل تحف به رؤوس

٣٠١

أهل بيته وأصحابه، وكأني برأسي هذا معلق في عنق الفرس يضربه بركبتيه، قالوا: لما سمعت زينب، قالت: يا حبيب لقد أخبرني بهذا أخي الحسين ولوددت اني كنت عمياء حتى لا أرى هذه المصائب وكأني بها:

(مجردات)

وصّوا بنا گبلٍ ترحلون

وگبلٍ على الغبره تنامون

آنه چفيلة حرم تدرون

كان حبيب صلبا في الولاء لسيده أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام ، فلم يزل يدافع عن بنات رسول الله يوم عاشوراء حتى قضى نحبه، وتقديرا لهذا الموقف: مشي إليه الحسينعليه‌السلام ، وحين وصوله إليه استعبر باكيا وقال: لله درك يا حبيب، لقد كنت فاضلا تختم القرآن في ليلة واحدة. وينقل بعضهم انه لما قتل حبيب بان الانكسار في وجه الحسينعليه‌السلام وقال: عند الله احتسب نفسي وحماة أصحابي:

إنْ يهدَّ الحسينَ قتلُ حبيبٍ

فلقد هدَّ قتلُه كلَّ ركنِ

قتلوا منه للحسين حبيبا

جامعا في فِعاله كلَّ حُسنِ

(نصاري)

اجاه احسين شافه او دمه مسفوح

وعاين بيرغه اعلى الأرض مطروح

جذب ونَّه او منَّه غابت الروح

سدر عنَّه او دمع العين منثور

وتعريفا بمقام حبيب عند الله وأهل بيت رسول أفرد له الإمام زين العابدين عند مواراته أجساد الشهداء قبرا منفردا من بينهم.

(موشح)

والأصحاب اهناه من عنده جريب

خلّوا دفنتهم سوه شاب او شيب

٣٠٢

خلوا مفرد بس ابن ظاهر حبيب

الطلَّگ الدنيه او حضه بجنانها

***

أحبيبُ أنتَ إلى الحسينِ حبيبُ

إن لم يَنطْ نسبٌ فأنت له نسيبُ

٣٠٣

المجلس الخامس

القصيدة: للشيخ صالح الكواز الحلي ت ١٢٩١ه

أغاباتُ اُسدٍ أم بروجُ كواكبِ

أم الطفُّ فيه استُشهدت آلُ غالبِ

ونشُر الخرامى سار تحمله الصَبا

أم الطيبُ من مثوى الكرامِ الأطائب

وقفتُ بها رهنَ الحوادثِ أنحني

من الوجد حتى خِلتني قوسَ حاجب

تمثّلتُ في أكنافِها ركبَ هاشم

تهاوتْ إليه فيه خوضُ الركائب

أتوها وكلُّ الأرضِ ثغرٌ فلم يكن

لهم ملجأٌ إلا حدودَ القواضب

بنفسيَ هم من مستميتين كسّروا

جفونَ المواضي في وجوهِ الكتائب

فما بالُهم صرعى ومن فتياتهم

بهم قد أحاط العتبُ من كل جانب

تعاتبهم وهي العليمة أنهم

بريئون مما يقتضي قولُ عاتب

وباكيةٍ حرّى الفؤادِ دموعُها

تَصعَّدُ عن قلب من الوجد ذائب

ومدت إلى نحو الغريين طرفَها

ونادت أباها خيرَ ماشٍ وراكب

أبا حسن إن الذين نماهمُ

أبو طالب بالطف ثأرٌ لطالب

فها هم على الغبراءِ مالت رقابُهم

ولّما تَمِلّ من ذِلةٍ في الشواغب

سجودٌ على وجهِ الصعيدِ كأنما

لها في محاني الطفِّ بعضُ المحارب(١)

____________________

(١) - ديوان الكواز ص٢٠

٣٠٤

(مجردات)

وينه الصميده يحضر الحين

ويشوف ويلاده المطاعين

عباس واخوانه والحسين

وباجي بني هاشم الطيبين

الظلت عرايه ابغير تكفين

او زينب تصيح او تهمل العين

هاذي حرمكم مالها امعين

او بيها العده للشام ماشين

لحّگ يحيدر يبو الحسنين

(أبوذية)

