تفسير نور الثقلين الجزء ٥

تفسير نور الثقلين7%

تفسير نور الثقلين مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 749

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 749 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 368862 / تحميل: 5209
الحجم الحجم الحجم
تفسير نور الثقلين

تفسير نور الثقلين الجزء ٥

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

يا معشر قريش إنّ حسب الرجل دينه، ومروته خلقه وأصله عقله، قال اللهعزوجل :( إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ ) ثم قال النبي لسلمان: ليس لأحد من هؤلاء عليك فضل إلّا بتقوى اللهعزوجل وان كان التقوى لك عليهم فأنت أفضل.

٩٦ ـ أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن الحجال عن جميل بن دراج قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : فما الكرم؟ قال: التقوى، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٩٧ ـ فيمن لا يحضره الفقيه وروى يونس بن ظبيان عن الصادق جعفر بن محمد قال: حدّثني أبي عن أبيه عن جده أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: أعبد الناس من اقام الفرائض، إلى قوله: وأكرم الناس وأتقى الناس من قال الحق فيما له وعليه والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٩٨ ـ وروى علي بن مهزيار عن الحسن بن سعيد عن الحارث بن محمد النعمان الأحول صاحب الطاق عن جميل بن صالح عن أبي عبد اللهعليه‌السلام عن آبائهعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أحب أنْ يكون أكرم الناس فليتق الله، ومن أحب أنْ يكون أتقى الناس فليتوكل على الله.

٩٩ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن جميل بن دراج قال: سئلت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل ( قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ ) فقال: ألآ ترى أنّ الايمان غير الإسلام.

١٠٠ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد وعدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد جميعا عن الوشاء عن أبان عن أبي بصير عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سمعته يقول ؛( قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا ) فمن زعم انهم آمنوا فقد كذب، ومن زعم انهم لم يسلموا فقد كذب.

١٠١ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد

١٠١

جميعا عن ابن محبوب عن علي بن رئاب عن حمران ابن أعين عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سمعته يقول: الإسلام لا يشرك الايمان، والايمان يشرك الإسلام، وهما في القول والفعل يجتمعان كما صارت الكعبة في المسجد والمسجد ليس في الكعبة، وكذلك الايمان يشرك الإسلام والإسلام لا يشرك الايمان، وقد قال اللهعزوجل :( قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ ) فقول الله اصدق القول، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٠٢ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن النعمان عن ابن مسكان عن سليمان بن خالد عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : يا سلمان أتدري من المسلم؟ قلت: جعلت فداك أنت اعلم، قال: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، ثم قال: وتدري من المؤمن؟ قال: قلت: أنت اعلم، قال: المؤمن من ائتمنه المسلمون على أموالهم وأنفسهم، والمسلم حرام على المسلم أنْ يخذله أو يظلمه أو يدفعه دفعة تعننه.

١٠٣ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عمن ذكره عن يونس بن يعقوب عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال في حديث طويل: أنّ الإسلام قبل الايمان، وعليه يتوارثون ويتناكحون، والايمان عليه يثابون.

١٠٤ ـ علي بن إبراهيم عن العباس بن معروف عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن حماد بن عثمان عن عبد الرحيم القصير قال: كتبت مع عبد الملك بن أعين إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام اسأله عن الايمان ما هو؟ فكتب إلى مع عبد الملك بن أعين: سألت رحمك الله عن الايمان والايمان هو الإقرار باللسان وعقد في القلب وعمل بالأركان، والايمان بعضه من بعض، وهو دار وكذلك الإسلام دار، والكفر دار، فقد يكون العبد مسلما قبل أنْ يكون مؤمنا، ولا يكون مؤمنا حتى يكون مسلما، فالإسلام قبل الايمان وهو يشارك الايمان، فاذا أتى العبد كبيرة من كبائر المعاصي أو صغيرة من صغائر المعاصي التي نهى اللهعزوجل عنها، كان خارجا

١٠٢

من الايمان ساقطا عنه اسم الايمان، وثابتا عليه اسم الإسلام، فان تاب واستغفر عاد إلى دار الايمان، ولا يخرجه إلى الكفر إلّا الجحود والاستحلال أنْ يقول: للحلال هذا حرام، وللحرام هذا حلال، ودان بذلك، فعندها يكون خارجا من الإسلام والايمان، داخلا في الكفر وكان بمنزلة من دخل الحرم ثم دخل الكعبة، وأحدث في الكعبة حدثا، فاخرج عن الكعبة وعن الحرم فضربت عنقه وصار إلى النار.

١٠٥ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن عثمان بن عيسى عن سماعة بن مهران قال: سألت عن الايمان والإسلام قلت له: افرق بين الإسلام والايمان؟ قال: فاضرب لك مثله؟ قال: قلت: أورد ذلك قال: مثل الايمان والإسلام مثل الكعبة الحرام من الحرم، قد يكون في الحرم ولا يكون في الكعبة، ولا يكون في الكعبة حتى يكون في الحرم، وقد يكون مسلما ولا يكون مؤمنا، ولا يكون مؤمنا حتى يكون مسلما قال: قلت: فيخرج من الايمان شيء؟ قال: نعم، قلت: فصيره إلى ما ذا؟ قال: إلى الإسلام أو الكفر.

١٠٦ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن جميل بن صالح عن سماعة قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أخبرنى عن الإسلام والايمان أهما مختلفان؟ فقال: إنّ الايمان يشارك الإسلام والإسلام لا يشارك الايمان، فقلت: فصفهما لي، فقال: الإسلام شهادة أنْ لا إله إلّا الله والتصديق برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، به حقنت الدماء وعليه جرت المناكح والمواريث، وعلى ظاهره جماعة الناس والايمان الهدى وما يثبت في القلوب من صفة الإسلام، وما ظهر من العمل به والايمان ارفع من الإسلام بدرجة، أنّ الايمان يشارك في الإسلام في الظاهر، والإسلام لا يشارك الايمان في الباطن، وان اجتمعا في القول والصفة.

١٠٧ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن سفيان بن السمط قال: سأل رجل أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الإسلام والايمان ما الفرق بينهما؟ فلم يجبه ثم سأله فلم يجبه، ثم التقيا في الطريق قد أزف(١) من الرجل الرحيل

__________________

(١) أي قرب، وفي القاموس: أزف الترحل: دنا.

١٠٣

فقال له أبو عبد اللهعليه‌السلام : كأنه قد أزف منك رحيل؟ فقال: نعم، فقال: فألقى في البيت، فلقيه فسأله عن الإسلام والايمان ما الفرق بينهما؟ فقال: الإسلام هو الظاهر الذي عليه الناس: شهادة أنْ لا إله إلّا الله وان محمدا رسول الله، واقام الصلوة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصيام شهر رمضان فهذا الإسلام، وقال: الايمان معرفة هذا الأمر مع هذا، فان أقربها ولم يعرف هذا الأمر كان مسلما وكان ضالا.

١٠٨ ـ في كتاب الخصال عن الأعمش عن جعفر بن محمّدعليه‌السلام قال: هذه شرايع الدين إلى أنْ قالعليه‌السلام : والإسلام غير الايمان، وكل مؤمن مسلم، وليس كل مسلم مؤمن

١٠٩ ـ عن أبي بصير قال: كنت عند أبي جعفرعليه‌السلام فقال له رجل: أصلحك الله إنّ بالكوفة قوما يقولون مقالة ينسبونها إليك، قال: وما هي؟ قال: يقولون: الايمان غير الإسلام، فقال أبو جعفرعليه‌السلام : نعم فقال الرجل: صفه لي، فقال: من شهد أنْ لا إله إلّا الله وانّ محمّدا رسول الله وأقر بما جاء من عند الله. وأقام الصلوة وآتى الزكاة وصام شهر رمضان وحج البيت فهو مسلم، فقلت: الايمان؟ قال من شهد أنْ لا إله إلّا الله وانّ محمّدا رسول الله وأقر بما جاء من عند الله واقام الصلوة وآتى الزكاة وصام شهر رمضان وحج البيت ولم يلق الله بذنب أوعد عليه النار فهو مؤمن، قال أبو بصير: جعلت فداك وأينا لم يلق الله بذنب أوعد عليه النار؟ فقال: ليس هو حيث تذهب، انما هو لم يلق الله بذنب أوعد عليه النار لم يتب منه.

١١٠ ـ في مجمع البيان وروى أنس عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: الإسلام علانية، والايمان في القلب، وأشار إلى صدره.

١١١ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا ) أي لم يشكوا( وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ) الآية قال: نزلت في أمير المؤمنينعليه‌السلام .

وقوله:( يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا ) نزلت في عثمان يوم الخندق، وذلك انه مر بعمار بن ياسر وهو يحفر الخندق وقد ارتفع الغبار من الحفرة فوضع عثمان كمه على انفه ومر فقال عمار: لا يستوي من يعمر المساجد فيصلى فيها راكعا وساجدا

١٠٤

كمن يمر بالغبار حديدا يعرض عنه جاحدا معاندا. فالتفت إليه عثمان فقال: يا ابن السودا إياي تعنى؟ ثم أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: لم ندخل معك لتسب أعراضنا فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : قد أقلتك إسلامك. فاذهب، فانزل اللهعزوجل :( يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ) أي ليس هم صادقين إنّ الله يعلم غيب السموات والأرض والله بصير بما يعملون.

١١٢ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن علي بن أسباط عن أحمد بن عمر الحلال عن علي بن سويد عن أبي الحسنعليه‌السلام قال: سألته عن العجب الذي يفسد العمل، فقال: العجب درجات منها أنْ يزين للعبد سوء عمله فيراه حسنا فيعجبه، ويحسب أنه يحسن صنعا ومنها أنْ يؤمن العبد بربه فيمن على اللهعزوجل والله عليه فيه المن.

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي جعفرعليه‌السلام من أدمن في فرائضه ونوافله قراءة سورة «ق» وسع الله عليه في رزقه ؛ وأعطاه كتابه بيمينه، وحاسبه حسابا يسيرا.

٢ ـ في مجمع البيان أبيّ بن كعب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال من قرء سورة «ق» هون الله عليه تارات الموت وسكراته.