علي يا ضيغم الجبار وسده

بالطف مادريت اشصار وسده

عزيزك وسط لحده گوم وسده

ترضه اتدوس صدره اخيول اميه

الإمام الحسينعليه‌السلام يصلي وأصحابه يحامون عنه

قال الراوي: والتفت أبو ثمامة الصائدي إلى الشمس وقد زالت فقال للحسينعليه‌السلام نفسي لك الفداء إني أرى هؤلاء قد اقتربوا منك لا والله لا تقتل حتى أقتل دونك وأحب أن ألقى الله وقد صليت هذه الصلاة التي دنا وقتها فرفع الحسينعليه‌السلام رأسه إلى السماء وقال ذكرت الصلاة جعلك الله من المصلين الذاكرين نعم هذا أول وقتها سلوهم أن يكفوا عنا حتى نصلي فقال الحصين إنها لا تقبل فقال حبيب زعمت أنها لا تقبل من آل الرسول وتقبل منك يا حمار؟!

فلما رأى الحسينعليه‌السلام أن القوم لا يكفون عن قتاله وهو يريد الصلاة

____________________

(١) - للمؤلف.

٣٠٥

قال: يا زهير بن القين ويا سعيد بن عبد الله الحنفي: تقدما أمامي حتى أصلي الظهر فتقدما أمامه في نحو من نصف أصحابه حتى صلى بهم صلاة الخوف(١) .

وروي أن سعيد بن عبد الله الحنفي كان يتلقى السهام التي تأتي نحو الحسينعليه‌السلام بنحره وصدره حتى أثخن بالجراح وسقط إلى الأرض وهو يقول: اللهم العنهم لعن عاد وثمود، اللهم أبلغ نبيك عني السلام وأبلغه ما لقيت من الجراح فإني أردت بذلك ثوابك في نصرة ذرية نبيك محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم التفت إلى الحسينعليه‌السلام قائلا أوفيت يا ابن رسول الله؟

قال الحسينعليه‌السلام : نعم أنت أمامي في الجنة.

ثم قضى نحبه رضوا الله عليه فوجد به ثلاثة عشر سهما سوى ما به من ضرب السيوف وطعن الرماح.

وردوا على الهيجا ورودَ الهيمِ

ورأوا عظيمَ الخطبِ غيرَ عظيمِ

وتقدموا للموتِ قبلَ إمامِهم

وهنا يجوزُ تقدمُ المأمومِ

ولما فرغ الحسينعليه‌السلام من الصلاة قال لبقية أصحابه: يا كرام هذه الجنة فتحت أبوابها واتصلت أنهارها وأينعت ثمارها وهذا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والشهداء الذين قتلوا في سبيل الله يتوقعون قدومكم ويتباشرون بكم فحاموا عن دين الله ودين نبيه وذبوا عن حرم الرسول.

وخرجن حرائر الرسالة وبنات الزهراء من الخمية وصحن يا معشر المسلمين ويا عصبة المؤمنين ادفعوا عن حرم الرسول وعن إمامكم المنافقين لتكونوا معنا في جوار جدنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

____________________

(١) - مقتل الحسين ج٢ ص١٧ للخوارزمي.

٣٠٦

فعند ذلك بكى أصحاب الحسينعليه‌السلام وقالوا نفوسنا دون أنفسكم ودماؤنا دون دمائكم وأرواحنا لكم الفداء فوالله لا يصل إليكم أحد بمكروه وفينا عرق يضرب وجعل أصحاب الحسينعليه‌السلام يصارعون إلى القتل بين يديه(١) .

(نصاري) (٢)

چان ايحشّم اصحابه الطيبين

الحماية زينب او باجي النساوين

يگلوله او تهمل دمعة العين

بهاي ارواحنا نفدي الخدر

او لن صوت الحريم اهنا يلصحاب

تحشمهم او دمع العين سچاب

لا نبگه غرايب بين الاجناب

امنه فاطمه چيف انتيسر

بچوا كلهم او نادوا بسم زينب

اشحدَّه اليوصل احدودچ او يگرب

گول او فعل واحدهم امجرَّب

واحدهم غده طاعون واكثر

وكان كل من أراد القتال يأتي إلى الحسينعليه‌السلام ليودعه ويقول السلام عليك يا ابن رسول الله فيجيبه الحسينعليه‌السلام : وعليك السلام ونحن خلفك ويقولعليه‌السلام :( فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ مَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) .