٣ ـ في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى سفيان بن سعيد الثوري عن الصادقعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : وأمّا «ق» فهو الجبل المحيط بالأرض، وخضرة السماء منه وبه يمسك الله الأرض أنْ تميد بأهلها.

٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم:( ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ) قال: قاف جبل محيط بالدنيا وراء يأجوج ومأجوج وهو قسم.

٥ ـ وباسناده إلى يحيى بن ميسرة الخثعمي عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سمعته

١٠٥

يقول «عسق» «عدد سنى القائم وقاف جبل محيط بالدنيا من زمرد أخضر» فخضرة السماء من ذلك الجبل. وعلم عليٍّعليه‌السلام كله في عسق بل عجبوا يعنى قريشا أنْ جاءهم منذر منهم يعنى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ ) علينا بعيد قال: نزلت في أبيّ بن خلف، قال أبي جهل: تعال إليَّ أعجبك من محمّد ثمّ أخذ عظما ففته ثمّ قال يا محمّد تزعم أنّ هذا يحيى؟ فقال الله( بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ فَهُمْ فِي أمْرٍ مَرِيجٍ ) يعنى مختلف

٦ ـ في أصول الكافي باسناده إلى سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: يا بنى الكفر على أربع دعائم الفسق والغلو والشك والشبهة، إلى قوله: والغلو على أربع شعب، على التعمق بالرأى والتنازع فيه، والزيغ والشقاق، فمن تعمق لم ينسب إلى الحق، ولم يزدد إلّا غرقا في الغمرات، ولم تحبس عنه فتنة إلّا غشيته أخرى، وانخرق ذنبه فهو يهوى( فِي أمْرٍ مَرِيجٍ ) .

قال عز من قائل:( وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ) إلى قوله تعالى:( رِزْقاً لِلْعِبادِ ) .

٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم باسناده إلى أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : كانت السماء خضراء على لون الماء الأخضر وكانت الأرض غبراء على لون الماء العذب، وكانتا مرتوقتين ليس لهما أبواب، ولم يكن للأرض أبواب، وهو النبت ولم تمطر السماء عليها فتنبت، ففتق السماء بالمطر، وفتق الأرض بالنبات، وذلك قوله:( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما ) الاية.

٨ ـ في روضة الكافي باسناده إلى محمد بن عطية عن أبي جعفرعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : كانت السماء رتقا لا تنزل المطر، وكانت الأرض رتقا لا تنبت الحب، فلما خلق الله تبارك وتعالى الخلق وبث فيها من كل دابة فشق السماء بالمطر، والأرض بنبات الجب.

٩ ـ في الكافي باسناده إلى محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : في قوله تعالى:( وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً ) قال ليس: من

١٠٦

ماء في الأرض إلّا وقد خالطه ماء السماء.

١٠ ـ في روضة الكافي باسناده إلى أبي الربيع الشامي عن أبي جعفرعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : إنّ الله تبارك وتعالى أهبط آدم إلى الأرض فكانت السماء رتقا لا تمطر شيئا، وكانت الأرض رتقا لا تنبت شيئا، فلما تاب اللهعزوجل على آدم أمر السماء فتفطرت بالغمام، ثم أمرها فأرخت عزاليها(١) ثم أمر الأرض فأنبت الأشجار وأثمرت الثمار وتفيهت بالأنهار(٢) فكان ذلك رتقها وهذا فتقها.

١١ ـ في الكافي باسناده إلى هشام الصيدناني عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سأله رجل عن هذه الاية:( كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحابُ الرَّسِ ) فقال بيده هكذا، فمسح إحديهما على الاخرى فقال: هن اللواتي باللواتي، يعنى النساء بالنساء.

١٢ ـ في مجمع البيان وقيل كان سحق النساء في أصحاب الرس وروى ذلك عن أبي جعفر وابى عبد اللهعليه‌السلام .

قال عز من قائل: وقوم تبع.

١٣ ـ في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضاعليه‌السلام من خبر الشامي وما سأل عنه أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل وفيه: لم سمى تبع تبعا؟ فقال: لأنه كان غلاما كاتبا، وكان يكتب لملك كان قبله، فكان إذا كتب كتب بسم الله الذي خلقا صبيحا وريحا، فقال الملك: أكتب وابدأ باسم ملك الرعد، فقال: لا ابدء إلّا باسم الهى ؛ ثم اعطف على حاجتك فشكر اللهعزوجل ذلك فأتاه ملك ذلك الملك فتابعه الناس على ذلك فسمى تبعا.

١٤ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى عمر بن أبان عن

__________________

(١) قوله «أرخت السماء عزاليها» من أرخى زمام الناقة: أرسله وعزالى جمع العزلاء فم المزادة ومصب الماء من القربة ونحوها وهذا الكلام كناية عن شدة وقع المطر.

(٢) أي انها فتحت أفواهها ولكن القياس «تفوهت» بالواو وفي المصدر «تفهقت» وهو من فهق الإناء: امتلاء.

١٠٧

أبان رفعه أنْ تبعا قال في شعره :

حتى أتاني من قريضة عالم

حبر لعمرك في اليهود مسودا(١)

قال ازدجر عن قرية محجوبة

لنبي مكة من قريش مهتدى(٢)

فعفوت عنهم عفو غير مثرب(٣)

وتركتهم لعقاب يوم سرمد

وتركتها لله أرجو عفوه

يوم الحساب من الجحيم الموقد

ولقد تركت له بها من قومنا

نفرا أولى حسب وبأس يحمد

نفرا يكون النصر في أعقابهم

أرجو بذاك ثواب نصر محمد

ما كنت احسب أنْ بيتا ظاهرا

لله في بطحاء مكة يعبد

قالوا بمكة بيت مال داثر

وكنوزه من لؤلؤ وزبر جد(٤)

فأردت امرا حال ربي دونه

والله يدفع عن خراب المسجد

فتركت ما أملته فيه لهم

وتركته مثلا لأهل المشهد

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : قد أخبر انه سيخرج من هذه يعنى مكة نبي يكون مهاجرته إلى يثرب، فأخذ قوما من اليمن فأنزلهم مع اليهود لينصروه إذا خرج، ففي ذلك يقول شعرا

شهدت على أحمد أنه

رسول من الله بارى النسم(٥)

فلو مد عمرى إلى عمره

لكنت وزيرا له وابن عم

وكنت عذابا على المشركين

اسقيهم كأس حتف وغم(٦)

١٥ ـ وباسناده إلى الوليد بن صبيح عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ تبعا قال

__________________

(١) الحبر: رئيس الكهنة عند اليهود.

(٢) ازدجره: منعه وطرده.

(٣) ثربه ـ بتشديد الراء وتخفيفها ـ لامه. قبح عليه فعله.

(٤) دثر الرسم: بلى وامحى.

(٥) البارئ: الخالق، والنسم جمع النسمة ـ: النفوس.

(٦) الحتف: الموت.

١٠٨

للأوس والخزرج: كونوا هاهنا حتى يخرج هذا النبي، اما انا فلو أدركته لخدمته ولخرجت معه.

١٦ ـ في كتاب الخصال عن محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه: لعلكم ترون انه إذا كان يوم القيامة وصير الله أبدان أهل الجنة مع أرواحهم في الجنة، وصير الله أبدان أهل النار مع أرواحهم في النار، إنّ الله تبارك وتعالى لا يعبد في بلاده، ولا يخلق خلقا يعبدونه ويوحدونه ويعظمونه، بلى والله ليخلقن خلقا من غير فحولة ولا إناث يعبدونه ويوحدونه ويعظمونه، ويخلق لهم أرضا تحملهم وسماء تظلمهم، أليس الله يقول:( يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ ) وقال الله تعالى:( أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ ) .

١٧ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى عمرو بن شمر عن جابر بن يزيد قال: سئل أبا جعفرعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ ) قال: يا جابر تأويل ذلك أنّ اللهعزوجل إذا أفنى هذا الخلق وهذا العالم، وسكن أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، جدد الله عالما غير هذا العالم، وجدد خلقا من غير فحولة ولا إناث يعبدونه ويوحدونه، وخلق لهم أرضا غير هذه الأرض تحملهم، وسماء غير هذه السماء تظلهم، لعلك ترى أنّ الله انما خلق هذا العالم الواحد أو ترى أنّ الله لم يخلق بشرا غيركم؟ بلى والله لقد خلق الف الف عالم، والف الف آدم، أنت في آخر تلك العوالم وأولئك الآدميين.

١٨ ـ في الكافي علي بن إبراهيم رفعه عن محمد بن مسلم قال: دخل ـ أبو حنيفة على أبي عبد اللهعليه‌السلام فقال له: رأيت ابنك موسى يصلّي والناس يمرون بين يديه فلا ينهاهم وفيه ما فيه؟ فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : أدعوا لي موسى، فدعي فقال: يا بنى إنّ أبا حنيفة يذكر أنّك كنت صليت والناس يمرون بين يديك فلا تنهاهم؟ فقال: يا أبت إنّ الذي كنت أصلي له كان أقرب إليَّ منهم ؛ يقول اللهعزوجل ( وَنَحْنُ أَقْرَبُ إليه مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) قال: فضمّه أبو عبد اللهعليه‌السلام إلى نفسه ثمّ قال: بأبي أنت وأمّي يا مستودع الأسرار، وهذا تأديب منهعليه‌السلام لا أنّه ترك الفضل.

١٠٩

١٩ ـ في كتاب سعد السعود لابن طاوسرحمه‌الله فيما نذكر من كتاب قصص القرآن وأسباب نزول آثار القرآن تأليف الهيثم بن محمد بن الهيثم النيشابوري فصل في ذكر الملكين الحافظين، دخل عثمان بن عفان على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: أخبرنى عن العبد كم معه من ملك؟ قال: ملك على يمينك على حسناتك، وواحد على الشمال، فاذا عملت حسنة كتب عشرا وإذا عملت سيئة قال الذي على الشمال للذي على اليمين: اكتب، قال: لعله يستغفر الله ويتوب؟ فاذا قال ثلاثا قال: نعم أكتب أرحنا الله منه فلبئس القرين ما أقل مراقبته اللهعزوجل .

أقل استحيائه منا يقول الله تعالى:( ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) وملكان بين يديك ومن خلفك يقول الله سبحانه وتعالى:( لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ ) وملك قابض على ناصيتك، فاذا تواضعت للهعزوجل رفعك، وإذا تجبرت لله فضحك(١) وملكان على شفتيك ليس يحفظان عليك إلّا الصلوات على محمّد، وملك قائم على فيك لا يدع أنْ تدب الحية في فيك(٢) وملكان على عينيك، فهذه عشرة أملاك على كل آدمي، يعدان ملائكة الليل على ملائكة النهار لانّ ملائكة الليل سوى ملائكة النهار فهؤلاء عشرون ملائكة على كل آدمي وإبليس بالنهار وولده بالليل ؛ قال الله تعالى( وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ ) الآية وقالعزوجل :( إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ ) الآية.

٢٠ ـ وفي كتاب سعد السعود وأيضا بعد أنْ ذكر ملكي الليل وملكي النهار، وفي رواية أنهما يأتيان المؤمن عند حضور صلوة الفجر، فاذا هبطا صعد الملكان الموكلان بالليل، فاذا غربت الشمس نزل إليه الموكلان بكتابه الليل ويصعد الملكان الكاتبان بالنهار بديوانه إلى اللهعزوجل ؛ فلا يزال ذلك دأبهم إلى وقت حضور أجله، فاذا حضر أجله قالا للرجل الصالح: جزاك الله من صاحب عنا خيرا فكم من عمل صالح أريتناه، وكم من قول حسن أسمعتناه، ومن مجلس خير

__________________

(١) وفي المصدر «وضعك وفضحك».

(٢) دب: مشى.

١١٠

أحضرتناه فنحن اليوم على ما تحبه وشفعاء إلى ربك وان كان عاصيا، قالا له جزاك الله من صاحب عنا شرا فلقد كنت تؤذينا، فكم من عمل سيئ أديتناه، وكم من قول سيئ أسمعتناه، ومن مجلس سوء أحضرتناه، ونحن لك اليوم على ما تكره وشهيدان عند ربك.

٢١ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حمّاد عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ما من قلب إلّا وله أذنان، على إحديهما ملك مرشد وعلى الاخرى شيطان مفتن، هذا يأمره وهذا يزجره، الشيطان يأمره بالمعاصي والملك يزجره عنها، وهو قول الله تعالى:( عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) .

٢٢ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن يحيى بن المبارك عن عبد الله بن جبلة عن إسحاق بن عمار قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : إنّ المؤمنين إذا قعدا يتحدّثان قالت الحفظة بعضها لبعض: اعتزلوا بنا فلعل لهما سرا وقد ستر الله عليهما ؛ فقلت: أليس اللهعزوجل : يقول:( ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) فقال: يا إسحاق إنْ كانت الحفظة لا تسمع فانّ عالم السر يسمع ويرى، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٣ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن صفوان بن يحيى عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ المؤمنين إذا اعتنقا غمرتهما الرحمة(١) فاذا الزما لا يريدان بذلك إلّا وجه الله ولا يريدان غرضا من أغراض الدنيا قيل لهما مغفورا لكما، فاستأنفا فاذا أقبلا على المسائلة قالت الملائكة بعضها لبعض: تنحوا عنهما ؛ فان لهما سرا وقد ستره الله عليهما، قال إسحاق. فقلت: جعلت فداك فلا يكتب عليهما لفظهما وقد قال اللهعزوجل :( ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) ؟ قال: فتنفس أبو عبد الله الصعداء(٢) ثم بكى حتى اخضلت دموعه لحيته، وقال: يا إسحاق إنّ الله

__________________

(١) غمره: علاه وغطاه.

(٢) الصعداء: التنفس الطويل من هم أو تعب.

١١١

تبارك وتعالى انما أمر الملائكة أنْ تعتزل عن المؤمنين إذا التقيا إجلالا لهما، وانه وان كانت لا تكتب لفظهما ولا تعرف كلامهما فانه يعرفه ويحفظه عليهما عالم السر وأخفى.

٢٤ ـ في كتاب جوامع الجامع وعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كاتب الحسنات على يمين الرجل وكاتب السيئات على شماله، وصاحب اليمين أمير على صاحب الشمال ؛ فاذا اعمل حسنة كتبتها ملك اليمين عشرا، وإذا عمل سيئة قال صاحب اليمين لصاحب الشمال دعه سبع ساعات لعله يسبع أو يستغفر.

٢٥ ـ في مجمع البيان وعن أبي أمامة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: إنّ صاحب الشمال ليرفع القلم ست ساعات عن العبد المخطئ أو المسيء. فان ندم واستغفر منها ألقاها والا كتب واحدة.

٢٦ ـ وعن أنس بن مالك قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ الله تعالى وكل بعبده ملكين يكتبان عليه، فاذا مات قالا: يا ربّ قد قبضت عبدك فلانا فالى أين؟ قال: سمائي مملوة بملائكتى يعبدونني وارضى مملوة من خلقي يطيعوننى، اذهبا إلى قبر عبدي فسبحاني وكبراني وهللاني واكتبا ذلك في حسنات عبدي.

٢٧ ـ في الشواذ: وجاءت سكرة الحق بالموت وهي قراءة سعيد بن جبير وطلحة ورواها أصحابنا عن أئمة لهدىعليهم‌السلام .

٢٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ) قال: نزلت «وجاءت سكرة الحق بالموت ذلك ما كنت منه تحيد» قال نزلت في الاول( وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ ) يشهد عليها قال: سائق يسوقها ٢٩ ـ في نهج البلاغة «و( كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ ) سائق يسوقها إلى محشرها وشاهد يشهد عليها بعملها.

٣٠ ـ في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن أبي الجهم عن أبي حذيفة قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : كم بينك وبين

١١٢

البصرة؟ قلت في الماء خمس إذا طابت الريح، وعلى الظهر ثمان ونحو ذلك، فقال: ما أقرب هذا تزاوروا وتعاهدوا بعضكم بعضا، فانه لا بد يوم القيامة من أنْ يأتى كل إنسان بشاهد يشهد له على دينه ؛ والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣١ ـ فيمن لا يحضره الفقيه وفي رواية السكوني قال: قال عليٌّعليه‌السلام : ما من يوم يمر على ابن آدم إلّا قال له ذلك اليوم: انا يوم جديد وانا عليك شهيد، فافعل في خيرا واعمل في خيرا اشهد لك به يوم القيامة، فانك لن تراني بعد هذا أبدا، ٣٢ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله تعالى: وقال قرينه أي شيطانه وهو الثاني هذا ما لدى عتيد وقوله:( أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ ) مخاطبة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلىعليه‌السلام وذلك قول الصادقعليه‌السلام على قسيم الجنة والنار.

٣٣ ـ وباسناده إلى عبيد بن يحيى عن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جده عن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام في قوله:( أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ ) قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الله تبارك وتعالى إذا جمع الناس يوم القيامة في صعيد واحد، كنت أنا وأنت يومئذ عن يمين العرش، ثم يقول الله تبارك وتعالى ولك: قوما والقيا من أبغضكما وكذبكما في النار.

٣٤ ـ وحدّثني أبي عن عبد الله بن المغيرة الخزاز عن ابن سنان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إذا سألتم الله فاسئلوه لي الوسيلة وذكر صلوات الله عليه وآله الوسيلة وصفتها، وهو حديث طويل وفي آخره: فبينما انا كذلك إذا ملكين قد أقبلا إليَّ، أمّا أحدهما فرضوان خازن الجنة، وأمّا الاخر فمالك خازن النار فيدنو لي رضوان ويسلم عليَّ فيقول: السّلام عليك يا رسول الله فأرد وأقول: ايها الملك الطيب الريح الحسن الوجه الكريم على ربه من أنت؟ فيقول: انا رضوان خازن الجنة، أمرني ربي أنْ آتيك بمفاتح الجنة فخذها يا محمد. فأقول: قد قبلت ذلك من ربي، فله الحمد على ما أنعم به عليَّ ادفعها إلى أخي عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام فيدفعها إلى على، ويرجع رضوان ثم يدنوا مالك خازن النار فيسلم ويقول: السلام عليك يا حبيب الله، فأقول

١١٣

له: عليك السلام ايها الملك ما أنكر رؤيتك وأقبح وجهك من أنت؟ فيقول أنا مالك خازن النار أمرنى ربي أنْ آتيك بمفاتيح النار، فأقول: قد قبلت ذلك [من ربي] فله الحمد على ما أنعم به عليَّ وفضلني به، إدفعها إلى أخي عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام فيدفعها إليه ثمّ يرجع ويقبل عليٌّ ومعه مفاتيح الجنة ومقاليد النار حتى يقعد على شفير جهنم ويأخذ زمامها بيده وقد علا زفيرها(١) واشتد حرها وكثر شررها، فتنادي جهنم: يا عليُّ جزني فقد اطفأ نورك لهبى، فيقول عليٌّ لها: قري يا جهنم ذري هذا لي وخذي هذا عدوي، فلجهنم يومئذ أشد مطاوعة لعليٍّ من غلام أحدكم لصاحبه، فان شاء يذهب به يمنة وان شاء يذهب به يسرة، ولجهنم يومئذ أشد مطاوعة لعليٍّ فيما يأمرها به من جميع الخلائق ؛ وذلك أنَّ عليّاعليه‌السلام يومئذ قسيم الجنة والنار.

٣٥ ـ في مجمع البيان وروى أبو القاسم الحسكاني بالإسناد عن الأعمش أنه قال: حدّثنا أبو المتوكل التاجر عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كان يوم القيامة يقول الله لي ولعلى: ألقيا في النار من أبغضكما، وادخلا الجنة من أحبكما، وذلك قوله:( أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ ) .

٣٦ ـ في أمالى شيخ الطائفةقدس‌سره باسناده إلى أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول الله تبارك وتعالى يوم القيامة لي ولعليِّ بن أبي طالب: أدخلا الجنة من أحبكما، وأدخلا النار من أبغضكما، وذلك قوله تعالى: «ادخلا( فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ ) .

٣٧ ـ وباسناده قال: قال رسول قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في قولهعزوجل :( أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ ) قال: نزلت في وفي عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، وذلك انه إذا كان يوم القيامة شفعنى ربي وشفعك يا عليُّ وكساني وكساك يا عليُّ، ثم قال لي ولك يا عليُّ: ألقيا في جهنم من أبغضكما، وادخلا الجنة كل من أحبكما، قال: ذلك هو المؤمن.