بنفسي كراما سخت بالنفوسِ

بيوم سمت فيه أمثالها

وخفَّوا سراعا لنصرِ الحسينِ

وقد أبدت الحربُ أثقالها

إلى أن أبيدوا بسيف العدى

ونال السعادةَ من نالها

ومن بين الذين نالوا السعادة ذلك الغلام الذي لم يبلغ الحلم وهو عمرو

____________________

(١) - مقتل الحسين ص٤٠٢ بحر العلوم.

(٢) - للمؤلف.

٣٠٧

بن جنادة الأنصاري الذي وقف أمام الحسينعليه‌السلام مستأذنا له بالقتال فأبىعليه‌السلام أن يأذن له قائلا هذا غلام قتل أبوه في المعركة ولعل أمه تكره خروجه فقال الغلام: إن أمي هي التي أمرتني بذلك فأذن له الحسين فبرز الغلام إلى الحرب وهو يقول:

أميري حسين ونعم الأميرْ

سرور فؤاد البشرِ النذيرْ

عليٌّ وفاطمةُ والداه

فهل تعلمون له من نظير

له طلعةٌ مثل شمس الضحى

له غرةٌ مثلُ بدرٍ منير

فقاتل قتالا الأبطال حتى صرع فاحتز القوم رأسه ورموا به إلى جهة مخيم الحسينعليه‌السلام فأخذت أمه الرأسه ومسحت الدم عنه وهي تقول: أحسنت يا بني يا سرور قلبي ويا قرة عيني.

(نصاري) (١)

ابْنَيْها انذبح وامه تشوفه

ما زفته او لا حنّت اچفوفه

او بالمعركه صارت الحوفه

او اعليه بالگلب نيران تسعر

ما گصرت يوليدي وفّيت

او حگها الفاطمه هليوم أديت

او عندي ولد غيرك تمنيت

فدوه ايروح لحسين المشكَّر

ودخلت إلى الخيمة فأخذت عمودا وقيل سيفا وحملت على القوم وهي تقول:

أنا عجوزٌ في النسا ضعيفهْ

خاوية بالية نحيفهْ

أضربكم بضربةٍ عنيفهْ

دون بني فاطمةَ الشريفهْ

____________________

(١) - للمؤلف.

٣٠٨

وضربت رجلين بالعمود فقتلتهما وقيل غير ذلك فأمر الحسين بردها إلى الخيمة فرجعت ودعا لها(١) .

ومن أصحاب الحسين الذين بذلوا أرواحهم دون الحسين ذلك الغلام التركي واضح بن أسلم الذي كان في ريعان شبابه. قال الراوي: فلما خر إلى الأرض صريعا، مشى إليه الحسين حتى إذا وصل إليه نزل عنده انحنى عليه، ثم وضع خده على خده فلما علم الغلام بما صنعه الحسين معه وإذا بشفتيه تتمتان وهو يقول من مثلي وابن رسول الله واضع خده على خدي ثم فاضت روحه الطاهرة(٢) .

(مجردات) (٣)

آهٍ على جملة الشبان

كلها امذبحه ابحومة الميدان

واحسين يبچي ابدمع غدران

او للكل تعنه ابگلب لهفان

وايصيح بيها بصوت حزنان

ترضون أبگه ابين عدوان

ويّه العليل او جمع نسوان

***

لستُ أنسى من بعدهم طودَ عزٍّ

وأعاديه مثلُ سيلِ البطاحِ

وهو يحمي دينَ النبيِّ بعَضْبٍ

بسناه لظلمةِ الشركِ ماحي

____________________

(١) - مقتل الحسين ص٤١٢ بحر العلوم.

(٢) - مقتل الحسين ص٢٤٩ عبد الرزاق المقرم.

(٣) - للمؤلف.

٣٠٩

٣١٠

الليلة السابعة

٣١١

٣١٢

العباس بن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام

هو العباس بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام أمه أم البنين فاطمة بنت خزام الكلابية التي ولدتها الفحول من العرب.

ولدعليه‌السلام في الرابع من شعبان سنة ٢٦ه ومنذ ولادته ظهرت عليه ملامح البطولة والعظمة وبعد شهادته بقي مثلا للوفاء والتضحية في سبيل المبدأ الحق يقول الإمام السجادعليه‌السلام : رحم الله عمي العباس فلقد آثر وأبلى وفدى أخاه بنفسه حتى قطعت يداه فأبدله الله (عز وجل) عنهما جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة كما جعل لجعفر بن ابي طالبعليه‌السلام وان للعباس عند الله (تبارك وتعالى) منزلة يغبطه بها جميع الشهداء يوم القيامة.