__________________

(١) زفر النار زفيرا: سمع صوت توقدها.

١١٤

٣٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: مناع للخير قال: المناع الثاني، والخير ولاية عليٍّعليه‌السلام وحقوق آل محمدعليه‌السلام ، ولما كتب الاول كتاب فدك بردها على فاطمة منعه الثاني فهو معتد مريب الذي جعل مع الله إلها آخر قال: هو ما قالوا نحن كافرون بمن جعل لكم الامامة والخمس، وأمّا قوله: قال قرينه أي شيطانه وهو الثاني ربنا ما أطغيته يعنى الاول ولكن كان في ضلال بعيد فيقول الله لهما:( لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَ ) أي ما فعلتم لا تبدل حسنات، ما وعدته لا أخلفه.

٣٩ ـ فيمن لا يحضره الفقيه وروى عن زيد بن علي بن الحسينعليهما‌السلام انه قال: سألت أبي سيد العابدينعليه‌السلام فقلت له: يا أبت أخبرني عن جدنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لـمّا عرج به إلى السماء، وامر ربهعزوجل بخمسين صلوة كيف لم يسئله التخفيف عن أمته حتى قال له موسى بن عمران: ارجع إلى ربك فاسئله التخفيف، فان أمتك لا تطيق ذلك، فقال: يا بنيّ إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا يقترح على ربهعزوجل ولا يراجعه في شيء يأمره به فلما سأله موسى ذلك وصار شفيعا لامته إليه لم يجز له رد شفاعة أخيه موسىعليه‌السلام ، فرجع إلى ربهعزوجل يسئله التخفيف إلى أنْ ردها إلى خمس صلوات قال: فقلت له: يا أبت فلم يرجع إلى ربهعزوجل ولم يسئله التخفيف من خمس صلوات وقد سئل موسىعليه‌السلام أنْ يرجع إلى ربه ويسئله التخفيف فقال: يا بنى أرادعليه‌السلام أنْ يحصل لامته التخفيف مع أجر خمسين صلوة لقول اللهعزوجل :( مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها ) ألآ ترى أنّهعليه‌السلام لـمّا هبط إلى الأرض نزل عليه جبرئيل فقال: يا محمّد إنّ ربك يقرئك السّلام ويقول: انها خمس بخمسين( ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ) قال: هو استفهام، لأنْ وعد الله النار أنْ يملأها فتمتلى النار، ثمّ تقول لها:( هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ) على حد الاستفهام أي ليس في مزيد، قال: فتقول الجنة: يا ربّ وعدت النار أنْ تملأها وعدتني أنْ تملأنى فلَمْ تملّأتُ وقد ملأت النار؟

١١٥

قال: فيخلق الله يومئذ خلقا فيملأ بهم الجنة، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : طوبى لهم لم يروا غموم الدنيا وهمومها.

٤١ ـ في مجمع البيان( وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ) ويجوز أنْ يكون تطلب الزيادة على أنْ يزاد في سعتها كما جاء عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله انه قيل له يوم فتح مكّة ألآ تنزل دارك؟ فقال عليه‌السلام: هل ترك لنا عقيل من دار، [لأنّه قد كان] قد باع دور بنى هاشم لـمّا خرجوا إلى المدينة، فعلى هذا يكون المعنى: وهل بقي زيادة «انتهى».

٤٢ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ ) أي زينت غير بعيد قال: بسرعة.

٤٣ ـ في عوالي اللئالى وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لـمّا دخل المدنية عند هجرته: ايها الناس أفشوا السلام وصلوا الأرحام وأطعموا الطعام وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام.

٤٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقول:( لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها وَلَدَيْنا مَزِيدٌ ) قال: النظر إلى رحمة الله حدّثني أبي عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن عاصم بن حميد عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ الله كرامة في عباده المؤمنين في كل يوم جمعة، فاذا كان يوم الجمعة بعث الله إلى المؤمن ملكا معه حلتان(١) فينتهي إلى باب الجنة فيقول: استأذنوا لي على فلان، فيقال له: هذا رسول ربك على الباب، فيقول لأزواجه: أي شيء ترين على أحسن؟ فيقلن: يا سيدنا والذي أباحك الجنة ما رأينا عليك أحسن من هذا، قد بعث إليك ربك فيتزر بواحد وتتعطف بالأخرى، فلا يمر بشيء إلّا أضاء له حتى ينتهى إلى الموعد، فاذا اجتمعوا تجلى لهم الرب تبارك وتعالى، فاذا نظروا إليه أي إلى رحمته خروا سجدا ؛ فيقول: عبادي ارفعوا رؤسكم ليس هذا يوم سجود ولا عبادة، قد رفعت عنكم المؤنة، فيقولون. يا رب وأى شيء أفضل مما أعطيتنا؟ أعطيتنا الجنة فيقول: لكم مثل ما في أيديكم سبعين ضعفا، فيرجع المؤمن في كل جمعة بسبعين ضعفا مثل ما في يديه، وهو قوله: «ولدينا

__________________

(١) وفي نسخة البحار «معه حلة».

١١٦

مزيد» وهو يوم الجمعة أنّ ليلها ليلة غراء ويومها يوم أزهر فأكثروا فيها من التسبيح والتهليل والتكبير والثناء على الله والصلوة على رسول الله، قال فيمر المؤمن فلا يمر بشيء إلّا أضاء له حتى ينتهى إلى أزواجه فيقلن، والذي أباحنا الجنة يا سيدنا ما رأينا قط أحسن منك الساعة، فيقول إني قد نظرت إلى نور ربي، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٥ ـ في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام عن أمير المؤمنينعليه‌السلام انه قال: ألآ وانى مخصوص في القرآن بأسماء احذروا أنْ تغلبوا عليها فتضلوا في دينكم، أنا ذو القلب يقول اللهعزوجل :( إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٦ ـ في أصول الكافي بعض أصحابنا رفعه عن هشام بن الحكم قال: قال لي أبو الحسن موسى بن جعفرعليه‌السلام : يا هشام إنّ الله يقول في كتابه( إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ ) يعنى عقل.

٤٧ ـ في روضة الواعظين للمفيدرحمه‌الله روى أنّ اليهود أتت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فسألته عن خلق السماوات والأرض، فقال خلق الله الأرض يوم الأحد والاثنين وخلق الجبال وما فيهن يوم الثلثاء وخلق يوم الأربعاء الشجر والماء والمداين والعمران والخراب ؛ وخلق يوم الخميس السماء، وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر والملائكة، قالت اليهود ثم ما ذا يا محمد؟ قال ثم استوى على العرش، قالوا قد أصبت لو أتممت، قالوا ثم استراح، فغضب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله غضبا شديدا، فنزل:( وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ ) .

٤٨ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى عبد الله بن يزيد بن سلام أنه سأل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أخبرنى عن أول يوم خلق اللهعزوجل ، قال: يوم الأحد، قال: ولم يسمى يوم الأحد؟ قال: لأنه واحد محدود، قال: فالاثنين؟ قال: هو اليوم الثاني من الدنيا، قال: فالثلثاء قال: الثالث من الدنيا، قال: فالأربعاء

١١٧

قال اليوم الرابع من الدنيا، قال: فالخميس؟ قال: هو يوم الخامس من الدنيا، وهو يوم إبليس لعن فيه إبليس ورفع فيه إدريس، قال، فالجمعة هو يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود وهو شاهد ومشهود، قال: فالسبت قال: يوم مسبوت، وذلك قولهعزوجل في القرآن:( وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ) فمن الأحد إلى الجمعة ستة أيام، والسبت معطل، قال صدقت يا محمد، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٩ ـ في أصول الكافي خطبة لعليٍّعليه‌السلام وفيها: أتقن ما أراد خلقه من الأشياء كلها بلا مثال سبق، ولا لغوب(١) دخل عليه في خلق ما خلق لديه.

٥٠ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه وعلي بن محمد القاساني جميعا عن القاسم بن محمد الاصبهانى عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث قال: قال أبو عبد الله: عليك بالصبر في جميع أمورك، فان اللهعزوجل بعث محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأمره بالصبر والرفق فصبرصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى نالوه بالعظائم ورموه بها، فضاق صدوره، فأنزل اللهعزوجل ؛( وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ ) ثم كذبوه ورموه فحزن لذلك فأنزل اللهعزوجل ؛( قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا ) فألزم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نفسه الصبر فتعدوا فذكروا الله تبارك وتعالى وكذبوه، فقال: قد صبرت في نفسي وأهلى وعرضي ولا صبر لي على ذكر الهى، فأنزل اللهعزوجل :( وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ ) فصبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في جميع أحواله، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٥١ ـ في مجمع البيان روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام انه سئل عن قوله:( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ ) فقال: تقول: حين تصبح

__________________

(١) اللغوب: التعب.

١١٨

وحين يمسى عشر مرات: لا إله إلّا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.

٥٢ ـ في كتاب الخصال عن جعفر بن محمدعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما عجت الأرض إلى ربها كعجيجها من ثلاثة: من دم حرام يسفك عليها، [أ] واغتسال من زنا، [أ] والنوم عليها قبل طلوع الشمس.

٥٣ ـ وفيه فيما علم أمير المؤمنينعليه‌السلام أصحابه من الاربعمأة باب: واطلبوا الرزق فيما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، فانه أسرع في طلب الرزق عن الضرب في الأرض، وهي الساعة التي تقسم الله فيها الرزق بين عباده.

٥٤ ـ في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قلت: وادبار السجود قال: ركعات بعد المغرب(١) .

٥٥ ـ في تفسير علي بن إبراهيم أخبرنا أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد عن ابن أبي نصر قال: سألت الرضاعليه‌السلام عن قول الله( وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبارَ السُّجُودِ ) قال: أربع ركعات بعد المغرب.

٥٦ ـ في قرب الاسناد للحميري وباسناده إلى اسمعيل بن عبد الخالق قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: ركعتين اللتين بعد المغرب هما أدبار السجود.

٥٧ ـ في مجمع البيان «وأدبار السجود» فيه أقوال: (أحدها) أنّ المراد به الركعتان بعد المغرب «وادبار النجوم» قبل الفجر عن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، والحسن بن عليٍّعليه‌السلام وعن ابن عباس مرفوعا إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٥٨ ـ ورابعا أنه الوتر من آخر الليل، وروى ذلك عن أبي عبد اللهعليه‌السلام .

٥٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ ) قال: ينادى المنادي باسم القائم واسم أبيهعليه‌السلام ، قوله:( يَوْمَ

__________________

(١) وفي بعض النسخ «ركعتان بعد المغرب».

١١٩

يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ ) قال: صيحة القائم من السماء ؛( ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ ) قال هي الرجعة.

حدثنا أحمد بن إدريس قال: حدّثنا محمد بن أحمد عن عمر بن عبد العزيز عن جميل عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله:( يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ ) قال: هي الرجعة.

وقال علي بن إبراهيم في قوله:( يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً ) قال: في الرجعة.

٦٠ ـ في كتاب الخصال عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن عليٍّعليه‌السلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال في وصية له يا عليُّ إنّ الله تبارك وتعالى أعطانى فيك سبع خصال أنت أول من ينشق عنه القبر معى ؛ الحديث.

٦١ ـ عن الزهري قال: قال علي بن الحسين بن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام أشد ساعات ابن آدم ثلاث ساعات، الساعة التي يعاين فيها، ملك الموت، والساعة التي يقوم فيها من قبره ؛ الحديث.

٦٢ ـ عن علي بن موسى الرضاعليه‌السلام عن أبيه عن آبائه عن عليٍّعليهم‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا عليُّ سألت ربي فيك خمس خصال فأعطانى، أما أولها فسألت ربي أنْ أكون أول من تنشق عنه الأرض وانفض التراب عن رأسى وأنت معى الحديث.

٦٣ ـ في تهذيب الأحكام باسناده إلى عطية الابرارى قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: لا تمكث جثة نبي ولا وصيّ نبي في الأرض أكثر من أربعين يوما.

٦٤ ـ وباسناده إلى زياد بن أبي الحلال عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ما من نبي ولا وصيّ يبقى في الأرض بعد موته أكثر من ثلاثة أيام حتى ترفع روحه وعظمه ولحمه إلى السماء، وإنّما تؤتى مواضع آثارهم ويبلغهم السلام من بعيد ويسمعونهم في مواضع آثارهم من قريب.

٦٥ ـ فيمن لا يحضره الفقيه وقال الصادقعليه‌السلام : إنّ اللهعزوجل أوحى إلى موسى بن عمران أنْ أخرج عظام يوسفعليه‌السلام من مصر الحديث.

٦٦ ـ وفيه في آخر زيارة أمير المؤمنينعليه‌السلام متصل بزيارة الحسينعليه‌السلام وتصلّي

١٢٠

بعد الموت قبل أن يبرد أو بعد الغسل لم يجب فيه الغسل ، على ما بينّاه في خبر عبد الله بن سنان ، وذلك مفصّل ، وهذان الخبران مجملان ، والحكم بالمفصّل أولى منه بالمجمل.

ولا ينافي ذلك :

ما رواه محمد بن أحمد بن يحيى ، عن أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار الساباطي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « يغتسل الذي غسّل الميت ، وكل من مسّ ميتاً فعليه الغسل وإن كان الميت قد غُسّل ».

لأن ما يتضمن هذا الخبر من قوله : « وإن كان الميت قد غُسّل » محمول على ضرب من الاستحباب دون الفرض والإيجاب ، وقد استوفينا ما يتعلق بذلك في كتاب تهذيب الأحكام(١) ، وفيه كفاية إن شاء الله تعالى.

السند‌

في الأوّل : ليس فيه ارتياب بعد ما قدمناه.

والثاني : فيه السكوني وهو عامي ، كما صرّح به العلاّمة في الخلاصة(٢) ، وابن إدريس في السرائر ، فإنه قال في فصل ميراث المجوس : إسماعيل بن أبي زياد السكوني بفتح السين منسوب إلى قبيلة من العرب عرب اليمن ، وهو عامي المذهب بغير خلاف ، وشيخنا أبو جعفر موافق على ذلك(٣) .

__________________

(١) التهذيب ١ : ٤٣٠ / ١٣٧٣ ، الوسائل ٣ : ٢٩٥ أبواب غسل المس ب ٣ ح ٣.

(٢) خلاصة العلاّمة : ١٩٩ / ٣.

(٣) السرائر ٣ : ٢٨٩.

١٢١

وينقل عن المحقّق في جواب المسائل العزّية توثيق السكوني وإن كان عامّياً ، وأنّه قال : قال شيخنا أبو جعفررحمه‌الله في مواضع من كتبه : والإمامية مجمعة على العمل بما يرويه السكوني وعمار ومن ماثلهما من الثقات.

وأظنّ أن توثيق السكوني أُخذ من قول الشيخ : ومن ماثلهما من الثقات. واحتمال أن يريد(١) : ومن ماثلهما من مخالفي المذهب الثقات ، لا أن السكوني ثقة ، يمكن وإن بعد.

والثالث : موثق.

المتن :

لا يخفى دلالته في الخبرين الأولين على جواز القُبلة ، أما على(٢) عدم الغسل فلا ، فالاحتياج إلى حمل الشيخ غير واضح.

وأمّا الخبر الثالث فالاستحباب متوجه في تأويله ، ويؤيّده ما قدّمناه من دلالة الخبر المذكور في التهذيب لتعداد الأغسال المسنونة(٣) .

قال :

فأمّا ما رواه محمد بن الحسن الصفار ، عن محمد بن عيسى ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن رجل حدّثه قال : سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن ثلاثة نفر كانوا في سفر أحدهم جنب والثاني (٤) ميت‌

__________________

(١) في « رض » : يراد.

(٢) ليست في « رض ».

(٣) في ص ٩٤.

(٤) في « رض » : والآخر.

١٢٢

والثالث على غير وضوء ، وحضرت الصلاة ومعهم من الماء ما يكفي أحدهم ، من يأخذ الماء ويغتسل به وكيف يصنعون؟ قال : « يغتسل الجنب ، ويدفن الميت ، ويتيمم الذي عليه وضوء ، لأن الغسل من الجنابة فريضة ، وغسل الميت سنّة ، والتيمم للآخر جائز ».

فما تضمّن هذا الخبر من أن غسل الميت سنّة لا(١) يعترض ما قدمناه (٢) من وجوه : أحدها : أن هذا الخبر مرسل ، لأن ابن أبي نجران قال : عن رجل. ولم يذكر من هو ، ولا يمتنع أن يكون غير موثوق به ، ولو سلّم لكان المراد في إضافة هذا الغسل إلى السنّة أنّ فرضه عرف (٣) من جهة السنّة ، لأن القرآن لا يدل على ذلك وإنمّا علمناه بالسنّة (٤) ، وقد قدمنا في الباب الأوّل رواية أنّ في الأغسال ثلاثة فرض منها غسل الميت.

السند‌

كما ترى مرسل ، إلاّ أنّه في الفقيه مروي بطريقه عن عبد الرحمن بن أبي نجران(٥) ، وطريقهُ إليه ليس فيه ارتياب ، نعم قد يتوقف في ذلك من حيث أن ابن أبي نجران تارة يرويه بواسطة كما هنا ، وتارة بغيرها كما في الفقيه ، ولا بعد فيه ، وما ذكره الشيخ : من أن الرجل لا يمتنع أن يكون غير موثوق به ، لا يخلو من تأمّل ، لأن المعروف من الشيخ عدم الاعتبار بالسند والطعن من جهته إنّما يلتزم به إذا لم يمكن التأويل ، فليتدبر.

__________________

(١) في النسخ : فلا ، وما أثبتناه من الاستبصار ١ : ١٠١ / ٣٢٩.

(٢) في الاستبصار ١ : ١٠١ / ٣٢٩ : قلناه.

(٣) في « رض » : علم.

(٤) في « رض » : من السنة.

(٥) الفقيه ١ : ٥٩ / ٢٢٢ ، الوسائل ٣ : ٣٧٥ أبواب التيمم ب ١٨ ح ١.

١٢٣

المتن :

ظاهر في أنّ الميت يدفن من غير تيمم.

وقوله : « إنّ التيمم للآخر جائز » كأنّ المراد به الاستحباب ، وإلاّ فالجواز بغير هذا المعنى لا يتحقق في العبادة.

وما ذكره الشيخ : من أن المراد بالسنّة ما يثبت بالسنة. صحيح ، إلاّ أن التعليل لسقوط الغسل بأنه سنة غير واضح المعنى ، ولأن الوضوء أيضاً فريضة لثبوته من القرآن ، وقد حكم في الحديث بأن المحدث جائز له التيمم.

وما قاله الشيخ : من أن الرواية السابقة في أوّل الباب دالة على أن غسل الميت فريضة ، موهوم ؛ لأن الرواية دلّت على غسل المس.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ بعض الأصحاب قال في المقام : إذا اجتمع ميّت ومحدث وجنب ومعهم من الماء ما يكفي أحدهم ، فإن كان ملكاً لأحدهم اختص به ولم يكن له بذله لغيره مع مخاطبته باستعماله ، ولو كان مباحاً وجب على كل من المحدث والجنب المبادرة إلى حيازته ، فإن سبق أحدهما وحازه اختص به ، ولو توافيا دفعةً اشتركا ، ولو تغلّب أحدهما أثم وملكه ؛ وإن كان ملكاً لهم جميعاً أو لمالك يسمح ببذله فلا ريب أنّ لملاّكه الأحياء مع وارث الميت الخيرة في تخصيص من شاؤوا به ، وإنّما الكلام في مَن الأولى؟ فقال الشيخ في النهاية : إنّه الجنب. وقيل : الميت. وقال الشيخ في الخلاف : إن كان الماء لأحدهم فهو أحقّ به ، وإن لم يكن لواحد بعينه تخيّروا في التخصيص ، لأنها فروض اجتمعت وليس بعضها أولى من بعض فتعين التخيير ، ولأن الروايات اختلفت على وجه لا ترجيح ؛ فتحمل على التخيير(١) .

__________________

(١) المدارك ٢ : ٢٥٠.