وعن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام قال: كان عمنا العباس بن علي نافذ البصيرة صلب الإيمان جاهد مع أبي عبد اللهعليه‌السلام وأبلى بلاء حسنا ومضى شهيدا. وذكر الكثير من المؤرخين أن العباس كان في علمه وإيمانه قريبا من منزلة الأئمة المعصومين وقال الكثير من علمائنا بعصمته.

أما مواقفه في فترة إمامه أبيه وأخويه الحسن والحسينعليهم‌السلام فهي عظيمة كيفاً وكماً وفي تلك الفترة التي امتدت قرابة ٣٥ سنة منذ الولادة وحتى الشهادة فقد عاش مع أبيه ١٤ سنة ومع الحسن ٢٤ سنة ومع الحسين ٣٤ سنة عرف في تلك الفترة: بالقوة والفروسية والشجاعة وعدم المبالات بالموت مادام في سبيل الله وأعظم أيام حياته تلك التي كانت ضمن ثورة

٣١٣

الحسينعليه‌السلام فقد كان حاملا للواء الجيش الحسيني وهو رئيس الجيش وكبش الكتيبة وساقي العطاشى وكان جنديا متفانيا في طاعة أخيه حتى النفس الأخير حيث قطعت يمينه وشماله وأصاب السهم عينه اليمنى.

استشهد العباسعليه‌السلام عن زوجة واحدة هي لبابة بنت عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب التي ولدت له عبيد الله والفضل ويظهر من بعض الكتب أن للعباس زوجات غير لبابة فقد ذكروا أن له من الأولاد خمسة عبيد الله والفضل والحسن والقاسم وبنتا وعد ابن شهر آشوب من الشهداء في الطف ولد العباس محمد واتفق أرباب النسب على انحصار عقب عقب العباس في ولده عبيد الله الذي كان من كبار العلماء موصوفا بالجمال والكمال والمروة مات سنة ١٥٥ه. راجع كتاب العباس للمقرم وأبصار العين للسماوي والنص الجلي للناصري.

***

٣١٤

المجلس الأول

القصيدة: للسيد جعفر الحلي

ت ١٣١٥ه

عبست وجوهُ القومِ خوفَ الموتِ والـ

ـعباس فيهم ضاحكٌ يتبسمُ

قلب اليمينَ عن الشمال وغاص في

الأوساطِ يختطفُ النفوسَ ويحطم

وثنى أبو الفضل الفوارس نُكَّصا

فرأوا أشدَّ ثباتِهم أنْ يُهزموا

ما كرَّ ذو بأس له متقدما

إلّا وفرَّ ورأسُه المتقدم

بطلٌ ثورَّث من أبيه شجاعةً

فهيا أنوفُ بني الضلالةِ تُرغم

أوَ تشتكي العطشَ الفواطمُ عنده

وبصدرِ صعدِته الفراتُ المفعم

في كفِّه اليسرى السقاءُ يقلُّه

وبكفِّه اليمنى الحسامُ المخذم

قسما بصارمِه الصقيلِ وإنني

في غير صاعقةِ السما لا اُقسم

لولا القضا لمحا الوجودَ بسيفه

والله يقضي ما يشاءُ ويحكم

حسمت يديه المرهفاتُ وإنه

وحسامُه من حدِّهنَّ لأُحسم

وهوى بجنب العلقميِّ فليته

للشاربين به يُدافُ العلقم

فمشى لمصرعه الحسينُ وطرفُه

بين الخيام وبينه متقسِّم

الفاه محجوبَ الجمالِ كأنه

بدرٌ بمنحطمِ الوشيجِ ملثَّم

فأكبَّ منحنيا عليه ودمعُه

صبغ البسيطَ كأنما هو عَندَم

٣١٥

قد رام يلثمه فلم ير موضعا

لمْ يُدمه عضُّ السلا فيُلثم(١)

(نصاري)