١٢٤

وفي نظري القاصر أن المقام بعد لا يخلو من نظر ، لأن الصورة المذكورة وهي ما إذا كان ملكاً لهم جميعاً أو لمالك يسمح ببذله ، إلى آخر ما قيل غير تامة على الإطلاق ، لأن الماء إذا كان ملكاً للميت مع الأحياء فالوارث في تحقق ملكه له مع احتياج الميت إليه نظر ، إلاّ أن يقال : إن حصته لمّا لم تكفه للغسل فقد سقط غسله ويملكه الوارث حينئذ.

ثم قوله : وإنّما الكلام في مَن الأولى ، بعد القول : بأن لمُلاّكه الأحياء مع وارث الميت الخيرة في تخصيص من شاؤوا. لا يخلو من تأمّل ، لأن الأولوية إن أُريد بها الاستحباب على معنى أنّه يستحب بذل بقيّة الحصص للجنب فلها نوع وجه ، إلاّ أن المحدث قد يكفيه حصته للوضوء وجواز البذل حينئذ محل إشكال ، وإن لم يكفه أمكن الاستحباب ، إلاّ أنّه غير واضح الدليل ، لما ستسمعه من الأخبار في الباب ؛ وإن أُريد(١) بالأولوية التعيّن كما يستفاد من ظاهر الخبر المعتبر لا يتم التفصيل وإن وافق الدليل.

والقول المنقول عن الشيخ بالتخيير لأنها فروض اجتمعت. محل كلام أيضاً ، لأن الحصص إذا لم تفِ بالطهارات لا يتم تحقق اجتماع الفروض.

ولعلّ الأولى ما قيل : إن الماء إذا كان مع غيرهم والتمس الأولى أو أوصى بصرفه إلى الأولى دفعه إلى الجنب ، ولو كفى المحدث خاصة اختص به ، وربما احتمل دفعه إلى الجنب فيصرفه في بعض أعضائه ويتوقع الباقي(٢) .

وقد يقال : إن في الميت على تقدير ملك الحصة أن يصرف في بعض غسله فلا يتم جواز البذل لغيره ، فليتأملّ.

__________________

(١) في « رض » أراد.

(٢) المدارك ٢ : ٢٥٢.

١٢٥

قال :

فأمّا ما رواه أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن التفليسي قال : سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن ميت وجنب اجتمعا ومعهما من الماء ما يكفي أحدهما ، أيّهما يغتسل؟ قال : « إذا اجتمعت سنّة وفريضة بدئ بالفرض ».

عنه ، عن الحسن بن النضر الأرمني قال : سألت أبا الحسن الرضاعليه‌السلام عن القوم يكونون في السفر فيموت منهم ميت [ ومعهم جنب ](١) ومعهم ماء قليل قدر ما يكفي أحدهما ، أيّهما يبدأ به؟ قال : « يغتسل الجنب ويُترك الميت ، لأن هذا فريضة وهذا سنّة ».

فالوجه في هذين الخبرين ما قدمناه في الخبر الأوّل سواء ، على أنه روي : أنّه إذا اجتمع الميت والجنب غسّل الميت ويتيمّم الجنب :

روى ذلك عليّ بن محمد القاشاني(٢) ، عن محمد بن عليّ ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : قلت له : الميت والجنب(٣) يتّفقان في مكان لا يكون الماء إلاّ بقدر ما يكتفي به أحدهما ، أيّهما أولى أن يجعل الماء له؟ قال : « يتيمّم الجنب ويغسّل الميت بالماء ».

والوجه في الجمع بينهما أن يكون على التخيير ، لأنهما جميعاً واجبان فأيّهما غسل بما معه من الماء كان ذلك(٤) جائزاً.

__________________

(١) أثبتناه من الاستبصار ١ : ١٠٢ / ٣٣١.

(٢) في الاستبصار ١ : ١٠٢ / ٣٣٢ : القاساني.

(٣) في الاستبصار ١ : ١٠٢ / ٣٣٢ : الجنب والميت.

(٤) أثبتناه من الإستبصار ١ : ١٠٢ / ٣٣٢.

١٢٦

السند‌

في الأوّل : الحسن بن علي ، والظاهر أنّه ابن فضال ، لأنّ الراوي عنه أحمد بن محمد بن عيسى ، وحاله مشهور ؛ وأحمد بن محمد الراوي عنه الحسن كأنه ابن أبي نصر ؛ وأمّا الحسن التفليسي فهو مذكور في رجال الرضاعليه‌السلام من كتاب الشيخ مهملاً(١) .

والثاني : فيه الحسن بن النضر الأرمني ، وهو بهذا الوصف مجهول الحال ، وفي التهذيب رواها عن الحسين بن النضر الأرمني(٢) ، والذي في الرجال الحسن بن النضر بغير الوصف(٣) ، وقد نقل العلاّمة في الخلاصة عن الكشي أنّه من أجلّة إخواننا(٤) ، والذي رأيناه في الكشي في أحمد بن إبراهيم أبي حامد المراغي ما قاله العلاّمة عنه بطريق الرواية(٥) ، وعلى كل حال فالرجل لا يلحق حديثه بالصحيح ، فما في شرح جدّيقدس‌سره للإرشاد : من وصف الخبر بالصحة(٦) . هو أعلم بوجهه.

والثالث : فيه أن الطريق إلى عليّ بن محمد القاساني غير مذكور في المشيخة ، بل ولا في الفهرست ؛ وعلي بن محمد ليس بثقة(٧) ، ومحمد بن علي مشترك(٨) ؛ والإرسال كاف في الرد.

__________________

(١) رجال الطوسي : ٣٧١ / ٦.

(٢) التهذيب ١ : ١١٠ / ٢٨٧ ، الوسائل ٣ : ٣٧٦ أبواب التيمم ب ١٨ ح ٤.

(٣) رجال الكشي ٢ : ٨١٥.

(٤) خلاصة العلاّمة : ٤١ / ١٥.

(٥) رجال الكشي ٢ : ٨١٥.

(٦) روض الجنان : ١٣١.

(٧) رجال الطوسي : ٤١٧ / ١٠ ، الخلاصة : ٢٣٢ ، رجال ابن داود : ٢٦٢.

(٨) هداية المحدثين : ٢٤٤.

١٢٧

المتن :

في الأوّلين لا إشكال فيه كما قاله الشيخ.

أمّا الأخير فما قاله الشيخ من التخيير محل نظر ، لأنّ قوله : « إنّهما جميعاً واجبان » ينافيه صريح الأخبار السابقة الدالة على أن ما ثبت بالقرآن مقدم ، اللهم إلاّ أن يحمل الأخبار الأوّلة على الأولويّة ، ويكون أصل التخيير من هذا الخبر على تقدير العمل به. وفيه : أن كثرة الأخبار لها رجحان عند التعارض كما لا يخفى ، على أن الخبر الأوّل الصحيح في الفقيه مقتضاه دفن الميت من غير غسل ولا تيمم(١) ، وخبر الحسن بن النضر يؤيّده وإن أمكن أن يوجّه بأن المراد بترك الميت عدم غسله ، بل الأوّل لا يمكن توجيهه بعد قوله في المحدث : « والتيمم للآخر جائز » إلاّ بتأويل متكلّف ، بل تركه أولى.

وينقل عن بعض القول بتقديم الميت كما تقدم ـ(٢) والاحتجاج بهذه الرواية ، وبأن الجنب تستدرك طهارته والميت لا استدراك لطهارته.

وأُجيب عن الرواية بالضعف والإرسال والإضمار ، وعن التوجيه بأنه لا يعارض النص ، مضافاً إلى المعارضة بأن الجنب يتعبد بطهارته بخلاف الميت.

وبالجملة فالحكم بوجوب تيمم الميت بعيد عن الأدلة ، والاستحباب أيضاً لا يخلو من إشكال إن لم ينعقد الإجماع ، والله تعالى أعلم بحقائق الأُمور.

__________________

(١) المتقدم في ص ١١١.

(٢) في ص ١١٢.

١٢٨

قال :

باب الأغسال المسنونة‌

أخبرني الشيخرحمه‌الله عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن سعد ابن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن يقطين ، عن أخيه الحسين(١) ، عن علي بن يقطين قال : سألت أبا الحسن الأوّل(٢) عليه‌السلام عن الغسل في الجمعة والأضحى والفطر؟ قال : « سنّة ليس بفريضة ».

وبهذا الاسناد عن سعد بن عبد الله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن(٣) ابن أبي عمير ، عن عمر بن أُذينة ، عن زرارة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : سألته عن غسل الجمعة؟ قال : « سنة في السفر والحضر إلاّ أن يخاف المسافر على نفسه القُرّ ».

وبهذا الاسناد عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن القاسم ، عن علي ، قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن غسل العيدين أواجب هو؟ قال : « (٤) سنة » قلت : فالجمعة؟ قال (٥) : « هو سنة ».

السند‌

في الأوّل والثاني : لا ارتياب فيه.

__________________

(١) في النسخ : عن الحسين بن علي بن يقطين عن أخيه الحسن ، وما أثبتناه من الاستبصار ١ : ١٠٢ / ٣٣٣ ، وهو الصحيح ، راجع معجم رجال الحديث ٥ : ٣١٧.

(٢) في الاستبصار ١ : ١٠٢ / ٣٣٣ لا يوجد : الأول.

(٣) في الاستبصار ١ : ١٠٢ / ٣٣٤ : زيادة : محمد.

(٤) في الاستبصار ١ : ١٠٣ / ٣٣٥ : هو.

(٥) في الاستبصار ١ : ١٠٣ / ٣٣٥ : فقال.

١٢٩

والثالث : فيه القاسم ، وهو ابن محمد الجوهري ، لأنّه يروي عن عليّ بن أبي حمزة ، وهو واقفيّ غير موثق ، وربما توهّم توثيقه ؛ وعلي بن أبي حمزة واقفيّ أيضاً ، ثم إنّ رواية أحمد بن محمد بن عيسى عنه لا يخلو من شي‌ء ، لأن النجاشي ذكر أن الراوي عنه أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عنه(١) . والأمر سهل.

المتن :

ذكر شيخناقدس‌سره في فوائده على الكتاب : أن الخبر الأوّل واضح الدلالة على الاستحباب ، لأن المتبادر من السنّة المستحب ، ومن الفريضة الواجب ، خصوصاً مع وقوع السنة خبراً عن غسل الفطر والأضحى مع استحبابهما اتفاقاً ، وحمل ما تضمن الوجوب لو ثبت كونه حقيقة في المعنى الاصطلاحي على تأكّد استحبابه. انتهى.

وبعض محققي المعاصرين أيّده الله اعترض في المقام بأن حمل السنة على ما ثبت في السنّة فلا ينافي الوجوب ليس بأبعد من حمل الوجوب على المبالغة في الاستحباب ، ومنع كون الوجوب حقيقة في معنى المصطلح عليه يتأتّى مثله في السنّة(٢) .

وفي نظري القاصر أنّ الاعتراض لا وجه له بعد ما قرّره شيخناقدس‌سره من وقوع السنّة خبراً عن الفطر والأضحى ، فإن الأقربية بحمل السنة على المستحب لا مرية فيها ، وقد ذكرت ذلك في حاشية التهذيب وغيرها قبل أن أقف على كلام شيخناقدس‌سره .

__________________

(١) رجال النجاشي : ٣١٥ / ٨٦٢.

(٢) الحبل المتين : ٧٩.

١٣٠

وما عساه يقال : إنّه لا مانع من خروج الفطر والأضحى للإجماع ووجود المعارض الدال على الوجوب في الجمعة يتوجه عليه :

أوّلاً : أنّ من المستبعد إرادة المعنيين المتغايرين في خبر واحد.

وثانياً : أن الوجوب قد استعمل أيضاً في المستحب كما في الفقيه في خبر سماعة : حيث قالعليه‌السلام : « وغسل يوم عرفة واجب ، وغسل الزيارة واجب ، وغسل دخول البيت واجب ، وغسل المباهلة واجب »(١) .

( وأمّا ثالثاً : فإن الظاهر من السؤال في الخبر الأوّل عن غسل الجمعة أواجب هو أو مستحب؟ لا عن كون وجوبه من القرآن أو من السنة ، ( إذ لو كان السؤال عن هذا لكان ذكر العيدين لغواً من السائل ، فإن المستحب لا معنى لكونه من القرآن أو من السنّة )(٢) . والخبر الأخير مؤيّد لإرادة المستحب إذا تأمّله المتأمّل )(٣) .

وأمّا رابعاً : فلأنّ استعمال الوجوب في الاستحباب الكامل موجود بكثرة ، ووجود السنة بمعنى ما ثبت بالسنّة كذلك ، وترجيح أحدهما على الآخر إذا لم يمكن فالأصل يعمل مقتضاه(٤) إلى أن يثبت ما يقتضي الخروج عنه.

وأمّا الخبر الثاني : فالأمر فيه بعد ما قرّرناه واضح ، إلاّ أنّ قوله : « إلاّ أن يخاف المسافر على نفسه القُرّ » لا يخلو من إجمال ، فإن خوف القُرّ لا يختص بالمسافر ، ولعلّ المراد أن المسافر مجرد خوفه القُرّ يسقط‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ٤٥ / ١٧٦ ، الوسائل ٣ : ٣٠٣ أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ٣.

(٢) ما بين القوسين ساقط من « فض ».

(٣) ما بين القوسين ساقط من « رض ».

(٤) في « رض » : لمقتضاه.

١٣١

الاستحباب عنه أو الوجوب ، بخلاف الحاضر ، فإنّه لا بد من ظنٍّ أقوى ، والله أعلم بالحال.

اللغة :

قال في القاموس : القُرّ ، بالضم : البرد ، أو يخصّ بالشتاء(١) .

قال :

فأمّا ما روي من أن غسل الجمعة واجب فأُطلق(٢) عليه لفظ الوجوب فالمعنى فيه تأكد(٣) السنّة وشدة الاستحباب فيه ، وذلك يعبر عنه بلفظ الوجوب ، فمن ذلك :

ما رواه محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال : سألته عن الغسل يوم الجمعة؟ فقال : « واجب على كل ذكر وأُنثى من عبد وحرّ ».

وبهذا الاسناد عن محمد بن يعقوب ، عن علي بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن محمد بن عبد الله قال : سألت الرضاعليه‌السلام عن غسل يوم الجمعة؟ فقال : « واجب على كل ذكر وأُنثى من حرّ وعبد ».

السند‌

في الأوّل : حسن.

__________________

(١) القاموس المحيط ٢ : ١١٩ ( القر ).

(٢) في الاستبصار ١ : ١٠٣ / ٣٣٥ : وأُطلق.

(٣) في الاستبصار ١ : ١٠٣ / ٣٣٥ : تأكيد.

١٣٢

والثاني : فيه سهل بن زياد وقد تقدم القول فيه(١) ؛ ومحمد بن عبد الله مشترك(٢) ، ولا يخفى ما في قول الشيخ : وبهذا الاسناد عن محمد ابن يعقوب.

المتن :

ما ذكره الشيخ في حمل الوجوب على تأكّد الاستحباب ، قد تقدم الوجه فيه ، غير أنّه يبقى أن يعلم أن أهل الخلاف رووا في كتب حديثهم أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « غسل الجمعة واجب على كل محتلم »(٣) .

وذكر بعض الشراح للحديث : أن بعض الناس قال بالوجوب لظاهر الخبر ، وخالف الأكثر فقالوا بالاستحباب ، قال : وهم محتاجون إلى الاعتذار عن مخالفة هذا الظاهر ، فأوّلوا صيغة الوجوب على التأكيد كما يقال : حقك واجب عليّ(٤) .

وهذا كما ترى يقرّب أن يكون الأخبار الواردة بالوجوب عندنا محمولة على التقية ، وإن كان بعضهم قائلاً بالاستحباب ، لأن التقية لا تقتضي إجماعهم على مقتضاها ، بل مخافة القائل إذا كان من أهل الشر بالوجوب كافية في التقية ، كما يعلم من أخبارنا الواردة بالتقية.

وما ذكره الشارح لحديثهم : من التمثيل بقوله : حقك واجب عليّ. يدل على أنّ الوجوب يراد به المبالغة ، وحينئذ يتم حمل الشيخ وغيره على‌

__________________

(١) راجع ج ١ ص ١٢٩ ١٣٠.

(٢) هداية المحدثين : ٢٤١.

(٣) سنن الدارمي ١ : ٣٦١ ، صحيح البخاري ٢ : ٣ ، سنن ابن ماجة ١ : ٣٤٦ / ١٠٨٩.

(٤) نقله في فتح الباري ٢ : ٢٨٩.

١٣٣

إرادة تأكّد الاستحباب ، لا أنّ المراد بالوجوب المعنى اللغوي وهو الثبوت ، إذ ليس له كثير فائدة ، فليتأمّل ، هذا.

قال :

فأما(١) ما رواه محمد بن علي بن محبوب ، عن أحمد بن الحسن ابن علي ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار الساباطي قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل ينسى الغسل يوم الجمعة حتى صلّى ، قال : « إن كان في وقت فعليه أن يغتسل ويعيد الصلاة ، وإن مضى الوقت فقد جازت صلاته ».

فالوجه في هذا الخبر أن نحمله على ضرب من الاستحباب(٢) ، وكذلك ما روي في قضاء غسل الجمعة من الغد وتقديمه يوم الخميس إذا خيف الفوت ، فالوجه(٣) فيه الاستحباب.

روى ما ذكرناه أحمد بن محمد ، عن محمد بن سهل ، عن أبيه قال : سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن الرجل يدع الغسل يوم الجمعة ناسياً أو غير ذلك؟ فقال : « إن كان ناسياً فقد تمت صلاته ، وإن كان متعمداً فالغسل أحبّ إليّ ، فإن هو فعل فليستغفر الله تعالى ولا يعود ».

محمد بن الحسن الصفار ، عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن جعفر بن عثمان ، عن سماعة بن مهران ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الرجل لا يغتسل يوم الجمعة في أول النهار ، قال : « يقضيه من‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ١٠٣ / ٣٣٨ : وأمّا.

(٢) في الاستبصار ١ : ١٠٣ / ٣٣٨ زيادة : دون الفرض والإيجاب.

(٣) في الاستبصار ١ : ١٠٣ / ٣٣٨ : الوجه.

١٣٤

آخر النهار ، فإن لم يجد فليقضه يوم السبت ».

وقد استوفينا ما يتعلق بهذا الباب في كتابنا تهذيب الأحكام(١) ( وفيه كفاية إن شاء الله تعالى ) (٢) .

السند‌

في الأوّل : موثق.

والثاني : فيه محمد بن سهل ، وهو ابن اليسع من رجال الرضاعليه‌السلام مذكور مهملاً(٣) ، وأبوه ثقة ثقة(٤) ، وإنّما كان ابن اليسع لأنّ الراوي عنه أحمد ابن محمد بن عيسى كما ذكره شيخنا المحقق سلّمه الله في فوائد الكتاب.

والثالث : فيه جعفر بن عثمان وهو ابن شريك ، أخو الحسين بن عثمان بقرينة رواية ابن أبي عمير عنه كما في النجاشي(٥) ، وهو مذكور مهملاً ، ولا يبعد أن يكون هو الرواسي ، لأنّ الكشي قال : عن حمدويه : سمعت أشياخي يذكرون أنّ حماداً وجعفراً والحسين بن عثمان بن زياد الرواسي وحماد يلقب بالناب كلّهم فاضلون خيار ثقات(٦) . غير أنّ التوثيق من شيوخ حمدويه ، وهم غير معلومي الحال ، إلاّ أنّ الظاهر كونهم من أهل الاعتبار كما في غيرهم من شيوخ الأجلاّء ، وحمدويه منهم ، فقد‌

__________________

(١) التهذيب ١ : ١١٠ ١١٣.

(٢) ما بين القوسين ليس في الاستبصار ١ : ١٠٤ / ٣٤٠.

(٣) رجال الطوسي : ٣٨٨ / ٢٥.

(٤) رجال النجاشي : ١٨٦ / ٤٩٤ ، والموجود فيه توثيقه مرّة واحدة ، رجال ابن داود : ١٠٨ / ٧٤٧ ، منهج المقال : ١٧٧.

(٥) رجال النجاشي : ١٢٤ / ٣٢٠.

(٦) رجال الكشي ٢ : ٦٧٠.