اويلي امن انضرب ليث العرينه

ما چنه انگطع منه يمينه

لا والله ولا چنهم ابعينه

جر السيف باليسره وخذْ دين

تگول امهنده ابچف ذاك اليسار

يگطر موت بيه اشراحت اعمار

كل سربه اليجيها اتروح طشّار

استافه الواحد من الگوم بلْفين

يجارب يوم تجري ادموم يمناه

أثاري الخاين الله غافله او جاه

تخفّاله وضرب بالسيف يسراه

گطع زنده او وگف من غير زندين

وگف وگفة سبع بالزور ينهم

على گطعت ازنوده موش مهتم

بس ايگول ماي الجود يسلم

لجل احسين خلي اتروح الايدين

نظر للجود سالم وابتشر بيه

سدر فرحان ما چن گطعوا ايديه

سهم الشوم اويلي اتلولح اعليه

شگ الجود وتفايض الكترين

لگف سيفه ابحلگه اوصال موّات

او گال اسدر لعند الخيم هيهات

يروحي او شَعْتِذر للهاشميات

لوجني او گالن لي الوعد وين

سدّر للحرب راعي الحميه

أثاري الگوم خلوله خفيه

يويلي وانضرب راس الشفيه

ابعمود احديد شگ الراس نصين

خرّ امن السرج عباس واخلاه

بس ما مال مال العلم ويّاه

طاح او طيحته صارت على اگفاه

وصاح ابصوت الله اوياك يحسين

____________________

(١) - مثير الأحزان ص٩٩. الدر النضيد ص٣٠٩.

٣١٦

مصرع أبي الفضل العباسعليه‌السلام

قال الراوي: لما لم يبق مع الحسين إلا أخوه العباس، جاء إلى الحسين يطلب منه الإذن بالقتال قائلا: هل من رخصة؟ فبكى الحسينعليه‌السلام بكاء شديدا ثم قال: يا أخي أنت صاحب لوائي، فإذا مضيت تفرق عسكري فقال العباس: قد ضاق صدري وسئمت الحياة وأريد أن أطلب بثأري من هؤلاء المنافقين. فقال الحسينعليه‌السلام : إذن أطلب لهؤلاء الأطفال قليلا من الماء.

قال الراوي: فذهب العباس إلى القوم وعظهم وحذرهم غضب الجبار، فلم ينفع، فنادى بصوت عال: يا عمر بن سعد هذا الحسين بن فاطمة بنت رسول الله قد قتلتم أصحابه وأهل بيته، وهؤلاء عياله وأولاده عطاشى فاسقوهم من الماء قد أحرق الظمأ قلوبهم. فأثر كلامه في العسكر حتى بكى بعضهم. ولكنَّ شمراً صاح بأعلى صوته: يا ابن أبي تراب لو كان وجه الأرض كله ماءاً وهو تحت أيدينا لما أسقيناكم منه قطرة!

فرجع العباس إلى أخيه يخبره بجواب القوم، فسمع الأطفال يتصارخون وينادون: العطش العطش.

أو تشتكي العطش الفواطمُ عنده

وبصدر صعدته الفراتُ المفعمُ

فركب جواده ومعه اللواء، وأخذ القربة وقصد الفرات، فأحاط به أربعة آلاف ممن كانوا موكلين بالفرات لمنع الحسين وأصحابه منه ورموه بالنبال فكشفهم وقتل منهم جماعة.

وثنى أبو الفضل الفوارس نكصا

فرأوا أشد ثباتهم أن يهزموا

٣١٧

ماكر ذو بأس له متقدما

إلا وفرَّ ورأسُه المتقدم

حتى إذا وصل إلى المشرعة، ركز لواءه ونزل إلى الماء فلما أحس ببرد الماء وقد كظه العطش، اغترف غرفة ليشرب، لكنه تذكر عطش الحسينعليه‌السلام فرمى الماء من يده وقال: لا والله لا أشرب الماء وأخي الحسينعليه‌السلام عطشان ثم جعل يقول:

يا نفسُ من بعدِ الحسينِ هوني

وبعده لا كنتِ أو تكوني

هذا حسينٌ وارد المنون

وتشربين باردَ المعين

(نصاري)

غرف غرفة ابيمينه او راد يشرب

وگلبه امن العطش نيران يلهب

ذكر چبدة عضيده والدمع صب

ذبه او عليّ گال الماي يحرم

اشلون اشرب ورد ريان عنّك

وخوي احسين ورده انمنع منّك

ينهر العلگمي عگبه عسنّك

وردك لا هنه ويصير علگم

اشلون اشرب وخوي احسين عطشان

او سكنه والحرم واطفال رضعان

وظن گلب العليل التهب نيران

يريت الماي بعده لا حله او مر

ثم ملأ القربة وحملها على كتفه وخرج من المشرعة فاستقبلته جموع الأعداء، وصاح ابن سعد: اقطعوا عليه طريقه، ولما رأى ذلك منهم حمل عليهم بسيفه وهو يقول:

إني أنا العباسُ أغدور بالسقا

ولا أخاف الموت يوم الملتقى

نفسي لابن المصطفى الطهر وقا

حتى أوارى في المصاليت لقى

فرموه بالنبال من كل جانب حتى صار درعه كالقنفذ من كثرة السهام،

٣١٨

فكمن له زيد بن ورقاء من وراء نخلة، وعاونه حكيم بن الطفيل، فضربه على يمينه، فقطعها فأخذ السيف بشماله وهو يقول:

واللهِ إن قطعتموا يميني

إني أحامي أبداً عن ديني

وعن إمام صادقِ اليقينِ

نجلِ النبيِّ الطاهرِ الأمين

فقاتل القوم حتى ضعف عن القتال، وقد أعياه نزف الدم فكمن له حكيم بن الطفين فضربه بالسيف على شماله فقطعها من الزند. فأخذ يقول:

يا نفس لا تخشي من الكفارِ

وأبشري برحمة الجبارِ

مع النبي المصطفى المختارِ

قد قطعوا ببغيهم يساري

فأصلهم يا رب حر النارِ

وعند ذلك وقع السيف من يده، وأخذ القربة بأسنانه. ولم يكن للعباس همّ إلا إيصالها إلى المخيم، فقطعوا عليه طريقه وازدحموا عليه وأتته السهام كالمطر من كل جانب، فأصاب القربة سهم فأريق ماؤها، فوقف العباس متحيرا إذ أتاه سهم فأصاب صدره، وسهم آخر أصاب عينه اليمنى فأطفأها، وجمدت الدماء على عينه الأخرى، وجاء إليه رجل من بني تميم فضربه بعمود من حديد على رأسه فخر إلى الأرض صريعا، ونادى بأعلى صوته: عليك مني السلام أبا عبد الله أدركني يا أخي.

فجاء إليه الحسين فرآه مقطوع اليدين، مرضوض الجبين، والسهم نابت في العين، والعلم ممزق إلى جنبه، والقربة مخرَّقة. نادى: الآن انكسر ظهري، الآن قلت حيلتي، الآن شمت بي عدوي.

٣١٩

(نصاري)

تعنه امن الخيم للعلگمي احسين

يصيح ابصوت يعضيدي او گعت وين

بعد ما شوف دربي يا ضوه العين

يخويه الكون كله ابعيني أظلم

يخويه ابياكتر طاحن ازنودك

يخويه العلم وينه اوين جودك

يبو فاضل زماني هم يعودك

او شملي اللي تشتت بيك يلتم

تخوصر يمْ عضيده او صاح اويلي

يشمس انهاري ويا بدر ليلي

يبو فاضل يخويه اگطعت حيلي

او طود الصبر من بعدك تهدّم

يخويه العلم گلي وين اوديه

ينور العين دربي بيش اجدّيه

حِنَه فوگه يشمه واشبچ ايديه

عليه او صاح خويه الله أكبر

يخويه امنين اجتني هل رميه

يخويه اسا وگع بيتي عليه

يخويه اسا عدوي شمت بيه

وشوفنّك يبو فاضل امطبر

قال الراوي: فانحنى عليه الحسين ليحتمله ففتح العباس عينيه فرأى أخاه الحسينعليه‌السلام يريد أن يحمله فقال له إلى أين تريد بي يا أخي فقال إلى الخيمة، فقال: أخي بحق جدك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليك، أن لا تحملني دعني في مكاني هذا، فقالعليه‌السلام لماذا؟ قال لحالتين أما الأولى فإني وعدت ابنتك سكينة بالماء ولم آتها به فإني مستح منها. وأما الثانية فإنه قد نزل بي الموت الذي لابد منه فقال الحسينعليه‌السلام جزيت عن أخيك خيرا(١) .

(نصاري)

يخويه احسين خليني ابمكاني

يگله ليش يا زهرة زماني

____________________

(١) - معالي السبطين ج١ ص٤٤٩.

٣٢٠