١٣٥

وثّقه الشيخ في رجال من لم يرو عن الأئمّةعليهم‌السلام (١) .

وما يقال(٢) من أن في شيوخ حمدويه ما(٣) هو ثقة والإضافة في شيوخه تفيد العموم فيدخل فيهم الثقة لم أعلم وجهه إلاّ من كون حمدويه يروي عن يعقوب بن يزيد وهو ثقة ، فيكون من جملة الشيوخ ، وهو غير بعيد ، وفي بعض المواضع من الكشي نقل حمدويه عن أشياخه وقال : منهم العبيدي وغيره(٤) . والعبيدي على ما أظن ثقة.

نعم قد يحصل التوقف في الاتحاد مع ابن شريك ، لأن مقتضى كون الجدّين زياداً المغايرة لابن شريك ، إلاّ أن يقال : إنّ شريكاً جدّ أعلى [ لجعفر(٥) ].

والحق أنّ كلام الكشي(٦) إنّما يقتضي أنّ الحسين بن عثمان هو ابن زياد ، لا أنّ الجميع بنو زياد ، إلاّ أن يقال : إنّ العبارة بنى زياد ، كما هو الظاهر من أنّ الكلام في بيان حال الإخوة الثلاثة ، وفيه : أنّ ظهور كون النقل لبيان الإخوة محل كلام ، بل يجوز أنّ المقصود ذكر الأخوين مع ذكر حمّاد الرواسي والمناسبة لذكره معهما لاقتضاء المقام ذلك في الوقت ، كما ينبئ عنه الوصف بالرواسي دون من معه ، بل المذكور في جعفر بن عثمان أنّه الكلابي.

والحسين بن عثمان قد وقع فيه الاضطراب كما يعرف من كلام‌

__________________

(١) رجال الطوسي : ٤٦٣ / ٩.

(٢) في « رض » : قد يقال.

(٣) كذا في النسخ ، والأولى : من.

(٤) رجال الكشي ٢ : ٦٢٦.

(٥) في النسخ : لعثمان ، والظاهر ما أثبتناه.

(٦) في النسخ : النجاشي ، والصحيح ما أثبتناه.

١٣٦

العلاّمة في الخلاصة(١) وكلام غيره(٢) ، فإن [ الكشي(٣) ] لم يذكر الحسين بن عثمان بن شريك ، والنجاشي ذكره(٤) وذكر الأحمسي(٥) .

ولا يبعد أن يكون الحسين بن عثمان الواقع في عبارة الخلاصة ابتداء كلام لذكر رجل ثالث ، وهو الذي ذكره الكشي ، وهو ابن عثمان بن زياد ، فيكون العلاّمة ذكر ثلاثة رجال كل واحد اسمه الحسين بن عثمان وكلمة « عن » الواقعة في كلام العلاّمة قبل لفظ الحسين سهو وصوابه إلحاق الهاء به ، والمعنى : أن الحسين بن عثمان بن شريك له كتاب يرويه محمد بن أبي عمير عنه كما في النجاشي(٦) .

وهذه عبارة الخلاصة : الحسين بن عثمان بن شريك بن عدي العامري الوحيدي ثقة روى عن أبي عبد الله وأبي الحسنعليهما‌السلام ، له كتاب يرويه محمد بن أبي عمير ، عن الحسين بن عثمان ، قال الكشي : عن حمدويه عن أشياخه أن الحسين بن عثمان خير فاضل ثقة(٧) .

وبالجملة : فالمقام لا يخلو من إشكال كما يعلم من ملاحظة كتب الرجال.

وأمّا سماعة فحاله قد تقدم(٨) .

__________________

(١) خلاصة العلاّمة : ٥١ / ١٥.

(٢) منهم ابن داود في رجاله : ٨١ / ٤٨٦.

(٣) في النسخ : العلاّمة ، والظاهر ما أثبتناه.

(٤) رجال النجاشي : ٥٣ / ١١٩.

(٥) رجال النجاشي : ٥٤ / ١٢٢.

(٦) رجال النجاشي : ٥٣ / ١١٩.

(٧) خلاصة العلاّمة : ٥١ / ١٥.

(٨) راجع ج ١ ص ١٠٨ ١١١.

١٣٧

المتن :

في الأوّل : ما ذكره الشيخ فيه من الحمل على الاستحباب ، الظاهر أنّ مراده به فعل الغسل لما تقدم من أنّه غير واجب. ولا يخفى عليك أنّ ظاهر الخبر أنّه إن كان في وقت فعليه أن يغتسل ، والوقت المذكور هو وقت الصلاة ، إذ لو أُريد به وقت الغسل لم يتم ، لأنّ وقته قبل الزوال(١) في المشهور ، وإذا كان قد صلّى فقد فات وقت الغسل وبقي قضاؤه ، وحينئذ فوجوب القضاء وعدمه لم يتقدم ما يدل عليه ليحمل الخبر على الاستحباب ، إلاّ أن يكون مقصود الشيخ أن الأداء إذا لم يجب لا يجب القضاء ، وفيه أنّه لا ملازمة بين الأداء والقضاء ، بل هو حكم آخر.

ولو أراد الشيخ استحباب إعادة الصلاة أشكل أوّلاً بأن الصلاة إن كانت جمعة فاستحباب قضائها أشدّ إشكالاً ، وإن كانت ظهراً أمكن ، وكذلك إعادة الجمعة ظهراً ، إلاّ أن المقام مقام إعادة الغُسل استحباباً لمعارضة الأخبار ، إلاّ أن يقال : إن الخبر تضمّن أمرين : إعادة الصلاة والغسل ، فلا يضر بالحال زيادة الحكم فيه.

وممّا يؤيّد إرادة الشيخ استحباب الغسل قوله : وكذلك ما روي في قضاء غسل يوم الجمعة إلى آخره. وبالجملة فالمقام(٢) لا يخلو من إجمال ، ومن لم يعمل بالموثق في راحة من ذلك.

وأمّا الخبر الثاني : فهو دال على تأكّد الاستحباب ، إلاّ أن في متنه‌

__________________

(١) ممّن قال به الشيخ في المبسوط ١ : ٤٠ ، وابن إدريس في السرائر ١ : ١٢٤ ، والمحقق في المعتبر ١ : ٣٥٤ ، وصاحب المدارك ٢ : ١٦١.

(٢) في « فض » : والكلام.

١٣٨

نوع إجمال كما يعرف من مراجعته ، وذكر الاستغفار فيه لا يدل على الوجوب لوجود المعارض ، وربما دلّ على عدم إعادة الصلاة مع تعمّد ترك الغسل ، أمّا مع النسيان فمفهومه الإعادة.

والثالث : فيه دلالة على القضاء آخر النهار ، وفي بعض الأخبار ما يدل على فعله بعد الزوال إلى الليل من غير ذكر القضاء ، إلاّ أن المحقق في المعتبر ادّعى الإجماع على أن وقته قبل الزوال(١) ، وربما كان المراد أن الوقت قبل الزوال مجمع عليه ، لا أن الإجماع على عدم الوقت بعده. وفيه بُعدٌ ، وعلى تقدير الانتفاء بعد الزوال فلعلّ المطلق من الأخبار محمول على المقيد.

واحتمال أن يراد بالقضاء في هذا الخبر فعل الغُسل لوجود إطلاق القضاء على ذلك في الأخبار ممكن ، لولا الإجماع ، وقوله : « فليقضه يوم السبت » وفي بعض الأخبار المعتبرة دلالة على عدم القضاء ، ويمكن حمله على عدم اللزوم ، وكان على الشيخ أن يذكره هنا ، والله تعالى أعلم بالحال.

قال :

أبواب الجنابة وأحكامها‌

باب أن خروج المني يوجب الغسل على كل حال‌

أخبرني الشيخ رحمه‌الله عن أبي القاسم جعفر بن محمد ، عن محمد بن يعقوب ، عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن المفخّذ أعليه (٢) غسل؟ قال : « نعم إذا أنزل ».

__________________

(١) المعتبر ١ : ٣٥٤.

(٢) في النسخ : عليه ، وما أثبتناه من الاستبصار ١ : ١٠٤ / ٣٤١.

١٣٩

فأمّا ما رواه عليّ بن جعفر ، [ عن أخيه موسىعليه‌السلام ](١) قال : سألته عن الرجل يلعب مع المرأة ويقبّلها فيخرج منه المني ما عليه؟ قال : « إذا جاءت الشهوة ودفع وفتر لخروجه فعليه الغسل ، وإن كان إنّما هو شي‌ء لم يجد له فترة ولا شهوة فلا بأس ».

فلا ينافي ما قدّمناه : من أن خروج المني يوجب الغسل على كلّ حال ، لأن قولهعليه‌السلام : « إن (٢) كان هو شي‌ء لم يجد له فترة ولا شهوة فلا بأس » معناه إذا لم يكن الخارج منيّاً ، لأن المستبعد في العادة والطبائع أن يخرج المني من الإنسان ولا يجد له شهوة ولا لذة ، وإنما (٣) أراد به إذا اشتبه على الإنسان فاعتقد أنّه مني وإن لم يكن في الحقيقة منيّاً يعتبره بوجود الشهوة من نفسه ، فإذا وجد وجب عليه الغسل ، فإذا لم يجد علم أن الخارج منه ليس بمني.

السند‌

في الأوّل : حسن.

والثاني : صحيح على ما قدّمناه ، لأن الطريق في المشيخة إلى عليّ بن جعفر : الحسين بن عبيد الله ، عن أحمد بن محمد بن يحيى ، عن أبيه محمد بن يحيى ، عن العمركي بن علي النيشابوري البوفكي(٤) ، عن عليّ بن جعفر(٥) .

__________________

(١) ما بين المعقوفين ليس في النسخ ، أثبتناه من الاستبصار ١ : ١٠٤ / ٣٤٢.

(٢) في النسخ : إذا ، وما أثبتناه من الاستبصار ١ : ١٠٤ / ٣٤٢.

(٣) في النسخ : إنما ، وما أثبتناه من الإستبصار ١ : ١٠٥ / ٣٤٢.

(٤) في « رض » : البرفكي ، وفي « فض » : النوفلي.

(٥) مشيخة التهذيب ( التهذيب ١٠ ) : ٨٦.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749